تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

وهو يشاء ذلك ، ولو لم يشاء يأكلا ، ولو أكلا لغلبت مشيتهما مشية الله ، وأمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل عليهما‌السلام وشاء أن لا يذبحه ، ولو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشية إبراهيم مشية الله عزوجل ، قلت : فرجت عنى فرج الله عنك.

٧٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى سليمان بن يزيد قال : حدثنا على بن موسى قال : حدثني أبى عن أبيه عن أبى جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : الذبيح إسماعيل عليه‌السلام.

٧٤ ـ في مهج الدعوات في دعاء مروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يا من فدى إسماعيل من الذبح

٧٥ ـ في كتاب مصباح الزائر لابن طاوس رحمه‌الله في دعاء الحسين بن على عليهما‌السلام يوم عرفة : يا ممسك يد إبراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنه وفناء عمره.

٧٦ ـ في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن بريد بن معاوية العجلي قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كم كان بين بشارة إبراهيم بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق؟ قال : كان بين البشارتين خمس سنين ، قال الله سبحانه : (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) يعنى إسماعيل وهي أول بشارة بشر الله بها إبراهيم في الولد ، ولما ولد لإبراهيم إسحاق من سارة وبلغ إسحاق ثلاث سنين ، أقبل إسماعيل إلى إسحاق وهو في حجر إبراهيم فنحاه وجلس في مجلسه ، فبصرت به سارة فقالت : يا إبراهيم ينجى ابن هاجر إبني من حجرك ويجلس هو مكانه لا والله لا تجاورنى هاجر وابنها أبدا فنحهما عنى ، وكان إبراهيم مكرما لسارة ، يعزها ويعرف حقها ، وذلك لأنها كانت من ولد الأنبياء وبنت خالته ، فشق ذلك على إبراهيم واغتم لفراق إسماعيل ، فلما كان في الليل أتى إبراهيم آت من ربه فأراه الرؤيا في ذبح ابنه إسماعيل بموسم مكة ، فأصبح إبراهيم حزينا للرؤيا التي رآها ، فلما حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجر وإسماعيل في ذي ـ الحجة من أرض الشام فانطلق بها إلى مكة ليذبحه في الموسم ، فبدأ بقواعد البيت الحرام ، فلما رجع قواعده خرج إلى منى حاجا وقضى نسكه بمنى ، ورجع إلى مكة فطاف بالبيت أسبوعا ثم انطلقا ، فلما صارا في السعي قال إبراهيم لإسماعيل : (يا بُنَيَّ

٤٢١

إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) في الموسم عامي هذا فما ذا ترى؟ قال : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) ، فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم إلى منى ، وذلك يوم النحر ، فلما انتهى إلى الجمرة الوسطى وأضجعه بجنبه الأيسر وأخذ الشفرة ليذبحه ، نودي : (أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) إلى آخره ، وفدى إسماعيل بكبش عظيم فذبحه وتصدق بلحمه على المساكين.

٧٧ ـ وعن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن صاحب الذبح فقال : هو إسماعيل عليه‌السلام.

٧٨ ـ وروى عن زياد بن سوقة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن صاحب الذبح ، فقال : إسماعيل عليه‌السلام.

٧٩ ـ في الكافي على بن محمد عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه أظنه محمد بن إسماعيل قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : لو خلق الله عزوجل مضغة أطيب من الضأن لفدى بها إسماعيل عليه‌السلام.

٨٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن سعد بن سعد قال:قال أبو الحسن عليه‌السلام : لو علم الله عزوجل شيئا أكرم من الضأن لفدى به إسماعيل ، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

٨١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن المختار بن محمد الهمداني ومحمد بن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : ان لله إرادتين ومشيتين ارادة حتم وارادة عزم ، ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء ، أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ، ولو لم يشأ ان يأكلا لما غلبت شهوتهما مشية الله تعالى ، وأمر إبراهيم ان يذبح اسحق ولم يشأ أن يذبحه ، ولو شاء لما غلبت مشية إبراهيم مشية الله.

٨٢ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن جعفر بن إبراهيم عن سعد بن سعد قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : لو علم الله عزوجل خيرا من الضأن لفدى به اسحق والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٢٢

٨٣ ـ في مجمع البيان وقيل : ان إبراهيم رأى في المنام أن يذبح أبنه إسحاق ، وقد كان حج بوالدته سارة وأهله ، فلما انتهى إلى منى رمى الجمرة هو وأهله ، وأمر سارة فزارت واحتبس الغلام ، فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى فاستشاره في نفسه فأمره الغلام أن يمضى لما أمره الله وسلما لأمر الله ، فأقبل شيخ فقال : يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام؟ قال : أريد أن أذبحه فقال : سبحان الله تريد ان تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين قط؟ قال إبراهيم : ان الله أمرنى بذلك ، قال : ربك ينهاك عن ذلك وانما أمرك بهذا الشيطان ، فقال إبراهيم : لا والله فلما عزم على الذبح قال الغلام : يا أبت : اخمر وجهي (١) وشد وثاقي ، فقال : يا بنى الوثاق مع الذبح والله لا أجمعها عليك اليوم ، ورفع رأسه إلى السماء ثم انتحى عليه بالمدية (٢) وقلب جبرئيل المدينة على قفاها واجتر الكبش من قبل ثبير (٣) واجتر الغلام من تحته ، ووضع الكبش مكان الغلام ، ونودي من ميسرة مسجد الخيف : (يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) بإسحاق (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) قال : ولحق إبليس بأم الغلام حين زارت البيت فقال : ما شيخ رأيته بمعنى؟ قالت: ذاك بعلى ، قال : فوصيف رأيته (٤) قالت : ذاك إبني قال : فانى رأيته قد أضجعه وأخذ المدية [ليذبحه] قالت : كذبت ، إبراهيم أرحم الناس فكيف يذبح ابنه؟ قال : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ورب هذه الكعبة قد رأيته كذلك ، قالت : ولم؟ قال : زعم ان ربه أمره بذلك ، قالت : حق له أن يطيع ربه ، فوقع في نفسها أنه قد أمر في ابنها بأمر ، فلما قضت نسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى واضعة يديها على رأسها وهي تقول : يا رب لا تؤاخذني

__________________

(١) اى استر وجهي.

