التفسير المنير - ج ٧

الدكتور وهبة الزحيلي

ثم يأمر الله رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومن اتبع طريقته باتباع الوحي وتجنب المشركين بقوله : (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أي اقتد به واقتف أثره واعمل به ، فإن ما أوحي إليك من ربك هو الحق الذي لا مرية فيه ؛ لأنه لا إله إلا هو ، واعف عن المشركين واصفح عنهم ، واحتمل أذاهم واصبر عليهم حتى يفتح الله لك ، وينصرك عليهم.

ولو شاء الله ما أشرك المشركون ، بل له المشيئة والحكمة فيما يشاؤه ويختاره ، لا يسأل عما يفعل ، وهم يسألون ، له الحكمة في بقائهم في الضلال ، ولو شاء لهدى الناس جميعا ، بأن يخلقهم مستعدين للإيمان ، لكنه خلقهم مستعدين للكفر ، وترك لهم حرية الاختيار في أعمالهم.

(وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) أي وما جعلناك حافظا تحفظ أقوالهم وأعمالهم ، وما أنت بموكل على أرزاقهم وأمورهم والتصرف في قضاياهم.

أي لست عليهم بمسيطر ، وليس لك صفة الملوك القاهرين ، بل أنت بشير ونذير ، والله يجازيهم ويحاسبهم.

فقه الحياة أو الأحكام :

آي القرآن المتقدمة حجج بيّنة ظاهرة تدل على صدق الرسالة ونبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومهمته التبليغ والإنذار ، لا القسر والقهر والإكراه ، ولا الرقابة على أعمال الناس ، فمن أبصر الحق وآمن بدعوة الإسلام والقرآن فلنفسه أبصر ، وإياها نفع ، ومن عمي عنه فعلى نفسه الوبال وإياها ضر.

ومن فضله تعالى أنه كما صرف الآيات في الوعد والوعيد والوعظ والتنبيه في هذه السورة ، يصرف في غيرها على وجوه مختلفة للإقناع والعبرة والعظة ، ولإلزام المشركين بالحجة وليقولوا : درست ، أي وليصير قولهم : «درست»

٣٢١

صرّفناها ، فهي لام الصيرورة ، ولتبيان الحق لقوم يعلمون ويدركون معناها ويقدرون فحواها ومضمونها.

والرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم مأمور بتبليغ الدعوة والرسالة الإلهية ، والمقصود من هذا الأمر بعد اتهام الكفار له بالافتراء أو مدارسة أقوام هو تقوية قلبه وإزالة الحزن الذي حدث عنده بسبب هذا الاتهام ، لئلا يصير قول الكفار سببا لفتوره في تبليغ الدعوة.

والرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم مأمور أيضا بالإعراض عن المشركين بعد قيامه بواجب التبليغ ، والله قادر على جعلهم مؤمنين موحدين غير مشركين ، ولم يجعل من مهام النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الرقابة على أعمالهم ، ولا التوكل بأمورهم ومصالحهم في دينهم ودنياهم ، وإنما مهمته التبليغ ، ليترك لهم حرية الاختيار والطواعية بقبول الإيمان ، وكأنه تعالى يقول لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا تلتفت إلى سفاهات الكفار ، ولا يثقلن عليك كفرهم ، فإني لو أردت إزالة الكفر عنهم لقدرت ، ولكني تركتهم مع كفرهم ، فلا تشغل قلبك بكلامهم.

ويحمل قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) أي عدم مشيئته لإيمانهم على الإيمان الحاصل بالقهر والجبر والإلجاء ، ويحمل مشيئة الله لإيمانهم على مشيئة الإيمان الاختياري الموجب للثواب والثناء (١).

النهي عن سب الأصنام والأوثان

(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨) وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ

__________________

(١) تفسير الرازي : ١٣ / ١٣٨

٣٢٢

آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٩) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠))

الإعراب :

(وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) من قرأ أنها بالفتح ، ففيه وجهان :

الأول ـ أن تكون «أن» بمعنى لعل ، وتقديره : وما يشعركم إيمانهم ، لعل الآيات إذا جاءت لا يؤمنون. وقد جاءت «أن» بمعنى لعل ، قالوا : اذهب إلى السوق أنك تشتري لنا شيئا ، أي لعلك.

