تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٢

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٢

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٩

أخبرنا الأزهري ، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا الحارث بن محمّد ، حدّثنا محمّد بن سعد. قال : مات القاسم بن هارون أمير المؤمنين يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من صفر سنة ثمان ومائتين.

٦٨٦٧ ـ القاسم بن أحمد البغداديّ :

حدث عن أبي عامر العقدي. روى عنه أبو داود السجستاني أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ بالبصرة ـ حدّثنا أبو عليّ محمّد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي ، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدّثنا القاسم بن أحمد البغداديّ ، حدّثنا أبو عامر ، عن زهير بن محمّد ، عن موسى بن جبير ، عن أبي أمامة سهل بن حنيف ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «اتركوا الحبشة ما تركوكم ، فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة» (١).

٦٨٦٨ ـ القاسم بن سلام ، أبو عبيد :

كان أبوه عبدا روميّا لرجل من أهل هراة ويحكى أن سلاما خرج يوما وأبو عبيد مع ابن مولاه في الكتاب فقال للمعلم : علمي القاسم فإنها كيسة ، طلب أبو عبيد العلم وسمع الحديث ودرس الأدب ونظر في الفقه وسمع إسماعيل بن جعفر ، وشريكا ، وإسماعيل بن عياش ، وهيثم بن بشير وسفيان بن عيينة ، وإسماعيل بن علية ، ويزيد بن هارون ، ويحيى بن سعيد القطّان ، وحجاج بن محمّد ، وأبا معاوية الضرير ، وصفوان بن عيسى ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وحماد بن مسعدة ، ومروان بن معاوية ، وأبا بكر بن عياش ، وعمر بن يونس ، وإسحاق الأزرق ، وغيرهم. روى عنه نصر بن داود بن طوق ، ومحمّد بن إسحاق الصاغاني ، والحسن بن مكرم ، وأحمد ابن يوسف التغلبي ، وأبو بكر بن أبي الدنيا ، والحارث بن أبي أسامة ، ومحمّد بن يحيى المروزيّ ، وعلي بن عبد العزيز البغوي ، في آخرين. وكان قد أقام ببغداد مدة ثم ولى القضاء بطرسوس ، وخرج بعد ذلك إلى مكة فسكنها حتى مات بها.

قرأت في كتاب أبي الحسن بن الفرات بخطه ـ أخبرنا محمّد بن العبّاس بن أحمد

__________________

(١) ٦٨٦٧ ـ انظر الحديث في : سنن أبى داود ٤٣٠٣ ، ٤٣٠٩. ومسند أحمد ٥ / ٣٧١. والمستدرك ٤ / ٤٥٣.

٦٨٦٨ ـ انظر : تهذيب الكمال ٤٧٩٢ (/ ٣٥٤). والمنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ٩٥ ـ ٩٧. وميزان الاعتدال : ٣ / الترجمة ٦٨٠٩ ، وتذهيب التهذيب : ٣ / الورقة ١٤٦ ، وتهذيب التهذيب : ٨ / ٣١٥ ، والتقريب : ٢ / ١١٦ ، وخلاصة الخزرجي : ٢ / الترجمة ٥٧٧٧.

٤٠١

الذهلي ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن ياسين الهرويّ قال سمعت عليّ بن عبد العزيز يقول : ولد أبو عبيد بهراة ، وكان أبوه سلام عبدا لبعض أهل هراة وكان يتولى الأزد.

أخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أبو الحسين بن المنادى. قال : وأبو عبيد القاسم بن سلام كان ينزل بدرب الريحان ، ثم خرج إلى مكة في سنة أربع وعشرين ومائتين.

قرأت على أحمد بن عليّ بن الحسين المحتسب عن محمّد بن عمران بن موسى المرزباني. قال قال عبد الله بن جعفر ـ يعني ابن درستويه الفارسي النّحويّ ـ من علماء بغداد المحدثين النحويين على مذهب الكوفيين ، ورواة اللغة والغريب عن البصريين والكوفيين. والعلماء بالقراءات ، ومن جمع صنوفا من العلم ، وصنف الكتب ، في كل فن من العلوم والأدب فأكثر وشهر ، أبو عبيد القاسم بن سلام ، وكان مؤدبا لآل هرثمة ، وصار في ناحية عبد الله بن طاهر. وكان ذا فضل ودين ، وستر ومذهب حسن. روى عن أبي زيد الأنصاريّ ، وأبي عبيدة ، والأصمعي ، واليزيدي ، وغيرهم من البصريين. وروى عن ابن الأعرابي ، وأبي زكريا الكلابي ، وعن الأمويّ ، وأبي عمر الشّيبانيّ ، والكسائي ، والأحمر ، والفراء ، وروى الناس من كتبه المصنفة بضعة وعشرين كتابا في القرآن والفقه وغريب الحديث ، والغريب المصنف ، والأمثال ، ومعاني القرآن (١) ، ومعاني الشعر ، وغير ذلك. وله كتب لم يروها قد رأيتها في ميراث بعض الطاهريين تباع كثيرة في أصناف الفقه كله ، وبلغنا أنه كان إذا ألف كتابا أهداه إلى عبد الله بن طاهر فيحمل إليه مالا خطيرا استحسانا لذلك ، وكتبه مستحسنة مطلوبة في كل بلد ، والرواة عنه مشهورون ثقات ، ذوو ذكر ونبل.

قال : وقد سبق (٢) إلى جميع مصنفاته ، فمن ذلك الغريب المصنف ـ وهو من أجل كتبه في اللغة ـ فانه احتذى فيه كتاب النضر بن شميل المازني الذي يسميه كتاب الصفات ، وبدأ فيه بخلق الإنسان ، ثم بخلق الفرس (٣) ، ثم بالإبل ، فذكر صنفا بعد صنف حتى أتى على جميع ذلك ، وهو أكبر من كتاب أبي عبيد وأجود. ومنها كتابه في الأمثال وقد سبقه إلى ذلك جميع البصريين والكوفيين ، الأصمعي ، وأبو زيد ،

__________________

(١) «ومعاني القرآن» ساقطة من المطبوعة.

(٢) في المطبوعة : «وقد سيق».

(٣) في المطبوعة : «ثم يخلق العرش».

٤٠٢

وأبو عبيدة ، والنضر بن شميل ، والمفضل الضّبّي ، وابن الأعرابي ، إلا أنه جمع رواياتهم في كتابه وبوبه أبوابا فأحسن تأليفه. وكتاب غريب الحديث أول من عمله أبو عبيدة معمر بن المثنّى ، وقطرب ، والأخفش ، والنضر بن شميل ، ولم يأتوا بالأسانيد. وعمل أبو عدنان النّحويّ البصريّ كتابا في غريب الحديث ذكر فيه الأسانيد ، وصنفه على أبواب السنن والفقه ، إلا أنه ليس بالكبير. فجمع أبو عبيد عامة ما في كتبهم وفسره وذكر الأسانيد ، وصنف المسند على حدته ، وأحاديث كل رجل من الصحابة والتابعين على حدته وأجاد تصنيفه ، فرغب فيه أهل الحديث ، والفقه ، واللغة لاجتماع ما يحتاجون إليه فيه. وكذلك كتابه في معاني القرآن ، وذلك أن أول من صنف في ذلك من أهل اللغة أبو عبيدة معمر بن المثنّى ، ثم قطرب بن المستنير ، ثم الأخفش وصنف من الكوفيين الكسائي ، ثم الفراء. فجمع أبو عبيد من كتبهم ، وجاء فيه بالآثار وأسانيدها ، وتفاسير الصحابة ، والتابعين ، والفقهاء. وروى النصف منه ، ومات قبل أن يسمع منه باقيه وأكثره غير مروي عنه. وأما كتبه في الفقه فإنه عمد إلى مذهب مالك والشافعي فتقلد أكثر ذلك ، وأتى بشواهده ، وجمعه من حديثه ورواياته ، واحتج فيها باللغة والنحو ، فحسنها بذلك ، وله في القراءات (٤) كتاب جيد ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله. وكتابه في الأموال من أحسن ما صنف في الفقه وأجوده.

