تفسير التّحرير والتّنوير - ج ١٦

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور

تفسير التّحرير والتّنوير - ج ١٦

المؤلف:

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٢

فنسيتها وعميت عنها فكذلك اليوم تنسى وتحشر أعمى.

والنسيان في الموضعين مستعمل كناية أو استعارة في الحرمان من حظوظ الرحمة.

وجملة (وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ) إلخ تذييل ، يجوز أن تكون من حكاية ما يخاطب الله به من يحشر يوم القيامة أعمى قصد منها التوبيخ له والتنكيل ، فالواو عاطفة الجملة على التي قبلها. ويجوز أن تكون تذييلا للقصّة وليست من الخطاب المخاطب به من يحشر يوم القيامة أعمى قصد منها موعظة السامعين ليحذروا من أن يصيروا إلى مثل ذلك المصير. فالواو اعتراضية لأن التذييل اعتراض في آخر الكلام ، والواو الاعتراضية راجعة إلى الواو العاطفة إلّا أنها عاطفة مجموع كلام على مجموع كلام آخر لا على بعض الكلام المعطوف عليه.

والمعنى : ومثل ذلك الجزاء نجزي من أسرف ، أي كفر ولم يؤمن بآيات ربّه.

فالإسراف : الاعتقاد الضال وعدم الإيمان بالآيات ومكابرتها وتكذيبهما.

والمشار إليه بقوله (وَكَذلِكَ) هو مضمون قوله (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) ، أي وكذلك نجزي في الدنيا الذين أسرفوا ولم يؤمنوا بالآيات.

وأعقبه بقوله (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى) ، وهذا يجوز أن يكون تذييلا للقصة وليس من حكاية خطاب الله للذي حشره يوم القيامة أعمى. فالمراد بعذاب الآخرة مقابل عذاب الدنيا المفاد من قوله (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) الآية ، والواو اعتراضية. ويجوز أن تكون الجملة من حكاية خطاب الله للذي يحشره أعمى ، فالمراد بعذاب الآخرة العذاب الذي وقع فيه المخاطب ، أي أشد من عذاب الدنيا وأبقى منه لأنّه أطول مدة.

(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨))

تفريع على الوعيد المتقدم في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ) [طه : ١٢٧]. جعل الاستفهام الإنكاري التعجيبي مفرعا على الإخبار بالجزاء بالمعيشة الضنك لمن أعرض عن توحيد الله لأنه سبب عليه لا محالة ، تعجيبا من حال غفلة المخاطبين المشركين عما حلّ بالأمم المماثلة لهم في الإشراك والإعراض عن كتب

٢٠١

الله وآيات الرسل.

فضمائر جمع الغائبين عائدة إلى معروف من مقام التعريض بالتحذير والإنذار بقرينة قوله (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) ، فإنه لا يصلح إلا أن يكون حالا لقوم أحياء يومئذ.

والهداية هنا مستعارة للإرشاد إلى الأمور العقلية بتنزيل العقلي منزلة الحسيّ ، فيؤول معناها إلى معنى التبيين ، ولذلك عدي فعلها باللّام ، كما في قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها) في سورة الأعراف [١٠٠].

وجملة (كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) معلّقة فعل (يَهْدِ) عن العمل في المفعول لوجود اسم الاستفهام بعدها ، أي ألم يرشدهم إلى جواب (كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ) أي كثرة إهلاكنا القرون. وفاعل (يَهْدِ) ضمير دل عليه السياق وهو ضمير الجلالة ، والمعنى : أفلم يهد الله لهم جواب (كَمْ أَهْلَكْنا). ويجوز أن يكون الفاعل مضمون جملة (كَمْ أَهْلَكْنا).

والمعنى : أفلم يبيّن لهم هذا السؤال ، على أن مفعول (يَهْدِ) محذوف تنزيلا للفعل منزلة اللازم ، أي يحصل لهم التبيين.

وجملة (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) حال من الضمير المجرور باللّام ، لأنّ عدم التبيين في تلك الحالة أشد غرابة وأحرى بالتعجيب.

والمراد بالقرون : عاد وثمود. فقد كان العرب يمرون بمساكن عاد في رحلاتهم إلى اليمن ونجران وما جاورها ، وبمساكن ثمود في رحلاتهم إلى الشام. وقد مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمسلمون بديار ثمود في مسيرهم إلى تبوك.

