الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢
١٣٢ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : من أراد ان يكتال بالمكيال الا وفي فيكن آخر قوله : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فان له من كل مسلم حسنة.
١٣٣ ـ في مجمع البيان وروى الأصبغ بن نباته عن على عليهالسلام وروى أيضا مرفوعا الى النبي صلىاللهعليهوآله قال : من أراد ان يكتال بالمكيال الا وفي من الأجر يوم ـ القيامة فليكن آخر كلامه في مجلسه : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
١٣٤ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده الى أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : من أراد ان يكتال بالمكيال الا وفي فليقل في دبر كل صلوة : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
بسم الله الرحمن الرحيم
١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفر عليهالسلام قال : من قرء سورة ص في ليلة الجمعة اعطى من خير الدنيا والآخرة ما لم يعط أحد من الناس الا نبي مرسل أو ملك مقرب وادخله الله الجنة ، وكل من أحب من أهل بيته حتى خادمه الذي يخدمه وان كان لم يكن في حد عياله ولا في حد من يشفع فيه.
٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : من قرء سورة ص اعطى من الأجر بوزن كل جبل سخره الله لداود حسنات وعصمه الله ان يصبر على ذنب صغير أو كبير.
٣ ـ في أصول الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن سالم عن احمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : اقبل ابو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا : ان ابن أخيك قد اذانا وأذى آلهتنا فادعه ومره فليكف عن آلهتنا ونكف عن اله ، قال : فبعث ابو طالب الى رسول الله صلىاللهعليهوآله
فدعاه فلما دخل النبي صلىاللهعليهوآله لم ير في البيت الا مشركا فقال : (السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) ، ثم جلس فخبره ابو طالب بما جاؤا له ، فقال : أو هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطئون أعناقهم؟ فقال ابو جهل : نعم وما هذه الكلمة قال : تقولون لا اله الا الله ، قال : فوضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا هربا وهم يقولون : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) ، فانزل الله في قولهم : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) الى قوله الا اختلاق.
٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى إسحاق بن عمار قال : سئلت أبا الحسن موسى بن جعفر كيف صارت الصلوة ركعة وسجدتين؟ وكيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين؟ فقال : إذا سئلت عن شيء ففرغ قلبك لتفهم ، ان أول صلوة صلاها رسول اللهصلىاللهعليهوآله انما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله وذلك انه لما اسرى به وصار عند عرشه تبارك وتعالى قال : يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك فدنى رسول الله صلىاللهعليهوآله الى حيث امره الله تبارك وتعالى فتوضى وأسبغ وضوءه قلت : جعلت فداك وما صاد الذي امر ان يغتسل منه؟ فقال : عين تنفجر من ركن من أركان العرش يقال له ماء الحيوان وهو ما قال الله عزوجل : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٥ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليهالسلام حديث طويل يقول فيه عليهالسلام : واما «ص» فعين ينبع من تحت العرش ، وهي التي توضأ منها النبي صلىاللهعليهوآله لما عرج به ، ويدخلها جبرئيل كل يوم دخلة فينغمس فيها ثم يخرج منها فينفض أجنحته. فليس من قطرة تقطر من أجنحته الا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا يسبح الله ويقدسه ويكبره ويحمده الى يوم القيامة.
٦ ـ في مجمع البيان «ص» اختلفوا في معناه ، قال ابن عباس هو اسم من أسماء الله تعالى اقسم به وروى ذلك عن الصادق عليهالسلام.
٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) قال : نزلت بمكة لما أظهر من رسول الله صلىاللهعليهوآله الدعوة اجتمعت قريش الى أبي طالب فقالوا : يا أبا
طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا وأفسد شبابنا وفرق جماعتنا فان كان الذي يحمله على ذلك العدم جمعنا له ما لا حتى يكون اغنى رجل في قريش ونملكه علينا فأخبر ابو ـ طالب رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك فقال : لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري ما أردته ولكن يعطوني كلمة يملكون بها العرب وتدين لهم بها العجم ، ويكونون ملوكا في الجنة فقال لهم ابو طالب عليهالسلام ذلك ، فقالوا : نعم وعشر كلمات ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : تشهدون ان لا اله الا الله وانى رسول الله ، فقالوا : ندع ثلاثمأة وستين إلها ونعبد إلها واحدا؟ فأنزل الله سبحانه (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) الى قوله : «الا اختلاق» اى تخليط (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) الى قوله «من الأحزاب» يعنى الذين تحزبوا عليه يوم الخندق.
٨ ـ في عيون الاخبار باسناده الى على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليهالسلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فأخبرنى عن قول الله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) قال الرضا عليهالسلام : لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنما ، فلما جائهم عليهالسلام بالدعوة الى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم ، وقالوا (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) فلما فتح الله تعالى على نبيه صلىاللهعليهوآله مكة قال له : يا محمد (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) عند مشركي أهل مكة بدعائك الى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر ، لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ، ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه ، إذا دعا الناس اليه فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن.
٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى الأصبغ عن على عليهالسلام في قوله الله عزوجل : (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) قال : نصيبهم من العذاب.
١٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى محمد بن سالم قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام فقلت : قول الله عزوجل : (يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) فقال : اليد في كلام العرب القوة والنعمة ، وقال الله : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) وقال : «والسماء بنيناها بأيد» اى بقوة ، وقال : (أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) اى قوة ويقال : لفلان عندي يد بيضاء اى نعمة.
