تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

٩٦ ـ في أصول الكافي عنه (١) عن أبيه عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اما انه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض الا بذنب وذلك قول الله عزوجل في كتابه : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) قال : ثم قال : وما يعفوا الله أكثر مما يؤاخذ به.

٩٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمعون عن عبد الله ابن عبد الرحمان عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : في قول الله عزوجل : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ليس من التواء عرق ولا نكبة حجر ، ولا عثرة قدم ، ولا خدش عود ، الا بذنب ولما يعفو الله أكثر ، فمن عجل الله عقوبة ذنبه في الدنيا فان الله أجل وأكرم وأعظم من ان يعود في عقوبته في الآخرة.

٩٨ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن على بن رئاب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيته عليهم‌السلام من بعده اهو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتوب إلى الله ويستغفر في كل يوم وليلة مأة مرة من غير ذنب ، ان الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب.

٩٩ ـ في قرب الاسناد للحميري محمد بن الوليد عن عبد الله بن بكير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) فقال : هو (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) قال : قلت : ما أصاب عليا وأشياعه من أهل بيته من ذلك؟ فقال: ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتوب إلى الله تعالى عزوجل كل يوم سبعين مرة من غير ذنب.

١٠٠ ـ في مجمع البيان روى عن على عليه‌السلام انه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خير آية في كتاب الله هذه الآية ، يا على ما من خدش عود ولا نكبة قدم الا بذنب وما عفي الله

__________________

(١) لم يتقدم إلا عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى (منه ره)

٥٨١

عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يعود فيه وما عاقب عليه في الدنيا فهو أعدل من أن يثنى على عبده.

١٠١ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه : توقوا الذنوب فما من نكبة ولا نقص رزق الا بذنب حتى الخدش والكبوة (١) والمصيبة ، قال الله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم ، فما زالت نعمة ولا نضارة عيش الا بذنوب اجترحوها (٢) (أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ، ولو أنهم استقبلوا ذلك بالدعاء والانابة لما نزلت ، ولو أنهم إذا نزلت بهم النقم وزالت عنهم النعم فزعوا إلى الله عزوجل بصدق من نياتهم ولم يهنوا ولم يسرفوا لاصلح لهم كل فاسد ولرد عليهم كل صالح.

١٠٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من أخبار هذه المجموعة وباسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على كرامة المؤمن على الله أنه لم يجعل لأجله وقتا حتى يهم ببائقة (٣) فاذا هم ببائقة قبضه اليه.

١٠٣ ـ قال : وقال جعفر بن محمد عليهما‌السلام تجنبوا البوائق يمد لكم في الاعمار.

١٠٤ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن الفضيل ابن يسار عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ما من نكبة تصيب العبد الا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر.

١٠٥ ـ عنه عن أبيه عن ابن أبى عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبى أسامة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : تعوذوا بالله من سطوات الله بالليل والنهار ، قال : قلت : وما سطوات الله؟ قال : الأخذ على المعاصي.

١٠٦ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان عن الفضيل بن

__________________

(١) كبا كبوا : انكب على وجهه والكبوة : المرة.

(٢) نضارة العيش : حسنه ورونقه. واجترح الذنب : اكتسبه.

(٣) البائقة : الشر.

٥٨٢

يسار عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان العبد ليذنب الذنب فيزوى (١) عنه الرزق.

١٠٧ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ثعلبة عن سليمان بن ظريف عن ابن محبوب محمد بن مسلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول: ان الذنب يحرم العبد الرزق.

١٠٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبى أيوب عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضائها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك وتعالى للملك : لا تقض حاجته واحرمه إياها فانه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان منى.

١٠٩ ـ الحسين بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن عمرو بن عثمان عن رجل عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : حق على الله أن لا يعصى في دار الا أضحاها للشمس حتى تطهرها.

قال عز من قائل : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)

١١٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن إسماعيل بن أبى زياد السكوني عن أبى عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب ان يعلم ما له عند الله فليعلم ما لله عنده.

١١١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) قال أبو جعفر عليه‌السلام : من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمنا وايمانا يوم القيامة ، قال : ومن ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب حرم جسده على النار.

١١٢ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عبد ابن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى عليه وآله في خطبة : ألا أخبركم بخير خلائق (٢) الدنيا والآخرة : العفو عمن ظلمك وتصل من قطعك ، والإحسان إلى من أساء إليك ، وإعطاء من حرمك.

__________________

(١) اى يمنع.

(٢) جمع الخليقة : الطبيعة والسجية.

