تفسير نور الثقلين - ج ٥

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٤٨

المؤمنين وبايمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) قال : يقسم النور بين الناس يوم القيامة على قدر ايمانهم ، يقسم للمنافق فيكون نوره بين إبهام رجله اليسرى فينظر نوره ثم يقول للمؤمنين : مكانكم حتى أقتبس من نوركم فيقول المؤمنون لهم : (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً) فيرجعون ويضرب (بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ) فينادوا من وراء السور للمؤمنين : (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) قال : بالمعاصي وارتبتم قال : اى شككتم وتربصتم وقوله : (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) قال : والله ما عنى بذلك اليهود ولا النصارى ، وما عنى به الا أهل القبلة ثم قال : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) قال : هي أولى بكم.

٦١ ـ في مصباح شيخ الطائفة (ره) خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام خطب بها يوم الغدير وفيها يقول عليه‌السلام : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) قبل أن يضرب بالسور باطنه الرحمة وظاهر العذاب فتنادون فلا يسمع نداءكم وتضجون فلا يحفل بضجيجكم. (١)

٦٢ ـ في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام وتعدادها قال عليه‌السلام : والثلاثون فانى سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : تحشرا متى يوم القيامة على خمس رايات ، فأول راية ترد على مع فرعون هذه الامة وهو معاوية ، والثانية مع سامرى هذه الامة وهو عمرو بن عاص ، والثالثة مع جاثليق هذه الامة وهو أبو موسى الأشعري ، والرابعة مع أبى الأعور السلمي ، وأما الخامسة فمعك يا على ، تحتها المؤمنون وأنت امامهم ، ثم يقول الله تبارك وتعالى للاربعة : (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ) وهم شيعتي ومن والإني وقاتل معى الفئة الباغية والناكبة عن الصراط ، وباب الرحمة هم شيعتي فينادى هؤلاء : (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ

__________________

(١) اى لا يهتم به.

٢٤١

في الدنيا (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ثم ترد أمتي وشيعتي فيروون من حوض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وبيدي عصى عوسج اطرد بها أعدائى طرد غريبة الإبل. (١)

٦٣ ـ في الكافي باسناده الى أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : تجنبوا المنى فانها تذهب بهجة ما خولتم ، وتستصغرون بها مواهب الله جل وعز عندكم وتعقبكم الحسرات فيما وهمتم به أنفسكم.

٦٤ ـ وباسناده الى أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : لم يزل بنو إسماعيل ولاة البيت ويقيمون للناس حجتهم وأمر دينهم يتوارثونه كابر (٢) عن كابر حتى كان زمن عدنان بن أدد ، (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) وفسدوا وأحدثوا في دينهم وأخرج بعضهم بعضا ، الحديث.

٦٥ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سماعة وغيره عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : نزلت هذه الاية في القائم عليه‌السلام (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).

٦٦ ـ في مجمع البيان ومن كلام عيسى عليه‌السلام لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم فان القلب القاسي بعيد من الله.

٦٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سلام بن المستنير عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) قال : يحيى الله تعالى بالقائم بعد موتها ، يعنى بموتها كفر أهلها والكافر ميت.

٦٨ ـ وباسناده الى سليط قال : قال الحسن بن على بن أبى طالب عليهم

__________________

(١) اى الإبل الغريبة وذلك ان الإبل إذا وردت الماء فدخل عليها غريبة من غيرها ضربت وطردت حتى تخرج عنها.

(٢) اى عظيما وكبيرا عن كبير.

٢٤٢

السلام : منا اثنى عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين على بن أبى طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي هو القائم بالحق به يحيى الله الأرض بعد موتها ، ويظهر به الدين الحق على الدين كله ولو كره المشركون ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٩ ـ في روضة الكافي باسناده الى محمد الحلبي انه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) قال العدل بعد الجور.

أقول : قد سبق في الروم عند قوله تعالى : (يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) بعض الأحاديث فلتراجع.

٧٠ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه ما من الشيعة عبد يقارف (١) أمرا نهيناه عنه فيموت حتى يبتلى ببلية تمحص بها ذنوبه ، اما في مال واما في ولد واما في نفس حتى يلقى الله وما له ذنب ، انه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدد عليه عند موته ، الميت من شيعتنا صديق شهيد ، صدق بأمرنا وأحب فينا وأبغض فينا ، يريد ذلك الله عزوجل يؤمن بالله وبرسوله ، قال الله عزوجل : «يؤمن بالله وبرسوله» قال الله عزوجل (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ).

