بحوث في علم الرجال

الشيخ محمد آصف المحسني

بحوث في علم الرجال

المؤلف:

الشيخ محمد آصف المحسني


الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مركز المصطفى العالمي للترجمة والنشر
المطبعة: زلال كوثر
الطبعة: ٥
ISBN: 978-964-195-211-4
الصفحات: ٤٥٦

ومنها : إنّ ثقة الإسلام الكليني جمع روايات الكافي في عشرين سنة (١) ، فلو كانت الكتب والاصول المصنّفة السّابقة على زمانه الموجودة بيده متواترة ورواياتها قطعية ، أو ـ على الأقلّ ـ معتبرة لم يفتقر في تأليفه إلى تلك المدّة الطّويلة ، فيعلم أنّ أحاديث الاصول والكتب لم يتميّز غثها وسمينها ، وضعيفها وقويها ، باطلها وصحيحها ، ومرويها ومجعولها ، فاستدعى التمييز المذكور تلك المدّة ، لكن التمييز المزبور ليس أمرا قطعيّا حسيّا ، وإنّما هو مستند إلى قرائن وأمارات نظريّة اعمل فيها الرأي والاجتهاد ، وكلّ ميسر لما خلق لأجله.

ومنها : تضعيف الشّيخ بعض روايات الكافي وغيره ، كقوله بعد نقل حديثين : إنّهما خبر واحد لا يوجبان علما ولا عملا ؛ ولأنّ راويها عمران الزعفراني ، وهو مجهول ، وفي أسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصون بروايته (٢) ، ونحو ذلك.

ومنها : تضعيف الشّيخ المفيد روايات الكافي والصّدوق. (٣)

ومنها : قول الشّيخ في آخر التهذيب ـ أوائل المشيخة ـ : والآن ، فحيث وفّقنا الله تعالى للفراغ من هذا الكتاب ، فنحن نذكر الطرق الّتي يتوصل بها إلى رواية هذه الاصول والمصنّفات ، ونذكرها على غاية من الاختصار ؛ لتخرج الإخبار بذلك عن حدّ المراسيل ، وتلحقّ بباب المسندات.

فلو كانت روايات كتابه قطعيّة أو معتبرة من غير جهة الأسناد ، لم يحتج الشّيخ إلى ذكر الأسناد ولم يضرّها الإرسال.

ومنها : وجود بعض روايات غير قابل للتصديق ، كرواية أبي بصير عن الصّادق عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ،) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذّكر ، وأهل بيته المسؤولون ، وهم أهل الذكر (٤) أي : الرسول ذكر لنفسه.

ومنها : اهتمام العلماء قديما وحديثا بالبحث عن وثاقة الرّواة ، وصدقهم وكذبهم ، وتدوين علم الرجال والتدقيق في مسائلها ، ولو كانت الرّوايات قطعيّة لم يستحقّ العلم المذكور ذاك الاعتناء.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٦٦.

(٢) الاستبصار : ٢ ، باب ذكر جمل من الإخبار.

(٣) معجم الرجال الحديث : ١ / ٢٧.

(٤) الكافي : ١ / ٣٠٣.

٣٠١

يقول الحرّ العاملي في ضمن فوائد علم الرجال : ومنها معرفة أحوال الكتب الّتي نريد النقل منها ، والعمل بها ، فإن كان راوي الكتاب ومؤلّفه ثقة عمل به ، وإلّا فلا (١).

وهذا منه متناقض مع قوله بقطعية الرّوايات ، فتأمّل ؛ إذ يمكن إنّ يقال ان وثاقة الرّواة أحد القرائن المفيدة للقطع ، أو الاطمئنان ، فلذا اهتموا بعلم الرجال ، فافهم.

أو أنّ المقطوع بها غير المتعارضات ، وفيها يرجع إلى المرجّحات ، ومن جملتها عند جمع الترجيح بالأعدليّة ، فتأمّل.

ومنها قول الشّيخ في أوّل الفهرست : فإذا ذكرت كلّ واحد من المصنّفين وأصحاب الاصول ، فلا بدّ أن أشير إلى ما قيل فيه من التّعديل والتّجريح ، وهل يعول على روايته أم لا؟ يظهر منه عدم قطعيّة الرّوايات ، بل يظهر منه أنّ الملاك في التعويل عليها هو حسن حال الرّاوي ، لكن فيه بحث تقدّم في البحث الرابع والثلاثين.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢٠ / ١١٢.

٣٠٢

البحث الثالث والأربعون

حول أسناد قصص الأنبياء

ألّف الشّيخ قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي رحمه‌الله كتبا ربّما ينهاه بعضهم إلى ستّة وخمسين كتابا ، منها كتابه في قصص الأنبياء ، وقد أكثر فيه النقل عن الشّيخ الصدوق رضي‌الله‌عنه (١) لكنّه لم يذكر تفصيلا أسناده إلى الصدوق في كلّ رواية ، ولم يذكر أيضا في أوّل كتابه سندا عاما لجميع ما ينقله عن الصدوق ، حتّى يتّضح حال الرّوايات المعتبرة سندا من قبل الصدوق ، وأنها معتبرة أو ضعيفة ؛ لأجل من بعد الصدوق رحمه‌الله ، بل ذكر في بعض الرّوايات سنده تفصيلا ، وفي بعضها إجمالا ، وفي الأكثر ، قال : عن ابن بابويه أو وعن ابن بابويه ، بزيادة كلمة : الواو العاطفة.

وربّما يقول بأسناده عن فلان والضمير المجرور في الكلّ ، أو في الأكثر يرجع إلى الصدوق ، وربّما يقول غير ذلك.

وهذا الكتاب لم يطبع ظاهرا ، وبقي مخطوطا إلى قبل عشرة أشهر ، فتصدّى بعض الفضلاء ـ شكر الله سعيه ـ لطبعه في شهر رجب عام ١٤٠٩. وتطبيقه على ما في بحار الأنوار ، ونحن قد نقلنا عن هذا الكتاب ـ بواسطة بحار الأنوار ـ روايات كثيرة في كتابنا معجم

__________________

(١) قال المجلسي في بحاره : إنّ جلّ روايات هذا الكتاب مأخوذ من كتب الصدوق ، وهذا الكلام محتاج إلى التتبع والقول المسلّم الواضح أن جلّها عن الصدوق رحمه‌الله بواسطه : واحد أو أكثر ، لا عن كتبه ، وإلّا لم نحتج إلى هذا الكتاب. فتأمل فان الظاهر صحة كلام المجلسي ، لكن المشكلة عدم ذكر تلكم الروايات بتمامها في كتب الصدوق ، والله العالم.

٣٠٣

الأحاديث المعتبرة ، الموضوع لجمع الرّوايات المعتبرة سندا. وبعد ملاحظة الكتاب وقع لنا الشّكّ في اعتبار بعض ما حسبناه معتبرا ، فحذفناه منه ، وعلى كلّ الكلام يقع حول الأسناد الراوندي إلى الصدوق رحمه‌الله في فصلين.