٥٨٣

١١٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبى خالد القماط عن حمران عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة.

١١٤ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة قال : حدثني من سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من كظم غيظا ولو شاء ان يمضيه أمضاه ملاء الله قلبه يوم القيامة رضاه.

١١٥ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حفص بياع السابري عن أبى حمزة عن على بن الحسين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب السبيل إلى الله عزوجل جرعتان : جرعة غيظ تردها بحلم ، وجرعة مصيبة تردها بصبر.

١١٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : كان على بن الحسين عليهما‌السلام يقول : انه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه.

١١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) قال : في اقامة الامام.

١١٨ ـ في مجمع البيان : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) وفي هذه الآية دلالة على فضل المشاورة في الأمور. وقد روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : ما من رجل يشاور أحدا الا هدى إلى الرشد.

١١٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى سليمان بن داود المنقري عن حماد بن عيسى عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : (قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ) : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم إلى قوله : واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلى وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك ، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة.

١٢٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) اى يقبلون ما أمروا به

٥٨٤

ويشاورون الامام فيما يحتاجون اليه من أمر دينهم.

١٢١ ـ في مجمع البيان : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا كان يوم القيمة نادى مناد : من كان أمره على الله فليدخل الجنة فيقال : من ذا الذي أجره على الله؟ فيقال : العافون عن الناس فيدخلون الجنة بغير حساب.

١٢٢ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبى حمزة الثمالي عن على بن الحسين عليهما‌السلام قال : سمعته يقول : إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد ثم ينادى مناد : أين أهل الفضل؟ قال : فيقوم عنق من الناس فتلقاهم الملائكة فيقولون : وما كان فضلكم؟ فيقولون : كنا نصل من قطعنا ونعطى من حرمنا ، ونعفو عمن ظلمنا ، فيقال لهم : صدقتم ادخلوا الجنة.

١٢٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن جهم بن الحكم المداينى عن اسمعيل بن أبى زياد السكوني عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالعفو ، فان العفو لا يزيد العبد الا عزا فتعافوا يعزكم الله.

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ثلاث من كن فيه فقد استكمل خصال الايمان ، من صبر على الظلم وكظم غيظه واحتسب وعفي وغفر ، كان ممن يدخله الله الجنة بغير حساب ، ويشفعه في مثل ربيعة ومضر.

١٢٥ ـ وفيه في الحقوق المروية عن على بن الحسين عليهما‌السلام : وحق من أساءك ان تعفو عنه ، وان علمت أن العفو يضر انتصرت ، قال الله تبارك وتعالى : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ).

١٢٦ ـ عن أبى عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة ان لم تظلمهم ظلموك : السفلة والزوجة والمملوك.

١٢٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا جعفر بن محمد قال : حدثنا عبد ـ الكريم عن عبد الرحيم عن محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفرعليه‌السلام قال : سمعته يقول : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) يعنى القائم صلوات الله عليه وأصحابه (فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) والقائم إذا قام انتصر من بنى أمية والمكذبين والنصاب

٥٨٥

هو وأصحابه ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) إلى قوله : وترى الظالمين لال محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله)حقهم لما رأوا العذاب وعلى صلوات الله هو العذاب في هذه الرجعة (يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ) فنوا إلى عليا صلوات الله عليه (وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِ) لعلى ينظرون إلى على (مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا) يعنى آل محمد صلوات الله عليه وعليهم وشيعتهم (إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ) لال محمد حقهم (فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) قال : والله يعنى النصاب الذين نصبوا العداوة لأمير المؤمنين وذريته صلوات الله عليه وعليهم والمكذبين (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ.)

١٢٨ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً) يعنى ليس معهن ذكور (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) يعنى ليس معهم أنثى (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) اى يهب لمن يشاء ذكرانا وإناثا جميعا يجمع له البنين والبنات اى يهبهم جميعا لواحد.

١٢٩ ـ حدثني أبى عن المحمودي ومحمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن إسماعيل الرازي عن محمد بن سعيد ، ان يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد عن مسائل وفيها : أخبرنا عن قول الله عزوجل (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) فهل يزوج الله عباده الذكران وقد عاقب قوما فعلوا ذلك؟ فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري صلوات الله عليه ، وكان من جواب أبى الحسن عليه‌السلام أما قوله عزوجل : (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) فان الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور العين ، وإناث المطيعات من الانس من ذكران المطيعين ، ومعاذ الله ان يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلب الرخصة لارتكاب المآثم ، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) ان لم يتب.

