تاريخ بغداد أو مدينة السّلام

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام

المؤلف:

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٧٠

الحافظ بمكة ، وعبد الحق بن محمد الشاهد بدمشق ، قالوا جميعا : أنبأنا محمد بن أحمد ابن عبد الكريم التميمي قال الحمزي والتميمي : أنبأنا أبو نصر محمد بن علي الزينبي ، أنبأنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي الوراق ، حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ، حدثنا محمد بن زنبور المكي ، حدثنا الفضل بن عياض ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة فزاد فيها أو نقص ، فلما قضي الصّلاة قالوا : يا رسول الله! حدث في الصّلاة حدث ، قال : «وما ذاك؟» قالوا : زدت أو نقصت ، فثني رجله واستقبل القبلة وسجد سجدتين وهو جالس ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فذكروني ، إذا (١) أحد منكم صلى صلاة فلم يدر أزاد أو نقص فليتحر من ذلك الصواب ، ثم ليبن عليه ويسجد سجدتين». (٢)

قرأت في كتاب أبي بكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف بخطه قال : توفي أبو القاسم عبد الملك بن عبد الله المغربي الفقيه يوم الجمعة سابع ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وخمسمائة.

٢٥ ـ عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل بن أبي القاسم بن أبي منصور بن ماخ(٣) أبو الفتح بن أبي القاسم الكروخي (٤) البزّار :

من أهل هراة ، سمع الكثير من أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري وأبي عطاء عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي وأبي عامر محمود بن القاسم الأزدي وأبي المظفر عبيد الله بن علي بن ياسين الدهان وأبي نصر عبد العزيز بن محمد

__________________

(١) في كل النسخ : «إنما أحدكم».

(٢) انظر الحديث في : سنن أبى داود (١٠٢٢). وسنن النسائي (٣ / ٢٨) ، (٢٩) ، (٣٣). وسنن ابن ماجة (١٢٢١). ومسند أحمد (١ / ٣٧٩) ، (٤٢٤) ، (٤٣٨) ، (٤٤٥) ، (٤٤٨). والمعجم الكبير للطبراني (١٠ / ٣٢) ، (٣٥). وصحيح ابن خزيمة (١٠٥٥) ، (١٠٥٩). وسنن الدارقطنيّ (١ / ٣٧٦).

(٣) في كل النسخ : «بنى ماح».

(٤) في كل النسخ : «الفروجى» تحريف ، والتصحيح من تذكرة الحفاظ.

٤١

الترياقي وأبي بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي (١) وأبي عبد الله محمد بن علي النميري وأبي سعد حكيم بن أحمد الأسفراييني وغيرهم : وقدم بغداد في ذي الحجة سنة تسع وخمسمائة وأقام بها مدة في تجارة ، وحدث بها ، سمع منه أبو الفضل بن ناصر ، وروى لنا عنه أبو أحمد الأمين وأبو محمد بن الأخضر وعبد الرزاق بن عبد القادر ويحيى بن المبارك بن الزبيدي المؤدب وغيرهم.

أخبرنا عبد الوهاب بن علي الأمين وعبد العزيز بن محمود بن الأخضر قال : أنبأنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكروخي ـ قدم علينا بغداد ـ قراءة عليه ونحن نسمع ، قال : أنبأنا القاضي أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي وأبو نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي قالوا : أنبأنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، أنبأنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي (٢) ، أنبأنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا معاوية بن هشام ، عن عمران بن أنس المكي ، عن عطاء ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم (٣)» (٤).

أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال : عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل الكروخي شيخ صالح ديّن خيّر حسن السيرة (٥) صدوق ثقة. سكن مطيراباد من أعمال الفرات والمحلة سنين بسبب دين له على بعض أهلها ، وورد بغداد ، وقرأت عليه «جامع الترمذي» وقرئ عليه عدة نوب ، وكتب به نسخة بخطه وأوقفها ، وما كان له أصل بمسموعاته. وجدوا سماعه في أصول المؤتمن الساجي وأبي محمد السمرقندي وغيرهما من الرحالين ، فقرئ عليه منها ، ومرض في أثناء قراءتي عليه ، فنفذ له بعض من كان يحضر معنا سماع الكتاب شيئا من الذهب

__________________

(١) في (ج) : «الفورجى».

(٢) في الأصل : «المجلزى». وفي (ب) المحموى».

(٣) في (ب) : «عن مشاربهم».

(٤) انظر الحديث في : سنن أبى داود ٤٩٠٠. وسنن الترمذي ١٠١٩. وصحيح ابن حبان ١٩٨٦. وكشف الخفا ١ / ١١٤.

(٥) تكررت لفظة : «دين» في الأصل ، (ب).

٤٢

فما قبل ، وقال : بعد السبعين واقتراب الأجل آخذ على حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا ، ورد عليه من الاحتياج إليه ، وانتقل من بغداد في آخر عمره إلى مكة ، وبقي بها مجاورا إلى أن توفي ، وكان يكتب النسخ بالترمذي بالعراق ومنها كان يأكل ، سألته عن مولده فقال : في ربيع الأول سنة اثنتين وستين بهراة ، وكروخ بلدة على عشرة فراسخ من هراة.

قرأت على أبي الطاهر إسماعيل بن سليمان بدمشق ، أنبأنا عبد الخالق بن لبيد قال : سألت عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي عن مولده فقال : في النصف من ربيع الأول سنة اثنتين وستين وأربعمائة.

قرأت في كتاب أبي الفضل أحمد بن صالح بن الشافع الجيلي بخطه قال قرأت في كتاب أبي محمد بن الطباخ المجاور بمكة يقول : توفي عبد الملك الكروخي في ليلة الاثنين (١) خامس عشري ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بمكة ، وأنه تولى غسله وتكفينه (٢) ، ودفنه يوم الاثنين.

