تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١١

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١١

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٣

٥٨٣٤ ـ عبد الغني بن أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة بن منصور بن كعب بن يزيد ، أبو رفاعة القاضي :

حدث عن محمّد بن إسماعيل بن عليّ البندار ، وصالح بن أبي مقاتل. سمع منه الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير ، وأبو القاسم بن الثّلّاج.

وقال لي أحمد بن عليّ بن التوزي : توفي القاضي أبو رفاعة عبد الغني بن أحمد ابن كامل يوم الثلاثاء الثالث عشر من صفر سنة أربع وسبعين وثلاثمائة.

٥٨٣٥ ـ عبد القاهر بن محمّد بن محمّد بن عنزة ـ واسمه : أحمد ـ بن عبد الصّمد بن محمّد بن شيبان بن أبي صالح بن يزيد بن رفاعة بن حسّان بن زاهر بن سيار بن أسعد بن همّام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، أبو بكر الموصلي :

سكن بغداد وحدث بها عن أبي هارون موسى بن محمّد الزرقي. كتبت عنه وكان ثقة. مات في شهر رمضان من سنة سبع وأربعمائة ، ودفن في مقبرة باب حرب.

٥٨٣٦ ـ عبد الغالب بن جعفر بن الحسن بن عليّ ، أبو معاذ الضراب ، ويعرف بابن القني :

سمع محمّد بن إسماعيل الورّاق ، وأبا حفص بن شاهين ، وأبا حفص الكتاني. كتبت عنه وكان عبدا صالحا صدوقا.

أخبرنا أبو معاذ ابن القني ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل المستملي ، حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغوي ، حدّثنا يحيى بن أيّوب العابد ، حدّثنا سعيد ابن عبد الرّحمن الجمحيّ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يبقى بعدي من النبوة إلا المبشرات» ، قالوا : يا رسول الله ، وما المبشرات؟ قال : «الرؤيا الصالحة ، يراها العبد ، أو ترى له» (١).

قال أبو القاسم : ولا أعلم روى هذا الحديث عن هشام بن عروة غير سعيد الجمحيّ.

سألت أبا معاذ عن مولده فقال : في جمادي الأولى من سنة خمس وستين وثلاثمائة ، ومات في عشية يوم الاثنين السابع والعشرين من شعبان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، ودفن من الغد.

__________________

(١) ٥٨٣٦ ـ انظر الحديث في : مسند أحمد ٦ / ١٢٩. وكنز العمال ٤١٤٢٣.

١٤١

٥٨٣٧ ـ عبد الودود بن عبد المتكبر بن هارون بن محمّد بن عبيد الله بن المهتدي بالله بن الواثق بن المعتصم بن الرّشيد بن المهديّ بن المنصور. أبو الحسن الهاشميّ :

حدث عن أبي بكر الشّافعيّ. وكان جميع ما عنده مجلس واحد عنه ، سمعناه منه ، وكان سماعه صحيحا. سئل عبد الودود عن مولده ـ وأنا أسمع ـ فقال : ولدت في شهر ربيع الأول من سنة أربعين وثلاثمائة ، ومات في يوم الثلاثاء سلخ رجب ، ودفن من الغد ، وهو يوم الأربعاء مستهل شعبان من سنة أربع وثلاثين وأربعمائة ، في مقبرة جامع المدينة بقرب القبة الخضراء.

٥٨٣٨ ـ عبد بن أحمد بن محمّد ، أبو ذر الهرويّ :

سافر الكثير. وحدث ببغداد عن أبي الفضل بن خميرويه الهرويّ ، وأبي [العبّاس بن الفضل] النضروي ، وبشر بن محمّد المزني ، وطبقتهم ، وكنت لما حدث غائبا.

فحدثني رفيقي عليّ بن عبد الغالب الضراب ، حدّثنا أبو ذر عبد بن أحمد الهرويّ ببغداد ، حدّثنا أبو الفضل محمّد بن عبد الله بن خميرويه ـ غير مرة ـ وأخبرنا البرقاني ، أخبرنا ابن خميرويه ، أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عيسى الخزاعيّ ، حدّثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب عن الزّهريّ ، حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لكل نبي دعوة وأريد إن شاء الله أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة»(١).

خرج أبو ذر إلى مكة فسكنها مدة ، ثم تزوج في العرب وأقام بالسروان ، وكان يحج في كل عام ، ويقيم بمكة أيام الموسم ، ويحدث ثم يرجع إلى أهله. وكتب إلينا من مكة بالإجازة لجميع حديثه ، وكان ثقة ضابطا ، دينا فاضلا ، وكان يذكر أن مولده في سنة خمس ـ أو ست ـ وخمسين وثلاثمائة ، يشك في ذلك ، ومات بمكة لخمس خلون من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.

__________________

٥٨٣٧ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٢٨٧.

٥٨٣٨ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٢٨٧.

(١) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب الإيمان باب ٨٦. وصحيح البخاريّ ٨ / ٨٢. وفتح الباري ١١ / ٩٦.

١٤٢

٥٨٣٩ ـ عبد القادر بن محمّد بن يوسف بن محمّد بن يوسف ، أبو القاسم :

سمع أبا القاسم بن حبابة ، وأبا طاهر المخلص. كتبت عنه شيئا يسيرا ، وكان من أهل الامانة والصدق ، والدين والفضل ، حسن الصوت بالقرآن.

أخبرنا عبد القادر ، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمّد بن إسحاق البزّار ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز ، حدّثنا خلف بن هشام البزّار ، حدّثنا أبو الأحوص عن منصور عن الشعبي عن أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا خرج من بيته قال : «بسم الله ، اللهم إني أعوذ بك أن أزل ، أو أضل ، أو أن أظلم ، أو أظلم ، أو أن أبغي ، أو أن يبغى علىّ» (١).

مات عبد القادر ببيت المقدس لخمس خلون من ذي الحجة سنة ست وثلاثين وأربعمائة ، وكان خرج إلى الشام فقصد الحج فأدركه أجله هناك.

ذكر من اسمه عيسى

٥٨٤٠ ـ عيسى البزّاز المدائنيّ :

مولى حذيفة بن اليمان. سمع حذيفة روى عنه يحيى بن عبد الله الجابري.

أخبرنا الحسن بن عليّ التّميميّ ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدّثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدّثنا عبد الصّمد ، حدّثنا عبد العزيز بن مسلم ، حدثني يحيى بن عبد الله الجابري قال : صليت خلف عيسى مولى لحذيفة بالمدائن على جنازة فكبر خمسا ، ثم التفت إلينا ، فقال : ما وهمت ولا نسيت ، ولكن كبرت كما كبر مولاي وولي نعمتي حذيفة بن اليمان ، صلى على جنازة فكبر خمسا ثم التفت إلينا فقال ما نسيت ولا وهمت ، ولكني كبرت كما كبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، صلى على جنازة فكبر خمسا.

