تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٠

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١٠

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

أخبرنا أبو الفتح منصور بن ربيعة بن أحمد الزّهريّ ـ الخطيب بالدينور ـ حدّثنا علي بن أحمد بن علي بن راشد ، أخبرنا أحمد بن يحيى بن الجارود قال : قال علي ابن المدينيّ : نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة ، ـ فذكرهم ـ قال : ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف ، ممن يصنف العلم ، منهم من أهل مكة عبد الملك ابن عبد العزيز بن جريج مولى القرشيّين ، ويكنى أبا الوليد ، لقى ابن شهاب ، وعمرو ابن دينار ، وقد رأى الأعمش ، ولم يرو عنه.

أخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدثني محمّد بن عبد الرحيم قال : قال علي : ـ يعني ابن المدينيّ ـ أخبرنا عبد الوهاب بن همام ـ أخو عبد الرزاق ـ عن ابن جريج قال : أتيت عطاء وأنا أريد هذا الشأن ، وعنده عبد الله بن عبيد بن عمير ، فقال لي عبد الله بن عبيد : قرأت القرآن؟ قلت لا ، قال : فاذهب فاقرأ القرآن ثم اطلب العلم ، قال : فذهبت فغبرت زمانا حتى قرأت القرآن ، ثم جئت إلى عطاء وعنده عبد الله بن عبيد. فقال : تعلمت القرآن ـ أو قرأت كل القرآن ـ قلت نعم! قال : تعلمت الفريضة قلت : لا؟ قال : فتعلم الفريضة ثم اطلب العلم ، قال : فطلبت الفريضة ثم جئت فقال تعلمت الفريضة؟ قلت : نعم! قال : الآن فاطلب العلم ، قال : فلزمت عطاء سبع عشرة سنة.

أخبرنا محمّد بن عمر بن بكير النّجّار ، أخبرنا عثمان بن أحمد بن سمعان الورّاق ، حدّثنا هيثم بن خلف الدّوريّ ، حدّثنا محمود بن غيلان ، حدّثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال : اختلفت إلى عطاء ثمان عشرة سنة ، وكان يبيت في المسجد عشرين سنة.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، ومحمّد بن الحسين بن الفضل قالا : أخبرنا دعلج بن أحمد ، حدّثنا ـ وفي رواية ابن الفضل أخبرنا ـ أحمد بن علي الأبار ، حدّثنا الحسين بن محمّد الحريري البلخيّ ، حدّثنا حمزة بن بهرام ، حدّثنا طلحة قال : قلت لعطاء : من نسأل بعدك يا أبا محمّد؟ قال : هذا الفتى إن عاش ـ يعني ابن جريج ـ.

أخبرنا الحسن بن علي التّميميّ ، حدّثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفراييني قال: حدّثنا عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : كان ابن جريج من أوعية العلم.

٤٠١

أخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي ، حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن محمّد بن حمدان الفقيه قال : حدّثني علي بن يعقوب بن إبراهيم ـ بدمشق ـ حدّثنا أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو قال : قال لي أبو عبد الله أحمد بن حنبل : ابن جريج روى عن ست عجائز من عجائز المسجد الحرام وكان صاحب علم.

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، حدّثنا جدي قال : سمعت يحيى بن معين يقول : أصحاب الحديث خمسة ، فذكر ابن جريج منهم.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب ، حدّثني محمّد بن أبي عمر ، حدّثنا سفيان قال : سمعت ابن جريج يقول : ما دوّن العلم تدويني أحد ، وقال جالست عمرو بن دينار بعد ما فرغت من عطاء سبع سنين.

وقال يعقوب : قال علي قلت ليحيى : سفيان في عمرو بن دينار أثبت من ابن جريج؟ فقال : لا. ابن جريج أثبت ، فقال علي : فذاكرت سفيان أمر ابن جريج في عمرو فقال: كان يمر بي فيقول : لقد غلبتنا على وسادة عمرو ، قال : ولم أره سأله عن شيء قط. قد كان فرغ قبلي.

أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصمّ قال : سمعت العبّاس بن الوليد بن يزيد يقول : سمعت إسماعيل بن محمّد عن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز ، وابن جريج لمن طلبتم العلم؟ قال : كلهم يقول لنفسي غير ابن جريج فإنه قال طلبته للناس.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن أبي طاهر الدّقّاق ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عثمان ابن يحيى الأدمي ، حدّثنا أبو قلابة ، حدّثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النّبيل قال : قال ابن جريج :

خلت الديار فسدت غير مسوّد

ومن الشقاء تفردي بالسؤدد

أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن الحسن الصّوّاف، أخبرنا عبد الله بن أحمد ـ إجازة ـ حدّثني منصور بن أبي مزاحم ، حدّثنا إسماعيل بن عيّاش، عن المثني ـ وغيره ـ عن عطاء بن أبي رباح قال : سيد شباب أهل الحجاز ، ابن جريج ، وسيد شباب أهل الشام ، سليمان بن موسى ، وسيد شباب أهل العراق ، حجاج بن أرطأة.

٤٠٢

أخبرنا القاضي أبو العلاء محمّد بن علي الواسطيّ ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن عثمان الحافظ ، حدّثنا محمّد بن الحسين بن مكرم قال : سمعت محمود بن غيلان يقول : سمعت عبد الرزاق يقول : كنت إذا رأيت ابن جريج علمت أنه يخشى الله ، قال : وما رأيت مصليا قط مثله.

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن حسنويه الهرويّ ، أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاريّ ، حدّثنا سليمان بن الأشعث السجزي قال : سمعت أحمد بن حنبل قال : قال عبد الرزاق : ما رأيت أحدا أحسن صلاة من ابن جريج.

أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار ، حدّثنا محمّد بن عبيد الله بن المنادي ، حدّثنا أحمد بن حنبل ، حدّثنا عبد الرزاق قال : أهل مكة يقولون أخذ ابن جريج الصّلاة عن عطاء ، وأخذها عطاء عن ابن الزّبير ، وأخذها ابن الزّبير عن أبي بكر ، وأخذها أبو بكر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال عبد الرزاق : وكان ابن جريج حسن الصّلاة.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي عن يحيى بن سعيد قال : رأيت معه ـ يعني سفيان الثوري ـ خرجا عن ابن جريج ـ.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي ، حدّثنا أحمد بن إسحاق بن صالح ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الأسود ، حدّثنا عبد الرّحمن قال : قال سفيان : أعياني حديث ابن جريج أن أحفظه ، فنظرت إلى شيء يجمع فيه المعنى فحفظته ، وتركت ما سوى ذلك.

