المحكم في أصول الفقه - ج ١

السيّد محمّد سعيد الطباطبائي الحكيم

المحكم في أصول الفقه - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد سعيد الطباطبائي الحكيم


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة المنار
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٨

مع أنه صرح في مبحث النواهي ـ من حاشيته على تقريره لدرس شيخه ـ بالفرق بينهما ، وأن المتعلق في الأول الفعل ، ومعنى النهي عنه هو الزجر عنه الناشئ من اشتماله على المفسدة ، والراجع لتحريمه ، ومتعلق الثاني الترك لاشتماله على المصلحة الداعية لطلبه ، فيرجع إلى إيجابه.

ومن هنا لا يبعد كون مفاد النهي عنه اعتبار حرمان المكلف من متعلقه أو ما يشبه ذلك ، والأمر سهل.

ثانيهما : لما كان الفرق بين الحكم الإلزامي وغيره بزيادة حدّ في الإلزامي يستتبع المسئولية بالإضافة للجهة التي يبتني الخطاب عليها ، مع اشتراكهما في أصل المشروعية ، والانتساب للمولى التي هي ملاك اقتضائية الحكم ، كان الحكم الاقتضائي غير الإلزامي موجودا بذاته في ضمن الإلزامي ، وإن لم يكن موجودا بحدّه.

وحينئذ فالمرتكزات العقلائية قاضية بأنه كما يكون للحاكم رفع الحكم الإلزامي بكلا حدّيه ، فلا تبقى معه المشروعية ، له رفعه بحدّه المميّز له عن الحكم غير الإلزامي ، برفع المسئولية المقتضية للإلزام مع بقاء المشروعية ، ولازم ذلك أن يخلفه الحكم الاقتضائي غير الإلزامي ، لتماميّة حدّيه بذلك.

فرفع الإلزام والحكم بالاستحباب ـ مثلا ـ لا يتوقف على رفع مشروعية الفعل المقارنة للإلزام ، ثم تشريعه مرة اخرى ، وتشخيص الرفع وأنه بأيّ من النحوين تابع لما يستفيده الفقيه من دليله.

الأمر الثالث : مما سبق يظهر أن الحكم غير الاقتضائي ـ وهو الإباحة التي هي أحد الحكام الخمسة ـ متقوّم بعدم الجهة المقتضية لأحد الأحكام مطابق لمقتضى الأصل الأوّلي الذي يكفي فيه عدم الخطاب المبتني على

٤١

ملاحظة الجهة المقتضية للمتابعة ، لا بالأمر ولا بالنهي.

والمصحح للحكم به ، وجعله مع ذلك هو فتح الطريق للعبيد في استناد عملهم في مقام السعة لتشريع المولى ، فإن فعل الشيء أو تركه لإباحة المولى له أظهر في العبودية له تعالى ، والفناء في سبيله من استناده لمجرد عدم منعه منه.

كما قد يشير إليه ما عن تفسير النعماني باسناده عن علي عليه السلام : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إن الله تعالى يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه» (١).

بل لما كان استناد السعة لعدم التكليف من باب الاستناد لعدم المانع ، واستنادها للتحليل من باب الاستناد لوجود المقتضي ، كفى ذلك في صحة الجعل ارتكازا ، وكان أدعى للشكر على نعمة التخفيف والسعة.

اللهمّ إلّا أن يقال : هذا إنما يقتضي تشريع الحل بالمعنى الأعم ، لكفايته في السعة عملا ، كما هو ظاهر الأدلة المتضمّنة للرخصة والحل والإباحة ونحوها. وأما خصوصية عدم الاقتضاء والإلزام فلا أثر لها فيها ، ولعله لذا لم نعهد دليلا يتضمّن الإباحة بالمعنى الأخص ، بل لا نعرف لفظا مختصا بها لغة ، وإنما هي اصطلاح للفقهاء في مقام تقسيم الأحكام.

وما تقدّم من أن تقسيم الأحكام للخمسة عقلي إنما هو بلحاظ وجودها في الجملة ، وإن كان انتزاعيا ، على ما يأتي توضيحه.

ودعوى : أن الملاك لا يخلو عن إحدى الحالات الخمس ، ولازمه جعل

__________________

(١) الوسائل ج ١ ، باب : ٢٥ من أبواب مقدمة العبادات ، حديث : ١ ، وج ١١ ، باب : ٢٩ من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حديث : ٢٠.

٤٢

الأحكام على طبق كل منها ، ومنها الإباحة بالمعنى الأخص.

مدفوعة : بأن اللازم عدم مخالفة التشريع للملاك ، لا مطابقته له ، ولذا لا يحسن التشريع في مورد عدم الأثر العملي له وإن كان ملاكه موجودا ، ويكفي في استيفاء الملاك بالتشريع في المورد المذكور تشريع الحل بالمعنى الأعم مع عدم تشريع حكم اقتضائي في مورده.

