الماء - ج ١

أبو محمّد عبدالله بن محمّد الأزدي [ ابن الذهبي ]

الماء - ج ١

المؤلف:

أبو محمّد عبدالله بن محمّد الأزدي [ ابن الذهبي ]


الموضوع : الطّب
الناشر: مؤسسة مطالعات تاريخ پزشكى ، طب اسلامي ومكمل
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٠

١
٢

بسمه تعالى

كتاب الماء نمونه اى از گنجينه هاى مفقود پزشكى دوران تمدن بزرگ اسلامى

گاهى كه پس از گذشت قرنها ، اثرى ارزشمند از زير غبار تيره فراموشى واز لابلاى كتابهاى مندرس ونم كشيده بيرون كشيده مى شود دلهاى عاشقان علوم ودلدادگان تمدن اسلامى وايرانى به هيجان مى آيد وآرزو مى كند كه اى كاش حركتى جدى وفراگير براى بازيابى اين گنجينه ها آغاز شود زيرا حداقل فايده اين حركت ايجاد اعتماد بنفس وانگيزه خود باورى وتلاش براى دستيابى به جايگاه شايسته ايران وتمدن اسلامى در زمانى نه چندان طولانى است.

اين مقدمه به بهانه نشر محدود كتاب الماء در سلسله انتشارات مرتبط با طب سنتى ما مطرح شد البته در مقدمه مبسوط دكتر هادى حسن حمودى محقق وويراستار اين اثر ارزشمند نكات خواندنى فراوانى در زمينه چگونگى دستيابى ايشان به اين اثر در كتابخانه شخصى شيخ بن عاشور احمد بن عبد القادر التيهرتى ساكن غردايه در كشور الجزاير زمانى كه محقق به عنوان استاد دانشگاه وهران الجزاير خدمت مى كرد وجستجو وتحقيقاتى كه بر اساس ملاحظه مكتوبات اين كتاب انجام داده است ديده مى شود كه نياز به بازگوئى نيست اما جا دارد اين چند جمله را در معرفى مؤلف واثر واهميت آن ذكر كنيم.

مؤلف كتاب الماء كه شايد نخستين كتاب لغت پزشكى (با تأكيد بر علم اللغه) باشد ابو محمد عبد الله بن محمد الازدى معروف به ابن الذهبى است اگرچه تاريخ ولادت او مشخص نيست اما به نقل عيون الانباء وفات او در جمادى الآخر سال ٤٦٦ هجرى در شهر بلنسيه در اندلس (اسپانياى اسلامى) اتفاق افتاده است.

محل ولادت او بنا به تحقيق دكتر هادى حسن حمودى در صحار در سرزمين عمان بوده است (با استناد به اين شعر كه در ماده ص ح ر همين كتاب مؤلف در وصف صحار آورده است :

بلادٌ بها شُدَّت عليَّ تَمَائِمي

وأوّل أرضٍ مَسَّ جِلدى تُرابُها

مؤلف در مقدمه كتاب در سبب وچگونگى تأليف به كتاب العين در علم لغت أثر أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد اشاره مى كند كه صاحب كتاب العين اولا نام كتاب خود را از نخستين باب كتابش أخذ كرده وثانيا تلاش كرده كه لغات غير عربى را با معادل عربى آن جايگزين كند واضافه مى كند كه من هم نام كتابم را از نخستين عنوان در باب اول كتاب اخذ كردم اينكه چرا كلمه الماء را در آغاز كتاب آورده اما پس از آن رعايت تقدم وتأخر

٣

حروف تهجى را در ساير مباحث كتاب كرده است شايد نوعى بهگزينى از كلمات وجايگاه آب در نظام آفرينش باشد ، چنانكه همين بحث مختصر را راجع به آب به آيات متعدد قرآنى زينت بخشيده است).

از آنچه كه با مطالعه الفاظ معنا شده در اين كتاب ارزشمند بر مى آيد بنظر مى رسد مؤلف به بصره وبغداد مسافرت كرده است وسپس به ايران آمده ودرك محضر ابوريحان بيرونى ومهمتر از آن محضر نابغه كم نظير عالم پزشكى وافتخار فرهنگ وتمدن ايران اسلامى يعنى ابن سينا (٣٧٠ ـ ٤٢٨ هجرى) را نموده است ودر كتاب خود علاوه بر اشاره اى كه در مقدمه كرده است مكررا از ابن سينا به عنوان شيخنا العلامه وبا تعبيراتى اينگونه نام برده ونه تنها در نقل مطالب از آثار شناخته شده ابن سينا استفاده كرده است به آموخته هاى شفاهى خود نيز از محضر استاد اشارات متعدد دارد.

