تفسير نور الثقلين - ج ٥

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٤٨

عن أبان عن عبدالرحمان بن أبى عبدالله عن ابى العباس المكي مثله الا ان فيه فقال : كذبت ، بنو امية إلخ.

٦٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عذافر عن بعض أصحابنا عن محمد بن مسلم ، وأبى حمزة عن أبى عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال لي على بن الحسين : يا بنى إياك ومصاحبة القاطع لرحمه ، فانى وجدته ملعونا في كتاب الله عزوجل في ثلاث مواضع قال الله عزوجل : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦١ ـ في كتاب الخصال عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : في كتاب على عليه‌السلام : ثلاث خصال لا يموت صاحبهن حتى يرى وبالهن : البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة ، يبارز الله بها ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٢ ـ عن أبى موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر ، ومدمن سحر ، وقاطع رحم.

٦٣ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن السكوني عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أظهر العلم واحترز العمل وائتلفت الألسن واختلفت القلوب وتقاطعت الأرحام هنا لك (لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ).

٦٤ ـ في مجمع البيان : أفلا يتدبرون القرآن قيل أفلا يتدبرون القرآن فيقضون ما عليهم من الحق عن أبى عبدالله عليه‌السلام وأبى الحسن عليه‌السلام.

٦٥ ـ في محاسن البرقي عنه عن عبد الله بن يحيى عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد قال : قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام يا سليمان ان لك قلبا ومسامع وان الله إذا أراد أن يهدى عبدا فتح مسامع قلبه ، وإذا أراد به غير ذلك ختم مسامع قلبه فلا يصلح أبدا ، وهو قول الله عزوجل : أم على قلوب أغفالها.

٦٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد الكندي

٤١

قال : حدثنا عبد الله بن عبد الفارس عن محمد بن على عن أبى عبدالله عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ) عن الايمان بتركهم ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ) يعنى الثاني (وَأَمْلى لَهُمْ).

٦٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة وعلى بن عبدالله عن على بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : «(إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى) فلان وفلان وفلان ارتدوا على الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام» قلت : في قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا) ما أنزل الله قال : نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول الله عزوجل الذي نزل به جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : «(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) في على عليه‌السلام (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) قال : دعوا بنى امية الى ميثاقهم ان لا يصيروا الأمر فينا بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يعطونا من الخمس شيئا ، وقالوا : ان أعطيناهم إياه لم يحتاجوا الى شيء ولم يبالوا ان يكون الأمر فيهم ، فقالوا : (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) الذي دعوتمونا اليه وهو الخمس أن لا نعطيهم منه شيئا ، وقوله : (كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم ، فأنزل الله : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ) الآية.

٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا اعنى قوله وأملى لهم قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) هو ما افترض الله على خلقه من ولاية أمير المؤمنين سنطيعكم في بعض الأمر قال : دعوا بنى امية الى ميثاقهم الا يصيروا لنا الأمر بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا. وقالوا : ان أعطيناهم الخمس استغنوا به فقالوا : (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) اى لا تعطوهم من الخمس شيئا ، فانزل الله على نبيه : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) ٦٩ ـ في مجمع البيان (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) والمروي عن ابى جعفر وابى عبدالله عليهما‌السلام انهم بنو امية كرهوا ما نزل الله في ولاية

٤٢

أمير المؤمنين عليه‌السلام

٧٠ ـ في روضة الواعظين للمفيد رحمه‌الله قال الباقر (عليه السلام) (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) قال : كرهوا عليا وكان امر الله بولايته يوم بدر ويوم حنين وببطن نخلة ويوم التروية ويوم عرفة ، نزلت فيه خمس عشرة آية في الحجة التي صد فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المسجد الحرام وبالجحفة ونجم.

٧١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من طلب مرضات الناس بما أسخط الله تعالى كان حامده من الناس ذاما ، ومن اثر طاعة الله تعالى بما يغضب الناس كفاه الله تعالى عداوة كل عدو ، وحسد كل حاسد ، وبغى كل باغ ، وكان الله له ناصرا وظهرا.

٧٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أرضى سلطانا بسخط الله خرج من دين الإسلام.

٧٣ ـ وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من طلب مرضات الناس بما يسخط الله تعالى كان حامده من الناس ذاما.

٧٤ ـ في كتاب التوحيد عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وقد سأله بعض الزنادقة عن الله تعالى وفيه : قال السائل فله رضا وسخط؟ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : نعم ، وليس ذلك على ما يوجد في المخلوقين ، وذلك ان الرضا والسخط دخال يدخل عليه فينقله من حال الى حال ، وذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين ، وهو تبارك وتعالى العزيز الرحيم لا حاجة به الى شيء مما خلق ، وخلقه جميعا محتاجون اليه وانما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.

