التفسير المنير - ج ٢

الدكتور وهبة الزحيلي

والظاهر : أن المراد بالعلم : المعرفة بما طلبوه لأجله من أمر الحرب ، ويجوز أن يكون عالما بالديانات وبغيرها ، فمقومات الملك وهي العلم والجسامة متوافرة فيه ، لأن الجاهل مزدرى غير منتفع به ، والجسيم أعظم في النفوس وأهيب في القلوب.

المناسبة :

قال البقاعي : ولعل ختام بني إسرائيل بهذه القصة ، لما فيها للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من واضح الدلالة على صحة رسالته ، لأنها مما لا يعلمه إلا القليل من حذاق علماء بني إسرائيل (١).

وبعد أن بيّن الله تعالى في الآيات السابقة حكمة تشريع القتال لحماية الحق وصون عزة الأمة وكرامتها ، بيّن هنا قصة قوم من بني إسرائيل أخرجوا من ديارهم وأبنائهم بالقهر ، كما خرج أصحاب القصة الأولى بالجبن ، لكن جاءت هذه القصة مفصلة تبين ما في القصة الأولى المجملة.

والهدف من هذه الآيات البيان للمؤمنين بأن القتال كان مطلوبا مشروعا في الأمم السابقة ، فليس حكما مخصوصا بهم (٢).

التفسير والبيان :

ألم ينته إلى علمك قصص جماعة من بني إسرائيل بعد موسى في عصر داود عليهما‌السلام ، حين قالوا لنبيهم ، قيل : إنه «صمويل» : اختر لنا قائدا للحرب وجمع الكلمة ، فإنا صممنا على طرد أعدائنا واسترداد حقوقنا المغتصبة ، ولا شك أن طرد العدو من البلاد قتال في سبيل الله ، كما قال الله تعالى : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) [النساء ٤ / ٨٤] وقال سبحانه : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ : تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا ..) [آل عمران ٣ / ١٦٧].

__________________

(١) محاسن التأويل للقاسمي : ٣ / ٦٥٠

(٢) البحر المحيط : ٢ / ٢٥٣

٤٢١

ولكن نبيهم بسبب معرفته لهم وتجربته معهم قال لهم : أتوقع منكم التخلي عن القتال إن فرض عليكم ، فردوا عليه : أي شيء يدعونا إلى ترك القتال ، وقد أخرجنا من ديارنا وأوطاننا ، ومنعنا من أبنائنا ، واغتربنا عنهم؟!

فلما فرض عليهم القتال كما طلبوا ، تخلفوا عن الجهاد وجبنوا وأعرضوا إلا قليلا منهم ، عبروا النهر مع طالوت ، وانتحلوا المعاذير ، ولكن الله عليم بالذين يظلمون أنفسهم ، بتركهم الجهاد في سبيل الله ، دفاعا عن أمتهم ووطنهم ، وردا لحقهم المغتصب ، فصاروا أذلة في الدنيا ، معذبين في الآخرة.

ثم أوضح القرآن ما دار من نقاش بين شيوخ بني إسرائيل وبين نبيهم صمويل ، إذ طلبوا منه أن يختار لهم ملكا ، لأن أهل فلسطين تسلطوا عليهم ، وقتلوا منهم العدد الكثير ، وأخذوا تابوت عهد الرب ، وكانوا من قبل يستفتحون به (يطلبون الفتح والنصر به) على أعدائهم.

فحذرهم وأنذرهم ظلم الملوك ، فألحوا ، فاختار لهم طالوت (شاول) ملكا وقائدا حربيا.

فقالوا : كيف يكون ملكا علينا؟ وهو لا يستحق هذا الملك ، لأنه ليس من سلالة الملوك ولا من سلالة الأنبياء ، وقد كان الملك في سبط يهوذا بن يعقوب ، ومنهم داود وسليمان ، وكانت النّبوة في سبط لاوي بن يعقوب ، ومنهم موسى وهرون ، وهناك من هو أحق بالملك منه ، ولأنه فقير لا مال له فلا يستطيع الحكم ، وهذا قائم على وهم أن الغنى شرط أساسي في الملك ، وأن الملك حق موروث ، لا يتجاوز أبناء الملوك أو الأشراف ، حتى يخضع الناس له ، فقولهم (أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا ..؟) كلام من تعنت وحاد عن أمر الله ، وهي عادة بني إسرائيل (١).