١٣٠ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه‌السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل وعلة تحليل مال الولد لوالده بغير اذنه وليس ذلك للولد

٥٨٦

لان الولد موهوب للوالد في قول الله تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) مع انه المأخوذ بمؤنته صغيرا أو كبيرا أو المنسوب اليه والمدعو له لقوله عزوجل : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت ومالك لأبيك ، وليس الوالدة كذلك ، لا تأخذ من ماله الا باذنه أو بإذن الأب لأنه مأخوذ بنفقة الولد ولا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها.

١٣١ ـ في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد بن عيسى إلى أن قال : وعنه عن محمد ابن الحسين عن أبى الجوزاء عن الحسين بن علوان عن زيد بن على عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل فقال : يا رسول ان أبى عمد إلى مملوك لي فأعتقه كهيئة المضرة لي؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت وما لك من هبة الله لأبيك ، أنت سهم من كنانته (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) جازت عتاقة أبيك يتناول والدك من مالك وبدنك. وليس لك أن تتناول من ماله ولا من بدنه شيئا الا باذنه.

قال عز من قائل : (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً).

١٣٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله قال أبو محمد الحسن العسكري عليه‌السلام : سئل عبد الله بن صوريا رسول الله فقال : أخبرنى عمن لا يولد له ومن يولد له؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا اصفرت النطفة لم يولد له اى إذا احمرت وكدرت ، وإذا كانت صافية ولد له ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) قال : وحي مشافهة ووحي الهام ، وهو الذي يقع في القلب أو من وراء حجاب ، كما كلم الله نبيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وكما كلم الله عزوجل موسى عليه‌السلام من الناس ، (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) ، قال : وحي مشافهة يعنى إلى الناس.

١٣٤ ـ في كتاب توحيد المفضل بن عمر المنقول عن أبى عبد الله الصادق عليه‌السلام في الرد على الدهرية قال عليه‌السلام بعد أن ذكر الله عزوجل والعجز عن أن يدرك : فان قالوا ولم استتر؟ قيل لهم ما يستتر بحيلة يخلص إليها كمن يحتجب عن الناس بالأبواب و

٥٨٧

الستور ، وانما معنى قولنا استتر أنه لطف عن مدى ما تبلغه الأوهام ، كما لطف النفس وهي خلق من خلقه ، وارتفعت عن إدراكها بالنظر.

١٣٥ ـ في كتاب التوحيد عن الرضا عليه‌السلام كلام طويل في التوحيد وفيه لا تشمله المشاعر ولا يحجبه الحجاب فالحجاب بينه وبين خلقه لامتناعه مما يمكن في ذواتهم ولإمكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته ، ولافتراق الصانع والمصنوع والرب والمربوب والحاد والمحدود.

١٣٦ ـ وفيه عن الرضا عليه‌السلام أيضا كلام وفيه قال الرجل : فلم احتجب؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام : ان الحجاب على الخلق لكثرة ذنوبها ، فاما هو فلا تخفي عليه خافية في آناء الليل والنهار.

١٣٧ ـ وفيه حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : فأما قوله : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ما ينبغي لبشر ان يكلمه الله الا وحيا ، وليس بكائن الا من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء كذلك قال الله تبارك وتعالى علوا كبيرا قد كان الرسول يوحى اليه من رسل السماء فتبلغ رسل السماء رسل الأرض وقد كان الكلام بين رسل أهل الأرض وبينه من غير أن يرسل الكلام مع رسل أهل السماء وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل هل رأيت ربك؟ فقال جبرئيل : ان ربي لا يرى فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من اين تأخذ الوحي فقال : آخذه من إسرافيل فقال : ومن أين يأخذه إسرافيل؟ قال يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين قال : فمن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال يقذف في قلبه قذفا فهذا وحي وهو كلام الله عزوجل وكلام الله ليس بنحو واحد ، منه ما كلم الله به الرسل ومنه ما قذفه في قلوبهم ومنه رؤيا يراها الرسل ومنه وحي وتنزيل يتلى ويقرأ فهو كلام الله فاكتف بما وصفت لك من كلام الله فان معنى كلام الله ليس بنحو واحد فان منه ما تبلغ به رسل السماء رسل الأرض.

١٣٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام لبعض الزنادقة وقد جاء اليه مستدلا بآي من القرآن متوهما

٥٨٨

فيها التناقض والاختلاف وأما قوله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً) وليس بكاين الا من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء كذلك قال الله تعالى قد كان الرسول يوحى اليه وذكر نحوما نقلنا من كتاب التوحيد الا أنه ليس هنا «فاكتف إلى آخره».