٧١ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة يقول فيهاعليه‌السلام : وانى النبأ العظيم والصديق الأكبر.

٧٢ ـ وباسناده الى أبى حمزة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لرجل من الشيعة : أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات ، كل مؤمنة حوراء عيناء ، وكل مؤمن صديق والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٣ ـ في مجمع البيان : (لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) اى لهم ثواب طاعتهم ونور ايمانهم

__________________

(١) قارف الذنب : داناه.

٢٤٣

الذي يهتدون به الى طريق الجنة ، وهذا قول عبد الله بن مسعود ورواية البراء بن عازب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٧٤ ـ وروى العياشي بالإسناد عن منهال القصاب قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام: ادع الله أن يرزقني الشهادة ، فقال : ان المؤمن شهيد وقرأ هذه الاية.

٧٥ ـ وعن الحارث بن المغيرة قال : كنا عند أبى جعفر عليه‌السلام فقال : العارف منكم هذا الأمر المنتظر له المحتسب فيه الخير كمن جاهد والله مع قائم آل محمد بسيفه ، ثم قال : بل والله كمن جاهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بسيفه ، ثم قال الثالثة : بل والله كمن استشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في فسطاطه ؛ وفيكم آية من كتاب الله قلت : وأية آية جعلت فداك؟ قال : قول الله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) قال : صرتم والله شهداء عند ربكم.

٧٦ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى أبى حصير عمن سمع على بن الحسين عليهما‌السلام يقول وذكر الشهداء قال : فقال بعضنا في المبطون ، وقال بعضنا في الذي يأكله السبع ، وقال بعضنا غير ذلك مما يذكر في الشهادة ، فقال إنسان : ما كنت أرى ان الشهيد الا من قتل في سبيل الله؟ فقال على بن الحسين عليهما‌السلام ان الشهداء إذا لقليل ثم قرء هذه الاية (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ثم قال : هذه لنا ولشيعتنا.

٧٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله الجعفري عن جميل بن دراج عن عمرو بن مروان عن الحارث بن حصيرة عن زيد بن أرقم عن على بن الحسين عليهما‌السلام قال : ما من شيعتنا الا صديق أو شهيد ، قال : قلت جعلت فداك أنى يكون ذلك وعامتهم يموتون على فرشهم؟ فقال : اما تتلو كتاب الله في الحديد : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) قال : فكأني لم اقرأ هذه الاية من كتاب الله عزوجل ، وقال : لو كان الشهداء ليس الا كما تقول (١)

__________________

(١) وفي بعض النسخ «لو كان الشهداء ما يقولون كان الشهداء ... اه».

٢٤٤

لكان الشهداء قليلا :

٧٨ ـ عنه عن أبيه عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن ابن مسكان عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : يا با محمد ان الميت منكم على هذا الأمر شهيد ، قلت : وان مات على فراشه؟ قال : أى والله وان مات على فراشه حي عند ربه يرزق.

٧٩ ـ عنه عن إبراهيم بن اسحق عن عبد الله بن حماد عن أبان بن تغلب قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام إذا ذكر هؤلاء الذين يقتلون في الثغور يقول : ويلهم ما يصنعون بهذا يتعجلون قتلة الدنيا وقتلة الاخرة ، والله ما الشهداء الا شيعتنا وان ماتوا على فراشهم.

٨٠ ـ عنه عن ابن محبوب عن عمرو بن ثابت أبى المقدام عن مالك الجهني قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا مالك ان الميت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب في سبيل الله ، وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما يضر رجلا من شيعتنا أية ميتة مات أو اكلة سبع أو حرق بالنار أو خنق أو قتل ، هو والله شهيد.

٨١ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى ابن عباس انه سئل عن قول الله عزوجل: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) قال : سئل قوم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : فيمن نزلت هذه يا نبي الله؟ قال : إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض ، ونادى مناد : ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا وقد بعث الله محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فيقوم على بن أبى طالب فيعطى الله اللواء من النور أبيض بيده تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، ولا يخالطهم غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة ، ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا فيعطى اجره ونوره ، فاذا أتى على آخرهم قيل لهم : قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من الجنة ، ان ربكم يقول لكم عندي مغفرة وأجر عظيم يعنى الجنة ، فيقوم الى الجنة ، على بن أبى طالب والقوم تحت لوائه معهم حتى يدخل الجنة ، ثم يرجع الى منبره ولا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ منهم الى الجنة ويترك أقواما على النار ، فذلك

٢٤٥

قول الله عزوجل : «(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ) أجرهم ونورهم» يعنى السابقين الأولين والمؤمنين وأهل الولاية له وقوله : و (الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) هم الذين قاسم عليهم النار فاستحقوا الجحيم.

