تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

٧٤ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن عبد المؤمن عن سالم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) قال : السابق بالخيرات الامام ، والمقتصد العارف للإمام ، والظالم لنفسه الذي لا يعرف الامام.

٧٥ ـ الحسين عن المعلى عن الوشا عن عبد الكريم عن سليمان بن خالد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فقال : اى شيء تقولون أنتم؟ قلت : نقول انها في الفاطميين قال : ليس حيث تذهب ، ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه ودعا الناس الى خلاف فقلت : الى شيء الظالم لنفسه؟ قال : الجالس في بيته لا يعرف الامام والمقتصد العارف بحق الامام والسابق بالخيرات الامام.

٧٦ ـ الحسين بن محمد عن معلى عن الحسين عن أحمد بن عمر قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) الآية قال : فقال : ولد فاطمة عليها‌السلام «والسابق بالخيرات» الامام و «المقتصد» العارف بالإمام «والظالم لنفسه» الذي لا يعرف الامام.

٧٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن أبى زاهر أو غيره عن محمد بن حماد عن أخيه أحمد بن حماد عن إبراهيم عن أبى الحسن الاول عليه‌السلام انه قال : وقد أورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وان في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر الا ان يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون ، جعله الله لنا في أم الكتاب ان الله يقول : (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ثم قال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فنحن الذين اصطفانا الله عزوجل ، وأورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شيء.

٧٨ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن الحسن بن على بن فضال عن حميد بن المثنى عن أبى سلام المرعش عن سورة بن كليب قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله

٣٦١

تبارك وتعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) قال : السابق بالخيرات الامام.

٧٩ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن ميسر عن سورة بن كليب عن أبى جعفر عليه‌السلام قال في هذه الآية : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) الى آخر الآية قال : السابق بالخيرات الامام فهي في ولد على وفاطمة عليهما‌السلام.

٨٠ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله نقلا عن كتاب محمد بن العباس بن مروان باسناده الى أبى إسحاق السبيعي قال : خرجت حاجا فلقيت محمد بن على فسألته عن الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ) (ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) فقال : ما يقول فيها قومك يا أبا اسحق؟ يعنى أهل الكوفة ـ قال : قلت : يقولون انها لهم ، قال : فما يخوفهم إذا كانوا في الجنة؟ قال : فما تقول أنت جعلت فداك؟ فقال : هي لنا خاصة ، يا أبا اسحق أما السابق بالخيرات فعلى بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منا والمقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، واما الظالم لنفسه ففيه ما في الناس وهو مغفور له.

٨١ ـ وفيه أيضا يقول على بن موسى بن طاووس : وجدت كثيرا من الاخبار وقد ذكرت بعضها في كتاب البهجة لثمرة المهجة (١) متضمنة ان قوله جلاله : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) ان المراد بهذه الآية جميع ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وان الظالم لنفسه هو الجاهل بإمام زمانه ، والمقتصد هو العارف به ، والسابق بالخيرات هو امام الوقت صلوات عليه ، فممن روينا ذلك عنه الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه من كتاب الفرق باسناده الى الصادق صلوات الله عليه ورويناه من كتاب الواحد لابن جمهور فيما رواه عن أبى محمد الحسن بن على العسكري صلوات الله عليه ، ورويناه من كتاب الدلائل

__________________

(١) كذا في النسخ والظاهر انه مصحف «كشف المحجة لثمرة المهجة» وهو المطبوع أخيرا بالغري على ساكنها آلاف التحية والثناء.

٣٦٢

لعبد الله بن جعفر الحميري عن مولانا الحسن العسكري سلام الله عليه ، ورويناه من كتاب محمد بن على بن رباح باسناده الى الصادق صلوات الله عليه ، ورويناه من كتاب محمد بن مسعود بن عياش في تفسير القرآن ، ورويناه من الجامع الصغير ليونس بن عبد الرحمن ورويناه من كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري ، ورويناه من كتاب إبراهيم الخزاز وغيرهم رضوان الله عليهم ممن لم يحضرني ذكر اسمائهم والاشارة إليهم.