وأما تشريع الإباحة المذكورة فلا بد فيه ثبوتا من غرض مصحح له ، وإثباتا من قيام الدليل عليه ، وكلاهما غير ظاهر.

ومن هنا لا طريق لإحراز جعل الحكم المذكور بحدّه ، بل غاية ما يدّعى كونه منتزعا من تشريع الحل بالمعنى الأعم ، مع عدم تشريع حكم اقتضائي في مورده.

ثم إن الوجه المتقدم إنما ينهض بإمكان تشريع الحل وعدم لغويته ، فلا يلزم رفع اليد عن ظاهر أدلته ، وحملها على مجرد نفي التحريم.

أما لزوم جعله في مورد عدم التحريم ، أو عدم الحكم الاقتضائي فلا طريق له ، بل يمكن اكتفاء الشارع في كثير من الموارد بعدم تشريع الحكم الاقتضائي ، لعدم تحقق ملاكه ، لما سبق من عدم الأثر العملي له.

نعم ، لو كان مرجع الحكم الاقتضائي الإرادة والكراهة الحقيقيتين كان مرجع الحل بالمعنى الأعم الرضا بالفعل أو الترك ، ومرجع الاباحة بالمعنى الأخص الرضا بهما معا ، وحينئذ يمتنع خلو الواقعة عن أحد الأحكام الخمسة من مثل الشارع الأقدس الذي يستحيل في حقه الغافلة عن الواقعة ، إذ الالتفات للشيء مستلزم لإرادته أو كراهته ، أو محض الرضا به من دونهما. لكن سبق ضعف المبنى المذكور.

٤٣

الأمر الرابع :بناء على ما تقدّم منا في حقيقة الحكم الاقتضائي يكون وجوده مستندا للحاكم تبعا لخطابه الخاص ، من دون أن يكون مجعولا له اعتبارا بما له من مفهوم اسمي ، نظير الجعل في الوضعيات.

أما بناء على إناطته بالإرادة والكراهة الحقيقيتين ، فإن كان متحدا معهما كان أمرا تكوينيا ليس من أفعال الحاكم ، بل من الكيفيات النفسانية التابعة لأسبابها التكوينية ، كالعلم بالمصلحة والمفسدة ، ونحوه.

وإن كان منتزعا منهما في ظرف إبرازهما بالإنشاء القولي أو الفعلي ـ كما يظهر من بعض الأعيان المحققين (قدس سره) ـ كان أمرا انتزاعيا غير مجعول بنفسه ، ولا بمنشإ انتزاعه ، وإنما يستند للمولى بلحاظ كون أحد جزئي منشأ انتزاعه ـ وهو إبراز الإرادة والكراهة ـ فعلا اختياريا له.

نعم ، يكون أمرا جعليا اعتباريا بناء على ما سبق من بعض الأعاظم (قدس سره) من كونه عبارة عن ما يتبع الإرادة ، وهو إيقاع المادة على المخاطب تشريعا.

ومثله ما سبق من بعض مشايخنا من تقومه بإبراز اعتبار المادة في ذمة المكلف ، حيث يكون كسائر الامور الوضعية ، له نحو من الوجود الاعتباري المقصود بالجعل ممن بيده الاعتبار.

الأمر الخامس : التكليف وإن كان تابعا لفعلية الخطاب به تبعا لفعلية موضوعه ، إلا أن الظاهر بمقتضى المرتكزات العقلائية أن موضوع الإطاعة ، والمعصية والتقرب هو فعلية الغرض بمعنى بلوغه مرتبة الداعوية ، بحيث يهتم المولى بحفظه وإن لم يكن التكليف على طبقه فعليا ، لوجود المانع من فعلية الخطاب به كالعجز عن امتثاله.

٤٤

ومن ثمّ ذكروا : عدم جواز تعجيز المكلف نفسه عن امتثال التكليف قبل دخول الوقت ، فضلا عما بعده.

كما ذكرنا في مبحث التزاحم : عدم جواز فعل ما يؤدي إلى تزاحم التكليفين ، المؤدي لتعذر امتثال أحدهما وإن سقط به الخطاب به.

وذكروا في مسألة الضد : أن سقوط أمر المهمّ لمزاحمته بأمر الأهمّ ـ بناء على عدم الأمر الترتبي بالمهمّ معه ـ لا يمنع من مشروعية التقرّب به بلحاظ ملاكه.

وتترتب على ذلك ثمرات مهمة ، اشير إليها في مباحث التزاحم ، استوفينا الكلام في كثير منها في مبحث التعبدي والتوصلي ، ومسألة الضد ، واجتماع الأمر والنهي ، ومبحث التعارض.

