القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

السيّد أحمد الهاشمي

القواعد الأساسيّة للّغة العربيّة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
الطبعة: ٣
ISBN: 9953-434-08-5
الصفحات: ٣٠٣

وحلّ محلّ الفاعل بعد حذفه ، نحو (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] ونحو : يشكر المحمود فعله.

ويحذف الفاعل لأغراض كثيرة ، منها : لفظيّة ، ومنها : معنويّة فمن الأغراض اللّفظيّة ، والإيجاز ، نحو : نظر في الأمر.

والمحافظة على تناسب الفواصل ، نحو : من طابت سريرته حمدت سيرته.

ومن الأغراض المعنويّة شهرة الفاعل فيكون ذكره حينئذ عبثا ، نحو (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨].

أو الجهل به فلا يمكن تعيينه ، أو الرّغبة في إخفائه على السّامعين ، نحو : سرق البيت.

ومتى حذف الفاعل وناب عنه نائبه فلا يجوز إلحاقه بما يدلّ عليه ، فلا يقال : عوقب الكسلان من المعلّم ، لأنّ الفاعل يحذف لغرض من الأغراض السّابقة. فذكره ، أو ذكر ما يدلّ عليه في ما بعد مناف لذلك.

وتجري جميع أحكام الفاعل والفعل المعلوم على نائب الفاعل ، والفعل المجهول.

وتسمّى الجملة المركّبة من الفعل وفاعله ، أو نائب فاعله «جملة فعليّة».

__________________

مضارعا فتح ما قبل آخره وضم أوله ، نحو : يحفظ الدرس ، ويتعلّم الحساب ، ويستخرج المعدن.

المجهول يختص بالفعل المتعدّي بنفسه ، أو بالواسطة ، نحو : مرّ بزيد. ولا يأتي من اللازم ، إذ لا مفعول له فيسند إليه ، ولا يكون من المجهول أمر ، بل ماض ومضارع لا غير. وقد يبنى الفعل اللازم للمجهول إذا كانت نائب فاعله ظرفا أو مصدرا أو جارا ومجرورا نحو : أجتمع اليوم ، وأحتفل احتفال عظيم ، وفرح بحضورك.

فإن كان ما قبل آخر الماضي ألفا قلبت ياء وكسر ما قبلها ، نحو : قيل ، واختير مجهول : قال ، واختار.

وإن كان ما قبل آخر المضارع مدّا قلب ألفا ، نحو : يقال ويباع مجهول يقول ، ويبيع.

وحكم النائب حكم الفاعل في رفعه ، وفي وجوب التأخير عن فعله المتصرف وفي إفراد فعله إذا كان النائب مثنى أو مجموعا. وفي تأنيث الفعل إذا كان النائب مؤنثا ، وفي كونه واحدا. ولا يكون جملة ، وغير ذلك من الأحكام التي تقدمت للفاعل.

١٠١

ينوب عن الفاعل واحد من الأربعة الآتية

الأول : المفعول به : وهو الأصل المقدّم على غيره في النّيابة عن الفاعل (١) ، وهو : إمّا أن يكون واحدا ، وإمّا أن يكون متعدّدا فإن كان المفعول به واحدا ، أقيم هو نائبا عن الفاعل ، نحو : قضي الأمر وإن كان متعدّدا ، أنيب الأوّل وبقي ما يليه منصوبا على حاله ، نحو : أعطي المخترع مكافأة ، ووجد الخبر صحيحا ، وأعلم المستفهم الأمر واقعا ، وأخبر الأمير الأمن سائدا ، ووجد الرّأي صوابا.

 ـ الثاني : المصدر : ينوب عن الفاعل بعد حذفه بشرط أن يكون متصرّفا (٢) مختصّا يصحّ الإسناد إليه ، نحو : كتبت كتابة حسنة.

فلا ينوب المصدر الملازم النّصب ، نحو : معاذ ، وسبحان.

 ـ الثالث : الظّرف : ينوب عن الفاعل بعد حذفه بشرط أن يكون متصرّفا مختصّا ، كالمصدر ، نحو : صيم رمضان ، وسهرت اللّيلة.

فلا ينوب ، نحو : معك ، وعندك ؛ لأنّهما لا يفارقان النّصب ولا نحو : زمان ، ومكان ؛ لعدم الفائدة.

الرابع : جارّ مع مجرور (٣) : ينوب عن الفاعل بعد حذفه بشرط أن يكون مختصّا

__________________

(١) فلا يجوز أن ينوب عن الفاعل غير المفعول به إذا وجد ؛ لأن الفعل أشد طلبا له من سواه ، فيقال : ضرب خليل يوم الجمعة ضربا شديدا في داره وقد تجوز نيابة المفعول الثاني في باب أعطى عند أمن الالتباس.

وإذا لم يكن للفعل مفعول به وأريد بناؤه للمجهول فينوب عن الفاعل في مثل ذلك المصدر ، والظرف مكانا أو زمانا ، والمجرور بالحرف ، بشرط أن يكون كل منها صالحا للنيابة. وإذا فقد المفعول به من الكلام جاز نيابة كل من المجرور والمصدر والظرف على السواء من غير أولوية لأحدها ، ولا يكون نائب الفاعل إلا واحدا كالفاعل.

(٢) المراد بالمتصرف عدم الالتزام لحالة واحدة في الاستعمال : فلا ينوب مثل : سبحان ، ومعاذ لملازمتهما المصدرية ، ولا مثل : لدى ، وإذ لملازمتهما الظرفية ويختص المصدر بالوصف نحو : فهم فهم عظيم ، ويختص الظرف بالوصف نحو : صيم يوم كامل ، أو بالإضافة نحو : صيم يوم الخميس ، أو بالعلمية نحو : صيم رمضان.

(٣) يشترط عدم لزوم الجار طريقة واحدة في الاستعمال : كمنذ ورب وحروف الاستثناء ، لاختصاص الأول بالإيجاب ، والثاني بالنكرة ، والثالث بالمستثنى. ويشترط في المجرور بالحرف حتى يصلح للنيابة عدم كونه مجرورا بحرف دال على التعليل. فإذا قلت : يخاف

١٠٢

بإضافة ، أو صفة ، نحو : نظر في حاجتك ونحو : تكلّم في أمر هامّ لك اليوم.