٨٢ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا أبو جعفر محمد بن على بن نصر البخاري المقري قال : حدثنا أبو عبد الله الكوفي العلوي الفقيه بفرغانه بإسناد متصل الى الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام انه سئل عن قول الله عزوجل (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) فقال : الظالم يحوم حوم نفسه ، والمقتصد يحوم حوم قلبه ، والسابق بالخيرات يحوم حوم ربه عزوجل.

٨٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن القطان قال : حدثنا الحسن بن على أعنى ابن السكرى قال : أخبرنا محمد بن زكريا الجوهري قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) فقال : الظالم منا من لا يعرف حق الامام ، والمقتصد العارف بحق الامام ، والسابق بالخيرات بإذن الله هو الامام (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) يعنى المقتصد والسابق.

٨٤ ـ حدثنا أبو عبد الله الحسن بن يحيى البجلي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن يحيى عن يعقوب بن يحيى عن أبى حفص عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت جالسا في المسجد الحرام مع أبي جعفر عليه‌السلام إذا أتاه رجلان من أهل البصرة فقالا له : يا ابن رسول الله انا نريد ان نسئلك عن مسألة فقال لهما : سلا عما أحببتما قال : أخبرنا عن قول الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) الى آخر الآيتين قال : نزلت فينا أهل البيت قال أبو حمزة فقلت :

٣٦٣

بأبى أنت وأمي فمن الظالم لنفسه؟ قال : من استوت حسناته وسيئاته منا أهل البيت فهو الظالم لنفسه ، فقلت : المقتصد منكم؟ قال : العابد لله في الحالين حتى يأتيه اليقين فقلت : فمن السابق منكم بالخيرات؟ قال : من دعا والله الى سبيل ربه وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يكن للمضلين عضدا ، ولا للخائنين خصيما ، ولم يرض بحكم الفاسقين الا من خالف على نفسه ودينه ولم يجد أعوانا.

٨٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وعن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن هذه الآية : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) قال : أى شيء تقول؟ قلت : أقول : انها خاصة لولد فاطمة عليها‌السلام ، فقال عليه‌السلام : اما من سل سيفه ودعا الناس الى نفسه الى الضلال من ولد فاطمة وغيرهم فليس بداخل في هذه الآية ، قلت : من يدخل فيها؟ قال : الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس الى ضلال ولا هدى ، والمقتصد منا أهل البيت العارف حق الامام ، والسابق بالخيرات الامام.

٨٦ ـ في الخرائج والجرائح روى عن الحسن بن راشد قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام: يا حسن ان فاطمة لعظمها على الله حرم الله ذريتها على النار ، وفيهم نزلت : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) فاما الظالم لنفسه فالذي لا يعرف الامام. والمقتصد العارف بحق الامام ، والسابق بالخيرات هو الامام ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٧ ـ وفيه أعلام أبى محمد الحسن العسكري عليه‌السلام قال أبو هاشم انه سأله عن قوله: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) قال عليه‌السلام : كلهم من آل محمد ، الظالم لنفسه الذي لا يقر بالإمام ، والمقتصد العارف بالإمام ، والسابق بالخيرات الامام.

٨٨ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) نزلت في حقنا وحق ذرياتنا.

٨٩ ـ وفي رواية عنه وعن أبيه عليهما‌السلام هي لنا خاصة وإيانا عنى.

٩٠ ـ وفي رواية أبى الجارود عن الباقر عليه‌السلام هم آل محمد.

٣٦٤

٩١ ـ في مجمع البيان اختلف في ان الضمير في «منهم» الى من يعود على قولين : أحدهما انه يعود الى العباد ، الى قوله : والثاني ان الضمير يعود الى المصطفين من العباد عن أكثر المفسرين ، ثم اختلف في أحوال الفرق الثلاث على قولين أحدهما ان جميعهم ناج ويؤيد ذلك ما ورد في الحديث عن أبى الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في الآية : أما السابق فيدخل الجنة بغير حساب ، واما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا ، واما الظالم لنفسه فيحبس في المقام ثم يدخل الجنة ، فهم الذين (قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ).

