أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي
المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٠
سفيان بن عيينة ومعي ابن حمّاد بن زيد ، فحدّث سفيان بحديث عمرو عن طاوس في المواقيت مرسلا ، قال علي فقلت له : فإن حمّاد بن زيد يقول عن ابن عبّاس ، فقال لي سفيان أحرج عليك بأسماء الله لما صدقت ، أنا أعلم بعمرو ـ أو حمّاد بن زيد ـ فنفيت ، ثم قلت : يا أبا محمّد أنت أعلم بعمرو من حمّاد بن زيد ـ وابنه حاضر فلما قمت قال لي ابن ابنه : عرضت جدي حين قلت له إن حمّاد بن زيد يقول كذا وكذا.
أخبرني محمّد بن عليّ بن الفتح ، أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدّثنا إسماعيل ابن عليّ ، حدّثنا محمّد بن موسى بن حمّاد قال : حدّثنا سليمان بن أبي شيخ ، حدّثني بعض أصحابنا. قال : رأيت حمّاد بن زيد قدام سفيان بن عيينة ، كأنه صبي قدام معلمه.
أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال : سئل يحيى بن معين ـ وأنا أسمع ـ أيما أثبت في عمرو بن دينار ، ابن عيينة ، أو محمّد بن مسلم؟ فقال : ابن عيينة أثبت في عمرو من محمّد بن مسلم ، ومن داود العطّار ، ومن حمّاد بن زيد ، وسفيان أكثر حديثا منهم عن عمرو ، وأسند. قيل : وابن جريج؟ فقال : جميعا ثقة ، كأنه سوى بينهما في عمرو.
أخبرنا محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن سعيد السوسي ، حدّثنا عبّاس بن محمّد قال : سألت يحيى بن معين عن حديث شعبة عن عمرو بن دينار ، والثوري عن عمرو بن دينار ، وسفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار ، أيهم أعلم بحديث عمرو بن دينار؟ فقال : سفيان بن عيينة أعلمهم بحديث عمرو بن دينار.
أخبرني السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهري ، حدّثنا ابن الغلابي ، حدّثنا أبي قال : قلت ليحيى بن سعيد القطّان : من أحسن من رأيت حديثا؟ قال : ما رأيت أحدا أحسن حديثا من سفيان بن عيينة.
حدّثني محمّد بن أحمد بن عليّ الدّقّاق ، حدّثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي ـ بالبصرة ـ حدّثنا الحسن بن عبد الرّحمن ، حدّثنا عبد الله بن صالح البخاريّ ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير ، حدّثنا نعيم بن حمّاد قال : قلت لعبد الرّحمن بن مهديّ :
أين ابن عيينة من الثوري؟ فقال : عند ابن عيينة من معرفته بالقرآن ، وتفسير الحديث ، وغوصه على حروف متفرقة يجمعها ، ما لم يكن عند الثوري.
أخبرنا عثمان بن محمّد بن يوسف العلّاف ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا إسماعيل بن المفضل ، حدّثنا عليّ بن بحر ، حدّثنا ابن وهب قال : ما رأيت أحدا أعلم بكتاب الله من ابن عيينة.
أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا محمّد بن الحسن السروي قال : أخبرنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم ، حدّثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال : قال لي أبي : ما رأيت أحدا كان أعلم بالسنن من سفيان بن عيينة.
أخبرنا عليّ بن الحسن بن محمّد الدّقّاق ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل الورّاق ، حدّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدّثنا أبو بكر الأثرم قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل ـ وذكر سفيان بن عيينة ـ فقال : ما رأينا نحن مثله.
أخبرنا إبراهيم بن مخلد ، حدّثنا محمّد بن أحمد الحكيمي ، حدّثنا محمّد بن الحسين ـ وهو ابن أبي الحنين قال : سمعت أبا غسان يقول ما كان أكيسه ـ يعني سفيان بن عيينة ـ.
أخبرنا عليّ بن طلحة المقرئ ، أخبرنا محمّد بن إبراهيم الغازي ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال : سفيان بن عيينة كان صدوقا.
أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن خميرويه الهرويّ ، أخبرنا الحسين بن إدريس قال : سمعت ابن عمّار قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : اشهدوا أن سفيان ابن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ، فمن سمع منه في هذه السنة وبعد هذا فسماعه لا شيء.
أخبرني السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر ، حدّثنا ابن الغلابي قال : حدّثني بعض من سمع ابن عيينة يقول ـ في آخر سنة حج. قال : هذه توفى لي سبعين وقفة بعرفة.
أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال : قال عليّ بن المديني : حج سفيان بن عيينة اثنتين وسبعين حجة ، مات عطاء سنة خمس
عشرة ومائة ، وحج سفيان بعد موته بسنة وهو ابن تسع سنين فلم يزل يحج إلى أن مات ، وأقام بمكة سنة اثنتين وعشرين ومائة ، إلى سنة ست وعشرين ومائة ، ثم خرج إلى الكوفة.
أخبرنا عليّ بن محمّد بن عبد الله المعدّل ، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعيّ ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن أبي الدّنيا ، حدّثنا محمّد بن سعد ، أخبرني الحسن بن عمران بن عيينة ، أن سفيان قال له بجمع آخر حجة حجها : قد وافيت هذا الموضع سبعين مرة ، أقول في كل سنة اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان ، وإني قد استحييت من الله من كثرة ما أسأله ذلك ، فرجع فتوفي في السنة الداخلة.
وقال ابن سعد : قال الواقدي : أخبرني سفيان أنه ولد سنة سبع ومائة ، ومات يوم السبت أول يوم من رجب سنة ثمان وتسعين ومائة ، ودفن بالحجون.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد ، حدّثنا حنبل بن إسحاق قال : سمعت الحميدي قال : ومات سفيان في سنة ثمان وتسعين في آخر يوم من جمادى الأولى.
أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب قال : قال محمّد بن أبي عمر : مات سفيان بن عيينة سنة ثمان وتسعين ومائة ، آخر يوم من جمادى الآخرة.
أخبرنا عليّ بن عبد العزيز الطاهري ، أخبرنا عليّ بن عبد الله بن المغيرة الجوهريّ ، حدّثنا أحمد بن سعيد الدمشقي ، حدّثنا الزبير بن بكار قال : أنشدني إبراهيم بن المنذر لابن مناذر ، يرثي سفيان بن عيينة :
كان يبكي رجلا هالكا |
|
فليبك للإسلام سفيانا |
راحوا بسفيان على نعشه |
|
والعلم مكسوين أكفانا |
يا واحد الناس ومؤتمهم |
|
أورثتنا غما وأحزانا |
فقدك يا سفيان أنسانا |
|
فقد الأخلاء وأسلانا (٦) |
٤٧٦٥ ـ سفيان بن زياد ، الرصافي ثم المخرّميّ :
حدّث عن عيسى بن يونس ، وإبراهيم بن عيينة. روى عنه عبّاس الدوري ، وأبو جعفر بن المنادي ، ومحمّد بن غالب التمتام ، وكان ثقة.