وإذا كان المجرور مؤنّثا فلا تلحق فعله علامة التّأنيث ، فتقول : مرّ بهند لا مرّت لأنه لم يسند إليه صريحا.

ويجوز تقديم المجرور على فعله باقيا على نيابته له ، فتقول : «بهند مرّ».

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو نائب الفاعل؟ وما الذي ينوب عن الفاعل بعد حذفه؟ ما هي أحكام نائب الفاعل؟ ما هي الأسباب التي تقتضي بحذف الفاعل؟ متى يصح إنابة المصدر والظرف والمجرور بالحرف عن الفاعل؟ ما معنى كون الظرف والمصدر متصرفين مختصين؟

تطبيق : بيّن أنواع نائب الفاعل

يصاب الفتى من عثرة بلسانه. يكرم المرء لآدابه ولا يكرم لثيابه. إنّما يكرم المرء بأعماله. إن لم يكن موفورا مالك فلتكن محمودة أعمالك. قالت الحكماء : كلّ نعمة يحسد عليها إلّا التّواضع. جبل النّاس على ذم زمانهم. لو كانت العقول تناسب الأجسام للزمك أن تقول إنّ الفيل أعقل الحيوان ، ولما أمكن الغلام أن يقود الجمال. لا تظلم كما لا تحبّ أن تظلم. قد يدرك باللين ما لا يدرك بالعنف. أسّست الاسكندرية سنة ٣٣٢ قبل الميلاد. والقاهرة أسّست سنة ٣٥٩ هجرية. لم يأت على (بابل) القرن الخامس إلّا كانت قد هدمت أسوارها ودرست معالمها وعفيت قصورها وهياكلها. السّعيد من وعظ بغيره. كفى بالمرء سعادة أن يوثق به في دنياه ودينه.

__________________

من بأسك يكون نائب الفاعل ضميرا مستترا في يخاف عائد إلى المصدر ، ولا يكون المجرور نائب فاعل لأنه جرّ بحرف دال على التعليل.

واعلم أنه بالبحث في كتب اللغة وجدت أفعال تستعمل على صورة المبني للمجهول منها : جنّ فلان ، بهت الذي كفر ، طلّ دمه أي اهدر ، أولع باللهو ، عني بالمسألة أي اعتنى بها ، زهي علينا أي تكبّر حمّ ، زكم ، وعك ، فلج ، سقط في يده أي ندم غمّ الهلال ، أغمي على المريض. أمتقع أو أنتقع لونه ، أرهصت الدابّة أي أصيب حافرها وسلج فؤاده : ذهب خوفه ، وهذا روعه.

١٠٣

الباب الرابع : في المبتدأ والخبر

المبتدأ : هو الاسم الصّريح ، أو المؤوّل به (١) ، المجرّد من العوامل اللّفظيّة ، غير الزائدة وشبهها (٢) ، مخبرا عنه (٣) أو وصفا رافعا لمستغنى به. والخبر : هو الجزء المنتظم منه مع المبتدإ جملة مفيدة ، نحو : الله واحد. وارتفاع المبتدأ بالابتداء ، وهو عامل معنويّ. وارتفاع الخبر بالمبتدأ ، وهو عامل لفظيّ.

(في هذا الباب مباحث)

المبحث الأول : في تعريف المبتدأ وتنكيره

الأصل في المبتدأ : أن يكون معرفة «لأنّه محكوم عليه» ؛ والمحكوم عليه يجب أن يكون معلوما ليكون الحكم مفيدا ، وذلك لأنّ الإخبار عن المجهول لا يفيد ، لتحيّر السّامع فيه ، فينفر عن الإصغاء إليه.

فإن أفادت النّكرة جاز الابتداء بها ، وذلك إذا دلّت على عموم ، أو دلّت على خصوص.

أمّا اختصاصها ، فيقرّبها من المعرفة.

وأمّا عمومها ، فيستغرق كلّ أفراد الجنس (لا فرد واحد منه) فتشبه المعرّف بأل الجنسيّة.

تخصيص النكرة التي يصح الابتداء بها بالمسوّغات الآتية (٤)

١ ـ الوصف لفظا ، نحو : عدوّ عاقل خبر من صديق جاهل أو الوصف تقديرا ،

__________________

(١) المبتدأ المؤول ، نحو : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) أي وصومكم خير لكم.

(٢) الزائدة وشبهها لا عبرة بها فمن والباء في نحو : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) وفي نحو : بحسبك درهم ، كعدمها ، فلا يعتدّ بها لأن الزائد في حكم الساقط ؛ فيكون المبتدأ في تلك الحالة مجرورا لفظا ، مرفوعا تقديرا.

(٣) فالمبتدأ نوعان : مبتدأ له خبر كالمثال المذكور ، ومبتدأ له مرفوع يغني عن الخبر ، كما إذا كان المبتدأ وصفا رافعا لاسم ظاهر ، أو لضمير منفصل يتم الكلام بكل منهما ، بشرط أن يكون مسبوقا ذلك الوصف بنفي حرفيّ ، أو فعليّ ، أو اسميّ ، نحو : أحافظ أنت درسك؟

أصائم أنتما؟ أفاهم أنتم؟ وسيأتي بيانه.

(٤) وقد ذكروا للابتداء بالنكرة مسوغات أخرى كثيرة ، أهمها :

١٠٤

نحو : ويل أهون من ويلين ، أي ويل واحد.

٢ ـ الإضافة لفظا ، نحو : حلية الأدب خير حلية أو الإضافة معنى ، نحو : كلّ يموت ، أي كلّ أحد.

٣ ـ التّصغير ، نحو : كتيّب هذّب أخلاقي ، أي كتاب صغير.

تعميم النكرة التي يصح الابتداء بها

 بالمسوّغات الآتية

١ ـ إذا كانت اسم شرط ، من سلّ سيف البغي قتل به.

٢ ـ إذا كانت اسم استفهام ، نحو : من فعل هذا؟ وما عندك؟.

٣ ـ إذا وقعت بعد استفهام أو نفي ، نحو : هل عود يفوح بلا دخان ، ونحو : ما خلّ لنا.

٤ ـ إذا وقعت بعد ربّ ، نحو : ربّ عذر أقبح من ذنب.

٥ ـ إذا وقعت بعد (كم الخبريّة) ، نحو : كم نصيحة بذلناها.

٦ ـ إذا وقعت بعد فاء الجزاء ، نحو : إن ذهب عير فعير في الرّباط.