__________________

(١) البحر المحيط : ٢ / ٢٥٧

٤٢٢

فقال لهم نبيهم : إن الله قد اختاره ملكا عليكم ، والله لا يختار إلا ما فيه الخير لكم ، وما عليكم إلا الطاعة والامتثال ، ومقومات الملك متوافرة فيه وهي ما يأتي :

الاستعداد الفطري ، وسعة العلم والمعرفة بتدبير الأمور ، وبسطة الجسم وكمال قواه المستلزمة لصحة الفكر والهيبة وفرض النفوذ ، وتوفيق الله تعالى له بسبب أهليته وصلاحه ، وهذا هو المراد بقوله : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) أي الملك له غير منازع فيه ، فهو يؤتيه من يشاء ومن يصلح للملك ، فلا اعتراض على حكم الله ، وهو أعلم بخلقه وبالصالح منكم ، وبما يستحقونه ، والله واسع عليم ، أي واسع التصرف والقدرة ، لأحد لسعة قدرته وتصرفه ، وواسع الفضل والعطاء يوسع على من يشاء ويغنيه بعد فقر ، عليم بما يحقق الحكمة والمصلحة ، وبما يؤدي إلى الفوز والنصر ، وبمن يصطفيه للملك.

فقه الحياة أو الأحكام :

هذه قصة أخرى للتحريض على القتال ، جرت في بني إسرائيل ، يستفاد منها ما يأتي :

١ ـ الجهاد في سبيل الله يتطلب إعدادا نفسيا وتربويا وعلميا ، وخبرة وكفاءة ومهارة ، وجرأة وشجاعة ، وعزيمة صادقة وإخلاصا ، وتضحية وتفانيا في سبيل المبدأ والعزة والكرامة ، فهو لا يكون بالأماني والتعللات ، وإنما بالبطولة ومضاء العزيمة وقوة الإرادة.

ولم يكن لدى بني إسرائيل شيء من هذه المقومات لسببين جوهريين : هما خبث النفوس وعدم طهارتها وصدقها ، وضعف الإيمان وحب الحياة بدون تضحيات وعناء ، لذا تولوا وأعرضوا عن المشاركة في القتال ، لفقد مقوماته السابقة.

٤٢٣

مع أن القتال يحقق لهم أسمى الآمال من استرداد الحقوق المغتصبة ، وتطهير البلاد من المحتل والعدو القاهر ، وتتويج الجهود بالعزة والكرامة والفوز والغلبة.

٢ ـ إن الملك أو الحكم ليس بالوراثة أو بالغنى ، وإنما بالكفاءة والعلم والمهارة ، وقوة الشخصية ، وصلابة الإرادة. قال ابن عباس : كان طالوت يومئذ أعلم رجل في بني إسرائيل وأجمله وأتمه ، وزيادة الجسم مما يهيب العدو. وقيل : سمي طالوت لطوله.

وقد بين الله في هذه الآية تعليل اصطفاء طالوت ، وهو بسطته في العلم الذي هو ملاك الإنسان ، والجسم الذي هو معينه في الحرب وعدته عند اللقاء.

فتضمنت الآية بيان صفة الإمام وأحوال الإمامة ، وأنها مستحقة بالعلم والدين والقوة ، لا بالنسب ، فلا حظّ للنسب فيها ، مع العلم وفضائل النفس ، وأنها متقدمة عليه ، لأن الله تعالى أخبر أنه اختاره عليهم لعلمه وقوّته ، وإن كانوا أشرف نسبا.

ودل قوله تعالى : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) على أن الله مالك جميع ما في الكون من إنسان وحيوان وجماد ، إذ إن إضافة ملك الدنيا إلى الله تعالى في الآية إضافة مملوك إلى ملك. ودلت الآية أيضا على أن منح الملك أو السلطة لإنسان إنما هو بمشيئة الله الذي لا يصدر عنه إلا الخير للناس ، فهو يصطفي لهم من يحقق المصلحة وتتوافر فيه الكفاءة المطلوبة.

٣ ـ لا ينضب الخير في الأمة ، فإن تولى الأكثرون عن واجب الجهاد ، فإن الخير في القليل ، والخيار هم الأقلون ، وهم يعملون ما لا يعمله الأكثرون ، والله عليم بأعمال هؤلاء فيجازيهم خيرا ، وعليم بأفعال الظالمين ، فيعذبهم بما يستحقون.

٤٢٤

إثبات ملك طالوت واختباره الأتباع

وانهزام الفئة الكثيرة أمام الفئة القليلة

(وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨) فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٢٥١) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢))

٤٢٥

الإعراب :

(آيَةَ) أصلها : «أيية» فقلبت العين التي هي الياء الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) جملة اسمية في موضع نصب على الحال من التابوت ، وكذلك (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) جملة فعلية في موضع نصب على الحال من التابوت أيضا. (غُرْفَةً) قرئ بفتح الغين وضمها مثل حسوة وحسوة. (كَمْ مِنْ فِئَةٍ ..) كم : للعدد وهي هنا خبرية ، ويراد بها الكثرة ، وهي مبنية كنقيضتها «ربّ» ، وهي مبتدأ ، وغلبت : خبره. (دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) قرئ أيضا : دفاع الله ، وهما مصدران لدفع ، وكل من المصدرين مضاف إلى الفاعل. والناس : مفعول المصدر المضاف ، وبعضهم : بدل من الناس.

(تِلْكَ آياتُ اللهِ) مبتدأ وخبر ، و (نَتْلُوها) جملة فعلية حال من (آياتُ).

