تفسير التّحرير والتّنوير - ج ١٧

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور

تفسير التّحرير والتّنوير - ج ١٧

المؤلف:

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦١

جرم آخر من أجرامهم مع جرم عبادة الأصنام ، وهو جرم تكذيب الرسول والتكذيب بالقرآن.

والآيات هي القرآن لا غيره من المعجزات لقوله (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ).

والمنكر : إما الشيء الذي تنكره الأنظار والنفوس فيكون هنا اسما ، أي دلائل كراهيتهم وغضبهم وعزمهم على السوء ، وإما مصدر ميمي بمعنى الإنكار كالمكرم بمعنى الإكرام. والمحملان آئلان إلى معنى أنهم يلوح على وجوههم الغيظ والغضب عند ما يتلى عليهم القرآن ويدعون إلى الإيمان. وهذا كناية عن امتلاء نفوسهم من الإنكار والغيظ حتى تجاوز أثره بواطنهم فظهر على وجوههم. كما في قوله تعالى : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) [المطففين : ٢٤] كناية عن وفرة نعيمهم وفرط مسرّتهم به. ولأجل هذه الكناية عدل عن التصريح بنحو : اشتدّ غيظهم ، أو يكادون يتميزون غيظا ، ونحو قوله : (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) [النحل : ٢٢].

وتقييد الآيات بوصف البينات لتفظيع إنكارها إياها ، إذ ليس فيها ما يعذر به منكروها.

والخطاب في قوله (تَعْرِفُ) لكلّ من يصلح للخطاب بدليل قوله (بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا).

والتعبير ب (الَّذِينَ كَفَرُوا) إظهار في مقام الإضمار. ومقتضى الظاهر أن يكون (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، أي وجوه الذين يعبدون من دون الله ما لم ينزّل به سلطانا ، فخولف مقتضى الظاهر للتسجيل عليهم بالإيماء إلى أن علّة ذلك هو ما يبطنونه من الكفر.

والسّطوّ : البطش ، أي يقاربون أن يصولوا على الذين يتلون عليهم الآيات من شدّة الغضب والغيظ من سماع القرآن.

و (بِالَّذِينَ يَتْلُونَ) يجوز أن يكون مرادا به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من إطلاق اسم الجمع على الواحد كقوله : (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ) [الفرقان : ٣٧] ، أي كذّبوا الرسول.

ويجوز أن يراد به من يقرأ عليهم القرآن من المسلمين والرسول ، أما الذين سطوا عليهم من المؤمنين فلعلهم غير الذين قرءوا عليهم القرآن ، أو لعلّ السطو عليهم كان بعد نزول هذه الآية فلا إشكال في ذكر فعل المقاربة.

٢٤١

وجملة (يَكادُونَ يَسْطُونَ) في موضع بدل الاشتمال لجملة (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ) لأن الهمّ بالسطو مما يشتمل عليه المنكر.

(قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

استئناف ابتدائي يفيد زيادة إغاظتهم بأن أمر الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يتلو عليهم ما يفيد أنهم صائرون إلى النار.

والتفريع بالفاء ناشئ من ظهور أثر المنكر على وجوههم فجعل دلالة ملامحهم بمنزلة دلالة الألفاظ. ففرع عليها ما هو جواب عن كلام فيزيدهم غيظا.

ويجوز كون التفريع على التلاوة المأخوذة من قوله (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) ، أي اتل عليهم الآيات المنذرة والمبيّنة لكفرهم ، وفرع عليها وعيدهم بالنار.

والاستفهام مستعمل في الاستئذان ، وهو استئذان تهكمي لأنه قد نبأهم بذلك دون أن ينتظر جوابهم.

وشرّ : اسم تفضيل ، أصله أشرّ : كثر حذف الهمزة تخفيفا ، كما حذفت في خير بمعنى أخير.

والإشارة ب (ذلِكُمُ) إلى ما أثار منكرهم وحفيظتهم ، أي بما هو أشد شرّا عليكم في نفوسكم مما سمعتموه فأغضبكم ، أي فإن كنتم غاضبين لما تلي عليكم من الآيات فازدادوا غضبا بهذا الذي أنبّئكم به.

وقوله (النَّارُ) خبر مبتدأ محذوف دل عليه قوله (بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ). والتقدير : شرّ من ذلكم النّار.

فالجملة استئناف بياني ، أي إن سألتم عن الذي هو أشدّ شرا فاعلموا أنه النار.

وجملة (وَعَدَهَا اللهُ) حال من النّار ، أو هي استئناف.

والتعبير عنهم بقوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) إظهار في مقام الإضمار ، أي وعدها الله إياكم لكفركم.

(وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي بئس مصيرهم هي ، فحرف التعريف عوض عن المضاف إليه ، فتكون الجملة إنشاء ذمّ معطوفة على جملة الحال على تقدير القول. ويجوز أن يكون التعريف للجنس فيفيد العموم ، أي بئس المصير هي لمن صار إليها ، فتكون الجملة تذييلا

٢٤٢

لما فيها من عموم الحكم للمخاطبين وغيرهم وتكون الواو اعتراضية تذييلية.

(يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣))

أعقبت تضاعيف الحجج والمواعظ والإنذارات التي اشتملت عليها السورة مما فيه مقنع للعلم بأن إله الناس واحد وأن ما يعبد من دونه باطل ، أعقبت تلك كلها بمثل جامع لوصف حال تلك المعبودات وعابديها.

والخطاب ب (يا أَيُّهَا النَّاسُ) للمشركين لأنهم المقصود بالردّ والزجر وبقرينة قوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ) على قراءة الجمهور (تَدْعُونَ) بتاء الخطاب.

فالمراد ب (النَّاسُ) هنا المشركون على ما هو المصطلح الغالب في القرآن. ويجوز أن يكون المراد ب (النَّاسُ) جميع الناس من مسلمين ومشركين.

وفي افتتاح السورة ب (يا أَيُّهَا النَّاسُ) وتنهيتها بمثل ذلك شبه بردّ العجز على الصدر. ومما يزيده حسنا أن يكون العجز جامعا لما في الصدر وما بعده ، حتى يكون كالنتيجة للاستدلال والخلاصة للخطبة والحوصلة للدرس.

وضرب المثل : ذكره وبيانه ؛ استعير الضرب للقول والذكر تشبيها بوضع الشيء بشدّة ، أي ألقي إليكم مثل. وتقدم بيانه عند قوله تعالى : (أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما) في [سورة البقرة : ٢٦].

وبني فعل (ضُرِبَ) بصيغة النائب فلم يذكر له فاعل بعكس ما في المواضع الأخرى التي صرّح فيها بفاعل ضرب المثل نحو قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما) في [سورة البقرة : ٢٦] و (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً) في [سورة النحل : ٧٥] و (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً) في [سورة الزمر : ٢٩] و (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ) في [سورة النحل : ٧٦]. إذ أسند في تلك المواضع وغيرها ضرب المثل إلى الله ، ونحو قوله: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) في [سورة النحل : ٧٤]. و (ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ) في [سورة يس : ٧٨] ، إذ أسند الضرب إلى المشركين ، لأنّ المقصود هنا نسج التركيب على إيجاز صالح لإفادة احتمالين :

٢٤٣

أحدهما : أن يقدّر الفاعل الله تعالى وأن يكون المثل تشبيها تمثيليا ، أي أوضح الله تمثيلا يوضح حال الأصنام في فرط العجز عن إيجاد أضعف المخلوقات كما هو مشاهد لكلّ أحد.

والثاني : أن يقدّر الفاعل المشركين ويكون المثل بمعنى المماثل ، أي جعلوا أصنامهم مماثلة لله تعالى في الإلهية.

وصيغة الماضي في قوله (ضُرِبَ) مستعملة في تقريب زمن الماضي من الحال على الاحتمال الأول ، نحو قوله تعالى : (لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً) [النساء : ٩] ، أي لو شارفوا أن يتركوا ، أي بعد الموت.

وجملة (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) إلى آخرها يجوز أن تكون بيانا لفعل (ضُرِبَ) على الاحتمال الأول في التقدير ، أي بين تمثيل عجيب.

ويجوز أن تكون بيانا للفظ (مَثَلٌ) لما فيها من قوله : (تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) على الاحتمال الثاني.

وفرع على ذلك المعنى من الإيجاز قوله : (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) لاسترعاء الأسماع إلى مفاد هذا المثل مما يبطل دعوى الشركة لله في الإلهية ، أي استمعوا استماع تدبّر.

فصيغة الأمر في (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) مستعملة في التحريض على الاحتمال الأول ، وفي التعجيب على الاحتمال الثاني. وضمير (لَهُ) عائد على المثل على الاحتمال الأول لأنّ المثل على ذلك الوجه من قبيل الألفاظ المسموعة ، وعائد على الضّرب المأخوذ من فعل (ضُرِبَ) على الاحتمال الثاني على طريقة (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [المائدة : ٨] ، أي استمعوا للضرب ، أي لما يدلّ على الضرب من الألفاظ ، فيقدر مضاف بقرينة (فَاسْتَمِعُوا) لأن المسموع لا يكون إلّا ألفاظا ، أي استمعوا لما يدلّ على ضرب المثل المتعجّب منه في حماقة ضاربيه.

واستعملت صيغة الماضي في (ضُرِبَ) مع أنه لمّا يقل لتقريب زمن الماضي من الحال كقوله : (لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً) [النساء : ٩] ، أي لو قاربوا أن يتركوا ، وذلك تنبيه للسامعين بأن يتهيئوا لتلقي هذا المثل ، لما هو معروف لدى البلغاء من استشرافهم للأمثال ومواقعها.

