تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

٢٤ ـ وخطبة اخرى يقول عليه‌السلام ، فيها : حد الأشياء كلها عند خلقه إياها ابانة لها من شبهه وابانة له من شبهها.

٢٥ ـ وخطبة اخرى يقول عليه‌السلام فيها : ولا يخطر ببال اولى الروايات خاطرة من تقدير جلال عزته لبعده من ان يكون في قوى المحدودين لأنه خلاف خلقه.

فلا شبه له في المخلوقين ، وانما يشبه الشيء بعديله ، فاما ما لا عديل له فكيف يشبه بغير مثاله.

٢٦ ـ وباسناده إلى طاهر بن حاتم بن ماهويه قال : كتبت إلى الطيب يعنى أبا الحسن عليه‌السلام : ما الذي لا يجتزى في معرفة الخالق بدونه؟ فكتب (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) لم يزل سميعا وعليما وبصيرا وهو الفعال لما يريد.

٢٧ ـ وباسناده إلى عبد الرحمن بن أبي نجران قال : سألت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام عن التوحيد ، فقلت : أتوهم شيئا؟ فقال : نعم غير معقول ولا محدود ، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه لا يشبهه شيء ولا تدركه الأوهام ، كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل وخلاف ما يتصور في الأوهام ، انما يتوهم شيء غير معقول ولا محدود.

٢٨ ـ وباسناده إلى محمد بن عيسى بن عبيد انه قال : قال الرضا عليه‌السلام : للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب : نفي وتشبيه وإثبات بغير تشبيه ، فمذهب النفي لا يجوز ، ومذهب التشبيه لا يجوز ، لان الله تعالى لا يشبهه شيء ، والسبيل في الطريق الثالثة إثبات بلا تشبيه.

٢٩ ـ وباسناده إلى الحسين بن سعيد قال : سئل أبو جعفر عليه‌السلام : يجوز ان يقال لله : انه شيء؟ فقال : نعم تخرجه عن الحدين حد التشبيه وحد التعطيل.

٣٠ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار في التوحيد حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وقلنا انه سميع لا يخفي عليه أصوات خلقه ما بين العرش إلى الثرى من الذرة إلى أكبر منها في برها وبحرها ولا يشتبه عليه لغاتها ، فقلنا عند

٥٦١

ذلك سميع لا بأذن ، وقلنا انه بصير لا ببصر ، لأنه يرى اثر الذرة السحماء (١) في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء ، ويرى دبيب النمل في الليلة الدجنة (٢) ويرى مضارها ومنافعها واثر سفادها (٣) وفراخها ونسلها فقلنا عند ذلك : انه بصير لا كبصر خلقه.

قال عز من قائل : (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

٣١ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة قال عليه‌السلام فيها : فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن ، ويكون فيها لا على وجه الممازجة وعلمها لا بأداة لا يكون العلم الا بها ، وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالما بمعلومه.

٣٢ ـ في بصائر الدرجات عبد الله بن عامر (مهران خ ل) عن عبد الرحمن بن أبي ـ نجران قال : كتب أبو الحسن الرضا عليه‌السلام وسأله اقرءنيها قال : على بن الحسين عليهما ـ السلام ان محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمين الله في أرضه ، فلما قبض محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كنا أهل البيت ورثته ، فنحن أمناء الله في أرضه إلى قوله : ونحن الذين شرع الله لنا دينه ، فقال في كتابه : شرع لكم يا آل محمد من الدين ما وصى به نوحا قد وصينا بما وصى به نوحا والذي ، أوحينا إليك يا محمد وما وصينا به إبراهيم واسمعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى فقد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا علمهم ونحن ورثة الأنبياء ونحن ورثة اولى العزم من الرسل ان أقيموا الذين يا آل محمد ولا تتفرقوا فيه وكونوا على جماعة كبر على المشركين من أشرك بولاية علىعليه‌السلام ما تدعوهم اليه من ولاية على ان الله يا محمد يهدى اليه من ينيب من يجيبك إلى ولاية على عليه‌السلام ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) الذرة : صغار النمل. والسحماء : السوداء.

(٣) السفاد : الجماع.

٥٦٢

٣٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن سنان عن الرضا عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) يا محمد من ولاية على» هكذا في الكتاب محفوظة (مخطوطة خ ل).

