تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

أبوه انظر فيقول : لا ، ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال : هذا أحدهما وأشار بيده اليه ، ثم مروا أيضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الآخر فقال : وهذا الآخر قال : فقال النبي صاحب الرجلين اما انا فقد آمنت بإلهكما وعلمت ان ما جئتما به هو الحق. قال : فقال الملك : وانا أيضا وآمن من أهل مملكته كلهم.

٣١ ـ في مجمع البيان قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسولين الى انطاكية فأتياها ولم يصلا الى ملكها وطالت مدة مقامهما ، فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكر الله ، فغضب وأمر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة ، فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسى عليه‌السلام شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما ، فدخل شمعون البلدة متنكرا ، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به ، فرفعوا خبره الى الملك فدعاه فرضي عشرته وانس به وأكرمه ، ثم قال له ذات يوم : ايها الملك بلغني انك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك الى غير دينك فهل سمعت قولهما؟ قال الملك : حال الغضب بيني وبين ذلك قال : فان رأى الملك دعاهما حتى نطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون : ما أرسلكما الى هاهنا؟ قالا : الله الذي خلق كل شيء لا شريك له ، قال : وما آيتكما؟ قالا : ما تتمناه ، فأمر الملك حتى جاؤا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة ، فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر ، فأخذا بندقتين (١) من الطين فوضعاهما في حدقتيه ، فصارا مقلتين (٢) يبصر بهما ، فتعجب الملك فقال شمعون للملك : رأيت لو سألت إلهك حتى يصنع صنيعا مثل هذا فيكون لك ولإلهك شرفا فقال الملك : ليس لي عنها سر إن إلهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع ، ثم قال الملك للرسولين : ان قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به وبكما ، قالا : إلهنا قادر على كل شيء ، فقال الملك : ان هنا ميتا مات منذ سبعة أيام لم ندفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا ، فجاؤا بالميت وقد تغير وأروح (٣) فجعلا

__________________

(١) البندقة : كل ما يرمى به من رصاص كروى وسواه.

(٢) المقلة : شحمة العين أو هي السواد والبياض منها.

(٣) من أروح الماء : تغير ريحه وأنتن.

٣٨١

يدعوان ربهما علانية وجعل شمعون يدعو ربه سرا ، فقام الميت وقال لهم : انى قدمت منذ سبعة أيام وادخلت في سبعة اودية من النار ، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله ، فتعجب الملك ، فلما علم شمعون ان قوله أثر في الملك دعاه الى الله فآمن وآمن من أهل مملكته قوم وكفر آخرون ، وقد روى مثل ذلك العياشي باسناده عن الثمالي وغيره عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام الا ان في بعض الروايات : بعث الله الرسولين الى انطاكية ثم بعث الثالث ، وفي بعضها ان عيسى اوحى الله اليه ان يبعثهما ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما ، وان الميت الذي أحياه الله بدعائه كان ابن الملك ، وأنه قد خرج من قبره ينفض التراب عن رأسه فقال : يا بنى ما حالك؟ قال : كنت ميتا فرأيت رجلين ساجدين يسألان الله أن يحييني ، قال : يا بنى فتعرفهما إذا رأيتهما؟ قال : نعم ، فأخرج الناس الى الصحراء فكان يمر عليه رجل بعد رجل فمر أحدهما بعد جمع كثير ، فقال : هذا أحدهما ، ثم مر الاخر فعرفهما وأشار بيده إليهما فآمن الملك وأهل مملكته.

قال عز من قائل : (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) الى قوله مسرفون.

٣٢ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه من الأربع مأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه في كل أمر واحدة من ثلث : الكبر والطيرة والتمني ، فاذا تطير أحدكم فليمض على طيرته وليذكر الله عزوجل ، وإذا خشي الكبر فليأكل مع عبده وخادمه وليحلب الشاة ، وإذا تمنى فليسأل الله عزوجل وليبتهل اليه ولا تنازعه نفسه الى الإثم.

٣٣ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عمرو بن حريث قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الطيرة على ما تجعلها ان هونتها تهونت ، وان شددتها تشددت ، وان لم تجعلها شيئا لم يكن شيئا.

٣٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كفارة الطيرة التوكل.

٣٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب قالوا : أخبرنا النضر بن قرواش الحمال قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا

٣٨٢

عدوى ولا طيرة ولا شوم ، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى سليمان بن جعفر الجعفري عن أبى ـ الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : الشوم للمسافر في طريقه في خمسة : الغراب الناعق عن يمينه ، والكلب الناشر لذنبه ، والذئب العاوي الذي يعوى في وجه الرجل وهو مقع على ذنبه يعوى ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا ، والظبي السانح من يمين الى شمال ، والبومة الصارخة والمرأة الشمطاء (١) تلقى فرجها ، والأتان العضباء يعنى الجذعاء (٢) فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل : اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك قال : فيعصم من ذلك.