٢٦ ـ عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيوية الجويني ، أبو المعالي بن أبي محمد الفقيه الشافعي الملقب بإمام الحرمين (٣) :

من أهل نيسابور ، إمام الفقهاء شرقا وغربا ، ومقدمهم عجما وعربا ، من لم تر العيون مثله فضلا ، ولم تسمع الآذان كسيرته نقلا ، بلغ درجة الاجتهاد ، وأجمع على فضله أعيان العباد ، وأقر بتقدمه المخالف والموافق ، وشهد بفضله الحسود والوامق ، وسارت مصنفاته في البلاد مشحونة (٤) بحسن البحث والتحقيق والتنقير والتعزير والتدقيق ، لابسة من الفصاحة حلل الكمال ، ومن البلاغة غرر الملاحة والجمال ، تفقه على صباه على والده ، وقرأ عليه جميع مصنفاته ، وقرئ الأدب حتى أحكمه.

وتوفي والده وله دون العشرين سنة من عمره فأقعد مكانه في التدريس ، وهو يجد

__________________

(١) في الأصل : «في ليلة الاثنتين» وفي (ب) بدون نقط.

(٢) في الأصل ، (ب) : «تدفينه».

(٣) انظر : وفيات الأعيان ٢ / ٣٤١. وطبقات الشافعية للسبكى ٣ / ٢٤٩ ـ ٢٨٢. وشذرات الذهب ٣ / ٣٥٨ ـ ٣٦٢. والأعلام ٤ / ٣٠٦.

(٤) في (ب) : «محشوبة».

٤٣

ويجتهد في الاشتغال والتحصيل ، وقرأ الأصول على أبي القاسم الإسكافي الأسفراييني ، وسافر جائلا في بلاد خراسان ، مستفيدا من كبار الفقهاء ، ومناظرا لفحولهم حتى تهذبت طريقته ، واشتهر فضله ، وشهد له كبراؤها بفوز الفضل وكمال العقل ، وحج وجاور بمكة أربع سنين يدرس ويفتي ويتعبد ، ثم عاد إلى نيسابور وتولى التدريس بالمدرسة النظامية ، وبقي ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع ، مسلم له المحراب والمنبر والخطابة والتدريس ومجلس التذكير يوم الجمعة ، وحضر درسه الأكابر ، وكان يقعد كل يوم بين يديه ثلاثمائة فقيه ، ودرس أكثر تلامذته في حياته.

وصنّف كتبا كثيرة جليلة في المذهب والخلاف «كنهاية المطلب في دراية المذهب» المشتمل على أربعين مجلدة ، وكتاب «الشامل» خمس مجلدات ، وكتاب «الأساليب في الخلاف» مجلدان ، و «التحفة» ، و «الغنية» (١) ، و «الإرشاد» ، و «البرهان في أصول الفقه» ، وفي أصول الدين (٢) «غياث الأمم» ، و «الرسالة (٣) النظامية» ، و «مدارك العقول» ، و «مختصر التقريب» ، و «الإرشاد للباقلاني» مجلدة ، وله خطب مجموعة.

وسمع الحديث في صباه من أبيه وأبي حسان محمد بن أحمد بن جعفر المزكي وأبي سعد عبد الرحمن بن حمدان النصروي وأبي الحسن علي بن محمد الطرازي وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن يحيى المزكي وأبي سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك وأبي عبد الرحمن محمد بن عبد العزيز النيلي (٤) وأبي سعد محمد بن علي بن محمد بن حبيب الصفار وأبي نصر منصور بن رامش وأبي سعد فضل الله بن أبي الخير الميهني ، وسمع ببغداد أبا محمد الحسن بن علي الجوهري وحدث باليسير. روى عنه أبو عبد الله الفراوي وزاهر بن طاهر الشحامي وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن وغيرهم.

قرأت على عبد الوهاب بن علي الأمين ، عن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر ابن محمد بن يوسف قال : أنشدنا أبو الحسن العبدري قال أنشدني أبو المعالي الجويني لنفسه :

__________________

(١) في كل الأصول : «الغيبة» والتصحيح من وفيات الأعيان.

(٢) في كل الأصول : «الضدين» تحريف.

(٣) هكذا في كل النسخ ، وفي الوفيات والأعلام «العقيدة».

(٤) في الأصل ، (ب) : «النبلى».

٤٤

أخي لن تنال العلم إلا بستة

سأنبئك عن تفصيلها ببيان (١)

ذكاء وحرص وافتقار وغربة

وتلقين أستاذ وطول زمان

قرأت في كتاب «الفنون» لأبى الوفاء علي بن عقيل الفقيه الحنبلي بخطه قال : قدم علينا أبو المعالي الجويني ببغداد أول ما دخل الغزالي (٢) ، فتكلم مع أبي إسحاق وأبي نصر بن الصباغ وسمعت كلامه ، وقال ابن عقيل أيضا : ونقلته من خطه. قال الشيخ أبو القاسم الأسدي المعروف بابن برهان العكبري النحوي ـ وكان متفننا في العلوم علامة في النحو والنسب وفي علوم القرآن والأصول ـ عند عميد الملك وقد كان قابسه (٣) الشيخ أبو المعالي الجويني وكان قدم علينا سنة تسع وأربعين شابا ، أشقر اللحية ، فجرى منه مقاولة للشيخ الإمام أبي القاسم في العباد : هل لهم أفعال؟ فقال : إن وجدت في القرآن آية تقتضي (٤) ذلك فالحجة لك ، فقال الشيخ أبو القاسم : (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) ، ومد صوته وجعل يقول : (هُمْ لَها عامِلُونَ) وأصرح [من] (٥) هذه الإضافة لا يكون (كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) (لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ) [يهلكون أنفسهم](وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) أي قد كانوا مستطيعين ، فأخذ أبو المعالي يستروح إلى التأويل ، فقال : والله! إنك بار (٦) وتتأول (٧) صريح كلام الله لتصحح بتأويلك كلام أبي الحسن الأشعري وأكله بالحجة ، فبهت ابن الجويني ، وكان أيضا في دولة عميد الملك نوع عصبية على الأشعرية وأصحاب الحديث فقبض أبا المعالي عن الانبساط وإلا فقد كان أحسن الناس لفظا وأقواهم منة في النظر.

