تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٤

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٤

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٠

أخبرنا علي بن أحمد الرزاز ، حدثنا أبو علي بن الصواف ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا عمرو بن علي قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : ولدت سنة عشرين في أولها ، وولد معاذ بن معاذ سنة تسع عشرة في آخرها ، هو أسن مني بشهرين ، وما اجتمعت أنا وخالد ومعاذ في شيء إلا قدماني.

أخبرنا عبد الله بن أحمد السوذرجاني ـ بأصبهان ـ أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، حدثنا محمّد بن الحسن بن علي بن بحر ، حدثنا عمرو بن علي قال : قال يحيى : كنت أنا وخالد ومعاذ نجتمع ، فما تقدماني في شيء قط.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدثنا حنبل بن إسحاق ، حدثنا أبو الوليد قال : قلت ليحيى كم اختلفت إلى شعبة؟ قال : عشرين سنة.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا سليمان بن أحمد الطّبراني ، حدثنا معاذ بن المثني قال : سمعت علي بن المدينيّ يقول : سمعت يحيى بن القطّان يقول : لزمت شعبة عشرين سنة ، فما كنت أرجع من عنده إلا بثلاثة أحاديث وعشرة ، أكثر ما كنت أسمع منه في كل يوم.

أخبرني عبد الله بن يحيى السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر ، حدثنا ابن الغلابي ، حدثنا يحيى بن معين قال : قال لنا يحيى بن سعيد القطّان : ليس لأحد على عقد ولاء.

أنبأنا أبو زرعة روح بن محمّد الرّازيّ ، أخبرنا علي بن محمّد بن عمر القصار ، حدثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال : ذكره أبي قال : حدثنا عبد الرّحمن بن عمر رستة الأصبهانيّ قال : سمعت عبد الرّحمن بن مهدي يقول : اختلفوا يوما عند شعبة فقالوا : اجعل بيننا وبينك حكما فقال : قد رضيت بالأحول ـ يعني يحيى بن سعيد القطّان ـ فما برحنا حتى جاء يحيى فتحاكموا إليه فقضى على شعبة ، فقال شعبة : ومن يطيق فقدك يا أحول.

أخبرني الأزهري ، أخبرنا محمّد بن المظفّر ، حدثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، حدثني أبو عبيد الله بن عرعرة ، حدثني أبي قال : قال خالد بن الحارث : غلبنا يحيى بسفيان الثوري.

١٤١

أخبرنا عبد الغفّار بن محمّد بن جعفر المؤدّب ، حدثنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزديّ ، حدثنا محمّد بن عبدة بن حرب ، حدثنا أبو بكر محمّد بن خلاد الباهليّ ، حدثنا يحيى بن سعيد القطّان قال : كنت إذا أخطأت قال لي سفيان الثوري : أخطأت يا يحيى ، فحدث يوما عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» (١) قال يحيى بن سعيد فقلت : أخطأت يا أبا عبد الله هذا أهون عليك. قال : فكيف هو يا يحيى؟ قال : فقلت أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن زيد بن عبد الله عن عبد الله ابن عمر عن أم سلمة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقال لي صدقت يا يحيى اعرض على كتبك ، قلت : تريد أن ألقي منك ما لقى زائدة؟ قال : وما لقى زائدة؟ أصلحت له كتبه وذكرته حديثه.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا محمّد بن علي بن الهيثم المقرئ ، حدثنا يزيد البادا قال : سمعت عبيد الله بن عمر قال : وقال يحيى بن سعيد : بات عندي سفيان ليلة فحدثته بحديثين ، حديث عن شعبة وحديث عن عمرو بن عبيد قال : وقام يتوضأ فنظرت تحت المصلى الذي كان عليه جالسا وإذا هو قد كتبهما عني. قلت : يا أبا سعيد حدثني بهما قال : حدثته عن شعبة عن أبي بشر عن عكرمة في قول الله تعالى : (وَتُعَزِّرُوهُ) [الفتح ٩] قال : تقاتلوا دونه بالسيف. وحدثته عن عمرو بن عبيد عن الحسن في قول الله تعالى : (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) [يس ١٤] قال : شددنا.

أخبرنا البرقانيّ قال : قرأت على الحسين بن علي التّميميّ ، حدثكم محمّد بن المسيب ، حدثنا أبو الخصيب المصيصي قال : سمعت القواريري يقول : سمعت عبد الرّحمن بن مهدي يقول : ما رأيت أحدا أحسن أخذا للحديث ، ولا أحسن طلبا له ، من يحيى بن سعيد القطّان ، وسفيان بن حبيب.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الرّحمن بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثني محمّد بن عبد الرّحيم قال : سمعت عليا ـ وذكر من طلب الحديث ـ فقال : لم يكن من أصحابنا ممن طلب وعنى به وحفظه وأقام عليه حتى حدث ولم يزل فيه إلا ثلاثة : يحيى بن سعيد ، وسفيان بن حبيب ، ويزيد بن زريع. هؤلاء لم يدعوه منذ طلبوه ، لم يشتغلوا عنه ، لم يزالوا فيه إلى أن حدثوا.

__________________

(١) انظر الحديث في : مشكاة المصابيح ٧٢٧١. وكنز العمال ٤١٠٣٠. وشرح السنة ١١ / ٣٦٨. وتلخيص الحبير ١ / ٥١.

١٤٢

أخبرنا البرقانيّ ، حدثنا محمّد بن عبد الله بن خميرويه ، حدثنا الحسين بن إدريس قال : قال ابن عمار : أدخل عبد الرّحمن بن مهدي في تصنيفه ألفي حديث ليحيى بن سعيد القطّان وهو حي ، فكان يحدث بها عنه وهو حي.

أخبرنا محمّد بن جعفر بن علان الشروطي ، أخبرنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزديّ ، حدثنا الحسن بن علي قال : سمعت إبراهيم بن محمّد التّيميّ يقول : ما رأيت أعلم بالرجال من يحيى القطّان ، وما رأيت أعلم بصواب الحديث من ابن مهدي.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد الأشناني قال : سمعت أبا الحسن الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول : سألت يحيى بن معين قلت : يحيى أحب إليك في سفيان أو عبد الرّحمن بن مهدي؟ فقال يحيى.

أخبرنا الحسن بن الحسين بن العبّاس ، حدثني خالي محمّد بن إسحاق النعالي ، حدثنا علي بن الحسن بن دليل ، حدثنا أبو عبد الله المقدمي ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن حبيب بن الشهيد قال : قال لي علي بن المدينيّ : ما رأيت أحدا أعلم بالرجال من يحيى بن سعيد.