١٣٩ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أبى الصباح الكناني عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) قال : خلق من خلق الله عزوجل أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يخبره ويسدده وهو مع الائمة من بعده.

١٤٠ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن على بن أسباط عن أسباط بن سالم قال : سئله رجل من أهل هيت (١) وأنا حاضر عن قول الله عزوجل : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) فقال : منذ أنزل الله عزوجل ذلك الروح على محمد ما صعد إلى السماء وانه لفينا.

١٤١ ـ محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن على بن أسباط عن محمد بن الفضيل عن أبى حمزة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العلم أهو شيء يتعلمه العالم من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرؤنه فتعلمون منه؟ قال : الأمر أعظم من ذلك وأوجب أما سمعت قول الله عزوجل : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) ثم قال : أى شيء يقول أصحابكم في هذه الآية أيقولون : (٢) انه كان في حال لا يدرى ما الكتاب ولا الايمان؟ فقلت : لا أدرى جعلت فداك ما يقولون؟ فقال : بلى قد كان في حال لا يدرى ما الكتاب ولا الايمان حتى بعث الله عزوجل الروح التي ذكر في الكتاب ، فلما أوحاها اليه علم بها

__________________

(١) هيت : بلد بالعراق.

(٢) وفي المصدر «أيقرءون» بدل «أيقولون».

٥٨٩

العلم والفهم وهي الروح التي يعطيها الله عزوجل من شاء ، فاذا أعطاها عبدا علمه الفهم.

١٤٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن على بن الحكم عن معاوية بن وهب عن زكريا بن إبراهيم قال : كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت على أبى عبد الله عليه‌السلام فقلت : انى كنت على النصرانية وانى أسلمت ، فقال : وأى شيء رأيت في الإسلام؟ قلت : قول الله عزوجل : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ) فقال : لقد هداك الله ، ثم قال : اللهم اهده ثلاثا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٣ ـ في مجمع البيان : (رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) يعنى الوحي بأمرنا إلى قوله : وقيل : هو ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآلهعن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام، قال : ولم يصعد إلى السماء وانه لفينا.

١٤٤ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلامحديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقال في نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يقول تدعو.

١٤٥ ـ في بصائر الدرجات عبد الله بن عامر عن أبي عبد الله البرقي عن الحسين ابن عثمان عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) قال : تفسيرها في بطن القرآن «من يكفر بولاية على» وعلى هو الايمان ، إلى قوله : واما قوله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعنى انك لتأمر بولاية على وتدعو إليها وهو الصراط المستقيم.

١٤٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم كنى عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : (وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) والدليل على أن النور أمير المؤمنين صلوات الله عليه قوله عزوجل : (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) الآية حدثنا جعفر ابن أحمد قال حدثنا عبد الكريم بن الرحيم قال : حدثنا محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله: (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً) يعنى عليا ، وعلى صلوات الله عليه هو النور

٥٩٠

فقال : (نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) يعنى عليا هدى به من هدى من خلقه ، قال : وقال الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعنى انك لتأمر بولاية على وتدعو إليها ، وعلى هو الصراط المستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض يعنى عليا انه جعل خازنه على ما في السماوات وما في الأرض ومن شيء وائتمنه عليه الا إلى الله تصير الأمور.

١٤٧ ـ في أصول الكافي عنه عن الحسين عن النضر عن القاسم بن سليمان عن أبي مريم الأنصاري عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : وقع مصحف في البحر فوجده وقد ذهب ما فيه الا هذه الآية (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ).

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : من أد من قراءة حم الزخرف آمنه الله في قبره من هوام الأرض وضغطة القبر حتى يقف بين يدي الله عزوجل ثم جاءت حتى تدخله الجنة بأمر الله تبارك وتعالى.

٢ ـ في مجمع البيان أبى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآلهقال : من قرء سورة الزخرف كان ممن يقال له يوم القيامة : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) ادخلوا الجنة بغير حساب.

٣ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وأما حم فمعناه الحميد المجيد.

٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم «حم» حرف من الاسم الأعظم وقوله عزوجل : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه مكتوب في الفاتحة في قول الله عزوجل : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) قال أبو عبد الله عليه‌السلام هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

٥ ـ في تهذيب الأحكام في الدعاء المنقول بعد صلوة يوم الغدير عن أبي ـ

٥٩١

عبد الله عليه‌السلام ربنا آمنا واتبعنا مولانا وولينا وهادينا وداعينا وداعي الأنام وصراطك المستقيم السوي وحجتك وسبيلك الداعي إليك على بصيرة هو ومن اتبعه (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) بولايته وبما يلحدون باتخاذ الولائج دونه ، فاشهد يا الهى انه الامام الهادي المرشد الرشيد على أمير المؤمنين الذي ذكرته في كتابك ، فقلت : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) لا أشركه إماما ولا اتخذ من دونه وليجة.