أنبأنا عبد الوهاب بن علي ، عن أبي القاسم بن السمرقندي قال : كتب إلىّ أبو

__________________

(١) في الأصل : «وبيان».

(٢) في (ج) : «العز» وفي (ب) : «الغز».

(٣) في (ب) : «قاسه»

(٤) في (ج) : «أنه مقتضى»

(٥) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٦) في كل النسخ : «إنك بارد» والأنسب ما أثبتناه.

(٧) في (ب) : «وتناول».

٤٥

محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني قال في كتاب «طبقات الفقهاء» من جمعه : أبو المعالي الجويني إمام عصره ، ونسيج وحده ، ونادرة دهره ، عديم المثل في حفظه وبيانه ولسانه ، أخذ الفقه على والده ، وإليه الرحلة من خراسان والعراق والحجاز ، جرى ذكره في مجلس قاضي القضاة أبي سعيد الطبري فقال بعض الحاضرين : فانه يلقب «بإمام الحرمين» فقال قاضي القضاة : بل هو إمام خراسان والعراق لفضله وتقدمه في أنواع العلوم.

أنبأنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد الواسطي قال : كتب إليّ أبو جعفر محمد بن الحسن الهمداني قال : سمعت الشيخ أبا إسحاق الفيروزآبادي يقول : تمتعوا بهذا الإمام ، فانه نزهة هذا الزمان ـ يعني أبا المعالي الجويني.

قال سمعت أبا إسحاق يقول لأبي المعالي : يا مفيد (١) أهل المشرق والمغرب ـ لقد استفاد من علمه الأولون والآخرون ، وسمعته يقول له : أنت اليوم إمام الأئمة.

قرأت على أبي الفتوح داود بن معمر الواعظ بأصبهان ، عن أحمد بن الحسن بن يحيى الكاتب النيسابوري في مسألة إثبات الكلام فيه ونفى خلق القرآن ، فقذف بالحق على باطله ودمغه دمغا ودحض شبهه دحضا ، وتوضح كلامه في المسألة حتى اعترف المخالف والموافق له بالغلبة ، فقال جدي الإمام أبو القاسم القشيري : لو ادعى إمام الحرمين اليوم النبوة لاستغنى بكلامه هذا عن إظهار المعجزة.

وقرأت على أبي الفتوح عن أحمد بن الحسن قال سمعت أبا نصر بن هارون يقول : حضرت مع شيخ الإسلام إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني بعض المحافل فتكلم إمام الحرمين أبو المعالي في مسألة فأجاد الكلام كما يليق بمثله ، فلما انصرفنا مع شيخ الإسلام سمعته يقول : صرف الله المكاره عن هذا الإمام فهو اليوم قرة عين الإسلام والذابّ عنه بحسن الكلام.

كتب إليّ أبو سعد عبد الله بن عمر بن أحمد بن الصفار النيسابوري قال : أنبأنا أبو

__________________

(١) في الأصل ، (ب) : «ما مفيد» ، وفي (ج) : «أما مفيد» والتصحيح من الشذرات ٣ / ٣٦٠.

٤٦

الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قراءة عليه في كتاب الذيل لتاريخ نيسابور من جمعه قال : أبو المعالي الجويني مولده ثامن عشر المحرم سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وتوفي ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ، وقام الصياح من كل جانب وجزع الفرق عليه جزعا لم يعهد مثله ، وحمل بين الصلاتين من يوم الأربعاء إلى ميدان الحسين ، ولم تفتح الأبواب في البلد ووضع المناديل عن الرءوس عاما بحيث ما اجترأ أحد على ستر رأسه من الرءوس والكبار ، وصلى عليه ابنه أبو القاسم بعد جهد جهيد حتى حمل إلى داره من شدة الزحمة وقت التطفيل ودفن في داره ، ثم نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين بجنب والده ، وكسر منبره في الجامع المنيعي ، وقعد الناس للعزاء أياما [عزاء] (١) عاما ، وأكثر الشعراء المراثي فيه ، وكان الطلبة قريبا من أربعمائة نفر يطوفون في البلد نائحين عليه مكسرين المحابر والأقلام مبالغين في الصياح والجزع.

أخبرنا جعفر بن علي المقرئ بالإسكندرية قال : أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال أنشدنا حاجي قاضي ثغر خنان قال : أنشدني القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري المدرس بثغر جيزة (٢) لنفسه يرثى أبا المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني وكان من نظرائه :

يا أيها الناعي بشمس المشرق

بأبي المعالي نور دين مشرق

أنذر بني (٣) الدنيا قيام قيامة

فالشمس صار مغيبها في المشرق

٢٧ ـ عبد الملك بن عبد الرحمن بن سعود بن سرور الملاح ، أبو القاسم :

من أهل قصر عيسى بالجانب الغربي ، من أولاد المحدثين ، تقدم ذكر والده ، سمع أبا الحارث أحمد بن سعيد بن الحسن العسكري وغيره ، كتبت عنه وكان شيخا لا بأس به.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة من طبقات الشافعية ٣ / ٢٥٧.