١. في ذكر أسناده التفصيليّة إلى الصدوق رحمه‌الله

١. قال في أوّل الباب الأوّل : أخبرني الشّيخ علي بن علي بن عبد الصمد النيسابوري ، عن أبيه ، أخبرنا السّيد أبو البركات علي بن الحسين الجوزي ـ الخوزي الحوري ـ ، أخبرنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ، أخبرنا أبي ومحمّد بن الحسن ... الخ.

٢. وقال في أوّل الفصل الرابع ص ٤٨ : أخبرنا محمّد بن علي بن عبد الصمد ، عن أبيه ، عن السّيد أبي البركات الخوري ، عن الصدوق.

٣. وفي ، ص : ٥٢ : أخبرنا السّيد المرتضى بن الداعي ، أخبرنا جعفر الدوريستي (الدودويستي) ، عن أبيه ، عن الصدوق.

٤. وفي ، ص : ٦٤ : عن السّيد أبي حرب بن المجتبي بن الداعي الحسني ، عن الدوريستي (١) ، عن أبيه ، عنه.

أقول : وعن المعلّق نقلا عن الرياض ، وأمل الآمل ، عن فهرس منتجب الدين : أبو حرب المجتبى بن الداعي (بن القاسم) الحسني.

٥. وفي ، ص : ٧٣ من أوّل الباب الثّاني : عن السّيد أبي الصمصام ذي الفقار بن أحمد بن معبد (سعيد خ) الحسيني ، عن الشّيخ الطّوسي ، عن الشّيخ المفيد عن الصدوق.

٦. وفي ، ص : ٨٦ : عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسن الحلبي ، عن الشّيخ الطّوسي ، عن الشّيخ المفيد ، عن الشّيخ الصدوق.

٧. وفي ، ص : ٩٦ : عن أبي نصر الغازي ، عن أبي منصور العكبري ، عن المرتضى والرضي ، عن المفيد ، عن الصدوق.

٨. وفي : ص : ٩٩ : عن الشّيخ أبي جعفر محمّد بن علي النيسابوري ، عن علي بن عبد الصمد التميمي ، عن السّيد أبي البركات علي بن الحسين.

__________________

(١) قيل هو : أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن أحمد الدوريستي ، معاصر الشّيخ الطّوسي ، وقد وثقه في رجاله.

٣٠٤

٩. وفي ، ص : ١٠٣ : عن السّيد أبي البركات محمّد بن إسماعيل ، عن علي بن عبد الصمد ابن سعد النيسابوري ، عن السّيد أبي البركات الحوري (١) ، عن الصدوق.

١٠. وفي ، ص : ١٠٥ : عن الأستاذ أبي القاسم بن كمح ، عن الشّيخ جعفر الدوريستي ، عن المفيد ، عن الصدوق.

١١. وفي ، ص : ١١٧ : عن الأستاذ أبي جعفر محمّد بن المرزبان ، عن الشّيخ أبي عبد الله جعفر الدوريستي ، عن أبيه ، عن الصدوق.

١٢. وص : ١٢٠ : عن الأديب أبي عبد الله الحسين المؤدّب القمّي ، عن جعفر الدوريستي ، عن أبيه ، عن الصدوق.

١٣. وفي ، ص : ١٢٦ : عن الشّيخ أبي سعيد الحسن بن علي الار أبادي والشّيخ أبي القاسم حسن بن محمّد الحديقي ، عن جعفر بن محمّد بن العبّاس ، عن أبيه ، عن الصدوق.

١٤. وفي ، ص : ١٢٩ : عن الشّيخ أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، عن جعفر الدوريستي ، عن المفيد ، عن الصدوق.

١٥. وفي ، ص : ١٣٣ : عن الشّيخ أبي الحسين أحمد بن محمّد بن علي بن محمّد الرشكي ، عن جعفر بن محمّد ، عن جعفر بن أحمد ، عن الصدوق.

١٦. وفي ، ص : ١٣٦ : عن هبة الله بن دعويدار ، عن أبي عبد الله الدوريستي ، عن جعفر بن أحمد المريسي ، عن الصدوق.

١٧. وفي ، ص : ١٣٨ : عمّن تقدّم برقم (٣).

١٨. وفي ، ص : ١٤٢ : عن السّيد ذي الفقار بين معبد الحسيني ، عن الطّوسي ، عن المفيد ، عن الصدوق.

أقول : الظاهر كلمة بين محرف كلمة ابن والسند تكرار ما مرّ برقم (٥).

١٩. وفي ، ص : ١٤٥ : عن السّيد علي بن أبي طالب السليقي (السيلقي ، الصيقلي) ، عن جعفر بن محمّد بن العبّاس ، عن أبيه ، عن الصدوق.

٢٠. وفي ، ص : ١٤٨ عمّن مرّ برقم (١).

__________________

(١) قيل : استنادا إلى كلام أمل الآمل ، هو السّيد أبو البركات علي بن الحسين الحسيني الحلّي الجوزي ، وأن الحوري أو الخوري ، غلط.

٣٠٥

٢١. وفي ، ص : ١٥٦ : عن السّيد أبي السّعادات هبة الله بن علي الشّجري ، عن جعفر بن محمّد بن العبّاس ، عن أبيه ، عن الصدوق.

٢٢. وفي ، ص : ١٥٩ : عن الشّيخ أبي المحاسن مسعود بن علي بن محمّد الصوابي ، عن علي عبد الصمد التميمي ، عن السّيد أبي البركات علي بن الحسين الحسيني ، عن الصدوق.

٢٣. عن جماعة ، منهم الأخوان الشّيخ محمّد وعلي ابني علي بن عبد الصمد ، عن أبيهما ، عن السّيد أبي البركات علي بن الحسين الحسيني ، عن الصدوق.

فهذه عشرون سندا ـ بحذف أكثر المكررات ـ للراوندي إلى الصدوق.

وإليك أسماء الرجال الّذين وقعوا في هذه الأسانيد مع بيان حالهم إن تيسر :

١. أحمد بن محمّد بن علي بن محمّد الرشكي ، مهمل.

٢. جعفر بن أحمد ، مهمل.

٣. جعفر بن أحمد المريسي ، مهمل.

٤. جعفر بن محمّد.

٥. جعفر بن محمّد بن العبّاس ، ثقة.

٦. الشّيخ أبو عبد الله الدوريستي ، ثقة (عن أبيه) ولعلّ الثّلاثة واحد.

٧. أبو سعيد الحسن بن علي الآرأبادي. (١)

٨. الشّيخ أبو القاسم حسن بن محمّد الحديقي.

٩. الأديب أبو عبد الله الحسين بن المؤدب القمّي.

١٠. السّيد أبو الصمصام ذوالفقار بن أحمد (٢) بن معبد (سعيد الحسيني) ، حسن.

١١. ذو الفقار بن معبد الحسيني ، لم يوثّق ، والظاهر من منتجب الدّين مغائرته للسابق.

١٢. السّيد علي بن أبي طالب السليقي (السيلقي).

١٣. السّيد أبو البركات علي بن الحسين الجوزي ، حسن.