١١ ـ في عيون الاخبار باسناده الى أبي الصلت الهروي قال : كان الرضا عليهالسلام يكلم الناس بلغاتهم. وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة ، فقلت له يوما : يا بن رسول الله انى لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها؟ فقال : يا أبا صلت انا حجة الله على خلقه ، وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم. أو ما بلغك قول أمير المؤمنين عليهالسلام «أوتينا فصل الخطاب» فهل فصل الخطاب الا معرفة اللغات.
١٢ ـ وفيه في الزيارة الجامعة لجميع الائمة المنقولة عن الجواد عليهمالسلام «وفصل الخطاب عندكم».
١٣ ـ في كتاب الخصال باسناده الى الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : سمعته يقول : ان رسول الله صلىاللهعليهوآله علمني الف باب من الحلال والحرام مما كان وما يكون الى يوم القيامة ، كل باب منها يفتح الف باب ، حتى علمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب.
١٤ ـ عن يزداد بن إبراهيم عمن حدثه من أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : والله لقد أعطاني الله تبارك وتعالى تسعة أشياء لم يعطها أحدا قبلي خلا النبي صلىاللهعليهوآله ، لقد فتحت لي السبل ، وعلمت الأسباب واجرى لي السحاب ، وعلمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب ، الحديث.
١٥ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سلمان الفارسي عن النبيصلىاللهعليهوآله حديث طويل قال فيه وقد ذكر على بن أبي طالب عليهالسلام وفضائله مخاطبا لفاطمةعليهاالسلام : وانك يا بنية زوجته وابناه سبطاي حسن وحسين ، وهما سبطا أمتي
وامره بالمعروف ونهاه عن المنكر ، وان الله عزوجل آتاه الحكمة وفصل الخطاب.
١٦ ـ في أصول الكافي احمد بن مهران عن محمد بن على ومحمد بن يحيى عن احمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : ولقد أعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي ، علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب.
١٧ ـ وباسناده الى أبي جعفر عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ولقد أعطيت الست : علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب ، وانى لصاحب الكرات ودولة الدول ، وانى لصاحب العصى والميسم والدابة التي تكلم الناس ، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
١٨ ـ في بصائر الدرجات باسناده الى سلمان الفارسي قال : قال أمير المؤمنينعليهالسلام: عندي علم المنايا والبلايا والوصايا والأنساب وفصل الخطاب.
١٩ ـ في جوامع الجامع وعن على عليهالسلام هو قوله : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه.
٢٠ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليهالسلام عند المأمون مع أصحاب الملل والمقالات وما أجاب به على بن جهم في عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم حديث طويل يقول فيه الرضا عليهالسلام : واما داود فما يقول من قبلكم فيه؟ فقال على بن محمد ابن الجهم : يقولون : ان داود عليهالسلام كان يصلى في محرابه إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع داود صلاته وقام يأخذ الطير ، فخرج الطير الى الدار فخرج في اثره فطار الطير الى السطح فصعد في طلبه ، فسقط الطير في دار أوريا بن حيان ، فاطلع داود في اثر الطير فاذا بامرأة أوريا تغتسل ، فلما نظر إليها هواها وكان قد اخرج أوريا في بعض غزواته ، فكتب الى صاحبه ان قدم أوريا امام التابوت ، فقدم فظفر أوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود ، فكتب اليه ثانية : ان قدمه امام التابوت ، فقدم فقتل أوريا رحمهالله وتزوج داود بامرأته؟ قال : فضرب الرضا عليهالسلام يده على جبهته وقال : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ، لقد نسبتم نبيا
من أنبياء الله عليهمالسلام الى التهاون بصلوته ، حتى خرج في اثر الطير ، ثم بالفاحشة ثم بالقتل؟ فقال : يا ابن رسول الله فما كانت خطيئته؟ فقال : ويحك ان داود عليهالسلام انما ظن انه ما خلق الله خلقا هو اعلم منه ، فبعث الله عزوجل اليه الملكين فسورا المحراب فقال : (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) فعجل داود عليهالسلام على المدعى عليه ، فقال : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ) ولم يسئل المدعى البينة على ذلك ولم يقبل على المدعى عليه ، فيقول له : ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم لا ما ذهبتم اليه الا تسمع الله عزوجل يقول : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) الى آخر الآية فقال : يا بن رسول الله فما قصته مع أوريا؟ قال الرضا عليهالسلام : ان المرءة في أيام داود عليهالسلام كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا ، فأول من أباح الله عزوجل له ان يتزوج بامرأة قتل بعلها داود عليهالسلام ، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل وانقضت عدتها فذلك الذي شق على الناس من قبل أوريا.
٢١ ـ في أمالي الصدوق رحمهالله باسناده الى أبي عبد الله عليهالسلام انه قال لعلقمة ان رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط ، الم ينسبوا داود عليهالسلام الى انه تبع الطير حتى نظر الى امرأة أوريا فهواها وانه قدم زوجها امام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٢٢ ـ في مجمع البيان وقد روى عن أمير المؤمنين على عليهالسلام انه قال : لا اوتى برجل يزعم ان داود تزوج امرأة أوريا الا جلدته حدين حدا للنبوة وحدا للإسلام.
