تاريخ بغداد أو مدينة السّلام

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام

المؤلف:

محبّ الدين أبي عبدالله محمّد بن محمود بن الحسن [ ابن النجّار البغدادي ]


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٧٠

عبد الوهاب بن عمرو العكبري ، حدثني أبو بكر أحمد بن محمد السقطي ، حدثني عمر ابن محمد النسائي ، حدثنا العباس بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري عن أبيه قال : قال علي بن ظبيان : خرجت يوما بالكوفة لبعض حوائجي راجلا (١) حتى كنت (٢) في سكة من سكك همدان فإذا أنا بعليان المجنون ، وكان معتوها ذاهب العقل حتى يكلم ، وكان في يده قصبة فارسي من القناة في رأسها كبة قطن قد لف عليها خرقة ، وإذا هو يشد على الصبيان إذا أخرجوه ، فإذا أدركهم قال : يا علي! اتق القصاص ، فيرجع ويجلس ويلقي القصبة بين يديه حتى يأخذ الطريق ، قال : فتهيأت أن أمرّ به ، فنظر إليّ فقال لي : يا علي! مر! لست لهؤلاء! فلما حادثته سمعته يقول : من نوقش الحساب دخل الجنة ، فقلت : من نوقش الحساب عذب ، فقال : كلا! ربنا أكرم من ذاك ، إذا قدر عفا.

أخبرنا أبو سعد الأزجي (٣) قال : أنبأنا أبو المعالي العطار قراءة عليه عن أبي القاسم البندار قال : كتب إليّ أبو عبد الله بن بطة قال : حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء قال : حدثنا أبو أيوب عبد الوهاب بن عمرو النزلي ، حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثني سلمة بن بكر المقدسي (٤) قال : كان رجاء ابن حيوة الكندي جالسا في مسجد دمشق إذ قرأ رجل (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) إلى قوله (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) فقال رجل من القوم : أترون رجلا يعمل بهذه الكلمات كلها؟ فقال رجل : لا ، فقال آخر : ولا أمير المؤمنين؟ فقال آخر : وما يدخل الوليد في حديثنا؟ فقال رجاء : إني أظن أن هذا الكلام سيكسبكم شرا ، إن سئلتم فاكتموا ، وإن استحلفتم فاحلفوا! فبينا هم كذلك إذ جاءت الأشراط فأخذوا رجاء وأصحابه فأدخلوا على الوليد رجاء الله ليفترش ذراعك الوصيد ورجل يتلو آيات من كتاب الله عزوجل ، فقال رجل : أترون رجلا يعمل بهذه الآيات ، فقال آخر : لا ، فقال آخر : ولا الوليد أمير المؤمنين ، وما بقي من العدل فاعمل به. قال رجاء : فما سمعت

__________________

(١) في (ج) ، (ب) : «راحلا».

(٢) في (ب) : «كتب».

(٣) في (ج) : «الحلازجى».

(٤) في (ب) : «القدسي».

٢٢١

ولعل أصحابي سمعوا شيئا لم أسمعه ، فأدخلوا جميعا فسئلوا وكتموا فاستحلفوا فحلفوا ، فقال : الله أكبر عليّ! فكان الساعي بعد ذلك إذا رأى رجاء قال : الله يا رجاء إنك ليستسقي بك المطر! تكتم شهادة؟ فيقول له رجاء : يا فاسق! لمائة سوء عن (١) ظهرك أحب إليّ من أن يعطب عدة من المسلمين بلا ذنب.

٢٢٥ ـ عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماهان الفارسي ، أبو العلاء البغدادي (٢) :

سمع أبا عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق وأبا علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار وأبا الحسين عبد الباقي بن قانع القاضي وأبا بكر أحمد بن سليمان بن أيوب العبادانيّ وأبا سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان وأبا علي أحمد ابن الفضل بن العباس بن خزيمة بن مكرم بن أحمد القاضي.

ثم رحل فسمع بدمشق بإفادة أبي هاشم (٣) عبد الجبار بن عبد الصمد بن إسماعيل ابن السلمي ، وببيروت أبا عمران موسى بن عبد الرحمن بن موسى المقرئ ، وبأنطاكية أبا بكر محمد بن عبد الله بن بكار ، وببيت المقدس أبا طالب محمد بن زكريا بن يحيى ابن يعقوب بن بشر بن أعين المقدسي وأبا الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين بن السندي (٤) الصابوني وأبا محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ناصح الدمشقي وأبا محمد بن سعيد بن أحمد بن جعفر الفهري وأبا العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق ابن عتبة الرازي وأبا عبد الله محمد بن إدريس بن عبد الله بن إسحاق الدلال وأم محمد فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن الريان وبتنيس أبا بكر محمد بن علي النقاش ، وبالبصرة أبا علي محمد بن يوسف بن أحمد بن المعتمر البيع وأحمد بن محمد ابن سليمان المسالكي ، [و] بنيسابور أبا حامد أحمد بن الحسن المقرئ وعلي بن بندار الصّيرفيّ وأبا أحمد الجلودي.

__________________

(١) في الأصل : «سول عن» وفي (ج) : «سواء من» وفي (ب) : «سوابه».

(٢) انظر : العبر في خبر من غبر ٢ / ٢٥٦.

(٣) في النسخ : «هشام» والتصحيح من العبر ٣٣٣.

(٤) في النسخ : «السرى».

٢٢٢

وقدم أصبهان في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وحدث بها عن شيوخ بغداد ومصر والأهواز ونيسابور والشام ، روى عنه من أهلها المطهر بن محمد بن علي ابن محمد بن أحمد بن بحير وأبوي بكر محمد بن علي الحافظ وعلي بن القاسم الخياط المقرئ. وروى عنه أيضا علي بن بشرى السجزي في مشيخته.

