بحوث في علم الرجال

الشيخ محمد آصف المحسني

بحوث في علم الرجال

المؤلف:

الشيخ محمد آصف المحسني


الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مركز المصطفى العالمي للترجمة والنشر
المطبعة: زلال كوثر
الطبعة: ٥
ISBN: 978-964-195-211-4
الصفحات: ٤٥٦

ويمكن أن يقال : كتب الصفّار في زمان الشّيخ كانت مشهورة ، وأحمد وابن أبي جيد شيخا أجازة ، فقط.

قال في الفهرست (١) :

أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد عنه. وأخبرنا بذلك أيضا جماعة ، عن ابن بابويه ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن رجاله إلّا كتاب بصائر الدرجات ، فإنّه لم يرو عنه ابن الوليد ، وأخبرنا به الحسين ... عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه عن الصفّار.

أقول : الطريق الأوّل : ضعيف ، والأخيران : معتبران ، وعدم رواية ابن الوليد كتاب البصائر لا يضرّ بصحته فتأمّل ؛ لأنّ العطّار رواه عنه والسند حسن ، لكن عرفت أن أسانيد الفهرست لا تكفى لصحة الرّوايات.

قال قدّس سره : وما ذكرته في هذا الكتاب عن سعد بن عبد الله ، فقد أخبرني به الشّيخ أبو عبد الله ، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله ، وأخبرني به أيضا الشّيخ رحمه‌الله ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله.

أقول : والطريقان معا صحيحان ، وسعد في نفسه ـ أيضا ـ ثقة.

وفي الفهرست : (٢) أخبرنا بجميع كتبه ورواياته عدّة من أصحابنا عن ... (الصدوق) عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله عن رجاله.

قال ابن بابويه :

إلّا كتاب المنتخبات ، فإنّي لم أروها عن محمّد بن الحسن إلّا أجزاء قرأتها عليه ... وأخبرنا الحسين ... وابن أبي جيد ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله.

أقول : الطريقان معتبران ، وروايات الشّيخ عنه ما يقرب من ستمائة ، كما ذكره السّيد البروجردي رحمه‌الله في مقدّمته على : جامع الرّواة.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن محمّد بن الحسن بن الوليد وعلي بن الحسين بن بابويه ، فقد أخبرني به الشّيخ أبو عبد الله ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه علي بن الحسين ومحمّد بن الحسن بن الوليد.

__________________

(١) الفهرست : ١٧١.

(٢) المصدر : ١٠١.

٣٦١

أقول : علي بن الحسين ومحمّد بن الحسن ثقتان جليلان ، والأسناد أوثق أسناد ؛ لأنّه عن المفيد عن الصدوق (قدّس الله أرواحهم الطاهرة).

وقال قدّس سره : وما ذكرته في هذا الكتاب عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، فقد أخبرني به أحمد بن عبدون ، عن أبي طالب الأنباري ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد سماعة وأخبرني أيضا الشّيخ أبو عبد الله والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون كلّهم ، عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة.

الطريق الأوّل : ضعيف ؛ لأجل أحمد بن عبدون والأنباري ، والثّاني : موثق معتبر والحسين بن سفيان وثقة

النجّاشي والحسن في نفسه موثق أيضا ، وسماعة هذا ليس سماعة بن مهران المعروف ، بل سماعة بن موسى بن رويد (١).

وذكر في : الفهرست بعد الطريق الأوّل طريقا ثانيا ، لكنّه أيضا ضعيف بابن الزبير.

وروايات الشّيخ عنه ما يقرب من ثمانمائة ، كما ذكره السّيد البروجردي رحمه‌الله.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن علي بن الحسن الطاطري ، فقد أخبرني به أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمّد بن الزبير ، عن أبي الملك أحمد بن عمرو بن كيسبة ، عن علي بن الحسين الطاطري.

أقول : الطاطري موثّق. وعن العدّة (٢) : إنّ الطائفة عملت بما رواه الطاطريون.

وفي الفهرست : وله كتب في الفقه رواها عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم ... أخبرنا بها كلّها أحمد بن عبدون ، عن أبي الحسن علي بن محمّد بن الزبير القرشي ، عن علي بن الحسن بن فضّال وأبي الملك أحمد بن عمر بن كيسبة النهدي جميعا عنه.

أقول : الطريق ضعيف ؛ لأجل أحمد وابن الزبير ، وأمّا أحمد بن عمر أو عمرو ، فهو مهمل غير مذكور في الرجال.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن أبي العبّاس أحمد بن سعيد ، فقد أخبرني أحمد بن محمّد بن موسى ، عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد.

__________________

(١) يقول بعض أساتذتنا الأعلام : لا وجود للحسن بن سماعة بن مهران ، وكلّ ما ورد فيه الحسن بن سماعة ، فهو ابن سماعة بن موسى ، فلاحظ : معجم رجال الحديث.

(٢) العدّة : ٦١.

٣٦٢

وهذا هو طريقه إليه في الفهرست (١) أيضا ، وكذا في رجاله (٢) في باب : من لم يرو عن الأئمّة عليهم‌السلام.

وقد مرّ أنّ أحمد بن محمّد بن سعيد ، هذا هو المعروف بابن عقدة ، وهو زيدي جارودي ثقة. وقد نقل الشّيخ في رجاله ، عن جماعة منه ، أنّه قال : أحفظ مائة وعشرين ألف حديث بأسانيدها ، وأذاكر بثلاثمائة ألف حديث!

وأمّا الطريق المشتمل على واسطة واحدة ، فيمكن تصحيحه بوجوه : (٣)

فمنها : إنّ أحمد بن محمّد بن موسى بن هارون المعروف بابن الصلت ثقة ؛ لكونه من مشائخ النجّاشي ، كما نصّ عليه سيدنا الأستاذ الخوئي (٤) ، وقد تقدّم هذا البحث ، وقلنا فيه رأينا.