(٢) انتحى في الأمر : جد. وفي الشيء : اعتمد ، لعله تصحيف «انحى عليه» يقال : أنحى على فلان بالسيف والسوط : أقبل عليه.

(٣) اجتر الشيء : جره. وثبير ـ كأمير ـ : جبل بين مكة وعرفات من أعظم جبال مكة.

(٤) الوصيف ـ كأمير ـ : الخادم قال المجلسي (ره) : وانما عبر الملعون هكذا تجاهلا عن انه ابنه ليكون أبعد عن التهمة.

٤٢٣

بما عملت بأم إسماعيل ، فلما جاءت سارة وأخبرت الخبر قامت تنظر إلى ابنها فرأت إلى أثر السكين خدشا في حلقه ففزعت واشتكت وكان بدو مرضها الذي هلكت به رواه العياشي وعلى بن إبراهيم بالإسناد في كتابيهما.

٨٤ ـ وفيه اختلف العلماء في الذبيح على قولين أحدهما أنه إسحاق وروى ذلك عن على عليه‌السلام ، والقول الاخر انه إسماعيل وكلا القولين قد رواه أصحابنا عن أئمتناعليهم‌السلام ، الا أن الا ظهر في الروايات أنه إسماعيل وقد صح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أنا ابن الذبيحين ولا خلاف أنه من ولد إسماعيل ، والذبيح الاخر هو عبد الله أبوه.

٨٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقد اختلفوا في إسحاق وإسماعيل وقد روت العامة خبرين مختلفين في إسماعيل وإسحاق.

٨٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه‌السلام عن الذبيح من كان؟ فقال : اسمعيل لان الله تعالى ذكر قصته في كتابه ثم قال : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) وقد اختلفت الروايات في الذبيح ، فمنها ما ورد بأنه اسمعيل ، ومنها ما ورد بأنه إسحاق ، ولا سبيل إلى رد الاخبار متى صح طرقها وكان الذبيح إسماعيل لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي أمر أبوه بذبحه ، وكان يصبر لأمر الله ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه ، فينال بذلك درجته في الثواب ، فعلم الله ذلك من قلبه فسماه بين ملائكته ذبيحا لتمنيه لذلك ، وقد ذكرت اسناد ذلك في كتاب النبوة متصلا بالصادق عليه‌السلام. وسئل الصادق عليه‌السلام أين أراد إبراهيم أن يذبح ابنه؟ فقال : على الجمرة ولما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه قلب جبرئيل المدية واجتر الكبش من قبل ثبير واجتر الغلام من تحته ، ووضع الكبش مكان الغلام ، ونودي من ميسرة مسجد الخيف : (أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ).

٨٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد والحسين بن محمد عن عبدويه ابن عامر جميعا عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبان ابن عثمان عن أبى بصير أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام يذكر ان أنه لما كان يوم التروية قال جبرئيل عليه‌السلام لإبراهيم عليه‌السلام : ترو من الماء فسميت التروية ، ثم أتى منى

٤٢٤

فأباته بها ، ثم غدا به إلى عرفات فضرب خباء بنمرة (١) دون عرفة فبنى مسجدا بأحجار بيض. وكان يعرف أثر مسجد إبراهيم حتى أدخل في هذا المسجد الذي بنمرة حيث يصلى الامام يوم عرفة فصلى بها الظهر والعصر ، ثم عمد به إلى عرفات فقال : هذه عرفات فاعرف بها مناسكك واعترف بذنبك فسمى عرفات ، ثم أفاض إلى المزدلفة فسميت المزدلفة لأنه ازدلف إليها ، ثم قام على المشعر الحرام فأمره الله أن يذبح ابنه ، وقد راى فيه شمائله وخلائقه ، وأنس ما كان اليه ، فلما أصبح أفاض من المشعر إلى منى ، فقال لامه : زوري البيت أنت واحتبس الغلام ، فقال : يا بنى هات الحمار والسكين حتى أقرب القربان ، فقال أبان فقلت لأبي بصير : ما أراد بالحمار والسكين؟ قال أراد أن يذبحه ثم يحمله فيجهزه ويدفنه ، قال : فجاء الغلام بالحمار والسكين فقال : يا أبت أين القربان؟ قال : ربك يعلم ان هو ، يا بنى أنت والله هو ، ان الله قد أمرنى بذبحك فانظر ماذا ترى؟ (قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) قال : فلما عزم على الذبح قال : يا أبت خمر وجهي وشدة وثاقي قال : يا بنى الوثاق مع الذبح؟ والله لا أجمعهما عليك اليوم ، قال : أبو جعفر عليه‌السلام : فطرح له قرطان الحمار (٢) ثم أضجعه عليه وأخذ المدية فوضعها على حلقه ، قال : فأقبل شيخ فقال : ما تريد من هذا الغلام؟ قال : أريد أن أذبحه ، فقال : سبحان الله غلام لم يعص الله طرفة عين تذبحه؟! فقال : نعم إن الله قد أمرنى بذبحه ، فقال : بل ربك ينهاك عن ذبحه وإنما أمرك بهذا الشيطان في منامك ، قال : ويلك الكلام الذي سمعت هو الذي بلغ بى ما ترى لا والله لا أكلمك ، ثم عزم على الذبح ، فقال الشيخ : يا إبراهيم انك امام يقتدى بك وان ذبحت ولدك ذبح الناس أولادهم فمهلا ، فأبى ان يكلمه ، قال أبو بصير : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : فأضجعه عند الجمرة الوسطى ثم أخذ المدية فوضعها على حلقه ، ثم رفع رأسه

__________________

(١) النمرة : الجبل الذي عليه أنصاب الحرم بعرفات عن يمينك إذا خرجت منها الى الموقف.