أخبرنا منصور بن ربيعة الخطيب ـ بالدينور ـ أخبرنا علي بن أحمد بن علي بن راشد ، أخبرنا أحمد بن يحيى بن الجارود قال : قال علي بن المدينيّ : لم أر أحدا أثبت من يحيى بن سعيد القطّان.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا ابن مرابا ، حدثنا عبّاس بن محمّد قال : سمعت يحيى بن معين يقول : يحيى بن سعيد أثبت من عبد الرّحمن بن مهدي في سفيان.

أخبرني البرقانيّ قال : حدثني محمّد بن أحمد الأدمي ، حدثنا محمّد بن علي الإيادي قال : حدثنا زكريّا الساجي قال : حدثت عن علي بن المدينيّ قال : ما رأيت أعلم بالرجال من يحيى بن سعيد القطّان ، ولا رأيت أعلم بصواب الحديث والخطأ من عبد الرّحمن بن مهدي ، فإذا اجتمع يحيى وعبد الرّحمن على ترك حديث رجل تركت حديثه وإذا حدث عنه أحدهما حدثت عنه.

١٤٣

أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن جعفر البوشنجي ، حدثنا محمّد بن إسحاق بن خزيمة ، حدثنا الإمام محمّد بن بشار بندار ، حدثنا يحيى بن سعيد القطّان إمام أهل زمانه.

أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، حدثنا علي بن عبد العزيز البرذعي ، حدثنا عمران ابن موسى بن هلال ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : حدثني يحيى القطّان وما رأت عيناي مثله.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ومحمّد بن الحسين بن الفضل قالا : أخبرنا دعلج ابن أحمد ـ قال : حدثنا وفي حديث ابن الفضل أخبرنا ـ أحمد بن علي الأبار ، حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال : سمعت أحمد بن حنبل ـ وسئل عن يحيى بن سعيد ووكيع ـ فقال : لم تر عيني مثل يحيى بن سعيد.

أخبرني الأزهري ، حدثنا محمّد بن المظفّر ، حدثنا عبد الرّحمن بن أحمد بن محمّد بن الحجّاج بن رشدين ، حدثنا محمّد بن علي بن داود قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما رأيت في هذا الشأن مثل يحيى بن سعيد.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان قال : قال الفضل بن زياد : سمعت أبا عبد الله ـ وذكر يحيى بن سعيد القطّان ـ فقال : لا والله ما أدركنا مثله.

ثم قال : سمعت عبد الرّحمن بن مهدي وذكر يحيى بن سعيد القطّان فقال : لم تر عيناك مثله.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا ابن مرابا ، حدثنا عبّاس بن محمّد قال : سمعت يحيى بن معين يقول : قال لي عبد الرّحمن بن مهدي : لا ترى بعينيك مثل يحيى بن سعيد القطّان أبدا.

أخبرني أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الواحد المنكدري ، حدثنا محمّد بن عبد الله بن محمّد الحافظ ـ بنيسابور ـ قال : سمعت أبا عبد الله بن محمّد بن يعقوب الحافظ يقول : سمعت عبد الله بن بشر الطالقاني يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول : يحيى ابن سعيد أثبت الناس ، قال أحمد وما كتبت عن مثل يحيى بن سعيد.

١٤٤

أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن عبد الله المزني الحافظ ، حدثنا محمّد بن الحسين بن مكرم ، حدثنا عبد الله بن محمّد قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما رأيت أحدا أثبت من يحيى ـ يعني القطّان ـ.

أخبرنا الجوهريّ ، حدثنا محمّد بن إسماعيل الورّاق ، حدثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدثنا أبو بكر الأثرم قال : قال لي أبو عبد الله : رحم الله يحيى القطّان ما كان أضبطه وأشد تفقده ، كان محدثا. وأثنى عليه فأحسن الثناء عليه.

أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن حسنويه ، أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاريّ ، حدثنا سليمان بن الأشعث قال : قلت لأحمد : كان يحيى يحدثكم من حفظه؟ قال : ما رأينا له كتابا ، كان يحدثنا من حفظه ، ويقرأ علينا الطوال من كتابنا.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد ، حدثنا حنبل بن إسحاق قال : سمعت أبا عبد الله يقول : ما رأيت أحدا أقل خطأ من يحيى بن سعيد ، ولقد أخطأ في أحاديث ، ثم قال أبو عبد الله : ومن يعرى من الخطأ والتصحيف.

أخبرنا الأزهري ومحمّد بن أحمد بن محمّد بن حسنون النرسي والحسن بن محمّد الخلّال ـ قال : محمّد أخبرنا وقالا حدثنا ـ علي بن عمر الختلي ، حدثنا محمّد ابن عبدة القاضي ، حدثنا أبو بكر بن خلاد قال : سمعت عبد الرّحمن بن مهدي يقول : لو كنت لقيت إسماعيل بن أبي خالد لكتبت عن يحيى وعن إسماعيل لأعرف صحيحها من سقيمها.

كتب إليّ عبد الرّحمن بن عثمان الدّمشقيّ وحدثنا عبد العزيز بن أبي طاهر عنه قال : أخبرنا أبو الميمون البجليّ ، حدثنا أبو زرعة قال : قلت ليحيى بن معين : يحيى بن سعيد فوق ابن مهدي؟ قال : نعم.

أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا ابن الفضل بن خميرويه الهرويّ ، أخبرنا الحسين بن إدريس قال : قال ابن عمار : وكنت إذا نظرت إلى يحيى بن سعيد ظننت أنه رجل لا يحسن شيئا ، فإذا تكلم أنصت له الفقهاء. وقال في موضع آخر : كان يحيى بن سعيد يشبه التجار إذا نظرت إليه ، حتى يأخذ في الحديث ، فإذا أخذ في الحديث علمت أنه صاحب حديث.

أنبأنا أبو زرعة الرّازيّ ، أنبأنا علي بن محمّد بن عمر القصار ، حدثنا عبد الرّحمن ابن أبي حاتم ، حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيد القطّان قال : لم

١٤٥

يكن أبو سعيد ـ يعني جده يحيى بن سعيد ـ يمزح ، ولا يضحك إلا تبسما ، ما أعلم اني رأيته قهقه قط ، ولا دخل حماما قط ، ولا اكتحل ، ولا ادهن ، وكان يخضب خضابا حسنا.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان قال : قال علي : كان يحيى يختم القرآن في كل يوم وليلة بين المغرب والعشاء.

أخبرنا محمّد بن عبد الملك القرشيّ ، حدثنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني ، حدثنا إسماعيل بن أبي مريم ، حدثنا علي بن المدينيّ قال : وقال ابن يحيى بن سعيد أن أباه يختم القرآن في كل يوم قال علي : فتفقدته وأنا معه في البستان فختمه بين المغرب والعشاء.

