التفسير المنير - ج ١

الدكتور وهبة الزحيلي

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تقديم

الحمد لله منزّل الكتاب على قلب محمد النّبي الأمين ، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين ، الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين. وبعد :

فإنه لم يحظّ كتاب في الوجود بعناية مثلما حظي به القرآن الكريم ، الذي كتبت حوله مئات الكتب ، وسيظل مورد العلماء ، وهذا بالتالي كتاب اصطفيت فيه من العلوم والمعارف والثقافات المستقاة من معين القرآن الكريم الذي لا ينضب ، ما هو لصيق الصلة بحاجات العصر ، ومتطلبات التثقيف ، بأسلوب جلي مبسّط ، وتحليل علمي شامل ، وتركيز على الغايات والأهداف المنشودة من تنزيل القرآن المجيد ، ومنهج بعيد عن الإطالة المملّة ، والإيجاز المخلّ الذي لا يكاد يفهم منه شيء لدى جيل بعدوا عن اللسان العربي في طلاوة بيانه ، وأعماق تراكيبه ، وإدراك فحواه ، وكأنهم أصبحوا ـ بالرغم من الدّراسات الجامعية المتخصصة ـ في غربة عن المصادر الأصيلة ، والثروة العلمية العريقة في شتى العلوم من تاريخ وأدب وفلسفة وتفسير وفقه وغيرها من العلوم الإسلامية الكثيرة الخصبة.

فكان لا بدّ من تقريب ما صار بعيدا ، وإيناس ما أصبح غريبا ، وتزويد المسلم بزاد من الثقافة بعيدة عن الدّخيل كالإسرائيليات في التفسير ، ومتفاعلة مع الحياة المعاصرة ، ومتجاوبة مع القناعة الذاتية ، والأصول العقلية ، والمرتكزات الفكرية السليمة ، وهذا يقتضينا تمحيص المنقول في تفاسيرنا ، حتى إن منها

٥

ـ تأثرا بروايات إسرائيلية ـ أحدث شرخا غير مقصود في عصمة بعض الأنبياء ، واصطدم مع بعض النظريات العلمية التي أصبحت يقينية الثبوت بعد غزو الفضاء ، واتساع ميادين الكشوف العلمية الحديثة ، علما بأن دعوة القرآن تركزت على إعمال العقل والفكر وشحذ الذهن وتسخير المواهب في سبيل الخير ، ومحاربة الجهل والتخلف.

وهد في الأصيل من هذا المؤلّف هو ربط المسلم بكتاب الله عزوجل ربطا علميا وثيقا : لأن القرآن الكريم هو دستور الحياة البشرية العامة والخاصة ، للناس قاطبة ، وللمسلمين خاصة ، لذا لم أقتصر على بيان الأحكام الفقهية للمسائل بالمعنى الضيق المعروف عند الفقهاء ـ وإنما أردت إيضاح الأحكام المستنبطة من آي القرآن الكريم بالمعنى الأعم الذي هو أعمق إدراكا من مجرد الفهم العام ، والذي يشمل العقيدة والأخلاق ، والمنهج والسلوك ، والدستور العام ، والفوائد المجنية من الآية القرآنية تصريحا أو تلميحا أو إشارة ، سواء في البنية الاجتماعية لكل مجتمع متقدم متطور ، أم في الحياة الشخصية لكل إنسان ، في صحته وعمله وعلمه وتطلّعاته وآماله وآلامه ودنياه وآخرته ، تجاوبا في المصداقية والاعتقاد مع قول الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال ٨ / ٢٤].

ـ إنه الحق سبحانه وتعالى ورسول الحق في هذه الآية اللذان يدعوان كل إنسان في هذا الوجود إلى الحياة الحرة الكريمة الشريفة بكل صورها ومعانيها.