__________________
(٦) انظر الأبيات في : تهذيب الكمال ١١ / ١٩٦.
٤٧٦٥ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤٠٥ (١١ / ١٤٩). وتاريخ الإسلام ، الورقة ١٥٨ (أحمد الثالث ـ
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ ، أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار ، حدّثنا محمّد بن عبيد الله المنادي ، حدّثنا مسلمة بن عبد الرّحمن ـ بصري كتبت عنه بالصيمرة ـ حدّثنا عمر بن عليّ المقدمي ، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال محمّد : وحدّثنا سفيان بن زياد ، حدّثنا عيسى بن يونس ، حدّثنا عمر بن سعيد بن أبي حسين ـ وقد دخل حديث بعضهم في بعض ـ عن ابن أبي مليكة أن ابن عبّاس قال : لما قبض عمر بن الخطّاب كنت عند سريره ، فجاء رجل فزاحمني بمنكبيه ، قال : فإذا هو علي ، قال : فتأخرت له ، قال : فدنا ، ثم قال : ما أحد ألقى الله بصحيفته ، أحب إلىّ من أن ألقي الله بصحيفتك. وقال عيسى بن يونس في حديثه : ما أحد ألقى الله بمثل عمله ، أحب إلى منك. وقالا جميعا ، وإن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك. فإني كثيرا ما كنت أسمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «كنت أنا وأبو بكر ، وعمر ، وفعلت أنا وأبو بكر ، وعمر» قال ذاك مرارا.
٤٧٦٦ ـ سفيان بن محمّد بن سفيان ، المصيصي :
قدم بغداد وحدّث بها عن يوسف بن أسباط ، وعبد الله بن وهب ، وإسحاق بن الفرات ، وحجاج بن محمّد الأعور. روى عنه إسحاق بن إبراهيم بن سنين الختلي ، والحسين بن فهم ، ومحمّد بن سويد الطحان ، ومحمّد بن أحمد بن البراء ، وأحمد ابن الحسين الصّوفيّ ، وأحمد بن إسحاق بن البهلول ، وغيرهم.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا إسماعيل بن عليّ الخطبي ، حدّثنا الحسين ابن فهم قال : قدم علينا سفيان بن محمّد ، الثغر فحدّثنا عن إسحاق بن الفرات ـ وساق عنه حديثا.
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن أبي طاهر الدّقّاق ، أخبرنا أحمد بن عثمان بن يحيى الأدميّ ، حدّثنا محمّد بن سويد ، حدّثنا سفيان بن محمّد المصيصي ، حدّثنا يوسف بن أسباط ، حدّثنا سفيان الثوري ، عن هشام بن عروة عن أبيه قال : ما ذكرت عائشة مسيرها [في وقعة الجمل] (١) قط إلا بكت حتى تبل خمارها ، وتقول : يا ليتني كنت نسيا منسيا. قال سفيان : النسي المنسي ، الحيضة الملقاة.
__________________
ـ ٩١٧ / ٧). وميزان الاعتدال ٢ / ت ٣٣١٣. ونهاية السئول ، الورقة ١٢١. وتهذيب ابن حجر ٤ / ١١١. وخلاصة الخزرجي ١ / ت ٢٥٨٢.
٤٧٦٦ ـ انظر : ميزان الاعتدال ٢ / ت ٣٣٢٩.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
أخبرني محمّد بن عليّ المقرئ ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران ، أخبرنا عبد المؤمن بن حلف النسفي قال : وسألت أبا علي صالح بن محمّد عن حديث سفيان بن محمّد عن ابن وهب عن يونس عن الزّهريّ عن أنس قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا أتى بالباكورة. فقال خطأ ، إنما رواه الناس يونس عن الزّهريّ. قال : وسألت أبا علي عن سفيان بن محمّد فقال : ليس بشيء.
أخبرني الأزهري قال : سئل أبو الحسن الدّارقطنيّ عن سفيان بن محمّد المصيصي فقال: لا شيء.
أخبرنا القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطّبريّ قال : قال لنا الدّارقطنيّ : شيخ لأهل المصيصة يقال له سفيان بن محمّد الفزاري. كان ضعيفا سيئ الحال في الحديث.
٤٧٦٧ ـ سفيان بن هارون بن سفيان ، أبو محمّد القاضي :
ويعرف والده بهارون الديك. حدّث عن العبّاس بن يزيد البحراني ، والفضل بن سهل الأعرج. روى عنه محمّد بن المظفر.
أخبرنا عليّ بن أبي علي المعدّل ، حدّثنا محمّد بن المظفر الحافظ ، حدّثنا أبو محمّد سفيان بن هارون بن سفيان القاضي ، حدّثنا فضل بن سهل الأعرج ، حدّثنا زيد بن الحباب ، حدّثنا سفيان الثوري عن الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الدّنيا خضرة رطبة» (١) وقال لنا زيد مرة : عن سعد.
أخبرنا السّمسار ، أخبرنا الصّفّار ، أخبرنا ابن قانع : أن سفيان بن هارون المعروف بالديك القاضي مات في سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.
أخبرنا أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد ، أخبرنا عليّ بن عمر السّكّري قال : وجدت في كتاب أخي : ومات سفيان مستملى يزيد بن هارون سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة ، في رجب.
__________________
(١) ٤٧٦٧ ـ انظر الحديث في : مجمع الزوائد ١٠ / ٢٤٦. والمعجم الكبير للطبراني ١٩ / ٣٥٠. وكشف الخفا ١ / ٤٩٢. وحلية الأولياء ٢ / ٦٤. وفتح الباري ١١ / ٢٤٦.
ذكر من اسمه السّريّ
٤٧٦٨ ـ السّريّ بن واصل ، من أهل المدائن :
أخبرنا الحسين بن الحسن بن محمّد بن القاسم المخزوميّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد الخلدي ـ إملاء ـ حدّثنا القاسم بن أحمد بن جعفر الشّيباني ـ بالكوفة ـ حدّثنا عبّاد ابن أحمد العرزمي ، حدّثني عمي عن أبيه عن السّريّ بن واصل المدائني قال : سمعت عطاء بن أبي رباح يقول : (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) [الجمعة ٥]. قال : كتبا : وقال : (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) [المدثر ٥٠ ، ٥٤١] قال الرماة. وقال عبد الرّحمن بن سابط : السباع. وقال عطاء : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) [عبس ١٥] قال كتبة.
٤٧٦٩ ـ السّريّ بن المغلس ، أبو الحسن السّقطيّ :
كان من المشايخ المذكورين ، وأحد العباد المجتهدين ، صاحب معروف الكرخي ، وحدّث عن هشيم بن بشير وأبي بكر بن عياش ، وعليّ بن غراب ، ويحيى بن يمان ، ويزيد بن هارون ، وغيرهم. روى عنه أبو العبّاس بن مسروق الطوسي ، والجنيد بن محمّد ، وأبو الحسين النوري ومحمّد بن الفضل بن جابر السّقطيّ ، وإبراهيم بن عبد الله بن أيّوب المخرّميّ ، والعبّاس بن يوسف الشكلي ، في آخرين.
