تفسير نور الثقلين - ج ٥

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٤٨

يتوب فيتوب الله عزوجل عليه؟ قال رسول الله : ما كان شدة غضبك عليه يا جبرئيل؟ قال : لقوله (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) وهي كلمته الاخرى منهما قالها حين انتهى الى البحر وكلمته الاولى (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) فكان بين الاولى والاخرة أربعون سنة وانما قال ذلك لقومه (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) حين انتهى الى البحر فرآه قد يبست فيه الطريق فقال لقومه : ترون البحر قد يبس من فرقى فصدقوه لما رأوا وذلك قوله عزوجل : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى).

٢٦ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن داود عن محمد بن عطية عن ابى جعفر عليه‌السلام انه قال لرجل من أهل الشام : وكان الخالق قبل المخلوق ، ولو كان أول ما خلق من خلقه الشيء من الشيء إذا لم يكن له انقطاع أبدا ، ولم يزل الله إذا ومعه شيء وليس هو يتقدمه ، ولكنه كان إذ لا شيء غيره ، وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه فجعل نسب كل شيء الى الماء ولم يجعل الماء نسبا يضاف اليه ، وخلق الريح من الماء ، ثم سلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء ان يثور ، فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع ولا ثقب ولا صعود ولا هبوط ولا شجرة ثم طواها فوضعها فوق الماء ، ثم خلق الله النار من الماء فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور ، فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع ولا ثقب ، وذلك قوله : (أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها) قال : ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب ، ثم طواها فوضعها فوق الأرض ، ثم نسب الخلقتين فرفع السماء قبل دحو الأرض فذلك قوله عز ذكره : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) يقول بسطها والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧ ـ في نهج البلاغة كلام طويل يذكر فيه عليه‌السلام ابتداء خلق السماوات السبع وفيه قال عليه‌السلام : جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا.

٢٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن الحسين بن على بن مروان عن عدة من أصحابنا عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام انه قال كذلك

٥٠١

ذكر البيت العتيق ان الله خلقه قبل الأرض ، ثم خلق الأرض من بعده فدحاها من تحته.

٢٩ ـ على بن محمد عن سهل بن زياد عن منصور بن العباس عن صالح اللفائفي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تعالى دحا الأرض من تحت الكعبة الى منى ، ثم دحاها من منى الى عرفات ، ثم دحاها من عرفات الى منى ، فالأرض من عرفات ، وعرفات من منى ، ومنى من الكعبة.

٣٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبى زرارة التميمي عن أبى حسان عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : لما أراد الله تعالى أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربن وجه الماء حتى صار موجا ثم أزبد فصار زبدا واحدا ، فجمعه في موضع البيت ، ثم جعله جبلا عن زبد ثم دحا الأرض من تحته وهو قول الله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً).

ورواه أيضا عن سيف بن عميرة عن أبى بكر الحضرمي عن ابى عبد الله عليه‌السلام مثله.

٣١ ـ محمد بن احمد عن الحسين بن على بن مروان عن عدة من أصحابنا عن ابى حمزة الثمالي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام في المسجد الحرام : لأي شيء سماه الله العتيق؟ فقال : انه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض الا له رب وسكان يسكنونه غير هذا البيت ، فانه لا رب له الا الله تعالى ، وهو الحرم. ثم قال : ان الله تعالى خلقه قبل الأرض ، ثم خلق الأرض من بعده فدحاها من تحته.

٣٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدثني ابى عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن ابى بكر الحضرمي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : خرج هشام بن عبد الملك حاجا ومعه الأبرش الكلبي فلقيا أبا عبد الله عليه‌السلام في المسجد الحرام فقال هشام للأبرش : تعرف هذا؟ قال : لا. قال : هذا الذي تزعم الشيعة انه نبي من كثرة علمه ، فقال الأبرش : لاسئلنه عن مسئلة لا يجيبني فيها الا نبي أو وصى نبي ، فقال وددت انك فعلت ذلك فلقي الأبرش أبا عبد الله عليه‌السلام فقال يا أبا عبد الله أخبرنى عن قول الله (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) بما كان رتقهما وبما كان فتقهما؟ فقال ابو عبد الله عليه‌السلام يا ابرش هو كما وصف نفسه كان عرشه على الماء والماء على الهواء والهواء لاتحد ،

٥٠٢

ولم يكن يومئذ خلق غيرهما والماء يومئذ عذب فرات ، فلما أراد أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم ازبد فصار زبدا واحدا. فجمعه في موضع البيت ثم جعله جبلا من زبد ، ثم دحى الأرض من تحته فقال الله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء فلما أراد أن يخلق السماء امر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها ، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان من غير نار فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر ، وأجراها في الفلك وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر ، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول عن سلام بن المستنير عن ثوير بن أبى فاختة عن على بن الحسين عليهما‌السلام ونقل حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام: وتبدل الأرض غير الأرض ، يعنى بأرض لم تكسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها الجبال ولا نبات كما دحاها أول مرة.

