تفسير نور الثقلين - ج ٥

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٤٨

٢٩ ـ في روضة الواعظين للمفيد رحمه‌الله وقال تعالى في سورة المجادلة : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) وروى ان اليهود أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : السام عليك يا محمد ، والسام بلغتهم الموت ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليكم فانزل الله تعالى هذه الاية.

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال على بن إبراهيم في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ) قال : كان أصحاب رسول الله يأتون رسول الله فيسألونه أن يسئل الله لهم ، وكانوا يسألون ما لا يحل لهم ، فأنزل الله (وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) وقولهم له إذا أتوه : أنعم صباحا وأنعم مساء وهي تحية أهل الجاهلية فانزل الله وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله فقال لهم رسول الله قد أبدلنا الله بخير تحية أهل الجنة السلام عليكم.

٣١ ـ وقوله : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) قال : فانه حدثني ابى عن محمد بن أبى عمير عن أبى بصير عن أبى عبد الله قال : كان سبب نزول هذه الاية ان فاطمة عليها‌السلام رأت في منامها ان رسول الله هم أن يخرج هو وفاطمة وعلى والحسن والحسين صلوات الله عليهم من المدينة ، فخرجوا حتى جازوا من حيطان المدينة ، فعرض لهم طريقان فأخذ رسول الله ذات اليمين حتى انتهى الى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاة ذرعاء وهي التي في احدى أذنيها نقط بيض ، فأمر بذبحها ، فلما أكلوا ماتوا في مكانهم فانتبهت فاطمة باكية ذعرة (١) فلم تخبر رسول الله بذلك فلما أصبحت جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحمار فاركب عليه فاطمة وأمر ان يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم‌السلام من المدينة كما رأت فاطمة في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان فأخذ رسول الله ذات اليمين كما رأت فاطمة عليها‌السلام حتى انتهوا الى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله شاة كما رأت فاطمة فأمر بذبحها فذبحت وشويت فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة ان يموتوا ، فطلبها

__________________

(١) ذعر بمعنى خاف.

٢٦١

رسول الله حتى وقف عليها وهي تبكي ، فقال ، ما شأنك يا بنية؟ قالت : يا رسول الله رأيت البارحة كذا وكذا في نومى وقد فعلت أنت كما رأيته فتنحيت عنكم لئلا أراكم تموتون ، فقام رسول الله فصلى ركعتين ثم ناجى ربه فنزل عليه جبرئيل! فقال : يا محمد هذا شيطان يقال له الرها وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا ، ويؤذى المؤمنين في نومهم ما يغتمون به ، فأمر جبرئيل فجائه الى رسول الله فقال له : أنت الذي أريت فاطمة هذه الرؤيا؟ فقال : نعم يا محمد فبزق عليه ثلاث بزقات (١) فشجه في ثلاث مواضع ثم قال جبرئيل لمحمد : يا محمد إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه أو رأى أحد من المؤمنين فليقل أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياء الله المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت من رؤياى. ويقرء الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد ويتفل عن يساره ثلاث تفلات ، فانه ما يضره ما رأى ، فأنزل الله عزوجل على رسوله : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) «الاية»

٣٢ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبى بكر الحضرمي وبكر بن أبى بكر قال : حدثنا سليمان بن خالد قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) قال : الثاني.

٣٣ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : إذا رأى الرجل منكم ما يكره في منامه فليتحول عن شقه الذي كان عليه نائما وليقل : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ثم ليقل : عذت بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبيائه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت ومن شر الشيطان الرجيم.

٣٤ ـ في مجمع البيان وقيل ان الاية المراد بها أحلام المنام التي يراها الإنسان في نومه فحزنه ، وورد في الخبر عن عبد الله بن مسعود قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فان ذلك يحزنه.

__________________

(١) البزاق : البصاق.

٢٦٢

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال على بن إبراهيم في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا دخل المسجد يقوم له الناس ، فنهاهم الله ان يقوموا له ، فقال : تفسحوا اى وسعوا له في المجلس ، (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) يعنى إذا قال : قوموا فقوموا.

