المحكم في أصول الفقه - ج ٢

السيّد محمّد سعيد الطباطبائي الحكيم

المحكم في أصول الفقه - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد سعيد الطباطبائي الحكيم


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة المنار
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٢

عند الكلام في العبادات المكروهة من عدم مانعية التنزيهي من التقرب.

وهذا بخلاف ما لو كان مبنى المسألة هو الوجه الأول ، لوضوح أن الكراهة كالحرمة منافية للوجوب والاستحباب.

نعم ذلك لا يجري مع المندوحة وإمكان امتثال الأمر بغير مورد الكراهة ، لما تقدم عند الكلام في تضاد الأحكام من عدم التضاد أصلا بين الكراهة والأمر البدلي مع المندوحة. فراجع.

الرابع : عموم اقتضاء الفساد للنهي الغيري الثابت لمقدمة الحرام على النحو المتقدم في ذيل مسألة مقدمة الواجب ، بل حتى لو لم نقل بثبوت الحرمة الغيرية للمقدمة المذكورة لا بد من البناء على بطلانها لو كانت عبادة ، لأن عصيان النهي النفسي لما كان يستند للإتيان بها يكون الإتيان ، بها تمردا يتعذر التقرب به.

بخلاف ما لو كان مبنى المسألة هو الوجه الأول ، لأن وقوع المأمور به مقدمة للحرام الفعلي وإن أوجب سقوط الأمر به للتزاحم لو كان مضيّقا ، ورفع اليد عنه في مقام العمل لو كان موسّعا ، إلا أنه لا ينافي بقاء ملاكه ، ومعه يتعين الإجزاء بلا إشكال ، نظير ما تقدم في مسألة الضد.

بقي شيء ، وهو أنه بناء على اقتضاء النهي الفساد على أحد المبنيين السابقين فالنهي في المقام يتصور على وجوه ..

أولها : النهي المتعلق بالعبادة بنفسها وبتمامها ، ولا إشكال في اقتضائه الفساد.

ثانيها : النهي عن جزئها. والأمر فيه كذلك ، لأن الجزء حيث كان عبادة يفسد بالنهي وفساده مستلزم لفساد الكل ، إلا في فرض اجتزاء الشارع بالناقص ،

٤٢١

كما في موارد حديث : «لا تعاد الصلاة ...» (١) ، أو فرض تداركه بإعادة الجزء في محله ، إذا لم يتعذر التدارك ببطلان المركب بزيادة الجزء الفاسد المنهي عنه ، الذي محتاج لدليل خاص.

لكن ذكر بعض الأعاظم قدّس سرّه ـ بعد البناء منه على الوجه الأول لاقتضاء النهي الفساد ـ أنه يكفي النهي عن الجزء في البناء على مبطليته بدعوى : أن النهي عن الجزء يستلزم أخذ العبادة بالاضافة إليه بشرط لا ، وتكون مقيدة بعدمه ، فيكون من الموانع المخلة بها.

وهو كما ترى ، فإن حرمه الشيء لا تستلزم تقييد المركب بعدمه ، ليكون مبطلا له. ولذا لا إشكال في عدم مبطلية الحرام للمركب إذا لم يكن من سنخ أجزائه ، كالنظر للأجنبية في أثناء الصلاة.

ولا فرق بينه وبين ما هو من سنخ الأجزاء إلا في أن النهي عن الثاني قد يستلزم تقييد إطلاق دليل جزئية الجزء بغيره ، بحيث لا يجزي المنهي عنه في تمامية المركب بل لا بد من غيره ، وهو راجع إلى فساده ، لا إفساده.

هذا وحيث كان معيار بطلان العبادة في الفرض بطلان جزئها ، لاستلزم بطلان الجزء بطلان الكل ، فاللازم عدم اختصاص بطلان المركب بما إذا كان بتمامه عباديا ، بل يكفي فيه عبادية جزئه المنهي عنه ، لعموم منشأ البطلان له.

ثالثها : النهي عن شرط العبادة ، كالنهي عن حرمة لبس الحرير للرجال لو فرض عدم الدليل على مانعيته من الصلاة. وقد ذكر المحقق الخراساني قدّس سرّه أنه لا يوجب فساد العبادة.

ووجهه بعض الأعاظم قدّس سرّه بأن الشرط في الحقيقة هو المعنى الاسم المصدري ، والحرام هو المعنى المصدري ، وهما متباينان ، فالمحرم أجنبي عن

__________________

(١) الوسائل ج ٤ باب : ١٠ من أبواب الركوع : حديث : ٥.

٤٢٢

العبادة فلا يقتضي فسادها ، بل هو كالنظر للأجنبية أثناء الصلاة.