٣٤ ـ في نهج البلاغة كبس الأرض على مور أمواج مستفحلة ، ولجج بحار زاخرة ؛ يلتطم أو أذى أمواجها ، وتصطفق متقاذفات اثباجها ، وترغو زبدا كالفحول عند هياجها ، فخضع جماح الماء المتلاطم لثقل حملها ، وسكن هيج ارتمائه إذ وطأته بكلكلها ، وذل مستخذيا إذ تمعكت عليه بكواهلها ، فأصبح بعد اصطخاب أمواجه ساجيا مقهورا. وفي حكمة الذي منقادا أسيرا ، وسكنت الأرض مدحوة في لجة تياره ، وردت من نخوة بأوه واعتلائه ، وشموخ أنفه وسمو غلوائه ، وكعمته على كظة جريئة فهمد بعد نزقاته ولبد بعد زيفان وثباته (١).

__________________

(١) كبس الأرض : اى أدخلها في الماء بقوة واعتماد شديد. والمور : مصدر مار : اى ذهب وجاء. قولهعليه‌السلام «مستفحلة» اى هائجة هيجان الفحول. واستفحل الأمر. تفاقم واشتد. زخر الماء امتد جدا وارتفع. والاواذى جمع آذى وهو الموج. وتصطفق : يضرب بعضها بعضا. والاثباج هاهنا أعالى الأمواج وأصل القبج : ما بين الكاهل الى الظهر فنقل الى هذا الموضع استعارة والرغاء : صوت البعير وغيره من ذوات الخف. وجماح ـ

٥٠٣

٣٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : فخلق النهار قبل الليل؟ قال : نعم خلق النهار قبل الليل ، والشمس والقمر والأرض قبل السماء.

قال عز من قائل : (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها).

٣٦ ـ في روضة الكافي باسناده الى أبى الربيع عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى اهبط آدم الى الأرض وكانت السماء رتقا لا تمطر ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا ، فلما تاب الله عزوجل على آدم عليه‌السلام أمر السماء فتفطرت بالغمام ثم أمرها فأرخت عز إليها (١) ثم امر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار ، وتفيهت بالأنهار فكان ذلك رتقها وهذا فتقها.

٣٧ ـ وباسناده الى محمد بن عطية عن أبى جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام فان قول الله عزوجل (كانَتا رَتْقاً) يقول : كانت السماء رتقا لا تنزل المطر وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب ، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيهما

__________________

ـ الماء : صعوده وغليانه واصله من جمح الفرس : ركب رأسه لا يثنيه شيء ، يقال رجل جموح لمن يركب هو له فلا يمكن رده. وهيج الماء : اضطرابه. وارتمائه : تلاطمه. وكلكلها : صدرها. والمستخذي ، الخاضع وتمعكت : تمرغت. والكواهل جمع كاهل وهو ما بين الكتفين والاصطخاب : افتعال من الصخب وهو الصياح والجلبة. والساجي : الساكن. وحكمة ـ محركة ـ : ما أحاط من اللجام بحنك الدابة. قوله عليه‌السلام «مدحوة» اى مبسوطة. والتيار : أعظم الموج. ولجته : أعمقه. والبأو : الكبر والفخر. والشموخ : العلو. قوله عليه‌السلام «غلوائه» اى غلوه وتجاوزه الحد ، وكعمته اى شدت فمه لما هاج ، من الكعام وهو شيء يجعل في فم البعير. والكظة : الجهد والثقل الذي يعترى الإنسان عند الامتلاء من الطعام. وهمد بمعنى سكن. والنزقة : الخفة والطيش. ولبد الشيء بالأرض : لصق بها. والزيفان : شدة هبوب الريح.

(١) كناية عن شدة وقع المطر. وقد مر الحديث بمعناه في صفحة ١٠٦ من هذا المجلد أيضا فراجع.

٥٠٤

من كل دابة فتق السماء بالمطر ، والأرض بنبات الحب.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده الى ابى بكر الحضرمي عن أبى عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وقد ذكر السماء والأرض وكانتا رتقا مرتوقتين ليس لهما أبواب ، ولم يكن للأرض أبواب وهو النبت ، ولم تمطر السماء عليها ، فتنبت ففتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات.

٣٩ ـ في نهج البلاغة وجبل جلاميدها ونشوز متونها وأطوادها ، فأرساها في مراسيها فألزمها قرارتها ، فمضت رؤسها في الهواء ، ورست أصولها في الماء فأنهد جبالها عن سهولها ، وأساخ قواعدها في متون أقطارها ومواضع أنصابها فأشهق قلالها ، وأطال أنشازها ، وجعلها للأرض عمادا وأرزها فيها أوتادا ، فسكنت على حركتها من أن تميد بأهلها أو تسيخ بحملها أو تزول عن مواضعها (١).