٧٥ ـ وباسناده الى هشام بن الحكم ان رجلا سأل أبا عبد الله عليه‌السلام

٤٣

عن الله تبارك وتعالى له رضا وسخط؟ قال : نعم ، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين ، وذلك ان الرضا والغضب دخال يدخل عليه فينقله من حال الى حال معتمل (١) مركب للأشياء فيه مدخل وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه واحد احدى الذات واحدى المعنى فرضاه ثوابه وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه ، وينقله من حال الى حال ، فان ذلك صفة المخلوقين العاجزين والمحتاجين ، وهو تبارك وتعالى القوى العزيز لا حاجة به الى شيء مما خلق ، وخلقه جميعا محتاجون اليه انما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.

٧٦ ـ وباسناده الى محمد بن عمارة قال : سئلت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام فقلت له : يا ابن رسول الله أخبرنى عن الله عزوجل هل له رضا وسخط؟ فقال : نعم وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين. ولكن غضب الله عقابه ، ورضاه ثوابه.

٧٧ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى أخفى اربعة في أربعة ، رضاه في طاعته ، فلا يستصغرن شيئا فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم ، وأخفى سخطه في معصيته فلا يستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ) يعنى موالاة فلان وفلان وظالمي أمير المؤمنين «فأحبط أعمالهم» يعنى التي عملوها من الخيرات.

٧٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبى عبيدة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال لي : يا با عبيدة خالقوا الناس بأخلاقهم وزايلوهم بأعمالهم انا لا نعد الرجل فينا عاقلا حتى يعرف لحن القول ثم قرأ هذه الاية : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)

٨٠ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى على عليه‌السلام انه قال : قلت اربع انزل الله تعالى تصديقى بها في كتابه ، قلت المرء مخبو تحت لسانه فاذا

__________________

(١) اى يعمل بصفاته وآلاته

٤٤

تكلم ظهر ، فأنزل الله : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)

٨١ ـ في مجمع البيان وعن أبى سعيد الخدري قال : لحن القول بغضهم على بن أبى طالب عليهم‌السلام ، قال : كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببغضهم على بن أبى طالب ، وروى مثل ذلك عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، وعن عبادة بن الصامت قال : كنا نبور (١) أولادنا بحب على بن أبى طالب ، فاذا رأينا أحدهم لا يحبه علمنا أنه لغير رشدة (٢) قال أنس : ما خفي منافق على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد هذه الآية.

٨٢ ـ ـ وفيه قرأ أبى بكر ليبلونكم وما بعده بالياء وهو المروي عن أبى جعفر الباقرعليه‌السلام.

٨٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) قال : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وشاقوا الرسول اى قطعوه في أهل بيته بعد أخذه الميثاق عليهم له.

٨٤ ـ في عيون الاخبار في باب آخر فيما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار المجموعة وباسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اختاروا الجنة على النار ولا تبطلوا أعمالكم تقذفوا في النار منكبين خالدين فيها أبدا.

٨٥ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله.

من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنة ، ومن قال : الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال : لا اله الا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة ، ومن قال : الله أكبر غرس الله له بها شجرة في الجنة ، فقال رجل من قريش : يا رسول الله ان شجرنا في الجنة لكثير؟ قال : نعم ، ولكن إياكم ان ترسلوا عليها نيرانا فتحرقونها ، وذلك ان الله عزوجل يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) ...

٨٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ) كافة (فَاجْنَحْ لَها) قال :

__________________

(١) باره : جربه واختبره.

(٢) الرشدة ـ بالفتح والكسر ـ : ضد الزنية يقال : ولد لرشدة.

٤٥

هي منسوخة بقوله : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ) ٨٧ ـ في جوامع الجامع : ولن يتركم أعمالكم هو من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا أو حربته وحقيقته أفردته في حميمه أو ماله من الوتر وهو الفرد ومنه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من فاتته صلوة العصر فكأنما وتر اهله وماله اى أفرد عنهما قتلا ونهبا.

٨٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم : ويخرج أضغانكم قال : العداوة التي في صدوركم وان تتولوا يعنى عن ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه يستبدل قوما غيركم قال : يدخلهم في هذا الأمر (ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) في معاداتكم وخلافكم وظلمكم لآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآلهحدثني محمد بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن جعفر عن السندي بن محمد عن يونس بن يعقوب عن يعقوب بن قيس قال : قال ابو عبدالله عليه‌السلام : يا ابن قيس (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) عنى أبناء الموالي المعتقين.

