تفسير نور الثقلين - ج ٥

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٤٨

٧٠ ـ وباسناده الى ابى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : اربعة نزلت من الجنة : العنب الرازقي والرطب المشان والرمان الا مليسى والتفاح الشيسقان.

٧١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : الفاكهة مأة وعشرون لونا سيدها الرمان.

٧٢ ـ وباسناده الى عمر بن أبان الكلبي قال : سمعت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام يقولان : ما على وجه الأرض ثمرة كانت أحب الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الرمان ، وكان والله إذا أكله لا يشركه فيها أحد.

٧٣ ـ وباسناده الى حماد بن عثمان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ما من شيء أشارك فيه أبغض الى من الرمان ، وما من رمانة الا وفيها حبة من الجنة ، فاذا أكلها الكافر بعث الله عزوجل اليه ملكا فانتزعها منه.

٧٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) قال : جوار نابتات على شط الكوثر ، كلما أخذت منها نبتت مكانها اخرى.

٧٥ ـ في مجمع البيان : (خَيْراتٌ حِسانٌ) اى نساء خيرات الأخلاق حسان الوجوه ، رواته أم سلمة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

٧٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال الصادق عليه‌السلام : الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا ، وهن أجمل من الحور العين.

٧٧ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن أبى أيوب عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) قال : هن صوالح المؤمنات العارفات.

٧٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن بريد النوفلي عن الحسين بن أعين أخو مالك بن أعين قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الرجل للرجل : جزاك الله خيرا ما يعنى به؟ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر ، والكوثر مخرجه من ساق العرش ، عليه منازل الأوصياء وشيعتهم ، على حافتي ذلك النهر جواري نابتات ، كلمات قلعت واحدة نبتت اخرى ، سمى

٢٠١

بذلك النهر وذلك قوله : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) فاذا قال الرجل لصاحبه : جزاك الله خيرا ، فانما يعنى بذلك تلك المنازل التي أعد الله عزوجل لصفوته وخيرته من خلقه أقول : ويتصل بآخر ما نقلنا من الحديث الاول من الروضة أعنى قوله : العارفات قال : قلت : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) قال : الحور هي البيض المضمومات (١) المخدرات في خيام الدر والياقوت والمرجان ، لكل خيمة أربعة أبواب ، على كل باب سبعون (٢) كاعبا حجابا لهن ويأتيهن في كل يوم كرامة من الله عز ذكره ؛ يبشر الله عزوجل بهن المؤمنين.

٧٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) يقصر الطرف عنها.

٨٠ ـ في مجمع البيان وعن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مررت ليلة اسرى بى بنهر حافتاه قباب المرجان فنوديت عنه : السلام عليك يا رسول الله فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال : هؤلاء جوار من الحور العين استأذن ربهن ان يسلمن عليك فأذن لهن فقلن : نحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نيأس أزواج رجال الكرام ، ثم قرء صلى‌الله‌عليه‌وآله (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ).

٨١ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الخيمة درة واحدة طولها في السماء ستون ميلا.

٨٢ ـ في جوامع الجامع وفي حديث الخيمة درة واحدة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراه الآخرون.

٨٣ ـ وقرئ في الشواذ : «رفارف خضر وعباقرى» كمدائني. وروى ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآلهوان شذ في القياس ترك صرف عباقرى فلا يستنكر مع استمراره في الاستعمال.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا على بن الحسين عن أحمد بن أبى عبد

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : المضمومات اى اللاتي ضمن الى خدورهن لا يفارقنه

(٢) الكاعب : الجارية حين تبدو ثديها للنبور اى الارتفاع عن الصدر.

٢٠٢

الله عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن هشام بن سالم عن سعد بن طريف عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) فقال : نحن جلال الله وكرامته التي أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا ومحبتنا.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : من قرء في كل ليلة جمعة «الواقعة» أحبه الله وحببه الى الناس أجمعين ؛ ولم ير في الدنيا بؤسا أبدا ولا فقرا ولا فاقة ولا آفة من آفات الدنيا وكان من رفقاء أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهذه السورة لأمير المؤمنين خاصة لم يشركه فيها أحد.

٢ ـ وباسناده عن الصادق عليه‌السلام قال : من اشتاق الى الجنة والى صفتها فليقرأ الواقعة ومن أحب أن ينظر الى صفة النار فليقرأ سجدة لقمان.

٣ ـ وباسناده عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : من قرء الواقعة كل ليلة قبل ان ينام لقى الله عزوجل ووجهه كالقمر ليلة البدر.

٤ ـ في مجمع البيان : ابى بن كعب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من قرأ سورة الواقعة كتب ليس من الغافلين.