٤٠ ـ وفيه فلما ألقت السحاب برك بوانيها ، وبعاع ما استقلت به من العبء المحمول عليها ، اخرج به من هو أمد الأرض النبات ، ومن زعر الجبال الاعشاب ، فهي تبهج بزينة رياضها ، وتزد هي بما ألبسته من ريط أزاهيرها ، وحلية ما سمطت به من ناضر أنوارها ، وجعل ذلك بلاغا للأنام ورزقا للانعام. (٢)

__________________

(١) قوله عليه‌السلام «وجبل جلاميدها» اى خلق صخورها. والنشوز جمع نشز وهو المرتفع من الأرض. ومتونها : جوانبها وأطوادها : جبالها. قوله عليه‌السلام فأرساها في مراسيها اى أثبتها في مواضعها قوله عليه‌السلام ـ «فألزمها قرارتها» اى أمسكها حيث استقرت قوله عليه‌السلام «فأنهد جبالها» أى أعلاها من نهد ثدى الجارية إذا أشرف وكعب. وقوله عليه‌السلام «وأساخ ... اه» اى غيب قواعد الجبال في جوانب أقطار الأرض. «والأنصاب» الأجسام المنصوبة. قوله عليه‌السلام «فأشهق قلالها» جمع قلة وهي ما علا من رأس الجبل. واشهقها اى جعلها شاهقة اى عالية. والنشز : المرتفع من الأرض ـ وقد مر أيضا ـ «وأرزها» اى أثبتها فيها.

(٢) البرك : الصدر. وبوانيها تثنية بوان ـ على زنة فعال بكسر الفاء ـ وهو عمود الخيمة. وبعاع السحاب : ثقله بالمطر. والعبء : الثقل. واستقلت اى ارتفعت ونهضت ـ

٥٠٥

٤١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى النزال بن سيارة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد ذكر الدجال ومن يقتله وأين يقتل : ألا ان بعد ذلك الطامة الكبرى قلنا : وما ذلك يا أمير المؤمنين قال : خروج دابة الأرض من عند الصفا ، معها خاتم سليمان وعصى موسى عليهما‌السلام ، تضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه هذا مؤمن حقا ، وتضعه على وجه كل كافر فيكتب هذا كافر ، حتى أن المؤمن لينادي : الويل لك حقا يا كافر ، وان الكافر ينادى : طوبى لك يا مؤمن وددت انى كنت مثلك (فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) ، ثم ترفع الدابة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله جل جلاله ، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها ، فعند ذلك ترفع التوبة فلا تقبل توبة ولا عمل يرفع ، و (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) ، ثم قال عليه‌السلام:لا تسألونى عما يكون بعد هذا ، فانه عهد الى حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان لا أخبر به غير عترتي.

٤٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه يقول : كفى بالموت طامة (١) يا جبرئيل فقال جبرئيل : ان ما بعد الموت أطم وأطم من الموت قوله : (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) قال : يذكر ما عمله كله وبرزت الحجيم لمن يرى قال : أحضرت.

٤٣ ـ في أصول الكافي باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام: ومن طغى ضل على عمل بلا حجة. (٢)

__________________

ـ وهو أمد الأرض : التي لانبات بها. وزعر الجبال جمع ازعر والمراد به قلة العشب والكلاء وأصله من الزعر وهو قلة الشعر في الرأس. والبهج والسرور. وتزدهي اى تتكبر. والريط جمع ريطة : كل ملاءة لست ذات لفقين اى قطعتين متضامتين كلها نسج واحد وقطعة واحدة والأزاهير : النور ذو الالوان. «وسمطت به» علق عليها السموط جمع سمط وهو العقد وفي نسخة الأصل «شمطت» أراد ما خالط سواد الرياض من النور الأبيض كالاقحوان ونحوه والنار ذو النضارة وهي الحسن والطراوة.

(١) الطامة : الداهية تغلب ما سواها قيل لها ذلك لأنها تطم كل شيء اى تعلوه وتغطيه.

(٢) كذا.

٥٠٦

٤٤ ـ وباسناده الى داود الرقى عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) قال من علم ان الله يراه ويسمع ما يقول ، ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال ، فذلك الذي (خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى).

٤٥ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن عبد الرحمان بن الحجاج قال : قال لي أبو الحسن عليه‌السلام : اتق الله مرتقى السهل إذا كان منحدره وعرا (١) قال : وكان ابو عبد الله عليه‌السلام يقول : لا تدع النفس وهواها فان هواها في رداها ، وترك النفس وما تهوى داءها ، وكف النفس عما تهوى دواءها.

٤٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن عبد الله بن بكير عن حمزة بن حمران عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : الجنة محفوفة بالمكاره والصبر ، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة ، وجهنم محفوفة باللذات والشهوات ، فمن اعطى نفسها لذتها وشهوتها دخل النار.