واستشكل فيه بعض مشايخنا (دامت بركاته) بأن المعنى المصدري عين المعنى الاسم المصدري حقيقة ووجودا وخارجا ، وليس الفرق بينهما إلا اعتباريا ، فيمتنع كون أحدهما مأمورا به والآخر منهيا عنه ، ولا محيص عن الالتزام بكون النهي المتعلق بالشرط موجبا لكون التقييد بالشرط المأمور به في ضمن الأمر بالمقيد متقيدا بغير الفرد المحرم ، ضرورة أن المأمور به لا بد أن يكون مغايرا في الوجود للمنهي عنه في الخارج ، فالعبادة المقترنة بالشرط المنهي عنه لا تنطبق عليها الطبيعة المأمور بها ، فتقع فاسدة لا محالة.

وما ذكره من اتحاد المصدر مع اسم المصدر في محله. بل اختصاص الشرط باسم المصدر غير ظاهر المأخذ ، بل هو تابع لدليل الشرطية الذي يمكن أن يكون بالوجهين.

إلا أن ذلك ، وحده لا يكفي في مانعية النهي من شمول القيد للفرد المحرم ، لأن التقييد بالشرط لا يرجع إلى الأمر به ، كي يدعى منافاة النهي له ويلزم قصور الشرط عن الفرد المنهي عنه ، بل هو راجع إلى الأمر بالمشروط المقارن له بنحو لا يسع غيره ـ على ما تقدم توضيحه في أوائل الكلام في تقسيم المقدمة إلى تكوينية وشرعية من مبحث المقدمة ـ وهو لا ينافي حرمة الشرط بوجه ، فوجوب خصوص الصلاة المقارنة للستر لا تنافي حرمة الستر إلا من حيثية لزوم التكليف بما لا يطاق ، فإذا لم ينحصر الستر بالفرد المحرم لم يلزم المحذور المذكور ، ولا موجب لتقييد الستر المعتبر بخصوص غير المحرم.

نعم ، بناء على ثبوت الأمر الغيري بالشرط ومنافاة النهي للأمر البدلي مع المندوحة يتعين قصور الأمر الغيري عن الفرد المحرم. إلا أنه ليس لقصور الأمر المذكور عن الشرطية كي لا يجزي ، بل للمانع مع كونه مجزيا ، عملا بإطلاق دليل الشرطية.

٤٢٣

هذا ، وقد ذكر بعض المحققين قدّس سرّه في وجه اقتضاء النهي عن الشرط البطلان أن التقرب بالمتقيد بالمبغوض كالتقرب بالمبغوض ، وكذا الأمر بالمتقيد بالمبغوض كالأمر بالمبغوض. وهو راجع إلى امتناع الأمر بالمشروط والتقرب به مع حرمة الشرط.

أقول : أما امتناع الأمر بالمشروط مع حرمة الشرط فهو مختص بما إذا انحصر الشرط بالحرام ، كما يظهر مما سبق. وأما التقرب بالمشروط مع حرمة الشرط فلم يتضح الوجه في امتناعه مطلقا بعد كونهما فعلين متباينين اختياريين صادرين عن إرادتين ، لا دخل لاحدهما بالآخر في مقام الفعل وتحريك العضلات ، ومجرد دخل الشرط في المشروط شرعا لا اثر له في مقام التقرب.

نعم لو كانت إرادة المشروط مستلزمة لإرادة الشرط للالتفات إلى شرطيته وانحصار الداعي للشرط بفعله لم يبعد امتناع التقرب بالمشروط ، حيث يكون قصد امتثال أمر المشروط ـ الذي به مقتضي التقرب ـ راجعا إلى قصد فعل الحرام وداعيا إليه ، ومعه يمتنع التقرب ارتكازا.

ومن ثمّ ذكرنا في الفقه امتناع التقرب بالمركب إذا استلزم فعل الحرام تدريجا ، كالوضوء بالاغتراف من إناء الذهب لأن الغسل بنفسه وإن لم يكن محرما إلا أن القصد للغسل الوضوئي لما كان مستلزما للقصد إلى إكماله بتكرار الاغتراف المحرم امتنع التقرب به. فلاحظ.

رابعها : النهي المتعلق بوصف العبادة الخارج عنها.

وقد ادعى المحقق الخراساني قدّس سرّه أن الوصف إذا كان لازما للعبادة بحيث لا يمكن وجوده في غيرها ـ كالجهر في القراءة الذي لا ينفك عنها ، وإن أمكن انفكاكها عنه واتصافها بغيره ـ كان النهي عنه مساوقا للنهي عنها ، فيترتب عليه حكم النهي عن العبادة.