٣٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي روى عن الحسن العسكري عليه‌السلام انه اتصل بأبى الحسن على بن محمد العسكري عليهما‌السلام ان رجلا من فقهاء شيعته كلم بعض النصاب فأفحمه بحجته (١) حتى أبان عن فضيحته فدخل على على بن محمد عليهما‌السلام وفي صدر مجلسه دست عظيم (٢) منصوب وهو قاعد خارج الدست ، وبحضرته خلق من العلويين وبنى هاشم فما زال يرفعه حتى أجلسه في ذلك الدست وأقبل عليه فاشتد ذلك على أولئك الاشراف فاما العلويون فعجلوه عن العتاب ، واما الهاشميون فقال له شيخهم : يا ابن رسول الله هكذا تؤثر عاميا على سادات بنى هاشم من الطالبيين والعباسيين؟ فقال عليه‌السلام : إياكم وأن تكونوا من الذين قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) أترضون بكتاب الله عزوجل حكما؟ قالوا : بلى. قال : أليس الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) الى قوله (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) فلم يرض للعالم المؤمن الا ان يرفع على المؤمن غير العالم كما لم يرض للمؤمن الا ان يرفع على من ليس بمؤمن ، أخبرونى عنه قال : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) أو قال يرفع الله الذين أوتوا شرف النسب درجات؟ أو ليس قال الله عزوجل : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فكيف تنكرون رفعي لهذا لما وفقه الله ان كسر هذا فلان الناصب بحجج الله التي علمه إياها لأفضل له من كل شرف في النسب؟ والحديث

__________________

(١) أفحمه : أسكته بالحجة.

(٢) الدست : الوسادة.

٢٦٣

طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٧ ـ في مجمع البيان (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) وقد ورد أيضا في الحديث انه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : فضل العالم على الشهيد درجة ، وفضل الشهيد على العابد درجة ، وفضل النبي على العالم درجة ، وفضل القرآن على ساير الكلام كفضل الله على ساير خلقه ، وفضل العالم على ساير الناس كفضلى على أدناهم ، رواه جابر بن عبد الله.

٣٨ ـ وقال على عليه‌السلام : من جائته منيته وهو يطلب العلم فبينه وبين الأنبياء درجة

٣٩ ـ في جوامع الجامع وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بين العالم والعابد مأة درجة.

بين كل درجتين حضر الجواد المضمر (١) سبعين سنة.

٤٠ ـ وعنه عليه‌السلام فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على ساير الكواكب.

٤١ ـ وعنه عليه‌السلام تشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ، ثم العلماء ثم الشهداء.

٤٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في مكالمة بينه وبين اليهود وفيه : فأنزل الله عزوجل ألا يكلموني حتى يتصدقوا بصدقة ، وما كان ذلك لنبي قط قال الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ) نجويكم صدقة ثم وضعها عنهم بعد أن فرضها عليهم برحمته ومنه.

٤٣ ـ وعن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب : نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الاية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) فكنت انا الذي قدم الصدقة غيري؟ قالوا : لا.

__________________

(١) الحضر : الاسم من أحضر الفرس : عدا شديدا. والمضمر : من ضمر بمعنى هزل ودق وكانت العرب تضمر الخيل للغزو والسباق ، وذلك بان يربطه ويكثر ماءه وعلفه حتى يسمن ثم يقلل ماءه وعلفه مدة ويركضه في الميدان حتى يهزل ومدة التضمير عندهم أربعون.

٢٦٤

٤٤ ـ في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام وتعدادها قال : واما الرابع والعشرون فان الله أنزل على رسوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) فكان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول الله أتصدق قبل ذلك بدرهم ، فو الله ما فعل هذا أحد من أصحابه قبلي ولا بعدي ، فانزل الله عزوجل : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) الاية فهل تكون التوبة الا عن ذلك؟

٤٥ ـ وفيه احتجاج على عليه‌السلام على ابى بكر قال : فأنشدك بالله أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صدقة فناجاه ، وعاتب الله تعالى قوما فقال : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) الاية أم أنا؟ قال : بل أنت.

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قال : إذا سألتم رسول الله حاجة فتصدقوا بين يدي حاجتكم ليكون أقضى لحوائجكم ، فلم يفعل ذلك أحد الا أمير المؤمنين فانه تصدق بدينار ، وناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشر نجوات.

٤٧ ـ حدثنا أحمد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن صفوان عن ابن مسكان عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قال : قدم على بن أبي طالب عليه‌السلام بين يدي نجواه صدقة ، ثم نسختها بقوله : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ).

٤٨ ـ وباسناده الى مجاهد قال : قال على عليه‌السلام : ان في كتاب الله لاية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها بعدي آية النجوى ، انه كان لي دينار فبعته بعشر دراهم ، فجعلت أقدم بين يدي كل نجوى أناجيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله درهما قال : فنسختها قوله : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) الى قوله : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)

٤٩ ـ في مجمع البيان وقال على عليه‌السلام : بى خفف الله عن هذه الامة ، لم تنزل في أحد قبلي ولم تنزل في أحد بعدي.

