تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٩

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٩

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٠

سفيان بن عيينة ومعي ابن حمّاد بن زيد ، فحدّث سفيان بحديث عمرو عن طاوس في المواقيت مرسلا ، قال علي فقلت له : فإن حمّاد بن زيد يقول عن ابن عبّاس ، فقال لي سفيان أحرج عليك بأسماء الله لما صدقت ، أنا أعلم بعمرو ـ أو حمّاد بن زيد ـ فنفيت ، ثم قلت : يا أبا محمّد أنت أعلم بعمرو من حمّاد بن زيد ـ وابنه حاضر فلما قمت قال لي ابن ابنه : عرضت جدي حين قلت له إن حمّاد بن زيد يقول كذا وكذا.

أخبرني محمّد بن عليّ بن الفتح ، أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدّثنا إسماعيل ابن عليّ ، حدّثنا محمّد بن موسى بن حمّاد قال : حدّثنا سليمان بن أبي شيخ ، حدّثني بعض أصحابنا. قال : رأيت حمّاد بن زيد قدام سفيان بن عيينة ، كأنه صبي قدام معلمه.

أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال : سئل يحيى بن معين ـ وأنا أسمع ـ أيما أثبت في عمرو بن دينار ، ابن عيينة ، أو محمّد بن مسلم؟ فقال : ابن عيينة أثبت في عمرو من محمّد بن مسلم ، ومن داود العطّار ، ومن حمّاد بن زيد ، وسفيان أكثر حديثا منهم عن عمرو ، وأسند. قيل : وابن جريج؟ فقال : جميعا ثقة ، كأنه سوى بينهما في عمرو.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن سعيد السوسي ، حدّثنا عبّاس بن محمّد قال : سألت يحيى بن معين عن حديث شعبة عن عمرو بن دينار ، والثوري عن عمرو بن دينار ، وسفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار ، أيهم أعلم بحديث عمرو بن دينار؟ فقال : سفيان بن عيينة أعلمهم بحديث عمرو بن دينار.

أخبرني السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهري ، حدّثنا ابن الغلابي ، حدّثنا أبي قال : قلت ليحيى بن سعيد القطّان : من أحسن من رأيت حديثا؟ قال : ما رأيت أحدا أحسن حديثا من سفيان بن عيينة.

حدّثني محمّد بن أحمد بن عليّ الدّقّاق ، حدّثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي ـ بالبصرة ـ حدّثنا الحسن بن عبد الرّحمن ، حدّثنا عبد الله بن صالح البخاريّ ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير ، حدّثنا نعيم بن حمّاد قال : قلت لعبد الرّحمن بن مهديّ :

١٨١

أين ابن عيينة من الثوري؟ فقال : عند ابن عيينة من معرفته بالقرآن ، وتفسير الحديث ، وغوصه على حروف متفرقة يجمعها ، ما لم يكن عند الثوري.

أخبرنا عثمان بن محمّد بن يوسف العلّاف ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا إسماعيل بن المفضل ، حدّثنا عليّ بن بحر ، حدّثنا ابن وهب قال : ما رأيت أحدا أعلم بكتاب الله من ابن عيينة.

أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا محمّد بن الحسن السروي قال : أخبرنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم ، حدّثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال : قال لي أبي : ما رأيت أحدا كان أعلم بالسنن من سفيان بن عيينة.

أخبرنا عليّ بن الحسن بن محمّد الدّقّاق ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل الورّاق ، حدّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدّثنا أبو بكر الأثرم قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل ـ وذكر سفيان بن عيينة ـ فقال : ما رأينا نحن مثله.

أخبرنا إبراهيم بن مخلد ، حدّثنا محمّد بن أحمد الحكيمي ، حدّثنا محمّد بن الحسين ـ وهو ابن أبي الحنين قال : سمعت أبا غسان يقول ما كان أكيسه ـ يعني سفيان بن عيينة ـ.

أخبرنا عليّ بن طلحة المقرئ ، أخبرنا محمّد بن إبراهيم الغازي ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال : سفيان بن عيينة كان صدوقا.

أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن خميرويه الهرويّ ، أخبرنا الحسين بن إدريس قال : سمعت ابن عمّار قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : اشهدوا أن سفيان ابن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ، فمن سمع منه في هذه السنة وبعد هذا فسماعه لا شيء.

أخبرني السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر ، حدّثنا ابن الغلابي قال : حدّثني بعض من سمع ابن عيينة يقول ـ في آخر سنة حج. قال : هذه توفى لي سبعين وقفة بعرفة.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال : قال عليّ بن المديني : حج سفيان بن عيينة اثنتين وسبعين حجة ، مات عطاء سنة خمس

١٨٢

عشرة ومائة ، وحج سفيان بعد موته بسنة وهو ابن تسع سنين فلم يزل يحج إلى أن مات ، وأقام بمكة سنة اثنتين وعشرين ومائة ، إلى سنة ست وعشرين ومائة ، ثم خرج إلى الكوفة.

أخبرنا عليّ بن محمّد بن عبد الله المعدّل ، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعيّ ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن أبي الدّنيا ، حدّثنا محمّد بن سعد ، أخبرني الحسن بن عمران بن عيينة ، أن سفيان قال له بجمع آخر حجة حجها : قد وافيت هذا الموضع سبعين مرة ، أقول في كل سنة اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان ، وإني قد استحييت من الله من كثرة ما أسأله ذلك ، فرجع فتوفي في السنة الداخلة.

وقال ابن سعد : قال الواقدي : أخبرني سفيان أنه ولد سنة سبع ومائة ، ومات يوم السبت أول يوم من رجب سنة ثمان وتسعين ومائة ، ودفن بالحجون.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد ، حدّثنا حنبل بن إسحاق قال : سمعت الحميدي قال : ومات سفيان في سنة ثمان وتسعين في آخر يوم من جمادى الأولى.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب قال : قال محمّد بن أبي عمر : مات سفيان بن عيينة سنة ثمان وتسعين ومائة ، آخر يوم من جمادى الآخرة.

أخبرنا عليّ بن عبد العزيز الطاهري ، أخبرنا عليّ بن عبد الله بن المغيرة الجوهريّ ، حدّثنا أحمد بن سعيد الدمشقي ، حدّثنا الزبير بن بكار قال : أنشدني إبراهيم بن المنذر لابن مناذر ، يرثي سفيان بن عيينة :

كان يبكي رجلا هالكا

فليبك للإسلام سفيانا

راحوا بسفيان على نعشه

والعلم مكسوين أكفانا

يا واحد الناس ومؤتمهم

أورثتنا غما وأحزانا

فقدك يا سفيان أنسانا

فقد الأخلاء وأسلانا (٦)

٤٧٦٥ ـ سفيان بن زياد ، الرصافي ثم المخرّميّ :

حدّث عن عيسى بن يونس ، وإبراهيم بن عيينة. روى عنه عبّاس الدوري ، وأبو جعفر بن المنادي ، ومحمّد بن غالب التمتام ، وكان ثقة.

