القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

السيّد أحمد الهاشمي

القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
الطبعة: ٣
ISBN: 9953-434-08-5
الصفحات: ٣٠٣

ما تصرّف من هذه الأفعال؟ ما هي أحكام الاسم والخبر في هذا الباب؟ ما هو حكم خبر كان وأخواتها إذا وقع في جملة فعلية؟ بأي شيء تختص كان؟ ما الذي تمتاز به ليس عن أخواتها؟ ومتى تجوز زيادة الباء في خبرها؟ ما الذي يلحق بصار مما لا يستغني عن الخبر؟.

تمرين

بيّن الأفعال النّاقصة والتّامّة وما حذف فيه (كان) وحدها. أو مع معموليها ، أو أحدهما ، أو زيدت فيه ممّا يأتي [الوافر] :

فإن يك صدر هذا اليوم ولّى

فإنّ غدا لناظره قريب

[البسيط] :

لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا

جنوده ضاق عنها السّهل والجبل

[البسيط] :

ما كان أحسن أيام السرور وما

أقلّها بيننا والدهر ذو غير

[البسيط] :

ما كان أجدرنا منكم بتكرمة

لو أنّ أمركم من أمرنا أمم

[الخفيف] :

غير منفكّ أسير هوى

كلّ وان ليس يعتبر

[الطويل] :

إذا كنت ذا مال ولم تك ذا ندى

فأنت إذا والمقترون سواء

[الكامل] :

لا تسمعنّ من الحسود مقالة

لو كان حقّا ما يقول لما وشى

[الكامل] :

ما كلّ من يبدي البشاشة كائنا

أخاك إذا لم تلقه لك منجدا

[الوافر] :

إذا ما كنت ذا قلب قنوع

فأنت ومالك الدّنيا سواء

١٢١

[الطويل] :

ولست بمفراح إذا الدّهر سرّني

ولا جازع من صرفه المتقلّب

[الوافر] :

إذا كان المحبّ قليل حظّ

فما حسناته إلّا ذنوب

[الرمل] :

ليست الأحلام في حال الرّضا

إنّما الأحلام في حال الغضب

[الكامل] :

كن ما استطعت عن الأنام بمعزل

إنّ الكثير من الورى لا يصحب

[الوافر] :

وليس بحاكم من لا يبالي

أأخطأ في الحكومة أم أصابا

[الكامل] :

تبّا لمن يمسي ويصبح لاهيا

ومرامه المأكول والمشروب

[البسيط] :

ما دمت حيّا فدار الناس كلّهم

فإنّما أنت في دار المداراة

نموذج إعرابي

إعراب قول الشاعر [الطويل] :

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة

فإنّ فساد الرّأي أن تتردّدا

الكلمة

إعرابها

إذا

ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه مبني على السكون في محل نصب

كنت

كان فعل ماض والتاء اسمها

ذا

خبر كان منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة

رأي

مضاف إليه مجرور ، وجملة الشرط في محل جر بإضافة إذا إليها

١٢٢

الكلمة

إعرابها

فكن

الفاء واقعة في جواب إذا. كن فعل أمر مبني على السكون ، واسمها مستتر وجوبا تقديره أنت

ذا

خبره منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة

عزيمة

مضاف إليه مجرور ، والجملة جواب ذا

فإن

الفاء للتفريع (على سبيل التعليل) ، إنّ : حرف توكيد ونصب

فساد

اسم إنّ منصوب بالفتحة الظاهرة

أن تترددا

أن حرف مصدري ونصب. وتتردد فعل مضارع منصوب بأن. والألف للإطلاق والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والمصدر المؤول خبر إنّ.

المبحث الخامس : في كاد وأخواتها المسمّاة بأفعال المقاربة

تعمل «كاد وأخواتها» عمل «كان» فترفع المبتدأ ، ويسمّى اسمها ، وتنصب الخبر ، ويسمّى خبرها ، نحو : «كاد المطر يسقط».

وكاد وأخواتها ثلاثة أقسام :

أوّلا : ما يدلّ على المقاربة ، (أي قرب وقوع الخبر) ، وهي : كاد ، وأوشك ، وكرب.

ثانيا : ما يدلّ على رجاء وقوع الخبر وهي : عسى ، وحرى ، واخلولق.

ثالثا : ما يدلّ على الشّروع والبدء في الخبر ، وهي : شرع ، وأنشأ ، وعلق ، وطفق ، وأخذ ، وهبّ ، وبدأ ، وابتدأ ، وجعل ، وقام ، وانبرى.

وتسمّى كلّها أفعال المقاربة من باب (تسمية الكلّ باسم البعض) ويشترط في هذه الأفعال أن يكون خبرها جملة فعليّة فعلها مضارع رافع لضمير يعود إلى اسمها.

١٢٣

وأن يكون متأخرا عنها ، نحو : كاد النّهار ينقضي (١).

ويجوز أن يتوسّط (٢) خبر هذه الأفعال بينها وبين اسمها ، فتقول : «كاد ينقضي النّهار» ما لم يكن الخبر مقترنا (بأن) فلا يجوز فيه ذلك.

المبحث السادس : في اقتران الخبر بأن

هذه الأفعال من حيث اقتران خبرها «بأن» وتجرّده منها ثلاثة أقسام :

١ ـ ما يجب اقتران خبره بها ، وهو : حرى ، واخلولق.

٢ ـ ما يجب تجرّده منها وهو : أفعال الشّروع.

٣ ـ ما يجوز فيه الوجهان : وهو : أفعال المقاربة وعسى.

غير أنّ الأكثر في «عسى ، وأوشك» اقتران خبرهما بها ، وفي «كاد ، وكرب» تجرّده منها (٣).