(٢) في (ب) : «حبره» وفي (ج) : «جنزه»

(٣) في (ج) : «أنذرتنى»

٤٧

أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن بن سعود الملاح قال : أنبأنا أبو الحارث أحمد بن سعيد العسكري قراءة عليه ، أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الكوفي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي ، أنبأنا أبو الطيب علي بن محمد ابن بنان ، حدثنا أبو العباس أحمد بن علي بن محمد الموهبي ، حدثنا محمد بن عثمان بن سعيد أبو عمر الأموي ، حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح ، حدثنا سهل بن عامر ، حدثنا عمرو بن جميع البصري ، عن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن من سعادة الرجل زوجة صالحة وولدا برا وخلطاء صالحين ومعيشة في بلاده» (١).

توفي في المحرم سنة تسع وعشرين وستمائة ، ودفن بباب حرب وقد قارب الثمانين.

٢٨ ـ عبد الملك بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد ، أبو سعد (٢) السرخسي الحنفي :

أظنه ولد ببغداد وكان والده مقيما بها ، وولى قضاء البصرة وبها مات ، سمع أبو سعد هذا ببغداد أبا الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار وأبا الفتح منصور بن الحسين الأصبهاني الكاتب ، وبنيسابور أبا الحسن علي بن محمد بن محمد الطرازي ، وبالأهواز أبا الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري ، وحدث ببغداد عن والده ، روى عنه أبو الفضل بن خيرون وأبو طاهر بن سواد ، وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله بن ماكولا في يوم الخميس لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة فقبل شهادته ، وولى قضاء البصرة ، ومضى إليها وحدث بها وبأصبهان.

أنبأنا القاضي أبو الحسن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد العمري أن أبا عبد الله الحسن بن محمد البلخي أخبره قال : أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قراءة عليه قال : قرأت على القاضي أبي سعد عبد الملك بن عبد الرحمن السرخسي وكتبت

__________________

(١) انظر الحديث في : كنز العمال ٣٠٧٧٨ ، ٣٠٧٧٩. وتخريج الإحياء ٢ / ٢١٤.

(٢) انظر : «الجواهر المضية في طبقات الحنفية» لأبى محمد عبد القادر القرشي الحنفي ١ / ٣٣٠.

٤٨

من كتابه ، أنبأنا أبي القاضي أبو بكر عبد الرحمن بن محمد قراءة عليه ، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن محمد وبنت الوزير أبي العباس الأسفراييني ، حدثنا أبو علي الحسن بن علي الدمشقي ، حدثنا أبو زفر عبد العزيز بن الحسن الطبري بآمل ، حدثنا أبو بكر مكرم بن أحمد بن مكرم (١) البغدادي ، حدثنا محمد بن أحمد بن سماعة (٢) ، حدثنا بشر بن الوليد القاضي ، حدثنا أبو يوسف القاضي ، حدثنا أبو حنيفة قال : ولدت سنة ثمانين وحججت مع أبي سنة ست وتسعين وأنا ابن ست عشرة سنة ، فلما دخلت المسجد الحرام رأيت حلقة عظيمة فقلت لأبي : حلقة من هذه؟ قال : حلقة عبد الله بن جزء الزبيدي صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتقدمت فسمعته يقول سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من تفقه في دين الله كفاه الله همه ورزقه من حيث لا يحتسب» (٣).

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سعادة البردي ـ وكان من عباد الله الصالحين ـ قال : أنبأنا عبد المغيث بن محمد بن أحمد بن المطهر العبدي قراءة عليه ، أنبأنا قاضي القضاة أبو نصر عبد الملك بن عبد الرحمن بن محمد السرخسي البصري في ربيع الأول سنة تسع وستين وأربعمائة ، حدثنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر ، حدثنا الحسين ابن يحيى بن عياش (٤) ، حدثنا أبو الأشعث ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، حدثنا أيوب ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أن ابن الأرقم (٥) كان يؤذن لأصحابه ويؤمهم ، فأقام ذات يوم ثم خرج إلى المسجد فقال لأصحابه : لا تنتظروني وصلوا فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إذا وجد أحدكم الخلاء وقد أقيمت الصّلاة فليبدأ بالخلاء» (٦).

__________________

(١) في (ج) : «أبو أسعد».

(٢) زاد في (ج) : «بن أحمد مكرم» مكررة.

(٣) في الأصل ، (ب) : «من سماعه».

(٤) انظر الحديث في : تنزيه الشريعة ١ / ٢٧١. وتذكرة الموضوعات ١١١. واتحاف السادة المتقين ١ / ٧٧.

(٥) في (ج) : «بن عباس» تصحيف.

(٦) في كل النسخ : «عن ابن الأرقم».

٤٩

أنبأنا أبو القاسم الأزجي عن أبي بكر محمد بن علي بن ميمون الدباس قال : أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون العدل قال : بلغنا وفاة القاضي أبي سعد السرخسي بأصبهان في سنة سبعين وأربعمائة.

قرأت في كتاب أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن الطراح بخطه قال : وفي شوال ـ يعني سنة سبعين وأربعمائة ـ مات أبو سعد عبد الملك السرخسي.

٢٩ ـ عبد الملك بن عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق بن العباس بن أبي المحاسن بن أبي القاسم الطوسي.

من أهل نيسابور ، تقدم ذكر جده عبد الله وكان أخا (١) الوزير نظام الملك ، ورد عبد الملك بغداد غير مرة وروى بها شيئا ، روى عنه أبو سعد بن السمعاني وقد روى لنا عنه أبو المظفر بن أبي سعد بن السمعاني بمرو في مشيخته.