وجملة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) في موضع التعليل للإنكار والتعجيب من حال غفلتهم عن هلاك تلك القرون. فحرف التأكيد للاهتمام بالخبر وللإيذان بالتعليل.

والنهى ـ بضم النون ـ والقصر جمع نهية ـ بضم النون وسكون الهاء ـ : اسم العقل. وقد يستعمل النهى مفردا بمعنى العقل. وفي هذا تعريض بالذين لم يهتدوا بتلك الآيات بأنهم عديمو العقول ، كقوله (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) [الفرقان : ٤٤].

[١٢٩ ـ ١٣٠] (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ

٢٠٢

النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠))

جملة (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ) عطف على جملة (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) [طه : ١٢٨] باعتبار ما فيها من التحذير والتهديد والعبرة بالقرون الماضية ، وبأنهم جديرون بأن يحل بهم مثل ما حل بأولئك. فلما كانوا قد غرّتهم أنفسهم بتكذيب الوعيد لما رأوا من تأخر نزول العذاب بهم فكانوا يقولون (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [سبأ : ٢٩] عقب وعيدهم بالتنبيه على ما يزيل غرورهم بأن سبب التأخير كلمة سبقت من الله بذلك لحكم يعلمها. وهذا في معنى قوله (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) [سبأ : ٢٩ ، ٣٠].

والكلمة : مستعملة هنا فيما شأنه أن تدل عليه الكلمات اللفظية من المعاني ، وهو المسمى عند الأشاعرة بالكلام النفسي الراجع إلى علم الله تعالى بما سيبرزه للناس من أمر التكوين أو أمر التشريع ، أو الوعظ. وتقدّم قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) في سورة هود [١١٠].

فالكلمة هنا مراد بها : ما علمه الله من تأجيل حلول العذاب بهم ، فالله تعالى بحكمته انظر قريشا فلم يعجل لهم العذاب لأنه أراد أن ينشر الإسلام بمن يؤمن منهم وبذريّاتهم. وفي ذلك كرامة للنبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بتيسير أسباب بقاء شرعه وانتشاره لأنه الشريعة الخاتمة. وخصّ الله منهم بعذاب السيف والأسر من كانوا أشداء في التكذيب والإعراض حكمة منه تعالى ، كما قال : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [الأنفال : ٣٣ ـ ٣٤].

واللزام ـ بكسر اللام ـ : مصدر لازم : كالخصام ، استعمل مصدرا لفعل لزم الثاني لقصد المبالغة في قوة المعنى كأنه حاصل من عدة ناس. ويجوز أن يكون وزن فعال بمعنى فاعل ، مثل لزاز في قول لبيد :

منا لزاز كريهة جذّامها

وسداد في قول العرجي :

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

ليوم كريهة وسداد ثغر

أي : لكان الإهلاك الشديد لازما لهم.

٢٠٣

فانتصب (لِزاماً) على أنه خبر (كان) ، واسمها ضمير راجع إلى الإهلاك المستفاد من (كَمْ أَهْلَكْنا) [١٢٨] ، أي لكان الإهلاك الذي أهلك مثله من قبلهم من القرون ، وهو الاستيصال ، لازما لهم.

(وَأَجَلٌ مُسَمًّى) عطف على (كَلِمَةٌ) والتقدير : ولو لا كلمة وأجل مسمّى يقع عنده الهلاك لكان إهلاكهم لزاما. والمراد بالأجل : ما سيكشف لهم من حلول العذاب : إما في الدنيا بأن حل برجال منهم وهو عذاب البطشة الكبرى يوم بدر ؛ وإما في الآخرة وهو ما سيحل بمن ماتوا كفّارا منهم. وفي معناه قوله تعالى : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) [الفرقان : ٧٧].

ويظهر أنه شاع في عصر الصحابة تأويل اسم اللزام أنه عذاب توعد الله به مشركي قريش. وقيل : هو عذاب يوم بدر. ففي «صحيح البخاري» عن ابن مسعود قال : «خمس قد مضين : الدخان ، والقمر ، والرّوم ، والبطشة ، واللزام (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً)». يريد بذلك إبطال أن يكون اللزام مترقبا في آخر الدنيا. وليس في القرآن ما يحوج إلى تأويل اللزام بهذا كما علمت.