وهو غير ظاهر الوجه ، إذ مجرد ملازمة الوصف للموصوف لا تقتضي

٤٢٤

اشتراكهما في الحكم. بل لا تمنع من اختلافهما في المقام فيه بعد فرض إمكان خلو الموصوف عن الوصف ـ وإن امتنع العكس ـ فيكون الوصف حراما والموصوف واجبا. كيف! وقد سبق إمكان اجتماع الوجوب البدلي مع الحرمة في موضوع واحد ، فإمكان اجتماعهما في موضوعين متلازمين أولى.

اللهم إلا أن يرجع إلى أن النهي عن الوصف لا يراد به إلا النهي عن الموصوف الواجد له فالمراد بالنهي عن الجهر بالقراءة هو النهي عن القراءة الجهرية ، واستفادة النهي عن الموصوف ليس لكونه لازما للنهي عن الوصف ، بل لكونه هو المراد منه.

لكنه لا يخلو عن خفاء. على أنه لم يتضح الوجه في اختصاصه بالنهي عن الوصف اللازم الذي لا يتحقق في غير العبادة.

فالأولى أن يقال : لما كان الموصوف في المقام هو العبادة التي هي فعل المكلف ، وهو من الامور المتصرمة غير القارة في الوجود ، فإن كان الوصف منتزعا من فعل منفصل عنها في الوجود بإرادة متجددة لا دخل لها بإرادتها ، كالعجب بالعبادة وإعلام الغير بها المتأخرين عنها ـ لو فرض حرمتهما ـ فلا إشكال في عدم مانعية حرمة الوصف المذكور من التقرب بها حين وقوعها. إلا أن يكون إيجادها بداعي التوصل لتحقيق الوصف المذكور ، حيث يكون القصد المذكور موجبا لكون العمل تجريا مبعدا يمتنع معه التقرب به.

وإن كان منتزعا من فعل مقارن لها في الوجود بقصد مقارن لقصدها ، منتزع من أمر قائم بها ـ كالجهر بالقراءة ـ أو خارج عنها ـ كالرياء بها ـ أشكل التقرب بها مع الالتفات لحرمة الوصف ، لأن القصد إليها قصد لتحقيق موضوع الوصف المحرم الذي يكون به وجوده وبعدمه عدمه ، فيكون فعله بهذا اللحاظ مبعدا يتعذر معه التقرب به.

والتفكيك بين القصدين تبعا للتفكيك بين الفعلين دقة لا يكفي في

٤٢٥

التقرب بحسب المرتكزات العقلائية المحكمة في المقام.

وعلى ذلك يبتني بطلان الصلاة لو قصد الرياء ببعض خصوصياتها الخارجة عنها ، كالتحنك حالها أو إبقاءها في المسجد أو جماعة ، فضلا عن مثل المتأنّي فيها أو الجهر بها أو اختيار بعض السور المأثورة فيها.

نعم ، لما كان البطلان في ذلك كله بملاك امتناع التقرب بالمبعد جرى فيه ما تقدم من تحديده بصورة الالتفات للحرمة وغيره. فلاحظ.

٤٢٦

المقام الثاني

في المعاملات

ولا إشكال ظاهرا عند جماعة من محققي المتأخرين في عدم اقتضاء النهي فيها الفساد لو كان راجعا لحرمة المعاملة من حيث هي وبعنوانها ، كما في حرمة البيع وقت النداء لصلاة الجمعة ، فلا يمنع من ترتب أثرها عليها ، إذ ليس نسبتها إلى أثرها إلا نسبة الموضوع لحكمه ، لوضوح أن سببيتها لأثرها منتزعة من حكم الشارع بنفوذ مضمونها ، ومن الظاهر عدم منافاة حرمة الموضوع لترتب حكمه عليه ، كما في تحريم كثير من الأسباب الشرعية ، كأسباب الضمان والقصاص والكفارات وغيرها.

وأظهر من ذلك ما لو كان راجعا لحرمة المعاملة لجهة خارجة عنها ـ غير المسبب ـ كما لو حرم إيقاع العقد الكلامي لإضرار الكلام بالعاقد ، أو لحرمة كلام أحد المعاقدين مع الآخر ، لجهة تخصهما.

وأما لو كان راجعا لحرمة الأثر ، بحيث لا تكون المفسدة قائمة بالمعاملة لذاتها أو لجهة خارجة عنها ، بل بلحاظ أثرها وترتب مضمونها عليها شرعا ، وحرمة المعاملة إنما هي لكونها الفعل الاختياري للمكلف المستتبع لترتب أثره شرعا مع عدم قدرته على الأثر مباشرة ، نظير تنجيس المسجد الذي يحرم بلحاظ ترتب النجاسة عليه. ومثاله في المقام ما لو فرض حرمة بيع المصحف أو المسلم من الكافر ، لقيام المفسدة بتملك الكافر لهما. فقد يدعى منافاة التحريم للصحة واستلزامه الفساد لوجهين ..