أخبرنا القاضي أبو العلاء محمّد بن عليّ الواسطيّ قال : قال أبو الحسن محمّد بن جعفر بن هارون التّميميّ النّحويّ : كان طاهر بن الحسين ـ حين مضى إلى خراسان ـ نزل بمرو يطلب رجلا فيحدثه ليله ، فقيل ما هاهنا إلا رجل مؤدب ، فأدخل عليه أبو عبيد القاسم بن سلام ، فوجده أعلم الناس بأيام الناس ، والنحو ، واللغة ، والفقه. فقال له : من المظالم تركك أنت بهذا البلد ، فدفع إليه ألف دينار ، وقال له : أنا متوجه إلى خراسان إلى حرب ، وليس أحب استصحابك شفقا عليك ، فأنفق هذا إلى أن أعود إليك. فألف أبو عبيد غريب المصنف إلى أن عاد طاهر بن الحسين من خراسان ، فحمله معه إلى سر من رأى ، وكان أبو عبيد دينا ورعا جوادا.

وأخبرنا أبو العلاء القاضي ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ ، حدّثنا أبو عليّ النّحويّ قال : حدّثنا الفسطاطي قال : كان أبو عبيد مع ابن طاهر ، فوجه إليه أبو دلف

__________________

(٤) في المطبوعة : «وله في القرآن».

٤٠٣

يستهديه أبا عبيد مدة شهرين ، فأنفذ أبا عبيد إليه فأقام شهرين ، فلما أراد الانصراف وصله أبو دلف بثلاثين ألف درهم ، فلم يقبلها وقال : أنا في جنبة رجل ما يحوجني إلى صلة غيره ، ولا آخذ ما فيه على نقص ، فلما عاد إلى طاهر وصله بثلاثين ألف دينار ، بدل ما وصله أبو دلف. فقال له : أيها الأمير قد قبلتها. ولكن قد أغنيتني بمعروفك وبرك وكفايتك عنها. وقد رأيت أن أشتري بها سلاحا وخيلا ، وأتوجه بها إلى الثغر ليكون الثواب متوفرا على الأمير ففعل.

حدثني أبو القاسم الأزهري ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا عبيد الله بن عبد الرّحمن السّكّري قال : قال أحمد بن يوسف ـ إما سمعته منه ، أو حدثت به عنه ـ قال : لما عمل أبو عبيد كتاب غريب الحديث عرضه على عبد الله بن طاهر فاستحسنه. وقال إن عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق ألا يحوج إلى طلب المعاش ، فأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر. كذا قال لي الأزهري عشرة آلاف درهم في كل شهر.

وأخبرني القاضي أبو محمّد الحسن بن الحسين بن رامين الأستراباذي ، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن هارون التّميميّ المروروذي ، حدّثنا أبي قال : سمعت الحسن بن محمّد بن موسى الهرويّ قال : سمعت حارث بن محمّد بن أبي أسامة يقول : حمل غريب حديث أبي عبيد إلى عبد الله بن طاهر ، فلما نظر فيه قال : هذا رجل عاقل دقيق النظر. فكتب إلى إسحاق بن إبراهيم بأن يجري عليه في كل شهر خمسمائة درهم ، فلما مات عبد الله أجرى عليه إسحاق بن إبراهيم من ماله ، فلما مات أبو عبيد بمكة أجرى إسحاق بن إبراهيم على ولده حتى مات.

قلت : ذكر وفاة عبد الله بن طاهر في هذا الخبر وهم ، لأن أبا عبيد مات قبل ابن طاهر بعدة سنين.

وأخبرني ابن رامين ، حدّثنا محمّد قال : حدثني أبي قال : سمعت الحسن يقول : سمعت المسعري محمّد بن وهب يقول : قال أبو عبيد : كنت في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة ، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال ، فأضعها في موضعها من الكتاب ، فأبيت ساهرا فرحا مني بتلك الفائدة ، وأحدكم يجيئني فيقيم عندي أربعة أشهر أو خمسة أشهر فيقول قد أقمت الكثير. قال أبو عليّ : أول من سمع هذا الكتاب من أبي عبيد يحيى بن معين.

٤٠٤

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : سمعت سليمان بن أحمد الطبراني يقول : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : عرضت كتاب غريب الحديث لأبي عبيد على أبي ، فاستحسنه وقال : جزاه الله خيرا.

أخبرنا هلال بن المحسن الكاتب ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن الجرّاح الخزاز ، حدّثنا أبو بكر بن الأنباريّ ، أخبرني موسى بن محمّد قال : سمعت عبد الله بن أحمد ابن حنبل يقول : كتب أبي كتاب غريب الحديث الذي ألفه أبو عبيد أولا.

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن سيار قال : سمعت ابن عرعرة يقول : كان طاهر بن عبد الله ببغداد ، فطمع في أن يسمع من أبي عبيد ، وطمع أن يأتيه في منزله فلم يفعل أبو عبيد ، حتى كان هذا يأتيه ، فقدم عليّ ابن المديني ، وعباس العنبري ، فأرادا أن يسمعا غريب الحديث ، فكان يحمل كل يوم كتابه ويأتيهما في منزلهما فيحدثهما فيه.

أخبرني عليّ بن المحسن التنوخي ، حدّثنا العبّاس بن أحمد بن الفضل الهاشميّ.

وأخبرني أبو الوليد الحسن بن محمّد بن عليّ الدربندي ، حدّثنا أبو القاسم عبد الله ابن محمّد بن أحمد التوزي ـ بالبصرة ـ قالا : حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عليّ الهجيمي ، حدثني جعفر بن محمّد بن عليّ بن المديني قال : سمعت أبي يقول : خرج أبي إلى أحمد بن حنبل يعوده ـ وأنا معه ـ قال فدخل إليه وعنده يحيى بن معين وذكر جماعة من المحدثين ، قال فدخل أبو عبيد القاسم بن سلام ، فقال له يحيى بن معين : اقرأ علينا كتابك الذي عملته للمأمون ، غريب الحديث ، فقال : هاتوه فجاءوا بالكتاب ، فأخذه أبو عبيد ، فجعل يبدأ يقرأ الأسانيد ويدع تفسير الغريب ، قال فقال له أبي : يا أبا عبيد دعنا من الأسانيد نحن أحذق بها منك ، فقال يحيى بن معين لعلي ابن المديني : دعه يقرأ على الوجه فإن ابنك محمّدا معك ، ونحن فنحتاج أن نسمعه على الوجه. فقال أبو عبيد : ما قرأته إلا على المأمون ، فإن أحببتم أن تقرءوه فاقرءوه. قال فقال له عليّ بن المديني : إن قرأته علينا وإلا فلا حاجة لنا فيه. ولم يعرف أبو عبيد عليّ بن المديني ، فقال ليحيى بن معين : من هذا؟ فقال هذا عليّ بن المديني ، فالتزمه وقرأه علينا. فمن حضر ذلك المجلس جاز أن يقول حدّثنا ، وغير ذلك فلا يقول.