والمثل : شاع في تشبيه حالة بحالة ، كما تقدّم في قوله (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ

٢٤٤

ناراً) في [سورة البقرة : ١٧] ، فالتشبيه في هذه الآية ضمني خفيّ ينبئ عنه قوله : (وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) وقوله (لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ). فشبهت الأصنام المتعددة المتفرقة في قبائل العرب وفي مكّة بالخصوص بعظماء ، أي عند عابديها. وشبهت هيئتها في العجز بهيئة ناس تعذّر عليهم خلق أضعف المخلوقات ، وهو الذباب ، بله المخلوقات العظيمة كالسماوات والأرض. وقد دلّ إسناد نفي الخلق إليهم على تشبيههم بذوي الإرادة لأنّ نفي الخلق يقتضي محاولة إيجاده ، وذلك كقوله تعالى : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) كما تقدم في [سورة النحل : ٢١]. ولو فرض أن الذباب سلبهم شيئا لم يستطيعوا أخذه منه ، ودليل ذلك مشاهدة عدم تحركهم ، فكما عجزت عن إيجاد أضعف الخلق وعن دفع أضعف المخلوقات عنها فكيف توسم بالإلهية ، ورمز إلى الهيئة المشبه بها بذكر لوازم أركان التشبيه من قوله (لَنْ يَخْلُقُوا) وقوله (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً) إلى آخره ، لا جرم حصل تشبيه هيئة الأصنام في عجزها بما دون هيئة أضعف المخلوقات فكانت تمثيلية مكنية.

وفسر صاحب «الكشاف» المثل هنا بالصفة الغريبة تشبيها لما ببعض الأمثال السائرة. وهو تفسير بما لا نظير له ولا استعمال يعضده اقتصادا منه في الغوص عن المعنى لا ضعفا عن استخراج حقيقة المثل فيها وهو جذيعها المحكّك وعذيقها المرجب ولكن أحسبه صادف منه وقت سرعة في التفسير أو شغلا بأمر خطير ، وكم ترك الأول للأخير.

وفرع على التهيئة لتلقي هذا المثل الأمر بالاستماع له وإلقاء الشراشر لوعيه وترقب بيان إجماله توخّيا للتفطّن لما يتلى بعد.

وجملة (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ) إلخ بيان ل (مَثَلٌ) على كلا الاحتمالين السابقين في معنى (ضُرِبَ مَثَلٌ) ، فإن المثل في معنى القول فصحّ بيانه بهذا الكلام.

وأكد إثبات الخبر بحرف توكيد الإثبات وهو (إن) ، وأكد ما فيه من النفي بحرف توكيد النفي (لن) لتنزيل المخاطبين منزلة المنكرين لمضمون الخبر ، لأنّ جعلهم الأصنام آلهة يقتضي إثباتهم الخلق إليها وقد نفي عنها الخلق في المستقبل لأنه أظهر في إقحام الذين ادعوا لها الإلهية لأنّ نفي أن تخلق في المستقبل يقتضي نفي ذلك في الماضي بالأحرى لأن الذي يفعل شيئا يكون فعله من بعد أيسر عليه.

وقرأ الجمهور (تَدْعُونَ) بتاء الخطاب على أن المراد بالنّاس في قوله : (يا أَيُّهَا

٢٤٥

النَّاسُ) خصوص المشركين. وقرأه يعقوب ـ بياء الغيبة ـ على أن يقصد ب (يا أَيُّهَا النَّاسُ) جميع الناس وأنّهم علموا بحال فريق منهم وهم أهل الشرك. والتقدير : إن الذين يدعون هم فريق منكم.

والذّباب : اسم جمع ذبابة ، وهي حشرة طائرة معروفة ، وتجمع على ذبّان ـ بكسر الذال وتشديد النون ـ ولا يقال في العربية للواحدة ذبّانة.

وذكر الذّباب لأنه من أحقر المخلوقات التي فيها الحياة المشاهدة. وأما ما في الحديث في المصورين قال الله تعالى : «فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة» فهو في سياق التعجيز لأنّ الحبّة لا حياة فيها والذرة فيها حياة ضعيفة.

وموقع (لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) موقع الحال ، والواو واو الحال ، و (لو) فيه وصلية. وقد تقدّم بيان حقيقتها عند قوله : (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ) في [سورة آل عمران : ٩١]. أي لن يستطيعوا ذلك الخلق وهم مفترقون ، بل ولو اجتمعوا من مفترق القبائل وتعاونوا على خلق الذباب لن يخلقوه.

والاستنقاذ : مبالغة في الإنقاذ مثل الاستحياء والاستجابة.

وجملة (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) تذييل وفذلكة للغرض من التمثيل ، أي ضعف الداعي والمدعو ، إشارة إلى قوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً) إلخ ، أي ضعفتم أنتم في دعوتهم آلهة وضعفت الأصنام عن صفات الإله.

وهذه الجملة كلام أرسل مثلا ، وذلك من بلاغة الكلام.

(ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤))

تذييل للمثل بأن عبادتهم الأصنام مع الله استخفاف بحق إلهيته تعالى إذ أشركوا معه في أعظم الأوصاف أحقر الموصوفين ، وإذ استكبروا عند تلاوة آياته تعالى عليهم ، وإذ هموا بالبطش برسوله.