قرأت على الحسن بن أبي بكر ، عن أحمد بن كامل القاضي قال : حدثني الحسن ابن الحباب ، حدثنا سليمان بن الأشعث قال : سمعت يحيى بن معين يقول : أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة يختم القرآن في كل ليلة ، ولم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة. وما رؤى يطلب جماعة قط.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن سعيد بن مرابا ، حدثنا عبّاس بن محمّد قال : سمعت يحيى بن معين يقول : كان يحيى بن سعيد لم يفته الزوال منذ أربعين سنة.

أخبرني طاهر بن عبد العزيز الدعاء ، أخبرنا إسحاق بن سعيد بن الحسن بن سفيان النسوي قال : سمعت أبا بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة يقول : سمعت بندارا يقول : اختلفت إلى يحيى بن سعيد القطّان ـ وذكر أكثر من عشرين سنة ـ فما أظن أنه عصى الله قط.

أخبرنا علي بن أحمد الرزاز ، حدثنا جعفر بن محمّد بن أحمد بن الحكيم الواسطيّ ، حدثنا أحمد بن علي الأبار ، حدثنا عبّاس بن محمّد ، حدثنا يحيى بن معين ، حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال : كنا عند يحيى بن سعيد فجاء محمّد بن سعيد الترمذي ، فقال له يحيى بن سعيد : اقرأ فقرأ ، فغشى على يحيى بن سعيد حتى حمل.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدثنا أحمد بن سعيد بن مرابا ، حدثنا عبّاس بن محمّد قال : سمعت يحيى بن معين يقول : سمعت عفان

١٤٦

يقول : رأى رجل ليحيى بن سعيد قبل موته بعشرين سنة بشّر يحيى بن سعيد بأمان من الله يوم القيامة.

أخبرنا محمّد بن عبد الملك القرشيّ وعلي بن المحسّن التّنوخيّ وأبو طاهر محمّد ابن همّام بن الصّقر الموصليّ قالوا : أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرّحمن الزّهريّ ، حدثنا محمّد بن هارون بن حميد ، حدثنا عبد الرّحمن بن بشر قال : حدثني أبو بحر البكراوي قال : حدثني عبد الله بن سوار بن عبد الله أنه رأى في المنام. وأخبرنا رجل أنه رأى في المنام ، كأنّ كتابا تعلق من السماء ، قال : فقرأته فإذا فيه : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، هذا كتاب براءة من الله ليحيى بن سعيد الأحول القطّان.

أخبرنا الحسين بن جعفر السلماسي ، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن الحسين الدّقّاق ، حدثنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغوي قال : قال أبو بكر بن خلاد : سمعت محمّد بن يحيى بن سعيد القطّان قال : رأيت أبي في المنام ، فرأيت أمرا عظيما جليلا ، قال : فجعلت أهابه أن أدنو. فقلت : ما هذا؟ قال : أثبت الناس في حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منذ ثلاثين سنة.

أخبرنا البرقانيّ قال : قرأت على أبي العبّاس عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيّان البوشنجي ـ بها ـ حدثكم محمّد بن إسحاق بن خزيمة.

قال : وأخبرني طاهر بن عبد العزيز الدعاء ، أخبرنا إسحاق بن سعيد بن الحسن بن سفيان قال : سمعت محمّد بن إسحاق بن خزيمة يقول : سمعت محمّد بن أبي صفوان الثّقفيّ يقول : كان يحيى بن سعيد نفقته من غلته ، إن دخل من غلته حنطة أكل حنطة ، وإن دخل شعير أكل شعيرا ، وإن دخل تمر أكل تمرا. لفظهما سواء. وقال ابن حيّان : هذا معنى الحكاية.

أخبرنا حمزة بن محمّد بن طاهر ، حدثنا الوليد بن بكر الأندلسي ، حدثنا علي بن أحمد بن زكريّا الهاشميّ ، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ ، حدثني أبي قال : ويحيى بن سعيد القطّان يكنى أبا سعيد بصري ثقة. نقى الحديث كان لا يحدث إلّا عن ثقة.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا محمّد ابن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا علي بن عبد الله المدينيّ قال : قلت ليحيى بن سعيد.

١٤٧

وأخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي وأحمد بن جعفر بن حمدان قالا : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا رجل قال : قلت ليحيى بن سعيد ـ في ربيع الأول سنة تسعين ومائة ـ كم لك من سنة؟ قال : إذا مضى شهر ـ أو شهران ـ استوفيت سبعين ، ودخلت في إحدى. قيل له في أي سنة ولدت؟ قال : في سنة عشرين ومائة في أولها.

قلت : والرجل الذي روى هذا الخبر عنه أحمد بن حنبل ولم يسمه هو على ابن المدينيّ.

أخبرنا ابن رزق ، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار ، حدثنا أبو غالب علي ابن أحمد بن النّضر قال : ومات يحيى بن سعيد القطّان وعبد الرّحمن بن مهدي في سنة ثمان وتسعين ، عبد الرّحمن قبله بأربعة أشهر.

قلت : هذا القول الأخير وهم ، لأن يحيى بن سعيد تقدمت وفاته على وفاة عبد الرّحمن بأربعة أشهر.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب قال : سمعت أبا موسى يقول :

وأخبرنا الأزهري ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا إبراهيم بن محمّد الكنديّ ، حدثنا أبو موسى محمّد بن المثني قال : ومات يحيى بن سعيد القطّان سنة ثمان وتسعين ومائة ، ومات عبد الرّحمن بن مهدي بعده بأربعة أشهر.

أخبرنا الطناجيري ، حدثنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدثنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي ، حدثنا محمّد بن أبي صفوان الثّقفيّ قال : ومات يحيى بن سعيد القطّان سنة ثمان وتسعين ومائة.

أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قال : قرئ على محمّد بن أحمد بن البراء ـ وأنا حاضر ـ قال : قال علي بن عبد الله المدينيّ : يحيى بن سعيد القطّان يكنى أبا سعيد ، وهو مولى لبني تميم ومات سنة ثمان وتسعين ومائة في صفر.

أخبرنا محمّد بن الحسين بن محمّد المتوثي وعبد الملك بن محمّد بن عبد الله الواعظ قالا : أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن زياد القطّان ، حدثنا

١٤٨

جعفر بن أبي عثمان ، حدثني محمّد بن عمرو بن عبيدة العصفري قال : سمعت علي ابن المدينيّ يقول : مكثت أشتهي أرى يحيى بن سعيد القطّان في النوم مدة ، قال : فصليت ليلة العتمة ، ثم أوترت واتكأت على سريري قال : فسنح لي خالد بن الحارث فقمت فسلمت عليه وعانقته ، ثم قلت له : ما فعل بك ربك؟ قال : غفر لي على أن الأمر شديد ، قلت : أين معاذ فقد كان رسيلك في الحديث؟ فقال لي محبوس ، قلت : فما فعل يحيى بن سعيد القطّان؟ قال : نراه كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء.

٧٤٦٢ ـ يحيى بن عبّاد ، السّعديّ :

حدث عن ابن جريج. روى عنه داود بن شبيب البصريّ.

أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل قال : أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار ، حدثنا حمدان بن علي ، حدثنا داود بن شبيب ، حدثنا يحيى بن عبّاد قال : لقيته ببغداد ـ عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (١).

أخبرنا القاضي أبو الطّيّب الطّبريّ ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا ابن مخلد ، حدثنا أحمد بن عبد الله الحدّاد وحمدان بن علي قالا : حدثنا داود بن شبيب ، حدثنا يحيى بن عبّاد السّعديّ ـ وكان من خيار الناس ـ حدثنا ابن جريج بإسناده نحوه.

أخبرنا أحمد بن أبي جعفر ، أخبرنا محمّد بن عدي البصريّ ـ في كتابه ـ حدثنا أبو عبيد محمّد بن علي الآجري قال : سألت أبا داود عن يحيى بن عبّاد السّعديّ فقال : لا أعرفه. فقلت له : حدث عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس : فرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صدقة الفطر؟ فأنكر الحديث.

قرأت بخط الدّارقطنيّ : يحيى بن عبّاد السّعديّ ضعيف.

__________________

٧٤٦٢ ـ انظر : تهذيب الكمال ٦٨٥٥ (٣١ / ٣٩٨). وسؤالات الآجري لأبي داود ٥ / الورقة ٥. وضعفاء العقيلي ، الورقة ٢٣٣. وتذهيب التهذيب ٤ / الورقة ١٥٨. وميزان الاعتدال ٤ / الترجمة ٩٥٥٢. ونهاية السئول ، الورقة ٤٢٨. وتهذيب التهذيب ١١ / ٢٣٦. والتقريب ، الترجمة ٧٥٧٩.

) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٥ / ١٩٢ ، ٨ / ١٤٠ ، ٢٠٥. وصحيح مسلم ، كتاب الرضاع ٣٦ ، ٣٧. وفتح الباري ٤ / ٢٩٢ ، ٥ / ٣٧١ ، ٨ / ٢٤ ، ١٢ / ١٢٧ ، ١٣ / ١٧٢.

١٤٩

٧٤٦٣ ـ يحيى بن عبّاد ، أبو عبّاد الضّبعيّ :

نزل بغداد وحدث بها عن شعبة ، والحمّادين ، وفليح بن سليمان ، وإبراهيم بن سعد ، ووهيب بن خالد. روى عنه أحمد بن حنبل ، وأبو ثور الكلبيّ ، ومحمّد بن سعد كاتب الواقدي ، ومحمّد بن حاتم السمين ، ومحمّد بن أحمد بن أبي خلف ، والحسن بن محمّد بن الصباح الزّعفرانيّ.

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهدي ، أخبرنا الحسين بن يحيى بن عيّاش القطّان ، حدثنا الحسن بن محمّد الزّعفرانيّ ، حدثنا أبو عبّاد ، حدثنا شعبة ، أخبرني سعد بن إبراهيم قال : سمعت أبا أمامة يسأل الأغر عن هذا الحديث يحدث [به] عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من الصّلاة فيما سواه إلّا الكعبة» (١).

أخبرنا علي بن محمّد المالكي ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، أخبرنا محمّد ابن عمران الصّيرفيّ ، حدثنا عبد الله بن علي بن عبد الله المدينيّ قال : سمعت أبي يقول : يحيى بن عبّاد ليس ممن أحدث عنه ، وبشار الخفاف أمثل منه.

أنبأنا أحمد بن محمّد بن عبد الله الكاتب ، أخبرنا محمّد بن حميد المخرميّ ، حدثنا علي بن الحسين بن حبان قال : وجدت في كتاب أبي ـ بخط يده ـ سألت أبا زكريّا قلت له : فأبو عبّاد يحيى بن عبّاد البصريّ قال : لم يكن بذاك ، قد سمع وكان صدوقا. وقد أتيناه فأخرج كتابا فإذا هو لا يحسن يقرؤه فانصرفنا عنه. قلت له : فيحيى بن السّكن أثبت عندك منه؟ قال : نعم! هذا أيقظهما وأكيسهما.

أخبرني البرقانيّ ، حدثنا محمّد بن أحمد الأدمي ، حدثنا محمّد بن علي الإيادي ، حدثنا زكريّا بن يحيى الساجي قال : يحيى بن عبّاد بصري نزل بغداد ضعيف ، حدث عنه أهل بغداد.

سمعت الحسن بن محمّد الزّعفرانيّ يحدث عنه عن شعبة وغيره ، لم يحدث عنه أحد من أصحابنا بالبصرة ، لا بندار ، ولا ابن المثني.

قلت : ترك أهل البصرة الرواية عنه لا يوجب رد حديثه ، وحسبك برواية أحمد بن

__________________

٧٤٦٣ ـ انظر : ميزان الاعتدال ٤ / ترجمة ٩٥٥٠.

) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٢ / ٧٦. وصحيح مسلم ، كتاب الحجج ٥٠٥ ، ٥٠٦ ، ٥٠٨ ، ٥٠٩.

١٥٠

حنبل ، وأبي ثور عنه. ومع هذا فقد احتج بحديثه محمّد بن إسماعيل البخاريّ ، ومسلم بن الحجّاج النّيسابوريّ ، وأحاديثه مستقيمة لا نعلمه روى منكرا.

أخبرنا البرقانيّ قال : قلت لأبي الحسن الدّارقطنيّ : يحيى بن عبّاد الضّبعيّ أبو عبّاد؟ قال : بغدادي يحتج به.

أخبرنا السّمسار ، أخبرنا الصّفّار ، حدثنا عبد الباقي بن قانع : أن أبا عبّاد يحيى بن عبّاد الضّبعيّ مات في سنة ثمان وتسعين ومائة.

٧٤٦٤ ـ يحيى بن السّكن ، البصريّ :

نزل الرقة وقدم بغداد وحدث بها عن شعبة بن الحجّاج ، ومستمر بن الرّيّان ، وعمران القطّان. روى عنه الفضل بن يعقوب الرخامي ، ويحيى بن أبي طالب ، وهلال بن العلاء ، وغيرهم.

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهدي ، أخبرنا محمّد بن مخلد العطّار ، حدثنا الفضل بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن السّكن ، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء» (١).

أخبرنا البرقانيّ قال : قال محمّد بن العبّاس العصمي ، حدثنا يعقوب بن إسحاق بن محمود الحافظ ، أخبرنا أبو علي صالح بن محمّد الأسديّ قال : يحيى بن السّكن البصريّ كان يكون بالرقة ، وكان أبو الوليد يقول : هو يكذب ، وهو شيخ مقارب كان يكون بالرقة وببغداد.

قرأت على القاضي أبي العلاء محمّد بن علي الواسطيّ عن أبي مسلم بن مهران قال : أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النّسفيّ قال : قال أبو علي صالح بن محمّد : يحيى ابن السّكن لا يسوى فلسا.