٣٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) قالوا بأسمائكم ، وقوله عزوجل : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) قال : نزلت في حبيب النجار الى قوله تعالى : (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).

٣٨ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين : مؤمن آل ياسين ، وعلى بن أبى طالب ، وآسية امرأة فرعون.

٣٩ ـ في جوامع الجامع وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : على بن أبي طالب ، وصاحب ياسين ، ومؤمن آل فرعون ، فهم الصديقون وعلى أفضلهم.

٤٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن مالك بن عطية عن يونس بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ان هذا الذي قد ظهر بوجهي (٣) يزعم الناس ان الله عزوجل لم يبتل به عبدا له فيه حاجة ،

__________________

(١) الشمطاء : التي خالط بياض أسها سواد.

(٢) الجذءاء : مقطوعة الاذن.

(٣) الآثار التي ظهرت بوجهه كان برصا ويحتمل الجذام. قاله المجلسي (ره)

٣٨٣

فقال لي : [لا] لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الأصابع (١) فكان يقول هكذا ـ ويمد بيده ـ ويقول : (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤١ ـ في أمالي الصدوق باسناده الى عبد الرحمان بن أبى ليلى رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الصديقون ثلاثة : حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي يقول : (اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) وحزقيل مؤمن آل فرعون ، وعلى ابن أبي طالب وهو أفضلهم.

٤٢ ـ في جوامع الجامع : (قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) وورد في حديث مرفوع أنه نصح قومه حيا وميتا.

٤٣ ـ وروى عن على بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) على الاضافة إليهم لاختصاصها بهم من حيث انها موجهة إليهم.

٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) قال : فانه حدثني أبى عن النضر بن سويد عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان النطفة تقع من السماء الى الأرض على النبات والثمر والشجر ، فيأكل الناس منه والبهائم فيجري فيهم.

٤٥ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن على بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : فضرب الله مثل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الشمس ومثل الوصي القمر ، وهو قول الله عزوجل : (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) وقوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) وقوله عزوجل : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) يعنى قبض محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا أفضل أهل بيته ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦ ـ في الكافي على بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن أبى ولاد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الله خلق حجابا من ظلمة مما يلي

__________________

(١) المكنع : هو الذي وقعت أصابعه.

٣٨٤

المشرق ووكل به ملكا ، فاذا غابت الشمس اغترف ذلك الملك غرفة بيده ثم استقبل بها المغرب تتبع الشفق ، ويخرج من بين يديه قليلا قليلا ، ويمضى فيوافي المغرب عند سقوط الشمس فيسرح الظلمة ثم يعود الى المشرق ، فاذا طلع الفجر نشر جناحيه واستاق الظلمة من المشرق الى المغرب حتى يوافي بها المغرب عند طلوع الشمس.

٤٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبى ذر الغفاري رحمة الله عليه قال : كنت آخذا بيد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نتماشى جميعا ، فما زلنا ننظر الى الشمس حتى غابت ، فقلت : يا رسول الله أين تغيب؟ قال : في السماء ، ثم ترفع من سماء الى سماء حتى ترفع الى السماء السابغة العليا حتى تكون تحت العرش فتخر ساجدة فتسجد معها الملائكة الموكلون بها ، ثم تقول : يا رب من أين تأمرنى أن اطلع؟ امن مغربي أم من مطلعي؟ فذلك قوله عزوجل : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) يعنى بذلك صنع الرب العزيز في ملكه بخلقه قال : فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف ، وفي قصره في الشتاء أو ما بين ذلك في الخريف والربيع ، قال : فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها ، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كأنى بها قد حبست مقدار ثلاث ليال ، ثم لا تكسى ضوءا وتؤمر ان تطلع من مغربها ، فذلك قوله عزوجل : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) والقمر كذلك من مطلعه ومجراه في أفق السماء ومغربه ، وارتفاعه الى السماء السابعة ، ويسجد تحت العرش ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور الكرسي ، فذلك قوله عزوجل : (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً).