٥ ـ وفيه عن عبد الله بن مسعود قال : انى سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من قرء سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا.

٦ ـ في كتاب الخصال عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال أبو بكر : يا رسول الله أسرع إليك الشيب؟ قال : شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون.

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن احمد عن عمه عبد الله بن الصلت عن الحسن بن على بن بنت الياس عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان على بن الحسينعليهما‌السلام لما حضرته الوفاة أغمى عليه ، ثم فتح عينيه وقرأ :

٢٠٣

(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) «و (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) وقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ ، وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) ، ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا.

٨ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار المجموعة باسناده الى على بن النعمان عن أبى الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك ان بى ثآليل كثيرة (١) وقد اغتممت بأمرها ، فأسألك أن تعلمني شيئا انتفع به ، قال : خذ لكل ثالول سبع شعيرات ، واقرأ على كل شعيرة سبع مرات (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) الى قوله : (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) وقوله الله عزوجل : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) ثم تأخذ الشعير شعيرة شعيرة ، فامسح بها على كل ثالول ، ثم صيرها في خرقة جديدة واربط على الخرقة حجرا وألقها في كنيف قال : ففعلت فنظرت إليها يوم السابع فاذا هي مثل راحتي ، وينبغي أن يفعل ذلك في محاق الشهر.

٩ ـ في مصباح الكفعمي عن على عليه‌السلام يقرأ من به الثالول فليقرأ عليها هذه الآيات سبعا في نقصان الشهر (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ * وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا).

١٠ ـ في كتاب الخصال عن الزهري قال : سمعت على بن الحسين عليهما‌السلام يقول : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، والله ما الدنيا والاخرة الا ككفتي ميزان فأيهما رجح ذهب الاخر ، ثم تلا قوله عزوجل : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) يعنى القيامة (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ) خفضت والله بأعداء الله في النار رافعة رفعت والله أولياء الله الى الجنة.

١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) قال : القيامة هي حق ، وقوله : «خافضة» قال : بأعداء الله «رافعة» لأولياء الله

__________________

(١) ثآليل جمع الثؤلول : خراج يكون بجسد الإنسان ناتئ صلب مستدير.

٢٠٤

(إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) قال : يدق بعضها على بعض (، وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) قال : قلعت الجبال قلعا (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) قال : الهباء الذي يدخل في الكوة من شعاع الشمس.

وقوله : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) قال : يوم القيامة (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) [وهم المؤمنون من أصحاب التبعات يوقفون للحساب] (١) (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) الذين سبقوا الى الجنة بلا حساب

١٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن جابر الجعفي قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : يا جابر ان الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف ، وهو قوله عزوجل : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) فالسابقون هم رسل الله عليه‌السلام ، وخاصة الله من خلقه ، جعل فيهم خمسة أرواح أيدهم بروح القدس فبه عرفوا الأشياء ، وأيدهم بروح الايمان فبه خافوا الله عزوجل ، وأيدهم بروح القوة فبه قدروا على طاعة الله ، وأيدهم بروح الشهوة فيه اشتهوا طاعة الله عزوجل وكرهوا معصيته ، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيئون ، وجعل في المؤمنين وأصحاب الميمنة روح الايمان فبه خافوا الله وجعل فيهم روح القوة فبه قدروا (٢) على طاعة الله ، وجعل فيهم روح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيئون.

١٣ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباتة قال : جاء رجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين ان ناسا زعموا ان العبد لا يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ، ولا يأكل الربا وهو مؤمن ، ولا يسفك الدم الحرام و

__________________

(١) بين العلامتين غير موجود في المصدر.

(٢) وفي نسخة «قووا» مكان «قدروا».

٢٠٥

هو مؤمن ، فقد ثقل على هذا وحرج منه صدري حين أزعم ، ان هذا العبد يصلى صلاتي ويدعو دعائي ويناكحني وأناكحه ويوارثني وأوارثه ، وقد خرج من الايمان من أجل ذنب يسير أصابه؟ فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : صدقت ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : والدليل عليه كتاب الله : خلق الله عزوجل الناس على ثلاث طبقات وأنزلهم ثلاث منازل ، فذلك قول الله عزوجل في الكتاب ؛ (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) فاما ما ذكر من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين ، جعل الله فيهم خمسة أرواح : روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن ، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين ، وبها علموا الأشياء وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معاشهم ، وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء ، وبروح البدن دبوا ودرجوا (١) فهؤلاء مغفور لهم ، مصفوح عن ذنوبهم ، ثم قال : قال الله عزوجل : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) ثم قال في جماعتهم : «وأيدناه بروح منه» يقول : أكرمهم بها ففضلهم على من سواهم ، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم ، ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقا بأعيانهم ، جعل الله فيهم اربعة أرواح روح الايمان وروح القوة ، وروح الشهوة وروح البدن ، فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الاربعة حتى يأتى عليه حالات فقال الرجل : يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال : أما أولهن فهو كما قال الله عزوجل : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) فهذا ينتقض منه جميع الأرواح ، وليس بالذي يخرج من دين الله لان الفاعل به رده الى أرذل عمره، فهو لا يعرف للصلوة وقتا ، ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار ، ولا القيام في الصف مع الناس ، فهذا نقصان روح الايمان وليس يضره شيئا ، وفيهم من ينتقض منه روح القوة ، فلا يستطيع جهاد عدوه ، ولا يستطيع طلب المعيشة ، ومنهم من ينتقض منه روح الشهوة ، فلو مرت به أصبح