٤٠٥

قرأت على أحمد بن عليّ بن التوزي عن أبي عبيد الله المرزباني قال : أخبرني محمّد بن عبد الواحد ، أخبرني أبو عمرو بن الطوسي قال : قال لي أبي : غدوت إلى أبي عبيد ذات يوم ، فاستقبلني يعقوب بن السكيت فقال : إلى أين؟ فقلت إلى أبي عبيد ، فقال أنت أعلم منه. قال فمضيت إلى أبي عبيد ، فحدثته بالقصة ، فقال لي : الرجل غضبان قال : قلت : من أي شيء؟ فقال : جاءني منذ أيام فقال لي : اقرأ على غريب المصنف ، فقلت: لا ، ولكن تجيء مع العامة ، فغضب.

أخبرنا هلال بن المحسن ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن الجرّاح الخزاز ، حدّثنا أبو بكر بن الأنباريّ قال : كان أبو عبيد يقسم الليل أثلاثا ، فيصلي ثلثه ، وينام ثلثه ، ويضع الكتب ثلثه.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل السقاء الحربي ، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الشّافعيّ ، حدّثنا محمّد بن عمرو الباهلي ـ بمصر ـ قال سمعت أبا عبد الله بن أبي مقاتل البلخي ـ بمصر ـ يقول : قال أبو عبيد القاسم بن سلام : دخلت البصرة لأسمع من حمّاد بن زيد ، فقدمت فإذا هو قد مات ، فشكوت ذلك إلى عبد الرّحمن بن مهدي فقال : مهما سبقت به فلا تسبقن بتقوى الله عزوجل.

أخبرني أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصّيرفيّ وأبو الطّيّب. عبد العزيز ابن عليّ بن محمّد القرشيّ ـ قال عبيد الله حدّثنا وقال الآخر أخبرنا ـ محمّد بن العبّاس الخزاز ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن هارون بن حميد المجدر ـ إملاء ـ حدّثنا أبو الحسن بن الفافا قال : حدثني أبو حامد الصاغاني قال سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول : فعلت بالبصرة فعلتين أرجو بهما الجنة ، أتيت يحيى القطّان ـ وهو يقول أبو بكر وعمر [وعلي] (٥). فقلت : معي شاهدان من أهل بدر يشهدان أن عثمان أفضل من عليّ ، قال : بمن؟ قلت : أنت حدثتنا عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال : خطبنا عبد الله بن مسعود فقال : أميرنا خير من بقي ولم نال. قال : ومن الآخر؟ قال : قلت : الزّهريّ عن حميد بن عبد الرّحمن عن المسور بن مخرمة قال : سمعت عبد الرّحمن بن عوف يقول : شاورت المهاجرين الأولين ، وأمراء الأجناد ، وأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلم أر أحدا يعدل بعثمان. قال : فترك قوله وقال أبو بكر وعمر وعثمان ، قال : وأتيت عبد الله بن داود الخريبي فإذا بيته بيت خمار ، فقلت

__________________

(٥) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٤٠٦

ما هذا؟ قال : ما اختلف فيه أولنا ولا آخرنا ، قلت : اختلف فيه أولكم وآخركم ، قال : ومن أولنا؟ قلت : أيّوب السختياني عن محمّد بن سيرين عن عبيدة السلمانيّ قال : اختلف على في الأشربة ، فما لي شراب منذ عشرين سنة إلا عسل ، أو لبن ، أو ماء ، قال : ومن آخرنا؟ قال : قلت عبد الله بن إدريس قال : فأخرج كل ما في منزله فأهراقه. قال : فأرجو بهاتين الفعلتين الجنة.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان بن عليّ المقرئ ، أخبرنا محمّد بن بكران الرّازي ، حدّثنا محمّد بن مخلد ، حدّثنا محمّد بن حفص عن عمر الدّوريّ قال : سمعت أبا عبيد يقول : سمعني عبد الله بن إدريس أتلهف على بعض الشيوخ ، فقال لي : يا أبا عبيد مهما فاتك من العلم فلا يفوتنك العمل.

أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أخبرني محمّد بن نعيم الضّبّي قال : سمعت أبا الحسين الكارزي يقول : سمعت عليّ بن عبد العزيز يقول : سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول : المتبع للسنة كالقابض على الجمر ، وهو اليوم عندي أفضل من ضرب السيف في سبيل الله عزوجل.

أخبرني محمّد بن الحسين القطّان ، أخبرنا محمّد بن الحسن بن زياد النقاش أن محمّد بن هارون أخبرهم قال : أخبرنا أبو حاتم قال : قال أبو عبيد القاسم بن سلام : مثل الألفاظ الشريفة ، والمعاني الطريفة ، مثل القلائد اللائحة ، في الترائب الواضحة.

أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحرشي وأبو سعيد محمّد بن موسى بن الفضل الصّيرفيّ ـ جميعا بنيسابور ـ قالا : حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم قال : سمعت أبا الفضل العبّاس بن محمّد الدّوريّ يقول : سمعت أبا عبيد يقول : إني لأتبين في عقل الرجل أن يدع الشمس ويمشي في الظل.

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عليّ البادا ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن بيان الزبيبي ، حدّثنا عبد الله بن العبّاس الطيالسي قال : سمعت الهلال بن العلاء الرّقيّ يقول : منّ الله على هذه الأمة بأربعة في زمانهم ، بالشافعي فقه بحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبأحمد ابن حنبل ثبت في المحنة ، لو لا ذلك كفر الناس ، وبيحيى بن معين نفى الكذب عن حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبأبي عبيد القاسم بن سلام فسر الغريب من حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لو لا ذلك لاقتحم الناس في الخطأ.

٤٠٧

أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أخبرنا محمّد بن نعيم قال : سمعت أبا زكريا يحيى بن محمّد العنبري يقول : سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول : سألت أبا قدامة عن الشّافعيّ وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي عبيد. فقال : أما أفهمهم فالشافعي إلا أنه قليل الحديث ، وأما أورعهم فأحمد بن حنبل ، وأما أحفظهم فإسحاق ، وأما أعلمهم بلغات العرب فأبو عبيد.

وأخبرني ابن يعقوب ، أخبرنا محمّد بن نعيم قال : سمعت أبا الوليد الفقيه يقول : سمعت الحسن بن سفيان يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : أبو عبيد أوسعنا علما ، وأكثرنا أدبا ، وأجمعنا جمعا. إنا نحتاج إلى أبي عبيد ، وأبو عبيد لا يحتاج إلينا.