٣٤ ـ على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين ابن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل بعث نوحا إلى قومه (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) ، ثم دعاهم إلى الله وحده وان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، ثم بعث الأنبياء عليهم‌السلام إلى ان بلغوا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدعاهم إلى ان يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا ، وقال : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) ، فبعث الأنبياء عليهم‌السلام إلى قومهم بشهادة ان لا اله الا الله والإقرار بما جاء من عند الله عزوجل ، فمن آمن مخلصا ومات على ذلك ادخله الله الجنة بذلك ، وذلك ان الله جل وعز ليس بظلام للعبيد ، وذلك ان الله جل وعز لم يكن يعذب عبدا حتى يغلظ عليه في القتل والمعاصي التي أوجب الله جل وعز عليه بها النار لمن عمل بها ، فلما استجاب لكل نبي من استجاب له من قومه من المؤمنين جعل لكل نبي منهم شرعة ومنهاجا ، والشرعة والمنهاج سبيل وسنة.

٣٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمد بن أبي نصر وعدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن محمد بن مروان جميعا عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى اعطى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله شرايع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم‌السلام التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد والفطرة الحنيفية السمحة لا رهبانية ولا سياحة ، أهل فيها الطيبات وحرم فيها الخبائث ، ووضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، ثم افترض عليه فيها الصلوة والزكاة والصيام والحج والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحلال والحرام والمواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل الله ، وزاده الوضوء وفضله بفاتحة الكتاب وخواتيم سورة

٥٦٣

البقرة والمفصل ، وأحل له المغنم والفيء ونصره بالرعب ، وجعل له الأرض مسجدا وطهورا ، وأرسله كافة إلى الأبيض والأسود والجن والانس. وأعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم ، ثم كلف ما لم يكلف أحدا من الأنبياء ، انزل عليه سيف من السماء في غير غمد وقيل له : قاتل في سبيل الله لا تكلف الا نفسك.

٣٦ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن اسمعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كانت شريعة نوح عليه‌السلام ان يعبدوا الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد ، وهو الفطرة التي فطر الناس عليها وأخذ الله ميثاقه على نوح وعلى النبيين صلوات الله عليهم أجمعين ان يعبدوا الله تعالى ، ولا يشركوا به شيئا ، وامره بالصلوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحلال والحرام ، ولم يفرض عليه احكام حدود ولا فرائض مواريث فهذه شريعته.

٣٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال : دخلت على سيدي على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين ابن على بن أبي طالب عليهم‌السلام فلما بصر بى قال لي : مرحبا بك يا أبا القاسم أنت ولينا حقا ، قال : فقلت له : يا بن رسول الله انى أريد ان اعرض عليك ديني فان كان مرضيا ثبت عليه حتى القى الله عزوجل ، فقال : هاتها يا أبا القاسم فقلت : انى أقول : ان الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء ، خارج من الحدين حد الابطال وحد التشبيه وانه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر ، بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور ، وخالق الاعراض والجواهر ، ورب كل شيء ومالكه وجاعله ومحدثه ، وان محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيمة وأقول ان الامام والخليفة وولى الأمر بعده أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام ، ثم الحسن ثم الحسين ثم على بن الحسين ثم محمد بن على ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم على بن موسى ثم محمد بن على ثم أنت يا مولاي ، فقال عليه‌السلام : ومن بعدي الحسن إبني ، فكيف الناس بالخلف من بعده قال : فقلت : وكيف ذاك يا مولاي؟ قال : لأنه لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، قال : فقلت : أقررت وأقول ان وليهم ولى

٥٦٤

الله وعدوهم عدو الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله ، وأقول ان المعراج حق والمسائلة في القبر حق ، وان الجنة حق والنار حق ، والصراط حق والميزان حق ، (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) ، وأقول : ان الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلوة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، فقال على بن محمد عليهما‌السلام : يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده ، فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الآخرة.

٣٨ ـ وباسناده إلى الريان بن الصلت عن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله جل جلاله : ما آمن بى من فسر برايه كلامي ، وما عرفني من شبهنى بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني.

٣٩ ـ وباسناده إلى داود بن سليمان الفراء عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : التوحيد نصف الدين.

٤٠ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل دينكم الورع.

٤١ ـ عن ابن عمر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : أفضل العبادة الفقه ، وأفضل الدين الورع.