وفرع على ذلك أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالصبر على ما يقولون من التكذيب وبالوعيد لتأخير نزوله بهم. والمعنى : فلا تستعجل لهم العذاب واصبر على تكذيبهم ونحوه الشامل له الموصول في قوله (ما يَقُولُونَ).

وأمره بأن يقبل على مزاولة تزكية نفسه وتزكية أهله بالصلاة ، والإعراض عما متع الله الكفّار برفاهية العيش ، ووعده بأن العاقبة للمتقين.

فالتسبيح هنا مستعمل في الصلاة لاشتمالها على تسبيح الله وتنزيهه.

والباء في قوله (بِحَمْدِ رَبِّكَ) للملابسة ، وهي ملابسة الفاعل لفعله ، أي سبّح حامدا ربّك ، فموقع المجرور موقع الحال.

والأوقات المذكورة هي أوقات الصلوات ، وهي وقت الصبح قبل طلوع الشمس ، ووقتان قبل غروبها وهما الظهر والعصر ، وقيل المراد صلاة العصر. وأما الظهر فهي قوله : (وَأَطْرافَ النَّهارِ) كما سيأتي.

و (مِنْ) في قوله (مِنْ آناءِ اللَّيْلِ) ابتدائية متعلّقة بفعل (فسبح). وذلك وقتا المغرب والعشاء. وهذا كله من المجمل الذي بيّنته السنّة المتواترة.

٢٠٤

وأدخلت الفاء على (فَسَبِّحْ) لأنه لما قدم عليه الجار والمجرور للاهتمام شابه تقديم أسماء الشرط المفيدة معنى الزمان ، فعومل الفعل معاملة جواب الشرط كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ففيهما فجاهد» ، أي الأبوين ، وقوله تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) وقد تقدم في سورة الإسراء [٧٩].

ووجه الاهتمام بآناء الليل أن الليل وقت تميل فيه النفوس إلى الدعة فيخشى أن تتساهل في أداء الصلاة فيه.

وآناء الليل : ساعاته. وهو جمع إني ـ بكسر الهمزة وسكون النون وياء في آخره. ويقال : إنو ـ بواو في آخره. ويقال : إنى ـ بألف في آخره مقصورا ـ ويقال : أناء ـ بفتح الهمزة في أوله وبمد في آخره ـ وجمع ذلك على آناء بوزن أفعال.

وقوله (وَأَطْرافَ النَّهارِ) بالنصب عطف على قوله (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) ، وطرف الشيء منتهاه. قيل : المراد أول النهار وآخره ، وهما وقتا الصبح والمغرب ، فيكون من عطف البعض على الكل للاهتمام بالبعض ، كقوله (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [البقرة : ٢٣٨]. وقيل : المراد طرف سير الشمس في قوس الأفق ، وهو بلوغ سيرها وسط الأفق المعبر عنه بالزوال ، وهما طرفان طرف النهاية وطرف الزوال ، وهو انتهاء النصف الأول وابتداء النصف الثاني من القوس ، كما قال تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) [هود : ١١٤]. وعلى هذا التفسير يتجه أن يكون ذكر الطرفين معا لوقت صلاة واحدة أن وقتها ما بين الخروج من أحد الطرفين والدخول في الطرف الآخر وتلك حصة دقيقة.

وعلى التفسيرين فللنهار طرفان لا أطراف ، كما قال تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) فالجمع في قوله (وَأَطْرافَ النَّهارِ) من إطلاق اسم الجمع على المثنى ، وهو متسع فيه في العربية عند أمن اللبس ، كقوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤].

والذي حسّنه هنا مشاكلة الجمع للجمع في قوله (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ).

وقرأ الجمهور (لَعَلَّكَ تَرْضى) ـ بفتح التاء ـ بصيغة البناء للفاعل ، أي رجاء لك أن تنال من الثواب عند الله ما ترضى به نفسك.

ويجوز أن يكون المعنى : لعل في ذلك المقدار الواجب من الصلوات ما ترضى به نفسك دون زيادة في الواجب رفقا بك وبأمتك. ويبيّنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وجعلت قرّة عيني في الصلاة».

٢٠٥

وقرأ الكسائي ، وأبو بكر عن عاصم (تَرْضى) ـ بضم التاء ـ أي يرضيك ربّك ، وهو محتمل للمعنيين.