٤٧ ـ وباسناده الى يحيى بن عقيل قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : انما أخاف عليكم الاثنين اتباع الهوى وطول الأمل ، اما اتباع الهوى فانه يصد عن الحق ، واما طول الأمل فينسى الاخرة.

٤٨ ـ وباسناده الى أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله عزوجل : وعزتي وجلالي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواه على هواي الا شتتت عليه أمره ، ولبست عليه دنياه ، وشغلت قلبه بها ، ولم اوته منها الا ما قدرت له ، وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر

__________________

(١) الوعر : المكان الصلب ضد السهل. قال الفيض (ره) : ولعل المراد بصدر الحديث النهى عن طلب الجاه والرياسة وساير شهوات الدنيا ومرتفعاتها فانها وان كانت مواتية على اليسر والخفض الا ان عاقبتها عاقبة سوء والتخلص من غوائلها وتبعاتها في غاية الصعوبة ، أعاذنا الله وساير المؤمنين من شرور الدنيا وغرورها.

٥٠٧

عبد هواي على هواه الا واستحفظته ملائكتى ، وكفلت السماوات والأرضين رزقه ، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر ، وأتته الدنيا وهي راغمة.

٤٩ ـ وباسناده الى أبى محمد الوابشي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : احذروا اهوائكم كما تحذرون أعدائكم ، فليس شيء أعدى للرجال ، من اتباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم.

٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم «و (أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) قال : هو العبد إذا وقف على معصية الله وقدر عليها ثم تركها مخافة الله ونهى الله ونهى النفس عنها فمكافاته الجنة. قوله : يسألونك أيان مرساها قال : متى تقوم فقال الله : (إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها). اى علمها عند الله قوله : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) قال : بعض يوم.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : من قرء عبس وتولى و (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) كان تحت جناح الله من الجنان ، وفي ظل الله وكرامته وفي جنانه. ولا يعظم ذلك على الله ان شاء الله.

٢ ـ في تفسير مجمع البيان ابى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ومن قرأ عبس جاء يوم القيامة ووجهه ضاحك مستبشر.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) قال : نزلت في عثمان وابن أم مكتوم مؤذن لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان أعمى ، وجاء الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده فقدمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على عثمان ، فعبس عثمان وجهه وتولى عنه ، فأنزل الله «عبس وتولى» يعنى عثمان (أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) اى يكون طاهرا ازكى أو يذكر قال : يذكره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فتنفعه الذكرى

٥٠٨

٤ ـ في مجمع البيان قيل نزلت الاية في عبد الله بن أم مكتوم وهو عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بنى عامر بن لوى. وذلك انه أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وأبيا وامية إبني خلف يدعوهم الى الله ويرجو إسلامهم ، فقال : يا رسول الله اقربنى وعلمني مما علمك الله ، فجعل يناديه وكرر النداء ولا يدرى انه مشتغل مقبل على غيره ، حتى ظهرت الكراهية في وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقطعه كلامه. وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد انما اتباعه العميان والعبيد فأعرض وأقبل على القوم يكلمهم ، فنزلت الآيات وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رآه قال : مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ، ويقول : هل لك من حاجة؟ واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين ، قال انس بن مالك : فرأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء. وروى عن الصادق عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا راى أم مكتوم قال : مرحبا لا والله لا يعاتبني الله فيك أبدا وكان يصنع من اللطف حتى كان يكف عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مما يفعل به ، قال المرتضى علم الهدى قدس‌سره : ليس في ظاهر الاية دلالة على توجهها الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بل هي خبر محض لم يصرح به المخبر عنه ، وفيها ما يدل على ان المعنى بها غيره ، لان العبوس ليس من صفات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع الأعداء المتبائنين فضلا عن المؤمنين المسترشدين ثم الوصف بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة ، ويؤيد هذا القول قوله سبحانه في وصفه عليه‌السلام : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وقوله : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) والظاهر أن قوله : عبس وتولى المراد به غيره وروى عن الصادق عليه‌السلام انها نزلت في رجل من بنى امية كان عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجائه ابن أم مكتوم فلما رآه تقذر منه وعبس وجمع نفسه وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه.

٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب عثمان فقال : (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) قال : أنت إذا جاءك غنى تتصدى له وترفعه (وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) اى لا تبالي أزكيا كان أو غير زكى إذا كان غنيا و (أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى) يعنى ابن

٥٠٩

أم مكتوم (وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) اى تلهو ولا تلتفت اليه.

٦ ـ في مجمع البيان وفي الشواذ قراءة الحسن «آن جاءه» وقراءة أبى جعفر عليه‌السلام «تصدى» بضم التاء وفتح الصاد و «تلهى» بضم التاء أيضا.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ) قال : القرآن (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ) قال : عند الله (مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) قال : بأيدى الائمة عليهم‌السلام كرام بررة.