٨٩ ـ في مجمع البيان روى ابو هريرة ان أناسا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله في كتابه؟ وكان سلمان الى جنب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضرب عليه‌السلام يده على فخذ سلمان فقال : هذا وقومه ، والذي نفسي بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس.

٩٠ ـ وروى ابو بصير عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : «ان تنولوا يا معشر العرب (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) يعنى الموالي.

٩١ ـ وعن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قد والله أبدل خيرا منهم الموالي.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : حصنوا أموالكم ونسائكم وما ملكت ايمانكم من التلف بقراءة (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) فانه إذا كان ممن يدمن قراءتها نادى مناد يوم القيامة حتى تسمع الخلايق : أنت من عبادي

٤٦

المخلصين ، الحقوه بالصالحين من عبادي ، وأدخلوه جنات النعيم ، واسقوه من الرحيق المختوم بمزاج الكافور.

٢ ـ في مجمع البيان أبى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأها فكأنما شهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣ ـ وفي رواية فكأنه كان مع من بايع محمد تحت الشجرة. عمر بن الخطاب قال : كنا مع رسول الله في سفر فقال : نزلت على البارحة سورة هي أحب الى من الدنيا وما فيها (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) الى قوله (وَما تَأَخَّرَ) أورده البخاري في الصحيح.

٤ ـ قتادة عن أنس قال : لما رجعنا من غزاة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكابة أنزل الله عزوجل : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد نزلت على آية هي أحب الى من الدنيا وما فيها.

٥ ـ عبد الله بن مسعود قال أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الحديبية فجعلت ناقته تثقل ، فتقدمنا فانزل الله عليه : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) فأدركنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبه من السرور ما شاء الله ، فأخبر انها نزلت عليه.

٦ ـ في تفسير العياشي عن منصور بن حازم عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : ما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) حتى نزلت سورة الفتح ، فلم يعد الى ذلك الكلام.

٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال : وكان إساف ونايله رجلا وامرأة عجوز شمطاء (١) تخمش وجهها تدعو بالويل فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تلك نايلة يبست (٢) ان تعيد ببلادكم هذه

في مجمع البيان اختلف في هذا الفتح على وجوه أحدها ان المراد به فتح مكة وعده الله ذلك عام الحديبية عند انكفائه منها عن انس وقتادة وجماعة من المفسرين.

__________________

(١) الشمطاء : التي خالط بياض رأسها سواد.

(٢) كذا.

٤٧

٨ ـ قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : ستقف إنشاء الله عند قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ) الاية على حديث عن الرضا عليه‌السلام وفيه يقول عليه‌السلام : فلما فتح الله تعالى على نبيه مكة قال له : يا محمد (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ).

رجعنا الى كلام مجمع البيان الى قوله : وثالثها ان المراد بالفتح هنا فتح خيبر عن مجاهد والعوفي وروى عن مجمع بن حارثة الأنصاري كان أحد القراء قال : شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر (١) فقال بعض الناس لبعض : ما بال الناس؟ قالوا : اوحى الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرجنا نوجف فوجدنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله واقفا على راحلته عند كراع الغميم (٢) فلما اجتمع الناس اليه قرء (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً) السورة فقال عمر : افتح هو يا رسول الله؟ قال نعم والذي نفسي بيده ، انه لفتح فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل فيها أحد الا من شهدها.

٩ ـ في جوامع الجامع وقيل : هو فتح الحديبية ، فروى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رجع من الحديبية قال رجل من أصحابه : ما هذا الفتح لقد صددنا عن البيت وصد هدينا ، فقال عليه‌السلام : بئس الكلام هذا بل هو أعظم الفتوح ، قد رضى المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح ويسألوكم القضية ورغبوا إليكم في الامان وقد رأوا منكم ما كرهوا.

وعن الزهري : لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية ، وذلك ان المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم ، فتمكن الإسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير ، كثر بهم سواد الإسلام ، والحديبية بئر نفد ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة فأتاها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلس على شفيرها (٣) ثم دعا بإناء من ماء فتوضى ثم

__________________

(١) هزه : حركه. والأباعر جمع بعير.

(٢) كراع الغميم : وواد بينه وبين المدينة نحو من مأة وسبعين ميلا ، وبينه وبين مكة نحو ثلاثين ميلا.

(٣) الشفير : ناحية كل شيء.

٤٨

تمضمض ومجه (١) فيها ففارت بالماء حتى أصدرت جميع من معه وركابهم.

