تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٧

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٧

المؤلف:

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٥

الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومنع أبي بكر لهما ، لا يخلو منع أبي بكر حقا يجب لهما ، أو يكونا طلبا ما لا يجب لهما ، فليس يخلو أن يكون مع أحدهما ؛ فاستجابوا له ، قال أبو محمد التيمي : ورأيتهم كانوا يحبون مناظرته على ذلك ، فقال لهم أبو جعفر بن المهتدي : الحق معهما ، فقالوا : كيف ذا؟ قال : ذا لا يشك أنهم علموا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه فهو صدقة» ، فتأولت (١) فاطمة والعباس أن ذلك في الكراع والسلاح وآلة الجهاد دون المال ، فهما طالبان لحق بتأويل تأولاه ، ومنعهما أبو بكر أن المراد من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من جميع ما يملكه (٢) من كراع وسلاح ، قال : ولم يجز لأبي بكر بعد أن سمع ذلك من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يعطيهما (٣) من ذلك شيئا ومنع بحق ، وكان طلب فاطمة والعباس بحق.

٣٧٩ ـ عبيد الله بن محمد العنبري البغدادي :

ذكره أبو العرب أحمد بن محمد التيمي القيرواني في كتاب «تاريخ قيروان» من جمعه ، وقال : قدم علينا وله رجال منهم وكيع ويزيد بن هارون وغيرهما ، حدثنا عنه أحمد بن يزيد. وقد روى عنه أيضا داود بن يحيى ، ومات عبيد الله بن محمد سنة ست وثلاثين ومائتين ، وكذلك قال لي أحمد بن يزيد.

٣٨٠ ـ عبيد الله بن محمد ، أبو محمد الصوفي (٤) :

سكن صور عند أبي عبد الله الروذباري ، وحدث عن أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي وأبي الحسن علي بن أحمد بن هارون بن الخليل الطبري ، روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي.

كتب لنا (٥) أبو الفتوح العجلي أن أبا طاهر عبد الكريم بن عبد الرزاق الحسن آبادي أخبره قال : أنبأنا أبو بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني قال : أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمد بن هارون بن الخليل الطبري بأنطاكية قال : حدثنا أبو عبد الرحمن

__________________

(١) في الأصل ، (ج) : «فناولت».

(٢) في النسخ : «ما لا يملكه».

(٣) في (ب) : «أن يعطيها».

(٤) في (ج) : «الصافي».

(٥) في (ج) : «كتب إلى».

١٠١

عبد العزيز بن محمد الهلالي المقرئ بالبصرة ، حدثنا عون بن عمارة العبدي ، حدثنا أبو بكر الهذلي عن الحسن عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما تصدق المرء بصدقة مثل علم ينشر (١)» (٢).

قال أنبأنا أبو العباس النسوي قراءة عليه في كتاب «تاريخ الصوفية» كان ساكن صور عند أبي عبد الله الروذباري ، ورأيت أبا عبد الله مكرما له ، وقد لقي شيوخ الصوفية وصحبهم ، وكان يتعاهد الفقراء بحيث ما كان ويخدمهم ، ثم انتقل إلى أطرابلس بعد موت أبي عبد الله ولقيته بها بآخره ، ومات بها قرب الثمانين وثلاثمائة.

٣٨١ ـ عبيد الله بن محمد ، أبو الحسين القصباني النحاس البغدادي :

روى عن أبي إسحاق المعروف ببطيطة البغدادي حكاية سنوردها في الكنى في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى في «أبي إسحاق» رواها عنه أبو بكر عبد الله بن أحمد ابن محمد بن أحمد بن روزبه الفارسي ، وذكر أنه سمع منه بفسطاط مصر.

٣٨٢ ـ عبيد الله بن مسعود بن عبد العزيز الرازي ، أبو البقاء بن أبي ثابت القاضي :

بغدادي المولد ، من ساكني رحبة جامع القصر ، وهو أخو عبد الله المتقدم ذكره ، سمع القاضي أبا الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله وأبا محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني وغيرهما ، وحدث باليسير ، روى عنه أبو معمر الأنصاري وشيخنا أبو القاسم بن موسى.

أنبأنا بن بوش (٣) قال : أنبأنا أبو البقاء عبيد الله بن مسعود الرازي قراءة عليه في محرم سنة سبع عشرة وخمسمائة وأنبأنا أبو علي ضيلي (٤) بن أبي القاسم بن أبي علي وعمر بن محمد بن محمد بن معمر المؤدب قالا : أنبأنا محمد بن عبد الباقي الشاهد قالا :

__________________

(١) في النسخ : «ينشروبه».

(٢) وانظر الحديث في : المعجم الكبير ٧ / ٢٨٠. ومجمع الزوائد ١ / ١٦٦. والترغيب والترهيب ١ / ١١٩.

(٣) في (ب) : «أبو نوش» في كل المواضع.

(٤) في الأصل : «ضلى».

١٠٢

أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني ، حدثنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص إملاء ، حدثنا البغوي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا عبد العزيز بن محمد الرزاز (١) وروى عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة ـ رضي‌الله‌عنهم أجمعين» (٢).

أنبأنا ابن بوش قال : قال لنا أبو البقاء بن الرازي : مولدي في سنة أربع وخمسين وأربعمائة.

قرأت بخط عبد الرحيم بن هبة الله بن المعراض الحراني قال : سألت أبا البقاء عبيد الله بن مسعود الرازي عن مولده ، فقال : في أول رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.

قرأت في كتاب أبي محمد عبد الله بن محمد بن الخشاب بخطه قال : توفي أبو البقاء عبيد الله بن أبي ثابت الرازي في يوم الخميس رابع جمادى الأولى من سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ، ودفن ليلة الجمعة بباب أبرز ، سمعت منه.

٣٨٣ ـ عبيد الله بن مسعود بن عبيد الله بن الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي ، أبو القاسم بن أبي شجاع بن الوزير أبي بكر بن الوزير نظام الملك ابن علي :

سمع أبا نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان وأبا العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وغيرهما ، وحدث باليسير ، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي ، وذكر أنه سأله عن مولده فقال : في يوم الجمعة خامس ربيع الأول سنة خمس وخمسمائة.