٨٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : أخبرنى عما ندب الله عزوجل المؤمنين اليه من الاستباق الى الايمان ، فقال : قول الله عزوجل (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا ابى عن ابن ابى عمير عن أبى بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان أدنى أهل الجنة منزلا لو نزل به الثقلان الجن والانس لو لوسعهم طعاما وشرابا ، ولا ينقص مما عنده شيئا ، وان أيسر أهل الجنة منزلا من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق ، فاذا دخل أدناهن راى فيها من الأزواج ومن الخدم والأنهار والثمار ما شاء الله ، مما يملأ عينه قرة وقلبه مسرة ، فاذا شكر الله وحمده قيل له : ارفع رأسك الى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الاخرى فيقول : يا رب أعطنى هذه فيقول الله تعالى : ان أعطيتكها سألتنى غيرها؟ فيقول : رب هذه هذه ، فاذا هو دخلها وعظمت مسرته شكر الله وحمده قال : فيقال افتحوا له بابا الى الجنة ، ويقال له : ارفع رأسك فاذا قد فتح له باب من الخلد ويرى أضعاف ما كان فيما قبل ، فيقول عند مضاعف مسراته : رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت على بالجنان وأنجيتنى من النيران ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : تعتلج النطفتان في الرحم فأيتهما كانت أكثر جاءت تشبهها ، فان كانت نطفة المرأة أكثر جاءت تشبه أخواله ، وان كانت نطفة الرجل أكثر جاءت تشبه أعمامه ، وقال : تحول النطفة في الرحم أربعين يوما فمن أراد ان يدعو الله عزوجل ففي تلك الأربعين

٢٤٦

قبل ان يخلق ؛ ثم يبعث الله عزوجل ملك الأرحام فيأخذها فيصعد بها الى الله عزوجل ، فيقف ما شاء الله فيقول : يا الهى اذكر أم أنثى؟ فيوحى الله عزوجل من ذلك شيئا ويكتب الملك ، فيقول : اللهم كم رزقه وما اجله؟ ثم يكتبه ويكتب كل ما يصيبه في الدنيا بين عينيه ثم يرجع فيرده في الرحم فذلك قول الله عزوجل : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها).

٨٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم رفعه قال : لما حمل على بن الحسين عليهما‌السلام الى يزيد بن معاوية فأوقف بين يديه ، قال يزيد لعنه الله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) فقال على بن الحسين عليه‌السلام ليست هذه الاية فينا ، ان فينا قول الله عزوجل: (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ).

٨٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده الى عبد الرحمان بن كثير عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) صدق الله وبلغت رسله كتابه في السماء ، علمه بها وكتابه في الأرض علومنا في ليلة القدر وغيرها ان ذلك على الله يسير.

٨٧ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : لما ادخل برأس الحسين بن على عليهما‌السلام على يزيد بن معاوية وادخل عليه على بن الحسين عليهما‌السلام مقيدا مغلولا قال يزيد : يا على بن الحسين (ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) فقال على بن الحسين عليهما‌السلام. كلاما نزلت هذه فينا انما نزلت فينا (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما أوتينا منها.

٨٨ ـ في كتاب مقتل الحسين (عليه السلام)لأبي مخنف ان يزيد لعنه الله لما نظر الى على بن الحسين عليهما‌السلام قال له : أبوك قطع رحمي وجهل حقي ونازعنى في سلطاني فعل الله به ما رأيت؟ فقال على بن الحسين : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ).

٢٤٧

٨٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال أبو جعفر عليه‌السلام : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ) قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : سأل رجل أبى عليه‌السلام عن ذلك فقال : نزلت في أبى بكر وأصحابه ، واحدة مقدمه ، وواحدة مؤخره ، لا تأسوا على ما فاتكم مما خص به على بن أبى طالب عليه‌السلام ولا تفرحوا بما آتاكم من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الرجل : اشهد انكم أصحاب الحكم الذي لا خلاف فيه ، ثم قال الرجل فذهب فلم أره.

٩٠ ـ وباسناده الى حفص بن غياث قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا؟ فقال : قد حده الله في كتابه فقال عزوجل : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ).