٤٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال سأل العالم عليه‌السلام كيف علم الله؟ قال : علم وشاء وأراد وقدر وقضى وامضى ، فأمضى ما قضى وقضى ما قدر وقدر ما أراد ، فبعلمه كانت المشية وبمشية كانت الارادة وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء وبقضائه كان الإمضاء ، والعلم متقدم المشية والمشية ثانية والارادة ثالثة

٣٨٥

والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء ، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد ، لتقدير الأشياء ، فاذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء ، فالعلم في المعلوم قبل كونه ، والمشية في المنشأ قبل عينه ، والارادة في المراد قبل قيامه ، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا ، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذوي لون وريح ووزن وكيل ، وما دب ودرج من انس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس ، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له فاذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء والله يفعل ما يشاء ، فبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، وبالمشية عرف صفاتها وحدودها ، وانشأها قبل إظهارها وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها ، وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها ، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها ، وبالإمضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم.

٤٩ ـ في مجمع البيان وروى عن على بن الحسين زين العابدين وأبى جعفر الباقر وجعفر الصادق عليهم‌السلام «لا مستقر لها» بنصب الراء.

٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن داود بن محمد النهدي قال : دخل ابو سعيد المكاري على أبى الحسن الرضا عليه‌السلام فقال له : أبلغ من قدرك ان تدعى ما ادعاه أبوك؟ فقال له الرضا عليه‌السلام : ما لك اطفأ الله نورك وادخل الفقر بيتك ، أما علمت ان الله عزوجل أوحى الى عمران انى واهب لك ذكرا ، فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى فعيسى من مريم ومريم من عيسى ، ومريم وعيسى واحد ، وأنا من أبى وأبى منى وانا وأبي شيء واحد ، فقال له أبو سعيد : فاسئلك عن مسئلة؟ قال : سل ولا إخالك تقبل منى ولست من غنمي ولكن هاتها ، فقال له : ما تقول في رجل قال عند موته كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله؟ قال : نعم ما كان لستة أشهر فهو قديم حر ، لان الله عزوجل يقول (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) فما كان لستة أشهر فهو قديم حر ، قال : فخرج من عنده وافتقر وذهب بصره ثم مات لعنه الله وليس عنده مبيت ليلة.

٥١ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله وقضى على عليه‌السلام في رجل وصى فقال : أعتقوا عنى كل عبد قديم في ملكي ، فلما مات لم يعرف الوصي ما يصنع فسأله عن ذلك ، فقال : يعتق عنه كل

٣٨٦

عبد له في ملكه ستة أشهر ، وتلا قوله : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ).

٥٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) يقول : الشمس سلطان النهار ، والقمر سلطان الليل ، لا ينبغي للشمس ان تكون مع ضوء القمر ، ولا يسبق الليل النهار ، يقول : لا يذهب الليل حتى يدركه النهار (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) يقول يجيء وراء (يجرى ذاخ ل) الفلك الاستدارة.

٥٣ ـ في مجمع البيان وروى العياشي في تفسيره بالإسناد عن الأشعث بن حاتم قال كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا والفضل بن سهل والمأمون في الإيوان بمرو ، فوضعت المائدة ، فقال الرضا عليه‌السلام : ان رجلا من بنى إسرائيل سألنى بالمدينة فقال : النهار خلق قبل أم الليل فما عندكم؟ قال : وأداروا الكلام فلم يكن عندهم في ذلك شيء فقال الفضل للرضا عليه‌السلام : أخبرنا بها أصلحك الله ، قال : نعم من القرآن أم من الحساب؟ قال له الفضل : من جهة الحساب ، فقال : قد علمت يا فضل أن طالع الدنيا السرطان والكواكب في موضع شرفها فزحل في الميزان والمشترى في السرطان والشمس في الحمل والقمر في الثور ، فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل في العاشر من الطالع في وسط الدنيا ، فالنهار خلق قبل الليل وفي قوله تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) اى قد سبقه النهار.

٥٤ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن أبى جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل خلق الشمس قبل القمر وخلق النور قبل الظلمة.

٥٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : فخلق النهار قبل الليل ، قال : نعم خلق النهار قبل الليل والشمس والقمر والأرض قبل السماء.

٥٦ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال : فما التسعون؟ قال : الفلك المشحون ، اتخذ نوح عليه‌السلام فيه تسعين بيتا للبهائم.

٥٧ ـ في مجمع البيان : (ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ) وروى الحلبي عن أبى ـ

٣٨٧

عبد الله عليه‌السلام قال : معناه اتقوا ما بين أيديكم من الذنوب ، وما خلفكم من العقوبة.

٥٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم ، قوله عزوجل : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) قال ذلك في آخر الزمان يصاح فيهم صيحة وهم في أسواقهم يتخاصمون ، فيموتون كلهم في مكانهم لا يرجع أحد منهم الى منزله ، ولا يوصى بوصية ، وذلك قوله عزوجل : (فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ).