٤٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين ابن سعيد عن بعض أصحابنا عن عبيد بن زرارة قال : حدثني حمزة بن حمران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الاستطاعة فلم يجبني ، فدخلت عليه دخلة اخرى فقلت : أصلحك الله انه قد وقع في قلبي منها شيء لا يخرجه الا شيء أسمعه منك ، قال : فانه لا يضرك ما كان في قلبك ، قلت : أصلحك الله انى أقول ان الله تبارك وتعالى لم يكلف العباد ما لا يستطيعون ، ولم يكلفهم الا ما يطيقون ، وانهم لا يصنعون شيئا من ذلك الا بإرادة الله ومشيته وقضائه وقدره؟ قال : فقال : هذا دين الله الذي انا عليه وآبائي أو كما قال.

٥٦٥

٤٣ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور إلى قوله عنه عن معلى بن محمد عن الوشا عن أبان عن اسمعيل الجعفي قال : دخل رجل على أبي ـ جعفر عليه‌السلام ومعه الصحيفة فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : هذه صحيفة مخاصم سأل عن الدين الذي يقبل فيه العمل ، فقال : رحمك الله هذا الذي أريد ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام شهادة ان لا الله الا الله وحده لا شريك له ، وان محمدا عبده ورسوله وتقر بما جاء به من عند الله ، والولاية لنا أهل البيت والبراءة من عدونا والتسليم لأمرنا ، والورع والتواضع وانتظار قائمنا فان لنا دولة إذا شاء الله جاء بها.

٤٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وأبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار جميعا عن صفوان بن يحيى عن عمرو بن حريث قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وهو في منزل أخيه عبد الله بن محمد فقلت له : جعلت فداك ما حولك إلى هذا المنزل؟ قال : طلب النزهة (١) ، فقلت : جعلت فداك الا أقص عليك ديني؟ فقال : بلى.

قلت : أدين الله بشهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) ، واقام الصلوة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لعلى أمير المؤمنين بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والولاية للحسن والحسين ، والولاية لعلى بن الحسين والولاية لمحمد بن على ولك من بعده صلوات الله عليهم أجمعين وانكم أئمتي ، عليه أحيى وعليه أموت وأدين الله به فقال : يا عمرو هذا دين الله ودين آبائي الذي أدين الله به في السر والعلانية ، فاتق الله وكف لسانك الا من خير ، ولا تقل انى هديت نفسي بل الله هداك فأد شكر ما أنعم الله عزوجل به عليك ، ولا تكن ممن إذا اقبل طعن في عينه ، وإذا أدبر طعن في قفاه (٢) ولا تحمل الناس على كاهلك فانك أوشك ان حملت الناس على كاهلك ان

__________________

(١) النزهة : البعد عن الناس.

(٢) قال المجلسي (ره) : اى كن من الأخيار ليمدحك الناس في وجهك وقفاك ولا تكن من الأشرار الذين يذمهم الناس في حضورهم وغيبتهم ، أو أمر بالتقية من المخالفين أو حسن المعاشرة مطلقا.

٥٦٦

يصدعوا شعب كاهلك (١).

٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن على بن مهزيار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) قال : الامام «ولا تتفرقوا فيه» كناية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ثم قال : (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من امر ولاية على (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ) كناية عن على عليه‌السلام (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ).

٤٦ ـ وفيه قوله عزوجل : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ) مخاطبة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) اى تعلموا الدين يعنى التوحيد ، واقام الصلوة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والسنن والأحكام التي في الكتب والإقرار بولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام «ولا تتفرقوا فيه» اى لا تختلفوا فيه (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من ذكر هذه الشرائع ثم قال : (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ) اى يختار (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) وهم الائمة صلوات الله عليهم أجمعين الذين اختارهم واجتباهم

قال جل ذكره : (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) قال : لم يتفرقوا بجهل ولكنهم تفرقوا لما جائهم العلم وعرفوه فحسد بعضهم بعضا ، وبغى بعضهم على بعض لما رأوا من تفاضل أمير ـ المؤمنين بأمر الله فتفرقوا في المذاهب وأخذوا بالآراء والأهواء ، ثم قال عزوجل : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) قال : لولا ان الله قد قدر ذلك ان يكون في التقدير الاول لقضي بينهم إذا اختلفوا واهلكهم ولم ينظرهم ولكن اخرهم إلى أجل مسمى المقدر (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) كناية عن الذين نقضوا (٢) امر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال جل ذكره : (فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ)

__________________

(١) الكاهل : مقدم أعلى الظهر مما يلى العنق أو موصل العنق في الصلب والشعب : بعد ما بين المنكبين ، قال في مرآة العقول اى لا تسلط الناس على نفسك بترك التقية ، أو لا تحملهم على نفسك بكثرة المداهنة والمدارة معهم بحيث تتضرر بذلك كأن يضمن لهم ويحمل عنهم مالا يطيق أو يطمعهم في ان يحكم بخلاف الحق أو يوافقهم فيما لا يحل وهذا أفيد وان كان الاول أظهر.