__________________

(٦) انظر الأبيات في : تهذيب الكمال ١١ / ١٩٦.

٤٧٦٥ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤٠٥ (١١ / ١٤٩). وتاريخ الإسلام ، الورقة ١٥٨ (أحمد الثالث ـ

١٨٣

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ ، أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار ، حدّثنا محمّد بن عبيد الله المنادي ، حدّثنا مسلمة بن عبد الرّحمن ـ بصري كتبت عنه بالصيمرة ـ حدّثنا عمر بن عليّ المقدمي ، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال محمّد : وحدّثنا سفيان بن زياد ، حدّثنا عيسى بن يونس ، حدّثنا عمر بن سعيد بن أبي حسين ـ وقد دخل حديث بعضهم في بعض ـ عن ابن أبي مليكة أن ابن عبّاس قال : لما قبض عمر بن الخطّاب كنت عند سريره ، فجاء رجل فزاحمني بمنكبيه ، قال : فإذا هو علي ، قال : فتأخرت له ، قال : فدنا ، ثم قال : ما أحد ألقى الله بصحيفته ، أحب إلىّ من أن ألقي الله بصحيفتك. وقال عيسى بن يونس في حديثه : ما أحد ألقى الله بمثل عمله ، أحب إلى منك. وقالا جميعا ، وإن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك. فإني كثيرا ما كنت أسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «كنت أنا وأبو بكر ، وعمر ، وفعلت أنا وأبو بكر ، وعمر» قال ذاك مرارا.

٤٧٦٦ ـ سفيان بن محمّد بن سفيان ، المصيصي :

قدم بغداد وحدّث بها عن يوسف بن أسباط ، وعبد الله بن وهب ، وإسحاق بن الفرات ، وحجاج بن محمّد الأعور. روى عنه إسحاق بن إبراهيم بن سنين الختلي ، والحسين بن فهم ، ومحمّد بن سويد الطحان ، ومحمّد بن أحمد بن البراء ، وأحمد ابن الحسين الصّوفيّ ، وأحمد بن إسحاق بن البهلول ، وغيرهم.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا إسماعيل بن عليّ الخطبي ، حدّثنا الحسين ابن فهم قال : قدم علينا سفيان بن محمّد ، الثغر فحدّثنا عن إسحاق بن الفرات ـ وساق عنه حديثا.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن أبي طاهر الدّقّاق ، أخبرنا أحمد بن عثمان بن يحيى الأدميّ ، حدّثنا محمّد بن سويد ، حدّثنا سفيان بن محمّد المصيصي ، حدّثنا يوسف بن أسباط ، حدّثنا سفيان الثوري ، عن هشام بن عروة عن أبيه قال : ما ذكرت عائشة مسيرها [في وقعة الجمل] (١) قط إلا بكت حتى تبل خمارها ، وتقول : يا ليتني كنت نسيا منسيا. قال سفيان : النسي المنسي ، الحيضة الملقاة.

__________________

ـ ٩١٧ / ٧). وميزان الاعتدال ٢ / ت ٣٣١٣. ونهاية السئول ، الورقة ١٢١. وتهذيب ابن حجر ٤ / ١١١. وخلاصة الخزرجي ١ / ت ٢٥٨٢.

٤٧٦٦ ـ انظر : ميزان الاعتدال ٢ / ت ٣٣٢٩.

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٨٤

أخبرني محمّد بن عليّ المقرئ ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران ، أخبرنا عبد المؤمن بن حلف النسفي قال : وسألت أبا علي صالح بن محمّد عن حديث سفيان بن محمّد عن ابن وهب عن يونس عن الزّهريّ عن أنس قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا أتى بالباكورة. فقال خطأ ، إنما رواه الناس يونس عن الزّهريّ. قال : وسألت أبا علي عن سفيان بن محمّد فقال : ليس بشيء.

أخبرني الأزهري قال : سئل أبو الحسن الدّارقطنيّ عن سفيان بن محمّد المصيصي فقال: لا شيء.

أخبرنا القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطّبريّ قال : قال لنا الدّارقطنيّ : شيخ لأهل المصيصة يقال له سفيان بن محمّد الفزاري. كان ضعيفا سيئ الحال في الحديث.

٤٧٦٧ ـ سفيان بن هارون بن سفيان ، أبو محمّد القاضي :

ويعرف والده بهارون الديك. حدّث عن العبّاس بن يزيد البحراني ، والفضل بن سهل الأعرج. روى عنه محمّد بن المظفر.

أخبرنا عليّ بن أبي علي المعدّل ، حدّثنا محمّد بن المظفر الحافظ ، حدّثنا أبو محمّد سفيان بن هارون بن سفيان القاضي ، حدّثنا فضل بن سهل الأعرج ، حدّثنا زيد بن الحباب ، حدّثنا سفيان الثوري عن الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الدّنيا خضرة رطبة» (١) وقال لنا زيد مرة : عن سعد.

أخبرنا السّمسار ، أخبرنا الصّفّار ، أخبرنا ابن قانع : أن سفيان بن هارون المعروف بالديك القاضي مات في سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.

أخبرنا أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا عليّ بن عمر السّكّري قال : وجدت في كتاب أخي : ومات سفيان مستملى يزيد بن هارون سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة ، في رجب.

__________________

(١) ٤٧٦٧ ـ انظر الحديث في : مجمع الزوائد ١٠ / ٢٤٦. والمعجم الكبير للطبراني ١٩ / ٣٥٠. وكشف الخفا ١ / ٤٩٢. وحلية الأولياء ٢ / ٦٤. وفتح الباري ١١ / ٢٤٦.

١٨٥

ذكر من اسمه السّريّ

٤٧٦٨ ـ السّريّ بن واصل ، من أهل المدائن :

أخبرنا الحسين بن الحسن بن محمّد بن القاسم المخزوميّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد الخلدي ـ إملاء ـ حدّثنا القاسم بن أحمد بن جعفر الشّيباني ـ بالكوفة ـ حدّثنا عبّاد ابن أحمد العرزمي ، حدّثني عمي عن أبيه عن السّريّ بن واصل المدائني قال : سمعت عطاء بن أبي رباح يقول : (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) [الجمعة ٥]. قال : كتبا : وقال : (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) [المدثر ٥٠ ، ٥٤١] قال الرماة. وقال عبد الرّحمن بن سابط : السباع. وقال عطاء : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) [عبس ١٥] قال كتبة.

٤٧٦٩ ـ السّريّ بن المغلس ، أبو الحسن السّقطيّ :

كان من المشايخ المذكورين ، وأحد العباد المجتهدين ، صاحب معروف الكرخي ، وحدّث عن هشيم بن بشير وأبي بكر بن عياش ، وعليّ بن غراب ، ويحيى بن يمان ، ويزيد بن هارون ، وغيرهم. روى عنه أبو العبّاس بن مسروق الطوسي ، والجنيد بن محمّد ، وأبو الحسين النوري ومحمّد بن الفضل بن جابر السّقطيّ ، وإبراهيم بن عبد الله بن أيّوب المخرّميّ ، والعبّاس بن يوسف الشكلي ، في آخرين.