أخبرني أبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد بن جعفر اليزيدي ـ بأصبهان ـ أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن شجاع الأديب قال : سمعت أحمد بن خشنام بن معدان يقول : سمعت أحمد بن سلمة النّيسابوريّ قال : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : الحق يحبه الله عزوجل ، أبو عبيد القاسم بن سلام أفقه مني ، وأعلم مني.

حدثني مسعود بن ناصر السجستاني ، أخبرنا عليّ بن بشرى السجستاني ، حدّثنا محمّد بن الحسين الآجري قال : سمعت أبا بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة يقول : سمعت أحمد بن نصر المقرئ يقول : قال إسحاق بن إبراهيم : إن الله لا يستحي من الحق ، أبو عبيد أعلم مني ، ومن ابن حنبل والشافعي.

حدثت عن أبي عمر محمّد بن عبد الواحد اللغوي قال : سمعت أبا العبّاس ثعلبا يقول : لو كان أبو عبيد في بني إسرائيل لكان عجبا.

قرأت على أحمد بن عليّ بن التوزي عن أبي عبيد الله المرزباني ، حدّثنا أحمد بن كامل القاضي قال : كان أبو عبيد القاسم بن سلام فاضلا في دينه. وفي علمه ، ربانيا متفننا في أصناف علوم الإسلام من القرآن ، والفقه ، والعربية ، والأخبار. حسن الرواية ، صحيح النقل ، لا أعلم أحدا من الناس طعن عليه في شيء من أمره ودينه.

أخبرني ابن يعقوب ، أخبرنا محمّد بن نعيم ، أخبرنا أبو العبّاس السّيّاريّ ، حدّثنا عيسى بن محمّد بن عيسى ، حدّثنا العبّاس بن مصعب ، حدّثنا الثقة من أصحابنا ـ قال : وهو عبد المجيد القاضي ـ عن أبي عليّ محمّد بن عيسى ، قال السّيّاريّ وهو عم عيسى بن محمّد بن عيسى ـ قال : سمعت عبد الله بن طاهر يقول : كان للناس

٤٠٨

أربعة ، ابن عباس في زمانه ، والشعبي في زمانه ، والقاسم بن معن في زمانه ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في زمانه.

قرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكي قال : أخبرنا محمّد بن إسحاق الثّقفيّ قال: حدثني محمّد بن أبي العبّاس عن محمّد بن عيسى الكاتب قال : رثى عبد الله ابن طاهر أبا عبيد فقال :

يا طالب العلم قد أودى ابن سلام

قد كان فارس علم غير محجام

أودى الذي كان فينا ربع أربعة

لم يلف مثلهم إسناد أحكام

حبر البرية عبد الله عالمها

وعامر ولنعم الثاويا عامي

هما أتانا بعلم في زمانهما

والقاسمان ابن معن وابن سلام

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد الطبراني ، حدّثنا عبدان بن محمّد المروزيّ ، حدّثنا أبو سعيد الضرير قال : كنت عند عبد الله بن طاهر فورد عليه نعي أبي عبيد فقال لي : يا أبا سعيد مات أبو عبيد ، ثم أنشأ يقول :

يا طالب العلم قد مات ابن سلام

وكان فارس علم غير محجام

مات الذي كان فيكم ربع أربعة

لم يلف مثلهم إسناد أحكام

حبر البرية عبد الله ، أولهم

وعامر ، ولنعم ، الثاويا عامي

هما اللذان أنافا فوق غيرهما

والقاسمان ابن معن وابن سلام

قال : وكان عبد الله يقول : علماء الناس أربعة ، عبد الله بن عباس في زمانه والشعبي في زمانه ، والقاسم بن معن في زمانه ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في زمانه.

أخبرنا أبو عقيل أحمد بن عيسى القزاز ، حدّثنا عبد العزيز بن الحارث التّميميّ ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد الكبشي النساخ قال : سمعت إبراهيم الحربي يقول : أدركت ثلاثة لن يرى مثلهم أبدا ، تعجز النساء أن يلدن مثلهم ، رأيت أبا عبيد القاسم بن سلام ما مثلته إلا بجبل نفخ فيه روح ، ورأيت بشر بن الحارث فما شبهته إلا برجل عجن من قرنه إلى قدمه عقلا ، ورأيت أحمد بن حنبل فرأيت كأن الله جمع له علم الأولين من كل صنف ، يقول ما شاء ، ويمسك ما شاء.

قرأت على ابن التوزي عن ابن المرزباني قال : حدثني مكرم بن أحمد قال : قال إبراهيم الحربي : كان أبو عبيد كأنه جبل نفخ فيه الروح يحسن كل شيء إلا الحديث ، صناعة أحمد ويحيى. وكان أبو عبيد يؤدب غلاما في شارع بشر وبشير ، ثم اتصل

٤٠٩

بثابت بن نصر بن مالك الخزاعيّ يؤدب ولده ، ثم ولى ثابت طرسوس ثماني عشرة سنة فولى أبو عبيد القضاء بطرسوس ثماني عشرة سنة ، فاشتغل عن كتابة الحديث. كتب في حداثته عن هشيم وغيره. فلما صنف احتاج إلى أن يكتب عن يحيى بن صالح ، وهشام بن عمار. وأضعف كتبه كتاب «الأموال» ، يجيء إلى باب فيه ثلاثون حديثا وخمسون أصلا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيجيء يحدث بحديثين يجمعهما من حديث الشام ، ويتكلم في ألفاظهما. وليس له كتاب مثل «غريب المصنف». وانصرف أبو عبيد يوما من الصّلاة فمر بدار إسحاق الموصلي ، فقالوا له : يا أبا عبيد صاحب هذه الدار يقول إن في كتابك غريب المصنف ألف حرف خطأ ، فقال أبو عبيد : كتاب فيه أكثر من مائة ألف يقع فيه ألف ليس بكثير ، ولعل إسحاق عنده رواية وعندنا رواية فلم يعلم فخطأنا ، والروايتان صواب ولعله أخطأ في حروف وأخطأنا في حروف فيبقى الخطأ شيء يسير. وكتاب «غريب الحديث» فيه أقل من مائتي حرف سمعت ، والباقي قال الأصمعي ، وقال أبو عمرو ، وفيه خمسة وأربعون حديثا لا أصل لها ، أوتي فيها أبو عبيد من أبي عبيدة معمر بن المثنّى ، كان أبو عبيد كأنه جبل نفخ فيه الروح يتكلم في كل صنف من العلم.

حدثني العلاء بن أبي المغيرة الأندلسي ، أخبرنا عليّ بن بقا الورّاق ـ بمصر ـ أخبرنا عبد الغني بن سعيد الحافظ قال : في كتاب الطهارة لأبي عبيد القاسم بن سلام حديثان ما حدث بهما غير أبي عبيد ، ولا عن أبي عبيد غير محمّد بن يحيى المروزيّ ، أحدهما شعبة عن عمرو بن أبي وهب ، والآخر حديث عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبريّ ، حدث به يحيى القطّان عن عبيد الله وحدث به الناس عن يحيى المروزيّ ، أحدهما شعبة عن عمرو بن أبي وهب ، والآخر حديث عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبريّ ، حدث به يحيى القطّان عن عبيد الله وحدث به الناس عن يحيى القطّان عن ابن عجلان.