(٢) وفي المصدر «عنى عن الذين نقضوا ... اه».

٥٦٧

يعنى هذه الأمور والدين الذي تقدم ذكره ، وموالاة أمير المؤمنين عليه‌السلام (فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ).

٤٧ ـ وفيه متصل بآخر الحديث الذي نقلناه عنه اولا اعنى قوله : (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) ثم قال جل ذكره : (فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) يعنى إلى ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

قال عز من قائل : (وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ).

٤٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى مسلم بن خالد المكي عن جعفر ابن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : ما انزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا الا بالعربية ، فكان يقع في مسامع الأنبياء عليهم‌السلام بألسنة قومهم ، وكان يقع في مسامع نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالعربية ، فاذا كلم به قومه كلمهم بالعربية فيقع في مسامعهم بلسانهم وكان أحد لا يخاطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأى لسان خاطبه الا وقع في مسامعه بالعربية. كل ذلك يترجم جبرئيل عليه‌السلام عنه تشريفا من الله عزوجل له صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٩ ـ في مجمع البيان : لا عدل بينكم وفي الحديث : ثلاث منجيات وثلاث مهلكات ، فالمنجيات العدل في الرضا والغضب ، والقصد في الغنى والفقر ، وخشية الله في السر والعلانية ، والمهلكات شح مطاع (١) وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه.

٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال عزوجل : (اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ) قال : الميزان أمير المؤمنين صلوات الله عليه. والدليل على ذلك قوله عزوجل في سورة الرحمن : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) قال : يعنى الامام عليه‌السلام.

٥١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسين بن عبد الرحمن عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : الله لطيف

__________________

(١) الشح : البخل مع حرص. قال بعض العارفين : الشح في نفس الإنسان ليس بمذموم لأنه طبيعة خلقها الله تعالى في النفوس كالشهوة والحرص للابتلاء ولمصلحة عمارة العالم وانما المذموم ان يستولي سلطانه على القلب فيطاع «انتهى» وكأن هذا هو المراد من هذا الحديث.

٥٦٨

بعباده يرزق من يشاء قال : ولاية أمير المؤمنين ، فقلت : من كان يريد حرث الاخرة قال : معرفة أمير المؤمنين عليه‌السلام والائمة (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) قال : نزيده منها قال : يستوفي نصيبه من دولتهم (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) وماله في الاخرة من نصيب قال : ليس له في دولة الحق مع الامام نصيب ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٢ ـ الحسين بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد عن الحسن بن على الوشاء عن احمد بن عائذ عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الاخرة نصيب ، ومن أراد به خير الاخرة أعطاه الله خير الدنيا والاخرة.

٥٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب.

٥٤ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن يحيى بن عقيل عن حسن قال : خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه فحمد الله واثنى عليه وقال : اما بعد إلى ان قال عليه‌السلام : ان المال والبنين حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الاخرة ، وقد يجمعهما الله لأقوام فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه ، واخشوه خشية ليست بتعذير ، واعملوا في غير رياء ولا سمعة.

٥٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : المال والبنون حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الاخرة ، وقد يجمعهما الله لا قوام.

٥٦ ـ في مجمع البيان وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من كانت نيته الدنيا فرق الله عليه امره وجعل الفقر بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا الا ما كتب له ، ومن كانت نيته الآخرة جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة.

٥٧ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن

٥٦٩

عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) قال : اختلفوا كما اختلفت هذه الامة في الكتاب وستختلفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير فيقدمهم فيضرب أعناقهم ، واما قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قال : لولا ما تقدم فيهم من الله عز ذكره ما أبقى القائم منهم أحدا.