كتب إليّ أبو الفتح إسماعيل بن محمد الخطيب قال : أنشدني أبو سعد بن السمعاني (٢) قال : أنشدنا أبو المكارم عبد الملك بن عبد الرزاق النيسابوري إملاء من حفظه ببغداد لبعضهم :

سلام عليكم ها فؤادي لديكم

ثوى لكم ثاو فثاو لديكم

وإني أشم المسك من مدرج الصبا

إذا ما الصبا مرت فهبت عليكم

وبي مرض والنار ذا العذاب أنني

فيا ليت شعري هل سبيل إليكم

أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال : حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال : عبد الملك بن عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق الطوسي أبو المكارم كان رجلا من الرجال ، بذولا ، سخي النفس ، شهما ، ورد بغداد وكتب بها وأقام مدة ، ثم خرج إلى الحجاز ، سمع ببلده أبا الحسن علي بن أحمد المديني وأبا العباس الفضل بن عبد الواحد

__________________

(١) انظر الحديث في : سنن النسائي ٢ / ١١١. والسنن الكبرى للبيهقي ٣ / ٧٢. وصحيح ابن حبان ١٩٤.

(٢) في كل النسخ : «وكان أخ الوزير»

٥٠

ابن عبد الصمد (١) التاجر وأبا بكر الشيروي ، كتبت عنه بمرو وبلخ ، وسألت عن مولده فقال : في رجب سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة بنيسابور ، وتوفي بطوس في ليلة الثلاثاء سادس عشري رجب سنة ست وأربعين وخمسمائة وحمل إلى نيسابور ودفن بداره.

٣٠ ـ عبد الملك بن عبد السميع بن علي بن عبد السميع الهاشمي :

قرأت بخط أبي بكر المبارك بن كامل بن أبي الفوارس بن العمورة (٢) بن جرير القيرواني مؤذني أخبركم (٣) عبد الملك بن عبد السميع بن علي بن عبد السميع الهاشمي الشافعي قال : حدثني الشيخ أبو بكر المعروف بابن البنا الشافعي قال : حكى عن الشيخ الزاهد أبي الحسين بن سمعون قال : حدثني (٤) يونس بن الشبلي قال : حدثني أبي الشبلي قال : سمعت أبا القاسم الجنيد قال : ما استنفعت بشيء منفعتي بأبيات سمعتها ، قلت له : يا أستاذ! وما هذه الأبيات؟ قال : مررت بدرب القراطيس فسمعت جارية تغني من دار فنصت لها ، فسمعتها تقول :

إذا قلت :

أهدي (٥) الهجر لي حلل البلى

تقولين : لو لا الهجر لم يطب الحب

وإن قلت : هذا القلب أحرقه الهوى

تقولي : بنيران الهوى شرف القلب

وإن قلت : ما أذنبت؟ قلت مجيبة :

حياتك ذهب (٦) لا يقاس به ذنب

فصعقت وصحت ، فبينما أنا كذلك إذا بصاحب الدار قد خرج فقال : ما هذا يا سيدي؟ فقلت له : مما سمعت ، فقال : أشهد أنها هبة مني لك (٧) ، فقلت : قد قبلتها

__________________

(١) في (ج) : «عبد الصمد الواحد التاجر».

(٢) في (ج) : «المعمورة»

(٣) هكذا في الأصل.

(٤) «الشيخ أبو بكر المعروف بابن البنا ...» «... بن سمعون قال حدثني» مكررة في كل النسخ.

(٥) في كل النسخ : «أهدى»

(٦) في الأصل ، (ب) : «حبابك ذنبا».

(٧) في (ج) : «منى إليك».

٥١

وهي حرة لوجه الله سبحانه ، ثم دفعتها إلى بعض أصحابنا بالرباط ، فولدت له ولدا كبر ونشأ أحسن نشوء وحج على قدميه ثلاثين سنة على الوحدة. أخبرنا بهذه الحكاية عاليا (١) أبو القاسم المؤدب إذنا عن أبي العز بن كادش قال : حدثنا أبو علي الحسن بن غالب بن المبارك قال : حدثنا الشيخ أبو الحسين بن سمعون فذكرها.

٣١ ـ عبد الملك بن عبد السلام بن الحسين بن زكاش الدامغاني ، أبو محمد الفقيه الحنفي (٢) :

من أهل باب الطاق. كان من أعيان الفقهاء والشهود المعدلين بها ببغداد ، شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم على بن الحسين الزينبي في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، فقبل شهادته وتولى التدريس بمدرسة سعادة ، سمع الحديث من الشريف أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي وأبي منصور عبد المحسن بن محمد بن علي الشيحي (٣) ببغداد ، وبالبصرة من القاضي أبي عمر محمد بن أحمد بن عمر النهاوندي ، وحدث باليسير ، روى عنه أبو القاسم الحافظ الدمشقي في معجم شيوخه.

أخبرنا عمر بن عبد الرحمن الأنصاري بدمشق قال : أنبأنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال : أنبأنا عبد الملك بن عبد السلام بن الحسين أبو محمد الدامغاني الفقيه الحنفي بقراءتي عليه ببغداد ، أنبأنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي وأنبأنا عبد الوهاب بن علي الأمين قال : أنبأنا جدي أبو البركات إسماعيل ابن أبي سعد شيخ الشيوخ وعبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف قالا : أنبأنا أبو نصر الزينبي قال : قرئ على (٤) أبي طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص وأنا حاضر قال : أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا خلف وهو ابن هشام ، حدثنا أبو شهاب وهو عبدويه بن نافع الحفاظ عن حميد عن أنس أن أناسا من بني سلمة

__________________

(١) في الأصل : «غاليا».

(٢) انظر : الجواهر المضية ١ / ٣٣١.

(٣) في كل النسخ : «الشحى» تصحيف.

(٤) في (ج) : «قرئ على بن أبى طاهر».

٥٢

أرادوا أن يتحولوا إلى قرب المسجد ، فكره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تعرى (١) المدينة فقال : «أما تحتسبون آثاركم» (٢).

قرأت في كتاب أبي محمد يحيى بن علي بن الطراح بخطه قال : مات الشيخ عبد الملك الدامغاني في يوم الخميس ثامن شهر رمضان سنة سبع وعشرين وخمسمائة ودفن يوم الجمعة بمقبرة أبي حنيفة.