همين موضوع مقارنه وقرب زمانى مؤلف با حيات علمى ابن سينا به ارزش اين اثر صد چندان مى افزايد وبه درك صحيح تر مصطلحات طب سنتى ما كمك مى كند.

ظاهرا مؤلف پس از سفر به ايران وكسب اندوخته علمى به بيت المقدس واز آنجا براى توقف كوتاهى به مصر رفته وپس از آن به يكى قطب هاى علمى آن عصر يعنى سرزمين اسلامى اندلس (اسپانيا) سفر كرده است ووفات وى در همان سرزمين واقع شده است.

ابن ابى أصيبعة كه به معرفى بسيار كوتاه اين مؤلف بسنده كرده است اشاره به اثرى از وى مى كند تحت عنوان «الماء لا يغذو» كه ظاهرا اين عنوان همان مقاله آغازين كتاب است.

محقق كتاب در پايان هر فصل از كتاب به توضيحاتى درباره برخى كلمات واشاره به مستندات آيات وروايات نقل شده در آن فصل پرداخته است اگرچه در يك نگاه اجمالى اشتباهات مشخصى كه ناشى از عدم آشنايى كافى محقق به زبان فارسى واحيانا منابع طب اسلامى ايرانى است اما مجموعا بر ارزش اثر بطور چشمگيرى افزوده است.

در اين كتاب براى يافتن هر كلمه بايد به ريشه ثلاثى آن كلمه مراجعه كرد براى مثل كلمه ثؤلول (زگيل) بايد به ريشه (ث أ ل) مراجعه كرد.

اينك با نشر محدود اين اثر ، بنظر مى رسد يك فرصت قابل بهره گيرى براى محققين طب سنتى ما فراهم باشد تا با پايه قرار دادن ترجمه اين اثر واستفاده از انبوه كتب مرتبط قابل دسترس (كه خوشبختانه چند نمونه با ارزش آن در سلسله انتشارات مؤسسه مطالعات تاريخ پزشكى ، طب اسلامى انتشار يافته وهم اكنون در دسترس پژوهشگران است) اثرى فراگير ، متقن مستند وقابل استفاده در زمان حاضر ، به جامعه دوستداران فرهنگ وتمدن وپزشكى اسلامى وايرانى عرضه نمايند.

٤

٥

الكاتب والكتاب

لقد تظافرت عوامل كثيرة على إخفاء الكتب التراثيّة التي تتعلَّق بالعلوم التّجريبيّة للعرب وسائر المسلمين ..

ولعلّ من أبرز تلك العوامل أن محققي التراث العربي شغلوا بذات النوعية من الكتب التي بدأ المستشرقون بتحقيقها ونشرها وفهرستها منذ مطالع النهضة الأوروبية وعلاقة أوربا بدول المشرق. ولا نعدو الحقيقة إذا قررنا أن كثيرا من كتب التراث التي نشرها محققون عرب كانت قد صدرت من قبل مستشرقين وعلماء الشرقيات في أوروبا.

ومن هنا ترسخت حركة إحياء التراث العربي على نوعيات من الكتب محددة فيما يحتاج اليه في الدرس الأدبي واللغوي ، والشرعي أحيانا .. وقد نتلمس للمحققين العرب الذين ظهروا في بدايات حركة تحقيق كتب التّراث شيئا من العذر في نهجهم ذاك النهج باعتبارهم كانوا حديثي عهد بمسألة تحقيق التراث فانصرفوا الى النوعية نفسها التي وجدوها أمامهم .. غير أن مما لا يمكن تلمس الأعذار له أن بعضا منهم كان يعيد جهود من سبقه سواء كان من سبقه عربيا مثله أم مستعربا ومستشرقا ، فكثرت الطبعات وتراكمت من غير كبير نفع للتراث ولا لحاضر الأمة ومستقبلها ، في حين ظل التراث العلميّ التجريبيّ بعيدا عن متناول القراء ومن غير أدنى اهتمام به.

وربما كانت هذه الملاحظة الأخيرة تعود الى أن التراث العلمي العربي المصنّف بضمن التراث التجريبي لم يحظ بسمعة حسنة لدى أبناء هذا الجيل لما غلب على الأذهان من أنه تراث معتمد على الخرافات والأساطير ، وأنه لم

٦

يكن ينحو منحى العلوم وما تقتضيه من تجربة ومراس ومران .. إلى عوامل أخرى تتعلق بالربح التجاري الذي يتوخّاه النّاشر من وراء قيامه بنشر كتاب ما ، وهي غاية معقولة تماما في ظروف العمل الثقافي الذي لم يخضع بعد إلى الاسناد الكامل كما يسند رغيف الخبز من قبل الجهات الاقتصادية المعنيّة. يضاف إلى ذلك أن الشيء اليسير الذي طبع من التراث العربي على أساس أنه من التراث التجريبي العلمي كان ، في أغلب نصوصه المنشورة بعيدا ، عن مدارك الناس ومعلوماتهم ، بل أن كثيرا منه اندرج وبكل سهولة ضمن أبواب الخرافات والأساطير .. وإلا فما معنى أن ينشر كتاب يقال عنه إنه في الطب ـ مثلا ـ وهو يدعو قراءه الى كتابة الأحجبة والتعاويذ لمقاومة الطاعون والحمّى الصفراء ، أو أن يلتهم المريض شيئا من تراب هذا القبر أو تلك الأرض!