__________________

(١) في (ج) : «الروزار».

(٢) انظر الحديث في : سنن أبي داود ٤٦٥٠. وسنن الترمذي ٣٧٤٧. وسنن ابن ماجة ١٣٣.

ومسند أحمد ١ / ١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٩٣.

١٠٣

٣٨٤ ـ عبيد الله بن المظفر بن عبد الله بن محمد ، أبو الحكم الباهلي ، الحكيم(١) :

من أهل الأندلس ، ذكر الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي الدمشقي أنه ولد بالمرية سنة ست وثمانين وأربعمائة ، وحج سنة ست عشرة وخمسمائة ، ومضى إلى العراق وقرءوا عليه ، وخدم السلطان محمود بن ملكشاه سنة إحدى وخمسمائة ، وأنشأ له في معسكره في المجون ، توفي بدمشق ليلة الأربعاء رابع ذي القعدة سنة تسع وأربعين وخمسمائة ، وكان قدم دمشق سنة ثلاثين وخمسمائة.

هذا آخر كلام الحافظ أبي القاسم رحمه‌الله ، وقد ذكرناه فيمن اسمه «عبيد الله» على ما ذكره أبو شجاع بن الدهان في تأريخه ، والقلب إلى قول الحافظ أبي القاسم أسكن ـ والله أعلم بالصواب.

قرأت في كتاب أبي الخطاب عمر بن محمد بن عبد الله العليمي الدمشقي بخطه وأنبأنيه عنه علي بن المفضل الحافظ قال : أنشدني أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي الأندلسي المدني المتطيب لنفسه بدمشق :

محاسن العالم قد جمعت

في حسنه المستكمل البارع

وليس لله بمستنكر

أن يجمع العالم في الجامع

٣٨٥ ـ عبيد الله بن المظفر بن علي بن الحسن بن المسلمة ، أبو الفضل بن أبي الفتح بن الوزير رئيس الرؤساء أبي القاسم :

حدث بالوجادة (٢) في كتاب نسيبة أبي علي محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة ، سمع منه أبو الفضائل عبد الله بن محمد بن أحمد بن الخاضبة ، وذكر أبو المعالي محمد بن الحسن بن حمدون الكاتب في كتاب «التذكرة» من جمعه أنه توفي في سنة ست وعشرين وخمسمائة ، وأنه كان أديبا فاضلا.

٣٨٦ ـ عبيد الله بن أبي المعمر بن المبارك بن ثابت ، أبو الفتوح الوراق ، المعروف بالمستملي :

__________________

(١) انظر : شذرات الذهب ٤ / ١٥٣.

(٢) في (ب) : «الوحادة».

١٠٤

كان يستملى على الأمير أبي منصور العبادي ، وصحب الأمير أبا نصر محمد بن علي بن أحمد (١) بن نظام الملك ، وتفقه عليه بمدرسة جده ، وكان يدرس بها ، وسمع منه من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي في كتاب «الجامع الصحيح» للبخاري ومسند عبد بن حميد ، وكتب بخطه كثيرا من الكتب توريقا للناس ، وكان حسن الخط ، أديبا فاضلا متدينا حسن الطريقة ، وأقام في آخر عمره بمسجد عند الطيوريين ينسخ فيه طول النهار ، كتبنا عنه ، وكان صدوقا.

أخبرنا عبيد الله بن أبي المعمر المستملي بقراءتي عليه قال : أنبأنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قراءة عليه ، أنبأنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي ، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي ، أنبأنا إبراهيم بن حزيم الشاشي ، حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عبد الرحيم بن هارون الواسطي الغساني ، حدثنا قائد (٢) بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى قال : والله إنا لجلوس عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ جاءه أعرابي فقال : يا رسول الله! أهلكني الشبق والجوع ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم: «الشبق والجوع؟» قال : هو ذاك ، قال : «فاذهب فأي امرأة (٣) تلقاها ليس لها زوج فهي امرأتك» ، قال الأعرابي : فدخلت نخل بني النجار فإذا جارية (٤) تحترف (٥) في زبيل ، فقلت لها : يا ذات الزبيل ، هل لك زوج؟ قالت : لا ، قلت : انزلي فقد زوجنيك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : فنزلت ، فانطلقت معها إلى منزلها ، فقالت لأبيها : إن هذا الأعرابي أتانا وأنا أحترف (٦) في الزبيل فسألني : هل لك زوج؟ فقلت : لا ، فقال : انزلي فقد زوجنيك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ فخرج أبو الجارية إلى الأعرابي فقال له الأعرابي (٧) : ما ذات الزبيل منك؟ قال : ابنتي ، قال : فهل لها زوج؟ قال : لا ، قال : فقد زوجنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ فانطلقت الجارية وأبو الجارية إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره ، فقال له رسول الله : «هل لها زوج؟» قال : لا ، قال : «اذهب فأحسن

__________________

(١) في (ج) : «على بن محمد».

(٢) في الأصل ، (ج) : «وليد».

(٣) في الأصل ، (ب) : «مرة».

(٤) في (ج) : «بحارية.».

(٥) في النسخ : «تخترف».

(٦) في النسخ : «اخترق».

(٧) «فقال له الأعرابى» سقط من (ج).

١٠٥

جهازها ثم ابعث بها إليه!» فانطلق أبو الجارية فجهز ابنته وأحسن القيام عليها ، ثم بعث معها بتمر ولبن ، فجاءت به إلى بيت الأعرابي ، وانصرف الأعرابي إلى بيته فرأى جارية مصنعة (١) ورأى تمرا ولبنا ، فقام إلى الصّلاة ، فلما طلع الفجر غدا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وغدا أبو الجارية إلى ابنته فقالت : والله! ما قربنا ولا قرب تمرنا ولا لبننا. قال : فانطلق أبو الجارية إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره فدعا الأعرابي فقال : «يا أعرابي! ما منعك من أن تكون ألممت بأهلك؟» قال : يا رسول الله! انصرفت من عندك ودخلت المنزل فإذا جارية مصنعة ورأيت تمرا ولبنا ، فكان يجب لله أن أحيي ليلتي إلى الصبح. [قال] : «يا أعرابي اذهب فألم بأهلك».