أخبرنا عليّ بن محمّد بن عبد الله المعدّل والحسن بن أبي بكر بن شاذان ـ قال علي : حدّثنا ، وقال الحسن : أخبرنا ـ عبد الصّمد بن عليّ الطّستيّ ، حدّثنا محمّد بن الفضل بن جابر السّقطيّ ـ زاد ابن شاذان : أبو جعفر ثم اتفقا ـ قال : حدّثنا سري بن مغلس السّقطيّ ، أخبرنا عليّ بن غراب عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : أخبرني أبي قال : لما اشتكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «مروا أبا بكر فليصل بالناس» (١) قال : فصلى

__________________

٤٧٦٩ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ٦٦. وطبقات الصوفية ٤٨ ـ ٥٥. ووفيات الأعيان ١ / ٢٠٠. وتهذيب ابن عساكر ٦ / ٧١ ـ ٧٩. وصفة الصفوة ٢ / ٢٠٩. وحلية الأولياء ١٠ / ١١٦. ولسان الميزان ٣ / ١٣. وطبقات الشعراني ١ / ٦٣. والأعلام ٣ / ٨٢.

(١) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب الصلاة ٩٤ ، ٩٥ ، ١٠١. وصحيح البخاري ١ / ١٦٩ ، ١٧٢ ، ١٧٤ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ٤ / ١٨٢ ، ٩ / ١٢٠ ، ١٢١. وفتح الباري ٢ / ٢٠٦ ، ١٣ / ٣٧٦.

١٨٦

بهم ، فوجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خفّة ، فخرج ، فلما رآه أبو بكر ذهب يتأخر ، فأشار إليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم ذهب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى جلس إلى جنب أبي بكر ، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر. أبو بكر قائم ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قاعد.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : سمعت محمّد بن عليّ بن حبش يقول : سمعت عبد الله بن شاكر يقول قال سري السّقطيّ : صليت وردي ليلة ، ومددت رجلي في المحراب ، فنوديت يا سري كذا تجالس الملوك؟ قال : فضممت إلىّ رجلي ، ثم قلت : وعزتك لا مددت رجلي أبدا.

أخبرنا سلامة بن عمر النصيبي ، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، حدّثنا العبّاس بن يوسف ، حدّثني سعيد بن عثمان قال : سمعت السّريّ بن مغلس قال : غزوت راجلا فنزلنا خربة للروم ، فألقيت نفسي على ظهري ، ورفعت رجلي على جدار ، فإذا هاتف يهتف بي : يا سري بن مغلس هكذا تجلس العبيد بين يدي أربابها؟

أخبرنا أبو عليّ عبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن فضالة النّيسابوري ـ بالري ـ أخبرنا محمّد بن عبد الله بن شاذان الرّازيّ قال : سمعت أبا بكر الحربيّ يقول : سمعت السّريّ السّقطيّ يقول : حمدت الله مرة ، فأنا أستغفر الله من ذلك الحمد منذ ثلاثين سنة. قيل : وكيف ذاك؟ قال : كان لي دكان وكان فيه متاع ، فوقع الحريق في سوقنا ، فقيل لي ، فخرجت أتعرف خبر دكاني ، فلقيت رجلا فقال : أبشر فإن دكانك قد سلم ، فقلت : الحمد لله ، ثم إني فكرت فرأيتها خطيئة.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا جعفر بن محمّد بن نصير ، حدّثني أبو القاسم سليمان بن محمّد بن سلم الضراب قال : حدّثني بعض إخواني أن سريا السّقطيّ مرت به جارية معها إناء فيه شيء ، فسقط من يدها فانكسر ، فأخذ سري شيئا من دكانه فدفعه إليها بدل ذلك الإناء ، فنظر إليه معروف الكرخي فأعجبه ما صنع ، فقال له معروف : بغض الله إليك الدّنيا.

وأخبرنا ابن رزق ، أخبرنا جعفر بن محمّد الخواص ، حدّثنا عمر بن عاصم قال : حدّثني أحمد بن خلف قال : سمعت سريا يقول : هذا الذي أنا فيه من بركات معروف ، انصرفت من صلاة العيد ، فرأيت مع معروف صبيا شعثا فقلت : من هذا؟ فقال : رأيت الصبيان يلعبون وهذا واقف منكسر ، فسألته لم لا تلعب. فقال : أنا يتيم.

١٨٧

قال سري : فقلت له : ما ترى أنك تعمل به؟ فقال : لعلي أخلو فأجمع له نوى يشتري به جوزا يفرح به ، فقلت له : أعطنيه أغير من حاله ، فقال لي : أو تفعل؟ فقلت : نعم! قال لي : خذه أغنى الله قلبك ، فسويت الدّنيا عندي أقل من كذا.

حدّثنا عبد العزيز بن عليّ الورّاق ، حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمداني ـ بمكة ـ حدّثنا مظفر بن سهل المقرئ قال : سمعت علان الخيّاط ـ وجرى بيني وبينه مناقب سري السّقطيّ ـ فقال لي علان : كنت جالسا مع سري يوما فوافته امرأة ، فقالت : يا أبا الحسن أنا من جيرانك ، أخذ ابني الطائف البارحة ، وكلم ابني الطائف وأنا أخشى أن يؤذيه ، فان رأيت أن تجيء معي أو تبعث إليه ، قال علان فتوقعت أن يبعث إليه ، فقام فكبر وطول في صلاته ، فقالت المرأة : يا أبا الحسن الله الله فيّ ، هو ذا أخشى أن يؤذيه السلطان ، فسلم وقال لها : أنا في حاجتك ، قال علان : فما برحت حتى جاءت امرأة إلى المرأة فقالت : الحقي قد خلوا ابنك. قال أبو الطّيّب : قال لي علان : وأيش يتعجب من هذا؟ اشتري كرّ لوز بستين دينارا وكتب في روزنامجة ثلاثة دينارا ربحه ، فصار اللوز بتسعين دينارا ، فأتاه الدلال وقال له : إن ذاك اللوز أريده ، فقال له خذه ، قال : بكم ، قال : بثلاثة وستين دينارا قال الدلال : إن اللوز قد صار الكر بتسعين ، قال له : قد عقدت بيني وبين الله عقدا لا أحله ، ليس أبيعه إلّا بثلاثة وستين دينارا ، فقال له الدلال : إني قد عقدت بيني وبين الله أن لا أغش مسلما ، لست آخذ منك إلّا بتسعين ، فلا الدلال اشترى منه ، ولا السّريّ باعه. قال أبو الطّيّب : قال لي علان : كيف لا يستجاب دعاء من كان هذا فعله؟

أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا أبو عبيد عليّ بن الحسين بن حرب القاضي قال : سمعت سريا السّقطيّ يقول : إني أذكر مجيء الناس إليّ ، فأقول اللهم هب لي من العلم ما يشغلهم عني (٢) وإني لأريد مجيئهم أن يدخلوا عليّ.