__________________

١ ـ إذا وقعت النكرة بعد ظرف أو مجرور بالحرف تامّين نحو : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) ولكل عالم هفوة (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ).

٢ ـ إذا كانت دعاء ، نحو : (سلام لكم ،) وويل للظالمين.

٣ ـ إذا وقعت في صدر جملة حالية نحو : سرنا ونجم قد أضاء.

٤ ـ إذا وقعت بعد إذا الفجائية ، نحو : نظرت فإذا نار تلتهم القصر.

٥ ـ إذا وقعت بعد لو لا ، نحو : لو لا اجتهاد لساد الناس كلهم.

٦ ـ إذا أريد بالنكرة التنويع ، نحو : فيوم علينا ، ويوم لنا.

٧ ـ إذا كانت خلفا من موصوف ، نحو : عالم خير من جاهل ، أي رجل عالم.

٨ ـ إذا عطف عليها معرفة أو نكرة مخصّصة ، نحو : تلميذ وخليل يتعلّمان.

٩ ـ إذا كانت النكرة عاملة الجر ، أو النصب ، نحو : إغاثة ملهوف كفّارة ونحو : مكرم خليلا حاضر.

١٠ ـ إذا دخل على النكرة لام الابتداء ، نحو : لرجل قائم.

١١ ـ إذا كانت النكرة في معنى التعجب نحو : ما أحسن الصّدق! وأكثر هذه المسوغات يرجع إلى العموم والخصوص كما سبق شرحه.

١٠٥

ومدار الأمر كلّه على حصول الفائدة.

تمرين

ما الذي أجاز الابتداء بالنكرة؟

قناعة بالقليل خير من تعرّض للمخاطر. لكلّ داء دواء يستطبّ به. شرّ أهرّ ذا ناب. لكلّ ساقطة لاقطة. مجلس علم خير من عبادة شهر. صلح والصّلح خير. لكلّ عالم هفوة. قليل يكفي خير من كثير يطغي. كلّ يعمل على شاكلته. كلّ معروض مهان. يوم للعالم خير من الحياة كلّها للجاهل. نهي عن منكر صدقة ، ويل للمرائين.

ومن عجيب والعجائب جمّة

أن يلهج الأعمى بعيب الأعور

ربّ أمر يسوء ثم يسرّ

وكذاك الزّمان حلو ومرّ

فيوم علينا ويوم لنا

ويوم نساء ويوم نسرّ

المبحث الثاني : في مرتبة المبتدأ والخبر

الأصل في المبتدأ «التّقديم» لأنه محكوم عليه.

والأصل في الخبر «التّأخير» لأنّه المحكوم به.

والمحكوم عليه يجب أن يكون موجودا قبل الحكم ، ولهذا.

يتقدم المبتدأ على الخبر وجوبا

في أربعة مواضع

 ـ أوّلا : إذا كان المبتدأ من الألفاظ الّتي لها الصّدارة ، وهي أسماء الاستفهام ، والشّرط ، وما التّعجّبيّة ، وكم الخبريّة ، وضمير الشّأن ، والمقترن بلام الابتداء ، والموصول الذي اقترن خبره بالفاء.

نحو : من بالباب؟ ولسعد زعيم ، وما أحسن الأدب! ومن يطلب يجد ، وكم

١٠٦

عبيد لي ، ونحو : ألّذي ينجح أوّل التّلاميذ فله جائزة.

 ـ ثانيا : إذا كان المبتدأ مقصورا على الخبر ، نحو : إنّما الحديد صلب.

 ـ ثالثا : إذا كان خبر المبتدأ جملة فاعلها ضمير مستتر يعود على المبتدأ ، نحو : ألحقّ يعلو ، والإحسان يسترقّ الإنسان.

 ـ رابعا : إذا كان المبتدأ والخبر معرفتين (١) أو نكرتين متساويتين في التّخصّص والتّعريف ، ولا قرينة تبيّن المراد ، نحو : كتابي رفيقي.

ونحو : أكبر منك سنّا أكثر منك تجربة.

ويتقدم الخبر على المبتدأ وجوبا

في أربعة مواضع

 ـ أوّلا : إذا كان الخبر من الألفاظ الّتي لها الصّدارة ، نحو : أين كتابك؟ ونحو : متى الامتحان؟ ونحو : كيف الخلاص؟

 ـ ثانيا : إذا كان الخبر مقصورا على المبتدأ ، نحو : ما عادل إلّا ربّي.

 ـ ثالثا : إذا كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا ، والمبتدأ نكرة لا مسوّغ لها ، نحو : عندك أدب ، ونحو : للقادم دهشة.

 ـ رابعا : إذا عاد على بعض الخبر ضمير في المبتدأ ، نحو : للعامل جزاء عمله ،

__________________

(١) إذا كان كل من المبتدأ والخبر معرفتين ، نحو : الصادقون هم المفلحون ، فيؤتى بضمير الفصل بين ذلك المبتدأ والخبر لتمييز الخبر من التابع ، نحو : أخوك هو العالم فلو لا وجود «هو» الفاصل بين المبتدأ والخبر لظنّ السامع أنّ العالم صفة لأخوك فيبقى منتظرا للخبر فلما جيء بضمير الفصل تعيّنت الخبريّة.

وحكمه أن يتصرّف في التذكير والتأنيث حسب ما قبله ، ويسمّى هذا الضمير ضمير الفصل ، أو العماد : وهو ضمير رفع منفصل لا محل له من الإعراب لأنه إنما يؤتى به لمجرد الفصل دون الإسناد ، ولا يغيّر حكم الخبر المنصوب بالناسخ فيبقى على نصبه ، نحو : كنت أنت الرقيب.

وقد ظهر أن ضمير الفصل يؤتى به لتمييز الخبر عن التابع ، ولفائدة قصر المسند على المسند إليه ، حتى إذا كان القصر حاصلا بدون ضمير الفصل كان الضمير للتوكيد نحو : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ).

١٠٧

وفي المدرسة تلاميذها.

وإذا لم يكن ما يوجب تقديم المبتدأ ولا تأخيره ، يجوز تقديم الخبر ، نحو :حاضر والدي.

المبحث الثالث : في ذكر المبتدأ وحذفه

الأصل في المبتدأ أن يكون مذكورا لأجل أن يكون الحكم مفيدا ، لكنه قد يحذف : وجوبا ، وجوازا.

