أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي
المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٩
٦٦٦٦ ـ عمرو بن أيّوب ، العابد :
إمام مسجد عصام ، حدث عن جرير بن عبد الحميد. روى عنه عباس الدّوريّ.
أخبرنا الحسن بن عليّ المقرئ العطّار ، حدّثنا محمّد بن بكران بن عمران ، حدّثنا محمّد بن مخلد ، حدّثنا عباس بن محمّد الدّوريّ ، حدّثنا عمرو بن أيّوب ـ إمام مسجد عصام وكان من العبّاد ـ حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن هلال بن يساف قال: حدثت أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا دعا [أحدكم] (١) بدعوة فلم يستجب له كتبت له حسنة».
٦٦٦٧ ـ عمرو بن محمّد بن بكير بن سابور ، أبو عثمان النّاقد :
سمع سفيان بن عيينة ، وهشيما ، ومعتمر بن سليمان ، وعبد العزيز بن أبي حازم ، ووكيعا ، ويحيى بن أبي زائدة ، وعبد السّلام بن حرب. روى عنه محمّد بن إسحاق الصاغاني ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وعبيدا بن محمّد بن خلف البزّار ، ومحمّد ابن عبدوس بن كامل السّرّاج ، وأحمد بن أبي عوف البزوري ، وأبو القاسم البغوي ، وغيرهم.
أخبرنا الأزهري وعلي بن محمّد السّمسار قالا : أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، أخبرنا محمّد بن عمران الصّيرفيّ ، حدّثنا عبد الله بن عليّ بن المديني. قلت لأبي : شيء رواه عمرو النّاقد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله : أن ثقفيّا وقرشيّا وأنصاريّا عند أستار الكعبة ، فقال : هذا كذب لم يرو هذا ابن عيينة
__________________
٦٦٦٦ ـ انظر : ميزان الاعتدال ٣ / ترجمة ٦٣٣١.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
٦٦٦٧ ـ انظر : تهذيب الكمال ٤٤٤٢ (٢٢ / ٢١٣). وطبقات ابن سعد : ٧ / ٣٥٨ ، وعلل أحمد :١ / ٦٨ ، ١٩٤ ، ٢٠٦ ، ٢٥١ ، ٣٠٥ ، ٣٢٠ ، ٣٩٠ ، ٣٩١ ، وتاريخ البخاري الكبير :٦ / الترجمة ٢٦٨٢ ، وتاريخه الصغير : ٢ / ٣٦٢ ، والكنى لمسلم ، الورقة ٧٢ ، والكنى للدولابي : ٢ / ٢٦ ، والجرح والتعديل : ٦ / الترجمة ١٤٥١ ، وثقات ابن حبان : ٨ / ٤٨٧ ، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ، الورقة ١٣٠ ، وإكمال ابن ماكولا : ٧ / ٣٢٨ ، وشيوخ أبي داود للجياني ، الورقة ٨٦ ، والجمع لابن القيسراني : ١ / ٣٦٨ ، والمعجم المشتمل ، الترجمة ٦٩٣ ، والمنتظم لابن الجوزي : ٦ / ٩ ، والكامل في التاريخ : ٧ / ٣٥ ، وسير أعلام النبلاء : ١١ / ١٤٧ ، وتذكرة الحفاظ :٢ / ٤٤٥ ، والكاشف : ٢ / الترجمة ، ٤٣٨٩ ، وتذهيب التهذيب : ٣ / الورقة ١٠٩ ، وميزان الاعتدال : ٣ / الترجمة ٦٤٤٢ ، وتاريخ الإسلام ، الورقة ٦٢ (أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٧) ، ونهاية السئول ، الورقة ٢٧٧ ، وتهذيب التهذيب : ٨ / ٩٦ ـ ٩٧ ، والتقريب : ٢ / ٧٨ ، وخلاصة الخزرجي : ٢ / الترجمة ٥٣٧٦ ، وشذرات الذهب ٢ / ٧٥.
إنما كان عند ابن عيينة عن منصور عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله وليس هو من صحيح حديثه ، وأنكره من حديث ابن عيينة عن ابن أبي نجيح.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا أحمد بن كامل القاضي قال : سمعت عبد الله ابن أحمد قال : سمعت أبي يقول : عمرو النّاقد يتحرى الصدق.
أخبرنا عثمان بن محمّد بن يوسف العلاف ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت حجاجا بن الشّاعر يسأل عن عمرو النّاقد والمعيطي؟ فقال : عمرو يتحرى الصدق. وكذا روى الشّافعيّ هذه الحكاية عن عبد الله بن أحمد.
أخبرنا الحسن بن عليّ التّميميّ ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت حجاج بن الشّاعر يسأل أبي فقال : أيما أحب إليك عمرو النّاقد أو المعيطي؟ فقال : كان عمرو النّاقد يتحرى الصدق. وهذه الرواية أصح.
أخبرنا عليّ بن الحسين ـ صاحب العباسي ـ أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر الخلال ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل الفارسي ، حدّثنا أبو بكر بن سهل ، حدّثنا عبد الخالق بن منصور قال : سألت يحيى بن معين عن عمرو النّاقد ـ وقيل له إن خلفا يقع فيه ـ فقال : ما هو من أهل الكذب ، هو صدوق.
أخبرني الأزهري ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم قال : عمرو النّاقد ثقة صاحب حديث ، وكان من الحفاظ المعدودين ، وكان فقيها.
أخبرنا العتيقي ، أخبرنا محمّد بن عدي البصريّ ـ في كتابه ـ حدّثنا أبو عبيد محمّد بن عليّ قال : سألت أبا داود عن عمرو النّاقد فقال : ثقة.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، حدّثنا أحمد بن عيسى بن الهيثم التمار ، حدّثنا عبيد بن محمّد بن خلف البزّار قال : مات عمرو النّاقد في عشر من ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا جعفر الخلدي ، حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي قال : سنة اثنتين وثلاثين ومائتين فيها مات عمرو بن محمّد النّاقد.
قرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكي قال : أخبرنا محمّد بن إسحاق الثّقفيّ قال: سمعت الجوهريّ يقول.
وأخبرني الصيمري ، حدّثنا عليّ بن الحسن الرّازي ، حدّثنا محمّد بن الحسين ، حدّثنا أحمد بن زهير.
قال : وأخبرنا العتيقي ، أخبرنا محمّد بن المظفّر قال : قال عبد الله بن محمّد البغوي : مات عمرو بن محمّد النّاقد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ـ زاد الجوهريّ ببغداد في ذي الحجة ـ وقال البغوي : ليومين مضيا من ذي الحجة وقد كتبت عنه.