٨ ـ في مجمع البيان (كِرامٍ بَرَرَةٍ) وقال قتادة : هم القراء يكتبونها ويقرءونها ، قال: وروى الفضيل بن يسار عن الصادق عليه‌السلام قال : الحافظ للقرآن العالم به مع السفرة الكرام البررة (انتهى).

٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) قال : هو أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : (ما أَكْفَرَهُ) اى ما فعل وأذنب حتى قتلوه ، أخبرنا احمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن ابن أبى نصر عن جميل بن دراج عن أبى اسامة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) قال نعم. نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام ما أكفره؟ يعنى بقتلكم إياه.

١٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) اى لعن الإنسان.

١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا من الرواية عنه اعنى قوله : بقتلكم إياه ثم نسب أمير المؤمنين عليه‌السلام ونسب خلقه وما أكرمه الله به فقال : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) يقول : من طينة الأنبياء خلقه فقدره للخير (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) يعنى سبيل الهدى ثم أماته ميتة الأنبياء (ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) قلت : فما قوله : (ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ)؟ قال يمكث بعد قتله في الرجعة فيقضى ما أمره.

وفيه اى في تفسيره أيضا (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) قال : يسر له طريق الخير.

قال عز من قائل : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ).

١٢ ـ في كتاب علل الشرائع في العلل التي ذكر الفضل بن شاذان انه

٥١٠

سمعها من الرضا عليه‌السلام فان قال : فلم امر بدفنه؟ قيل : لئلا يظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره وتغير ريحه ، ولا تتأذى به الأحياء بريحه وبما يدخل به الافة والدنس والفساد ، وليكون مستورا عن الأولياء والأعداء فلا يشمت عدو ولا يحزن صديق.

١٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم : (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) اى لم يقض أمير المؤمنينعليه‌السلام ما قد أمره ، وسيرجع حتى يقضى ما (أَمَرَهُ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) الى قوله : (وَقَضْباً) قال : القضب القت (١) قوله : وفاكهة وأبا قال: الأب الحشيش للبهائم.

١٤ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله وروى أن أبا بكر سئل عن قول الله تعالى : (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) فلم يعرف معنى الأب من القرآن ، وقال : اى سماء تظلني أم اى أرض تقلني أم كيف أصنع ان قلت في كتاب الله بما لا أعلم ، اما الفاكهة فنعرفها ، واما الأب فالله أعلم ، فبلغ أمير المؤمنين عليه‌السلام مقاله في ذلك فقال : سبحان الله اما علم أن الأب هو الكلاء والمرعى؟ وان قوله تعالى (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) اعتداد من الله بانعامه على خلقه فيما غذاهم به وخلقه لهم ولانعامهم مما تحيى به أنفسهم ، وتقوم به أجسادهم.

أقول قد نقلنا في سورة والنازعات عند قوله عزوجل (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) ما يكون بيانا لقوله عزوجل : (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) الى قوله : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) فليراجع.

١٥ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : وقام رجل يسأله فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن قول الله تعالى (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) من هم؟ قال : قابيل وهابيل. والذي يفر من امه موسى ، والذي يفر من أبيه إبراهيم يعنى الأب المربي لا الوالد ، والذي يفر من صاحبته لوط ، والذي يفر من ابنه نوح وابنه كنعان.

__________________

(١) القت : الفصفصة ، وهي الرطبة من علف الدواب.

٥١١

في كتاب الخصال عن الحسين بن على عليه‌السلام قال : كان على بن ابى طالب عليه‌السلام بالكوفة في الجامع إذ جاء اليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل ، وكان فيما سأله أن قال له : أخبرنى عن قول الله تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) وذكر مثل ما في عيون الاخبار سواء ؛ الا انه ليس فيه يعنى الأب المربي لا الوالد وبعده قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : انما يفر موسى من امه خشية أن يكون قصر فيما وجب عليه من حقها ، وإبراهيم انما يفر من الأب المربي المشرك لا من الأب الوالد وهو تارخ

١٦ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام عن أهل المحشر : ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض ؛ فذلك قولهعزوجل : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ)

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) قال شغل يشغله عن غيره.

١٨ ـ في مجمع البيان وروى عن عطاء بن يسار عن سودة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يبعث الناس حفاة عراة غر لا (١) يلجمهم العرق ويبلغ شحمة الأذان ، قالت قلت : يا رسول الله وسوأتاه ينظر بعضنا الى بعض إذا جاء؟! قال : شغل الناس عن ذلك ، وتلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ).

١٩ ـ في محاسن البرقي عنه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن على عليه‌السلام قال : ومن وقر مسجدا لقى الله يوم يلقاه ضاحكا مستبشرا وأعطاه كتابه بيمينه.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : من قرء عبس وتولى و (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) كان تحت جناح الله من الجنات ، وفي ظل الله وكرامته وفي

__________________

(١) الغرل جمع الأغرل : الأقلف وهو الذي لم يختن.

