تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٢

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٢

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٩

أخبرنا أحمد بن عبد الله المحامليّ ، حدّثنا أحمد بن يوسف بن خلاد ـ إملاء ـ حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن كثير مولى آل العبّاس ، حدثني داود بن رشيد قال : دخل غياث بن إبراهيم على المهديّ ـ وكان يحب الحمام التي تجيء من البعد ـ قال فحدثه ـ يعني حديثا ـ رفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا سبق إلا في حافر أو خف أو جناح» (٣) فأمر له بعشرة آلاف درهم ، فلما قام قال : أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جناح ، ولكنه أراد أن يتقرب إلىّ.

حدثني عليّ بن أحمد بن عيسى بن موسى بن أبي محمّد بن المتوكل على الله قال : هذا كتاب جدي ، فقرأت فيه حدثني أبو بكر محمّد بن داود النّيسابوريّ ، حدّثنا محمّد بن غالب بن حرب ، حدّثنا موسى بن إسماعيل ، حدّثنا غياث بن إبراهيم. قال قال لي المهديّ : ما صنعتك؟ قلت : صنعة المفاليس. قال : وما صنعة المفاليس؟ قلت : طلب الحديث.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ومحمّد بن الحسين بن الفضل. قالا : أخبرنا دعلج بن أحمد حدّثنا ـ وفي حديث بن الفضل أخبرنا ـ أحمد بن عليّ الأبار حدّثنا يحيى بن أيّوب ، حدّثنا أبو المنذر الكوفيّ قال : كنا بمكة ، فقدم عطاء بن عجلان البصريّ ، فأخذ في الطواف ، فجاء غياث بن إبراهيم ، وكدام بن مسعر بن كدام ، وآخر قد سماه. فجعلوا يكتبون حديث عطاء ، فإذا مروا بعشرة أحاديث أدخلوا حديثا من غير حديثه ، حتى كتبوا أحاديث وهو يطوف ، قال فقال لهم حفص بن غياث : ويلكم اتقوا الله فاني أراكم ستصيرون آية للعالمين ، تريدون أن تهتكوا حرمة الشهر ، وحرمة البلدة ، وحرمة الإسلام؟ قال : فانتهروه وصاحوا به وقالوا أنت أحمق ، قال فقام من عندهم وتركهم ، فلما فرغ كلموه أن يحدثهم ورققوه ، فأخذ الكتاب فجعل يقرأ حتى انتهى إلى حديث فمر فيه فقرأه ، قال فنظر بعضهم إلى بعض ، ثم قرأ آخر حتى انتهى إلى الثالث فانتبه الشيخ واستضحكوا ، قال فقال لهم : إن كنتم أردتم شيني فعل الله بكم وفعل. قال أبو المنذر : فوثبت خشية أن تصيبني ، فإما كدام فاختلط ووسوس وكوى رأسه أربع كيات وأما غياث فبطل حديثه ولم يصدق ، حتى لو حدث بالصدق لم يصدق.

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدثني أبي ، حدّثنا الحسين بن أحمد بن صدقة ،

__________________

(٣) انظر الحديث في : سنن أبى داود ٢٥٧٤. وسنن الترمذي ٢٢. وسنن النسائي ٦ / ٢٢٧. وسنن ابن ماجة ٤٤ ، ٢٨٧٨. وصحيح ابن حبان ١٦٣٨.

٣٢١

حدّثنا أحمد بن زهير ، حدثني محمّد بن عبّاد بن موسى ، حدّثنا يزيد بن هارون ، حدثني خليفة بن موسى ، عن غياث بن إبراهيم قال : كان يكون الحديث الحسن عند الشيخ الذي لا يجوز حديثه ، فأجيء بالشيخ إلى الأعمش فيسمع الحديث منه ، فأرويه عن الأعمش وأطرح الشيخ.

وأخبرني عبيد الله ، حدثني أبي ، حدّثنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدّقّاق ، حدّثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمّد قال سمعت عثمان بن أبي شيبة يقول سمعت أبا أسامة يقول : كنت أذهب أنا وغياث إلى الأعمش ، فيحدثنا غياث بالأحاديث ليس عند الأعمش ، ثم ننصرف فيعود فيحدثنا بها الأعمش فيكتبها غياث. فأقول له ويلك أليس حدثته أنت بها؟ فيقول : اسكت هي من أبي محمّد أنفق.

أخبرني عليّ بن محمّد بن الحسن الحربي قال أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، أخبرنا محمّد بن عمران بن موسى الصّيرفيّ ، حدّثنا عبد الله بن عليّ بن عبد الله المديني. قال : سألت أبي عن غياث بن إبراهيم فضعفه.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا هبة الله بن محمّد بن حبش الفراء ، أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال سمعت يحيى بن معين ـ وذكر عنده غياث بن إبراهيم ـ فقال يحيى : كان ضعيفا.

أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد قال حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن أحمد الحوشي ، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، حدّثنا سليمان بن معبد قال سمعت يحيى يقول : كان غياث بن إبراهيم كذّابا.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد ابن سعيد بن مرابا ، حدّثنا عباس بن محمّد قال : سمعت يحيى بن معين يقول : غياث ليس بثقة ولا مأمون. قال أبو الفضل عباس : هو غياث بن إبراهيم.

أخبرنا البرقاني ، حدثني محمّد بن العبّاس ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن مسعدة الفزاريّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن درستويه ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن القاسم بن محرز قال : سئل يحيى بن معين ، عن غياث بن إبراهيم فقال : كوفي كذاب خبيث ـ قال لي أبو سفيان المعمري ـ وكان جاره ـ نسخ كتبي عن معمر كلها ثم وضعها في كتبه ولم يسمعها مني.

٣٢٢

حدّثنا عبد العزيز بن أحمد بن عليّ الكتاني ، أخبرنا عبد الوهّاب بن جعفر الميداني ، حدّثنا عبد الجبّار بن عبد الصّمد السلمي ، حدّثنا القاسم بن عيسى العصار ، حدّثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني. قال : غياث بن إبراهيم ـ كان فيما سمعت غير واحد يقول ـ كان يضع الحديث.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي ، أخبرني محمّد بن إبراهيم بن شعيب الغازي قال : سمعت محمّد بن إسماعيل البخاريّ يقول : غياث بن إبراهيم أبو عبد الرّحمن يعد في الكوفيين تركوه.