وعن سالم بن أبى الجعد قال : قلت لجابر : كم كنتم تحت الشجرة؟ قال (٢) كنا ألفا وخمسمائة وذكر عطشا أصابهم قال : فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بماء في تور فوضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنه العيون ، قال فشربنا ووسعنا وكفانا ولو كنا مأة ألف كفانا.

١٠ ـ في أصول الكافي محمد بن أحمد عن عمه عبد الله بن الصلت عن الحسن بن على بن بنت الياس عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان على بن الحسين عليه‌السلام لما حضرته الوفاة أغمي عليه ثم فتح عينيه وقرأ : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) «و (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً) وقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا.

١١ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام باسناده الى جابر الجعفي عن محمد الباقر عليه‌السلام قال : كنت عند على بن الحسين عليهما‌السلام إذا أتاه رجل من بنى أمية من شيعتنا ، فقال له : يا ابن رسول الله ما قدرت أن أمشى إليك من وجع رجلي ، قال : أين أنت من عوذة الحسين بن على عليه‌السلام؟ قال : يا ابن رسول الله وما ذاك؟ قال آية (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ

__________________

(١) مج الماء من فيه : رمى به.

(٢) التور : إناء صغير.

٤٩

مَصِيراً وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) قال : ففعلت ما أمرنى به ، فما حسست بعد ذلك بشيء منها بعون الله تعالى.

١٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان سبب نزول هذه الآية وهذا الفتح العظيم ان الله جل وعز أمر رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النوم أن يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع المحلقين ، فأخبر أصحابه وأمرهم بالخروج فخرجوا فلما نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة وساقوا بالبدن ، وساق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ستة وستين بدنة وأشعرها عند إحرامه وأحرموا من ذي الحليفة ملبين بالعمرة وقد ساق من ساق منهم الهدى معرات (١) مجللات ، فلما بلغ قريشا ذلك بعثوا خالد بن وليد في مأتى فارس كمينا يستقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان يعارضه على الجبال ، فلما كان في بعض الطريق حضرت صلوة الظهر فاذن بلال فصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالناس فقال خالد بن الوليد : لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلوة لأصبناهم فإنهم لا يقطعون صلوتهم ولكن تجيء الآن لهم صلوات اخرى أحب إليهم من ضياء أبصارهم ، فاذا دخلوا في الصلوة أغرنا عليهم فنزل جبرئيل عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بصلوة الخوف في قوله عزوجل : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) الآية وهذه الآية في سورة النساء وقد كتبنا خبر صلوة الخوف فيها ، فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحديبية وهي على طرف الحرم ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يستنفر الاعراب في طريقه ، فلم يتبعه أحد ويقولون : أيطمع محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه أن يدخل الحرم أو قد غزتهم قريش في عقر ديارهم (٢) فقتلوهم ، أنه لا يرجع محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه الى المدينة أبدا ، فلما نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحديبية خرجت قريش يحلفون باللات والعزى لا يدعون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدخل مكة وفيهم عين تطرف فبعث إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انى لم آت لحرب وانما جئت لأقضي مناسكي وانحر بدني وأخلى بينكم وبين لحمانها (٣) ، فبعثوا عروة بن

__________________

(١) اى كانت بعضها عرات وبعضها مجللات.

(٢) عقر الدار : أصلها ووسطها.

(٣) اللحمان جمع اللحم.

٥٠

مسعود الثقفي وكان عاقلا لبيبا وهو الذي أنزل الله فيه : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) فلما اقبل الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عظم ذلك وقال : يا محمد تركت قومك وقد ضربوا الابنية وأخرجوا العوذ المطافيل (١) يحلفون باللات والعزى لا يدعوك تدخل مكة ، فان مكة حرمهم وفيهم عين تطرف أفتريد أن تبيد أهلك (٢) وقومك يا محمد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما جئت لحرب وانما جئت لا قضى مناسكي وانحر بدني وأخلى بينهم وبين لحمانها فقال عروة : والله ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت ، فرجع الى قريش فأخبرهم فقالت قريش : والله لئن دخل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترين علينا العرب ، فبعثوا حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو ، فلما نظر إليهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال ويح قريش قد نهكتهم الحرب (٣) الاخلوا بيني وبين العرب ، فان أك صادقا فانما آخذ الملك لهم مع النبوة ، وان أك كاذبا كفتهم ذؤبان العرب (٤) لا يسألني اليوم امرء من قريش خطة ليس لله فيها سخط الا أجبتم اليه ، فلما وافوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا : يا محمد لم لا ترجع عنا عامك هذا الى أن تنتظر الى ما يصير أمرك وأمر العرب [على ان ترجع من عامك] فان العرب قد تسامعت بمسيرك فاذا دخلت بلادنا وحرمنا استذلتنا العرب واجترت علينا ونخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام حتى تقضى نسكك وتنصرف عنا ، فأجابهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى ذلك وقالوا له : ترد إلينا من جاءكم من رجالنا ، ونرد إليك كل من جاءنا من رجالك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه ، ولكن على أن المسلمين بمكة لا يؤذون في اظهارهم الإسلام ، ولا