٥١٢

جناته ، ولا يعظم ذلك على الله ان شاء الله.

٢ ـ في مجمع البيان ابى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن قرء (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) أعاذه الله ان يفضحه حين ينشر صحيفته.

٣ ـ ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب ان ينظر الى يوم القيامة فليقرأ (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).

٤ ـ وروى ابو بكر قال : قلت : يا رسول الله أسرع إليك الشيب؟ قال : شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت.

٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى ابى ذر الغفاري رحمه‌الله قال : كنت آخذا بيد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نتماشى جميعا ، فما زلنا ننظر الى الشمس حتى غابت ، فقلت يا رسول الله أين تغيب؟ قال : في السماء ثم ترفع من سماء الى سماء حتى ترفع الى السماء السابعة العليا حتى تكون تحت العرش ، فتخر ساجدة فتسجد معها الملائكة الموكلون بها ثم تقول : يا رب من أين أطلع؟ أمن مغربي أم من مطلعي؟ فذلك قوله عزوجل : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) يعنى صنع الرب العزيز في ملكه بخلقه ، قال : فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف وقصره في الشتاء وما بين ذلك في الخريف والربيع قال : فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فكأني بها قد جلست مقدار ثلاث ليال ثم لا تكسى ضوء وتؤمر أن تطلع من مغربها فذلك قوله عزوجل : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) والقمر كذلك من مطلعه ومجراه في أفق السماء ومغربه وارتفاعه الى السماء السابعة ، ويسجد تحت العرش ثم يأتيه جبرئيل من نور الكرسي ، فذلك قوله عزوجل : (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً).

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال : تصير سوداء مظلمة (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) قال : يذهب ضوءها. (وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) قال تسير كما قال: (تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) قوله : (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ)

٥١٣

قال الإبل تتعطل إذا مات الخلق فلا يكون من يحلبها قوله : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) قال: تتحول البحار التي حول الدنيا كلما نيرانا (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قال : من الحور العين.

٧ ـ وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قال : اما أهل الجنة فزوجوا الخيرات الحسان ، واما أهل النار فمع كل إنسان منهم شيطان يعنى قرنت نفوس الكافرين والمنافقين بالشياطين فهم قرنائهم.

٨ ـ في مجمع البيان وروى عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) بفتح الميم والواو وروى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ). (١)

٩ ـ وفيه ومن قرء «وإذا الموؤدة سألت بفتح السين» جعلت الموؤدة موصوفة بالسؤال، وبالقول (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ). ويمكن ان يكون الله تعالى أكملها في تلك الحال وأقدرها على النطق حتى قالت ذلك القول ، ويعضده ما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه يجيء المقتول ظلما يوم القيامة وأوداجه تشخب دما اللون لون الدم ، والريح ريح المسك ، متعلقا بقاتله يقول : يا رب سل هذا فيما قتلني ، واما من قرء الموؤدة بفتح الميم والواو فالمراد بذلك الرحم والقرابة ، وانه يسأل قاطعها عن سبب قطعها ، وعن أبى جعفر عليه‌السلام قال : يعنى قرابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن قتل في جهاد.

وفي رواية اخرى قال : هو من قتل في مودتنا وولايتنا.

١٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الباقر عليه‌السلام في قوله : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) يقول : اسئلكم عن المودة التي انزل عليكم فضلها مودة ذي القربى ، وحق الواجب على الناس ، وحبنا الواجب على الخلق ، قتلوا موءودنا بأى ذنب قتلتمونا.

١١ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل

__________________

(١) اى بفتح السين في «سئلت» والقاف في «قتلت».

٥١٤

بن حسان وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبى الديلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ثم قال جل ذكره : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) وكان على عليه‌السلام وكان حقه الوصية التي جعلت والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار النبوة ، فقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ثم قال : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) يقول اسئلكم عن المودة التي نزلت عليكم فضلها مودة القربى بأى ذنب قتلتموهم.

١٢ ـ محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ايها الناس ان الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسول الى أن قال : ودفنوا في التراب الموؤدة بينهم من أولادهم أو لا يختارون دونهم طيب العيش ورفاهية خفوض الدنيا ، لا يرجون ثوابا ولا يخافون والله منه عقابا ، حيهم أعمى نجس وميتهم في النار مبلس فجاءهم بنسخة ما في الصحف الاولى.

١٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمان بن حماد عن بعض أصحابه رفعه قال : قال أمير المؤمنين : واما الذنب الذي لا يغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض ان الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه (١) أقسم قسما على نفسه فقال : وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف بكف ، ومسحة بكف أو نطحة ما بين القرناء الى الجماء (٢) فيقتص للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبقى لأحد على أحد مظلمة ، ثم يبعثهم للحساب ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا أحمد ابن محمد عن على بن الحكم عن أيمن بن محرز عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) قال : من قتل في مودتنا ، وقال على بن إبراهيم في قوله : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) قال : صحف الأعمال قوله :

__________________

(١) لعله كناية عن ظهور أحكامه وثوابه وحسابه.