توفي أبو الفتوح المستملي في ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من صفر سنة تسع وتسعين وخمسمائة ، وقد جاوز السبعين.

٣٨٧ ـ عبيد الله بن ملد بن المبارك بن الحسين ، أبو طالب بن أبي المكارم الهاشمي ، المعروف بابن الغسال (٢) ، ويدعى بالأكمل :

ولى النظر بديوان الرمام في رجب سنة تسعين وخمسمائة ، وقلده الإمام الناصر لدين الله النقابة للهاشميين في سلخ شعبان سنة اثنتين وتسعين ، وعزله في سنة ست وتسعين. ثم رد إليه النظر في أعمال العراق ، فانحدر إلى هناك فأقام مدة ثم عزل ، فلزم المقام بواسط ، فأقام بها إلى أن أدركه أجله في يوم الأحد الثالث والعشرين من شوال سنة ست وتسعين وخمسمائة بالمارستان بواسط ، ودفن بمقبرة قبلة المصلى هناك ، وكان شابا حسنا ، وقد كتبنا عن والده وعاش بعده مدة وأضر ، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.

٣٨٨ ـ عبيد الله بن نصر (٣) بن عبيد الله بن سهل بن السري الزاغوني ، أبو محمد :

والد علي ومحمد ، كان شيخا صالحا حافظا لكتاب الله ، سمع الشريفين أبا الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله وأبا الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وأبا جعفر

__________________

(١) في (ج) : «مصبغة».

(٢) في النسخ : «بابن الستال».

(٣) في الأصل ، (ب) : «محمد» وفي (ج) : «محمد نصر».

١٠٦

محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة وأبا محمد عبد الله بن محمد الصريفيني وأبا القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري وغيرهم. روى عنه أبو المعمر الأنصاري وشيخنا ذاكر بن كامل.

أنبأنا أبو القاسم ذاكر بن كامل الحذاء قال : أنبأنا أبو محمد عبيد الله بن نصر بن الزاغوني قراءة عليه في محرم سنة ثلاث عشرة وخمسمائة وأنبأنا عبد العزيز بن محمود ابن الأخضر وعمر بن محمد بن معمر المؤدب ويوسف بن المبارك بن كامل الخفاف قراءة عليهم قالوا : أنبأنا أبو محمد يحيى بن علي بن الطراح قراءة عليه قالا : أنبأنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون قراءة عليه ، حدثنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني قال : قرئ على أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز وأنا أسمع حدثكم يحيى بن أيوب ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، أنبأنا عمرو بن أبي عمرو عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى بعثت من القرن الذي كنت منه» (١).

قرأت في كتاب «التاريخ» لأبي الحسن علي بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني الفقيه بخطه قال : وفي يوم الأحد ثامن صفر سنة أربع عشرة وخمسمائة توفي الوالد أبو محمد عبيد الله بن نصر بن الزاغوني ، وصلينا عليه بجامع القصر في جماعة كثيرة ، ذكره غيره أنه دفن بباب حرب وقد جاوز الثمانين.

٣٨٩ ـ عبيد الله بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن حمزة القزويني ، أبو الوفاء الحنفي الواعظ (٢) :

من أهل أصبهان ، كان يعرف شفرود (٣) ، وهو أخو شيخنا رزق الله الذي تقدم ذكره ، كان من أعيان أهل بلده فضلا وعلما وأدبا ، وكان يعظ على الكرسي بكلام مليح ، وله النظم والنثر الحسن ، وكان فصيحا بليغا ظريفا لطيفا ، ذكر لي ولده أبو عبد الله الحسين أنه دخل بغداد حاجّا عدة مرار ، وأنه أقام ببغداد سنة وعقد بها

__________________

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٤ / ٢٢٩ ، ٢٥٩. ومسند أحمد ٢ / ٣٧٣.

(٢) انظر : الجواهر المضية ١ / ٣٤١.

(٣) في الجواهر : «بأبى سقرة».

١٠٧

مجلس الوعظ بالمدرسة التاجية.

أنشدني أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن هبة الله القزويني بأصبهان أنشد والدي ببغداد على المنبر في المدرسة التاجية مرتجلا لنفسه وقد دنت الشمس للغروب : وكان ساعته قد شرع في ذكر مناقب علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه :

لا تعجلي يا شمس حتى ننتهي

فضلا لمدح المرتضى ولنجله (١)

يثني عنانك إن غربت ثناؤه

أنسيت يومك إذ (٢) رددت لأجله

إن كان للمولى وقوفك فليكن

هذا الوقوف لخيله (٣) ولرجله

ذكر لي أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله أن والده توفي بشيراز في النصف من شعبان سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، وأن مولده كان تقديرا سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.

٣٩٠ ـ عبيد الله بن هبة الله بن الأصباغي ، أبو غالب الكاتب ، الملقب بتاج الرؤساء :

ناب في ديوان الزمام بعد عزل أبي علي بن صدقة إلى النظر بديوان الزمام في سنة اثنتين وخمسمائة ، وجعل أبو غالب مشرفا عليه ، وكان أديبا فاضلا شاعرا مليح الشعر ظريفا ، سمع من أبي منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري وغيره ، روى عنه أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش ، وأبو الفضل محمد بن محمد بن محمد (٤) بن عطاف الموصلي وأبو الحسن سعد الله بن محمد بن [علي] (٥) بن طاهر الدقاق.

أنبأنا أبو القاسم سعيد بن محمد بن عطاف عن أبيه قال : حدثنا تاج الرؤساء أبو غالب بن الأصباغي قال : حدثني الرئيس أبو طاهر بن الشاطر أنه حضر عند الرئيس أبي القاسم بن علي بن الجراح وقد حضر عنده جماعة من الصبية ليسمعوا

__________________

(١) في النسخ : «لنحله».

(٢) في الجواهر : «يوما قد».

(٣) في الأصول : «الوقت بخيله».

(٤) «بن محمد» ساقطة من (ب).

(٥) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل ، (ج).