بل لا إشكال في حسن تحصيل الغرض المذكور مع غفلة المولى عنه ـ لو كان ممن يمكن منه الغافلة كما في الموالي العرفيين ـ وكفايته في التقرّب إليه ، بل لزوم تحصيله مع كونه لزوميا وعدم صحة الاعتذار بعدم فعلية الخطاب به.

نعم ، لا مجال لذلك مع انحصار الغرض بالامتحان ، وعدم رجوعه إلى ملاك في المتعلق من شأنه أن يستتبع الخطاب به ، لأن غفلة المولى مساوقة لعدم فعلية غرضه المذكور ، لأن الامتحان أمر قصدي ، فلا موضوع للامتثال والتقرب حينئذ.

٤٥
٤٦

المقام الثاني

في الأحكام الوضعية

وهي مقابلة للأحكام التكليفية التي سبق أنها متعلّقة بفعل المكلف بنحو تقتضيه وجودا ، أو عدما ، أو تبتني على محض السعة فيه ، سواء لم تتعلق بفعل المكلف ، كسببية موت الحيوان لنجاسته ، أم تعلّقت به لا على نحو الاقتضاء أو السعة ، كسببية الظهار لوجوب الكفارة ، فإن تعلق السببية بالظهار ليس بنحو يقتضي فعله أو تركه أو السعة فيه.

وينبغي تقديم أمور قبل الكلام في حقيقتها ..

الأمر الأول : أن إطلاق الحكم في المقام ليس باعتبار فرض الحكم به شرعا ، لأن حكم الشارع به مساوق لجعله له ، مع أن الكلام إنما هو في جعل الشارع للأحكام الوضعية.

بل يراد به ما وقع الحكم به في لسان أهل الاستدلال أو المتشرعة مما كان صدقه تابعا في الجملة لجعل الشارع ، سواء كان مجعولا له ، أم لازما لجعله ، أم نحو ذلك.

٤٧

الأمر الثاني : ربما وقع الاختلاف في عدد الأحكام الوضعية ..

فقيل : إنها ثلاثة : وهي السببية ، والشرطية ، والمانعية.

وقيل : إنها خمسة ، بزيادة العلية ، والعلامية.

وقيل : إنها تسعة ، بإضافة الصحة ، والفساد ، والرخصة ، والعزيمة.

وقيل : إنها غير محصورة ، بل كل ما ليس بحكم تكليفي فهو وضعي.

ولا طريق لنا لتحديد المصطلح المذكور ، بعد عدم الوقوف على مبدئه ومنشئه.

نعم ، حيث كان سبب البحث فيها هنا هو الاختلاف في حقائقها ، فالمناسب تعميم البحث لكل ما ليس بحكم تكليفي.

بل لا بأس بتعميم المصطلح فعلا لذلك ، تبعا لعموم الغرض المصحح للاصطلاح ، كما جرى عليه مشايخنا في العصور القريبة.

ولعل منشأ التخصيص بالبعض في كلام بعضهم عدم التوجه لعموم الغرض ولو بسبب عدم ظهور الخلاف في غيره. والأمر سهل.

الأمر الثالث : الكلام في حقيقة الأحكام الوضعية ليس في تحديد مفاهيمها تفصيلا ، لعدم تيسر ذلك بسبب كثرتها ، وبساطة مفاهيمها ، وارتكازية بعضها بالنحو غير القابل للشرح والتوضيح.

مع أنه لا أثر مهمّ لذلك ، فلو اشير إلى ذلك في بعضها فهو استطراد خارج عن محل الكلام.

بل الكلام إنما هو في جعلها شرعا ، بحيث يكون لها بسبب الجعل الشرعي نحو من الوجود الصالح لترتب الأثر. لما يترتب على ذلك من الثمرة المهمة ، وهي إمكان التعبّد بها ظاهرا عند الشك فيها.

٤٨

بيان ذلك : أنه لا ريب في أن المصحح للتعبد الشرعي الظاهري بالشيء هو ترتب الأثر العملي عليه ، بحيث يكون منشأ لحدوث الداعي العقلي للعمل ، ويلغو بدون ذلك ، إما لكونه أجنبيا عن مقام العمل ؛ كطيران الطير في الجوّ ، أو لمضي وقت العمل ؛ كما لو شك بعد وطء المرأة في حيضها حين الوطء ، أو لتعذر العمل ؛ كما لو شك في طهارة الماء الذي يتعذّر استعماله.

كما أنه تقرر في مباحث الأصل المثبت أنه لا بد في العمل الملحوظ في مقام التعبد الظاهري من كونه مترتبا بلحاظ القضايا الشرعية من دون توسط أمر خارج عنها ، إما لكون الأمر المتعبد به ظاهرا مجعولا للشارع ومنشأ لحدوث الداعي العقلي للعمل بلا واسطة ـ كالأحكام التكليفية ـ أو لكونه موضوعا لحكم شرعي يترتب عليه العمل ، وإن لم يكن في نفسه مجعولا شرعيا ، كالحيض الذي هو موضوع للأحكام التكليفية الخاصة.