فكان هذا وغيره من العوامل التي تظافرت على اختفاء التراث العلمي العربي الذي شيّد حضارة من أكثر الحضارات الإنسانية رصانة وأمانا وتعاونا بين البشر.

ولا نعبر هذه المسألة من غير أن نشير الى أن كثيرا من أمناء المكتبات والمسؤولين عن مخازن المخطوطات في الدول العربية والإسلامية ساهموا ، بهذا القدر أو ذاك ، في إبعاد الناس عن الإطلاع على تراثهم العلمي وما يمكن أن يستخلصوا منه من فائدة عظيمة في هذا العصر .. وذلك أن أولئك الأمناء والمسؤولين ، أو أغلبهم ، كانوا ـ وما زالوا ـ يتفنّنون في إقامة العراقيل أما أيّ باحث جادّ يحاول أن يقدّم شيئا نافعا لهذه الأمة التي تعيش مرحلة من أخطر مراحل الحوار الحضاري والتّكامل الإنسانيّ ، والتي لن تستطيع أن تجتازها من

٧

غير تسلّحها بأكثر ما في تراثها من أصالة وعلمية وإنسانيّة.

وكان من فضل الله عليّ ، ومنذ أن تعرّفت على النّهضة العمانيّة الرائعة بقيادة جلالة السّلطان المعظّم قابوس بن سعيد ، حفظه الله ورعاه ..

ومنذ أن تعرّفت على الخليل بن أحمد الفراهيديّ الأزديّ ..

ومنذ أن أدركت أن العلوم العربية إنما انطلقت من هذه الأرض الطيبة .. أرض عمان المباركة ..

ومنذ أن اطلعت على كتب التراث العلمي العربي الأصيل وأدركت مدى حاجة الأمة اليه ..

أخذت نفسي بالبحث عن التراث العماني الضائع الذي لم يحظ من المفهرسين والمحققين بما يستحقه من عناية ودراسة وتحقيق ونشر.

وفي خلال البحث الدّائب عن هذا التّراث العماني ، تعرّفت على عالم عماني فذّ ، وعبقريّ مجهول لم يذكر عنه القدماء إلا أربعة أسطر .. اسمه ووفاته وأهم أبواب العلوم التي برّز فيها ..

ثمّ يتوقّف التّاريخ! أو كأنّه قد توقّف .. من غير أن يبذل أحد جهده في التّعرّف على آثار هذا الرّجل والبحث عن تآليفه وآثاره .. وتلك مأساة أصابت الأمة في أعز موروثاتها الثقافية الرصينة .. ففي الوقت الذي تسوّد فيه الصفحات التي تلفّ وتدور في أطر ضيقة ومكررة ومعادة وهي تراوح في مكانها منشغلة بالجناس والطباق ونظريات عوامل الإعراب التي ليس فيها أدنى نفع لهذه الأجيال المتقدمة باتجاه المستقبل .. تتناسى الأمة علماءها وعظماءها الذين ما زالت آثارهم تستطيع رفد مسيرتها وإعادتها الى مسارها الحضاري الذي كان لها يوما .. وليس هذا ضربا من التمنيات أو الأحلام ..

٨

فالكتاب الذي بين أيدينا خير شاهد على ما أقول .. بما فيه من نظريات علمية رصينة بإمكانها ـ إذا أحسنّا التّعامل معها ـ أن تقدم لنا نفعا جليلا في هذا السباق الحضاري المعاصر.

قلنا أن كتب الأقدمين لم تقدم لنا عن هذا العالم الجليل إلّا سطورا أربعة ، أمّا تلك السّطور الأربعة فهذا نصّها :

(هو أبو محمّد عبد الله بن محمّد الأزدي .. ويعرف بابن الذهبيّ .. أحد المعتنين بصناعة الطّبّ ومطالعة كتب الفلاسفة ، وكان كلفا بصناعة الكيمياء ، مجتهدا في طلبها. وتوفي ببلنسية" من ديار الأندلس" في جمادى الآخرة سنة ستّ وخمسين وأربعمائة. ولابن الذهبيّ من الكتب : مقالة في أنّ الماء لا يغذو) (عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة ص ٤٩٧ طبعة صيدا / لبنان ١٩٦٥).