يحذف المبتدأ وجوبا في خمسة مواضع

 ـ أوّلا : إذا كان خبر المبتدأ مخصوص نعم ، وبئس ، مؤخّرا عنهما ، نحو : نعم الفاتح صلاح الدّين. بئس الخلق خلف الوعد.

 ـ ثانيا : إذا كان خبر المبتدأ نعتا مقطوعا عن متبوعه. للمدح أو للذّم ، أو للتّرحّم ، نحو : رحم الله عمر العادل ، (أي هو العادل).

ونحو : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (أي هو الرّجيم).

ونحو : تصدّق على الفقير المسكين ، (أي هو المسكين).

 ـ ثالثا : إذا كان خبر المبتدأ مصدرا مرفوعا نائبا مناب الفعل ، نحو : صبر جميل ، أي صبري صبر جميل (١).

 ـ رابعا : إذا كان جواب القسم سادّا مسدّ المبتدأ ، نحو : في ذمّتي لأفعلنّ ، (أي في ذمّتي يمين).

 ـ خامسا : بعد لا سيّما إذا كان المستثنى بها مرفوعا ، نحو : أكرم الزعماء لا سيّما سعد (أي هو سعد).

__________________

(١) الصبر الجميل ، هو الذي لا شكاية معه ، والصفح الجميل : هو الذي لا عتاب معه ، والهجر الجميل : هو الذي لا أذيّة معه. واعلم أن الأصل في المبتدأ والخبر ذكرهما وقد يحذفان معا ، أو أحدهما لدليل ، نحو : نعم لمن قال : هل سيدك حاضر؟ وسعد لمن قال : من زعيم الوطن؟

١٠٨

المبحث الرابع : في ذكر الخبر وحذفه

الأصل في الخبر أن يكون مذكورا ولا يعدل عن ذلك إلّا لدواع تدعو لأن يحذف فيها وجوبا ، وذلك في أربعة مواضع :

 ـ أولا : إذا كان المبتدأ صريحا (١) في القسم ، نحو : أيمن الله لأنصفنّ المظلوم أي ، أيمن الله يميني.

 ـ ثانيا : إذا كان المبتدأ بعد لو لا ، والخبر كون عامّ ، نحو : لو لا الجند ما حافظت أمّة على استقلالها ، ونحو : لو لا النّيل لكانت مصر قفرا أي لو لا النّيل موجود.

 ـ ثالثا : إذا كان المبتدأ معطوفا عليه اسم بواو تدلّ على المصاحبة نحو : كلّ إنسان وعمله ، (أي مقترنان) ، ونحو : كلّ امرئ وطبعه.

 ـ رابعا : إذا كان المبتدأ مصدرا مضافا إلى معموله ، أو كان اسم تفضيل مضافا إلى مصدر صريح أو مؤوّل وقع بعدهما (حال) سدّت مسدّ الخبر ، وتلك (الحال) لا تصلح أن تكون خبرا نحو : عهدي بك نبيها ، ونحو : أكثر سفر سليم ماشيا ، (أي إذ كان ، أو إذا كان ماشيا).

المبحث الخامس : في خبر المبتدأ وأنواعه

الخبر : هو الاسم المرفوع المسند إلى المبتدأ (غير الوصف) ليتمّم فائدته (٢) ، والأصل في الخبر أن يكون نكرة لأنّه وصف للمبتدأ وقد يأتي الخبر معرفة إذا كان المبتدأ معرّفا ، نحو : الله مولانا.

__________________

(١) بخلاف ، نحو : عهد الله لأكافئنك ، فيجوز فيه إثبات الخبر لعدم صراحة القسم إذ يستعمل في غيره ، نحو : عهد الله يجب الوفاء به.

(٢) لما كان المبتدأ والخبر مرتبطين معا بالإسناد ، وكان الخبر هو الجزء الذي يستفيده السامع ، ويصير مع المبتدأ كلاما تاما ، وجب من باب الضرورة ارتباط الخبر بالمبتدأ. وذلك يكون إمّا بالضمير الظاهر العائد إلى المبتدأ ، أو بالضمير المستتر العائد إلى المبتدأ ، أو بالضمير المقدر ، أو بغير ذلك من الرباطات اللفظية أو المعنوية ، كما سيأتي مفصّلا بالأمثلة وإلى هذا الأساس مرجع قواعد شروط الخبر بأجمعها.

١٠٩

ونحو : الدين المعاملة ، ونحو : يوسف أخوك.

تمرين : اذكر أسباب تقديم المبتدأ أو الخبر

درهم ينفع خير من دينار يصرع. صدر العاقل صندوق سرّه. من استرعى الذئب فقد ظلم (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [فصلت : ٤٦].

قيل لبعض الحكماء : صف لنا الدنيا ، فقال : أمل بين يديك ، وأجل مطلّ عليك ، وشيطان فتان ، وأمانيّ جرّارة العنان [الخفيف] :

قال لي كيف أنت قلت عليل

سهر دائم وحزن طويل

أذلّ الناس معتذر إلى لئيم [الرمل] :

كلّ من في الكون يشكو دهره

ليت شعري هذه الدنيا لمن

[الخفيف] :

كلّ من في الوجود يطلب صيدا

غير أنّ الشباك مختلفات

كلّ من يداوي عللا في نفوس قومه فله أجر المحسنين.

الخبر ثلاثة أنواع

مفرد (١). وجملة. وشبه جملة

الخبر المفرد

الخبر المفرد إذا كان مشتقا جاريا مجرى الفعل وجب أن يكون مشتملا على ضمير مستتر (٢) عائد إلى المبتدأ ، نحو : العلم نافع ، أي نافع هو إلّا إن رفع المشتقّ

__________________

(١) المراد بالمفرد هنا ، ما ليس بجملة ولا شبه جملة. فيدخل ضمنه المثنّى والمجموع. فإذا قلت الرجلان قادمان. والرجال قادمون. فقادمان خبر مفرد ومثله قادمون خبر مفرد.

والمفرد نوعان : جامد ، ومشتق. والجملة نوعان : اسمية وفعلية وشبه الجملة نوعان : ظرف ، وجارّ ومجرور بحرف الجر.