٥٨٤١ ـ عيسى بن طهمان بن رامة ، أبو بكر الجشمي :

بصري سكن الكوفة ، سمع أنس بن مالك ، وثابتا البناني ، والمساور مولى أبي

__________________

(١) ٥٨٣٩ ـ انظر الحديث في : مسند أحمد ٦ / ٣٢٢.

٥٨٤١ ـ انظر : تهذيب الكمال ٣٢ / ٤٦ (٢٢ / ٦١٧). وتاريخ الدّوريّ ٢ / ٤٦٣. وتاريخ البخاريّ ـ

١٤٣

برزة. روى عنه عبد الله بن المبارك ووكيع ، وسلم بن قتيبة ، وأبو نعيم ، وخلاد بن يحيى ، وزيد بن أبي الزرقاء ، وأبو النضر هاشم بن القاسم ، وأبو أحمد الزبيري ، ومحمّد بن سابق. وذكر يحيى بن معين أنه قدم بغداد وبها سمع منه أبو النضر.

أخبرني السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر ، حدّثنا ابن الغلابي قال : قال أبو زكريا يحيى بن معين : عيسى بن طهمان بصري يحدث عن أنس ، صار بالكوفة ثقة ، لقيه أبو النضر ببغداد.

أخبرنا أحمد بن عبد الله الأنماطيّ ، أخبرنا محمّد بن المظفّر ، أخبرنا عليّ بن أحمد ابن سليمان المصري ، حدّثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم قال : وسألته ـ يعني يحيى بن معين ـ عن عيسى بن طهمان فقال : ثقة.

أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أبي بكر بن شاذان وأبو عمرو عثمان بن محمّد بن العلاف وأبو عبد الله الحسين بن شجاع الصّوفيّ. قالوا : أخبرنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الشّافعيّ قال : سئل جعفر الطيالسي عن عيسى بن طهمان الذي يحدث عن أنس فقال : قال يحيى بن معين : ليس به بأس.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال : وعيسى بن طهمان حدّثنا عنه أبو نعيم ، وهو ثقة.

أخبرني عليّ بن الحسن بن محمّد الدّقّاق ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا عمر ابن محمّد بن شعيب الصابوني ، حدّثنا حنبل بن إسحاق قال : سألت أبا عبد الله عن عيسى بن طهمان فقال : ليس به بأس.

حدّثنا العتيقي ، أخبرنا محمّد بن عدي البصريّ ـ في كتابه ـ أخبرنا أبو عبيد محمّد بن عليّ الآجري قال : سألت أبا داود عن عيسى بن طهمان فقال : لا بأس به ، قلت : بصري؟ قال : قال لي ابن أبي الزرقاء : سمع منه أبي بالكوفة ، فقال أبو داود : أحاديثه مستقيمة.

__________________

ـ الكبير ٦ / الترجمة ٢٧٧٩. والمعرفة ليعقوب ٣ / ٢٣٢. وضعفاء العقيلي ، الورقة ١٦٩. وسؤالات الآجري لأبي داود ٤ / الورقة ٧. والجرح والتعديل ٦ / الترجمة ١٥٥٢. والمجروحين لابن حبان ٢ / ١١٧. وثقات ابن شاهين ، الترجمة ١٠٦١. والكاشف ٢ / الترجمة ٤٤٤٤. وديوان الضعفاء ، الورقة ٣٢٨٠. والمغني ٢ / الترجمة ٤٨٠٤. وتذهيب التهذيب ٣ / الورقة ١٢٩. ومن تكلم فيه وهو موثق ، الورقة ٢٦. وتاريخ الإسلام ٦ / ٢٦٣. وميزان الاعتدال ٣ / الترجمة ٦٥٧٤. ونهاية السئول ، الورقة ٢٩٠. وتهذيب التهذيب ٨ / ٢١٥ ـ ٢١٦. والتقريب ٢ / ٩٨. وخلاصة الخزرجي ٢ / الترجمة ٥٥٧٣.

١٤٤

وقال أبو عبيد مرة أخرى : سألت أبا داود عن عيسى بن طهمان فقال : ثقة.

٥٨٤٢ ـ عيسى بن عبد الرّحمن بن فروة ، الزرقي المديني من ولد النّعمان بن بشير:

قال عبد الرّحمن بن أبي حاتم : قدم بغداد وروى عن الزّهريّ ، وعيسى بن أبي موسى. روى عنه عمرو بن قيس الملائي ، وعبد الله بن عياش القتباني ، ومحمّد بن سابور ، والوليد بن مسلم.

سمعت أبي يقول ذلك. قال : وسألت أبي عنه فقال : منكر الحديث ، ضعيف الحديث ، شبيه بالمتروك ، لا أعلم روى عن الزّهريّ حديثا صحيحا. وسئل عنه أبو زرعة فقال : ليس بالقوي.

٥٨٤٣ ـ عيسى بن أبي عيسى ، أبو جعفر التّميميّ :

واسم أبي عيسى ماهان ، كذا قال خلف بن الوليد ، ويحيى بن معين ، وقعنب بن المحرر.

وقال حاتم بن إسماعيل : هو عيسى بن ماهان بن إسماعيل. وقال يونس بن بكير : اسمه عبد الله بن ماهان وأصل أبي جعفر من مرو ، سكن الري فنسب إليها ، ويقال إن مولده بالبصرة. سمع عطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن دينار ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، ومنصور بن المعتمر ، وحصين بن عبد الرّحمن ، ويونس بن عبيد. حدث عنه شعبة ، وجرير ووكيع ، ويونس بن بكير ، وحكام بن سلم ، وأحمد بن بشير ، وحاتم ابن إسماعيل وأبو أحمد الزبيري ، وأبو نعيم ، وأبو النضر هاشم بن القاسم ، وخلف ابن الوليد ، وعلي بن الجعد. وقدم أبو جعفر بغداد مرات وحدث بها.

__________________

٥٨٤٢ ـ انظر : تهذيب الكمال ٤٦٣٧ (٢٢ / ٦٢٧). وتاريخ البخاريّ الكبير ٦ / الترجمة ٢٧٤١. وضعفاؤه الصغير ، الترجمة ٢٦٤. وضعفاء النّسائيّ ، الترجمة ٤٢٢. وضعفاء العقيلي ، الورقة ١٦٩. والجرح والتعديل ٦ / الترجمة ١٥٥٩. والمجروحين لابن حبان ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠. والكامل لابن عدي ٢ / الورقة ٢٨٧. وإكمال ابن ماكولا ٦ / ٦٠. وضعفاء ابن الجوزي ، الورقة ١٢٣. والكاشف ٢ / الترجمة ٤٤٤٩. والمغني ٢ / الترجمة ٤٨١٣. وتذهيب التهذيب ٣ / الورقة ١٢٩. وتاريخ الإسلام ٦ / ٢٦٤. وميزان الاعتدال ٣ / الترجمة ٦٥٨٣. ونهاية السئول ، الورقة ٢٩٠. وتهذيب التهذيب ٨ / ٢١٨ ـ ٢١٩. والتقريب ٢ / ٩٩. وخلاصة الخزرجي ٢ / الترجمة ٥٥٧٨.