ومنها : قول الشّيخ الحرّ في تذكرة المتبحّرين ـ كما في المعجم ـ في حقّه : فاضل جليل ، فإنّه يقيد المدح الموجب للحسن ، فإنّ الكاذب لا يوصف بالجلالة ، وكذا مجهول الحال فتأمّل.

لكن استناد هذا المدح إلى الحسّ مشكل ، أو ممنوع.

ومنها : إنّه لو فرضنا أنّ أحمد بن محمّد بن موسى بن هارون المعروف بابن الصلت مجهول غير موثق ، لكن مع ذلك يمكن الحكم بصحّة طريق الشّيخ إلى ابن عقدة ، لقول الشّيخ في فهرسته (٥) : وكان معه ـ أي : مع ابن الصلت ـ خطّ أبي العبّاس بإجازته ، وشرح رواياته وكتبه.

وهذا شهادة من الشّيخ بأن الخط خطّ أبي العبّاس ابن عقدة ، فكأنه أجاز للشيخ ابتداء ، هذا ولكن ما هو المؤمّن من عدم إيقاع زيادة ونقيصة من ابن الصلت في روايات ابن عقدة إذا فرض كونه مجهول الحال.

وليس معنى قول الشّيخ : (وشرح رواياته) ، إنّ جميع روايات ابن عقدة كانت مذكورة واحدة واحدة ومفصّلة بخطّ الموجود عند أبي الصلت.

__________________

(١) الفهرست : ٥٢.

(٢) رجال الطوسي : ٤٤٢.

(٣) ثمّ إنّ الصدوق كالشّيخ يروي عن ابن عقدة بواسطة واحدة ، وهو محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني.

وهذا أمر نادر.

والحقّ وثاقة الطالقاني المذكور خلافا لسيّدنا الأستاذ الخوئي ؛ لأنّ الصدوق رحمه‌الله ذكر في حقّه في كتبه الترضية والترحّم ما يقرب من : ١٥٠ مرّة.

(٤) معجم رجال الحديث : ٢ / ٣٢٢.

(٥) الفهرست : ٥٣.

٣٦٣

فإنّ هذا مع بعده في نفسه مخالف لظاهر كلام الشّيخ ، حيث يقول في بيان كتب ابن عقدة : كتاب السنن ، وهو كتاب عظيم. وقيل : إنّه حمل بهيمة ، ولو رآه لم ينسبه إلى : قيل. (١)

كيف ولو رأى كتبه وأخذها بالمناولة أو بالسماع أو بالقراءة من ابن الصلت ، لذكره في فهرسته ، فإنّه أمر لا ينبغي إهماله.

وبالجملة : كلام الشّيخ ظاهر في عدم الرؤية ، فضلا عن الاستلام ، فيبطل دعوى عدم الاحتياج إلى وثاقة الواسطة ؛ لأجل الخطّ المذكور ، فإنّه إخبار إجمالي.

ومنها : قول الشّيخ في رجاله (٢) في ترجمة ابن عقدة : وسمعنا من ابن المهدي ومن أحمد بن محمّد المعروف بابن الصلت رويا عنه ، وأجاز لنا ابن الصلت عنه بجميع رواياته ، والتعدّد يقلّل احتمال الكذب ، لكن الظاهر من هذه العبارة ان ابن المهدي وإن روى عن ابن عقدة إلّا أنّه لم يرو للشيخ ولا إجازه ، وإنّما المجيز هو ابن الصلت وحده على أنّ ابن المهدي ظاهرا ، هو أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مهدي بن خشنام.

وقد عدّه العلّامة الحلّي رحمه‌الله في الإجازة الكبيرة من مشائخ الشّيخ من العامّة ، وقال أنّه روى عن ابن عقدة فضمّ العاميّ المجهول إلى مجهول آخر لا يقلّل الاحتمال إلى حدّ لا يعتني به ، ومع ذلك لا يبعد البناء على اعتبار روايات الشّيخ عن ابن عقدة ، فإنّ الظاهر شهرة كتبه في زمان الشّيخ مع قصر الزمان.

وابن الصلت شيخ إجازة لا شيخ رواية حتّى يقال لعلّه دلّس فيها أو زاد فيها ، أو نقصّ عنها ، ففي مثل المقام لا تضرّ جهالة الواسطة ، كما في طريق الكليني إلى الفضل بن شاذان. (٣)

قال قدّس سره : وما ذكرته عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين ، فقد أخبرني به الشّيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان عنه.

أقول : الأسناد أوثق أسناد ؛ إذ لا أوثق من المفيد والصّدوق والطّوسي (قدّس الله أسرارهم).

قال قدّس سره : وما ذكرته عن أحمد بن داود القمّي ، فقد أخبرني به ... المفيد والحسين ... عن أبي الحسن محمّد بن أحمد بن داود ، عن أبيه ، وهذا هو طريقه إليه في الفهرست بحذف المفيد.

__________________

(١) معجم رجال الحديث : ٢ / ٢٨٢.

(٢) رجال الطوسي : ٤٤٢.

(٣) ما قاله المؤلّف في تصحيحه للطبعة الخامسة ، ربيع الثاني ١٤٢٨ ه‍.

٣٦٤

أقول : أحمد بن داود ثقة بتوثيق الشّيخ والنجّاشي ، بل عن الثّاني تكرير لفظ الثّقة في حقّه. والطّريق أيضا صحيح ؛ لأنّ ابنه محمّد بن أحمد ثقة على الأظهر ، كما يظهر من ترجمته في معجم رجال الحديث.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ، فقد أخبرني به الشّيخ ... والحسين ... جميعا عن جعفر بن محمّد بن قولويه.