أخبرنا عليّ بن محمّد بن عبد الله المعدّل والحسن بن أبي بكر بن شاذان ـ قال علي : حدّثنا ، وقال الحسن : أخبرنا ـ عبد الصّمد بن عليّ الطّستيّ ، حدّثنا محمّد بن الفضل بن جابر السّقطيّ ـ زاد ابن شاذان : أبو جعفر ثم اتفقا ـ قال : حدّثنا سري بن مغلس السّقطيّ ، أخبرنا عليّ بن غراب عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : أخبرني أبي قال : لما اشتكى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «مروا أبا بكر فليصل بالناس» (١) قال : فصلى
__________________
٤٧٦٩ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ٦٦. وطبقات الصوفية ٤٨ ـ ٥٥. ووفيات الأعيان ١ / ٢٠٠. وتهذيب ابن عساكر ٦ / ٧١ ـ ٧٩. وصفة الصفوة ٢ / ٢٠٩. وحلية الأولياء ١٠ / ١١٦. ولسان الميزان ٣ / ١٣. وطبقات الشعراني ١ / ٦٣. والأعلام ٣ / ٨٢.
(١) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب الصلاة ٩٤ ، ٩٥ ، ١٠١. وصحيح البخاري ١ / ١٦٩ ، ١٧٢ ، ١٧٤ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ٤ / ١٨٢ ، ٩ / ١٢٠ ، ١٢١. وفتح الباري ٢ / ٢٠٦ ، ١٣ / ٣٧٦.
بهم ، فوجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم خفّة ، فخرج ، فلما رآه أبو بكر ذهب يتأخر ، فأشار إليه النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم ذهب النبي صلىاللهعليهوسلم حتى جلس إلى جنب أبي بكر ، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر. أبو بكر قائم ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم قاعد.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : سمعت محمّد بن عليّ بن حبش يقول : سمعت عبد الله بن شاكر يقول قال سري السّقطيّ : صليت وردي ليلة ، ومددت رجلي في المحراب ، فنوديت يا سري كذا تجالس الملوك؟ قال : فضممت إلىّ رجلي ، ثم قلت : وعزتك لا مددت رجلي أبدا.
أخبرنا سلامة بن عمر النصيبي ، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، حدّثنا العبّاس بن يوسف ، حدّثني سعيد بن عثمان قال : سمعت السّريّ بن مغلس قال : غزوت راجلا فنزلنا خربة للروم ، فألقيت نفسي على ظهري ، ورفعت رجلي على جدار ، فإذا هاتف يهتف بي : يا سري بن مغلس هكذا تجلس العبيد بين يدي أربابها؟
أخبرنا أبو عليّ عبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن فضالة النّيسابوري ـ بالري ـ أخبرنا محمّد بن عبد الله بن شاذان الرّازيّ قال : سمعت أبا بكر الحربيّ يقول : سمعت السّريّ السّقطيّ يقول : حمدت الله مرة ، فأنا أستغفر الله من ذلك الحمد منذ ثلاثين سنة. قيل : وكيف ذاك؟ قال : كان لي دكان وكان فيه متاع ، فوقع الحريق في سوقنا ، فقيل لي ، فخرجت أتعرف خبر دكاني ، فلقيت رجلا فقال : أبشر فإن دكانك قد سلم ، فقلت : الحمد لله ، ثم إني فكرت فرأيتها خطيئة.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا جعفر بن محمّد بن نصير ، حدّثني أبو القاسم سليمان بن محمّد بن سلم الضراب قال : حدّثني بعض إخواني أن سريا السّقطيّ مرت به جارية معها إناء فيه شيء ، فسقط من يدها فانكسر ، فأخذ سري شيئا من دكانه فدفعه إليها بدل ذلك الإناء ، فنظر إليه معروف الكرخي فأعجبه ما صنع ، فقال له معروف : بغض الله إليك الدّنيا.
وأخبرنا ابن رزق ، أخبرنا جعفر بن محمّد الخواص ، حدّثنا عمر بن عاصم قال : حدّثني أحمد بن خلف قال : سمعت سريا يقول : هذا الذي أنا فيه من بركات معروف ، انصرفت من صلاة العيد ، فرأيت مع معروف صبيا شعثا فقلت : من هذا؟ فقال : رأيت الصبيان يلعبون وهذا واقف منكسر ، فسألته لم لا تلعب. فقال : أنا يتيم.
قال سري : فقلت له : ما ترى أنك تعمل به؟ فقال : لعلي أخلو فأجمع له نوى يشتري به جوزا يفرح به ، فقلت له : أعطنيه أغير من حاله ، فقال لي : أو تفعل؟ فقلت : نعم! قال لي : خذه أغنى الله قلبك ، فسويت الدّنيا عندي أقل من كذا.
حدّثنا عبد العزيز بن عليّ الورّاق ، حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمداني ـ بمكة ـ حدّثنا مظفر بن سهل المقرئ قال : سمعت علان الخيّاط ـ وجرى بيني وبينه مناقب سري السّقطيّ ـ فقال لي علان : كنت جالسا مع سري يوما فوافته امرأة ، فقالت : يا أبا الحسن أنا من جيرانك ، أخذ ابني الطائف البارحة ، وكلم ابني الطائف وأنا أخشى أن يؤذيه ، فان رأيت أن تجيء معي أو تبعث إليه ، قال علان فتوقعت أن يبعث إليه ، فقام فكبر وطول في صلاته ، فقالت المرأة : يا أبا الحسن الله الله فيّ ، هو ذا أخشى أن يؤذيه السلطان ، فسلم وقال لها : أنا في حاجتك ، قال علان : فما برحت حتى جاءت امرأة إلى المرأة فقالت : الحقي قد خلوا ابنك. قال أبو الطّيّب : قال لي علان : وأيش يتعجب من هذا؟ اشتري كرّ لوز بستين دينارا وكتب في روزنامجة ثلاثة دينارا ربحه ، فصار اللوز بتسعين دينارا ، فأتاه الدلال وقال له : إن ذاك اللوز أريده ، فقال له خذه ، قال : بكم ، قال : بثلاثة وستين دينارا قال الدلال : إن اللوز قد صار الكر بتسعين ، قال له : قد عقدت بيني وبين الله عقدا لا أحله ، ليس أبيعه إلّا بثلاثة وستين دينارا ، فقال له الدلال : إني قد عقدت بيني وبين الله أن لا أغش مسلما ، لست آخذ منك إلّا بتسعين ، فلا الدلال اشترى منه ، ولا السّريّ باعه. قال أبو الطّيّب : قال لي علان : كيف لا يستجاب دعاء من كان هذا فعله؟
أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا أبو عبيد عليّ بن الحسين بن حرب القاضي قال : سمعت سريا السّقطيّ يقول : إني أذكر مجيء الناس إليّ ، فأقول اللهم هب لي من العلم ما يشغلهم عني (٢) وإني لأريد مجيئهم أن يدخلوا عليّ.