أخبرنا أبو حازم العبدوي قال سمعت محمّد بن عبد الله الجوزقي يقول : قرئ على مكي بن عبدان ـ وأنا أسمع ـ قيل له : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول : أبو عبد الرّحمن غياث بن إبراهيم الكوفيّ متروك الحديث.

أخبرني محمّد بن أبي عليّ الأصبهانيّ قال أخبرنا أبو عليّ الحسين بن محمّد الشّافعيّ ـ بالأهواز ـ حدّثنا أبو عبيد محمّد بن عليّ الآجري قال : سألته ـ يعني أبا داود ـ عن غياث بن إبراهيم قال : غير ثقة ولا مأمون.

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا أحمد بن سعد ، حدّثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النّسائيّ ، حدثني أبي. قال : غياث بن إبراهيم كوفي متروك الحديث.

أخبرني البرقاني ، حدثني محمّد بن أحمد بن محمّد الأدمي ، حدّثنا محمّد بن عليّ الأيادي ، حدّثنا زكريا الساجي. قال : غياث بن إبراهيم كوفي تركوه.

أخبرني محمّد بن عليّ المقرئ ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران ، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال : سألت أبا عليّ صالح بن محمّد عن غياث بن إبراهيم فقال : كوفي كان يضع الحديث.

٦٧٦٨ ـ غسان بن عبيد ، الأزديّ :

من أهل الموصل حدث عن أبي عاتكة طريف بن سلمان ، ومالك بن أنس ، وابن أبي ذئب ، وسفيان الثوري ، وعكرمة بن عمار. روى عنه غير واحد من الغرباء ، وقدم بغداد وحدث بها فروى عنه من أهلها الحكم بن موسى روى عنه جامع سفيان الثوري ، وعبد الجبّار بن عاصم ، وسعدان بن نصر.

ويقال : إن غسان خرج عن الموصل فاستوطن الثغر ، وكتب الناس عنه هناك.

__________________

٦٧٦٨ ـ انظر : ميزان الاعتدال ٣ / ترجمة ٦٦٦١.

٣٢٣

أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمّد بن أحمد بن حسنون النرسي وأبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار. قالا : حدّثنا محمّد بن عمرو بن البختري الرّزّاز ـ إملاء ـ حدّثنا سعدان بن نصر بن منصور البزّاز ، حدّثنا غسان بن عبيد ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبريّ ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ليأتين على الناس زمان لا يبالي أحدهم بما أخذ من المال ، بحلال أم حرام» (١).

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدثني أبي ، حدّثنا الحسين بن صدقة ، حدّثنا ابن أبي خيثمة قال : سمعت يحيى بن معين.

وأخبرني العتيقي ، أخبرنا عثمان بن محمّد المخرمي ، أخبرني محمّد بن يعقوب الأصم أن العبّاس بن محمّد بن حاتم حدثهم قال : سمعت يحيى بن معين يقول : غسان الموصلي الذي يروي جامع سفيان ثقة.

كذا روى أحمد بن أبي خيثمة وعباس الدّوريّ عن يحيى. وروى إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن يحيى أنه ضعفه.

أخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال : سئل يحيى ـ وأنا أسمع ـ عن غسان بن عبيد الموصلي فقال : قد رأيته هاهنا يعني ببغداد ـ ضعيف الحديث.

أنبأنا أحمد بن محمّد بن عبد الله الكاتب ، أخبرنا محمّد بن حميد المخرمي ، حدّثنا عليّ بن الحسين بن حبان قال : وجدت في كتاب أبي ـ بخط يده ـ سألت أبا زكريا عن غسان بن عبيد الموصلي فقال أبو زكريا : كان قدم علينا هاهنا فنزل المدينة ، فأتيناه فإذا هو لا يعرف الحديث ، إلا أنه لم يكن من أهل الكذب ، ولكنه كان لا يعقل الحديث. قلت لأبي زكريا : سمع جامع سفيان من سفيان؟ قال لا ، إنما عرضه على سفيان.

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدثني أبي ، حدّثنا عبد الله بن سليمان ، حدّثنا عبد الله بن أحمد قال : سمعت أبي يقول : كتبنا عن غسان بن عبيد الموصلي ـ قدم علينا هاهنا ـ وكان قد سمع من سفيان أحاديث يسيرة ، وكتبت منها أحاديث ،

__________________

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٣ / ٧٧. ومسند أحمد ٢ / ٤٣٥ ، ٤٥٢. والسنن الكبرى للبيهقي ٥ / ٢٦٤ ، ٢٧٦. وفتح الباري ٤ / ٣١٣.

٣٢٤

وخرجت حديثه منذ حين ، وإنما كان سمع من سفيان شيئا يسيرا. وأنكر أن يكون سمع الجامع من سفيان.

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا محمّد بن عبيد الله بن خميرويه ، أخبرنا الحسين بن إدريس قال : قال محمّد بن عبد الله بن عمار : غسان بن عبيد الموصلي كان يعالج الكيمياء ، وما عرفناه بشيء من الحديث ، ولا حدث هاهنا بشيء.

أخبرني الحسن بن محمّد الخلال عن أبي الحسن الدار قطني قال : غسان بن عبيد موصلي صاحب التوزي صالح ، وضعفه أحمد.

٦٧٦٩ ـ غسان بن المفضل ، أبو معاوية الغلابي البصريّ :

سكن بغداد وحدث بها عن سفيان بن عيينة ، ومعتمر بن سليمان ، وعبد الوهّاب الثّقفيّ ، وبشر بن المفضل ، وخالد بن الحارث ، وأبي بحر البكراوي ، وأبي أسامة حمّاد بن أسامة ، وغيرهم. روى عنه ابنه المفضل ، ومحمّد بن عبد الله المخرمي ، وأبو الأحوص محمّد بن نصر الأثرم ، وجعفر بن محمّد الصّائغ ، وعبد الله بن مهران النّحويّ ، وإسحاق بن الحسن الحربي ، ومحمّد بن غالب التمتام.

أخبرنا عليّ بن القاسم بن الحسن الشاهد ـ بالبصرة ـ حدّثنا عليّ بن إسحاق المادراني ، أخبرنا عبد الله بن مهران ، حدّثنا غسان بن المفضل الغلابي ، حدّثنا معتمر ابن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عن سعيد بن زيد وأسامة بن زيد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» (١).