البلاغة :

(أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) : فيه استعارة تمثيلية ، فقد شبه حالهم والله تعالى يفيض عليهم بالصبر ، بحال الماء الذي يصب على الجسم كله.

المفردات اللغوية :

(آيَةَ) علامة (التَّابُوتُ) الصندوق المحفوظ فيه التوراة ، ويروى أنه مصنوع من خشب مموه (مطلي) بالذهب ، أخذه العمالقة ثم ردوه إلى بني إسرائيل الذين كانوا يستفتحون به على عدوهم ، ويقدمونه في القتال ، ويسكنون إليه ، كما قال تعالى : (فِيهِ سَكِينَةٌ) فيه طمأنينة لقلوبكم. ثم أخذه الفلسطينيون من بني إسرائيل حينما انتصروا عليهم ، ولما طلب الإسرائيليون من نبيهم صمويل الذي كان قاضيا أن يبعث لهم ملكا ، ففعل ، وجعل رجوع التابوت إليهم آية لملك طالوت.

(وَبَقِيَّةٌ) أي قطع الألواح ، وعصا موسى ونعلاه ، وعمامة هارون ، وقفيز من المن الذي كان ينزل عليهم. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ) على ملكه (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فحملته الملائكة بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه ، حتى وضعته عند طالوت ، فأقروا بملكه ، وسارعوا إلى الجهاد ، فاختار من شبابهم سبعين ألفا.

(فَلَمَّا فَصَلَ) خرج عن بلده بيت المقدس مصاحبا الجنود ، لقتال العمالقة ، وكان الحر شديدا ، وطلبوا منه الماء (قالَ : إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ) مختبركم ، والابتلاء : الاختبار والامتحان (بِنَهَرٍ) كان بين فلسطين والأردن ، وكان الاختبار بشرب شيء من مائه ليظهر المطيع من العاصي. (فَلَيْسَ مِنِّي) أي من أتباعي وأنصاري (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) يذقه (غُرْفَةً) المقدار

٤٢٦

الذي يملأ الكف بالاغتراف ، وكان المسموح به هو غرفة واحدة لا زيادة عليها. (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) وهم أصحاب الغرفة الذين اقتصروا عليها ، وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر رجلا (لا طاقَةَ) قوة (بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) أي لا طاقة بقتالهم وقد جبنوا ولم يجاوزه الذين شربوا من النهر ، وجالوت : أشهر أبطال الفلسطينيين أعدائهم. (كَمْ مِنْ فِئَةٍ) كم : خبرية بمعنى كثير ، والفئة : الجماعة من الناس ، سواء كانوا قليلين أو كثيرين (وَلَمَّا بَرَزُوا) ظهروا لقتالهم وتصافوا (أَفْرِغْ) أصبب (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) قونا على الجهاد ولا تزلزلنا عند المقاومة.

(فَهَزَمُوهُمْ) كسروهم (بِإِذْنِ اللهِ) بإرادته (وَقَتَلَ داوُدُ) وكان في عسكر طالوت ، وهو داود بن يسّى ، وكان راعي غنم ، وله سبعة إخوة هو أصغرهم.

(وَآتاهُ) أي داود (الْمُلْكَ) في بني إسرائيل (وَالْحِكْمَةَ) النبوة بعد موت شموئيل (صموئيل) وطالوت ، ولم يجتمع الملك والنبوة لأحد قبل داود ، وعليه نزل الزبور ، كما قال تعالى : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) [النساء ٤ / ١٦٣]. (وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) [البقرة ٢ / ٢٥١] كصنعة الدروع ، كما قال تعالى : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ ، لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ) [الأنبياء ٢١ / ٨٠] ومعرفة منطق الطير ، كما قال تعالى : (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) [النمل ٢٧ / ١٦] وفصل الخصومات ، لقوله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) [ص ٣٨ / ٢٠].

(لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) بغلبة المشركين ، وقتل المسلمين ، وتخريب المساجد.

(وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) فدفع بعضهم ببعض (تِلْكَ) هذه الآيات (نَتْلُوها) نقصها (عَلَيْكَ) يا محمد (بِالْحَقِ) بالصدق (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) أكد الكلام بإن واللام ردا لقول الكفار : لست مرسلا.

التفسير والبيان :

كان لبني إسرائيل مواقف تشدد وغلو ومطالب مادية مع أنبيائهم ، ومنها هذا الموقف ، إذ لم يقبلوا باختيار طالوت ملكا عليهم واشتدوا في عنادهم ، فقال لهم نبيهم : هناك دليل مادي على صحة اختياره ملكا وقائدا لكم ، وعلامة ذلك عودة التابوت (وكان له شأن ديني عندهم) إليكم عن طريقه ووصوله إلى بيته ، وفيه تحقيق الطمأنينة لقلوبكم وارتياح ضمائركم ، وبخاصة عند ما تقدمونه رمزا وشعارا وحاميا في قتالكم ، وفيه أيضا بقية مما ترك آل موسى وآل هارون ، وتلك

٤٢٧

البقية : هي قطع الألواح وعصا موسى وثيابه وعمامة هارون وشيء من التوراة وأشياء توارثها العلماء من أتباع موسى وهارون.