قلت : أخبرنا بحديث شعبة عليّ بن أحمد الرّزّاز.

أخبرنا حبيب بن الحسن القزاز ومحمّد بن أحمد بن قريش البزّاز قالا : حدّثنا محمّد بن يحيى المروزيّ ، أخبرنا أبو عبيد ، حدّثنا حجاج عن شعبة عن عمرو بن أبي وهب الخزاعيّ عن موسى بن ثوران البجلي عن طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعيّ عن عائشة قالت : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا توضأ يخلل لحيته.

وأما حديث عبيد الله بن عمر :

٤١٠

فأخبرناه أحمد بن عمر بن روح النهرواني وعلي بن أبي عليّ البصريّ قالا : أخبرنا الحسين بن محمّد بن عبيد العسكري ، حدّثنا محمّد بن يحيى المروزيّ ، حدّثنا أبو عبيد ، حدّثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال : رأت عائشة عبد الرّحمن توضأ فقالت : يا عبد الرّحمن أسبغ الوضوء ، فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ويل للأعقاب من النار» (٦).

أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عليّ بن حمويه بن أبزك الهمذانيّ ـ بها ـ أخبرنا أحمد ابن عبد الرّحمن الشّيرازيّ قال : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي يقول : سمعت عبد الله بن محمّد بن طرخان يقول : سمعت محمّد بن عقيل يقول : سمعت حمدان بن سهل يقول : سألت يحيى بن معين عن الكتابة عن أبي عبيد والسماع منه فتبسم وقال : مثلي يسأل عن أبي عبيد؟! أبو عبيد يسأل عن الناس ، لقد كنت عند الأصمعي يوما إذ أقبل أبو عبيد فشق إليه بصره حتى اقترب منه فقال : أترون هذا المقبل؟ قالوا : نعم! قال : لن تضيع الدنيا ـ أو لن يضيع الناس ـ ما حيي هذا المقبل.

أخبرنا عليّ بن الحسين ـ صاحب العباسي ـ أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر الخلال ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل الفارسي ، حدّثنا بكر بن سهل ، حدّثنا عبد الخالق بن منصور قال : وسئل يحيى بن معين عن أبي عبيد فقال : ثقة.

أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ ، حدّثنا أبي ، حدّثنا محمّد بن مخلد قال : سمعت عباس بن محمّد يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول : أبو عبيد القاسم ابن سلام ممن يزداد كل يوم عندنا خيرا.

أخبرني محمّد بن أبي عليّ الأصبهانيّ ، أخبرنا أبو عليّ الحسين بن محمّد الشّافعيّ ـ بالأهواز ـ أخبرنا أبو عبيد محمّد بن عليّ الآجري قال : سئل أبو داود سليمان بن الأشعث عن القاسم بن سلام فقال : ثقة مأمون.

أخبرني ابن الفضل القطّان قال : قال أبو بكر محمّد بن الحسن بن زياد النقاش : أبو عبيد القاسم بن سلام من أبناء أهل خراسان ، كان صاحب نحو وعربية ، طلب الحديث والفقه وولى قضاء طرسوس أيام ثابت بن نصر بن مالك ، ولم يزل معه ومع ولده. وقدم بغداد فسمع الناس منه غريب الحديث ، وصنف كتبا وخرجت إلى الناس

__________________

(٦) الحديث سبق تخريجه ، راجع الفهرس.

٤١١

واستفيد منه علم كثير وحج وتوفي بمكة سنة اثنتين ـ أو ثلاث ـ وعشرين ومائتين في خلافة المعتصم.

أخبرني أبو الفرج الحسين بن عليّ الطناجيري ، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن الخليل بن عمر العنبري ـ بالبصرة ـ حدّثنا حسن بن عليّ قال : خرج أبو عبيد ـ يعني القاسم بن سلام ـ إلى مكة سنة تسع عشرة ومائتين ، ومات بمكة سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

أخبرني الأزهري ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : القاسم بن سلام يكنى أبا عبيد ولى قضاء طرسوس أيام ثابت بن نصر بن مالك ، ولم يزل معه ومع ولده. وقدم بغداد ففسر بها غريب الحديث ، وصنف كتبا ، وسمع الناس منه وحج فتوفي بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي قال : قال محمّد بن سليمان ابن فارس قال البخاريّ : القاسم بن سلام أبو عبيد البغداديّ مات سن أربع وعشرين ومائتين.

أخبرني الأزهري ، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا الحارث بن محمّد بن أبي أسامة قال : سنة أربع وعشرين ومائتين فيها مات أبو عبيد القاسم بن سلام صاحب الغريب بمكة.

أخبرنا البرقاني قال : قرأت على أبي حامد الحسنوي حدثكم أبو جعفر السامي قال : ومات أبو عبيد في سنة أربع وعشرين.

قلت : وبلغني أنه بلغ سبعا وستين سنة.

٦٨٦٩ ـ القاسم بن عيسى بن إدريس بن معقل بن عمرو بن شيخ بن معاوية ابن خزاعي بن عبد العزّى ، أبو دلف العجلي :

أمير الكرج. وعبد العزّى : هو ابن دلف بن جشم بن قيس بن سعد بن عجل بن لجيم بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن

__________________

٦٨٦٩ ـ انظر : تهذيب الكمال ٤٨٠٧ (٢٣ / ٤٠٣). والمنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ١٠٢ ـ ١٠٨. وتاريخ واسط : ١٢ / ٤١٦ ـ ٤٢٣ ، والأغانى : ٨ / ٢٤٨ ـ ٢٥٧ ، وأنساب السمعاني : ـ

٤١٢

جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. كان أبو دلف شاعرا أديبا ، وسمحا جوادا ، وبطلا شجاعا ، وورد بغداد دفعات عدة وبها مات.

أخبرنا أبو طاهر حمزة بن محمّد بن طاهر الدّقّاق ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن الفضل الهاشميّ ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباريّ ، حدّثنا أبي ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن الحسن الكاتب ، حدثني عيسى بن عبد العزيز بن سهل الحارثي ـ من بني الحارث بن كعب ـ قال : خرجت رفقة إلى مكة فيها القاسم بن عيسى ، فلما تجاوزت الكوفة حضرت الأعراب وكثرت تريد اغتيال الرفقة ، فتسرع قوم إليهم فزجرهم أبو دلف وقال : ما لكم ولهذا؟ ثم انفصل بأصحابه فعبى عسكره ميمنة وميسرة وقلبا. فلما سمع الأعراب أن أبا دلف حاضر انهزموا من غير حرب ، ثم مضى بالناس حتى حج ، فلما رجعوا أخبرت القافلة بأن الأعراب قد احتشدوا احتشادا عظيما وهم قاصدون القافلة ، وكان في القافلة رجل أديب شاعر في ناحية طاهر بن الحسين وآله فكتب إلى أبي دلف بهذا الشعر :