أخبرنا محمّد بن عمر بن بكير المقرئ ، أخبرنا عثمان بن أحمد بن سمعان الرّزّاز ، حدّثنا هيثم بن خلف الدّوريّ ، حدّثنا محمود بن غيلان ، حدّثنا عبد الرزاق قال : قدم أبو جعفر ـ يعني الخليفة ـ مكة ، فقال اعرضوا عليّ حديث ابن جريج ، قال : فعرضوا عليه حديث ابن جريج ، فقال : ما أحسنها لو لا هذا الحشو الذي فيها ـ يعني بلغني ، وحدثت ـ.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا دعلج بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن علي الأبار ، حدّثنا محمود بن غيلان قال : سمعت إسماعيل بن داود المخارقي قال : سمعت مالك بن أنس يقول: كان ابن جريج حاطب ليل.

٤٠٣

أخبرنا ابن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا حنبل بن إسحاق ، حدّثنا محمّد بن المنهال قال : كان يزيد بن زريع يقول : كان ابن جريج صاحب غثاء.

أخبرنا علي بن محمّد المعدل ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، أخبرنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل ـ إجازة ـ قال : كتب إليّ ابن خلّاد ـ وهو أبو بكر الباهليّ ـ سمعت يحيى ـ يعني ابن سعيد القطّان ـ يقول : كنا نسمى كتب ابن جريج كتب الأمانة. وإن لم يحدثك ابن جريج من كتابه لم ينتفع به.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن محمّد الأشناني قال : سمعت أحمد بن محمّد ابن عبدوس الطرائفيّ يقول : سمعت عثمان بن سعيد الدّارميّ يقول : سمعت أحمد ابن صالح المصريّ يقول : ابن جريج إذا أخبر الخبر فهو جيد ، وإذا لم يخبر فلا يعبأ به.

أخبرنا بشرى بن عبد الله الرّوميّ ، حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدّثنا محمّد بن جعفر الرّاشدي.

وأخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن خلف الدّقّاق ، حدّثنا عمر بن محمّد الجوهريّ قالا : حدّثنا أبو بكر الأثرم قال : قال لي أبو عبد الله : إذا قال ابن جريج قال فلان وقال فلان وأخبرت ، جاء بمناكير ، فإذا قال أخبرني وسمعت فحسبك به.

أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران ، حدّثنا محمّد ابن نوح الجنديسابوري ، حدّثنا محمّد بن الفضل العتّابي قال : كنت عند أبي عبد الله أحمد بن حنبل ـ وذكر ابن جريج فقال : إذا قال أخبرني وسمعت فحسبك به.

أخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي ، حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن حمدان الفقيه ، حدّثنا إبراهيم بن علي القطيعيّ ، حدّثني الحسن بن الهيثم بن الخلّال ، حدّثنا محمّد بن موسى بن مشيش. قال : قال أحمد بن حنبل : كان ابن جريج الذي يحدث من كتاب أصح ، وكان في بعض حفظه إذا حدث حفظا سيّئ.

أخبرني أحمد بن عبد الله الأنماطيّ ، أخبرنا محمّد بن المظفر ، أخبرنا علي بن محمّد بن سليمان المصريّ ، حدّثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم قال سمعت يحيى بن معين يقول : ابن جريج ثقة في كل ما روى عنه من الكتاب.

٤٠٤

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين الصّوّاف ، حدّثنا محمّد بن عثمان ابن أبي شيبة ، حدّثنا علي بن عبد الله المدينيّ قال : قال يحيى بن سعيد : لم يكن ابن جريج عندي بدون مالك في نافع. وقال علي في موضع آخر قال يحيى بن سعيد : لم يكن أحد أثبت في نافع من ابن جريج فيما كتب.

أخبرنا هبة الله بن الحسن الطبري ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، أخبرنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ ، حدّثنا أحمد بن زهير قال : رأيت في كتاب علي بن المدينيّ سألت يحيى بن سعيد من أثبت أصحاب نافع؟ قال : أيّوب وعبيد الله ، ومالك بن أنس ، وابن جريج أثبت من مالك في نافع.

أخبرنا ابن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد ، حدّثنا حنبل ، حدّثنا علي قال : سمعت يحيى قال :

وحدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا ابن الصّوّاف ، حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدّثنا علي بن عبد الله المدينيّ قال : قال يحيى بن سعيد. قال ابن جريج : طرح إليّ نافع حقيبة فمنها ما قرأت ، ومنها ما سألت. قال يحيى : فما قال سألت وقلت فهو مما سأله ، والقراءة ، أخبرني نافع ثم قال يحيى : هو أثبت من مالك في نافع.

أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين الصّوّاف ، أخبرنا عبد الله بن أحمد ـ إجازة قال : حدّثني ابن خلّاد قال سمعت يحيى ـ هو ابن سعيد ـ يقول : كان [عند] (١) عبد الملك بن أبي سليمان أحاديث فيها شيء يقطع فيوصله ويوصل فيقطعه ، وقدم ابن جريج في حديث عطاء.

أخبرنا طلحة بن علي الكتاني ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا محمّد جعفر بن المهلب ، حدّثنا صالح بن أحمد بن حنبل. قال : قال أبي : كان عبد الملك بن أبي سليمان من الحفاظ ، إلا أنه يخالف ابن جريج في أشياء. قال وابن جريج أثبت عندنا منه. قال أبي : عمرو بن دينار ، وابن جريج أثبت الناس في عطاء.

أخبرنا البرقاني ، حدّثنا الحسين بن علي التّميميّ ، حدّثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفراييني ، حدّثنا الميموني. قال : ما رأينا أحدا أثبت في عطاء من عمرو ، وابن جريج.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٤٠٥

أخبرنا علي بن محمّد المعدل ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، أخبرنا عبد الله ابن أحمد ـ إجازة ـ قال : سمعت أبي يقول أثبت الناس في عطاء ابن جريج ، وعمرو ابن دينار. قال : ولقد خالفه حبيب بن أبي ثابت في شيء من قول عطاء وكان القول ما قال ابن جريج.

أخبرنا أبو بكر الأشناني قال : سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس الطّرائفيّ يقول سمعت عثمان بن سعيد يقول قلت ليحيى بن معين : فابن جريج؟ قال : ليس بشيء في الزّهريّ.

أخبرنا حمزة بن محمّد بن طاهر ، حدّثنا الوليد بن بكر الأندلسي ، حدّثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشميّ ، حدّثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي ، حدّثني أبي. قال : وابن جريج مكي ثقة.

أخبرنا علي بن أحمد البزّاز ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن المحسن الصّوّاف ، حدّثنا بشر بن موسى. قال : قال أبو حفص عمرو بن علي : مات ابن جريج سنة تسع وأربعين ومائة.

أخبرنا ابن رزق ، حدّثنا عثمان بن أحمد ، حدّثنا حنبل ، حدّثني أبو عبد الله قال سمعت يحيى بن سعيد. قال : مات ابن جريج سنة خمسين.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال : سمعت مكي بن إبراهيم قال :

وأخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا دعلج ، حدّثنا أحمد بن علي البار ، حدّثنا مسلم بن عبد الرّحمن البلخيّ قال سمعت مكي بن إبراهيم يقول : مات ابن جريج في سنة خمسين ومائة.

أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمّد بن عبد الله الأصبهانيّ ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، حدّثنا عمر بن أحمد بن إسحاق الأهوازي. وأخبرنا محمّد بن الحسن بن أحمد الأهوازي ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن إسحاق الدّقّاق ، حدّثنا عمر ابن أحمد ، حدّثنا خليفة بن خياط. قال : وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يكنى أبا الوليد ، مولى لآل أسيد بن أبي العيص بن أميّة ، مات سنة خمسين ومائة.

٤٠٦

أخبرنا منصور بن ربيعة الزّهريّ ـ بالدينور ـ أخبرنا علي بن أحمد بن علي بن راشد ، حدّثنا أحمد بن يحيى بن الجارود. قال : قال علي بن المدينيّ : ومات ابن جريج سنة إحدى وخمسين ومائة.

٥٥٧٤ ـ عبد الملك بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزّبير بن العوّام ، الأسديّ:

من أهل مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان يعد في سادات قريش ، وذوي الفضل منهم ، وقدم بغداد في أيام المهديّ.

فأخبرني الأزهري ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا أحمد بن سليمان الطّوسيّ ، أخبرنا الزّبير بن بكّار قال : وعبد الملك بن يحيى كان من أهل الفضل والمروءة ، وكان أمير المؤمنين المهديّ قد كتب إلى والي المدينة يأمره أن يشخص إليه رجلا يرضاه أهل البلد ، يقوم بحوائج أهل المدينة عنده ، فأجمع أهل المدينة على عبد الملك بن يحيى وسألوه أن يخرج فخرج في ذلك ، ورفع حوائجهم وأقام بالعراق يطالب بها ، وكان رجلا موسرا. وباع من أبي عبيد الله عينا له يقال لها ملح سبابة بعشرة آلاف دينار ، ثم جاءه كتاب أنه ولد له غلام ولم يكن له من قبل ذلك ، فاستقال أبا عبيد الله فأقاله ، وانصرف إلى المدينة.

وقال محمّد بن عبد الملك الأسديّ :

أمدح كريم بني العوّام إن له

مناقبا لم ينلها قبله بشر

حاشى النبي وقوم قد مضوا معه

هم الذين إليه داره هجروا

أعني ابن يحيى بن عباد فإن له

سوابق المجد قد قرت بها مضر

عبد المليك الذي عمت صنائعه

كما يعم البلاد المحلة المطر

قد أحكمته النهي في حسن تجربة

فهو النصير بما يأتي وما يذر

إني وجدت بني يحيى إذا جهدوا

هم البحور بحور المجد والغرر

قال : وقال أيضا يمدحه :

إن الكرام جروا حتى إذا اختلفوا

وجاش كل كريم الجري سباق

وأبصر الناس من يغري ذوي مهل

صاف وعز وأحلام وأعراق

لاح ابن يحيى إمام السابقين كما

لاح الصّبّاح بفجر قبل إشراق

عبد المليك الذي فاضت صنائعه

على القبائل من عرب وإطلاق

٤٠٧

قال الزّبير : وتوفي عبد الملك بن يحيى وهو ابن ثلاث وستين سنة.

٥٥٧٥ ـ عبد الملك بن محمّد بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم ، أبو طاهر الأنصاريّ المدنيّ :

قدم بغداد وحدث بها عن عمه عبد الله بن أبي بكر. روى عنه سريج بن النّعمان الجوهريّ ، وكان ثقة. وولاه هارون الرّشيد القضاء بالجانب الشرقي من بغداد بعد الحسين بن الحسن العوفى ، فمكث بعد أن وليه أياما ثم مات.

أخبرني الأزهري ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن معروف الخشّاب ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : عبد الملك بن محمّد بن أبي بكر ابن محمّد بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبيد بن عوف بن مالك ابن النّجّار. كان قدم بغداد فأقام بها ، واستقضاه هارون الرّشيد أمير المؤمنين على عسكر المهديّ ، مات وصلى عليه هارون ودفنه في مقبرة العبّاسة بنت المهديّ ، وكان قليل الحديث ويكنى أبا طاهر.

أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن أبي الدّنيا ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : عبد الملك بن محمّد بن أبي بكر بن حزم الأنصاريّ ، ويكنى أبا الطّاهر مات ببغداد سنة ست وسبعين ومائة ، وكان قاضيا بها لهارون ، وصلى عليه هارون ودفن في مقبرة العبّاسة.

أخبرنا أبو سعد بن حسنويه الأصبهانيّ ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، حدّثنا عمر بن أحمد بن إسحاق الأهوازي.

ثم أخبرنا محمّد بن الحسن الأهوازي ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن إسحاق الدّقّاق ، حدّثنا عمر بن أحمد ، حدّثنا خليفة بن خياط قال : وعبد الملك بن محمّد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم يكنى أبا الطّاهر ، مات سنة ست وسبعين ومائة.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي قال : مات أبو الطّاهر عبد الملك بن محمّد بن أبي بكر بن حزم الأنصاريّ سنة ست وسبعين ومائة ببغداد ، ودفن في مقبرة العبّاسة.

__________________

٥٥٧٥ ـ انظر : تهذيب الكمال ٣٥١٨ (١٨ / ٢٩٣). والمنتظم ٩ / ٣٦. وطبقات ابن سعد ٩ / الورقة ٢٥٩. وتاريخ خليفة ٤٥٠ ، وطبقاته ٢٧٥. والتاريخ الكبير ٥ / الترجمة ١٤٠٥. والقضاة لوكيع ٣ / ٢٣٧ ، ٣٢٦. والجرح والتعديل ٥ / الترجمة ١٧٢٧. وثقات ابن حبان ٧ / ١٠٠. وتهذيب التهذيب ٦ / ٣٨٧.

٤٠٨

قرأت على البرقاني عن إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكي ، أخبرنا محمّد بن إسحاق السّرّاج ، حدّثنا الجوهريّ ـ يعني حاتم بن الليث ـ حدّثنا سريج بن النّعمان قال : عبد الملك بن محمّد بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم المدنيّ الأنصاريّ من بني النّجّار ، قدم علينا فأقام بها ، وكتبنا عنه المغازي عن عمه عبد الله بن أبي بكر ، وكان هارون ولاه القضاء ببغداد عسكر المهديّ ، وكان عبد الملك يكنى أبا طاهر ، ومات عبد الملك ببغداد في زمن هارون في سنة سبع وسبعين ومائة. قال سريج : وحضرت جنازته.

أخبرني الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا محمّد بن إبراهيم الجوهريّ ـ في كتابه إلينا من شيراز ـ حدّثنا أحمد بن حمدان بن الخضر ، حدّثنا أحمد بن يونس الضّبّيّ قال : حدّثني أبو حسّان الزيادي قال : سنة ثمان وسبعين ومائة فيها مات عبد الملك بن أبي بكر ببغداد.