وقول النبي لهم : (إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ) لا يكون إلا بوحي ، لأنهم سألوه تعيين ملك لهم يقاتل في سبيل الله ، فأخبرهم النبي أن الله قد بعثه لكم.

وستحمل الملائكة التابوت إلى طالوت تشريفا وتكريما له ، وإن في مجيئه أو عودته دليلا على عناية الله بكم ، واختيار طالوت قائدا لكم ، لينهض بشؤونكم ، وينتصر على عدوكم ، فعليكم مؤازرته والرضا بملكه إن كنتم صادقي الإيمان بالله تعالى.

فالتفّ الناس حول قيادته واختار من شبابهم سبعين أو ثمانين ألفا ، وكان الوقت حرا ، فأراد أن يختبرهم بشيء ليعلم صدقهم في القتال ، فلما خرج طالوت من البلد مع هؤلاء الجند ، بدأ بالاختبار ، كما يفعل كل قائد حكيم.

فقال لهم : إن الله مختبركم ـ وهو الأعلم بكم ـ بنهر يصادفنا في أثناء الطريق إلى الأعداء ، فمن شرب منه فليس من أتباعي وأنصاري ، ومن لم يتذوقه فإنه من حزبي وأعواني ، وكذا من اغترف بيده غرفة فقط يبل بها ريقه ويدفع بها شيئا من العطش ، فالمرفوض هو النوع الأول ، والمقبول : النوعان الآخران.

فكانت نتيجة الاختبار : أن شربوا منه جميعا ، لاعتيادهم العصيان ، وضعف الإيمان ، إلا قليلا منهم وهم أهل الإيمان ، وصدق الاتباع ، والإخلاص في الدين. والخير في الواقع في هذه الفئة القليلة ، التي تفعل بصدق إيمانها ، وصلابة عزيمتها ما لا تفعله الفئة الكثيرة العدد ، ولكنها غثاء كغثاء السيل.

فلما جاوز طالوت النهر مع هذه القلة من المؤمنين الصادقين الذين أطاعوه ولم يخالفوه فيما منعهم منه ، ثم تبعهم الذين شربوا من النهر أخيرا ، قال بعض

٤٢٨

الجيش المؤمن لبعض ، لما رأوا جالوت وكثرة جنوده ، وتفوقهم عددا وعددا : لا قدرة لنا على محاربة هؤلاء الأعداء ، وهم جالوت وجنوده ، فضلا عن الأمل في التغلب عليهم ، فرد عليهم بقية المؤمنين الذين يوقنون بلقاء ربهم ومجازاته على أعمالهم في الآخرة ، والذين ينتظرون إحدى الحسنيين : إما الشهادة في سبيل الله ، وإما النصر على الأعداء : لا تغرنكم كثرة الأعداء ، فكثيرا ما غلبت الفئة القليلة العدد بقوة إيمانها ومشيئة الله الفئة الكثيرة العدد ، والله مع الصابرين بالتأييد والعون ، فإن النصر مع الصبر.

ولما ظهر طالوت ومن معه من جماعة المؤمنين لأعدائه الفلسطينيين : جالوت وجنوده ، وشاهدوا ما هم عليه من كثرة العدد وقوة العدد ، لجأوا إلى الله يدعونه ، كما هي عادة المضطر الخائف الذي لا يجد ملاذا غير الله في وقت الشدة وعسر المحنة ، فقالوا : (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً ، وَثَبِّتْ أَقْدامَنا ، وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ). أي ألهمنا الصبر ، وثبّت نفوسنا في القتال ، وحقق النصر لنا على الكافرين : عبدة الأوثان ، الذين يحبون الدنيا وتمتلئ قلوبهم بالأباطيل. وهذا دعاء عظيم في مثل هذا الموقف الرهيب ، وفيه حكمة وعقل ، إذ الصبر سبب الثبات ، والثبات سبب النصر ، وأحق الناس بالنصر هم المؤمنون.

وهنا تجلت عظمة الله ونعمته عند صدق الإيمان وصدق اللجوء إليه ، فأذن بنصر المؤمنين ، واستجاب دعاءهم ، وهزمت الفئة القليلة تلك الفئة الكثيرة بإذن الله وإرادته ، وقتل داود الفتى القوي جالوت جبار الفلسطينيين في مبارزة ، إذ رماه بمقلاعه ، فأصاب الحجر رأسه فصرعه ، ثم دنا منه ، وأخذ سيفه ، واحتزّ به رأسه ، وجاء به فألقاه بين يدي طالوت ، وانهزم جنوده وأتباعه.