وحينئذ يقع الكلام في المقام في أن الحكم الوضعي هل له نحو من الوجود مستند لجعل الشارع ، ليمكن التعبد به ظاهرا ، نفيا ، أو إثباتا ، بلحاظ كلّ من العمل المترتب عليه بلا واسطة ، والمترتب عليه بواسطة حكمه الشرعي؟

أو أن له نحوا من الوجود لا يستند للشارع ، فلا يمكن التعبد به إلّا بلحاظ العمل المترتب عليه بواسطة حكمه الشرعي ، دون المترتب عليه بلا واسطة؟

أو أنه ليس له نحو من الوجود أصلا ، فلا يترتب عليه العمل بنفسه ، كما لا يكون موضوعا لحكم شرعي يترتب عليه العمل بواسطته ، فلا يمكن التعبد به أصلا؟

٤٩

الأمر الرابع : قد يعبر عن الموجود تارة : بالأمر الحقيقي. واخرى : بالأمر الاعتباري. وثالثة : بالأمر الانتزاعي.

ولا إشكال في المراد بالأمر الحقيقي ، وأنه عبارة عمّا له ما بإزاء في الخارج التكويني ، وأنه يستند في وجوده لأسبابه التكوينية من دون دخل فيه للتشريع. وإن كان ربما يقع الكلام في بعض مصاديقه. وهو غير مهم في المقام.

وإنما المهم تعيين الأمر الاعتباري والانتزاعي حيث وقع الكلام في حقيقتهما ، وربما وقع الخلط بينهما للاشتباه في المفهوم أو المصداق.

والظاهر أن الأمر الاعتباري هو المفهوم المتقرر عند الشارع ، أو العرف الذي له نحو من الوجود تابع ثبوتا لجعله والبناء عليه ، ممّن بيده أمره من شرع أو عرف أو سلطان ، ومسبّب عن حكمه به ، من دون أن يكون له ما بإزاء في الخارج.

وبذلك يكون متوسطا بين الأمر الحقيقي والادعائي المحض ، لأن الأول له ما بإزاء في الخارج مستند لسببه التكويني من دون دخل للجعل والبناء فيه ، والثاني لا يكون له بنظر العرف وجود مسبب عن ادعائه والحكم به ، بل ليس له وراءهما شيء ، كما في موارد الاستعارات والمبالغات والتنزيلات الواردة في مقام الحكم ، والتي تبتني على العلاقات المجازية ونحوها.

ولا معنى لمنع وجود الأمر الاعتباري بعد ما ذكرناه من فرض أن له وجودا بنظر العرف من دون أن يكون له ما بإزاء في الخارج ، لأن إنكار وجوده في عالم الاعتبار خلاف الفرض ، وإنكار وجوده في الخارج إنكار لأمر خارج عن المدعى.

٥٠

نعم ، لا بد من غرض عقلائي مصحح لانتزاع المفهوم الاعتباري والبناء عليه في عالم الاعتبار ، بعد فرض عدم التقرر له في الخارج. والظاهر أن الغرض منه تنظيم الأحكام والآثار العملية التابعة لمن بيده الاعتبار من شرع أو عرف ، وكما كان له جعل الأحكام ، كان له اختراع الموضوع فيها لتنظيمها. لكن لا بمعنى تقوم مفهوم الأمر الاعتباري بخصوص بعض الأحكام ، ليلزم ارتفاعه بارتفاعها ، بل بمعنى كون اعتباره لأجل تحديد الموضوع الصالح لها ، ليسهل تنظيمها ، وإن لم تشرع في بعض موارده لفقده بعض شروطها.

وبما ذكرنا يظهر ضعف ما ذكره بعض الأعاظم (قدس سره) في بعض الامور الاعتبارية من أنها من مراتب بعض الأمور الحقيقية ، فإنه بعد أن ذكر أن الملكية من الامور الاعتبارية ذكر أنه يمكن أن يقال : إنها من سنخ الملكية الحقيقية ، فإنّ حقيقة الملكية هي الواجدية ، والسلطنة ، والإحاطة على الشيء ، وهي ذات مراتب أقواها واجديته تعالى لما خلقه ، ثم واجدية أوليائه التي هي من مراتب واجديته ، ثم واجدية المالك بالملكية الاعتبارية ، ثم واجدية المحاط عليه بالمحيط خارجا ، كواجدية الانسان لما يلبسه من ثيابه.

وجه الضعف : أن اختلاف الأمر الحقيقي والاعتباري سنخا وأثرا ، تبعا لاختلاف سنخ علتيهما مانع من البناء على كون أحدهما من مراتب الأخر.

نعم ، قد يتشابهان في بعض الآثار ، فكما أن له تعالى التصرف في مخلوقاته فإنّ للمالك التصرف في مملوكاته.