٣٢ ـ عبد الملك بن عبد السلام بن عبد الملك بن عبد السلام بن الحسين بن محمد بن عبد الواحد ، أبو محمد الطلحي التيمي المعروف بابن الصدر ، ويعرف بابن الأبيض أيضا :

من ساكني دار القز ، سمع أبا عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن (٣) السراج وأبا غالب محمد بن محمد بن عبيد الله العطار وغيرهما ، وحدث باليسير ، سمع منه أبو الرضا أحمد بن طارق بن سيار المزكى والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي ، وذكر أنه كان صدوقا.

أنبأنا أحمد بن طارق قال : أنبأنا أبو محمد عبد الملك بن عبد السلام بن الصدر بقراءتي عليه ، أنبأنا أبو غالب محمد بن محمد بن عبيد الله العطار وأنبأنا عبد الله بن عمر بن علي القزاز (٤) بقراءتي عليه قال : أنبأنا محمد بن محمد أبو المعالي العطار ، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين السراج قالا : أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان ، أنبأنا أبو عمرو (٥) عثمان بن أحمد بن السماك (٦) الدقاق ، حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين بن حبيب القاضي ، حدثنا جندل (٧) ، حدثنا أبو الأحوص

__________________

(١) في (ب) : «أن يعدى».

(٢) انظر الحديث في : الدر المنثور ٥ / ٢٦٠.

(٣) «بن الحسين» ساقطة من (ج).

(٤) في (ب) : «افراز» وفي (ج) : «الفزاز».

(٥) في كل النسخ : «أبو عمر» والتصحيح من تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٦٥.

(٦) في كل النسخ «بن مد» تصحيف.

(٧) في (ب) : «ثنا جدل».

٥٣

عن عبد العزيز بن رفيع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قتل صبرا كان كفارة لخطاياه» (١).

قرأت بخط القاضي أبي المحاسن القرشي قال : توفي عبد الملك بن الصدر في شهر رمضان من سنة ست وخمسين وأربعمائة ، وذكر ابن شافع وفاته كذلك ، وقال : ودفن بباب حرب (٢).

٣٣ ـ عبد الملك بن عبد العزيز بن هبة الله بن القاسم بن البندار أبو علي.

أخو عبد الرحيم وعبد الغني المقدم ذكرهما ، وكان الأصغر منهما ، وهم من أهل الحريم الطاهري (٣) ومن أولاد المحدثين ، سمع أبا المعالي محمد بن محمد بن النحاس (٤) العطار وأبا علي أحمد بن محمد بن الرحبي (٥) وغيرهما ، كتبت عنه شيئا يسيرا ، وكان شيخا لا بأس به.

أخبرنا عبد الملك بن عبد العزيز بن هبة الله بن البندار قراءة عليه وأنا اسمع قال : أنبأنا أبو المعالي بن النحاس قراءة عليه عن أبي القاسم بن البسري وأنا أسمع قال : أنبأنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص قراءة عليه ، حدثنا عبد الله وهو ابن محمد بن عبد العزيز ، حدثنا محمد وهو ابن حميد الرازي (٦) ، حدثنا أبو داود عن رفعة عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «استعينوا بقيلولة النهار على قيام الليل ، والسحور على صيام النهار» (٧).

سألت عبد الملك عن مولده فقال : في سنة تسع وأربعين وخمسمائة بأردبيل ، وبلغنا

__________________

(١) انظر الحديث في : كشف الخفا ٢ / ٢٥٨. والدرر المنتثرة ١٣٨. وكنز العمال ١٢٦٨.

والأسرار المرفوعة ٣٠٤.

(٢) في كل النسخ : «بباب خرب».

(٣) في (ب) ، (ج) : «الظاهري» تصحيف.

(٤) في الأصل ، (ب) : «اللحاس» في كل المواضع والتصحيح من تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣١٩.

(٥) في الأصل ، (ب) : «الرحبي».

(٦) في (ب) : «الدري».

(٧) ـ انظر الحديث في : مصنف عبد الرزاق ٧٦٠٣. وكشف الخفا ١ / ١٣٠. وكنز العمال ٢١٤٨٥. والمعجم الكبير للطبراني ١١ / ٢٤٥.

٥٤

أنه توفي بأردبيل في سنة خمس عشرة وستمائة.

٣٤ ـ عبد الملك بن عبد الواحد بن الحسن بن منازل الشيباني ، أبو الفضل القزاز :

أخو أبي غالب محمد المقدم ذكره ، كان يسكن بدرب القصارين من نواحي باب الشام بالجانب الغربي ، سمع أبوي الحسين أحمد بن محمد بن النقور ومبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصّيرفيّ وغيرهما ، وحدث باليسير ، روى لنا عنه أبو عبد الله الحسين ابن سعيد بن الحسين بن شنيف الأمين.

أخبرنا أبو عبد الله بن شنيف قال : أنبأنا أبو الفضل عبد الملك بن عبد الواحد القزاز قراءة عليه ، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمد [بن أحمد] (١) بن النقور ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص ، حدثنا عبد الله هو البغوي ، حدثنا الحسن بن راشد بن عبد ربه الواسطي ، أخبرني أبي راشد بن عبد ربه ، حدثنا نافع سمعت ابن عمر يقول : أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجل فقال : يا رسول الله! حدثني حديثا واجعله موجزا ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صل صلاة مودع كأنك تراه ، فإن كنت لا تراه فإنه يراك ، وايأس مما في أيدي الناس تعش غنيا ، وإياك وما تعتذر منه» (٢).

أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال : سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول : توفي عبد الملك بن عبد الواحد القزاز في رجب سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.