فاشتهر داود بين الناس ، وورث ملك بني إسرائيل ، وآتاه الله النبوة ، وأنزل عليه التوراة ، وعلمه صنعة الدروع ، وعرفه منطق الطير ، وعلمه علوم

٤٢٩

الدين وكيفية فصل الخصومات ، كما قال الله تعالى : (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ ، وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) [ص ٣٨ / ٢٠] ولم يجتمع الملك والنبوة لأحد قبله ، إذ كان لبني إسرائيل في الماضي نبي وملك ، وكان النبي قبل داود هو شمويل (صموئيل) ، والملك هو طالوت ، فلما توفيا صار له الملك والنبوة.

ثم بيّن الله تعالى الحكمة من القتال ، فإذا كانت الحرب ظاهرة اجتماعية منذ أن اقتتل أبناء آدم ، فقتل قابيل هابيل ، ولا تخلو من ضرر وخطر ، فإنها لا تخلو أيضا من نفع وخير ، فلو لا دفع الله أهل البغي والشر بأهل العدل والإصلاح والخير ، وتسليط جماعة على أخرى ، لغلب أهل الفساد ، وفسدت الأرض ، وعمت الفوضى ، وساد الظلم ، وهدّمت أماكن العبادة لذكر الله ، ولكن الله ذو فضل كبير على الناس جميعا ، وذو رحمة بهم ، حيث يسلط على الظالم من يهلكه ، ويدحر أهل الباطل بجند الحق ، فإذا ظهر ظالم آخر ، أرسل الله له في الوقت المناسب من يخلص الناس منه ، وهكذا ينصر الله رسله بالغيب ، ويؤيد أعوانه في اللحظة الحاسمة التي يريدها.

تلك آيات الله نتلوها عليك يا محمد ، وتلك القصص الغابرة نعرفك بها ، فهي مطابقة للواقع والتاريخ ، ولم تكن تعلمها ، لأنك نبي أمي ، لتكون دليلا على صدق نبوتك وصحة رسالتك ، وليقتنع بها معاصروك وتصدّق بها الأجيال المتلاحقة على ممر الزمان ، وهكذا تكون القصص عبرة وعظة يستفيد منها كل إنسان ، كما قال الله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ، ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى ، وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُدىً ، وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف ١٢ / ١١١].

٤٣٠

أضواء من التاريخ على قصة طالوت وجالوت (١) :

ظل بنو إسرائيل بعد مجيئهم إلى فلسطين بعد موسى عليه‌السلام من غير ملك ٣٥٦ سنة ، وتعرضوا في تلك الفترة لغزوات الأمم القريبة منهم كالعمالقة من العرب ، وأهل مدين وفلسطين والآراميين وغيرهم ، فمرة يغلبون وتارة يغلبون.

وفي أواسط المائة الرابعة أيام «عالي الكاهن» تحارب العبرانيون مع الفلسطينيين سكان أشدود قرب غزة ، فغلبهم الفلسطينيون ، وأخذوا تابوت العهد منهم ، وهو التابوت (الصندوق) الذي فيه التوراة أي الشريعة ، فعزّ عليهم ذلك ، لأنهم كانوا يستنصرون به.

وكان من قضاة بني إسرائيل نبي اسمه صمويل ، جاء إليه جماعة من أشرافهم وشيوخهم في بلدة الرامة ، وطلبوا منه تعيين ملك عليهم ، يقودهم إلى قتال أعدائهم الذين أذلوهم وقهروهم زمنا طويلا ، فلم يقتنع بمطلبهم لما يعلمه من تخاذل نفوسهم ، إن فرض عليهم القتال ، فأجابوه بأن دواعي القتال موجودة: وهي إخراج الأعداء لهم من أوطانهم وأسرهم أبناءهم.

فجعل عليهم طالوت ملكا ، واسمه في سفر صمويل : شاول بن قيس ، من سبط بنيامين ، وكان شابا جميلا عالما وأطول بني إسرائيل ، فرضي به جماعة ، ورفضه آخرون ، لأنه ليس من سلالة الملوك ، وهو راع فقير.

وحاول صمويل إقناعهم بكفاءة طالوت وجدارته للملك والسلطة ، وحسن الاختيار ، ورضا الله عنه ، وأن الدليل المادي على ملكه هو عودة التابوت الذي أخذه منهم الفلسطينيون إليهم ، وأن الملائكة تحمله إلى بيت طالوت تشريفا وتكريما له ، فرضوا به.

قام طالوت بتكوين الجيش وجمع الجنود لمحاربة الفلسطينيين (العمالقة)

__________________

(١) انظر قصص الأنبياء للأستاذ عبد الوهاب النجار : ص ٣٠٣ ، ط رابعة.

٤٣١

بزعامة أو إمارة جالوت الجبار الذي كان قائدهم وبطلهم الشجاع الذي يهابه الناس. وتم فعلا اختيار سبعين أو ثمانين ألفا من شباب بني إسرائيل ، وخرج معهم لقتال الأعداء.