٩٢ ـ وروى أصحابنا عن ميسر بن عبد العزيز عن جعفر الصادق عليه‌السلام الظالم لنفسه منا لا يعرف حق الامام ، والمقتصد منا من يعرف حق الامام ، والسابق بالخيرات هو الامام ، وهؤلاء كلهم مغفور لهم.

٩٣ ـ وعن زياد بن المنذر عن أبى جعفر عليه‌السلام اما الظالم لنفسه منا فمن عمل صالحا وآخر سيئا ، واما المقتصد فهو المتعبد المجتهد ، واما السابق بالخيرات فعلى والحسن والحسين ومن قتل من آل محمد شهيدا.

٩٤ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة باسناده الى الريان بن الصلت قال : حضر الرضا عليه‌السلام مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان ، فقال المأمون : أخبرونى عن معنى هذه الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فقالت العلماء : أراد الله تعالى بذلك الامة كلها ، فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا عليه‌السلام : لا أقول كما قالوا ولكني أقول : أراد الله عزوجل بذلك العترة الطاهرة ، فقال المأمون : وكيف عنى العترة من دون الامة؟ فقال الرضا عليه‌السلام : انه لو أراد الامة لكانت بأجمعها في الجنة لقول الله عزوجل:(فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) الآية فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم.

٩٥ ـ في كتاب معاني الاخبار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها)

٣٦٥

يعنى المقتصد والسابق ، الحديث وقد سبق قريبا.

٩٦ ـ في كتاب الخصال في احتجاج على عليه‌السلام على الناس يوم الشورى قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سره أن يحيى حيوتى ويموت مماتي ويسكن جنتي التي وعدني الله ربي جنات عدن قضيب غرسه الله بيده ثم قال له كن فكان ، فليوال على بن أبي طالب وذريته من بعده ، فهم الائمة وهم الأوصياء أعطاهم الله علمي وفهمي لا يدخلونكم في باب ضلال ولا يخرجونكم من باب هدى ، لا تعلموهم فهم أعلم منكم ، يزول الحق معهم أينما زالوا غيري؟ قالوا : اللهم لا.

٩٧ ـ وعن على عليه‌السلام وقد سأله بعض اليهود عن مسائل قال اليهودي : فأين يسكن نبيكم من الجنة؟ قال : في أعلاها درجة وأشرفها مكانا في جنات عدن ، قال : صدقت والله انه لبخط هارون وإملاء موسى.

٩٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن اسحق عن أبى جعفر عليه‌السلام انه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخل المؤمن في منازله في الجنة وضع على رأسه تاج الملك والكرامة ، والبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر منظوما في الإكليل تحت التاج والبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر ، وذلك قوله : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) وفي روضة الكافي مثله سندا ومتنا.

٩٩ ـ في مجمع البيان ورد في الحديث عن أبى الدرداء قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في الآية : اما السابق فيدخل الجنة بغير حساب ، واما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا ، واما الظالم لنفسه فيحبس في المقام ثم يدخل الجنة ، فهم الذين قالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن (١).

١٠٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) قال : النصب العنا ، واللغوب الكسل والضجر.

__________________

(١) وقد مر الحديث بعينه تحت رقم ٩٢ ووجه التكرار كأنه من جهة ما فاله صلى‌الله‌عليه‌وآله في تفسير قوله تعالى (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ).

٣٦٦

١٠١ ـ وفيه في الحديث المنقول سابقا متصل بآخر ما نقلنا لفظة حرير آخر الآية بلا فصل قال : فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة وحولها وصفاءها (١) يحجبنها عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد صبغن بمسك وعنبر ، وعلى رأسها تاج الكرامة ، وفي رجلها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت واللؤلؤ شراكهما ياقوت أحمر ، فاذا دنت من ولى الله وهم يقوم إليها شوقا تقول له : يا ولى الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب ، ولا تقم انا لك وأنت لي وفي روضة الكافي مثله كذلك.