٢٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمهالله حديث طويل عن أمير المؤمنين عليهالسلام يقول فيه مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال واجده قد شهر هفوات أنبيائه الى قوله : ويبعثه على داود جبرئيل وميكائيل حيث تسوروا المحراب الى آخر القصة : واما هفوات الأنبياء عليهمالسلام وما بينه الله في كتابه ، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة وقدرته القاهرة ، وعزته الظاهرة ، لأنه علم ان براهين الأنبياء عليهم ـ
السلام تكبر في صدور أممهم وان بعضهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عزوجل ، الم تسمع الى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه وفي امه : (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) يعنى ان من أكل الطعام كان له ثقل ، وكل من كان له ثقل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم.
٢٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق عليهالسلام قال : ان داود عليهالسلام لما جعله الله عزوجل خليفة في الأرض وانزل عليه الزبور واوحى الله عزوجل الى الجبال والطير ان يسبحن معه ، وكان سببه انه إذا صلى ببني إسرائيل يقوم وزيره بعد ما يفرغ من الصلوة فيحمد الله ويسبحه ويكبره ويهلله ثم يمدح الأنبياء عليهمالسلام نبيا نبيا ويذكر من فضلهم وأفعالهم وشكرهم وعبادتهم لله سبحانه والصبر على بلائه ولا يذكر داود عليهالسلام فنادى داود ربه ، فقال : يا رب قد أثنيت على الأنبياء بما قد أثنيت عليهم ولم تثن على؟ فأوحى الله عزوجل اليه : هؤلاء عبادي ابليتهم فصبروا ، وانا اثنى عليهم بذلك ، فقال : يا رب فابلنى حتى اصبر ، فقال : يا داود تختار البلاء على العافية انى أبليت هؤلاء ولم أعلمهم وانا ابليك وأعلمك ان بلائي في سنة كذا وشهر كذا ويوم كذا وكان داود يفرغ نفسه لعبادته يوما ويقعد في محرابه ، ويوما يقعد لبني إسرائيل فيحكم بينهم ، فلما كان في اليوم الذي وعده الله عزوجل اشتدت عبادته وخلا في محرابه وحجب الناس عن نفسه ، وهو في محرابه يصلى فاذا بطائر وقع بين يديه جناحاه من زبرجد أخضر ورجلاه من ياقوت أحمر ورأسه ومنقاره من اللؤلؤ والزبرجد فأعجبه جدا ونسي ما كان فيه ، فقام ليأخذه فطار الطائر فوقع على حائط بين داود وبين أوريا بن حيان ، وكان داود قد بعث أوريا في بعث ، فصعد داود عليهالسلام ذلك الحائط ليأخذ الطير فاذا امرأة أوريا جالسة تغتسل ، فلما رأت ظل داود نشرت شعرها وغطت به بدنها ، فنظر إليها داود وافتتن بها ، ورجع الى محرابه ونسي ما كان فيه ، وكتب الى صاحبه في ذلك البعث لما ان تصيروا (١) الى موضع كيت وكيت يوضع التابوت بينهم
__________________
(١) وفي نسخة البحار «ان يسيروا» مكان «لما ان تصيروا».
وبين عدوهم ، وكان التابوت في بنى إسرائيل كما قال الله عزوجل : (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) وقد كان رفع بعد موسى عليهالسلام الى السماء لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي ، فلما غلبهم جالوت وسألوا النبي ان يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله تقدس وجهه بعث إليهم طالوت وانزل عليهم التابوت وكان التابوت إذا وضع بين بنى إسرائيل وبين أعدائهم ورجع عن التابوت إنسان كفر وقتل ولا يرجع أحد عنه الا ويقتل أو يقتل ، فكتب داود عليهالسلام الى صاحبه الذي بعثه ان ضع التابوت بينك وبين عدوك. وقدم أوريا بن حيان بين يدي التابوت فقدمه وقتل ، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان وقعدا ولم يكن تزوج امرأة أوريا وكانت في عدتها ، وداود في محرابه يوم عبادته ، فدخل الملكان من سقف البيت وقعدا بين يديه ، ففزع داود منهما فقالا : (لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) ولداود حينئذ تسعة وتسعون امرأة ما بين مهيرة (١) الى جارية ، فقال أحدهما لداود : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) اى ظلمني وقهرني فقال داود كما حكى الله عزوجل : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ) الى قوله (وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) قال: فضحك المستعدى عليه من الملائكة وقال : حكم الرجل على نفسه ، فقال داود : أتضحك وقد عصيت؟ لقد هممت ان اهشم فاك (٢) قال : فعرجا وقال الملك المستعدى عليه : لو علم داود انه أحق ان يهشم فاه منى ، ففهم داود الأمر وذكر الخطيئة فبقي أربعين يوما ساجدا يبكى ليلة ونهاره ولا يقوم الا وقت الصلوة حتى انخرق جبينه وسال الدم من عينيه.
فلما كان بعد أربعين يوما نودي : يا داود ما لك أجائع أنت فنشبعك أو ظمآن فنسقيك أم عريان فنكسوك ، أم خائف فنؤمنك؟ فقال : اى رب وكيف لا أخالف وقد عملت ما عملت وأنت الحكم العدل الذي لا يجوز ظلم ظالم؟ فأوحى الله عزوجل اليه تب يا داود فقال اى رب وانى لي بالتوبة؟ قال : صر الى قبر أوريا حتى ابعثه إليك واسئله ان يغفر لك ، فان غفر لك غفرت لك
__________________
(١) المهيرة من النساء : الحرة الغالية المهر.
(٢) هشم الشيء : كسر.