ـ إنه الإسلام الذي يدعو إلى عقيدة أو فكرة تحيي القلوب والعقول ، وتطلقها من أوهام الجهل والخرافة ، ومن ضغط الوهم والأسطورة ، وتحرر الإنسان من العبودية لغير الله ، ومن الخضوع للأهواء والشهوات ، ومن طغيان المادية القاتلة للشعور الإنساني السامي.

٦

ـ إنه القرآن الذي يدعو إلى شريعة العدل والحق والرحمة العامة بالإنسانية ، ويدعو إلى منهج سليم للحياة والفكر والتصور والسلوك ، وإلى نظرة شاملة للوجود توضح علاقة الإنسان بالله تعالى وبالكون والحياة.

وهي دعوة قائمة على العلم والمعرفة الصحيحة والتجربة ، والعقل والفكر الناضج الذي لا يفتر من كدّ الذهن وتشغيل المدارك ، والنظر في هذا الكون سمائه وأرضه ، برّا وبحرا وجوّا ، وهي دعوة أيضا إلى القوة والعزة والكرامة والثقة والاعتزاز بشريعة الله ، والاستقلال ، مع الاستفادة من علوم ومعارف الآخرين ، لأن العلم ليس حكرا على شعب دون شعب ، وإنما هو عطاء إنساني عام ، كما أن تحرير الإنسان وتحقيق إنسانيته العليا هدف إلهي عام ، يعلو على مصالح الطغاة والمستبدين الذين يحاولون مصادرة إنسانية الإنسان من أجل الإبقاء على مصالحهم الخاصة ، واستعلائهم على غيرهم ، وتسلطهم على بني البشر.

ولن يتأثر الاعتقاد بأصالة دعوة القرآن الخيّرة هذه إلى الناس كافة ، بما يوضع أمامها من عراقيل ، أو يبث حول جدارتها من شكوك أمام النهضة الحضارية المادية الجبارة ، لأن هذه الدعوة ليست روحانية مجردة ، ولا فلسفة خيالية أو نظرية بحتة ، وإنما هي دعوة واقعية مزدوجة تضم بين جناحيها الدعوة إلى عمارة الكون ، وبناء الدنيا والآخرة معا ، وتعاضد الروح والمادة معا ، وتفاعل الإنسان مع كل مصادر الثروة في هذا الكون ، الذي سخّره الله تعالى للإنسان وحده استعمالا وانتفاعا ، واستنباطا واختراعا ، وإفادة واستكشافا مستمرا ، كما قال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ، ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ ، فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة ٢ / ٢٩].

والمهم من التفسير والبيان مساعدة المسلم على تدبّر القرآن الكريم المأمور به في قوله تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ، وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) [ص ٣٨ / ٢٩].

٧

وإذا كان هدفي هو وضع تفسير للقرآن الكريم يربط المسلم وغير المسلم بكتاب الله تعالى ـ البيان الإلهي ووحيه الوحيد حاليا ، الثابت كونه كلام الله ثبوتا قطعيا بلا نظير له ولا شبيه ـ فإنه سيكون تفسيرا يجمع بين المأثور والمعقول ، مستمدا من أوثق التفاسير القديمة والحديثة ، ومن الكتابات حول القرآن الكريم تأريخا ، وبيان أسباب النزول ، وإعرابا يساعد في توضيح كثير من الآيات ، ولست بحاجة كثيرة إلى الاستشهاد بأقوال المفسرين ، وإنما سأذكر أولى الأقوال بالصواب بحسب قرب اللفظ من طبيعة لغة العرب وسياق الآية.

ولست في كل ما أكتب متأثرا بأي نزعة معينة ، أو مذهب محدد ، أو إرث اعتقادي سابق لاتجاه قديم ، وإنما رائدي هو الحق الذي يهدي إليه القرآن الكريم ، على وفق طبيعة اللغة العربية ، والمصطلحات الشرعية ، مع توضيح آراء العلماء والمفسرين ، بأمانة ودقة وبعد عن التعصب.