٥٨٤٣ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ٨ / ٢٥٩.

١٤٥

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي قال : حدّثنا الحسن ابن مكرم ، حدّثنا أبو النضر ، حدّثنا أبو جعفر الرّازي عن يزيد بن أبي مالك قال : أخبرنا أبو سباع. قال : اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع ، فلما خرجت بها أدركنا واثلة وهو يجر رداءه. فقال : يا عبد الله اشتريت؟ قلت : نعم! قال هل بين لك ما فيها؟ قلت : وما فيها؟ إنها لسمينة ظاهرة الصحة ، قال : أردت بها لحما ، أو أردت بها سفرا؟ قلت : بل أردت عليها الحج ، قال : فإن بخفها نقبا ، قال فقال صاحبها : أصلحك الله ما تريد إلى هذا تفسد علىّ! قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من باع شيئا فلا يحل له حتى يبين ما فيه ، ولا يحل لمن يعلم ذلك أن لا يبينه» (١).

أخبرنا الصيمري ، حدّثنا الحسين بن هارون الضّبّي ، أخبرنا محمّد بن عمر بن سلم الحافظ ، حدثني إسحاق بن موسى أبو عيسى ، حدّثنا أبو داود قال : قلت ليحيى بن معين : أين كتب أبو النضر هاشم بن القاسم عن أبي جعفر الرّازي؟ قال : كتب عنه ببغداد قدم عليهم للحج فسمع منه أبو النضر ، وخلف بن الوليد ، وجماعة من أصحابنا.

أخبرنا الحسن بن الحسين بن العبّاس ، أخبرنا جدي إسحاق بن محمّد النعالي ، حدّثنا عبد الله بن إسحاق المدائنيّ ، حدّثنا قعنب بن المحرر قال : أبو جعفر الرّازي اسمه عيسى بن ماهان ، مولى لبني تميم.

أخبرني الأزهري ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : أبو جعفر الرّازي كان أصله من مرو ، من قرية يقال لها برز ، وهي القرية التي نزلها الربيع ابن أنس أولا ، وبها سمع أبو جعفر من الربيع بن أنس ، ثم تحول أبو جعفر بعد ذلك إلى الري فمات بها ، فقيل له الرّازي. وكان ثقة ، وكان يقدم بغداد والكوفة للحج فيسمعون منه.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن عليّ الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن عمر بن بهتة ، أخبرنا محمّد بن مخلد ، حدّثنا محمّد بن الفضل ، حدّثنا عبد الله بن أبي حمّاد القطّان الأكبر ـ بطرسوس ـ حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد الله الدشتكي قال : سمعت أبا جعفر الرّازي يقول: لم أكتب عن الزّهريّ لأنه كان يخضب بالسواد. قال عبد الرّحمن : فابتلى أبو جعفر فلبس السواد ، وكان زميل المهديّ إلى مكة.

__________________

(١) انظر الحديث في : السنن الكبرى للبيهقي ٥ / ٣٢٠.

١٤٦

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا أبو الفضل جعفر بن محمّد الصندلي، حدّثنا أبو حفص عمر بن ياسر العطّار عن بشر بن الحارث قال : كان أبو جعفر الرّازي صديقا لسفيان الثوري ، وكان له معه بضاعة ، وكان يكثر الحج ، فكان إذا قدم الكوفة تلقاه سفيان إلى القنطرة ، وإذا خرج إلى مكة شيعه إلى النجف ، فقدم سنة من السنين مدينة السلام فاجتمع إليه الأضراء ، فقالوا : يا أبا جعفر تكلم لنا أمير المؤمنين فإنه قد ولى علينا رجلا يقتطع أرزاقنا ، ويسيء فيما بيننا وبينه فلم يجبهم إلى شيء ، فبلغ ذلك سفيان فتلقاه أسفل القنطرة ، وشيعه حتى جاوز النجف ، وزاده في البر ، فلما كان في العام المقبل قدم أبو جعفر وهو يريد الحج ، فاجتمع إليه الأضراء فكلموه بما كلموه به في العام الماضي ، فرق لهم ، فأتى باب الذهب فقال للحاجب : استأذن لي على أمير المؤمنين وأخبره أن بالباب أبا جعفر الرّازي ، فأسرع الرسول أن ادخل ، فدخل على المنصور فأكرمه بغاية الكرامة وجعل يسأله عن أحواله ، وسأله هل له حاجة؟ فقال : نعم! فقص عليه قصة الأضراء فقال : يعزل عنهم كاتبهم ويولى عليهم من أحبوا ، ونأمر لأبي جعفر بعشرة آلاف لسؤاله إيانا هذه الحاجة ، فلما صارت الدراهم بيده أسقط في يديه ، وعلم أنه قد أخطأ ، فجلس بسور القصر ثم دعا بخرق فجعلها صررا ، ففرقها على قوم ، وقام فنفض ثوبه وليس معه منها شيء. فبلغ ذلك سفيان الثوري ، فلما دخل أبو جعفر الرّازي الكوفة توارى سفيان ، فطلبه فلم يقدر عليه ، وسأل عنه فلم يدل عليه ، فامتعض له بعض إخوان سفيان ، فقال : ألك إليه حاجة؟ فقال : نعم! فقال اكتب كتابا وادفعه إلى أوصله لك إليه ، فكتب كتابا ودفعه إليه ، قال فصرت بالكتاب إلى سفيان ، فإذا أنا به في غرفة وإذا هو مستلق على قفاه ، قد وضع رجله على الأخرى مستقبل القبلة ، فسلمت عليه وأظهرت الكتاب ، فقال لي : مه؟ فقلت : كتاب أبي جعفر الرّازي. فقال اقرأه ، فقرأته فقال لي اكتب جوابه في ظهره ، فكتبت : بسم الله الرحمن الرحيم ، قلت له ما ذا أكتب؟ قال اكتب : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ) [المائدة ٧٨] الآية ، اردد إلينا بضاعتنا لا حاجة لنا في أرباحها ، قال : فأتيته بالكتاب ، والناس إذ ذاك متوافرون بالكوفة ، فنظروا في الكتاب وأجمع رأيهم على أنهم يوجهون بالكتابين إلى ابن أبي ليلى ، ولا يعلمونه ممن الكتاب ، ولا من صاحب الجواب ، ليعرفوا ما عنده من الرأي. فوجهوا بالكتابين فنظر فيهما فقال : أما الأول فكتاب رجل مداهن ، وأما الجواب فكتاب رجل يريد الله يفعله.

١٤٧

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، أخبرنا حنبل بن إسحاق قال : سئل أبو عبد الله عن أبي جعفر الرّازي فقال : صالح الحديث.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا موسى بن إبراهيم بن النضر العطّار ، حدّثنا محمّد ابن عثمان بن أبي شيبة قال : سمعت عليا ـ وهو ابن المديني ـ يقول : كان أبو جعفر الرّازي عندنا ثقة.