١٠٢ ـ في نهج البلاغة وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار أبدا ، وصان أجسادهم ان تلقى لغوبا ونصبا.

١٠٣ ـ في من لا يحضره الفقيه باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ومن مات يوم الأربعاء من المؤمنين وقاه الله بخس يوم القيامة وأسعده بمجاورته ، وأحله دار المقامة من فضله ، لا يمسه فيها نصب ولا يمسه فيها لغوب.

١٠٤ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله من مختصر تفسير محمد بن العباس بن مروان باسناده الى جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يذكر فيه ما أعد الله لمحبي على يوم القيامة ، وفيه : فاذا دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنئونهم بكرامة وبهم حتى إذا استقروا قرارهم قيل لهم : (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) ربنا رضينا فارض عنا ، قال : برضاي عنكم وبحبكم أهل بيت نبيي حللتم داري وصافحتم الملائكة ، فهنيئا هنيئا عطاء غير مجذوذ ، ليس فيه تنغيص ، فعندها (قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ).

وفي هذا الحديث : ان محبي على عليه‌السلام يقولون لله عزوجل إذا دخلوا الجنة : فائذن لنا بالسجود قال لهم ربهم عزوجل : انى قد وضعت عنكم مؤنة العبادة وأرحت لكم أبدانكم ، فطالما أنصبتم في الأبدان وعنيتم لي الوجوه فالان أفضيتم الى روحي ورحمتي.

__________________

(١) الوصفاء جمع الوصيفة : الجارية.

٣٦٧

١٠٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسنعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قلت : جعلت فداك بقيت مسئلة قال : هات ، لله أبوك قلت : يعلم القديم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال : ويحك ان مسائلك لصعبة اما سمعت الله يقول : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وقوله : (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) وقال يحكى قول أهل النار : ارجعنا (١) نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل وقال : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) فقد علم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون.

١٠٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل عن قول الله عزوجل : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) قال : توبيخ لابن ثمانية عشر سنة.

١٠٧ ـ في نهج البلاغة وقال عليه‌السلام : العمر الذي أعذر الله فيه الى ابن آدم ستون سنة.

١٠٨ ـ في مجمع البيان (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) اختلف في هذا المقدار فقيل : هو ستون سنة ، وهو المروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

١٠٩ ـ وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مرفوعا انه قال : من عمره الله ستين سنة فقد أعذر اليه.

١١٠ ـ وقيل هو توبيخ لابن ثماني عشر سنة ، وروى ذلك عن الباقر عليه‌السلام (٢).

١١١ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام : يا على أمان لامتى من الهدم (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) وروى العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام عن أبيه قال : لم يقل أحد إذا أراد ان ينام : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) فيسقط عليه البيت.

١١٢ ـ في أصول الكافي أخبرنا ابو جعفر محمد بن يعقوب قال : حدثني

__________________

(١) وفي المصحف الشريف (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً) ... اه».

(٢) وفي نسخة بعد قوله «الباقر عليه‌السلام» هكذا : «وفي نسخة عن الصادق مكان الباقر عليهما‌السلام».

٣٦٨

على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الحسن بن إبراهيم عن يونس بن عبد الرحمان عن على بن منصور عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال لبعض الزنادقة : يا أخا أهل مصر ان الذي تذهبون اليه وتظنون انه الدهر ان كان الدهر يذهب بهم لم لا يردهم وان كان يزدهم لم لا يذهب بهم القوم مضطرون يا أخا أهل مصر ، السماء مرفوعة والأرض موضوعة ، لم لا ينحدر السماء على الأرض ، لم لا ينحدر الأرض فوق طباقها ، ولا يتماسكان ولا يتماسك من عليها قال الزنديق : أمسكهما الله ربهما وسيدهما ، قال : فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله عليه‌السلام.

١١٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي رفعه قال : جاء الجاثليق أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له : أخبرنى عن الله عزوجل يحمل العرش أم العرش يحمله؟ فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الله عزوجل حامل العرش والسموات وما فيهما وما بينهما وذلك قول الله : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١١٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبي إبراهيم بن أبى محمود عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه : بنا يمسك الله السموات والأرض ان تزولا.