والثاني ـ أنها في موضع نصب بيشعركم ، ولا : زائدة ، وتقديره : وما يشعركم أن الآيات إذا جاءت يؤمنون ، وهي المفعول الثاني.

ومن قرأ «إنها» بالكسر ، جعلها مبتدأ ، ووقف على قوله تعالى : (وَما يُشْعِرُكُمْ) وجعل «ما» استفهامية ، وفي (يُشْعِرُكُمْ) ضمير يعود إلى «ما» ويقدر مفعولا ثانيا محذوفا ، وتقديره : وما يشعركم إيمانهم. ولا يجوز أن تكون «ما» نافية هاهنا على تقدير : وما يشعركم الله إيمانهم ؛ لأن الله تعالى قد أعلمنا أنهم لا يؤمنون بقوله : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى ، وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ، ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الأنعام ٦ / ١١١]. (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَنَذَرُهُمْ) عطف على لا يؤمنون ، داخل في حكم : (وَما يُشْعِرُكُمْ).

(كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ) : منصوب لأنه ظرف زمان ، والمراد بأول مرة: الدنيا.

المفردات اللغوية :

(يَدْعُونَ) يدعونهم (مِنْ دُونِ اللهِ) أي الأصنام ، وعبّر عن الأصنام وهي لا تعقل بالذين مجاراة لمعتقد الكفرة فيها.

(عَدْواً) اعتداء وظلما (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي جهلا منهم بالله (كَذلِكَ) كما زينا لهؤلاء ما هم

٣٢٣

عليه (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) من الخير والشر ، فأتوه (مَرْجِعُهُمْ) في الآخرة (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) فيجازيهم به.

(وَأَقْسَمُوا) أي كفار مكة (بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) أي غاية اجتهادهم فيها (آيَةٌ) مما اقترحوا (وَما يُشْعِرُكُمْ) يدريكم بإيمانهم إذا جاءت أي أنتم لا تدرون ذلك (لا يُؤْمِنُونَ) لما سبق في علمي.

(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ) نحول قلوبهم عن الحق ، فلا يفهمونه (وَأَبْصارَهُمْ) عنه ، فلا يبصرونه ولا يؤمنون (كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ) أي بما أنزل من الآيات (وَنَذَرُهُمْ) نتركهم (فِي طُغْيانِهِمْ) ضلالهم (يَعْمَهُونَ) يترددون متحيرين.

سبب النزول :

نزول الآية (١٠٨):

(وَلا تَسُبُّوا) : قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة قال : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار ، فيسبوا ـ أي الكفار ـ الله ، فأنزل الله : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ). وعبارة الواحدي عن قتادة : كان المسلمون يسبون أوثان الكفار ، فيردون ذلك عليهم ، فنهاهم الله تعالى أن يستسبوا لربهم قوما جهلة ، لا علم لهم بالله.

وقال ابن عباس في رواية الوالبي : قالوا : يا محمد لتنتهين عن سبّك آلهتنا ، أو لنهجونّ ربك ، فنهى الله أن يسبوا أوثانهم ، فيسبوا الله عدوا بغير علم.

نزول الآية (١٠٩):

(وَأَقْسَمُوا) : أخرج ابن جرير الطبري عن محمد بن كعب القرظي قال : «كلّم رسول الله قريشا ، فقالوا : يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر ، وأن عيسى كان يحيي الموتى ، وأن ثمود لهم الناقة ، فأتنا من الآيات حتى نصدقك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أي شيء تحبون أن آتيكم به؟ قالوا تجعل لنا الصفا ذهبا ، قال : فإن فعلت تصدقوني؟ قالوا : نعم والله ، فقام رسول الله

٣٢٤

يدعو ، فجاءه جبريل ، فقال له : إن شئت أصبح ذهبا ، فإن لم يصدقوا عند ذلك لنعذبنهم (أي عذاب الاستئصال) ، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتركهم حتى يتوب تائبهم ، فأنزل الله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) إلى قوله : (يَجْهَلُونَ)».