ثم انتهى الكلام!

فماذا نفهم من النّصّ السابق؟

لا شيء تقريبا .. فما معنى أن له مقالة في أنّ الماء لا يغذو؟ وأين هي تلك المقالة؟ وما حجمها؟ ومادّتها؟ وما علاقة هذه المقالة بكونه كلفا بصناعة الكيمياء؟ وما علاقتها بالطّبّ الذي كان الأزديّ أحد المعتنين به؟ وما الصلة بينها وبين مطالعته لكتب الفلسفة على ما يقوله النّصّ السابق؟

ثمّ من أين جاء هذا الرجل الى بلنسية؟ وهل انشقت عنه الأرض فجأة؟ أم ألقته الرّيح هناك؟

وما تفصيلات حياته؟ وعلى من درس؟ وممن أخذ علومه؟ وهل كان له تلامذة وهل ترك آثارا أخرى؟ وهل مارس الطّبّ فعلا؟ وهل كتب فيه؟

٩

أسئلة وغيرها كثير لم يجب عنها القدماء بشيء .. ولهم عذرهم من مواضعات زمانهم ، وما أكثر الكتب التي غلطوا في عناوينها وفي نسبتها الى أصحابها وفي أسماء أعلام كبار .. ناهيك عن بلداتهم وأصولهم وتواريخ ولادتهم ووفياتهم.

وإذا كان للقدماء عذرهم ، فلا عذر لأبناء هذا الجيل في الانصراف عن العلوم النافعة الى الغثّ مما تلقيه مطبوعات تجارية لا تقدم أدنى نفع لنا ولا لأجيالنا القادمة ..

لقد أصبح العالم قرية واضحة المعالم .. أفمن المعقول أن نظل حبيسي أطر ضيقة في التعامل معه ومع قضايا تراثنا وكتبه المبثوثة في مكتبات العالم سواء ما كان منها مكتبات عامة ، أم ما كان مكتبات خاصة لعوائل وشخصيات هنا وهناك وهنالك؟!

والظاهر أن للظروف حكمها في هذا المجال ، كما في مجالات أخرى .. فأثناء اشتغالي أستاذا في جامعة وهران في الجزائر ما بين عامي (١٩٧٣ / ١٩٨٤) اطلعت على مكتبة غنية بالمخطوطات القديمة والآثار النفيسة ، تعود للشيخ بن عاشور أحمد بن عبد القادر التيهرتي نزيل غرداية. والذي تكرم فأطلعني على محتويات جملة صالحة من تلك الذخائر والنفائس.

في تلك المكتبة نسختان فريدتان من معجم طبي لم أكن أدرك مدى أهميته لو لا أني تصفحته بنسختيه ، وأدركت أني أمام كنز حقيقي من العلوم الطبية والمعارف الفلسفية النادرة والأساليب التجريبية في العلاج .. كل ذلك على شكل معجم مرتّب على أساس حروف الألف باء (أ. ب. ت .. الخ). وقد أثبتت جهودي اللاحقة أن هاتين النسختين هما النسختان الوحيدتان للكتاب

١٠

في العالم كله.

الكتاب هو" كتاب الماء" ومؤلفه" أبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي" .. فالكتاب ـ إذن ـ هو كتاب الماء .. وليس" مقالة في أن الماء لا يغذو". معجم في حوالي تسعمائة صفحة لا مقالة في بضع صفحات .. فهل تلك مقالة أخرى؟ أم هي مقدمة الكتاب مستلّة منه ومنسوخة على أنها مقالة في أن الماء لا يغدو؟ لست أدري.

كتاب الماء .. معجم طبيّ لغويّ رتّبه مؤلفه على حروف الألفباء .. وجعل موادّه خالصة للطب أحيانا ، وجامعة بين الطّبّ واللغة أحيانا أخرى ، وإن كان ـ في أحيان قليلة ـ تغلبه طبيعته اللغوية فيكتفي بذكر المعنى اللغوي للّفظ حين لا يجد له معنى طبّيّا خاصّا.

فالمؤلّف معنيّ بالطب ، لذا ينصرف الى ذكر الأمراض والعلاج وأسماء الأدوية وتركيبها ضمن الجذر اللغوي الذي اشتقّت منه أسماء تلك الأدواء والعلاجات والأدوية. كما كان معنيا جدا بذكر أسماء النباتات الطبية وخصائصها بضمن الجذر اللغوي الملائم لها ، بحيث يسهل على الطبيب والصيدلانيّ والباحث واللغوي وعالم النبات والمتخصص في تشريح الحيوانات وفسلجتها من الحصول على المعلومة التي يبتغي بكل يسر وسهولة وذلك بالعودة الى الجذر اللغوي الذي هو أصل لما يبحث عنه ، فإنه يجده هناك بما قد ينفعه ويرشده الى تلك المعلومة التي أرادها.