أخبرنا الجوهريّ ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا محمّد بن معروف الخشاب ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا محمّد بن سعد ـ في تسمية من كان ببغداد في المحدثين ـ غسان بن المفضل الغلابي ويكنى أبا معاوية.

أخبرنا الصيمري ، حدّثنا عليّ بن الحسن الرّازي قال : حدّثنا محمّد بن الحسين الزعفراني ، حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة قال : وغسان بن المفضل ـ أبو معاوية الغلابي ـ كان من عقلاء الناس دخل على المأمون فاستعقله.

أخبرنا عليّ بن الحسين ـ صاحب العباسي ـ أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر الخلال ،

__________________

٦٧٦٩ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ٤٦.

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٧ / ١١. وصحيح مسلم ، كتاب الذكر والدعاء باب ٢٦. وفتح الباري ٩ / ١٣٧.

٣٢٥

حدّثنا محمّد بن إسماعيل الفارسي ، حدّثنا بكر بن سهل ، حدّثنا عبد الخالق بن منصور قال: وسألت يحيى بن معين عن الغلابي فقال ثقة.

أخبرني الحسن بن محمّد الخلال عن أبي الحسن الدار قطني قال : غسان بن المفضل الغلابي بصري ثقة.

أخبرنا عليّ بن محمّد السّمسار قال : أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، أخبرنا عبد الباقي بن قانع : أن غسان بن المفضل أبا معاوية الغلابي مات في سنة تسع عشرة ومائتين.

٦٧٧٠ ـ غسّان بن الرّبيع بن منصور ، أبو محمّد الغسّانيّ الأزديّ :

من أهل الموصل سمع عبد الله بن عمرو بن مرة ، وأبا إسرائيل الملائي ، وجعفر بن ميسرة ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، وحماد بن سلمة ، وثابت بن يزيد ، وعبد العزيز الماجشون والليث بن سعد ، وإسماعيل بن عياش. روى عنه أبو يعلى الموصلي ، وغيره من أهل بلده. وقدم بغداد وحدث بها فكتب عنه ، وحدث عنه من أهلها أحمد بن حنبل ، وحنبل بن إسحاق ، ويحيى بن معين ، وعباس الدّوريّ ، وأحمد بن يوسف التغلبي ، وهيذام بن قتيبة ، ويزيد بن الهيثم البادا ، وجعفر الصّائغ ، وإبراهيم الحربي. وكان نبيلا فاضلا ورعا.

أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم ، حدّثنا العبّاس بن محمّد الدّوريّ ، حدّثنا غسان بن الربيع ، حدّثنا أبو إسرائيل الملائي ـ واسمه إسماعيل ـ عن الحارث بن حصيرة الأزديّ عن ابن بريدة عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إني أشفع يوم القيامة لأكثر مما على وجه الأرض من حجر ، أو مدر».

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا حنبل بن إسحاق ، حدّثنا غسان بن الربيع ـ مع أبي عبد الله ـ حدّثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن حنش قال : صليت خلف عليّ في الرحبة وصلّى على سهل بن حنيف ، فكبر ستا.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر وعثمان بن محمّد بن يوسف قالا : أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ قال : سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ـ وسئل : كتب يحيى بن معين ـ يعني عن غسان بن الربيع فقال : حديثا واحدا هو هذا.

__________________

٦٧٧٠ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ١١٣.

٣٢٦

أخبرنا يحيى بن معين ، حدّثنا غسان بن الربيع ، حدّثنا يوسف بن عبدة عن ثابت وحميد عن أنس قال : كان الأوس والخزرج ، فذكر الحديث.

أخبرني الخلال عن الدار قطني قال : وغسان بن الربيع صالح.

أخبرنا القاضي أبو الطّيّب الطبري ومحمّد بن عبد الملك القرشيّ قالا : حدّثنا أبو الحسن الدار قطني قال : غسان بن الربيع ضعيف.

كتب إلى أبو الفرج محمّد بن إدريس الموصلي يذكر أن أبا منصور المظفّر بن محمّد الطوسي حدثهم قال : حدّثنا أبو زكريا يزيد بن محمّد بن إياس الأزديّ قال : توفي غسان بن الربيع بالموصل سنة ست وعشرين ومائتين.

٦٧٧١ ـ غسّان بن رضوان بن شعيب ، أبو الحسن البزّاز :

حدث عن الحسن بن عرفة ، وأحمد بن العبّاس النّسائيّ. روى عنه محمّد بن إبراهيم بن المقرئ الأصبهانيّ.

حدّثنا يحيى بن عليّ بن الطّيّب الدسكري ـ لفظا بحلوان ـ أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ـ بأصبهان ـ حدّثنا غسان بن رضوان بن شعيب أبو الحسن البزّاز ـ ببغداد ـ حدّثنا الحسن بن عرفة ، حدّثنا عبد الله بن المبارك عن عاصم الأحول عن الشعبي عن عدي بن حاتم قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الصيد فقال : «إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عزوجل ، فإن قتل فكل ، إلا أن يكون وقع في ماء فلا تأكله ، لا تدري الماء قتله أم سهمك» (١).

٦٧٧٢ ـ غانم بن حميد بن يونس بن عبد الله ، أبو بكر الشعيري (١) :

حدث عن محمّد بن أبي العوّام الرياحي وغيره. روى عنه أبو القاسم بن الثلاج ، وأبو الحسين بن جميع الصيداوي.

أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن عليّ بن عياض القاضي ـ بصور ـ وأبو نصر عليّ بن الحسين بن أحمد الورّاق ـ بصيدا ـ قالا : أخبرنا محمّد بن أحمد بن جميع الغسّانيّ ، حدّثنا غانم بن حميد بن يونس بن عبد الله ـ أبو بكر الشعيري ـ ببغداد ـ حدّثنا أبو عمارة أحمد بن محمّد ، حدّثنا الحسن بن عمرو بن سيف السدوسي ، حدّثنا

__________________

(١) ٦٧٧١ ـ انظر الحديث في : سنن الترمذي ١٤٦٩. وصحيح مسلم ، كتاب الصيد ٦ ، ٧.

(١) ٦٧٧٢ ـ الشعيري : هذه النسبة إلى بيع الشعير. (الأنساب / ٣٥٢).

٣٢٧

القاسم بن مطيب ، حدّثنا منصور بن صدقة عن أبي معبد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ، ولم تطمث ، وإنما سماها فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار» (٢).