٩١ ـ وباسناده الى سليمان بن داود رفعه قال : جاء رجل الى على بن الحسينعليهما‌السلام فقال له : فما الزهد؟ قال : عشرة أجزاء فأعلى درجات الزهد أنى درجات الرضا ، الا وان الزهد في آية من كتاب الله (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ).

٩٢ ـ في أصول الكافي باسناده الى أبى جعفر الباقر عليه‌السلام حديث طويل وفيه ان الياس عليه‌السلام قال له عليه‌السلام : أخبرنى عن تفسير (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ) مما خص به على عليه‌السلام (وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) قال : في أبى فلان وأصحابه ، واحدة مقدمة وواحدة مؤخرة ، (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ) مما خص به على عليه‌السلام (وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٩٣ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن احمد بن محمد عن شعيب بن عبد الله عن بعض أصحابه رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان الناس ثلاثة : زاهد وصابر وراغب ، فأما الزاهد فقد خرجت الأحزان والا فراح من قبله ، فلا يفرح بشيء من الدنيا ولا يأسى على شيء منها فاته فهو مستريح ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد عن القاسم بن محمد عن سليمان

٢٤٨

بن داود المنقري عن على بن هاشم بن البريد عن أبيه أن رجلا سأل على بن الحسين عليهما‌السلام عن الزهد فقال : عشرة أجزاء فأعلى درجة الزهد الورع ، وأعلى درجة الورع ، أدنى درجة اليقين ، وأعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا ، الا وان الزهد في آية من كتاب الله (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ).

٩٥ ـ في نهج البلاغة وقال عليه‌السلام : الزهد كله بين كلمتين من القرآن قال الله تعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) ومن لم يأس على الماضي ، ولم يفرح بالآتى فقد أخذ الزهد بطرفيه.

٩٦ ـ في مجمع البيان : (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) وفي الحديث ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سأل عن سيد بنى عوف ، فقالوا : جد بن قيس على انه يزن بالبخل فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأى داء أدوى من البخل؟ سيدكم البراء بن معرور ـ معنى يزن يتهم ويعرف ـ.

٩٧ ـ في أصول الكافي باسناده الى عبد الحميد بن أبى الديلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين وانما سماهم عزوجل المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شيء الذي كان مع الأنبياء عليهم‌السلام ، يقول الله عزوجل : «(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ * وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ) الكتاب الاسم الأكبر ، وانما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان ، فيها كتاب نوح وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم ، فأخبر الله عزوجل (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) فأين صحف إبراهيم ، انما صحف إبراهيم الاسم الأكبر : فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها الى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٩٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ) قال : الميزان الامام.

٩٩ ـ في جوامع الجامع وروى ان جبرئيل عليه‌السلام نزل بالميزان فدفعه الى نوح

٢٤٩

وقال : مر قومك يزنوا به.

١٠٠ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه ـ وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات ـ وقد أعلمتك ان رب شيء من كتاب الله تأويله غير تنزيله ولا يشبه كلام البشر ، وسأنبئك بطرف منه فتكتفى ان شاء الله ، من ذلك قول إبراهيم : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) فذهابه الى ربه توجهه اليه عبادة واجتهادا ، وقربة الى الله جل وعز ، ألا ترى ان تأويله غير تنزيله ، وقال : (أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) يعنى السلاح وغير ذلك.

١٠١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث وفيه وقال: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) فانزاله ذلك خلفه إياه.

١٠٢ ـ في كتاب الخصال عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول عليه‌السلام فيه : ثم ان الجبال فخرت على الأرض فشمخت واستطالت ، وقالت : أى شيء يغلبني؟ فخلق الحديد فقطعها فقرت الجبال وذلت ، ثم ان الحديد فخر الجبال وقال : أى شيء يغلبني؟ فخلق النار فأذابت الحديد.

١٠٣ ـ في مجمع البيان وروى ابن عمر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله عزوجل انزل اربع بركات من السماء الى الأرض ، انزل الحديد والنار والماء والملح.

١٠٤ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : اما علمتم انه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سايرهم؟ قالوا : ومن اين يا أبا الحسن؟ قال : قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين ، اما علمتم ان نوحا حين سأل ربه عزوجل (فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) وذلك ان الله عزوجل وعده ان ينجيه واهله فقال له ربه عزوجل : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ).

٢٥٠

١٠٥ ـ وباسناده الى محمد بن على بن ابى عبد الله عن ابى الحسن عليه‌السلام في قول الله عزوجل (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) قال. صلوة الليل. في الكافي باسناده الى محمد بن على بن ابى عبد الله عن ابى الحسن عليه‌السلام مثله سواء.