٤٢٧

الأول : أن الأثر لما كان من الأحكام التابعة للشارع ، وترتبه على المعاملة ليس لخصوصيتها الذاتية التكوينية ، بل لإمضائها من قبله الراجع لحكمه بالأثر بعد تحقق المعاملة ، فمع فرض ترتب المفسدة عليه ومبغوضيته للشارع تبعا لها ، ولذا حرّمه ، كيف يمكن جعله من قبله وحكمه بترتبه ، إمضاء للسبب ، بل يتعين عدم ترتبه الراجع لفساد المعاملة.

وقد يدفع ذلك بإرجاع النهي عن الأثر إلى النهي عن المؤثر ، لأن الأثر ليس فعلا للمكلف ، لا بالمباشرة ، كما هو ظاهر ، ولا بالتسبيب لعدم كون سببية السبب ذاتيه ، بل هو تابع لاعتبار الشارع الذي هو بيده ، فيمتنع نهي المكلف عنه ، ويتعين رجوع النهي عنه للنهي عن إيجاد المعاملة بنفسها ، لأنها الأمر الاختياري له ، فيلحقه حكم الصورة الاولى.

وفيه : أن النهي وإن كان راجعا إلى المعاملة ، لما ذكر ، إلا أن المفروض كون موضوع المفسدة والمبغوضية هو الأثر ، وسراية النهي منه إلى المعاملة ليس لكونها بنفسها موضوع المسألة والمبغوضية ، بل لأنها الأمر الاختياري الموصل اليه في الجملة ، القابل لأن يكلف به ، مع كون موضوع المفسدة هو الأثر ، فيعود الإشكال.

ولعل الأولى دفعه ـ مضافا إلى أن لازمه البطلان مع كون النهي تنزيهيا ، لأنه أيضا ناشئ عن مفسدة لا تناسب جعل الشارع له ، وإن لم تكن بنحو تقتضي إلزام المكلف بتركه ـ بأن الحكم وإن كان ذا مفسدة ومبغوضا للحاكم ، إلا أنه لا مانع من اختلاف حاله قبل وجود الموضوع عن حاله بعده ولو لتجدد المزاحم للمفسدة المذكورة ، فان ذلك يقتضي مبغوضيته قبل وجود الموضوع ـ وهو المعاملة ـ بنحو يوجب النهي عن إيجاده فرارا عن تجدد المزاحم الملزم بجعل الحكم وإن لزمت المفسدة.

ونظيره في الأحكام الشرعية غير المعاملات تحريم تنجيس المسجد الراجع للنهي عن إيجاد سبب النجاسة بلحاظ سببيته لها ، لا لذاته ، مع الحكم بها

٤٢٨

بعد تحققه ، وفي الامور العرفية ما لو كان في خروج الدار عن ملك مالكها مفسدة بنظره ، إلا أنه كان يرى أن في عدم مضي بيع ولده لها مفسدة أعظم ، فإنه ينهى ولده تكليفا عن بيعها ويمضي بيعه وضعا.

ومن هنا يمكن نهي الموكل وكيله تكليفا عن بعض التصرفات مع عموم وكالته لها ، إلا أن يرجع النهي إلى تحديد موضوع وكالته من دون نهي تكليفي ، فلا يكون نظيرا للمقام.

وبالجملة : لا منافاة بين النهي التكليفي عن المعاملة والسبب الشرعي من حيثية الأثر والمسبب مع عموم سببيته لمورد النهي.

الثاني : ما ذكره بعض الأعاظم قدّس سرّه من أن المسبب بالنحو المذكور موجب لسلب سلطنة المكلف الموقع للمعاملة عليها وحجره عنها ، فلا ينفذ تصرفه ، لوضوح اعتبار سلطنة القائم بالمعاملة عليها في نفوذها منه.

وفيه : أن السلطنة المعتبرة شرعا في موقع المعاملة إنما هي السلطنة الوضعية الراجعة إلى أهليته من حيثية كون التصرف من شئونه التابعة له ، كالوكيل والمالك الكامل والولي الشرعي ـ وهي منوطة بامور خاصة ليس منها الحل التكليفي ، لا السلطنة التكوينية الراجعة إلى قدرته على المعاملة خارجا ، ولا التكليفية الراجعة إلى الإذن له في إيقاعها وعدم حرمتها عليه.

نعم يعتبر في الإجارة القدرة على العمل وفي البيع القدرة على التسليم في الجملة بالمعنى الذي ينافيه التحريم. إلا أنه أجنبي عما نحن فيه ، لعدم مانعية حرمة نفس إيقاع المعاملة الذي هو ح ل الكلام ، بل حرمة بعض شئونها ، لا للتنافي بينهما ، ولا من أجل اعتبار السلطنة ، بل لجهة تختص بها ولا تجري في غيرها. ولو جرى خرج عن محل الكلام من مانعية نفس النهي.