المناسبة :

الآية متعلقة بما قبلها من قول المشركين للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنما جمعت هذا من مدارسة الناس ومذاكرتهم ، وحينئذ لا يبعد أن يغضب بعض المسلمين لسماع ذلك ، فيسبوا آلهة الكفار على سبيل المعارضة ، فنهى الله تعالى عن هذا الصنع ، لأنه متى شتمت آلهتهم ، فربما ذكروا الله تعالى بما لا ينبغي من القول.

التفسير والبيان :

ينهى الله تعالى رسوله والمؤمنين عن سب آلهة المشركين ، وإن كان فيه مصلحة ، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها ، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين ، وهو (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) كما قال ابن عباس.

لا تسبوا أيها المسلمون آلهة المشركين التي يدعونها من دون الله ؛ إذ ربما نشأ عن ذلك سبّهم لله عزوجل عدوانا ، أي ظلما وتجاوزا منهم للحدّ في السباب والمشاتمة ، لإغاظة المؤمنين ، جهلا منهم بقدر الله تعالى وعظمته. وهذا يدل على أن الطاعة أو المصلحة إن أدت إلى معصية أو مفسدة تترك ، وقد أمر الله موسى وهارون باللطف في مخاطبة فرعون : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ، لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه ٢٠ / ٤٤].

وكما زينا لهؤلاء القوم حب الأصنام والانتصار لها ، زينا لكل أمة من الأمم سوء عملهم من الكفر والضلال ، أي أن هذه سنة الله في خلقه ، يستحسنون

٣٢٥

عاداتهم وتقاليدهم التي ساروا عليهم عن تقليد وجهل ، أو عن معرفة وعناد ، والله يتركهم وشأنهم.

وهذا التزيين أثر لاختيارهم دون جبر أو إكراه ، لا أن الله خلق في قلوبهم تزيينا للكفر والشر ، كما زين في قلوب آخرين الإيمان والخير ، وإلا كان الإيمان والكفر والخير والشر غريزة ، تعد الدعوة إلى الإصلاح بعدها نوعا من العبث ، والله منزه عنه ، وكان الثواب والعقاب وإرسال الرسل وإنزال الكتب لا معنى له ولا عدل فيه.

وبعد تركهم وشأنهم في الدنيا يكون معادهم ومصيرهم بعد الموت وحين البعث إلى ربهم ومالك أمرهم ، لا إلى غيره ، فيجازيهم بأعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر. وهذا إنذار وتهديد.

وهؤلاء المشركون حلفوا أيمانا مؤكدة بالله : لئن جاءتهم معجزة مادية وخارقة للعادة من الآيات الكونية التي يقترحونها ، ليصدقن بها أنها من عند الله ، وأنك رسول الله. وفي هذا إشارة إلى أنهم قوم معاندون ؛ لأنهم لم يروا أن هذا القرآن من جنس المعجزات أصلا ، وليس من هدفهم إلا التحكم في طلب المعجزات.

قل يا محمد لهؤلاء الذين يسألونك الآيات تعنتا وعنادا وكفرا ، لا على سبيل الهدى والاسترشاد : إنما مرجع هذه الآيات إلى الله ، وهو القادر عليها ، إن شاء جاءكم بها ، وإن شاء ترككم فلا ينزلها إلا على موجب الحكمة ، كما قال : (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [غافر ٤٠ / ٧٨].

ثم خاطب الله نبيه والمؤمنين الذين تمنوا مجيء آية مما اقترحوا ليؤمنوا : وما يدريكم إيمانهم؟ أي بتقدير أن تجيئهم هذه الآيات ، فهم لا يؤمنون إذا جاءتهم

٣٢٦

الآية ، لسبق علم الله بعدم إيمانهم ، فأنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون بها ، وأنتم لا تدرون بذلك.