(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١))

أعقب أمره بالصبر على ما يقولونه بنهيه عن الإعجاب بما ينعم به من تنعّم من المشركين بأموال وبنين في حين كفرهم بالله بأن ذلك لحكم يعلمها الله تعالى ، منها إقامة الحجّة عليهم ، كما قال تعالى : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ* نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) [المؤمنون : ٥٥ ، ٥٦].

وذكر الأزواج هنا لدلالته على العائلات والبيوت ، أي إلى ما متعناهم وأزواجهم به من المتع ؛ فكلّ زوج ممتّع بمتعة في زوجه مما يحسن في نظر كل من محاسن قرينه وما يقارن ذلك من محاسن مشتركة بين الزوجين كالبنين والرياش والمنازل والخدم.

ومدّ العينين : مستعمل في إطالة النظر للتعجيب لا للإعجاب ، شبه ذلك بمد اليد لتناول شيء مشتهى. وقد تقدم نظيره في آخر سورة الحجر.

والزهرة ـ بفتح الزاي وسكون الهاء ـ : واحدة الزهر ، وهو نور الشجر والنبات. وتستعار للزينة المعجبة المبهتة ، لأن منظر الزّهرة يزين النبات ويعجب الناظر ، فزهرة الحياة : زينة الحياة ، أي زينة أمور الحياة من اللّباس والأنعام والجنان والنساء والبنين ، كقوله تعالى : (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها) [القصص : ٦٠].

وانتصب (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) على الحال من اسم الموصول في قوله (ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ).

وقرأ الجمهور (زَهْرَةَ) ـ بسكون الهاء ـ. وقرأه يعقوب ـ بفتح الهاء ـ وهي لغة.

(لِنَفْتِنَهُمْ) متعلق ب (مَتَّعْنا). و (في) للظرفية المجازية ، أي ليحصل فتنتهم في خلاله ، ففي كلّ صنف من ذلك المتاع فتنة مناسبة له. واللّام للعلّة المجازية التي هي عاقبة الشيء ، مثل قوله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) [القصص: ٦٨].

وإنما متّعهم الله بزهرة الدنيا لأسباب كثيرة متسلسلة عن نظم الاجتماع فكانت لهم فتنة في دينهم ، فجعل الحاصل بمنزلة الباعث.

٢٠٦

والفتنة : اضطراب النفس وتبلبل البال من خوف أو توقع أو التواء الأمور ، وكانوا لا يخلون من ذلك ، فلشركهم يقذف الله في قلوبهم الغم والتوقع ، وفتنتهم في الآخرة ظاهرة. فالظرفية هنا كالتي في قول سبرة بن عمرو الفقعسي :

نحابي بها أكفاءنا ونهينها

ونشرب في أثمانها ونقامر

وقوله تعالى : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) في سورة النساء [٥].

وجملة (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) تذييل ، لأن قوله (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) إلى آخره يفيد أن ما يبدو للناظر من حسن شارتهم مشوب ومبطّن بفتنة في النفس وشقاء في العيش وعقاب عليه في الآخرة ، فذيل بأن الرزق الميسّر من الله للمؤمنين خير من ذلك وأبقى في الدنيا ومنفعته باقية في الآخرة لما يقارنه في الدنيا من الشكر.

فإضافة (رِزْقُ رَبِّكَ) إضافة تشريف ، وإلا فإن الرزق كلّه من الله ، ولكن رزق الكافرين لما خالطه وحف به حال أصحابه من غضب الله عليهم ، ولما فيه من التبعة على أصحابه في الدنيا والآخرة لكفرانهم النعمة جعل كالمنكور انتسابه إلى الله ، وجعل رزق الله هو السالم من ملابسة الكفران ومن تبعات ذلك.

و (خَيْرٌ) تفضيل ، والخيرية حقيقة اعتبارية تختلف باختلاف نواحيها. فمنها : خير لصاحبه في العاجل شرّ عليه في الآجل ، ومنها خير مشوب بشرور وفتن ، وخير صاف من ذلك ، ومنها ملائم ملاءمة قوية ، وخير ملائم ملاءمة ضعيفة ، فالتفضيل باعتبار توفر السلامة من العواقب السيّئة والفتن كالمقرون بالقناعة ، فتفضيل الخيرية جاء مجملا يظهر بالتدبر.