__________________

(١) لا يجوز إسناد خبر هذه الأفعال إلى اسم ظاهر فلا تقول : كاد الفارس يسقط رمحه بل كاد رمح الفارس يسقط على أنهم استثنوا كاد وعسى من هذا الحكم فأجازوا أن يقال : عسى العامل أن ينجح عمله ، وهو شاذ.

(٢) إذا توسط خبر هذه الأفعال بينها وبين اسمها يظل مسندا إلى ضمير يعود إلى الاسم كما في «كاد ينقضي النهار» ففاعل ينقضي ضمير يعود إلى النهار ولا بأس بعوده إليه ، ولو كان متأخرا لأنّه مقدّم في النية.

أسباب ونتائج

(٣) إنما كان الغالب والكثير تجرد (كاد) من (أن) لأنّ (كاد) موضوعة لمقاربة الفعل (وأن) موضوعة لتدل على تراخيه ووقوعه في المستقبل ؛ فيحصل في الكلام ضرب من التناقص ، ولذلك جاءت عدة أمثال في (كاد) خالية من (أن) فقالوا : كاد العروس يكون ملكا ، وكاد الحريص يكون عبدا. وكاد الفقر يكون كفرا ، وكاد البخيل يكون كلبا.

وإنما كان الغالب والكثير اقتران (عسى) بأن ، لأنّ عسى وضعت للتوقع الذي يدل وضع (أن) على مثله. فوقوعها بعدها يفيد تأكيد المعنى ، ويزيده فضل تحقيق.

واعلم أنه إذا كان الخبر مقترنا «بأن» نحو : عسى الله أن يرحمنا فليس المضارع نفسه هو الخبر ، بل المصدر المؤول من الفعل بأن ، ويكون التقدير : عسى الله ذا رحمة لنا غير أنه لا يجوز التصريح بهذا الخبر لأنّ خبرها لا يكون في اللفظ اسما.

وإن كان الخبر غير مقترن «بأن» كان الخبر نفس الجملة.

١٢٤

وكلّ هذه الأفعال جامدة ، ملازمة صيغة الماضي إلا أربعة : «أوشك ، وكاد ، وطفق ، وجعل» فإنّه يشتقّ منها مضارع أكثر استعمالا من الماضي في (كاد وأوشك) نحو (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) [البقرة : ٢٠] ونحو : يوشك الثّمر أن ينضج.

وقد يستعمل اسم فاعل من أوشك وهو نادر ، نحو : فإنّك موشك أن تراها (١).

وتكون عسى ، وأوشك ، واخلولق تامّة متى أسندت إلى المصدر المسبوك من «أن» والفعل المضارع المستغنى بهما عن الخبر. نحو (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦].

وإذا تقدّم على هذه الأفعال اسم ، هو الفاعل في المعنى ، فالأفصح أن تبقى بلفظ واحد مع الجميع فيقال : هند عسى أن تزورنا ، والرجلان عسى أن يسافرا ، والرجال عسى أن يعودوا ، وهلمّ جرّا (٢).

أسئلة يطلب أجوبتها

ما هو عمل كاد وأخواتها؟ كم قسما كاد وأخواتها؟ ماذا يشترط في خبر هذه الأفعال؟ هل يتوسط خبر هذه الأفعال بينها وبين اسمها؟ متى يقترن خبر هذه الأفعال (بأن) وجوبا وجوازا؟ متى يجب تجرده منها؟ هل تتصرف هذه الأفعال؟ متى تكون عسى وأوشك واخلولق تامة؟ هل مشتقات هذه الأفعال تعمل عملها؟.

__________________

(١) وسمع مصدر لكل من (كاد وطفق) التي مضارعها يطفق.

واعلم أنه يجوز فتح السين وكسرها في (عسى) عند إسنادها لضمير رفع متحرك نحو : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) والفتح أجود.

(٢) إن ما ذكرناه هو الأفصح وهو لغة أهل الحجاز. ثم إنه إذا اتصل بعسى ضمير نصب فقد يجعل نائبا عن ضمير الرفع ، وتبقى عسى على عملها من رفع الاسم ونصب الخبر كقول الشاعر [الوافر] :

نظرنا الخيل مقبلة فقلنا

عساهم ثائرين بمن أصيبا

وقد تعتبر حرفا بمعنى (لعل) فتعمل عملها من نصب الاسم ورفع الخبر وهكذا روي في قول الشاعر [الطويل] :

فقلت عساها نار كأس وعلّها

تشكّى فآتي نحوها فأعودها

١٢٥

تمرين

بيّن ما يجب اقترانه بأن وجوبا ، وما يكثر ، وما يقلّ فيه.

كاد النّصر يتمّ. أوشك النّهر يزبد. كرب العلم ينتشر في البلاد. عسى الله أن يأتي بالفرج. اخلولقت سحب الصيف أن تنقشع. حرى التلاميذ أن ينجحوا. شرع الشاعر ينشد. طفق الغريق يستغيث. أقبل الكاتب يتلو ما كتب. أنشأ السّائق يحدو. جعل الخطيب يعظ ببليغ كلامه. هبّ المصلحون يعملون لمصلحة الوطن. قام الأدباء يعيدون للّغة العربيّة نضرتها. أخذ الزّعماء يدافعون عن الوطن. أخذ الثوب يبلى. تكاد الحرب تضع أوزارها ، طفق التلاميذ يتنافسون في السّباحة. عسى الصّفاء أن يدوم. كادت الشمس تغيب [الطويل] :

إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد

إليه بوجه آخر الدّهر تقبل

[الوافر] :

عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

انبرى أهل المروءة يتسابقون في إنجاد المنكوبين. كاد الفقر يكون كفرا.