(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ ..) أي وما يشعركم أنا نحوّل قلوبهم عن إدراك الحق والإيمان وأبصارهم عن إبصاره ، ونحول بينهم وبينه ، فلا يدركونه ، ولو جاءتهم كل آية. فلا يؤمنون ، كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة حين أتتهم الآيات التي عجزوا عن معارضتها مثل القرآن وغيره ؛ لتمام إعراضهم عن إدراك الحقائق ، كما قال تعالى : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ ، فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ، لَقالُوا : إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا ، بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) [الحجر ١٥ / ١٤ ـ ١٥].

والحقيقة أن من لم يقنعه ما ورد في القرآن من الأدلة العقلية والبراهين العلمية ، لا تقنعه الآيات الحسية التي يشاهدها.

وما يشعركم أيضا أنا نذرهم في طغيانهم ، أي نخليهم وشأنهم ، لا نكفهم عن الطغيان أي تجاوز الحد ، ونتركهم يترددون في طغيانهم متحيرين فيما سمعوا ورأوا من الآيات ، أهو الحق المبين أم السحر الخادع؟

فقه الحياة أو الأحكام :

المؤمنون منهيون عن مجاراة الكفار ومبادلتهم السباب والشتم والقبائح ، سدا لذرائع الفساد ، ومنعا من الوقوع في المفسدة ، وإن كانت هناك مصلحة مرتجاة ، وقصد ثواب ، فذلك مرجوح وقليل أمام الجرم الأعظم وهو سب الله ، والمفسدة الأغلب. وفي هذا تهذيب أخلاقي ، وسمو إيماني ، وترفع عن مجاراة السفهاء الذين يجهلون الحقائق ، وتخلو أفئدتهم من معرفة الله وتقديسه.

وحكم الآية ـ كما ذكر العلماء ـ باق في الأمة على كل حال ، فمتى كان الكافر في منعة وغير خاضع لسلطان الإسلام والمسلمين ، وخيف أن يسبّ الإسلام أو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أو الله عزوجل ، فلا يحل لمسلم أن يسبّ صلبانهم ولا دينهم

٣٢٧

ولا كنائسهم ، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك ؛ لأنه فعل بمنزلة التحريض على المعصية.

وهذا نوع من الموادعة ، ودليل على وجوب الحكم بسدّ الذرائع ، وفي الآية دليل أيضا على أن المحقّ قد يكف عن حق له إذا أدّى إلى ضرر يكون في الدّين. ومن هذا المعنى ما روي عن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه أنه قال : لا تبتوا الحكم بين ذوي القرابات مخافة القطيعة. قال ابن العربي : إن كان الحق واجبا فيأخذه بكل حال ، وإن كان جائزا ففيه يكون هذا القول (١).

ويؤكد مدلول الآية : قول النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن عبد الله بن عمرو : «لعن الله الرجل يسبّ أبويه ، قيل : يا رسول الله ؛ وكيف يسبّ أبويه؟ قال : يسبّ أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه» قال ابن العربي : فمنع الله تعالى في كتابه أحدا أن يفعل فعلا جائزا يؤدي إلى محظور. وبهذا تمسك المالكية في سد الذرائع : وهو كل عقد جائز في الظاهر يؤول أو يمكن أن يتوصّل به إلى محظور.

وأما المعاندون مشركون أو غيرهم فلن يؤمنوا مهما جاءتهم الآيات ، وقد طلب مشركو قريش من الرسول معجزات مادية ، وحلفوا أنها لو ظهرت لآمنوا ، فبيّن الله تعالى أنهم وإن حلفوا على ذلك ، فالله تعالى عالم بأنها لو ظهرت لم يؤمنوا.