١٠٨

حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فحضرت عنده امرأة من دار الطائع والتمست منه حاجة ، فعدل عنها إلى إتمام الحديث ، فشق عليها وقالت : بم أنت مشغول؟ فقال : بنقل فضائل رسولالله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الخراب إلى العامر.

أنبأنا أبو القاسم المؤدب عن أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قال : أنشدنا أبو غالب عبيد الله بن هبة الله الكاتب لنفسه :

عقرتهم معقورة لو سالمت

شرّابها ما سميت بعقار

وكيف طوائلها القديمة إذ غدت

صرعى تداس بأرجل العصار (١)

لانت لهم حتى انتشوا فتمكنت

منهم فصاحت فيهم الآثار

سجدوا لكأسات العقار كأنهم

صور المجوس إلى بيوت النار

وأماتهم (٢) طرب الأغاني ميتة

أخذوا لها الأنوار بالأوتار

قرأت على أبي العلاء أحمد بن شاكر الكاتب بمعرة النعمان عن أبي عبد الله محمد ابن عبد الله بن العباس بن عبد الحميد الحراني (٣) قال لتاج الرؤساء أبي غالب بن الأصباغي :

هربت (٤) من لا ألام فيه ولا

أنسب في حبه إلى الغلط

لأنني ما وضعت قط يدي

مذ كنت طفلا إلا على النقط (٥)

٣٩١ ـ عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، أبو الحسن أبو الوزير (٦) :

ذكر عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر أن اسم خاقان النضر بن موسى بن مسلم بن صبيح ، ومسلم يكنى أبا الضحى ، الراوي عن ابن عباس وغيره ، وإنما لقب بخاقان لأنه

__________________

(١) في (ب) : «العضار».

(٢) في (ج) : «أمامهم».

(٣) في النسخ : «الحرامى».

(٤) هكذا في الأصول.

(٥) في (ج) : «آخر الجزء الثاني بعد الخمسين والمائة من الأصل وأول الجزء ١٥٣ : عبيد الله بن يحيى».

(٦) انظر : شذرات الذهب ٢ / ١٤٧. والعبر ٢ / ٢٦. والأعلام ٤ / ٣٥٥. وكتاب الوزراء للجهشياري ، ص ٢٥٤.

١٠٩

كان معجبا بالغلمان الأتراك ، فقال بعض أهل خراسان وقد رآه راكبا : أما أنت (١) خاقان ملك الترك ، فبقيت عليه.

قرأت على محمد بن عبد الواحد عن محمد بن عبيد الله أن علي بن أحمد أخبره عن عبيد الله بن محمد قال : أنبأنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي إذنا قال : حدثنا محمد بن سعيد قال : سمعت محمد بن صالح النطاح يقول آل (٢) خاقان نافلة إلى خراسان بن المدار؟ وإلى البصرة ينسبون وهم موالي للأزد لقوم منهم يقال لهم بنو واشح بن عمرو ابن مالك بن فهم بن تميم بن دوس.

وبه : عن الصولي قال حدثنا الحسين بن علي الكاتب قال : لما نكب المتوكل محمد ابن الفضل الجرجاني قال : قد مللت عرض المشايخ عليّ فاطلبوا لي حدثنا من أولاد الكتاب ، وبقي شهرين بلا وزير ، وأصحاب الدواوين يعرضون عليه أعمالهم ، فاختاروا له ثلاثة من أولاد الكتاب وقالوا : يختار منهم من أراد ، فكان أول من اختاروا له أبا الفضل إسحاق بن إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب ، واختاروا له أبا الفرج محمد بن نجاح بن سلمة وأبا الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، فأما إسحاق بن إبراهيم فان أباه استعفى له وحلف أنه لا يصلح لهذا الأمر وكان أكتب الناس وأذكاهم وأحسنهم وجها فأشفق عليه فأعفاه المتوكل وأما أبو الفرج محمد بن نجاح بن سلمة فإن المتوكل رآه فاستثقله وقال : أريد من يخف على قلبي ؛ فوصف له الفضل بن مروان عبيد الله بن يحيى وزاد في فضله وفرضه ، وكان يوقع بين يديه ؛ فأمر بإحضاره فأحضر الدار ، فلما خاطبه أعجبه حركته وحلاوته ، وكان قدم شفاعة إلى الفتح بن خاقان ، فقال الفتح للمتوكل : إن رأى أمير المؤمنين أن يأمره بأن يكتب بين يديه ، فقال له : اجلس واكتب! فجلس وكتب خطا حسنا ، فاستحسن المتوكل خطه ، فقال له الفتح : الذي كتب أحسن من خطه ، قال : وما هو؟ قال : كتب (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) وقد تعالمت (٣) ببركته لبركة (٤) ما كتب ، فولاه العرض ؛

__________________

(١) في (ب) : «إنما أنت».

(٢) في الأصل ، (ج) : «إن».

(٣) في الأصل : «تعالت».

(٤) في (ج) : «لتركه».

١١٠

فبقي سنة يؤرخ الكتب عنه وعن وصيف التركي مولى أمير المؤمنين ، فلما مضت سنة خص عبيد الله بالمتوكل ، فطرح اسم وصيف ونفذت الكتب باسم عبيد الله وحده.

قال الصولي : وكان عبيد الله بن يحيى جوادا كريما سمح الأخلاق ممدحا. حدثنا أبو العينا ، قال : لما دخلت على المتوكل قال لي : ما تقول لي في عبيد الله بن يحيى؟ قلت : نعم العبد لله ولك ، منقسم بين طاعته وخدمتك ، يؤثر رضاك على كل فائدة ، وما عاد بصلاح رعيتك على كل لذة.

قرأت في كتاب «الوزراء» (١) لمحمد بن عبدوس الجهشياري ، قال : سمعت أبا الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح يقول : وقد جرى ذكر عبيد الله بن يحيى لم يكن له من الصناعة حظ إلا أنه أيد بأعوان وكفاة من كتاب الزمان ، وكان واسع الحياء (٢) حسن المداراة.