ولقد ذكر المؤلف في مقدمته أنّه لمّا رأى الخليل بن أحمد" وهو أزديّ أيضا" قد سمّى كتابه" العين" بأوّل حروف الكتاب فإنّه قد نَهَجَ نَهْجَ الخليل في تسمية الكتاب ، فأطلق عليه تسمية مأخوذة من أول أبوابه ، وهو باب الماء ،

١١

الذي هو ـ بشكل أو آخر ـ بمثابة إحدى مقدمات المؤلّف للكتاب.

ثم قسّم كتابه الى أبواب ، يحمل كل باب اسم الحرف الذي تبتدئ به الألفاظ المذكورة فيه ، وذلك بحسب حروف (أ. ب. ت. ث .. الخ ..) كما ذكرنا قبل قليل. ووضع في كل باب الجذور اللغوية التي تبدأ بذلك الحرف .. فتجد (أكل) في حرف الهمزة ، و (بصر) في حرف الباء و (طعن) في حرف الطّاء و (نظر) في حرف النون .. وهكذا جريا على نهج المعجمات اللغوية. والظاهر أنه أول من استخدم هذا المنهج ، كما كان الخليل الأزدي أول من وضع معجما لغويا وأول من رتب عمله على أساس أصوات الحروف التي تبتدئ بها الكلمة.

فأما أنّ أبا محمد الأزدي هو أول من استخدم هذا المنهج في كتابة معجم" طبيّ" فذلك أمر لا شكّ فيه .. وبخاصّة أننا لم نطلع ـ بعد ـ على كتاب وضعه ابن سينا باسم" لسان العرب" وذلك قبل" كتاب الماء" بسنوات قليلة. وبما أن الكتاب منصرف الى الطب ، وبما أن مؤلفه" أحد المعتنين بصناعة الطب" فان المؤلف وضع في الجذور اللغوية كل علومه المتعلقة بالطب وأنبأ عن علوم أخرى كالكيمياء والفلك والفلسفة والمنطق .. بأسلوب مشرق رصين يؤكد أن المؤلف ذو مكنة لغوية عالية ، تلوح فيها أحيانا تأثيرات مهنة الطب ومصطلحاتها ، مع وضوح جهد المؤلف في صياغة مادّة الكتاب باللغة العربية العالية.

ويبدو بجلاء أن المؤلف قد أفاد كثيرا من" كتاب العين للخليل" ولا نستبعد أن يكون حافظا للكتاب ، أو أنه كان يعتمد على بعض من نسخه وهو يؤلف كتابه هذا .. وإنما نحتمل هذا الاحتمال الأخير لأن بعضا من النصوص التي

١٢

ينقلها المؤلف عن الخليل وكتابه العين ، لا نجدها في العين المتداول بين أيدينا ، وهي نصوص ـ على قلّتها ـ تشير الى أن المؤلف كان يرجع الى أكثر من نسخة من نسخ ذلك" العين" العظيم. أو انه كان حافظا له فعلا ومعتمدا على ذاكرته التي قد تنسب إلى الخليل شيئا لا نجده في كتابه العين .. أو يحتمل أن النسخ المتبقية من العين بحاحة إلى استكمال.

ويحتل الخليل بن أحمد الأزدي مكانة رفيعة في نفس المؤلف أبي محمد عبد الله بن محمد الأزدي ، إذ يكاد الخليل يكون العالم الوحيد الذي يعقّب المؤلف على ذكر اسمه دائما بألفاظ الترحّم والإجلال والإكبار.

وإذا كانت حياة المؤلف مجهولة ، على ما أشرنا إليه منذ قليل ، فإن الباحث وبالاعتماد على تحليل مادة الكتاب يستطيع أن يسد بعضا من الثغرات الكثيرة في مجريات حياة مؤلفه.

إنّ دراسة متأنّية لمادة كتاب الماء قد دلّتنا على هذه الآثار التي قد تكون نافعة في تصوّر أكثر اكتمالا لحياة المؤلف ، فمنها نتبيّن :

١ ـ أنه ولد في" صُحَار" من بلاد عمان .. ففي مادّة" ص. ح. ر" وبعد أن يذكر المعلومات الطبية المتعلقة بهذا اللفظ وما يشتق منه يصل الى ذكر" صحار" فيقول :

(وصحار قصبة عمان ، مدينة طيبة الهواء كثيرة الخيرات ، وسميت بصحار بن إرم بن سام بن نوح ، عليه‌السلام :

بلادٌ بها شُدَّت عليَّ تمائمي

وأولّ أرض مسّ جلدي تُرابُها

فلم يبق لدينا شكّ في مولده وأصله.