نموذج إعراب

كاد النّصر يتمّ. أخذ الزعماء يدافعون عن الوطن. عسى الصفاء أن يدوم.

الكلمة

إعرابها

كاد

فعل ماض ناقض من أفعال المقاربة مبني على الفتح

النصر

اسم كاد مرفوع بالضمة

يتم

فعل مضارع. والفاعل ضمير مستتر جوازا ، والجملة خبر كاد

أخذ

فعل ماض ناقص من أفعال الشروع مبني على الفتح

الزعماء

اسمها مرفوع بالضمة

يدافعون

فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة في محل نصب خبر أخذ

عن الوطن

جار ومجرور متعلقان بالفعل قبله (يدافعون)

١٢٦

الكلمة

إعرابها

عسى

فعل ماض ناقص من أفعال الرجاء مبني على فتح مقدر للتعذر

الصفاء

اسم عسى مرفوع بالضمة

أن

حرف مصدري ونصب

يدوم

فعل مضارع منصوب بأن ، والفاعل ضمير مستتر جوازا يعود إلى الصفاء. وأن والفعل مؤولان بمصدر خبر عسى (أي عسى الصفاء دوامه).

المبحث السابع : في الأحرف المشبّهة بليس

الأحرف المشبّهة بليس هي : أحرف نفي ، تعمل عملها ، وتؤدّي معناها ، وهي : «ما ، ولا ، ولات ، وإن».

ويشترط في عمل «ما» أربعة شروط :

الأوّل : ألّا يتقدم خبرها على اسمها.

والثاني : ألّا يتقدّم معمول خبرها على اسمها.

والثالث : ألّا تزاد بعدها إن.

والرابع : ألّا ينتقض نفي خبرها بإلّا.

فإن استوفت جميع هذه الشّروط عملت عمل ليس ، نحو (ما هذا بَشَراً) [يوسف : ٣١] ونحو : ما حسن أن يمدح المرء نفسه.

وإلّا بطل عملها ، نحو : ما قائم سليم وما أنت إلّا منذر (١).

__________________

(١) إنّ «ما» لا تعمل هذا العمل إلا في لغة أهل الحجاز ؛ ولذلك تلقب (بالحجازية) وأما بنو تميم فيهملونها مطلقا ، ولذلك تسمى المهملة (بالتّميمية).

ويجوز أن يكون اسمها معرفة كما ورد في الأمثلة المذكورة ، أو نكرة نحو : ما أحد أقرب إليّ منك. وقد أشبهت (ما) لفظة (ليس) في نفي الخبر في الحال عند الإطلاق.

وقد أجازوا الفصل بينها وبين اسمها بمعمول الخبر إذا كان ظرفا أو مجرورا ، نحو : ما

١٢٧

وتعمل «لا» المشبّهة بليس هذا العمل قليلا ، بالشّروط الّتي تقدّمت للفظة (١) «ما». ويزاد على ذلك أن يكون اسمها وخبرها نكرتين ، نحو : لا أحد ناجيا من الموت. وقد يحذف خبرها غالبا.

وتعمل «لات» (٢) عمل ليس بشرطين : أن يكون اسمها وخبرها من أسماء الزّمان «كالحين والسّاعة» ونحوهما ، بحيث يكونا بلفظ واحد.

وأن يكون أحدهما محذوفا ، والغالب كونه الاسم المرفوع ، نحو (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣] أي : ليس الحين حين مناص وفرار.

وتعمل «إن» النّافية عمل «ليس نادرا» ، بشرط حفظ النّفي والتّرتيب ، نحو : إن أحد خيرا من أحد إلّا بالعقل والعلم.

وحفظ النّفي يكون بعدم انتقاض خبرها بإلّا ، ونحوها.

وحفظ التّرتيب يكون بعدم تقدّم خبرها ، ولا معموله عليها.

والغالب في استعمالها أن يقترن الخبر بعدها (بإلّا) فتكون مهملة ، نحو : إن هذا إلّا ملك كريم.

نموذج إعراب

ما كلّ غنيّ بسعيد ، لات وقت مزاح.

__________________

عندي أنت مقيما. وما لي أحد مطالبا.

وحيث إنها لا تعمل إلا في المنفي وجب رفع كل ما ينقض نفيه من متعلقاتها ، وذلك يكون في الخبر كما مر ، وفي المبدل منه إذا وقع بعد إلا نحو : ما سليم شيئا إلّا شيء لا يعبأ به ، وفي المعطوف عليه «ببل ولكن» نحو : ما سعيد متكاسلا بل مجتهد ، وما سعد مسافرا لكن مقيم ؛ وذلك على إتباع البدل لمحل الخبر قبل دخول ما ، وعلى كون المعطوف خبرا لمبتدإ محذوف تقديره هو ، أي بل هو مجتهد ، ولكن هو مقيم.

وتكثر زيادة الباء في خبر «ما» كما تزاد في خبر «ليس» نحو : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ونحو : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) وتقل زيادة الباء في خبر (لا) كما تقلّ في كل ناسخ منفي.

(١) ما عدا زيادة (إن) فلا تزاد أصلا بعد (لا).

(٢) أصلها (لا) ثم زيدت تاء التأنيث للمبالغة ، وإنما كان اسمها وخبرها ظرفي زمان بلفظ واحد ليدلّ بالثابت منهما على المحذوف.