مع أن لازم هذا الوجه الفساد لو كان النهي متعلقا بالمعاملة بعنوانها ، لا من جهة خصوص السبب ، كالنهي عن البيع وقت النداء ، ولا يختص بما إذا كان النهي عنها بلحاظ مسببها ، لأن اعتبار السلطنة على المعاملة إنما هو بالإضافة إلى

٤٢٩

إيقاعها ، فمع فرض النهي للسلطنة يتعين الفساد ، مع أنه قدّس سرّه صرح كغيره بعدم اقتضائه الفساد في ذلك.

هذا وقد يدعى استفادة اقتضاء النهي الفساد شرعا من النصوص الواردة في نكاح العبد بغير إذن مولاه الظاهرة في أنه لو كان عاصيا لله تعالى فسد نكاحه. ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام : «سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده. فقال : ذاك إلى سيده إن شاء أجازه ، وإن شاء فرق بينهما. قلت : أصلحك الله إن الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون : إن أصل النكاح فاسد ، ولا تحل إجازة السيد له. فقال أبو جعفر عليه السّلام : انه لم يعص الله ، وإنما عصى سيده ، فإذا أجازه فهو له جائز» (١) وقريب من ذلك موثقة عنه عليه السّلام : «سألته عن رجل تزوج عبده (امرأة) بغير إذنه فدخل بها ثم اطلع على ذلك مولاه. قال : ذاك لمولاه إن شاء فرق بينهما ، وإن شاء أجاز نكاحهما ... وإن أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الأول. فقلت لأبي جعفر عليه السّلام : فإن أصل النكاح كان عاصيا. فقال أبو جعفر عليه السّلام : إنما أتى شيئا حلالا ، وليس بعاص لله ، إنما عصى سيده ولم يعص الله ، إن ذلك ليس كإتيان ما حرم الله عليه من نكاح في عدة وأشباهه» (٢) لقرب أن يكون قول زرارة : «فإن أصل النكاح كان عاصيا» واردا مورد الاستنكار لما تضمنه صدر الحديث من بقائهما على النكاح الأول مع إمضاء المولى له ، وأن اللازم بطلان النكاح من أصله ، فيكون الجواب ظاهرا في إقرار ذلك مع كونه عاصيا لله في إتيان ما حرمه ، ويدل على المدعى ، كما تقدم في الصحيح. وقد يستفاد من غيرهما.

ودعوى : أن نفي عصيانه له تعالى لا يناسب فرض عصيان السيد ، لوضوح ملازمته لعصيان الله تعالى فالحكم بالصحة معه لا يناسب اقتضاء النهي

__________________

(١) الوسائل ج ١٤ باب : ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء : حديث : ١.

(٢) الوسائل ج ١٤ باب : ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء : حديث : ٢.

٤٣٠

الفساد ، بل عدم اقتضائه له ، ولا بد أن يكون المراد بنفي عصيانه تعالى نفي عصيانه الوضعي الراجع لمشروعية النكاح ذاتا.

مدفوعة : بأن المراد من نفي عصيانه تعالى ليس هو نفي مطلق العصيان ، لينافي فرض عصيان السيد ، بل نفي خصوص عصيانه الراجع لمخالفة نهيه بلحاظ حقه بالمباشرة ، لا بتوسط حقوق الناس بعضهم على بعض.

ويكون المتحصل من الرواية أن مانعية النهي حدوثا وبقاء تابعة له حدوثا وبقاء ، فالنهي عن المعاملة إن كان راجعا لحقه تعالى فحيث لا رافع له ، لعدم تجدد الرضا منه بما خولف فيه يستتبع الفساد رأسا ، بنحو لا يمكن تصحيحها ، وإن كان راجعا لحق الناس فحيث يمكن ارتفاع النهي الشرعي بتجدد رضا من له الحق تكون صحتها مراعاة بذلك لرافعيته لنهي الشارع. هذا ما قد يرجع إليه كلام بعض الأعاظم قدّس سرّه في توجيه الاستدلال.

ويشكل : بأن النهي عما وقع لا يقبل البقاء ولا الارتفاع ، لعدم الموضوع له بعد مخالفته ، والعصيان المسبب عنه لا يرتفع بعد تحققه.

ودعوى : أن المراد بارتفاع النهي والعصيان المسبب عنه ارتفاع موضوعه ومنشأ حدوثه ، وهو في المقام مخالفة مقتضى سلطنة السيد الذي يرتفع بتجدد رضاه.

مدفوعة : بأن ذلك لا يكفي في تصحيح المعاملة الفاسدة من غير جهة مخالفة مقتضى السلطنة ، فمن تزوج بنت زوجته غير المدخول بها أو ذات العدة لم يصح زواجه بطلاق امها أو خروجها من العدة.