أخبرنا علي بن المحسن ، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر قال : استقضى الرّشيد عبد الملك بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم أياما ومات ، فصلى عليه هارون الرّشيد ودفن في مقابر العبّاسة بنت المهديّ ، وذلك في سنة ثمان وسبعين ومائة ، وكان جليلا من أهل بيت العلم والسير والحديث.

٥٥٧٦ ـ عبد الملك بن قريب بن عبد الملك ، أبو سعيد الأصمعيّ :

صاحب اللغة ، والنحو ، والغريب ، والأخبار ، والملح. سمع عبد الله بن عون ، وشعبة بن الحجّاج والحمّادين ، ويعقوب بن محمّد بن طحلاء ، ومسعر بن كدام ، وسليمان بن المغيرة ، وقرة بن خالد. روى عنه ابن أخيه عبد الرّحمن بن عبد الله ،

__________________

٥٥٧٦ ـ انظر : تهذيب الكمال ٣٥٥١ (١٨ / ٣٨٢ ـ ٣٩٤). والمنتظم ١٠ / ٢٢٠. وتاريخ ابن معين ٢ / ٣٧٤. وتاريخ خليفة ٢٣ ، ٤٧٥. والتاريخ الكبير ٥ / الترجمة ١٣٩٣. والكنى لمسلم ، الورقة ٤٤. والمعرفة ليعقوب ١ / ٦٨٢. والجرح والتعديل ٥ / الترجمة ١٧١٠. وثقات ابن حبان ٨ / ٣٨٩. وأخبار النحويين البصريين ٤٥ ـ ٥٢. وثقات ابن شاهين ، الترجمة ٩٠٤. وأنساب السمعاني ١ / ٢٩٣. والكامل في التاريخ ٣ / ١٨٤ ، ٦ / ٢٠٠ ، ٧ / ٣٥ ، ١٣٦ ، ٢٥٠. وإنباه الرواة ٢ / ١٩٧ ـ ٢٠٥. ووفيات الأعيان ٣ / ١٧٠ ، ١٧٦. وسير أعلام النبلاء ١٠ / ١٧٥. والكاشف ٢ / الترجمة ٣٥١٧. والعبر ١ / ٣٦٧ ـ ٣٧٠. وتذهيب التهذيب ٣ / الورقة ٧. وتاريخ الإسلام ، الورقة ١٣٣ (آيا صوفيا ٣٠٠٧). وميزان الاعتدال ٢ / الترجمة ٥٢٤٠. وغاية النهاية ١ / ٤٧٠. ونهاية السئول ، الورقة ٢٢٣. وتهذيب التهذيب ٦ / ٤١٥ ـ ٤١٧. والتقريب ١ / ٥٢١. وخلاصة الخزرجي ٢ / ترجمة ٤٤٥٢.

٤٠٩

وأبو عبيد القاسم بن سلام ، وأبو حاتم السجستاني ، وأبو الفضل الرياشي ، وأحمد بن محمّد اليزيدي ، ونصر بن علي الجهضمي ، ورجاء بن الجارود ، ومحمّد بن عبد الملك ابن زنجويه ، ومحمّد بن إسحاق الصاغاني ، ويعقوب بن سفيان الفسوي ، وبشر بن موسى الأسديّ ، وأبو العبّاس الكديمي ، في آخرين. وكان من أهل البصرة وقدم بغداد في أيام هارون الرّشيد.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد بن علي البزّاز ، أخبرنا عمر بن محمّد بن سيف الكاتب ، حدّثنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن رستم الطبري ، حدّثنا أبو حاتم السجستاني قال : الأصمعيّ عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مظهر بن رياح بن عمرو بن عبد شمس بن أعيا بن سعد بن عبد بن غنم بن قتيبة بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان.

أخبرنا محمّد بن الحسن بن أحمد الأهوازي ، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبيد الله ابن سعيد العسكريّ ، أخبرنا أبو بكر بن دريد ، حدّثنا الرياشي عن الأصمعيّ.

قال أبو أحمد : وأخبرنا الهزاني ، عن أبي حاتم عن الأصمعيّ قال : قال لي شعبة : لو أتفرغ لجئتك قال الأصمعيّ : وحدث يوما شعبة بحديث فقال فيه : فذوى المسواك ، فقال له رجل حضره : إنما هو فذوى ، فنظر إليّ شعبة ، فقلت له : القول ما قلت فزجر القائل ، هذا لفظ أبي بكر. وقال أبو روق فقال لمخالفة : امش من هاهنا ، قال : وهي كلمة من كلام الفتيان. وكان شعبة صاحب شعر قبل الحديث ، وكان يحسن.

أخبرنا القاضي أبو العلاء محمّد بن علي الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن جعفر بن محمّد بن هارون التّميميّ ـ بالكوفة ـ حدّثنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن حامد البلخيّ ـ المعروف بابن أبي حفص قال : سمعت محمّد بن سعد يقول : سمعت عمر ابن شبة يقول : سمعت الأصمعيّ يقول : أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة.

أخبرني الأزهريّ ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن المأمون الهاشميّ ، حدّثنا أبو بكر بن الأنباريّ ، حدّثنا محمّد بن أحمد المقدمي ، حدّثنا أبو محمّد التّميميّ ، حدّثنا محمّد ابن عبد الرّحمن ـ مولى الأنصار ـ حدّثنا الأصمعيّ قال : بعث إليّ محمّد الأمين وهو ولي عهد ، فصرت إليه. فقال : إن الفضل بن الرّبيع كتب عن أمير المؤمنين يأمر بحملك إليه على ثلاث دواب من دواب البريد ، وبين يدي محمّد السندي بن شاهك. فقال له خذه فاحمله وجهزه إلى أمير المؤمنين ، فوكل به السندي خليفته

٤١٠

عبد الجبّار ، فجهزني وحملني ، فلما دخلت الرقة أوصلت إلى الفضل بن الرّبيع ، فقال لي : لا تلقين أحدا ولا تكلمه حتى أوصلك إلى أمير المؤمنين ، وأنزلني منزلا أقمت فيه يومين ـ أو ثلاثة ـ ثم استحضرني فقال : جئني وقت المغرب حتى أدخلك على أمير المؤمنين ، فجئته فأدخلني على الرّشيد وهو جالس متفردا فسلمت ، فاستدناني وأمرني بالجلوس فجلست. وقال لي : يا عبد الملك وجهت إليك بسبب جاريتين أهديتا إلىّ ، وقد أخذتا طرفا من الأدب ، أحببت أن تبور ما عندهما وتشير عليّ فيهما بما هو الصواب عندك ، ثم قال : ليمض إلى عاتكة فيقال لها أحضري الجاريتين ، فحضرت جاريتان ما رأيت مثلهما قط ، فقلت لأجلهما : ما اسمك؟ قالت فلانة ، قلت : ما عندك من العلم؟ قالت : ما أمر الله به في كتابه ، ثم ما ينظر الناس فيه من الأشعار ، والآداب ، والأخبار ، فسألتها عن حروف من القرآن فأجابتني كأنها تقرأ الجواب من كتاب ، وسألتها عن النحو والعروض والأخبار فما قصرت ، فقلت : بارك الله فيك ، فما قصرت في جوابي في كل فن أخذت فيه ، فإن كنت تقرضين الشعر فأنشدينا شيئا ، فاندفعت في هذا الشعر :