وسكن مصر إلى حين وفاته وحدث بها بكتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج النيسابوري عن أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر الفقيه الشافعي عن أبي محمد أحمد بن علي بن الحسن القلانسي عن مسلم سوى ثلاثة أجزاء من آخره ، فإنه رواها عن أبي أحمد الجلودي عن إبراهيم بن سفيان عن مسلم ، سمعه منه جماعة ورووه عنه ، فمنهم محمد بن يحيى بن الحذاء ويحيى بن محمد بن يوسف الأشعري وأبو القاسم أحمد ابن فتح المعافري يعرف بابن الرسان.

كتب إلى أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن نعمان المعدل الأصبهاني أن أبا عدنان محمد بن أحمد بن المطهر بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن بحير أخبره قال : أنبأنا جدي المطهر قراءة عليه في شعبان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة قال : أنبأنا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماهان الفارسي البغدادي قراءة من لفظه في شهر شعبان سنة خمس وثمانين وثلاثمائة قال : حدثنا القاضي أبو الحسين عبد الباقي بن قانع ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي ، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الصائم إذا لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله عزوجل حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (١).

أنبأنا أبو الخطاب الكلبي قال : أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن خليل المصري، أنبأنا أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الغساني قال : سمعت أبا عمر محمد ابن محمد بن يحيى يقول : سمعت أبي يقول : أخبرني ثقات [من] (٢) أهل مصر أن أبا الحسن علي بن عمر الدار قطني كتب إلى أهل مصر من بغداد أن اكتبوا عن

__________________

(١) انظر الحديث في : كنز العمال ٢٣٨٦٥. والجامع الكبير ٥٦٥٤.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٢٢٣

[أبي] (١) العلاء بن ماهان كتاب مسلم بن الحجاج الصحيح ، ووصف أبا العلاء بالثقة والتمييز.

أنبأنا أبو الفرج بن الجوزي قال : قرئ على أبي القاسم بن السمرقندي عن أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال وأنا أسمع قال : سنة سبع وثمانين ـ يعني : وثلاثمائة ـ ابن العلاء بن ماهان البغدادي ـ يعني : مات.

٢٢٦ ـ عبد الوهاب بن الفضل المطيع لله بن جعفر المقتدر بالله بن أحمد المعتضد بالله ، أبو عبد ، أخو الإمام الطائع :

توفي ليلة الجمعة مستهل شهر رمضان سنة سبعين وثلاثمائة ودفن بالرصافة عند قبر أبيه ، ذكر ذلك هلال بن المحسن الكاتب ونقلته من خطه.

٢٢٧ ـ عبد الوهاب بن القاسم بن علي الشعراني :

روى عن أبي الحسين بن الطيوري شيئا يسيرا ، كتب عنه أبو بكر بن كامل الخفاف.

قرأت في كتاب المبارك بن كامل بخطه وأنبأنيه ابنه يوسف عنه قال أنشدني عبد الوهاب بن القاسم بن علي الشعراني قال : أنشدني أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصّيرفيّ :

ذهب الناس فاستقلوا وصرنا

خلفا في أراذل نسناس

في أناس نعدهم في عديد

فإذا فتشوا فليسوا بناس

أجملوا في الحشوم طولا وعرضا

وهم في القياس دون الحساس

وإذا جئت أبتغي النيل منهم

ابتدوني في قتل السواس بياس

وبكوا لي حتى وددت بأني

تفلت عند ذاك رأس برأس

٢٢٨ ـ عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن بن بندار ، أبو البركات الأنماطي (٢) :

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) انظر : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٢٤٠. والعبر في خبر من غبر ٤ / ١٠٤.

٢٢٤

من أهل نهر القلاءين (١). سمع وقرأ وكتب الكثير ، وحصل العالي والنازل ، ولم يزل يسمع ويفيد الناس إلى آخر عمره ، وحدث بأكثر مروياته ، وكتب عنه الكبار ورووا عنه. وكان موصوفا بالحفظ والمعرفة ، وحسن الطريقة والديانة ، والعفة والنزاهة ، والثقة والصدق والأمانة.

سمع أبا محمد عبد الله بن محمد الصريفيني وأبا الحسين أحمد بن محمد بن النقور (٢) وأبا نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي وأبوي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي وعلي بن أحمد بن محمد بن البسري وأبا الغنائم محمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان الدقاق وأخاه أبا محمد أحمد وأبا الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي وأبا الحسين عاصم بن الحسن العاصمي وأبا الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبوي عبد الله مالك بن أحمد البانياسي والحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي وخلقا كثيرا غيرهم.

وقرأ على أبي الحسين بن الطيوري جميع ما عنده. روى لنا عنه أبو الفرج بن الجوزي وأبو أحمد بن سكينة وأبو محمد بن الأخضر وعبد الواحد بن سعد الصفار وعبد الرحمن بن محمد بن يعيش الكاتب ومحمد بن هبة الله بن كامل الوكيل وعبد العزيز وأحمد ابنا أزهر بن عبد الوهاب السّبّاك وأبو الفتوح مسعود بن عبد الله ابن عبد الكريم الدقاق ويحيى بن محاسن الفقيه ويحيى بن مبارك بن محمد بن يحيى بن الزبيدي وأحمد بن هبة الله بن العلاء الزاهد ويوسف بن المبارك بن كامل الخفاف وأحمد بن يحيى بن بركة البزار وعبد العزيز بن معالي بن منينا وهبة الله بن الحسين بن أقبل (٣) وأبو الفتح وهب بن محمد بن وهب الحري وخليفة بن أبي بكر بن أحمد أبو نصر السّقاء وعبد الرحمن بن أحمد بن هدبة الورّاق وغيرهم.

أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين قال : أنبأنا أبو البركات عبد الوهاب ابن المبارك الأنماطي ووالدي قالا : أنبأنا عبد الله بن محمد الصريفيني ، أنبأنا عبيد الله

__________________

(١) في (ب) : «القلاءين».

(٢) في (ب) : «السور».

(٣) هكذا في الأصول.

٢٢٥

ابن حبابة (١) ، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا جعفر عن إبراهيم الهجري قال : رأيت ابن أبي أوفى ـ وكان من أصحاب الشجرة ـ وماتت ابنة له فتبعها على بغل (٢) خلفها فجعل النساء يرثين فقال : لا ترثين فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن الترثي ، ولتفض إحداكن من عبرتها ما شاءت ، ثم كبر عليها أربعا وقام بعد ذلك قدر ما بين التكبيرتين يدعو وقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يصنع على الجنائز هكذا.

أخبرنا أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن يعيش بقراءتي عليه قال : أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ، أنبأنا أبو محمد الصريفيني ، أنبأنا أبو القاسم بن حبابة ، حدثنا البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا شعبة عن عمرو بن دينار قال : سمعت جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا جاء أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين» (٣).

أخبرنا أبو أحمد بن سكينة بقراءتي عليه قال : أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، أنبأنا عبد الله بن محمد الخطيب ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن المخلص ، أنبأنا أحمد بن سليمان الطوسي ، حدثنا الزبير بن بكار ، حدثني يونس بن عبد الله عن مالك ابن أنس قال : كان رجل له زوجة وكان لها محبا ، وكانت قد أعطيت شدة وكانت له (٤) قاهرة فضربته يوما ، فجعل يبكي وجعلت تغيظ عليه وتقول له : أتبكي؟ فيقول لها : نعم! والله، أبكي على رغم أنفك.

أخبرنا أحمد بن يحيى البزار قال : أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن البسري ، أنبأنا عبيد الله بن محمد بن أحمد أبو أحمد قراءة عليه وأنا أسمع قال : حدثنا أبو بكر الصولي إملاء (٥) قال : سمعت عبد الله بن المعتز وذكر يوما إخوانه فقال : أنا فيهم كما قال أبو تمام :

__________________

(١) «عبيد الله عن حبابة».

(٢) في النسخ : «على فعل».

(٣) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٢ / ٧١. وصحيح مسلم ، كتاب الجمعة ٥٩.

(٤) في (ب) : «كانت لها».

(٥) في (ب) ، (ج) : «ليلا».

٢٢٦

ذو الود مني وذو القربى (١) بمنزلة

وإخوتي أسوة عندي وإخواني

عصابة جاورت (٢) آدابهم أدبي (٣)

فم وإن فرقوا في الأرض جيراني

أرواحنا في مكان واحد وغدت

أبداننا لشام أو خراسان

ورب نائي المغاني روحة أبدا

لصيق روحي ودان ليس بالداني

قرأت في كتاب أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع بخطه قال : قال شيخنا ابن ناصر فيما قرأت بخطه : كان عبد الوهاب الأنماطي بقية الشيوخ ، سمع الكثير وحدث ، وكان يفهم وكان صحيح السماع بعد مضى سنورا ولم يتزوج قط.

أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة قال : حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال : عبد الوهاب ابن المبارك الأنماطي حافظ متقن ، كثير السماع واسع الرواية ، دائم البشر (٤) سريع الدمعة عند الذكر ، حسن المعاشرة ، مليح المحاورة ، جمع الفوائد ، وخرج التخاريج (٥) ، صاحب أصول حسنة ما بقي من العالي والنازل جزء إلا قرأه وحصل نسخته إما بخطه أو خط غيره ، ونسخ الكتب الكبار بخطه ، مثل الطبقات وتأريخ الخطيب ، وكان متفرغا مستعدا للتحديث ، إما أن يقرأ عليه أو ينسخ شيئا ، وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة ، وجمع فيه شيئا ، قرأت عليه الكثير.

أخبرنا إسماعيل بن سليمان العسكري بدمشق قال : أنبأنا أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي قال : سألت عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي عن مولده فقال : في يوم الجمعة الثاني من رجب سنة اثنتين وستين وأربعمائة ، وتوفي يوم الخميس الثاني والعشرين من المحرم سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ، ودفن من الغد في مقابر الشونيزي.

٢٢٩ ـ عبد الوهاب بن محمد المنتصر بالله بن جعفر المتوكل على الله بن محمد المعتصم بالله بن الرشيد هارون بن محمد المهدي بن المنصور عبد الله بن محمد ابن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب :

__________________

(١) في النسخ : «القرى».

(٢) في النسخ : «حاورت».

(٣) في النسخ : «أوفى».

(٤) في (ب) : «دائم الشر».

(٥) في (ج) : «وخرج البخاري».

٢٢٧

ذكره عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر وأنه قدم سر من رأى من مدينة السلام في أول سنة سبع وخمسين ومائتين (١) ووصل إلى عمه المعتمد على الله أحمد بن المتوكل ، وخلع عليه خمس خلع وحمل على فرس بسرجه (٢) ولجامه.