جرت بدموعها العين الذروف

وظل من البكاء لها حليف

بلاد تنوفة ومحل قفر

وبعد أحبة ونوى قذوف

نبادر أول القطرات نرجو

بذلك أن تخطانا الحتوف

أبا دلف وأنت عميد بكر

وحيث العز والشرف المنيف

تلاف عصابة هلكت فما أن

بها ـ إلا تداركها ـ خفوف

كفعلك في البدى وقد تداعت

من الأعراب مقبلة زحوف

فلما أن رأوك لهم حليفا

وخيلك حولهم عصبا عكوف

ثنوا عنقا وقد سخنت عيون

لما لاقوا وقد رغمت أنوف

فلما قرأ أبو دلف الأبيات أجاب عنها بغير إطالة فكر ولا روية فقال :

رجال لا تهولهم المنايا

ولا يشجيهم الأمر المخوف

وطعن بالقنا الخطى حتى

تحل بمن أخافكم الحتوف

ونصر الله عصمتنا جميعا

وبالرحمن ينتصر اللهيف

__________________

ـ ٨ / ٤٠١ ، ١٠ / ٣٨٢ ، ومعجم البلدان : ٤ / ٤٤٦ ، والكامل لابن الأثير : ٦ / ٤١٣ ، ٥١٦ ، ووفيات الأعيان : ٤ / ٧٣ وسير أعلام النبلاء : ١٠ / ٥٦٣ ، والعبر : ١ / ٣٩٤ ، وتذهيب التهذيب : ٣ / الورقة ١٤٩ ، وتاريخ الإسلام : الورقة ٢١٤ (أيا صوفيا ٣٠٠٧) ، ونهاية السئول ، الورقة ٣٠٠ ، وتهذيب التهذيب : ٨ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، والتقريب : ٢ / ١١٨ ، وخلاصة الخزرجي : ٢ / الترجمة ٥٧٩٢ ، وشذرات الذهب : ٢ / ٥٧.

٤١٣

أخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن عمران بن موسى ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى المكي قال : أنشدني محمّد بن القاسم بن خلاد لابن النطاح في أبي دلف :

وإذا بدا لك قاسم يوم الوغى

يختال خلت أمامه قنديلا

وإذا تلذذ بالعمود ولينه

خلت العمود بكفه منديلا

وإذا تناول صخرة ليرضها

عادت كثيبا في يديه مهيلا

قالوا وينظم فارسين بطعنة

يوم اللقاء ولا يراه جليلا

لا تعجبوا لو كان مدّ قناته

ميلا إذا نظم الفوارس ميلا

حدثني الأزهري قال : في كتابي عن سهل بن الديباجي حدّثنا أحمد بن أحمد بن الفضل الأهوازيّ قال : أنشد بكر بن النطاح أبا دلف :

مثال أبي دلف أمة

وخلق أبي دلف عسكر

وإن المنايا إلى الدار ع

ين بعين أبي دلف تنظر

فأمر له بعشرة آلاف درهم ، فمضى فاشترى بها بستانا بنهر الأبلة ثم عاد من قابل فأنشده :

بك ابتعت في نهر الأبلة جنة

عليها قصير بالرخام مشيد

إلى لزقها أخت لها يعرضونها

وعندك مال للهبات عتيد

فقال له أبو دلف : بكم الأخرى؟ قال : بعشرة آلاف ، قال : ادفعوها إليه ، ثم قال له : لا تجئني قابل فتقول بلزقها أخرى ، فإنك تعلم أن لزق كل أخرى أخرى متصلة إلى ما لا نهاية له.

أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه والحسن بن عليّ الجوهريّ ـ قال عمر أخبرنا وقال الحسن حدّثنا ـ محمّد بن العبّاس الخزاز ، حدّثنا محمّد بن المرزبان ، حدثني الحسين بن الصّلت العجلي ، حدثني سماعة بن سعيد قال : أتى جعيفران أبا دلف يستأذن عليه وعنده أحمد بن يوسف فقال الحاجب جعيفران الموسوس بالباب ، فقال أبو دلف : ما لنا وللمجانين ، فقال له أحمد بن يوسف أدخله فلما دخل قال :

يا ابن أعز الناس مفقودا

وأكرم الأمة موجودا

لما سألت الناس عن واحد

أصبح في الأمة محمودا

قالوا جميعا إنه قاسم

أشبه آباء له صيدا

٤١٤

قال : أحسنت والله ، يا غلام اكسه وادفع إليه مائة درهم. فقال : مره أعزك الله أن يدفع إلى خمسة منها ويحفظ الباقي لي ، قال : ولم؟ قال لئلا تسرق مني أو يشتغل قلبي بحفظها. قال يا غلام ادفع إليه كلما جاءك خمسة دراهم إلى أن يفرق بيننا الموت قال فبكى جعيفران ، فقال له أحمد بن يوسف ما يبكيك؟ فقال :

يموت هذا الذي تراه

وكل شيء له نفاد

لو كان شيء له خلود

عمّر ذا المفضل الجواد

أخبرني الحسن بن محمّد الخلال ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم البزّاز ، حدّثنا أحمد بن مروان المالكيّ ـ بمصر ـ حدّثنا الحسن بن عليّ الربعي ، حدّثنا أبي قال : سمعت العتابي يقول : اجتمعنا على باب أبي دلف جماعة من الشعراء ، فكان يعدنا بأمواله من الكرج وغيرها ، فأتته الأموال فبسطها على الأنطاع ، وأجلسنا حولها ودخل إلينا فقمنا إليه فأومأ إلينا أن لا نقوم إليه ، ثم اتكأ على قائم سيفه ثم أنشأ يقول :

ألا أيها الزوار لا يد عندكم

أياديكم عندي أجل وأكبر

فإن كنتمو أفردتموني للرجا

فشكري لكم من شكركم لي أكثر

كفاني من مالي دلاص وسابح

وأبيض من صافي الحديد ومغفر

ثم أمر بنهب تلك الأموال فأخذ كل واحد على قدر قوّته.

أخبرني الأزهري ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن ، حدّثنا أحمد بن مروان المالكيّ ، حدّثنا المبرد ، حدّثنا أبو عبد الرّحمن التوزي قال : استهدى المعتصم من أبي دلف كلبا أبيض كان عنده ، فجعل في عنقه قلادة كيمخت أخضر وكتب عليها :

أوصيك خيرا به فإن له

خلائقا لا أزال أحمدها

يدل ضيفي على في ظالم اللي

ل إذا النار نام موقدها

أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ الكوفيّ ، أخبرنا أبو بكر الصولي قال : تذاكرنا يوما عند المبرد الحظوظ وأرزاق الناس من حيث لا يحتسبون ، قال : هذا يقع كثيرا ، فمنه قول ابن أبي فتن في أبيات عملها لمعنى أراده :

ما لي ومالك قد كلفتني شططا

حمل السلاح وقول الدار عين قف

أمن رجال المنايا خلتني رجلا

أمسى وأصبح مشتاقا إلى التلف

يمشي المنون إلى غيري فأكرهها

فكيف أسعى إليها بارز الكتف

أم هل حسبت سواد الليل شجعني

أو أن قلبي في جنبي أبي دلف

٤١٥

فبلغ هذا الشعر أبا دلف فوجه إليه أربعة آلاف درهم جاءته على غفلة.