(وَأَبْقى) تفضيل على ما متّع به الكافرون لأنّ في رزق الكافرين بقاء ، وهو أيضا يظهر بقاؤه بالتدبّر فيما يحف به وعواقبه.

(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢))

ذكر الأهل هنا مقابل لذكر الأزواج في قوله (إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) [طه : ١٣١] فإن من أهل الرجل أزواجه ، أي متعتك ومتعة أهلك الصلاة فلا تلفتوا إلى زخارف الدنيا. وأهل الرجل يكونون أمثل من ينتمون إليه.

٢٠٧

ومن آثار العمل بهذه الآية في السنّة ما في «صحيح البخاري» : أن فاطمة ـ رضي‌الله‌عنها ـ بلغها أن سبيا جيء به إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأتت تشتكي إليه ما تلقى من الرحى تسأله خادما من السبي فلم تجده. فأخبرت عائشة بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجاءها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد أخذت وعليّ مضجعهما فجلس في جانب الفراش وقال لها ولعليّ : ألا أخبركما بخير لكما مما سألتما تسبّحان وتحمدان وتكبران دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين فذلك خير لكما من خادم».

وأمر الله رسوله بما هو أعظم مما يأمر به أهله وهو أن يصطبر على الصلاة. والاصطبار : الانحباس ، مطاوع صبره ، إذا حبسه ، وهو مستعمل مجازا في إكثاره من الصلاة في النوافل. قال تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) [المزمل : ١] الآيات ، وقال (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) [الإسراء : ٧٩].

وجملة (لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) معترضة بين التي قبلها وبين جملة (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) جعلت تمهيدا لهاته الأخيرة.

والسؤال : الطلب التكليفي ، أي ما كلفناك إلّا بالعبادة ، لأنّ العبادة شكر لله على ما تفضل به على الخلق ولا يطلب الله منهم جزاء آخر. وهذا إبطال لما تعوده الناس من دفع الجبايات والخراج للملوك وقادة القبائل والجيوش. وفي هذا المعنى قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ* ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات : ٥٦ ـ ٥٨] ، فجملة (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) مبيّنة لجملة (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) [طه : ١٣١]. والمعنى : أنّ رزق ربّك خير وهو مسوق إليك.

والمقصود من هذا الخطاب ابتداء هو النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويشمل أهله والمؤمنين لأنّ المعلّل به هذه الجملة مشترك في حكمه جميع المسلمين.

وجملة (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) عطف على جملة (لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) المعلّل بها أمره بالاصطبار للصلاة ، أي إنا سألناك التقوى والعاقبة.

وحقيقة العاقبة : أنها كل ما يعقب أمرا ويقع في آخره من خير وشر ، إلا أنها غلب استعمالها في أمور الخير. فالمعنى : أنّ التقوى تجيء في نهايتها عواقب خير.

واللام للملك تحقيقا لإرادة الخير من العاقبة لأنّ شأن لام الملك أن تدل على نوال

٢٠٨

الأمر المرغوب ، وإنما يطرد ذلك في عاقبة خير الآخرة. وقد تكون العاقبة في خير الدنيا أيضا للتقوى.

وهذه الجملة تذييل لما فيها من معنى العموم ، أي لا تكون العاقبة إلا للتقوى. فهذه الجملة أرسلت مجرى المثل.

(وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣))

رجوع إلى التنويه بشأن القرآن ، وبأنه أعظم المعجزات. وهو الغرض الذي انتقل منه إلى أغراض مناسبة من قوله (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) [طه : ١١٣].

والمناسبة في الانتقال هو ما تضمنه قوله (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) [طه : ١٣٠] فجيء هنا بشنع من أقوالهم التي أمر الله رسوله بأن يصبر عليها في قوله (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ). فمن أقوالهم التي يقصدون منها التعنت والمكابرة أن قالوا : لو لا يأتينا بآية من عند ربّه فنؤمن برسالته ، كما قال تعالى : (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) [الأنبياء : ٥].

ولو لا حرف تحضيض. وجملة (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) في موضع الحال ، والواو للحال ، أي قالوا ذلك في حال أنّهم أتتهم بيّنة ما في الصحف الأولى. فالاستفهام إنكاري ، أنكر به نفي إتيان آية لهم الذي اقتضاه تحضيضهم على الإتيان بآية.

والبيّنة : الحجة.