ولكن ينبغي البعد عن استخدام آيات القرآن لتأييد بعض الآراء المذهبية أو اتجاهات الفرق الإسلامية ، أو التعسّف في التأويل لتأييد نظرية علمية قديمة أو حديثة ، لأن القرآن الكريم أرفع بيانا ، وأرقى مستوى ، وأعلى شأنا من تلك الآراء والمذاهب والفرق ، وليس هو كتاب علوم أو معارف كونية كالفلك وعلم الفضاء والطب والرياضيات ونحوها ، وإن وجدت فيه بعض الإشارات إلى نظرية ما ، وإنما هو كتاب هداية إلهية ، وتشريع ديني ، ونور يهدي لعقيدة الحق ، وأصلح مناهج الحياة ، وأصول الأخلاق والقيم الإنسانية العليا ، كما قال الله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ، وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ ، وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة ٥ / ١٥ ـ ١٦].

٨

وينحصر منهجي أو خطة بحثي فيما يأتي :

١ ـ قسمة الآيات القرآنية إلى وحدات موضوعية بعناوين موضحة.

٢ ـ بيان ما اشتملت عليه كل سورة إجمالا.

٣ ـ توضيح اللغويات.

٤ ـ إيراد أسباب نزول الآيات في أصح ما ورد فيها ، ونبذ الضعيف منها ، وتسليط الأضواء على قصص الأنبياء وأحداث الإسلام الكبرى كمعركة بدر وأحد من أوثق كتب السّيرة.

٥ ـ التفسير والبيان.

٦ ـ الأحكام المستنبطة من الآيات.

٧ ـ البلاغة وإعراب كثير من الآيات ، ليكون ذلك عونا على توضيح المعاني لمن شاء ، وبعدا عن المصطلحات التي تعوق فهم التفسير لمن لا يريد العناية بها.

وسأحرص بقدر الإمكان على التفسير الموضوعي : وهو إيراد تفسير مختلف الآيات القرآنية الواردة في موضوع واحد كالجهاد والحدود والإرث وأحكام الزواج والرّبا والخمر ، وسأبيّن عند أول مناسبة كل ما يتعلّق بالقصة القرآنية مثل قصص الأنبياء من آدم ونوح وإبراهيم عليهم‌السلام وغيرهم ، وقصة فرعون مع موسى عليه‌السلام ، وقصة القرآن بين الكتب السماوية. ثم أحيل إلى موطن البحث الشامل عند تكرار القصة بأسلوب وهدف آخر. غير أني لن أذكر رواية مأثورة في توضيح القصة إلا بما يتفق مع أحكام الدين ، ويتقبلها العلم ، ويرتضيها العقل ، وأيدت الآيات بالأحاديث الصحيحة المخرجة إلا ما ندر.

٩

ويلاحظ أن أغلب الأحاديث المروية في فضائل سور القرآن موضوعة مكذوبة ، وضعها الزّنادقة أو أصحاب الأهواء والمطامع ، أو السؤّال الواقفون في الأسواق والمساجد ، أو واضعو الحديث حسبة كما زعموا (١).

وفي تقديري أن هذه الخطة تحقق بمشيئة الله نفعا كبيرا ، وسيكون هذا التأليف سهل الفهم ، سريع المأخذ ، محل الثقة والاطمئنان ، يرجع إليه كل باحث ومطّلع ، في وقت كثر فيه القول والدّعوة إلى الإسلام في المساجد وغيرها ، ولكن مع مجافاة الصواب ، أو الخلط ، أو مجانبة الدقة العلمية ، سواء في التفسير أو الحديث أو الإفتاء وبيان الأحكام الشرعية ، وعندها يظلّ الكتاب هو المرجع الأمين وموضع الثقة للعالم والمتعلم ، منعا من إضلال الناس والإفتاء بغير علم ، وحينئذ يتحقق بحق غرض النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من تبليغ القرآن في قوله : «بلّغوا عني ولو آية» (٢) ، لأن القرآن هو المعجزة الباقية من بين سائر المعجزات.