في إسناد هذا الحديث من المجهولين غير واحد ، وليس بثابت.

٦٧٧٣ ـ غانم بن عبد الله بن محمّد بن أبان بن بيان ، أبو الحسين البزّاز :

حدث عن أبي شعيب الحراني ، ومحمّد بن أحمد بن إبراهيم السّرّاج ، وغيرهما. روى عنه أبو القاسم بن الثلاج ، وأحمد بن الفرج بن حجاج ، وعلي بن عمر بن دخان.

وذكر أبو الفتح بن مسرور البلخي أنه سمع منه وقال : كان ثقة.

٦٧٧٤ ـ غانم بن محمّد ، الورّاق :

حدث عن موسى بن هارون. روى عنه أحمد بن محمّد بن عمران الجندي.

٦٧٧٥ ـ غريب :

مولى ولد عليّ بن صالح صاحب المصلى. حدث عن الحسن بن عليل العنزي. روى عنه عبد الله بن عدي الجرجاني. وذكر أنه سمع منه بسر من رأى.

٦٧٧٦ ـ غريب بن عبد الله ، الخادم المعتضدي :

حدث عن جعفر بن محمّد الفريابي. روى عنه أحمد بن محمّد بن عمران الجندي. وذكر أنه سمع منه في دار الخلافة ـ باب بيت المال ـ في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.

٦٧٧٧ ـ غالب بن محمّد ، البردعي :

حدث ببغداد عن محمّد بن مسلم بن وارة الرّازي. روى عنه أبو القاسم الطبراني.أخبرنا محمّد بن عبد الله بن شهريار الأصبهانيّ ، أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيّوب الطبراني ، حدّثنا غالب بن محمّد البردعي ـ ببغداد ـ حدّثنا محمّد بن مسلم بن

__________________

(٢) انظر الحديث في : تنزيه الشريعة ١ / ٤١٢. والفوائد المجموعة ٣٩٢. واللآلئ المصنوعة ١ / ٢٢٨. والأحاديث الضعيفة ٤٢٨. وكنز العمال ٣٤٢٢٦.

٣٢٨

وارة الرّازي ، حدّثنا عمرو بن عاصم الكلابي ، حدّثنا جدي عبيد الله بن الوازع عن أيّوب السختياني عن أبي الزّبير عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثلاث من فعلهن ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه ، وأن يبارك له ، من سعى في فكاك رقبة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له ، ومن تزوج ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له ، ومن أحيا أرضا ميتة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له» (١).

قال سليمان : لم يروه عن أيّوب إلا عبيد الله ، تفرد به عمرو بن عاصم.

٦٧٧٨ ـ غالب بن هلال بن محمّد بن سعدان بن جعفر بن عبد الرّحمن ، أبو العلاء الحفار (١) :

سمع عليّ بن معروف بن محمّد البزّاز. كتبت عنه ، وكان سماعه صحيحا.

أخبرنا غالب بن هلال الحفار ـ في سنة تسع وأربعمائة ـ قال : حدّثنا أبو الحسن عليّ بن معروف البزّاز ، حدّثنا عبد الله بن أبي داود ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مسلم المقرئ ، حدّثنا يغنم بن قنبر ، حدّثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يدخل الحمام إلا بمئزر» (١).

مات غالب بن هلال الحفار قبل سنة عشرين وأربعمائة.

٦٧٧٩ ـ غصين بن براق ، أبو هلال الأحدب. الشّاعر المديني :

سماه وكناه ونسبه دعبل بن عليّ في كتاب طبقات الشعراء ، وذكر أنه كان أعرابيا ، وقال : هاجر إلى بغداد فأقام بها حتى مات ، وله ببغداد بنون ، وهو الذي يقول :

فلو أن ما بي بالحصى فلق الحصى

وذكر الشعر.

قلت : وذكر غير دعبل أنه كان مغنيّا.

__________________

(١) ٦٧٧٧ ـ انظر الحديث في : السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٣١٩. وكشف الخفا ١ / ٣٨٤. ومجمع الزوائد ٤ / ٢٥٧. وكنز العمال ٤٣٢٢٣.

(١) ٦٧٧٨ ـ الحفار : هذه النسبة لمن يحفر القبور. (الأنساب ٤ / ١٧٢).

(٢) انظر الحديث في : سنن الترمذي ٢٨٠١. وسنن النسائي ١ / ١٩٨. والمعجم الكبير ١١ / ١٩١. وصحيح ابن حبان ٢٣٨ ، ٢٠٥٣.

٣٢٩

أخبرنا أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد بن محمّد بن جعفر ، أخبرنا محمّد بن عبد الرّحيم المازني ، حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ قال : حدثني محمّد بن المرزبان ، حدّثنا أبو بكر العامري ، حدّثنا محمّد بن زكريا قال : مررت بالأحدب المدني المغني ، فقلت له أنشدني شيئا من شعرك ، فأنشدني :

فلو أن ما بي بالحصى فلق الحصى

وبالريح لم يوجد لهن هبوب

ولو أنني أستغفر الله كلما

ذكرتك لم تكتب على ذنوب

ولو أن أنفاسي أصابت بحرها

حديدا إذن ظل الحديد يذوب

فعجبت من حسنه ، وقلت إن هذا الشعر لا يخرج إلا من قلب عاشق ، فقد قيل لبعض العرب لم صارت المراثي ، أرق أشعاركم؟ قال : لأنا نبكي بها على الآباء والأبناء من قلوب قرحة.

٦٧٨٠ ـ الغمر بن محمّد بن عبد الرّحمن بن الغمر بن عبّاد بن النّعمان ، أبو أحمد الباوردي :

قدم بغداد وحدث بها عن حامد بن بلال البخاريّ. كتب عنه أبو الحسن بن رزقويه.

٦٧٨١ ـ غيلان بن محمّد بن إبراهيم بن غيلان بن الحكم ، أبو القاسم الهمذانيّ البزّاز :

وهو أخو أبي طالب محمّد وكان الأكبر ، سمع أحمد بن سلمان النّجّاد ، وأبا بكر الشّافعيّ ، ودعلج بن أحمد ، وعبد الخالق بن الحسن بن أبي روبا. كتبنا عنه وكان ثقة يسكن درب عبدة.