٥٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) قال : الكلمة الامام ، والدليل على ذلك قوله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) يعنى الامامة ثم قال عزوجل : «وان الظالمين» يعنى الذين ظلموا هذه الكلمة (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ثم قال عزوجل : ترى الظالمين يعنى الذين ظلموا آل محمد صلوات الله عليه وعليهم حقهم مشفقين مما كسبوا إلى خائفين مما ارتكبوا وعملوا (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) مما يخافونه ، ثم ذكر الله عزوجل الذين آمنوا بالكلمة واتبعوها فقال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا) بهذه الكلمة وعملوا الصالحات مما أمروا به.

٥٩ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام انه قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قام رسول الله فقال : ايها الناس ان الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ قال : فلم يجبه أحد منهم ، فانصرف فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك ، ثم قام فيهم فقال مثل ذلك في اليوم الثالث فلم يتكلم أحد ، فقال : ايها الناس انه ليس من ذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب ، قالوا : فألقه إذا ، قال : ان الله تبارك وتعالى انزل على (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقالوا : اما هذه فنعم فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : فو الله ما وفي بها الا سبعة نفر : سلمان وأبو ذر وعمار والمقداد ابن الأسود الكندي وجابر بن عبد الله الأنصاري ومولى لرسول الله يقال له

٥٧٠

الثبت (١) وزيد بن أرقم.

٦٠ ـ في جوامع الجامع وروى ان المشركين قالوا فيما بينهم : أترون ان محمدا يسأل على ما يتعاطاه اجرا؟ فنزلت : «قل لا اسئلكم» الآية.

٦١ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عمن حدثه عن إسحاق بن عمار عن محمد ابن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الرجل يحب الرجل ويبغض ولده فأبى الله عزوجل الا ان يجعل حبنا مفترضا اخذه من اخذه ، وتركه من تركه واجبا فقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).

٦٢ ـ عنه عن ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير قال : سئلت أبا جعفر عن قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقال:هم والله من نصيبه من الله على العباد لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل بيته.

٦٣ ـ عنه عن الهيثم بن عبد الله النهدي عن العباس بن عامر القصير عن حجاج الخشاب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لأبي جعفر الأحول : ما يقول من عندكم في قول الله تبارك وتعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)؟ فقال : كان الحسن البصري يقول : في القربى من العرب ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام لكني أقول لقريش الذين عندنا هاهنا خاصة ، فيقولون : هي لنا ولكم عامة ، فأقول : خبروني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا نزلت به شديدة من خص بها؟ أليس إيانا خص بها حين أراد ان يلاعن أهل نجران أخذ بيد على وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، ويوم بدر قال لعلى وحمزة وعبيدة بن الحارث قال : فأبوا يقرؤن لي ، أفلكم الحلو ولنا المر؟.

٦٤ ـ عنه عن الحسن بن على الخزاز عن مثنى الحناط عن عبد الله بن عجلان قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : هم الائمة الذين لا يأكلون الصدقة ولا تحل لهم.

٦٥ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما يقول أهل البصرة في هذه

__________________

(١) وفي بعض النسخ «الثبيت» بزيادة الياء بين الموحدة التحتانية والمثناة الفوقانية.

٥٧١

الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)؟ قلت : جعلت فداك انهم تقولون انها لأقارب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : كذبوا انما نزلت فينا خاصة أهل البيت في على وفاطمة والحسن والحسين وأصحاب الكساء عليهم‌السلام.

٦٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن على بن الحسين عليهما ـ السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين : اما قرأت هذه الآية : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)؟ قال : بلى ، قال على عليه‌السلام : فنحن أولئك.

٦٧ ـ في مجمع البيان قل لا اسألكم عليه اجرا الآية اختلف في معناه على أقوال إلى قوله وثالثها ان معناه الا ان تودوا قرابتي وعترتي وتحفظوني فيهم. عن على بن الحسين عليه‌السلام وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

٦٨ ـ وباسناده إلى ابن عباس قال : لما نزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) ولا قالوا : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم؟ قال : على وفاطمة وولدها.

٦٩ ـ وباسناده إلى أبي القاسم الحسكاني مرفوعا إلى أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى وخلقت انا وعلى من شجرة واحدة فأنا أصلها وعلى فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمارها وأشياعنا أوراقها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى ، ولو ان عبدا عبد الله بين الصفا والمروة الف عام ثم الف عام حتى يصير كالشن البالي ثم لم يدرك محبتنا كبه الله على منخريه في النار ، ثم تلى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).