أخبرنا أحمد بن عليّ المحتسب ، حدّثنا الحسن بن الحسين الهمذاني الفقيه قال : سمعت أبا الحسن عليّ بن عبد الرّحيم القناد يقول : سمعت ابن أبي الورد يقول : دخلت على سري السّقطيّ وهو يبكي ، ودورقه مكسور فقلت : مالك؟ قال : انكسر الدورق ، فقلت أنا أشترى لك بدله فقال لي تشتري بدله وأنا أعرف من أين الدانق

__________________

(٢) هكذا في الأصول.

١٨٨

الذي اشترى به الدورق ، ومن عمله ، ومن أين طينه ، وأيش أكل عامله ، حتى فرغ من عمله؟

أخبرنا سلامة بن عمر النصيبي ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدّثنا العبّاس ابن يوسف ـ مولى بني هاشم ـ حدّثنا سعيد بن عثمان قال : سمعت سري بن مغلس يقول : غزونا أرض الروم ، فمررت بروضة خضرة فيها الخباز ، وحجر منقور فيه ماء المطر ، فقلت في نفسي لئن كنت آكل يوما حلالا فاليوم ، فنزلت عن دابتي وجعلت آكل من ذلك الخباز ، وشربت من ذلك الماء ، فإذا هاتف يهتف بي : يا سري بن مغلس فالنفقة التي بلغت بها إلى هذا من أين!؟

وأخبرنا سلامة بن عمر ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، حدّثنا العبّاس بن يوسف ، حدّثني جنيد بن محمّد قال : سمعت سري بن المغلس يقول : أشتهي منذ ثلاثين سنة جزرة اغمسها في الدبس وآكلها فما تصح لي.

أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمّد بن عثمان البجليّ ، أخبرنا جعفر ابن محمّد بن نصير الخلدي ، حدّثني الجنيد قال : سمعت سريا يقول : أحب أن آكل أكلة ليس عليّ فيها تبعة ، ولا لمخلوق عليّ فيها منة ، فما أجد إلى تلك سبيلا.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا محمّد ابن إسماعيل بن عامر الرقي ـ صاحب الرّبيع ـ قال : سمعت سريا السّقطيّ يقول : أشتهي بقلا منذ ثلاثين سنة ما أقدر عليه.

أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدّثنا العبّاس بن يوسف الشكلي قال : سمعت سريا السّقطيّ يقول : إني لأشتهي الحندقوقي منذ ست عشرة سنة ، والهندبا بخل منذ ثمان عشرة سنة ، وإني لأعجب ممن يتسع كيف يطلق له العلم الاتساع ، وهذا عبد الواحد بن زيد يقول : الملح بيشبارجات ، وإن بلية أبيكم آدم لقمة ، أخرجته من الجنة ، وهي بليتكم إلى أن تقوم الساعة.

وقال الشكلي : سمعت سري بن المغلس السّقطيّ يقول : أتاني حسين الجرجانيّ إلى عبادان فدق على باب الغرفة التي كنت فيها فخرجت إليه فقال لي : سري فقلت سري ، فقال لي ملحك مدقوقة؟ قلت : نعم! قال : لا تفلح ، ثم قال لي سري لو لا أن الله عقم الآذان عن فهم القرآن ما زرع الزارع ، ولا تجر التاجر ، ولا تلاقى الناس في الطرقات. ثم مضى فأتعبني وأبكاني.

١٨٩

أخبرنا ابن رزق ، حدّثنا عثمان بن أحمد ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن عامر الرقي قال : سمعت حسنا المسوحي يقول : دفع إلى السّريّ السّقطيّ قطعة فقال اشتر لي باقلاء من رجل قدره داخل الباب ، فطفت الكرخ كله فلم أجد إلا من قدره خارج الباب فرجعت إليه فقلت : خذ قطعتك فإني لم أجد إلا من قدره خارج.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، أخبرنا جعفر الخلدي ـ في كتابه ـ قال : سمعت الجنيد بن محمّد يقول : كنت يوما عند السّريّ بن مغلس وكنا خاليين ، وهو متزر بمئزر ، فنظرت إلى جسده كأنه جسد سقيم دنف مضني ، كأجهد ما يكون ، فقال : انظر إلى جسدي هذا لو شئت أن أقول إن ما بي هذا من المحبة كان كما أقول ، وكان وجهه أصفر ، ثم أشرب حمرة حتى تورد ثم اعتل فدخلت عليه أعوده فقلت له : كيف تجدك ، فقال : كيف أشكو إلى طبيب ما بي ، والذي أصابني من طبيبي ، فأخذت المروحة أروحه فقال لي : كيف يجد روح المروحة من جوفه تحترق من داخل؟ ثم أنشأ يقول :

القلب محترق والدمع مستبق

والكرب مجتمع والصبر مفترق

كيف القرار على من لا قرار له

مما جناه الهوى والشوق والقلق

يا رب إن كان شيء فيه لي فرج

فامنن عليّ به ما دام لي رمق

وأخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا جعفر الخلدي ـ في كتابه قال : سمعت الجنيد بن محمّد يقول : كنت أعود السّريّ في كل ثلاثة أيام عيادة السنة ، فدخلت عليه وهو يجود بنفسه ، فجلست عند رأسه فبكيت ، وسقط من دموعي على خده ، ففتح عينيه ونظر إلىّ فقلت له أوصني ، فقال : لا تصحب الأشرار ، ولا تشتغل عن الله بمجالسة الأخيار.

أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا جعفر الخلدي ، حدّثنا الجنيد قال : سمعت حسن بن البزّار يقول : كان أحمد بن حنبل هاهنا ، وكان بشر بن الحارث هاهنا ، وكنا نرجو أن يحفظنا الله بهما ، ثم انهما ماتا وبقي سري ، فإني أرجو أن يحفظني الله بسري.

أخبرنا محمّد بن عيسى بن عبد العزيز البزّاز ـ بهمذان ـ حدّثنا عليّ بن الحسن العقيلي قال : سمعت الفرجاني يقول : سمعت الحسن يقول : ما رأيت أعبد الله من السّريّ السّقطيّ ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رؤى مضطجعا إلّا في علة الموت.

أخبرنا الأزهري قال : قال لنا أبو عمر محمّد بن العبّاس بن حمويه قال لنا أبو عبيد عليّ بن الحسين بن حرب القاضي : توفي أبو الحسن السّريّ بن المغلس السّقطيّ يوم

١٩٠

الثلاثاء لست ليال خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين ، بعد أذان الفجر ، ودفن بعد العصر.

قلت : وكان دفنه في مقبرة الشونيزية ، وقبره ظاهر معروف ، وإلى جنبه قبر الجنيد.

أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس قال : سمعت أبا الحسن بن المديني ـ صديقنا ـ قال : سمعت أبا عبيد بن حربويه يقول : حضرت جنازة سري السّقطيّ فلما كان في بعض الليالي رأيته في النوم فقلت : ما فعل الله بك؟ قال : غفر الله لي ولمن حضر جنازتي وصلى علي ، فقلت : فإني ممن حضر جنازتك وصلى عليك ، قال : فأخرج درجا فنظر فيه فلم ير لي فيه اسما ، فقلت : بلى قد حضرت ، قال : فنظر فإذا اسمي في الحاشية.