٦ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا احمد بن عبد الله بن إبراهيم بن هاشم رحمه‌الله قال حدثنا أبي عن جدي عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) قال : هو أمير المؤمنين ومعرفته ، والدليل على انه أمير المؤمنين قولهعزوجل: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) وهو أمير المؤمنين (ع) في أم الكتاب في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ).

٧ ـ في مجمع البيان : (ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ) وروى العياشي باسناده عن أبي ـ عبد الله عليه‌السلام قال : ذكر النعمة ان تقول : الحمد لله الذي هدانا للإسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله، وتقول بعده : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا) إلى آخره.

٨ ـ وروى عن ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآلهكان إذا استوى على بعيره خارجا في سفر كبر ثلاثا وقال : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) اللهم انا نسئلك في سفرنا هذا البر والتقوى والعمل بما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم انى أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب (١) وسوء المنظر في الأهل والمال وإذا رجع قال : آئبون تائبون لربنا حامدون أورده مسلم في الصحيح.

٩ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه : إذا ركبتم الدواب فاذكروا الله تعالى ، وقولوا (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ).

١٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن اسمعيل

__________________

(١) الوعثاء : المشقة والتعب والكآبة : الحزن الشديد والغم.

٥٩٢

ابن مهران عن سيف بن عميرة عن أبى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال : نعم ، قلت : ما هو؟ قال : يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال وان كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه ، ومنه قوله عزوجل : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أسباط ومحمد بن أحمد عن موسى بن القاسم البجلي عن على بن أسباط عن أبى الحسن عليه‌السلام حديث طويل نقول فيه عليه‌السلام وان خرجت برا فقل الذي قال الله عزوجل : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) فانه ليس من عبد يقولها عند ركوبه فيقع من بعير أو دابة فيصيبه شيء بإذن الله.

١٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير ومحمد بن اسمعيل عن الفضل ابن شاذان عن ابن أبى عمير عن صفوان بن يحيى جميعا عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : إذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك فقال : الحمد لله الذي هدينا للإسلام ومن علينا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله(سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أللهم أنت الحامل على الظهور والمستعان على الأمر ، أللهم بلغنا بلاغا يبلغ إلى خير ، بلاغا إلى مغفرتك ورضوانك ، أللهم لا طير الا طيرك (١) ولا خيرا الا خيرك ولا حافظ غيرك ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن أسباط عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال: فان ركبت الظهر فقل (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ).

١٤ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن الدهقان عن درست عن إبراهيم ابن عبد الحميد عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله: إذا ركب الرجل إلى أن قال : وقال : من قال إذا ركب الدابة : بسم الله لا حول ولا قوة الا بالله (الْحَمْدُ

__________________

(١) الطير : الاسم من التطير وهو ما يتشأم به الإنسان من الفال الردى ، قال الفيض (ره) : وهذا كما يقال : لا امر الا أمرك ، يعنى لا يكون الا ما تريد.

٥٩٣

لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ) الآية (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) حفظت له دابته ونفسه حتى ينزل.

١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل سعد بن سعد الرضا عليه‌السلام عن سجدة الشكر فقال : أرى أصحابنا يسجدون بعد الفريضة سجدة واحدة ويقولون : هي سجدة الشكر ، فقال : انما الشكر إذا أنعم الله عزوجل على عبده أن يقول : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

١٦ ـ وكان الصادق عليه‌السلام إذا وضع رجله في الركاب يقول : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) ويسبح الله سبعا ويحمد الله سبعا ويهلل الله سبعا.

١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ) إلى قوله (وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) قال : فانه حدثني أبى عن ابن فضال عن الفضل بن صالح عن سعد ابن طريف عن الأصبغ بن نباته قال : أمسكت لأمير المؤمنين صلوات الله عليه بالركاب وهو يريد أن يركب ، فرفع رأسه ثم تبسم فقلت له : يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت رأسك ثم تبسمت؟ قال : نعم يا اصبغ أمسكت أنا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآلهكما أمسكت أنت لي الركاب فرفع رأسه ثم تبسم فسألته عن تبسمه كما سألتنى ، وسأخبرك كما أخبرنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمسكت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بلغته الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم فقلت : يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت لماذا؟ فقال : يا على ليس من أحد يركب فيقرأ آية الكرسي ثم يقول : استغفر الله الذي لا اله الا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم وأتوب اليه أللهم اغفر لي ذنوبي فانه لا يغفر الذنوب الا أنت ، الا قال السيد الكريم : يا ملائكتى عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري ، اشهدوا أنى قد غفرت له ذنوبه.