٥٩ ـ في مجمع البيان وفي الحديث تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان فما يطويانه حتى تقوم الساعة والرجل يرفع أكلته الى فيه فما تصل الى فيه حتى تقوم ، والرجل يليط حوضه (١) ليسقى ماشيته فما يسقيها حتى تقوم.

٦٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) قال : من القبور ، وفي رواية أبى الجارود عن أبى ـ جعفر عليه‌السلام في قوله : (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) فان القوم كانوا في القبور فلما قاموا حسبوا أنهم كانوا نياما ، (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) قالت الملائكة (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ).

٦١ ـ في جوامع الجامع وروى عن على عليه‌السلام انه قرأ «من بعثنا» على من الجارة والمصدر.

٦٢ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن سالم عن أبي سلمة عن الحسن بن شاذان الواسطي قال : كتبت الى أبى الحسن الرضا عليه‌السلام أشكو جفاء أهل واسط وحملهم على ، وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني ، فوقع بخطه : ان الله جل ذكره أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل فاصبر لحكم ربك ، فلو قد قام سيد الخلق لقالوا (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ).

٦٣ ـ في أصول الكافي باسناده الى أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان أبو ذر ، رحمه‌الله يقول في خطبته وما بين الموت والبعث الا كنومة نمتها ثم استيقظت منها

__________________

(١) لاط الحوض : ماره لئلا ينشف الماء.

٣٨٨

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن ابن أبي عمير عن زيد النرسي عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله صلوات الله عليه يقول : إذا أمات الله أهل الأرض لبث كمثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أماتهم وأضعاف ذلك ، ثم أمات أهل سماء الدنيا ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل سماء الدنيا وأضعاف ذلك ثم أمات أهل السماء الثانية ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية وأضعاف ذلك ، ثم أمات أهل السماء الثالثة ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية والثالثة وأضعاف ذلك ، في كل سماء مثل ذلك وأضعاف ذلك ، ثم أمات ميكائيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ، ثم أمات جبرئيل عليه‌السلام ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات إسرافيل عليه‌السلام ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات ملك الموت عليه‌السلام ، ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم يقول الله عزوجل : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)؟ فيرد على نفسه (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) أين الجبارون؟ وأين المتكبرون؟ وأين الذين أدعوا معى إلها آخر ونحوهم؟ ثم يبعث الخلق قال عبيد بن زرارة : فقلت : ان هذا الأمر كائن طولت ذلك؟ فقال : أرأيت ما كان هل علمت به؟ فقال : لا ، قال : فكذلك هذا ، وقوله عزوجل : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) قال : في افتضاض العذارى فاكهون ، قال : يفاكهون النساء ويلاعبونهن.

٦٥ ـ في مجمع البيان (فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) وقيل : شغلوا بافتضاض العذارى عن ابن عباس وابن مسعود وهو المروي عن الصادق عليه‌السلام ، قال : وحواجبهن كالاهلة (١) وأشفار أعينهن كقوادم النسور.

٦٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ) متكئون الأرائك السرر عليها الحجال

__________________

(١) جمع الهلال.

٣٨٩

٦٧ ـ حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن اسحق عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر حديثا طويلا يذكر فيه حال المؤمن إذا دخل الجنة : فاذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا ، فاذا استقرت بولي الله منازله في الجنة استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله إياه ، فيقول له خدام المؤمن ووصفاؤه : مكانك فان ولى الله قد اتكى على أرائكه فزوجته الحوراء العيناء قد هيئت فاصبر لولى الله حتى يفرغ من شغله ، قال : فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة وحولها وصفائها تحجبنها ، عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد صبغن بمسك وعنبر ، وعلى رأسها تاج الكرامة ، وفي رجلها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت واللؤلؤ ، شراكهما ياقوت أحمر ، فاذا دنت من ولى الله وهم يقوم إليها شوقا تقول له : يا ولى الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب ، لا تقم ، انا لك وأنت لي ، فيعتنقان قدر خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله ، قال : فينظر الى عنقها فاذا عليها قلادة من قضيب ياقوت أحمر ، وسطها لوح مكتوب : أنت يا ولى الله حبيبي وانا الحوراء حبيبتك إليك تتأهب نفسي والى تتأهب نفسك ، ثم يبعث الله ألف ملك يهنونه بالجنة ويزوجونه بالحوراء.

٦٨ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق المدني عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونقل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله حديثا طويلا يقول فيه حاكيا حال أهل الجنة : والمؤمن ساعة مع الحوراء ، وساعة مع الادمية ، وساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئا ينظر بعض المؤمنين الى بعض.