٧٠ ـ وروى زاذان عن على عليه‌السلام قال : فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا الا كل مؤمن ، ثم قرء هذه ولا وإلى هذا أشار الكميت في قوله :

وجدنا لكم في آل حم آية

تأولها منا تقى ومعرب (١)

٧١ ـ وصح عن الحسن بن على عليه‌السلام انه خطب الناس فقال في خطبته : انا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم ، فقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً

__________________

(١) التقى : صاحب التقية والمعرب : المظهر لمذهبه علانية.

٥٧٢

إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت.

٧٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشا عن مثنى عن زرارة عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : هم الائمة عليهم‌السلام.

٧٣ ـ الحسين بن محمد وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو وعن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في حديث طويل : فلما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حجة الوداع وقدم المدينة أتته الأنصار فقالوا : يا رسول الله ان الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهر أنينا ، فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا (١) وقد تأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو ، فنحب ان تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم ، فلم يرد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام وقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ولم يقبل أموالهم ، فقال المنافقون : ما انزل الله هذا على محمد وما يريد الا ان يرفع بضبع ابن عمه (٢) ويحمل علينا أهل بيته ، يقول أمس : من كنت مولاه فعلى مولاه ، واليوم: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).

٧٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى إسحاق بن اسمعيل النيشابوري ان العالم كتب اليه يعنى الحسن بن على عليهما‌السلام ان الله عزوجل فرض عليكم لأوليائه حقوقا أمركم بأدائها إليهم ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومأكلكم ومشربكم : ويعرفكم بذلك البركة والنماء والثروة ، وليعلم من يعطيه منكم بالغيب ، وقال تبارك وتعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)

__________________

(١) كبته الله : أذله وأخزاه.

(٢) الضبع : العضد وقيل : الإبط.

٥٧٣

فاعلموا ان من بخل فانما يبخل على نفسه ، (إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُ) وأنتم الفقراء اليه لا اله الا هو ، فاعملوا من عبد ما شئتم (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين.

٧٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى ابن عباس قال : كنا جلوسا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ هبط عليه الأمين جبرئيل عليه‌السلام ومعه جام من البلور مملو مسكا وعنبرا ، وكان إلى جنب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على بن أبي طالب وولداه الحسن والحسين ، إلى ان قال : فلما صارت الجام في كف الحسين عليه‌السلام قالت : بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).

٧٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه : قالت العلماء له : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موضعا وموطنا ، فأول ذلك قوله عزوجل إلى قوله عليه‌السلام والآية السادسة : قول الله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وهذه خصوصية للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم القيامة ، وخصوصية للال دون غيرهم ، وذلك ان الله تعالى حكى ذكر نوح عليه‌السلام في كتابه : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) وحكى عزوجل عن هود عليه‌السلام انه قال : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) وقال عزوجل لنبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : «قل يا محمد (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ولم يفترض الله تعالى مودتهم الا وقد علم انهم لا يرتدون عن الدين أبدا ، ولا يرجعون إلى ضلال أبدا واخرى ان يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض ولده وأهل بيته عدوا له ، فلا يسلم له قلب الرجل ، فأحب الله عزوجل ان لا يكون في قلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على المؤمنين شيء ففرض الله عليهم مودة ذي القربى ، فمن أخذ بها وأحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يبغضه ، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته فعلى رسول الله ان يبغضه ، لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله عزوجل ، فأى فضل

٥٧٤

واى شرف يتقدم هذا أو يدانيه ، فانزل الله عزوجل هذه ولا على نبيه : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أصحابه فحمد الله واثنى عليه وقال : يا ايها الناس ان الله قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد فقال : ايها الناس ليس بذهب ولا فضة ولا مأكول ولا مشروب ، فقالوا : هات إذا ، فتلى عليهم هذه ولا فقالوا : اما هذه فنعم ، فما وفي بها أكثرهم ، وما بعث الله نبيا الا واوحى اليه : ان لا يسأل قومه اجرا لان الله عزوجل يوفيه اجرا الأنبياء ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فرض الله عزوجل طاعته ومودة قرابته على أمته وامره ان يجعل أمرهم (١) فيهم ليودوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عزوجل لهم ، فان المودة انما تكون على قدر معرفة الفضل ، فلما أوجب الله ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة ، فتمسك بها قوم قد أخذ الله تعالى ميثاقهم على الوفاء ، وعاند أهل الشقاوة والنفاق ، وألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حده الله عزوجل. فقالوا : القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته فعلى اى الحالتين كان فقد علمنا ان المودة هي للقرابة ، فأقربهم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أولاهم بالمودة ، فلكما قربت القرابة كانت المودة على قدرها ، وما أنصفوا نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حيطته ورأفته ، وما من الله به على أمته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه ان لا يودوه في ذريته وأهل بيته ، وان يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم وحبا لهم ، فكيف والقرآن ينطق به ويدعو اليه والاخبار ثابتة بأنهم أهل المودة والذين فرض الله تعالى مودتهم ووعد الجزاء عليها ، فما وفي أحد بها فهذه المودة لا يأتى بها أحد مؤمنا مخلصا الا استوجب الجنة ، لقول الله تعالى في هذه ولا : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ* ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) مفسرا ومبينا.