٤٧٧٠ ـ السّريّ بن عاصم ، أبو سهل الهمداني :

حدّث عن عيسى بن يونس ، وإسماعيل بن عليّة ، ويحيى بن سعيد الأموي ، وعبد السّلام بن حرب ، وحفص بن غياث وحرمي بن عمارة ، وحفص بن عمر الأبلي. روى عنه عبد الرّحمن بن عمر بن خراش ، وأبو بكر بن عبد الخالق الورّاق ، والحسن ابن محمّد بن شعبة الأنصاريّ ، وعليّ بن الحسن بن الحارث المروذي ، وأحمد بن محمّد بن إسماعيل الأدميّ وأحمد بن محمّد بن يزيد الزعفراني ، والقاضي المحامليّ ، وغيرهم.

أخبرني هلال بن محمّد الحفّار ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن الصّوّاف قال : وجدت في كتابي عن محمّد بن الحسين بن خالد البزّاز ـ جارنا ـ يذكر أنه كان عند السّريّ بن عاصم ، وهو يحدثهم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسمع كلاما في ناحية المجلس ، فقال : ما هذا؟ كنا عند حمّاد بن زيد وهو يحدثنا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسمع كلاما في ناحية المجلس فقال : ما هذا؟ كانوا يعدون الكلام عند حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كرفع الصوت فوق صوته.

أخبرني الحسين بن عليّ الطّناجيريّ ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن يزيد الزعفراني ، حدّثنا السّريّ بن عاصم ، حدّثنا إسماعيل ابن عليّة عن يحيى بن عتيق عن محمّد عن أبي هريرة : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى أن يبال في الماء الراكد.

__________________

٤٧٧٠ ـ انظر : ميزان الاعتدال ٢ / ت ٣٠٨٩.

١٩١

هذا الحديث إنما يحفظ من رواية يعقوب الدورقي عن ابن عليّة ، ويقال إنه تفرد به ، وقد سرقه السّريّ بن عاصم منه ، وكان يسرق الأحاديث الأفراد فيرويها.

أخبرنا عليّ بن طلحة المقرئ ، أخبرنا محمّد بن إبراهيم الغازي ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش ، حدّثنا السّريّ بن عاصم البغداديّ ـ وكان يكذب ـ.

حدّثني أحمد بن محمّد الغزّال قال : قرأت على محمّد بن جعفر الشروطي عن أبي الفتح محمّد بن الحسين الأزديّ الحافظ قال : سري بن عاصم البغداديّ متروك الحديث.

أخبرنا السّمسار ، أخبرنا الصّفّار ، حدّثنا ابن قانع : أن السّريّ بن عاصم مات في صفر من سنة ثمان وخمسين ومائتين.

٤٧٧١ ـ السّريّ بن مرثد ـ أو مزيد ـ :

حدّث عن طاهر بن أبي أحمد الزبيري. روى عنه محمّد بن المسيّب الأرغياني.

أخبرنا أبو المظفر محمّد بن الحسن المروذي ، أخبرنا زاهر بن أحمد السرخسي ، حدّثنا محمّد بن المسيّب ، حدّثنا السّريّ بن مرثد ـ أو مزيد لم يكن مضبوطا في كتاب أبي المظفر فصيرته بالشك ـ قال : حدّثنا طاهر بن محمّد الزبيري ، حدّثني أبي ، حدّثنا أبو سعيد بن عوذ عن مجاهد عن ابن عبّاس. قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن النوم قبل العشاء ، وعن الحديث بعدها.

٤٧٧٢ ـ السّريّ بن أحمد بن السّريّ ، أبو الحسن الكندي الرفاء الموصليّ :

شاعر مجود حسن المعاني ، وله مدائح في سيف الدولة وغيره من أمراء بني حمدان ، وكان بينه وبين أبي بكر ، وأبي عثمان ، ومحمّد وسعيد ابني هاشم الخالديين حالة غير جميلة ، ولبعضهم في بعض أهاجي كثيرة ، فآذاه الخالديان أذى شديدا ، وقطعا رسمه من سيف الدولة وغيره ، فانحدر إلى بغداد ومدح بها الوزير أبا محمّد المهلّبي ، فانحدر الخالديان وراءه ، ودخلا إلى المهلّبي وثلبا سريا عنده ، فلم يحظ منه بطائل وحصلا في جملة المهلّبي ينادمانه ، وجعلا هجيراهما ثلب سري والوقيعة فيه ، ودخلا إلى الرؤساء والأكابر ببغداد ، ففعل به مثل ذلك عندهم ، وأقام ببغداد يتظلم منهما ويهجوهما.

__________________

٤٧٧٢ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٤ / ٢١٨. والبداية والنهاية ١١ / ٢٧٤.

١٩٢

ويقال : إنه عدم القوت فضلا عن غيره ، ودفع إلى الورّاقة ، فجلس يورق شعره ويبيعه ، ثم نسخ لغيره بالأجرة ، وركبه الدين ومات ببغداد على تلك الحال بعيد سنة ستين وثلاثمائة ، وكان الحسين بن محمّد بن جعفر الخالع يزعم أنه سمع منه ديوان شعره ، وقد روى عنه أحمد بن عليّ المعروف بالهائم وغيره.

أخبرنا عليّ بن أبي علي قال : أنشدنا أحمد بن عليّ المعروف بالهائم قال : أنشدنا السّريّ بن أحمد الرفاء ـ لنفسه ـ وكتب بها إلى صديق له كان أهدى إليه قدحا حسنا فسقط من يده فانكسر :

يا من لديه العفاف والورع

وسيمتاه العلاء والرفع

كأسك قد فرقت مفاصله

بين الندامى فليس يجتمع

كأنما الشمس بينهم سقطت

فجسمها في أكفهم قطع

لو لم أكن واثقا بمشبهه

منك لكاد الفؤاد ينصدع

فجد به بدعة فعندي من

جودك أشياء كلها بدع (١)

ذكر من اسمه سلّام

٤٧٧٣ ـ سلّام بن صبيح ، المدائني :

حدّث عن منصور بن زاذان. روى عنه أبو معاوية الضّرير.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا حامد بن محمّد بن عبد الله الهرويّ ، أخبرنا عليّ ابن عبد العزيز ، حدّثنا أبو الأحوص محمّد بن حيّان ، حدّثنا أبو معاوية ، حدّثنا سلام بن صبيح عن منصور بن زاذان عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : ذكرت القبائل عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ما تقول في هوازن؟ فقال : «زهرة تينع» قالوا : فما تقول في بني عامر؟ قال : «جمل أزهر يأكل من أطراف الشجر» قالوا : ما تقول في تميم؟ قال : فقال : «يأبى الله لبني تميم إلّا خيرا ، ثبت الأقدام ، عظام الهام ، رجح الأحلام ، هضبة حمراء ، لا يضرها من ناوأها ، أشد الناس على الرجال في آخر الزمان» (١).