__________________

(١) دب : مشى مشيا صعيفا ويقال للصبي إذا دب وأخذ في الحركة : درج.

٢٠٦

بنات آدم لم يحن إليها (١) ولم يقم ، وتبقى روح البدن فبه يدب ويدرج حتى يأتيه ملك الموت ، فهذا بحال خير ، لان الله عزوجل هو الفاعل به ، وقد تأتى عليه حالات في قوته وشبابه فيهم بالخطيئة فيشجعه روح القوة وتزين له روح الشهوة ، ويقوده روح البدن ، حتى يوقعه في الخطيئة ، فاذا لا مسها نقص من الايمان ، وتفصى منه. فليس يعود فيه حتى يتوب ؛ فاذا تاب تاب الله عليه ؛ وان عاد ادخله الله نار جهنم ، فأما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى ، يقول الله عزوجل : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) انك الرسول إليهم فلا تكونن من الممترين ، فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك فسلبهم روح الايمان ، واسكن أبدانهم ثلاثة أرواح : روح القوة ، وروح الشهوة ؛ وروح البدن ، ثم أضافهم الى الانعام ، فقال : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) لان الدابة انما تحمل بروح القوة : وتعتلف بروح الشهوة ، وتسير بروح البدن ، فقال السائل : أحييت قلبي بإذن الله يا أمير المؤمنين.

١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا الحسن بن على عن أبيه عن الحسن بن سعيد عن الحسين بن علوان الكلبي عن على بن الحسين العبدي عن ابى هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن حذيفة بن اليمان ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسل الى بلال فأمره ان ينادى بالصلوة قبل وقت كل يوم في شهر رجب لثلاثة عشر خلت منه ، قال : فلما نادى بلال بالصلوة فزع الناس من ذلك فزعا شديدا وذعروا (٢) وقالوا : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أظهرنا لم يغب عنا ولم يمت فاجتمعوا وحشدوا (٣) فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمشى حتى انتهى الى باب من أبواب المسجد فأخذ بعضادته

__________________

(١) حن اليه : اشتاق.

(٢) ذعر : خاف.

(٣) حشد القوم : دعوا فأجابوا مسرعين.

٢٠٧

وفي المسجد مكان يسمى السدة ، فسلم ثم قال : هل تسمعون يا أهل السدة؟ فقالوا : سمعنا وأطعنا فقال : هل تبلغون؟ قالوا : ضمنا ذلك لك يا رسول الله ، فقال : رسول الله يخبركم ان الله خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما وذلك قوله : «أصحاب اليمين وأصحاب الشمال» فأنا من أصحاب اليمين ، وأنا خير [من] أصحاب اليمين ، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني من خيرهما أثلاثا ، وذلك قوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) فأنا من السابقين وانا خير السابقين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن الحسن القمى عن إدريس بن عبد الله عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن تفسير هذه الاية : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) قال : عنى بها لم نك من اتباع الائمة الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) أما ترى الناس يسمون الذي يلي السابق في الحلبة مصلى (١) فذلك الذي عنى حديث قال : (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) لم نك من اتباع السابقين.

١٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ان الايمان درجات ومنازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال : نعم قلت : صفه لي رحمك الله حتى أفهمه ، قال : ان الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان ثم فضلهم على درجات في السبق اليه ، فجعل كل امرء منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه ، ولا يتقدم مسبوق سابقا ومفضول فاضلا ، تفاضل بذلك أوائل هذه الامة وأواخرها ، ولو لم يكن للسابق الى الايمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الامة أولها ، نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق الى الايمان الفضل على من أبطأ عنه ؛ ولكن بدرجات الايمان قدم الله السابقين ، وبالإبطاء عن الايمان أخر الله المقصرين ، لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين وأكثرهم صلوة وصوما

__________________

(١) الحلبة : الخيل تجمع للسباق.