ولكن حكمة القائد طالوت ومعرفته بهم وتشككه في صدقهم وثباتهم ، دفعته إلى اختبارهم في أثناء الطريق وفي وقت الحر بالشرب من نهر بين فلسطين والأردن ، فتبين له عصيان الأكثرين ، وطاعة الأقلين ، فتابع الطريق وتجاوز النهر مع القلة المؤمنة ، ولكن بعضهم قالوا حين مشاهدة جيش جالوت العظيم : لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ، فرد عليهم الآخرون بأنه كثيرا ما غلبت الفئة القليلة فئات كثيرة بإذن الله.

وكان من حاضري الحرب داود بن يسّى الذي كان شابا صغيرا راعيا للغنم ، لا خبرة له بالحرب ، أرسله أبوه ليأتيه بأخبار إخوته الثلاثة مع طالوت ، فرأى جالوت يطلب المبارزة ، والناس يهابونه ، فسأل داود عما يكافأ به قاتل هذا الفلسطيني ، فأجيب بأن الملك يغنيه غنى جزيلا ، ويعطيه ابنته ، ويجعل بيت أبيه حرا.

فذهب داود إلى طالوت يستأذنه بمبارزة جالوت أمير العمالقة وكان من أشد الناس وأقواهم ، فضن به وحذره ، فقال : إني قتلت أسدا أخذ شاة من غنم أبي ، وكان معه دب فقتلته. ثم تقدم بعصاه وخمسة أحجار ماس في جعبته ، ومعه مقلاعه ، وبعد كلام مع جالوت ، رماه داود بحجر ، فأصاب جبهته فصرع ، ثم تقدم منه وأخذ سيفه ، وحزّ به رأسه ، وهزم الفلسطينيون ، فزوجه الملك ابنته «ميكال» وجعله رئيس الجند.

فقه الحياة أو الأحكام والعبرة من هذه القصة :

ذكر أن التابوت أنزله الله على آدم عليه‌السلام ، ثم وصل إلى يعقوب عليه

٤٣٢

السلام ، فكان في بني إسرائيل ، يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا ، فغلبوا على التابوت ، غلبهم عليه العمالقة : جالوت وأصحابه ، وسلبوا منهم التابوت.

وهذا أدل دليل على أن العصيان سبب الخذلان ، كما أوضح القرطبي (١). وظاهر بداية الآية : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ ...) وما قبلها يدل على أنهم كانوا مقرّين بنبوة هذا النبي الذي كان معهم (٢).

ودل قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) على مبدأ سد الذرائع ، لأن أدنى الذوق يدخل في لفظ الطعم ، فإذا وقع النهي عن الطعم فلا سبيل إلى وقوع الشرب ممن يتجنب الطعم ، لذا لم يقل: «ومن لم يشرب منه».

ودل ذلك أيضا على أن الماء طعام ، وإذا كان طعاما كان قوتا لبقائه واقتيات الأبدان به ، فوجب أن يجري فيه الربا ، وهو الصحيح من مذهب مالك ، وهو أيضا مذهب الشافعي ، فلا يجوز بيع الماء متفاضلا ، ولا يجوز إلى أجل ، والعلة فيه : كونه مأكولا ومتحد الجنس. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : لا بأس ببيع الماء على الشط بالماء متفاضلا وإلى أجل. ولا يجوز بيعه كذلك عند محمد بن الحسن ، لأن علته في الربا الكيل والوزن ، وهو مما يكال ويوزن.

ودفع الله الناس بعضهم ببعض قد يكون بجماعة في مواجهة أخرى ، وقد يكون بالفرد الواحد ، قال ابن عمر : قال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة من أهل بيته وجيرانه البلاء» ، ثم قرأ ابن عمر : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) [البقرة ٢ / ٢٥١] ، وروى جابر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله ليصلح بصلاح الرجل ولده ، وولد ولده ، وأهل دويرته ، ودويرات حوله ، ولا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم».

__________________

(١) تفسير القرطبي : ٣ / ٢٤٧

(٢) البحر المحيط : ٢ / ٢٦١

٤٣٣

وقوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) بيان واضح أن دفعه سبحانه بالمؤمنين شر الكافرين فضل منه ونعمة.

ونبه تعالى نبيه بقوله : (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) على أن هذه الآيات التي تقدم ذكرها لا يعلمها إلا نبي مرسل.

وفي هذه القصة القرآنية أحكام عامة أهمها ما يأتي :

١ ـ إن الشعور بالظلم والذل والاستعباد هو الذي يولد الانفجار ، وإن الأمم إذا اعتدي عليها لا سبيل إلى استرداد عزتها إلا بتوحيد صفوفها تحت قيادة زعيم عادل وقائد باسل ، كما فعل بنو إسرائيل حينما تغلب عليهم أهل فلسطين.

٢ ـ إن أول من يتنبه للخطر والضرر اللاحق بالأمة هم خواصها وعلماؤها وأشرافها وأهل الفضل فيها ، كما حدث من ملأ بني إسرائيل حينما طلبوا تنصيب ملك عليهم.