أقول : الطريق ، كالمروي عنه صحيح معتبر جدّا.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن ابن أبي عمير ، فقد رويته بهذا الأسناد ، عن أبي القاسم ابن قولويه عن أبي القاسم جعفر بن محمّد العلوي الموسوي ، عن عبيد الله (١) بن أحمد بن نهيك ، عن ابن أبي عمير.

وقال في الفهرست :

١. أخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة ، عن ابن بابويه ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد والحميري ، عن إبراهيم بن هاشم عنه.

٢. وأخبرنا بها ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، ومحمّد بن الحسين ، وأيوب بن نوح وإبراهيم بن هاشم ، ومحمّد بن عيسى بن عبيد عنه.

٣. ورواها ابن بابويه عن أبيه وحمزة بن محمّد العلوي ، ومحمّد بن علي بن ماجيليويه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عنه.

٤. وأخبرنا بالنوادر خاصّة جماعة ، عن أبي المفضل ، عن حميد ، عن عبيد الله بن أحمد بن نهيك عنه.

٥. وأخبرنا بها أيضا جماعة ، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد الموسوي ، عن ابن نهيك عنه. انتهى.

أقول : ابن أبي عمير كان من أوثق الناس عند الخاصّة والعامّة ، كما في الفهرست (٢) ، ولكن طريق المشيخة إليه ، غير معتبر ؛ لأنّ العلوي الموسوي لم يثبت حسنه على الأقوى ، لكن قيل : إنّه من مشائخ الإجازة دون الرّواية.

__________________

(١) قيل : عبد الله مكبّرا.

(٢) الفهرست : ١٦٨.

٣٦٥

ويؤيّد أنّه عبّر عنه القاضي النصيبي أحد شيوخ النجّاشي في موارد بالشريف الصالح ، وإنّ كان القاضي نفسه مجهولا ، وعليه فلا يضرّ جهالته باعتبار السند على أنّه ـ جعفر بن محمّد العلوي ـ من مشايخ ابن قولويه ـ ولا يبعد شمول توثيقه له ، وابن نهيك ثقة ؛ كما عن النجّاشي.

وأمّا طرق الفهرست ، فالأوّل والثالث معتبران ، والثّاني غير معتبر بابن أبي جيد ، لكن يعقوب ابن يزيد ثقة ، ومحمّد بن الحسين هو ابن الخطّاب الثّقة ، وأيوب بن نوح بن دراج ثقة.

وكذا محمّد بن عيسى بن عبيد ، فإنّه وإن ضعفّه الشّيخ في رجاله وفهرسته ، والصّدوق استثنى من روايات محمّد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن محمّد بن عيسى بن عبيد بأسناد منقطع ينفرد به.

وابن الوليد : كتب يونس الّتي هي بالرّوايات كلّها صحيحة يعتمد عليها ، إلّا ما ينفرد به محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ولم يروه غيره ، فإنّه لا يعتمد عليه (١) ....

غير أنّه وثقه النجّاشي وعدّه من أصحابنا ، وقد أجاب السّيد الأستاذ الخوئي في رجاله عن كلّ ما يرجع إلى ضعف محمّد بن عيسى ، لكن دفاعه ليس بواضح مقنع تماما ، وللكلام ذيل طويل يأتي تحقيقه في بعض البحوث الآتية إن شاء الله تعالى.

وحمزة حسن لكثرة ترحّم الصدوق عليه ، وعلي ثقة وأبوه حسن إن شاء الله. والرابع : ضعيف بأبي المفضل.

والخامس : حسن معتبر ، كما عرفت فجميع روايات الشّيخ عن ابن أبي عمير حسن ـ إن شاء الله ـ بطريق المشيخة.

لا يقال : إنّ النجّاشي نقل عن بعضهم ، تلف كتب ابن أبي عمير أيّام حبسه ، فكيف يرويها الشّيخ ، بل النجّاشي نفسه؟

فإنّه يقال :

أوّلا : أنّ النقل المذكور غير ثابت بسند معتبر ، وهو مجرّد قول.

وثانيا : يمكن الإخبار بها قبل حبسه.

وثالثا : إنّه لم ينس أسامي كتبه ظاهرا ، فأخبر بها تلاميذه ، وكذا ما بقي في حفظه من الرّوايات.

__________________

(١) المصدر : ١٤٥.

٣٦٦

ونقل في جامع أحاديث الشّيعة (١) عن فلاح السائل (٢) : روي أبو محمّد هارون بن موسى ، قال : قال لي أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : قال (أبو) القاسم بن محمّد بن حاتم وجعفر بن عبد الله المحمّدي (الحميري) ، قال : قال لنا محمّد بن أبي عمير : (كلّما رويته) قبل دفن كتبي وبعدها ، فقد اجزته لكما .. وهذا النقل.

وإن لم يكن ثابتا ، لكنّه مؤيّد في الجملة.

ثمّ ان قلنا بأنّ طرق المشيّخة كطرق الفهرست في بيان مجرّد الإجازة وذكر اسامي الكتب يصحّ طريق الشيخ إليه بصحّة السند المذكور ، في الفهرست.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري ، فقد أخبرني الشّيخ أبو عبد الله والحسين بن عبيد الله عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبّري ، عن محمّد بن هوذة ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري.

أقول : إبراهيم ضعيف وهارون ثقة ـ كما مرّ ـ وابن هوذة ـ وقيل : إنّ اسمه في بعض النسخ أحمد دون محمّد ـ مهمل غير مذكور في الرجال.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن علي بن حاتم القزويني ، فقد أخبرني به الشّيخ ... وأحمد بن عبدون ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي شيبان القزويني ، عن علي بن حاتم.

أقول : ابن حاتم ثقة ، كما عن النجّاشي ، والقزويني مجهول.

وليس في الفهرست طريق سوى هذا الطّريق الضعيف.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب ، فقد أخبرني به الشّيخ ...