أخبرنا أحمد بن عليّ المحتسب ، حدّثنا الحسن بن الحسين الهمذاني الفقيه قال : سمعت أبا الحسن عليّ بن عبد الرّحيم القناد يقول : سمعت ابن أبي الورد يقول : دخلت على سري السّقطيّ وهو يبكي ، ودورقه مكسور فقلت : مالك؟ قال : انكسر الدورق ، فقلت أنا أشترى لك بدله فقال لي تشتري بدله وأنا أعرف من أين الدانق
__________________
(٢) هكذا في الأصول.
الذي اشترى به الدورق ، ومن عمله ، ومن أين طينه ، وأيش أكل عامله ، حتى فرغ من عمله؟
أخبرنا سلامة بن عمر النصيبي ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدّثنا العبّاس ابن يوسف ـ مولى بني هاشم ـ حدّثنا سعيد بن عثمان قال : سمعت سري بن مغلس يقول : غزونا أرض الروم ، فمررت بروضة خضرة فيها الخباز ، وحجر منقور فيه ماء المطر ، فقلت في نفسي لئن كنت آكل يوما حلالا فاليوم ، فنزلت عن دابتي وجعلت آكل من ذلك الخباز ، وشربت من ذلك الماء ، فإذا هاتف يهتف بي : يا سري بن مغلس فالنفقة التي بلغت بها إلى هذا من أين!؟
وأخبرنا سلامة بن عمر ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، حدّثنا العبّاس بن يوسف ، حدّثني جنيد بن محمّد قال : سمعت سري بن المغلس يقول : أشتهي منذ ثلاثين سنة جزرة اغمسها في الدبس وآكلها فما تصح لي.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمّد بن عثمان البجليّ ، أخبرنا جعفر ابن محمّد بن نصير الخلدي ، حدّثني الجنيد قال : سمعت سريا يقول : أحب أن آكل أكلة ليس عليّ فيها تبعة ، ولا لمخلوق عليّ فيها منة ، فما أجد إلى تلك سبيلا.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا محمّد ابن إسماعيل بن عامر الرقي ـ صاحب الرّبيع ـ قال : سمعت سريا السّقطيّ يقول : أشتهي بقلا منذ ثلاثين سنة ما أقدر عليه.
أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدّثنا العبّاس بن يوسف الشكلي قال : سمعت سريا السّقطيّ يقول : إني لأشتهي الحندقوقي منذ ست عشرة سنة ، والهندبا بخل منذ ثمان عشرة سنة ، وإني لأعجب ممن يتسع كيف يطلق له العلم الاتساع ، وهذا عبد الواحد بن زيد يقول : الملح بيشبارجات ، وإن بلية أبيكم آدم لقمة ، أخرجته من الجنة ، وهي بليتكم إلى أن تقوم الساعة.
وقال الشكلي : سمعت سري بن المغلس السّقطيّ يقول : أتاني حسين الجرجانيّ إلى عبادان فدق على باب الغرفة التي كنت فيها فخرجت إليه فقال لي : سري فقلت سري ، فقال لي ملحك مدقوقة؟ قلت : نعم! قال : لا تفلح ، ثم قال لي سري لو لا أن الله عقم الآذان عن فهم القرآن ما زرع الزارع ، ولا تجر التاجر ، ولا تلاقى الناس في الطرقات. ثم مضى فأتعبني وأبكاني.
أخبرنا ابن رزق ، حدّثنا عثمان بن أحمد ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن عامر الرقي قال : سمعت حسنا المسوحي يقول : دفع إلى السّريّ السّقطيّ قطعة فقال اشتر لي باقلاء من رجل قدره داخل الباب ، فطفت الكرخ كله فلم أجد إلا من قدره خارج الباب فرجعت إليه فقلت : خذ قطعتك فإني لم أجد إلا من قدره خارج.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، أخبرنا جعفر الخلدي ـ في كتابه ـ قال : سمعت الجنيد بن محمّد يقول : كنت يوما عند السّريّ بن مغلس وكنا خاليين ، وهو متزر بمئزر ، فنظرت إلى جسده كأنه جسد سقيم دنف مضني ، كأجهد ما يكون ، فقال : انظر إلى جسدي هذا لو شئت أن أقول إن ما بي هذا من المحبة كان كما أقول ، وكان وجهه أصفر ، ثم أشرب حمرة حتى تورد ثم اعتل فدخلت عليه أعوده فقلت له : كيف تجدك ، فقال : كيف أشكو إلى طبيب ما بي ، والذي أصابني من طبيبي ، فأخذت المروحة أروحه فقال لي : كيف يجد روح المروحة من جوفه تحترق من داخل؟ ثم أنشأ يقول :
القلب محترق والدمع مستبق |
|
والكرب مجتمع والصبر مفترق |
كيف القرار على من لا قرار له |
|
مما جناه الهوى والشوق والقلق |
يا رب إن كان شيء فيه لي فرج |
|
فامنن عليّ به ما دام لي رمق |
وأخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا جعفر الخلدي ـ في كتابه قال : سمعت الجنيد بن محمّد يقول : كنت أعود السّريّ في كل ثلاثة أيام عيادة السنة ، فدخلت عليه وهو يجود بنفسه ، فجلست عند رأسه فبكيت ، وسقط من دموعي على خده ، ففتح عينيه ونظر إلىّ فقلت له أوصني ، فقال : لا تصحب الأشرار ، ولا تشتغل عن الله بمجالسة الأخيار.
أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا جعفر الخلدي ، حدّثنا الجنيد قال : سمعت حسن بن البزّار يقول : كان أحمد بن حنبل هاهنا ، وكان بشر بن الحارث هاهنا ، وكنا نرجو أن يحفظنا الله بهما ، ثم انهما ماتا وبقي سري ، فإني أرجو أن يحفظني الله بسري.
أخبرنا محمّد بن عيسى بن عبد العزيز البزّاز ـ بهمذان ـ حدّثنا عليّ بن الحسن العقيلي قال : سمعت الفرجاني يقول : سمعت الحسن يقول : ما رأيت أعبد الله من السّريّ السّقطيّ ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رؤى مضطجعا إلّا في علة الموت.
أخبرنا الأزهري قال : قال لنا أبو عمر محمّد بن العبّاس بن حمويه قال لنا أبو عبيد عليّ بن الحسين بن حرب القاضي : توفي أبو الحسن السّريّ بن المغلس السّقطيّ يوم
الثلاثاء لست ليال خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين ، بعد أذان الفجر ، ودفن بعد العصر.
قلت : وكان دفنه في مقبرة الشونيزية ، وقبره ظاهر معروف ، وإلى جنبه قبر الجنيد.
أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس قال : سمعت أبا الحسن بن المديني ـ صديقنا ـ قال : سمعت أبا عبيد بن حربويه يقول : حضرت جنازة سري السّقطيّ فلما كان في بعض الليالي رأيته في النوم فقلت : ما فعل الله بك؟ قال : غفر الله لي ولمن حضر جنازتي وصلى علي ، فقلت : فإني ممن حضر جنازتك وصلى عليك ، قال : فأخرج درجا فنظر فيه فلم ير لي فيه اسما ، فقلت : بلى قد حضرت ، قال : فنظر فإذا اسمي في الحاشية.