__________________

(١) آخر الجزء الثالث والستين من تجزئة المؤلف.

(١) ٤٧٧٣ ـ انظر الحديث في : مجمع الزوائد ١ / ٤٣. وكنز العمال ٣٨٠٣١. والمطالب العالية ٤٢٣٢. وحلية الأولياء ٣ / ٦٠. والعلل المتناهية ١ / ٣٠٠.

١٩٣

قال أبو الأحوص : قلت لأبي معاوية : من سلام؟ قال : كان يسكن المدائن.

٤٧٧٤ ـ سلام بن سلم ـ ويقال : ابن سليم ، ويقال : ابن سليمان ـ والصواب : ابن سلم ، أبو عبد الله التّميميّ ، المعروف بالطويل :

من أهل خراسان سكن المدائن وحدّث عن زيد العمي ، وغياث بن المسيّب. روى عنه أبو النّضر هاشم بن القاسم ، ومحمّد بن جعفر المدائني ، وسعيد بن سليمان الواسطيّ ، وخلف بن الوليد ، وخلف بن هشام ، وغيرهم.

أخبرني أبو الفرج الحسين بن عبد الله بن أحمد المقرئ ، حدّثنا أحمد بن جعفر القطيعي ـ إملاء ـ حدّثنا إدريس بن عبد الكريم المقرئ ، حدّثنا خلف بن هشام ، حدّثنا سلام الطويل الخراساني عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله لا يأذن لشيء من أهل الأرض إلا لأذان المؤذنين ، والصوت الحسن بالقرآن» (١).

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا هبة الله بن محمّد بن حبش الفراء ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال : سمعت يحيى بن معين ـ وذكر له رجل سلام بن سلم الطويل. فقال : له أحاديث منكرة.

وقال ابن أبي شيبة في موضع آخر : سمعت أبا بديل التّميميّ ـ وذكر ليحيى رواية أحمد بن يونس عن سلام بن سليم وقال له أبو بديل كان رجلا منا ـ فقال له يحيى : كان ضعيفا.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمّد الأنماطيّ ، أخبرنا محمّد بن المظفر ، أخبرنا عليّ بن أحمد بن سليمان البزّاز المصري ، حدّثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم قال : وسألته ـ يعني يحيى بن معين ـ عن سلام بن سليمان التّميميّ فقال : ضعيف لا يكتب حديثه.

أخبرنا الصّيمريّ ، حدّثنا عليّ بن الحسن الرّازيّ ، حدّثنا محمّد بن الحسين الزعفراني ، حدّثنا أحمد بن زهير قال : سمعت يحيى بن معين يقول : سلام بن سلم المدائني ليس حديثه بشيء.

__________________

٤٧٧٤ ـ انظر : التاريخ الكبير ٤ / ٢ / ١٣٣. وضعفاء النسائي ٢٣٧. وضعفاء البخاري ١٥٢. وميزان الاعتدال ٢ / ١٧٥.

(١) انظر الحديث في : العلل المتناهية ١ / ٣٩٤. وكنز العمال ٢٠٨٧٩.

١٩٤

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدّثنا أبي ، حدّثنا محمّد بن مخلد ، حدّثنا العبّاس ابن محمّد قال : سمعت يحيى يقول : سلام بن سلم التّميميّ ليس بشيء.

أخبرني عليّ بن محمّد السّمسار ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، أخبرنا محمّد ابن عمران الصّيرفيّ ، حدّثنا عبد الله بن عليّ بن المديني قال : وسألته ـ يعني أباه ـ عن سلام بن سليمان التّميميّ فضعفه جدّا.

أخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي ، حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن حمدان الفقيه ، حدّثنا إبراهيم بن عليّ بن الحسن القطيعي ، حدّثني الحسن بن الهيثم بن الخلّال ، حدّثنا محمّد بن موسى بن مشيش قال : وسألته ـ يعني أحمد بن حنبل ـ عن سلام الطويل فقال : روى أحاديث منكرات ، ولم يرضه.

أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا ابن خميرويه الهرويّ ، أخبرنا الحسين بن إدريس قال : قال ابن عمّار : سلام بن سليم المدائني ليس بحجة.

أخبرني عبد الله بن يحيى السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر ، حدّثنا ابن الغلابي قال : سلام الطويل مدائني ضعيف ، روى عنه سعدويه.

وقال في موضع آخر : سلام بن سلم مدائني مذموم.

أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا عليّ بن محمّد بن جعفر المالكيّ ، حدّثنا القاضي أبو خازم عبد المؤمن بن المتوكل بن مشكان ـ ببيروت ـ أخبرنا أبو الجهم المشغراني.

وحدّثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني ـ بدمشق ـ حدّثنا عبد الوهّاب بن جعفر الميداني ، حدّثنا عبد الجبّار بن عبد الصّمد السّلمي ، حدّثنا القاسم بن عيسى العصار قالا : حدّثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال : سلام بن سلم المدائني غير ثقة.

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي ، حدّثنا أبو أحمد بن فارس ، حدّثنا البخاريّ قال : سلام بن سلم السّعدي المدائني الطويل تركوه.

أخبرنا عليّ بن طلحة المقرئ ، أخبرنا محمّد بن إبراهيم الغازي ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال : سلام الطويل كوفي متروك.

وقال في موضع آخر : سلام بن سلم كذّاب.

١٩٥

أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا أحمد بن سعيد بن سعد ، حدّثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النّسائيّ ، حدّثنا أبي قال : سلام بن سلم متروك الحديث.

أخبرني البرقانيّ ، حدّثني محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الملك الأدميّ ، حدّثنا محمّد بن عليّ الإياديّ ، حدّثنا زكريّا بن يحيى الساجي قال : سلام بن سليم خراساني نزل المدائن عنده مناكير.

٤٧٧٥ ـ سلّام بن سليمان بن سواء ، أبو العبّاس ـ وقيل : أبو المنذر ـ الضّرير المدائني :

وهو ابن أخي شبابة بن سوّار ، سكن دمشق بأخرة ، وحدّث عن : مغيرة بن مسلم السّرّاج ، ومسلمة بن الصلت ، وعبد الرّحمن المسعودي ، وشعبة بن الحجّاج ، وأبي عمرو بن العلاء ، وورقاء بن عمر ، وبكر بن خنيس. روى عنه : سلمان بن توبة النهرواني ، ومحمّد بن عيسى بن حيّان ، وعبد الله بن روح المدائنيان ، وهارون بن موسى الأخفش ، ويزيد بن محمّد بن عبد الصّمد الدمشقيان.

وقال عبد الرّحمن بن أبي حاتم : سمع أبي منه بدمشق وسئل عنه فقال : ليس بالقوي.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن عليّ بن حيد النّيسابوري ـ بها ـ حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم ، حدّثنا محمّد بن عيسى بن حيّان المدائني ، حدّثنا سلام بن سليمان ، حدّثنا ورقاء عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال : جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقالوا : يا رسول الله هل علينا من حرج؟ فقال : «عباد الله وضع الله الحرج ، إلا رجلا اقترض ـ يعني من عرض رجل ظلما ـ ذاك الذي حرج وهلك» قالوا : يا رسول الله فنتداوى؟ قال : «تداووا عباد الله فإن الله لم ينزل داء إلا وقد أنزل له دواء ، إلّا السام» قالوا : يا رسول الله فما خير ما أوتي العباد وأفضل. قال : «الخلق الحسن» (١).