١١٥ ـ وباسناده الى أبى حمزة الثمالي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : أيبقى الأرض بغير امام؟ قال : لو بقيت الأرض بغير امام ساعة لساخت.

١١٦ ـ وباسناده الى محمد بن الفضيل عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قلت له : أتبقى الأرض بغير امام؟ فقال : لا ، قلت : فانا نروى عن أبى عبد الله عليه‌السلام انها لا تبقى بغير امام الا ان يسخط الله على أهل الأرض أو على العباد فقال : لو تبقى إذا لساخت.

١١٧ ـ وباسناده الى أحمد بن عمر الحلال قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : انا روينا عن أبى عبد الله عليه‌السلام ان الأرض لا تبقى بغير امام أو تبقى ولا امام فيها؟ فقال : معاذ الله لا تبقى ساعة إذا لساخت.

١١٨ ـ وبإسناد له آخر الى أحمد بن عمر قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام : أتبقى الأرض بغير امام؟ فقال : لا ، فقلت : فانا نروى انها لا تبقى الا أن يسخط على العباد فقال :

٣٦٩

لا تبقى إذا لساخت.

١١٩ ـ وباسناده الى عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول لو بقيت الأرض يوما بلا امام منا لساخت بأهلها ، ولعذبهم الله بأشد عذابه ان الله تبارك وتعالى جعلنا حجة في أرضه وأمانا في الأرض لأهل الأرض ، لن يزالوا في أمان من أن تسيخ بهم الأرض ما دمنا بين أظهرهم فاذا أراد الله ان يهلكهم ثم لا يمهلهم ولا ينظرهم ذهب بنا من بينهم ، ورفعنا اليه ثم يفعل الله ما شاء وأحب.

١٢٠ ـ وباسناده الى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه : ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها.

١٢١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في كتابه الذي كتبه الى شيعته يذكر فيه خروج عائشة الى البصرة وعظم خطاء طلحة والزبير فقال : وأى خطاء أعظم مما أتيا؟ أخرجا زوجة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بيتها وكشفا عنها حجابا ستره الله عليها ، وصانا حلائلهما في بيوتهما ما أنصفا لا لله ولا لرسوله من أنفسهما ثلاث خصال ، مرجعها على الناس في كتاب الله عزوجل : البغي والمكر والنكث قال الله عزوجل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) وقال : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) وقال : ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله وقد بغيا علينا ونكثا بيعتي ومكر أبي وقوله عزوجل : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) قال : أو لم ينظروا في القرآن وفي اخبار رجعة الأمم الهالكة.

١٢٢ ـ قال : وحدثني أبى عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سبق العلم وجف القلم ومضى القضاء وتم القدر بتحقيق الكتاب وتصديق الرسل وبالسعادة من الله لمن آمن واتقى وبالشقاء لمن كذب وكفر بالولاية من الله عزوجل للمؤمنين وبالبرائة منه للمشركين : ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله عزوجل يقول : يا ابن آدم! بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد ، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي

٣٧٠

وبقوتي وعصمتي وعافيتي أديت الى فرائضي وانا اولى بحسناتك منك ، وأنت اولى بذنبك منى ، الخير منى إليك واصل بما أوليتك به ، والشر منك إليك بما جنيت جزاء ، وبكثير من تسلطي لك انطويت على طاعتي ، وبسوء ظنك بى قنطت من رحمتي فلي الحمد والحجة عليك بالبيان ، ولي السبيل عليك بالعصيان ولك الجزاء الحسن عندي بالإحسان ، لم ادع تحذيرك ولم آخذك عند غرتك ، وهو قوله عزوجل : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) لم أكلفك فوق طاقتك ولم أحملك من الامانة الا ما أقررت بها على نفسك ورضيت لنفسي منك ما رضيت به لنفسك منى ، ثم قال عزوجل : (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) (١)