١٣

٢ ـ انه انتقل من عمان الى العراق ، وكأنه يعيد سيرة الخليل الجليل الذي سبقه في هذه الرحلة من قَبْل ثلاثة قرون ونيّف .. وقد ذكر في أكثر من مكان من كتابه عن ألفاظ معيّنة أنه سمعها في البصرة أو بغداد. ومن المحتمل أن رحلته إلى هناك تمت عن طريق البحر ، حيث نزل البصرة المدينة التي غلب عليها الأزديون منذ أوائل تمصيرها في أثناء الفتح الاسلامي لوادي الرافدين .. المدينة التي سبق لها أن احتفلت بكبار علمائها الأزديين كالخليل وابن دريد وغيرهما.

غير أنه ـ في القرن الخامس للهجرة ـ كانت حاضرة العلم والثقافة قد انتقلت من البصرة والكوفة واستقرت في بغداد .. فلا غرو أن ييمّم الأزدي وجهه شطر بغداد.

٣ ـ ثم انتقل الى بلاد فارس حيث شافَهَ البيرونيّ كما تفصح عنه بعض نصوص هذا الكتاب. والبيرونيّ أحد الذين شهروا بالصّيدلة وعلم النبات.

٤ ـ ويبدو أن الصّيدلة والنباتات لم تجد لها هوى كبيرا في نفس أبي محمّد الأزدي لذلك شدّ الرحال الى ابن سينا ، حيث لزمه وتتلمذ على يديه .. ويلوح ذلك بكل جلاء في كثير من موادّ الكتاب ، إذ لا يكاد باب منه يخلو من ذكر ابن سينا وتقول عنه بما ينبئ عن اعتداد الأزدي به كثيرا ، واعتماده على اجتهاداته الطبية في أكثر من موضع من كتابه هذا. ومن الطريف أن نلاحظ أنّ الأزديّ يتّخذ موقف نصرة أستاذه ابن سينا كلّما عرض لمسألة خلافية بين الأطباء ، فهو مع عرضه لآراء مخالفي ابن سينا إلّا أنه يناقش آراء أولئك المعارضين ليثبت صواب موقف شيخه الذي كان غالبا ما ينعته بقوله" شيخنا العلّامة". ونلاحظ ـ أيضا ـ أن كثيرا من الآراء التي ينقلها المؤلف عن

١٤

ابن سينا قد سمعها منه شفاها ، ولذا فإن بعضا منها لا نجده في كتب ابن سينا المعروفة ، كالقانون في الطب والشفاء وغيرهما مما هو متوفر بين أيدينا .. ولذا يكون" كتاب الماء" هو أول كتاب يحتفظ بتلك الآراء والأقوال والرؤى وينقلها الى الأجيال اللاحقة ، حيث نجدها تتردد في بعض من الكتب الطبية المتأخرة والتي تكاد تنقل نص ما في" كتاب الماء" منها ، ولكن .. من غير أن تشير الى الأزدي! خلافا لما تمليه الأمانة العلميّة .. وهذه ظاهرة عرفت في كل الأزمان والعصور ولدى جميع الأمم ، مع الأسف الشديد.

٥ ـ ويكشف الكتاب أن المؤلف انتقل من بلاد فارس الى بيت المقدس ، حيث تشير نصوص عديدة إلى نباتات وعلاجات يذكر المؤلف أنه رآها مستعملة هناك.

٦ ـ ثم انتقل منها الى مصر ، والظاهر أنه لم يمكث فيها طويلا لأننا لا نكاد نجده يذكرها إلّا في القليل النادر من مثل ما ذكره من انتشار الأفيون والقُنّب" وهو المعروف اليوم بالحشيش" في بلاد مصر.

٧ ـ ثم ينتقل الى المغرب فالأندلس .. حيث يستقر في بلنسية ، وفيها يلقي عصا التسيار .. وينتقل الى رحاب رحمة ربه في سنة ٤٦٦ للهجرة.

نسختا الكتاب

قلت قبل قليل أني وقفت على نسختين من الكتاب في مكتبة شخصية للشيخ بن عاشور أحمد بن عبد القادر التيهرتي نزيل غرداية.

أما النسخة الأولى فقد قرئت على أبي الحكم عبيد الله بن المظفر المريني المغربي الذي كان طبيب البيمارستان" المستشفى" في بغداد وذلك في سنة

١٥

اثنتين وعشرين وخمسمائة للهجرة ، كما جاء في آخرها. وهي منتسخة بخط قرآنيّ ، وناسخها هو الطبيب عبد الودود الأندلسي نزيل بغداد ، كما جاء في الصفحة الأخيرة من المخطوطة المذكورة.