لكن الأوّل عقلي ، تبعا لخصوصية ذاته تعالى وتأثيره في مخلوقاته ، والثاني تابع لجعل الشارع إطلاقا أو تقييدا.

٥١

ومثله ما ذكره سيدنا الأعظم (قدس سره) في جملة من عناوين الامور الاعتبارية ، من أن للعناوين المذكورة حقائق حقيقية ، تارة : تنشأ تكوينا بفعلها في الخارج. واخرى : تنشأ تكوينا ادعاء في مثل العقود والإيقاعات. ولا تخرج بذلك عن كونها اعتبارية ، لأن الوجود الادعائي نوع من الاعتبار ، من دون أن تختلف حقائق الامور الخارجية عن حقائق الامور الاعتبارية.

وقد يظهر ذلك من بعض المحققين ، بل صرّح : بأن أسدية الشجاع اعتبارية للعرف كما أن ملكية الوارث اعتبارية لهم أو للشارع ، خالطا بين الاعتبار والادعاء ، مدعيا أن المفهوم الواحد كما يكون له مطابق حقيقي يكون له مطابق اعتباري. فراجع كلامه على غموض فيه.

ويظهر وجه ضعفه مما سبق من أن الادعاء مباين للاعتبار ، ولذا يتعلّق بما لا يقبله من الامور الحقيقية ، وبما يقبله من دون أن يقتضي وجودهما ، كادعاء أن الشجاع أسد ، وادعاء أن المطلقة رجعيا زوجة ، والمزوجة متعة مستأجرة.

ولذا لا يكون الوجود الادعائي فردا حقيقيا للعنوان المدّعى ، بل يحتاج الحمل عليه إلى قرينة ، بخلاف الوجود الاعتباري ، حيث يكون فردا حقيقيا لعنوانه ، كالوجود الخارجي لعنوانه.

كما يستغني كل منهما عن القرينة لو كان العنوان حقيقة فيه أو منصرفا إليه ، ويحتاج إليها لو كان مشتركا لفظيا بينهما.

وبالجملة : لا ينبغي التأمل في اختلاف حقيقتي كل من الأمر الحقيقي والاعتباري سنخا وتباين مفهوميهما ، كما صرّح به المحقق الخراساني (قدس سره) ، ومباينة الاعتبار للادعاء.

٥٢

نعم ، قد يكون تشابه الأمر الحقيقي والأمر الاعتباري ذهنا ، أو في بعض الآثار المقصودة منهما منشأ لإطلاق عنوان الأمر الحقيقي على الأمر الاعتباري ، من باب المجاز أو النقل للمناسبة ، من دون أن يقتضي اتحاد حقيقتيهما ومفهوميهما.

ثم إن الظاهر أن الامور الاعتبارية من سنخ الأعراض القائمة بموضوع واحد ، كالحرية والمسجدية والطهارة والنجاسة ، أو الإضافات القائمة بأكثر من موضوع واحد ، كالزوجية والملكية والرقية وغيرها. وربّما يأتي بعض الكلام فيها. ولا تكون من سنخ الموضوعات القائمة بأنفسها ، حيث لا نعهد ذلك فيها. هذا كله في الأمر الاعتباري.

وأما الأمر الانتزاعي فهو مأخوذ من الانتزاع ، ويراد به في ألسنة أهل الاستدلال : استحصال العنوان من الجهة المقوّمة لمفهومه ، فتشترك فيه جميع العناوين ، فالعناوين الذاتية تنتزع من مقام الذات ، والعرضية تنتزع منها بلحاظ طروء العرض عليها ، على اختلاف الأعراض في كونها خارجية واعتبارية ، والعناوين الإضافية تنتزع من نحو نسبة بين الذات وغيرها ، كالفوقيّة والبنوة والعلية ونحوها.

إلّا أن الظاهر عدم كون ذلك على إطلاقه مرادا لهم من الأمر الانتزاعي بل لهم مصطلح آخر.

وقد اختلفوا في تحديده وموارد إطلاقه ، على ما ذكره غير واحد ، والمهم هنا ما يناسب المقام ، وهو ما يصلح أن يكون قسيما للأمر الحقيقي والاعتباري.

وقد ذكر بعض الأعاظم (قدس سره) : أنه الذي لا يكون له نحو تقرّر

٥٣

ووجود ، لا في وعاء العين ؛ كالخارجيات ، ولا في وعاء الاعتبار ؛ كالاعتباريات ، بل يكون وجوده بانتزاعه عن منشأ الانتزاع الموجود في عالم العين ، كالعليّة المنتزعة من العلّة والمعلول الخارجيين ، أو الموجود في عالم الاعتبار ، كالعقد الذي يكون سببا للزوجية والملكية ، إذ حيث كانت الزوجية والملكية اعتباريتين كان سببهما اعتباريا لا محالة.