أخبرني عليّ بن محمّد المالكيّ ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، أخبرنا محمّد ابن عمران الصّيرفيّ ، حدّثنا عبد الله بن عليّ بن المديني قال : وسألته ـ يعني أباه ـ عن أبي جعفر الرّازي فقال : هو نحو موسى بن عبيدة ، وهو يخلط فيما روى عن مغيرة ونحوه.

أخبرني السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر ، حدّثنا ابن الغلابي قال : قال أبو زكريا : أبو جعفر الرّازي ثقة.

أخبرني أحمد بن عبد الله الأنماطيّ ، أخبرنا محمّد بن المظفّر ، أخبرنا عليّ بن أحمد بن سليمان المصري ، حدّثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم قال : وسألته ـ يعني يحيى بن معين ـ عن أبي جعفر الرّازي فقال : يكتب حديثه ، إلا أنه يخطئ.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا أحمد بن سعيد السوسي ، حدّثنا عباس بن محمّد قال : سمعت يحيى يقول : أبو جعفر الرّازي ثقة ، وهو يغلط فيما يروى عن مغيرة.

حدّثنا الصيمري ، حدّثنا عليّ بن الحسن الرّازي ، حدّثنا محمّد بن الحسين الزعفراني ، حدّثنا أحمد بن زهير قال : سئل يحيى بن معين عن أبي جعفر الرّازي فقال : صالح.

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن خميرويه الهرويّ ، أخبرنا الحسين بن إدريس قال : قال ابن عمار : أبو جعفر الرّازي ثقة.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا سهل بن أحمد الواسطيّ ، حدّثنا أبو حفص عمرو بن عليّ قال : وعبد الله بن أبي جعفر الرّازي كان يكون بالري ، وأبوه أبو جعفر فيه ضعف ، وهو من أهل الصدق ، سيئ الحفظ.

١٤٨

أخبرنا البرقاني ، حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي ، حدّثنا أحمد بن طاهر بن النجم، حدّثنا سعيد بن عمرو البرذعي قال : قلت ـ يعني لأبي زرعة الرّازي ـ أبو جعفر الرّازي؟ قال : شيخ يهم كثيرا.

أخبرنا عليّ بن طلحة المقرئ ، أخبرنا أبو الفتح محمّد بن إبراهيم الغازي ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال : أبو جعفر الرّازي واسمه عيسى بن ماهان سيئ الحفظ صدوق.

أخبرني البرقاني ، حدثني محمّد بن أحمد الأدمي ، حدّثنا محمّد بن عليّ الإيادي ، حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي قال : أبو جعفر الرّازي عيسى بن ماهان خراساني صدوق ليس بمتقن.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن سعيد ، حدّثنا عباس قال : سمعت يحيى يقول : أبو جعفر الرّازي كان خراسانيا ، انتقل إلى الري ومات بها.

٥٨٤٤ ـ عيسى بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب :

عم السفاح والمنصور حدث عن أبيه. روى عنه شيبان عبد الرّحمن التّميميّ ، وإليه ينسب قصر عيسى ، وقطيعة عيسى ، ونهر عيسى.

أخبرنا محمّد بن عمر بن القاسم النرسي ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن شاكر الصّائغ ، حدّثنا الحسين بن محمّد ، حدّثنا شيبان بن عيسى بن عليّ بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يمن الخيل في شقرها» (١).

أجاز لنا ابن رزق قال : حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكى ، أنبأنا محمّد بن إسحاق السّرّاج ، حدّثنا حاتم بن اللّيث قال : سئل يحيى بن معين عن عيسى بن عليّ فقال : هذا عيسى بن عليّ بن عبد الله بن عباس ليس به بأس ، كان له مذهب جميل ، معتزلا للسلطان. روى هذا الحديث وهو غريب عن أبيه عن جده ، وليس هو بقديم الموت ، وبلغني أنه مات في السنة التي مات فيها شعبة ، سنة ستين ومائة.

__________________

٥٨٤٤ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ٨ / ٢٦٨. وتهذيب التهذيب ٤٦٤٣ (٢٣ / ٥). والميزان ٣ / ترجمة ٦٥٨٩. والتقريب ٢ / ١٠٠.

(١) انظر الحديث في : مسند أحمد ١ / ٢٧٢. وسنن الترمذي ١٦٩٥. والسنن الكبرى للبيهقي ٦ / ٣٣٠.

١٤٩

أنبأنا إبراهيم بن مخلد ، أخبرنا إسماعيل بن عليّ الخطبي قال : وتوفي عيسى بن عليّ في سنة ثلاث وستين ومائة ، وصلى عليه موسى بن المهديّ ، ومشى في جنازته من قصر عيسى إلى مقابر قريش ، وكانت سنة ثمان وسبعين سنة.

قلت : وقد قيل إن مولده في سنة ثلاث وثمانين ، ومبلغ سنة وقت وفاته ثمانين سنة.

قرأت في كتاب أبي الحسن بن الفرات ـ بخطه ـ أخبرني أخي أبو القاسم عبيد الله ابن العبّاس ، أخبرني عليّ بن سراج الحرسي قال : توفي عيسى بن عليّ بن عبد الله بن عباس سنة أربع وستين ومائة ، حين عسكر المهديّ بالبردان يريد الشام ، فرجع من معسكره فصلى عليه في مقابر قريش ، ورجع إلى عسكره.

٥٨٤٥ ـ عيسى بن يزيد بن بكر بن داب ، أبو الوليد :

أحد بني ليث بن بكر المديني قدم بغداد وأقام بها وحدث عن صالح بن كيسان ، وهشام بن عروة ، وغيرهما. روى عنه شبابة بن سوار ، وحوثرة بن أشرس ، ومحمّد ابن سلام الجمحيّ ، وكان ابن داب راوية عن العرب ، وافر الأدب ، عالما بالنسب ، عارفا بأيام النّاس، حافظا للسير ، وقيل إنه كان يزيد في الأحاديث ما ليس منها.

وقد ذكره محمّد بن إسماعيل البخاريّ فقال فيما أخبرنا به ابن الفضل : أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي ، حدّثنا أبو أحمد بن فارس قال : حدّثنا البخاريّ قال : عيسى بن يزيد الليثي المديني عن عبد الرّحمن ابن أخي زيد سمع منه يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال الأويسي : حدّثنا سليمان عن عيسى بن يزيد عن عمران بن أبي حفص عن ابن عباس قال : انصرفت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة ، بحديث طويل منكر. قال البخاريّ ويقال : هو ابن داب ، فإن كان ابن داب فهو منكر الحديث.