أخبرنا أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا أبو بكر بن شاذان ، أخبرنا أبو محمّد عبيد الله بن عبد الرّحمن السّكّري ـ قراءة عليه ـ قال : حدثني عبد الله بن عمرو بن عبد الرّحمن بن أبي سعد قال : حدثني أحمد بن يحيى الرّازي قال : سمعت البجلي أحمد بن الحسن قال : سمعت أبا تمّام الطائي يقول : دخلنا على أبي دلف ، أنا ، ودعبل بن عليّ ، وبعض الشعراء ـ أظنه عمارة ، وهو يلاعب جارية له بالشطرنج ، فلما رآنا قال قولوا :

رب يوم قطعت ـ لا بمدام

بل بشطرنجنا نجيل الرخاخا

ثم أجيزوا. فبقينا ينظر بعضنا إلى بعض. فقال لم لا تقولون؟ :

وسط بستان قاسم في جنان

قد علونا مفارشا ونخاخا

وحوينا من الظباء غزالا

طريا لحمه يفوق المخاخا

فنصبنا له الشباك زمانا

ونصبنا مع الشباك فخاخا

فأصدناه بعد خمسة شهر

وسط نهر يشخ ماه شخاخا

قال : فنهضنا عنه ، فقال : إلى أين؟ مكانكم حتى نكتب لكم بجوائزكم ، فقلنا : لا حاجة لنا في جائزتك ، حسبنا ما نزل بنا منك اليوم. فأمر بأن تضعف لنا.

أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني ، أخبرنا المعافي بن زكريا الجريري ، حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا أبو العيناء محمّد بن القاسم بن خلاد قال : حدثني إبراهيم بن الحسن بن سهل قال : كنا في موكب المأمون فترجل له أبو دلف ، فقال له المأمون : ما أخرك عنا؟ فقال علة عرضت لي ، فقال شفاك الله وعافاك ، اركب ، فوثب من الأرض على الفرس ، فقال له المأمون : ما هذه وثبة عليل؟ فقال بدعاء أمير المؤمنين شفيت.

أخبرني عليّ بن أيّوب القمي ، أخبرنا محمّد بن عمران المرزباني ، حدثني أبو عبد الله الحكيمي قال : حدثني يموت بن المزرع قال : حدثني أبو هفان قال : كان لأبي دلف العجلي جارية تسمى جنان ، وكان يتعشقها وكان لفرط فتوته وظرفه يسميها صديقتي ، فمن قوله فيها :

أحبك يا جنان وأنت مني

مكان الروح من جسد الجبان

ولو أني أقول مكان روحي

خشيت عليك بادرة الزمان

لإقدامي إذا ما الخيل كرت

وهاب كماتها حر الطعان

٤١٦

قال أبو هفان : ثم ماتت فرثاها بمراث حسان.

أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد ، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدثني أبو الفضل جعفر بن محمّد الأصبهانيّ ، حدثني محمّد بن إدريس بن معقل عن أبيه قال : اجتمع على باب أبي دلف جماعة من الشعراء ، فمدحوه وتعذر عليهم الوصول إليه ، وحجبهم حياء لضيقة نزلت به ، فأرسل إليهم خادما له يعتذر إليهم ويقول انصرفوا في هذه السنة وعودوا في القابلة ، فإني أضعف لكم العطية ، وأبلغكم الأمنية ، فكتبوا إليه :

أيهذا العزيز قد مسناه الده

ر بضر وأهلنا أشتات

وأبونا شيخ كبير فقير

ولدينا بضاعة مزجاة

قل طلابها فبارت علينا

وبضاعاتنا بها الترهات

فاغتنم شكرنا وأوف لنا الكي

ل وتصدق علينا فإننا أموات

فلما وصل إليه الشعر ضحك وقال عليّ بهم ، فلما دخلوا قال أبيتم إلا أن تضربوا وجهي بسورة يوسف ، وو الله إني لمضيق ولكني أقول كما قال الشّاعر :

لقد خبرت أن عليك دينا

فزد في رقم دينك واقض ديني

يا غلام اقترض لي عشرين ألفا بأربعين ، وفرقها فيهم.

أخبرنا أحمد بن عمر بن روح ، أخبرنا المعافى بن زكريا ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدثني أبو الفضل الربعي عن أبيه قال : قال المأمون يوما ـ وهو مقطب ـ لأبي دلف : أنت الذي يقول فيك الشّاعر :

إنما الدنيا أبو دلف

عند معدله ومختصره

فإذا ولى أبو دلف

ولت الدنيا على أثره

فقال : يا أمير المؤمنين شهادة زور ، وقول غرور ، وملق معتف ، وطالب عرف ، وأصدق منه ابن أخت لي حيث يقول :

دعني أجوب الأرض ألتمس الغنى

فلا الكرج الدنيا ولا الناس قاسم

فضحك المأمون وسكن غضبه.

أخبرني الحسين بن عليّ الصيمري ، حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني ، أخبرني محمّد بن يحيى الصولي ، حدثني أحمد بن إسماعيل بن الخصيب قال : سمعت سعيد ابن حميد يقول : كان ابن أبي دؤاد قد اصطنع أبا دلف واحتبسه بحيلة من يد الافشين

٤١٧

ـ وقد دعا بالسيف ليقتله ـ فكان أبو دلف يصير إليه كل يوم يشكره ، وكان ابن أبي دؤاد يقول به ويصفه ، فقال له المعتصم : إن أبا دلف حسن الغناء ، جيد الضرب بالعود. فقال : يا أمير المؤمنين القاسم في شجاعته وبيته في العرب يفعل هذا؟ قال نعم! وما هو هذا؟ هو أدب زائد فيه. فكأن ابن أبي دؤاد عجب من ذلك ، فأحب المعتصم أن يسمعه ابن أبي دؤاد ، فقال له : يا قاسم غنّني ، فقال : والله ما أستطيع ذلك وأنا أنظر إلى أمير المؤمنين هيبة له وإجلالا ، فقال : لا بد من ذلك ، واجلس من وراء ستارة. فكان ذلك أسهل عليه ، فضربت ستارة وجلس أبو دلف خلفها يغني ، ووجه المعتصم إلى ابن أبي دؤاد فحضر واستدناه ، وجعل أبو دلف يغني وأحمد يسمع ولا يدري من يغني. فقال له المعتصم : كيف تسمع هذا الغناء يا أبا عبد الله؟ فقال : أمير المؤمنين أعلم به مني ، ولكني أسمع حسنا. فغمز المعتصم غلاما فهتك الستارة وإذا أبو دلف ، فلما رأى المعتصم وابن أبي دؤاد وثب قائما ، وأقبل على ابن أبي دؤاد فقال : إني أجبرت على هذا ، فقال : لو لا دربتك في هذا من أين كنت تأتي بمثل هذا! هبك أجبرت على أن تغني ، من أجبرك على أن تحسن؟ قال الصولي : ومات أبو دلف سنة خمس وعشرين ومائتين.