فالامور الانتزاعية ليس لها ما بحذاء في الخارج ، سواء كان انتزاعها من مقام الذات ، كالامتناع والإمكان والعلية ، أم من قيام أحد المقولات بمحله ، كالفوقية والتحتية ، والقبلية والبعدية الزمانية والمكانية ، فان الفوقية ليست من مقتضيات ذات الفوق ، بل لأجل خصوصية أوجبت انتزاع الفوقيّة منه ، وكذا غيرها من المذكورات.

ولا يخفى ما فيه من الإشكال ..

أما أولا : فلأن لزوم كون سبب الأمر الاعتباري اعتباريا بلا ملزم ، بل سببه الحقيقي وهو اعتبار من بيده الاعتبار أمر خارجي بلا ريب ، وسببه الجعلي تابع له ، فقد يأخذ في موضوعه أمرا اعتباريا ، كملكية أحد العمودين الموجبة لانعتاقه ، وقد يأخذ في موضوعه أمرا خارجيا ، كموت المورّث الموجب لملك الوارث ، والعقد والإيقاع الموجبين لتحقق مضمونيهما ، وغير ذلك ، بل أكثر أسباب الاعتباريات امور حقيقية تابعة لأسبابها التكوينية.

وأما ثانيا : فلأنه إذا كانت العلية منتزعة من العلّة والمعلول معا ، فلا وجه لانتزاع السببية من خصوص العقد ، بل يتعين انتزاعها منه ومن مسبّبه كالزوجية ايضا ، كما لا وجه لانتزاع الفوقية من خصوصية في الفوق ، بل من خصوصية فيه وفي التحت ، لأنها بأجمعها من الإضافات القائمة بطرفين.

٥٤

نعم ، تختلف الإضافات ، فقد يكون قيامها بأطرافها بنحو واحد ، كالاخوة والتشابه ، وقد يختلف نحو قيامها ببعض أطرافها عن نحو قيامها بغيره ، كالعلية التي يكون قيامها بأحد طرفيها موجبا لصدق العلة عليه ، وقيامها بالآخر موجبا لصدق المعلول عليه ، كما أن قيام الإضافة الخاصة بالعالي والسافل يوجب انتزاع كلّ من الفوقية والتحتية ، وصدق الفوق على الأول والتحت على الثاني.

وكأن ما سبق منه ناشئ عن الاضطراب في بيان المطلب ، وإلّا فمن البعيد مخالفته فيما ذكرنا لوضوحه ، ومن ثمّ لم يكن ذلك مهما.

إنما المهم في المقام أن منشأ الانتزاع المفروض وجوده في عالم العين أو الاعتبار إن كان متضمنا لما يحكي عنه العنوان الانتزاعي كان الأمر الانتزاعي كالعرض موجودا في عالم العين أو الاعتبار ، ولم يكن قسيما للأمر الخارجي والاعتباري ، إذا لا يراد بوجودهما إلّا وجود مطابق عناوينهما المحكي بها ، لا وجود نفس العناوين.

وإن لم يكن متضمنا لما يحكي عنه العنوان ، بحيث لا يحكي العنوان عن شيء متقرر ، بل يتحقق المعنون بنفس الانتزاع في الذهن فقط ، رجع إلى ما ذكره غير واحد من أهل المعقول : من أن الإضافات ليست ثابتة في الأعيان ، بل في الذهن فقط ، وأنه لا وجود لها حقيقة.

وعمدة دليلهم على ذلك : أن وجودها يستلزم إضافة بينها وبين موضوعاتها ، فيلزم وجود تلك الإضافة وقيام إضافة بينها وبين الموضوع ، وهكذا إلى ما لا نهاية ، مع بداهة بطلان ذلك.

مضافا إلى لزوم وجود ما لا نهاية له من الإضافات ، لأن لكل شيء

٥٥

نحوا من الإضافة لشيء مباينا لنحو إضافته للأشياء الأخر ، حتى غير الموجودات في الخارج كالكليات والذهنيات والأعدام.

وهذا بخلاف ما لو كانت الإضافات ذهنية ، حيث لا توجد قبل ملاحظتها في الطرفين. كما أن النسبة بينهما وبين الموضوع لا توجد إلّا بعد ملاحظتها ، فتكون النسب الموجودة محدودة تبعا لمحدودية اللحاظات والتصورات المتحققة وتناهيها.

وهذا المحذور وإن كان حقيقا بالتأمل ، إلّا أن دعوى وجود الإضافات في قبال وجود موضوعاتها حقيقة بالتأمل أيضا ، لما يحس بالوجدان من عدم تمحض عناوين الإضافات في الوجود الذهني وانسلاخها عن الحكاية ، بل هي حاكية عن جهات خاصة ، كما تحكي عناوين أطرافها الذاتية والعرضية عن مطابقاتها في الخارج ، ولذا لا يكون الذهن حرا في اختراع الإضافة كما في التخييليات ، أو في اعتبارها كما في الجعليّات ، فلا يكون الفوق تحتا ، ولا العلة معلولا ، ولا المتقدم متأخرا ، بل هي تابعة لواقع واحد ، ليس للذهن التصرف فيه ، بل إدراكه.