٦٦٦٨ ـ عمرو بن عليّ بن بحر بن كنيز ، أبو حفص الصّيرفيّ الفلاس البصريّ:
سمع سفيان بن عيينة ، وبشر بن المفضل ، ويزيد بن زريع ، وغندرا ، ومعتمر بن سليمان ، وخالد بن الحارث ، وزياد بن الربيع ، وسفيان بن حبيب ، ويحيى القطّان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد العزيز بن عبد الصّمد العمّيّ ، ومعاذ بن معاذ ، ووكيعا ، وحرمي بن عمارة. روى عنه عفّان بن مسلم ، والبخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم الرّازيان ، وأبو داود السجستاني ، وأبو عيسى الترمذي ، وأبو عبد الرّحمن النسوي ، وغيرهم من الحفاظ. وقدم بغداد فحدث بها فروى عنه من أهلها أحمد بن منصور الرمادي ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وبشر بن موسى ، وعبد الله بن محمّد بن ناجية ، وقاسم بن زكريا المطرز ، وجماعة آخرهم الحسين بن إسماعيل المحامليّ. وقد روى أبو روق الهزاني البصريّ عن عمرو بن عليّ ، وهو آخر من روى عنه من أهل الدنيا جميعا.
__________________
٦٦٦٨ ـ انظر : تهذيب الكمال ٤٤١٦ (٢٢ / ١٦٢). وعلل أحمد : ١ / ١١٤ ، وتاريخ البخاري الكبير: ٦ / الترجمة ٢٦١٧ ، وتاريخه الصغير : ٢ / ٣٨٨ ، والكنى لمسلم ، الورقة ٢٢ ، والمعرفة ليعقوب : ١ / ٦٤٠ ، وجامع الترمذي : ١ / ٢٧١ (١٤٤) ، والجرح والتعديل : ٦ / الترجمة ١٣٧٥ ، وثقات ابن حبان : ٨ / ٤٨٧ ، وسنن الدارقطنيّ : ٢ / ٢٨٣ ، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ، الورقة ١٢٩ ، وتاريخ الخطيب : ١٢ / ٢٠٧ ، والسابق واللاحق : ٢٨٢ ، وإكمال ابن ماكولا : ٧ / ٨٩ ، وشيوخ أبي داود للجياني ، الورقة ٨٦ ، والجمع لابن القيسراني : ١ / ٣٦٧ ، وأنساب السمعاني : ٩ / ٣٥٤ ، والمعجم المشتمل ، الترجمة ٦٨٩ ، والمنتظم لابن الجوزي : ٦ / ١٢٦ ، وسير أعلام النبلاء : ١١ / ٤٧٠ ، وتذكرة الحفاظ : ٢ / ٤٨٧ ، والكاشف : ٢ / الترجمة ٤٢٦٣ ، والعبر : ١ / ٤٥٤ ، ٣١٥ ، ٣٤٦ ، ٣٨٣ ، وتذهيب التهذيب : ٣ / الورقة ١٠٦ ، وتاريخ الإسلام ، الورقة ١٧٥ (أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٧) ، ونهاية السئول ، الورقة ٢٧٥ ، وتهذيب التهذيب : ٨ / ٨٠ ـ ٨٢ ، والتقريب : ٢ / ٧٥ ، وخلاصة الخزرجي : ٢ / الترجمة ٥٣٤٧ ، وشذرات الذهب : ٢ / ١٢٠.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل المحامليّ قال : وجدت في كتاب جدي ـ بخط يده ـ حدّثنا عمرو بن عليّ الفلاس.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن الحذّاء ـ بمكة ـ أخبرنا أحمد ابن عبد الله بن حميد بن رزيق المخزوميّ ، حدّثنا الحسين بن إسماعيل الضّبيّ ، حدّثنا أبو حفص عمرو بن عليّ بن بحر بن كنيز السقاء بعيسى آباذ ـ في شعبان سنة تسع وأربعين ومائتين ، وكان من نبلاء المحدثين ـ حدّثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عمرو عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفطر الحاجم والمحجوم» (١).
قلت : أبو عمرو هذا هو محمّد والد أسباط بن محمّد القرشيّ.
حدّثنا أبو عليّ بن القاسم بن الحسن الشاهد ـ بالبصرة من حفظه ـ حدّثنا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزاني ـ سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ـ حدّثنا أبو حفص عمرو بن عليّ بن بحر بن كنيز الصّيرفيّ ـ بالبصرة سنة سبع وأربعين ومائتين ، وكان يحدث على بابنا في بني سهم ـ حدّثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أنس بن مالك قال : كانت أم سليم مع نسوة من نساء النبي صلىاللهعليهوسلم في سفر ، وكان حاديهم وخادمهم يقال له أنجشة ، فناداه النبي صلىاللهعليهوسلم : «رويدا يا أنجشة سوقك بالقوارير» (٢).
أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، حدّثنا القاضي أبو الحسن عليّ بن الحسن الجراحي ـ إملاء ـ حدّثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، حدّثنا عمرو بن عليّ، حدّثنا عبد ربّه بن بارق الحنفيّ ، حدّثنا سماك بن الوليد عن ابن عباس أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من كان له فرطان من أمتي أدخله الله الجنة». فقالت عائشة : وواحد يا رسول الله؟ قال : «وواحد يا موفقة» ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لم يكن له فرط فأنا فرط لمن لم يكن له فرط ، لن يصابوا بمثلي» (٣).
قال أبو حفص عمرو بن عليّ : كتبه عني أبو عاصم.
أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أخبرنا الحسن بن محمّد بن أحمد ابن شعبة المروزيّ ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد بن محبوب ، حدّثنا أبو عيسى
__________________
(١) الحديث سبق تخريجه ، راجع الفهرس.
(٢) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٨ / ٥٨. وصحيح. وصحيح مسلم ، كتاب الفضائل باب ١٨. وفتح الباري ١٠ / ٥٩٤.
(٣) انظر الحديث في : سنن الترمذي ١٠٦٢. ومسند أحمد ١ / ٣٣٤. والسنن الكبرى ٤ / ٦٨.
الترمذي قال : سمعت أبا زرعة يقول : روى عفّان بن مسلم عن عمرو بن عليّ حديثا وقال أبو زرعة لم نر بالبصرة أحفظ من هؤلاء الثلاثة ، عليّ بن المديني ، وابن الشاذكوني ، وعمرو بن عليّ.
سمعت أبا محمّد عبد العزيز بن محمّد بن محمّد بن عاصم بن رمضان بن عليّ ابن أفلح النخشبي يقول : سمعت أبا العبّاس جعفر بن محمّد بن المعتز المستغفري بنخشب يقول : سمعت أبا محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن زر الرّازي ـ ببخارى ـ يقول : سمعت أبا الحسين محمّد بن صالح بن عبد الله الصيمري الطبري ـ بالري ـ يقول : سمعت عمرو بن عليّ أبا حفص الفلاس يقول : حضرت مجلس حمّاد ابن زيد وأنا صبي وضيء ، فأخذ رجل بخدي ففررت فلم أعد.
حدثني هبة الله بن محمّد بن عليّ الشّيرازيّ قال : سمعت أبا الحسين عبد الواحد ابن يوسف يقول : سمعت أحمد بن جعفر بن أبي توبة يقول : سمعت أبا الحسن الغازي يقول : سمعت عمرو بن عليّ يقول : السماع من الرجال أرزاق.