٢٠٨

وحجا وزكوة وجهادا وإنفاقا ، ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين ، ولكن أبى الله عزوجل ان يدرك آخر درجات الايمان أولها ، ويقدم فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله ، قلت : أخبرني عما ندب الله عزوجل المؤمنين اليه من الاستباق الى الايمان ، فقال : قول الله عزوجل : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) وقال : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٧ ـ في مجمع البيان (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) وقد قيل في السابقين الى قوله : وقيل : الصلوات الخمس عن على عليه‌السلام.

١٨ ـ وعن ابى جعفر عليه‌السلام قال : السابقون اربعة : ابن آدم المقتول ، وسابق امة موسى وهو مؤمن آل فرعون ، وسابق امة عيسى وهو حبيب ، والسابق في امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو على بن ابى طالب عليهما‌السلام.

١٩ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن ابن أبى عمير عن عمرو بن أبى المقدام قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال أبى لأناس من الشيعة : أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون ، والسابقون في الدنيا والسابقون في الاخرة الى الجنة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٠ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى ابن عباس قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قول الله عزوجل : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) فقال: قال لي جبرئيل عليه‌السلام : ذلك على وشيعته هم السابقون الى الجنة ، المقربون من الله بكرامته لهم.

٢١ ـ في روضة الواعظين للمفيد رحمه‌الله قال أبو عبد الله عليه‌السلام : زرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم وبريد من الذين قال الله : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) وقال عليه‌السلام : ما أحد أحيى ذكرنا وأحاديث أبى عليه‌السلام الا زرارة وأبو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي لو لا هؤلاء ما كان أحد يستنبط

٢٠٩

هذا ، هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبى على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الاخرة ، قال ابو عبد الله عليه‌السلام : قال ابى لا ناس من الشيعة : أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله ، وأنتم السابقون الآخرون إلينا ؛ السابقون في الدنيا الى ولايتنا ، والسابقون في الاخرة الى الجنة ، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله وبضمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٢٢ ـ قال ابو الحسن موسى عليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : اين حواري محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر ثم ينادى : أين حواري على بن أبى طالب وصى محمد بن عبد الله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبى بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بنى أسد ، وأويس القرني قال : ثم ينادى المنادي : أين حواري الحسن بن على بن فاطمة بنت محمد بن عبد الله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فيقوم سفيان بن ليلى الهمداني وحذيفة بن أسد الغفاري (١) قال : ثم ينادى أين حواري الحسين بن على؟ فيقوم من استشهد معه ولم يتخلف عليه قال : ثم ينادى أين حواري على بن الحسين؟ فيقوم جبير بن مطعم ويحيى بن أم الطويل وأبو خالد الكابلي وسعيد بن المسيب ، ثم ينادى : اين حواري محمد بن على وحواري جعفر بن محمد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم وأبو بصير ليث بن البختري المرادي ، وعبد الله بن ابى يعفور ، وعامر بن عبد الله بن جذاعة ، وحجر بن زائدة ، وحمران بن أعين ، ثم ينادى ساير الشيعة مع ساير الائمة عليهم‌السلام يوم القيامة فهؤلاء أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورين من التابعين.

٢٣ ـ في عيون الاخبار في باب آخر فيما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار المجموعة وباسناده عن على عليه‌السلام قال : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) في نزلت.

٢٤ ـ في كتاب الخصال عن رجل من همدان عن أبيه قال : قال على بن ابى طالبعليه‌السلام : السباق خمسة ، فانا سابق العرب ، وسلمان سابق الفرس ، وصهيب سابق

__________________

(١) وفي بعض النسخ «أسيد» بدل «أسد».

٢١٠

الروم ، وبلال سابق الحبش ، وخباب سابق النبط.

٢٥ ـ في كتاب إكمال الدين وتمام النعمة باسناده الى خيثمة الجعفي عن ابى جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : ونحن السابقون السابقون ونحن الآخرون.

٢٦ ـ وباسناده الى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان : فأنشدكم بالله أتعلمون حيث نزلت : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) و (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) سئل عنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أنزلها الله تعالى في الأنبياء وأوصيائهم ، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله ، وعلى بن ابى طالب وصيي أفضل الأوصياء؟ قالوا : اللهم نعم.

٢٧ ـ في روضة الواعظين للمفيد رحمه‌الله قال الصادق عليه‌السلام : ثلة من الأولين : ابن آدم المقتول ومؤمن آل فرعون وصاحب ياسين وقليل من الآخرين على بن أبى طالب.