أخبرنا العتيقي ، حدّثنا عبد العزيز بن جعفر بن محمّد الخرقي ، حدّثنا حامد بن محمّد بن شعيب ، حدّثنا سريج بن يونس ، حدّثنا شبابة بن سوار ، حدّثنا عيسى بن يزيد المديني ، حدثني صالح بن كيسان قال : لما كانت الردة ، قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: الحمد لله الذي هدى وكفى ، وأعطى فأغنى ، إن الله بعث محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم والعلم شريد ، والإسلام غريب طريد ، وقد رثّ حبله ، وخلق عهده ، وضل أهله منه ،

__________________

٥٨٤٥ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ٨ / ٣٣٩.

١٥٠

ومقت الله أهل الكتاب فلا يعطيهم خيرا لخير عندهم ، ولا يصرف عنهم شرا لشر عندهم ، قد غيروا كتابهم ، وأتوا عليه ما ليس فيه ، والعرب الأميون صفر من الله لا يعبدونه ولا يدعونه ، أجهدهم عيشا ، وأضلهم دينا في ظلف من الأرض مع قلة السحاب ، فجمعهم الله بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وجعلهم الأمة الوسطى ، نصرهم بمن اتبعهم ونصرهم على غيرهم ، حتى قبض الله نبيه ، فركب منهم الشيطان مركبه الذي أنزله الله عنه ، وأخذ بأيديهم ، وبغى هلكتهم : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران ١٤٤] إن من حولكم من العرب منعوا شاتهم وبعيرهم ، ولم يكونوا في دينهم ـ وإن رجعوا إليه ـ أزهد منهم يومهم هذا ، ولم تكونوا في دينكم أقوى منكم يومكم هذا ، على ما قد فقدتم من بركة نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولقد وكلكم إلى الكافي ، الذي وجده ضالا فهداه ، وعائلا فأغناه ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، والله لا أدع أن أقاتل على أمر الله حتى ينجز الله وعده ، ويوفى لنا عهده ، ويقتل من قتل منا شهيدا من أهل الجنة ، ويبقى من بقي منا خليفته وورثته في أرضه ، قضاء الله الحق ، وقوله الذي لا خلف له : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) الآية [النور ٥٥]. ثم نزلرحمه‌الله.

أخبرنا أبو سعيد محمّد بن موسى الصّيرفيّ قال : سمعت أبا العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم يقول : سمعت العبّاس بن محمّد الدّوريّ يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : اسم ابن داب عيسى بن يزيد.

أخبرنا الأزهري ، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال : ابن داب الأخباري هو عيسى ابن يزيد بن بكر بن داب بن كرز بن الحارث بن عبد الله بن أحمد بن يعمر. قاله ابن الكلبي.

قلت : ويعمر هو الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر.

أخبرنا الأزهري ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : لم يتول الخلافة قبل الهادي بسنة أحد ، لأنه كان حدثا ، وكانت فيه شكاسة شديدة ، وصعوبة عرام ، وقلة احتمال ، وسوء ظن ، وكان يكره أن يسأل ، فإذا أعطى أجزل العطية وتابعها. وكان يحب الأدب وأهله ، ويعطى عليه ، وكان عيسى بن داب يجالسه ،

١٥١

وكان أكثر أهل الحجاز أدبا ، وأعذبهم ألفاظا ، وكان قد حظى عند الهادي وكان يدعو له [إذا جلس] (١) بتكاء وما طمع في هذا أحد منه غيره ، وكان يقول له : ما استطلت بك يوما ولا ليلة قط ، ولا غبت عن عيني إلا تمنيت أن لا أرى غيرك. وأمر له ذات ليلة بثلاثين ألف دينار ، فلما أصبح ابن داب وجه قهرمانه يطالب بالمال ، فلقى الحاجب فأبلغه رسالته ، فأعلمه أن ذلك ليس إليه ، وأنه يحتاج إلى توقيع ، فأمسك ابن داب. فبينا موسى ـ يعني الهادي ـ في مستشرف له إذ نظر إلى ابن داب قد أقبل وليس معه غلام ، فقال لإبراهيم الحراني : أما ترى ابن داب ، ما غير من حاله؟ ولا تزيّا لنا ، وقد بررناه بالأمس ليرى أثرنا عليه ، فقال له إبراهيم : إن أمرني أمير المؤمنين عرضت له بشيء من هذا ، قال : لا ، هو أعلم بأمره ودخل ابن داب فأخذ في حديثه إلى أن عرض له الهادي بشيء من أمره. فقال : أرى ثوبك غسيلا ، وهذا شتاء يحتاج إلى لبس الجديد واللين. فقال : يا أمير المؤمنين باعي قصير عما أحتاج إليه. فقال : كيف ذاك ، وقد صرفنا إليك من برنا ما فيه صلاح شأنك؟ قال : ما وصل إلىّ ، فدعا بصاحب بيت مال الخاصة. فقال : عجل الساعة له بثلاثين ألف دينار ، فحملت بين يديه.

أخبرنا عليّ بن الحسين ـ صاحب العباسي ـ أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل ، أخبرنا أبو عليّ الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا ابن أبي سعد ، حدثني إبراهيم بن المنذر قال : حدثني أيّوب بن عباية عن ابن داب أنه كان لا يأكل مع هارون ـ أو موسى أمير المؤمنين ـ قال : فقيل لابن داب : يا أبا الوليد مالك لا تتغدى مع أمير المؤمنين إذا أتى بالطعام؟ فقال : ما كنت لأتغدى عند رجل لا أغسل يدي عنده ، قال : فكان موسى قد أمر به من بينهم أن يغسل يده إذا تغدى ، قال فقيل لابن داب يا أبا الوليد ربما حملت الكتاب وأنت رجل تجد في نفسك؟ قال : إن حمل الدفاتر من المروءة.

أخبرني الأزهري ، أخبرنا محمّد بن عمران الكاتب ـ إجازة ـ حدثني أحمد بن محمّد الجوهريّ ، حدّثنا العنزي ، حدّثنا عمر بن عبيدة ، حدثني خالي ابن أبي شميلة قال : كان خلف الأحمر ينسب ابن داب إلى الكذب ، قال : فغدوت أنا وخلف يوما على ابن داب ، فأخذ في حديث الخاصة حتى انقضى ، فلما انصرفنا قلت لخلف : يا أبا محرز أتراه كذب؟ قال : لا أدري والله ، ما أعرف مما حدث به قليلا ولا كثيرا.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٥٢

أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي ، أخبرنا محمّد بن عدي البصريّ ـ في كتابه ـ حدّثنا أبو عبيد محمّد بن عليّ الآجري قال : قال أبو داود ـ سليمان بن الأشعث ـ سمعت أبا حاتم قال : سمعت الأصمعي قال : قال لي خلف الأحمر : آفتنا بين المشرق والمغرب ، ابن داب ، يضع الحديث بالمدينة ، وابن شوكر يضع الحديث بالسند.