أخبرنا الحسن بن محمّد الخلال ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران ، أخبرنا محمّد ابن يحيى قال : وفي سنة خمس وعشرين ومائتين مات أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي ، وكان جوادا شريفا شاعرا شجاعا.

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال : كتب إلى محمّد بن إبراهيم الجوري يذكر أن أحمد بن حمدان بن الخضر حدثهم قال أحمد بن يونس الضّبّي حدثني أبو حسّان الزيادي قال : مات القاسم بن عيسى العجلي ـ أبو دلف ببغداد في سنة خمس وعشرين ومائتين.

حدثني الحسن بن أبي طالب قال : حدّثنا يوسف بن عمر القواس ، حدّثنا الحسين ابن إسماعيل ـ إملاء ـ حدّثنا عبد الله بن أبي سعد قال : حدثني محمّد بن سلمة البلخي ، حدثني محمّد بن عليّ القوهستاني ، حدثني دلف بن أبي دلف قال : رأيت كأن آتيا أتاني بعد موت أبي ، فقال : أجب الأمير ، فقمت معه فأدخلني دارا وحشة ، وعرة سوداء الحيطان ، مقلعة السقوف والأبواب ، ثم أصعدني درجا فيها ، ثم أدخلني غرفة فإذا في حيطانها أثر النيران ، وإذا في أرضها أثر الرماد ، وإذا أبي عريان واضعا رأسه بين ركبتيه ، فقال لي كالمستفهم : دلف؟ قلت : نعم أصلح الله الأمير ، فأنشأ يقول :

٤١٨

أبلغن أهلنا ولا تخف عنهم

ما لقينا في البرزخ الخناق

قد سئلنا عن كل ما قد فعلنا

فارحموا وحشتي وما قد ألاقي

أفهمت؟ قلت نعم! فأنشأ يقول :

فلو كنا إذا متنا تركنا

لكان الموت راحة كل حي

ولكنا إذا متنا بعثنا

فنسأل بعده عن كل شيء

انصرف ، قال : فانتبهت.

٦٨٧٠ ـ القاسم بن عمر بن عبد الله بن مالك بن أبي أيّوب الأنصاريّ ، يكنى أبا عمرو :

حدث عن محمّد بن المنكدر ، وعن عبد الله بن طاوس ، وداود بن أبي هند. روى عنه إسحاق بن إبراهيم بن سنين الختلي. وذكر أنه سمع منه في دكان يوسف بن موسى القطّان في سنة أربع وعشرين ومائتين. وأتى عليه مائة وتسع وعشرون أو مائة وسبع وعشرون ـ سنة.

أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر القاضي ، أخبرنا عثمان بن أحمد ـ المعروف بابن السماك ـ حدّثنا إسحاق بن سنين قال : حدثني أبو عمرو.

وأخبرني الحسن بن أبي بكر ، وعثمان بن محمّد بن محمّد بن يوسف العلاف قالا : أخبرنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الشّافعيّ. وأخبرنا أبو بكر أحمد بن طلحة ابن أحمد بن هارون الواعظ ـ واللفظ له ـ حدّثنا أبو بكر الشّافعيّ ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن سنين ، حدّثنا أبو عمرو القاسم بن عمر بن عبد الله بن مالك بن أبي أيّوب الأنصاريّ ، حدّثنا داود بن أبي هند قال : حدثني عامر الشعبي عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أداء الحقوق ، وحفظ الأمانات ، ديني ودين النبيين من قبلي ، وقد أعطيتم ما لم يعط أحد من الأمم ، إن الله تعالى جعل قربانكم الاستغفار ، وجعل صلاتكم الخمس بالأذان والإقامة ، ولم تصلها أمة قبلكم ، فحافظوا على صلواتكم ، وأي عبد صلّى الفريضة ثم استغفر الله عشر مرات لم يقم من مقامه حتى تغفر له ذنوبه ولو كانت مثل رمل عالج وجبال تهامة» (١).

__________________

٦٨٧٠ ـ انظر : ميزان الاعتدال ٣ / ترجمة ٦٧٢٧.

(١) انظر الحديث في : ميزان الاعتدال ٦٧٢٧. ولسان الميزان ٤ / ١٤٣٧. وكنز العمال ٢٠٩٥.

٤١٩

قلت : لا أعلم روى هذا الحديث عن داود بن أبي هند غير هذا الشيخ ، وهو منكر جدّا.

٦٨٧١ ـ القاسم بن عبد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب :

من أهل مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قدم سر من رأى فأقام بها إلى حين وفاته.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ، حدّثنا جدي يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب قال : سمعت أبا محمّد إسماعيل بن محمّد يقول : ما رأيت الطالبيين انقادوا لأحد بالرئاسة انقيادهم للقاسم بن عبد الله. قال جدي : وكان القاسم بن عبد الله من أهل الفضل وأهل الخير ، وقد كان أشخصه عمر بن فرج من المدينة إلى العسكر في أيام المعتصم بالله ، وكان قد كثر عليه سليمان بن عبد الله بن سليمان بن عليّ العباسي ـ إذ كان واليا على المدينة ـ وقال لعمر بن الفرج فيما قال : هذا قاسم ابن عبد الله لو جاءه صبي من الطالبيين يشكو إليه لجاء ، فقال لي : ظلمته. فخرج به عمر بن فرج فأقام بالعسكر حتى مات بها.

٦٨٧٢ ـ القاسم بن أبي سفيان ـ واسمه : محمّد ـ بن حميد ، المعمري ، ويكنى القاسم : أبا محمّد :

حدث عن عبد الرّحمن بن محمّد بن حبيب بن أبي حبيب. روى عنه قتيبة بن سعيد ، ومحمّد بن أبي عتاب الأعين ، والحسن بن الصباح البزّاز ، ومحمّد بن الوليد المخزوميّ.

أخبرنا محمّد بن عمر بن بكير المقرئ ، حدّثنا هارون بن عيسى بن المطلب الهاشميّ ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الصّمد بن موسى ، حدّثنا محمّد بن الوليد المخزوميّ ـ بمكة ـ حدّثنا القاسم بن أبي سفيان المعمري.

__________________

٦٨٧٢ ـ انظر : تهذيب الكمال ٤٨٢١ (٢٣ / ٤٣٧). وتاريخ الدارمي ، الترجمة ٧٠٨ ، وتاريخ البخاري الكبير : ٧ / الترجمة ٧٠٧ ، والجرح والتعديل : ٧ / الترجمة ٦٨١ ، وثقات ابن حبان : ٩ / ١٥ ، والكامل لابن عدى : ٣ / الورقة ٢ ، وديوان الضعفاء ، الترجمة ٤٣٢٤ ، والمغني : ٢ / الترجمة ٥٠١٠ ، وتذهيب التهذيب : ٣ / الورقة ١٥٣ ، وتاريخ الإسلام : الورقة ٢١٥ ، (أيا صوفيا ٣٠٠٧) ، وميزان الاعتدال : ٣ / الترجمة ٦٨٣٦ ، وتهذيب التهذيب : ٨ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ، والتقريب : ٢ / ١٢٠ ، وخلاصة الخزرجي : ٢ / الترجمة ٥٨٠٥.

٤٢٠