أخبرنا عليّ بن محمّد السّمسار ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، أخبرنا محمّد ابن عمران الصّيرفيّ ، حدّثنا عبد الله بن عليّ بن المديني قال : سألت أبي عن أبي حفص الفلاس فقال : قد كان يطلب. قلت : روى عن عبد الأعلى عن هشام عن الحسن : الشفعة لا تورث؟ فقال : ليس هذا في كتاب عبد الأعلى عن هشام عن الحسن.
وقال الشاذكوني : حدثني أبو عبّاد عن هشام عن الحسن ـ يعني روح بن عبادة ـ وذهب إلى إنه ليس من حديث روح ، إنما قال هو ماجن ـ يعني سليمان الشاذكوني ـ.
سمعت هبة الله بن الحسن الطبري يقول : قال عبد الرّحمن ـ يعني ابن أبي حاتم ـ سمعت أبي يقول : سمعت عباس بن عبد العظيم العنبري يقول : ما تعلمت الحديث إلا من عمرو بن عليّ. وقال سمعت أبي يقول : كان عمرو بن عليّ أرشق من عليّ ابن المديني ، وهو بصري صدوق.
أخبرني الأزهري ، أخبرنا محمّد بن المظفّر ، حدّثنا عبد الله بن محمّد القزويني قال : سمعت إبراهيم الأصبهانيّ قال : حدث عمرو بن عليّ أبو حفص بحديث عن يحيى القطّان عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبريّ ، فبلغ أبا حفص أن بندار قال ما يعرف هذا من حديث يحيى ، وقال أبو حفص من بلغ بندار إلى أن يعرف ولا يعرف ،
وينكر ولا ينكر؟ قال أبو إسحاق : وصدق أبو حفص ، بندار رجل صاحب كتاب ، فإما أن يكون بندار ينكر على أبي حفص [فهذا مما لا يكون] (٤).
أخبرني القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران ، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال : سألت أبا عليّ صالح بن محمّد عن خليفة بن خياط فقال : ما رأيت أحدا بالبصرة أكيس منه ، ومن أبي حفص الفلاس ، وجميعا كانا متهمين. وما رأيت بالبصرة مثل عليّ ، وابن عرعرة ، وأبو حفص كان عندي أرجح منهما.
أخبرنا البرقاني قال : قرئ على إسحاق النعالي ـ وأنا أسمع ـ أخبركم عبد الله بن إسحاق المدائنيّ قال : سمعت عمرو بن عليّ يقول : كنت يوما عند أبي داود فقال : حدّثنا شعبة ، حدّثنا عمرو بن مرة عن طارق بن شهاب. وحدثنا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب. فقلت : يا أبا داود ليس لحديث عمرو بن مرة أصل ، فقال : اسكت ، فلما صرت إلى السوق إذا جاريته قد جاءتني فقالت لي : قال لك مولاي إذا رجعت فمر بي ، فجئت بعد العصر فإذا هو قاعد على درجة المسجد ، عليه الكآبة والحزن فلما رآني قال لا والله ما لحديث عمرو بن مرة أصل ، وما حدثتك بهما إلا وأنا أراهما في الكتاب.
أخبرنا البرقاني ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن سيار ، حدثني بعض أصحابنا عن عباس العنبري قال : حدث يحيى القطّان يوما بحديث فأخطأ فيه ، فلما كان من الغد اجتمع أصحابه وفيهم عليّ بن المديني وأشباهه ، فقال لعمرو بن عليّ ـ من بينهم ـ أخطئ في حديث وأنت حاضر فلا تنكر؟
وقال الإسماعيلي : أخبرنا عبد الله بن محمّد بن سيار قال : سمعت عباسا العنبري يقول : لو روى عمرو بن عليّ عن عبد الرّحمن بن مهدي ثلاثين ألفا لكان مصدقا.
أخبرنا أبو سعد الماليني ، أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال : سمعت محمّد بن الحسين بن مكرم يقول : سمعت حجاجا الشّاعر يقول : لا تبال أخذت من حفظ عمرو بن عليّ أو كتابه.
__________________
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
قرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكي قال : أخبرنا محمّد بن إسحاق السّرّاج قال : أنشدني محمّد بن الحسين الحذّاء ـ لرجل قاله في عمرو بن عليّ :
يزم الحديث بإسناده |
|
ويمسك عنه إذ ما وهم |
فلو شاء قال ، ولكنه |
|
يخاف التزيد فيما علم |
أخبرنا البرقاني ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن سيار الفرهياني قال : سمعت ابن إشكاب الصغير يقول : ما رأيت مثل عمرو بن عليّ كان عمرو بن عليّ يحسن كل شيء. وقال الفرهياني : ولم يكن ابن إشكاب يعد لنفسه نظيرا.
أخبرنا الأزهري وأبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن عليّ الصّيرفيّ قالا : أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر الخلال قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب ، حدّثنا جدي قال : حدثني محمّد بن مروان قال : سمعت يحيى بن معين يقول : أبو حفص الصّيرفيّ صدوق.
حدثني محمّد بن يوسف النّيسابوريّ ، حدّثنا الخصيب بن عبد الله القاضي ـ بمصر ـ حدّثنا عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن أحمد بن شعيب النّسائيّ ، أخبرنا أبي قال : عمرو بن عليّ بن بحر بن كنيز السقاء بصري ثقة صاحب حديث.
أخبرنا الأزهري ، أخبرنا أبو الحسن الدار قطني قال : أبو حفص عمرو بن عليّ الفلاس كان من الحفاظ الثقات.
أخبرنا البرقاني ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن سيار قال : سمعت ابن أبي خيثمة قال : لما قدم عمرو بن عليّ يريد الخليفة استقبله أصحاب الحديث في الزواريق إلى المدائن ، فلما دخل بغداد نزل ناحية باب خراسان ، وكان المشايخ إنما ينزلون القطيعة ، قال : فاجتمع إليه أصحاب الحديث فأسهروه ليلته جمعاء فلما أصبحنا اجتمع عليه الخلق ورقوه سطحا ، فكان أول شيء حدّثنا به قال : حدّثنا فلان بن فلان منذ سبعين سنة قال : حدّثنا فلان لصاحبه منذ سبعين سنة ، وأرسل عينيه بالبكاء ، وقال : ادعوا الله أن يردني إلى أهلي ، ومات بالعسكر.
أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا جعفر الخلدي ، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي.
وأخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن عبد الله المزني الحافظ قال : سمعت أبا عمر بكر بن محمّد بن عبد الوهّاب القزاز.
وقرأت على البرقاني عن أبي إسحاق المزكي قال : أخبرنا محمّد بن إسحاق الثّقفيّ قالوا : مات عمرو بن عليّ الصّيرفيّ سنة تسع وأربعين ومائتين. قال أبو عمر : بسر من رأى. وقال الثّقفيّ : بالعسكر في آخر ذي القعدة.