ومن هنا لا بد من الجمع بين الوجدان المذكور ، والمحذور المزبور.

ولعل الأولى أن يقال : إن كان المدعى وجود الإضافة بوجود زائد على وجود موضوعاتها بنحو تكون من الامور التكوينيّة في الخارجيات أو الاعتبارية في الجعليات ، فالوجدان المتقدم لا يقتضيه ، لأن صدق القضية لا يتوقف على تحقق أطراف نسبتها التي تضمنتها خارجا أو اعتبارا ، فضلا عن نفس النسبة ، إذ كثيرا ما تكون أطراف نسب القضايا ذهنية صرفة ، كالكليات والعدميات ونحوها ، ويحكم عليها بما يناسب مفاهيمها من لوازم

٥٦

وخواص ، فيقال : الإنسان نوع ، وشريك الباري ممتنع ، مع وضوح عدم كون النوعية والامتناع وموضوعيهما أمورا خارجية تكوينية أو اعتبارية جعلية ، كما قد يكون أحد طرفي القضية خارجيا تكوينيا أو اعتباريا جعليا دون الآخر ، فيقال : زيد ممكن بالذات واجب بالعرض ، وعمل الأجير مملوك للمستأجر ، مع وضوح أن الموجود خارجا واعتبارا هو موضوع القضية الاولى ومحمول الثانية ، دون محمول الاولى وموضوع الثانية ، لأن الإمكان والوجوب كالامتناع لا مطابق لهما في الخارج زائدا على موضوعيهما. كما أن الملكية إنما تتعلق بالعمل الكلي في حال عدم تحققه في الخارج ، ولا يكون تحققه إلّا وفاء بالمملوك وأداء له.

وهكذا كثير من المفاهيم المدركة للعقل ، حيث قد أودع الله ـ جلت قدرته ـ في الإنسان قوة الإدراك والتصور ، ومكّنه من التصرف في البيان بصورة عجيبة تدعو للذهول والاعتبار ، لا تقف عند حدود ما يدركه من الخارجيات والاعتباريات. فلتكن الإضافات كذلك وإن كانت أطرافها خارجية أو اعتبارية ، من دون أن ينافي ذلك الوجدان المشار إليه.

وإن كان المدّعى تبعية الإضافات لواقع محفوظ يدركه الذهن من دون أن يكون تابعا لاختراعه كالتخييلات ، ولا لاعتباره كالجعليات ، بل ليس له الخروج عنه ، فلا يظن من أحد إنكار ذلك.

وما في كلام بعض المحققين (قدس سره) من تقوّم الوجود الفعلي للإضافات بالاعتبار ، وأن لها وجودا اعتباريا تابعا للّحاظ ـ حيث قد يوهم كونها من الاعتباريات الجعلية ـ كأنه ناشئ عن التوسع في مفهوم الاعتبار على خلاف ما سبق منا تحديده ، كما قد يظهر بملاحظة تمام كلامه.

٥٧

وإلّا فبداهة تبعيتها لمنشا الانتزاع وعدم خضوعها معه للجعل تغني عن إطالة الكلام فيه.

لكن ذلك لا يستلزم وجودها خارجا أو اعتبارا بحيث يكون عنوانها حاكيا عن مطابق في عالم العين والخارج أو الاعتبار ، كما يحكي العنوان العرضي عن أمر في الذات زائد عليها موجود في الخارج أو بالاعتبار.

بل يمكن كون منشأ انتزاع الإضافة خصوصية خاصة في طرفيها أو أطرافها ، تابعة لواقع محفوظ يدركه العقل ، مصحّحة لانتزاع المفهوم الإضافي ، من دون أن تكون متحدة معه ومحكية بعنوانه ، فليس للمفهوم والعنوان الحاكي عنه مطابق في عالم الخارج أو الاعتبار ، بل هو أمر متقوّم باللحاظ لا يصح انتزاعه إلا من الخصوصيّة المذكورة ، ويكون وجودها وعدمها مدارا في صدقه وعدمه.

فالتشابه ـ مثلا ـ منتزع من كل من الطرفين بلحاظ اتصافهما بوجه الشبه ، فإن كانا خارجيين كالرجلين العالمين ، أو اعتبارين كالزوجية والملك الموجبين لجواز الاستمتاع ، كان الوجود الخارجي المستند للسبب التكويني ، أو الاعتباري المستند للجعل مختصا بهما ، من دون أن يكونا مطابقين لمفهوم التشابه أو متضمنين لما يطابقه ، ولا محكيين بعنوانه إلا بلحاظ ملازمتهما لمفهومه المحكي به ، لأنهما منشأ انتزاعه ومصححان له ، مع كون مفهومه المطابق له والمحكي به أمرا انتزاعيا لا مطابق له لا في عالم العين والخارج ، ولا في عالم الاعتبار.