٣ ـ يظن الجهال أن أحق الناس بالزعامة والقيادة أصحاب النفوذ والثروة ، كما زعم بنو إسرائيل: (وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ) مع أن الأجدر بالقيادة أهل العلم والخبرة والمقدرة الشخصية والخلق الكريم.

٤ ـ إن من شأن الأمم الاختلاف في اختيار القائد أو الرئيس ، فيجب أن يكون هناك مرجح وحاسم للخلاف ، وكان ذلك المرجح هو ما يختاره نبي بني إسرائيل بطلب الملأ منهم ، والمرجح في الإسلام بعد النبي رأي أهل الحل والعقد : وهم العلماء وأصحاب المكانة في الأمة.

٥ ـ تتجلى شروط الإمامة في اختيار الأكفاء ، لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) وإذا انضم إلى ذلك قوة العصبة والقبيلة

٤٣٤

والنفوذ كان أولى ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الأئمة من قريش» (١).

٦ ـ دل قوله تعالى : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) على أن التوفيق الإلهي في اختيار القائد قائم على العدل التام والسنة الحكيمة ورعاية المصلحة العامة.

٧ ـ إن من أوليات شروط النصر والغلبة توافر الطاعة التامة للقائد من قبل الجنود ، وهذا ما أخذت به قوانين الجيوش الحالية.

٨ ـ إن الفئة القليلة قد تغلب الفئة الكثيرة بقوة الإيمان والصبر والثبات وإطاعة القواد. والمقصود بالإيمان : هو الإيمان بالله تعالى والتصديق بلقائه ، وانتظار الثواب العظيم ، وتحقيق المكانة العالية للشهداء في الجنة.

٩ ـ إن الدعاء في وقت الشدة وفي أثناء المعركة مفيد ومحقق للغاية ، لأن الدعاء آية الإيمان ، والعون على الثبات ، كما قال الله تعالى : (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا : رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً ...) الآية ، وقال : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ) وقال الله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا ، وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً ، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال ٨ / ٤٥].

١٠ ـ إن نظرية تنازع البقاء وبقاء الأصلح تشبه إلى حد كبير قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) وقوله عزوجل : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً ، وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) [الرعد ١٣ / ١٧].

انتهى الجزء الثاني

__________________

(١) رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني عن بكير بن وهب.

٤٣٥

فهرس الجزء الثاني

الموضوع

 الصفحة

التمهيد لتحويل القبلة............................................................. ٥

تحويل القبلة.................................................................... ١٧

هل القبلة للغائب عين الكعبة أو الجهة؟...................................... ٢٥

حكم الصلاة فوق الكعبة.................................................. ٢٦

الاختلاف في القبلة وأسباب تحويلها.............................................. ٢٩

الصبر على البلاء............................................................... ٢٧

السعي بين الصفاء والمروة وجزاء كتمان آات الله تعالى............................... ٤٥

وحدانية الإله ورحمته ومظاهر قدرته................................................ ٥٧

حال المشركين مع آلهتم.......................................................... ٦٦

تحلل الطيبات ومنشأ تحريم الحرمات............................................... ٧١

الحلال والحرام من المأكل......................................................... ٧٧

اراء الفقهاء في الحيوان المأكول............................................... ٨١

حكم الجنين الذي ذبحت أمه وخرج ميتا...................................... ٨٣

الانتفاع بدهن اليتة في غير الأكل........................................... ٨٤

حكم دباغ جلد الميتة...................................................... ٨٤

أجزاء الميتة الصلبة التي لا دم فيها........................................... ٨٤

ما وقعت فيه فأرة......................................................... ٨٥

نوع الدم الحرام وما يحرم من الخنزير........................................... ٨٥

٤٣٦

ما أهل به لغير الله......................................................... ٨٦

من اضطر الى شيء من المحرمات............................................. ٨٦

التداوي بالحرام............................................................ ٨٧

كتمان أهل الكتاب ما أنزل الله تعالى............................................. ٨٨

مظاهر البر الحقيقي............................................................. ٩٣

مشروعية القصاص وحكمته.................................................... ١٠٣

مسائل فقيهة :.......................................................... ١٠٩

١ ـ قتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر........................................ ١٠٩

٢ ـ قتل الرجل بالمرأة..................................................... ١١٢

٣ ـ قتل الوالد بالولد..................................................... ١١٢

٤ ـ قتل الجماعة بالواحد.................................................. ١١٣

٥ ـ المماثلة في تطبيق القصاص ـ أداة القصاص............................... ١١٤

٦ ـ أخذ الدية من قاتل العمد............................................. ١١٤

٧ ـ هل للنساء عفو؟..................................................... ١١٥

٨ ـ هل الاتباع بالمعروف والأداء واجب أو مندوب؟.......................... ١١٥

٩ ـ حكم القاتل بعد أخذ الدية........................................... ١١٦

١٠ ـ القصاص للحاكم.................................................. ١١٦

١١ ـ القصاص من الحاكم نفسه........................................... ١١٦

الوصية الواجبة................................................................ ١١٧