٤٧٧٠ ـ السّريّ بن عاصم ، أبو سهل الهمداني :
حدّث عن عيسى بن يونس ، وإسماعيل بن عليّة ، ويحيى بن سعيد الأموي ، وعبد السّلام بن حرب ، وحفص بن غياث وحرمي بن عمارة ، وحفص بن عمر الأبلي. روى عنه عبد الرّحمن بن عمر بن خراش ، وأبو بكر بن عبد الخالق الورّاق ، والحسن ابن محمّد بن شعبة الأنصاريّ ، وعليّ بن الحسن بن الحارث المروذي ، وأحمد بن محمّد بن إسماعيل الأدميّ وأحمد بن محمّد بن يزيد الزعفراني ، والقاضي المحامليّ ، وغيرهم.
أخبرني هلال بن محمّد الحفّار ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن الصّوّاف قال : وجدت في كتابي عن محمّد بن الحسين بن خالد البزّاز ـ جارنا ـ يذكر أنه كان عند السّريّ بن عاصم ، وهو يحدثهم عن النبي صلىاللهعليهوسلم فسمع كلاما في ناحية المجلس ، فقال : ما هذا؟ كنا عند حمّاد بن زيد وهو يحدثنا عن النبي صلىاللهعليهوسلم فسمع كلاما في ناحية المجلس فقال : ما هذا؟ كانوا يعدون الكلام عند حديث النبي صلىاللهعليهوسلم ، كرفع الصوت فوق صوته.
أخبرني الحسين بن عليّ الطّناجيريّ ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن يزيد الزعفراني ، حدّثنا السّريّ بن عاصم ، حدّثنا إسماعيل ابن عليّة عن يحيى بن عتيق عن محمّد عن أبي هريرة : أن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى أن يبال في الماء الراكد.
__________________
٤٧٧٠ ـ انظر : ميزان الاعتدال ٢ / ت ٣٠٨٩.
هذا الحديث إنما يحفظ من رواية يعقوب الدورقي عن ابن عليّة ، ويقال إنه تفرد به ، وقد سرقه السّريّ بن عاصم منه ، وكان يسرق الأحاديث الأفراد فيرويها.
أخبرنا عليّ بن طلحة المقرئ ، أخبرنا محمّد بن إبراهيم الغازي ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش ، حدّثنا السّريّ بن عاصم البغداديّ ـ وكان يكذب ـ.
حدّثني أحمد بن محمّد الغزّال قال : قرأت على محمّد بن جعفر الشروطي عن أبي الفتح محمّد بن الحسين الأزديّ الحافظ قال : سري بن عاصم البغداديّ متروك الحديث.
أخبرنا السّمسار ، أخبرنا الصّفّار ، حدّثنا ابن قانع : أن السّريّ بن عاصم مات في صفر من سنة ثمان وخمسين ومائتين.
٤٧٧١ ـ السّريّ بن مرثد ـ أو مزيد ـ :
حدّث عن طاهر بن أبي أحمد الزبيري. روى عنه محمّد بن المسيّب الأرغياني.
أخبرنا أبو المظفر محمّد بن الحسن المروذي ، أخبرنا زاهر بن أحمد السرخسي ، حدّثنا محمّد بن المسيّب ، حدّثنا السّريّ بن مرثد ـ أو مزيد لم يكن مضبوطا في كتاب أبي المظفر فصيرته بالشك ـ قال : حدّثنا طاهر بن محمّد الزبيري ، حدّثني أبي ، حدّثنا أبو سعيد بن عوذ عن مجاهد عن ابن عبّاس. قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن النوم قبل العشاء ، وعن الحديث بعدها.
٤٧٧٢ ـ السّريّ بن أحمد بن السّريّ ، أبو الحسن الكندي الرفاء الموصليّ :
شاعر مجود حسن المعاني ، وله مدائح في سيف الدولة وغيره من أمراء بني حمدان ، وكان بينه وبين أبي بكر ، وأبي عثمان ، ومحمّد وسعيد ابني هاشم الخالديين حالة غير جميلة ، ولبعضهم في بعض أهاجي كثيرة ، فآذاه الخالديان أذى شديدا ، وقطعا رسمه من سيف الدولة وغيره ، فانحدر إلى بغداد ومدح بها الوزير أبا محمّد المهلّبي ، فانحدر الخالديان وراءه ، ودخلا إلى المهلّبي وثلبا سريا عنده ، فلم يحظ منه بطائل وحصلا في جملة المهلّبي ينادمانه ، وجعلا هجيراهما ثلب سري والوقيعة فيه ، ودخلا إلى الرؤساء والأكابر ببغداد ، ففعل به مثل ذلك عندهم ، وأقام ببغداد يتظلم منهما ويهجوهما.
__________________
٤٧٧٢ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٤ / ٢١٨. والبداية والنهاية ١١ / ٢٧٤.
ويقال : إنه عدم القوت فضلا عن غيره ، ودفع إلى الورّاقة ، فجلس يورق شعره ويبيعه ، ثم نسخ لغيره بالأجرة ، وركبه الدين ومات ببغداد على تلك الحال بعيد سنة ستين وثلاثمائة ، وكان الحسين بن محمّد بن جعفر الخالع يزعم أنه سمع منه ديوان شعره ، وقد روى عنه أحمد بن عليّ المعروف بالهائم وغيره.
أخبرنا عليّ بن أبي علي قال : أنشدنا أحمد بن عليّ المعروف بالهائم قال : أنشدنا السّريّ بن أحمد الرفاء ـ لنفسه ـ وكتب بها إلى صديق له كان أهدى إليه قدحا حسنا فسقط من يده فانكسر :
يا من لديه العفاف والورع |
|
وسيمتاه العلاء والرفع |
كأسك قد فرقت مفاصله |
|
بين الندامى فليس يجتمع |
كأنما الشمس بينهم سقطت |
|
فجسمها في أكفهم قطع |
لو لم أكن واثقا بمشبهه |
|
منك لكاد الفؤاد ينصدع |
فجد به بدعة فعندي من |
|
جودك أشياء كلها بدع (١) |
ذكر من اسمه سلّام
٤٧٧٣ ـ سلّام بن صبيح ، المدائني :
حدّث عن منصور بن زاذان. روى عنه أبو معاوية الضّرير.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا حامد بن محمّد بن عبد الله الهرويّ ، أخبرنا عليّ ابن عبد العزيز ، حدّثنا أبو الأحوص محمّد بن حيّان ، حدّثنا أبو معاوية ، حدّثنا سلام بن صبيح عن منصور بن زاذان عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : ذكرت القبائل عند النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : يا رسول الله ما تقول في هوازن؟ فقال : «زهرة تينع» قالوا : فما تقول في بني عامر؟ قال : «جمل أزهر يأكل من أطراف الشجر» قالوا : ما تقول في تميم؟ قال : فقال : «يأبى الله لبني تميم إلّا خيرا ، ثبت الأقدام ، عظام الهام ، رجح الأحلام ، هضبة حمراء ، لا يضرها من ناوأها ، أشد الناس على الرجال في آخر الزمان» (١).