يا غياث البلاد في كل محل

ما يريد العباد إلا رضاك

لا ـ ومن شرف الإمام وأعلى ـ

ما أطاع الإله عبد عصاك

ومرت في الشعر إلى آخره. فقلت : يا أمير المؤمنين ما رأيت امرأة في مسك رجل مثلها ، وقالت الأخرى فوجدتها دونها ، فقلت ما تبلغ هذه منزلتها إلا أنها إن وظب عليها لحقت ، فقال : يا عبّاسي ، فقال الفضل : لبيك يا أمير المؤمنين ، فقال : ليردا إلى عاتكة ، ويقال لها تصنع هذه التي وصفتها بالكمال لتحمل إلى الليلة. ثم قال لي : يا عبد الملك أنا ضجر. وقد جلست أحب أن أسمع حديثا أتفرج به ، فحدّثني بشيء فقلت : لأي الحديث يقصد أمير المؤمنين؟ قال : لما شاهدت وسمعت من أعاجيب الناس وطرائف أخبارهم. فقلت : يا أمير المؤمنين صاحب لنا في بدو بني فلان كنت أغشاه وأتحدث إليه ، وقد أتت عليه ست وتسعون سنة أصح الناس ذهنا ، وأجودهم أكلا ، وأقواهم بدنا ، فغبرت عنه زمانا ثم قصدته فوجدته ناحل البدن ، كاسف البال ، متغير الحال ، فقلت له : ما شأنك؟ أأصابتك مصيبة؟ قال : لا ، قلت : أفمرض عراك؟ قال : لا ، قلت : فما سبب هذا التغيير الذي أراه بك؟ فقال : قصدت بعض القرابة في حي بني فلان فألفيت عندهم جارية قد لاثت رأسها ، وطلت بالورس ما بين قرنها إلى

٤١١

قدمها ، وعليها قميص وقناع مصبوغان ، وفي عنقها طبل توقع عليه وتنشد هذا الشعر :

محاسنها سهام للمنايا

مريشة بأنواع الخطوب

برى ريب المنون لهن سهما

تصيب بنصله مهج القلوب

فأجبتها :

قفي شفتي في موضع الطبل ترتقي

كما قد أبحت الطبل في جيدك الحسن

هبينى عودا أجوفا تحت شنة

تمتع فيها بين نحرك والذقن

فلما سمعت الشعر مني نزعت الطبل فرمت به في وجهي ، وبادرت إلى الخباء فدخلت فلم أزل واقفا إلى أن حميت الشمس على مفرق رأسي لا تخرج إليّ ولا ترجع إلىّ جوابا ، فقلت أنا معها والله كما قال الشّاعر :

فو الله يا سلمي لطال إقامتي

على غير شيء يا سليمي أراقبه

ثم انصرفت سخين العين ، قريح القلب ، فهذا الذي ترى بي من التغير من عشقي لها. فضحك الرّشيد حتى استلقى. وقال : ويحك يا عبد الملك ابن ست وتسعين سنة يعشق؟ قلت : قد كان هذا يا أمير المؤمنين ، فقال : يا عبّاسي ، فقال الفضل بن الرّبيع لبيك يا أمير المؤمنين ، فقال : أعط عبد الملك مائة ألف درهم ورده إلى مدينة السلام. فانصرفت فإذا خادم يحمل شيئا ، ومعه جارية تحمل شيئا ، فقال : أنا رسول بنتك ـ يعني الجارية التي وصفتها ـ وهذه جاريتها ، وهي تقرأ عليك السلام وتقول : إن أمير المؤمنين أمر لي بمال وثياب هذا نصيبك منها فإذا المال ألف دينار ، وهي تقول : لن نخليك من المواصلة بالبر ، فلم تزل تتعهدني بالبر الواسع الكثير حتى كانت فتنة محمّد ، فانقطعت أخبارها عني. وأمر لي الفضل بن الرّبيع من ماله بعشرة آلاف درهم.

أخبرنا أبو علي محمّد بن الحسين بن محمّد الجازري ، حدّثنا المعافى بن زكريا الجريري ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا محمّد بن القاسم بن خلّاد قال : قال الأصمعيّ: دخلت على جعفر بن يحيى بن خالد يوما فقال لي : يا أصمعي هل لك من زوجة؟ قلت: لا ، قال فجارية؟ قلت جارية للمهنة ، قال : فهل لك أن أهب لك جارية نظيفة ، قلت إني لمحتاج إلى ذلك ، فأمر بإخراج جارية إلى مجلسه ، فخرجت جارية في غاية الحسن والجمّال ، والهيئة والظرف والمقال ، فقال لها : قد وهبتك لهذا ،

٤١٢

وقال : يا أصمعي خذها ، فشكرته وبكت الجارية ، وقالت : يا سيدي تدفعني إلى هذا الشيخ مع ما أرى من سماجته ، وقبح منظره. وجزعت جزعا شديدا. فقال : يا أصمعي هل لك أن أعوضك منها ألف دينار؟ قلت : ما أكره ذلك ، فأمر لي بألف دينار ، ودخلت الجارية ، فقال لي يا أصمعي إني أنكرت من هذه الجارية أمرا ، فأردت عقوبتها بك ، ثم رحمتها منك ، قلت : أيها الأمير فهلا أعلمتني قبل ذلك ، فإني لم آتك حتى سرحت لحيتي وأصلحت عمتي ، ولو عرفت الخبر لصرت على هيئة خلقتي ، فو الله لو رأتني كذلك لما عاودت شيئا تنكره منها أبدا ما بقيت.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد بن علي البزّاز ، أخبرنا محمّد بن عمران المرزبانيّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس قال : سمعت محمّد بن يزيد النّحويّ يقول : كان أبو زيد الأنصاريّ صاحب لغة ، وغريب ونحو ، وكان أكثر من الأصمعي في النحو ، وكان أبو عبيدة أعلم من أبي زيد والأصمعيّ ، بالأنساب ، والأيام ، والأخبار ، وكان الأصمعيّ بحرا في اللغة لا يعرف مثله فيها وفي كثرة الرواية ، وكان دون أبي زيد في النحو.

قلت : وقد جمع الفضل بن الرّبيع بن الأصمعيّ وأبي عبيدة في مجلسه.

أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا أبو العيناء ، أخبرني الدعلجي ـ غلام أبي نواس ـ قال : قيل لأبي نواس : قد أشخص أبو عبيدة والأصمعيّ إلى الرّشيد فقال : أما أبو عبيدة فإنهم إن أمكنوه من سفره قرأ عليهم أخبار الأولين والآخرين ، وأما الأصمعيّ فبلبل يطربهم بنغماته.

أخبرنا القاضي أبو العلاء محمّد بن علي الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ ، حدّثنا أبو القاسم السكوني ، حدّثنا أحمد بن أبي موسى ، حدّثنا أبو العيناء قال : قال الأصمعيّ : دخلت أنا وأبو عبيدة على الفضل بن الرّبيع فقال : يا أصمعي كم كتابك في الخيل؟ قال : قلت جلد ، قال : فسأل أبا عبيدة عن ذلك فقال : خمسون جلدا ، قال : فأمر بإحضار الكتابين ، قال : ثم أمر بإحضار فرس فقال : لأبي عبيدة اقرأ كتابك حرفا حرفا وضع يدك على موضع موضع ، فقال أبو عبيدة : ليس أنا بيطار ، إنما ذا شيء أخذته وسمعته من العرب وألفته. فقال لي : يا أصمعي قم فضع يدك على موضع موضع من الفرس ، فقمت فحسرت عن ذراعي وساقي ثم وثبت فأخذت بأذني الفرس ، ثم وضعت يدي على ناصيته ، فجعلت أقبض منه بشيء شيء فأقول :

٤١٣

هذا اسمه كذا ، وأنشد فيه ، حتى بلغت حافره ، قال : فأمر لي بالفرس ، فكنت إذا أردت أن أغيظ أبا عبيدة ركبت الفرس وأتيته.

أنبأنا الحسين بن محمّد بن جعفر الرافعي ، أخبرنا أحمد بن كامل القاضي ، حدثني أبو العبّاس أحمد بن يحيى عن أحمد بن عمر بن بكير النّحويّ قال : لما قدم الحسن ابن سهل العراق قال : أحب أن أجمع قوما من أهل الأدب ، فيخرجون بحضرتي في ذلك ، فحضر أبو عبيدة معمر بن المثني ، والأصمعيّ ، ونصر بن علي الجهضمي ، وحضرت معهم فابتدأ الحسن ، فنظر في رقاع كانت بين يديه للناس في حاجاتهم ووقع عليها ، فكانت خمسين رقعة ، ثم أمر فدفعت إلى الخازن ، ثم أقبل علينا فقال : قد فعلنا خيرا ، ونظرنا في بعض ما نرجو نفعه من أمور الناس والرعية ، فنأخذ الآن فيما نحتاج إليه ، فأفضنا في ذكر الحفاظ فذكرنا الزّهريّ ، وقتادة ، ومررنا ، فالتفت أبو عبيدة فقال : ما الغرض أيها الأمير في ذكر ما مضى ، وإنما نعتمد في قولنا على حكاية عن قوم مضوا ونترك ما نحضره ، هاهنا من يقول أنه ما قرأ كتابا قط فاحتاج إلى أن يعود فيه ، ولا دخل قلبه شيء فخرج عنه ، فالتفت الأصمعيّ فقال : إنما يريدني بهذا القول أيها الأمير ، والأمر في ذلك على ما حكى ، وأنا أقرب عليه ، قد نظر الأمير فيما نظر فيه من الرقاع وأنا أعيد ما فيها ، وما وقع به الأمير على رقعة رقعة على توالي الرقاع ، قال : فأمر فأحضر الخازن وأحضرت الرقاع ، وإذا الخازن قد شكها على توالي نظر الحسن فيها. فقال الأصمعيّ : سأل صاحب الرقعة الأولى كذا ، واسمه كذا ، فوقع له بكذا ، والرقعة الثانية والثالثة حتى مر في نيف وأربعين رقعة ، فالتفت إليه نصر بن علي فقال : يا أيها الرجل اتق على نفسك من العين ، فكف الأصمعي.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد بن رزمة البزّاز ، أخبرنا عمر بن محمّد بن سيف ، حدّثنا محمّد بن العبّاس اليزيدي ، حدّثنا العبّاس بن الفرج ـ يعني الرياشي ـ قال : سمعت الأخفش يقول : ما رأيت أحدا أعلم بالشعر من الأصمعيّ وخلف ، فقلت له فأيهما كان أعلم؟ فقال : الأصمعيّ ، لأنه كان معه نحو.

أخبرنا علي بن أبي علي ، حدّثنا العبّاس بن أحمد بن الفضل الهاشميّ ، حدّثنا إبراهيم بن علي بن عبد الله. وأخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمّد بن حبيب البصريّ ، حدّثنا محمّد بن العلاء الأزديّ ، حدّثنا أبو جزء محمّد بن حمدان القشيري

٤١٤

قالا : حدّثنا أبو العيناء ، حدّثني كيسان قال : قال لي خلف الأحمر : ويلك الزم الأصمعيّ ودع أبا عبيدة ، فإنه أفرس الرجلين بالشعر.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عيسى المكي ، حدّثنا محمّد بن القاسم بن خلّاد قال : سمعت إسحاق الموصليّ يقول : لم أر كالأصمعيّ يدعى شيئا من العلم ، فيكون أحد أعلم به منه.

أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله الثّابتي ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن موسى القرشيّ ، أخبرنا محمّد بن يحيى ، حدّثنا أحمد بن يزيد المهلبي ، حدّثنا حمّاد بن إسحاق الموصليّ عن أبيه إسحاق قال : سأل الرّشيد عن بيت الراعي :

قتلوا ابن عفّان الخليفة محرما

ودعا فلم أر مثله مخذولا

ما معنى محرما؟ فقال الكسائيّ : أحرم بالحج ، فقال الأصمعيّ : والله ما كان أحرم بالحج ، ولا أراد الشّاعر أنه أيضا في شهر حرام ، فيقال : أحرم إذا دخل فيه كما يقال أشهر إذا دخل في الشهر ، وأعام إذا دخل في العام ، فقال الكسائيّ : ما هو غير هذا؟ وفيم أراد؟ فقال الأصمعيّ : ما أراد عديّ بن زيد بقوله :

قتلوا كسرى بليل محرما

فتولى لم يمتع بكفن

أي إحرام لكسرى؟! فقال الرّشيد : فما المعنى؟ قال : كل من لم يأت شيئا يوجب عليه عقوبة فهو محرم لا يحل شيء منه. فقال الرّشيد : ما تطاق في الشعر يا أصمعي. ثم قال : لا تعرضوا للأصمعي في الشعر.

أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن علي بن عياض القاضي ـ بصور ـ وأبو نصر علي بن الحسين بن أحمد الورّاق ـ بصيدا ـ قالا : أخبرنا محمّد بن أحمد بن جميع الغساني قال : سمعت أحمد بن عبد الله أبا بكر الشّيباني يقول : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد المصريّ يقول : سمعت أبا الحسن منصورا ـ يعني ابن إسماعيل الفقيه ـ يقول : سمعت الرّبيع بن سليم يقول : سمعت الشّافعيّ يقول : ما عبّر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعيّ.

أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ ، أخبرنا أبو بكر بن الخيّاط ، حدّثنا المبرد ، حدّثنا الرياشي قال : سمعت عمرو بن مرزوق يقول :

٤١٥

رأيت الأصمعيّ وسيبويه يتناظران. فقال يونس : الحق مع سيبويه ، وهذا يغلبه بلسانه في الظاهر ـ يعني الأصمعيّ ـ.

أنبأنا الحسين بن محمّد الرافقي ، أخبرنا أحمد بن كامل القاضي ، حدّثني أبو العبّاس أحمد بن يحيى قال : قدم الأصمعيّ بغداد وأقام بها مدة ، ثم خرج عنها يوم خرج وهو أعلم منه حيث قدم بأضعاف مضاعفة.

أخبرنا الحسين بن الحسن بن محمّد بن القاسم المخزوميّ ، حدّثنا أبو بكر محمّد ابن يحيى الصولي ، حدّثنا محمّد بن عبد الواحد الأكبر ، حدّثنا العبّاس بن الفرج قال : ركب الأصمعيّ حمارا دميما فقيل له أبعد براذين الخلفاء تركب هذا؟! فقال متمثلا :

ولما أبت إلا طرافا بودها

وتكديرها الشرب الذي كان صافيا

شربنا برنق من هواها مكدر

وليس يعاف الرنق من كان صاديا

هذا ـ وأملك ديني ونفسي ـ ، أحب إلى من ذلك مع ذهابهما.

أخبرنا علي بن طلحة المقرئ ، أخبرنا أبو الفتح محمّد بن إبراهيم الغازي ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش ، حدّثنا نصر بن علي قال : سمعت الأصمعيّ يقول لعفّان ـ وجعل يعرض عليه شيئا من الحديث ـ فقال : اتق الله يا عفّان ولا تغير حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقولي. قال نصر : وكان الأصمعيّ يتقى أن يفسر حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كما يتقى أن يفسر القرآن.

وقال الكرجي : سمعت ابن خراش يقول : سمعت أبا حاتم السجستاني يقول : أهديت إلى الأصمعيّ قدحا من هذه السجزية ، فجعل ينظر إليه ويقول ما أحسنه فقلت له: إنهم يزعمون أن فيه عرقا من الفضة ، فرده على وقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى أن يشرب في آنية الفضة.

أخبرنا الحسين بن علي الصيمري ، حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني ، حدّثنا الصولي ، حدّثنا أبو العيناء قال : قال الجاحظ : كان الاصمعي مانيا. فقال له العبّاس بن رستم : لا والله ولكن نذكر حين جلست إليه تسأله ، فجعل يأخذ نعله بيده وهي مخصوفة بحديد ، ويقول نعم : قناع القدري نعم قناع القدري ، فعلمت أنه يعنيك فقمت.

٤١٦

أخبرنا الأزهري ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز ـ على شك داخلني فيه ـ أخبرنا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله قال : سمعت إبراهيم الحربيّ يقول : كان أهل البصرة أهل العربية ، منهم أصحاب الأهواء إلا أربعة فإنهم كانوا أصحاب سنّة ، أبو عمرو بن العلاء ، والخليل بن أحمد ويونس بن حبيب ، والأصمعيّ.

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا الحسين بن علي التّميميّ ، حدّثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفراييني قال : سمعت أبا أميّة يقول : سمعت أحمد بن حنبل يثني على الأصمعيّ في السنة. قال : وسمعت علي بن المدينيّ يثني عليه.

أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن شاذان ، أخبرنا أبي ، حدّثنا أبو عمرو عثمان بن محمّد بن أحمد بن هارون السّمرقنديّ ـ بتنيس ـ حدّثنا أبو أميّة محمّد بن إبراهيم ابن مسلم الطرسوسي قال : سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يثنيان على الأصمعيّ في السنّة.

أخبرني الأزهري ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، حدّثني إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم ، حدّثنا أبو الحديد عبد الوهاب بن سعد ، أخبرنا علي بن الحسين بن خلف ، حدّثنا علي بن محمّد بن حيون الأنصاريّ ، حدّثنا محمّد بن أبي ذكير الأسواني قال : سمعت الشّافعيّ يقول : ما رأيت بذلك العسكر أصدق لهجة من الأصمعيّ.

أخبرنا الصيمري ، حدّثنا علي بن الحسن الرّازيّ ، حدّثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ.

وأخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدّثنا أبي ، حدّثنا الحسين بن صدقة قالا : حدّثنا ابن أبي خيثمة قال : سمعت يحيى بن معين يقول : الأصمعيّ ثقة.

أخبرنا أحمد بن أبي جعفر ، أخبرنا محمّد بن عديّ البصريّ ـ في كتابه ـ حدّثنا أبو عبيد محمّد بن علي الآجري قال : سئل أبو داود عن الأصمعيّ فقال : صدوق.

أخبرنا الأزهري ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا إبراهيم بن محمّد الكندي ، حدّثنا أبو موسى محمّد بن المثني قال : مات الأصمعيّ سنة ست عشرة ومائتين.

أخبرنا الحسن بن علي الجوهريّ والقاضي أبو العلاء الواسطيّ ومحمّد بن محمّد ابن عثمان السّوّاق قالوا : أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدّثنا محمّد بن يونس القرشيّ قال : سنة سبع عشرة ومائتين فيها مات الأصمعيّ.

٤١٧

أخبرني أحمد بن محمّد بن يعقوب الكاتب ، حدّثني محمّد بن عبيد الله بن الفضل ، حدّثنا محمّد بن يحيى النديم ، حدّثنا أبو العيناء قال : كنا في جنازة الأصمعيّ سنة خمس عشرة ومائتين ، فحدّثني أبو قلابة الجرمي الشّاعر ، وأنشدني لنفسه :

لعن الله أعظما حملوها

نحو دار البلى على خشبات

أعظما تبغض النبي وأهل ال

بيت والطيّبين والطيّبات

وجذبني من الجانب الآخر أبو العالية الشّاميّ فأنشدني :

لا در در نبات الأرض إذ فجعت

بالأصمعيّ لقد أبقت لنا أسفا

عش ما بدا لك في الدّنيا فلست ترى

في الناس منه ولا من علمه خلفا

قال : فعجبت من اختلافهما فيه.

حدّثني الأزهري ـ لفظا ـ حدّثنا محمّد بن العبّاس. وأخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه ـ قراءة ـ أخبرنا محمّد بن العبّاس قالا : حدّثنا محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثني أحمد بن أبي طاهر ، حدّثني محمّد بن أبي العتاهية قال : لما بلغ أبي موت الأصمعيّ جزع عليه ورثاه فقال :

لهفي لفقد الأصمعيّ لقد مضى

حميدا له في كل صالحة سهم

تقضت بشاشات المجالس بعده

وودعنا إذ ودع الأنس والعلم

وقد كان نجم العلم فينا حياته

فلما انقضت أيامه أفل النجم

قلت : وبلغني أن الأصمعيّ بلغ ثمانيا وثمانين سنة ، وكانت وفاته بالبصرة.