٢٨ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن على بن عيسى رفعه قال : ان موسى عليه‌السلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته : أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم صاحب الأتان والبرنس والزيت والزيتون والمحراب (١) ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر اسمه احمد محمد الأمين من الباقين من ثلة الأولين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩ ـ في مجمع : البيان (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) اختلف في هذه الولدان فقيل: انهم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا

__________________

(١) الأتان : الحمارة. والبرنس : قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الإسلام. قال المجلسي (ره) : والمراد بالزيتون والزيت : التمرة المعروفة ودهنها لأنه (عليه السلام)كان يأكلها ، أو نزلتا له في المائدة من السماء ، أو المراد بالزيتون مسجد دمشق أو جبال الشام كما ذكره الفيروزآبادي ، اى أعطاه الله بلاد الشام. وبالزيت الدهن الذي روى انه كان في بنى إسرائيل وكان غليانها من علامات النبوة ، والمحراب لزومه كثرة العبادة فيه.

٢١١

عليها ، فأنزلوا هذه المنزلة عن على عليه‌السلام.

وقد روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه سئل عن أطفال المشركين؟ فقال : هم خدم أهل الجنة.

٣٠ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن سيد الإدام في الدنيا والاخرة ، فقال : اللحم أما سمعت قول الله عزوجل : (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ).

٣١ ـ على بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبى عبد الله عن محمد بن على عن عيسى بن عبد الله العلوي عن أبيه عن جده عن على صلوات الله عليه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللحم سيد الطعام في الدنيا والاخرة.

٣٢ ـ وعنه عن على بن الريان رفعه الى أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله: سيد ادام الجنة اللحم.

٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً) قال : الفحش والكذب والغناء ، وقوله : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) قال : على بن أبى طالب عليه‌السلام وأصحابه شيعته.

٣٤ ـ في أصول الكافي أبو على الأشعري ومحمد بن يحيى عن محمد بن إسماعيل عن على بن الحكم عن أبان بن عثمان عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان ، ان الله عزوجل قبل أن يخلق الخلق قال : كن ماءا عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي ، وكن ملحا أجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي ، ثم أمرهما فامتزجا فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر ، والكافر المؤمن ، ثم أخذنا طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا (١) فاذا هم كالذر يدبون فقال لأصحاب اليمين : الى الجنة بسلام ، وقال لأصحاب النار : الى النار ولا أبالي ، ثم أمر نارا فأسعرت فقال لأصحاب الشمال : ادخلوها فهابوها (٢)

__________________

(١) أديم الأرض : ظاهرة وكذا أديم السماء. والعرك : الدلك.

(٢) هابه : خانه.

٢١٢

وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها فدخلوها فقال : (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) فكانت بردا وسلاما فقال أصحاب الشمال : يا رب أقلنا ، فقال : قد أقلتكم فادخلوها فذهبوا فهابوها فثم ثبتت الطاعة والمعصية فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء من هؤلاء (١).

٣٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن ابن أذينة عن زرارة ان رجلا سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) الاية فقال وأبوه يسمع عليهما‌السلام حدثني أبى ان الله عزوجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم عليه‌السلام ، فصب عليها العذب الفرات ثم تركها أربعين صباحا ، ثم صب عليها الماء المالح الأجاج (٢) فتركها أربعين صباحا فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا ، فخرجوا كالذر من يمينه وشماله ، وأمرهم جميعا ان يقعوا في النار ، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا وسلاما وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها.

٣٦ ـ على بن محمد عن ابن أبى حماد عن الحسين بن يزيد عن الحسن بن على بن أبى حمزة عن إبراهيم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل لما أراد أن يخلق آدم عليه‌السلام بعث جبرئيل في أول ساعة من يوم الجمعة ، فقبض بيمينه قبضة بلغت قبضته من السماء السابعة الى سماء الدنيا ، وأخذ من كل سماء تربة وقبض قبضة اخرى من الأرض السابعة العليا الى الأرض السابعة القصوى فأمر جل وعز كلمته فأمسك القبضة الاولى بيمينه والقبضة الاخرى بشماله ففلق الطين فلقتين فذرا من الأرض ذروا (٣) ومن السماء ذروا. فقال للذي بيمينه : منك الرسل و

__________________

(١) وللمحدث المولى محمد باقر المجلسي (قده) في كتابه مرآة العقول بيان لهذا الحديث ونقل في ذيل أصول الكافي ج ٢ صفحة ٧ فراجع ان شئت.

(٢) اى المالح المر.

(٣) الفلق : التفريق. والذرو : الاذهاب والتفرق.