ولعلي أكون بهذه الخطة في بيان المراد من آي كتاب الله مفردات وتراكيب ، قد حقّقت غايتي من ربط المسلم بقرآنه ، وقمت بالتّبليغ الواجب على كلّ مسلم بالرغم من وجود موسوعات أو تفاسير قديمة اعتمدت عليها ، وقد تميزت إما بالتركيز على العقائد والنّبوات والأخلاق والمواعظ وتوضيح آيات الله في الكون ، كالرّازي في التفسير الكبير ، وأبي حيان الأندلسي في البحر المحيط ، والألوسي في روح المعاني ، والكشاف للزمخشري.

وإما بتوضيح القصص القرآني وأخبار التاريخ ، كتفسير الخازن والبغوي ، وإما ببيان الأحكام الفقهية بالمعنى الضيّق للمسائل والفروع والقضايا كالقرطبي وابن كثير والجصاص وابن العربي ، وإما بالاهتمام باللغويات كالزمخشري

__________________

(١) تفسير القرطبي : ١ / ٧٨ وما بعدها.

(٢) أخرجه أحمد والبخاري والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي‌الله‌عنهما.

١٠

وأبي حيان ، وإما بالقراءات كالنسفي وأبي حيان وابن الأنباري ، وابن الجزري في كتابه (النشر في القراءات العشر) ، وإما بالعلوم والنظريات العلمية الكونية مثل طنطاوي جوهري في كتابه (الجواهر في تفسير القرآن الكريم).

والله أسأل أن ينفعنا بما علّمنا ، ويعلّمنا ما ينفعنا ، ويزيدنا علما ، كما أسأله أن يعم النّفع كلّ مسلم ومسلمة بهذا الكتاب ، وأن يلهمنا جميعا الرّشاد والسّداد ، وأن يوفقنا للعمل بكتاب الله في كلّ مناحي الحياة ، دستورا وعقيدة ومنهجا وسلوكا ، وأن يهدينا إلى سواء الصراط ، صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ، ألا إلى الله تصير الأمور.

وليكن رائدنا جميعا ما أخرجه البخاري ومسلم عن أمير المؤمنين عثمان بن عفانرضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه» (١).

الدكتور وهبة بن مصطفى الزحيلي

__________________

(١) لم أجرأ على هذا التفسير إلا بعد أن كتبت كتابين شاملين في موضوعيهما أو موسوعتين : الأول : (أصول الفقه الإسلامي) في مجلدين ، والثاني : (الفقه الإسلامي وأدلته) في مختلف المذاهب ـ ثمانية مجلدات ، وأمضيت في التدريس الجامعي ما يزيد عن ثلاثين عاما ، وعملت في الحديث النّبوي تحقيقا وتخريجا وبيانا بالاشتراك لكتاب (تحفة الفقهاء) للسمرقندي ، و (المصطفى من أحاديث المصطفى) زهاء (١٤٠٠ حديث). بالإضافة لمؤلفات وبحوث موسوعية تربو عن الثلاثين.

١١
١٢

بعض المعارف الضرورية المتعلقة بالقرآن

أولا ـ تعريف القرآن وكيفية نزوله وطريقة جمعه :

القرآن المجيد الذي اقتضت حكمة الله ألا يبقى في الوجود أثر ثابت للوحي الإلهي سواه ، بعد أن اندثرت أو زالت أو اختلطت الكتب السماوية السابقة بغيرها من العلوم التي وضعها البشر : هو منار الهداية ، ودستور التشريع ، ومصدر الأنظمة الربانية للحياة ، وطريق معرفة الحلال والحرام ، وينبوع الحكمة والحق والعدل ، ومعين الآداب والأخلاق التي لا بدّ منها لتصحيح مسيرة الناس ، وتقويم السلوك الإنساني ، قال الله تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام ٦ / ٣٨] ، وقال عزوجل أيضا : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل ١٦ / ٨٩].