٢٣٠ ـ عبد الوهاب بن محمد بن الحسن بن هانئ ، أبو محمد البزاز :

حدث عن أحمد بن الحسن بن دبيس المقرئ ، روى عنه أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس وأبو سعد (٣) الماليني :

أخبرنا إسماعيل بن علي العطار قال : أنبأنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شاذة (٤) ، حدثنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال : أنبأنا أبو محمد عبد الوهاب بن محمد بن الحسن بن هانئ البزاز ببغداد قال : حدثني أحمد بن الحسن بن دبيس المقرئ ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى الكسائي ، حدثني خلف بن هشام المقرئ ، حدثنا معروف الكرخي ، حدثنا بكر بن خنيس ، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من قال عند منامه : اللهم! لا تؤمنا مكرك، ولا تنسنا ذكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تجعلنا من الغافلين ، اللهم ابعثنا في أحب [الساعات] (٥) إليك حتى نذكرك فتذكرنا ، ونسألك فتعطينا ، وندعوك فتستجيب لنا ، ونستغفرك فتغفر لنا ؛ إلا بعث الله إليه (٦) ملكا في أحب الساعات إليه فيوقظه (٧) ، فإن قام وإلا صعد الملك فعبد (٨) الله في السماء ، ثم يعرج إليه ملك آخر فيوقظه ، فإن قام وإلا صعد الملك [فقام] (٩) مع صاحبه ، ويعرج إليه ملك آخر فيوقظه ، فإن قام وإلا صعد الملك فقام مع صاحبه ، فإن قام بعد ذلك ودعا

__________________

(١) في الأصل ، (ب) : «وثمانين» وفي (ج) : «وثمانمائة».

(٢) في النسخ : «شيوخه».

(٣) في النسخ : «أبو سعيد».

(٤) هكذا في الأصول.

(٥) ما بين المعقوفتين سقط من الأصول.

(٦) في النسخ : «إليك».

(٧) في (ج) : «فنوقظه».

(٨) في الأصل ، (ب) : «فيعبد».

(٩) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٢٢٨

استجيب له ، وإن لم يقم كتب الله له ثواب أولئك من الملائكة» (١).

٢٣١ ـ عبد الوهاب بن محمد بن الحسين بن الصابوني ، أبو الفتح الخفاف ، المقرئ المالكي (٢) :

من ساكني الجعفرية. وله (٣) دكان بدرب الدواب يبيع فيه خفاف النساء ، أصله من قرية يقال لها المالكية على الفرات وإليها ينسب ، وهو حنبلي المذهب.

قرأ القرآن بالروايات الكثيرة على أبي بكر أحمد بن علي (٤) بن بدران (٥) الحلواني (٦) وأبي العز محمد بن الحسين القلانسي وعلى غيرهما ، قرأ عليه جماعة من شيوخنا ، وسمع الحديث من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبي عبد الله الحسين ابن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي وأبي المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم البقال وأبي طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن قيداس الحطّاب (٧) وأبي سعد محمد بن عبد الملك بن عبد القاهر الأسدي وأبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصّيرفيّ وأبي القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز وأبي علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب ، ومن خلق كثير غيرهم.

ولم يزل يسمع إلى حين وفاته ، وحصل الأصول ، وحدث بالكثير ؛ روى لنا عنه سبطه عمر بن كرم الدينوري وأبو محمد عبد العزيز بن محمود (٨) بن الأخضر البزاز ، وكان قيما بمعرفة القراءات وطرق الروايات ، تقيّا ، صدوقا ، صالحا ، حسن الطريقة.

حدثنا ابن الأخضر من لفظه قال : أنبأنا أبو الفتح عبد الوهاب بن محمد بن الحسين

__________________

(١) انظر الحديث في : إتحاف السادة المتقين ٥ / ٧٦. وكنز العمال ٤١٣٢٦.

(٢) انظر : طبقات القراء ١ / ٤٨١. والعبر في خبر من غبر ٤ / ١٦٠.

(٣) في الأصل : «ولد».

(٤) في (ج) : «محمد».

(٥) في النسخ : «بن حمدان» والتصحيح من المراجع.

(٦) في (ب) : «الحلودانى».

(٧) «قيداس الحطاب» في النسخ : «قنداس الخطاب» والتصحيح من العبر ٣ / ٣٥٢.

(٨) في (ب) : «بن محمد».

٢٢٩

المالكي [أنبأنا] (١) أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله ، حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله ، أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن محمد المقرئ ، حدثنا مكي بن إبراهيم أبو السكن البلخي ، حدثنا هشام ابن حبان عن الحسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بني الإسلام على خمس : شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة وصوم رمضان وحج البيت» (٢).

أنبأنا شهاب الحاتمي بهراة قال : حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال : عبد الوهاب ابن محمد بن الحسين الصابوني شيخ صالح صدوق حسن السيرة ، قيم بكتاب الله ، يأكل من كد يده ، كتبت عنه ، وسألته عن مولده فقال : في شوال سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.

أخبرنا إسماعيل بن سليمان العسكري بدمشق قال : أنبأنا عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي قال : سألت عبد الوهاب بن محمد الصابوني عن مولده ، فقال : في شوال سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.

قرأت بخط القاضي أبي المحاسن عمر بن علي القرشي (٣) قال : توفي عبد الوهاب ابن محمد الصابوني في ليلة السبت العشرين من صفر سنة ست وخمسين وخمسمائة (٤) ، وذكر غيره أنه دفن بباب حرب.

٢٣٢ ـ عبد الوهاب بن محمد بن عبد الغني الطبري ، أبو جعفر المقرئ :

من ساكني درب فراشا ، كان من قراء (٥) المواكب الخلافية ومتقدما على المؤذنين (٦) بدار الخلافة. سمع الحديث بعد علو سنة من أبي المظفر عبد الله بن محمد

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ٩. وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ٢٠ ، ٢١.

(٣) في (ب) : «القسري».

(٤) «وخمسمائة» سقط من (ج).

(٥) في (ب) : «وراء».

(٦) في (ب) : «المأذونين»

٢٣٠

الشبلي وأبي محمد محمد بن [أحمد بن] (١) عبد الكريم التميمي وأبي الكرم المبارك (٢) بن الحسن بن الشهرزوري وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبي سعيد عبد اللطيف بن أحمد بن محمد بن البغدادي ومن جماعة غيرهم ، وحدث باليسير ، كتبنا عنه ، وكان شيخا صالحا ، حافظا لكتاب الله ، حسن التلاوة له ، أضر في آخر عمره.

أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الطبري قال : أنبأنا محمد بن أحمد (٣) بن عبد الكريم التميمي ، أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي ، أنبأنا محمد بن عمر بن علي الوراق ، أنبأنا أبو بكر محمد بن السري التمار ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سعيد المعروف بابن سنين (٤) ، حدثنا عبد الرحمن بن رافع أبو زياد المعروف بدرخت (٥) ، حدثنا علي بن ثابت الجزري عن الوازع بن نافع (٦) عن أبي سلمة عن أسامة بن زيد (٧) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (٨) وذلك أنه بعث رجلا في حاجة فكذب عليه فوجدوه ميتا لم تقبله الأرض.

سمعت عبد الغني بن سعيد بن محمد الطبري يقول : مولد عمي عبد الوهاب في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ، وتوفي عبد الوهاب المقرئ في ليلة السبت ثالث عشر شوال سنة ثلاث وستمائة ، وصلى عليه من الغد في النظامية ، ودفن بباب حرب.

٢٣٣ ـ عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الواحد بن محمد الفامي الفارسي ، أبو محمد ، الفقيه الشافعي (٩) :

من أهل شيراز. قدم بغداد في تاسع شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ساقطة من العبر ٤ / ١٦١.

(٢) في النسخ : «أبى الكريم المبارك».

(٣) في (ج) : «محمد».

(٤) في (ج) : «بابن ستين».

(٥) هكذا في النسخ.

(٦) في النسخ : «عن الوازع عن نافع».

(٧) في النسخ : «بن زياد».

(٨) الحديث سبق تخريجه ، راجع الفهرس.

(٩) ـ انظر : شذرات الذهب ٣ / ٤١٣. وطبقات الشافعين لابن قاضي شهبة ، رقم ٢٣٣. والمنتظم ٩ / ١٥٢.

٢٣١

للتدريس بالمدرسة النظامية ، وكان مدرسها يومئذ الحسين بن محمد الطبري ، فبقي كل واحد منهما يدرس يوما مناوبة ، فلم يزالا على ذلك إلى أن عزلا في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين ، أملى الحديث بجامع القصر.

وحدث عن أبوي بكر (١) أحمد بن الحسن بن الليث الحافظ ومحمد بن أحمد بن عبدان بن عبدك الحبال وأبي الحسين عبد الواحد بن يوسف القزاز وأبي القاسم علي ابن بندار بن إبراهيم الحنفي وأبي زرعة أحمد بن يحيى الخطيب وأبي طاهر عبد الواحد ابن أحمد الفرضي وأبي محمد الحسن بن محمد بن عثمان بن كرابه وأبي الحسن محمد ابن يحيى المحتسب الشيرازيين ، روى عنه من البغداديين عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وأبو الفضل بن ناصر.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله الضرير النحوي بقراءتي عليه قال : حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ إملاء قال : حدثني القاضي الإمام جمال الإسلام أبو محمد عبد الوهاب بن محمد الشيرازي الشافعي ويعرف بالفامي ـ قدم علينا مدينة السلام ـ إملاء في جامع دار الخليفة وكان أنفذ به نظام الملك مدرسا بالمدرسة النظامية قال : أنبأنا أبو الحسين عبد الواحد بن يوسف القزاز ، أنبأنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن بيان الحافظ ، حدثنا أبو علي محمد بن سعيد الرقي بالكوفة ، حدثنا محمد بن الجنيد ، حدثنا الوليد بن القاسم الهمداني ، حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : نزل بنبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضيف فأرسل إلى نسائه : «هل عند كن من شيء فقد نزل بي ضيف؟» فأرسلن : لا والذي بعثك بالحق إلا الماء! إذ دخل رجل من الأنصار فقال : «يا فلان! هل عندك الليلة من شيء فقد نزل بي ضيف ، تذهب بضيفي هذه الليلة؟» قال : نعم يا رسول الله! فذهب به إلى أهله ، قال : لامرأته : هل من شيء؟ قالت : نعم خبزة لنا ، قال : قربيها وكأنك تصلحين المصباح فأطفئيه ؛ ففعلت فجعل يقرب يده كأنه يأكل مع ضيفه فخلى بينه وبين الخبزة حتى أكلها وبات عنده ، فلما أصبح غدا ضيفه لحاجته وغدا الأنصاري إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما صنعت الليلة بضيفك؟» وظن أنه شكاه وحدثه بالذي صنع ، فقال

__________________

(١) في (ب) : «أبى بكر».

٢٣٢

النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد عجب الله عزوجل بصنيعك إلى ضيفك ـ أو ضحك بصنيعك إليه» (١).

كتب إليّ علي بن الفضل الحافظ بن علي بن عتيق الأنصاري أخبره عن القاضي عياض بن موسى التجيبي قال : سمعت القاضي أبا علي حسين بن محمد الصدفي المعروف بابن سكّرة يقول : عبد الوهاب بن محمد الشيرازي الفامي القاضي (٢) أبو محمد جليل من أئمة العلماء الشافعية وكبارهم ، دخل بغداد أيام كوني بها ، وأنهض إلى التدريس في المدرسة النظامية ، وتلقاه أهل بغداد وخرجوا إليه كافة من العلماء وأهل الدولة وغيرهم ، وحضر أرباب الدولة من القضاة وحجاب الخليفة أول يوم درس وقرئ منشوره وكان يوما مشهودا ، سمعت عليه كثيرا.