أنبأنا يحيى بن أسعد التاجر قال : أنبأنا أبو العز أحمد بن عبيد الله العكبري قراءة عليه ، أنبأنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري (٣) ، حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى ابن زكريا النهرواني ، حدثنا محمد بن علي بن محمد بن الجهم أبو طالب الكاتب ، حدثني أبو العباس محمد بن عبد الله بن طاهر ، حدثني أبي عن أحمد بن إسرائيل قال : خرجت يوما إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، فلما صرت في صحن الدار رأيته مضطجعا على مصلاه موليا ظهره باب مجلسه ، فهممت بالرجوع ، فقال لي الحاجب : ادخل فإنه منتبه ، فلما سمع حسي جلس ، فقلت : حسبتك نائما ، فقال : لا ولكنني كنت مفكرا ، قلت : فيما ذا ـ أعزك الله تعالى؟ قال : فكرت في أمر الدنيا وصلاحها في هذا الوقت واستوائها ودرور الأموال وأمن السبل وعز الخلافة ، فعلمت أنها أمكر وأنكد وأغدر من أن يدوم صفاؤها لأحد ، قال : فدعوت له وانصرفت ، فما مضت أربعون ليلة منذ ذلك اليوم حتى قتل المتوكل ونزل به من النفي ما نزل.

قال الصولي : نزل جماعة من أعداء عبيد الله يحرضون المنتصر على قتله ويعرفونه

__________________

(١) انظر كتاب الوزراء ، ص ٢٥٤.

(٢) في (ب) ، (ج) : «الحيلة».

(٣) في الأصل : «الحازرى» وفي (ب) : «الحارزى» وفي (ج) : «الحارابى».

١١١

ميله إلى المعتز حتى هم بذلك وأحمد بن الخصيب (١) يروعه عنه حتى نفاه وأبعده إشفاقا على نفسه إلى أقريطش.

قرأت في كتاب أبي الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي المعروف بجخجخ بخطه قال : أخبرني أبو الحسين عبد الواحد بن أحمد بن الخصيب قال : حدثني أبو أحمد عبد الرحمن بن محمد بن يزداد الكاتب قال : كنت في دار عبيد الله بن يحيى بن خاقان انتظر إذنه ونحن جماعة قبل الحادث عليه بأيام يسيرة ، فوقعت عيني على كتاب وسادة في الموضع الذي كنا فيه فإذا هو :

إني أقول لكم يا أيها البشر

إن الميتة لا تبقي ولا تذر

ما لي أراكم كأن الدهر أمنكم

من أن يحل بكم أو يحدث الغبر

وانصرفنا : فما كانت الأيام [إلا] قلائل حتى حدث من أمره ما حدث.

وبالإسناد الأول إلى الصولي قال : سمعت ولي (٢) المعتمد الخلافة وتم أمر البيعة له سموا للوزارة سليمان بن وهب والحسن بن مخلد ، وجمع الكتاب ، فقال الحسن : هذا عبيد الله بن يحيى ببغداد قد رأس الجماعة واصطنعهم ، وهو لجميع الموالي كالوالد ، كل يطيعه ، وأمره في مناصحة المتوكل والميل إلى ولده طاهر ، وما أحسنه بحيث إلا بعد كل عظيم ، فصدقه الكتاب والقواد وقالوا مثل قوله ، وكان أول من استصوب هذا الأمر سليمان بن وهب ، فقال المعتمد وأبو عيسى بن المتوكل : ما لنا حظ في غيره فأنفذوا جماعة إلى بغداد ، وكتب أبو عيسى بخطه كتابا جميلا يستحثه إلى سرعة النهوض إلى سرّ من رأى ليشاوره أمير المؤمنين في أشياء يحتاج عليها ، ولطف له وخاف أن يذكر له الوزارة واستتر (٣) لما كان يعلم من زهده (٤) فيها واقتصاره وأمنه على نفسه ، وتقدم على الرسل أن يستروا (٥) أمرهم حتى تقع (٦) أعينهم عليه ، ففعلوا ذلك ودفعوا الكتاب إليه ، فكرهه وشخص معهم غير نشيط لذلك ، فأدخل على

__________________

(١) في (ب) : «الخطيب» في كل المواضع.

(٢) في (ج) : «تولى».

(٣) في (ج) : «سيسنتر» و (ب) : «فيستر».

(٤) في (ج) : «عن هذه» وفي (ب) : «من الأوده».

(٥) في (ج) : «أن ستر».

(٦) في (ب) : «يقع».

١١٢

المعتمد ، فأمر أن يخلع عليه للوزارة ، فخرج من بين يديه ، فامتنع من ذلك أشد الامتناع وقال : إن تركت ببغداد وسرّ من رأى وإلا صرت إلى بعض الثغور؟ فخلا به أبو عيسى ابن المتوكل وأعلمه أنه لا تجوز له مخالفة أمير المؤمنين ، ووجه الحسن إلى أبي عيسى أن رأى الأمير أن يعلمه أنه متى ولى هذا الأمر تضمنت له القيام بأمر الملك وإعطاء الموالي والتكفل بجميع النفقات ، فلان قليلا وأمر أن (١) يدخل الحسن بن مخلد إليه يجيء به فضمن له ما راسله به شفاها ؛ وخلع عليه يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان يعني من سنة ست وخمسين ومائتين ، فولى الأمر بعفاف وسعة نفس وحسن تدبير وإظهار مروءة أدته إلى أن مات وعليه ستمائة ألف دينار لغرماء قد ربحوا عليه أضعافها مع كثرة ضياعه ووفور ارتفاعها ، ووجده الناس قد وقزته السن وأدبته النكبة ، فزاد عفافه وتوقيه.

وبه : عن الصولي قال : حدثني الحسين بن علي قال : سمعت سليمان بن وهب غير مرة يقول : ما رأيت أجل نفسا من عبيد الله بن يحيى ولا أتم نزاهة ولا أكمل جلالة ولا أحق رئاسة ، كأنه والله خلق لما هو فيه.