٦٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) قال : السلام منه هو الامان ، وقوله : (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) قال : إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق فينادون : يا رب حاسبنا ولو الى النار ، قال : فيبعث الله عزوجل رياحا فتضرب بينهم وينادى مناد : (امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) فيميز بينهم فصار المجرمون في النار ومن كان في قلبه الايمان صار الى الجنة.

٣٩٠

قال عز من قائل (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) الآية.

٧٠ ـ في كتاب الاعتقادات الامامية للصدوق رحمه‌الله وقال عليه‌السلام : من أصغى الى ناطق فقد عبده ، فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله ، وان كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس.

٧١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبى عبد الله عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه‌السلام بعد ان قال ان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها ، وقال فيها شهدت الأيدي والأرجل على أنفسهما وعلى أربابهما من تضييعهما لما أمر الله عزوجل وفرضه عليهما (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين وعلى الرجلين وهو عملهما وهو من الايمان.

٧٢ ـ على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبى جعفر عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه‌السلام : وليست تشهد الجوارح على مؤمن انما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عزوجل : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).

٧٣ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية رضى الله عنه : وقال الله عزوجل : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) فأخبر عنها انها تشهد على صاحبها يوم القيامة.

٧٤ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام عن جده قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة يصف هول يوم القيامة : ختم على الأفواه فلا نكلم وتكلمت الأيدى وشهدت الا رجل ونطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا.

٧٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) الى قوله تعالى : (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) قال : إذا جمع الله عزوجل الخلق يوم القيامة

٣٩١

دفع الى كل إنسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا فتشهد عليهم الملائكة فيقولون : يا رب ملائكتك يشهدون لك ثم يحلفون أنهم لم يعملوا من ذلك شيئا وهو قول الله عزوجل : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) فاذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم وتنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون.

٧٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وقوله : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) قال : ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة. يكفر أهل المعاصي بعضهم ببعض ، ويلعن بعضهم بعضا والكفر في هذه الآية بالبراءة يقول يتبرأ بعضهم من بعض ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) وقول إبراهيم خليل الرحمان : «كفرنا بكم يعنى تبرأنا منكم ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيه فيقولون : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) وهؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد فلم ينفعهم ايمانهم مع مخالفتهم رسله ، وشكهم فيما أتوا به من ربهم ، ونقضهم عهوده في أوصيائه ، واستبدالهم (الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) ، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) فيختم الله على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود ، فتشهد بكل معصية كانت منه ، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ).

٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) فانه رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد ويقولون ان الرجل إذا نكح المرأة وصارت النطفة في رحمها تلقيه الاشكال من الغذاء ودار عليه الفلك ، ومر عليه الليل والنهار [فيولد الإنسان بالطبايع من الغذاء ومرور الليل والنهار] فنقض الله عزوجل عليهم قولهم في حرف واحد فقال جل ذكره : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) قال : لو كان هذا كما يقولون لكان ينبغي ان يزيد الإنسان أبدا ما دامت الاشكال قائمة والليل والنهار قائمان والفلك يدور ، فكيف صار يرجع الى النقصان كلما ازداد في الكبر

٣٩٢

الى حد الطفولية ونقصان السمع والبصر والقوة والعلم والمنطق حتى ينتقص وينتكس في الخلق ، ولكن ذلك من خلق العزيز العليم وتقديره ، وقوله عزوجل : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) قال : كانت قريش تقول ان هذا الذي يقوله محمد شعر ، فرد الله عزوجل عليهم فقال : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) ولم يقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شعرا قط.

٧٨ ـ في مجمع البيان روى عن الحسن ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتمثل بهذا البيت «كفي الإسلام والشيب للمرء ناهيا» فقال له أبو بكر : يا رسول الله انما قال : «كفي الشيب والإسلام للمرء ناهيا» وأشهد انك رسول الله وما علمك الله الشعر وما ينبغي لك.

٧٩ ـ وعن عائشة انها قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتمثل ببيت أخي بنى قيس : ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا* ويأتيك بالاخبار من لم تزود فجعل يقول : «وما يأتيك من لم تزود بالاخبار» فيقول ابو بكر : ليس هكذا يا رسول الله فيقول : انى لست بشاعر وما ينبغي لي ، فأما قوله عليه‌السلام.

انا النبي لا كذب* انا ابن عبد المطلب فقد قال : قوم ان هذا ليس بشعر ، وقال آخرون : انما هو اتفاق منه وليس يقصد الى قول الشعر ، وقد صح انه عليه‌السلام كان يسمعه ويحث عليه ، وقال للحسان بن ثابت : لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك.