__________________

٤٧٧٥ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٦٥٧ (١٢ / ٢٨٨). وطبقات ابن سعد ٧ / ٢٨٢. ورواية ابن طهمان ٣٧٩. والتاريخ الكبير ٤ / ت ٢٢٣٠. وسؤالات الآجري لأبي داود ٣ / ت ٣٠٩ ، ٥ / ورقة ١. وضعفاء العقيلي ، الورقة ٨٧. والكاشف ١ / ت ٢٢٢٨. والمغني ١ / ت ٢٤٩٧. وتذهيب التهذيب ٢ / الورقة ٦٦. ومن تكلم فيه وهو موثق ، الورقة ١٥. وإكمال مغلطاي ٢ / الورقة ١٥٠. ونهاية السئول ، الورقة ١٥٠. وتهذيب التهذيب ٤ / ٢٨٤. والتقريب ١ / ٣٤٢. وخلاصة الخزرجي ١ / ت ٢٨٤٢. وشذرات الذهب ١ / ٢٧٩.

(١) انظر الحديث في : سنن ابن ماجة ٣٤٣٦. ومسند أحمد ٤ / ٢٧٨ ، ٣٧٨. والمستدرك ١ / ١٢١ ، ٤ / ١٩٨. والسنن الكبرى للبيهقي ٩ / ٣٤٣ ، ١٠ / ٢٤٦. والمعجم الكبير ١ / ١٤٥ ، ١٤٦.

١٩٦

أخبرنا الأزهري قال : قال لنا أبو الحسن الدّارقطنيّ : تفرد به سلام بن سليمان عن ورقاء.

قرأت في كتاب أبي سعد الماليني ، أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال : سلام بن سليمان بن سوّار الثقفي المدائني الضّرير ، يقال له الدمشقي لمقامه بدمشق وهو منكر الحديث.

٤٧٧٦ ـ سلّام بن سالم ، أبو مالك الخزاعيّ الضّرير :

حدّث عن يزيد بن هارون ، وعمر بن سعيد التّنوخيّ ، وموسى بن إبراهيم المروزيّ ، والفضل بن جبير الورّاق. روى عنه الحسين بن إسماعيل المحامليّ.

ذكر من اسمه سلامة

٤٧٧٧ ـ سلامة العجليّ :

سمع سلمان الفارسيّ ، وقدم عليه المدائن ، وهو معدود في الكوفيّين. روى عنه سماك بن حرب.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد الطبراني ، حدّثنا أحمد بن داود المكي ، حدّثنا قيس بن حفص الدارمي ، حدّثنا مسلمة بن علقمة المازني ، حدّثنا داود ابن أبي هند عن سماك بن حرب عن سلامة العجليّ قال : جاء ابن أخت لي من البادية يقال له قدامة ، فقال لي ابن أختي أحب أني ألقي سلمان الفارسيّ فأسلم عليه ، فخرجنا إليه فوجدناه بالمدائن وهو يومئذ على عشرين ألفا ، ووجدناه على سرير يسف خوصا فسلمنا عليه ، قلت : يا أبا عبد الله هذا ابن أخت لي قدم عليّ من البادية فأحب أن يسلم عليك ، قال : عليه‌السلام ورحمة الله. قلت يزعم أنه يحبك ، قال : أحبه الله قال : فتحدثنا وقلنا له : يا أبا عبد الله ألا تحدثنا عن أصلك ، وممن أنت؟ قال : أما أصلي وممن أنا ، فأنا من أهل رامهرمز ، كنا قوما مجوسا ، فأتانا رجل نصراني من أهل الجزيرة كانت أمه منا ، فنزل فينا واتخذ فينا ديرا ، وكنت في كتّاب الفارسيّة ، وكان لا يزال غلام معي في الكتاب يجيء مضروبا يبكي قد ضربه أبواه ، فقلت له يوما : ما يبكيك؟ قال : يضربني أبواي ، قلت : ولم يضربانك؟ قال : آتي صاحب هذا الدير فإذا

١٩٧

علما ذاك ضرباني ، وأنت لو أتيته سمعت منه حديثا عجبا ، قلت : فاذهب بي معك فأتيناه فحدّثنا عن بدء الخلق ، وعن بدء خلق السماء والأرض ، وعن الجنة والنار قال : فكنت أختلف إليه معه ، ففطن لنا غلمان من الكتاب فجعلوا يجيئون معنا ، فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه فقالوا له : يا هناه إنك قد جاورتنا فلم تر من جوارنا إلا الحسن ، وإنا نرى غلماننا يختلفون إليك ، ونحن نخاف أن تفسدهم علينا ، اخرج عنا ، قال : نعم! فقال لذلك الغلام الذي كان يأتيه : اخرج معي ، قال : لا أستطيع ذاك ، قد علمت شدة أبويّ عليّ ، قلت : لكني أنا أخرج معك ـ وكنت يتيما لا أب لي ـ فخرجت معه فأخذنا جبل رامهرمز ، فجعلنا نمشي ونتوكل ونأكل من تمر الشجر حتى قدمنا الجزيرة ، فقدمنا نصيبين ، فقال لي صاحبي يا سلمان إن هاهنا قوما هم عباد أهل الأرض وأنا أحب أن ألقاهم ، قال : فجئنا إليهم يوم الأحد وقد اجتمعوا فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا به. وقالوا : أين كانت غيبتك؟ قال : كنت في إخوان لي قبل فارس ، فتحدّثنا ما تحدّثنا ثم قال لي صاحبي : قم يا سلمان انطلق ، فقلت : لا دعني مع هؤلاء ، قال : إنك لا تطيق ما يطيق هؤلاء ، يصومون الأحد إلى الأحد ، ولا ينامون هذا الليل ، وإذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة ، فكنت فيهم حتى أمسينا ، فجعلوا يذهبون واحدا واحدا إلى غاره الذي يكون فيه ، فلما أمسينا قال ذاك الذي من أبناء الملوك : هذا الغلام ما يصنع؟ ليأخذه رجل منكم. فقالوا : خذه أنت ، فقال لي هلم يا سلمان ، فذهب بي حتى أتى غاره الذي يكون فيه ، فقال لي يا سلمان هذا خبز ، وهذا أدم ، فكل إذا غرثت ، وصم إذا نشطت ، وصل ما بدا لك ، ونم إذا كسلت ، ثم قام في صلاته فلم يكلمني إلا ذاك ، ولم ينظر إليّ ، فأخذني الغم تلك السبعة الأيام لا يكلمني أحد ، حتى كان الأحد فانصرف إلى ، فذهبنا إلى مكانهم الذي كانوا يجتمعون ، قال وهم يجتمعون كل أحد يفطرون فيه ، فيلقي بعضهم بعضا ، ويسلم بعضهم على بعض ، ثم لا يلتقون إلى مثله. قال : فرجعنا إلى منزلنا فقال لي مثل ما قال لي أول مرة ، هذا خبز وأدم ، فكل منه إذا غرثت ، وصم إذا نشطت ، وصل ما بدا لك ، ونم إذا كسلت ، ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إلىّ ولم يكلمني إلى الأحد الآخر ، فأخذني غم وحدثت نفسي بالفرار ، فقلت أصبر أحدين أو ثلاثة ، فلما كان يوم الأحد رجعنا إليهم وأفطروا ، واجتمعوا ، فقال لهم إني أريد بيت المقدس ، فقالوا له وما تريد إلى ذلك؟ قال : لا عهد لي به ، قالوا : إنا نخاف أن يحدث بك حدث فيليك غيرنا ، وكنا نحب أن نليك ، قال : لا عهد لي به ، فلما سمعته يذكر ذاك