على أنه لا مجال لفرض العصيان التكليفي ـ الذي هو محل الكلام ـ في مورد النص بعد ما هو الظاهر من عدم عصيان العبد تكليفيا بمجرد إيقاع العقد ، خصوصا إذا أوقعه غيره كمأذونه ونحوه ممن لا سلطان للسيد عليه كما لا يتحقق العصيان المذكور في أكثر موارد إيقاع المعاملات غير المشروعة والباطلة.

٤٣١

كما أنه لا يناسب سياق عصيان الله تعالى بعصيان السيد مع عدم فرض سبق النهي من السيد الذي يتوقف عليه عصيانه التكليفي.

ومن هنا كان الظاهر ما ذكره المحقق الخراساني قدّس سرّه ونسب لجماعة ـ منهم الوحيد والمحقق القمي قدّس سرّهما ـ من حمل العصيان في المقام على العصيان الوضعي المنتزع من إيقاع المعاملة على خلاف الوجه المشروع لها الذي به يترتب أثرها.

ويرجع مضمون الحديث إلى أن مخالفة المشروع إن كان بايقاعها على وجه لم يشرعه الله تعالى أصلا ، كالنكاح في العدة ـ وهو المراد بمعصية الله تعالى ـ فهو يبطل رأسا ولا يقبل التصحيح.

وإن كان بإيقاعها على وجه شرعه الله تعالى ذاتا ، وإنما لم ينفذ لمخالفته مقتضى سلطنة الغير ، كالمولى ـ وهو المراد بمعصية السيد ـ أمكن تصحيحه برضا من له السلطنة وإجازته ، لارتفاع المانع معه من النفوذ ، حيث يكون النفوذ حينئذ مقتضى السلطنة ، على ما يذكر في محله من مبحث العقد الفضولي. فتكون النصوص أجنبية عن محل الكلام من النهي التكليفي.

تنبيهان

الأول : قال في التقريرات : «حكي عن أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي على الصحة ، والمنقول عن نهاية العلامة التوقف ، ووافقهما فخر المحققين في نهاية المأمول ، وأحال الأمر على شرح التهذيب».

وقد نقل فيها وجهين للاستدلال. يرجع أولهما إلى اعتبار القدرة في متعلق النهي مع قطع النظر عنه.

والثاني : إلى لزوم صحة متعلق النهي ، لعدم الفرق بينه وبين متعلق الأمر.

لكن الأول ـ كما ترى ـ لا يقتضي القدرة بعد النهي ، ليتوهم منافاتها للبطلان.

٤٣٢

على أنه لو اعتبرت القدرة على المتعلق حتى بعد النهي عنه ، فلا ينافيها البطلان بناء على الأعم ، لصدق العنوان المنهي عنه مع البطلان على المبنى المذكور.

وأما بناء على الصحيح فمتعلق النهي وإن لم يكن مقدورا إلا مع الصحة ، لتوقف عنوانه عليها ، إلا أن متعلق النهي هو الصحيح لو لا النهي ، لا مطلقا ولو بعد النهي ، لتقدم الموضوع على حكمه رتبة ، والظاهر أن المتعلق المذكور مقدور بعد النهي ولو صار فاسدا بسببه ، فمثلا : لو فرض توقف صدق الصلاة على الصحة ، إلا أن متعلق النهي ليس هو إلا ما يصدق عليه الصلاة قبل النهي ، وهو مقدور بعد النهي وإن خرج عن كونه صلاة لفساده.

ومنه يظهر اندفاع الثاني ، لأن متعلق الأمر كتعلق النهي ليس إلا ما يصدق عليه العنوان مع قطع النظر عن حكمه وفي رتبة سابقة عليه ، وهو لا ينافي صحته أو فساده في رتبة متأخرة عنه حتى لو كان العنوان متوقفا على الصحة ويتوقف عليها صدقه ، بل الأمر في العبادات أظهر بناء على توقف صحتها على الأمر ، حيث لا يكون متعلق الأمر فيها هو الصحيح الفعلي لو لا الأمر ، بل هو الصحيح الاقتضائي لولاه ، فمع كونه هو موضوع النهي لا ملزم بصحته. ومن ثم لا مجال للبناء على الكبرى المذكورة ، ولا مخرج عما سبق.

الثاني : محل الكلام في العبادات والمعاملات هو النهي التكليفي عن نفس للعبادة أو المعاملة المستتبع للعقاب عليهما ، لا النهي الوارد للإرشاد لبطلان العمل وعدم إجزاءه أو عدم نفوذه ، كنهي المكلف عن الصلاة في ما لا يؤكل لحمه ، وعن بيعه ما ليس عنده ، حيث لا إشكال حينئذ في دلالته إثباتا على الفساد ، بل هو المفروض ، مع استناد الفساد ثبوتا لعدم تمامية الملاك ، لا للنهي نفسه. كما أن النهي المذكور لا يقتضي التحريم التكليفي للعمل.