سمعت أبا طالب بن غيلان ـ وسئل عن مولد أخيه غيلان ـ فقال : في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ، ومات في ليلة الجمعة ودفن بباب حرب يوم الجمعة التاسع عشر من شعبان سنة ست عشرة وأربعمائة.

انقضى حرف العين

__________________

٦٧٨٠ ـ انظر : الأنساب للسمعاني ٢ / ٦٥.

٣٣٠

باب الفاء

٣٣١

ذكر من اسمه الفضل

٦٧٨٢ ـ الفضل بن يحيى بن خالد. البرمكي :

أخو جعفر وكان رضيع هارون الرّشيد ، وولاه الرّشيد أعمالا جليلة بخراسان وغيرها ، وكان أندى كفا من أخيه جعفر ، إلا أنه كان فيه كبر شديد ، وكان جعفر أطلق وجها ، وأظهر بشرا. ولما غضب هارون الرّشيد على البرامكة وقتل جعفرا ، خلد الفضل في الحبس مع أبيه يحيى ، فلم يزالا محبوسين حتى ماتا في حبسهما.

قرأت على الحسن بن عليّ الجوهريّ عن أبي عبيد الله المرزباني قال : أخبرني محمّد بن يحيى الصولي قال : كان مولد الفضل بن يحيى لسبع بقين من ذي الحجة سنة سبع وأربعين ومائة. وأم الفضل زبيدة بنت سنين بربرية مولدة المدينة ، فأرضعت الخيزران الفضل ، وأرضعت زبيدة أم الفضل الرّشيد أياما حتى صارا رضيعين ، وفي ذلك يقول مروان بن أبي حفصة في قصيدة يمدح بها الفضل :

كفى لك فضلا أن أفضل حرة

غذتك بثدي والخليفة واحد

لقد زنت يحيى في المشاهد كلها

كما زان يحيى خالدا في المشاهد

أخبرني أبو القاسم الأزهري ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد ابن عرفة ، حدثني محمّد بن الحسين بن هشام قال : حدثني عليّ بن الجهم عن أبيه قال : أصبحت ذات يوم وأنا في غاية الخلة والضيقة ، ما أهتدي إلى دينار ولا درهم ولا أملك إلا دابة عجفاء ، وخادما خلقا ، فطلبت الخادم فلم أجده ، ثم جاء فقلت أين كنت؟ فقال كنت في احتيال شيء لك ، وعلف لدابتك ، فو الله ما قدرت عليه. فقلت : أسرج لي دابتي فأسرجها ، وركبت ، فلما صرت في سوق يحيى ، فإذا أنا بموكب عظيم ، وإذا الفضل بن يحيى بن خالد ، فلما بصر بي قال : سر ، فسرنا قليلا وحجز بيني وبينه غلام يحمل طبقا على باب يصيح بجارية ، فوقف الفضل طويلا ثم قال سر! ثم قال أتدري ما وقفني؟ قلت إن رأيت أن تعلمني ، قال : كانت لأختي جارية وكنت أحبها حبّا شديدا ، وأستحي من أختي أن أطلبها منها ، ففطنت أختي لذلك ، فلما كان في هذا اليوم لبستها وزينتها وبعثت بها إلى ، فما كان في عمري يوم هو أطيب عندي من يومي هذا ، فلما كان في هذا الوقت جاءني رسول أمير المؤمنين فأزعجني وقطع على لذتي ، فلما صرت إلى هذا المكان دعا هذا الغلام صاحب الطبق

__________________

٦٧٨٢ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ٩ / ٢٠٨.

٣٣٢

باسم تلك الجارية ، فارتحت لندائه ، ووقفت. فقلت : أصابك ما أصاب أخا بني عامر حيث يقول :

وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى

فهيج أحزان الفؤاد وما يدري

دعا باسم ليلى غيرها فكأنما

أطار بليلي طائرا كان في صدري

فقال : اكتب لي هذين البيتين ، فعدلت أطلب ورقة أكتب له البيتين فيها فلم أجد ، فرهنت خاتمي عند بقال ، وأخذت ورقة فكتبتهما فيها ، وأدركته بها فقال لي ارجع إلى منزلك ، فرجعت ونزلت ، فقال لي الخادم أعطني خاتمك أرهنه على قوتك اليوم ، فقلت قد رهنته ، فما أمسيت حتى بعث إلى بثلاثين ألف درهم جائزة ، وعشرة آلاف درهم سلفا لشهرين من رزق أجراه لي.

أخبرني أبو القاسم سلامة بن الحسين الخفّاف المقرئ ، وأبو الطالب عمر بن محمّد ابن عبيد الله المؤدّب قالا : أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ ، حدّثنا الحسين بن إسماعيل ، أخبرنا عبد الله بن أبي سعيد قال : حدثني عبد الله بن الحارث المروزيّ قال : أخبرني هاشم بن نامجور (١) قال : مر الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك بعمرو بن جميل التّميميّ ببلخ ـ وعمرو في مضربه يطعم الناس ـ فلم يقف الفضل ولم يسلم عليه ، فوجد عمرو في نفسه ، فلما نزل الفضل قال : ينبغي لنا أن نعين عمرا على مروءته ، فبعث إليه بألف ألف درهم.

أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ ، حدثني أبي ، حدّثنا محمّد بن الحسن ابن دريد الأزديّ ، أخبرنا الحسن بن خضر ، حدثني أبي عن العتابي قال : اجتمعنا على باب الفضل بن يحيى البرمكي بأرمينية أربعة آلاف رجل ، يطلب كل بأدب ، وشعر ، وكتابة ، وشفاعة ، وكان الزوار يسمون في ذلك العصر السؤال ، فقال الفضل ـ لكرمه ـ سموهم الزوار ، فلزمهم هذا الاسم إلى اليوم.

أخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى المكي ، حدّثنا أحمد بن عمر الأخباري عن جده قال : كان الفضل ابن يحيى عبسا بسرا وكان سخيّا كريما ، وكان أخوه جعفر بن يحيى طلقا بشرا ، وكان بخيلا لا عطاء له، وكان الناس إلى لقاء جعفر أميل منهم إلى لقاء الفضل.

وأخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا المرزباني ، حدّثنا أحمد بن أحمد بن عيسى المكي ، حدّثنا محمّد بن القاسم بن خلاد قال : بلغ يحيى بن خالد أن ابنه الفضل وهب

__________________

(١) هكذا في الأصل.