٢١٣

الأنبياء والأوصياء والصديقون والمؤمنون والسعداء ومن أريد كرامتهم ، فوجب لهم ما قال كما قال ، وقال للذي بشماله : منك الجبارون والمشركون والكافرون والطواغيت ومن أريد هوانه وشقوته ، فوجب لهم ما قال كما قال ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٧ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن سيف عن أبيه عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : خطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس ثم رفع يده اليمنى قابضا على كفه ثم قال : أتدرون أيها الناس ما في كفى؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : فيها أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم الى يوم القيامة ، ثم رفع يده الشمال فقال : ايها الناس أتدرون ما في كفى؟ قالوا : الله ورسوله اعلم ، فقال : أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم الى يوم القيامة ؛ ثم قال : حكم الله وعدل ، حكم الله وعدل ، (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ).

٣٨ ـ في تفسير العياشي عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه ان أصحاب اليمين هم الذين قبضهم الله من كتف آدم الأيمن ، وذرأهم من صلبه ، وأصحاب الشمال هم الذين قبضهم الله من كتف آدم الأيسر وذرأهم في صلبه ، وقد ذكرناه في سورة آل عمران عند قوله عزوجل : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ) الاية. (١)

٣٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن أذينة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : كنا عنده فذكرنا رجلا من أصحابنا فقلنا فيه حدة فقال : من علامة المؤمن ان يكون فيه حدة ، قال : فقلنا ان عامة أصحابنا فيهم حدة فقال : ان الله تبارك وتعالى في وقت ما ذرأهم امر أصحاب اليمين وأنتم هم ان يدخلوا النار فدخلوها فأصابهم وهج (٢) فالحدة من ذلك الوهج ، وامر أصحاب الشمال ـ وهم مخالفوهم ـ ان يدخلوا النار فلم يفعلوا ، فمن ثم لهم سمت(٣) ولهم وقار.

٤٠ ـ وباسناده الى عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال في حديث طويل:

__________________

(١) راجع المجلد الاول صفحة ٣٠٠.

(٢) الوهج : حر النار.

(٣) السمت تستعمل لهيئة أهل الخير.

٢١٤

مهما رأيت من نزق أصحابك وخرقهم (١) فهو مما أصابهم من لطخ أصحاب الشمال (٢) وما رأيت من حسن شيم من خالفهم ووقار فيهم فهو من لطخ أصحاب اليمين.

٤١ ـ وباسناده الى ابى اسحق الليثي عن ابى جعفر الباقر عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه من خلق الله طينة الشيعة وطينة الناصب وان الله مزج بينهما الى قوله : فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلوة أو صيام أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه لان من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر ، وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلوة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته ، اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم.

٤٢ ـ وباسناده الى محمد بن ابى عمير قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه‌السلام : أخبرني عن تختم أمير المؤمنين عليه‌السلام بيمينه لأي شيء كان؟ فقال : انما كان يتختم بيمينه لأنه امام أصحاب اليمين بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد مدح الله عزوجل أصحاب اليمين وذم أصحاب الشمال ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) قال : شجر لا يكون له ورق ولا شوك فيه ، وقرأ ابو عبد الله عليه‌السلام : وطلع منضود قال : بعضه الى بعض.

٤٤ ـ في مجمع البيان وروت العامة عن على عليه‌السلام انه قرأ رجل عنده (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) فقال : ما شأن الطلح؟ انما هو وطلح كقوله : (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) فقيل له: الا تغيره؟ فقال : ان القرآن لا يهاج اليوم ولا يحرك. رواه عنه ابنه الحسن عليهما‌السلام وقيس بن سعد.

٤٥ ـ ورواه أصحابنا عن يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) قال : لا.

__________________

(١) النزق : العجلة في جهل ، والخرق : الحمق.

(٢) اللطخ : القطعة القليلة من كل شيء.

٢١٥

٤٦ ـ وورد في الخبر : ان في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مأة سنة لا يقطعها اقرؤا ان شئتم وظل ممدود وروى أيضا ان أوقات الجنة كغدوات الصيف لا يكون فيها حر ولا برد.

٤٧ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن ابن محبوب عن محمد بن اسحق المدني عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونقل حديثا طويلا يقول فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله حاكيا حال أهل الجنة : ويزور بعضهم بعضا. ويتنعمون في جناتهم في ظل ممدود ، في مثل ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، وأطيب من ذلك.