١٠٦ ـ في مجمع البيان في خبر مرفوع عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فما رعاها الذين بعدهم حق رعايتها ، وذلك لتكذيبهم بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ابن عباس ، وقال الزجاج ان تقريره : (ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) وابتغاء رضوان الله اتباع ما أمره به ، فهذا وجه قال : وفيها وجه آخر جاء في التفسير انهم كانوا يرون من ملوكهم ما لا يصبرون عليه ، فاتخذوا أسرابا وصوامع (١) وابتدعوا ذلك ، فلما الزموا أنفسهم ذلك التطوع ودخلوا عليه لزمهم تمامه ، كما أن الإنسان إذا جعل على نفسه صوما لم يفرض عليه لزمه أن يتمه ، قال : وقوله : (فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) على ضربين : (أحدهما) أن يكونوا قصروا فيما ألزموه أنفسهم (والاخر) وهو الأجود أن يكونوا حين بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يؤمنوا به ؛ كانوا تاركين لطاعة الله ، فما رعوها تلك الرهبانية حق رعايتها ، ودليل ذلك قوله : (فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) أجرهم يعنى الذي آمنوا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكثير منهم فاسقون اى كافرون انتهى كلام الزجاج.

١٠٧ ـ ويعضد هذا ما جاءت به الرواية عن ابن مسعود قال : كنت رديف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الحمار فقال : يا ابن أم عبد هل تدري من أين أحدثت بنو إسرائيل الرهبانية؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ، فقال : ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى عليه‌السلام يعملون بمعاصي الله ، فغضب أهل الايمان فقاتلوهم ، فهزم أهل الايمان ثلاث مرات فلم يبق منهم الا القليل ، فقالوا : ان ظهرنا لهؤلاء أفنونا ولم يبق للدين أحد يدعو اليه ، فتعالوا نتفرق في الأرض الى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا به عيسى عليه‌السلام يعنون محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتفرقوا في غير ان الجبال (٢) وأحدثوا

__________________

(١) أسراب جمع السرب ـ محركة ـ : الحفير تحت الأرض. والصوامع جمع الصومعة : مغار الراهب.

(٢) جمع الغار.

٢٥١

رهبانية ، فمنهم من تمسك بدينه ؛ ومنهم من كفر ثم تلا هذه الاية : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) الى آخرها ثم قال : يا ابن أم عبد أتدري ما رهبانية أمتى؟ قال : الله ورسوله أعلم ، قال : الهجرة والجهاد والصلوة والصوم والحج والعمرة.

١٠٨ ـ وعن ابن مسعود قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا ابن مسعود اختلف من كان قبلكم على اثنين وسبعين فرقة ، نجا منها ثنتان وهلك سائرهن ، فرقة قاتلوا الملوك على دين عيسى فقتلوهم ، وفرقة لم يكن لهم طاقة لموازاة الملوك ولا أن يقيموا بين ظهرانيهم يدعونهم الى دين الله تعالى ودين عيسى ، فساحوا في البلاد وترهبوا ، وهم الذين قال الله : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من آمن بى وصدقنى واتبعنى فقد رعاها حق رعايتها ، ومن لم يؤمن بها فأولئك هم الهالكون.

١٠٩ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن سماعة بن مهران عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) قال : الحسن والحسين (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً) قال: امام تأتمون به.

١١٠ ـ أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن أبى الجارود قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : لقد آتى الله أهل الكتاب خيرا كثيرا قال : وما ذاك؟ قلت : قول الله عزوجل : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) الى قوله : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) قال : فقال قد آتاكم الله كما آتاهم ، ثم تلا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) يعنى إماما تأتمون به.

١١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) قال : نصيبين من رحمته ، أحدهما ، ان لا يدخله النار ، وثانيهما أن يدخله الجنة (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) يعنى الايمان.

٢٥٢

١١٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : «(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) قال : الكفلين والحسن والحسين والنور على.