٣٣٣

لغلامه الطباخ مائة ألف درهم ، فقال له في ذلك ، فقال الفضل : إن هذا غلام صحبني وأنا لا أملك شيئا ، واجتهد في نصيحتي ، وقد قال الشّاعر :

إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا

من كان يؤنسهم في المنزل الخشن

أخبرنا أبو القاسم الأزهري وأبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل قالا : أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ الكوفيّ ، أخبرنا أبو بكر الصولي ، حدّثنا أبو الحسن البرذعي قال : حدثني محمّد بن الحسن مصقول عن العتابي قال : كنا بباب الفضل بن يحيى البرمكي أربعة آلاف ، ما بين شاعر ، وزائر ، وفينا فتى يحدثنا ونجتمع إليه ، فبينا هو ذات يوم قاعد إذ أقبل إليه غلام له كأجمل الغلمان ، فقال له : يا مولاي أخرجتني من بين أبوي ، وزعمت أن لك وصلة بالملوك ، فقد صرنا إلى أسوأ ما يكون من الحال. وقال : إن رأيت أن تأذن لي فأنصرف إلى أبوي فعلت. قال فاغرورقت عينا الفتى ثم قال ائتني بدواة وقرطاس ، فأتاه بهما فقعد حجزة ـ يعني ناحية ـ فكتب رقعة ، ثم عاد إلى مجلسه ثم قال للغلام : انصرف إلى وقت رجوعي إليك ، فبينا نحن كذلك إذ جاء رجل يستأذن على الفضل ، فقام إليه الفتى فقال : توصل رقعتي هذه إلى الأمير؟ قال وما في رقعتك؟ قال : أمدح نفسي وأحث الأمير على قبولي ، قال : هذه حاجة لك دون الأمير. فإن رأيت أن تعفيني فعلت ، قال : قد فعلت ، فعاد إلى مجلسه فخرج الحاجب فقام إليه ، فقال له مثل مقالته الأولى ، فاستظرفه الحاجب وقال : إن رجلا يتصل بمثل الفضل يمدح نفسه لا يمدح الفضل عجيب ، فأخذ منه الرقعة ثم دخل فلوحها للفضل ، فقرأ منها سطرين وهو مستلق على فراشه ، ثم استوى قاعدا وتناول الرقعة فقرأها ، فلما فرغ من الرقعة قال للحاجب : أين صاحب الرقعة؟ قال أعز الله الأمير ، لا والله لا أعرفه لكثرة من بالباب ، فقال الفضل : أنا أنبذه لك الساعة يا غلام اصعد القصر فناد أين مادح نفسه؟ فقام الغلام فصاح ، فقام الفتى من بيننا بغير رداء ولا حذاء فلما مثل بين يدي الفضل قال له : أنت القائل ما فيها؟ قال : نعم! قال : أنشدني فأنشأ الفتى يقول :

أنا من بغية الأمير وكنز

من كنوز الأمير ذو أرباح

كاتب حاسب خطيب بليغ

ناصح زائد على النصاح

شاعر مفلق أخف من الري

شة مما يكون تحت الجناح

ثم أروى عن ابن هرمة للن

اس لشعر محبر الإيضاح

٣٣٤

لي في النحو فطنة ونفاذ

لي فيه قلادة بوشاح

إن رمى بي الأمير أصلحه الله

رماحا صدمت حد الرماح

لست بالضخم يا أمير ولا الفد

م ولا بالمجحدر الدحداح

لحية سبطة ووجه جميل

واتقاد كشعلة المصباح

وظريف الحديث من كل لون

وبصير بحاليات ملاح

كم وكم قد خبأت عندي حديثا

هو عند الملوك كالتفاح

أيمن الناس طائرا يوم صيد

في غدو خرجت أم في رواح

أبصر الناس بالجوارح والخي

ل وبالخرد الحسان الملاح

كل هذا جمعت والحمد لله

على أنني ظريف المزاح

لست بالناسك المشمر ثوبي

ه ولا الماجن الخليع الوقاح

إن دعاني الأمير عاين مني

شمريا كالجلجل الصياح

فقال له الفضل :

كاتب ، حاسب ، خطيب أديب

ناصح ، زائد على النصاح

قال : نعم أصلح الله الأمير. فقال الفضل : يا غلام الكتب التي وردت من فارس فأتت بها ، فقال للفتى خذها فاقرأها واجب عنها. فجلس بين يدي الفضل يكتب فقال له الحاجب اعتزل يكون أذهن لك ، فقال هاهنا الرأي أجمع بحيث الرغبة والرهبة ، فلما فرغ من الكتب عرضها على الفضل ، فكأنما شق عن قلبه. فقال الفضل : يا غلام بدرة ، بدرة ، بدرة. فقال الفتى للغلام أعز الله الأمير دنانير أو دراهم؟ قال دنانير يا غلام. فلما وضعت البدرة بين يديه قال الفضل : احملها بارك الله لك فيها ، قال الفتى والله أيها الأمير ما أنا بحمال وما للحمل خلقت ، فإن رأى الأمير أن يأمر بعض غلمانه بحملها على أن الغلام لي ، فأشار الفضل إلى بعض الغلمان فأشار الفتى إليه مكانك ، فقال : إن رأى الأمير أيده الله أن يجعل الخيار إلى في الغلمان كما فعل بين البدرتين فعل ، فقال اختر! فاختار أجملهم غلاما فقال احمل فلما صارت البدرة على منكب الغلام بكى الفتى فاستفظع الفضل ذلك وقال ويلك استقلالا؟ قال لا والله أيدك الله ، ولقد أكثرت ، ولكن أسفا أن الأرض توارى مثلك! قال الفضل : هذا أجود من الأول. يا غلام زده كسوة وحملانا. قال العتابي : فلقد كنت أرى ركاب الفتى تحت ركاب الفضل.

٣٣٥

أخبرني الأزهري ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : فلم يزل الفضل ويحيى في حبس الرّشيد حتى مات يحيى سنة تسعين ، ومات الفضل سنة ثلاث وتسعين ومائة في المحرم.

قلت : وذكر الصولي أن الفضل مات في شهر رمضان من سنة اثنتين وتسعين ومائة قبل موت الرّشيد بشهور.

٦٧٨٣ ـ الفضل بن حبيب ، المدائنيّ السّرّاج :

سكن بغداد وحدث بها عن عبد الله بن العلاء بن زبر ، وحيان أبي زهير ، والمغيرة ابن مسلم السّرّاج. روى عنه يحيى بن معين ، ويزيد بن عمر بن جنزة المدائنيّ.

حدّثنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عبيد الله بن محمّد الحربي ـ إملاء ـ حدّثنا أحمد بن سلمان النّجّاد ، حدّثنا معاذ بن المثنّى ، حدّثنا يحيى بن معين قال : حدّثنا الفضل بن حبيب السّرّاج عن عبد الله بن العلاء ـ يعني ابن زبر ـ عن الضحاك بن عبد الرّحمن قال : سمعت أبا هريرة يقول : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة أن يقال له ألم نصح جسمك ونروك من الماء البارد؟».

أخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال : سألت يحيى بن معين عن الفضل بن حبيب السّرّاج فقال : شيخ من أهل المدائن كان هاهنا ببغداد في السراجين ، لم يكن به بأس.

٦٧٨٤ ـ الفضل بن سهل بن عبد الله ، أبو العبّاس الملقب ذا الرئاستين :

كان من أولاد ملوك المجوس ، وأسلم أبوه سهل في أيام هارون الرّشيد ، واتصل بيحيى بن خالد البرمكي ، واتصل الفضل والحسن ابنا سهل بالفضل وجعفر ابني يحيى بن خالد فضم جعفر بن يحيى الفضل بن سهل إلى المأمون ـ وهو ولي عهد ـ ويقال إن الفضل بن سهل أراد أن يسلم ، فكره أن يسلم على يد الرّشيد والمأمون ، فصار وحده إلى المسجد الجامع يوم الجمعة ، فأسلم واغتسل ولبس ثيابه ، ورجع مسلما. وغلب على المأمون لما وصل به للفضل الذي كان فيه ، فإنه كان أكرم الناس عهدا ، وأحسنهم وفاء وودا ، وأجزلهم عطاء وبذلا ، وأبلغهم لسانا ، وأكتبهم يدا. وفوض إليه المأمون ـ لما استخلف ـ أموره كلها ، وسماه ذا الرئاستين لتدبيره أمر السيف والقلم.

__________________

٦٧٨٤ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٠ / ١١٠.

٣٣٦

وقد روى عنه حديث مسند حدثنيه أبو طالب يحيى بن عليّ بن الطّيّب الدسكري ـ لفظا بحلوان ـ حدّثنا أبو عمر ضرار بن رافع بن ضرار الضّبّي الكاتب الهرويّ قال : حدثني أبو الحسن عبد الله بن موسى البغداديّ الكاتب ، حدّثنا أبو الحسن عليّ بن مهدي الفقيه المتكلم النّحويّ ، حدّثنا عليّ أبو محمّد المزني ـ وكان كاتبا أديبا ـ قال : حدثني عبد الله بن أحمد البلخي وهو أبو القاسم الكعبي المتكلم ـ وكان كاتبا لمحمّد ابن زيد ـ قال : حدثني أبي قال : حدثني عبد الله بن طاهر قال : حدثني طاهر بن الحسين بن مصعب بن رزيق قال : حدثني الفضل بن سهل ـ ذو الرئاستين ـ قال : حدثني يحيى بن خالد بن برمك قال : حدثني عبد الحميد الكاتب قال : حدثني سالم ابن هشام الكاتب قال : حدثني عبد الملك بن مروان كاتب عثمان قال : حدثني زيد ابن ثابت كاتب الوحي قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السين فيه» (١).

أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ الخفّاف وعمر بن محمّد بن عبيد الله المؤدّب قالا : أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ قال : حدّثنا القاضي الحسين بن إسماعيل قال : حدّثنا عبد الله بن أبي سعد قال : حدثني محمّد بن عبد الله بن طهمان قال : حدثني أبو الخطّاب الأزديّ قال : كان مسلم بن الوليد الأنصاريّ والفضل بن سهل متجاورين في قنطرة البردان ، وكانا صديقين ، فلما ولى الفضل الوزارة بمرو خرج إليه مسلم فقال له ، ألست الذي يقول :

فاجر مع الدهر إلى غاية

يرفع فيها حالك الحال

قال : فقال له الفضل : قد صرنا إلى الحال التي أجريت إليه. فأمر له بثلاثين ألف درهم.

قلت : وهذا البيت من جملة أبيات لمسلم بن الوليد ، وأولها :

بالغمر من زينب أطلال

مرت بها بعدك أحوال

وقائل ليس له همة

كلا ولكن ليس لي مال

وهيبة المعتز أمنية

عون على الدهر وأشغال

لا جدة ينهض عزمي بها

والناس سآل ونحال

فاجر مع الدهر إلى غاية

يرفع فيها حالك الحال

__________________

(١) انظر الحديث في : الدر المنثور ١ / ١٠. وكنز العمال ٢٩٣٠٠. والبداية والنهاية ١٠ / ١٩٥. وتاريخ ابن عساكر ٥ / ٣١.

٣٣٧

أخبرنا عليّ بن محمّد بن عبد الله المعدّل ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن البراء قال : حدثني الزّبير ـ يعني ابن بكّار ـ قال : سمعت التّميميّ ينشد الفضل بن سهل :

لعمرك ما الأشراف في كل بلدة

 ـ وإن عظموا ـ للفضل إلا صنائع

ترى عظماء الناس للفضل خشعا

إذا ما بدا والفضل لله خاشع

تواضع لما زاده الله قدرة

وكل عزيز عنده متواضع

أخبرنا أبو بشر محمّد بن أبي السري الوكيل ، حدّثنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني ، أخبرني الصولي قال : أنشدنا ثعلب وأبو ذكوان قالا : أنشدنا إبراهيم ابن العبّاس الصولي لنفسه في الفضل بن سهل :

لفضل بن سهل يد

تقاصر عنها المثل

فبسطتها للغني

وسطوتها للأجل

وباطنها للندى

وظاهرها للقبل

فأخذه ابن الرّوميّ فقال للقاسم بن عبد الله :

أصبحت بين خصاصة وتجمل

والمرء بينهما يموت هزيلا

فامدد إلى يدا تعوّد بطنها

بذل النوال وظهرها التقبيلا

أخبرنا عليّ بن أبي عليّ البصريّ ، حدّثنا عليّ بن محمّد بن العبّاس الخزاز ، حدّثنا محمّد بن القاسم بن بشّار الأنباريّ قال : حدثني أبي ، حدّثنا أبو عكرمة الضّبّي قال : عتب الفضل بن سهل على بعض أصحابه فأعتبه وراجع محبته ، فأنشأ الفضل يقول :

انها محنة الكرام إذا ما

أجرموا أو تجرموا الذنب تابوا

واستقاموا على المحبة للإخ

وان فيما ينوبهم وأنابوا

قال : ووجه الفضل بن سهل إلى رجل بجائزة وكتب إليه : قد وجهت إليك بجائزة لا أعظمها مكثرا ، ولا أقللها تجبرا ، ولا أقطع لك بعدها رجاء ، ولا أستثيبك عليها ثناء ، والسلام.