٢٦٥

٥٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال على بن إبراهيم : في قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) قال : نزلت في الثاني لأنه مر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو جالس عند رجل من اليهود يكتب خبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ) فجاء الثاني الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآلهفقال رسول الله : رأيتك تكتب عن اليهود ، وقد نهى الله عن ذلك فقال : يا رسول الله كتبت عنه ما في التوراة من صفتك وأقبل يقرء ذلك على رسول الله وهو غضبان ، فقال له رجل من الأنصار : ويلك أما ترى غضب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليك؟ فقال : أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، انى انما كتبت ذلك لما وجدت فيه من خبرك ، فقال له رسول الله : يا فلان لو أن موسى بن عمران فيهم قائما ثم أتيته رغبة عما جئت به لكنت كافرا بما جئت به وهو قوله (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) اى حجابا بينهم وبين الكفار وأيمانهم ، أقروا باللسان خوفا من السيف ودفع الجزية وقوله : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فتعرض عليهم أعمالهم فيحلفون له ، انهم لم يعملوا منها شيئا كما حلفوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدنيا حين حلفوا ان لا يردوا الولاية في بنى هاشم ؛ وحين هموا بقتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في العقبة ، فلما اطلع الله نبيه وأخبره حلفوا انهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به حين أنزل الله على رسوله «(يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ) يقولوا (يَكُ خَيْراً لَهُمْ) قال : ذلك إذا عرض عزوجل ذلك عليهم في القيامة ينكروه ويحلفوا له كما حلفوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقوله : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ).

٥١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب خطبة للحسين عليه‌السلام خطب بها لما رأى صفوف أهل الكوفة بكربلا كالليل والسيل وفيها : فنعم الرب ربنا وبئس العباد أنتم أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد ثم انكم رجعتم الى ذريته وعترته تريدون

٢٦٦

قتلهم ؛ لقد استحوذ عليكم الشيطان فانساكم ذكر الله العظيم فتبا لكم ولما تريدون ، انا لله وانا اليه راجعون ، هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم فبعدا للقوم الظالمين.

٥٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بينما موسى عليه‌السلام جالسا إذ أقبل اليه إبليس وعليه برنس (١) ذو ألوان ، فلما أدنى من موسى عليه‌السلام خلع البرنس وقام الى موسى عليه‌السلام فسلم عليه فقال له موسى : من أنت؟ قال : أنا إبليس ، قال : أنت فلا قرب الله دارك ، قال : انى أنما جئت لأسلم عليك لمكانك من الله ، قال : فقال له موسى : ما هذا البرنس؟ قال : به اختطف قلوب بنى آدم ، فقال له موسى : فأخبرنى بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال : إذا أعجبت نفسه ؛ واستكثر عمله وصغر في عينه ذنبه ، وقال : قال الله عزوجل لداود : يا داود بشر المذنبين وأنذر الصديقين. قال : كيف أبشر المذنبين وانذر الصديقين؟ قال : يا داود بشر المذنبين انى أقبل التوبة وأعفو عن الذنب وأنذر الصديقين أن لا يعجبوا بأعمالهم فانه ليس عبد أنصبه للحساب الا هلك.

٥٣ ـ الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الحسن بن على الوشاء وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال جميعا عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام قال خطب أمير المؤمنين الناس فقال : ايها الناس انما بدو وقوع الفتن أهواء تتبع واحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله يتولوا فيها رجال رجالا فلو ان الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ؛ ولو ان الحق خلص لم يكن اختلاف ، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى.

٥٤ ـ في مجمع البيان : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)

__________________

(١) البرنس : كل ثوب يكون غطاء الرأس جزءا منه متصلا به.

٢٦٧

وروى ان المسلمين قالوا لما رأوا ما يفتح الله عليهم من القرى ليفتحن الله علينا الروم وفارس ؛ فقال المنافقون أتظنون ان فارس والروم كبعض القرى التي غلبتم عليها ، فأنزل الله هذه الآية.

٥٥ ـ في عيون الاخبار في باب نسخة وصية موسى بن جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه موسى بن جعفر عليه‌السلام : وأوصيت الى على إبني الى قوله عليه‌السلام وأمهات أولادي ومن أقام منهم في منزله وفي حجابه فله ما كان يجرى عليه في حيوتى ان أراد ذلك ، ومن خرج منهن الى زوج فليس لها أن ترجع الى حزانتي (١) الا ان يرى على ذلك ، وبناتي مثل ذلك ، ولا تزوج بناتي أحد من أحق بهن (٢) من أمهاتهن ، ولا سلطان ولا عمل لهن الا برأيه ومشورته ، فان فعلوا ذلك فقد خالفوا الله تعالى ورسوله وحادوه في ملكه.