وسمعته يقول : صنفت سبعين تأليفا في ثمانية عشر عاما ، وسمعته يقول : لي كتاب في تفسير القرآن ضمنته مائة ألف بيت شاهدا ، وكان يملى (٣) يوم الجمعة في جامع القصر ، ومستمليه أبو ياسر بن كادش وأخر ، وحفظ عليه تصحيف شنيع (٤) ، ثم أجلب عليه وطولب ، ورمى بالاعتزال حتى فرّ بنفسه.

أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال : سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول : سمعت أبا العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ يقول : سمعت أبا العباس أحمد بن ثابت الطرقي الحافظ يقول : سمعت غير واحد من أهل أصبهان ممن أثق به أن عبد الوهاب الشيرازي أملى عليهم ببغداد يوما حديث أبي أمامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صلاة في أثر صلاة كتاب في عليين»(٥) ، فصحف وقال : كنار في غلس ، وكان الإمام محمد بن ثابت الخجندي حاضرا فقال له ـ أو قيل له : ما معنى كنار في غلس؟ فقال : النار في الغلس تكون أضوأ ؛ قال الطرقي : وسأله بعض أصدقائي عن جامع أبي عيسى الترمذي وقال

__________________

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٢ / ١٥٨. وفتح الباري ٤ / ١٤١.

(٢) في النسخ : «أبو محمد خليل».

(٣) في النسخ : «وكان على».

(٤) في النسخ : «شفيع».

(٥) انظر الحديث في : سنن أبى داود ١٢٨٨. ومسند أحمد ٥ / ٢٦٣.

٢٣٣

له : هل لك به سماع؟ فقال : ما الجامع ومن أبو عيسى؟ ما سمعت بهذا الكتاب ؛ ثم رأيته بعد ذلك يعده في مسموعاته. وذكر يوما أنه سمع صحيح البخاري ، فقلت له : هل معك أصل سماعك؟ فقال : لما ذا؟ فقلت : لنسمع (١) منك ، فقال : وما ببغداد صحيح البخاري؟ في النسخ كثرة (٢) ، اقرءوا من بعضها.

قال الطرقي : ولما أراد الفامي أن يملى في جامع القصر فقلت له : لو استعنت ببعض حفاظ البلد فانتقى الأحاديث ورتبها على ما جرت به عاداتهم؟ فقال : إنما يفعل ذلك من قلّت (٣) معرفته بالحديث ، وأما أنا فحفظي يغنيني (٤) ، ولم أحتج إلى أحد (٥) فيما يعنيني ، وكان هذا أول يوم قدم وما كنت بلوته ، فأملى اليوم الثاني وامتحنت بالاستملاء ـ أعوذ بالله من البلاء ، فأول ما (٦) حدث رأيته يسقط من الإسناد رجلا ويزيد فيه رجلا ، ويبدل رجلا برجل ، ويجعل الرجل الواحد رجلين والرجلين رجلا واحدا ، ورأيت نصحه أعجز عن ذلك ، وسأفصل ما أجملته : أما إسقاط رجل ففي غير موضع منها أنه ذكر الحسن بن سفيان عن يزيد بن زريع ، فأمسك أهل المجلس أقلامهم ورفعوا إلى رءوسهم ، فمنهم المنكر بصريح لسانه ، ومنهم المشير بحاجبه وبنانه ، فقلت لهم : سقط أحد رجلين ، ولا يزيد بين الحسن بن سفيان ويزيد إما محمد بن المنهال أو أمية بن بسطام ، فقال المملى (٧) : اكتبوا كما في أصلي ؛ وأما زيادة رجل فإنه أورد إسنادا وكان في الكتاب «أنبأنا سهل بن بحر أنا سألته» فصحفه وقال «أنبأنا سهل بن بحر أنبأنا ساليه» وأما تبديل رجل برجل فأكثر من أن يلحقه الإحصاء كتبديل عمر بعمرو وجميل (٨) بجميل وحبان بحبان وأشباه ذلك ؛ وأما جعله الرجل الواحد رجلين فإنه رأى في كتاب سعيد بن عمرو الأشعثي وهو شيخ مسلم بن

__________________

(١) في (ب) : «له سمع».

(٢) في (ج) : «كثيرة».

(٣) في (ب) : «من قلب».

(٤) في (ب) : «اعتنى» وفي (ج) : «يعتنبنى».

(٥) في (ج) : «ولم احتج على أحد».

(٦) في النسخ : «مات».

(٧) في (ج) : «المهلبي».

(٨) في (ج) : «وجميل».

٢٣٤

الحجاج القشيري فقال هو : أنبأنا سعيد بن عمرو الأشعثي قالا : أنبأنا فلان بن فلان ، فقلت : إنما هو سعيد بن عمرو الأشعثي؟ قال : لا! ليس كما تقول ، قلت : فمن الأشعثي؟ قال : فضول منك ؛ وأما جعله الرجلين رجلا واحدا فإني رأيت بأخره مجلسا كتبه عنه بعض البغداديين المشهورين يحفظ الحديث فقرأته ، وإذا فيه «حدثنا ورقاء بن قيس بن الربيع» فأنكرت عليه وقلت : يا إنسان : تكتب مثل هذه الأخبار وتفضي عن موضع الإنكار! وليس هذا مما يخفي على من شم رائحة الحديث ، ألست تعلم أنه ورقاء بن عمر اليشكري وعن قيس بن الربيع؟ فقال : بلى! ولكنه شديد الكلام حديد اللسان ، وإني قد رددت عليه في مواضع فأغلظ عليّ في القول فآليت (١) أن لا أرد عليه.