أما صفحة العنوان فيها فتحمل العنوان وعددا من التمليكات التي ينطمس أكثرها ويبين بعضها بخطوط متنوعة ، منها :

* (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى).

* للشيخ أبي الحكم :

وللمنايا مواقيت مقدرة

وذاك حكم جرى في سالف الأبد

ولم تزل أشهم الأقدار صائبة

ولا سبيل الى عقل ولا قود

* دخل خزانة الشيخ الأعظم الأجل الأكرم شمس الدين الماوردي في رمضان المعظم من سنة ٨٨٦.

* (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ). * اقتناه عند منصرفه من الحجّ العبد الفقير الى رحمة ربه محمد راجي التيهرتي سنة ١٠١٢ للهجرة على مشرّفها السلام.

وربما كان هذا المالك الأخير هو الذي نقلها الى المغرب مرة أخرى فاستقرت في مكتبة العائلة الى هذه الأيام.

وهي نسخة كاملة ، تقع في مجلدين في ٨٦٤ صفحة في كل صفحة ما بين ٢٥ الى ٢٧ سطرا وفي كل سطر ١٤ كلمة تقريبا. وخطها نوع من الخطوط القرآنية القديمة ، غير أنها متعسرة القراءة في مواضع عديدة بسبب الرطوبة

١٦

وافتقاد كثير من الكلمات الى التنقيط والضبط بالحركات ، ولذا فقد اعتمدنا في توجيه بعض نصوصها على النسخة الثانية ، وكذا على كتب الطب المشهورة كالقانون لابن سينا وغيره مما أشرنا اليه في الحواشي ..

النسخة الثانية : وهي منتسخة من الأولى ، والظاهر أن ناسخها هو محمد بن راجي التيهرتي نفسه ، إذ بلغ إعجابه بتلك النسخة التي قدم بها من الحج أن قام بنسخها والاحتفاظ بها مع أصلها ، على جري عادة البيوتات القديمة التي تضن بمقتنياتها فتستكثر منها حتى إذا ما تلف بعض بقي بعض آخر .. وهذه النسخة تفتقد أوراقا قليلة من آخرها ، ولربما كان الناسخ قد كتب اسمه وتاريخ نسخه لها في تلك الأوراق المفقودة.

وقد أكد لي الشيخ التيهرتي صاحب المكتبة أنه على يقين بأنها بخطّ جدّه الأعلى.

وهذه النسخة مكتوبة بخط اعتيادي مما شاع في القرون المتأخرة ، ولكننا وجدنا فيها خطوطا مغربية ، حيث تنقّط النون بنقطة تحت الحرف ، والباء بنقطة الى جنبه .. وهكذا .. إضافة الى وجود صفحات كثيرة بالخط الفارسي المحرّف عن أصل تخطيطاته ..

وقد حدثني صاحب المكتبة أن جده هذا كان مولعا بالخطوط ، وعرض علي نماذج من خطوطه ، فرأيتها تكاد تنطابق مع الخطوط المتنوعة المستعملة في كتابة هذه النسخة التي رمزنا اليها بحرف" م" والتي تضمنت زيادات لا أشك في انها من عند ناسخها لأن المعلومات الواردة فيها لم تكن معهودة في زمن المؤلف ، ولكني أثبت بعضها لما فيه من نفع وإيضاح.

١٧

من جديد كتاب الماء

يتضمن هذا الكتاب كثيرا من النظريات العلمية التي من شأنها أن تغير كثيرا من المفاهيم السائدة في الميدان الطبي ، سواء ما كان منها متعلقا بتاريخ الطب ، أم ما كان متعلقا بالمادة الطبية نفسها ، ونشير هنا الى ما ذكره المؤلف من علاجات للضعف الجنسي ولنقص المناعة وللكوليرا وللاكتئاب وازدواج الشخصية وغيرها .. وصحيح أنه لم يذكر هذه الأمراض بأسمائها المعروفة اليوم إلّا انه ذكرها بأسمائها المعروفة تاريخيا وبصفاتها وعلاماتها وأعراضها. وبالرغم من أن الكتاب كله شاهد على ما أقول ، إلّا اني أسمح لنفسي هنا بنقل شيء من نظريته في" الإبصار" مما جاء عنده في مادة" ب. ص. ر". فمن المعروف أن نظرية الإبصار التي كانت شائعة عند اليونانيين ومن جاء بعدهم تذهب الى أن العين تطلق أشعة تقع على الأشياء فتتمكن العين من مشاهدتها.

وفي العصور الحديثة وصل علماء الغرب الى نظرية علمية في الإبصار تذهب الى أن الأشياء هي التي تعكس الضوء فتدخل صورها الى العين ويقع الإبصار .. بعد ان تصل تلك الصور الى الدماغ فيقوم بتفسيرها.