والقدر : العظمة ، وفعل قدر يفيد أنه عامل بقدره. فالمعنى : ما عظموه حق تعظيمه إذ أشركوا معه الضعفاء العجز وهو الغالب القوي. وقد تقدّم تفسيره في قوله (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) في [سورة الأنعام : ٩١].

وجملة (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) تعليل لمضمون الجملة قبلها ، فإن ما أشركوهم مع الله

٢٤٦

في العبادة كل ضعيف ذليل فما قدروه حق قدره لأنه قوي عزيز فكيف يشاركه الضعيف الذليل. والعدول عن أن يقال : ما قدرتم الله حقّ قدره ، إلى أسلوب الغيبة ، التفات تعريضا بهم بأنّهم ليسوا أهلا للمخاطبة توبيخا لهم ، وبذلك يندمج في قوله : (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) تهديد لهم بأنه ينتقم منهم على وقاحتهم.

وتوكيد الجملة بحرف التوكيد ولام الابتداء مع أن مضمونها مما لا يختلف فيه لتنزيل علمهم بذلك منزلة الإنكار لأنهم لم يجروا على موجب العلم حين أشركوا مع القوي العزيز ضعفاء أذلة.

والقويّ : من أسمائه تعالى. وهو مستعمل في القدرة على كلّ مراد له. والعزيز : من أسمائه ، وهو بمعنى : الغالب لكلّ معاند.

(اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥))

لما نفت الآيات السابقة أن يكون للأصنام التي يعبدها المشركون مزية في نصرهم بقوله: (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) [الحج : ٧١] ، وقوله : (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) [الحج : ٧٣] ونعى على المشركين تكذيبهم الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله : (يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا) [الحج : ٧٢] ، وقد كان من دواعي التكذيب أنهم أحالوا أن يأتيهم رسول من البشر : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) [الأنعام : ٨] أي يصاحبه ، (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) [الفرقان : ٢١] أعقب إبطال أقوالهم بأن الله يصطفي من شاء اصطفاءه من الملائكة ومن الناس دون الحجارة ، وأنه يصطفيهم ليرسلهم إلى الناس ، أي لا ليكونوا شركاء ، فلا جرح أبطل قوله (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) جميع مزاعمهم في أصنامهم.

فالجملة استئناف ابتدائي ، والمناسبة ما علمت.

وتقديم المسند إليه وهو اسم الجلالة على الخبر الفعلي في قوله (اللهُ يَصْطَفِي) دون أن يقول : نصطفي ، لإفادة الاختصاص ، أي الله وحده هو الذي يصطفي لا أنتم تصطفون وتنسبون إليه.

والإظهار في مقام الإضمار هنا حيث لم يقل : هو يصطفي من الملائكة رسلا ، لأن

٢٤٧

اسم الجلالة أصله الإله ، أي الإله المعروف الذي لا إله غيره ، فاشتقاقه مشير إلى أن مسماه جامع كل الصفات العلى تقريرا للقوّة الكاملة والعزّة القاهرة.

وجملة (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) تعليل لمضمون جملة (اللهُ يَصْطَفِي) لأن المحيط علمه بالأشياء هو الذي يختص بالاصطفاء. وليس لأهل العقول ما بلغت بهم عقولهم من الفطنة والاختيار أن يطلعوا على خفايا الأمور فيصطفوا للمقامات العليا من قد تخفى عنهم نقائصهم بله اصطفاء الحجارة الصمّاء.

والسميع البصير : كناية عن عموم العلم بالأشياء بحسب المتعارف في المعلومات أنها لا تعدو المسموعات والمبصرات.

(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦))

جملة مقرّرة لمضمون جملة (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج : ٧٥] وفائدتها زيادة على التقرير أنها تعريض بوجوب مراقبتهم ربّهم في السر والعلانية لأنه لا تخفى عليه خافية.

و (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) مستعار لما يظهرونه ، (وَما خَلْفَهُمْ) هو ما يخفونه لأن الشيء الذي يظهره صاحبه يجعله بين يديه والشيء الذي يخفيه يجعله وراءه.

ويجوز أن يكون (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) مستعارا لما سيكون من أحوالهم لأنها تشبه الشيء الذي هو تجاه الشخص وهو يمشي إليه ، (وَما خَلْفَهُمْ) مستعارا لما مضى وعبر من أحوالهم لأنها تشبه ما تركه السائر وراءه وتجاوزه.

وضمير (أَيْدِيهِمْ) و (خَلْفَهُمْ) عائدان : إما إلى المشركين الذين عاد إليهم ضمير (فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) [الحج : ٦٧] ، وإما إلى الملائكة والناس. وإرجاع الأمور إرجاع القضاء في جزائها من ثواب وعقاب إليه يوم القيامة.

وبني فعل (تُرْجَعُ) إلى النائب لظهور من هو فاعل الإرجاع فإنه لا يليق إلّا بالله تعالى ، فهو يمهل الناس في الدنيا وهو يرجع الأمور إليه يوم القيامة.