(٢) يجب إبراز الضمير إذا كان الخبر واقعا بعد مبتدأ غير متّصف بمعنى (الخبر) سواء أحصل التباس أم لم يحصل ، وضابط ذلك : أن يتقدّم مبتدآن ويتأخّر عنهما خبر ، فإن وقع من الثاني فقد جرى على من هو له ، فلا يبرز الضّمير نحو : خليل سليم كاتبه : تريد الإخبار

١١٠

اسما ظاهرا ، نحو : سعد طيّب عنصره.

ومتى تضمّن الخبر ضمير المبتدأ لزمت مطابقته (١) له إفرادا وتثنية ، وجمعا ، وتذكيرا وتأنيثا ، نحو : سعد مؤدّب ، والمهذّبون محبوبون ، والمتربّيات محترمات.

أمّا إذا كان الخبر المفرد جامدا فلا يشتمل على ضمير ، نحو : الصّمت زين ، والسّكوت سلامة ، ولا تلزم فيه أيضا المطابقة.

وقد يؤوّل الجامد بالمشتقّ فيتحمّل ضميرا ، نحو : عليّ أسد.

أي شجاع هو.

الخبر الجملة

الخبر الجملة إمّا أن يكون جملة فعليّة ، نحو : الله يعلم.

وإمّا أن يكون جملة اسميّة ، نحو : الظّلم مرتعه وخيم.

__________________

بكاتبيّة سليم لخليل ، وإن وقع من الأول فيجب إبراز الضمير مطلقا لأنه جرى على غير من هو له ، نحو : صفيّة سعد زعيمته هي ، فتاء التأنيث في (زعيمته) تدل على أن الوصف في المعنى (لصفيّة) وكان يصح الاستغناء عن الضمير ، لكن أبرز طردا للباب على وتيرة واحدة.

(١) إلا إذا كان مصدرا ، أو اسم تفضيل مقرون بمن ، أو نكرة أو سببيا أي رافعا لاسم مشتمل على ضمير المبتدأ ، أو مما يوصف به المذكر والمؤنث بلفظ واحد فلا تجب المطابقة بل يجب الإفراد والتذكير نحو : محمد ، أو المحمدان ، أو المحمدون عدل ، أو صبور ، أو خير من فلان. وإذا كان المبتدأ جمعا لغير عاقل جاز أن يأتي الخبر مفردا أو جمعا لمؤنّثين نحو : الكتب مفيدة ، أو مفيدات.

تنبيهات : الأول : لا يخبر بظرف الزمان أو المكان عن اسم الذات فلا يقال سعد اليوم ، ولا سعيد غدا (لعدم الفائدة) حيث إن الذات لا تختص بزمن دون زمن ، فإذا أفاد الإخبار به عن الذات وحصلت فائدة ، بأن كان المبتدأ عاما والزمان خاصا بوصف أو إضافة مع جرّه بفي ، كنحن في شهر رمضان.

والشعب في عصر ذهبي (جاز الإخبار به).

الثاني : يخبر بظرف الزمان عن المعاني (لأنها أعراض ـ كالصوم والسفر) فهي أحداث أفعال : ولا بد لكل حدث من زمن يختص به ، ففي الإخبار به عنها فائدة. نحو : السفر غدا (واليوم خمر وغدا أمر).

١١١

والغالب في هذه الجملة أن تكون خبريّة ، وقد تأتي إنشائية نادرا فتقع خبرا ، نحو : سليم «لا تضربه».

ويشترط في الجملة الواقعة خبرا أن تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ.

روابط الخبر بالمبتدأ

 ـ إمّا الضّمير البارز ، نحو : الكريم محمود خلقه.

 ـ وإمّا الضمير المستتر (١) ، نحو : الحقّ يعلو ، أي هو.

 ـ وإمّا اسم الإشارة ، نحو : العمل الطّيّب ذلك خير.

 ـ وإمّا إعادة المبتدأ بلفظه ، نحو (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ) (٢) [الحاقة : ١ ـ ٢].

 ـ وإمّا إعادة المبتدأ بمعناه ، نحو : نطقي الله حسبي (٢).

 ـ وإمّا إعادة المبتدأ بلفظ أعمّ منه ، نحو : سعد نعم الرّجل (٣).

الخبر شبه الجملة

الخبر شبه الجملة : هو المتعلّق المحذوف لكلّ من الظرف ، والجارّ والمجرور ، نحو : الجنّة تحت أقدام الأمّهات ، ونحو : القوة في الاتحاد.

فإذا قدّر المتعلّق المحذوف وصفا ، كان الخبر من قبيل (المفرد).

وإذا قدّر المتعلّق المحذوف فعلا ، كان الخبر من قبيل (الجملة).

__________________

(١) وقد يقدر الضمير. نحو : اللؤلؤ المثقال بدينار (أي المثقال منه).

(٢) فجملة (الله حسبي) التي هي الخبر هي نفس المبتدأ (نطقي) أي المنطوق به.

(٣) دخل المبتدأ وهو (سعد) في عموم الرجل لأن الرجل يشمل سعدا وغيره والعموم مستفاد من أل الجنسية الداخلة على (رجل).

واعلم أنه إذا وقعت نكرة مشتقة في تركيب مبدوء بظرف ، أو جار ومجرور أو باسم استفهام يدل على الظرفية ، ترفع تلك النكرة على أنها خبر للمبتدأ الذي قبلها وكل من الظرف والجار والمجرور واسم الاستفهام لغو. ويصح نصب تلك النكرة على الحالية ، وكل من الظرف والجار والمجرور واسم الاستفهام خبر مقدم وما بعدها مبتدأ مؤخر ، نحو : عندي سليم نائم ، أو نائما ، ونحو : في البيت ابنك جالس ، أو جالسا ، ونحو : أين أبوك مقيم ، أو مقيما.

١١٢

نحو : الحمد لله (أي الحمد واجب ، أو : يجب لله تبارك وتعالى).

واعلم أنّ هذا المتعلّق إذا دلّ على وجود مطلق (كيكون وكائن) وما شاكلهما وجب حذفه لفقدان الفائدة من ذكره.

أمّا إذا دلّ على وجود مقيّد بصفة ، وجب ذكره ، نحو : الورقاء مغرّدة فوق الشّجرة ، ما لم يدلّ عليه دليل ، نحو : الفارس فوق الجواد أي راكب ، فيحذف.

المبحث السادس : في تضمين المبتدأ معنى الشّرط. ووجوب اقتران خبره بالفاء.