أنبأنا عبد الوهاب بن علي عن محمد (٢) بن سعيد بن محمد الشافعي قال : أنبأنا عبد المحسن بن محمد التاجر ، أنبأنا أبو الحسن وأبو الحسين أحمد وعلي أنبأنا محمد وأبو قدومة الصيدلاني بمصر قالا : أنبأنا القاضي أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن الدينوري ، أخبرني أبو بكر عبد الله بن عيسى ، حدثني أبو علي أحمد بن إسماعيل الكاتب قال : كنت في موكب عبيد الله بن يحيى بن خاقان فأخذ رجل بلجام دابته وقال له : يا زنديق! فقال : كذبت ، ما عبدت إلا الله عزوجل ، فقال له : يا فاسق! فقال له : كذبت ، ما أنا بفاسق ، فقال : يا كذاب! فقال : صدقت ، نبلى بأنكاد مثلكم فتضطرونا إلى أن نكذب لكم ، خل اللجام ، ثم أمر أن لا يتبعه أحد من حاشيته فتعجب من حلمه.

أنبأنا يوسف بن المبارك الشافعي عن محمد بن أبي طاهر الكاتب (٣) أن علي بن

__________________

(١) في (ب) ، (ج) : «وأمر بأن».

(٢) في (ب) : «على بن محمد».

(٣) في (ب) : «الحاسب».

١١٣

المحسن بن علي التنوخي أخبره عن أبيه قال : حدثني أبو الحسين علي بن هشام بن أبي قيراط ، حدثني أبو الحسن بن بسطام المعروف بالفتى ، حدثني أبي قال : كنت واقفا على باب عبيد الله بن يحيى بن خاقان أنتظر الإذن وكان محتجبا ، فأقبل أبو غانم سعيد ابن حميد الكاتب وكان خاصا به فحجب (١) فخجل لما رآني ، قد عرفت ذلك ، ثم أخذ دواة وكتب لنفسه وأنشدنيه وهو على ظهر دابته رقعة ترجمها باسمه وليس فيها إلا هذه الأبيات :

حجبت وقد كنت لا أحجب

وأبعدت عنك فما أقرب

وما لي ذنب سوى أنني

إذا أنا أغضبت (٢) لا أغضب

وأن ليس دونك لي مطلب

ولا دون بابك لي مرغب

فليتك تبقى سليم المكان

وتأذن إن شئت أو تحجب

قال : فلما وصلت الرقعة إليه أذن له وحلف على حاجبه أنه إن حجبه ليلا أو نهارا صرفه.

قرأت في كتاب «الوزراء» للجهشياري قال : حدثني نصر بن الفتح ، حدثني الحسن ابن موسى كاتب مسرور البلخي قال : سايرت عبيد الله بن يحيى وهو يريد دار المعتمد ، فوقف له بشيخ فتظلم إليه ، فقال له : يا هذا! ما أحوجك إلى اعتراضي في الطريق وأنا أقعد للمظالم في كل جمعة يوما ، ووقف عليه ونظر في أمره ، قال : وكان يقف على المرأة والصبي ويلطف مخاطبة من يكلمه.

أنبأنا ذاكر بن كامل أن أبا سعد (٣) بن الطيوري أخبره عن علي بن المحسن بن علي التنوخي عن أبيه قال : حدثني أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني ، حدثني الحسن بن علي ، حدثني ابن مهرويه ، حدثني أبو الشبل عصم بن وهب البرجمي قال : حضرت مجلس عبيد الله بن يحيى بن خاقان وكان إليّ محسنا وعليّ مفضلا ، فجرى ذكر البرامكة فوصفهم الناس بالجود والكرم وقالوا في كرمهم وجوائزهم وأكثروا ،

__________________

(١) في (ب) : «لحجب».

(٢) في الأصل ، (ج) : «اعضب».

(٣) في (ج) : «أبو سعيد».

١١٤

فقمت وقلت :

رأيت عبيد الله أفضل سؤددا

وأحزم من فضل بن يحيى بن خالد

أولئك جادوا والزمان مساعد

وقد جاد ذا والدهر غير مساعد

قرأت على أبي القاسم سعيد بن محمد المؤدب عن أبي بكر محمد بن الحسين المزرقي عن محمد بن أحمد بن محمد الشاهد أخبره عن أبي القاسم إسماعيل بن سعيد المعدل ، أنبأنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي قال : أنبأنا محرز الكاتب قال : اعتل عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، فأمر المتوكل الفتح أن يعوده ، فأتاه فقال : أمير المؤمنين يسألك عن علتك ، فقال عبيد الله :

عليل من مكانين

من الأسقام والدين

وفي هذين لي شغل

وحسبي شغل هذين

فأمر المتوكل له بألف ألف درهم.

قرأت على المتوكل عن الحنبلي قال : أنبأنا البندار عن الفرضي أن الصولي أخبره قال: حدثني عون بن محمد ومحمد بن داود ومحمد بن الفضل أن عبيد الله (١) بن يحيى دخل إلى الميدان في داره يوم الجمعة لعشر خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وستين ومائتين ليضرب بالصوالجة فصدمه على ثلاث ساعات من النهار خادمه رشيق ، فسقط عن دابته وبادره غلمانه فحملوه ، فما نطق بحرف حتى مات بعد ثلاث ساعات من صدمته والناس في صلاة الجمعة (٢).

٣٩٢ ـ عبيد الله بن يحيى بن الوليد بن عبادة البحتري ، أبو أحمد :

__________________

(١) في (ج) : «ابن عبيد الله».

(٢) في (ج ما نصه : «انتهى نصف المجلد العاشر من ذيل تاريخ بغداد وأخبار فضلائها الأعلام ومن وردها من علماء الأنام» تأليف الشيخ الإمام الحافظ محب الدين محمد بن محمود بن محاسن البغدادي المعروف بابن النجار رحمه‌الله آمين. وكان الفراغ منه يوم الخميس الواقع في سبعة عشر ربيع الثاني ألف وثلاثمائة وثلاثين بقلم الفقير إلى ربه المائح محمد صادق بن السيد أمين المالح المقيم المستقيم بالمكتبة العمومية الظاهرية بدمشق رحمة الله عليه وعلى والديه وعلى من دعاهما بخير ولجميع عباد الله. ثم الجزء الأول ، ويليه الجزء الثاني من المجلد العاشر من «ذيل تاريخ بغداد» أوله : «عبيد الله بن يحيى بن الوليد بن عبادة». ثم النصف الثاني من المجلد العاشر من ذيل تاريخ بغداد تأليف الشيخ الإمام الحافظ محب الدين محمد بن محمود بن محاسن البغدادي المعروف بابن النجاررحمه‌الله آمين صادق.