١٤. السّيد أبو البركات علي بن الحسين الحسيني.

١٥. علي بن الحسين الحسيني. ويحتمل اتّحاد هؤلاء الثّلاثة.

__________________

(١) لم أجده بهذا العنوان في المعجم ، ولعلّه حفيد عبيدة ، الّذي قال الحرّ العاملي أنّه الشّيخ الجليل وفاضل. معجم الرجال : ٥ / ٤٥. ولا بدّ عن مراجعة رياض العلماء : ٢ / ٤٣٦ ، فإنّه تعرّض له ، كما في هامش القصص.

(٢) في المعجم نقلا عن فهرست منتجب الدين محمّد ، مكان أحمد ، ووصفه بالحسني.

٣٠٦

١٦. علي بن عبد الصمد ، ثقة.

١٧. علي بن عبد الصمد (بن) سعد النيسابوري ، ثقة.

١٨. علي بن عبد الصمد التميمي ، ثقة.

١٩. الشّيخ علي بن علي بن عبد الصمد النيسابوري ، حسن أو ثقة.

٢٠. الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، ثقة.

٢١. السّيد أبو البركات محمّد إسماعيل ، ثقة.

٢٢. محمّد العبّاس الحلبي. ذكره في المعجم نقلا عن الحرّ العاملي بعنوان : محمّد بن أحمد بن العبّاس : الشّيخ الجليل ... فقيه عالم فاضل يروى عنه ولده جعفر.

٢٣. محمّد بن علي بن الحسن أبو جعفر ، مجهول.

٢٤. محمّد بن علي بن الحسين أبو جعفر.

٢٥. محمّد بن علي بن الصمد ، فاضل جليل.

٢٦. محمّد بن علي النيسابوري.

٢٧. السّيد أبو حرب (بن) المجتبى بن الداعي الحسيني ، حسن.

٢٨. محمّد بن المرزبان أبو جعفر.

٢٩. السّيد مرتضى بن الداعي ، حسن.

٣٠. أبو المحاسن مسعود بن علي بن محمّد الصوابي ، حسن.

٣١. هبة الله بن دعويدار ، مهمل.

٣٢. السّيد أبو البركات ، هبة الله بن علي الشّجري.

٣٣ و ٣٦. الشّيخان الطّوسي والمفيد ، والسيدان الرضي والمرتضى رضي‌الله‌عنهم.

٣٧. أبو القاسم بن كمح.

٣٨. أبو منصور العكبرّيّ.

٣٩. أبو نصر الغازي.

٢. في اعتبار روايات هذا الكتاب

الروايات المذكورة على قسمين :

١. ما كان بعض رواتها ضعيفا ، أو مجهولا ، قبل الصدوق رحمه‌الله ، وهذا القسم لا اعتبار به

٣٠٧

مطلقا ، سواء صحّ سند الراوندي إلى الصدوق ، أم لم يصحّ ، وهذا واضح.

٢. ما كان كلّ رواتها معتبرين قبل الصدوق إلى الإمام عليه‌السلام ، وهذا هو مورد البحث ، وفيه احتمالان :

الأوّل : أن يفرض إنّ للراوندي طرقا أخر لم يذكرها في كتابه للاختصار ، مثلا : فروى بعض الأحاديث مرسلا ، وبعضها الآخر مسندا.

الثّاني : أن يفرض انحصار طرقه بما ذكره في كتابه ـ الّتي نقلناها هنا ـ فتكون جميع أحاديث كتابه مسندة ، وهذا يحتمل وجوها :

١. أن يفرض أنّ جميع ما ينقله بعد ذكر سند إلى ذكر سند آخر منقولا بالسّند السّابق ، سواء أشار إليه إجمالا أوّلا ، وسواء ذكر بلفظ واو العاطفة (وعن ابن بابويه) ، أو لم يذكر بحرف الواو (عن ابن بابويه).

٢. أن يفرض أن ما لم يشر إليه إلى السند منقولا بغير ذاك السند ، ولو في بعض الموارد.

٣. أن يفرض أن ما ذكره بلفظ العاطف منقولا بالسند السّابق ، ويفرض الفاقد عن العاطف بسند آخر مجهول عندنا.

والذي ينبغي أن يقال :

إنّ ما ذكره مع سنده تفصيلا ، أو إجمالا ، هو أن يحكم بكونه مسندا إمّا صحيحا ، أو ضعيفا ، وما لم يذكره كذلك يحكم بكونه مرسلا ، ولا يعتمد على الاحتمالات ، والله العالم.

ثمّ إنّ هنا بحثا أعمق وأسبق ، وهو اعتبار أصل الكتاب وإحراز اتّصاله إلى مؤلّفه بالسند المتّصل المعتبر ، وقد بحثنا عنه في البحث الرابع والخمسين ، والله الهادي.

٣٠٨

البحث الرابع والأربعون

كيفيّة طرق الشّيخ إلى الكتب والاصول والروايات

قال الشّيخ الطوسي قدّس سره في أوّل فهرسته : أما بعد فإنّي لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرست كتب أصحابنا ، وما صنّفوه من التصانيف ، ورووه من الاصول (١) ولم أجد أحدا استوفي ذلك ، ولا ذكر أكثره ، بل كلّ منهم كان غرضه أن يذكر ما اختصّ بروايته ، وأحاطت به خزانته من الكتب (٢) ، ولم يتعرّض أحد منهم لاستيفاء جميعه ، إلّا ما قصده أبو الحسن أحمد بن الحسين بن عبيد الله رحمه‌الله ، فإنّه عمل كتابين أحدهما ذكر فيه المصنّفات ، والآخر ذكر فيه الاصول واستوفاهما على مبلغ ما وجده ، وقدر عليه غير ، أنّ هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا ، واخترم هو رحمه‌الله وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكي بعضهم عنه. (٣)

ولما تكرّر من الشّيخ الفاضل ـ أدام الله تأييده ـ الرغبة فيما يجري هذا المجرى ... عمدت إلى كتاب يشتمل على ذكر المصنّفات والاصول ... فإذا سهّل الله إتمام هذا الكتاب ، فإنّه

__________________

(١) نسبة الرّواية إلى الاصول ونسبة التصنيف إلى غيرها تشعر أو ربّما تدلّ على أنّ المراد بالاصول ما اشتمل على مجرّد الأحاديث والروايات.

(٢) الجملة تدلّ على أنّ الفهرست يكفيها ثبوت الكتاب عند المفهرس ، سواء بالأسانيد المعنعنة ، أو بوجوده الخارجي ولو بالظّن بصحّة نسبته إلى مؤلّفه ، وعلى كلّ لاوجه للاعتقاد بوجود تلك الكتب المشار إليها عند الشّيخ الطّوسي مصدرا لتأليف فهرسته كما زعمه بعضهم.

(٣) الحاكي للشيخ مثل بعض الورثة مجهولان ، فلا دليل للجزم بتلف الكتابين المذكورين ، كما أنّ ما نقله العلّامة عنهما في الخلاصة ، لا نعتمد عليه لعدم ذكر سنده إليهما ، فهما مجهولان نسبة لا مجعولان ؛ بناء على شمول كلام الحاكي عدم نسخها وعدم اختصاصه بالجملة الاخيرة (وعمد ...).