وتقديم المجرور لإفادة الحصر الحقيقي ، أي إلى الله لا إلى غيره يرجع الجزاء لأنه ملك يوم الدين. والتعريف في (الْأُمُورُ) للاستغراق ، أي كل أمر. وذلك جمع بين البشارة والنذارة تبعا لما قبله من قوله : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ).

٢٤٨

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧))

لما كان خطاب المشركين فاتحا لهذه السورة وشاغلا لمعظمها عدا ما وقع اعتراضا في خلال ذلك ، فقد خوطب المشركون ب (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أربع مرات ، فعند استيفاء ما سيق إلى المشركين من الحجج والقوارع والنداء على مساوي أعمالهم ، ختمت السورة بالإقبال على خطاب المؤمنين بما يصلح أعمالهم وينوّه بشأنهم.

وفي هذا الترتيب إيماء إلى أن الاشتغال بإصلاح الاعتقاد مقدم على الاشتغال بإصلاح الأعمال.

والمراد بالركوع والسجود الصلوات. وتخصيصهما بالذكر من بين أعمال الصلاة لأنهما أعظم أركان الصلاة إذ بهما إظهار الخضوع والعبودية. وتخصيص الصلاة بالذكر قبل الأمر ببقية العبادات المشمولة لقوله (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ) تنبيه على أنّ الصلاة عماد الدين.

والمراد بالعبادة : ما أمر الله النّاس أن يتعبدوا به مثل الصيام والحج.

وقوله (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) أمر بإسداء الخير إلى الناس من الزكاة ، وحسن المعاملة كصلة الرّحم ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وسائر مكارم الأخلاق ، وهذا مجمل بينته وبينت مراتبه أدلة أخرى.

والرجاء المستفاد من (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) مستعمل في معنى تقريب الفلاح لهم إذا بلغوا بأعمالهم الحدّ الموجب للفلاح فيما حدّد الله تعالى ، فهذه حقيقة الرجاء. وأما ما يستلزمه الرجاء من تردّد الراجي في حصول المرجو فذلك لا يخطر بالبال لقيام الأدلة التي تحيل الشكّ على الله تعالى.

واعلم أن قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) إلى (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) اختلف الأئمّة في كون ذلك موضع سجدة من سجود القرآن. والذي ذهب إليه الجمهور أن ليس ذلك موضع سجدة وهو قول مالك في «الموطأ» و «المدوّنة» ، وأبي حنيفة ، والثوري.

٢٤٩

وذهب جمع غفير إلى أن ذلك موضع سجدة ، وروى الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وفقهاء المدينة ، ونسبه ابن العربي إلى مالك في رواية المدنيين من أصحابه عنه. وقال ابن عبد البر في «الكافي» : «ومن أهل المدينة قديما وحديثا من يرى السجود في الثانية من الحجّ قال : وقد رواه ابن وهب عن مالك». وتحصيل مذهبه أنها إحدى عشرة سجدة ليس في المفصّل منها شيء» ، فلم ينسبه إلى مالك إلا من رواية ابن وهب ، وكذلك ابن رشد في «المقدمات» : فما نسبه ابن العربي إلى المدنيين من أصحاب مالك غريب.

وروى الترمذي عن ابن لهيعة عن مشرح (١) عن عقبة بن عامر قال : «قلت يا رسول الله فضلت سورة الحجّ لأنّ فيها سجدتين؟ قال : نعم ، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما» اه. قال أبو عيسى : هذا حديث إسناده ليس بالقويّ اه ، أي من أجل أن ابن لهيعة ضعّفه يحيى بن معين ، وقال مسلم : تركه وكيع ، والقطّان ، وابن مهدي. وقال أحمد : احترقت كتبه فمن روى عنه قديما (أي قبل احتراق كتبه) قبل.

(وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨))

(وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ)

الجهاد بصيغة المفاعلة حقيقة عرفية في قتال أعداء المسلمين في الدّين لأجل إعلاء كلمة الإسلام أو للدفع عنه كما فسّره النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله». وأن ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه حين قفل من غزوة تبوك قال لأصحابه: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» ، وفسّره لهم بمجاهدة العبد هواه(٢) ، فذلك محمول على المشاكلة بإطلاق الجهاد على منع داعي النفس إلى المعصية.

ومعنى (في) التعليل ، أي لأجل الله ، أي لأجل نصر دينه كقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «دخلت

__________________

(١) مشرح ـ بميم مكسورة فشين معجمة ساكنة هو ابن عاهان المعافري تابعي توفى سنة ١٢٠ ه‍.

(٢) رواه البيهقي عن جابر بن عبد الله بسند ضعيف.

٢٥٠

امرأة النار في هرّة» أي لأجل هرة ، أي لعمل يتعلق بهرّة كما بيّنه بقوله : «حبستها لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها ترمم من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا».

وانتصب (حَقَّ جِهادِهِ) على المفعول المطلق المبيّن للنوع ، وأضيفت الصفة إلى الموصوف ، وأصله : جهاده الحقّ ، وإضافة جهاد إلى ضمير الجلالة لأدنى ملابسة ، أي حق الجهاد لأجله ، وقرينة المراد تقدّم حرف (في) كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) [آل عمران : ١٠٢].