٧٧ ـ وفيه ووجدت في بعض الكتب نسخة كتاب الحبا والشرط من الرضا عليه‌السلام إلى العمال في شأن الفضل بن سهل وأخيه ولم ارو ذلك عن أحد : اما بعد فالحمد لله البديء

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «أجره فيهم» مكان «أمرهم فيهم».

٥٧٥

البديع إلى ان قال : الحمد لله الذي أورث أهل بيته مواريث النبوة ، واستودعهم العلم والحكمة ، وجعلهم معدن الامامة والخلافة ، وأوجب ولايتهم وشرف منزلتهم ، فأمر رسوله بمسألة أمته مودتهم إذ يقول : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وما وصفهم به من إذهابه الرجس عنهم وتطهيره إياهم في قوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

٧٨ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن العباس قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فينا خطيبا فقال في آخر خطبته : ونحن الذين امر الله لنا بالمودة فما ذا بعد الحق الا الضلال فانى تصرفون.

٧٩ ـ عن أبي رافع عن على عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يحب عترتي فهو لإحدى ثلاث : اما منافق ، واما الزانية ، واما امرء حملت به امه في غير طهر.

٨٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن أبان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) قال : الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا والا يكذب علينا.

٨١ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن على بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) قال : من تولى الأوصياء من آل محمد واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم عليه‌السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : قد سبق في مجمع البيان في خطبته عليه‌السلام بيان لاختلاف الحسنة (١).

٨٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في قول الله عزوجل : «قل

__________________

(١) راجع رقم ٧١.

٥٧٦

(لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يعنى في أهل بيته ، قال : جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : انا قد آوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على ما نابك (١) فأنزل الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) يعنى على النبوة (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) إلى في أهل بيته ، ثم قال : الا ترى ان الرجل يكون له صديق وفي نفس ذلك الرجل شيء على أهل بيته فلا يسلم صدره ، فأراد الله عزوجل ان لا يكون في نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيء على أمته ، ففرض الله عليهم المودة في القربى ، فان أخذوا أخذوا مفروضا وان تركوا تركوا مفروضا ، قال : فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول : عرضنا عليه أموالنا فقال : [لا] قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي وقالت طائفة : ما قال هذا رسول الله وجحدوه وقالوا كما حكى الله عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فقال عزوجل : (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) قال : لو افتريت (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) يعنى يبطله (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) يعنى بالأئمة والقائم من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).

٨٣ ـ في عيون الاخبار متصل بقوله عليه‌السلام سابقا مفسرا ومبينا ثم قال أبو الحسنعليه‌السلام : حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم‌السلام قال اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله فقالوا : ان لك يا رسول الله مؤنة في نفقتك وفي من يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم [فيها] بارا مأجورا ، أعط ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج ، قال : فأنزل الله عزوجل عليه الروح الأمين فقال : «قل يا محمد (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يعنى ان تودوا قرابتي من بعدي ، فخرجوا فقال المنافقون : ما حمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ترك ما عرضنا عليه الا ليحثنا على قرابته من بعده ان هو الا شيء افتراه محمد في مجلسه وكان ذلك من قولهم عظيما فأنزل الله تعالى هذه الآية (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فبعث إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال هل من حدث؟ فقالوا : اى والله يا رسول الله لقد قال بعضنا كلاما عظيما كرهناه ، فتلا عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الآية فبكوا واشتد

__________________

(١) نابه الأمر : أصابه.

٥٧٧

بكاؤهم فأنزل الله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ).