٥٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل يقول فيه وقد ذكر عليا وأولاده عليهم‌السلام الا ان أعداء على عليه‌السلام هم أهل الشقاق هم العادون واخوان الشياطين الذين يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا ، الا ان أوليائهم الذين ذكرهم الله في كتابه المؤمنون فقال عزوجل : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) الى آخر الاية.

٥٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى عن جعفر بن محمد عن الحسن بن معاوية عن عبد الله بن جبلة عن إبراهيم بن خلف بن عباد الأنماطي عن مفضل بن عمر قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام وعنده في البيت أناس ، فظننت انه انما أراد بذلك غيري ، فقال : اما والله ليغلبن عنكم صاحب هذا الأمر ، وليخملن (٣) حتى يقال مات ، هلك ، في اى واد سلك ، ولتكفأن تكفأ السفينة (٤) في أمواج البحر

__________________

(١) الحزانة ـ بالضم ـ : عيال الرجل الذين يهتم بهم ويتحزن لاجلهم.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «أخواتهن» مكان «أحق بهن» ويحتمل فيه التصحيف.

(٣) خمل ذكره : خفي.

(٤) التكفي : التمايل الى قدام. وتكفأ في مشيته : ماد وتمايل.

٢٦٨

لا ينجو الا من أخذ الله ميثاقه ، وكتب الايمان في قلبه ، وأيده بروح منه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٨ ـ وباسناده الى أبى حمزة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله عزوجل: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) قال : هو الايمان.

٥٩ ـ وباسناده الى الفضيل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) هل لهم فيما (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ) صنع؟ قال : لا.

٦٠ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن جميل عن أبى ـ عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) قال : هو الايمان.

٦١ ـ وباسناده الى أبان بن تغلب عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ما من مؤمن الا ولقلبه أذنان في جوفه : اذن ينفث فيه الوسواس الخناس ، واذن ينفث فيها الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك ، فذلك قوله : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ).

٦٢ ـ وباسناده الى محمد بن سنان عن أبى خديجة قال : دخلت على أبى الحسن عليه‌السلام فقال لي : ان الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقى ، ويغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدى ، فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه ، وتسيخ في الثرى عند إساءته ، فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقينا ، وتربحوا نفيسا ثمينا ، رحم الله امرأ أهم بخير فعمله ، أو هم بشر فارتدع عنه ، ثم قال : نحن نؤيد بالروح بالطاعة الله والعمل له.

٦٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام في قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا زنى الرجل فارقه روح الايمان ، قال : هو قوله : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) ذلك الذي يفارقه.

٦٤ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن داود قال : سئلت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا زنى الرجل فارقه روح الايمان ، قال : فقال : هو مثل قول الله عزوجل : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) ثم قال غير هذا أبين منه ، ذلك قول الله عزوجل (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) هو الذي فارقه.

٢٦٩

٦٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه فاما ما ذكر من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين ، جعل الله فيهم خمسة أرواح ، روح القدس وروح الايمان ، وروح القوة ، وروح الشهوة وروح البدن ، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين ، وبها علموا الأشياء وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا ، وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معاشهم ، وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء ، وبروح البدن دبوا ودرجوا فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم ، ثم قال : قال الله عزوجل : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) ثم قال في جماعتهم : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) يقول أكرمهم بها ، فضلهم على من سواهم ، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم.

٦٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) قال : ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل وكان مع رسول الله وهو مع الائمة.

٦٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن يعقوب بن يزيد وعبد الرحمن بن حماد عن العبدي عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : الايمان في القلب واليقين خطرات.

٦٨ ـ في كتاب الخصال عن سويد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت فما الذي ثبت الايمان في العبد؟ قال : الذي يثبته فيه الورع ، والذي يخرجه منه الطمع.

٦٩ ـ عن على بن سالم عن أبيه قال ؛ قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام : ادنى ما يخرج به الرجل من الايمان ان يجلس الى غال فيستمع الى حديثه ويصدقه الى قوله.

٧٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام فقلت قول الله عزوجل (يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) فقال : اليد في كلام العرب القوة والنعمة قال الله : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) وقال :

٢٧٠

(وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) اى بقوة ، وقال : (أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) اى قوة منه ، ويقال لفلان عندي يد بيضاء اى نعمة.