١١٥

من أهل منبج ، الشاعر ، قدم بغداد وروى بها شيئا من شعر جده ، قرأ عليه أبو عثمان الناجم.

قرأت في كتاب إسماعيل بن علي بن الحسين السمان (١) الرازي بخطه وأنبأنيه محمد ولامع ، أنبأنا أحمد بن نصر الصيدلاني عن أبي علي الحداد عنه قال : حدثنا أبو الحسين أحمد بن يحيى بن سهل بن السري الطائي المنبجي من لفظه قال : حدثنا أستاذنا أبو العباس أحمد بن فارس الأديب المنبجي قال : حدثني أبو أحمد عبيد الله بن يحيى بن الوليد البحتري قال : لقيني أبو عثمان الناجم صاحب ابن الرومي وأنا ببغداد فقرأ عليّ قصائد من شعر جدي ، وحدثني قال : قال لي ابن الرومي يوما : ويحك ألا أعجبك وأطرفك من هذا الفلك المبارك؟ قلت : وما هو ، لا تأخذ معي في كفرياتك ، فقال : ولو كفرت لم أكن ملوما من ذلك ، إنا جماعة من الشعراء أنا (٢) نتردد إلى باب الوزير صاعد بن مخلد منذ خمسة أشهر لم يؤذن لواحد منا ، فلما كان في (٣) هذا اليوم وافى البحتري إلى باب صاعد ، فلما أشرف رفعت له الستور ودخل من وقته ، فأنشده شعرا وخرج وبين يديه خمس بدر فليت شعري ما الذي أنشده ، أتراه جاءه بما لم ينزل إلا عليه ، بالله لما صرت إليه وجئتني بالقصيدة لننظر فيها ، فمضيت إلى جدك فسألته عنها فقال : هي في ذلك اللوح لم أبيضها ، فإن شئت أن تكتبها فافعل! فكتبتها ودفعتها إلى ابن الرومي وهي القصيدة التي أولها (٤):

وأي مرجى سلوة أو مريدها

إذا وقدات الحب حب خمودها

فنظر فيها فلما وصل إلى هذا الموضع :

مقيم بأكناف المصلى تصيدني

لأهل المصلى ظبية ما أصيدها

ترغب عن صبغ المجاسد قدها

ليحلو واستغنى عن الحلي جيدها

حرك رأسه تعجبا ، فلما وصل إلى قوله في المدح :

__________________

(١) في (ج) : «السماك» وفي (ب) : «السمال».

(٢) في (ب) : «لنا».

(٣) في (ج) : «كان لي».

(٤) تم تصحيح الأبيات من الديوان للبحري ١ / ٢٩٣.

١١٦

لقد وفق الله الموفق للتي

تباعد عن غي الملوك رشيدها

رأى صاعدا أهلا لأشرف (١) رتبة

فشق على ساري النجوم صعودها

قال : والله لو أعطاه عليه مائة بدرة لكان له باخسا ؛ فرجعت إلى البحتري فعرفته بما قال ابن الرومي ، فقال : إني أظن أن أبا الحسن هذا في وقته مضيفا ، وليس بيني وبينه فرق في حال! فدفع إليّ مائة دينار وقال لي : ادفعها إليه ، فلما أوصلتها إليه (٢) أسهب في الثناء عليه وعمل من وقته أبياتا في صاعد يقول فيها :

وإنك إذ تصغى إلى شعر شاعر

فإنك مثل البحتري لماجد

٣٩٣ ـ عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن جميل أبو أحمد (٣) :

من أهل أصبهان. ذكره أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ في تاريخ أصبهان من جمعه. وقال : لقيته ببغداد ثم رجع إلى أصبهان ، وتوفي بها يوم الأربعاء سلخ شعبان سنة ست وثمانين وثلاثمائة سمع الكثير من أصول جده (٤) ، وروى عن الحسن بن عثمان النسوي بعض كتب يعقوب بن سفيان.

٣٩٤ ـ عبيد الله بن يونس بن أحمد بن عبيد الله بن هبة الله أبو المظفر (٥) :

من أهل باب الأزج ، قرأ القرآن والفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل على أبي حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني ، ثم قرأ الأصول والكلام على أبي الفرج صدقة بن الحسين ابن الحداد ، وسمع الحديث من الشريف أبي العباس أحمد بن محمد ابن عبد العزيز العباسي وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وأبي القاسم نصر ابن نصر بن علي العكبري وأبي بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني وأبي منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وجماعة دونهم.

ثم سافر إلى همذان فقرأ القرآن على الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن العطار

__________________

(١) في (ج) : «أهل الأشرف».

(٢) في النسخ : «إليها».

(٣) انظر العبر ٣ / ٣٣.

(٤) (ج) : «سمع الوصول من جده والكثير منه».

(٥) انظر : لسان الميزان ٤ / ١١٧. والأعلام ٤ / ٣٥٥.

١١٧

وسمع منه الحديث ثم عاد إلى بغداد وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد الدامغاني في ولايته الثانية في يوم الأربعاء حادي عشر ذي القعدة من سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، ثم رتب وكيلا للجهة أم الإمام الناصر لدين الله بعد وفاة والده وكان وكيلها.

ثم ترقت به الحال فرتب ناظرا في ديوان الزمام في رجب سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة ولم تزل السعادة (١) له شاملة إلى أن ولى الوزارة وخلع عليه في يوم الجمعة الثاني والعشرين من شوال من سنة ثلاث وثمانين.

ثم نفذ مع العسكر المنصور إلى همذان لمناجزة طغرل بن أرسلان بن طغرل بن محمد السلجوقي الخارج هناك المتسمي بالسلطان فتوجه في غرة (٢) صفر سنة أربع وثمانين ، فلما تلاقى الجمعان انكسر الوزير وقلت جموعه وأخذ أسيرا (٣) وحمل إلى همذان ثم منها إلى آذربيجان.