ومثله النهي عن ترتيب الأثر ، كالنهي عن أكل الثمن ، فإنه وإن أمكن أن يكون تكليفيا بالإضافة إلى ترتيب الأثر ، إلا أنه لا يكون تكليفيا بالإضافة إلى

٤٣٣

إيقاع نفس الفعل ذي الأثر ، بل لا يقتضي إلا الفساد فيه.

نعم قد يجتمع الأمران في العبادة أو المعاملة ، فتكون محرمة تكليفا وفاسدة وضعا ، كما هو الظاهر في الصلاة بلا وضوء والمعاملة الربوية. بل قد يظهر من أدلة بعض المعاملات أنها توجب شدة حرمة الثمن ، بحيث يكون أكله أشد من أكل مال الغير بدون إذنه ، كما هو الحال في المعاملة الربوية.

لكنه خارج عن محل الكلام ، ويتبع الدليل الخاص ، ولا ضابط له ، فلاحظ.

والله سبحانه وتعالى العالم ومنه نستمد العون والتوفيق.

انتهى الكلام في مبحث اقتضاء النهي الفساد ، وبه ينتهي الكلام في باب الملازمات العقلية من قسم الاصول النظرية.

وكان ذلك ليلة الجمعة الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول ، للسنة الثالثة بعد الألف والأربعمائة للهجرة النبوية ، على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأزكى التحية ، في النجف الأشرف بيمن الحرم المشرف على مشرفة أفضل الصلاة والسلام.

بقلم العبد الفقير (محمد سعيد) عفي عنه ، نجل العلامة الجليل حجة الإسلام السيد (محمد علي) الطباطبائي الحكيم دامت بركاته.

والحمد لله رب العالمين ، وله الشكر على تيسير ذلك وتسهيله ، ونسأله سبحانه إتمام النعمة بقبول العمل ، وغفران الزلل ، وصلاح الحال ، وراحة البال ، وحسن العاقبة في المبدأ والمال ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير.

كما انتهى تبييضه بعد تدريسه عصر الأربعاء السابع والعشرين من الشهر المذكور في النجف الأشرف ، بيمنى مؤلفه الفقير حامدا مصلّيا مسلّما.

٤٣٤

الفهرس

٤٣٥
٤٣٦

المقصد الرابع : في العام والخاص

تعريف العام والخاص............................................................ ١٠

الفصل الأول : في أقسام العموم ومقتضى الأصل منها............................... ١٣

الفصل الثاني : في ما يدل على العموم............................................. ١٧

مفاد أسماء الأجناس............................................................. ١٧

أقسام لحاظ الماهية.............................................................. ١٧

إطلاق الحكم على الماهية مع إرادة التقييد......................................... ٢٠

المبحث الأول : الأدوات الموضوعة للعموم......................................... ٢٥

المبحث الثاني : النكرة في سياق النفي والنهي....................................... ٢٧

مفاد النكرة.................................................................... ٣٠

المبحث الثالث : مفاد لام التعريف............................................... ٣٥

إفادة لام الجنس التعريف........................................................ ٣٦

لام الاستغراق.................................................................. ٣٨

لام التزيين في الأعلام........................................................... ٤٠

الجمع المعرّف باللام............................................................. ٤١

المعرّف بالإضافة................................................................ ٤٣

علم الجنس.................................................................... ٤٣

المبحث الرابع : في مقدمات الحكمة............................................... ٤٥

الكلام في إمكان التقييد من مقدمات الحكمة...................................... ٤٥

الكلام في كون عدم البيان على التقييد من مقدمات الحكمة.......................... ٥٠

الكلام في كون عدم القدر المتيقن في مقام التخاطب من مقدّمات الحكمة.............. ٥٣

الكلام في أن كون المتكلم في مقام البيان من مقدمات الحكمة أو لا؟.................. ٥٧

منشأ البناء على كون المتكلم في مقام البيان........................................ ٥٨

٤٣٧

الكلام في الانصراف............................................................ ٦٤

الفصل الثالث : في العام المخصّص............................................... ٦٥

الكلام في التخصيص المتصل..................................................... ٦٦

الكلام في التخصيص المنفصل.................................................... ٦٧

الفصل الرابع : في إجمال الخاص واشتباهه.......................................... ٧٩

إجمال الخاص بنحو الشبهة المفهوميّة............................................... ٨٠

الدوران بين المتباينين............................................................ ٨٣

اشتباه الخاص بنحو الشبهة الموضوعية............................................. ٨٦