عن أبي جعفر ... بن بابويه عن محمّد بن الحسن بن الوليد عن ... الصفّار وسعد بن عبد الله ، عن الفضل بن غانم (٣) ، وأحمد بن محمّد ، عن موسى ابن القاسم.

أقول : موسى ثقة ، والفضل مهمل ، وأحمد بن محمّد هو ابن عيسى ، كما صرّح النجّاشي ، فالطريق معتبر.

قال قدّس سره : وما ذكرته في هذا الكتاب عن يونس بن عبد الرحمن ، فقد أخبرني به الشّيخ ... (المفيد) عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، ومحمّد بن الحسن

__________________

(١) جامع أحاديث الشيعة : ٨ / ٥٦.

(٢) فلاح السائل : ٢٥٨.

(٣) في الفهرست : ١٩١ ، ابن عامر.

٣٦٧

عن سعد بن عبد الله ، والحميري ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مرار ، وصالح بن السندي عن يونس.

وأخبرني الشّيخ أيضا والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون كلّهم ، عن الحسن بن حمزة العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس.

وأخبرني به أيضا الحسين بن عبيد الله ، عن أبي المفضل محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عبيد الله بن المطلب الشّيباني ، عن أبي العبّاس محمّد بن جعفر بن محمّد الرزاز ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن يونس بن عبد الرحمن.

أقول :

الطريق الأوّل : ضعيف بإسماعيل وصالح ، فإنّ الحقّ إنّهما غير ثقتين ولا حسنان.

والطريق الثّاني : معتبر ـ كما مرّ سابقا ـ لكن على تردّد ما في اليقطيني.

والثالث : ضعيف بالشّيباني والرزاز. وطرق الفهرست أيضا ثلاثة بتفاوت يسير مع هذه الطرق ، فلاحظ.

وأمّا نفس يونس ، ففي حاله كلام كثير غير أنّ المشهور وثاقته ، وقبول رواياته ، وقد مرّ قول العسكري عليه‌السلام في حقّه بعد رؤية كتابه : «أعطاه الله بكل حرف نورا يوم القيامة».

قال قدّس سره : وما ذكرته في هذا الكتاب ، عن علي بن مهزيار ، فقد أخبرني به الشّيخ أبو عبد الله ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله والحميري ومحمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس كلّهم ، عن أحمد بن محمّد ، عن العبّاس بن المعروف ، عن علي بن مهزيار.

أقول : ابن مهزيار ثقة ، والعبّاس بن معروف أيضا ثقة ، وأحمد هذا ابن عيسى أو البرقي ، فالطريق معتبر في غير نصف كتاب المثالب ، لاستثنائه في الفهرست ، فتأمّل.

وقريب منه ما في الفهرست وفيها : إلّا كتاب المثالب ، فإنّ العبّاس روي نصفه عنه ، وللشيخ فيها طريق آخر إليه.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن علي بن جعفر ، فقد أخبرني به الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه محمّد بن يحيى ، عن العمر كي النيسابوري البوفكي ، عن علي بن جعفر.

٣٦٨

وقال في الفهرست (١) في حقّه :

جليل القدر ثقة ، وله كتاب المناسك ومسائل لأخيه موسى الكاظم بن جعفر عليه‌السلام سأله عنها. أخبرنا بذلك (٢) جماعة عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه عن محمّد بن يحيى ، عن العمر كي الخراساني البوفكي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى الكاظم ورواه ... ابن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد والحميري وأحمد بن إدريس وعلي بن موسى ، عن أحمد بن محمّد ، عن موسى القاسم البجلي ، عنه انتهى كلامه.

أقول :

الطريق الأوّل : حسن بأحمد.

والثّاني : صحيح.

الثالث : كذلك ، بناء على أنّ أحمد بن محمّد هو ابن عيسى بقرينة علي بن موسى الّذي هو من العدّة الّذين يروي عنهم الكليني عنه. نعم ، علي بن موسى مجهول لم يرو فيه ما يوجب اعتبار قوله.

قال قدّس سره : وما ذكرته عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري ، فقد أخبرني به أحمد بن عبدون والحسين بن عبيد الله عنه.

أقول : الحسين بن سفيان ثقة ـ كما مرّ ـ والطريق أيضا معتبر بالحسين.

قال : وما ذكرنا عن أبي طالب الأنباري ، فقد أخبرني أحمد بن عبدون. عنه.

أقول : مرّ الكلام في جهالة الأنباري وابن عبدون.

__________________

(١) الفهرست : ١١٤.

(٢) نقل عن المحقّق الخوانساري رحمه‌الله في مشارقه عند البحث عن مسّ المحدّث ، القدح في سند رواية مرويّة عن علي : بأنّ للشيخ إليه ثلاثة طرق أحدها ما ذكره في أخر التهذيب ، وفيه : الحسين الغضائري ، ولم ينص الأصحاب على توثيقه ، والآخران ما ذكرهما في فهرسته ، وهذان الطريقان وإن كانا صحيحين إلّا أنّه قال في الفهرست ... وله كتاب المناسك ومسائل لأخيه موسى الكاظم عليه‌السلام ، سأله عنها أخبرنا بذلك جماعة. وهذه العبارة ليست ظاهرة في أنّ كلّ ما يرويه الشّيخ عنه إنّما هو بهذين الطريقين ؛ إذ يجوز أن تكون تلك المسائل مسائل خاصّة مجتمعة في كتاب مثلا ، ولم يكن كلّ ما يرويه عنه داخلا فيها مع احتمال رجوع الضمير إلى الكتاب فقط.

أقول : مع اعتبار الغضائري يصبح جميع روايات الشّيخ عنه في تهذيبه معتبرة ، نعم ، يشكل الأمر في ما إذا رواه عنه من غير كتابه ، ومن غير مسائله في غير التهذيب ؛ إذ لا عموم في كلام الشّيخ ، بل المتيقّن من إسم الإشارة في كلامه : (أخبرنا بذلك) رجوعه إلى المسائل وحدها ، لا رجوعه إليها وإلى كتاب المناسك ، وإن كان الأظهر أنّ كلّ ما رواه عنه في التهذيب فهو معتبر بهذا السند.