أخبرنا السّمسار ، أخبرنا الصّفّار ، حدثنا ابن قانع : أن يحيى بن السّكن الرقي أصله بصري ، مات بالرقة سنة اثنتين ومائتين.

__________________

(١) ٧٤٦٤ ـ انظر الحديث في : السنن الكبرى ٩ / ٤١. والمعجم الكبير ٢ / ٤٠٨. والصغير ١ / ١٠١ ، ٤ / ٢٤٨. ومجمع الزوائد وحلية الأولياء ٤ / ٢١٠. وكشف الخفا ١ / ١١٩.

١٥١

٧٤٦٥ ـ يحيى بن المبارك بن المغيرة ، أبو محمّد العدويّ المعروف باليزيدي المقرئ :

صاحب أبي عمرو بن العلاء البصريّ. سكن بغداد وحدث بها عن أبي عمرو بن العلاء ، وابن جريج. روى عنه ابنه محمّد ، وأبو شعيب صالح بن زياد السوسي ، وأبو عبيد القاسم بن سلّام ، وإسحاق بن إبراهيم الموصليّ ، وأبو عمر الدّوريّ ، وأحمد بن محمّد بن يحيى بن المبارك اليزيدي ، وإبراهيم بن محمّد أخوه. وهو مولى عدي بن عبد مناة من الرباب ، وإنما قيل له اليزيدي لأنه كان منقطعا إلى يزيد بن منصور الحميريّ. خال ولد المهدي يؤدب ولده ، فنسب إليه ، ثم اتصل بالرّشيد فجعل المأمون في حجره وأدبه. وكان اليزيدي ثقة ، وكان أحد القراء الفصحاء ، عالما بلغات العرب ، وله كتاب نوادر في اللغة ، على مثال كتاب نوادر الأصمعي الذي عمله لجعفر بن يحيى ، وفي مثل عدد ورقه. وكان أيضا أحد الشعراء وله شعر جامع وأدب ، وكان قد أخذ علم العربية وأخبار الناس عن أبي عمرو بن أبي إسحاق الحضرميّ ، والخليل ابن أحمد ، ومن كان معهم في زمانهم.

وحكي عن أبي حمدون الطّيّب بن إسماعيل أنه قال : شهدت ابن أبي العتاهية وكتب عن أبي محمّد اليزيدي قريبا من ألف جلد عن أبي عمرو بن العلاء خاصة يكون ذلك نحو عشرة آلاف ورقة ، لأن تقدير الجلد عشر ورقات.

وأخذ عن الخليل من اللغة أمرا عظيما ، وكتب عنه العروض في ابتداء صنعته إياه إلا أن اعتماده كان على أبي عمرو ، لسعة علم أبي عمرو باللغة. وكان اليزيدي يعلم بحذاء منزل أبي عمرو ، وكان أبو عمرو يدنيه ويميل إليه لذكائه. وكان اليزيدي صحيح الرواية صدوق اللهجة. وألّف من الكتب كتاب «النوادر» ، وكتاب «المقصور والممدود» ، وكتاب «مختصر النحو» ، وكتاب «النقط والشكل» ، وكان يجلس في أيام الرّشيد مع الكسائي ببغداد في مسجد واحد يقرءان الناس ، فكان الكسائي يؤدب محمّد الأمين ، وكان اليزيدي يؤدب عبد الله المأمون. فأما الأمين فإن أباه أمر

__________________

٧٤٦٥ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٠ / ١١٢. ووفيات الأعيان ٢ / ٢٣٠. والإرشاد ٧ / ٢٨٩. والفهرست ٥٠ ـ ٥١. والنجوم الزاهرة ٢ / ١٧٣. وغاية النهاية ٢ / ٣٧٥. وخزانة البغدادي ٤ / ٤٢٦. والمزهر ٢ / ٢٣٢. ونزهة الألباء ١٠٣. وطبقات النحويين للزبيدي ٦٠ ـ ٦٥. ومرآة الجنان ٢ / ٣. والأعلام ٨ / ١٦٣.

١٥٢

الكسائي أن يأخذ عليه بحرف حمزة ، وأما المأمون فإن أباه لما اختار له اليزيدي تركه يتعلم منه حرف أبي عمرو.

أخبرنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر ـ إجازة ـ وحدثنيه أحمد بن محمّد بن أحمد ابن قفرجل الكاتب عنه ، حدثنا المظفّر ابن يحيي الشرابي ، حدثنا العنزي ، حدثني إبراهيم بن سعدان قال : حدثني الأثرم قال : دخل اليزيدي على الخليل بن أحمد يوما وعنده جماعة ـ وهو على وسادة جالس ـ فأوسع له ، فجلس معه اليزيدي على وسادته ، فقال له اليزيدي: أحسبني قد ضيقت عليك؟ فقال الخليل : ما ضاق شيء على اثنين متحابين ، والدنيا لا تسع متباغضين.

أخبرنى الأزهري ، حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد المقرئ ، حدثنا محمّد بن يحيى النديم ، حدثنا المبرد قال : سأل المأمون يحيى بن المبارك عن شيء فقال : لا ـ وجعلني الله فداك ـ يا أمير المؤمنين. فقال : لله درك ما وضعت واو قط موضعا أحسن من موضعها في لفظك هذا ، ووصله وحمله.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد بن علي البزّاز ، أخبرنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي ، حدثنا محمّد بن أبي الأزهر النحوي ، حدثنا الزّبير بن بكّار قال : أنشدني إسحاق بن إبراهيم قال : أنشدني أبو محمّد يحيى بن المبارك اليزيدي :

إذا نكبات الدهر لم تعظ الفتى

وتقرع منه لم تعظه عواذله

ومن لم يؤدبه أبوه وأمه

تؤدبه روعات الردى وزلازله

فدع عنك ما لا تستطيع ولا تطع

هواك ولا يغلب بحقك باطله

قرأت بخط أبي عبيد الله المرزباني ، حدثني أحمد بن عثمان ، وحدثني أبو القاسم عبيد الله بن محمّد اليزيدي قال : توفي أبو محمّد اليزيدي في سنة اثنتين ومائتين.

٧٤٦٦ ـ يحيى بن المتوكّل ، أبو بكر الباهليّ البصريّ :

قدم بغداد وحدث بها عن أسامة بن زيد اللّيثيّ ، وهلال بن أبي هلال ، وإبراهيم ابن يزيد الخوارزمي ، وهشام بن حسّان ، وعنبسة بن مهران. روى عنه محمّد بن عمر ابن أبي مذعور ، والحسين بن أبي زيد الدباغ ، وإسحاق بن البهلول التّنوخيّ.