أدلّة عدم حجيّة العام........................................................... ٨٦

أدلة حجية العام................................................................ ٩٢

التفصيل في الحجية بين الخاص العنواني وغيره....................................... ٩٤

التفصيل بين كون العام بيانا لحال الفرد المشتبه وغيره................................ ٩٦

التفصيل بين المخصّص اللفظي واللبي............................................ ١٠٠

التفصيل بين القضية الحقيقية والخارجية........................................... ١٠٨

موارد رجوع التخصيص للأفراد.................................................. ١١٣

الكلام في عنوان موضوع الحكم في العام المخصّص................................ ١١٥

إثبات الحكم الأولي بعموم الحكم الثانوي المأخوذ فيه............................... ١٢٣

الكلام في حجيّة العام في عكس نقيضه.......................................... ١٢٥

الفصل الخامس : في عموم الحكم لغير المخاطبين.................................. ١٢٩

الفصل السادس : في تعقيب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده.................... ١٣٥

الاستثناء المتعقّب لجمل متعدّدة................................................. ١٣٩

الفصل السابع : في الجمع بين المطلق والمقيّد...................................... ١٤١

الكلام في المستحبات.......................................................... ١٤٥

٤٣٨

الفصل الثامن : في تخصيص العام بالمفهوم........................................ ١٥١

خاتمة مباحث الألفاظ......................................................... ١٥٣

الباب الثاني : في الملازمات العقلية

تحديد مورد البحث............................................................ ١٥٨

الفصل الأول : في ملازمة حكم الشرع لحكم العقل............................... ١٥٩

التحسين والتقبيح العقليان..................................................... ١٦٣

استدلال الأشاعرة على نفي التحسين والتقبيح.................................... ١٦٥

حقيقة الحسن والقبح وكيفية إدراك العقل لهما..................................... ١٦٧

الكلام في ملازمة حكم الشرع لحكم العقل واقعا.................................. ١٧٣

الكلام في ملازمة حكم الشرع لحكم العقل ظاهرا................................. ١٨١

الفصل الثاني : في الإجزاء...................................................... ١٨٥

معنى الإجزاء................................................................. ١٨٧

الفرق بين مسألة الإجزاء ومسألة اقتضاء الأمر المرة أو التكرار....................... ١٨٧

إجزاء موافقة الأمر عن امتثاله................................................... ١٨٨

تبديل الامتثال................................................................ ١٨٩

إجزاء موافقة الأمر الاضطراري.................................................. ١٩٣

الكلام في مقام الثبوت......................................................... ١٩٣

الكلام في مقام الإثبات........................................................ ١٩٧

إجزاء موافقة الأمر الظاهري.................................................... ٢٠٣

الكلام بناء على التصويب..................................................... ٢٠٣

حديث المحقق الخراساني في الاصول التعبديّة....................................... ٢٠٥

حقيقة الحكم الظاهري......................................................... ٢٠٩

إذا كانت مخالفة الحكم الظاهري مقتضى تعبّد شرعي.............................. ٢١٠

٤٣٩

الكلام في تبدّل مقتضى الاجتهاد............................................... ٢١٤

الإجزاء مع مخالفة الأمر الواقعي................................................. ٢١٨

تقريب مقتضى السيرة......................................................... ٢٢١

عدم اقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء في غير المخاطب به............................ ٢٢٨

الفصل الثالث : في مقدّمة الواجب.............................................. ٢٣١

تحديد الداعوية الغيريّة......................................................... ٢٣٤

تقسيمات المقدمة............................................................. ٢٣٥

المقدمة الداخلية والمقدمة الخارجية................................................ ٢٣٦

المقدمة التكوينية والمقدمة الشرعية............................................... ٢٣٨

الكلام في دخول التقييد في المأمور به النفسي..................................... ٢٣٩

الشرط المتأخر في التكوينيات................................................... ٢٤٠

الشرط المتأخر في الشرعيات.................................................... ٢٤٢

الشرط المتأخر للحكم......................................................... ٢٤٤

المبحث الأول : في الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته...................... ٢٤٧

تقريب أن المسألة اصولية...................................................... ٢٤٧

حجة القول بالملازمة........................................................... ٢٤٨

التفصيل بين السبب وغيره..................................................... ٢٥٣

ثمرة النزاع في تعلّق التكليف بالسبب التوليدي أو بسببه............................ ٢٥٤

معيار الثواب والعقاب......................................................... ٢٥٥

ثمرة البحث عن الملازمة........................................................ ٢٥٦

المبحث الثاني : في تحديد المقدمة التي هي موضوع الداعوية الغيرية................... ٢٦١

الكلام في قصد التوصل وثمرته.................................................. ٢٦٢

المقدمة الموصلة................................................................ ٢٦٥

٤٤٠