٥٥٧٧ ـ عبد الملك بن زيد ، أبو بشر البزّاز المدائنيّ :

حدث عن سفيان الثوري. روى عنه هيذام بن قتيبة المروزيّ.

أخبرني الحسن بن محمّد الخلّال ، حدّثنا عبد الله بن عثمان بن محمّد الصّفّار ، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن أبي سعيد ، حدّثنا هيذام بن قتيبة ، حدّثنا عبد الملك بن يزيد ـ أبو بشر البزّاز بالمدائن ـ حدّثنا سفيان بن سعيد الثوري عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أهل المعروف في الدّنيا ، أهل المعروف في الآخرة ، وأهل المنكر في الدّنيا ، أهل المنكر في الآخرة» (١).

__________________

(١) ٥٥٧٧ ـ انظر الحديث في : المستدرك ١ / ١٢٤. والمعجم الصغير ١ / ٧٤ ، ٢٦٢. ومجمع الزوائد ٧ / ٢٦٢ ، ٢٦٣. وحلية الأولياء ٩ / ٣١٩. وكشف الخفا ١ / ٣٠٧. ومسند الشهاب ٣٠١. والعلل المتناهية ٢ / ١٦ ـ ١٨.

٤١٨

٥٥٧٨ ـ عبد الملك بن عبد العزيز ، أبو نصر التمار :

سمع مالك بن أنس ، وسعيد بن عبد العزيز ، والحمّادين ، وعبيد الله بن عمرو الرقي ، وكوثر بن حكيم. روى عنه أحمد بن منيع ، وأبو قدامة السّرخسيّ ، وأبو حفص عمرو بن علي الفلاس ، ومحمّد بن المثنى العنزي ، ومحمّد بن إسحاق الصاغاني ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم الرّازيّان ، ومسلم بن الحجّاج في صحيحه ، وأحمد ابن أبي خيثمة ، والحسن بن علي المعمري ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصّوفيّ ، وعبد الله بن محمّد البغوي وكان من أهل نسا ، فسكن بغداد إلى حين وفاته ، وكان عابدا زاهدا يعد في الأبدال.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي ، وأحمد بن عيسى بن الهيثم التمار قالا : حدّثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري ، حدّثنا عبد الملك بن عبد العزيز ـ أبو نصر ـ وهدبة بن خالد قالا : حدّثنا حمّاد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قال حين يصبح ـ مائة مرة ـ سبحان الله وبحمده ، وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت له ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر» (١).

قلت : وكان أبو نصر ممن امتحن في أمر القرآن فأجاب.

أخبرنا البرقاني ، حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي ، حدّثنا أحمد بن طاهر بن النجم، حدّثنا سعيد بن عمرو البرذعي قال : سمعت أبا زرعة ـ وهو الرّازيّ ـ يقول : كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار ، ولا يحيى بن معين ، ولا أحد ممن امتحن فأجاب.

أخبرني محمّد بن الحسن بن أحمد الأهوازي ، أخبرنا أبو علي الحسين بن محمّد

__________________

٥٥٧٨ ـ انظر : تهذيب الكمال ٣٥٤٠ (١٨ / ٣٥٤). والمنتظم ١٠ / ١٣٩. وطبقات ابن سعد ٧ / ٣٤٠. والتاريخ الكبير ٥ / الترجمة ١٣٧٥. والجرح والتعديل ٥ / الترجمة ١٦٨٩. وثقات ابن حبان ٨ / ٣٩٠. ورجال صحيح مسلم ، لابن منجويه ، الورقة ١٠٩. والجمع ١ / ٣١٧. والمعجم المشتمل ، الترجمة ٥٦٦. وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٧١. والعبر ١ / ٤٠٢. والكاشف ٢ / الترجمة ٣٥٠٦. وتذهيب التهذيب ٣ / الورقة ٥. وميزان الاعتدال ٢ / الترجمة ٥٢٢٥. ونهاية السئول ، الورقة ٢٢٢. وتهذيب التهذيب ٦ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧. والتقريب ١ / ٥٢٠. وخلاصة الخزرجي ٢ / الترجمة ٤٤٤١.

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٨ / ١٠٧. وصحيح مسلم ، كتاب الدعاء ٢٨. وإتحاف السادة المتقين ٥ / ١٣.

٤١٩

الشّافعيّ ، حدّثنا أبو عبيد محمّد بن علي الآجري قال : سئل ـ يعني أبا داود سليمان ابن الأشعث ـ عن أبي نصر التمار فقال : ثقة.

حدّثنا محمّد بن علي الصوري ، أخبرنا الخصيب بن عبد الله القاضي ، حدّثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي ، أخبرني أبي قال : أبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمار ثقة خراساني نزل بغداد.

أخبرنا البرقاني ، أخبرنا الحسين بن علي التّميميّ ، حدّثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفراييني قال : سمعت الميموني يقول : صح عندي أنه لم يحضر أبا نصر التمار حين مات ـ يعني أحمد بن حنبل ـ فحسبت أن ذلك لما كان أجاب في المحنة.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن وهب البندار ، حدّثنا أبو غالب علي بن أحمد بن النّضر.

وأخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل ، أخبرنا جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي ، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي.

وأخبرني الحسن بن أبي طالب ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز ، حدّثنا أبو القاسم ابن منيع قالوا : ومات أبو نصر التمار في سنة ثمان وعشرين.

أخبرنا أحمد بن أبي جعفر ، حدّثنا محمّد بن المظفر قال : قال عبد الله بن محمّد البغوي : ومات أبو نصر التمار ببغداد يوم الثلاثاء أول يوم من سنة ثمان وعشرين ، وكان لا يخضب ، وكان قد جاوز التسعين سنة ، وقد كتبت عنه.

أخبرنا الأزهري ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : أبو نصر التمار من أبناء أهل خراسان من أهل نسا ، ذكر أنه ولد بعد قتل أبي مسلم الداعية بستة أشهر ، ونزل بغداد في ربض أبي العبّاس الطّوسيّ في درب النسائية ، وتجر بها في التمر وغيره ، وكان ثقة فاضلا خيرا ورعا ، وتوفي ببغداد يوم الثلاثاء أول يوم من المحرم سنة ثمان وعشرين ومائتين ، ودفن بباب حرب وهو يومئذ ابن إحدى وتسعين سنة وكان بصره قد ذهب.

أخبرنا ابن رزق وعلي بن محمّد بن عبد الله المعدل قالا : أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن البراء العبدي ، حدّثنا إبراهيم بن سهل

٤٢٠