__________________

٧٤٦٦ ـ انظر : تهذيب الكمال ٦٩٠٩ (٣١ / ٥١٦). وسؤالات ابن الجنيد ، الترجمة ٥٧. وثقات ابن حبان ٧ / ٦١٢. والمغني ٢ / الترجمة ٧٠٣٩. وتذهيب التهذيب ٤ / الورقة ١٦٤. ونهاية السئول ، الورقة ٤٣١. وتهذيب التهذيب ١١ / ٢٧١. والتقريب ، الترجمة ٧٦٣٤.

١٥٣

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن أحمد بن حمّاد الواعظ ، حدثنا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بهلول الأزرق ، أخبرني جدي أبو يعقوب إسحاق ابن البهلول ـ قراءة عليه ـ حدثني يحيى بن المتوكّل الباهليّ ، عن إبراهيم بن يزيد الخوزي قال : حدثنا سالم عن أبيه : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرءون : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).

قرأنا على الجوهريّ عن محمّد بن العبّاس قال : حدثنا محمّد بن القاسم الكوكبي ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال : سألت يحيى بن معين عن يحيى ابن المتوكّل ـ أبي بكر البصريّ ـ كان قدم بغداد فحدثهم عن هشام بن حسّان وغيرهم ثم خرج إلى المصيصة فمات بها؟ قال : لا أعرفه.

٧٤٦٧ ـ يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور ، أبو زكريّا الفرّاء مولى بني أسد :

من أهل الكوفة. نزل بغداد وأملى بها كتبه في معاني القرآن وعلومه. وحدث عن قيس بن الرّبيع ، ومندل بن علي ، وخازم بن الحسين البصريّ ، وعلي بن حمزة الكسائي وأبي الأحوص سلّام بن سليم ، وأبي بكر بن عيّاش ، وسفيان بن عيينة. روى عنه سلمة بن عاصم ، ومحمّد بن الجهم السمري ، وغيرهما ، وكان ثقة إماما.

ويحكى عن أبي العبّاس ثعلب أنه قال : لو لا الفرّاء لما كانت عربية ، لأنه خلصها وضبطها ، ولو لا الفرّاء لسقطت العربية ، لأنها كانت تتنازع ويدعيها كل من أراد ويتكلم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم فتذهب.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، حدثنا أبو العبّاس عبد الله بن عبد الرّحمن بن أحمد بن حمّاد العسكريّ ـ إملاء في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ـ حدثنا محمّد بن الجهم السمري ، حدثنا يحيى بن زياد الفرّاء ، حدثني خازم بن حسين البصريّ عن مالك بن دينار عن أنس بن مالك قال : قرأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بالألف.

__________________

٧٤٦٧ ـ انظر : إرشاد الأريب ٧ / ٢٧٦. ووفيات الأعيان ٢ / ٢٢٨. والفهرست ٦٦ ـ ٦٧. ومفتاح السعادة ١ / ١٤٤. وغاية النهاية ٢ / ٣٧١. ونزهة الألباء ١٢٦. ومراتب النحويين ٨٦ ، ٨٩. والذريعة ١ / ٣٩. وتهذيب التهذيب ١١ / ٢١٢. والأعلام ٨ / ١٤٥ ـ ١٤٦. والمنتظم ، لابن الجوزي ١٠ / ١٧٧

١٥٤

أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن جعفر بن محمّد بن هارون التّميميّ ـ بالكوفة ـ حدثنا الحسن بن داود ، حدثنا أبو جعفر عقدة ، حدثنا أبو بديل الوضاحي قال : أمر أمير المؤمنين المأمون الفرّاء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العرب ، وأمر أن يفرد في حجرة من حجر الدار ، ووكل به جواري وخدما يقمن بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ، ولا تتشرف نفسه إلى شيء ، حتى أنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصّلاة ، وصيّر له الورّاقين ، وألزمه الأمناء والمنفقين ، فكان يملى والورّاق يكتبون ، حتى صنف الحدود في سنين ، وأمر المأمون بكتبه في الخزائن فبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ يملى كتاب «المعاني». وكان وراقيه سلمة وأبو نصر ، قال : فأردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا لإملاء كتاب «المعاني» فلم يضبط. قال : فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضيا ، فلم يزل يمليه حتى أتمه ، وله كتابان في المشكل ، أحدهما أكبر من الآخر.

قال : فلما فرغ من إملاء المعاني خزنه الورّاقون عن الناس ليكسبوا به ، وقالوا لا نخرجه إلى أحد إلا إلى من أراد أن ننسخه له على خمس أوراق بدرهم ، فشكى الناس ذلك إلى الفرّاء فدعا الورّاقين فقال لهم في ذلك ، فقالوا إنما صحبناك لننتفع بك ، وكل ما صنفته فليس بالناس إليه من الحاجة ما بهم إلى هذا الكتاب ، فدعنا نعش به قال : فقاربوهم تنتفعوا وينتفعوا ، فأبوا عليه ، فقال : سأريكم. وقال للناس : إني ممل كتاب معان أتم شرحا ، وأبسط قولا من الذي أمليت. فجلس يملّ فأملّ الحمد في مائة ورقة ، فجاء الورّاقون إليه فقالوا نحن نبلغ للناس ما يحبون ، فنسخوا كل عشرة أوراق بدرهم. قال : وكان المأمون قد وكل الفرّاء يلقن ابنيه النحو ، فلما كان يوما أراد الفرّاء أن ينهض إلى بعض حوائجه ، فابتدرا إلى نعل الفرّاء يقدمانه له ، فتنازعا أيهما يقدمه ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما فردا ، فقدماها. وكان المأمون له على كل شيء صاحب ، فرفع ذلك إليه في الخبر ، فوجه إلى الفرّاء فاستدعاه ، فلما دخل عليه قال له : من أعز الناس؟ قال : ما أعرف أعز من أمير المؤمنين ، قال : بلى! من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين ، حتى رضى كل واحد أن يقدم له فردا. قال : يا أمير المؤمنين لقد أردت منعهما عن ذلك ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها ، أو أكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها. وقد يروى عن ابن عبّاس أنه أمسك للحسن والحسين ركابيهما حين خرجا من عنده ، فقال له بعض من حضر : أتمسك لهذين الحدثين ركابيهما وأنت أسن منهما؟ قال له

١٥٥

أسكت يا جاهل ، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل. قال له المأمون : لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوما وعتبا ، وألزمتك ذنبا ، وما وضع ما فعلاه من شرفهما ، بل رفع من قدرهما ، وبيّن عن جوهرهما وقد ثبتت لي مخيلة الفراسة بفعلهما ، فليس يكبر الرجل ـ وإن كان كبيرا ـ عن ثلاث : عن تواضعه لسلطانه ، ووالده ، ومعلمه العلم. وقد عوضتهما عما فعلاه عشرين ألف دينار ، ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما.

وأخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ ، حدثنا محمّد بن الحسن قال : حدثنا أبو العبّاس ثعلب عن ابن نجدة قال : لما تصدى أبو زكريّا للاتصال بالمأمون كان يتردد إلى الباب ، فلما أن كان ذات يوم جاء ثمامة ، قال : فرأيت أبهة أدب ، فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا ، وفاتشته عن النحو فشاهدت نسيج وحده ، وعن الفقه فوجدت رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم ، وبالنجوم ماهرا ، وبالطب خبيرا ، وبأيام العرب وأشعارها حاذقا ، فقلت : من تكون؟ وما أظنك إلا الفرّاء؟ قال : أنا هو ، فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون ، فأمر بإحضاره لوقته ، وكان سبب اتصاله به.

أخبرنا التّنوخيّ ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق ، حدثنا أبو بكر بن الأنباريّ ، حدثني أبي قال : سمعت إسماعيل بن إسحاق يقول : ما أحد برع في علم إلا دله على غيره من العلوم. قال بشر المريسي للفراء : يا أبا زكريّا أريد أن أسألك عن مسألة من الفقه. فقال : سل. فقال : ما تقول في رجل سها في سجدتي السهو؟ قال : لا شيء عليه ، قال : من أين قلت؟ قال : قسته على مذاهبنا في العربية ، وذلك أن المصغر عندنا لا يصغر ، فكذلك لا يلتفت إلى السهو في السهو. فسكت بشر. وحكى أن محمّد بن الحسن سأل الفرّاء عن هذه المسألة ، لا بشر.

أخبرنا الأزهري ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا أحمد بن أحمد بن سعيد ، حدثنا بنان بن يعقوب الزقومي أخو حمدان الكنديّ قال : سمعت عبد الله بن الوليد صعودا يقول : كان محمّد بن الحسن الفقيه ابن خالة الفرّاء ؛ وكان الفرّاء يوما عنده جالسا ، فقال الفرّاء : قلّ رجل أمعن النظر في باب من العلم فأراد غيره إلا سهل عليه ، فقال له محمّد : يا أبا زكريّا فأنت الآن قد أنعمت النظر في العربية ، فنسألك عن باب من الفقه؟ قال : هات على بركة الله تعالى. قال : ما تقول في رجل صلّى فسها

١٥٦

فسجد سجدتي السهو فسها فيهما؟ ففكر الفرّاء ساعة ثم قال : لا شيء عليه. قال له محمّد : ولم؟ قال : لأن التصغير عندنا لا تصغير له ، وإنما السجدتان إتمام الصّلاة فليس للتمام تمام. فقال محمّد بن الحسن : ما ظننت آدميّا يلد مثلك.

أخبرنا هلال بن المحسّن الكاتب ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن الجراح الخزاز قال : قال أبو بكر بن الأنباريّ : ولو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربية إلّا الكسائي والفراء لكان لهم بهما الافتخار على جميع الناس ، إذ انتهت العلوم إليهما ، وكان يقال : النحو الفرّاء ، والفراء أمير المؤمنين في النحو.

أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ ، أخبرنا أبو علي الحسن بن داود ، حدثنا أحمد بن أبي موسى العجليّ ، حدثنا هنّاد بن السّريّ قال : كان الفرّاء يطوف معنا على الشيوخ ، فما رأيناه أثبت سوداء في بيضاء قط ، لكنه إذا مر حديث فيه شيء من التفسير ، أو متعلق بشيء من اللغة ، قال للشيخ : أعده عليّ. وظننا أنه كان يحفظ ما يحتاج إليه.

قرأت على علي بن أبي علي البصريّ عن طلحة بن محمّد بن جعفر المعدل ، حدثنا أبو بكر بن مجاهد قال : قال لي محمّد بن الجهم : كان الفرّاء يخرج إلينا وقد لبس ثيابه في المسجد الذي في خندق عبويه ، وعلى رأسه قلنسوة كبيرة ، فيجلس فيقرأ أبو طلحة الناقط عشرا من القرآن ، ثم يقول له : أمسك. فيملى من حفظه المجلس ، ثم يجيء سلمة بعد أن ننصرف نحن ، فيأخذ كتاب بعضنا فيقرأ عليه ، ويغير ويزيد وينقص ، فمن هاهنا وقع الاختلاف بين النسختين.

قال ابن مجاهد : وسمعت ابن الجهم يقول : ما رأيت مع الفرّاء كتابا قط إلا كتاب يافع ويفعة. قال ابن مجاهد ، وقال لنا ثعلب : لما مات الفرّاء لم يوجد له إلا رءوس أسفاط ، فيها مسائل تذكرة ، وأبيات شعر.

أخبرني محمّد بن محمّد بن علي الشروطي ، حدثنا أبو محمّد عبيد الله بن محمّد ابن علي الكاتب المروزيّ ، حدثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباريّ ، حدثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى النّحويّ ، حدثنا سلمة قال : أمل الفرّاء كتبه كلها حفظا ، لم يأخذ بيده نسخة إلا في كتابين ، كتاب ملازم ، وكتاب يافع ويفعة.

قال أبو بكر بن الأنباريّ : ومقدار الكتابين خمسون ورقة ، ومقدار كتب الفرّاء ثلاثة آلاف ورقة.

١٥٧

أخبرنا الجوهريّ والتّنوخيّ قالا : حدثنا محمّد بن العبّاس ، حدثنا الصولي ، حدثنا عون ـ هو ابن محمّد ـ حدثنا سعدون قال : قلت للكسائي : الفرّاء أعلم أم الأحمر؟ فقال : الأحمر أكثر حفظا ، والفراء أحسن عقلا ، وأبعد فكرا ، وأعلم بما يخرج من رأسه.

أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ.

وأخبرنا هلال بن المحسن ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن الجراح ـ قال محمّد أخبرنا وقال أحمد حدثنا ـ أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباريّ ، حدثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى ، حدثنا سلمة قال : خرجت من منزلي فرأيت أبا عمر الجرمي واقفا على بابي ، فقال لي يا أبا محمّد امض بي إلى فرّائكم هذا ، فقلت له : امض ، فانتهينا إلى الفرّاء ، وهو جالس على بابه يخاطب قوما من أصحابه في النحو ، فلما عزم على النهوض قلت له : يا أبا زكريّا هذا أبو عمر صاحب البصريّين يحب أن تكلمه في شيء فقال : نعم! ما يقول أصحابك في كذا وكذا قال : كذا وكذا قال : يلزمهم كذا وكذا ، ويفسد هذا من جهة كذا وكذا ، قال : فألقى عليه مسائل وعرفه الإلزامات فيها ، فنهض وهو يقول : يا أبا محمّد ما هذا الرجل إلا شيطان ـ يكرر ذلك مرتين أو ثلاثا.