٧١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أحمد بن اسحق قال : قلت لأبي محمد الحسن بن على عليه‌السلام وقد ذكر ان غيبة القائم تطول : وان غيبته لتطول؟ قال اى وربي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ولا يبقى الا من أخذ الله عزوجل ميثاقه لولايتنا وكتب في قلبه الايمان (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٢ ـ وباسناده الى الحسن بن محمد بن صالح البزاز قال : سمعت الحسن بن على بن محمد العسكري عليه‌السلام يقول : ان إبني هو القائم من بعدي ، وهو الذي يخرج في سير الأنبياءعليه‌السلام بالتعمير والغيبة ، تقسو القلوب بطول الأمد فلا يثبت على القول به الا من كتب الله عزوجل في قلبه الايمان وأيده بروح منه.

٧٣ ـ وباسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق ، والمظهر للدين والباسط للعدل ، قال الحسين : فقلت له يا أمير المؤمنين وان ذلك لكائن؟ فقال عليه‌السلام : اى والذي بعث محمدا بالنبوة ، واصطفاه على البرية ، ولكن بعد غيبة وحيرة ، ولا يثبت فيها على دينه الا المخلصون المباشرون لروح اليقين ، الذين أخذ الله عزوجل ميثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأ سورة الحشر لم يبق جنة ولا نار ولا عرش ولا كرسي ، ولا الحجب والسموات السبع والأرضون السبع والهواء والريح والطير والشجر والجبال والشمس والقمر والملائكة الا صلوا عليه ، واستغفروا له وان مات في يومه أو ليله مات شهيدا.

٢٧١

٢ ـ في مجمع البيان ابى بن كعب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرء سورة الحشر لم يبق جنة ولا نار ولا عرش ولا كرسي ولا حجاب ولا السماوات السبع والأرضون السبع والهوام والطير والشجر والدواب والشمس والقمر والملائكة الا صلوا عليه واستغفروا له ، وان مات من يومه أو ليله مات شهيدا.

٣ ـ وعن أبى سعيد المكاري عن ابى عبد الله عليه‌السلام من قرأ إذا امسى وكل الله بداره ملكا شاهرا سيفه حتى يصبح.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) قال : سبب ذلك انه كان بالمدينة ثلثة أبطن من اليهود بنى النضير وقريضة وقينقاع ، وكان بينهم وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهد ومدة فنقضوا عهدهم ، وكان سبب ذلك بنى النضير في نقض عهدهم انه أتاهم رسول الله يستسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة يعنى يستقرض ، وكان بينهم كعب بن الأشرف ، فلما دخل على كعب قال : مرحبا يا أبا القاسم وأهلا وقام كأنه يصنع له الطعام. وحديث نفسه أن يقتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويتبع أصحابه فنزل جبرئيل فأخبره بذلك فرجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المدينة وقال لمحمد بن مسلمة الأنصاري ، اذهب الى بنى النضير فأخبرهم ان الله عزوجل قد أخبرنى بما هممتم به من الغدر ، فاما أن تخرجوا من بلدنا واما أن تأذنوا بحرب ، فقالوا : نخرج من بلادك ، فبعث إليهم عبد الله بن أبى : لا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمدا الحرب فانى أنصركم أنا وقومي وحلفائى ، فان خرجتم خرجت معكم ، وان قاتلتم قاتلت معكم ؛ فأقاموا وأصلحوا بينهم حصونهم وتهيئوا للقتال ، وبعثوا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع ، فقام رسول الله وكبر وكبر أصحابه وقال لأمير المؤمنين : تقدم على بنى النضير فأخذ أمير المؤمنين الراية وتقدم وجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأحاط بحصنهم ، وغدر بهم عبد الله بن ابى وكان رسول الله إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا اما يليهم وخربوا ما يليه ؛ وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه ، وقد كان رسول الله أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك

٢٧٢

وقالوا : يا محمد ان الله يأمرك بالفساد؟ ان كان لك هذا فخذه ، وان كان لنا فلا تقطعه ، فلما كان بعد ذلك قالوا : يا محمد نخرج من بلادك فأعطنا ما لنا ، فقال : لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الا بل فلم يقبلوا ذلك ، فبقوا أياما ثم قالوا : فخرج ولنا ما حملت الإبل ، فقال : لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا ، فمن وجدنا معه شيئا من ذلك قتلناه ، فخرجوا على ذلك ووقع منهم قوم الى فدك ووادي القرى وخرج قوم منهم الى الشام ، فأنزل الله فيهم (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) الى قوله (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) وانزل الله عليه فيما عابوه من قطع النخل : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) الى قوله (رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) وأنزل الله عليه في عبد الله بن أبى وأصحابه (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) الى قوله (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) ثم قال : (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعنى بنى قينقاع «(قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ) مقيم» ثم ضرب في عبد الله بن أبى وبنى النضير مثلا فقال : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) فيه زيادة أحرف لم تكن في رواية على بن إبراهيم حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت عن احمد بن ميثم عن الحسن بن على بن أبى حمزة عن أبان بن عثمان عن أبى بصير في غزوة بنى النضير وزاد فيه فقال رسول الله للأنصار : ان شئتم دفعتها الى المهاجرين ، وان شئتم قسمتها بينكم وبينهم وتركتهم معهم قالوا : قد شئنا ان تقسمها فيهم فقسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين المهاجرين ، ودفعهم عن الأنصار ولم يعط من الأنصار الا رجلين سهل بن حنيف وأبا دجانة فإنهما ذكرا حاجة.

٥ ـ وفيه عن الامام الحسن بن على بن أبى طالب عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه ثم يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب ، ويتبعهما بريحين شديدين فيحشر

٢٧٣

الناس عند صخرة بيت المقدس ، فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة ، ويزلف المتقين وتصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين وفيها الفلق والسجين فتفرق الخلائق من عند الصخرة ، فمن وجبت له الجنة دخلها ومن وجب له النار دخلها ، وذلك قوله : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ).

٦ ـ في مجمع البيان : لاول الحشر اختلف في معناه ، فقيل : كان جلائهم ذلك أول حشر اليهود الى الشام ، ثم يحشر الناس يوم القيمة الى ارض الشام أيضا وذلك الحشر الثاني عن ابن عباس والزهري والجبائي ، قال ابن عباس : قال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اخرجوا ، قالوا : الى اين؟ قال : الى أرض المحشر.

٧ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وقال في آية : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) يعنى أرسل عليهم عذابا.

٨ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : ولا يصح الاعتبار الا لأهل الصفا والبصيرة قال الله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ).

٩ ـ في كتاب الخصال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان أكثر عبادة أبى ذر رحمه‌الله التفكر والاعتبار.

١٠ ـ في الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبى خديجة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : العجوة أم التمر ، وهي التي أنزلها الله عزوجل من الجنة لادم عليه‌السلام ، وهو قول الله عزوجل : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها) يعنى العجوة.

١١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبى عمرو الزبيري عن أبى عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه‌السلام : ان جميع ما بين السماء والأرض لله عزوجل ولرسوله ولأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة

٢٧٤

فما كان من الدنيا في أيدى المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمولى عن طاعتهما ، مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم عليه مما أفاء الله على رسوله ، فهو حقهم أفاء الله عليهم ورده إليهم وانما معنى الفيء كلما صار الى المشركين ثم رجع مما كان قد غلب عليه أو فيه ، فما رجع الى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عزوجل : «فان فاءوا فان الله غفور رحيم» اى رجعوا ثم قال : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وقال : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) اى ترجع «فان فاءت» اى رجعت (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) يعنى بقوله «تفيء» ترجع فدل الدليل على ان الفيء كل راجع الى مكان قد كان عليه أو فيه ، ويقال للشمس إذا زالت قد فاءت الشمس حين يفيء الفيء عند رجوع الشمس الى زوالها ، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار فانما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم.

١٢ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه : قالت العلماء : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا فأول ذلك قوله عزوجل الى أن قال : والاية الخامسة قول الله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) خصوصية خصهم الله العزيز الجبار واصطفاهم على الامة ، فلما نزلت هذه الاية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ادعوا الى فاطمة ، فدعيت له فقال : يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله ، فقال : هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، وهي خاصة لك دون المسلمين ، وقد جعلها لك لما أمرنى الله به فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.

١٣ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن حفص بن البختري عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب

٢٧٥

أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم وكل ارض خربة وبطون الاودية فهو لرسول الله وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء.