٣٥ ـ عبد الملك بن عبد الواحد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمويه بن مودود بن راشد ، أبو بكر الحافظ :

من أهل سمرقند ، وأبوه كان من أهل بغداد ، قدم بغداد وسمع بها أبا بكر محمد بن عبد الله الشافعي وأبا علي محمد بن أحمد بن الصواف وأمثالهما ، ثم قدمها ثانيا حاجّا وأدركه أجله بها منصرفه من الحج ، ولم أدر روى بها شيئا أم لا.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) انظر الحديث في : إتحاف السادة المتقين ٨ / ١٦٠ ، ١٠ / ٢٥١. وكنز العمال ٥٢٥٣.

والأحاديث الصحيحة ١٩١٤.

٥٥

كتب إليّ أبو عبد الله محمد بن معمر الأصبهاني أن أبا نصر الحسن بن محمد اليونارتي أخبره قال : أنبأنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي فيما قرأت عليه بنيسابور أنبأنا أبو بشر عبد الله بن محمد الفقيه قال : أنبأنا أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي قال : عبد الملك بن عبد الواحد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمويه بن مودود أبو بكر السمرقندي كان والده من بغداد ، وجده علي بن موسى من موصل ، ووالد جده موسى بن جعفر من فارس (١) ؛ كان أبو بكر هذا فاضلا ، حافظا ، متقنا ، ثقة ، كتب الكثير ، وجمع الشيوخ والأبواب والمقلين ، ودوّن الأقران (٢) ؛ كان من أفاضل أصحابنا الذين كتبوا معنا على مشايخنا بسمرقند ، ورحل إلى العراق وكتب بها عن أبي بكر الشافعي وأبي علي الصواف وأمثالهما ، وكان قبل ذلك كتب عن مشايخنا بسمرقند مثل أبي جعفر محمد بن محمد البغدادي وأبي عمرو محمد بن إسحاق العصفري وعيسى بن موسى بن غودم الكشاني ومحمد بن الحسن ابن حمويه الأسترآباذي ، وذهب إلى بخارى وكتب عن أبي بكر بن خنب (٣) ، وبكشانية عن علي بن محتاج ، وكان حريصا على الجمع والكتابة ، وكنا نؤمل أن يكون إماما ، فخرج إلى مكة ومات في المنصرف (٤) سنة ست وسبعين وثلاثمائة في صفر ودفن ببغداد ؛ كتبت عنه أحاديث يسيرة.

قرأت بخط والده عبد الواحد : ولد ابني أبو بكر بسمرقند يوم الأحد لاثنتي عشرة خلت من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.

٣٦ ـ عبد الملك بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله الأمين ، أبو المعالي :

ابن شيخنا أبي أحمد بن أبي منصور الصوفي ، سمع أباه وجده لأمه أبا القاسم عبد الرحيم بن إسماعيل شيخ الشيوخ وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وشهدة بنت

__________________

(١) في (ج) : «بن جعفر بن فارس».

(٢) في (ج) : «ودون الأوزان».

(٣) في (ب) : «أبى بكر من خنب». وفي (ج) : «بن جنب».

(٤) في كل النسخ : «في التصرف».

٥٦

أحمد الأثري وتجنى بنت عبد الله الوهبانية وغيرهم ، وحج وجاور بمكة سنين ، وحدث بالمدينة وخرج إلى مصر فتوفي بها شابا.

أخبرنا أبو المفاخر محمد بن علي بن الحسين (١) البيهقي إمام الروضة النبوية بقراءتي عليه بالمدينة في دهليز داره قال : أنبأنا عبد الملك بن عبد الوهاب بن علي بن علي قراءة عليه بالمدينة قال : أنبأنا أبو القاسم عبد الرحيم قال : أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمد السمناني ، حدثني محمد بن محمد بن زيد الحسيني ، أنبأنا الحسن بن أحمد الفارسي ، حدثنا أبو عمرو بن السماك ، حدثنا محمد بن الحسين الحنيني ، حدثنا عامر بن الفضل ، حدثنا جعفر الأحمر عن حميد الطويل عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قال هؤلاء الكلمات يوم الجمعة سبع مرات فمات في ذلك اليوم دخل الجنة ، من قال «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت وأنا عبدك وابن أمتك وفي قبضتك ، ناصيتي بيدك ، أمسيت على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء بنعمتك وأبوء بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» (٢).

كان مولد عبد الملك في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ، وذكر لي أخوه عبد الواحد أنه مات بمصر في أوائل (٣) سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.

٣٧ ـ عبد الملك بن علي المكتفي بن أحمد المعتضد بالله بن محمد الموفق بالله بن جعفر المتوكل على الله بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن المهدي (٤) بن عبد الله (٥) المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله (٦) بن العباس بن عبد المطلب.

ذكر هلال بن الصابي أنه توفي في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.

__________________

(١) في (ج) : «بن الحسن».

(٢) انظر الحديث في : إتحاف السادة المتقين ٣ / ٢٧٣ ، ٢٩١.

(٣) في الأصل : «في أول سنة ثلاث ...».

(٤) في (ب) ، (ج) : «بن المهتدى».

(٥) «بن عبد الله» ليست في (ج).

(٦) «بن عبد الله» ساقطة من (ج).

٥٧

٣٨ ـ عبد الملك بن علي بن شابور بن الحسين ، أبو نصر المقرئ (١) :

سمع أبا الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت القرشي وغيره ، وسافر إلى مصر واستوطنها وحدث بها ، وكان عارفا بالقراءات ووجوهها ، روى عنه أبو القاسم المسلم بن علي بن إسحاق بن الفرج المصري وأبو عبد الله محمد بن أحمد ابن إبراهيم الرازي.