أخبرنا القاضي أبو القاسم طلحة بن محمّد بن جعفر الهاشميّ البصريّ ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن العبّاس الأسقاطي قال : سمعت أبا الحسن سهل بن نوح بن يحيى البزّاز يقول : كنا في مجلس أبي حفص عمرو بن عليّ فقال سلوني ، فإن هذا مجلس لا أجلسه بعد هذا ، فما سئل عن شيء إلا وحدث به ومات يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة سنة تسع وأربعين ومائتين. وكان آخر حديث حدّثنا به أن قال : حدّثنا عبد الملك بن عمرو قال : حدّثنا عبد الملك بن حسن الجاري ، حدّثنا سعد بن عمرو بن سليم الزرقي قال : حدّثنا رجل منا أنسيت اسمه إلا أنه معاوية ـ أو ابن معاوية ـ قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الميت ليعرف من يغسله ومن يحمله ، ومن يدليه في حفرته ـ أو في قبره ـ» (٥) فقال له ابن عمر : ممن سمعت هذا؟ قال: من أبي سعيد الخدري ، فانطلق ابن عمر إلى أبي سعيد فقال : ممن سمعت هذا؟ قال: من رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال أبو الحسن سهل : سمعت رجلا سأل أبا عبد الله محمّد بن يحيى الأزديّ في جنازة أبي حفص : أي شيء يحفظ فيمن شيع جنازة؟ فقال : حدّثنا عبد الرّحمن بن قيس عن محمّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أول تحفة المؤمن أن يغفر لمن شيع جنازته» (٦).
٦٦٦٩ ـ عمرو بن بحر بن محبوب ، أبو عثمان الجاحظ :
المصنف الحسن الكلام ، البديع التصانيف ، كان من أهل البصرة ، وأحد شيوخ المعتزلة ، وقدم بغداد ، فأقام بها مدة. وقد أسند عنه أبو بكر بن أبي داود الحديث ، وهو كناني قيل صليبة ، وقيل مولى. وكان تلميذ أبي إسحاق النظام. وذكر يموت بن
__________________
(٥) انظر الحديث في : مجمع الزوائد ٣ / ٢١. والجامع الكبير ٥٩٥٩. وتاريخ أصبهان ١ / ٢٠٨.
(٦) انظر الحديث في : الموضوعات ٣ / ٢٢٦. والعلل المتناهية ١ / ٣٨٢.
٦٦٦٩ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ٩٣.
المزرع أن الجاحظ عمرو بن بحر بن محبوب مولى أبي القلمس عمرو بن قلع الكناني ، ثم القيمي ، وهو أحد النسأة وكان جد الجاحظ أسود ، وكان جمالا لعمرو بن قلع. قال يموت : والجاحظ خال أمي.
حدّثنا أبو الحسن عليّ بن أحمد النعيمي ـ إملاء من حفظه ـ حدّثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد ، حدّثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال : دخلت على عمرو بن بحر الجاحظ فقلت له حدثني بحديث؟ فقال : حدّثنا حجاج بن محمّد ، حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إذا أقيمت الصّلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» (١).
قال النعيمي : لا أعلم لحجاج بن محمّد عن حمّاد بن سلمة غير هذا.
حدثني أحمد بن محمّد العتيقي ـ بلفظه ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله بن المطلب الشّيبانيّ ـ بالكوفة ـ حدّثنا أبو بكر بن أبي داود قال : كنت بالبصرة فأتيت منزل الجاحظ ـ عمرو بن بحر ـ فاستأذنت عليه ، فاطلع على من خوخة ، فقال : من هذا؟ فقلت : رجل من أصحاب الحديث ، فقال : ومتى عهدتني أقول بالحشوية؟ فقلت : إني ابن أبي داود ، فقال : مرحبا بك وبأبيك ، فنزل ففتح لي وقال ادخل ، أيش تريد؟ فقلت : حدثني بحديث ، قال : اكتب حدّثنا حجاج عن حمّاد عن ثابت عن أنس أن النبي صلىاللهعليهوسلم صلّى على طنفسة. قلت : حديث آخر ، فقال ابن أبي داود لا يكذب.
قرئ على محمّد بن الحسن الأهوازي ـ وأنا أسمع فأقر به ـ قيل له حدثكم أبو عليّ أحمد بن محمّد الصلولي ـ بالأهواز ـ حدّثنا دعامة بن الجهم ، حدّثنا عمرو بن بحر الجاحظ، حدّثنا أبو يوسف القاضي قال : تغديت عند هارون الرّشيد فسقطت من يدي لقمة وانتثر ما كان عليها من الطعام ، فقال : يا يعقوب خذ لقمتك ، فإن المهديّ حدثني عن أبيه المنصور عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن عبد الله بن عباس قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «من أكل ما سقط من الخوان فرزق أولادا كانوا صباحا» (٢).
__________________
(١) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين ٦٣ ، ٦٤. وفتح الباري ٢ / ١٤٩ ، ١٩٦ ، ٤١٠.
(٢) انظر الحديث في : كشف الخفا ٢ / ٣١٩. وتنزيه الشريعة ٢ / ١٦٢. وإتحاف السادة المتقين ٥ / ٢٢٤. وتذكرة الموضوعات ١٤٢ ، ١٤٤.
أخبرني محمّد بن الحسين الأزرق ، أخبرنا محمّد بن الحسن بن زياد الموصلي أنه سمع أبا بكر العمّيّ قال : سمعت الجاحظ يقول : نسيت كنيتي ثلاثة أيام ، فأتيت أهلي فقلت : بمن أكنى؟ فقالوا : بأبي عثمان.
أخبرني الصيمري ، حدّثنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني ، حدثني محمّد ابن العبّاس ، حدّثني محمّد بن يزيد المبرد قال : سمعت الجاحظ يقول لرجل آذاه : أنت والله ، أحوج إلى هوان من كريم إلى إكرام ، ومن علم إلى عمل ، ومن قدرة إلى عفو ، ومن نعمة إلى شكر.
أخبرنا الحسن بن الحسين بن العبّاس النعالي ، أخبرنا أبو الفرج عليّ بن الحسين الأصبهانيّ ، أخبرنا يحيى بن عليّ قال : حدثني أبي قال : قلت للجاحظ : إني قرأت في فصل من كتابك المسمى كتاب البيان والتبيين : إن مما يستحسن من النساء اللحن في الكلام ، واستشهدت ببيتي مالك بن أسماء يعني قوله :
وحديث ألذه هو مما |
|
ينعت الناعتون يوزن وزنا |
منطق صائب ويلحن أحيا |
|
نا وخير الحديث ما كان لحنا |
قال : هو كذاك. قلت أفما سمعت بخبر هند بنت أسماء بن خارجة ، مع الحجّاج حين لحنت في كلامها فعاب ذلك عليها ، فاحتجت ببيتي أخيها؟ فقال لها : إن أخاك أراد أن المرأة فطنة ، فهي تلحن بالكلام إلى غير المعنى في الظاهر لتستر معناه ، وتورى عنه وتفهمه من أرادت بالتعريض ، كما قال الله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) [محمد ٣٠] ولم يرد الخطأ من الكلام ، والخطأ لا يستحسن من أحد. فوجم الجاحظ ساعة ثم قال : لو سقط إليّ هذا الخبر لما قلت ما تقدم فقلت له : فأصلحه ، فقال الآن وقد سار الكتاب في الآفاق هذا لا يصلح ـ أو نحو هذا من الكلام ـ.