٤٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبى عن بعض أصحابه رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار على وما في الجنة قصر ولا منزل الا ومنها فتر فيها (١) أعلاها أسفاط حلل من سندس وإستبرق ، يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط ، في كل سفط مأة حلة ، ما فيها حلة تشبه الاخرى على ألوان مختلفة ، وهو ثياب أهل الجنة ؛ ووسطها ظل ممدود ؛ عرض الجنة (كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) ، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مأتى عام فلا يقطعه ، وذلك قوله : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) وأسفلها ثمار أهل الجنة وطعامهم متذلل في بيوتهم ، يكون في القضيب منها مأة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار الدنيا ومما لم تروه ، وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها وكلما يجتنى منها شيء نبتت مكانها اخرى ، لا مقطوعة ولا ممنوعة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق المدني عن أبى جعفر عليه‌السلام قال سئل : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر حديثا طويلا يقول فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاكيا حال أهل الجنة : والثمار دانية منهم وهو قوله عزوجل : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه، وهو متكئ وان الأنواع من الفاكهة ليقلن لولى الله : يا ولى الله كلني قبل ان تأكل هذا قبلي.

__________________

(١) مر الحديث بمعناه في ج ٢ صفحة ٥٠٢ فراجع.

٢١٦

٥٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبى عبد الله الصادق عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : فمن أين قالوا : ان أهل الجنة يأتى الرجل منهم الى ثمرة يتناولها فاذا أكلها عادت كهيئتها؟ قال : نعم ذلك على قياس السراج يأتى القابس فيقتبس منه فلا ينقص من ضوئه شيئا وقد امتلئت منه الدنيا سراجا.

٥١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله : (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ) الاية فانه حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن إسحاق عن أبى جعفرعليه‌السلام قال : سأل على عليه‌السلام رسول الله عن تفسيره هذه الاية فقال : لماذا بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟ فقال : يا على تلك الغرف بنى الله لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد سقوفها الذهب محكوكة بالفضة (١) لكل غرفة منها ألف باب من ذهب على كل باب منها ملك موكل به ، وفيها فرش مرفوعة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. وفي روضة الكافي مثله سواء.

٥٢ ـ في مجمع البيان : وفرش مرفوعة اى بسط عالية الى قوله : وقيل : معناه نساء مرتفعات القدر في عقولهن وحسنهن وكمالهن عن الجبائي قال : ولذلك عقبه بقوله : انا انشأناهن انشاء ويقال لامرأة الرجل : هي فراشه ومنه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الولد للفراش وللعاهر الحجر.

٥٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) قال : الحور العين في الجنة (فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً) قال : لا يتكلمون الا بالعربية وقوله : اترابا يعنى مستويات الأسنان لأصحاب اليمين أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام.

حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن أبى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك يا ابن رسول الله شوقني فقال : يا با محمد ان في الجنة نهرا في حافتيه جوار نابتات إذا امر المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت الله مكانها أخرى. قلت : جعلت فداك زدني قال : المؤمن يزوج ثمانمائة عذراء وأربعة آلاف ثيب وزوجتين من الحور العين ، قلت : جعلت فداك ثمانمأة عذراء؟ قال : نعم ما يفترش منهن

__________________

(١) اى منقوشة بها.

٢١٧

شيئا الا وجدها كذلك ، قلت : جعلت فداك من اى شيء خلقن الحور العين؟ قال : من تربة الجنة النورانية ويرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة كبدها مرآته وكبده مرآتها ، قلت : جعلت فداك لهن كلام يتكلمن به أهل الجنة؟ قال : نعم كلام يتكلمن به لم يسمع الخلايق أعذب منه ، قلت : ما هو؟ قال : يقلن بأصوات رحيمة : نحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نبؤس ونحن المقيمات فلا نظعن ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن خلق لنا ، وطوبى لمن خلقنا له ، ونحن اللواتي لو أن قرن (١) أحد انا علق في جو السماء لا غشي نوره الأبصار ؛ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٤ ـ في مجمع البيان عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه فضل الغزاة وفيه: ويجعل الله روحه في حواصل طير (٢) خضر تسرح في الجنة حيث تشاء تأكل من ثمارها وتأوى الى قناديل من ذهب معلقة بالعرش ، ويعطى الرجل منهم سبعين غرفة من غرف الفردوس ، سلوك كل غرفة ما بين صنعاء والشام يملأ نورها ما بين الخافقين ، في كل غرفة سبعون بابا على كل باب سبعون مصراعا من ذهب ، على كل باب سبعون نبلة (٣) في كل غرفة سبعون خيمة في كل خيمة سبعون سريرا من ذهب ، قوائمها الدر والزبرجد ؛ موصولة بقضبان الزمرد على كل سرير أربعون فراشا ، غلظ كل فراش أربعون ذراعا ، على كل فراش زوجة من الحور العين عربا أترابا ، فقال : أخبرنى يا أمير المؤمنين عن عروبة ، قال : هي الغنجة الرضية الشهية لها سبعون ألف وصيف وسبعون الف وصيفة ، ضعف الحلي (٤) بيض الوجوه ، عليهن تيجان اللؤلؤ ، على رقابهن المناديل بأيديهم

__________________

(١) القرن : الخصلة من الشعر.