٣٠٩

يطلع على أكثر ما عمل من التّصانيف والاصول ، ويعرف به قدر صالح من الرجال وطرائقهم ... (١) غير أن عليّ الجهد في ذلك ـ أي الاستيفاء ـ والاستقصاء فيما أقدر عليه.

أقول : فذكر في كتابه ٨٨٨ شخصا كلّهم إلّا ما شذّ صاحب تصنيف أو أصل ، وأمّا عدد هذه الكتب ، فلا يعلم من الفهرست ، فإنّه ذكر في حقّ جماعة أنّ لهم كتبا ، ولم يفصلها.

وقيل : ـ كما مرّ ـ إنّ الشّيخ تعرّض لأكثر من ألفي كتاب فيها.

وأمّا النجّاشي ، فقد تعرّض لأكثر من ألف ومائتين وأربعين شخصا ، كما تقدّم بل أنها هم بعض المعلّقين إلى (١٢٦٩) شخصا مع عدّ المصنّف نفسه ، فكتابه أنفع من فهرست الشّيخ بكثير ، وأكمل.

وقال ـ أي : النجّاشي ـ في أوّل كتابه : فإنّي وقفت على ما ذكره ... من تعيير قوم من مخالفينا ، أنّه لا سلف لكم ولا مصنّف ، وهذا قول من لا علم له بالناس ... وقد جمعت من ذلك ما استطعته ولم أبلغ غايته ؛ لعدم أكثر الكتب. (٢)

وإنّما ذكرت ذلك عذرا إلى من وقع إليه كتاب لم أذكره ... وذكرت لرجل طريقا واحدا حتّى لا تكثر الطرق ، فيخرج عن الغرض. انتهى.

والسؤال المهم المثمر : أنّ الكتب المذكورة في فهرست الشّيخ ، هل وصلت نسخها إليه بتلك الطرق مناولة ، سواء بمجرّد الإجازة ، أو بالقراءة ، أو السماع أيضا ، أو أنّ الطرق المذكورة في الفهرست كانت خالية عن المناولة؟

وإنّما هي لمجرّد اثبات نسبة المصنّفات والاصول إلى أربابها ، وأنّها غير موضوعة ولا مكذوبة على هؤلاء الأشخاص ، وإن اتفقت المناولة أو القراءة أو السّماع أو مجرّد الإجازة ، فهي أمر زائد بجهة خاصّة لا تعلّق لها بغرض الكتاب ؛ وأمّا الكتب فقسم منها وصل إلى الشّيخ من السوق والأفراد ، وقسم منها لم يصل إليه ، وإنّما وصل خبره إليه. بتوسط الناقلين.

فيه وجهان ، الظاهر أو المقطوع به هو الوجه الثاني.

__________________

(١) المستفاد من هذه الجملة إنّ فائدة الفهرست ، هو حصول المعرفة بالتّصانيف والاصول وأربابهما وطرائقهم. وغرضه من تأليفه هو رغبة بعض الفضلاء فيه ، ولا يظهر من الشّيخ أنّ الأسانيد المذكورة فيها يفيد صحّة روايات التهذيبين ، لكن له عبارة في آخر مشيخة التهذيب يمكن أن يستفاد ذلك منها ، وسيأتي نقلها مع الجواب.

(٢) الجملة الأخيرة ربّما يستفاد منها أنّ المراد بقوله : وقد جمعت هو جمع الكتب في الخارج دون جمع أسمائها في كتاب ، فكأنه نقل في كتابه اسماء الكتب الموجودة عنده ، لكنّه بعيد في حقّه وحقّ الشّيخ ، فضلا عن حصولها مناولة. والله العالم.

٣١٠

أمّا أوّلا : فلأنّ الغرض إذا كان معرفة نسبة الكتب إلى مؤلّفيها فقط ، فأيّ داع لاستنساخها بتعب النفس أو اشترائها بالمال ، وهي أكثر من ألفي كتاب ، وربّما يكون للشيخ طرق أو طريقان إلى كتاب أو كتب ، فهل يعقل تكرار الاستنساخ والاشتراء ، وربّما أخبره عدّة من مشائخه ، فهل كلّ ذلك كان بالمناولة والقراءة أو السّماع لا يحتمل ذلك ، فإنّه أمر مخالف لسلوك العقلاء.

وأمّا ثانيا : فلو كان ذلك واقعا ـ على الفرض البعيد ـ لذكره الشّيخ لا محالة في موارد من كلامه في الفهرست ، وحيث لا ، فلا.

وأمّا ثالثا : فلأنّ التعبير الشّائع في كلامه في معظم الموارد هو جملة (أخبرنا) ـ أي : أخبرنا فلان عن فلان بكتاب فلان ، أو كتبه ، وربّما يستعمل جملة روينا في موارد الأسناد المتكرّرة. والفرق بين الجمليتن اعتباري ، فعند النظر إلى حال المروي عنه ، يقول أخبرنا ، وعند النظر إلى نفسه ، وهو الرّاوي يقول روينا. (١)

وعلى كلّ لفظ : أخبرنا لا يدلّ على الإجازة المجرّدة ، فضلا عن المناولة وإعطاء الكتاب ، فضلا عن القراءة والسماع. وأيّ ملزم وأيّ داع؟ بل أي مجوز لحمل جملة : (أخبرنا) على المناولة؟

وأمّا رابعا : فلأنّ هذه الكتب الكثيرة الزائدة على الألفين كما قيل ، ليست كلّها في الأحاديث المنقولة عن الأئمّة عليهم‌السلام حتّى يمكن القول بتحمل الشّيخ الطّوسي وإتعابه نفسه في استنساخها أو اشترائها ، ثمّ القراءة على الشّيوخ أو السّماع منهم ، بل جملة كثيرة منها في موضوعات مختلفة ، لا داعي للعاقل في إضاعة عمره وإتعاب نفسه بقراءتها وسماعها.

نعم ، في الفهرست موارد خاصّة ، يذكر الشّيخ فيها الإجازة والقراءة والسماع ، وإليك بيان بعضها :

فمنها : ترجمة إسماعيل بن علي بن رزين ... وله كتاب تأريخ الأئمّة عليهم‌السلام. أخبرنا عنه برواياته (٢) كلّها الشّريف أبو محمّد المحمّدي ، وسمعنا هلال الحفّار يروي عنه مسند

__________________

(١) لكن ربّما يستعمل الشّيخ كلمة روينا في غير المتكرّرة ، كما في ترجمة إسماعيل بن جابر ، ومن بعده.

(٢) الظاهر رجوع الضمير المجرور (برواياته) إلى الكتاب ، ويمكن أن نجعله قرينة على أنّ المراد بالروايات في كلام الشّيخ في تمام الفهرست (أخبرنا بكتبه ورواياته ...) هي الرّوايات المكتوبة دون مطالبه المكتوبة فيها من أنظاره من غير الرّوايات عن الأئمّة عليهم‌السلام.