أخبرنا محمّد بن الحسن بن أحمد الأهوازيّ قال : أنشدنا الحسن بن عبد الله البغوي قال : أنشدنا عليّ بن أحمد بن هشام قال : أنشدنا أبو العيناء للجاحظ :
يطيب العيش أن تلقى حكيما |
|
غذاه العلم والظن المصيب |
فيكشف عنك حيرة كل جهل |
|
وفضل العلم يعرفه الأديب |
سقام الحرص ليس له شفاء |
|
وداء الجهل ليس له طبيب |
أخبرني الصيمري ، حدّثنا المرزباني ، أخبرنا أبو بكر الجرجاني قال : أنشدنا المبرد للجاحظ :
إن حال لون الرأس عن حاله |
|
ففي خضاب الرأس مستمتع |
هب من له شيب له حيلة |
|
فما الذي يحتاله الأصلع؟ |
أخبرني الصيمري ، حدّثنا المرزباني ، حدثني أحمد بن محمّد المكي ، حدثني أبو العيناء عن إبراهيم بن رياح قال : أتاني جماعة من الشعراء فأنشدوني ، كل واحد منهم يدعى أنه مدحني بهذه الأبيات ، وأعطى كل واحد منهم عليها وهي :
بدا حين أثرى بإخوانه |
|
ففلل عنهم شباة العدم |
وذكره الدهر صرف الزمان |
|
فبادر قبل انتقال النعم |
فتى خصه الله بالمكرما |
|
ت فمازج منه الحيا بالكرم |
إذا همة قصرت عن يد |
|
تناولها بجزيل الهمم |
ولا ينكت الأرض عند السؤا |
|
ل ليقطع زواره عن نعم |
قال إبراهيم : فكان اللاحقي بينهم ، وأحسبها له ، ثم آخر من جاءني الجاحظ وأنا والي الأهواز ، فأعطيته عليها مالا ، ثم كنت عند ابن أبي دؤاد فدخل إلينا الجاحظ فالتفت إلى ابن أبي دؤاد فقال : يا أبا إسحاق قد امتدحت بأشعار كثيرة ما سمعت بشيء وقع في قلبي وقبلته نفسي مثل أبيات مدحني بها أبو عثمان ، ثم أنشدنيها بحضرته :
بدا حين أثرى بإخوانه
فقلت : وجد أيدك الله مقالا فقال ، وعجبت من عمرو وسكوته ، ولم أذكره من ذلك شيئا.
أخبرني الحسن بن محمّد الخلال ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران ، حدّثنا محمّد بن يحيى النديم ، حدّثنا يموت بن المزرع قال : قال لنا عمرو بن بحر الجاحظ : ما غلبني أحد قط إلا رجل وامرأة ، فأما الرجل فإني كنت مجتازا في بعض الطرق فإذا أنا برجل قصير بطين كبير الهامة ، طويلة اللحية ، متزر بمئزر وبيده مشط يسقي به شقه ويمشطها به ، فقلت في نفسي رجل قصير بطين ألحى فاستزريته ، فقلت : أيها الشيخ قد قلت فيك شعرا ، قال فترك المشط من يده وقال قل. فقلت :
كأنك صعوة في أصل حش |
|
أصاب الحش طش بعد رش |
فقال لي : اسمع جواب ما قلت فقلت هات فقال :
كأنك كندب في ذنب كبش |
|
تدلدل هكذا والكبش يمشي |
وأما المرأة فإني كنت مجتازا في بعض الطرقات فإذا أنا بامرأتين ، وكنت راكبا على حمارة ، فضرطت الحمارة ، فقالت إحداهما للأخرى : ذي حمارة الشيخ تضرط. فغاظني قولها ، فأعننت ثم قلت لها : إنه ما حملتني أنثى قط إلا ضرطت ، فضربت بيدها على كتف الأخرى وقالت : كانت أم هذا منه تسعة أشهر في جهد جهيد.
أخبرني الصيمري ، حدثني المرزباني ، أخبرنا أبو بكر الجرجاني ، أخبرنا المبرد ، لأبي (٣) كريمة البصريّ يقول للجاحظ :
لم يظلم الله عمرا حين صيره |
|
من كل شيء ـ سوى آدابه ـ عاري |
بتت حبال وصالي كفه قطعت |
|
لما استعنت به في بعض أوطاري |
فكنت في طلبي من عنده فرجا |
|
كالمستغيث من الرمضاء بالنار |
إني أعيذك ـ والمعتاذ محترس ـ |
|
من شؤم عمرو بعز الخالق الباري |
فإن فعلت فحظ قد ظفرت به |
|
وإن أبيت فقد أعلنت إسراري |
أخبرني الصيمري ، حدّثنا المرزباني ، حدثني أبو بكر الجرجاني ، حدّثنا المبرد ، حدثني الجاحظ قال : وقفت أنا وأبو حرب على قاص ، فأردت الولع به ، فقلت لمن حوله : إنه رجل صالح لا يحب الشهرة فتفرقوا عنه ، فتفرقوا فقال لي : حسيبك الله إذا لم ير الصياد طيرا كيف يمد شبكته.
أخبرني القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا أبو عبد الله النّيسابوريّ قال : سمعت أبا بكر محمّد بن أحمد بن بالويه يقول : سمعت أبا بكر محمّد بن إسحاق يقول : قال لي إبراهيم بن محمود ـ ونحن ببغداد ـ ألا تدخل على عمرو بن بحر الجاحظ؟ فقلت مالي وله؟ فقال إنك إذا انصرفت إلى خراسان سألوك عنه ، فلو دخلت إليه وسمعت كلامه؟ ثم لم يزل بي حتى دخلت عليه يوما ، فقدم إلينا طبقا عليه رطب. فتناولت منه ثلاث رطبات وأمسكت ، ومر فيه إبراهيم ، فأشرت إليه أن يمسك ، فرمقني الجاحظ فقال لي : دعه يا فتى فقد كان عندي في هذه الأيام بعض إخواني ، فقدمت إليه الرطب فامتنع ، فحلفت عليه فأبى إلا أن يبر قسمي بثلاثمائة رطبة.
__________________
(٣) آخر المجلد الثامن من النسخة الصميصاطية ، ويبدأ الجزء التاسع : بذكر من اسمه عامر (ترجمة ٦٦٨٠). وبقية الترجم ابتداء من هنا ناقصة من الجزء الثامن.
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزاز ، حدّثنا أبو بكر محمّد ابن القاسم الأنباريّ ، حدّثنا أبو عمر أحمد بن أحمد السوسنجردي العسكري ، حدثني ابن أبي الذيال المحدث بسر من رأى ـ قال : حضرت وليمة حضرها الجاحظ ، وحضرت صلاة الظهر ، فصلينا وما صلّى الجاحظ ، وحضرت صلاة العصر فصلينا وما صلى الجاحظ ، فلما عزمنا على الانصراف قال الجاحظ لرب المنزل : إني ما صليت لمذهب ـ أو لسبب ـ أخبرك به؟ فقال له ـ أو فقيل له ـ ما أظن أن لك مذهبا في الصّلاة إلا تركها.