__________________

(١) قال الجزري : يريد النساء والصبيان. والعوذ في الأصل جمع عائذ وهي الناقة إذا وضعت وبعد ما تضع أياما حتى يقوى ولدها ، والمطافيل : الإبل مع أولادها ، يريد انهم جاؤا بأجمعهم كبارهم وصغارهم.

(٢) اى تهلكهم.

(٣) اى أضرت بهم وأثرت فيهم.

(٤) الذؤبان : الصعاليك واللصوص.

٥١

يكرهون ولا ينكر عليهم شيء يفعلونه من شرايع الإسلام ، فتقبلوا ذلك ، فلما أجابهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى الصلح أنكر عامة أصحابه وأشد ما كان إنكارا عمر فقال : يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ فقال : نعم ، قال : فنعطى الذلة في ديننا؟ فقال: ان الله عزوجل قد وعدني ولن يخلفني ، فقال : لو أن معى أربعين رجلا لخالفته ، ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف الى قريش فأخبرهم بالصلح ، فقال عمر : يا رسول الله ألم تقل لنا أن ندخل المسجد الحرام ونحلق من المحلقين؟ فقال : أمن عامنا هذا وعدتك؟ وقلت لك ان الله عزوجل وعدني ان أفتح مكة وأطوف وأسعى وأحلق مع المحلقين ، فلما أكثروا عليه قال : ان لم تقبلوا الصلح فحاربوهم ، فمروا نحو قريش وهم مستعدون للحرب ، وحملوا عليهم ، فانهزم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هزيمة قبيحة ومروا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتبسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال : يا على خذ السيف وأستقبل قريشا ، فأخذ أمير المؤمنين صلوات الله عليه سيفه وحمل على قريش ، فلما نظروا الى أمير المؤمنين صلوات الله عليه تراجعوا ثم قالوا : يا على بدا لمحمد فيما أعطانا فقال عليه‌السلام : لا وتراجع أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مستحيين وأقبلوا يعتذرون الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألستم أصحابى يوم بدر إذا انزل الله عزوجل فيكم : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) ألستم أصحابى يوم أحد (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ) ألستم أصحابى يوم كذا؟ ألستم أصحابى يوم كذا؟ فاعتذروا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وندموا على ما كان منهم ، وقالوا : الله اعلم ورسوله فاصنع ما بدا لك ورجع حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالا : يا محمد قد أجابت قريش الى ما اشترطت ، من إظهار الإسلام وان لا يكره أحد على دينه فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمكتب ودعا الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال له أكتب فكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال سهيل بن عمرو : لا نعرف الرحمن اكتب كما كان يكتب آباؤك : باسمك اللهم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اكتب باسمك اللهم ، فانه اسم من أسماء الله ، ثم كتب : هذا ما تقاضى عليه محمد رسول الله والملاء من قريش فقال

٥٢

سهيل بن عمرو : لو نعلم انك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما حاربناك ؛ اكتب : هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبد الله أتأنف من نسبك يا محمد؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا رسول الله وان لم تقروا ، ثم قال : أمح يا على واكتب محمد بن عبدالله فقال أمير المؤمنين : ما أمحو اسمك من النبوة أبدا ، فمحاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيده ثم كتب : هذا ما اصطلح به محمد بن عبدالله والملاء من قريش وسهيل بن عمرو ، اصطلحوا على وضع الحرب بينهم عشر سنين على أن يكف بعضنا عن بعض ، وعلى أنه لا اسلال ولا أغلال (١) وان بيننا وبينهم عيبة مكفوفة (٢) وان من أحب أن يدخل في عهد محمد وعقده فعل ، ومن أحب ان يدخل في عهد قريش وعهدها فعل ، وأنه من أتى محمدا بغير اذن وليه يرد اليه وانه من أتى قريشا من أصحاب محمد لم ترده اليه ، وان يكون الإسلام ظاهرا ولم يكره أحدا على دينه ولا يؤذى ولا يعير ، وان محمدا يرجع عنهم عامة هذا وأصحابه ؛ ثم يدخل علينا في العام القابل مكة فيقيم فيها ثلاثة أيام لا يدخل عليها بسلاح إلا سلاح المسافر السيوف في القرب (٣) وكتبه على بن ابى طالب وشهد على الكتاب المهاجرون والأنصار ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على انك أبيت ان تمحو اسمى من النبوة ؛ فو الذي بعثني بالحق نبيا لتجيبن أبناءهم الى مثلها وأنت مضيض مضطهد (٤) فلما كان يوم صفين ورضوا بالحكمين كتب : هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين على بن

__________________

(١) الإسلال : السرقة الخفية ، يقال : سل البعير أو غيره في جوف الليل : إذا انتزعه من بيل الإبل. والأغلال : الخيانة.