كتب إليّ أبو القاسم عبد الرحمن (٢) بن مكي بن حمزة الأنصاري قال : أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي قال : أنبأنا أبو نصر عبد الملك بن علي بن شابور البغدادي المقرئ بمصر قال : أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى المالكي ببغداد وأنبأنا أبو علي ضياء بن أحمد ، أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله البزاز ، أنبأنا والدي وأنبأنا مسعود بن عبد الله بن عبد الكريم الدقاق قال : أنبأنا إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأنبأنا أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي قال : أنبأنا أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الجواليقي ، أنبأنا علي بن أحمد بن البسري قالوا جميعا :

أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت قراءة عليه قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي ، حدثني أبي عبد الصمد بن موسى ، حدثنا النضر بن شميل ونحن مع المأمون بمرو سنة إحدى وثمانين في رجب ، أنبأنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سئل عن صلاة الليل فقال : «صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشيت الصبح فصل ركعة توتر لك صلاتك» (٣).

أنبأنا أبو الفرج بن الجوزي قال : أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي قراءة عليه قال : كتب إليّ أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال المصري قال : سنة خمس وأربعين ـ يعني وأربعمائة ، أبو نصر عبد الملك بن علي بن شابور المقرئ البغدادي ـ يعني مات.

__________________

(١) انظر : طبقات القراء ، لابن الجزري ١ / ٤٦٩.

(٢) بهامش (ب) : «يعرف بابن موتا وابن علاس».

(٣) الحديث سبق تخريجه ، راجع الفهرس.

٥٨

٣٩ ـ عبد الملك بن علي بن عبد الباقي بن علي ، أبو منصور الخياط :

من ساكني دار الخلافة ، سمع جده لأمه أبا الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف وأبا منصور محمد بن أحمد بن علي الخياط المقرئ وأبا الحسن بن محمد بن علي بن العلاف وغيرهم وحدث باليسير ، روى عنه أبو سعد بن السمعاني وأبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي بن السمين.

أنبأنا يوسف بن المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف قال : أنبأنا أبو منصور عبد الملك بن علي بن عبد الباقي الخياط بقراءتي عليه في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وخمسمائة قال : أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن العلاف ، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي ، حدثنا عثمان بن أحمد بن السماك ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا ابن إسحاق ، حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عثمان بن أبي سليمان عن نافع عن جبير عن أبيه قال : لقد رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقف على بعير له بعرفات من بين قومه حتى يدفع معهم توفيقا من الله له.

أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال : حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال : عبد الملك بن علي بن عبد الباقي الخياط شيخ صالح ، مأمون ، حسن السيرة ، جميل الطريقة ، كتبت عنه وسألته عن مولده فقال : في سنة ست وثمانين وأربعمائة.

٤٠ ـ عبد الملك بن علي بن عبد الملك بن محمد بن يوسف ، أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي منصور :

من ساكني دار الخلافة ، من أولاد الأكابر المحتشمين ، طلب الحديث بنفسه ، وأكثر من السماع ، وحصل الأصول ، وكتب بخطه ، ولعله سمع جميع ما كان عند أبي الحسين بن الطيوري منه ، وأكثر عن المتأخرين ، سمع الشريفين أبا نصر محمد وأبا الفوارس طراد (١) ابني محمد بن علي الزينبي وأبا عبد الله مالك بن أحمد بن علي البانياسي وأبا الحسين عاصم بن الحسن بن عاصم ، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي ، وأبا الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر وأبا

__________________

(١) في كل النسخ : «طرد».

٥٩

عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي (١) وخلقا كثيرا من أصحاب أبي طالب بن غيلان وأبي القاسم التنوخي وأبي محمد الجوهري ، وحدث باليسير ، روى لنا عنه أبو السعود عبد الواحد بن محمد بن الداريج وأبو الفرج عبد الرحمن بن محمد القصري وصالح بن محمد بن علي الأزجي وعبد الرحمن بن دينار بن شبيب وعمر بن سعد الله الدلال وعبد المحسن بن أحمد البزاز وغيرهم.

أخبرنا أبو السعود عبد الواحد بن محمد بن الداريج قال : أنبأنا أبو الفضل عبد الملك بن علي بن يوسف ، أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي ، أنبأنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي الوراق ، حدثنا أبو بكر بن أبي داود ، حدثنا علي بن محمد أبي الخصيب (٢) ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثنا قاسم الرحال عن أنس بن مالك قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خربا لبني النجار فقضى من حاجته فخرج مذعورا ، قال : «لو لا أن تدافنوا لسألت الله أن يسمعكم ما أسمعني من عذاب القبر» (٣).

أخبرنا أبو جعفر صالح بن محمد بن علي الأزجي قال : أنبأنا أبو الفضل عبد الملك ابن علي بن يوسف قال : أنبأنا طراد بن محمد بن علي الزينبي ، أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن وصيف الصياد ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال : حدثني أبو يعقوب إسحاق بن الشحام قال : قال مردك حكيم أهل فارس :

لا ترضين من الصديق

بكيف أنت ومرحبا بك

حتى تبين ما لديه

بحاجة إن لم تكن لك

وإذا رأيت فعاله

كمقاله فبه (٤) تمسك

قرأت في كتاب أبي محمد يحيى بن علي بن الطراح بخطه قال : مات أبو الفضل عبد الملك بن علي بن يوسف في يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء الرابع من ذي الحجة

__________________

(١) «النعالى» سقط من (ب).

(٢) في الأصل ، (ج) : «أبى الخضيب».

(٣) انظر الحديث في : مسند أحمد ٣ / ١١٤ ، ١٥٣. وأمالى الشجري ٢ / ٣٠٣. والأحاديث الصحيحة ١٥٨. وتاريخ بغداد ٢ / ٩٢.

(٤) في الأصل ، (ب) : «كمقاله فيه»

٦٠