١٨ ـ حدثني أبى عن على بن أسباط قال : حملت متاعا إلى مكة فكسد على فجئت إلى المدينة فدخلت إلى أبى الحسن الرضا عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك انى قد حملت متاعا إلى مكة وكسد على وقد أردت مصرا فأركب بحرا أو برا؟ فقال : مصر الحتوف يقبض إليها ، وهم أقصر الناس أعمارا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله: لا تغسلوا رؤسكم بطينها ،

٥٩٤

ولا تشربوا في فخارها ، فانه يورث الذلة ويذهب بالغيرة ، ثم قال : لا عليك أن تأتى مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتصلى فيه ركعتين ، وتستخير الله عزوجل مأة مرة [ومرة] فاذا عزمت على شيء وركبت البر فاذا استويت (١) على راحلتك فقال : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) فانه ما ركب أحد ظهرا فقال هذا وسقط الألم يصبه كسر ولا ونى ولا وهن ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

وقوله عزوجل : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) اى ينشأو في الذهب (وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) قال ان موسى عليه‌السلام أعطاه الله عزوجل من القوة ان ارى فرعون صورته على فرس من ذهب رطب عليه ثياب من ذهب رطب فقال فرعون «أو من ينشأو في الحلية» اى ينشأو بالذهب (وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) قال : لا يبين الكلام ولا يتبين من الناس ، ولو كان نبيا لكان خلاف الناس.

١٩ ـ في بصائر الدرجات احمد بن الحسين عن أبيه عن بكر بن صالح عن عبد الله بن إبراهيم بن عبد العزيز بن محمد بن على بن عبد الله بن جعفر الجعفري قال : حدثنا يعقوب بن جعفر قال : كنت مع أبى الحسن عليه‌السلام بمكة فقال له رجل انك لتفسر من كتاب الله ما لم يسمع ، فقال : علينا نزل قبل الناس ، ولنا فسر قبل أن يفسر في الناس فنحن نعرف حلاله وحرامه ، وناسخه ومنسوخه ، ومتفرقه وحضرته وفي اى ليلة نزلت من آية وفيمن نزلت وفيما أنزلت ، فنحن حكماء الله في أرضه ، وشهداؤه على خلقه ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) فالشهادة لنا والمسئلة للمشهود عليه ، فهذا علم قد أنهيته.

٢٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال : كتب يحيى بن عبد الله بن الحسن إلى موسى بن جعفر عليه‌السلام : اما بعد فانى أوصى نفسي بتقوى الله وبها أوصيك فانها وصية الله في الأولين ووصيته في الآخرين خبرني من ورد على من

__________________

(١) كذا في النسخ ولكن في المصدر «فاذا عزمت على شيء وركبت البحر أو إذا استويت على راحلك ... اه».

٥٩٥

أعوان الله على دينه ونشر طاعته بما كان من تحننك (١) مع خذلانك ، وقد شاورت في الدعوة للرضا من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآلهوقد احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك (٢) وقديما ادعيتم ما ليس لكم وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم الله فاستهويتم وأضللتم وأنا محذرك ما حذرك الله من نفسه ، فكتب اليه أبو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : من موسى بن عبد الله ابن جعفر وعلى مشتركين في التذلل الله وطاعته ، إلى يحيى بن عبد الله بن الحسن اما بعد فانى أحذرك الله ونفسي وأعلمك اليم عذابه وشديد عقابه ، وتكامل نقماته ، وأوصيك ونفسي بتقوى الله فانها زين الكلام ، وتثبيت النعم أتاني كتابك تذكر فيه انى مدع وأبي من قبل وما سمعت ذلك منى و «ستكتب شهادتهم ويسألون».

٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قال هشام : قلت : فهل يكون الامامة في الآخرين بعد الحسن والحسين؟ قال : لا انما هي جارية في عقب الحسين عليه‌السلام كما قال الله عزوجل : وجعلهما كلمة باقية في عقبه ثم هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة.