(٢) قال الجزري : اى بينهم صدر نقى من الغل والخداع مطوى على الوفاء بالصلح ، والمكفوفة : المشرجة المشدودة. وقيل : أراد أن بينهم موادعة ومكافة عن الحرب تجريان مجرى المودة التي تكون بين المتصافين الذين يثق بعضهم الى بعض.

(٣) قرب ـ بضمتين ـ جمع قراب ـ بالكسر ـ : الغمد وقيل : هو وعاء يكون فيه السيف بغمده وحمالته.

(٤) مض الرجل من الشيء مضيضا : الم من وجع المصيبة. والمضطهد : المقهور والمؤذى.

٥٣

ابى طالب عليه‌السلام ومعاوية بن ابى سفيان فقال عمرو بن العاص : لو علمنا انك أمير المؤمنين ما حاربناك ، ولكن اكتب : هذا ما اصطلح عليه على بن ابى طالب ومعاوية بن ابى سفيان ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : صدق الله وصدق رسوله أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ثم كتب الكتاب قال : فلما كتبوا الكتاب قامت خزاعة فقالت : نحن في عهد محمد رسول الله وعقده وقامت بنو بكر فقالت : نحن في عهد قريش وعقدها ، وكتبوا نسختين نسخة عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونسخة عند سهيل بن عمرو ، ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف الى قريش فأخبراهم وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه : انحروا بدنكم واحلقوا رؤسكم فامتنعوا وقالوا : كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة؟ فاغتم لذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشكا ذلك الى أم سلمة ؛ فقالت : يا رسول الله أنحر أنت وأحلق فنحر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحلق ، فنحر القوم على حيث يقين وشك وارتياب ، فقال رسول الله تعظيما للبدن : رحم الله المحلقين وقال قوم : أنسوق البدن يا رسول الله والمقصرين لان من لم يسق هديا لم يجب عليه الحق ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثانيا : رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدى ، فقالوا : يا رسول الله والمقصرين؟ فقال : رحم الله المقصرين ، ثم رحل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نحو المدينة ، فرجع الى التنعيم (١) ونزلت تحت الشجرة ، فجاء أصحابه الذين أنكروا عليه الصلح ، واعتذروا وأظهروا الندامة على ما كان منهم ، وسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يستغفر لهم ، فنزلت آية الرضوان (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ).

١٣ ـ حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا محمد بن احمد عن محمد بن الحسين عن على بن نعمان عن على بن أيوب عن عمر بن يزيد بياع السابري قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله في كتابه : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) قال : ما كان له ذنب ولا هم بذنب ، ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفر لها ، (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَ

__________________

(١) التنعيم : موضع قريب مكة.

٥٤

يَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً)

١٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعلى عليه‌السلام فان آدم عليه‌السلام تاب الله عليه من خطيئة؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل فيه ما هو أكبر من هذا من غير ذنب أتى ، قال الله عزوجل (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) ان محمدا غير مواف يوم القيمة بوزر ولا مطلوب فيها بذنب ، وقال عليه‌السلام: ولقد كان صلى‌الله‌عليه‌وآله يبكى حتى يغشى عليه ، فقيل له : يا رسول الله أليس الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : بلى أفلا أكون عبدا شكورا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥ ـ في مجمع البيان روى المفضل بن عمر عن الصادق عليه‌السلام قال : سأله رجل عن هذه الآية ، فقال : والله ما كان له ذنب ولكن الله سبحانه ضمن ان يغفر ذنوب شيعة علىعليه‌السلام ما تقدم من ذنبهم وما تأخر.

١٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وأتت فاطمة بنت على بن أبى طالب عليه‌السلام الى جابر بن عبد الله فقالت له : يا صاحب رسول الله ان لنا عليكم حقوقا ، عليكم ان إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا ان تذكروه الله وتدعوه الى البقيا (١) على نفسه وهذا على بن الحسين بقية أبيه الحسين قد انخرم انفه ونقبت جبهته (٢) وركبتاه وراحتاه أذاب نفسه في العبادة ، فأتى جابر اليه فاستأذن فلما دخل عليه وجده في محرابه قد انصبته العبادة (٣) فنهض على فسئله عن حاله سؤالا خفيا ، ثم أجلسه بجنبه ، ثم اقبل جابر يقول : يا ابن رسول الله اما علمت ان الله انما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم؟ وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم؟ فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟ قال له على بن الحسين :

__________________

(١) البقيا : الإثم من أبقيت عليه إبقاء : إذا رحمته وأشفقت عليه.

(٢) الانخرام : انشقاق وترة الأنف وفي الكلام كناية عن شدة المشقة. ونقبت جبهته : اى انخرقت.

(٣) اى أتعبه وأعيته.

٥٥

يا صاحب رسول الله اما علمت ان جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فلم يدع الاجتهاد وتعبد هو بأبى وأمي حتى انتفخ الساق وورم القدم؟ وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا؟.

١٧ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله أقول : وأما لفظ (ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) فالذي نقلناه من طريق أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم ان المراد منه (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) عند أهل مكة وقريش ، يعنى ما تقدم قبل الهجرة وبعدها ؛ فانك إذا فتحت مكة بغير قتل لهم ولا استيصال ولا أخذهم بما قدموه من العداوة والقتال ، غفروا ما كان يعتقدونه ذنبا لك عندهم متقدما أو متأخرا ، وما كان يظهر من عداوته في مقابلة عداوتهم له ، فلما رأوه قد تحكم وتمكن وما استقصى غفروا ما ظنوه من الذنوب.

١٨ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس آخر للرضا عليه‌السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء عليهم‌السلام باسناده الى على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه‌السلام فقال المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عزوجل الى أن قال : فأخبرنى عن قول الله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) قال الرضا عليه‌السلام : لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنما فلما جاءهم بالدعوة الى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم «وقالوا (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) فلما فتح الله تعالى على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله مكة ، قال له : يا محمد (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) عند مشركي أهل مكة بدعاءك توحيد الله فيما تقدم وما تأخر ، لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ، ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد إذا

٥٦

دعا الناس اليه ، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم ، فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن.

١٩ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : هذا شرايع الدين الى ان قال عليه‌السلام : والأنبياء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم ، لأنهم معصومون مطهرون.

٢٠ ـ عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من عمر أربعين سنة الى أن قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن عمر ثلاثين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

٢١ ـ عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : فاذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

٢٢ ـ عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما من عمر يعمر الى أن قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : فاذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وسمى أسير الله في أرضه ، ويشفع في أهل بيته.

٢٣ ـ عن أبى عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام قال في حديث طويل يذكر فيه حروب على عليه‌السلام وكانت السيرة فيهم لأمير المؤمنين عليه‌السلام ما كان من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أهل مكة يوم فتح مكة ، وانه لم يسب لهم ذرية ، وقال : من أغلق بابه والقى سلاحه أو دخل دار ابى سفيان فهو آمن ، وكذلك قال أمير المؤمنين عليه‌السلام فيهم يوم البصرة : لا تسبوا لهم ذرية ، ولا تجهزوا على جريح (١) ولا تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه والقى سلاحه فهو آمن.

٢٤ ـ عن جابر الجعفي عن أبى جعفر عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد سأله رأس اليهود كم يمتحن الله الأوصياء في حيوة الأنبياء وبعد وفاتهم ، وذكر حديثا طويلا وفيه يقول عليه‌السلام واما السادسة يا أخا اليهود فتحكيمهم الحكمين ومحاربة ابن آكلة الأكباد ، وهو طليق بن طليق معاند لله عزوجل ولرسوله وللمؤمنين منذ

__________________

(١) أجهز على الجريح : شد عليه وأسرع وأتم قتله.

٥٧

بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله الى ان فتح الله عليه مكة عنوة فأخذت بيعته وبيعة أبيه لي معه في ذلك اليوم وفي ثلاثة مواطن بعد ، وأبوه بالأمس أول من سلم على بامرة المؤمنين ، وجعل يحثني على النهوض في أخذ حقي من الماضين قبلي ، يجدد لي بيعته كلما أتاني.

٢٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأي علة يكبر المصلى بعد التسليم ثلاثا يرفع بها يديه؟ فقال : لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما فتح مكة صلى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود ، فلما سلم رفع يده وكبر ثلاثا وقال : لا اله الا الله وحده وحده وحده أنجز وعده ونصر عبده وأعز جنده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كلى شيء قدير ، ثم أقبل على أصحابه فقال : لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول في دبر كل صلوة مكتوبة ، فان من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول ، كان قد أدى ما يجب عليه من شكر الله تعالى ذكره على تقوية الإسلام وجنده.