قال : يا رب فان لم يفعل؟ قال : استوهبك منه ، فخرج داود عليهالسلام يمشى على قدميه ويقرء الزبور وكان إذا قرء الزبور لا يبقى حجر ولا مدر ولا طاير ولا سبع الا ويجاوبه حتى انتهى الى جبل وعليه نبي عابد يقال له حزقيل ، فلما سمع دوي الجبال وصوت السباع علم انه داود ، فقال : هذا النبي الخاطئ. فقال داود : يا حزقيل أتأذن لي ان اصعد إليك؟ قال : لا فانك مذنب ، فبكى داود عليهالسلام فأوحى الله الى حزقيل : يا حزقيل لا تعير داود بخطيئته وسلني العافية ، فنزل حزقيل وأخذ بيد داود وأصعده اليه فقال له داود : يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط؟ قال : لا قال : فهل دخلت العجب مما أنت فيه من عبادة الله؟ قال : لا ، قال : فهل ركنت الى الدنيا فأحببت ان تأخذ من شهواتها ولذاتها؟ قال : بلى ربما عرض ذلك بقلبي ، قال فما تصنع؟ قال : ادخل هذا الشعب فاعتبر بما فيه ، قال : فدخل داود عليهالسلام الشعب فاذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية وعظام نخرة ، وإذا لوح من حديد وفيه مكتوب ، فقرأه داود فاذا فيه : انا اروى بن سلم ملكت الف سنة وبنيت الف مدينة ، وافتضضت الف جارية ، وكان آخر أمري ان صار التراب فراشي ، والحجارة وسادي ، والحيات والديدان جيراني ، فمن راني فلا يغتر بالدنيا ، ومضى داود حتى أتى قبر أوريا فناداه فلم يجبه ثم ناداه ثانية فلم يجبه ، ثم ناداه ثالثة ، فقال أوريا : ما لك يا نبي الله شغلتني عن سروري وقرة عيني؟ قال : يا أوريا اغفر لي وهب لي خطيئتي ، فأوحى الله عزوجل اليه : يا داود بين له ما كان منك ، فناداه داود فأجابه في الثالثة فقال : يا أوريا فعلت كذا وكذا وكيت وكيت؟ فقال أوريا : أتفعل الأنبياء مثل هذا؟ فناداه فلم يجبه ، فوقع داود على الأرض باكيا فأوحى الله عزوجل الى صاحب الفردوس ليكشف عنه ، فكشف عنه فقال أوريا : لمن هذا؟ فقال لمن غفر لداود خطيئته ، فقال : يا رب قد وهبت له خطيئته ، فرجع داود عليهالسلام الى بنى إسرائيل وكان إذا صلى وزيره يحمد الله ويثنى عليه ويثنى على الأنبياء ثم يقول : كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت وكيت ، فاغتم داود عليهالسلام فأوحى الله عزوجل اليه : يا داود قد وهبت لك خطيئتك وألزمت عار ذنبك بنى إسرائيل ، قال : يا رب
كيف وأنت الحكم العدل الذي لا تجور؟ قال : لأنهم لم يعاجلوك الكبر (١) وتزوج داود عليهالسلام بامرأة أوريا بعد ذلك ، فولد له منها سليمان عليهالسلام ثم قال عزوجل : (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) (٢).
٢٥ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : وظن داود اى علم وأناب اى تاب ، وذكر ان داود كتب الى صاحبه : ان لا تقدم أوريا بين يدي التابوت ورده فقدم أوريا الى اهله ومكث ثمانية أيام ثم مات.
٢٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن زين العابدين عليهالسلام حديث طويل وقد كتب بتمامه عند قوله تعالى : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) وفيه ان حوت يونسعليهالسلام قال له : ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم الى ان صار جدك محمدصلىاللهعليهوآله الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة ، وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء ، وما لقى داود من الخطيئة الى ان بعث الله يونس.
٢٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان ابن داود المنقري عن حماد قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عزوجل ، فقال : اما والله ما اوتى الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال ، وذكر حديثا طويلا ذكرناه بتمامه في لقمان وفيه يقول عليهالسلام : وان الله تبارك وتعالى امر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة (٣) فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا : يا لقمان هل لك ان
__________________
(١) كذا في الأصل وفي نسخة «لم يعاجلوك البكرة» وفي المصدر «لم بعاجلوك بالتكبر» وفي نسخة البحار «لم يعاجلوك النكير».
(٢) قال المجلسي (ره) : اعلم ان هذا الخبر محمول على التقية لموافقته لما روته العامة في ذلك «انتهى» وقال المحشى : مع معارضته لرواية أبى الجارود الآتية وغيرها.
(٣) هدأت العيون : سكنت ، والقائلة : منتصف النهار.
يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان : ان أمرني الله بذلك فالسمع والطاعة لأنه ان فعل بى ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمنى ، وان هو خيرنى قبلت العافية ، فقالت الملائكة : يا لقمان لم؟ قال : لان الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين ، وأكثر فتنا وبلاء بأشد ما يخذل ولا يعان ويغشاه الظلم من كل مكان وصاحبه فيه بين أمرين ان أصاب فيه الحق فبالحرى ان يسلم ، وان اخطأ اخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضعيفا كان أهون عليه في المعاد من ان يكون فيه حكما سريا (١) شريفا ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتاهما تزول هذه ولا يدرك تلك ، قال : فتعجب الملائكة من حكمته واستحسن الرحمن منطقه فلما امسى وأخذ مضجعه من الليل انزل الله عليه الحكم فغشاه بها من قرنه الى قدمه وهو نائم ، وغطاه بالحكمة غطاء فاستيقظ وهو احكم الناس في زمانه ، وخرج على الناس ينطق بالحكمة وينهى فيها قال : فلما اوتى الحكم بالخلافة ولم يقبلها امر الله عزوجل الملائكة فنادت داود عليهالسلام بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان ، فأعطاه الله عزوجل الخلافة في الأرض وابتلى بها غير مرة ، كل ذلك يهوى في الخطأ يقيله الله تعالى ويغفر له ، وكان لقمان يكثر زيارة داود عليهالسلام ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه ، وكان داود عليهالسلام يقول له : طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة وصرفت عنك البلية ، واعطى داود الخلافة وابتلى بالحكم والفتنة.