٣١١

الرضا عليه‌السلام وغيره ، فسمعناه منه وأجاز لنا باقي رواياته. (١)

ومنها : ترجمة أحمد بن الحسين بن عبد الملك ... بوّب كتاب المشيخة ... سمعنا هذه النسخة من أحمد بن عبدون ، قال سمعتها من علي بن محمّد بن الزبير ، عن أحمد بن الحسين. (٢)

ومنها : ترجمة الحسن بن محبوب ... أخبرنا بجميع كتبه ورواياته عدّة ... وأخبرنا بكتاب المشيخة قراءة عليه ، أحمد بن عبدون. (٣)

ومنها : ترجمة علي بن الحسن بن فضّال ... أخبرنا بجميع كتبه قراءة عليه أكثرها ، والباقي إجازة أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمّد الزبير سماعا ، وإجازة عنه. (٤)

ومنها : ترجمة عبد الله بن أحمد أخبرنا بكتبه ورواياته أبو عبد الله أحمد بن عبد الله المعروف با بن الحاشر رحمه‌الله ، سماعا وإجازة. (٥)

ومنها : ترجمة عبد الله بن موسى ... له رسالة إلى المأمون وللمأمون جوابها ، أخبرنا أحمد بن حمدون ... قال أخبرني أبو الحسين علي بن الحسين بن علي بن حمزة أعطاه هذه الرسالة وقال له : أعطانيها بعض ولد عبد الله بن موسى بعد موته ، قال أعطانيها إبنه. (٦)

وفي هذا المورد إقترن الإخبار بالمناولة.

ومنها ترجمة الكليني : وأخبرنا الحسين بن عبيد الله قراءة عليه أكثر كتبه من الكافي ، عن جماعة ....

وفي الفهرست موارد متشابهة أخرى ، ولعلّها الأقلّ ممّا نقلناها هنا ، والمستفاد من هذه الموارد القليلة أنّ مجرّد الإخبار لا يدلّ على الإجازة ، فضلا عن المناولة ، فضلا عن القراءة ، أو السماع ، والمشتمل عليها محتاج إلى التنصيص عليها ، كما في هذه الموارد الضئيلة ... وهذا فليكن واضحا مفروغا منه.

نعم ، ليس الشّيخ كالنجّاشي في اقتصاره على الإخبار بالكتب ، بل يقول الشّيخ في موارد كثيرة : أخبرنا بكتبه ـ أو بكتابه ـ ورواياته المنقولة عن الأئمّة عليهم‌السلام فلان عن فلان ...

__________________

(١) الفهرست : ١٣.

(٢) المصدر : ٢٣.

(٣) المصدر : ٤٧.

(٤) المصدر : ٩٣.

(٥) المصدر : ١٩٥.

(٦) المصدر : ١٠٤.

٣١٢

الظاهر من الرّوايات المقابلة للكتب هي الرّوايات المنقولة (١) عن الأئمّة عليهم‌السلام المكتوبة في الكتب ، فهي جزء من الكتب ، وإنّما يخصّها الشّيخ بالذكر اهتماما لها؟ ولأنّ وجدان الرّوايات في الكتب المختلفة هو شغل الشّيخ المهم ، فيكون عطفها على الكتاب من عطف الجزء على الكلّ.

ومعنى الجملة : أخبرنا بكتبه ورواياته المذكورة في كتبه فلان ... وأيّا ما كان مراد الشّيخ من الإخبار بالروايات لا ثمرة عملية له ، بعد بناء الشّيخ في التهذيب على عدم الرواية من الأشخاص ، فإنّه يروي عن الكتب والاصول دائما.

وإليك بعض الموارد في كلامه لمجرّد الإيضاح والإطلاع :

١. هارون بن مسلم له روايات عن رجال الصّادق عليه‌السلام ذكر ذلك ابن بطة ، عن أبي عبد الله محمّد بن أبي القاسم عنه. وأخبرنا ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد عن عبد الله بن جعفر الحميري عنه. (٢)

أقول :

لا دلالّة في هذه العبارة على وصول تلك الرّوايات إلى الشّيخ تفصيلا ، سواء فرضناها محفوظة غير مكتوبة ، أو مكتوبة في الكتاب ، أو في وريقات قليلة لم يصدق عليها كتاب ، وهذا الوجه جار في مطلق الموارد الّتي أخبر شيوخ الشّيخ الطوسي رحمه‌الله بروايات أرباب المصنّفات والاصول (أخبرنا بكتبه ورواياته) وهذا الاحتمال كما اخترناه سابقا هو الأظهر ، لبعد حفظ جميع ناقلي الأسناد تلك الرّوايات ، وعدم كتابتها من قبل أحد من الرّواة إلى أن وصلت إلى الشّيخ رحمه‌الله.

٢. أحمد بن عبد الله بن مهران ... وما ظهر له رواية وصنّف كتاب التأديب ، وهو كتاب يوم وليلة. (٣)

٣. أحمد بن محمّد بن عمر ... صنّف كتبا منها ... أخبرنا بجميع رواياته أبو طالب بن غرور عنه (٤) ومثله في ترجمة أحمد بن إدريس. (٥)

__________________

(١) يظهر من الشيخ مغائرة الحديث والرواية ، فقي ترجمة الحسن بن علي بن فضّال : ثقه في الحديث وفي رواياته. ولعلّه مجرّد تفنن في التعبير. أو الحديث ، اعم من الرّواية وأنه بمعناه المصدري ويحتمل العكس احتمالا مرجوحا فى كلام الشيخ رحمه‌الله.

(٢) الفهرست : ١٧٦.

(٣) المصدر : ٢٦.

(٤) المصدر : ٣٣.

(٥) المصدر : ٣٦.

٣١٣

أقول : لم يرو الشّيخ كتبهما ، وإنّما روي روايات الأخير ، فالظاهر أنّ المراد بها روايات كتبه ، ويحتمل أنّها الرّوايات الخارجة عنها ، لكن الاحتمال الأوّل في أمثال المقام أظهر ، كما تقدّم.

٤. إسماعيل بن عثمان بن أبان له أصل ، رواه لنا أحمد بن عبدون ، عن أبي طالب الأنباري. عن ... عن ... عنه.

ويحتمل أنّ هذا التعبير (روي) يغاير التعبير ب (أخبرنا) فإنّ الأوّل ظاهر في نقل الأصل المذكور دون مجرّد الإخبار باسمه ، فلا بدّ من التوجه إلى هذه النكتة ، وليس المقام من الإشارة إلى الأسناد المتكرّر ، حتّى يقال بترادف (روي) مع (أخبرنا) ، كما في مقامات أخرى. (١) ويحتمل أن الأوّل بلحاظ حال الملقي والثاني بلحاظ حال المتلقّي.

٥. الحسن بن ثوير ، له كتاب ، أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن أبي الوليد ، ورواه لنا عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد ....