(٢) نطحه ـ كمنعه ـ : أصابه بقرنه. والجماء : الشاة لا قرن لها.

٥١٥

(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) قال : أبطلت.

١٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وفي رواية سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي وذكر حديثا طويلا وفيه قال على عليه‌السلام : ويلك يا ابن الخطاب لو تدري مما خرجت وفيما دخلت وما ذا جنيت على نفسك وعلى صاحبك؟ فقال أبو بكر : يا عمر اما إذا بايع وأمنا شره وفتكه وغائلته فدعه يقول ما يشاء فقال على عليه‌السلام لست بقائل غير شيء واحد. أذكركم بالله أيها الاربعة يعنيني والزبير وأبا ذر والمقداد : أسمعتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ان تابوتا من نار فيه اثنا عشر رجلا ، ستة من الأولين وستة من الآخرين ، في جب في قعر جهنم في تابوت مقفل ، على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله أن يسعر جهنم كشف تلك الصخرة عن ذلك الجب فاستعاذت جهنم من وهج (١) ذلك الجب فسألناه عنهم وأنتم شهود فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : اما الأولين فابن آدم الذي قتل أخاه ، وفرعون الفراعنة ، والذي حاج إبراهيم في ربه ، ورجلان من بنى إسرائيل بدلا كتابهم وغيرا سنتهم ، اما أحدهما فهود اليهود ، والاخر نصر النصارى ، وإبليس سادسهم ، والدجال في الآخرين وهؤلاء الخمسة أصحاب الصحيفة الذين تعاهدوا وتعاقدوا على عداوتك يا أخى وتظاهروا عليك بعدي ، هذا وهذا وهذا حتى عدهم وسماهم؟ فقال سلمان : فقلنا صدقت نشهد انا سمعنا ذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

١٦ ـ وعن سليم بن قيس الهلالي قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام للزبير وقد ادعى ان سعيد بن عمرو بن نفيل سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في العشرة : انهم من أهل الجنة : ووالله ان بعض من سميته لفي تابوت في شعب في جب في أسفل درك من جهنم ؛ على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله ان يسعر جهنم رفع تلك الصخرة ، سمعت ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم في قوله : فلا اقسم بالخنس قال: اى واقسم بالخنس وهو اسم النجوم الجوار الكنس قال : النجوم

__________________

(١) الوهج ـ محركة ـ : اتقاد النار والشمس وحرهما من بعيد.

٥١٦

تكنس (١) بالنهار فلا تبين.

١٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى إبراهيم بن عطية عن أم هانى الثقفية قال : غدوت على سيدي محمد بن على الباقر عليهما‌السلام فقلت : يا سيدي آية من كتاب الله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قال : نعم المسئلة سئلتنى يا أم هانى هذا مولود في آخر الزمان هو المهدي من هذه العترة ، يكون له حيرة وغيبة يضل فيها قوم ويهتدى فيها قوم ، فيا طوبى لك ان ادركتيه ويا طوبى لمن أدركه.

١٩ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن جعفر بن محمد عن موسى بن جعفر البغدادي عن وهب بن شاذان عن الحسن بن ابى الربيع عن محمد بن إسحاق عن أم هانى قال : سألت أبا جعفر محمد بن على عليهما‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قالت : فقال : امام يخنس (٢) سنة ستين ومأتين ، ثم يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء ، وان أدركت زمانه قرت عينك.

٢٠ ـ عدة من أصحابنا عن سعد بن عبد الله عن احمد بن الحسن عن عمر بن يزيد عن الحسن بن الربيع الهمداني قال حدثنا محمد بن إسحاق عن أسيد بن ثعلبة عن أم هانى قال : لقيت أبا جعفر محمد بن على عليهما‌السلام فسألته عن هذه الاية (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قال الخنس امام يخنس في زمانه عند انقطاع علمه من عند الناس سنة ستين ومأتين ، ثم يبدو كالشهاب الواقد في ظلمة الليل ، فان أدركت ذلك قرت عينك.

٢١ ـ في مجمع البيان «بالخنس» وهي النجوم تخنس بالنهار وتبدو بالليل والجوار صفة لها ، لأنها تجري في أفلاكها «الكنس» من صفتها أيضا لأنها تكنس اى تتوارى في بروجها كما تتوارى الظباء في كناسها (٣) وهي خمسة أنجم : زحل والمشترى والمريخ والزهرة وعطارد عن على عليه‌السلام. (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) اى إذا

__________________

(١) اى تستر.

(٢) اى يستر.