٢٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عمن أخبره عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : في كتاب على عليهالسلام ان نبيا من الأنبياء شكا الى ربه القضاء فقال : كيف اقضى بما لم ترعينى ولم تسمع اذنى؟ فقال : اقض بينهم بالبينات وأضفهم الى اسمى (٢) يحلفون به ، وقال : ان داود عليهالسلام قال : يا رب أرني الحق كما هو عندك حتى اقضى به ، فقال : انك لا تطيق ذلك فألح على ربه حتى فعل فجاءه رجل يستعدي على رجل فقال : ان هذا أخذ مالي ، فأوحى
__________________
(١) السري : السيد الشريف.
(٢) في القاموس : أضفته اليه : ألجأته.
الله عزوجل الى داود : ان هذا المستعدى قتل أبا هذا الرجل وأخذ ماله ، فأمر داود عليهالسلام بالمستعدي فقتل وأخذ ماله فدفعه الى المستعدى عليه قال : فعجب الناس وتحدثوا حتى بلغ داود عليهالسلام ودخل عليه من ذلك ما كره ، فدعى ربه ان يرفع ذلك ففعل ، ثم اوحى الله عزوجل اليه : ان احكم بينهم بالبينات وأضفهم الى اسمى يحلفون به.
٢٩ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور عن فضيل الأعور عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليهالسلام انه قال : يا با عبيدة إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان ، لا يسئل [عن] بينة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٣٠ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبان قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل منى يحكم بحكومة آل داود ، ولا يسأل بينة ، يعطى كل نفس حقها.
٣١ ـ محمد عن احمد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : بم تحكمون إذا حكمتم؟ قال : بحكم الله وحكم داود فاذا ورد علينا الشيء الذي ليس عندنا تلقانا به روح القدس.
٣٢ ـ محمد بن احمد عن محمد بن خالد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن حمران بن أعين عن جعيد الهمداني عن على بن الحسين عليهالسلام قال : سألته بأى حكم تحكمون؟ قال : حكم آل داود ، فان أعيانا شيء يلقانا به روح القدس.
٣٣ ـ احمد بن مهران رحمهالله عن محمد بن على عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما منزلة الائمة؟ قال : كمنزلة ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان ، قال : فبما تحكمون؟ قال : بحكم الله وحكم داود وحكم محمد ، ويتلقانا به روح القدس.
٣٤ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ان أخوف ما أخاف على أمتي الهوى وطول الأمل اما الهوى فانه يصد عن الحق ، واما طول الأمل فينسى الآخرة.
٣٥ ـ عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليهالسلام عن النبيصلىاللهعليهوآله انه
قال في كلام له الى ان قال : ثم قال أمير المؤمنين عليهالسلام : الا ان أخوف ما أخاف عليكم خصلتين اتباع الهوى وطول الأمل ، اما اتباع الهوى فيصد عن الحق وطول الأمل ينسى الآخرة.
٣٦ ـ عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليهالسلام قال : ثلاث درجات وثلاث كفارات وثلاث موبقات وثلاث منجيات ، فأما الدرجات الى ان قال عليهالسلام : واما الموبقات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه.
٣٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا يحيى بن زكريا اللؤلؤي عن على بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير قال : سألت الصادق عليهالسلام عن قوله:(أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قال : أمير المؤمنين وأصحابه (كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) قال : حبتر وزريق (١) وأصحابهما (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ) فآياته أمير المؤمنين والائمة عليهمالسلام وليذكروا أولوا الألباب الباقية وكان أمير المؤمنين عليهالسلام يفتخر بها ويقول : ما اعطى أحد قبلي ولا بعدي مثل ما أعطيت.
٣٨ ـ في روضة الكافي باسناده الى أبي عبد الله عليهالسلام حديث طويل يقول فيه عليهالسلام لا ينبغي لأهل الحق ان ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل ، لان الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل ، لم يعرفوا وجه قول الله في كتابه إذ يقول : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ).
٣٩ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليهالسلام حديث طويل يقول فيه عليهالسلام والفاجر ان ائتمنته خانك ، وان صاحبته شانك وان وثقت به لم ينصحك.
٤٠ ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليهالسلام قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : ان لأهل التقوى علامات يعرفون بها ، صدق الحديث ، وأداء الامانة والوفاء بالعهد ، وقلة الفخر والتجمل وصلة الأرحام ، ورحمة الضعفاء ، وقلة المواتاة للنساء وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الحلم واتباع العلم فيما يقرب الى الله تعالى.
__________________
(١) كناية عن الاول والثاني وقد مر أيضا.