٣٦٩

تنبيه مهم

في المرحلة الأولى كنت بنّيت على تصحيح طرق الشيخ إلى ما رواه في التهذبين على المشيخة والفهرست ، كما لعلّه المشهور ، وهو مقتضي إحالة الشيخ على الفهارس وفهرسته.

ثمّ عدلت عنه بعد سنوات وبنيت عليه بملاحظة خصوص المشيخة دون ما ذكره في الفهرست.

وعذري في ذلك ما ذكرت في البحث الرابع والأربعون ، وهو عذر مقطوع به عندي.

فالفهرست لاجل نقل أسامي الكتب فقط من دون مناولة وقرائة وسماع غالبا ، بخلاف مصادر المشيخة ، فإنّها وصلت إليه بطرق المناولة أو السماع والقرائة مثلا.

وعلى هذا فقد استشكلنا واعترضنا على صحّة طرق الشيخ في المشيخة في مورد روايات أحمد بن محمّد بن عيسى والحسين بن سعيد ، مثلا فخرجت أحاديث كثيرة من حريم الاعتبار إلى ظلمات عدم الاعتبار ، بل وقع التشكيك في صحّة طريق الشيخ إلى علي بن فضّال وغيره. وعلى ضوء هذا المنظر ألّفنا : مشرعة بحار الأنوار وتعليقيتنا على : جامع الاحاديث ؛ لتمييز رواياته المعتبرة عن غيرها ، ونسبنا صحّة روايات الحسين بن سعيد إلى المشهور أو جماعة وصحّة روايات علي بن الحسن إلى بعض الأفراد وصرفنا عن طبع كتاب معجم الأحاديث المعتبرة في ستة اجزاء و ...

ثم وفقنا الله تعالى حين الطبعة الخامسة لكتاب بحوث في علم الرجال ، للتوجه إلى اعتبار طريق الشيخ إلى أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري ، والحسين بن سعيد ، وعلي بن الحسن بن فضّال بما تلاحظه وتطالعه في هذا البحث ، فدخل أحاديث كثيرة في حريم الاعتبار والاعتماد ، ولله الحمد. (١)

فمن يراجع إلى مشرعة بحار الانوار وتعليقة جامع أحاديث الشيعة بعد ذلك فلا ، من له من ملاحظة الجدول الآتي ومطالب هذا البحث. ولأجله يرى المحقّق المدقّق نوع خلل في انسجام مطالب الكتاب ، فإن كلّ طبعة من طبعات الكتاب الخمسة كانت تقارن الأفكار المختلفة والآراء المتفاوته ، وزيادة ذكر مطالب متنوعة مستقلّة أو ملمّلة أو مكمّلة للمطالب المذكورة في الكتاب.

__________________

(١) وهو ما حرّره في : جمادي الاولى ١٤٣١ ه‍ برج الثور / أرديبهشت ١٣٨٩ ه‍. ش.

٣٧٠

وللمقام تتمة تأتي ذيل عنوان : (كلمة أخيرة لإظهار حقيقة) عن قريب.

هذا مختصر القول في شرح مشيخة التهذيب.

وإليك جدول الطرق المذكورة تسهيلا للأمر حسب ترتيب الشّيخ رحمه‌الله :

طريق شيخ إلى :

حكم الطريق

حال ذي الطريق

محمّد بن يعقوب

معتبر

ثقة

علي بن إبراهيم

معتبر

ثقة

محمّد بن يحيى العطّار

معتبر

ثقة

أحمد بن إدريس

معتبر

ثقة

حسين بن محمّد بن عامر

معتبر

ثقة

محمّد بن إسماعيل

معتبر

مجهول

حميد بن زياد

معتبر

موثق

أحمد بن محمّد بن عيسى

معتبر

ثقة

أحمد بن محمّد البرقي

معتبر

ثقة

الفضل بن شاذان

محل اشتباه

ثقة

الحسن بن محبوب

معتبر

ثقة

سهل بن زياد

معتبر

ضعيف

علي بن الحسن

معتبر

موثق

بن فضّال

معتبر

ثقة

الحسين بن سعيد

معتبر

ثقة

محمّد بن أحمد بن يحيى

معتبر

ثقة

محمّد بن علي بن محبوب

معتبر

ثقة

محمّد بن الحسن الصفّار

الإحتياط حسن

ثقة

سعد بن عبد الله

معتبر

ثقة

محمّد بن الحسن بن الوليد

معتبر

ثقة

علي بن الحسين والد الصدوق

معتبر

ثقة

الحسن بن محمّد بن سماعة

موثّق

موثق

علي بن الحسن الطاطري

ضعيف

موثق

ابن عقدة

لا يبعد اعتباره

موثق

الصدوق

معتبر

ثقة

أحمد بن داود

معتبر

ثقة

جعفر بن محمّد بن قولويه

معتبر

ثقة

٣٧١

محمّد ابن أبي عمير

معتبر على وجه

ثقة

إبراهيم بن إسحاق

ضعيف

ضعيف

علي بن حاتم

ضعيف

ثقة

موسى بن القاسم

معتبر

ثقة

يونس بن عبد الرحمن

معتبر

ثقة

علي بن مهزيار

معتبر

ثقة

علي بن جعفر

معتبر

ثقة

الحسين بن سفيان البزوفري

معتبر

ثقة

أبي طالب الأنباري

ضعيف

مختلف فيه

خاتمة

قال السّيد بحر العلوم رحمه‌الله :

واعلم : أنّ الشّيخ رحمه‌الله قد يذكر في التهذيبين جميع السند ، وقد يقتصر على البعض بحذف الصدور ، واستدرك المتروك في آخر الكتابين ، فوضع له مشيخته المعروفة ، وهي فيهما واحدة ، وقد ذكر فيها جملة من الطرق إلى أصحاب الاصول والكتب ممّن صدر الحديث بذكرهم وابتدء بأسمائهم. ولم يستوف الطرق كلّها ، ولا ذكر الطريق إلى كلّ من روي عنه بصورة التعليق ، بل ترك الأكثر لقلّة روايته عنهم ، وأحال التفصيل إلى فهارست الشّيوخ المصنفة في هذا الباب.