أخبرنا عليّ بن عبد العزيز الطاهري ، أخبرنا عليّ بن عبد الله بن المغيرة الجوهريّ ، حدّثنا أحمد بن سعيد الدّمشقيّ ، حدّثنا الزّبير بن بكّار قال : أنشدني إبراهيم بن المنذر لابن مناذر :

ومن يبغ الوصاة فإن عندي

وصاة للكهول وللشباب

خذوا عن مالك وعن ابن عون

ولا ترووا أحاديث ابن داب

ترى الهلاك ينتجعون منها

ملاهي من أحاديث كذاب

إذ طلبت منافعها اضمحلت

كما يرفض رقراق السراب

٥٨٤٦ ـ عيسى بن أبي جعفر المنصور :

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال : كتب إلى محمّد بن إبراهيم الجوري أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال : حدّثنا أحمد بن يونس الضّبّي ، حدثني أبو حسّان الزيادي قال : سنة إحدى وثمانين ومائة فيها مات عيسى بن أبي جعفر أمير المؤمنين ببغداد ، لست بقين من ذي القعدة.

٥٨٤٧ ـ عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ، الهمدانيّ الكوفيّ :

واسم أبي إسحاق : عمرو بن عبد الله بن أحمد بن ذي يحمد بن السبيع بن سبع ابن صعب بن معاوية بن كثير بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان. وعيسى يكنى أبا عمرو. هو أخو إسرائيل ، رأى جده أبا إسحاق إلا أنه لم يسمع منه شيئا ، وسمع إسماعيل بن أبي خالد ، وهشام بن عروة ، وعبيد الله بن عمر ، وسليمان الأعمش والأوزاعي ، وعوفا الأعرابي ، وشعبة ، ومالك بن أنس ، وعمر بن سعيد بن أبي حسين ، وابن جريج ، ومحمّد بن إسحاق. روى عنه أبوه يونس ،

__________________

٥٨٤٧ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ٩ / ١٩٥. وتهذيب الكمال ٤٦٧٣ (٢٣ / ٦٢). والكاشف ٢ / ٤٤٧٥. وتهذيب التهذيب ٨ / ٢٣٧. والتاريخ الكبير ٦ / ٤٠٦. وسير أعلام النبلاء ٨ / ٤٣٠. وتذكرة الحفاظ ١ / ٢٧٩. والجرح والتعديل ٦ / ٢٩١. وطبقات ابن سعد ٧ / ٤٨٨. والتقريب ٢ / ١٠٣. وخلاصة الخزرجي ٢ / الترجمة ٥٦١٥. وثقات ابن حبان ٧ / ٢٣٨.

١٥٣

وإسماعيل بن عياش ، والقعنبي ، وداود بن عمرو الضّبّي ، وأحمد بن جناب ، وعلي بن بحر بن بري ، والحكم بن موسى ، ويحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، ويعقوب الدورقي ، والحسن بن عرفة ، في آخرين. وكان عيسى قد انتقل عن الكوفة إلى بعض ثغور الشام فسكنها ، وقدم بغداد وحدث بها.

أخبرنا أبو عمر بن مهدي ، حدّثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحامليّ ـ إملاء ـ حدّثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدّثنا عيسى بن يونس ، حدّثنا الأعمش عن إبراهيم عن همّام قال : بال جرير ومسح على خفيه ـ أو قال جوربيه ـ قال عيسى : أنا أشك ـ فقيل له : يا أبا عمرو أتفعل هذا وقد بلت؟ قال : وما يمنعني وقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يمسح على خفيه ، فكان أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعجبهم ذلك ، أن إسلامه كان بعد نزول المائدة.

وأخبرنا ابن مهدي ، ومحمّد بن أحمد بن رزق ، أبو الحسين بن الفضل ، وعبد الله ابن يحيى السّكّري ومحمّد بن محمّد بن محمّد بن إبراهيم بن مخلد البزّاز قالوا : أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار ، حدّثنا الحسن بن عرفة ، حدّثنا عيسى بن يونس ابن أبي إسحاق السبيعي عن ابن جريج عن أبي الزّبير عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس على المختلس ، ولا على المنتهب ، ولا على الخائن ، قطع» (١).

أخبرنا السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر ، حدّثنا ابن الغلابي قال : قال أبو زكريا : وقد رأى عيسى بن يونس [جده] (٢) أبا إسحاق ، أخبرنا ابن الفضل ، حدّثنا دعلج بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن عليّ الأبار ، حدّثنا الحسن ـ يعني ابن عليّ الحلواني ـ حدّثنا محمّد بن داود قال : سمعت عيسى ابن يونس يقول : أربعين حديثا حدّثنا بها الأعمش فيها ضرب الرقاب ، لم يشركني فيها غير محمّد بن إسحاق المديني ، ربما قال الأعمش : يا محمّد فيقول لبيك ، فيقول من معك؟ فيقول عيسى بن يونس ، فيقول ادخلا وأجيفا الباب ، وكان يسأله عن حديث الفتن.

__________________

(١) انظر الحديث في : سنن النّسائيّ ٨ / ٩٨. وسنن ابن ماجة ٢٥٩٢. والسنن الكبرى للبيهقي ٥ / ٤٧ ، ٨ / ٢٧٩. ومجمع الزوائد ٣ / ٢١٩.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٥٤

حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال : أخبرني الحسن بن يوسف الصّيرفيّ ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن هارون الخلال ، أخبرنا أبو بكر المروذي قال : سمعت أبا عبد الله يقول : الذي كنا نخبر أن عيسى بن يونس كان سنة في الغزو ، وسنة في الحج ، وقد كان قدم إلى بغداد في شيء من أمر الحصون فأمر له بمال فأبى أن يقبل.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان بن عليّ المقرئ الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن فارس البزّاز ، أخبرنا عليّ بن الحسين النديم ، أخبرنا الحسين بن عمر الثّقفيّ ، حدّثنا عبد الله بن سعيد الكندي ، حدّثنا عمر بن أبي الرطيل عن أبي بلال الأشعري عن جعفر بن يحيى بن خالد قال : ما رأينا في القراء مثل عيسى بن يونس ، أرسلنا إليه فأتانا بالرقة ، فاعتل قبل أن يرجع ، فقلت له يا أبا عمر قد أمر لك بعشرة آلاف ، فقال : هيه ، فقلت هي خمسون ألفا ، قال : لا حاجة لي فيها ، فقلت : ولم؟ أما والله لأهنينكها ، هي والله مائة ألف ، قال لا والله لا يتحدث أهل العلم أني أكلت للسنّة ثمنا ، ألا كان هذا قبل أن ترسلوا إلىّ؟ فأما على الحديث فلا والله ولا شربة ماء ولا هليلجة!!

أخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا عبد الرّحمن بن محمّد الزّهريّ ، حدّثنا أحمد بن سعد ، حدّثنا الحراني قال : قال ابن المبارك لرجل : أكتب نفس هذا الشيخ ـ يعني عيسى بن يونس.