__________________
(١) آخر الجزء الثالث والستين من تجزئة المؤلف.
(١) ٤٧٧٣ ـ انظر الحديث في : مجمع الزوائد ١ / ٤٣. وكنز العمال ٣٨٠٣١. والمطالب العالية ٤٢٣٢. وحلية الأولياء ٣ / ٦٠. والعلل المتناهية ١ / ٣٠٠.
قال أبو الأحوص : قلت لأبي معاوية : من سلام؟ قال : كان يسكن المدائن.
٤٧٧٤ ـ سلام بن سلم ـ ويقال : ابن سليم ، ويقال : ابن سليمان ـ والصواب : ابن سلم ، أبو عبد الله التّميميّ ، المعروف بالطويل :
من أهل خراسان سكن المدائن وحدّث عن زيد العمي ، وغياث بن المسيّب. روى عنه أبو النّضر هاشم بن القاسم ، ومحمّد بن جعفر المدائني ، وسعيد بن سليمان الواسطيّ ، وخلف بن الوليد ، وخلف بن هشام ، وغيرهم.
أخبرني أبو الفرج الحسين بن عبد الله بن أحمد المقرئ ، حدّثنا أحمد بن جعفر القطيعي ـ إملاء ـ حدّثنا إدريس بن عبد الكريم المقرئ ، حدّثنا خلف بن هشام ، حدّثنا سلام الطويل الخراساني عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله لا يأذن لشيء من أهل الأرض إلا لأذان المؤذنين ، والصوت الحسن بالقرآن» (١).
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا هبة الله بن محمّد بن حبش الفراء ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال : سمعت يحيى بن معين ـ وذكر له رجل سلام بن سلم الطويل. فقال : له أحاديث منكرة.
وقال ابن أبي شيبة في موضع آخر : سمعت أبا بديل التّميميّ ـ وذكر ليحيى رواية أحمد بن يونس عن سلام بن سليم وقال له أبو بديل كان رجلا منا ـ فقال له يحيى : كان ضعيفا.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمّد الأنماطيّ ، أخبرنا محمّد بن المظفر ، أخبرنا عليّ بن أحمد بن سليمان البزّاز المصري ، حدّثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم قال : وسألته ـ يعني يحيى بن معين ـ عن سلام بن سليمان التّميميّ فقال : ضعيف لا يكتب حديثه.
أخبرنا الصّيمريّ ، حدّثنا عليّ بن الحسن الرّازيّ ، حدّثنا محمّد بن الحسين الزعفراني ، حدّثنا أحمد بن زهير قال : سمعت يحيى بن معين يقول : سلام بن سلم المدائني ليس حديثه بشيء.
__________________
٤٧٧٤ ـ انظر : التاريخ الكبير ٤ / ٢ / ١٣٣. وضعفاء النسائي ٢٣٧. وضعفاء البخاري ١٥٢. وميزان الاعتدال ٢ / ١٧٥.
(١) انظر الحديث في : العلل المتناهية ١ / ٣٩٤. وكنز العمال ٢٠٨٧٩.
أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدّثنا أبي ، حدّثنا محمّد بن مخلد ، حدّثنا العبّاس ابن محمّد قال : سمعت يحيى يقول : سلام بن سلم التّميميّ ليس بشيء.
أخبرني عليّ بن محمّد السّمسار ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، أخبرنا محمّد ابن عمران الصّيرفيّ ، حدّثنا عبد الله بن عليّ بن المديني قال : وسألته ـ يعني أباه ـ عن سلام بن سليمان التّميميّ فضعفه جدّا.
أخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي ، حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن حمدان الفقيه ، حدّثنا إبراهيم بن عليّ بن الحسن القطيعي ، حدّثني الحسن بن الهيثم بن الخلّال ، حدّثنا محمّد بن موسى بن مشيش قال : وسألته ـ يعني أحمد بن حنبل ـ عن سلام الطويل فقال : روى أحاديث منكرات ، ولم يرضه.
أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا ابن خميرويه الهرويّ ، أخبرنا الحسين بن إدريس قال : قال ابن عمّار : سلام بن سليم المدائني ليس بحجة.
أخبرني عبد الله بن يحيى السّكّري ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر ، حدّثنا ابن الغلابي قال : سلام الطويل مدائني ضعيف ، روى عنه سعدويه.
وقال في موضع آخر : سلام بن سلم مدائني مذموم.
أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا عليّ بن محمّد بن جعفر المالكيّ ، حدّثنا القاضي أبو خازم عبد المؤمن بن المتوكل بن مشكان ـ ببيروت ـ أخبرنا أبو الجهم المشغراني.
وحدّثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني ـ بدمشق ـ حدّثنا عبد الوهّاب بن جعفر الميداني ، حدّثنا عبد الجبّار بن عبد الصّمد السّلمي ، حدّثنا القاسم بن عيسى العصار قالا : حدّثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال : سلام بن سلم المدائني غير ثقة.
أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي ، حدّثنا أبو أحمد بن فارس ، حدّثنا البخاريّ قال : سلام بن سلم السّعدي المدائني الطويل تركوه.
أخبرنا عليّ بن طلحة المقرئ ، أخبرنا محمّد بن إبراهيم الغازي ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال : سلام الطويل كوفي متروك.
وقال في موضع آخر : سلام بن سلم كذّاب.
أخبرنا البرقانيّ ، أخبرنا أحمد بن سعيد بن سعد ، حدّثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النّسائيّ ، حدّثنا أبي قال : سلام بن سلم متروك الحديث.
أخبرني البرقانيّ ، حدّثني محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الملك الأدميّ ، حدّثنا محمّد بن عليّ الإياديّ ، حدّثنا زكريّا بن يحيى الساجي قال : سلام بن سليم خراساني نزل المدائن عنده مناكير.
٤٧٧٥ ـ سلّام بن سليمان بن سواء ، أبو العبّاس ـ وقيل : أبو المنذر ـ الضّرير المدائني :
وهو ابن أخي شبابة بن سوّار ، سكن دمشق بأخرة ، وحدّث عن : مغيرة بن مسلم السّرّاج ، ومسلمة بن الصلت ، وعبد الرّحمن المسعودي ، وشعبة بن الحجّاج ، وأبي عمرو بن العلاء ، وورقاء بن عمر ، وبكر بن خنيس. روى عنه : سلمان بن توبة النهرواني ، ومحمّد بن عيسى بن حيّان ، وعبد الله بن روح المدائنيان ، وهارون بن موسى الأخفش ، ويزيد بن محمّد بن عبد الصّمد الدمشقيان.