قال الطرقي : وأما تصاحيفه في المتون فقد شذ عني الأكثر ، ومن ذلك أنه قال في أول حديث أملاه قال حميل (٢) بن بصرة : لقيت أبا هريرة وهو يجيء من الطود ، فقيل له : إنما هو الطور ، قال : بل هو الطود ، قال الله تعالى (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) ؛ وأما ما أخذ عليه في علم اللغة والنحو والعروض والشعر فمنها أني كنت أقرأ عليه تصنيفا له في معجزات الأنبياء [و] كرامات الأولياء ، فذكر في معجزة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلامه في الخشف (٣) والضب والناقة ، فقيل له : ما الخشف؟ فقال : طائر ؛ وقال يوما في بعض ما جرى معه : الدلو يذكر ؛ فقلت : إنما يستدل على التأنيث والتذكير بالجمع والتصغير ، وتصغير الدلو دلية ، فقال : تصغير الرجل أيضا رجيلة ، فيجب أن يكون الرجل مؤنثا ، فكأنما ألقمني حجرا مثلثا ؛ وقال في بعض مناظراته مع ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني : الفعل لا يوصف ، فقال الشيخ أبو الفضل الهمداني : يقول الله تعالى (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) بما انتصب صالحا؟ قال : انتصب على الحال ؛ وأنشد بيتا فأسقط منه كلمة تحتوي على وتد مجموع وسبب خفيف وذاك جزء خماسي على وزن فعولن ، فقلت : البيت مكسور ، فقال ـ

__________________

(١) في (ب) : «فأكتب».

(٢) في (ج) : «جميل».

(٣) في الأصل : «الخشب».

٢٣٥

كأني لم أعرف الأوزان والنحو والعروض ـ كذا كذا بحرا منها الطويل ومنها البسيط ومنها الممدود ، فأخذني الضحك وقمت عنه.

قال ابن السمعاني : والحافظ الطرقي كتب رسالة في جزء ضخم إلى نظام الملك يذكر فيها أحوال عبد الوهاب الفامي : وذكر من هذا الجنس فيها جملة ، اقتصرت منه على هذا القدر ، ولو لا أنه حافظ كبير رحل وجمع وشرط في هذه الرسالة أنه لا يزيد شيئا بل ينقص مما سمع ، ما أوردت هذا القدر.

كتب إليّ أبو جعفر محمد وأبو بكر لا مع ابنا أحمد بن نصر الصيدلاني أن يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة أخبرهما قال : عبد الوهاب بن محمد الفامي أحفظ من رأيناه لمذهب الشافعي ، صنف كتاب «تأريخ الفقهاء» وكتب فيه : مات جدي أبو الفرج عبد الوهاب سنة أربع عشرة وأربعمائة وفيها ولدت ؛ ذكر أبو نصر الحسن بن محمد اليونارتي الأصبهاني في معجم شيوخه ونقلته من خطه أن عبد الوهاب بن محمد الفامي توفي بشيراز في السابع والعشرين من رمضان سنة خمسمائة.

٢٣٤ ـ عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله بن السيبي ، أبو الفرج بن أبي عبد الله :

من أهل دار الخلافة ، من بيت رئاسة وولاية ، تقدم ذكر والده وولده في المحمدين.

سمع أبا الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن توبة ، وحدث باليسير ، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وابنه عبد الله في العاشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وسبعين وخمسمائة.

أخبرنا عبد الله بن عمر القرشي قال : أنبأنا أبو الفرج عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب السّيبي بقراءة والدي عليه ، وأنبأنا عبد الله بن مسلم بن ثابت البزاز بقراءتي عليه ، قالا أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن [محمد بن] (١) عبد الجبار بن توبة قراءة عليه ، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور ، أنبأنا أبو القاسم

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصول.

٢٣٦

عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن حبابة ، أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا طالوت هو ابن عباد ، حدثنا فضال بن جبر (١) ، حدثنا أبو أمامة الباهلي قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب العبد لا يحبه إلا لله عزوجل ، وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار» (٢).

ذكر لي أبو الحسن بن القطيعي أن عبد الوهاب بن محمد بن السيي ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة ، ذكر أبو بكر المارستاني ونقلته من خطه أن أبا الفرج عبد الوهاب ابن محمد بن عبد الوهاب بن السيي مات في بكرة يوم الثلاثاء خامس ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، ودفن من يومه بتربة لهم ؛ وكان قد نظر في نهر الملك مدة.

٢٣٥ ـ عبد الوهاب بن محمد بن عمر بن محمد بن رامين ، أبو أحمد ، الفقيه الشافعي (٣) :

[سمع] (٤) أبا الحسن علي بن عمر الدار قطني ، وسكن البصرة وحدث بها ، روى عنه أبو مسعود سليمان بن إبراهيم الأصبهاني في معجم شيوخه.

أخبرنا أحمد بن الحسن البغدادي قال : أنبأنا أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام ، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي قال : ومنهم شيخنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد بن عمر بن رامين البغدادي درس على الداركي وعلى أبي الحسن بن خيران ، وسكن البصرة وحدث بها (٥) ، وكان فقيها أصوليا ، له مصنفات حسنة في الأصول.

__________________

(١) في النسخ : «جبير».

(٢) انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ١٠ ، ١٢ ، ٩ / ٢٥.

وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ٦٨.

(٣) انظر : طبقات الشافعية للسبكى ٣ / ٢٨٥.

وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢١٥.

(٤) ما بين المعقوفتين ساقطة من النسخ.

(٥) في (ج) : «ودرس بها».

٢٣٧

بلغني أنه توفي ليلة الجمعة لسبع خلون من شهر رمضان سنة ثلاثين وأربعمائة ، ودفن في ناحية قبر طلحة.

٢٣٦ ـ عبد الوهاب بن محمد بن الفضل بن علويه بن مصعب ، أبو الفضل الأصبهاني :

قدم بغداد في شوال سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة وحدث بها عن أبي بكر بن ريذة(١)، سمع منه أبو نصر المعمر بن محمد بن الحسين البيع.