(٢) القرطان : البرذعة وهي الحلس الذي يلقى تحت الرجل للحمار وغيره ويقال له بالفارسية «پالان».

٤٢٥

إلى السماء ثم انتحى عليه فقلبها جبرئيل عليه‌السلام عن حلقه ، فنظر إبراهيم فاذا هي مقلوبة فقلبها إبراهيم على خدها وقلبها على قفاها ففعل ذلك مرارا ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف : (يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) واجتر الغلام من تحته ، وتناول جبرئيل الكبش من قلة ثبير فوضعه تحته ، وخرج الشيخ الخبيث حتى لحق بالعجوز حين نظرت إلى البيت والبيت في وسط الوادي ، فقال : ما شيخ رأيته بمنى؟ فنعت نعت إبراهيم عليه‌السلام ، قالت : ذلك بعلى ، قال : فما وصيف رأيته معه؟ ونعت نعته قالت : ذاك إبني ، قال : فانى رأيته أضجعه وأخذ المدية ليذبحه ، قالت : كلا ما رأيت إبراهيم الا أرحم الناس وكيف رأيته يذبح ابنه؟ قال : ورب السماء والأرض ورب هذه البنية لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية ليذبحه ، قالت : لم؟ قال : زعم أن ربه أمره بذبحه ، قالت : فحق عليه ان يطيع ربه قال : فلما قضت مناسكها فرقت أن يكون قد نزل في ابنها شيء فكأني أنظر إليها مسرعة في الوادي واضعة يدها على رأسها وهي تقول : رب لا تؤاخذني بما عملت بأم إسماعيل ، قال : فلما جاءت سارة فأخبرت الخبر قامت إلى ابنها تنظر فاذا أثر السكين خدوشا في حلقه ، ففزعت واشتكت وكان بدو مرضها الذي هلكت فيه.

وذكر أبان عن أبى بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أراد أن يذبحه في الموضع الذي حملت أم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند الجمرة الوسطى ، فلم يزل مضربهم يتوارثون به كابر عن كابر(١) حتى كان آخر من ارتحل منه على بن الحسين عليهما‌السلام في شيء كان بين بنى هاشم وبين بنى امية فارتحل فضرب بالعرين (٢).

٨٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام ان إبراهيم أتاه جبرئيل عليه‌السلام عند زوال الشمس من يوم التروية فقال : يا إبراهيم ارتو من الماء لك ولأهلك ، ولم يكن بين مكة وعرفات ماء فسميت التروية لذلك ، فذهب به حتى انتهى به إلى منى ، فصلى بها الظهر والعصر والعشائين

__________________

(١) الكابر : الكبير. والرفيع الشأن ، يقال : توارثوا المجد كابرا عن كابر أي كبيرا شريفا عن كبير شريف.

(٢) العرين : الفناء والساحة.

٤٢٦

والفجر حتى إذا بزغت الشمس (١) خرج إلى عرفات فنزل بنمرة وهي بطن عرنة (٢) فلما زالت الشمس خرج وقد اغتسل فصلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، وصلى في موضع المسجد الذي بعرفات ، وقد كانت ثم أحجار بيض فأدخلت في المسجد الذي بنى ، ثم مضى به إلى الموقف فقال : يا إبراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك فلذلك سميت عرفه ، وأقام به حتى غربت الشمس ، ثم أفاض به فقال : يا إبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت المزدلفة وأتى المشعر الحرام ، فصلى به المغرب والعشاء الاخرة بأذان واحد وإقامتين ثم بات بها حتى إذا صلى بها صلوة الصبح أراه الموقف ، ثم أفاض إلى منى فأمره فرمى جمرة العقبة! وعندها ظهر له إبليس ثم أمره الله بالذبح ، وان إبراهيم عليه‌السلام حين أفاض من عرفات بات على المشعر الحرام وهو قزح (٣) فرأى في النوم انه يذبح ابنه وقد كان حج بوالدته وأهله ، فلما انتهى إلى منى رمى جمرة العقبة هو وأهله ومرت سارة إلى البيت واحتبس الغلام فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى ، فاستشار ابنه وقال كما حكى الله : (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) فقال الغلام كما حكى الله عزوجل عنه : امض لما أمرك الله به (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) وسلما لأمر الله عزوجل وأقبل شيخ فقال : يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام؟ قال : أريد أن أذبحه. فقال : سبحان الله! تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين؟ فقال إبراهيم : إن الله أمرنى بذلك فقال : ربك ينهاك عن ذلك وانما أمرك بهذا الشيطان. فقال له إبراهيم : ان الذي بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرنى به والكلام الذي وقع في أذنى (٤) فقال :

__________________

(١) بزغت الشمس : طلعت.

(٢) عرنة ـ كهمزة ـ : واد بحذاء عرفات ، وقيل : بطن عرنة مسجد عرفة والمسيل كله.