وزاد في التهذيب الحوالة على كتاب الفهرست ، الّذي صنّفه في هذا المعني.

وقد ذهبت فهارست الشّيوخ بذهاب كتبهم ، ولم يبق منها إلّا القليل كمشيخة الصدوق وفهرست الشّيخ الجليل أبي غالب الزراري ، ويعلم طريق الشّيخ منهما بوصل طريقه إليهما بطريقهما إلى المصنفين. وقد يعلم ذلك من طريق النجّاشي فإنّه كان معاصرا للشيخ ، مشاركا له في أكثر المشايخ ، كالمفيد والحسين بن عبيد الله ، وأحمد بن عبدون وغيرهم. فإذا علم روايته للأصل أو الكتاب بتوسط أحدهم كان ذلك طريقا للشيخ ، والحاجة إلى فهرست الشّيخ أو غيره متوفرة فيمن لم يذكره الشّيخ في المشيخة لتحصيل الطريق إليه ، وفيمن ذكره فيها لاستقصاء الطرق والوقوف على الطريق الأصّح ، أو الأوضح ، والرجوع إليه في هذا القسم معلوم بمقتضى الحوالة الناصة على إرادته.

وكذا الأوّل ؛ لأنّ الظاهر دخوله فيها كما يستفاد من فحوى كلامه في أوّل المشيخة ، وآخرها مع أنّ ثبوت تلك الطرق له في معنى الإحالة عليها في ما رواه في الكتابين. وغيرهما.

٣٧٢

ثمّ ذكر ما ينافي بعض ما ذكره أوّلا ، فراجع إن شئت كتابه. (١)

أقول : قد عرفت ممّا ذكرناه سابقا النظر في الاعتماد على فهرست الشّيخ لتصحيح روايات التهذيبين ، فضلا عن الاعتماد على فهارس الأصحاب سوى مشيخة الصدوق ، وها نحن نذكر أسماء من ترك الشّيخ بيان طرقه إليهم ممّن روي عنه في الجزء الأوّل من التهذيب ـ الطبعة الحديثة ـ ، ونترك أسماء من روي عنهم في بقيّة الأجزاء التسعة ، لعدم فائدة مهمة في ذكرها وهي هذه :

١. البزنطي ، ١ / ٢٠٣.

٢. جابر بن يزيد ، ص : ٢٤٥.

٣. معاوية بن حكيم ، ص : ٢٥٥.

٤. علي بن محمّد ، ص : ٢٩٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٧ ، ٤٣٣ ، ٤٣٦.

٥. محمّد بن عيسى اليقطيني ، ص : ٢٩٨ ، ٤٤٧.

٦. أحمد بن زرق الغمشاني ، ص : ٣٠٣.

٧. فضّالة (على وجه قوي).

٨. حمّاد ، ص : ٢١٢.

٩. حريز ، ص : ٣٤٨.

١٠. العياشي أبو النضر ، ص : ٣٥٠.

١١. عمار بن موسى ، ص : ٤١٨.

١٢. إسحاق بن عمار ، ص : ٤١٩.

١٣. يعقوب بن عثيم ، ص : ٤١٩.

١٤. العمر كي ، ص : ٤١٩.

١٥. محمّد بن الحسين ، ص : ٤٣٧ ، ٤٦٧ و ٤٦٩.

١٦. علي بن الحكم ، ص : ٤٤٩.

١٧. إبراهيم بن مهزيار ، ص : ٤٦٤.

١٨. العبّاس ، ص : ٤٦٦ ، ٤٦٧.

__________________

(١) لاحظ : رجاله : ٤ / ٧٥ ، ٧٤ وخاتمة مستدرك النوري رحمه‌الله : ٧١٩ ، ولاحظ أيضا سماء المقال للكلباسي : ١ / ١١٠ ، الطبعة الجديدة المحقّقة.

٣٧٣

١٩. العبّاس بن معروف ، ص : ٤٦٧.

٢٠. محمّد بن عبد الحميد ، ص : ٤٦٧.

٢١. يعقوب بن يزيد ، ص : ٤٦٩.

٢٢. سلمة بن الخطّاب ، ١ / ٤٦٩.

ثمّ إنّك قد عرفت ممّا سبق في أوائل هذا البحث وغيره أنّ ما أتعب صاحب جامع الرّواة رحمه‌الله نفسه الشّريفة في تصحيح أسانيد الشّيخ رحمه‌الله إلى الرّواة في : الفهرست والمشيخة والتهذيب ، وتبعه المحدّث النوري رحمه‌الله غير مفيد ، فلاحظ : خاتمة المستدرك ، الفائدة السادسة منها.

واعلم : أنّ طرق الشّيخ في المشيخة على قسمين أحدهما ما يختصّ بالتهذيب ، أو التهذيبين ، وثانيهما ما يعمّ جميع كتبه ، وهذا أنفع ؛ يظهر ذلك من عباراته في بيان الطرق ، فلاحظ.

كلام مع الشّيخ الطوسي رحمه‌الله

ولو تبع الشّيخ الطوسي رحمه‌الله الشّيخ الكليني رحمه‌الله في ذكر الأسناد غالبا ، حتّى لا يحتاج إلى ذكر المشيخة لكان أحسن ، ولو أغمض النظر عن الأسانيد الضعيفة ـ رغم اختصارها وعلوها واكتفي بذكر الأسانيد المعتبرة ـ لكان أنفع وأتمّ.