٨٤ ـ في مجمع البيان وذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره حدثني عثمان بن عمير عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها : نأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنقول له ان تعرك (١) أمور فهذه أموالنا تحكم فيها غير حرج ولا محظور عليك فأتوه في ذلك ، فنزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقرأها عليهم وقال : تودون قرابتي من بعدي. فخرجوا من عنده مسلمين لقوله فقال المنافقون : ان هذا شيء افتراه في مجلسه أراد ان يذللنا لقرابته من بعده. فنزلت : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فأرسل إليهم فتلاها عليهم فبكوا واشتد عليهم فأنزل الله : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) الآية فأرسل في أثرهم فبشرهم وقال : (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا) وهم الذين سلموا لقوله.

٨٥ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن على بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) يقول متكلفا ان اسئلكم ما لستم بأهله ، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض : اما يكفي محمدا ان يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد ان يحمل أهل بيته على رقابنا؟! فقالوا : ما انزل الله هذا وما هو الا شيء يتقوله يريد ان يرفع أهل بيته على رقابنا ، ولئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم أبدا ، وأراد الله عز ذكره ان يعلم نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أخفوا في صدورهم وأسروا به ، فقال في كتابه عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) يقول : لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم ، وقد قال الله عزوجل : (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) يقول الحق لأهل بيتك الولاية (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) يقول بما القوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك ، والظلم بعدك ، والحديث

__________________

(١) عرا فلانا أمر : أصابه وعرض له.

٥٧٨

طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تبارك وتعالى : (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) قال : هو المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب ، فيقول له الملك : آمين ، ويقول العزيز الجبار ولك مثلا ما سألت بحبك إياه.

٨٧ ـ في مجمع البيان وروى [عن أبي] عبد الله [عليه‌السلام] قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) الشفاعة لمن وجبت له النار ممن أحسن إليهم في الدنيا.

٨٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) قال الصادق عليه‌السلام : لو فعل لفعلوا ولكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض واستعبدهم بذلك ، ولو جعلهم أغنياء لبغوا (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) مما يعلم انه يصلحهم في دينهم ودنياهم (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ).

٨٩ ـ حدثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي عن عبد الملك ابن هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن آبائه صلوات الله عليهم عن الامام الحسن بن علىعليهما‌السلام انه قال في حديث طويل بعد مضيه إلى ملك الروم واجوبة الامام عليه‌السلام عما سأله عنه الملك ثم سأله عن أرزاق الخلائق؟ فقال الحسن عليه‌السلام : أرزاق الخلائق في السماء الرابعة تنزل بقدر وتبسط بقدر.

٩٠ ـ في مجمع البيان روى انس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن جبرئيل عن الله جل ذكره ان من عبادي من لا يصلحه الا السقم ولو صححته لأفسده ، وان من عبادي من لا يصلحه الا الصحة ولو أسقمته لأفسده ، وان من عبادي من لا يصلحه الا الغنى ولو أفقرته لأفسده ، وان من عبادي من لا يصلحه الا الفقر ولو أغنيته لأفسده ، وذلك انى أدبر عبادي لعلمي بقلوبهم.

٩١ ـ في جوامع الجامع بقدر اى بتقدير وفي الحديث أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها.

٥٧٩

٩٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) اى ايسوا (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ).

قال : حدثني أبي عن العزرمي عن أبيه عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : سئل عن السحاب اين يكون؟ قال على شجر كثيف على ساحل البحر فاذا أراد الله ان يرسله أرسل ريحا فأثاره ووكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق وهو البرق فيرتفع.

٩٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه : وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة (١).

٩٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي حمزة عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : انى سمعته يقول : انى أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم ان يعيه (٢) ثم اقبل علينا فقال : ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا الا كان الله احلم وأجود وامجد من ان يعود في عقابه يوم القيامة. ثم قال : وقد يبتلى الله عزوجل المؤمن بالبلية في بدنه أو ماله أو ولده أو اهله ثم تلا هذه ولا : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) وحثا بيده ثلاث مرات.

٩٥ ـ قال الصادق عليه‌السلام : لما دخل على بن الحسين عليهما‌السلام على يزيد نظر اليه ثم قال له : يا على (ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) فقال على بن الحسين صلوات الله عليهما : كلا ، ما هذه فينا نزلت انما نزل فينا : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) فنحن الذين لا نأسا على ما فاتنا من امر الدنيا ولا نفرح بما أوتينا.

__________________

(١) وفي نسخة «وينشر رحمته».

(٢) وعى الحديث : حفظه.

٥٨٠