أخبرنا الأزهري ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة ، حدّثنا محمّد بن يونس ، حدّثنا سليمان بن داود قال : كنا عند ابن عيينة ، فجاء عيسى ابن يونس فقال : مرحبا بالفقيه ابن الفقيه ابن الفقيه.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّي قال : سمعت أبا النضر الفقيه يقول : سمعت إبراهيم بن إسماعيل العنبري يقول : سمعت قيس بن حنش يقول: سمعت عليّ بن المديني يقول : جماعة من الأولاد أثبت عندنا من آبائهم ، منهم عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا ابن خميرويه الهرويّ ، أخبرنا الحسين بن إدريس قال : قال ابن عمار : عيسى بن يونس ، وإسرائيل بن يونس ، ويوسف بن يونس ، وهؤلاء إخوة ، وأثبتهم عيسى بن يونس ، ثم يوسف (٣) وهو أثبت من إسرائيل ، ثم إسرائيل. وقال

__________________

(٣) «ثم يوسف» ساقطة من المطبوعة.

١٥٥

ابن عمار ، في موضع آخر : إسرائيل ، وعيسى ابني يونس ، عيسى هو حجة وهو أثبت من إسرائيل ، وإسرائيل وشريك قد تركهما يحيى.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي ، حدّثنا أبو أحمد بن فارس قال : حدّثنا البخاريّ قال : قال لي إبراهيم بن موسى : سمعت الوليد يقول : ما أبالي من خالفني في الأوزاعي ما خلا عيسى بن يونس فاني رأيت أخذه.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد الأشناني قال : سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس الطرائفي يقول : سمعت عثمان بن سعيد يقول : سألت يحيى بن معين قلت : فعيسى بن يونس أحب إليك أو أبو معاوية؟ فقال : ثقة وثقة.

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا أبو أحمد الحسين بن عليّ التّميميّ ، حدّثنا أبو عوانة يعقوب الأسفراييني ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن الحجّاج المروروذي قال : وسئل ـ يعني أحمد بن حنبل ـ عن عيسى بن يونس ، وأبي إسحاق الفزاريّ ، ومروان ابن معاوية ، أيهم أثبت؟ قال : ما فيهم إلا ثبت ، قيل له فمن تقدم؟ قال : ما فيهم إلا ثقة ثبت إلا أن أبا إسحاق ومكانه من الإسلام.

أخبرنا حمزة بن محمّد بن طاهر ، حدّثنا الوليد بن بكر ، حدّثنا عليّ بن أحمد بن زكريا الهاشميّ ، حدّثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي ، حدثني أبي قال : عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي كوفي ثقة ، وكان سكن الثغر ، وكان ثبتا في الحديث.

أخبرنا عليّ بن طلحة المقرئ ، أخبرنا أبو الفتح محمّد بن إبراهيم الغازي ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال : عيسى بن يونس كوفي ثقة.

أخبرني أبو الفرج الطناجيري ، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ قال ـ وفي كتاب جدي عن عبيد الله بن عفير عن أبيه ـ قال : وفي سنة إحدى وثمانين توفي عيسى بن يونس.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد ، حدّثنا حنبل بن إسحاق قال : سمعت عليّ بن بحر قال : كنت عند عيسى بن يونس سنة ست وثمانين ومائة ، ومات سنة سبع وثمانين ومائة.

١٥٦

أخبرنا الأزهري ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا إبراهيم بن محمّد الكندي ، حدّثنا أبو موسى محمّد بن المثنّى قال : ومات عيسى بن يونس سنة ثمان وثمانين.

أخبرنا هبة الله بن الحسن الطبري ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عروة ، أخبرنا ابن أبي داود قال : سمعت محمّد بن مصفى قال : مات عيسى بن يونس في النصف من شعبان سنة ثمان وثمانين ومائة.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا جعفر الخلدي ، حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي قال : وفي سنة ثمان وثمانين ومائة مات عيسى بن يونس ، وأخبرت أنه مات في النصف من شعبان.

أخبرنا عبد العزيز بن عليّ الأزجي ، أخبرنا محمّد بن عبد الرّحمن المخلص ، حدّثنا عبيد الله بن عبد الرّحمن السّكّري ، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة ، حدثني أبي قال: حدثني أبو عبيدة قال : سنة إحدى وتسعين ومائة فيها مات عيسى بن يونس ابن أبي إسحاق السبيعي بالثغر.

أخبرنا أبو سعيد بن حسنويه ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، حدّثنا عمر بن أحمد الأهوازيّ ، حدّثنا خليفة بن خياط قال : وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق مات بالحدث سنة إحدى وتسعين ومائة.

أخبرنا الجوهريّ ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : عيسى بن يونس السبيعي من أهل الكوفة ، تحول إلى الثغر فنزل بالحدث وكان ثقة ثبتا ، ومات بالحدث في أول سنة إحدى وتسعين ومائة في خلافة هارون.

٥٨٤٨ ـ عيسى بن سوادة بن أبي الجعد ، الرّازي :

أنبأنا أحمد بن محمّد بن عبد الله الكاتب ، أخبرنا محمّد بن حميد المخرمي ، حدّثنا ابن حبان قال : وجدت في كتاب أبي بخط يده. قال أبو زكريا : سوادة ، وعمران ، وإبراهيم بنو أبي الجعد نزلوا الري ، وكانوا من أهل الكوفة. روى مطرف ابن طريف عن سوادة ، وحكام عن إبراهيم ، وعمران روى عنه إسماعيل بن أبي خالد ، وعيسى بن سوادة كان هاهنا سمعت منه ببغداد ، ليس حديثه بشيء.

وقال في موضع آخر : ابن سوادة كان هاهنا يحدث عن إسماعيل وعن هؤلاء كان كذّابا ، قد رأيته وكتبت عنه.

١٥٧

٥٨٤٩ ـ عيسى بن جعفر بن أبي جعفر المنصور :

كان من وجوه بني هاشم وسراتهم وولى إمارة البصرة ، وخرج من بغداد يقصد هارون الرّشيد وهو إذ ذاك بخراسان ـ فأدركه أجله بالدسكرة من طريق حلوان.

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال : كتب إلى محمّد بن إبراهيم الجوري أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال : حدّثنا أحمد بن يونس الضّبّي ، حدثني أبو حسّان الزيادي قال : سنة اثنتين وسبعين ومائة فيها مات عيسى بن جعفر بن أبي جعفر بطرازستان ، لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان.

٥٨٥٠ ـ عيسى بن أبّان بن صدقة ، أبو موسى :

صحب محمّد بن الحسن الشّيبانيّ وتفقه به ، واستخلفه يحيى بن أكثم على القضاء بعسكر المهديّ ، وقت خروج يحيى مع المأمون إلى فم الصلح ، فلم يزل على عمله إلى أن رجع يحيى ، ثم تولى عيسى القضاء بالبصرة فلم يزل عليه حتى مات. وقد أسند الحديث عن إسماعيل بن جعفر ، وهشيم ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ومحمّد بن الحسن. روى عنه الحسن بن سلام السواق.