ثم أطلق فتوجه إلى الموصل (٤) ثم جاء إلى بغداد فدخلها مستترا في شهر رمضان من سنة أربع وثمانين المذكورة ، وبقي في بيته لا يظهر مدة ، ثم إنه رتّب ناظرا في المخزن المعمور وأعماله مدة ، ثم نقل إلى أستاذية دار الخلافة في سنة سبع وثمانين ، وردت أمور الديوان إليه فصار كالنائب في الوزارة يصدر الأمور وينفذها والناس سامعون له مطيعون إلى أن رتب ابن القصاب وزيرا في شهر رمضان من سنة تسعين فعزل ابن يونس عن ولايته وقبض عليه واعتقل بدار ابن القصاب فبقي بها معتقلا إلى أن توفي ابن القصاب في سنة اثنتين وتسعين ، فنقل ابن يونس من داره إلى دار الخلافة فحبس في بواطنها ، وكان آخر العهد به.

وكان ذكيا حسن الفهم غزير الفضل ، له يد حسنة في علم الأصول ثم يعرف الكلام معرفة جيدة. وقد صنف كتابا في الأصول ومقالات الناس فكان يقرأ عليه في داره ويحضر [الفقراء] (٥) والفقهاء والعلماء لسماعه ، وكانت له معرفة حسنة

__________________

(١) في الأصل : «الشهادة».

(٢) في (ج) : «عشرة».

(٣) في الأصل : «يسيرا».

(٤) في النسخ : «المتوصل».

(٥) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، (ج).

١١٨

بالفرائض والحساب ، وقد حدث بشيء يسير ، سمع منه عبد العزيز بن دلف وأبو الحسن بن القطيعي ، ولم تكن سيرته محمودة في ولايته كلها ولا طريقته مرضية.

أخبرنا أبو الخير داود بن بندار بن إبراهيم الفقيه الشافعي قال : أنبأنا الوزير أبو المظفر عبيد الله بن يونس قراءة عليه وحدثنا عبد العزيز بن محمود الحافظ من لفظه وأصله قالا : أنبأنا الشريف أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي قراءة عليه ، أنبأنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن الشافعي ، حدثنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم العبقسي ، أنبأنا أبو الفضل العباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ، حدثنا أبو عمير ، حدثنا ضمرة عن الشيباني عن عمرو بن عبيد الحضرمي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله تعالى استقبل بي الشام واستدبر بي اليمن ثم قال لي : يا محمد! إني جعلت لك ما تجاهك غنيمة ورزقا وما خلف ظهرك مددا ، ولا يزال الله تعالى يريد الإسلام وأهله وينقص من الشرك وأهله حتى يسير الراكب بين النطفتين لا يخشى إلا جور وليبلغن (١) هذا الدين ما بلغ الليل» (٢).

ذكر بعض المؤرخين أن ابن يونس مات في يوم الثلاثاء سابع عشر صفر سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة في محبسه بدار الخلافة فدفن فيه وهو السرداب ـ والله أعلم.

٣٩٥ ـ عبيد الله بن أحمد بن مخلد بن أبان الدقاق ، المعروف بالعسكري :

سمع عيسى بن أبي حرب الصفار وأبا بكر محمد بن أحمد (٣) بن يعقوب بن شيبة وغيرهما ، وكتب بخطه ، روى ابن ابنه أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد عن وجوده في كتابه ، وذكر أن جده عبيدا سافر إلى سر من رأى ، فلما عاد إلى بغداد سمي العسكري.

أخبرني أبو الفتوح نصر بن محمد بن علي الحافظ بمكة قال : أنبأنا أحمد بن المبارك ابن سعد ، أنبأنا ثابت بن بندار ، أنبأنا علي بن محمد السمسار ، أنبأنا الحسين بن محمد العسكري قال : وجدت في كتاب بخط جدي عبيد بن أحمد بن مخلد الدقاق قال : أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال : رأيت في كتاب جدي بخطه

__________________

(١) في (ج) : «وليعلمن».

(٢) انظر الحديث في : المعجم ٨ / ١٧١. ومجمع الزوائد ١٠ / ٦٠. والأحاديث الصحيح ٣٥.

(٣) في الأصل : «بن حمد».

١١٩

سمع عبيد الله بن محمد بن حفص العيشي (١) يقول : سمعت أبي يقول : لما قبض ولد العباس خزائن بني أمية وجدوا سقطا مختوما ففتحوه ، فإذا فيه رق مكتوب عليه : «شفاء بإذن الله» ، قال : ففتح فإذا هو : «بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أسكن أيها الوجع ، سكنت بالذي له ما سكن (٢) في الليل والنهار وهو السميع العليم ، بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، اسكن أيها الوجع بالذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم ، بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، اسكن أيها الوجع الذي بالذي إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ، بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، اسكن أيها الوجع سكنت بالذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا». قال عبيد الله قال لي : فما احتجت بعده إلى (٣) علاج ولا دواء ، قال جدي قال عبيد الله : قال لنا أبي : إن بني أمية أصابوه في نقل الحسين عليه‌السلام.

٣٩٦ ـ عبيد بن جناد ، مولى بني جعفر بن كلاب :

ولد بالرقة وتحول إلى حلب ، وولاه المأمون قضاءها ، فحدث عن عطاء بن مسلم الخفاف وعبيد الله بن عمرو الرقي وعبد الله (٤) بن المبارك المروزي وسفيان بن عيينة وغيرهم يروي عنه أحمد بن أبي الحواري وأبو زرعة الرازي ، وقدم بغداد وحدث بها ، روى عنه أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني وأبو زيد (٥) عمر بن شبة (٦) النميري.

أخبرنا محمود بن محمد بن عبد الواسع السقطي بهراة قال : أنبأنا عبد الواسع بن الموفق بن أميرك الصواف قال : أنبأنا عبد الله بن محمد الأنصاري ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي بنيسابور ، أنبأنا أبو عمر عبد الملك بن

__________________

(١) في الأصل ، (ب) : «العشى» وفي (ج) : «العبسي».

(٢) في النسخ : «سكن له ما».

(٣) في (ج) : «بعد لي».

(٤) في (ج) : «عبيد الله».

(٥) في (ب) : «أبو يزيد».

(٦) في (ج) : «بن شيبة».

١٢٠