٨٠ ـ في أصول الكافي ـ على بن محمد عن صالح بن أبى حماد عن الحسين بن زيد عن الحسن بن على بن أبى حمزة عن إبراهيم عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وقال الله عزوجل : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) فالحي المؤمن الذي تخرج طينته من طينة الكافر ، والميت الذي يخرج من الحي هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن ، فالحي المؤمن ، والميت الكافر ، وذلك قوله عزوجل : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر ، وكان حيوته حين فرق الله عزوجل بينهما بكلمته ، كذلك يخرج الله جل وعز المؤمن في

٣٩٣

الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها الى النور ، ويخرج الكافر من النور الى الظلمة بعد دخوله الى النور ، وذلك قوله عزوجل : (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ)

٨١ ـ في مجمع البيان ويجوز ان يكون المراد بمن كان حيا عاقلا وروى ذلك عن علىعليه‌السلام.

٨٢ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام باسناده الى جابر بن راشد عن أبى عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : بينما هو في سفر إذ نظر الى رجل عليه كآبة وحزن ، فقال له : ما لك؟ قال : دابتي حرون (١) قال : ويحك اقرء هذه الآية في أذنه (وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ)

٨٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم في رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) يقول : لا تستطيع الآلهة لهم نصرا وهم للآلهة جند محضرون.

٨٤ ـ في تفسير العياشي عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : جاء أبى بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط ففته ثم قال : يا محمد (إِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً) فأنزل الله (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ).

٨٥ ـ في من لا يحضره الفقيه حديث طويل وفيه قالوا وقد رممت يا رسول الله يعنون صرت رميما؟ فقال : كلا ان الله عزوجل حرم لحومنا على الأرض أن تطعم منها شيئا.

٨٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : ان الله عزوجل حرم عظامنا على الأرض وحرم لحومنا على الدواب ان تطعم منها شيئا.

٨٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله في احتجاج أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : قال السائل : أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟ قال : بل هو باق الى وقت ينفخ في الصور ، فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى فلا حس ولا محسوس ، ثم أعيدت الأشياء كما بدأها مدبرها ، وذلك أربع مأة سنة يسبت فيها الخلق وذلك بين ـ النفختين ، قال : وانى له بالبعث والبدن قد بلى والأعضاء قد تفرقت فعضو ببلدة يأكله

__________________

(١) الحرون : الذي لا ينقاد.

٣٩٤

سباعها ، وعضو بأخرى تمزقة هو أمها ، وعضو قد صار ترابا يبنى به مع الطير في حائط؟ قال : ان الذي انشأه من غير شيء وصوره على غير مثال كان سبق اليه قادر أن يعيده كما بدأه قال : أوضح لي ذلك ، قال : ان الروح مقيمة في مكانها روح المحسن في ضياء وفسحة، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا كما منه خلق ، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها ، فما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ويعلم عدد الأشياء ووزنها ، وان تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب ، فاذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور ، فتربوا الأرض ثم يمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء ، والزبد من اللبن إذا مخض ، فيجتمع تراب كل قالب الى قالبه. فينتقل بإذن الله تعالى القادر الى حيث الروح ، فتعود الصور بإذن الله المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فاذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا.

٨٨ ـ وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين : فان إبراهيم عليه‌السلام قد بهت الذي كفر ببرهان على نبوته؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه مكذب بالبعث بعد الموت وهو أبى بن خلف الجمحي معه عظم نخر ففركه (١) ثم «قال» : يا محمد (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فأنطق الله محمدا بمحكم آياته وبهته ببرهان نبوته ، فقال : (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) فانصرف مبهوتا.

٨٩ ـ وفيه أيضا قال أبو محمد العسكري عليه‌السلام : قال الصادق عليه‌السلام : وأما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه ان يجادل به من جحد البعث بعد الموت وأحياه له فقال حاكيا عنه : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فقال الله في الرد عليه : «قل» يا محمد (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) فأراد من نبيه أن يجادل

__________________

(١) نخر العظم : بلى وتفتت. وفرك الشيء : دلكه وفرك ـ بالتشديد : بالغ في فركه.

٣٩٥

المبطل الذي قال كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم؟ قال : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) أفيعجز من ابتدئ به لا من شيء أن يعيده بعد أن يبلى ، بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته ، ثم قال : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً) أى إذا كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فصرفكم انه على اعادة من بلى أقدر.