مسائل فقهية :.......................................................... ١٢٢

١ ـ مقدار الوصية........................................................ ١٢٢

٢ ـ الوصية بجميع المال مع وجود الورثة...................................... ١٢٢

٤٣٧

٢ ـ الوصية لغير القرابة مع وجود القرابة..................................... ١٢٣

٤ ـ الحجر على المريض مرض الموت........................................ ١٢٣

٥ ـ الوصية بأكثر من الثلث او لوارث...................................... ١٢٣

٦ ـ رجوع المجزين للوصية للوارث في حياة الموصي بعد وفاته.................... ١٢٣

٧ ـ وصي الصبي المميز والسفيه والمجنون..................................... ١٢٤

٨ ـ تبديل الوصية........................................................ ١٢٥

٩ ـ الوصية بمعصية....................................................... ١٢٥

١٠ ـ الإصلاح والحكم بالظن............................................. ١٢٥

١١ ـ أفضلية الصدقة حال الحياة.......................................... ١٢٦

١٢ ـ الاضرار في الوصية.................................................. ١٢٦

فرضية الصيام................................................................ ١٢٧

حكمة الصيام................................................................ ١٣٠

أحكام الصيام................................................................ ١٤٧

هل الدعاء يفيد؟............................................................. ١٥٣

أكل الأموال بالباطل.......................................................... ١٦٢

التوقيت بالشهر القمري وحقيقة البر............................................. ١٦٨

قواعد القتال في سبيل الله تعالى................................................. ١٧٤

أحكام الحج والعمرة........................................................... ١٩٢

تتمة أحكام الحج............................................................. ٢٠٩

الناس إما منافقون أو مخلصون.................................................. ٢٣٦

الدعوة إلى قبول الإسلام واتباع أحكامه وجزاء المخالف............................. ٢٣٢

الحاجة إلى الرسل وما يلاقونه مع المؤمنين في سبيل دعوتهم.......................... ٢٤٣

٤٣٨

مقدار نفقة التطوع ومصرفها.................................................... ٢٥٢

فرضية القتال واباحته في الأشهر الحرم............................................ ٢٥٧

علة مشروعية القتال..................................................... ٢٦٥

هل يستتاب المرتد قبل قتله؟.............................................. ٢٦٧

المرحلة الثانية من مراحل تحريم الخمر وحرمة القمار................................. ٢٦٨

الخمر وأضرارها.......................................................... ٢٧٣

الميسر أو القمار وأضراره.................................................. ٢٧٨

إنفاق الزائد عن الحاجة (العفو)............................................ ٢٧٩

الولاية على مال اليتيم......................................................... ٢٨٤

الاجتهاد............................................................... ٢٨٩

زواج المسلم بالمشركة........................................................... ٢٨١

الحيض وأحكامه.............................................................. ٢٩٦

الحلف بالله ويمين اللغو......................................................... ٣٠٦

حكم الإبلاء................................................................. ٣١١

عدة المطلقة وحقوق النساء..................................................... ٣١٧

١ ـ وجوب العدة........................................................ ٣٢٣

٢ ـ مشروعية الرجعة..................................................... ٣٢٥

٣ ـ حقوق الزوجين...................................................... ٣٢٨

عدد الطلاق وما يترتب عليه من أحكام......................................... ٣٣٠

١ ـ السنة في الطلاق..................................................... ٣٣١

٢ ـ الخلع............................................................... ٣٤٢

٣ ـ نكاح المتوتة......................................................... ٣٤٦

٤٣٩

واجب الرجل في معاملة المطلقة وولاية الترويج..................................... ٣٤٨

الاسترضاع بأجر ومدة الرضاع ونفقة الأولاد وأحكام أخرى......................... ٣٥٦

عدة المتوفى عنها زوجها......................................................... ٣٦٧

ما تمتنع منه المعتدة....................................................... ٣٦٩

خطبة المتوفى عنها زوجها تعريضا ووقت العقد..................................... ٣٧٥

المطلقة قبل الدخول ومتعتها أو وجوب نصف المهر لها.............................. ٣٨٢

الحفاظ على الصلاة........................................................... ٣٩١

وصية الحول للمتوفى عنها زوجها ومتعة كل مطلقة.................................. ٤٠١

موت الأمم بالجبن والبخل وحياتها بالشجاعة والإنفاق.............................. ٤٠٩

قصة النبي صمويل والملك طالوت وترك بني إسرائيل الجهاد.......................... ٤١٩

إثبات ملك طالوت واختباره الأتباع ، وانهزام الفئة الكثيرة أمام الفئة القليلة............ ٤٢٥

أضواء من الناريخ على قصة طالوت وجالوت................................ ٤٣١

٤٤٠