١٢٨

الكلمة

إعرابها

ما

حرف نفي يعمل عمل ليس وهو مبني على السكون

كل

اسم ما مرفوع ، وهو مشاف

غنيّ

مضاف إليه

بسعيد

الباء حرف جر زائد ، وسعيد خبر ما مجرور لفظا منصوب تقديرا

لات

حرف نفي يعمل عمل ليس مبني على الفتح ، واسمها محذوف ، تقديره ليس الوقت

وقت

خبر لات منصوب بالفتحة ، وهو مضاف

مزاح

مضاف إليه مجرور بالكسرة

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هي الأحرف المشبهة بليس؟ ماذا يشترط في عمل ما ولا؟ متى تعمل لات هذا العمل؟ ومتى تعمل إن النّافية عمل ليس؟

تمرين

بيّن فيما يأتي الأدوات التي تعمل عمل ليس والتي لا تعمل عملها.

إن أنت إلّا صديق وفيّ. ما كل غنيّ بسعيد. ما إدراك العلا سهلا. ليس الفقر عيبا. ما معروفك ضائعا. إن الفراغ إلّا مفسدة. ما أحد أسمى من أحد إلّا بالعلم. إن سعيك إلا مشكورا. ما دنياك إلا فانية. ندم البغاة ولات ساعة مندم. لات وقت مزاح [الطويل] :

وما الحسن في وجه الفتى شرفا له

إذا لم يكن في فعله والخلائق

[الطويل] :

وما المرء إلا الأصغران لسانه

ومعقوله والجسم خلق مصور

[الكامل] :

ما كل ما فوق البسيطة كافيا

وإذا قنعت فبعض شيء كاف

١٢٩

[الكامل]

ندم البغاة ولات ساعة مندم

والبغي مرتع مبتغيه وخيم

إن الدنيا إلا صور تمرّ وما مرّ منها لا يعود.

المبحث الثامن : في الأحرف المشبّهة بالأفعال (إنّ وأخواتها)

الأحرف المشبهة بالأفعال (١) ستّة ، وهي :

إنّ ، وأنّ ، وكأنّ ، ولكنّ ، وليت ، ولعلّ. وهي تدخل على المبتدإ والخبر ، فتنصب الأوّل (٢) ويسمّى اسمها ، وترفع الثّاني (٣) ويسمى خبرها ، نحو : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة : ١٧٣] وفي هذا الباب مباحث :

المبحث الأول

الأصل في خبر هذه الأحرف أن يكون مؤخّرا عن اسمها ، ما لم يكن ظرفا أو مجرورا بالحرف فيجوز تقدّمه على اسمها إذا كان اسمها معرفة نحو : «إنّ في الدّار سليما».

__________________

(١) سمّيت هذه الأحرف مشبهة بالأفعال لأنها مبنية الأواخر على الفتح كالماضي مع بنائها على ثلاثة أحرف فصاعدا ، ولوجود معنى الفعل في كل منها ، كالتأكيد والتشبيه ، ونحوهما مما هو من معاني الأفعال.

أما معانيها فمعنى «إن وأنّ» التوكيد (أي توكيد النسبة ونفي الشك عنها).

ومعنى «كأنّ» التشبيه الأكيد نحو : كأنّ زيدا أسد إذا كان خبرها جامدا. وقد تأتي للشك إذا كان خبرها مشتقا أو ظرفا ، نحو : كأنّ زيدا قائم ، أو عندك.

ومعنى «لكنّ» الاستدراك وهو تعقيب الكلام برفع ما يتوهم من كلام سابق ، نحو : زيد غنيّ لكنّه بخيل فإنّ وصف زيد بالغنى يوهم أنه كريم ، فأزيل هذا الوهم بقولنا : لكنّه بخيل : ومعنى «ليت» التّمني وهو طلب المستحيل ، نحو : ليت الشباب يعود ، أو المتعذر والعسر الحصول ، نحو : ليت لي مال قارون.

ومعنى «لعل» (وقد يقال فيها علّ) الترجي وهو توقع الأمر الممكن المحبوب.

(٢) غير الملازم للتصدير (إلا ضمير الشأن).

(٣) غير الطلبي والإنشائي.

١٣٠

ويجب تقديم الخبر ، إذا كان اسمها نكرة لا مسوغ لها ، نحو : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٥) [الشرح : ٥].

ويجب تقديم الخبر أيضا إذا كان ظرفا أو مجرورا بالحرف في موضعين :

أوّلهما : إذا كان الاسم مقترنا بلام التّأكيد ، نحو : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) [آل عمران : ١٣].

ولام التّأكيد (وتسمّى لام الابتداء) تدخل على أربعة أشياء :

١ ـ على اسم إنّ (مكسورة الهمزة فقط).

٢ ـ وعلى خبرها.

٣ ـ وعلى معمول الخبر.

٤ ـ وعلى ضمير الفصل.

فتدخل على اسمها بشرط أن يتقدّمه ظرف أو مجرور متعلّقان بخبرها ، نحو : إنّ من البيان لسحرا.

وتدخل على خبرها بشرط كونه مؤخرا ، مثبتا غير فعل ماض نحو : (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) [إبراهيم : ٣٩](وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ) [النمل : ٧٤]. (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤) [القلم : ٤] ـ فإن قرن الماضي (بقد) دخلت عليه اللّام (١) نحو : إنّ سليما لقد قام ـ ويجوز قليلا دخولها على الماضي الجامد لشبهه بالاسم ، نحو : إنّ خليلا لنعم الرّجل. وتدخل هذه اللّام أيضا على (ضمير الفصل أو العماد) ، نحو (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) [آل عمران : ٦٢] وإن الحقّ لهو المتّبع. وكان حقّ هذه اللّام أن تدخل على أوّل الكلام لأنّ لها الصّدر ، لكن لمّا كانت (اللام) للتّأكيد و (إن) للتأكيد أيضا كرهوا الجمع بين الحرفين ، فاستحسنوا الفصل بينهما بلام الابتداء.