وقد عرّفه علماء أصول الفقه ، لا بسبب الجهل به أو عدم معرفة الناس به ، وإنما لضبط ما يتعبد به وما تجوز الصلاة به ، وما لا تجوز ، ولتبيان أحكام الشرع الإلهي من حلال وحرام ، وما يصلح حجة في استنباط الأحكام ، وما يكفر جاحده وما لا يكفر ، فقالوا عنه :

القرآن : هو كلام الله المعجز (١) ، المنزّل على النّبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، باللفظ العربي ، المكتوب في المصاحف ، المتعبّد بتلاوته (٢) ، المنقول بالتواتر (٣) ، المبدوء بسورة الفاتحة ، المختوم بسورة الناس.

__________________

(١) أي الذي عجزت الإنس والجن عن الإتيان بمثل أقصر سورة من سوره.

(٢) أي أنه لا تصح الصلاة إلا بتلاوة شيء منه ، كما أن مجرد تلاوته عبادة يثاب عليها المسلم.

(٣) التواتر : هو ما ينقله جمع عظيم عن جمع غفير يؤمن في العادة تواطؤهم على الكذب.

١٣

وبناء عليه : لا تسمى ترجمة القرآن قرآنا ، وإنما هي تفسير ، كما لا تسمى القراءة الشاذة (وهي التي لم تنقل بالتواتر وإنما بالآحاد) قرآنا ، مثل قراءة ابن مسعود في فيئة الإيلاء (١) : «فإن فاءوا ـ فيهن ـ فإن الله غفور رحيم» [البقرة ٢ / ٢٢٦] وقراءته أيضا في نفقة الولد : «وعلى الوارث ـ ذي الرحم المحرم ـ مثل ذلك» [البقرة ٢ / ٢٣٣] ، وقراءته في كفارة يمين المعسر : «فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ـ متتابعات ـ» [المائدة ٥ / ٨٩].

أسماء القرآن :

للقرآن أسماء : هي القرآن ، والكتاب ، والمصحف ، والنور ، والفرقان (٢).

وسمّي قرآنا ، لأنه التنزيل المتلو المقروء ، وقال أبو عبيدة : سمّي القرآن ، لأنه يجمع السّور ، فيضمها. قال تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) [القيامة ٧٥ / ١٧] أي جمعه وقراءته ، ومن المعلوم أن القرآن نزل تدريجيا شيئا بعد شيء ، فلما جمع بعضه إلى بعض سمّي قرآنا.

وسمّي كتابا من الكتب أي الجمع ، لأنه يجمع أنواعا من القصص والآيات والأحكام والأخبار على نحو مخصوص.

وسمّي مصحفا من أصحف أي جمع فيه الصحف ، والصحف جمع الصحيفة : وهي قطعة من جلد أو ورق يكتب فيه. وروي أن أبا بكر الصديق استشار الناس بعد جمع القرآن في اسمه ، فسمّاه مصحفا.

وسمّي نورا ، لأنه يكشف الحقائق ، ويبين الغوامض من حلال وحرام

__________________

(١) الإيلاء : الحلف على ترك وطء (جماع) المرأة. وفاء الرجل إلى امرأته : عاد إلى الاستمتاع بها بعد يمينه بالامتناع عن ذلك.

(٢) تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان للعلامة النظام ـ نظام الدين الحسن بن محمد النيسابوري بهامش تفسير الطبري : ١ / ٢٥ ، تفسير الرازي : ٢ / ١٤.

١٤

وغيبيات لا يستطيع العقل إدراكها ، ببيان قاطع وبرهان ساطع ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ، وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) [النساء ٤ / ١٧٤].

وسمّي فرقانا لأنه فرّق بين الحقّ والباطل ، والإيمان والكفر ، والخير والشّر ، قال الله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) [الفرقان ٢٥ /١].