٤١ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز عن زرارة والفضيل عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : «ان الصلوة (كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) يعنى مفروضا وليس يعنى وقت فوتها ، إذا جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم يكن صلوته هذه مؤداة ، ولو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود عليهالسلام حين صلاها لغير وقتها ولكنه متى ما ذكرها صلاحها ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٤٢ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا محمد بن الحسن رحمهالله قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : «كتابا موقوتا» قال : موجبا ، انما يعنى بذلك وجوبها على المؤمنين ، ولو كانت كما يقولون لهلك سليمان بن داود حين أخر الصلوة حتى توارت بالحجاب ، لأنه لو صلاها قبل ان تغيبت ، كان وقتا وليس صلوة أطول وقتا من العصر.
٤٣ ـ في من لا يحضره الفقيه روى عن الصادق عليهالسلام انه قال : ان سليمان بن داود عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال للملائكة : «ردوا الشمس على حتى أصلي صلوتى في وقتها ، فردوها فقام فمسح ساقيه وعنقه وامر أصحابه الذين فاتتهم الصلوة معه بمثل ذلك ، وكان ذلك وضوءهم للصلوة ثم قام فصلى ، فلما فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم ، وذلك قول الله عزوجل : (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ).
٤٤ ـ في مجمع البيان وقيل ان هذه الخيل كانت شغلته عن صلوة العصر حتى فات وقتها عن على عليهالسلام وفي رواية أصحابنا انه فاته أول الوقت.
٤٥ ـ قال ابن عباس سألت عليا عن الآية هذه فقال : ما بلغك فيها يا بن عباس؟ قلت له : سمعت كعبا يقول : اشتغل سليمان عليهالسلام بعرض الافراس حتى فاتته الصلوة «فقال ردوها على» يعنى الا فراس وكانت اربعة عشر فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف
فقتلتها فسلبه الله ملكه اربعة عشر يوما لأنه ظلم الخيل بقتلها ، فقال على عليهالسلام : كذب كعب لكن اشتغل سليمان عليهالسلام بعرض الافراس ذات يوم لأنه أراد جهاد العدو حتى توارت الشمس بالحجاب ، فقال بأمر الله للملائكة الموكلين بالشمس : «ردوها على» فردت فصلى العصر في وقتها ، وان أنبياء الله لا يظلمون ولا يأمرون بالظلم لأنهم معصومون مطهرون.
٤٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم رحمهالله في قوله عزوجل (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) وذلك ان سليمان عليهالسلام كان يحب الخيل ويستعرضها فعرضت عليه يوما الى ان غابت الشمس وفاتته صلوة العصر ، ثم دعا بالخيل فأقبل يضرب أعناقها وسوقها بالسيف حتى قتلها كلها وهو قوله تعالى : (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) (١) وقال الصادق عليهالسلام جعل الله عزوجل ملك سليمان في خاتمه ، فكان إذا ألبسه حضرته الجن والانس والشياطين وجميع الطير والوحش وأطاعوه فيقعد على كرسيه ، ويبعث الله عزوجل ريحا تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين والطير والانس
__________________
(١) قال المجلسي (ره) ما ذكره على بن إبراهيم في تأويل تلك الآيات موافقة لروايات المخالفين وانما أولها علماؤنا على وجوه أخر ، قال الصدوق (ره) في الفقيه قال زرارة والفضيل : قلنا لأبي جعفر عليهالسلام ـ وذكر الحديث الماضي تحت رقم ٣٣ عن الكافي ـ ثم قال (ره) : ان الجهال من أهل الخلاف يزعمون ان سليمان عليهالسلام اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارت الشمس بالحجاب ثم أمر برد الخيل وأمر بضرب سوقها وأعناقها وقال انها شغلتني عن ذكر ربي وليس كما يقولون ، جل نبي الله سليمان عليهالسلام عن مثل هذا الفعل لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها وأعناقها لاها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله وانما عرضت عليه وهي بهائم غير مكلفة ، والصحيح في ذلك ما روى عن الصادق عليهالسلام انه قال سليمان بن داود عليهالسلام انه عرض عليه ذات يوم ... الى آخر الحديث الماضي تحت رقم ٤٣ ثم ذكر وجوها أخر في تأويلها فراجع ج ١٤ : ١٠٢ ـ ١٠٥ من الطبعة الحديثة.
والدواب والخيل ، فتمر بها في الهواء الى موضع يريده سليمان ، فكان يصلى الغداة بالشام ، والظهر بفارس ، وكان يأمر الشياطين ان يحملوا الحجارة من فارس ويبيعونها بالشام ، فلما مسح أعناق الخيل وسوقها بالسيف سلبه الله عزوجل ملكه ، وكان إذا دخل الخلاء دفع خاتمه الى بعض من يخدمه فجاء شيطان فخدع خادمه وأخذ منه الخاتم ولبسه ، فخرت عليه الشياطين والجن والانس والطير والوحش ، وخرج سليمان في طلب الخاتم فلم يجده فهرب ومر على ساحل البحر وأنكرت بنو إسرائيل الشيطان الذي تصور في صورة سليمان ، وساروا الى امه فقالوا لها : أتنكرين من سليمان شيئا؟ فقالت : كان أبر الناس بى وهو اليوم يبغضني؟ وصاروا الى جواريه ونسائه فقالوا أتنكرين من سليمان شيئا؟ قلن : كان لم يكن ، يأتينا في الحيض ، والآن يأتينا في الحيض فلما خاف الشيطان ان يظنوا به القى الخاتم في البحر ، فبعث الله سمكة فالتقمته وهرب الشيطان فبقوا بنوا إسرائيل يطلبون سليمان أربعين يوما ، وكان سليمان عليهالسلام يمر على ساحل البحر تائبا الى الله بما كان منه ، فلما كان بعد أربعين يوما مر بصياد يصيد السمك فقال له : أعينك على ان تعطيني من السمك شيئا؟ فقال : نعم فأعانه سليمان فلما اصطاد دفع الى سليمان سمكة فأخذها فشق بطنها وذهب ليغسلها فوجد الخاتم في بطنها فلبسه فخرت عليه الشياطين والجن والانس والطير والوحوش ورجع الى ما كان ، وطلب ذلك الشيطان وجنوده الذين كانوا معه فقيدهم وحبس بعضهم في جوف الماء وبعضهم في جوف الصخر بأسامى الله عزوجل ، فهم محبوسون معذبون الى يوم القيامة (١).