(٣) قزح ـ بالضم فالفتح ـ : القرن الذي يقف الامام عنده بالمزدلفة عن يمين الامام وهو الموضع الذي كانت توقد فيه النيران في الجاهلية.

(٤) قال في البحار : قوله : والكلام الذي وقع في اذنى لعله معطوف على الموصول المتقدم اى الكلام الذي وقع في اذنى أمرنى بهذا فيكون كالتفسير لقوله : الذي بلغني هذا المبلغ أو ـ

٤٢٧

لا والله ما أمرك بهذا الشيطان ، فقال إبراهيم عليه‌السلام : لا والله ولا أكلمك ، ثم عزم على الذبح فقال : يا إبراهيم انك امام يقتدى بك وانك ان ذبحته ذبح الناس أولادهم فلم يكلمه ، وأقبل على الغلام واستشاره في الذبح فلما أسلما جميعا لأمر الله قال الغلام : يا أبتاه خمر وجهي وشد وثاقي ، فقال إبراهيم : يا بنى الوثاق مع الذبح؟ لا والله لا أجمعهما عليك اليوم ، فرمى له بقرطان الحمار ثم أضجعه عليه وأخذ المدية فوضعها على حلقه ورفع رأسه إلى السماء ، ثم اجتر عليه المدية فقلب جبرئيل المدية على قفاها واجتر الكبش من قبل ثبير ، وأثار الغلام من تحته ووضع الكبش مكان الغلام ، ونودي من ميسرة مسجد الخيف : (أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) قال : ولحق إبليس بأم الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت فقال لها : ما شيخ رأيته؟ قالت : ان ذاك بعلى ، قال : فوصيف رأيته معه؟ قالت : ذاك إبني قال : فانى رأيته وقد أضجعه وأخذ المدية ليذبحه؟ فقالت : كذبت ان إبراهيم أرحم الناس كيف يذبح ابنه؟ قال : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ورب هذا البيت لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية فقالت : ولم؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك ، قالت فحق له أن يطيع ربه ، فوقع في نفسها انه قد أمر في ابنها بأمر ، فلما قضت مناسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى وواضعة يدها على رأسها ، تقول : يا رب لا تؤاخذني بما عملت بأم إسماعيل ، قلت : فأين أراد أن يذبحه؟ قال : عند الجمرة الوسطى.

٨٩ ـ في مجمع البيان وروى انه قال اذبحني وأنا ساجد لا ترى إلى وجهي فعسى أن ترحمني فلا تذبحنى.

٩٠ ـ وروى عن على وجعفر بن محمد عليهم‌السلام فلما سلما بغير ألف ولام مشددة. قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : قد مر في مجمع البيان نقلا عن العياشي وعلى بن إبراهيم رواية فيها وسلما لأمر الله ، ونقلناه أيضا عن على بن إبراهيم.

٩١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن

__________________

ـ المراد بالأول الرب تعالى وبالثاني وجيه ، ويحتمل ان يكون خبرا لمبتدء محذوف اى وهو الكلام الذي وقع في اذنى.

٤٢٨

أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان هذا إبراهيم عليه‌السلام قد أضجع ولده وتله للجبين؟ فقال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ولقد أعطى إبراهيم بعد الإضجاع والفداء ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أصيب فأفجع منه فجيعة ، انه وقف عليه‌السلام على حمزة عمه أسد الله وأسد رسوله وناصر دينه وقد فرق بين روحه وجسده ، فلم بين عليه حرقة ولم يغض عليه عبرة ، ولم ينظر إلى موضعه من قلبه وقلوب أهل بيته ، ليرضى الله عزوجل بصبره ويستسلم لأمره في جميع الفعال وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أن تحزن صفية لتركته حتى يحشر من بطون السباع وحواصل الطيور ولولا أن يكون سنة بعدي لفعلت ذلك.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : قد سبق في الكافي وتفسير على بن إبراهيم نودي من ميسرة مسجد الخيف (أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) وان جبرئيل عليه‌السلام اجتر الكبش وتناوله من قبيل ثبير وقلبه.

٩٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصل بآخر منا نقلناه عنه قريبا اعنى قولهعليه‌السلام : عند الجمرة الوسطى قال : ونزل الكبش على الجبل الذي عن يمين مسجد منى نزل من السماء ، وكان يأكل في سواد ويمشى في سواد اقرن ، قلت : ما كان لونه؟ قال : كان أملح اغبر (١).

٩٣ ـ في مجمع البيان وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن كبش إبراهيم عليه‌السلام ما كان لونه؟ قال : أملح اقرن ، ونزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى بجبال الجمرة الوسطى ، وكان يمشى في سواد ويأكل في سواد وينظر في سواد ويبعر في سواد ويبول في سواد.

٩٤ ـ في عيون الاخبار حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيشابوري العطار بنيشابور في شعبان سنة اثنين وخمسين وثلاثمأة ، قال : حدثنا محمد بن على ابن قتيبة النيشابوري عن الفضل بن شاذان قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : لما أمر الله تعالى إبراهيمعليه‌السلام ان يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزل عليه ، تمنى

__________________

(١) الأملح : الذي يخالط بياض لونه سواد والأغبر : ما لونه الغبرة.

٤٢٩

إبراهيم عليه‌السلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب ، فأوحى الله عزوجل اليه : يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟ قال : يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلى من حبيبك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأوحى الله عزوجل : يا إبراهيم هو أحب إليك أو نفسك؟ قال : بل هو أحب إلى من نفسي ، قال : فولده أحب إليك أو ولدك؟ قال : بل ولده ، قال : فذبح ولده ظلما على يدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال : يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي قال : يا إبراهيم ان طائفة تزعم انها من أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ستقتل الحسين عليه‌السلام ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش ، ويستوجبون بذلك سخطى ، فجزع إبراهيم عليه‌السلام لذلك فتوجع قلبه وأقبل يبكى ، فأوحى الله تعالى اليه : يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين وقتله ، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب ، وذلك قول الله عزوجل (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم.