١٤ ـ على بن محمد عن بعض أصحابنا أظنه السياري عن على بن أسباط قال : لما ورد ابو الحسن الموسى عليه‌السلام على المهدي رآه يرد المظالم فقال : يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال : ان الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فدك وما والاها لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فأنزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) فلم يدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هم ، فراجع في ذلك جبرئيل وراجع جبرئيل عليه‌السلام ربه فأوحى الله اليه : ان ادفع فدك الى فاطمة عليها‌السلام فدعاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لها : يا فاطمة ان الله أمرني ان أدفع إليك فدك ، فقال : قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك ، فلم يزل وكلائها فيها حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما ولى أبو بكر اخرج منها وكلائها ، فأتته وسئلته أن يردها عليها فقال لها ائتني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك ، فجاءت أمير المؤمنين عليه‌السلام وأم أيمن ، فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض ، فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر ، فقال : ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت : كتاب كتبه لي ابن أبى قحافة ، قال أرينيه فأبت فانتزعه من يدها ونظر فيه ، ثم تفل فيه ومحاه وخرقه ، وقال لها : هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب ، فضعي الحبال (١) في رقابنا ، فقال له المهدي : يا أبا الحسن حدها لي ، قال : حد منها جبل أحد وحد منها عريش مصر ، وحد ، منها سيف البحر وحد منها دومة الجندل ، فقال له : كل هذا؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين هذا كله ان هذا كله مما لم يوجف على أهله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بخيل ولا ركاب ، فقال : كثير وانظر فيه.

__________________

(١) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول : اى ضعى الحبال في رقابنا لترفعنا الى حاكم قاله تحقيرا وتعجزيا ، وقاله تفريعا على المحال بزعمه اى انك إذا أعطيت ذلك وضعت الحبل على رقابنا وجعلتنا عبيدا لك ، أو انك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها أبوك بأنها ملكك فاحكمى على رقابنا أيضا بالملكية ، وفي بعض النسخ «الجبال» بالمعجمة اى ان قدرت على وضع الجبال على رقابنا فضعي.

٢٧٦

١٥ ـ في الخرائج والجرائح في روايات الخاصة ان أبا عبد الله عليه‌السلام قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج في غزاة ، فلما انصرف راجعا نزل في بعض الطريق فبينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يطعم والناس معه إذ أتاه جبرئيل فقال : يا محمد قم فاركب. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فركبت وجبرئيل معنى فطويت له الأرض كطي الثوب : حتى انتهى الى فدك ، فلما سمع أهل فدك وقع الخيل علموا ان عدوهم قد جائهم فغلقوا أبواب المدينة ودفعوا المفاتيح الى عجوز لهم في بيت خارج من المدينة ولحقوا برؤس الجبال ؛ فأتى جبرئيل العجوز وأخذ المفاتيح ثم فتح أبواب المدينة ودار النبي في بيوتها وقراها ، فقال جبرئيل : يا محمد انظر الى ما خصك الله به وأعطاكه دون الناس وهو قوله (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) وذلك قوله (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) ولم يعرف المسلمون ولم يطئوها ، ولكن الله أتاها على رسوله وطوف به جبرئيل في دورها وحيطانها وغلق الأبواب ودفع المفاتيح اليه ، فجعلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غلاف سيفه ، وهو معلق بالرحل ؛ ثم ركب وطويت له الأرض كطي السجل فأتاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهم على مجالسهم ولم يتفرقوا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد انتهيت الى فدك وانى قد أفاءها الله على ، فغمز المنافقون بعضهم بعضا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذه مفاتيح فدك ، ثم أخرجها من غلاف سيفه ، ثم ركب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وركب الناس معه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد قال : حدثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال : الخمس من خمسة أشياء ، الى أن قال : وما كان في القرى من ميراث لا وارث له فهو له خاصة ، وهو قوله عزوجل : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى).

١٧ ـ في تهذيب الأحكام عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبى عياش عن سليم بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : نحن والله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فقال :

٢٧٧

(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) منا خاصة ولم يجعل لنا سهما في الصدقة ، أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أو ساخ ما في أيدي الناس.

١٨ ـ في مجمع البيان روى المنهال بن عمر عن على بن الحسين عليه‌السلام قال : قلت : قوله : (وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) قال : هم قرباؤنا ومساكيننا وأبناء سبيلنا.

١٩ ـ وقال جميع الفقهاء : هم يتامى الناس عامة ، وكذلك المساكين وأبناء السبيل وقد روى ذلك أيضا عنهم عليهم‌السلام.

٢٠ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : كان أبى يقول : لنا سهم الرسول وسهم ذي القربى ونحن شركاء الناس فيما بقي ، وقيل : ان مال الفيء للفقراء من قرابة الرسول وهم بنو هاشم وبنوا المطلب.

٢١ ـ وروى عن الصادق عليه‌السلام قال : نحن قوم فرض الله طاعتنا ، ولنا الأنفال ولنا صفو المال.