٢٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) قال : هو الايمان.

٢٧ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن ابن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : السكينة الايمان.

٢٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حفص البختري وهشام بن سالم وغيرهما عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) قال : هو الايمان.

٢٩ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن جميل قال : سألت أبا ـ عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) قال : الايمان قال عز من قائل : (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ)

٥٨

٣٠ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال : حدثنا ابو عمرو الزبيري عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ايها العالم أخبرنى اى الأعمال أفضل عند الله؟ قال : ما لا يقبل الله شيئا الا به ، قلت : وما هو؟ قال : الايمان بالله الذي لا اله الا هو أعلى الأعمال درجة ، وأشرفها منزلة وأسناها حظا قال : قلت : الا تخبرني عن الايمان أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال : الايمان عمل كله ، والقول بعض ذلك العمل ، بفرض من الله بين في كتابه واضح نوره ثابتة حجته يشهد له به الكتاب ويدعوه اليه (١) قال قلت : صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه قال : الايمان حالات درجات وطبقات ومنازل ، فمنه التام المنتهى تمامه ، ومنه الناقص المبين نقصانه ، ومنه الراجح الزائد رجحانه ، قلت : ان الايمان ليتم وينقص ويزيد؟ قال : نعم ، قلت : كيف ذلك؟ قال : لان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقة فيها ، فليس من جوارحه جارحة الا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به أختها ، فمن لقى الله عزوجل حافظا لجوارحه موفيا كل جارحة من جوارحه ما فرض الله عزوجل عليها لقى الله عزوجل مستكملا لإيمانه وهو من أهل الجنة ، ومن خانه في شيء منها أو تعدى ما أمر الله عزوجل فيها لقى الله عزوجل ناقص الايمان ، قلت : قد فهمت نقصان الايمان وتمامه ، فمن اين جاءت زيادته؟ فقال : قول الله عزوجل : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) وقال : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) ولو كان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان لم يكن لأحد منهم فضل على الاخر ولاستوت النعم فيه ، ولاستوى الناس وبطل التفضيل

__________________

(١) قوله (عليه السلام)«واضح نوره» صفة للفرض وكذا «ثابتة حجته» وقوله «يشهد له» الى لكونه عملا أو للعامل «به» اى بذلك الفرض «ويدعو اليه» اى يدعو العامل الى ذلك الفرض قاله في الوافي.

٥٩

ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة ، وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله ، وبالنقصان دخل المفرطون النار.

٣١ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار في التوحيد باسناده الى عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت لعلى بن موسى الرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث ان المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقال عليه‌السلام : يا أبا الصلت ان الله تعالى فضل نبيه محمد على جميع خلقه من النبيين والملائكة ، وجعل طاعته طاعته ، ومبايعته مبايعته ، وزيارته في الدنيا والاخرة زيارته فقال عزوجل : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) وقال (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني في حيوتى أو بعد موتى فقد زار الله ، ودرجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الجنة أرفع الدرجات ؛ ومن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى.

٣٢ ـ وباسناده الى الريان بن شبيب خالد المعتصم أخى ماردة أن المأمون لما أراد أن يأخذ البيعة لنفسه بامرة المؤمنين ولأبي الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام بولاية العهد ولفضل بن سهل بالوزارة أمر بثلاثة كراسي فنصب لهم ، فلما قعدوا عليها وأذن للناس فدخلوا يبايعون فكانوا يصفقون بأيمانهم على أيمان الثلاثة من أعلى الإبهام الى الخنصر ويخرجون حتى بايع في آخر الناس فتى من الأنصار فصفق بيمينه من أعلى الخنصر الى أعلى الإبهام فتبسم أبو الحسن عليه‌السلام ثم قال : كل من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى ، فانه بايعنا بعقدها فقال المأمون : وما فسخ البيعة وما عقدها؟ قال أبو الحسن عليه‌السلام : عقد البيعة هو من أعلى الخنصر الى أعلى الإبهام ، وفسخها من أعلى الإبهام الى أعلى الخنصر ، قال : فماج الناس في ذلك ، وامر المأمون بإعادة الناس الى البيعة على ما وصف أبو الحسن عليه‌السلام فقال الناس : كيف يستحق الامامة من لا يعرف عقد البيعة ، ان من علم أولى بها ممن لا يعلم ، قال : فحمله ذلك على ما فعله من سمه.

٦٠