وإذا لحقت (ما) الزّائدة ـ الأحرف المشبّهة بالأفعال (٢) كفّتها عن العمل. ولذلك تسمّى «ما» الكافّة ، نحو : أنما إلهكم إله واحد [البقرة : ١٦٣] وكأنّما العلم نور ، إلّا (ليت) (٣) فيجوز فيها الإعمال والإهمال.

__________________

(١) وذلك لشبه الماضي المقرون (بقد) بالمضارع ، لقرب زمانه من الحال.

(٢) إلا (عسى ولا) فلا تلحقهما (ما الكافة عن العمل).

(٣) يجوز في «ليت» بعد أن تلحقها «ما» الإعمال والإهمال فتقول : «ليتما الشّباب يعود» بنصب

١٣١

وإذا عطف على أسماء الأحرف المشبّهة بالأفعال نصب المعطوف سواء وقع قبل الخبر أو بعده ، نحو : «إنّ سليما وخليلا قائمان» أو إنّ سليما قائم وخليلا.

على أنّه إذا وقع المعطوف بعد الخبر جاز فيه أيضا الرّفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر ، وذلك بعد : إنّ ، وأنّ ولكنّ (١).

نحو : «إنّ سعيدا قائم وسعد» أي وسعد كذلك.

و «أنّ» المفتوحة الهمزة تسبك مع خبرها بمصدر مضاف إلى اسمها ، فتقدير قولك : يعجبي أنّك مجتهد يعجبني اجتهادك.

وأمّا «إنّ» المكسورة الهمزة ، فإنّها لا تغيّر حكم الجملة بدخولها عليها.

فيجب كسر همزة «إنّ» إذا حلّت محل الجملة ، حيث لا يصحّ أن تؤّوّل مع ما بعدها بمصدر يسدّ مسدّها ، ومسدّ معموليها.

ويجب فتحها إذا حلّت محلّ المفرد ، حيث يجب أن تؤوّل مع ما بعدها بمصدر يسدّ مسدّها ، ومسدّ معموليها.

ويجوز فتحها ، وكسرها حيث يجوز التّأويل بمصدر ، وعدمه.

__________________

الشباب على أنه اسمها و «ليتما الشباب يعود» برفعه على أنه مبتدأ ، والأرجح إعمالها ، وبقاؤها مختصة بالجمل الاسمية.

ومتى لحقت «ما» هذه الأحرف تكفّها عن العمل وتهيئها للدخول على الجمل الفعلية ، نحو : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) و (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ.) وإذا لم تكن ما الواقعة بعد هذه الأحرف زائدة بل كانت اسما موصولا نحو : إنّ ما عند الله باق أو حرفا مصدريا ، نحو : إن ما صبرت جميل أي إن صبرك جميل ، فلا تكفها عن العمل بل تبقى ناصبة الاسم وهو الاسم الموصول في الأول ، والمصدر المسبوك من «ما» وما بعدها في الثاني ، ورافعه الخبر في الموضعين. وتكتب حينئذ «ما» منفصلة ـ بخلاف «ما» الكافة فإنها تكتب متصلة.

(١) إنما جاز ذلك مع هذه الأحرف لأن «إنّ وأنّ» لتأكيد النسبة الواقعة بين الاسم والخبر فلا تغيران معنى الجملة ، «ولكنّ» لاستدراك ما قبلها فلا تغير شيئا من معنى الجملة أيضا. وأما البواقي من هذه الأحرف فلا يجوز فيها ذلك لأنها تخرج الكلام عن الإخبار بالمسند إلى طلبه أو التشبيه به فينتسخ عنه معنى الابتداء.

١٣٢

المبحث الثاني : المواضع التي يتعين فيها كسر همزة إنّ عشرة

أولا : إذا وقعت في ابتداء الكلام (حقيقة). نحو : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) [البقرة : ١٧٣] أو (حكما) : نحو : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) (٦) [العلق : ٦].

ثانيا : إذا وقعت بعد القول الّذي لا يتضمّن معنى الظنّ ، نحو : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) [مريم : ١٣].

ثالثا : إذا وقعت مع ما بعدها جوابا للقسم ، نحو : «والله ، إنك لصادق».

رابعا : إذا وقعت صدر الجملة الواقعة صلة الموصول. نحو : «جاء الذي إنّه مجتهد».

خامسا : إذا وقعت مع ما بعدها حالا ، نحو : «قصدته ، وإنّي واثق به».

سادسا : إذا وقعت بعد «حيث» ، أو «إذ» ، نحو : اجلس حيث إنّ خليلا جالس ، ونحو : سكتّ إذ إنّك ساكت.

سابعا : إذا وقعت مع ما بعدها خبرا عن اسم ذات ، أو صفة له ، نحو : «سليم إنّه كريم» و «جاء خليل إنّه فاضل».

ثامنا : إذا وقعت بعد عامل علّق باللام ، نحو : «علمت إنّ خليلا لمحسن».

تاسعا : إذا وقعت صدر جملة استئنافية ، نحو : «يزعمون أنّي متكاسل إنّهم لكاذبون».

عاشرا : بعد حتّى الابتدائية ، نحو : مرض سليم حتّى إنّهم لا يرجونه.

المبحث الثالث : المواضع التي يتعيّن فيها فتح همزة «أن» أربعة :

أولا : إذا كانت وما بعدها في موضع الفاعل ، نحو : «بلغني أنّك مسافر» ، أو نائبه ، نحو : سمع أنّ العدوّ قادم ، أو المفعول به. نحو : عرفت أنك ودود.

ثانيا : إذا كانت وما بعدها في موضع المبتدإ ، نحو : عندي أنّك فاضل.