ولو وثّق مشايخه ومن يروي عنه في التهذيب والمشيخة إذا كانوا ثقات لكان أكمل ، ولو صرّح بضعف ضعفائهم ، لكان أحوط.

ولو اعترف بجهالة من لا يدري حالهم ، لكان كلامه أوضح.

لكنّه قدّس سره حذف صدور الأسناد وأسّس المشيخة ، الّتي فيها نقائص.

فمنها : أنّها ناقصة غير مشتملة على جميع من روي عنهم في التهذيب.

ومنها : إنّه نقل عن الضعفاء والمجهولين ، فجعل كمية كبيرة من روايات التهذيبين محلّا للإشكال والإيراد ، وقد عرفت أن طريقه إلى الحسن بن محبوب وإلى الحسين بن سعيد وإلى علي بن الحسن بن فضّال ، وإلى أحمد بن محمّد بن عيسى والحسين بن سعيد وابن أبي عمير وغيرهم ؛ لاجل الإبهام والإجمال في العبارات غير خال عن الإشكال ، أو الإيراد.

ورواياتهم تبلغ إلى آلاف ، وكان بإمكانه رفع هذه الإشكالات عن المشيخة.

ونحن وإن بنّينا على صحّة طرقك إليهم بعد سنين ، أخيرا ، لكنّه بزيادة دقّة وبنحو أرجح ، لا بقوّة لم تقبل الخلاف.

٣٧٤

وليس الشّيخ رجاليّا صرفا ، أو محدّثا سذجا ، ليعتذر عنه بالغفلة ، بل هو مجتهد متضلّع ومحيط بجميع العلوم الشّرعيّة في عصره ، وقلّ من وفقه الله بمثله.

وهو الّذي أصرّ وتأكّد وكرّر في العدّة على اعتبار الوثاقة في الرّاوي ، وعلى سائر شروط الحجيّة ، ولو اتّخذ سبيل الكليني في الكافي ، لم يذهب أوقات الأردبيلي والنوري رحمهما‌الله عبثا.

نقول للشيخ المعظّم : إنّ الّذين رويت عنهم ولم توثّقهم ، هل تعلم ضعفهم أو وثاقتهم أو لا تعلم حالهم أصلا؟

فعلى الأوّل والثّاني ، لم أمسكت عن التّوثيق والتضعيف؟

وعلى الأخير لم لم تصرّح بجهالتهم حتّى يكون الأمر للأجيال القادمة واضحا ، ولم يذهبوا إلى الأفراط والتفريط؟

ولو اعتذر الشّيخ رحمه‌الله بأنّه كان مطمئنا بصحّة المصادر ، وإنّما ذكر الأسناد ـ ناقصا لمجرّد خروج الأحاديث من الإرسال ، لقلنا له : أيّها العالم الجليل ، ويا شيخ طائفتنا ـ سلام الله على روحك الطاهرة ـ أنت ما ألّفت التهذيبين لنفسك ، بل للمؤمنين من بعدك أيضا ، وهؤلآء في حصول الاطمئنان يحتاجون إلى ذكر الأسناد والرواة الثقاة ، لا إلى هذه المشيخة ، على أنّك ما صرّحت في كتبك بهذا الاعتذار ، بل وعدت في أوّل فهرستك بذكر التّعديل والتّجريح في ترجمة كلّ من تذكر اسمه ، لكنّك ما وفيت بعهدك ، في أوّل كتابك وهذا من مثلك ـ رفع الله درجاتك المتعالية في الجنان ـ غريب وعجيب ، بل لم يكن متوقعا منك!

وأنا موقن أنّه بوسعك توثيق كثير من المجهولين وتضعيف جمع منهم ، ولكنّك ـ رغم وعدك ـ أهملتهم ، وهذا ما لا أعلم وجهه.

ثمّ إنّك ما ذكرت مصادر توثيقاتك وتضعيفاتك ، كالنجّاشي ، فصارت كلّها مرسلة ، والآن بقي علم الرجال وأحاديث التهذيبين مقترنين بمشكلات عديدة.

وفي الأخير : هل أحالتك على الفهارس ـ وعلى فهرستك على وجه ـ في آخر المشيخة لا تدلّ على أنّ طرق المشيخة ، كطرق الفهرست في مجرّد الإخبار غالبا ، وذكر أسامي الكتب والإشارة الإجماليّة إلى رواياتها ، لا بمناولة الكتب مع رواياتها المذكورة فيها؟

كلمة أخيرة لإظهار حقيقة

المتتبّع المتعمق ربّما يطمئن بأنّ طرق المشيخة ، كطرق الفهرست إلّا ما فيها قرائن لفظيّة ،

٣٧٥

خالية عن المناولة ، والشّيخ أخذ الكتب الحديثيّة من الأسواق والأفراد مطمئنا بصحّتها ، فنقل منها في التهذيبين.

وإنّما ذكر بعض طرقه إليها في المشيخة لإخراج ما في التهذيبين من الإرسال ، كما صرّح به نفسه.

فلا يردّ عليه بعض الاعتراضات المتقدّمة ، بل ليس الشّيخ مبتدعا في ذلك فإنّ الظاهر أنّ الكليني والصّدوق وغيرهما من حملة الإخبار (قدّس الله أسرارهم) أيضا سلكوا هذا المسلك ؛ إمّا في جميع الموارد أو في كثير منها والوسائط بينهم ، وبين أرباب الكتب بمنزلة شيوخ الإجازة أو هم هم.

وإن شئت فقل : أنّ التعبير الرائج الغالب في مشيخته التهذيب ، هو لفظ الإخبار ـ أي : إخبار مشائخه عن مشائخهم ، عن أرباب الكتب والأصول.