٢٢ ـ وباسناده إلى محمد بن قيس عن ثابت الثمالي عن على بن الحسين بن على ابن أبى طالب عليهم‌السلام أنه قال : فينا نزلت هذه الآية : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) والامامة في عقب الحسين عليه‌السلام إلى يوم القيامة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله

__________________

(١) اى ترحمك على واشفاقك من قتلى مع خذلانك وعدم نصرتك لي قاله المجلسي (ره)

(٢) وقال (ره) هنا : لعل فيه حذفا وإيصالا ان احتجبت بها والضمير للمشورة كناية عما هو مقتضى المشورة من الاجابة الى البيعة ، أو الضمير راجع الى البيعة بقرينة المقام والدعوة اى إجابتها أو المعنى شاورت الناس في الدعوة فاحتيجت عن مشاورتي ولم تحضرها وصار ذلك سببا لتفرق الناس عنى «واحتجبها أبوك» اى عند دعوة محمد بن عبد الله «انتهى» وقصة محمد بن عبد الله مذكورة في أصول الكافي قبل هذا بحديث فراجع باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في امر الامامة ان شئت.

٥٩٦

عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال : في عقب الحسين عليه‌السلام ، فلم يزل هذا الأمر منذ أفضى إلى الحسين ينقل من ولد إلى ولد لا يرجع إلى أخ وعم ، ولم يتم بعلم أحد منهم الا وله ولد وان عبد الله خرج من الدنيا ولا ولد له ولم يمكث بين ظهراني أصحابه الا شهرا.

٢٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده إلى على بن أبى حمزة عن أبيه عن أبى ـ بصير قال : سئلت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال: هي الامامة جعلها الله عزوجل في عقب الحسين عليه‌السلام باقية إلى يوم القيامة.

٢٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه في خطبة الغدير : معاشر الناس القرآن يعرفكم ان الائمة من بعده ولده ، وعرفتكم أنه منى وأنا منه حيث يقول الله عزوجل : (كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) وقلت : لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما.

٢٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الأعرج عن أبي هريرة قال : سئلت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قوله : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال : جعل الامامة في عقب الحسين ، يخرج من صلبه تسعة من الائمة منهم مهدي هذه الامة.

٢٧ ـ المفضل بن عمر قال : سئلت الصادق عليه‌السلام عن هذه الآية قال : يعنى بذلك الامامة جعلها في عقب الحسين إلى يوم القيامة ، فقلت : كيف صارت في ولد الحسينعليه‌السلام دون ولد الحسن عليه‌السلام؟ فقال : ان موسى وهارون كانا نبيين ومرسلين أخوين فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى ، ثم ساق الحديث إلى قوله : هو الحكيم في أفعاله (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).

٢٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وعن أبى محمد الحسن العسكري عليه‌السلام عن أبيه قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة إذ قال له عبد الله بن أمية المخزومي : لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا مالا وأحسنه حالا فهلا نزل هذا القران الذي تزعم أن الله أنزله عليك وانبعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم : اما الوليد بن المغيرة بمكة واما عروة بن مسعود

٥٩٧

الثقفي بالطائف ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما قولك (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) الوليد بن المغيرة بمكة أو عروة بالطايف ، فان الله ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظم أنت ، ولا خطر له عنده كما له عندك ، بل لو كانت الدنيا عنده تعدل جناح بعوضة ما سقى كافرا به مخالفا شربة ماء ، وليس قسمة رحمة الله إليك بل الله القاسم للرحمات والفاعل لما يشاء في عبيده وإمائه ، وليس هو عزوجل ممن يخاف أحدا كما تخافه أنت لما له وحاله ، فعرفته بالنبوة لذلك ، ولا ممن يطمع في أحد في ماله أو حاله كما تطمع أنت فتخصه بالنبوة لذلك ، ولا ممن يحب أحدا محبة الهوى كما تحب فيقدم من لا يستحق التقديم ، وانما معاملته بالعدل ، فلا يؤثر لأفضل مراتب الدين وخلاله الا الأفضل في طاعته والا جد في خدمته ، وكذا لا يؤخر في مراتب الدين وجلاله الا أشدهم تباطئا عن طاعته ، وإذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال ولا إلى حال ، بل هذا المال والحال من تفضله ، وليس لأحد اكراهه من عباده عليه ضريبة لازب (١) فلا يقال له : إذا تفضلت بالمال على عبد فلا بد ان تتفضل عليه بالنبوة أيضا لأنه ليس لأحد اكراهه على خلاف مراده ، ولا إلزامه تفضلا ، لأنه تفضل قبله بنعمة الا ترى يا عبد الله كيف أعنى واحدا وقبح صورته ، وكيف حسن صورة واحد وأفقره ، وكيف شرف واحدا وأفقره ، وكيف أغنى واحدا ووضعه. ثم ليس لهذا الغنى ان يقول : هلا أضيف إلى يساري جمال فلان. ولا للجميل ان يقول : هلا أضيف إلى جمالي مال فلان؟ ولا للشريف أن يقول : هلا أضيف إلى شرفي مال فلان؟ ولا للوضيع ان يقول : هلا أضيف إلى مالي شرف فلان؟ ولكن الحكم لله يقسم كيف يشاء ويفعل كما يشاء وهو حكيم في أفعاله محمود في أعماله ، وذلك قوله : وقالوا (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) قال الله أهم يقسمون رحمة ربك يا محمد (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي) الحيوة الدنيا فأحوجنا بعضا إلى بعض أحوج هذا إلى مال ذلك وأحوج ذلك إلى سلعة هذا وإلى خدمته فترى أجل الملوك وأغنى الأغنياء محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب اما سلعة ، معه ليست