ثالثا : إذا كانت وما بعدها في موضع الخبر عن اسم معنى ، نحو : الحقّ أنّ العلم نافع.

١٣٣

رابعا : إذا وقعت مع ما بعدها في موضع المضاف إليه ، أو المجرور بالحرف ، نحو : أحبّك مع أنّك ظالم ، وسررت من أنّك مجتهد.

المبحث الرابع : المواضع التي يجوز فيها كسر همزة «إنّ» وفتحها

أوّلا : بعد «إذا» الفجائيّة ، نحو : خرجت فإذا إنّ أسدا واقف (١).

ثانيا : بعد فاء الجزاء ، نحو : إن تجتهد فإنّك تنجح (٢).

ثالثا : في موضع التّعليل ، نحو : اطلب العلم إنه سبيل الفلاح (٣).

رابعا : بعد فعل قسم بدون اللام بعده ، نحو : أقسم إنّ الدّار ملك سليم (٤).

خامسا : بعد «لا جرم» ، نحو : لا جرم أنّ الله يعلم (٥).

المبحث الخامس : تخفيف إنّ ، وأنّ ، وكأنّ ، ولكنّ

يجوز أن تخفّف الأحرف المختومة بالنّون ، وهي :

إنّ ، وأنّ ، وكأنّ ، ولكنّ ، وذلك يكون بحذف النّون الثّانية ، فيقال : إن ، وأن ، وكأن ، ولكن.

__________________

(١) فالكسر على معنى : فإذا أسد واقف والفتح على تأويل ما بعدها بمصدر هو مبتدأ ، وخبره محذوف ، والتقدير : فإذا وقوفه حاصل.

(٢) فالكسر على معنى «فأنت تنجح» والفتح على أن ما بعدها مؤول بمصدر مرفوع مبتدأ ، وخبره محذوف ، والتقدير : إن تجتهد فنجاحك حاصل.

(٣) فالكسر على أنها جملة استئنافية ، والفتح على إضمار لام التعليل الجارة أي لأنّه سبيل الفلاح.

(٤) فالكسر على قصد الجواب لأنه لا يكون إلا جملة ، والفتح على تقدير حرف الجر ، أي على أنّ الدار ملك سليم.

(٥) فالكسر على تنزيل «لا جرم» منزلة القسم ، والفتح غالبا على اعتبار «لا جرم» بمعنى «لا بد» فلا نافية للجنس وما بعد «أنّ» مؤول بمصدر على تقدير «من» ويكون متعلق الجار والمجرور هو الخبر ، والتقدير : لا بد من أن الله يعلم.

١٣٤

فإذا خفّفت (إنّ) المكسورة الهمزة أهملت غالبا لزوال اختصاصها وتلزم لام الابتداء الخبر بعد المهملة ، فارقة بينها وبين (إن) النّافية (١) فإن وليها فعل ، كثر كونه من الأفعال النّأسخة ، نحو : وإن نظّنك لمن الكاذبين ، ونحو : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) [البقرة : ١٤٣].

وإن وليها اسم ، فالأرجح إهمالها ويلزم دخول اللام على الخبر ، نحو : إن أنت لصادق ، وإن عليّ لشجاع. وتخفيف (إنّ) نادر الاستعمال.

وإذا خفّفت «أنّ» المفتوحة الهمزة ، بقيت عاملة وجوبا واسمها ضمير شأن محذوف وجوبا (٢) ولا يكون خبرها إلا جملة. فإن كانت الجملة فعليّة فعلها متصرف ، وجب فصلها عنه بما يفرق بينها وبين أن النّاصبة للفعل ، وذلك يكون إمّا «بقد» أو «بالسّين» أو «سوف» أو أحرف النّفي ، أو أدوات الشّرط ، نحو : عرفت أن قد حان الامتحان وأن سينجح أخوك وأن لن ينجح المتكاسلون وأن لو اجتهدتم لنجحتم وترك الفصل نادر ، نحو : قول الشاعر [الخفيف] :

علموا أن يؤملون فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل

وإن كانت الجملة اسميّة ، أو فعليّة ، صدرها فعل جامد ، أو دعاء استغنت عن

__________________

(١) يؤتى بهذه اللام تفرقة بين إن المخففة من الثقيلة ، وإن النافية.

ولذلك تسمى اللام الفارقة ، وإن أمن اللبس جاز تركها كقول الشاعر [الطويل] :

أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك

وإن مالك كانت كرام المعادن

(٢) ضمير الشأن : ضمير غائب مفرد يكنى به عن الشأن ، أي الأمر الذي يراد الحديث عنه ، وقد يكنى به عن القصة ، فيقال له (ضمير القصة) فإذا قدر أن المراد به (الشأن) كان مذكرا. أو (القصة) كان مؤنثا ، نحو : هو الله أحد ، وهي الدنيا غرور.

ويجب في هذا الضمير أن يكون مقدما ، وهو لا يعود إلّا إلى ما بعده. ولا يكون إلّا مبتدأ ، أو معمولا لأحد النواسخ التي تدخل على المبتدأ. ولا يحتاج إلى رابط يربطه بالجملة التي بعده ، ولا يكون إلّا غائبا مفردا. ولا يستعمل إلّا حيث يراد التفخيم.

واعلم أن مفسر ضمير الشأن يجب أن يكون جملة متأخرة عنه ، وأن يكون لها محل من الإعراب ، ولا يعود منها ضمير إليه.

واعلم أن هذه الجملة لا تكون خبرا لضمير الشأن إلا بعد أفعال القلوب فتكون مفعولها الثاني ، وضمير الشأن مفعولها الأول.