أخبرني الصيمري ، حدثني المرزباني ، أخبرني محمّد بن يحيى ، حدثني أبو العيناء قال : كان الجاحظ يأكل مع محمّد بن عبد الملك الزيات ، فجاءوا بفالوذجة ، فتولع محمّد بالجاحظ وأمر أن يجعل من جهته مارق من الجام ، فأسرع في الأكل فتنطف ما بين يديه فقال ابن الزيات : تقشعت سماؤك قبل سماء الناس! فقال له الجاحظ : لأن غيمها كان رقيقا. وقال أخبرنا أبو العيناء قال : كنت عند ابن أبي دؤاد بعد قتل ابن الزيات ، فجيء بالجاحظ مقيدا ـ وكان في أسبابه وناحيته ـ وعند ابن أبي دؤاد محمّد ابن منصور ـ وهو إذ ذاك يلي قضاء فارس وخوزستان فقال ، ابن أبي دؤاد للجاحظ : ما تأويل هذه الآية : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود ١٠٢] فقال : تلاوتها تأويلها أعز الله القاضي ، فقال : جيئوا بحداد ، فقال : أعز الله القاضي ليفك عني أو ليزيدني؟ فقال : بل ليفك عنك فجيء بالحداد فغمزه بعض أهل المجلس أن يعنف بساق الجاحظ ويطيل أمره قليلا ، ففعل فلطمه الجاحظ فقال : اعمل عمل شهر في يوم ، وعمل يوم في ساعة ، وعمل ساعة في لحظة ، فإن الضرر على ساقي وليس بجذع ولا ساجة. فضحك ابن أبي دؤاد وأهل المجلس منه. وقال ابن أبي دؤاد لمحمّد بن منصور : أنا أثق بظرفه ولا أثق بدينه.
أخبرني محمّد بن الحسن الأهوازيّ ، حدّثنا إيزديار بن سليمان الفارسي قال : سمعت أبي يقول : سمعت أبا سعيد الجنديسابوري يقول : سمعت الجاحظ يصف اللسان قال : هو أداة يظهر بها البيان ، وشاهد يعبر عن الضمير ، وحاكم بفصل الخطاب وناطق يرد به الجواب ، وشافع تدرك به الحاجة ، وواصف تعرف به الأشياء ، وواعظ ينهى عن القبيح ، ومعز يرد الأحزان ، ومعتذر يدفع الضغينة ، ومله يونق الاسماع ، وزارع يحرث المودة ، وحاصد يستأصل العداوة ، وشاكر يستوجب المزيد ، ومادح يستحق الزلفة ، ومؤنس يهذب بالوحشة.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّي ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن جعفر المزكي ، حدّثنا عليّ بن القاسم الأديب الخوافي ، حدثني بعض إخواني أنه دخل على عمرو بن بحر الجاحظ فقال : يا أبا عثمان كيف حالك؟ فقال له الجاحظ : سألتني عن الجملة فاسمعها مني واحدا واحدا. حالي أن الوزير يتكلم برأيي ، وينفذ أمري ، ويؤاثر الخليفة الصلات إلى ، وآكل من لحم الطير أسمنها ، وألبس من الثياب ألينها ، وأجلس على ألين الطبري ، وأتكئ على هذا الريش ثم أسير على هذا حتى يأتي الله بالفرج. فقال الرجل : الفرج ما أنت فيه. قال : بل أحب أن تكون الخلافة لي ، ويعمل محمّد بن عبد الملك بأمري ، ويختلف إلى ، فهذا هو الفرج.
أخبرنا الحسن بن أبي طالب ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عاصم بن أبي سهل الحلواني.
وأخبرني الصيمري ، حدّثنا المرزباني ، أخبرنا أبو بكر الجرجاني قالا : حدّثنا المبرد قال: دخلت على الجاحظ في آخر أيامه وهو عليل ، فقلت له : كيف أنت؟ فقال :كيف يكون من نصفه مفلوج ولو نشر بالمناشير ما حس به ، ونصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربه لآلمه ، والآفة في جميع هذا أني قد جزت التسعين ، ثم أنشدنا :
أترجو أن تكون وأنت شيخ |
|
كما قد كنت أيام الشباب |
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب |
|
دريس كالجديد من الثياب |
أخبرني الصيمري ، حدّثنا المرزباني ، حدثني أحمد بن يزيد بن محمّد المهلبي عن أبيه قال : قال لي المعتز بالله : يا يزيد ورد الخبر بموت الجاحظ. فقلت : لأمير المؤمنين طول البقاء ودوام العز. قال وذلك في سنة خمس وخمسين ومائتين. قال المعتز : لقد كنت أحب أن أشخصه إلى وأن يقيم عندي. فقلت له : إنه كان قبل موته عطلا بالفالج. قال أحمد بن يزيد وفيه يقول أبو شراعة :
في العلم للعلماء أن |
|
يتفهموه واعظ |
وإذا نسيت وقد جمع |
|
ت علا عليك الحافظ |
ولقد رأيت الظرف ده |
|
را ما حواه لافظ |
حتى أقام طريقه |
|
عمرو بن بحر الجاحظ |
ثم انقضى أمد به |
|
وهو الرئيس الغائظ |
قرأت في كتاب عمر بن محمّد بن الحسن البصير عن محمّد بن يحيى الصولي قال : مات الجاحظ في المحرم سنة خمس وخمسين ومائتين.
٦٦٧٠ ـ عمرو بن معمر ، أبو عثمان العمركي :
سمع أبا النضر هاشم بن القاسم ، ويعلى بن عبيد ، ويحيى بن إسحاق السيلحيني ، وعبيد الله بن موسى ، ومسلم بن إبراهيم ، وخالد بن مخلد ، وإسماعيل بن الخليل ، ويحيى بن حمّاد. روى عنه هاشم بن القاسم الهاشميّ ، والحسن بن محمّد بن شعبة ، وأحمد بن عبد الله الوكيل ، والقاضي المحامليّ ، وكان ثقة.
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهدي ، حدّثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحامليّ ، حدّثنا عمرو بن معمر العمركي ، حدّثنا أبو النضر ، حدّثنا بكر بن جبير عن ليث بن أبي سليم عن زيد بن أرطاة عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما ، وإن الله ليذر البر فوق رأس العبد ما دام في صلاته ، وما تقرب العبد إلى الله بمثل ما خرج منه» (١) يعني القرآن.
٦٦٧١ ـ عمرو بن مسلم ، أبو حفص النّيسابوريّ الصّوفيّ :
سماه ونسبه الحاكم أبو عبد الله محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ فيما حدثنيه محمّد ابن عليّ المقرئ عنه.
وأخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي قال : سمعت سعيد بن عبد الله بن سعيد يقول : سمعت أبا محمّد البلاذري الحافظ الطوسي يقول : اسم أبي حفص عمرو بن سالم.
وأخبرنا أحمد بن عليّ التوزي ، حدّثنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : أبو حفص النّيسابوريّ اسمه عمرو بن سالم ، ويقال عمرو بن سلمة ، قال : وهو الأصح إن شاء الله. وكان أحد الأئمة والسادة صحب عبد الله بن مهدي الأبيوردي ، وعليّا النصرآباذي ، ورافق أحمد بن حضرويه البلخي.