(٣) الكناس ـ ككتاب ـ : بيت الطبي يستتر فيه.

٥١٧

أدبر بظلامه عن على عليه‌السلام.

٢٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) قال : إذا أظلم (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) قال : إذا ارتفع.

٢٣ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله عن شيء تنفس ليس له لحم ولا دم؟ فقال : ذاك الصبح إذا تنفس.

٢٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا جعفر بن احمد قال : حدثنا عبد الله بن موسى عن الحسن بن على بن ابى حمزة عن أبيه عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله: (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) قال : يعنى جبرئيل قلت : قوله : (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) قال : يعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو المطاع عند ربه الأمين يوم القيامة.

٢٥ ـ في مجمع البيان وفي الحديث ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل : ما أحسن ما اثنى عليك ربك (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) فما كانت قوتك وما كانت أمانتك؟ فقال : أما قوتي فانى بعثت الى مدائن لوط وهي أربع مدائن ، في كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري ، فحملتهم من الأرض حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلاب ، ثم هويت بهن فقلبتهن واما أمانتى فانى لم أؤمر بشيء فعدوته الى غيره.

٢٦ ـ وفيه عند قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) روى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل لما نزلت هذه الاية : هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال : نعم انى كنت أخشى عاقبة الأمر فآمنت بك لما اثنى الله على بقوله : (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ).

٢٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه من الحديث أعنى قوله يوم القيامة : قلت : وما صاحبكم بمجنون قال : يعنى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في نصبه أمير المؤمنين عليه‌السلام علما للناس.

٢٨ ـ في كتاب الخصال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : من قال في كل يوم من

٥١٨

شعبان سبعين مرة : استغفر الله الذي لا اله الا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم وأتوب اليه ، كتب في أفق المبين ، قال : قلت : وما الأفق المبين؟ قال : قاع (١) بين يدي العرش فيه أنهار تطرد ، وفيه من القدحان عدد النجوم.

٢٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه قريبا اعنى قوله «علما للناس» قلت (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) قال : ما هو تبارك وتعالى على نبيه بغيبه بضنين عليه ، قلت قوله : (وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) قال : يعنى الكهنة الذين كانوا في قريش فنسب كلامهم الى كلام الشياطين الذين كانوا معهم ، يتكلمون على ألسنتهم ، فقال: (وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) مثل أولئك ، قلت قوله : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لِمَنْ) أخذ الله ميثاقه على ولايته عليه‌السلام قلت : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) قال : في طاعة على والائمة من بعده قلت قوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) قال : لان المشية اليه تبارك وتعالى لا الى الناس.

٣٠ ـ حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا محمد بن أحمد عن أحمد بن محمد السياري عن فلان عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : ان الله جعل قلوب الائمة موردا لإرادته ، فاذا شاء الله شيئا شاؤه ، وهو قوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).

٣١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام يذكر فيه جواب بعض الزنادقة عما اعترض به على التنزيل أجاب عليه‌السلام عما توهمه من التناقض بين قوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله : «(يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) ، وتوفته رسلنا ، وتتوفاهم الملائكة» بقوله : «فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة ، ولملك الموت أعوان من ملائكة» الرحمة والنقمة يصدرون عن امره فعلهم فعله ، وكل ما يأتونه منسوب اليه ، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ، وفعل ملك الموت فعل الله ، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ، ويعطى ويمنع ويثيب

__________________

(١) القاع : ارض سهلة مطمئنة.

٥١٩

ويعاقب على يد من يشاء ، وان فعل امنائه فعله ، كما قال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى الحسين بن ابى العلاء قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من قرء هاتين السورتين وجعلهما نصب عينيه في صلوة الفريضة والنافلة (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) و (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) لم يحجبه الله من حاجبة ، ولم يحجزه من الله حاجز ، ولم يزل ينظر الى الله وينظر الله اليه حتى يفرق من حساب الناس.

٢ ـ في مجمع البيان ابى بن كعب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن قرأها أعطاه الله من الأجر بعدد كل قبر حسنة ، وبعدد كل قطرة ماء حسنة ، وأصلح له شأنه يوم القيامة.

٣ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في دعاء مروي عن الصادق عليه‌السلام واسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت ، ووضعته على السماء فانشقت ، وعلى النجوم فانتشرت.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) قال : تنشق فيخرج الناس منها (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) اى ما عملت من خير وشر.

٥ ـ في مجمع البيان (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) هذا كقوله : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) وقد مر ذكره وعن عبد الله بن مسعود قال : ما قدمت من خير أو شر وما أخرت من سنة حسنة استن بها بعده فله أجر من اتبعه من غير ان ينقص من أجورهم ، أو سنة سيئة عمل بها بعده فعليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ، ويؤيد هذا القول ما جاء في الحديث ان سائلا قام (١)

__________________

(١) وفي نسخة الأصل «قدم» بدل «قام».

٥٢٠