١١٣ ـ في مجمع البيان قال سعيد بن جبير : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جعفرا ١ في سبعين راكبا الى النجاشي يدعوه فقد عليه ودعاه فاستجاب له وآمن به ، فلما كان عند انصرافه قال ناس ممن آمن به من أهل مملكته وهم أربعون رجلا : ائذن لنا فنأتي هذا النبي فنسلم به ، فقدموا مع جعفر ، فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة استأذنوا وقالوا : يا نبي الله ان لنا أموالا ونحن نرى ما بالمسلمين من الخصاصة فان أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها فاذن لهم فانصرفوا فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين ، فأنزل الله تعالى فيهم : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) الى قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فكانت النفقة التي واسوا بها المسلمين ، فلما سمع أهل الكتاب ممن لم يؤمن به قوله : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) فخروا على المسلمين فقالوا : يا معشر المسلمين اما من آمن بكتابكم وكتابنا فله أجر كأجوركم فما فضلكم علينا فنزل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) الاية فجعل لهم أجرين وزادهم النور والمغفرة ، ثم قال : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) وقال الكلبي كان هؤلاء أربعة وعشرين رجلا قدموا من اليمن على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو بمكة ، لم يكونوا يهودا ولا نصارى ، وكانوا على دين الأنبياء ؛ فأسلموا فقال لهم أبو جهل : بئس القوم أنتم والوفد لقومكم فردوا عليه (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ) الاية فجعل الله لهم ولمؤمنى أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه أجرين اثنين ، فجعلوا يفخرون على أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقولون : نحن أفضل منكم ، لنا أجر ان ولكم أجر واحد ، فنزل : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) الى آخر السورة. وروى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : من كانت له ابنة يعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها وأعتقها وتزوجها فله أجران ، وأيمان رجل من أهل الكتاب آمن

٢٥٣

بنيه وآمن بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فله أجران ، وأيما مملوك أدى حق الله وحق مواليه فله أجران أورده البخاري في الصحيح.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : من قرء سورة الحديد والمجادلة في صلوة فريضة أدمنها لم يعذبه الله حتى يموت أبدا ، ولا يرى في نفسه ولا أهله سوءا أبدا ولا خصاصة في بدنه.

٢ ـ في مجمع البيان أبى بن كعب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن قرأ سورة المجادلة كتب من حزب الله يوم القيامة.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) قال : كان سبب نزول هذه السورة انه أول من ظاهر في الإسلام ، كان رجلا يقال له أوس بن الصامت من الأنصار ، وكان شيخا كبيرا فغضب على اهله يوما ، فقال لها أنت على. كظهر أمي ثم ندم على ذلك ، قال : وكان الرجل في الجاهلية إذا قال لأهله : أنت على كظهر أمي حرمت عليه آخر الأبد ، وقال أوس لأهله : يا خولة انا كنا نحرم هذا في الجاهلية وقد أتانا الله بالإسلام فاذهبي الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاسئليه عن ذلك فأتت خولة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : بأبى أنت وأمي يا رسول الله ان أوس بن الصامت هو زوجي وأبو ولدي وابن عمى ، فقال لي : أنت على كظهر أمي وكنا نحرم ذلك في الجاهلية وقد أتانا الله [بالإسلام] بك ، حدثنا على بن الحسين قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن أبى ولاد عن حمران عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان امرأة من المسلمات أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : يا رسول الله ان فلانا زوجي وقد نثرت له بطني (١) وأعنته على دنياه وآخرته لم ير منى مكروها أشكوه

__________________

(١) نثرت المرأة بطنها : كثرت ولدها.

٢٥٤

إليك ، فقال : فبم تشكونيه؟ قالت : انه قال : أنت على حرام كظهر أمي وقد أخرجنى من منزلي ، فانظر في أمرى فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا أقضى فيه بينك وبين زوجك وأنا اكره أن أكون من المتكلفين فجعلت تبكي وتشتكي ما بها الى الله عزوجل والى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وانصرفت ، قال : فسمع الله تبارك وتعالى مجادلتها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زوجها وشكت اليه ، وأنزل الله عزوجل في ذلك قرآنا : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما) الى قوله : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) ، قال : فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المرأة فأتته فقال لها : جيئي بزوجك فأتت به ، فقال له : أقلت لامرأتك هذه: أنت حرام كظهر أمي؟ فقال : قد قلت لها ذاك ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد أنزل الله تبارك وتعالى فيك وفي امرأتك قرآنا وقرء (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) فضم إليك امرأتك فانك قد قلت منكرا من القول وزورا ، وقد عفى الله عنك وغفر لك ولا تعد ؛ قال : فانصرف الرجل وهو نادم على ما قال لامرأته وكره الله عزوجل ذلك للمؤمنين بعد ، وانزل الله : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) يعنى لما قال الرجل لامرأته : أنت على كظهر أمي قال : فمن قالها بعد ما عفى الله وغفر للرجل الاول فان عليه تحرير (رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) يعنى مجامعتهما (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) يعنى (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) قال : فجعل الله عقوبة من ظاهر بعد النهى هذا ثم قال : (ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) قال : هذا حد الظهار قال حمران قال أبو جعفر عليه‌السلام ولا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار ولا في غضب ، ولا يكون

٢٥٥

ظهار الا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين.