وقال عبد الرّحمن بن أبي حاتم : سمع أبي منه بدمشق وسئل عنه فقال : ليس بالقوي.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن عليّ بن حيد النّيسابوري ـ بها ـ حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم ، حدّثنا محمّد بن عيسى بن حيّان المدائني ، حدّثنا سلام بن سليمان ، حدّثنا ورقاء عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال : جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : يا رسول الله هل علينا من حرج؟ فقال : «عباد الله وضع الله الحرج ، إلا رجلا اقترض ـ يعني من عرض رجل ظلما ـ ذاك الذي حرج وهلك» قالوا : يا رسول الله فنتداوى؟ قال : «تداووا عباد الله فإن الله لم ينزل داء إلا وقد أنزل له دواء ، إلّا السام» قالوا : يا رسول الله فما خير ما أوتي العباد وأفضل. قال : «الخلق الحسن» (١).
__________________
٤٧٧٥ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٦٥٧ (١٢ / ٢٨٨). وطبقات ابن سعد ٧ / ٢٨٢. ورواية ابن طهمان ٣٧٩. والتاريخ الكبير ٤ / ت ٢٢٣٠. وسؤالات الآجري لأبي داود ٣ / ت ٣٠٩ ، ٥ / ورقة ١. وضعفاء العقيلي ، الورقة ٨٧. والكاشف ١ / ت ٢٢٢٨. والمغني ١ / ت ٢٤٩٧. وتذهيب التهذيب ٢ / الورقة ٦٦. ومن تكلم فيه وهو موثق ، الورقة ١٥. وإكمال مغلطاي ٢ / الورقة ١٥٠. ونهاية السئول ، الورقة ١٥٠. وتهذيب التهذيب ٤ / ٢٨٤. والتقريب ١ / ٣٤٢. وخلاصة الخزرجي ١ / ت ٢٨٤٢. وشذرات الذهب ١ / ٢٧٩.
(١) انظر الحديث في : سنن ابن ماجة ٣٤٣٦. ومسند أحمد ٤ / ٢٧٨ ، ٣٧٨. والمستدرك ١ / ١٢١ ، ٤ / ١٩٨. والسنن الكبرى للبيهقي ٩ / ٣٤٣ ، ١٠ / ٢٤٦. والمعجم الكبير ١ / ١٤٥ ، ١٤٦.
أخبرنا الأزهري قال : قال لنا أبو الحسن الدّارقطنيّ : تفرد به سلام بن سليمان عن ورقاء.
قرأت في كتاب أبي سعد الماليني ، أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال : سلام بن سليمان بن سوّار الثقفي المدائني الضّرير ، يقال له الدمشقي لمقامه بدمشق وهو منكر الحديث.
٤٧٧٦ ـ سلّام بن سالم ، أبو مالك الخزاعيّ الضّرير :
حدّث عن يزيد بن هارون ، وعمر بن سعيد التّنوخيّ ، وموسى بن إبراهيم المروزيّ ، والفضل بن جبير الورّاق. روى عنه الحسين بن إسماعيل المحامليّ.
ذكر من اسمه سلامة
٤٧٧٧ ـ سلامة العجليّ :
سمع سلمان الفارسيّ ، وقدم عليه المدائن ، وهو معدود في الكوفيّين. روى عنه سماك بن حرب.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد الطبراني ، حدّثنا أحمد بن داود المكي ، حدّثنا قيس بن حفص الدارمي ، حدّثنا مسلمة بن علقمة المازني ، حدّثنا داود ابن أبي هند عن سماك بن حرب عن سلامة العجليّ قال : جاء ابن أخت لي من البادية يقال له قدامة ، فقال لي ابن أختي أحب أني ألقي سلمان الفارسيّ فأسلم عليه ، فخرجنا إليه فوجدناه بالمدائن وهو يومئذ على عشرين ألفا ، ووجدناه على سرير يسف خوصا فسلمنا عليه ، قلت : يا أبا عبد الله هذا ابن أخت لي قدم عليّ من البادية فأحب أن يسلم عليك ، قال : عليهالسلام ورحمة الله. قلت يزعم أنه يحبك ، قال : أحبه الله قال : فتحدثنا وقلنا له : يا أبا عبد الله ألا تحدثنا عن أصلك ، وممن أنت؟ قال : أما أصلي وممن أنا ، فأنا من أهل رامهرمز ، كنا قوما مجوسا ، فأتانا رجل نصراني من أهل الجزيرة كانت أمه منا ، فنزل فينا واتخذ فينا ديرا ، وكنت في كتّاب الفارسيّة ، وكان لا يزال غلام معي في الكتاب يجيء مضروبا يبكي قد ضربه أبواه ، فقلت له يوما : ما يبكيك؟ قال : يضربني أبواي ، قلت : ولم يضربانك؟ قال : آتي صاحب هذا الدير فإذا
علما ذاك ضرباني ، وأنت لو أتيته سمعت منه حديثا عجبا ، قلت : فاذهب بي معك فأتيناه فحدّثنا عن بدء الخلق ، وعن بدء خلق السماء والأرض ، وعن الجنة والنار قال : فكنت أختلف إليه معه ، ففطن لنا غلمان من الكتاب فجعلوا يجيئون معنا ، فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه فقالوا له : يا هناه إنك قد جاورتنا فلم تر من جوارنا إلا الحسن ، وإنا نرى غلماننا يختلفون إليك ، ونحن نخاف أن تفسدهم علينا ، اخرج عنا ، قال : نعم! فقال لذلك الغلام الذي كان يأتيه : اخرج معي ، قال : لا أستطيع ذاك ، قد علمت شدة أبويّ عليّ ، قلت : لكني أنا أخرج معك ـ وكنت يتيما لا أب لي ـ فخرجت معه فأخذنا جبل رامهرمز ، فجعلنا نمشي ونتوكل ونأكل من تمر الشجر حتى قدمنا الجزيرة ، فقدمنا نصيبين ، فقال لي صاحبي يا سلمان إن هاهنا قوما هم عباد أهل الأرض وأنا أحب أن ألقاهم ، قال : فجئنا إليهم يوم الأحد وقد اجتمعوا فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا به. وقالوا : أين كانت غيبتك؟ قال : كنت في إخوان لي قبل فارس ، فتحدّثنا ما تحدّثنا ثم قال لي صاحبي : قم يا سلمان انطلق ، فقلت : لا دعني مع هؤلاء ، قال : إنك لا تطيق ما يطيق هؤلاء ، يصومون الأحد إلى الأحد ، ولا ينامون هذا الليل ، وإذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة ، فكنت فيهم حتى أمسينا ، فجعلوا يذهبون واحدا واحدا إلى غاره الذي يكون فيه ، فلما أمسينا قال ذاك الذي من أبناء الملوك : هذا الغلام ما يصنع؟ ليأخذه رجل منكم. فقالوا : خذه أنت ، فقال لي هلم يا سلمان ، فذهب بي حتى أتى غاره الذي يكون فيه ، فقال لي يا سلمان هذا خبز ، وهذا أدم ، فكل إذا غرثت ، وصم إذا نشطت ، وصل ما بدا لك ، ونم إذا كسلت ، ثم قام في صلاته فلم يكلمني إلا ذاك ، ولم ينظر إليّ ، فأخذني الغم تلك السبعة الأيام لا يكلمني أحد ، حتى كان الأحد فانصرف إلى ، فذهبنا إلى مكانهم الذي كانوا يجتمعون ، قال وهم يجتمعون كل أحد يفطرون فيه ، فيلقي بعضهم بعضا ، ويسلم بعضهم على بعض ، ثم لا يلتقون إلى مثله. قال : فرجعنا إلى منزلنا فقال لي مثل ما قال لي أول مرة ، هذا خبز وأدم ، فكل منه إذا غرثت ، وصم إذا نشطت ، وصل ما بدا لك ، ونم إذا كسلت ، ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إلىّ ولم يكلمني إلى الأحد الآخر ، فأخذني غم وحدثت نفسي بالفرار ، فقلت أصبر أحدين أو ثلاثة ، فلما كان يوم الأحد رجعنا إليهم وأفطروا ، واجتمعوا ، فقال لهم إني أريد بيت المقدس ، فقالوا له وما تريد إلى ذلك؟ قال : لا عهد لي به ، قالوا : إنا نخاف أن يحدث بك حدث فيليك غيرنا ، وكنا نحب أن نليك ، قال : لا عهد لي به ، فلما سمعته يذكر ذاك