٩٥ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال : حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه قال : سألت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : انا ابن الذبيحين؟ قال : يعنى إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما‌السلام وعبد الله بن عبد المطلب ، اما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله تعالى به إبراهيم عليه‌السلام (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) وهو لما عمل مثل عمله (قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) ولم يقل : يا أبت افعل ما رأيت (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) فلما عزم على ذبحه فداه الله تعالى بذبح عظيم ، بكبش أملح يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد ويمشى في سواد ويبول ويبعر في سواد ، وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاما وما خرج من رحم أنثى ، وانما قال الله تعالى له : كن فكان ليفتدي به إسماعيل ، فكل ما يذبح في منى فدية لإسماعيل إلى يوم القيامة ، فهذا أحد الذبيحين ، إلى قوله

٤٣٠

عليه‌السلام : والعلة التي من أجلها دفع الله عزوجل الذبح عن إسماعيل هي العلة التي من أجلها دفع الله الذبح عن عبد الله ، وهي كون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة صلوات الله عليهم أجمعين في صلبهما ، فببركة النبي والائمة صلوات الله عليهم دفع الله الذبح عنهما ، فلم تجر السنة في الناس تقتل أولادهم ، ولولا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى الله تعالى ذكره يقتل أولادهم ، وكلما يتقرب به الناس إلى الله عزوجل من أضحية فهو فداء لإسماعيل إلى يوم القيامة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٦ ـ في كتاب الخصال عن الحسن بن على عليه‌السلام قال : كان على بن أبي طالبعليه‌السلام بالكوفة في الجامع إذ قام اليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل ، فكان فيما سأله : أخبرنى عن ستة لم يركضوا في رحم ، فقال : آدم وحوا وكبش إسماعيل ، الحديث.

٩٧ ـ في الكافي على بن محمد عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه أظنه بمحمد بن إسماعيل قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : لو خلق الله عزوجل مضغة هي أطيب من الضأن لفدى بها إسماعيل عليه‌السلام.

٩٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن سعد بن سعد قال: قال أبو الحسن عليه‌السلام : لو علم الله عزوجل شيئا أكرم من الضأن لفدى به إسماعيل.

٩٩ ـ عدة من أصحابنا عن جعفر بن إبراهيم عن سعد بن سعد قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : لو علم الله عزوجل خيرا من الضأن لفدى به إسحاق وهذه الأحاديث الثلاث طويل أخذنا منها موضع الحاجة.

١٠٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم أتدعون بعلا قال : كان لهم صنم يسمونه بعلا.

١٠١ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون : في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفي أثنائه قال المأمون : فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن؟ قال أبو الحسن عليه‌السلام : نعم ، أخبرونى عن قول الله تعالى : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فمن عنى بقوله يس؟ قالت العلماء : محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يشك فيه أحد قال أبو الحسن عليه‌السلام : فان الله عزوجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه الا من

٤٣١

عقله ، وذلك ان الله عزوجل لم يسلم على أحد الا على الأنبياء صلوات الله عليهم فقال تبارك وتعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) وقال : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) وقال : (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) ولم يقل : سلام على آل نوح ، ولم يقل سلام على آل إبراهيم ، ولم يقل سلام على آل موسى وهارون ، وقال : سلام على آل يس يعنى آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال المأمون : قد علمت ان في معدن النبوة شرح هذا وبيانه.

١٠٢ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى قادح عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن على عليهم‌السلام في قوله الله عزوجل : «سلام على آل يس» قال : يس محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن آل يس.

١٠٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : ولهذه الآية ظاهر وباطن ، فالظاهر قوله : «صلوا عليه» والباطن قوله : «وسلموا تسليما» اى سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم فضله ، وما عهد به اليه تسليما ، وهذا مما أخبرتك انه لا يعلم تأويله الا من لطف حسه وصفا ذهنه وصح تمييزه ، وكذلك قوله : «سلام على آل يس» لان الله سمى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الاسم حيث قال : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) لعلمه انهم يسقطون سلام على آل محمد كما أسقطوا غيره.

١٠٤ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد ابن خالد والحسين ابن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن زيد بن الوليد الخثعمي عن أبي الربيع الشامي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام الى قوله : فقلت : فقوله عزوجل : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) قال : تمرون عليهم في القرآن إذا قرأتم القرآن ، فقرأ ما قص الله عليكم من خبرهم.

١٠٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفي حديث أبي حمزة الثمالي أنه دخل عبد الله بن عمر على على بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام وقال له : يا بن الحسين أنت الذي تقول : ان يونس بن متى انما لقى من الحوت ما لقى لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال : بلى ثكلتك أمك قال : فأرنى آية ذلك ان كنت من الصادقين ،

٤٣٢

فأمر بشد عينه بعصابة وعيني بعصابة ، ثم امر بعد ساعة بفتح أعيننا ، فاذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه. فقال ابن عمر : يا سيدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي. قال هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين ، ثم قال : يا أيتها الحوت ، قال : فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول : لبيك لبيك يا ولى الله ، فقال : من أنت؟ قال : حوت يونس يا سيدي ، قال ائتنا بالخبر ، قال : يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم الى ان صار جدك محمد الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت ، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها القى ما لقى آدم من المصيبة ، وما لقى نوح من الغرق ، وما لقى إبراهيم من النار ، وما لقى يوسف من الجب ، وما لقى أيوب من البلاء وما لقى داود من الخطيئة الى ان بعث الله يونس فأوحى الله أليه ان يا يونس تول أمير المؤمنين عليا والائمة الراشدين من صلبه في كلام له ، قال : فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه وذهب مغتاظا؟ فأوحى الله تعالى الى : أن التقمي يونس ولا توهني له عظما ، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معى البحار في ظلمات ثلاث ينادى انه لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين ، قد قبلت ولاية على بن أبي ـ طالب والائمة الراشدين من ولده عليهم‌السلام ، فلما ان آمن بولايتكم أمرني ربي فقد فته على ساحل البحر ، فقال زين العابدين عليه‌السلام : ارجع ايها الحوت الى وكرك فرجع الحوت واستوى الماء.