وشهر في ميادين العلوم أن ابن النّفيس قد سبق العلماء الأوروبيين الى اكتشاف هذه النظرية التي قلبت كثيرا من مفاهيم تاريخ الطب وتطوره .. ولكن ابن النفيس توفي في سنة ٦٨٦ للهجرة ، ومعنى هذا أن بينه وبين أبي محمد عبد الله بن محمد الأزدي أكثر من قرنين من الزمن .. وهذا الأزدي يسجل تلك النظرية في كتابه هذا ، فحق له أن ينصف أخيرا وأن تُسجّل تلك

١٨

النظرية باسمه لا باسم غيره.

قال في مادة" بصر" :

(ومذهبنا في الإبصار أنه يتم بأن يقع شبح المرئي على الحدقة ثم تنقله أمام القوة الباصرة فاذا أدركت هذه القوة ذلك الشبح كان سببا لشعور النفس بالمرئيّ فتدركه حينئذ .. وقد قيل ان النفس تدرك المحسوسات كلها بلا واسطة وأنه ليس للبصر قوة باصرة ولا للشمّ قوة تدرك الرائحة ونحو ذلك. بل المدراك لهذه الأشياء كلها هو النفس .. وأكثر الفلاسفة ينقضون هذا الرأي ويقولون : ان إدراك النفس لهذه الأشياء إنما يكون بتوسط إدراك القوى المخصوصة بها ثم ينتقل ذلك الإدراك الى النفس ، والحقّ أن الأمر كذلك). وبعد أن يتحدث عن أبرز أقوال من سبقه في هذا المجال يصل الى تحديد نظريته فيقول :

(فأما كيف يتأدّى المبصر الى القوّة الباصرة ، فمنهم من يعترف بالجهل بذلك ، ومنهم من يزعم أن هذا الشبخ انفعال يعرض للجليدية ، وإذا عرض فان العصب النوري يدرك هذا الانفعال ويؤديه الى الدماغ.

وأما الحق في هذا فهو أن الشبح يقع على داخل المقلة ثم تنقله كل واحدة من المقلتين في العصب النوري أمام القوة الباصرة وهناك يتخذ الشبحان شبحا واحدا بانطباق أحدهما على الآخر فتدركه القوة الباصرة ثم تنقله الى داخل البطن المقدم من الدماغ فيبقى هناك محفوظا فكل وقت تلحظ النفس ذلك الشبح تتخيل ذلك المرئيّ).

فهو ـ هنا ـ يتجاوز نظرية الإبصار الى قضية الذاكرة ، وكيف تختزن الصور ..

١٩

ونظرا لهذا التفكير المستنير والاهتمام الدقيق بمسائل الطب ومشكلاته استطاع أبي محمد الأزدي وصف كثير من الأمراض التي ما زالت شائعة الى اليوم وأن يرسم لها علاجاتها .. فقد ذكر السيلان والسفلس والايدز بأوصافها وأعراضها ، وتحدّث عن امكانية علاجها .. كما تحدّث عن الأوبئة كالطاعون والسّل والهيضة وغيرها ، وشخّص علاماتها والأدوية النافعة لها.

وتطرق الى الأمراض النفسية كالكآبة والإحباط والقلق والوسواس والاضطرابات العقلية والنفسية والى الشلل والرعشة وغيرها كثير .. وأوضح طريق التخلص منها أو تخفيف شدّتها وعوارضها.

وأما الأدوية التي وصفها في كتابه فتعتمد على النباتات والأعشاب الطبية بضمن قانونه الذي ذكره في كتابه وهو أن العلاج يبدأ بالغذاء والرياضة المناسبة للسنّ ، فان حصل الداء انتقل الى الأدوية المفردة ، فان تعسر أكثر انتقل المعالج الى الأدوية المركّبة .. ولذا فإنه يصف الأدوية ويصرّ على ألّا تستخدم إلّا بمعرفة الطبيب" ذي الدستور" أي المتمكن من صنعة الطب والمتخرج على أساتذتها الكبار .. ويوصي الأصحاء بمراعاة صحتهم بالغذاء والرياضة وتفريح القلب .. وغير ذلك.

ومن الطبيعي أنه يذكر كل واحد من هذه الأمور في الجذر اللغوي الذي جاء منه لفظه .. فالطاعون في الجذر (طعن) والسّل في الجذر (سلل) والجذام في الجذر (جذم) وهكذا ..

فان كان اسم المرض أو الدواء أو النبات الطبي اسما أعجميا اجتهد الأزدي في وضع مقابل عربي له .. ولذا تراه ـ أحيانا ـ يذكر اللفظ مع الجذر العربي ثم يشير اليه في حذره الأعجمي محيلا الى الموضع الأول .. إلّا الألفاظ التي

٢٠