قرأت بخط أبي نصر البيع وأنبأنيه عنه أبو القاسم الأزجي قال : أنبأنا القاضي الإمام أبو الفضل عبد الوهاب بن محمد بن الفضل بن مصعب الأصبهاني قدم علينا وكتب أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن أحمد الأصبهاني قال : أنبأنا أبو طاهر إسحاق بن أحمد بن جعفر الواشتيناني (٢) ، قالا أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة ، حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي ، حدثنا عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي ، حدثنا عيسى بن يونس عن معاوية ابن يحيى ومالك بن أنس عن الزهري عن أنس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء» (٣).

كتب إلى أبو القاسم عبد السلام بن شعيب بن طاهر الهمداني قال : أنبأنا أبو منصور شهر دار بن شيرويه بن شهر دار الديلمي ، أنبأنا أبي قال : أنبأنا عبد الوهاب ابن محمد بن الفضل بن علويه بن مصعب الأصبهاني أبو الفضل قدم علينا في ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وأربعمائة. روى عن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الله بن زياد وأحمد بن جعفر الفقيه وأحمد بن محمد الثقفي ، سمع منه أصحابنا وكان صدوقا.

قرأت بخط الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر المديني قال : سمعت القاضي

__________________

(١) في (ج) : «زائدة».

(٢) في (ج) : «الورستينانى».

(٣) انظر الحديث في : سنن ابن ماجة ٤١٨١. والمعجم الكبير ١ / ١٢. والترغيب والترهيب ٣ / ٣٣٩.

٢٣٨

عبد الواحد ودلجة يقول : قدم عبد الوهاب بن مصعب والد القاضي الخطير بغداد فروى كتاب المعجم للطبراني عن ابن ماشاذة ولا أدركه ، وإنما أدرك أحمد الباطرقاني ونحوه ، ثم علم به فهرب من بغداد ، وكان أيضا يأخذ من الباطرقاني أجزاءه ويسمع منه بخطه ، فعلم به الباطرقاني وأخرجه من (١) داره في حكاية طويلة.

٢٣٧ ـ عبد الوهاب بن محمد بن ياسين ، أبو محمد الشاهد :

كان من المعدلين بمدينة السلام ، ذكر هلال بن المحسن الكاتب ونقلته من خطه أنه مات في يوم السبت التاسع عشر من شوال سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ـ [رحمه‌الله تعالى].

٢٣٨ ـ عبد الوهاب بن محمود بن الحسن بن علي بن محمد الجوهري ، المعروف بابن الأهوازي :

من ساكني درب القتار. سمع شيئا يسيرا من أبي بكر بن المقرب ، كتبنا عنه وكان شيخا (٢) لا بأس به.

أخبرنا عبد الوهاب بن محمود بن الأهوازي قال : أنبأنا أبو بكر أحمد بن المقرب بن الحسين الكرخي قراءة عليه ، أنبأنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم البقال ، أنبأنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد الحراني ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان ابن مالك القطيعي ، حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي (٣) ، حدثنا حجاج ابن منهال قال : حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل عن ثابت عن أبي هريرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحترق ثيابه حتى يخلص إليه خير له من أن يجلس على قبر» (٤).

توفي ابن الأهوازي في ليلة الاثنين لتسع خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين

__________________

(١) في النسخ : «وأخرجه في داره».

(٢) في (ب) : «وكان شيخنا».

(٣) في الأصل : «الكنى وفي (ج) : «الكبسى».

(٤) انظر الحديث في : مسند أحمد ٢ / ٣٨٩. وصحيح مسلم ، كتاب الجنائز باب ٣٣.

٢٣٩

وستمائة ، وصلى عليه من الغد بالمدرسة النظامية ، ودفن بباب حرب وقد قارب الثمانين [رحمه‌الله].

٢٣٩ ـ عبد الوهاب بن المظفر بن أحمد بن المعمر بن جعفر ، أبو الغنائم :

من ساكني دار الخلافة ، سمع بعد علو سنة شيئا يسيرا من أبي المظفر هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن عمر السمرقندي ، كتبنا عنه ، وكان شيخا لا بأس به ، أضر في آخر عمره.

أخبرنا عبد الوهاب بن المظفر بن جعفر بقراءتي عليه قال : أنبأنا أبو المظفر هبة الله ابن عبد الله بن أحمد قراءة عليه ، أنبأنا أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي وأبو محمد جعفر بن أحمد السراج قالا : أنبأنا أبو الحسين محمد بن محمد بن المظفر السراج ، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، حدثنا إبراهيم بن شريك ، حدثنا شهاب بن عباد ، حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال : نهاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن أبيع ما ليس عندي.

سألت أبا الغنائم بن جعفر عن مولده فقال : في الرابع عشر من شوال من سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.

وتوفي يوم الخميس لأربع خلون من شهر ربيع الأول سنة خمس عشرة وستمائة ، ودفن بالوردية [رحمه‌الله].

٢٤٠ ـ عبد الوهاب بن منصور ، أبو محمد الزجاج المفيد :

سمع أبا محمد بن علي الجوهري والقاضي أبا يعلى محمد بن الحسين بن الفراء وغيرهما ، وحدث باليسير ، سمع منه أبو نصر هبة الله بن علي بن محمد بن المحلي.

قال أبو علي بن البناء في تأريخه : سنة ثلاث وستين وأربعمائة في يوم الاثنين النصف من جمادى الآخرة مات الزجاج من أصحابنا بباب البصرة ودفن بباب حرب.

٢٤١ ـ عبد الوهاب بن ناصر بن عمر الأقفالي البصري :

أنشدني أبو القاسم (١) علي بن عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الواعظ قال :

__________________

(١) في شذرات الذهب : «أبو الحسن»

٢٤٠