١٩٨

فرحت ، قلت : نسافر ونلقي الناس فيذهب عني الغم الذي كنت أجد ، فخرجنا أنا وهو وكان يصوم من الأحد إلى الأحد ، ويصلي الليل كله ، ويمشي بالنهار ، فإذا نزلنا قام يصلي فلم يزل ذاك دأبه حتى انتهينا إلى بيت المقدس وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس ، فقال : أعطني فقال : ما معي شيء ، فذهبنا إلى بيت المقدس ، فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا إليه واستبشروا به. فقال لهم : غلامي هذا فاستوصوا به. فانطلقوا بي فأطعموني خبزا ولحما ، ودخل في الصلاة فلم ينصرف إليّ حتى كان يوم الأحد الآخر. ثم انصرف فقال لي : يا سلمان إني أريد أن أضع رأسي ، فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني فوضع رأسه فنام. فبلغ الظل الذي قاله فلم أوقظه مأواة له مما دأب من اجتهاده ونصبه فاستيقظ مذعورا. فقال : يا سلمان ألم أكن قلت لك إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني؟ قلت : بلى ولكني إنما منعني مأواة لك من دأبك. قال : ويحك يا سلمان إني أكره أن يفوتني شيء من الدهر لم أعمل فيه لله خيرا. ثم قال لي : يا سلمان إن أفضل دين اليوم النصرانية. قلت : ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية؟ كلمة ألقيت على لساني ، قال : نعم يوشك أن يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، وبين كتفيه خاتم النبوة فإذا أدركته فاتبعه وصدقه. قلت : وإن أمرني أن أدع النصرانية؟ قال : نعم فإنه نبي لا يأمر إلا بحق ، ولا يقول إلا حقا ، والله لو أدركته ثم أمرني أن أقع في النار لوقعتها. ثم خرجنا من بيت المقدس فمررنا على ذلك المقعد ، فقال له دخلت فلم تعطني وهذا تخرج فأعطني ، فالتفت فلم ير حوله أحدا ، قال : فأعطني يدك فأخذ بيده. فقال : قم بإذن الله فقام صحيحا سويا. فتوجه نحو أهله ، فأتبعته بصري تعجبا مما رأيت وخرج صاحبي فأسرع المشي وتبعته ، فتلقاني رفقة من كلب أعراب فسبوني فحملوني على بعير وشدوني وثاقا ، فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة واشتراني رجل من الأنصار فجعلني في حائط له من نخل فكنت فيه ، قال : ومن ثم تعلمت عمل الخوص أشتري خوصا بدرهم ، فأعمله فأبيعه بدرهمين ، فأرددهما إلى الخوص ، وأستنفق درهما ، أحب أن آكل من عمل يدي ، وهو يومئذ على عشرين ألفا فبلغنا ونحن بالمدينة أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أن الله أرسله ، فمكثنا ما شاء الله أن نمكث ، فهاجر إلينا وقدم علينا ، فقلت والله لأجربنه ، فذهبت إلى السوق فاشتريت لحم جزور بدرهم ، ثم طبخته فجعلت قصعة من ثريد ، فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه ، فقال : ما هذه أصدقة أم هدية؟ قلت : بل صدقة ، فقال لأصحابه : كلوا باسم الله ، وأمسك ولم يأكل

١٩٩

فمكثت أياما ثم اشتريت لحم جزور أيضا بدرهم وأصنع مثلها فاحتملتها حتى أتيته بها ، فوضعتها بن يديه ، فقال : ما هذه هدية أم صدقة؟ قلت : لا بل هدية ، قال لأصحابه كلوا باسم الله وأكل معهم ، قلت : هذا والله يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، فنظرت فرأيت بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة ، فأسلمت ثم قلت له ذات يوم : يا رسول الله أي قوم النصارى؟ قال : لا خير فيهم ، وكنت أحبهم حبا شديدا لما رأيت من اجتهادهم ثم إني سألته أيضا بعد أيام : يا رسول الله أي قوم النصارى قال : لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم. قلت في نفسي : وأنا والله أحبهم ، قال : وذاك والله حين بعث السرايا وجرد السيف ، فسرية تدخل وسرية تخرج ، والسيف يقطر قلت يحدث بي الآن أني أحبهم فيبعث إلى فيضرب عنقي ، فقعدت في البيت فجاءني الرسول ذات يوم فقال : يا سلمان أجب ، قلت من؟ قال : رسول الله ، قلت : هذا والله الذي كنت أحذر ، قلت : نعم اذهب حتى ألحقك ، قال : لا والله حتى تجيء ـ وأنا أحدث نفسي أن لو ذهب أن أفر ، فانطلق بي فانتهيت إليه ، فلما رآني تبسم وقال لي : «يا سلمان أبشر فقد فرج الله عنك» ثم تلا عليّ هؤلاء الآيات : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ، وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ، أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ، وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) [القصص ٥٢ : ٥٥] قلت : والذي بعثك بالحق لقد سمعته يقول : لو أدركته فأمرني أن أقع في النار لوقعتها ، إنه نبي لا يقول إلا حقا ، ولا يأمر إلا بالحق.

٤٧٧٨ ـ سلامة بن سليمان بن أيّوب بن هارون ، أبو الحسين السّلمي المقرئ الباجدائي (١) :

قدم بغداد وحدّث بها عن أبي يعلى الموصليّ ، وعليّ بن عبد الحميد الغضائريّ ، وأبي عروبة الحراني ، وأبي بدر أحمد بن خالد بن مسرج ، ومحمّد بن أبي شيخ الرافقي. حدّثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه ، وما علمت من حاله إلا خيرا.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، حدّثنا سلامة بن سليمان الباجدائي ، حدّثنا محمّد بن أبي شيخ ، حدّثنا عليّ بن الحسين التّميميّ ، حدّثنا بندار قال : قلت لعبد

__________________

(١) ٤٧٧٨ ـ الباجدائي : هذه النسبة إلى باجدا ، وهي قرية من نواحي بغداد (الأنساب ٢ / ١٧).

٢٠٠