قلت : وورد أبو حفص بغداد واجتمع إليه من كان بها من مشايخ الصوفية وعظموه وعرفوا له قدره ومحله.
أخبرنا عبد العزيز بن عليّ الأزجي ، حدّثنا عليّ بن عبد الله بن الحسن الهمدانيّ ـ
__________________
(١) ٦٦٧٠ ـ انظر الحديث في : سنن الترمذي ٢٩١١. ومسند أحمد ٥ / ٢٦٨. ومجمع الزوائد ٢ / ٢٥٠. والترغيب والترهيب ٢ / ٣٥٠.
٦٦٧١ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ٢٠٣.
بمكة ـ حدّثنا عليّ بن محمّد بن حاتم قال : سمعت الجنيد بن محمّد يقول : وافى أبو حفص النّيسابوريّ إلى بغداد ومعه جماعة من أصحابه فرأيت واحدا منهم معتزلا لا يكلمونه ولا يكلمهم ، فسألت بعض أصحابه فقلت : ما بال هذا لا يكلمكم ولا تكلمونه؟ فقال : هذا جاء إلى الشيخ أبي حفص ومعه مائة ألف درهم ، أنفق كلها عليه ما كلمه منا أحد ، ولا كلمه أبو حفص ، ولا يقدر أن يدنو إلى واحد منا على ما ترى.
أخبرنا أبو عبيد محمّد بن محمّد بن عليّ النّيسابوريّ قال : سمعت أبا عمرو بن حمدان يقول : سمعت أبا عثمان سعيد بن إسماعيل الواعظ الرّازي يقول : دخلت مع أبي حفص على مريض ، فقال المريض : آه ، فقال : ممن؟ فسكت ، فقال : مع من.
أخبرنا ابن التوزي ، أخبرنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت أبا أحمد بن عيسى يقول : سمعت محفوظ بن محمود يقول : سمعت أبا حفص يقول : الكرم طرح الدنيا لمن يحتاج إليها ، والإقبال على الله لاحتياجك إليه.
أخبرني أبو الحسن بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن الحسين النّيسابوريّ قال : سمعت منصور بن عبد الله يقول : بلغني أن أبا حفص كان أعجمي اللسان ، فلما دخل بغداد قعد معهم يكلمهم بالعربية.
حدّثنا الأزجي ، حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمدانيّ ، حدّثنا الخلدي قال : سمعت الجنيد ـ وذكر عنده أبو لحفص النّيسابوريّ ـ فقال : كان رجلا من أهل الحقائق ، ولو رأيته لاستغنيت ، وقد كان يتكلم من غور بعيد. ثم قال : كان من أهل العلم البالغين ، وأهل خراسان شيوخهم ، أحوالهم وأمورهم وحقائقهم بالغة جدّا. وكذلك أتباعهم أيضا أشباه لهم في الحال. ولقد قال له يوما رجل من أصحابه : كان من مضى لهم الآيات الظاهرة ، وليس لك من ذلك شيء! فقال له : تعال. فجاء به إلى سوق الحدادين إلى كور محمي عظيم ، فيه حديدة عظيمة ، فأدخل يده فأخذها فبردت في يده ، فقال له : يجزيك؟ قال : فأعظم ذلك وأكبره ، ثم مضى.
أخبرني أبو الحسن بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن الحسين السلمي قال : سمعت عبد الله بن عليّ يقول : سمعت أبا عمرو بن علوان ـ وسألته : هل رأيت أبا حفص النّيسابوريّ عند الجنيد؟ ـ فقال : لم أكن ثم ، ولكن سمعت الحسن يقول : أقام عندي أبو حفص سنة مع ثمانية أنفس ، فكنت في كل يوم أقدم لهم طعاما جديدا ،
وطيبا جديدا ، وذكر أشياء من الثياب وغيره ، فلما أراد أن يمر كسوته وكسوت جميع أصحابه ، فلما أراد أن يفارقني قال : لو جئت إلى نيسابور علمناك الفتوة والسخاء ، قال ثم قال : هذا الذي عملت كان فيه تكلف ، إذا جاءك الفقراء فكن معهم بلا تكلف ، حتى إن جعت جاعوا ، وإن شبعت شبعوا ، حتى يكون مقامهم وخروجهم من عندك شيئا واحدا.
أخبرنا أبو خازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي ـ بنيسابور ـ قال : سمعت عبد الملك بن إبراهيم القشيري يقول : سمعت أحمد بن محمّد بن مقسم المقرئ يقول : سمعت أبا محمّد المرتعش يقول : سمعت أبا حفص النّيسابوريّ يقول : ما استحق اسم السخاء من ذكر العطاء ، ولا من لامحه في قلبه ، وإنما يستحقه من نسيه حتى كأنه لم يعط.
أخبرنا ابن التوزي ، أخبرنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت عبد الرّحمن بن الحسين الصّوفيّ يقول : بلغني أنه لما أراد أبو حفص النّيسابوريّ الخروج من بغداد شيعه من بها من المشايخ والفتيان ، فلما أرادوا أن يرجعوا قال له بعضهم : دلنا على الفتوة ما هي؟ فقال : الفتوة تؤخذ استعمالا معاملة لا نطقا ، فعجبوا من كلامه.
قال أبو عبد الرّحمن : توفي أبو حفص سنة سبعين ومائتين ، ويقال سنة سبع وستين، ويقال أربع وستين.
أخبرني محمّد بن عليّ المقرئ ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ الحافظ قال : سمعت أبا سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان يذكر عن آبائه أن أبا حفص توفي سنة خمس وستين ومائتين.
٦٦٧٢ ـ عمرو بن أحمد بن طشويه ، أبو عثمان التاجر. نزل مصر :
حدّثنا الصوري ، أخبرنا محمّد بن عبد الرّحمن الأزديّ ، حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن مسرور ، حدّثنا أبو سعيد بن يونس قال : عمرو بن أحمد بن طشويه يكنى أبا عثمان بغدادي قدم مصر ، وكتب عنه ، وكان له بمصر مكان عند الناس ، وكان تاجرا ، توفي بمصر يوم الجمعة لست بقين من جمادى الآخرة سنة سبعين ومائتين.
٦٦٧٣ ـ عمرو بن عثمان بن كرب بن غصص ، أبو عبد الله المكي :
سمع يونس بن عبد الأعلى ، والربيع بن سليمان المصريين ، وسليمان بن سيف الحراني ، وغيرهم ، وكان من مشايخ الصوفية سكن بغداد حتى مات بها ، وحدث ، وله مصنفات في التصوف. روى عنه جعفر الخلدي وغيره.
أخبرني أبو سعد الماليني ـ قراءة ـ أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن جعفر ابن حيان قال : أملى علينا عمرو بن عثمان المكي الصّوفيّ قال : حدّثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدّثنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة ـ أو غير أبي هريرة الشك من أبي عبد الله ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير ، احرص على ما ينفعك ولا تعجز ، فإن فاتك شيء فقل كذا قدر ، وكذا كان ، وإياك ولو فإنها مفتاح عمل الشيطان» (١).