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان لكل شيء قلبا وان قلب القرآن يس ، ومن قرأها قبل ان ينام أو في نهاره قبل ان يمسى كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسى ، ومن قرأها في ليلة قبل ان ينام وكل الله به ألف ملك يحفظونه من شر كل شيطان رجيم ومن كل آفة ، وان مات في يومه ادخله الله الجنة وحضر غسله ثلاثون الف ملك كلهم يستغفرون له ويشيعونه الى قبره بالاستغفار ، فاذا دخل في لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله وثواب عبادتهم له ، وفسح له في قبره مد بصره ، وأومن من ضغطة القبر ، ولم يزل له في قبره نور ساطع

__________________

(١) هذا آخر الجزء الثالث حسب تجزئة المؤلف (ره) وهذا صورة خطه (ره) على ما في بعض النسخ : «تم الجزء الثالث من التفسير المسمى بنور الثقلين على يد مؤلفه العبد الجاني الفقير المقر بالعجز والتقصير المحتاج الى رحمة ربه الغنى عبد على بن جمعة الحويزي مولدا والعروسى نسبا وكان الفراغ منه اليوم الخامس والعشرين من شهر الله المبارك أحد شهور العام الحادي والسبعين بعد الالف من هجرة سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وآله أجمعين».

٣٧١

الى عنان السماء الى ان يخرجه الله من قبره فاذا أخرجه لم يزل ملائكة الله يشيعونه ويحدثونه ويضحكون في وجهه ، ويبشرونه بكل خير حتى يجوزونه على الصراط والميزان ، ويوقفونه من الله موقفا لا يكون عند الله خلق أقرب منه الا ملائكة الله المقربون وأنبيائه المرسلون ، وهو مع النبيين واقف بين يدي الله لا يحزن مع من يحزن ولا يهتم مع من يهتم (١) ولا يجزع مع من يجزع ، ثم يقول له الرب تبارك وتعالى : اشفع عبدي أشفعك في جميع ما تشفع ، وسلني أعطك عبدي جميع ما تسأل ، فيسأل فيعطى ، ويشفع فيشفع ، ولا يحاسب ولا يوقف مع من يوقف ، ولا يزل مع من يزل ، ولا يكتب بخطيئته ولا بشيء من سوء عمله ، ويعطى كتابه منشورا حتى يهبط من عند الله ، فيقول الناس بأجمعهم : سبحان الله ما كان لهذا العبد من خطيئة واحدة ، ويكون من رفقاء محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢ ـ وباسناده عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : من قرء يس في عمره مرة واحدة كتب الله له بكل خلق في الدنيا وبكل خلق في الآخرة وفي السماء بكل واحد ألف ألف حسنة ومحى عنه مثل ذلك ، ولم يصبه فقر ولا غرم (٢) ولا هدم ولا نصب ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا داء يضره ، وخفف الله عنه سكرات الموت وأهو اله ، وولى قبض روحه وكان ممن يضمن الله له السعة في معيشته والفرح عند لقائه ، والرضا بالثواب في آخرته ، وقال الله لملائكته أجمعين من في السموات ومن في الأرض : قد رضيت عن فلان فاستغفروا له.

٣ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرء سورة يس يريد بها الله عزوجل غفر الله له وأعطى من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتى عشرة مرة وأيما مريض قرأ عنده سورة يس نزل عليه بعدد كل حرف منها عشرة أملاك ، يقومون بين يديه صفوفا ويستغفرون له ويشهدون قبضه ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه ، وأيما مريض قرأها وهو في سكرات الموت أو قربت عنده جائه رضوان خازن الجنان بشربة من شراب الجنة ، فسقاه إياه وهو على فراشه ، فيشرب فيموت

__________________

(١) وفي المصدر «ولا يهم مع من يهم».

(٢) الغرم : الدين.

٣٧٢

ريان ، ويبعث ريان ، ولا يحتاج الى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان.

٤ ـ أبو بكر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : سورة يس تدعى في التورية المعمة قيل : وما المعمة؟ قال : تعم صاحبها في خير الدنيا والاخرة وتكابد عنه (١) بلوى الدنيا وترفع عنه أهاويل الآخرة ، وتدعى المدافعة القاضية ، تدفع عن صاحبها كل شر وتقضى له كل حاجة ، ومن قرأها عدلت له عشرين حجة ، ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله ، ومن كتبها ثم شربها ادخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين والف بركة وألف رحمة ، ونزعت منه كل داء وغل.