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسين السليطي ـ بنيسابور ـ حدثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم قال : سمعت محمّد بن الجهم يقول : سمعت الفرّاء يقول : كان عندنا رجل يفسر القرآن برأيه ، فقيل له : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) فقال : رجل سوء والله ، فقيل : (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) [الماعون ١ ، ٢] قال : فسكت طويلا ثم قال : من هذا أعجب.

أخبرنا محمّد بن علي المقرئ ، أخبرنا أبو الحسن بن النجار الكوفيّ فقال : أنشدنا أبو علي الحسن بن داود النقاد قال : أنشدنا أبو عيسى بن زهير التغلبي عن محمّد بن الجهم السمري يمدح الفرّاء :

يا طالب النحو التمس علم ما

ألفه الفرّاء في نحوه

أفاد من يأتيه ما لم يكن

يعلم من قبل ولم يحوه

ستين حدا ، قاسها عالما

أملها بالحفظ من شدوه

على كلام العرب المنتقى

من كل منسوب إلى بدوه

سوى لغات ومعان ، لقد

أرشده الله ولم يغوه

١٥٨

وجمع ما احتيج إلى جمعه

والوقف في القرآن أو بدوه

ومصدر الفعل وتصريفه

في كل فن جاء من نشوه

إلى حروف طرف أثبتت

في أول الباب وفي حشوه

وصنف المقصور والممدود (١) والت

حويل في الخاطين أو شلوه

أو مثل بادي الرأي في قولهم

يخطف البرق لدى ضوئه

وفي البهي الكلم المرتضى

من حسنه والنهي عن سوه

رام سواه فانثنى خائبا

وأخطأ المعنى ولم يشوه

فرحمة الله على شيخنا

يحيى مع الأبرار في علوه

كافأه الرّحمن عنا ، كما

أروى الصدى بالسيب من نوه

فاصطف ما أملاه من علمه

وصنه واستمسك به واروه

وقول سيبويه وأصحابه

وقطرب مشتبه فازوه

عنك وما أملى هشام وما

صنفه الأحمر في زهوه

أو قاسم مولى بني مالك

من المعاني ، فاسم عن غروه

فليس من يغلط فيما روى

كحافظ يؤمن من سهوه

ولا ذوو ضحل إذا ما اجتدوا

كالبحر إذ يغرق عن رهوه

ولا وضيع القوم مثل الذي

يحتل بالأشراف من سروه

بلغني أن الفرّاء مات ببغداد في سنة سبع ومائتين وقد بلغ ثلاثا وستين سنة ، وقيل بل مات في طريق مكة.

أخبرنا الحسن بن محمّد الخلّال ، حدثنا أحمد بن محمّد بن عمران ، أخبرنا محمّد بن يحيى الصولي قال : وفي سنة سبع ومائتين مات يحيى بن زياد الفرّاء النّحويّ.

٧٤٦٨ ـ يحيى بن الحسين ، المدائنيّ مولى بني هاشم :

حدث عن عبد الله بن لهيعة. روى عنه محمّد بن مغيرة الشّهرزوري.

قرأت في كتاب القاضي أبي بكر محمّد بن عمر بن سلّم الجعابي ـ بخط يده ـ ثم أخبرناه الصيمري ـ قراءة ـ حدثنا أحمد بن محمّد بن علي الصّيرفيّ ، حدثنا محمّد بن

__________________

(١) في الأنماطي :

وصنف المقصور والمد والتحويل في الخاطين أو شلوه

١٥٩

عمر بن سلّم ، حدثني محمّد بن هارون بن حميد ، حدثنا محمّد بن مغيرة الشّهرزوري ، حدثنا يحيى بن الحسين المدائنيّ ـ مولى بني هاشم ـ حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزّبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين ، مؤمن آل ياسين ، وعلي بن أبي طالب ، وآسية امرأة فرعون».

٧٤٦٩ ـ يحيى بن أبي بكير ، أبو زكريّا العبديّ :

واسم والد أبي بكير : نسر ـ وقيل : بشر ـ وقيل بشير ـ بن أسيد ، كوفي الأصل.

سكن يحيى بغداد. وولى قضاء كرمان وحدث عن شعبة ، وإبراهيم بن طهمان ، وإسرائيل ، وحسن بن صالح ، وأبي جعفر الرّازيّ ، وشبل بن عبّاد ، وزائدة بن قدامة ، وجعفر الأحمر ، وشريك بن عبد الله. روى عنه محمّد بن سعيد بن الأصبهانيّ ، وعبد الله بن محمّد بن يحيى بن أبي بكير ، وعيسى بن أبي حرب الصّفّار ، وعلي بن سهل البزّاز ، وعبّاس الدّوريّ ، ومحمّد بن سعد العوفي ، والحارث بن أبي أسامة التّميميّ ، وأحمد بن عبد الله النرسي.

أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمّد بن أحمد بن حسنون النرسي وأبو الحسن محمّد ابن عبيد الله بن محمّد الحنّائيّ قالا : حدثنا أبو جعفر محمّد بن عمرو بن البختريّ الرزاز ـ إملاء ـ حدثنا العبّاس بن محمّد الدّوريّ.

وأخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا محمّد بن عمرو الرزاز ، حدثنا عبّاس بن محمّد ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا إسرائيل عن الأعمش ، عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود» (١).

__________________

٧٤٦٩ ـ انظر : تهذيب الكمال ٦٧٩٧ (٣١ / ٢٤٥ ـ ٢٤٨). وتاريخ الدارمي ، الترجمة ٨٧٧. وعلل أحمد (انظر الفهرس) ، وتاريخ البخاري الكبير ٨ / الترجمة ٢٩٣٧. والكنى لمسلم ، الورقة ٣٩. وثقات العجلي ، الورقة ٥٧. والمعرفة ليعقوب (انظر الفهرس) ، والجرح والتعديل ٩ / الترجمة ٥٥٧. وثقات ابن حبان ٩ / ٢٥٧. ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ، الورقة ١٩٣. والتعديل والتجريح للباجي ٣ / ١٢٢٧. والجمع لابن القيسراني ٢ / ٥٦٧. وسير أعلام النبلاء ٩ / ٤٩٧.وتذكرة الحفاظ ١ / ٣٨٥. والكاشف ٣ / الترجمة ٦٢٤٦. والعبر ١ / ٣٥٦. وتذهيب التهذيب ٤ / الورقة ١٥٠. وتاريخ الإسلام ، الورقة ٧٨ (آيا صوفيا ٣٠٠٧). ونهاية السئول ، الورقة ٤٢٤. وتهذيب التهذيب ١١ / ١٩٠. والتقريب ، الترجمة ٧٥١٦. وشذرات الذهب ٢ / ٢٢.

) انظر الحديث في : سنن الترمذي ٢٦٥. وسنن النّسائي ٢ / ١٨٣ ، ٢١٤. وسنن ابن ماجة ٨٧٠. وصحيح ابن خزيمة ٦٦٦.

١٦٠