أقول : يدلّ هذا ، أوّلا : على أنّ جملة أخبرنا ليست بمعنى الرّواية الّتي ربّما تكون مناولة وربّما بالقراءة والسّماع ، وهذا أقوى ممّا مرّ في سابقه لأنّه ذكر الرّواية بعد الإخبار ، وعلى عكس الأمر في ترجمة حذيفة بن منصور (٢) ولاحظ أيضا ترجمة شعيب بن الحداد.

والحاصل أنّ لكلّ من الجملتين معنى يخصّه.

٦. علي بن مهزيار ... أخبرنا بكتبه ورواياته جماعة عن ... إلّا كتاب المثالب فإنّ العبّاس روي نصفه عنه .... (٣)

أقول : هذا مثل ما في ترجمة علي بن إبراهيم (إلّا حديثا واحدا ...) ، وربّما ينافي ما ذكرنا فيحمل على الندرة ، فلاحظ.

٧. عبد الله بن سنان ثقة له كتاب ، رواه جماعة عن ... عن ابن أبي عمير عنه.

أقول : لم يقل الشّيخ إنّ الجماعة رووه له ، ثمّ قال أخبرنا به الحسين ... فالمتيقن أنّ الكتاب داخل في حوزة الإخبار دون الرّواية ، فلاحظ.

٨. عمر بن أذينة ... وفيه أيضا صراحة باختلاف الإخبار والرواية.

__________________

(١) المصدر : ١٥٢ ـ ١٥٣ ، فلاحظ : ذلك وتأمّل عميقا.

(٢) المصدر : ٦٥.

(٣) المصدر : ٨٨.

٣١٤

تطبيق تحقيقي

ولهذا البحث ثمرة مهمّة بالغة الخطورة ، وهي أنّه لا يمكن تصحيح طريق الشّيخ رضي‌الله‌عنه إلى أحد في مشيخة التهذيب إذا كان غير معتبر بطريقة المعتبر إليه في الفهرست.

وجه عدم الإمكان واضح فإنّ معنى صحّة طريقة إليه في الفهرست على ما عرفت ، أن الكتاب الفلاني صاحبه زيد مثلا ، وإن لم يره الشّيخ أصلا أو رءاه بوجدانه من الأسواق والأشخاص. وهذا لا يستلزم صحّة كلّ رواية رواية من روايات هذا الكتاب ، فإنّه لم يصل إلى الشّيخ مناولة ، فضلا عن قراءتها أو سماعها من الشّيوخ ، بل مجرّد الإخبار (أخبرنا) لا يدلّ على مجرّد الإجازة كما عرفت ، فروايات هذه الكتب لم تصل إلى الشّيخ في ضمن نسخة بسند معتبر ، وإن وصل أسامي الكتب إليه بأسانيد معتبرة وبين الأمرين بون بعيد ، وتفاوت شديد.

وسيأتي في البحث الآتي في شرح مشيخة التهذيب أنّ سند الشّيخ فيها إلى أحمد بن محمّد ، وإلى أحمد بن محمّد بن عيسى ، وإلى الحسين بن سعيد غير معتبر ، ولكنا بنيّنا على صحّة روايات هؤلآء في التهذيب في الزمن السّابق باعتبار صحّة طريق الشّيخ إلى حفيد عيسى ، وإلى الحسين بن سعيد في الفهرست غافلا عن كيفية أسانيد الشّيخ في الفهرست. ومع التوجه إليها لاوجه لتصحيح رواياتهما الكثيرة في التهذيب ، ولو بني أحد على ضعفها لوقع تغيير مهم في الفقه ، لا سيّما أنّ الكلام لا يقتصر على الحسين بن سعيد ، وحفيد عيسى ، بل يتعدي إلى غيرهما أيضا.

وهذا أحد الموانع من طبع كتابي ـ معجم الأحاديث المعتبرة ، في ستّة أجزاء ـ بعد ترتيب حروفه بالكامبيوتر وتحمل مؤونته الماليّة وإتعاب النفس في تصحيح أوراقه في الباكستان ، فإنّي أوردت فيه أحاديث الحسين ، وأحمد بن محمّد وغيرهما من التهذيب ، وهي كثيرة اعتمادا على طرق الفهرست المعتبرة ، وإنّما التفت إلى نقص هذا المنهج بعد تكميل الكتاب في أربع سنوات في أثناء الطبعة الثالثة لكتابي هذا.

وقد عرضت الإشكال بغاية حله على جماعة من علماء الحوزة العلميّة بقمّ المشرفّة شفاها وكتبا ، فذكروا أجوبة غير لائقة بالنقل والرّد ، حتّى أنّ من تقبّل الإشكال تقبّله تحيرا لا تبصّرا ، فكانوا كغيرهم ممّن وقفت على كلامهم في الكتب الرجاليّة غافلين عنه بالمرّة. وما أوتينا من العلم إلّا قليلا. (١)

__________________

(١) ولكن صحّحنا جملة من طرق الشيخ في المشيخة حين إعداد طبع البحوث لهذه الطبعة ، وهي الطبعة الخامسة ، كما يأتي في شرح المشيخة إن شاء الله تعالى.

٣١٥

أقول :

وأنا بصدّد إعداد هذا الكتاب للطبعة الرابعة (١) بفضل الله تعالى يمكن أن نصحّح روايات التهذيب بسند الفهرست المعتبر ، وإن كانت أسانيدها في مشيخة التهذيب ضعيفة ، وذلك بتقديم مطالب :

الأوّل : ظاهر كلام الشّيخ في المشيخة ، أنّ الرّواة أخبروه بالروايات المذكورة في التهذيب لا باسم كتبها فقط ، وهي مصادر التهذيب ، إذ يقول وما ذكرته عن فلان فقد أخبر به ... عن فلان ومعلوم أنّ الضمير المجرور (به) راجع إلى ما ذكره في التهذيب من الأحاديث.

ويقول وما ذكرته عن فلان ، فقد رويته يهذه الأسانيد عن فلان ، والضمير المنصوب راجع إلى الأحاديث.

فمدلول طرق المشيخة غير مدلولها في الفهرست في المؤدّى ، ولا بدّ أن تكونا مختلفين وإلّا لأصبحت روايات التهذيب كلّها ضعيفة غير معتبرة ، وإن صحت أسانيدها بحسب الظاهر ، نعم ، لا أجد في المشيخة وغيرها ؛ تصريحا بأنّ الشّيخ تلقي أحاديث التهذيب مناولة من شيوخه.

وياليتني وجدته ويا ليت الشّيخ صرّح به ، ولكن الظواهر حجّة فنقنع بالظهور والاستظهار مع احتمال كون طرق المشيخة ، كطرق الفهرست في المؤدّى. وهذا الاحتمال هو قاصم الظهر كما عرفت.

وسيأتي نظري حول هذا الاحتمال في آخر البحث الآتي إن شاء الله تعالى.

الثّاني : قال الشّيخ المذكور في آخر مشيخة التهذيب : وقد أوردت جملا من الطرق إلى هذه المصنّفات (٢) والاصول ، ولتفصيل ذلك شرح يطول وهو مذكور في الفهارس المصنفة في هذا الباب للشيوخ رحمه‌الله من إراده أخذه من هناك إن شاء الله ، وقد ذكرنا نحن مستوفي في كتاب فهرست الشّيعة ، انتهى.