كيفية نزول القرآن :

لم ينزل القرآن جملة واحدة ، كما نزلت التوراة على موسى والإنجيل على عيسىعليهما‌السلام ، لئلا يثقل كاهل المكلفين بأحكامه ، وإنما نزل على قلب النّبي الكريم صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالوحي بواسطة جبريل عليه‌السلام ، منجّما أي مفرقا على وفق مقتضيات الظروف والحوادث والأحوال ، أو جوابا للوقائع والمناسبات أو الأسئلة والاستفسارات.

فمن الأول : قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) [البقرة ٢ / ٢٢١] ، نزلت في شأن مرثد الغنوي الذي أرسله النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى مكة ، ليحمل منها المستضعفين المسلمين ، فأرادت امرأة مشركة اسمها (عناق) وكانت ذات مال وجمال ، أن تتزوجه ، فقبل بشرط موافقة النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما سأله نزلت الآية ، ونزل معها آية (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة ٢ / ٢٢١].

ومن الثاني : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) [البقرة ٢ / ٢٢٠] ، و (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) [البقرة ٢ / ٢٢٢] ، و (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) [النساء ٤ / ١٢٧] ، و (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [الأنفال ٨ / ١].

وقد بدأ نزوله في رمضان في ليلة القدر ، قال الله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ، هُدىً لِلنَّاسِ ، وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ)

١٥

[البقرة ٢ / ١٨٥] ، وقال سبحانه : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ، إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) [الدخان ٤٤ / ٣] ، وقال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ...) [القدر ٩٨ / ١]. واستمر نزول القرآن في مدى ثلاث وعشرين سنة إما في مكة وإما في المدينة وإما في الطريق بينهما أو في غيره من الأماكن.

وكان نزوله إما سورة كاملة كالفاتحة والمدثر والأنعام ، أو عشر آيات مثل قصة الإفك في سورة النور ، وأول سورة المؤمنين ، أو خمس آيات ، وهو كثير ، أو بعض آية ، مثل : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) [النساء ٤ / ٩٥] بعد قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء ٤ / ٩٥] ومثل قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ، إِنْ شاءَ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة ٩ / ٢٨] ، فإنه نزل بعد : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ، فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) [التوبة ٩ / ٢٨].

وتعددت حكمة إنزال القرآن منجما ، بسبب المنهج الإلهي الذي رسم به طريق الإنزال ، كما قال تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ ، وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) [الإسراء ١٧ / ١٠٦].

من هاتيك الحكم : تثبيت قلب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتقوية فؤاده ليحفظه ويعيه ، لأنه كان أميّا لا يقرأ ولا يكتب ، قال الله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا : لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً ، كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ ، وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) [الفرقان ٢٥ / ٣٢].

ومنها : مراعاة مقتضيات التدرّج في التشريع ، وتربية الجماعة ، ونقلها على مراحل من حالة إلى حالة أحسن من سابقتها ، وإسبال الرحمة الإلهية على العباد ، فإنّهم كانوا في الجاهلية في إباحية مطلقة ، فلو نزّل عليهم القرآن دفعة واحدة ، لعسر عليهم التكليف ، فنفروا من التطبيق للأوامر والنواهي.

١٦

أخرج البخاري عن عائشة رضي‌الله‌عنها قالت : «إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل ، فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام ، نزل الحلال والحرام ، ولو نزل أول شيء : لا تشربوا الخمر ، لقالوا : لا ندع الخمر أبدا ، ولو نزل : لا تزنوا ، لقالوا : لا ندع الزنا» (١).

ومنها : ربط نشاط الجماعة بالوحي الإلهي : إذ إن اتصال الوحي بالنّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يساعده على الصبر والمصابرة ، وتحمل المشاق والمصاعب وأنواع الأذى التي كابدها من المشركين ، كما أنه وسيلة لتقوية العقيدة في نفوس الذين أسلموا ، فإذا نزل الوحي علاجا لمشكلة ، تأكد صدق النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في دعوته ، وإذا أحجم النّبي عن جواب مسألة ، ثم جاءه الوحي ، أيقن المؤمنون بصدق الإيمان واطمأنوا إلى سلامة العقيدة ، وأمان الدّرب الذي سلكوه ، وزادت ثقتهم بالغايات والوعود المنتظرة التي وعدهم الله بها : إما بالنصر على الأعداء أو المشركين في الدنيا ، وإما بالفوز بالجنة والرضا الإلهي ، وتعذيب الكفار في نار جهنم.