وعرفت أن اللفظ المذكور : (أخبرني أخبرنا) ، لا يضمن مناولة الكتب والسماع والقراءة بوجه إلّا فيما يصرّح الشّيخ رحمه‌الله بأحدها ، وفي معنى الإخبار الرّواية : (رواه ـ روينا) والفرق بينهما اعتباري ، فإن الأوّل باعتبار حال الملقي ، والثّاني بلحاظ حال المتلّقى ، ومثلها في عدم الدلالة على الثّلاثة المذكورة مادّة الإجازة قطعا إلّا بقرينة أخرى.

والنتيجة تساوي طرق المشيخة والفهرست ، وعليه فلا تأثير لضعف الطرق المذكورة في المشيخة إذا كان قبلها من الرّواة صادقون ، فإنّ الاعتماد على اطمئنان الشّيخ بسلامة الكتب والأصول من الدس والزيادة والنقص ، ويلحقّ بطرق المشيخة طرق الفهرست ، إذا نقل الشّيخ الأحاديث بواسطتها من الكتب والأصول.

ويؤيّده إنّ الرجاليّين والمحدّثين والفقهاء من الأصحاب قبلوا توثيقات الشّيخ والنجّاشي ، بل وتوثيقات علي بن الحسن بن فضّال وأمثالهم ، وهي مرسلة ، كما عرفته في أوائل هذا الكتاب ، ولا وجه له ظاهرا سوى الاعتماد على اطمئنان الشّيخ وأمثاله مع احتمال إعمال الحدس من الشّيخ ـ كما مرّ ـ فكيف لا يعتمد على اطمئنانه في سلامة الكتب الحديثية؟

إذ لا يحتمل أن الشّيخ وأمثاله نقلوا الأحاديث مع احتمال الدّس والزّيادة والنقيصة ، وقد أشرنا آنفا أنّه لا دليل على أنّ الصدوق ، والكليني رحمهما‌الله لم يرويا بهذا النحو ، بل رويا عن راو ، عن راو وهكذا ، بل الظاهر أنّهما قد يرويان عن الأفراد.

٣٧٦

وقد يرويان عن الكتب مثل الشّيخ ، ولا دليل أيضا إنّ نسخ مصادر رواياتهما قد وصلت إليهما بالمناولة أو القراءة أو السماع من واحد ، عن آخر عن ثالث مثلا ، فإنّه فرض مرجوح.

فالعمدة الاعتماد على وثوق الكليني والصّدوق ، وعلى هذا لا يتحتّم على الفقيه الرجوع إلى دليل الإنسداد ، والله العالم بحقيقة الحال.

ويمكن أن يقال : إنّ مدلول صحيح هشام بن الحكم ، وقول يونس بعده ، كما يأتي في البحث الثّاني والخمسين هو بثوت دسّ الدّجالين والوضّاعين في كتب أصحاب الباقر والصادق صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعه كيف يعتمد على اطمئنان هؤلاء الأعاظم إذا لم تصل سلسلة الرّواية إلى الحسّ الخالص البعيد عن الحدس ، والعمليات الاجتهاديّة ، فلاحظ.

هذا وعملي ـ لحدّ الآن ـ هو أخذ الرّوايات المعتبرة سندا في دائرة مشيخة التهذيبين دون الفهرست ، وليس لي مستوى الإقدام على خلافة؟ والعلم عند الله تعالى.

العلم للرحمن جلّ جلاله

وسواه في جهلاته يتغمغم

ما للتراب وللعلوم وإنّما

يسعى ليعلم أنّه لا يعلم!

٣٧٧

البحث السادس والأربعون

حول مشيّخة الفقيه

ليست مشيّخة الفقيه كمشيخة التهذيب ، فإنّ الثانية مختصرة ذات صعوبات ، ومتعلّقة بروايات كثيرة ـ كما علمت ـ والاولى خالية عن الصعوبات مطوّلة ذكر فيها أكثر من ثلاثمائة وثمانين طريقا ، ولكنّها لا تفيد فائدة الثانية الّتي تبلغ : ٣٥ طريقا ، ومع ذلك فائدة الأوّلى ممّا لا تخفى.

ولمّا كان تفصيل البحث عنها يوجب الخروج عن وضع الرسالة عدلنا عنه إلى الإشارة الإجماليّة ، ومن أراد التفصيل فعليه بالمطوّلات الّتي منها : خاتمة الوسائل ، ومنها : خاتمة مستدرك النوري ، لكنّه أفرط في التّصحيح إفراطا لا يجوز سلوك سبيله بوجه ، ومنها كتب اخر.

ثمّ اعلم : أنّ ما ذكرنا في هذه القائمة مخالف لما ذكره العلّامة الحلّي والمحدّث النّوري وسيّدنا الأستاذ رحمه‌الله في معجمه وغيرهم في غيرها (١) : طريق الشيخ إلى :

__________________

(١) راجعت إلى مشيخة الفقيه مرّة اخرى عند إعداد الكتاب للطبعة الخامسة ، عام ١٤٢٨ / ١٣٨٦ ه‍ ش ، وصحّحت الاشتباهات.

٣٧٨

__________________

(١) الخزاز : يقال إنّه إبراهيم بن عيسى ، كما صرّح به الصدوق في المشيخة.

(٢) بناء على أنّ اسم أبيه : بريد لا يزيد.

(٣) لاحظ : دليل حسنها في بحار الأنوار : ٢٢ / ١٩٥.

٣٧٩

__________________

(١) وما بعد السند فيه أيضا جهالة. والطريق الثّاني أيضا فيه جهالة ، الفقيه : ٤ / ٥٣١.

(٢) مجهول بمحمّد بن الفضيل المشترك ، لكن قال الصدوق وطرقي إلى أبي حمزة كثيرة. أقول يحتمل إنتهاء طرقه إلى ابن المشترك أو إلى مجهول أو ضعيف ، فلا ينبغي الاعتماد على الطرق المذكورة لكثرتها.

٣٨٠