الثالث : إحالة الشّيخ الطالبين في بقية أسانيد روايات التهذيب إلى الطرق المذكورة في الفهرست تعطينا إنّ الطرق في الفهرست ليست على منهاج واحد ومنوال فارد ، بل قسم منها لمجرّد الإخبار بأسامي الكتب وانتسابها إلى مؤلّفيها ، وقسم منها مقترن بمناولة الكتب ، أو نقل رواياتها ، وهو كتب من روي الشّيخ عنهم في التهذيب.

__________________

(١) يقصد المؤلف سنة الطبع : صفر المظفر لعام ١٤٢٠ ه‍.

(٢) الظاهر أنّ مراد الشّيخ من المصنّفات ، والكتب معنى واحد مقابل الاصول.

٣١٦

ولو لا ذلك ، لكانت إحالة الشّيخ إليها لغوا لا فائدة لها (١) وكونها ، لمجرّد التأكيد خلاف الظاهر ، بل الظاهر منها اتّحاد كيفيّة طرق المشيخة وطرق الفهرست إلى من روي الشّيخ عنهم في التهذيب ، حتّى تصحّ الإحالة والاعتماد عليها في تصحيح الأحاديث المذكورة في التهذيب إذا صحّت تلك الطرق في الفهرست.

ولعلّ هذا هو مراد بعض المهرة (٢) في علم الرجال من السادة المراجع في النجف الأشرف ، حيث كتب لنا جوابا عن سؤالنا ، وإليك نصه بحروفه ، فإنّه مشتمل على زيادات غير ما ذكرنا ، قال :

ما ذكر من أنّ الشّيخ قدّس سره لم يقف على غالب الكتب ، الّتي أورد أسمائها في الفهرست ، وإنّما نقلها عن أساتذته بنحو الإجازة المجرّدة عن الإطلاع على الكتاب ، وإن كان صحيحا في الجملة ، ولكنّه لا يصحّ فيما قامت القرينة على خلاف ذلك ، كما هو الحال فيما اعتمده من المصادر في التهذيبين ، فإنّه يظهر من كلامه في مقدّمة مشيختهما ، وفي آخرهما أنّ طرقه إليها في الفهرست ، ليست من ذاك القبيل ؛ إذ أنّه قدّس سره قد أرجع في آخر المشيخة في الوقوف إلى سائر طرق تلك الكتب إلى فهارس الأصحاب ، وكتابه الفهرست (٣) ، وقد ذكر في مقدّمة الفهرست أنّ الأصحاب إنّما ذكروا في فهارسهم الطرق إلى ما اختصّوا بروايته أو حوته خزائنهم (٤) ، وبما أنّ مصادر الشّيخ لم تكن من قبيل ما اختصّوا بروايته ، فلا بدّ (٥) أنّها كانت ممّا حوته خزائنهم من المصنّفات.

وعليه فمقتضى إرجاعه إلى تلك الفهارس من معرفة سائر أسانيد تلك الكتب إحرازه اتحاد نسخته منها مع النسخ الموجودة من خزائن أصحاب الفهارس المشار إليهم ؛ وإلّا لم تكن فائدة في الإرجاع إلى فهارسهم بعد أن لم تكن الأسانيد الواردة فيها أسانيد إلى ما اعتمده الشّيخ قدّس سره في كتابه من نسخ الكتب والمصنّفات واحتمال أن تكون إشارته رحمه‌الله إلى تلك الطرق لمجرّد بيان أنّ هناك طرقا أخرى لتلك الكتب

__________________

(١) سياتي في خاتمة المطاف الترديد في صحّة إحالة الشيخ المذكورة.

(٢) يقصد المؤلّف : السيّد علي السيستاني المرجع شيعة في كثير من البلاد طال بقائه.

(٣) سيأتي ذيل عنوان خاتمة المطاف ، قريب ، الترديد في ارجاع الشيخ إلى فهرسته.

(٤) عبارة الشّيخ في أوّل الفهرست كما مرّ هكذا : بل كلّ منهم كان غرضه أن يذكر ما اختصّ بروايته وأحاطت به خزانته من الكتب ....

وكلمة (واو) في قوله : وأحاطت. إمّا عطف تفسيري أو بمعنى كلمة أو ، ويحتمل أنّها لمطلق الجمع كما هو ظاهر العبارة.

(٥) لم نفهم هذا اللزوم ، لا مكان شمول مصادر الشّيخ للقسمين ، بناء على أنّ كلمة واو في كلام الشّيخ لمطلق الجمع ، أو للعطف التفسيري ، كما ذكر آنفا.

٣١٧

احتمال ضعيف (١) ؛ إذ الظاهر (٢) من ذيل عبارته في خاتمة المشيخة ، أنّه لا ميزة للأسانيد الّتي ذكرها في المشيخة إلى تلك المصادر عن سائر الأسانيد المذكورة في فهارس الأصحاب ، وإنّما اقتصر على ما ذكره من باب الاختصار ، بل يكاد أن يكون ذلك صريح كلامه في مقدّمة مشيخة التهذيب.

واستبعاد وفوف الشّيخ على اتحاد نسخة من تلك المصادر مع النسخ ، الّتي كانت موجودة في خزائن الأصحاب في غير محله ، فالعمدة في اعتبار طريق الشيخ إلى أحمد بن محمّد بن عيسى ما عرفت منّا في التعليقة ، كما يظهر (٣) بالتأمّل والممارسة. ١٢ / ع ٢ / ١٤١٧.

واعلم اني اثناء اصلاح الكتاب لهذا الطبع ـ الطبعة الخامسة ـ حكمت باعتبار طريق الحسين بن سعيد ومفيد عيسى من جهة اخرى تأتي في شرح مشيخة التهذيب فيما بعد إن شاء الله.

سدّ باب آخر

توهم بعض المحدّثين رحمه‌الله إنّ الشّيخ روي جميع كتب الصدوق في فهرسته بسند معتبر ، فكلّما روي الشّيخ خبرا من بعض الاصول الّتي ذكرها الصدوق في فهرسته ، فسنده إلى هذا الأصل صحيح ، وإن لم يذكر في الفهرست سندا صحيحا إليه.

ثمّ ادّعى المحدّث المذكور ، كما سلف سابقا : وهذا باب غامض دقيق ينفع في الإخبار ، الّتي لم تصل إلينا من مؤلّفات الصدوق.

أقول : تبيّن ممّا سبق أنّه باب موهوم لا واقعية له. وكأنّ المحدّث المذكور ومن تبعه غفلوا عمّا ذكره الشّيخ في ترجمة الصدوق : له نحو من ثلاثمائة مصنّف ، وفهرست كتبه معروفة ، وأنا أذكر منها ما يحضرني في الوقت من أسماء كتبه ، ـ ثمّ ذكر أكثر من أربعين كتاب له ـ ثمّ قال وغير ذلك من الكتب والرسائل الصغار لم يحضرني أسماؤها ، أخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة ....