المكي والمدني من القرآن :

كان للوحي القرآني صبغتان أو لونان جعلت منه نوعين هما : المكي والمدني ، وانقسمت بالتالي سور القرآن إلى مكية ومدنية.

أما المكي : فهو ما نزل في مدى ثلاث عشرة سنة قبل الهجرة ـ هجرة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من مكة إلى المدينة ـ سواء نزل في مكة أو في الطائف أو في أي مكان

__________________

(١) هذا وقد ذكر الزمخشري في الكشاف : ١ / ١٨٥ وما بعدها أسباب تفصيل القرآن وتقطيعه سورا ، منها أن تنوع البيان للجنس الواحد أحسن وأجمل وأفخم من أن يكون بيانا واحدا. ومنها إثارة النشاط والحث على الدرس والتحصيل من القرآن خلافا لو استمر الكتاب جملة واحدة ، ومنها اعتزاز الحافظ بطائفة مستقلة من القرآن بعد حفظها ، ومنها أن التفصيل بمشاهد عديدة سبب لدعم المعاني ، وتأكد المراد واجتذاب الأنظار.

١٧

آخر ، مثل سورة (ق) و (هود) و (يوسف). وأما المدني : فهو ما نزل في مدى عشر سنوات بعد الهجرة ، سواء نزل في المدينة أو في الأسفار والمعارك الحربية أو في مكة عام الفتح ، مثل سورة (البقرة) و (آل عمران).

ويغلب على التشريع المكي إصلاح العقيدة والأخلاق ، والتنديد بالشرك والوثنية ، وإقرار عقيدة التوحيد ، وتصفية آثار الجهل من قتل وزنا ووأد بنات ، والتأدّب بآداب الإسلام وأخلاقه ، مثل العدل ، والوفاء بالعهد ، والإحسان ، والتعاون على البر والتقوى ، وعدم التعاون على الإثم والعدوان ، وفعل الخيرات وترك المنكرات ، وإعمال العقل والفكر ، ونقض أوهام التقليد الأعمى ، وتحرير الإنسان ، والاعتبار بقصص الأنبياء مع أقوامهم. وقد اقتضى ذلك جعل الآيات المكية قصيرة تزخر بالرهبة والزجر والوعيد ، وتبعث على الخشية ، وتشعر بمعنى الجلال.

وأما التشريع المدني فيغلب عليه تقرير الأنظمة والأحكام المفصلة للعبادات ، والمعاملات المدنية والعقوبات ، ومتطلبات الحياة الجديدة في إقامة صرح المجتمع الإسلامي في المدينة ، وتنظيم شؤون السياسة والحكم ، وترسيخ قاعدتي الشورى والعدل في إصدار الأحكام ، وتنظيم العلاقات بين المسلمين وغيرهم في داخل المدينة وخارجها ، وقت السلم والحرب ، بتشريع الجهاد لوجود مسوغاته من إيذاء وعدوان وتشريد وطرد وتهجير ، ثم وضع أنظمة المعاهدات لإقرار الأمن وتوطيد دعائم السلم ، وقد اقتضى ذلك كون الآيات المدنية طويلة هادئة ، ذات أبعاد وغايات دائمة غير وقتية ، تستدعيها عوامل الاستقرار والاطمئنان وبناء الدولة على أمتن الأسس وأقوى الدعائم.