(٢) حواصل جمع الحوصلة وهو من الطائر بمنزلة المعدة للإنسان.

(٣) كذا في النسخ ولا تخلوا عن التصحيف والتحريف ولم اظفر على الحديث في مظانه في كتاب مجمع البيان ولا الموسوعات الكبيرة الناقلة كالبحار والوسائل.

(٤) كذا.

٢١٨

الاكوبة والأباريق.

٥٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبى عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : فكيف تكون الحوراء في كل ما أتاها زوجها عذراء؟ قال : خلقت من الطيب ، لا تعتريها عاهة ، ولا يخالط جسمها آفة ، ولا يجرى في ثقبها شيء ولا يدنسها حيض ، فالرحم ملتزقة إذ ليس فيه لسوى الا حليل مجرى.

٥٦ ـ في جوامع الجامع (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لام سلمة : هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطاء رمصاء (١) جعلهن الله بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد في الاستواء ، كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا ، فلما سمعت عائشة بذلك قالت: وأوجعاه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس هناك وجع.

٥٧ ـ وفي الحديث يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلث وثلاثين.

٥٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا أحمد بن محمد عن الحسن بن على عن على بن أسباط عن سالم بياع الزطي قال : سمعت أبا سعيد المداينى يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) قال : ثلة من الأولين خربيل مؤمن آل فرعون و (ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) على بن أبى طالب عليه‌السلام.

٥٩ ـ وفيه وقوله : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) قال : من الطبقة التي كانت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) قال : بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من هذه الامة.

٦٠ ـ في كتاب الخصال عن سليمان بن يزيد عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أهل الجنة مأة وعشرون صفا ، هذه الامة منها ثمانون صفا.

__________________

(١) الشمط : بياض شعر الرأس يخالط سواده ، والرمص ـ بالتحريك ـ وسخ ابيض يجتمع في مجرى الدمع من العينين.

٢١٩

٦١ ـ في مجمع البيان (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) اى جماعة من الأمم الماضية التي كانت قبل هذه الامة وجماعة من مؤمني هذه الامة ، وهذا قول مقاتل وعطا وجماعة من المفسرين ، وذهب جماعة منهم الى أن الثلتين ، جميعا من هذه الامة ، وهو قول مجاهد والضحاك واختاره الزجاج ، وروى ذلك مرفوعا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : جميع الثلتين من أمتي ، ومما يؤيد القول الاول ويعضده من طريق الرواية ما رواه نقلة الاخبار بالإسناد عن ابن مسعود قال : تحدثنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة حتى أكثرنا الحديث ثم رجعنا الى أهلنا فلما أصبحنا غدونا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : عرضت على الأنبياء الليلة بأتباعها من أممها فكان النبي يجيء معه الثلة من أمته والنبي معه العصابة من أمته والنبي معه النفس من أمته ، والنبي معه الرجل من أمته ، والنبي ما معه من أمته أحد حتى أتى أخى موسى في كبكبة من بنى إسرائيل ، فلما رأيتهم أعجبونى فقلت : اى رب من هؤلاء؟ فقال : أخوك موسى بن عمران ومن معه من بنى إسرائيل فقلت : رب فأين أمتي؟ فقال : انظر عن يمينك فاذا ظراب مكة (١) قد سدت بوجوه الرجال فقلت : من هؤلاء فقيل : هؤلاء أمتك أرضيت؟ قلت : رب رضيت فقيل : ان مع هؤلاء سبعين ألفا من أمتك يدخلون الجنة لا حساب عليهم ، قال : فأنشأ عكاشة بن محصن من بنى أسد بن خزيمة فقال : يا نبي الله ادع ربك ان يجعلني منهم ، فقال : اللهم اجعله منهم ، ثم انشأ رجل آخر فقال : يا نبي الله ادع ربك ان يجعلني منهم ، فقال : سبقك بها عكاشة ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فداكم ابى وأمي ان استطعتم ان تكونوا من السبعين فكونوا ، وان عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب ، فان عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق ، وانى قد رأيت ثم ناسا كثيرا يتهاوشون (٢) كثيرا فقلت : هؤلاء السبعون ألفا فاتفق رأينا على انهم ناس ولدوا

__________________

(١) ظراب جمع ظرب ـ ككتف ـ الجبال المنبسطة على الأرض وقيل : الروابي الصغار.

(٢) تهاوش القوم : اختلطوا.

٢٢٠