و (الصُّحُفِ الْأُولى) : كتب الأنبياء السابقين ، كقوله تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) [الأعلى : ١٨ ـ ١٩].

والصحف : جمع صحيفة. وهي قطعة من ورق أو كاغد أو خرقة يكتب فيها. ولما كان الكتاب مجموع صحف أطلق الصحف على الكتب.

ووجه اختيار (الصُّحُفِ) هنا على الكتب أن في كلّ صحيفة من الكتب علما ، وأن جميعه حواه القرآن ، فكان كلّ جزء من القرآن آية ودليلا.

٢٠٩

وهذه البيّنة هي محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكتابه القرآن ، لأنّ الرسول موعود به في الكتب السالفة ، ولأنّ في القرآن تصديقا لما في تلك الكتب من أخبار الأنبياء ومن المواعظ وأصول التشريع. وقد جاء به رسول أمي ليس من أهل الكتاب ولا نشأ في قوم أهل علم ومزاولة للتاريخ مع مجيئه بما هو أوضح من فلق الصبح من أخبارهم التي لم يستطع أهل الكتاب إنكارها ، قال تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [البقرة : ١٤٦] ، وكانوا لا يحققون كثيرا منها بما طرأ عليهم من التفرق وتلاشي أصول كتبهم وإعادة كتابة كثير منها بالمعنى على حسب تأويلات سقيمة.

وأما القرآن فما حواه من دلائل الصدق والرشاد ، وما امتاز به عن سائر الكتب من البلاغة والفصاحة البالغتين حد الإعجاز ، وهو ما قامت به الحجّة على العرب مباشرة وعلى غيرهم استدلالا. وهذا مثل قوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ* رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) [البينة : ١ ـ ٢].

وقرأ نافع ، وحفص ، وابن جماز عن أبي جعفر (تَأْتِهِمْ) ـ بتاء المضارع للمؤنث ـ.

وقرأه الباقون بتحتية المذكر لأنّ تأنيث (بَيِّنَةُ) غير حقيقي ، وأصل الإسناد التذكير لأنّ التذكير ليس علامة ولكنه الأصل في الكلام.

(وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤))

الذي يظهر أن جملة (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ) معطوفة على جملة (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) [طه : ١٣٣] ، وأنّ المعنى على الارتقاء في الاستدلال عليهم بأنّهم ضالّون حين أخروا الإيمان بما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجعلوه متوقفا على أن يأتيهم بآية من ربّه ، لأنّ ما هم متلبسون به من الإشراك بالله ضلال بيّن قد حجبت عن إدراك فساده العادات واشتغال البال بشئون دين الشرك ، فالإشراك وحده كاف في استحقاقهم العذاب ولكن الله رحمهم فلم يؤاخذهم به إلّا بعد أن أرسل إليهم رسولا يوقظ عقولهم. فمجيء الرسول بذلك كاف في استدلال العقول على فساد ما هم فيه ، فكيف يسألون بعد ذلك إتيان الرسول لهم بآية على صدقه فيما دعاهم إليه من نبذ الشرك لو سلّم لهم جدلا أن ما جاءهم من البيّنة ليس هو بآية ، فقد بطل عذرهم من أصله ، وهو قولهم (رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ). وهذا كقوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ

٢١٠

مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) [الأنعام : ١٥٦]. فالضمير في قوله (مِنْ قَبْلِهِ) عائد إلى القرآن الذي الكلام عليه ، أو على الرسول باعتبار وصفه بأنه بيّنة ، أو على إتيان البيّنة المأخوذ من (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) [طه : ١٣٣].

وفي هذه الآية دليل على أنّ الإيمان بوحدانية خالق الخلق يقتضيه العقل لو لا حجب الضلالات والهوى ، وأن مجيء الرسل لإيقاظ العقول والفطر ، وأن الله لا يؤاخذ أهل الفترة على الإشراك حتى يبعث إليهم رسولا ، وأنّ قريشا كانوا أهل فترة قبل بعثة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومعنى (لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً) : أنهم يقولون ذلك يوم الحساب بعد أن أهلكهم الله الإهلاك المفروض ، لأنّ الإهلاك بعذاب الدنيا يقتضي أنهم معذبون في الآخرة.

و (لو لا) حرف تحضيض ، مستعمل في اللوم أو الاحتجاج لأنّه قد فات وقت الإرسال ، فالتقدير : هلّا كنت أرسلت إلينا رسولا وانتصب (فَنَتَّبِعَ) على جواب التحضيض باعتبار تقدير حصوله فيما مضى.