فهذا يدل على معنى التوكل بالتكسب ، فإذا فاتهم الأمر بعد الكسب قالوا : كذا أراد الله وكذا قدر الله.
قلت : ما بعد ذكر الشيطان هو كلام عمرو المكي وليس بكلام النبي صلىاللهعليهوسلم.
حدثني الأزجي ، حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمدانيّ ، حدثني محمّد بن عليّ الشيرواني قال : قال عمرو بن عثمان المكي : ثلاثة أشياء من صفات الأولياء : الرجوع إلى الله في كل شيء ، والفقر إلى الله في كل شيء ، والثقة به في كل شيء.
أخبرنا ابن التوزي ، أخبرنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت محمّد بن عبد الله بن شاذان يقول : سمعت أبا بكر القناديلي يقول : قال عمرو بن عثمان المكي : التوبة فرض على جميع المذنبين والعاصين ، صغر الذنب أو كبر ، وليس لأحد عذر في ترك التوبة بعد ارتكاب المعصية ، لأن المعاصي كلها قد توعد الله عليها أهلها ولا يسقط عنهم الوعيد إلا بالتوبة ، وهذا مما يبين أن التوبة فرض. وقال عمرو : اعلم أن كل ما توهمه قلبك ، أو سنح في مجاري فكرتك ، أو خطر في معارضات قلبك ، من حسن أو بهاء ، أو أنس أو ضياء ، أو جمال أو شبح ، أو نور أو شخص أو خيال ، فالله بعيد من ذلك كله ، بل هو أعظم وأجل وأكبر ، ألا تسمع إلى قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى ١١]. وقال : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص ٣ ، ٤]. وقال عمرو : المروءة التغافل عن زلل الإخوان. وقال عمرو : ولقد علم الله نبيه صلىاللهعليهوسلم ما فيه الشفاء ، وجوامع النصر ، وفواتح العبادة. فقال : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ
مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الأعراف ٢٠٠] وقال عمرو : إن العلم قائد ، والخوف سائق والنفس حرون بين ذلك ، جموع خداعة ، رواغة ، فاحذرها وراعها بسياسة العلم وسقها بتهديد الخوف ، يتم لك ما تريد.
حدّثنا الأزجي ، حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمدانيّ ، حدّثنا الخلدي قال : سمعت جنيدا وقد قال له أبو القاسم النهاوندي : عمرو المكي يوافى وينزل عند فلان ، قال : لا أحب أن أسلم عليه ، وذلك أني معزم على أن لا أكلم أحدا ممن كان يظهر الزهد ويقول به ، ثم تبدو منه المذمومات من الإيثار في طلب الدنيا ، والاتساع في طلبها إلا أن يتوب.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري ، أخبرنا محمّد بن الحسين السلمي ـ بنيسابور ـ قال : سمعت أبا عبد الله الرّازي يقول : لما ولى عمرو قضاء جدة هجره الجنيد ، فجاء إلى بغداد وسلم عليه فلم يجبه. فلما مات حضر الجنيد جنازته. فقيل : الجنيد الجنيد. فقال بعض من حضر : يهجره في حياته ويصلي عليه بعد وفاته؟ لا والله لا يصلي عليه ، فصلى عليه غيره.
قال السلمي : وسمعت بعض أصحابنا يقول : بلغني أن الجنيد لم يصل على عمرو ابن عثمان المكي حين بلغه موته ، وقال : إنه كان يطلب قضاء جدة.
سمعت أبا نعيم الحافظ يقول : عمرو بن عثمان أبو عبد الله المكي ، من أئمة المتصوفة ، قدم أصبهان فيما ذكر عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حبان سنة ست وتسعين ، وتوفي بمكة بعد سنة ثلاثمائة ، وقيل قبل الثلاثمائة.
قلت : والصحيح أنه مات ببغداد قبل سنة ثلاثمائة.
أخبرنا ابن التوزي ، أخبرنا أبو عبد الرّحمن السلمي في كتاب طبقات الصوفية قال : عمرو بن عثمان بن كرب بن غصص المكي ، كنيته أبو عبد الله ، لقى أبا عبد الله البناجي ، وصحب أبا سعيد الخراز وغيره من القدماء ، وهو عالم بعلم الأصول وله كلام حسن ، وأسند الحديث ، مات ببغداد سنة إحدى وتسعين ومائتين ، ويقال سنة سبع وتسعين قال : والأول أصح.
أخبرنا الحيري ـ إسماعيل بن أحمد ـ أخبرنا أبو عبد الرّحمن السلمي في كتاب «تاريخ الصوفية» ـ أخبرني أحمد بن أحمد بن محمّد بن الفضل ـ إجازة ـ قال : مات
عمرو بن عثمان المكي سنة سبع وتسعين ومائتين. قال السلمي : ويقال سنة إحدى وتسعين ومائتين. وهذا أصح.
قلت : بل سنة سبع وتسعين أصح ، لأن أبا محمّد بن حبان ذكر قدومه أصبهان في سنة ست وتسعين ، وكان ابن حبان حافظا ثبتا ضابطا متقنا.
٦٦٧٤ ـ عمرو بن بشر بن يحيى ، أبو حفص النّيسابوريّ المعروف بالشاماتي(١):
سكن بغداد وحدث بها عن محمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصريّ ، ومحمّد ابن حميد الرّازي ، وهناد بن السري الكوفيّ ، والحسن بن عيسى بن ماسرجس ، وسعيد بن يحيى الأمويّ ، وعبيد الله بن سعد الزّهريّ ، وغيرهم. روى عنه أبو بكر الشّافعيّ ، وأبو عليّ بن الصواف ، وكان ثقة حافظا.
وذكره الدار قطني فقال : هو صدوق.
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عبد الله الأصبهانيّ ، حدّثنا محمّد بن عبيد الله بن إبراهيم الشّافعيّ ، حدّثنا عمرو بن بشر النّيسابوريّ ، حدّثنا مسلم بن الحكم أبو أيّوب ، حدّثنا إسماعيل بن داود عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد أنه سمع أنس ابن مالك قال : ما صليت خلف أحد بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أشبه صلاة برسول الله صلىاللهعليهوسلم من هذا الفتى ـ يعني عمرو بن عبد العزيز ـ.
أخبرني القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ ، حدّثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثّقفيّ ، حدّثنا أبو حفص عمرو بن بشر النّيسابوريّ ببغداد.
٦٦٧٥ ـ عمرو بن عثمان بن سعيد بن سلمة بن عثمان ، أبو سلمة الكندي القاضي :
ذكر أبو القاسم بن الثلاج أنه حدثه في سنة عشرين وثلاثمائة عن أحمد بن ملاعب.
__________________
٦٦٧٣ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٣ / ٩٧.
(١) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب القدر ٣٤. وسنن ابن ماجة ٧٩ ، ٤١٦٨. ومسند أحمد ٢ / ٣٧٠. وفتح الباري ١٣ / ٢٢٧.
(١) ٦٦٧٤ ـ الشاماتي : هذه النسبة إلى «الشامات» وهو اسم الموضعين (الأنساب ٧ / ٢٦٢)