١٠٦ ـ في بصائر الدرجات العباس بن معروف عن سعدان بن مسلم عن صباح المزني عن الحارث بن المغيرة عن حبة العرني قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان الله عرض ولايتي على أهل السماوات وعلى أهل الأرض أقر بها من أقر وأنكرها من أنكر ، أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت.

١٠٧ ـ في روضة الكافي في رسالة أبي جعفر عليه‌السلام الى سعد الخير يقول عليه‌السلام : ان النبي من الأنبياء كان يستكمل الطاعة ، ثم يعصى الله تبارك وتعالى في الباب الواحد فيخرج به من الجنة ، وينبذ به في بطن الحوت ، ثم لا ينجيه الا الاعتراف والتوبة.

١٠٨ ـ في تهذيب الأحكام ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن

٤٣٣

صفوان بن يحيى عن عبد الله بن مسكان عن إسحاق المرادي قال : سئل وانا عنده ـ يعنى أبا عبد الله عليه‌السلام ـ عن مولود ليس بذكر ولا أنثى ليس له الا دبر كيف يورث؟ قال : يجلس الامام ويجلس معه أناس ويدعو الله ويحيل السهام على اى مكان ميراث يورثه؟ ميراث الذكر أم ميراث الأنثى ، فأى ذلك خرج ورثه عليه ، ثم قال : واى قضية اعدل من قضية يحال عليها بالسهام ان الله تعالى يقول : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ).

على بن الحسين عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن مسكان قال سئل ابو عبد الله عليه‌السلام وانا عنده وذكر كحديث إسحاق السابق سواء.

١٠٩ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن فضال والحجال عن ثعلبة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل عن مولود ليس بذكر ولا أنثى ليس له الا دبر كيف يورث؟ قال : يجلس الامام ويجلس عنده ناس. فيدعو الله وتجال السهام عليه على اى ميراث يورثه أميراث الذكر أو ميراث الأنثى فأى ذلك خرج عليه ورثه ، ثم قال : واى قضية اعدل من قضية تحال السهام يقول الله تعالى : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) قال : وما من امر يختلف فيه اثنان الا وله أصل في كتاب الله ، ولكن لا تبلغه عقول الرجال.

١١٠ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وقال الصادق عليه‌السلام : ما يقارع قوم ففوضوا أمرهم الى الله عزوجل الا خرج سهم المحق ، وقال : اى قضية اعدل من القرعة ، إذا فوض الأمر الى الله أليس الله عزوجل يقول : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ).

١١١ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه‌السلام عن الواحد الى المأة قال له اليهودي : فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟ قال : ذلك يونس في بطن الحوت ، قال له : فما قبر طاف بصاحبه؟ قال : يونس حين طاف به الحوت في سبعة أبحر(١).

١١٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله : عن سجن سار

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر ولما مر في الكتاب لكن في بعض النسخ «في سعة البحر».

٤٣٤

بصاحبه؟ فقال : الحوت سار بيونس بن متى.

١١٣ ـ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أول من سوهم عليه مريم ابنة عمران ، الى قوله عليه‌السلام : ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم ، فوقفت السفينة في اللجة واستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات ، قال : فمضى يونس الى صدر السفينة فاذا الحوت فاتح فاه فرمى نفسه.

١١٤ ـ في تفسير العياشي عن الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان يونس لما آذاه قومه وذكر حديثا طويلا وفيه : وخرج كما قال الله تعالى «مغاضبا» حتى ركب سفينة فيها رجلان ، فاضطربت السفينة فقال الملاح : يا قوم ان في سفينتي مطلوب ، فقال يونس : انا هو وقام ليلقى نفسه فأبصر السمكة وقد فتحت فاها ، فها بها وتعلق به الرجلان وقالا له : أنت ويحك ونحن رجلان؟ فساهم فوقعت السهام عليه ، فجرت السنة بأن السهام إذا كانت ثلاث مرات انها لا تخطى فألقى نفسه فالتقمه الحوت ، فطاف به البحار السبعة حتى صار الى البحر المسجور ، وبه يعذب قارون.

١١٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ما رد الله العذاب الا عن قوم يونس الى ان قال عليه‌السلام فغضب يونس ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله حتى انتهى الى ساحل البحر فاذا سفينة قد شحنت وأرادوا ان يدفعوها فسألهم يونس ان يحملوه ، فحملوه ، فلما توسطوا البحر بعث الله حوتا عظيما فحبس عليهم السفينة فنظر اليه يونس ففزع منه ، فصار الى مؤخر السفينة فدار اليه الحوت وفتح فاه ، فخرج أهل السفينة فقالوا : فينا عاص فتساهموا فخرج سهم يونس وهو قول الله عزوجل : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) فأخرجوه فألقوه في البحر فالتقمه ومر به في الماء.

وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين عليه‌السلام عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه فقال : يا يهودي اما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه ، فدخل في بحر القلزم ، ثم خرج الى بحر مصر ، ثم دخل بحر طبرستان ، ثم خرج في دجلة الغوراء قال : ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون ، وكان قارون هلك أيام

٤٣٥

موسى ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل ، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره. وفي آخر الحديث قال : ونكث يونس في بطن الحوت تسع ساعات.

١١٦ ـ وفيه عن على عليه‌السلام حديث طويل يقول عليه‌السلام في آخره : وامر الله الحوت ان يلفظه فلفظه على ساحر البحر ، وقد ذهب جلده ولحمه ، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهي الدباء فاظللته من الشمس ، ثم امر الله الشجرة فتنحت عنه ووقعت الشمس عليه فجزع فأوحى الله اليه : يا يونس لم لم ترحم مائة الف أو يزيدون وأنت تجزع من تألم ساعة؟ فقال : يا رب عفوك عفوك ، فرد الله عليه بدنه ورجع الى قومه وآمنوا به.

١١٧ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام «ونادى في الظلمات» ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فاستجاب له ربه فأخرجه الحوت الى الساحل ثم قذفه فألقاه بالساحل وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع ، فكان يمصه ويستظل به وبورقه ، وكان تساقط شعره ورق جلده ، وكان يونس يسبح الله ويذكر الله بالليل والنهار ، فلما ان قوى واشتد به بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع فذبلت القرعة ثم يبست ، فشق ذلك على يونس فظل جزينا فأوحى الله اليه : ما لك حزينا يا يونس؟ قال : يا رب هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست؟ قال : يا يونس حزنت لشجرة لم تزرعها ولم تسقها ولم تعن بها حين استغنيت عنها ولم تحزن لأهل نينوى أكثر من مأة الف أردت ان ينزل عليهم العذاب؟ ان أهل نينوى قد آمنوا واتقوا فارجع إليهم ، فانطلق يونس عليه‌السلام الى قومه فلما دنا يونس من نينوى استحيى ان يدخل ، فقال لراع لقيه : أنت أهل نينوى؟ فقل لهم : ان هذا يونس [قد جاء] قال له الراعي : أتكذب ، اما تستحيي ويونس قد غرق في البحر وذهب؟ قال له يونس : اللهم ان هذه الشاة تشهد لك انى يونس ، فأنطقت الشاة له بأنه يونس ، فلما أتى الراعي قومه وأخبرهم أخذوه وهموا بضربه ، فقال : ان لي بينة بما أقول ، قالوا : من يشهد؟ قال : هذه الشاة تشهد فشهدت بأنه صادق ، وان يونس قد رده الله إليهم فخرجوا

٤٣٦

يطلبونه فوجدوه فجاؤا به وآمنوا وحسن ايمانهم ، فمتعهم الله الى حين وهو الموت وأجارهم من العذاب.

١١٨ ـ في تفسير العياشي عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه‌السلام كتب أمير ـ المؤمنين عليه‌السلام قال : حدثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان جبرئيل حدثه ان يونس بن متى عليه‌السلام بعثه الله الى قومه وهو ابن ثلاثين سنة وكان رجلا تعتريه الحدة (١) وكان قليل الصبر على قومه والمداراة لهم عاجزا عما حمل من ثقل حمل أو قار النبوة وأعلامها. وانه تفسخ تحتها كما يتفسخ الجمل تحت حمله (٢) وانه اقام فيهم يدعوهم الى الايمان بالله والتصديق به واتباعه ثلاثا وثلاثين سنة ، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه الا رجلان اسم أحدهما روبيل واسم الآخر تنوخا ، الى قوله : فقال يونس يا رب انما غضبت عليهم فيك ، وانما دعوت عليهم حين عصوك فدعوتك الا أتعطف عليهم برافة أبدا ، ولا انظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم وتكذيبهم إياي وجحدهم نبوتي فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون أبدا ، فقال الله يا يونس انهم مأة الف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي ومحبتي ، ان أتانا هم (٣) للذي سبق من علمي فيهم وفيك ، وتقديري وتدبيري غير علمك وتقديرك ، وأنت المرسل وانا الرب الحكيم ، وعليم فيهم يا يونس باطن في الغيب عندي لا تعلم ما منتهاه وعلمك فيهم ظاهر لا باطن له ، يا يونس قد أجبتك الى ما سئلت من إنزال العذاب عليهم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وهو بتمامه مذكور في يونس وفي آخره : قال ابو عبيدة : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : كم غاب يونس عن قومه حتى رجع إليهم بالنبوة والرسالة فآمنوا به وصدقوه؟ قال : اربعة أسابيع سبعا منها في ذهابه الى البحر وسبعا في بطن الحوت ، وسبعا تحت الشجرة بالعراء ، وسبعا منها في رجوعه الى

__________________

(١) اى يصيبه البأس والغضب.

(٢) قد مر الحديث في سورة يونس في الجزء الثاني صفحة ٣٢١ وفيه «الجذع» مكان «الجمل» وقد ذكرنا في ذيله تفسير بعض اللغات فراجع.

(٣) من التأنى اى الرفق والمداراة.

٤٣٧

قومه ، فقلت له : وما هذه الأسابيع؟ شهور أو أيام أو ساعات؟ فقال : يا أبا عبيدة ان العذاب أتاهم يوم الأربعاء في النصف من شوال ، وصرف عنهم من يومهم ذلك ، فانطلق يونس مغاضبا فمضى يوم الخميس سبعة أيام في مسيره الى البحر ، وسبعة أيام في بطن الحوت ، وسبعة أيام تحت الشجرة بالعراء ، وسبعة أيام في رجوعه الى قومه فكان ذهابه ورجوعه ثمانية وعشرين يوما ، ثم أتاهم فآمنوا به وصدقوه واتبعوه فذلك قال الله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ) العذاب الخزي في الحيوة الدنيا ومتعناهم».