أخبرنا أبو الحسن عليّ بن القاسم بن الحسن الشاهد ـ بالبصرة ـ حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا أبو العيناء محمّد بن القاسم قال : قال الفضل بن سهل : رأيت جملة البخل سوء الظن بالله تعالى ، وجملة السخاء حسن الظن بالله تعالى.

٣٣٨

قال الله عزوجل : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) [البقرة ٢٦٨] وقال الله عزوجل :(وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ ٢٩].

أخبرني أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الواحد المنكدري ، حدّثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن أحمد المقرئ ، حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا القاسم بن إسماعيل قال : حدثني إبراهيم بن العبّاس الصولي الكاتب قال : اعتل الفضل بن سهل ذو الرئاستين علة بخراسان ، ثم برأ فجلس للناس فهنئوه بالعافية ، وتصرفوا في الكلام ، فلما فرغوا أقبل على الناس فقال : إن في العلل لنعما ينبغي للعقلاء أن يعلموها. تمحيص للذنب ، وتعرض لثواب الصبر وإيقاظ من الغفلة ، وادّكار للنعمة في حال الصحة ، واستدعاء للتوبة ، وحض على الصدقة ، وفي قضاء الله وقدره بعد الخيار. فنسي الناس ما تكلموا به وانصرفوا بكلام الفضل.

أخبرنا أبو عليّ الحسن بن محمّد بن عمر النرسي ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن المكتفي بالله ، حدّثنا ابن الأنباريّ قال : قال رجل للفضل بن سهل : أسكتني عن وصفك ، تساوي أفعالك في السؤدد ، وحيرني فيها كثرة عددها ، فليس لي إلى ذكر جميعها سبيل ، وإذا أردت وصف واحدة اعترضت أختها إذ كانت الأولى أحق بالذكر ، فلست أصفها إلا بإظهار العجز عن وصفها.

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال : كتب إلى محمّد بن إبراهيم الجوري أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال : حدّثنا أحمد بن يونس الضّبّي قال : حدثني أبو حسّان الزيادي قال : سنة اثنتين ومائتين فيها قتل ذو الرئاستين الفضل بن سهل ـ يوم الخميس ـ لليلتين خلتا من شعبان ويكنى أبا العبّاس بسرخس في حمام. اغتاله نفر ، فدخلوا عليه فقتلوه ، فقتل به أمير المؤمنين المأمون عبد العزيز بن عمران الطائي ، ومويس بن عمران البصريّ ، وخلف بن عمر المصري ، وعلي بن أبي سعيد ، وسراجا الخادم.

قلت : وكان عمر الفضل بن سهل على ما ذكر الحافظ إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر.

٦٧٨٥ ـ الفضل بن الربيع بن يونس بن محمّد بن أبي فروة واسم أبي فروة كيسان ، وكنية الفضل أبو العبّاس :

وكان حاجب هارون الرّشيد ، ومحمّد الأمين وكان أبوه حاجب المنصور ،

__________________

٦٧٨٥ ـ انظر : المنظم ، لابن الجوزي ١٠ / ١٨٥ ـ ١٨٨.

٣٣٩

والمهدي ، ولما أفضت الخلافة إلى الأمين قدم الفضل عليه من خراسان ـ وكان في صحبة الرّشيد إلى أن مات بطوس ـ فأكرم الأمين الفضل وألقى أزمة الأمور إليه ، وعول في مهماته عليه. وقد أسند الحديث عن المنصور والمهدي أميري المؤمنين.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا محمّد بن المظفّر ، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق بن الحسين ، حدّثنا محمّد بن محمّد بن محمّد بن عمر الواقدي ، حدّثنا أبي عن الفضل ابن الربيع عن المنصور ـ أبي جعفر ـ عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تمسح يدك بثوب من لا تكسوه» (١).

أخبرني أبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد بن جعفر البرقاني ـ بأصبهان ـ حدّثنا الحسن بن محمّد الزعفراني ، أخبرنا عبيد الله بن جعفر بن محمّد الرّازي ، حدّثنا عامر ابن بشر ، حدّثنا أبو حسّان الزياديّ ، حدّثنا الفضل بن الربيع عن أبيه عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من كنت مولاه فعلى مولاه» (٢).

أخبرني أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أخبرنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدّقّاق ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي ، أخبرنا ميمون بن هارون عن أبي هفان قال : حدثني الحسين الكوفيّ قال : لما قدم الفضل بن الربيع بغداد إلى محمّد بعد موت الرّشيد بالأموال والقضيب والخاتم ، اشتد فرحه وسروره ، وقربه وألطفه ، وقلده أموره وأعماله ، وفوض إليه ما وراء بابه. فكان هو الذي يولى ويعزل ، وتخلى محمّد لتوديع يديه (٣) واحتجب عن الناس فلم يكن يقعد إلا في الدهر ، فقال له أبو نواس :

لعمرك ما غاب الأمين محمّد

عن الأمر يعنيه إذا شهد الفضل

ولو لا مواريث الخلافة أنها

له دونه ما كان بينهما فضل

وإن كانت الأخبار فيها تباين

فقولهما قول وفعلهما فعل

أرى الفضل للدنيا وللدين جامعا

كما السهم فيه الفوق والريش والنصل

أخبرني الأزهري ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : مات الفضل بن الربيع سنة سبع ومائتين.

__________________

(١) انظر الحديث في : العلل المتناهية ٢ / ٢٥٩. المستدرك ٤ / ٢٧٢. والسنن الكبرى للبيهقي ٣ / ٢٣٣.

(٢) الحديث سبق تخريجه ، راجع الفهرس.

(٣) هكذا في الأصول.

٣٤٠