__________________
(١) قال الشريف المرتضى (ره) في تنزيه الأنبياء ص ١٢١ بعد نقل ما سمعته مما ورد في تفسير الاية وذكره القمى (ره) ما لفظه : قلنا اما ما رواه الجهال في القصص في هذا الباب فليس مما يذهب على عاقل بطلانه وان مثله لا يجوز على الأنبياء عليهمالسلام وان النبوة لا تكون في خاتم ولا يسلبها النبي عليهالسلام ولا ينزع عنه وان الله تعالى لا يمكن الجنى من التمثيل بصورة النبي (ره) ولا غير ذلك مما افتروا به على النبي (ع) وانما الكلام في ما يقتضيه ظاهر القرآن وليس في الظاهر أكثر من جسدا القى على كرسيه على سبيل الفتنة له وهي الاختبار والامتحان ثم ذكر (ره) ما قيل فيه من التأويلات والتفاسير وسيأتى بعضها في رواية الطبرسي (ره) وغيره.
قال : ولما رجع سليمان الى ملكه قال لأصف ـ وكان آصف كاتب سليمان وهو الذي كان عنده علم من الكتاب ـ : قد عذرت الناس بجهالتهم فكيف أعذرك؟ فقال : لا تعذرني ، فلقد عرفت الحوت (١) الذي أخذ خاتمك وأباه وامه وعمه وخاله ، ولقد قال لي : اكتب لي فقلت له : ان القلم لا يجرى الجور ، فقال : اجلس ولا تكتب فكنت اجلس ولا اكتب شيئا ، ولكن أخبرني عنك يا سليمان صرت تحب الهدهد وهو أخس الطير منبتا وأنتنه ريحا ، قال : انه يبصر الماء من وراء الصفا الأصم ، فقال : وكيف يبصر الماء من وراء الصفا وانما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يأخذ بعنقه؟ فقال سليمان : قف يا وقاف (٢) انه إذا جاء القدر حال دون البصر.
٤٧ ـ في مجمع البيان : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ) الآية واختلف العلماء في زلته وفتنته والجسد الذي القى على كرسيه على أقوال : منها ان سليمان عليهالسلام قال يوما في مجلسه لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله ولم يقل ان شاء الله ، فطاف عليهن فلم تحمل منهن الا امرأة واحدة جاءت بشق ولد ، رواه ابو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، قال : ثم قال فو الذي نفس محمد بيده لو قال ان شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا ، والجسد الذي القى على كرسيه كان هذا.
٤٨ ـ ومنها ما روى ان الجن والشياطين لما ولد لسليمان عليهالسلام ابن قال بعضهم لبعض : ان عاش له ولد لنلقين منه ما لقينا من أبيه من البلاء ، فأشفق عليهالسلام منهم عليه فاسترضعه في المزن وهو السحاب ، فلم يشعر الا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها على ان الحذر لا ينفع عن القدر ، وانما عوتب عليهالسلام على خوفه من الشياطين وهو المروي عن أبي عبد الله عليهالسلام.
٤٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمهالله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهمالسلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم
__________________
(١) وفي بعض النسخ «الشيطان» بدل الحوت وهو الصحيح وفي المصدر «الجن» بدل «الحوت».
(٢) الوقاف : المحجم عن القتال. المتأنى.
قال لأمير المؤمنين عليهالسلام : فان هذا سليمان اعطى ملكا لا ينبغي لأحد من بعده؟ فقال له على عليهالسلام : لقد كان ذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله اعطى ما هو أفضل من هذا ، انه هبط اليه ملك لم يهبط الى الأرض قبله وهو ميكائيل فقال له : يا محمد عش ملكا منعما وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك ويسير معك جبالها ذهبا وفضة ولا ينقص لك فيما ادخر لك في الاخرة شيء فاومى الى جبرئيل عليهالسلام وكان خليله من الملائكة؟ فأشار اليه ان تواضع ، فقال : بل أعيش نبيا عبدا آكل يوما ولا آكل يومين والحق بإخواني من الأنبياء ، فزاده الله تعالى الكوثر وأعطاه الشفاعة ، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها الى آخرها سبعين مرة ووعده المقام المحمود ، فاذا كان يوم القيمة أقعده الله تعالى على العرش فهذا أفضل مما اعطى سليمانعليهالسلام.