وإلّا لعلموا إنّ معنى الإخبار ليس هو الإخبار التفصيلي بما في هذه الكتب الكثيرة ، بل

__________________

(١) فيه نظر لاحتمال كون الإشارة إلى سائر الأسناد لتقويّة أسانيده إلى أصل تلك الكتب ، فلاحظ.

(٢) هذا الظاهر معارض بظاهر آخر من أنّه لا ميزة بين طرقه إلى كتب الطائفة المذكورة في الفهرست بين ما نقله عنه في التهذيبين ، وما لم ينقله عنه فيهما في كيفيّة النقل ، وقد عرفت أنّ مجرّد الإخبار لا يدلّ على الإجازة ، فضلا عن المناولة والقراءة والسّماع.

(٣) ليته يدلّل على نفي الاستبعاد المذكور ولم يكتف بالفتوى.

٣١٨

المراد الإخبار الإجمالي حتّى الخالي عن أسمائها ؛ لتصريحه بأنّه لم يحضره أسماؤها ، ومع ذلك يقول أخبرنا بجميع كتبه ...

وادّعى بعض الباحثين إنّ النجّاشي كان يسير بسيرة البغداديّين ، فإذا كان الحديث عنده عن كتاب يقول : ذكر فلان ، وإذا كان عن إجازة يقول : أخبرنا إجازة ، وإذا كان عن سماع يقول : حدثنا ، وبهذا يمتاز فهرسته عن فهرست الشّيخ أيضا.

خاتمة المطاف

لا شكّ في علوّ مقام الشّيخ وكثرة علومه وعمق بصيرته وما أعطاه الله تعالى من التوفيقات ، كما لا شكّ في كثرة اشتغالاته وتشتّت باله ، فهو إنسان كبير وعالم عظيم ، لكنّه غير معصوم عن الاشتباه والسهو ، فالإفراط في حقّ أحد كالتفريط فيه ، أمر مذموم باطل.

وما ذكرنا في حلّ الإشكال إنّما يصحّ إذا قبلنا عصمة الشّيخ رحمه‌الله وإلّا فلا ملزم لما ذكرنا ، وما كتبه بعض السادة العلماء المشار إليه.

والعمدة إنّ طرق الفهرست لا فرق بينها إلى من نقل الشّيخ عنهم في التهذيب ، وإلى غيرهم ، فجعلها قسمين على خلاف كلام الفهرست رجم بالغيب ، لمجرّد رفع الإشكال عن إحالة الشّيخ في آخر مشيخة التهذيب إلى فهرسته.

على أنّي في شكّ في كون الجملة المذكورة في آخر مشيخة التهذيب : وقد ذكرنا نحن مستوفي كتاب فهرست الشّيعة من الشّيخ نفسه ، أو من غيره.

توضيح ذلك : إنّ الظاهر من أوّل المشيخة إنّ كتابتها متّصلة زمانا بانتهاء التهذيب ، كما يدلّ عليه قوله رحمه‌الله :

والآن فحيث وفّق الله تعالى الفراغ من هذا الكتاب ، نحن نذكر الطرق الّتي يتوصّل بها إلى رواية هذه الاصول والمصنّفات ، ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار ؛ لتخرج الإخبار بذلك عن حدّ المراسيل ....

وقال بعد بيان المشيخة ما نقلناه في الأمر الثّاني عن قريب.

وحيث إنّ تأليف التهذيب ـ بما له من المشيخة ـ مقدّم على تأليف الفهرست ، كيف يصحّ قوله : وقد ذكرنا نحن مستوفي في كتاب فهرست الشّيعة؟!

٣١٩

فهو إلحاق جزما ولا يدري أنّ الّذي ألحقه هو نفس الشّيخ (١) أو كاتب آخر من النسّاخ أو التلاميذ ، ولا بدّ من التتّبع في النسخ المخطوطة لكتاب التهذيب.

على أنّ من تعمّق في آخر المشيخة بدقّة ربّما يطمئن ، أو يظنّ بزيادة الجملة المذكورة من جهة سياق الكلام ، فإذا : لا نطمئن بإحالة الشّيخ إلى طرق الفهرست.

وعلى فرض ثبوتها فهي مختصّة بالأحاديث المرويّة بالطرق المذكورة في المشيخة دون الطرق المهملة غير المذكورة في مشيخة التهذيب ، وهي كثيرة فلاحظ عبارة الشّيخ في آخر المشيخة ، حتّى تعلم ظهور كلامه في هذا الاختصاص ، والتعدّي عنها إلى مطلق طرق الأحاديث المذكورة في التهذيب رجم بالغيب.

وأمّا إحالته إلى الفهارس المصنّفة في هذا الباب للشيوخ في زمانه ، فهي غير مفيّدة ؛ إذ لم تصل إلينا الفهارس حتّى نلاحظها ، سوى مشيخة الفقيه وفهرس أحمد الزراري ، وأمّا فهرس النجّاشي فلم يره الشّيخ حتّى يقصده بإطلاق كلامه.

وأمّا تصحيح ما نقله الشّيخ في تهذيبه بطريق ضعيف ؛ لأجل صحّة طريق الصدوق في مشيخة الفقيه مع ملاحظة إحالة الشّيخ المذكورة ، ففيه تفصيل فإن فرضنا صدق الجملة الأخيرة : وقد ذكرنا نحن مستوفي في كتاب فهرست الشّيعة عن الشّيخ رحمه‌الله فهو غير ممكن ، فإنّ ظاهر قوله : مستوفي أنّه لا طريق له سوى الطرق المذكورة في فهرسته ، وطرق الصدوق وغيره الّتي هي غير مذكورة فيها ليست من طرق الشّيخ ، فكيف يمكن التّصحيح؟

وأمّا إن فرضنا كونها من غير الشّيخ للوجه الذي ذكرناه. فلا بأس به ، أي : بالتّصحيح المذكور بملاحظة الإحالة المزبورة. لكن بشرط إحراز رواية الصدوق الأحاديث من كتاب من بدأ الشّيخ في المشيخة باسمه ، إما مباشرة ، وإمّا بتوسط كتاب آخر لمؤلّف ثقة ، فافهم ذلك جيّدا.

وأمّا تصحيح ما في الفقيه بطرق الشّيخ ، فهو أيضا ممكن على بعض الصور ، كما سبق في البحث التّاسع عشر.

واعلم : أنّ ما قلنا في معنى طرق الفهرست إلى أرباب الاصول والمصنّفات ، جار في طرق النجّاشي في فهرسته ، كما أوضحناه بعض التوضيح في الطبعة الثالثة من هذا الكتاب ، ولكن حيث طال بنا هذا البحث حذفناه من الطبعة الرابعة هذه. (٢)

__________________

(١) بعد تأليف الفهرست.

(٢) لكن ينبغي نقل كلمة من رجال النجّاشي في ترجمة علي بن الحسن بن فضّال : ورأيت جماعة من شيوخنا

٣٢٠