إذا كان المبتدأ مبهما وسببا للخبر كان بمنزلة اسم الشّرط ، والخبر بمنزلة جواب له ، فتدخل الفاء على الخبر إذا كان متأخرا ، كما تدخل على الجواب ، وذلك في أربعة مواضع :

١ ـ إذا كان المبتدأ اسما موصولا ، نحو : الّذي تأتونه من خير فهو ذخر لكم.

٢ ـ إذا كان المبتدأ نكرة موصوفة بغير المفرد (١) ، نحو : صديق حولك في

__________________

(١) أما النكرة الموصوفة بالمفرد فلا تدخل الفاء على الخبر ، نحو : رجل عالم له دينار بخلاف ، نحو : رجل في الدار فله دينار ، فإن في الدار شبه جملة وليس بمفرد. ولكن إذا كان الموصول «أل» فلا شرط فيه لأن صلة «أل» لا تكون إلا صفة مفردة ، نحو : المجتهد والمجتهدة فأكرموهما.

لأن الصلة في المثال فعل وهو يأتيني ، والمبتدأ بمنزلة اسم الشرط ، والشرط لا يكون إلا فعلا.

ويمتنع دخول الفاء إذا تقدم الخبر لأنه بمنزلة الجواب ، والجواب لا يقترن بالفاء إلا مؤخرا.

ويمتنع دخول الفاء أيضا إذا دخل على المبتدأ المتضمن معنى الشرط.

(ناسخ) غير «إنّ ولكنّ» ، نحو : ليس كل من ينظم الشعر له جائزة ، ونحو : ليت من يأتيك له منك إكرام. أما مع (لكنّ ، وإنّ) : بكسر الهمزة فلا تمتنع الفاء ، نحو : (إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ)[الجمعة : ٨].

وكقوله : ولكنّ ما يقضى فسوف يكون.

ويقلّ دخول الفاء على «أنّ» بفتح الهمزة ، نحو : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ).

١١٣

الشّدة فهو جدير بالثّناء ، ورجل في الدّار فله دينار.

٣ ـ إذا كان المبتدأ نكرة مضافا إلى موصول. وصلته فعل مستقبل ، نحو : كلّ من يأتيني فله دينار.

٤ ـ إذا كان المبتدأ نكرة مضافا إلى نكرة ، وصفتها جارّ ومجرور أو ظرف ، نحو : كلّ تلميذ في المدرسة فله جائزة ، وكلّ رجل عنده أدب فله فضل.

المبحث السابع : في المبتدأ الوصف الرّافع لمستغنى به عن الخبر.

إذا وقع الوصف (١) بعد نفي (٢) أو استفهام.

وكان عاملا في اسم ظاهر ، أو ضمير منفصل (٣) كان مبتدأ ، وما بعده مرفوعا به أغنى عن الخبر لفظا ومعنى ، نحو : ما عالم أخوك بالأمر. وهل عارف أنتما بحالي؟

وإذا طابقت الصّفة ما بعدها في الإفراد.

١ ـ جاز : أن تكون مبتدأ ، وما بعدها مرفوعا سدّ مسدّ الخبر.

٢ ـ وجاز : أن تكون خبرا مقدّما وما بعدها مبتدأ مؤخّرا ، نحو : هل قادم الغائب.

أمّا إذا طابقت الصفة ما بعدها في التّثنية أو الجمع تعيّن كون الصفة خبرا مقدّما ، وما بعدها مبتدأ مؤخّرا ، نحو : هل قادمان الغائبان.

__________________

(١) المراد بالوصف : اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، وأفعل التفضيل ، والاسم المنسوب. غير أنه إذا كان الوصف اسم مفعول كان ما بعده (نائب فاعل) سادا مساد الخبر نحو : هل معذور أخواك : ويكون الوصف بمنزلة الفعل ، فلا يثنّى ، ولا يجمع ، ولا يوصف ، ولا يعرّف ، ولا يصغّر.

(٢) يكون النفي والاستفهام بالحرف كما مثلنا ، أو بغيره ، نحو : ليس منطلق أخواك ، وكيف جالس والداك؟

(٣) أما إذا كان مرفوع الصفة ضميرا مستترا ، نحو : سليم لا آكل ولا شارب. فتكون خبرا للمبتدأ الذي قبلها (وليست من موضوعنا هذا).

١١٤

وما راحلون أنتم.

وأمّا إذا لم تطابق الصّفة ما بعدها في التّثنية والجمع تعيّن كون الصفة مبتدأ ، وما بعدها مرفوعا سدّ مسدّ الخبر ، نحو : ما حاضر أخواي ، وما مسافر أنتما.

وتسمّى الجملة المركّبة من المبتدأ والخبر ، أو المرفوع الّذي يسدّ مسدّ الخبر «جملة اسميّة».

وقد يتعدّد المبتدأ ، نحو : أهل مصر أكثرهم زارعون.

وكذا الخبر يتعدّد ، نحو (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) (١٥) [البروج : ١٤ ـ ١٥].

تمرين بيّن أنواع الروابط بين المبتدأ والخبر

الحرب سجال : يوم لك ويوم عليك. النصر بيد الله يؤتيه من يشاء. الكتاب نعم الأنيس في الوحدة. الصّمت زين والسكوت سلامة. كل فتاة بأبيها معجبة. للحيوان حياة وللإنسان حياتان فانظر أيّ الاثنتين أنت. كلام الله دواء القلوب. أكمل الناس من ملك الرّجال بجميل الخصال. الشرّ قليله كثير (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) (٢٧) [الواقعة : ٢٧] كلّ شيء من الدّنيا سماعه أعظم من عيانه. من غربل الناس ، نخلوه (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف : ٢٦] [البسيط] :

علمي معي حيثما يمّمت ينفعني

صدري وعاء له لا بطن صندوق

التّاريخ شاهد الأزمنة ، وحياة الذّاكرة ، ومدرسة الحقيقة ، ومرآة الغابرين ، وصحيفة يقرأ عليها العقلاء آيات العبر. سعد ذاك الزّعيم (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ) (٢) [الحاقة : ١ ـ ٢].