٤ ـ في مجمع البيان فاما ما ذهب اليه أئمة الهدى من آل محمد عليهم‌السلام فهو ان المراد بالعود ارادة الوطي ونقض القول الذي قاله ، لان الوطي لا يجوز الا بعد الكفارة ولا يبطل حكم قوله الاول الا بعد الكفارة.

٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل مملوك ظاهر من امرأته فقال : لا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها.

٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبى نصر عن الرضا عليه‌السلام قال : الظهار لا يقع على الغضب.

٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الظهار الواجب قال : الذي يريد به الرجل الظهار بعينه.

٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إذا قالت المرأة : زوجي على كظهر أمي فلا كفارة عليها.

٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبى عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : الظهار ضربان أحدهما فيه الكفارة قبل المواقعة ، والاخر بعده ، فالذي يكفر قبل المواقعة الذي يقول : أنت على كظهر أمي ، ولا يقول : ان فعلت بك كذا وكذا ، والذي يكفر بعد المواقعة هو الذي يقول : أنت على كظهر أمي ان قربتك.

١٠ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن القاسم بن محمد الزيات قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : انى ظاهرت من امرأتي؟ فقال : كيف قلت؟ قال : قلت : أنت على كظهر أمي ان فعلت كذا وكذا ، فقال : لا شيء عليك ولا تعد.

١١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن

٢٥٦

رجل من أصحابنا عن رجل قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام انى قلت لامرأتى : أنت على كظهر أمي ان خرجت من باب الحجرة ، فخرجت فقال : ليس عليك شيء فقلت : انى أقوى على أن اكفر؟ فقال : ليس عليك شيء ، فقلت : انى أقوى على أن أكفر رقبة ورقبتين؟ قال ليس عليك شيء قويت أو لم تقو.

١٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام : قال سمعته يقول : جاء رجل الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله ظاهرت من امرأتى قال : اذهب فأعتق رقبة ، قال : ليس عندي قال : اذهب فصم شهرين متتابعين ، قال : لا أقوى قال : اذهب فأطعم ستين مسكينا قال : ليس عندي قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا أتصدق عنك فأعطاه تمرا لإطعام ستين مسكينا فقال : اذهب فتصدق بها فقال : والذي بعثك بالحق لا اعلم بين لابتيها (١) أحدا أحوج اليه منى ومن عيالي ، قال : فاذهب وكل واطعم عيالك.

١٣ ـ عدة من أصحابنا عن سهل عن ابن محبوب عن ابى حمزة الثمالي عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن المملوك أعليه ظهار؟ فقال ، نصف ما على الحر من الصوم وليس عليه كفارة صدقة ولا عتق.

١٤ ـ على عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حفص بن البختري عن ابى عبد الله وابى الحسن عليهما‌السلام في رجل كان له عشر جوار فظاهر منهن كلهن جميعا بكلام واحد فقال : عليه عشر كفارات.

١٥ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن سيف التمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يقول لامرأته : أنت على كظهر أمي أو عمتي أو خالتي؟ قال : فقال: انما ذكر الله الأمهات وان هذا لحرام.

١٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن جميل بن دراج قال : قلت لأبي عبد الله : الرجل يقول لامرأته : أنت على كظهر عمته أو خالته؟ فقال : هو الظهار.

__________________

(١) الضمير في لابتيها يرجع الى المدينة. ولابتاها : جانباها. والابة : الحرة وهي ارض ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار. والمدينة المشرفة انما هي بين حرتين عظيمتين.

٢٥٧

١٧ ـ ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار والرزاز عن أيوب بن نوح عن صفوان عن اسحق بن عمار قال : سئلت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الرجل يظاهر من جاريته؟ فقال عليه‌السلام : الحرة والامة في ذا سواء.

١٨ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) قال عليه‌السلام : من مرض أو عطاش ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : صيام كفارة اليمين في الظهار شهرين متتابعين ، والتتابع ان يصوم شهرا أو يصوم من الشهر الاخر أياما أو شيئا منه ، فان عرض له شيء يفطر فيه أو ظهر ثم قضى ما بقي عليه ، وان صام شهرا ثم عرض له شيء فأفطر قبل ان يصوم من الاخر شيئا فلم يتابع أعاد الصوم كله.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه للظهار احكام وتفاصيل كثيرة مذكورة في محالها فمن أرادها وقف عليها هناك.

٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه وقوله : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) وقوله : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) وقوله (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) فانما أراد بذلك استيلاء امنائه بالقدرة التي ركبها فيهم على جميع خلقه ؛ وان فعلهم فعله.

٢١ ـ في كتاب الاهليلجة المنقول عن الصادق وانما سمى سميعا لأنه (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) يسمع دبيب النمل على الصفا وخفقان الطير في الهوا لا يخفى عليه خافية ولا شيء مما أدركه الأسماع والأبصار ، وما لا تدركه الأسماع والأبصار ، ما حل من ذلك وما دق وما صغر وما كبر.

٢٢ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى عمر بن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول

٢٥٨

الله عزوجل (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) فقال : هو واحد أحدى الذات باين من خلقه وبذلك وصف نفسه ؛ وهو بكل شيء محيط بالإشراف والاحاطة والقدرة ، (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ) ، بالإحاطة والعلم لا بالذات لان الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فاذا كان بالذات لزمه الحواية. وفي أصول الكافي مثله سواء.

٢٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي رفعه قال : سئل الجاثليق أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرني عن الله عزوجل اين هو؟ فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : هو هاهنا وهاهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا وهو قوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) قال فلان وفلان وأبى فلان حين اجتمعوا فدخلوا الكعبة فكتبوا بينهم كتابا ان مات محمد ان لا يرجع الأمر فيهم أبدا.

٢٥ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن على بن الحسين عن على بن أبي حمزة عن أبى بصير عن أبي عبد الله في قول الله عزوجل : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) قال : نزلت هذه الاية في فلان وفلان وأبى عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وسالم مولى أبى حذيفة والمغيرة بن شعبة ، حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتوثقوا لئن مضى محمد لا يكون الخلافة في بنى هاشم ولا النبوة أبدا فأنزل الله تعالى فيهم هذه الاية الى قوله : لعلك ترى انه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب الا يوم قتل الحسين عليه‌السلام وهكذا كان في سابق علم الله عزوجل الذي أعلمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كتب الكتاب قتل الحسين عليه‌السلام وخرج الملك من بنى هاشم فقد كان ذلك كله.

٢٥٩

٢٦ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة.

٢٧ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله وجاءت الرواية ان بعض أحبار اليهود جاء الى أبى بكر فقال له : أنت خليفة نبي هذه الامة؟ قال له : نعم ، فقال له : انا نجد في التورية ان خلفاء الأنبياء أعلم أممهم فخبرني عن الله اين هو في السماء هو أم في الأرض؟ فقال له أبو بكر : هو في السماء على العرش ، فقال اليهودي : فأرى الأرض خالية منه وأراه على هذا القول في مكان دون مكان؟ فقال له ابو بكر : هذا كلام الزنادقة اعزب عنى (١) والا قتلتك ، فقال له أمير المؤمنين على بن ابى طالب عليه‌السلام : يا يهودي قد عرفت ما سألت عنه وأجيب عنه به ، وانا نقول ان الله جل جلاله اين الأين فلا أين له ، وجل ان يحويه مكان ، هو في كل مكان بغير مماسة ولا مجاورة يحيط علما بما فيها ولا يخلو شيء منها من تدبيره تعالى ، وانى مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم تصدق ما ذكرته لك ، فان عرفته أتؤمن به؟ قال اليهودي : نعم قال : ألستم تجدون في بعض كتبكم ان موسى بن عمران كان ذات يوم جالسا إذ جائه ملك من المشرق فقال له موسى : من اين أقبلت؟ قال : من عند الله. ثم جائه ملك من المغرب فقال له : من اين جئت؟ قال : من عند الله ؛ ثم جاءه ملك فقال له : قد جئتك من السماء السابعة من عند الله ، ثم جائه ملك آخر فقال له : قد جئتك من الأرض السفلى من عند الله. فقال له موسى : سبحان من لا يخلو منه مكان ، ولا يكون الى مكان أقرب من مكان ، فقال اليهودي : اشهد ان هذا هو الحق وانك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه.

٢٨ ـ في مجمع البيان وقرء حمزة ورويس عن يعقوب «يتنجون» والباقون يتناجون ويشهد لقرائة حمزة قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في على عليه‌السلام لما قال له بعض أصحابه أتناجيه دوننا؟ ما انا انتجيته بل الله انتجاه.

__________________

(١) عزب عنه : بعد.

٢٦٠