١١٩ ـ عن معمر قال : قال ابو الحسن الرضا عليه‌السلام : ان يونس لما امره الله بما امره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم وبين البهائم وأولادها ، ثم عجوا الى الله وضجوا ، فكف الله العذاب عنهم ، فذهب يونس مغاضبا فالتقمه الحوت ، فطاف به سبعة في البحر (١) فقلت له : كم بقي في بطن الحوت؟ قال : ثلاثة أيام ثم لفظه الحوت وقد ذهب جلده وشعره ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين فأظلته ، فلما قوى أخذت في اليبس ، فقال : يا رب شجرة أظلتني يبست؟ فأوحى الله اليه : يا يونس تجزع على شجرة أظلتك ولا تجزع على مأة الف أو يزيدون من العذاب؟.

١٢٠ ـ في مجمع البيان وروى ابن مسعود قال : خرج يونس من بطن الحوت كهيئة فرخ ليس عليه ريش ، فاستظل بالشجرة من الشمس.

١٢١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : الأنبياء والمرسلون على اربع طبقات ، فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها ، ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة ولم يبعث الى أحد وعليه امام ، مثل ما كان إبراهيم على لوط عليهما‌السلام ، ونبي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك ، وقد أرسل الى طائفة قلوا أو كثروا كيونس ، قال الله ليونس : وأرسلناه

__________________

(١) كذا في النسخ ولكن الظاهر «سبعة أبحر» كما في نسخة البحار وذكرناه في المصدر أيضا فراجع تفسير العياشي ج ٢ صفحة ١٣٧.

٤٣٨

الى مأة الف أو يزيدون قال : يزيدون ثلاثين ألفا وعليه امام ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٢ ـ في مجمع البيان قراءة جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام «ويزيدون» بالواو.

١٢٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن مسلم الثقفي الطحان قال : دخلت على أبي جعفر محمد بن على الباقر عليه‌السلام وانا أريد ان اسأله عن القائم من آل محمد ، فقال لي مبتديا : يا با محمد ان في القائم من أهل البيت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله سنة من خمسة من الرسل يونس بن متى عليه‌السلام ، ويوسف بن يعقوب عليهما‌السلام ، وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم ، فأما سنة من يونس بن متى فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السن ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) قال قالت قريش : ان الملائكة هم بنات الله ، فرد الله عليهم «فاستفتهم» الآية.

١٢٥ ـ حديثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد عن العباس ابن عامر عن الربيع بن محمد عن يحيى بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول. (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) قال : أنزلت في الائمة والأوصياء من آل محمد عليهم‌السلام.

١٢٦ ـ حدثنا محمد بن احمد بن مارية قال حدثني محمد بن سليمان قال : حدثنا احمد بن محمد الشيباني قال : حدثنا محمد بن عبد الله التفليسي عن الحسن بن محبوب عن صالح بن رزين عن شهاب بن عبد ربه قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : يا شهاب نحن شجرة النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ، ونحن عهد الله وذمته ، ونحن ود الله وحجته ، كنا أنوارا صفوفا حول العرش نسبح ، فسبح أهل السماء بتسبيحنا الى ان هبطنا الى الأرض ، فسبحنا فسبح أهل الأرض بتسبيحنا (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) فمن وفي بذمتنا فقد وفي بعهد الله عزوجل وذمته ، ومن خفر ذمتنا (١) فقد خفر ذمة الله عزوجل وعهده.

__________________

(١) خفره : نقض عهده وغدر به.

٤٣٩

١٢٧ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام في وصف الملائكة : وصافون لا يتزايلون ومسبحون لا يسأمون.

١٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله: (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) فهم كفار قريش كانوا يقولون (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) يقول الله عزوجل : فكفروا به حين جاءهم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول الله فسوف يعلمون فقال جبرئيل : يا محمد (إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ).

١٢٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى جابر الجعفي قال : جاء رجل من علماء أهل الشام الى أبي جعفر عليه‌السلام فقال : جئت اسألك عن مسئلة لم أجد أحدا يفسرها لي ، وقد سألت ثلاثة أصناف من الناس فقال كل صنف غير ما قال الآخر ، فقال ابو جعفر عليه‌السلام : وما ذلك؟ فقال : أسئلك ما أول ما خلق الله عزوجل من خلقه؟ فان بعض من سألته قال : القدرة. وقال بعضهم : العلم ، وقال بعضهم : الروح؟ فقال ابو جعفر عليه‌السلام : ما قالوا شيئا ، أخبرك ان الله علا ذكره كان ولا شيء غيره ، وكان عزيزا ولا عز لأنه كان قبل عزه وذلك قوله سبحانه : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) وكان خالقا ولا مخلوق ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٠ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين عن محمد بن داود عن محمد بن عطية عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال لرجل من أهل الشام : ان الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره ، وكان عزيزا ولا أحد كان قبل عزه ، وذلك قوله : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) وكان الخالق قبل المخلوق ، ولو كان أول ما خلق من خلقه الشيء [من الشيء] لم يكن له انقطاع أبدا ، ولم يزل الله إذا ومعه شيء ليس هو يتقدمه ، ولكنه كان إذ لا شيء غيره.

١٣١ ـ في أصول الكافي وباسناده قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام : من أراد ان يكتال بالمكيال الا وفي فليقل إذا أراد ان يقوم من مجلسه : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

٤٤٠