٥٠ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده الى الصادق جعفر بن محمدعليهماالسلام انه قال سليمان بن داود عليهالسلام ذات يوم لأصحابه : ان الله تبارك وتعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ، سخر لي الريح والانس والجن والطير وآتاني من كل شيء والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٥١ ـ في بصائر الدرجات حدثني يعقوب بن يزيد عن الحسن بن على بن فضالة عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كنت عنده فذكر سليمان وما اعطى من العلم وما اوتى من الملك ، فقال لي : وما اعطى سليمان بن داود انما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم ، وصاحبكم الذي قال الله تعالى : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) فكان والله عند على عليهالسلام علم الكتاب.
٥٢ ـ احمد بن محمد عن على بن الحكم عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان سليمان عنده اسم الله الأكبر الذي إذا سئل به اعطى ، وإذا دعا أجاب ولو كان اليوم لاحتاج إلينا.
في عيون الاخبار باسناده الى الحسين بن خالد عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه ، محمد بن على عليهمالسلام قال : ان سليمان بن داود عليهماالسلام قال ذات يوم لأصحابه : ان الله تعالى وذكر الى آخر
ما نقلنا عن الدوريستي.
٥٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن أبي بصير عن أبان عن أبي حمزة عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : خرج سليمان بن داود من بيت المقدس ومعه ثلاثمأة الف كرسي عن يمينه عليها الانس وثلاثمأة الف كرسي عن يساره عليها الجن ، وامر الطير فأظلتهم وامر الريح فحملتهم حتى ورد ايوان عن يساره عليها الجن ، وامر الطير فأظلتهم وامر الريح فحملتهم حتى ورد ايوان كسرى في المداين ، ثم رجع فبات بإصطخر ، فاضطجع ثم غدا فانتهى الى مدينة بر كاوان (١) ثم امر الرياح فحملتهم حتى كادت اقدامهم يصيبها الماء ، وسليمان عليهالسلام على عمود منها ، فقال بعضهم لبعض : هل رأيتم ملكان قط أعظم من هذا أو سمعتم به؟ فقالوا : ما رأينا ولا سمعنا بمثله ، فناداهم ملك من السماء : ثواب تسبيحة واحدة في الله أعظم مما رأيتم.
٥٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ان الله تبارك وتعالى لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض الا اربعة بعد نوح ، ذا القرنين واسمه عياش وداود ، وسليمان ويوسف عليهمالسلام ، فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب ، واما داود فملك ما بين الشامات الى بلاد إصطخر وكذلك كان ملك سليمان ، واما يوسف فملك مصر وبراريها ولم يتجاوزها الى غيرها.
٥٥ ـ عن محمد بن خالد باسناده رفعه قال : ملك الأرض كلها اربعة ، مؤمنان وكافران فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين ، واما الكافران نمرود وبخت نصر ، واسم ذو القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد.
٥٦ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا احمد بن يحيى المكتب قال : حدثنا احمد ابن محمد الوراق ابو الطيب قال : حدثنا على بن هارون الحميري قال : حدثنا على بن محمد بن سليمان النوفلي قال : حدثنا أبي عن على بن يقطين قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام : أيجوز ان يكون نبي الله عزوجل بخيلا؟ فقال : لا ، فقلت له : فقول
__________________
(١) بر كاوان : ناحية بفارس قاله الحموي وفي بعض النسخ «تر كاوان» بالتاء ولعله مصحف.
سليمان عليهالسلام : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) ما وجهه ومعناه؟ فقال الملك ملكان : ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس ، وملك مأخوذ من قبل الله تعالى كملك آل إبراهيم وملك طالوت وذي القرنين ، فقال سليمان عليهالسلام : (هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) ان يقول انه مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس فسخر الله عزوجل (لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ) رخاء حيث أصاب ، وجعل غدوها شهرا ورواحها شهرا ، وسخر الله عزوجل له (الشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) ، وعلم منطق الطير ومكن في الأرض ، فعلم الناس في وقته وبعده ان ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس ، والمالكين بالغلبة والجور ، قال : فقلت له : فقول رسول الله صلىاللهعليهوآله رحم الله أخي سليمان بن داود ما كان أبخله؟ فقال : لقوله عليهالسلام وجهان : أحدهما : ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه ، والوجه الآخر يقول : ما كان أبخله ان كان أراد ما كان يذهب اليه الجهال ، ثم قال عليهالسلام : قد والله أوتينا ما اوتى سليمان ، وما لم يؤت سليمان وما لم يؤت أحد من الأنبياء ، قال الله عزوجل في قصة سليمان : هذا عطاءنا (فَامْنُنْ أَوْ ـ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وقال عزوجل في قصة محمدصلىاللهعليهوآله : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
٥٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام حديث طويل يقول فيه عليهالسلام لا قوام يظهرون الزهد ويدعون الناس ان يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف : (١) أخبروني اين أنتم عن سليمان بن داود عليهالسلام؟ حين سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فأعطاه الله جل اسمه ذلك ، وكان يقول الحق ويعمل به ، ثم لم نجد الله عزوجل عاب عليه ذلك ، ولا أحد من المؤمنين ، وداود النبي صلىاللهعليهوآله قبله في ملكه وشدة سلطانه.
٥٨ ـ في مجمع البيان روى مرفوعا عن النبي صلىاللهعليهوآله انه صلى صلوة فقال : ان الشيطان عرض لي ليفسد على صلوتى ، فأمكننى الله منه فدعوته ولقد هممت ان أوثقه الى سارية حتى تصبحوا وتنظروا اليه أجمعين ، فذكرت قول سليمان عليهالسلام : (هَبْ لِي
__________________
(١) التقشف : قذارة الجلد ورثاثة الهيئة.