٩٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن سعد بن أبى سعيد عن إسحاق ابن جرير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أى شيء يقول أصحابك في قول إبليس (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)؟ قلت : جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله في كتابه ، قال : كذب إبليس يا إسحاق ما خلقه إلا من طين ، ثم قال : قال الله (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) خلقه الله من ذلك النار ومن تلك الشجرة ، والشجرة أصلها من طين.

٩١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله متصل بقوله سابقا انه على إعادة من بلى أقدر ثم قال : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) اى إذا كان خلق السموات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من اعادة البالي ، قال الصادق عليه‌السلام : فهذا الجدال بالتي هي أحسن ، لان فيها قطع عذر الكافرين وازالة شبههم ، واما الجدال بغير التي هي أحسن فان تجحد حقا لا يمكنك ان تفرق بينه وبين باطل من تجادله ، وانما تدفعه عن باطله بأن يجحد الحق ، فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا وجحدت أنت حقا آخر ، قال أبو محمد عليه‌السلام : فقام اليه رجل آخر فقال : يا بن رسول الله أيجادل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال الصادق عليه‌السلام : مهما ظننت برسول الله من شيء فلا تظنن به مخالفة الله تعالى ، أليس الله قال : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) و (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) لمن ضرب الله مثلا ، فتظن ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خالف ما أمرته الله به فلم يجادل ما أمره الله به ، ولم يخبر عن امر الله بما أمره ان يخبر

٣٩٦

به ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٢ ـ وعن يعقوب بن جعفر عن أبى إبراهيم عليه‌السلام أنه قال : ولا أحده بلفظ بشق فم ولكن كما قال الله عزوجل : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) بمشيته من غير تردد في نفس!

٩٣ ـ في نهج البلاغة يقول لما أراد كونه : كن فيكون لا بصوت يقرع ولا نداء يسمع ، وانما كلامه سبحانه فعل منه انشأه ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا ، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا.

٩٤ ـ وفيه أيضا يقول ولا يلفظ ويريد ولا يضمر.

٩٥ ـ وفيه أيضا يريد بلا همة.

٩٦ ـ في كتاب الاهليلجة المنقول عن الصادق عليه الصلوة والسلام ان الارادة من العباد الضمير وما يبد وبعد ذلك من الفعل ، واما من الله عزوجل فالارادة للفعل احداثه انما يقول له كن فيكون بلا تعب ولا كيف.

٩٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري عن الحسين بن سعيد الأهوازي عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : لم يزل الله مريدا؟ قال : ان المريد لا يكون الا المراد معه لم يزل عالما قادرا ، ثم أراد.

٩٨ ـ احمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : أخبرنى عن الارادة من الله ومن الخلق؟ قال : فقال : الارادة من الخلق الضمير وما يبد ولهم بعد ذلك من الفعل واما من الله فإرادته احداثه لا غير ذلك لأنه لا يروى ولا يهم ولا يتفكر وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق ، فارادة الله الفعل لا غير ذلك (يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) بلا لفظ ولا نطق بلسان ، ولا همة ولا تفكر ، ولا كيف لذلك كما أنه لا كيف له.

٩٩ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد كلام الرضا عليه‌السلام مع عمران يقول فيه : واعلم أن الإبداع والمشية والارادة

٣٩٧

واحدة ، وأسماءها ثلاثة ، وكان أول ابداعه وإرادته ومشيته الحروف التي جعلها أصلا لكل شيء ، ودليلا على كل مدرك ، وفاصلا لكل مشكل ، وتلك الحروف تعرف كل شيء من اسم حق وباطل ، أو فعل أو مفعول ، أو معنى أو غير معنى ، وعليها اجتمعت الأمور كلها ، ولم يجعل للحروف في ابداعه لها معنى غير أنفسها يتناهى ولا وجود لها لأنها مبدعة بالإبداع ، والنور في هذا الموضع أول فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض ، والحروف هي المفعول بذلك الفعل ، وهي الحروف التي عليها الكلام والعبارات كلها من الله عزوجل علمها خلقه وهي ثلاثة وثلاثون حرفا ، فمنها ثمانية وعشرون حرفا تدل على لغات العربية ، ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا تدل على لغات السريانية والعبرانية ، ومنها خمسة أحرف متحرفة في ساير اللغات من العجم الأقاليم اللغات كلها (١) وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية والعشرين حرفا من اللغات ، فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفا ، وأما الخمسة المختلفة «فتجحخ» (٢) لا يجوز ذكرها أكثر مما ذكرناه ، ثم جعل الحروف بعد إحصائها وأحكام عدتها فعلا منه كقوله عزوجل «كن فيكون» وكن منه صنع وما يكون به المصنوع ، فالخلق الاول من الله عزوجل : الإبداع ، لا وزن له ولا حركة ولا سمع ولا لون ولا حس ، والخلق الثاني حروف لا وزن لها ولا لون ، وهي مسموعة موصوفة غير منظور إليها ، والخلق الثالث ما كان من الأنواع كلها محسوسا ملموسا ذا ذوق منظورا اليه ، والله تبارك وتعالى سابق بالإبداع لأنه ليس قبله عزوجل ولا كان معه شيء ، والإبداع سابق للحروف والحروف لا تدل على غير نفسها ، قال المأمون : كيف لا تدل على غير نفسها؟ قال الرضا عليه‌السلام لان الله تبارك وتعالى لا يجمع منها شيئا بغير معنى أبدا فاذا ألف منها أحرفا أربعة أو خمسة أو ستة أو أكثر من ذلك أو أقل