والذل : الهوان. والخزي : الافتضاح ، أي الذل بالعذاب. والخزي في حشرهم مع الجناة كما قال إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) [الشعراء : ٨٧].

(قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى (١٣٥))

جواب عن قولهم (لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ) [طه : ١٣٣] وما بينهما اعتراض.

والمعنى : كل فريق متربص فأنتم تتربصون بالإيمان ، أي تؤخرون الإيمان إلى أن تأتيكم آية من ربّي ، ونحن نتربص أن يأتيكم عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة ، وتفرع عليه جملة (فَتَرَبَّصُوا). ومادة الفعل المأمور به مستعملة في الدوام بالقرينة ، نحو (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [النساء : ١٣٦] ، أي فداوموا على تربصكم.

وصيغة الأمر فيه مستعملة في الإنذار ، ويسمى المتاركة ، أي نترككم وتربصكم لأنا

٢١١

مؤمنون بسوء مصيركم. وفي معناه قوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) [السجدة : ٣٠]. وفي ما يقرب من هذا جاء قوله (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) [التوبة : ٥٢].

وتنوين (كُلٌ) تنوين عوض عن المضاف إليه المفهوم من المقام ، كقول الفضل بن عبّاس اللهبي :

كلّ له نية في بغض صاحبه

بنعمة الله نقليكم وتقلونا

والتربص : الانتظار. تفعّل من الربص ، وهو انتظار حصول حدث من خير أو شرّ ، وقد تقدّم في سورة براءة.

وفرع على المتاركة إعلامهم بأنهم يعلمون في المستقبل من من الفريقين أصحاب الصراط المستقيم ومن هم المهتدون. وهذا تعريض بأن المؤمنين هم أصحاب الصراط المستقيم المهتدون ، لأنّ مثل هذا الكلام لا يقوله في مقام المحاجّة والمتاركة إلا الموقن بأنه المحق. وفعل (تعلمون) معلق عن العمل لوجود الاستفهام.

والصراط : الطريق. وهو مستعار هنا للدّين والاعتقاد ، كقوله (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٦].

والسوي : فعيل بمعنى مفعول ، أي الصراط المسوّى ، وهو مشتق من التسوية.

والمعنى : يحتمل أنهم يعلمون ذلك في الدنيا عند انتشار الإسلام وانتصار المسلمين ، فيكون الذين يعلمون ذلك من يبقى من الكفار المخاطبين حين نزول الآية سواء ممن لم يسلموا مثل أبي جهل ، وصناديد المشركين الذين شاهدوا نصر الدين يوم بدر ، أو من أسلموا مثل أبي سفيان ، وخالد بن الوليد. ومن شاهدوا عزّة الإسلام. ويحتمل أنهم يعلمون ذلك في الآخرة علم اليقين.

وقد جاءت خاتمة هذه السورة كأبلغ خواتم الكلام لإيذانها بانتهاء المحاجة وانطواء بساط المقارعة.

ومن محاسنها : أن فيها شبيه رد العجز على الصدر لأنّها تنظر إلى فاتحة السورة.

٢١٢

وهي قوله (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) [طه : ٢] ، لأن الخاتمة تدل على أنه قد بلّغ كل ما بعث به من الإرشاد والاستدلال ، فإذا لم يهتدوا به فكفاه انثلاج صدره أنه أدى الرسالة والتذكرة فلم يكونوا من أهل الخشية فتركهم وضلالهم حتى يتبين لهم أنه الحق.

٢١٣
٢١٤

محتوى الجزء السادس عشر من كتاب تفسير التحرير والتنوير

١٩ ـ سورة مريم

المقدمة.......................................................................... ٧

(كهيعص).................................................................... ٧

(ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا).............................. ٨

(قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) إلى (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)         ٩

(يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) إلى (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)    ١٣

(قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً)............ ١٥

(قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا)............... ١٦

(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)............. ١٧

(يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا* وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا)       ١٧

(وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا).............................. ١٩

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا* فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا) إلى (وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا).............................................................................. ٢٠

(فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا* فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا)       ٢٤

(فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا)......................... ٢٦

(وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا* فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً)..... ٢٧

(فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا).. ٢٨

٢١٥

(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا* يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا)        ٣١

(فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا).......................... ٣٣

(قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) إلى (وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا)............. ٣٣

(ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ* ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ٣٦

(وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)............................... ٣٧

(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ).............. ٣٩

(أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)............... ٤٠

(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)............... ٤١

(إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ)................................ ٤٢

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) نبيئا (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً)         ٤٣

(يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا)........... ٤٦

(يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا)........................ ٤٦

(يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا)........... ٤٧

(قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا)........ ٤٨

(قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا* وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا).............................................................................. ٤٩

(فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا) نبيئا (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)........................................................................ ٥١

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً) نبيئا (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) إلى (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نبيئا)........................................................................ ٥٣

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً) نبيئا (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)       ٥٥

٢١٦

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) نبيئا (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا)............ ٥٦

(أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ) النبيئين (مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) إلى (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا)....................................................................... ٥٧

(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) إلى (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا).............................................................................. ٥٩

(وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) ٦٢

(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)..... ٦٤

(وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا* أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً)    ٦٥

(فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا* ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) إلى (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا)........................................................................ ٦٧

(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا* ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا)       ٦٩

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) إلى (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً)      ٧٢

(قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) إلى (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا).............................................................................. ٧٤

(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً* أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) إلى (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً)      ٧٦

(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا* كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا)    ٧٩

(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا* فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا)      ٨١

(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً* وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً* لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً)   ٨٢

٢١٧

(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً* لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا* تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) إلى (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً)   ٨٤

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا).................... ٨٨

(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا)....................... ٨٨

(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً)........... ٩٠

٢٠ ـ سورة طه

(طه)....................................................................... ٩٣

(ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى * تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) إلى (وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى)....................................................................... ٩٤

(وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى)..................................... ٩٧

(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)......................................... ٩٩

(وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى * إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً)............................................................................ ١٠٠

(فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً* وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى)       ١٠٢

(إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي* إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) إلى (وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى)  ١٠٥

(وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى * قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) إلى (سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى)............................................................................ ١٠٩

(وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى * لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى)     ١١١

(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى * قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) إلى (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى)..................................................................... ١١٢

(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى * إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ) إلى (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ)............................................................................ ١١٦

٢١٨

(وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي).................................................. ١١٨

(وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي* إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ)       ١١٨

(وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى * وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)............................................................................ ١٢٠

(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي)................................. ١٢٢

(اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)........... ١٢٣

(قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى * قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) إلى (أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى)............................................................................ ١٢٥

(قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى * قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى)....... ١٢٨

(قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى * قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) ١٣٠

(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً) إلى (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى)............................................................................ ١٣١

(مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى)........................ ١٣٤

(وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى)........................................... ٣٥

(قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) إلى (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)............................................................................ ١٣٧

(فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى * قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى)............................................................................ ١٣٩

(فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى * قالُوا إِنْ هذانِ) لسحران (يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) إلى (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى)................................................................... ١٤٢

(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى * قالَ بَلْ أَلْقُوا) إلى (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى)         ١٤٧

٢١٩

(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى * قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى * وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا) إلى (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى)....................................................................... ١٤٨

(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى * قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) إلى (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى)............................................................................ ١٥٠

(قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) إلى (وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى)............................................................................ ١٥٣

(إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ) إلى (وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى)............................................................................ ١٥٤

(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى)   ١٥٥

(فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ) إلى (وَما هَدى)........................... ١٥٦

(يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) إلى (ثُمَّ اهْتَدى)   ١٥٨

(وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى * قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى * قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ)................................................................... ١٦٠

(فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ) إلى (فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي)............................................................................ ١٦٣

(قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها)....... ١٦٥

(فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ* فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ)         ١٦٦

(أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً)................... ١٦٨

(وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) إلى (قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)............................................................................ ١٦٩

(قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي* قالَ يَا بْنَ أُمَ) إلى (أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)...................................................................... ١٧٠

٢٢٠