والحق بمعنى الخالص ، أي الجهاد الذي لا يشوبه تقصير.

والآية أمر بالجهاد ، ولعلّها أول آية جاءت في الأمر بالجهاد لأنّ السورة بعضها مكي وبعضها مدنيّ ولأنه تقدم آنفا قوله : (ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) [الحج : ٦٠] ، فهذا الآن أمر بالأخذ في وسائل النصر ، فالآية نزلت قبل وقعة بدر لا محالة.

(هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)

جملة (هُوَ اجْتَباكُمْ) إن حملت على أنها واقعة موقع العلة لما أمروا به ابتداء من قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) [الحج : ٧٧] إلخ ، أي لأنه لما اجتباكم ، كان حقيقا بالشكر له بتلك الخصال المأمور بها.

والاجتباء : الاصطفاء والاختبار ، أي هو اختاركم لتلقي دينه ونشره ونصره على معانديه. فيظهر أن هذا موجّه لأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أصالة ويشركهم فيه كل من جاء بعدهم بحكم اتّحاد الوصف في الأجيال كما هو الشأن في مخاطبات التشريع.

وإن حمل قوله (هُوَ اجْتَباكُمْ) على معنى التفضيل على الأمم كان ملحوظا فيه تفضيل مجموع الأمة على مجموع الأمم السابقة الراجع إلى تفضيل كل طبقة من هذه الأمة على الطبقة المماثلة لها من الأمم السالفة.

وقد تقدم مثل هذين المحملين في قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران : ١١٠].

٢٥١

وأعقب ذلك بتفضيل هذا الدّين المستتبع تفضيل أهله بأن جعله دينا لا حرج فيه لأنّ ذلك يسهل العمل به مع حصول مقصد الشريعة من العمل فيسعد أهله بسهولة امتثاله ، وقد امتنّ الله تعالى بهذا المعنى في آيات كثيرة من القرآن ، منها قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة : ١٨٥]. ووصفه الدين بالحنيف ، وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بعثت بالحنيفيّة السّمحة».

والحرج : الضيق ، أطلق على عسر الأفعال تشبيها للمعقول بالمحسوس ثمّ شاع ذلك حتى صار حقيقة عرفية كما هنا.

والملّة : الدين والشريعة. وقد تقدم عند قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) في [سورة النحل : ١٢٣]. وقوله : (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي) في [سورة يوسف : ٣٨].

وقوله (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) زيادة في التنويه بهذا الدّين وتحضيض على الأخذ به بأنه اختص بأنه دين جاء به رسولان إبراهيم ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهذا لم يستتب لدين آخر ، وهو معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنا دعوة أبي إبراهيم» (١) أي بقوله : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) [البقرة : ١٢٩] ، وإذ قد كان هذا هو المقصود فمحمل الكلام أنّ هذا الدّين دين إبراهيم ، أي أنّ الإسلام احتوى على دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام. ومعلوم أن للإسلام أحكاما كثيرة ولكنه اشتمل على ما لم يشتمل عليه غيره من الشرائع الأخرى من دين إبراهيم ، جعل كأنه عين ملّة إبراهيم ، فعلى هذا الاعتبار يكون انتصاب (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) على الحال من (الدِّينِ) باعتبار أن الإسلام حوى ملّة إبراهيم.

ثم إن كان الخطاب موجّها إلى الذين صحبوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإضافة أبوة إبراهيم إليهم باعتبار غالب الأمة ، لأنّ غالب الأمة يومئذ من العرب المضرية وأمّا الأنصار فإن نسبهم لا ينتمي إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنّهم من العرب القحطانيين ؛ على أن أكثرهم كانت لإبراهيم عليهم ولادة من قبل الأمهات.

وإن كان الخطاب لعموم المسلمين كانت إضافة أبوة إبراهيم لهم على معنى التشبيه في الحرمة واستحقاق التعظيم كقوله تعالى : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦] ، ولأنه أبو النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومحمد له مقام الأبوة للمسلمين وقد قرئ قوله تعالى : (وَأَزْواجُهُ

__________________

(١) رواه أبو داود الطيالسي عن عبادة بن الصامت.

٢٥٢

أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦] بزيادة وهو أبوهم.

ويجوز أن يكون الخطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على طريقة التعظيم كأنه قال : ملّة أبيك إبراهيم.

والضمير في (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) عائد إلى الجلالة كضمير (هُوَ اجْتَباكُمْ) فتكون الجملة استئنافا ثانيا ، أي هو اجتباكم وخصّكم بهذا الاسم الجليل فلم يعطه غيركم ولا يعود إلى إبراهيم.

و (قَبْلُ) إذا بني على الضم كان على تقدير مضاف إليه منوي بمعناه دون لفظه. والاسم الذي أضيف إليه (قَبْلُ) محذوف ، وبني (قَبْلُ) على الضم إشعارا بالمضاف إليه. والتقدير : من قبل القرآن. والقرينة قوله (وَفِي هذا) ، أي وفي هذا القرآن.