أخبرنا الحسين بن عمر بن برهان الغزّال ، حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ـ إملاء ـ حدّثنا الحسن بن سلام ، حدّثنا عيسى بن أبّان بن صدقة ، حدّثنا محمّد بن الحسن ، أخبرنا أبو حنيفة عن حمّاد عن الشعبي عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري عن المغيرة ابن شعبة : أنه خرج مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سفر ، فانطلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقضاء حاجته ثم رجع ، وعليه جبة رومية ضيقة الكمين فرفعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ضيق كميها. قال المغيرة : فجعلت أصب الماء عليه من إداوة ، فتوضأ وضوء الصّلاة ، ومسح على خفيه ولم ينزعهما ، ثم تقدم فصلى.

أخبرنا الحسين بن عليّ الصيمري ، أخبرنا عبد الله بن محمّد الشاهد ، حدّثنا مكرم القاضي ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن مغلس قال : سمعت محمّد بن سماعة قال : كان عيسى بن أبّان حسن الوجه ، وكان يصلي معنا ، وكنت أدعوه أن يأتي محمّد بن الحسن فيقول : هؤلاء قوم يخالفون الحديث ، وكان عيسى حسن الحفظ للحديث فصلى معنا يوما الصبح ـ وكان يوم مجلس محمّد ـ فلم أفارقه حتى جلس في المجلس

__________________

٥٨٥٠ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ٦٧.

١٥٨

فلما فرغ محمّد أدنيته إليه وقلت : هذا ابن أخيك أبّان بن صدقة الكاتب ، ومعه ذكاء ومعرفة الحديث ، وأنا أدعوه إليك فيأبى ، ويقول إننا نخالف الحديث ، فأقبل عليه وقال له : يا بني ما الذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا ، فسأله يومئذ عن خمسة وعشرين بابا من الحديث فجعل محمّد بن الحسن يجيبه عنها ، ويخبره بما فيها من المنسوخ ، ويأتي بالشواهد والدلائل ، فالتفت إلىّ بعد ما خرجنا فقال : كان بيني وبين النور ستر ، فارتفع عني ، ما ظننت أن في ملك الله مثل هذا الرجل يظهره للناس. ولزم محمّد بن الحسن لزوما شديدا حتى تفقه به.

أخبرنا عليّ بن المحسن ، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر قال : ولما خرج المأمون إلى فم الصلح بسبب بوران ، أخرج معه يحيى بن أكثم ، فاستخلف على الجانب الشرقي عيسى بن أبّان أحد الفقهاء من أهل العراق ، وله [مسائل] (١) كثيرة ، واحتجاج لمذهب أبي حنيفة ، وكان خيرا فاضلا.

قلت : وكانت ولايته هذه في شهر رمضان سنة عشر ومائتين.

أخبرنا الأزهري ، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ ، حدّثنا عبد الله بن إسحاق المعدّل ، أخبرنا الحارث بن محمّد ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : سنة إحدى عشرة ومائتين فيها عزل إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة عن قضاء البصرة ، ووليه عيسى بن أبّان بن صدقة ، وذلك يوم الثلاثاء لسبع ليال خلون من شهر ربيع الأول.

أخبرنا الصيمري ، أخبرنا عبد الله بن محمّد الأسديّ ، حدّثنا أبو بكر الدامغاني الفقيه ، حدّثنا أبو جعفر الطحاوي قال : سمعت أبا خازم القاضي يقول : ما رأيت لأهل بغداد حدثا أذكى من عيسى بن أبّان ، وبشر بن الوليد. وقال أبو خازم : كان عيسى رجلا سخيّا جدا ، وكان يقول : والله لو أتيت برجل يفعل في ماله كفعلي في مالي لحجرت عليه. قال : وقدّم إليه رجل محمّد بن عبّاد المهلبي فادعى عليه أربعمائة دينار ، فسأله عيسى عما ادعاه عليه فأقر له بذلك ، فقال له الرجل احبسه لي. فقال له عيسى : أما الحبس فواجب ولكني لا أرى حبس أبي عبد الله ، وأنا أقدر على فدائه من مالي ، فغرمها عنه عيسى من ماله. ويحكى عن عيسى أنه كان يذهب إلى القول بخلق القرآن.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٥٩

فأخبرنا القاضي أبو محمّد الحسن بن الحسين بن رامين الأستراباذي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن جعفر الجرجاني ، حدّثنا محمّد بن يحيى بن جعفر البزّاز ، حدّثنا محمّد بن الرّوميّ ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن داود بن دينار الفارسي ، حدّثنا محمّد بن الخليل الفارسي ، حدّثنا أبي ـ وكان أبوه صاحب سفيان الثوري ـ قال : كنت بالبصرة ، فاختصم رجل مسلم ورجل يهودي عند القاضي ، وكان قاضيهم يومئذ عيسى بن أبّان وكان يرى رأي القوم ، فوقع اليمين على المسلم ، فقال له القاضي : قل والله الذي لا إله إلا هو ، فقال له اليهودي : حلفه بالخالق لا بالمخلوق ، لأن لا إله إلا هو في القرآن ، وأنتم تزعمون أنه مخلوق ، قال فتحير عيسى عند ذلك وقال : قوما ، حتى أنظر في أمركما.

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال : كتب إلى محمّد بن إبراهيم الجوري أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال : حدّثنا أحمد بن يونس الضبي قال : حدثني أبو حسّان الزيادي قال : سنة إحدى وعشرين ومائتين فيها مات عيسى بن أبّان بن صدقة قاضي البصرة ، لغرة صفر.

أخبرنا الأزهري ، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق ، أخبرنا الحارث ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : سنة إحدى وعشرين ومائتين فيها مات عيسى ابن أبّان بن صدقة ، قاضي أهل البصرة بالبصرة يوم الأربعاء في المحرم ودفن ، وكان حج ثم قدم البصرة منصرفا ، فمات بعد قدومه بأيام.

٥٨٥١ ـ عيسى بن خلاد بن بويب :

حدث عن عتاب بن بشير ، وبقية بن الوليد. روى عنه أبو إسماعيل الترمذي ، ومحمّد بن عبدوس بن كامل السّرّاج.

أخبرني الأزهري ، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني ، حدّثنا أبو سهل أحمد بن محمّد ابن زياد ، حدّثنا أبو إسماعيل الترمذي ، حدّثنا عيسى بن خلاد بن بويب ، حدّثنا عتاب بن بشير ، حدّثنا أبو واصل عبد الحميد عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول في دعائه : «يا ولي الإسلام وأهله ، مسكني به حتى ألقاك به» (١).

قال الدارقطني : عيسى بن خلاد بن بويب شيخ كان ببغداد.

__________________

(١) ٥٨٥١ ـ انظر الحديث في : الأحاديث الصحيحة ، ١٤٧٦ ، ١٨٢٣. وكنز العمال ٣٩١٠. ولسان الميزان ٤ / ١٥٠.

١٦٠