وقد يأتي (نادرا) مفسر ضمير الشأن مفردا ، كما في قوله [الطويل] :

هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوى سهل

فما اختاره مضنى به وله عقل

١٣٥

الفاصل ، نحو : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [النجم : ٣٩] ونحو : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٣٩) [يونس : ١٠] ونحو : اعلم أن ليس للصّابر إلّا الصّبر.

وإذا خفّفت «كأنّ» بقي أيضا إعمالها.

ويكون اسمها ضمير شأن محذوفا ، وخبرها الجملة التي بعدها. فإن كانت الجملة اسميّة ، لم تحتج إلى فاصل ، وإن كانت فعليّة صدرها فعل متصرّف ، فصلت عنه في الإيجاب «بقد» وفي النّفي «بلم» ، نحو : سكت وكأن قد تكلّم ، وغاب وكأن لم يغب. وانقضت السّنة كأن لم تكن وإذا خفّفت «لكنّ» بطل عملها وجوبا ولم تدخل إلّا على الجملة ، نحو : جاء يوسف ولكن خليل لم يجئ ، وسافر سليم ولكن جاء أخوه واعلم أنه يستحسن اقترانها والحالة هذه بالواو تفرقة بينها وبين العاطفة ولا يجوز تخفيف (لعلّ) ، على اختلاف لغاتها.

١ ـ نموذج إعراب

[البسيط] :

وكن على الدّهر معوانا لذي أمل

يرجو نداك فإنّ الحرّ معوان

الكلمة

إعرابها

وكن

الواو بحسب ما قبلها ـ كن فعل أمر ناقص مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

واسمه مستتر وجوبا تقديره أنت.

على الدهر

على الدهر جار ومجرور متعلقان بمعوان. معوانا خبر كن منصوب بالفتحة.

معوانا لذي أمل

اللام حرف جر مبني على الكسر. ذي مجرور بالياء نيابة عن الكسرة لأنه من الأسماء الخمسة : أمل مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة ، والجار والمجرور متعلقان بمعوان.

يرجو

فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو للثقل. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على ذي أمل.

١٣٦

الكلمة

إعرابها

نداك

ندى مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر والكاف مضاف إليه مبني على الفتحة في محل جر والجملة في محل جر صفة لذي أمل.

فإنّ

الفاء للتعليل حرف. إن حرف توكيد ونصب مبني على الفتح.

الحر معوان

الحر اسم إن منصوب بالفتحة. معوان خبر إن مرفوع بالضمة.

تمرين

اذكر الموجب لكسر همزة إنّ ، والموجب لفتحها ، أو المجيز للأمرين :

علمت أن الأرض تدور من الغرب إلى الشرق وأعلم بأن الله على كل شيء قدير.

لو أنهم صبروا لفازوا. (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) [فصلت : ٣٩]. لا جرم أن العدل أساس الملك. إنّ تقتيرك على نفسك توفير لخزانة غيرك. إن البلاء موكل بالمنطق. إنما البطل من يملك نفسه وقت الغضب. لا تضع الوقت سدى إن الوقت ثمين.

٢ ـ نموذج إعراب

[البسيط] :

إنّ الحياة نهار أو سحابته

فعش نهارك من دنياك إنسانا

الكلمة

إعرابها

إن الحياة

إن حرف توكيد ونصب. الحياة اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة.

نهار

نهار خبر إن مرفوع بالضمة الظاهرة.

أو سحابته

أو حرف عطف. سحابة معطوفة على نهار مرفوعة بالضمة والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر.

١٣٧

الكلمة

إعرابها

فعش

الفاء واقعة في جواب شرط مقدر حرف. عش فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب. والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.

نهارك

نهار مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة. والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر.

من دنياك

من حرف جر. دنيا مجرورة بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر. والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر.

والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من نهارك.

إنسانا

حال من فاعل عش منصوب بالفتحة.

المبحث السادس : لا النافية للجنس

لا النّافية للجنس (١) تدلّ على نفي الخبر عن جميع الجنس الواقع بعدها على

__________________

(١) اعلم أن (لا) النافية تدخل تارة على الفعل ، فإن كان ماضيا وجب تكرارها نحو : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (٣١) وإن كان مضارعا لم يجب التكرار. نحو لا يسافر الأمير وتارة تدخل على الاسم ، فإن كان مفردا كانت العاملة عمل ليس ظاهرة في نفي الجنس بأجمعه ، محتملة لنفي الوحدة والعاملة عمل (إنّ) نصا في نفي جميع الجنس وإن كان الاسم : مثنى ، أو جمعا ، احتمل كل منهما الأمرين.

ولم يكن عمل (لا) النافية للجنس (رفعا) لئلا يتوهم أنه بالابتداء ، ولا (جرا) لئلا يتوهم أنه (بمن) المنوية فإنها في حكم الموجودة لظهورها في بعض الأحيان كقول الشاعر [الطويل] :

فقام يذود الناس عنها بسيفه

وقال ألا لا من سبيل إلى هند

وعليه ، فقد تعين أن يكون عملها نصبا لما ذكر.

وأيضا لمشابهتها (إنّ) في التأكيد ، فإنها في تأكيد النفي نظير (إنّ) في تأكيد الإثبات. وذلك من باب حمل النظير على النظير ، والنقيض على النقيض.

واعلم أنها تعمل على نفي الجنس نصا إذا كان اسمها مفردا فقط.

وتسمى لا هذه أيضا (بلا التبرئة) لأنها تبرئ الجنس مما ينسب إليه ، وتنزّهه عنه.