والإشارة في قوله (وَفِي هذا) إلى القرآن كما في قوله تعالى : (ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الأحقاف : ٤] ، أي وسماكم المسلمين في القرآن. وذلك في نحو قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران : ٦٤] وقوله : (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) [الزمر : ١٢].

واللّام في قوله (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) يتعلّق بقوله (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) [الحج : ٧٧] أو بقوله (اجْتَباكُمْ) أي ليكون الرسول ، أي محمد عليه الصلاة والسلام شهيدا على الأمة الإسلامية بأنها آمنت به ، وتكون الأمة الإسلامية شاهدة على النّاس ، أي على الأمم بأن رسلهم بلغوهم الدعوة فكفر بهم الكافرون. ومن جملة الناس القوم الذين كفروا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقدمت شهادة الرسول للأمة هنا ، وقدمت شهادة الأمة في آية [البقرة : ١٤٣] (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) ؛ لأن آية هذه السورة في مقام التنويه بالدّين الذي جاء به الرسول. فالرسول هنا أسبق إلى الحضور فكان ذكر شهادته أهم ، وآية البقرة صدّرت بالثناء على الأمّة فكان ذكر شهادة الأمة أهمّ.

(فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)

تفريع على جملة (هُوَ اجْتَباكُمْ) وما بعدها ، أي فاشكروا الله بالدوام على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاعتصام بالله.

٢٥٣

والاعتصام : افتعال من العصم ، وهو المنع من الضرّ والنجاة ، قال تعالى : (قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) [هود : ٤٣] ، وقال النابغة :

يظل من خوفه الملاح معتصما

بالخيزرانة بعد الأين والنجد

والمعنى : اجعلوا الله ملجأكم ومنجاكم.

وجملة (هُوَ مَوْلاكُمْ) مستأنفة معلّلة للأمر بالاعتصام بالله لأنّ المولى يعتصم به ويرجع إليه لعظيم قدرته وبديع حكمته.

والمولى : السيد الذي يراعي صلاح عبده.

وفرع عليه إنشاء الثناء على الله بأنه أحسن مولى وأحسن نصير. أي نعم المدبر لشئونكم ، ونعم الناصر لكم. ونصير : صيغة مبالغة في النصر ، أي نعم المولى لكم ونعم النصير لكم. وأما الكافرون فلا يتولّاهم تولي العناية ولا ينصرهم.

وهذا الإنشاء يتضمّن تحقيق حسن ولاية الله تعالى وحسن نصره. وبذلك الاعتبار حسن تفريعه على الأمر بالاعتصام به.

وهذا من براعة الختام ، كما هو بيّن لذوي الأفهام.

٢٥٤

محتوى الجزء السابع عشر من كتاب تفسير التحرير والتنوير

٢١ ـ سورة الأنبياء

(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).................................. ٧

(ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)......... ٩

(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) إلى (تُبْصِرُونَ)........... ١٠

(قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).................... ١٢

(بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا) إلى (الْأَوَّلُونَ)............ ١٢

(ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ)................................ ١٤

(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ) إلى (تَعْلَمُونَ)............. ١٥

(وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ)......................... ١٥

(ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ)..................... ١٦

(لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ).................................. ١٧

(وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً) إلى (ظالِمِينَ)............. ١٨

(فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ)......................... ٢١

(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنا أَنْ) إلى (فاعِلِينَ)......... ٢٣

(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)...... ٢٥

(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ) إلى (لا يَفْتُرُونَ)........ ٢٦

(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ)....................................... ٢٨

(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ).......... ٢٩

(لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ)............................................. ٣٤

(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ) إلى (مُعْرِضُونَ)......... ٣٥

(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).......... ٣٦

٢٥٥

(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) إلى (الظَّالِمِينَ)............ ٣٧

(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما).................. ٣٩

(وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ)................................... ٤٢

(وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ).... ٤٢

(وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ).......................... ٤٣

(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ)................................ ٤٤

(كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)...................................................... ٤٤

(وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)....................... ٤٦

(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ)............... ٤٧

(وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) إلى (كافِرُونَ).................... ٤٨

(خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ).......................... ٤٩

(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إلى (يُنْظَرُونَ)...................... ٥٠

(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا) إلى (يَسْتَهْزِؤُنَ)............ ٥٣

(قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) إلى (الْعُمُرُ)........................ ٥٤

(أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ).................... ٥٦

(قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ)................... ٥٧

(وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ)................ ٥٨

(وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) إلى (حاسِبِينَ)......... ٥٩

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً) إلى (مُنْكِرُونَ)................. ٦٤

(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ) إلى (مُدْبِرِينَ)................. ٦٧

(فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) إلى (لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ)......... ٧١

(قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ) إلى (تَعْقِلُونَ)......................... ٧٣

(قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) إلى (إِبْراهِيمَ).................... ٧٧

٢٥٦

(وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ).......................................... ٧٨

(وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) إلى (عابِدِينَ).............. ٧٩

(وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ) إلى (الصَّالِحِينَ)................. ٨١

(وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ) إلى (أَجْمَعِينَ).................... ٨٢

(وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ) إلى (وَعِلْماً)............... ٨٤

(وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ)........................... ٨٧

(وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ).............. ٨٨

(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ) إلى (عالِمِينَ)........................... ٨٩

(وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ)....... ٩١

(وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) إلى (لِلْعابِدِينَ).......................... ٩٢

(وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) إلى (الصَّالِحِينَ).............. ٩٤

(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى) إلى (الْمُؤْمِنِينَ)........ ٩٥

(وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ) إلى (زَوْجَهُ).................. ٩٨

(إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ).......... ٩٩

(وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها) إلى (آيَةً لِلْعالَمِينَ)..... ١٠٠

(إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)................................ ١٠١

(وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ)...................................... ١٠٣

(فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ) ١٠٥

(وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ).................................. ١٠٥

(حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) إلى (ظالِمِينَ)............ ١٠٧

(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ) إلى (لا يَسْمَعُونَ).......... ١١١

(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها) إلى (تُوعَدُونَ)................ ١١٣

(يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا) إلى (كُنَّا فاعِلِينَ).......... ١١٥

٢٥٧

(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ) إلى (عابِدِينَ)................. ١١٨

(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)............................................ ١٢٠

(قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)................... ١٢٤

(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ)......... ١٢٦

(إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ)................................. ١٢٧

(وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ).................................... ١٢٨

(قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)................. ١٢٨

٢٢ ـ سورة الحج

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)......................... ١٣٥

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ)................. ١٤٠

(كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ)................. ١٤١

(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ) إلى (شَيْئاً)............ ١٤٣

(وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) إلى (بَهِيجٍ).......... ١٤٧

(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ) إلى (الْقُبُورِ).................. ١٤٩

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا) إلى (لِلْعَبِيدِ)............ ١٥٠

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ) إلى (الْمُبِينُ).................. ١٥٣

(يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ).................................. ١٥٦

(يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)................... ١٥٦

(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي) إلى (يُرِيدُ)........ ١٥٧

(مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) إلى (يَغِيظُ)................ ١٥٨

(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ)........................... ١٦١

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى) إلى (شَهِيدٌ)............... ١٦١

٢٥٨

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ) إلى (يَشاءُ)...................... ١٦٣

(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا) إلى (الْحَرِيقِ)................ ١٦٥

(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلى (الْحَمِيدِ)................. ١٦٧

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ) إلى (أَلِيمٍ)................. ١٧٠

(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ) إلى (السُّجُودِ).................. ١٧٣

(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) إلى (الْفَقِيرَ)............. ١٧٥

(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)...................... ١٧٩

(ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)............................ ١٨٢

(وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا) إلى (مُشْرِكِينَ بِهِ)............ ١٨٣

(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ) إلى (سَحِيقٍ)................ ١٨٤

(ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)........................... ١٨٥

(لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ)................... ١٨٦

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما) إلى (أَسْلِمُوا)............... ١٨٧

(وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) إلى (يُنْفِقُونَ).............. ١٨٨

(وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا) إلى (تَشْكُرُونَ)..... ١٨٩

(لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ)...................... ١٩٣

(كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)............... ١٩٥

(إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ).................. ١٩٦

(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)................... ١٩٧

(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ)...................... ١٩٨

(وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) إلى (عَزِيزٌ)............. ١٩٩

(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ) إلى (الْمُنْكَرِ).................... ٢٠٣

(وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)......................................................... ٢٠٤

٢٥٩

(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ) إلى (نَكِيرِ)............. ٢٠٤

(فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ) إلى (مَشِيدٍ)................ ٢٠٦

(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ) إلى (الصُّدُورِ)............ ٢٠٧

(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ) إلى (تَعُدُّونَ).................. ٢١٠

(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ)................. ٢١١

(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ فَالَّذِينَ آمَنُوا) إلى (الْجَحِيمِ).......... ٢١٢

(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا) إلى (مُسْتَقِيمٍ)................... ٢١٤

(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ) إلى (عَقِيمٍ)................... ٢٢٢

(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا) إلى (حَلِيمٌ)..................... ٢٢٢

(ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ) إلى (غَفُورٌ)......... ٢٢٤

(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) إلى (سَمِيعٌ بَصِيرٌ)....................... ٢٢٦

(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) إلى (الْكَبِيرُ)................. ٢٢٨

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً خَبِيرٌ)............... ٢٢٩

(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)................ ٢٣٠

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) إلى (رَحِيمٌ)......................... ٢٣١

(وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ).................................... ٢٣٥

(إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ)........................................................ ٢٣٥

(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ) إلى (مُسْتَقِيمٍ)............... ٢٣٥

(وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) إلى (تَخْتَلِفُونَ)..................... ٢٣٨

(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَ) إلى (يَسِيرٌ)................. ٢٣٨

(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ) إلى (نَصِيرٍ)........................... ٢٣٩

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ) إلى (آياتُنا)............. ٢٤٠

(قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ) إلى (الْمَصِيرُ)................... ٢٤٢

٢٦٠