فرحت ، قلت : نسافر ونلقي الناس فيذهب عني الغم الذي كنت أجد ، فخرجنا أنا وهو وكان يصوم من الأحد إلى الأحد ، ويصلي الليل كله ، ويمشي بالنهار ، فإذا نزلنا قام يصلي فلم يزل ذاك دأبه حتى انتهينا إلى بيت المقدس وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس ، فقال : أعطني فقال : ما معي شيء ، فذهبنا إلى بيت المقدس ، فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا إليه واستبشروا به. فقال لهم : غلامي هذا فاستوصوا به. فانطلقوا بي فأطعموني خبزا ولحما ، ودخل في الصلاة فلم ينصرف إليّ حتى كان يوم الأحد الآخر. ثم انصرف فقال لي : يا سلمان إني أريد أن أضع رأسي ، فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني فوضع رأسه فنام. فبلغ الظل الذي قاله فلم أوقظه مأواة له مما دأب من اجتهاده ونصبه فاستيقظ مذعورا. فقال : يا سلمان ألم أكن قلت لك إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني؟ قلت : بلى ولكني إنما منعني مأواة لك من دأبك. قال : ويحك يا سلمان إني أكره أن يفوتني شيء من الدهر لم أعمل فيه لله خيرا. ثم قال لي : يا سلمان إن أفضل دين اليوم النصرانية. قلت : ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية؟ كلمة ألقيت على لساني ، قال : نعم يوشك أن يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، وبين كتفيه خاتم النبوة فإذا أدركته فاتبعه وصدقه. قلت : وإن أمرني أن أدع النصرانية؟ قال : نعم فإنه نبي لا يأمر إلا بحق ، ولا يقول إلا حقا ، والله لو أدركته ثم أمرني أن أقع في النار لوقعتها. ثم خرجنا من بيت المقدس فمررنا على ذلك المقعد ، فقال له دخلت فلم تعطني وهذا تخرج فأعطني ، فالتفت فلم ير حوله أحدا ، قال : فأعطني يدك فأخذ بيده. فقال : قم بإذن الله فقام صحيحا سويا. فتوجه نحو أهله ، فأتبعته بصري تعجبا مما رأيت وخرج صاحبي فأسرع المشي وتبعته ، فتلقاني رفقة من كلب أعراب فسبوني فحملوني على بعير وشدوني وثاقا ، فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة واشتراني رجل من الأنصار فجعلني في حائط له من نخل فكنت فيه ، قال : ومن ثم تعلمت عمل الخوص أشتري خوصا بدرهم ، فأعمله فأبيعه بدرهمين ، فأرددهما إلى الخوص ، وأستنفق درهما ، أحب أن آكل من عمل يدي ، وهو يومئذ على عشرين ألفا فبلغنا ونحن بالمدينة أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أن الله أرسله ، فمكثنا ما شاء الله أن نمكث ، فهاجر إلينا وقدم علينا ، فقلت والله لأجربنه ، فذهبت إلى السوق فاشتريت لحم جزور بدرهم ، ثم طبخته فجعلت قصعة من ثريد ، فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه ، فقال : ما هذه أصدقة أم هدية؟ قلت : بل صدقة ، فقال لأصحابه : كلوا باسم الله ، وأمسك ولم يأكل
فمكثت أياما ثم اشتريت لحم جزور أيضا بدرهم وأصنع مثلها فاحتملتها حتى أتيته بها ، فوضعتها بن يديه ، فقال : ما هذه هدية أم صدقة؟ قلت : لا بل هدية ، قال لأصحابه كلوا باسم الله وأكل معهم ، قلت : هذا والله يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، فنظرت فرأيت بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة ، فأسلمت ثم قلت له ذات يوم : يا رسول الله أي قوم النصارى؟ قال : لا خير فيهم ، وكنت أحبهم حبا شديدا لما رأيت من اجتهادهم ثم إني سألته أيضا بعد أيام : يا رسول الله أي قوم النصارى قال : لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم. قلت في نفسي : وأنا والله أحبهم ، قال : وذاك والله حين بعث السرايا وجرد السيف ، فسرية تدخل وسرية تخرج ، والسيف يقطر قلت يحدث بي الآن أني أحبهم فيبعث إلى فيضرب عنقي ، فقعدت في البيت فجاءني الرسول ذات يوم فقال : يا سلمان أجب ، قلت من؟ قال : رسول الله ، قلت : هذا والله الذي كنت أحذر ، قلت : نعم اذهب حتى ألحقك ، قال : لا والله حتى تجيء ـ وأنا أحدث نفسي أن لو ذهب أن أفر ، فانطلق بي فانتهيت إليه ، فلما رآني تبسم وقال لي : «يا سلمان أبشر فقد فرج الله عنك» ثم تلا عليّ هؤلاء الآيات : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ، وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ، أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ، وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) [القصص ٥٢ : ٥٥] قلت : والذي بعثك بالحق لقد سمعته يقول : لو أدركته فأمرني أن أقع في النار لوقعتها ، إنه نبي لا يقول إلا حقا ، ولا يأمر إلا بالحق.
٤٧٧٨ ـ سلامة بن سليمان بن أيّوب بن هارون ، أبو الحسين السّلمي المقرئ الباجدائي (١) :
قدم بغداد وحدّث بها عن أبي يعلى الموصليّ ، وعليّ بن عبد الحميد الغضائريّ ، وأبي عروبة الحراني ، وأبي بدر أحمد بن خالد بن مسرج ، ومحمّد بن أبي شيخ الرافقي. حدّثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه ، وما علمت من حاله إلا خيرا.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، حدّثنا سلامة بن سليمان الباجدائي ، حدّثنا محمّد بن أبي شيخ ، حدّثنا عليّ بن الحسين التّميميّ ، حدّثنا بندار قال : قلت لعبد
__________________
(١) ٤٧٧٨ ـ الباجدائي : هذه النسبة إلى باجدا ، وهي قرية من نواحي بغداد (الأنساب ٢ / ١٧).