١٣٨

سبيل التّنصيص ، لا على سبيل الاحتمال ، نحو : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ونحو : لا رادّ لما قضاه الله. وتعمل (لا) النّأفية للجنس (١) عمل (إنّ) ، فتنصب الاسم وترفع الخبر بستّة شروط.

١ ـ أن تكون نافية للجنس نصّا لا احتمالا.

٢ ـ أن يكون المنفيّ الجنس بأجمعه ، بحيث لا يبقى فرد من أفراده.

٣ ـ أن يكون اسمها وخبرها نكرتين.

٤ ـ أن يكون اسمها متّصلا بها ، ويلزمه تأخير الخبر عنه.

٥ ـ عدم تقدّم خبرها عليها.

٦ ـ عدم دخول حرف جرّ عليها (٢).

مثال المستوفي الشّروط الستّة : لا حلية أثمن من مكارم الأخلاق.

__________________

(١) توضيح ذلك أن (لا) على نوعين : نافية للجنس نصا ، ونافية للجنس وللوحدة احتمالا ؛ فالمحتملة لهما هي العاملة عمل ليس. فإذا قلت : لا رجل قائما ، صحّ أن تقول : بل رجلان ، على إرادة الوحدة. ويمتنع على إرادة الجنس (أي انتفى القيام عن كل فرد من أفراد ذلك الجنس) ، فهي تنفي بدخولها حقيقة النكرة كلّها. فإذا قلت : لا رجل في الدار ، نفيت جنس الرجال من الدار ، حتى لا يجوز أن يقال : بل رجلان ، خلافا (للا) التي تعمل عمل ليس فإنه يصح بعدها (بل رجلان).

واعلم أنه إذا دخلت همزة الاستفهام على (لا) لم يتغير الحكم نحو ألا ارعواء لمن ولّت شبيبته؟

(٢) فإن فقد شرط من الشروط الستة بأن تكون (لا) غير نافية ، أو كانت نافية للوحدة فلا تعمل عمل (إنّ) وكذا إذا كان اسمها معرفة أو نكرة منفصلا منها أهملت ووجب تكرارها ، نحو : لا سليم في المدرسة ولا خليل ، ونحو : لا عندنا رجل ولا امرأة.

وكذا إذا دخل عليها حرف جر فيبطل عملها ويعرب ما بعدها مجرورا به ، نحو : ركبت الجواد بلا سرج ، نحو : يغضب الأحمق من لا شيء.

وإنما لزم كون اسمها نكرة فلأجل أن تدل بوقوعه في سياق النفي على العموم. وإنما لزم تنكير الخبر فلأجل عدم الإخبار بالمعرفة عن النكرة ، فلو دخلت على اسم معرفة ، أو فصلت عنه وجب إهمالها وتكرارها ، نحو : لا خليل في المدرسة ولا سليم ، ولا في مصر سعد ، ولا صفيّة. وإذا كانت المعرفة مؤوّلة بنكرة جاز ، نحو : لا حاتم عندنا ، (أي لا كريم عندنا).

١٣٩

واسم (لا) ثلاثة أنواع : مفرد (١) ، ومضاف ، ومشبّه بالمضاف ،

فإذا كان اسم (لا) مفردا يبنى على ما كان ينصب به ، نحو : لا سيف أقطع من الحقّ ، ولا حقوق إلّا بالعدل ، ونحو : لا ضدّين مجتمعان. ونحو : لا مسلمين في الجاهليّة ، ونحو : لا لذّات باقية (٢).

وإذا كان اسم (لا) مضافا أو مشبّها به ، وجب أن يكون معربا (٣) منصوبا ، نحو : لا شاهد زور محبوب ، ولا كريما عنصره سفيه ، ولا متقنا عمله يفشل فيه ، ولا واثقا بالله ضائع ، ولا طالعا جبلا حاضر.

المبحث السابع : في تكرار «لا»

إذا تكرّرت «لا» وكان اسمها نكرة متّصلا بها ، نحو : لا حول ولا قوّة إلّا بالله جاز فيه خمسة أوجه :

__________________

(١) المراد بالمفرد في هذا الباب ما ليس مضافا ، ولا شبيها بالمضاف فيشمل المثنى ، وجمع المذكر السالم ، وجمع التكسير ، وجمع المؤنث السالم فكلها من قبيل المفرد. وتبنى على ما كانت تنصب به من فتحة أو ما ينوب عنها كالياء في المثنى ، والجمع والكسرة في جمع المؤنث السالم. واعلم أن اسم لا إنّما بني لتضمّنه معنى الحرف لأنّ قولك : لا رجل في الدار متضمن معنى (من).

(٢) يجوز في جمع المؤنث السالم بناؤه على الكسر باعتبار أنّه ينصب بالكسرة ، وبناؤه على الفتح نظرا إلى الأصل في بناء المركبات.

(٣) اعلم أن اسم لا النافية للجنس نوعان : معرب ، ومبني.

فالمعرب : ما كان (مضافا) نحو : لا صاحب خير مذموم ، أو شبيها بالمضاف وهو : كل ما تعلّق بما بعده بعمل أو عطف عليه ، وبعبارة أخرى : هو ما اتصل به شيء من تمام معناه مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا على غير جهة الصلة أو الإضافة.

ومثال المرفوع به ، نحو : لا حسنا وجهه مكروه.

ومثال المنصوب به ، نحو : لا راكبا جوادا في الطريق.

ومثال المجرور به ، نحو : لا خيرا من سعد عندنا.

ومثال المعطوف عليه ، نحو : لا ثلاثة وثلاثين تلميذا في الغرفة.

والمبني ما كان مفردا ، أو جمع تكسير ، أو مثنى ، أو جمع مذكر سالما ، أو جمع مؤنث سالما ، مما سبق ذكره.

١٤٠