فائدة العلم بأسباب النزول :

إن معرفة أسباب نزول الآيات بحسب الوقائع والمناسبات لها فوائد كثيرة وأهمية بالغة في تفسير القرآن وفهمه على الوجه الصحيح ، لأن أسباب النزول

١٨

قرائن معبرة توضح غاية الحكم ، وتبين سبب التشريع ، وتعرف أسراره ومراميه ، وتساعد على فهم القرآن فهما دقيقا شاملا ، حتى وإن كانت العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب. ونرى في عالمنا. القانوني اليوم ما يسمى بالمذكّرات التوضيحية للقوانين والأنظمة والأحكام ، يبين فيها أسباب إصدارها ، وأهدافها. ويؤكد ذلك أن كل نظام يظل في مستوى الأمور النظرية غير المقنعة كثيرا للناس ، ما لم يقترن بالمتطلبات الواقعية ، أو يرتبط بالحياة العملية.

وكل ما سبق يشير إلى أن شريعة القرآن ليست فوق مستوى الأحداث ، أو أنها سامية مثالية لا تقبل التطبيق ، وإنما هي متعاصرة مع كل زمن ، متفاعلة مع الواقع ، تصف العلاج الحاسم لكل داء عضال من أمراض المجتمع ، وشذوذات الأفراد وانحرافاتهم.

أول القرآن وآخره نزولا :

كان أول ما نزل من القرآن الكريم قول الله تعالى من سورة العلق : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) [العلق ٩٧ / ١ ـ ٥] ، وذلك يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان ، سنة إحدى وأربعين من ميلاده صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في غار حراء ، حين بدأ الوحي ، بواسطة جبريل الأمين عليه‌السلام.

وكان آخر ما نزل من القرآن في أرجح الأقوال ، قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ ، وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [البقرة ٢ / ٢٨١] ، وذلك قبل وفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم بتسع ليال بعد ما فرغ من حجّة الوداع ، أخرجه كثيرون عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما.

أما ما قيل وروي عن السّديّ : إن آخر ما نزل قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ...) [المائدة ٥ / ٣] ،

١٩

فغير مسلّم به ، لأنّ هذه الآية نزلت باتفاق العلماء يوم عرفة من حجة الوداع قبل نزول سورة النصر ، وآية البقرة السابقة.

جمع القرآن :

لم يكن ترتيب القرآن الكريم في آياته وسوره بالنحو التوقيفي في واقعه الموجود في المصاحف الحالية والغابرة متفقا مع أحوال نزول الوحي به ، فقد نزل بحسب الوقائع والمناسبات ، إما سورة كاملة أو بعض آيات ، أو بعض آية ، كما عرفنا ، ثم جمع ثلاث مرات.

الجمع الأول في عهد النبوة :

حدث الجمع الأول في عهد النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحفظه الثابت الراسخ كالنقش في الحجر في صدره عليه الصلاة والسلام ، تحقيقا لوعد الله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ، إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) [القيامة ٧٥ / ١٦ ـ ١٩] ، وقد عرضه النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرات على جبريل عليه‌السلام ، مرة في كل رمضان ، وعرضه عليه مرتين في آخر رمضان قبل الوفاة ، ثم قرأه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الناس على نحو هذه العرضات ، ثم كتبه الصحابة عنه ، وكان كتّاب الوحي خمسا وعشرين كاتبا ، والتحقيق أنهم كانوا زهاء ستين ، وأشهرهم الخلفاء الأربعة ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وأخوه يزيد ، والمغيرة بن شعبة ، والزبير بن العوام ، وخالد بن الوليد ، وحفظه أيضا عدد من الصحابة في صدورهم حبّا به ، واعتمادا على قوة حافظتهم وذاكرتهم التي اشتهروا بها ، حتى إن حروب المرتدين قتل فيها سبعون من القراء ، وقد عدّ أبو عبيد في كتاب (القراءات) بعض الحفاظ ، فذكر من المهاجرين : الخلفاء الراشدين الأربعة ، وطلحة بن عبيد الله ، وسعد بن

٢٠