__________________

(١) الضريبة : الجزية. واللازب : الثابت.

٥٩٨

معه ، واما خدمة يصلح لها يتهيأ لذلك الملك أن يستغنى الا به ، واما باب من العلوم والحكم هو فقير إلى أن يستفيدها من هذا الفقير الذي يحتاج إلى مال ذلك الملك الغنى ، وذلك الملك يحتاج إلى علم هذا الفقير أو رأيه أو معرفته ، ثم ليس للملك ان يقول : هلا اجتمع إلى مالي علم هذا الفقير؟ ولا للفقير أن يقول : هلا اجتمع إلى رأيى ومعرفتي وعلمي وما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الملك الغنى؟

٢٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : لو حلف القانع بتملكه على الدارين لصدقه الله عزوجل بذلك ولا بره ، لعظم شأن مرتبته في القناعة ، ثم كيف لا يقنع العبد بما قسم الله عزوجل له وهو يقول : (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فمن أذعن وصدقه بما شاء ولما شاء بلا غفلة وأيقن بربوبيته أضاف تولية الأقسام إلى نفسه بلا سبب ، ومن قنع بالمقسوم استراح من الهم والكرب والتعب.

٣٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله متصل بآخر ما نقلنا عنه أعنى قوله : مال هذا الملك الغنى ، ثم قال : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) ثم قال : يا محمد (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) اى ما يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) اى على مذهب واحد (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) قال : المعارج الذي يظهرونها (وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها) يتكئون وزخرفا قال : البيت المزخرف بالذهب ، قال الصادق عليه‌السلام : لو فعل الله ذلك لما آمن أحد ، ولكنه جعل في المؤمنين أغنياء وفي الكافرين فقراء وجعل في الكافرين أغنياء وفي المؤمنين فقراء ثم امتحنهم بالأمر والنهى ، والصبر والرضا.

٣٢ ـ في كتاب علل الشرائع أبى رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال : سألت على بن الحسين عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً

٥٩٩

واحِدَةً) قال : عنى بذلك أمة محمد أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) ولو فعل ذلك بأمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لحزن المؤمنين وغمهم ذلك ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم.

٣٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال : سألت على بن الحسين عليهما‌السلام وذكر كما نقلنا عن كتاب العلل إلى قوله : (وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) فانه ليس في أصول الكافي.

٣٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى منصور بن يونس قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال الله عزوجل : لولا أن يجد عبدي المؤمن في نفسه (١) لعصبت الكافر بعصابة منذهب.

٣٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد ابن سنان عن العلا عن ابن أبى يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان فقراء المؤمنين يتقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم أربعين خريفا (٢) ، قال : سأضرب لك مثل ذلك ، انما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر (٣) فنظر في إحديهما فلم ير فيها شيئا فقال : أسربوها (٤) ونظر في الاخرى فاذا هي موقرة (٥) فقال احبسوها.

٣٦ ـ وباسناده قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لولا الحاج المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها.

٣٧ ـ وباسناده إلى سعدان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الله عزوجل يلتفت يوم ـ

__________________

(١) اى يخطر بباله شيء.

(٢) الخريف : سبعون سنة كما في رواية الصدوق (قده) في معاني الاخبار وقيل : أربعون سنة كما في النهاية. وفسره صاحب المعالم (ره) في المحكي عنه بأكثر من سبعين أيضا.

(٣) العاشر : من يأخذ العشر.

(٤) «اسربوها» اى خلوا سبيلها.

(٥) اى مملوة.

٦٠٠