٢٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما كتبه الرضا للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين : والبرائة ممن نفى الأخيار وشردهم ، وآوى الطرداء اللعناء وجعل الأموال دولة بين الأغنياء ، واستعمل السفهاء مثل معاوية وعمرو بن العاص لعيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والبراءة من أشياعهم والذين حاربوا أمير المؤمنين عليه‌السلام وقتلوا الأنصار والمهاجرين وأهل الفضل والصلاح من السابقين

٢٣ ـ في جوامع الجامع وقيل : الدولة اسم ما يتداول كالغرفة اسم ما يغترف ، اى لكيلا يكون الفيء شيئا يتداوله الأغنياء بينهم ويتعاودونه ، ومنه الحديث : اتخذوا عباد الله خولا (١) ومال الله دولا اى غلبة ، من غلب منهم سلبه.

٢٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم عن أبى رحمة الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : سمعته يقول: إذا بلغ آل أبى العاص ثلاثين صيروا مال الله دولا وكتاب الله دغلا وعباده خولا والفاسقين

__________________

(١) الخول جمع الخولي : العبيد والإماء وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحديث الآتي «دغلا» اى يخدعون الناس.

٢٧٨

حزبا والصالحين حربا.

٢٥ ـ في عيون الاخبار باسناده الى ياسر الخادم قال : قلت للرضا عليه‌السلام ما تقول في التفويض؟ قال : ان الله تبارك وتعالى فوض الى نبيه أمر دينه فقال : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ، فاما الخلق والرزق فلا ، ثم قال عليه‌السلام : ان الله عزوجل خالق كل شيء وهو يقول : (الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).

٢٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى ابن عمر اليماني عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل خلق الخلق فعلم ما هم صائرون اليه ، وأمرهم ونهاهم ؛ فما أمر به من شيء فقد جعل لهم السبيل الى الأخذ به ، وما نهاهم عن شيء فقد جعل لهم السبيل الى تركه ، ولا يكونون آخذين ولا تاركين الا بإذن الله.

٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبى الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام انه قال : قد والله أوتينا ما أوتى سليمان وما لم يؤت سليمان ، وما لم يؤت أحدا من الأنبياء ، قال الله عزوجل في قصة سليمان : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وقال عزوجل في قصة محمد : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).

٢٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبى ظاهر عن على بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن أبى إسحاق النحوي قال : دخلت على أبى عبد الله عليه‌السلام فسمعته يقول : ان الله عزوجل : أدب نبيه على محبته فقال : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ثم فوض اليه فقال عزوجل (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وقال عزوجل : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن ابن أبى نجران عن عاصم بن حميد عن ابى اسحق قال : سمعت أبا جعفر يقول : ثم ذكره نحوه.

٢٧٩

٣٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن يحيى بن أبى عمران عن يونس عن بكار بن بكر عن موسى بن أشيم قال : كنت عند أبى عبد الله عليه‌السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله عزوجل فأخبره ، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الاية فأخبره بخلاف ما أخبر الاول ، فدخلني من ذلك ما شاء الله ، حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين ، فقلت في نفسي : تركت أبا قتادة بالشام لا يخطى في الواو وشبهه ، وجئت الى هذا يخطى هذا الخطاء كله؟ فبينا انا كذلك إذ دخل عليه آخر فسئله عن تلك الاية فأخبره بخلاف ما أخبرنى وأخبر صاحبي ، فسكنت نفسي ، فعلمت ان ذلك منه تقية قال : ثم التفت الى فقال لي : يا ابن أشيم ان الله عزوجل فوض الى سليمان بن داود فقال : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وفوض الى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فما فوض الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد فوضه إلينا.

٣١ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن الحجال عن ثعلبة عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : (١) ان الله عزوجل فوض نبيه امر خلقه لينظر طاعتهم ، ثم تلا هذه الاية (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)

٣٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عمر بن أذينة عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر (٢) ان الله عزوجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال : (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ثم فوض اليه أمر الدين والامة ليسوس عباده ، فقال عزوجل :

__________________

(١) وفي المصدر «عن أبى جعفر وأبى عبد الله (عليه السلام) يقولان ... اه».

(٢) قيس الماصر من المتكلمين تعلمه من على بن الحسين (عليه السلام) وصحب الصادق (عليه السلام) وهو من أصحاب مجلس الشامي الذي ناظره جمع من متكلمي أصحابه (عليه السلام) ونقل حديثه الطبرسي (ره) في كتاب الاحتجاج والكليني (ره) في الكافي ج ١ : ١٧١ ، وفيه كلام للصادق (عليه السلام)قاله لقيس بعد مناظرته الشامي والحديث بشرحه مذكور في كتاب بحار الأنوار ج ٧ صفحة ٤ ط كمبانى فراجع ان شئت.

٢٨٠