ولذا لا يختلف سنخ الإضافة ارتكازا باختلاف سنخ طرفيها ، حيث يكونان خارجيين تارة ، واعتباريين اخرى ، ومختلفين ثالثة ، كالتشابه الحاصل

٥٨

بين الرجلين العالمين ، وبين الزوجية المنقطعة وملك اليمين في عدم استحقاق القسم ، وبين التنكيل بالعبد وملك أحد عموديه له في كونه موجبا لانعتاقه ، مع وضوح امتناع قيام الأمر الخارجي بالأمر الاعتباري ، كما سبق وضوح عدم كون الإضافات من الاعتباريات الجعليّة في ظرف تحقّق منشأ انتزاعها ، فلا بد من كونها سنخا ثالثا غير الأمر الخارجي والاعتباري صالحا للقيام بكل منهما.

هذا ، وقد ذكر بعض المحققين (قدس سره) أن الإضافات كما يكون لها وجود بالذات ، وهو الوجود الفعلي التابع للاعتبار ـ كما سبق منه ـ كذلك لها وجود بالعرض تابع لمنشا الانتزاع ، وهو الوجود بالقوّة. قال (قدس سره) في تقريبه : «فالسقف لمكان كونه جسما واقعا في المكان له قابلية أن يضاف إلى ما فوقه فينتزع منه التحتية ... وإلى ما دونه فينتزع منه الفوقية ، فللتحتية والفوقية وجود بوجود السقف ، بنحو وجود المقبول بوجود القابل ، فوجود السقف الخاص خارجا وجود بالذات للجسم ، ووجود بالعرض لتلك المعاني القابلة للانتزاع منه.

وهذا معنى وجود الأمر الانتزاعي بوجود منشأ انتزاعه خارجا مع قطع النظر عن اعتبار كل معتبر كان ، وبهذا الوجه داخل في المقولات ، وبهذا الوجه يقال : إن للإضافات ... وجودا ضعيفا ، أي بنحو وجود المقبول بوجود القابل بالعرض ، لا بالذات ...».

لكن الظاهر أن وجود القابل خارجا بالذات لا يستلزم وجود المقبول خارجا بالعرض ، وليس له أي نحو من الوجود الحقيقي ، وإلّا كان للأعراض ـ أيضا ـ وجود بالعرض تبعا لوجود موضوعاتها ، فوجود الجسم مستتبع

٥٩

لوجود جميع الكيفيات والألوان القابل لها ، وإن لم يكن متصفا إلّا بواحد منها.

بل كيف يمكن وجود الإضافة خارجا مع ما ذكرناه من قابليتها للقيام بالموضوعين الخارجيين والاعتباريين والمختلفين؟! إلّا أن يريد بالوجود الخارجي معنى آخر غير ما نفهمه ، فيكون النزاع لفظيا لا ينبغي إطالة الكلام فيه.

وكيف كان فالظاهر أنه ليس للإضافات وجود خارجي ولا اعتباري ، بل هي امور انتزاعية تابعة لتحقق منشأ انتزاعها في الصدق.

نعم ، بعض الإضافات قابلة عرفا للجعل المستتبع للوجود في عالم الاعتبار إذا لم يكن لها منشأ انتزاع متحقق في طرفيها خارجا ولا اعتبارا ، كالزوجية والملكية والرقيّة وغيرها ، فإنه حيث لم يكن في أطراف هذه الإضافات ـ مع قطع النظر عن جعلها ـ ما يصحح انتزاعها من عرض خارجي أو اعتباري ، وكانت بنظر العرف من الامور التابعة لمن بيده الاعتبار ، كان له جعلها ابتداء ، لابتناء الاعتبار على كثير من التوسّعات ، فلا تكون حينئذ من الامور الانتزاعية التابعة لمنشا الانتزاع ، بل من الإضافات الاعتبارية المجعولة بنفسها ، والظاهر خروجها عن محل الكلام.

ثم إن الامور الانتزاعية لا تختص بالإضافات ، بل تكون غيرها مما يكون من سنخ الجواهر من المفاهيم القائمة بأنفسها ، كالكليات المجردة ، أو من سنخ الأعراض من المفاهيم القائمة بغيرها ، كالامتناع والإمكان والنوعية والجنسية وغيرها ، لوضوح انه لا وجود لهذه الامور ، ولا تقرر لمعنوناتها لا في الخارج ولا في عالم الاعتبار ، وإنما هي منتزعة من خصوصيّات

٦٠