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «من العجم والأقاليم واللغات كلها».

(٢) والمراد بها الفاء ، والتاء ، والجيم ، والحاء المهملة ، والخاء المعجمة ، وقد اختلفت النسخ في ضبط هذه الكلمة وقال المجلسي (ره) : الظاهر ان العبارة قد صحفت ولم تكن بهذه الصورة.

٣٩٨

لم يؤلفها لغير معنى. ولم يك الا لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئا ، قال عمران : فكيف لنا بمعرفة ذلك؟ قال الرضا عليه‌السلام : اما المعرفة فوجه ذلك وبيانه انك تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير نفسها ، ذكرتها فردا [فقلت] أب ت ث ج ح خ حتى تأتى على آخرها ، فلم تجد لها غير أنفسها وإذا ألفت وجمعت منها وجعلتها اسما وصفة لمعنى ما طلبت ووجه ما عنيت كانت دليلة على معانيها ، داعية الى الموصوف بها ، أفهمته؟ قال : نعم.

١٠٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال عزوجل : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الى قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) قال : خزائنه في كاف والنون.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قرء سورة الصافات في كل يوم جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة مدفوعا عنه كل بلية في الحيوة الدنيا مرزوقا في الدنيا في أوسع ما يكون من الرزق ، ولم يصبه الله في ماله وولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم ، ولا من جبار عنيد ، وان مات في يومه أو ليلته بعثه الله شهيدا وأماته شهيدا ، وأدخله الجنة مع الشهداء في درجة من الجنة.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن قرء سورة الصافات أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد كل جنى وشيطان ، وتباعدت عنه مردة الشياطين ، وبرىء من الشرك ، وشهد له حافظاه يوم القيامة انه كان مؤمنا بالمرسلين.

٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن سليمان الجعفري قال : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام يقول لابنه القاسم : قم فأقرأ عند رأس أخيك (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) حتى تستتمها ، فقرأه فلما بلغ (أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا) قضى الفتى ، فلما سجي (١) وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر ، فقال له : كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ

__________________

(١) قال في الصحاح : سجيت الميت تسجية : إذا مددت عليه ثوبا.

٣٩٩

عنده (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) فصرت تأمرنا بالصافات؟ فقال : يا بنى لم تقرأ عند (١) مكروب من موت قط الا عجل الله راحته.

٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم والصافات صفا قال : الملائكة والأنبياء عليهم‌السلام ، ومن وصف الله عزوجل عبده فالزاجرات زجرا الذين يزجرون الناس فالتاليات ذكرا الذين يقرؤن الكتاب من الناس فهو قسم وجوابه (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ)

٥ ـ قال : وحدثني أبي ويعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ان هذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المداين التي في الأرض مربوطة كل بعمود من نور ، طول ذلك العمود في السماء مسيرة مأتين وخمسين سنة.

٦ ـ وقوله عزوجل (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) : المارد الخبيث.

٧ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : عذاب واصب اى دائم موجع قد وصل الى قلوبهم.

٨ ـ وفيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال : فصعد جبرئيل وصعدت معه الى سماء الدنيا ، وعليها ملك يقال له اسمعيل ، وهو صاحب الخطفة التي قال الله عزوجل : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) وتحته سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك ، فقال : يا جبرئيل من هذا معك؟ قال : محمد ، قال وقد بعث؟ قال : نعم ، ففتح الباب فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي ، وقال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

٩ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن عن النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله خلق المؤمن من طينة الجنة ، وخلق الكافر من طينة النار ، قال : وسمعته يقول : الطينات ثلاثة : طينة الأنبياء ، والمؤمن من تلك الطينة ، الا أن الأنبياء هم من صفوتها هم الأصل ولهم فضلهم ،

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «عبد» مكان «عند».

٤٠٠