__________________

(١) أحكام القرآن : ٢ / ٧٣٥

٣٢٨

فهرس

الجزء السابع

 الموضوع

 الصفحة

علاقة اليهود والنصارى بالمؤمنين.................................................... ٥

عداوة اليهود وإيمان القساوسة والرهبان.............................................. ٥

إباحة الطيبات................................................................. ١٢

اليمين اللغو واليمين المنعقدة وكفارتها.............................................. ١٩

أنواع الإيمان بحسب المحلوف عليه........................................... ٢٩

تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام............................................. ٢٣

مكانة البيت الحرام والشهر الحرام وشأن الهدى والقلائد.............................. ٧٠

الترهيب من عقاب الله والترغيب بفعل الطيب...................................... ٧٤

النهي عن كثرة السؤال فيما لم ينزل به وحي........................................ ٧٩

ماحرمه الجاهليون من الماشية والإبل............................................... ٨٥

التفويض إلى الله تعالى بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.......................... ٩١

الشهادة على الوصية حين الموت.................................................. ٩٥

سؤال الرسل يوم القيامة عن أثر دعوتهم.......................................... ١٠٧

التذكير بمعجزات عيسى عليه السلام............................................ ١٠١

إنزال المائدة على بني إسرائيل بطلب الحواريين..................................... ١١٤

تبرئة عيسى من مزاعم النصارى ـ ألوهيته وألوهية أمة............................... ١١٤

سورة الأنعام

تسميتها ونزولها وفضلها.................................................. ١٢٦

٣٢٩

ما اشتلمت عليه........................................................ ١٢٦

أدلة وجود الله ووحدانية والبعث................................................. ١٢٩

سبب كفر الناس بآيات ربهم وإنذارهم بالعقاب................................... ١٣٦

عاقبة المستهزئين والمكذبين..................................................... ١٤٦

أدلة أخرى لإثبات الوحدانية والبعث............................................ ١٤٨

قدرة الله على كشف الضر وشهادة الله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصدق....... ١٥٥

مجادلة المشركين في تعدد الآلهة.................................................. ١٥٥

معرفة أهل الكتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم................................. ١٦١

الافتراء على الله وتبرؤ المشركين من الشرك في الآخرة............................... ١٦١

مواقف من عناد المشركين حول القرآن الکرم..................................... ١٦٧

موقف المشرکن أمام النار أو كيفية هلاكهم...................................... ١٧١

موقف المشركين أمام ربهم في الآخرة أو كيفية حالهم في القيامة....................... ١٧٥

حقيقة الدنيا................................................................. ١٧٥

حزن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لإغراض قومه وبيان تكذيب الرسل المتقدمين...... ١٨١

رفض المشركين دعوة صلى الله عليه وآله وسلم ومطالبتهم بتنزيل آة.................. ١٨٩

كمال علم الله وتمام قدرته وعدم التغريط بشيء في القرآن........................... ١٩٢

اللجوء إلى الله وحده في الشدائد................................................ ١٩٧

من أدلة القدرة الإلهية والوحدانية ومهام الرسل المرسلين............................. ٢٠٣

انحصار مصدر علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالوحي ومهمته في الإنذار......... ٢٠٦

طرد الضعفاء................................................................. ٢٠٦

بعض أحوال رحمة الله تعالى..................................................... ٢١٧

حسم الجدل بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين المشركين...................... ٢٢١

٣٣٠

كمال علم الله تعالى وقهرة العباد................................................ ٢٣٦

القدرة الإلهية على الإنجاء من الظلمات........................................... ٢٣٥

الإعراض عن مجالس المستهزئين بالقرآن وعذابهم................................... ٢٤٥

مزايا الإيمان بالله ومخازي الشرك................................................. ٢٥٢

الجدال بين إبراهيم عليه السلام وبين آزر وسبب ترك الشرك........................ ٢٥٩

الحاجة بين إبراهيم وقومه....................................................... ٢٦٨

إبراهيم أبو الأنبياء وخصائص رسالاتهم والاقتداء بهديهم............................ ٢٧٥

إثبات النبوة وإنزال الكتب على الأنبياء ومهمة القرآن.............................. ٢٨٥

افتراء لكذب على الله وعقابه................................................... ٢٩٤

قدرة الله الباهرة في الكون...................................................... ٣٠٢

المزاعم المنسوبة إلى الله (الجن والولد والصاحبة) وكونه لا تدركه الأبصار............... ٢١٢

مبصرات الوحي وقدرة الله على منع الشرك........................................ ٣١٨

النهي عن سبّ الأصنام والأوثان................................................ ٣٢٢

٣٣١