غير مأسوف على زمن

ينقضي بالهمّ والحزن

نموذج : إعراب قول الشاعر [الطويل] :

وكلّ امرئ يولي الجميل محبّب

وكلّ مكان ينبت العزّ طيّب

١١٥

الكلمة

إعرابها

وكل

الواو بحسب ما قبلها حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. كل مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة ، وكل مضاف

امرئ

مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة

يولي

فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو

الجميل

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. والجملة من الفعل والفاعل في محل جر صفة لامرئ

محبب

خبر المبتدأ بالضمة الظاهرة

وكل

الواو حرف عطف. كل مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. وكل مضاف مكان / مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

ينبت

فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. والفاعل مستتر جوازا تقديره هو

العز

مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. والجملة من الفعل والفاعل في محل جر صفة لمكان.

طيب

خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة

أجب عن الأسئلة الآتية

ما هو المبتدأ وما هو الخبر؟ ما هو حكم الخبر؟ متى تكون النكرة مفيدة؟ ما هو حكم الخبر؟ ما هي مرتبة كل من المبتدأ والخبر؟ متى يجب تقديم المبتدأ؟ متى يجب تقديم الخبر؟ متى يجوز تأخير الخبر؟ ما هي مسوغات الابتداء بالنكرة؟ كم نوعا الخبر؟ ما هو حكم الخبر المفرد إذا كان مشتقا؟ ما هو حكم الخبر المفرد إذا كان جامدا؟ كيف يكون الخبر الجملة؟ ماذا يشترط في الجملة الواقعة خبرا؟ ما هو حكم شبه الجملة الواقعة خبرا؟ هل يتعدد الخبر؟ متى يقع المبتدأ وصفا له مرفوع ساد مساد الخبر؟ ما هو حكم الوصف إذا لم يخالف ما بعده تثنية وجمعا؟ متى يجوز حذف المبتدأ؟ متى يجب حذف المبتدأ؟ متى يجوز حذف الخبر؟ متى يجب حذف الخبر؟ ماذا يشترط في الخبر للمبتدأ؟

١١٦

الباب الخامس : في الأفعال النّاقصة

الأفعال النّاقصة (١) هي الّتي تدخل على المبتدإ والخبر فترفع الأوّل (٢) على أنّه اسمها ، وتنصب الثّاني (٣) على أنّه خبرها ، نحو : «كان عمر عادلا».

(في هذا الباب مباحث)

المبحث الأول

الأفعال النّاقصة ثلاثة عشر فعلا وهي :

كان ، وأمسى ، وأصبح ، وأضحى ، وظلّ ، وبات ، وصار (٤) ، وليس ، وما زال ، وما انفكّ ، وما فتئ ، وما برح ، وما دام (٥).

__________________

(١) وتسمى أيضا هذه الأفعال نواسخ المبتدأ والخبر ، وإنما تسمى ناقصة لأنها لا تتمّم مع مرفوعها كلاما إلا بذكر المنصوب ، بخلاف الأفعال التامة فإنّ الكلام ينعقد معها بذكر المرفوع.

ويكون المنصوب بعد ذلك فضلة خارجة عن نفس التركيب. ولكن لا يعد المنصوب ، في هذا الباب فضلة لأنه في الأصل خبر المبتدأ. وإنما نصب تشبيها له بالفضلة.

(٢) ما لم يكن من ألفاظ الصدارة كأسماء الشرط.

(٣) بشرط كونه غير طلبي.

(٤) قد ألحق بصار : آض ، ورجع ، واستحال ، وعاد ، وارتدّ ، وتحوّل ، وغدا ، وراح ، وانقلب ، وتبدّل ، وغيرها مما لا يستغنى عن الخبر.

(٥) هذه الأفعال إذا اكتفت بمرفوعها تكون تامة كسائر الأفعال اللازمة وذلك : إذا جاءت (كان) بمعنى حصل (وظلّ) بمعنى استمرّ (وبات) بمعنى نزل ليلا (وأمسى) بمعنى دخل في المساء (وأصبح) بمعنى دخل في الصباح (وأضحى) بمعنى دخل في الضحى (وصار) بمعنى انتقل (وانفكّ) بمعنى انفصل (وبرح) بمعنى ذهب (ودام) بمعنى بقي ، نحو : يقول للشيء كن فيكون و (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) (١٧) وبات الخليّ ولم ترقد. ويستثنى من ذلك (فتئ وزال وليس) فإنّها ملازمة للنقص.

وأما معاني هذه الأفعال إذا كانت ناقصة ، فمعنى «كان» اتصاف المخبر عنه بالخبر في الماضي ، ومعنى : أمسى وأصبح وأضحى وظل وبات اتصافه به في المساء والصباح ، والضحى ووقت الظل ، أي في النهار ، ووقت المبيت ، أي في المساء. ومعنى «صار» التحول وكذلك ما هو بمعناها ، ومعنى : ما زال وما انفك وما فتئ وما برح ملازمة الخبر

١١٧

ويشترط في : زال ، وانفكّ ، وفتئ ، وبرح أن يتقدّمها النّفي (١) ، لفظا ، نحو : «ما زال التّلميذ مجتهدا» أو معنى ، نحو «قلّما يزال سليم مسافرا» أو الدّعاء ، نحو : «لا زلت سالما» أو النّهي ، نحو : «لا تزل ذاكر الموت» أو الاستفهام الإنكاري ، نحو : «هل يزال أخوك متكاسلا»؟.

ويشترط في «دام» أن تتقدّمها «ما» المصدريّة (٢) الظرفيّة موصولة بها ، نحو : «أحسن ما دمت حيّا أي مدّة دوامك حيّا».

المبحث الثاني : كان وأخواتها ثلاثة أنواع :

الأوّل : ما لا يتصرّف مطلقا ، وهو : دام ، وليس (٣).

الثاني : ما يتصرّف تصرّفا ناقصا ، وهو : ما زال ، وما انفكّ ، وما فتئ ، وما برح. وهذه يأتي منها الماضي ، والمضارع فقط.

الثالث : ما يتصرّف تصرّفا تاما وهو السّبعة الباقية.

وكلّ ما تصرّف من هذه الأفعال : يعمل عمل ماضيها.

سواء أكان : فعلا ، أو صفة ، أو مصدرا (٤) ، نحو : يمسي المجتهد مسرورا ،

__________________

للمخبر عنه. ومعنى ادام استمرار اتصاف المخبر عنه بالخبر. ومعنى ليس النفي في الحال إذا إذا قيّدت بما يفيد المضيّ أو الاستقبال. وقد تستعمل كان وأمسى وأصبح وأضحى وظل وبات بمعنى صار إن كان هناك قرينة تدل على أنه ليس المراد اتصاف المخبر عنه بالخبر في وقت معين مما تدل عليه هذه الأفعال ، نحو : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) أي صرتم.

(١) النفي : لا يشترط فيه أن يكون بالحرف ، فقد يكون به كما رأيت ، أو بالفعل ، نحو : لست تبرح معاندا ، أو بالاسم ، نحو : أخوك غير منفك مواظبا على عمله.

وأما الدعاء فلا يكون إلا بلفظة لا فقط.

و «زال» الناقصة مضارعها يزال وأمّا (زال) التي مضارعها يزول بمعنى ذهب ، فهي فعل تام.

وقد تأتي «ونى ورام» بمعنى «زال» الناقصة ، فتعملان عملها بنفس شروطها.

(٢) معنى كون «ما» مصدرية ، أنها تجعل ما بعدها في تأويل مصدر. ومعنى كونها ظرفية : أنها نائبة عن الظرف وهو «المدة» المقدّرة.

(٣) لا تتصرّف (دام) لأنها لا تقع إلا صفة لما الظرفية فيلتزم فيها صيغة الماضي (ولا تنصرف ليس) لأنها فعل جامد.

(٤) إن المصدر كثيرا ما يضاف إلى الاسم ، نحو : عجبت من كون أخيك غافلا فيكون مجرورا

١١٨

وكن أديبا ، وكونك مجتهدا خير لك».

المبحث الثالث : في حكم اسم وخبر كان

الاسم في هذا الباب : يجري مع الفعل النّاقص مجرى الفاعل في جميع أحكامه من حيث التزام التّأخير ، وإفراد العامل ، وما شاكل ذلك. ويجري مع الخبر مجرى المبتدأ في التّعريف ، والتّنكير ، والتّقديم ، والتّأخير.

وإذا وقع خبر كان وأخواتها (جملة فعلية) فالأكثر أن يكون فعلها مضارعا ، نحو : كان الأستاذ يشرح الدرس لتلاميذه ، وقد يجيئ ماضيا مقترنا بقد بعد ستّة منها : كان ، وأمسى ، وأصبح ، وأضحى ، وظلّ ، وبات ، فيقال : كان سليم قد انطلق وأصبح الحيّ قد خلا (١).

المبحث الرابع : في امتيازات كان

تختصّ (كان) من بين سائر أخواتها بأربعة أمور :

أولا : تزاد في الحشو بلفظ الماضي فاصلة بين الشّيئين المتلازمين اللّذين ليسا جارا ومجرورا ، لتدلّ على الزمان الماضي ، وأكثر ما تكون بين «ما» التّعجبيّة و «أفعل التّعجّب» ، نحو : «ما كان أجمل رحلتنا»!.

وهو قياس فيها.

__________________

لفظا ، مرفوعا محلا ، لأنه اسم للمصدر الناقص. وإذا أضيفت إلى اسم مبني كان له محلّان من الإعراب : محل قريب وهو الجرّ بالإضافة ، ومحلّ بعيد وهو الرفع ؛ لأنه اسم للمصدر الناقص.

تنبيه : الأصل في اسم كان وأخواتها أن يتقدم على خبرها ، على أنه قد يقدم الخبر على الاسم نحو : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ويجوز أن يتقدّم الخبر عليها وعلى اسمها معا إلّا : ليس ودام فيقال : صافيا كان الجو ، وغزيرا أمسى المطر.

ويجوز تقدم معمول خبرها عليها أيضا نحو : (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ).

(١) قد يرد الماضي مجردا من قد ، نحو : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ) وأكثر ما يكون ذلك مع «كان» وأما غير هذه الأفعال الستة فلا يقع الماضي خبرا له على الإطلاق.

١١٩

ثانيا : تحذف جوازا مع اسمها بعد «إن» و «لو» الشّرطيتين للتخفيف ، نحو : «سر مسرعا إن راكبا وإن ماشيا» ، ونحو : «التمس ولو خاتما من حديد» ، والتقدير في الأول : «إن كنت مسرعا وإن كنت ماشيا» ، وفي الثاني : «ولو كان ما تلتمسه خاتما».

ثالثا : قد تحذف وحدها وجوبا ، ويبقى اسمها وخبرها ، ويعوّض عنها (بما) الزائدة ، نحو : «أمّا أنت سامعا أتكلّم» ، والأصل : «لأن كنت سامعا أتكلّم» ، فحذفت لام التعليل ثم حذفت كان للتخفيف وعوّض عنها بما الزائدة ، وبعد حذفها انفصل الضمير الذي هو اسم كان لعدم استقاله متصلا ، ثم أدغمت نون أ(أن) في ميم (ما) فصارت «أمّا أنت» وذلك مطّرد بعد (أن) المصدريّة الواقعة في موقع المفعول لأجله. ويكثر ذلك في كل موضع أريد فيه تعليل فعل بآخر.

رابعا : يجوز حذف نون المضارع منها (١) بشرط أن يكون مجزوما بالسكون ، وألّا يليه ساكن ، ولا ضمير متّصل ، وألّا يكون موقوفا عليه ، نحو : لم أك مهملا ، فلا حذف في نحو : لا تكونوا كاذبين ، ولا في نحو : لم يكن الحق خفيّا ، ولا في نحو : لم يكن الأمر كما ذكرت ، ولا في نحو : البخيل لم أكنه ، ولا في نحو : كاذبا لم أكن.

خامسا : يجوز حذفها مع المعمولين معا ويعوّض عن كان (ما) نحو : أكرم والديك إمّا لا أي ، إن كنت لا تكرم غيرهما.

حذفت كان واسمها وجملة خبرها ما عدا (لا) وأتي (بما) بدلا من (كان).

واعلم أنه تجوز زيادة الباء في خبر «ليس» ، نحو : «ليس الرئيس بحاضر» ، وتزاد على قلّة في خبر «كان» إذا سبقها نفي أو نهي ، نحو : «ما كنت بحاضر» ، و «لا تكن بكاذب».

أجب عن الأسئلة الآتية

اذكر الأفعال الناقصة وما عملها؟ ماذا يشترط في ما زال وما انفكّ وما برح ما فتئ؟ ماذا يشترط في دام؟ كم نوعا كان وأخواتها من حيث التصرف وعدمه؟ ما حكم

__________________

(١) حذف نون المضارع المجزوم على ما ذكر لا يختص بكان الناقصة بل يكون في التامة أيضا.

١٢٠