٥ ـ أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان لكل شيء قلبا وقلب القرآن يس

٦ ـ وعنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات.

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : والذي بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شيء يطلبونه من حرز ، من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها (٢) أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن ، فمن أراد ذلك فليسألني عنه ، قال : فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن الضالة؟ فقال : اقرء يس في ركعتين وقل : يا هادي الضالة رد على ضالتي ، ففعل فرد الله عليه ضالته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨ ـ أبو على الأشعري وغيره عن الحسن بن على الكوفي عن عثمان بن عيسى عن سعيد بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : سليم مولاك ذكر أنه ليس معه من القرآن الا سورة يس فيقوم من الليل فينفد ما معه من القرآن أيعيد ما قرأ؟ قال : نعم لا بأس.

__________________

(١) كابد الأمر : قاساه وتحمل المشاق في فعله.

(٢) الإفلات والانفلات : التخلص من الشيء فجأة من غير تمكث.

٣٧٣

٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدثنا المظفر بن حمزة العلوي رضى الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال : حدثنا أبو القاسم قال : كتبت من كتاب أحمد الدهقان عن القاسم بن حمزة عن محمد بن أبى عمير قال : أخبرنى أبو إسماعيل السراج عن خيثمة الجعفي قال : حدثني أبو لبيد المخزومي قال : ذكر أبو جعفر عليه‌السلام أسماء الخلفاء الاثنى عشر الراشدين صلوات الله عليهم فلما بلغ آخرهم قال : الثاني عشر الذي يصلى عيسى بن مريم عليه‌السلام خلفه عند سنة يس والقرآن الحكيم.

١٠ ـ في كتاب الخصال عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة أسماء ، خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن ، فأما التي في القرآن فمحمد وأحمد وعبد الله ويس ون.

١١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه: فأما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كتاب الله فهو قول الله سبحانه: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ولهذه الآية ظاهر وباطن ، فالظاهر قوله (صَلُّوا عَلَيْهِ) والباطن قوله : (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اى سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم فضله ، وما عهد به اليه تسليما ، وهذا ما أخبرتك انه لا يعلم تأويله الا من لطف حسه ، وصفا ذهنه وصح تميزه ، وكذلك قوله : «سلام على آل ياسين» لان الله سمى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الاسم ، حيث قال : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) لعلمه انهم يسقطون سلام على آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله كما أسقطوا غيره.

١٢ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده الى على عليه‌السلام في قوله عزوجل : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن آل محمد.

١٣ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى عن صفوان رفعه الى أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام قال : هذا محمد أذن لهم في التسمية فمن أذن له في يس؟ يعنى التسمية وهو اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٧٤

١٤ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه كلام له عليه‌السلام سبق في الأحزاب.

عند قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) الآية وفي أثناء ذلك ، قال المأمون : فهل عندك في الاول شيء أوضح من هذا في القرآن؟ قال أبو الحسن : نعم أخبرونى عن قول الله تعالى : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فمن عنى بقوله : يس؟ قالت العلماء : يس محمد عليه‌السلام لم يشك فيه أحد ، قال أبو الحسن عليه‌السلام : فان الله عزوجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه الا من عقله ، وذلك ان الله عزوجل لم يسلم على أحد الا على الأنبياء صلوات الله عليهم ، فقال تبارك وتعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) وقال : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) وقال: (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) ولم يقل سلام على آل نوح ، ولم يقل سلام على آل إبراهيم ، ولم يقل سلام على آل موسى وهارون ، وقال : سلام على آل يس يعنى آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال المأمون : قد علمت ان في معدن النبوة شرح هذا وبيانه.

١٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) قال الصادق عليه‌السلام : يس اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والدليل على ذلك قوله تعالى : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال : على طريق واضح (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) قال : القرآن.

١٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسين بن عبد الرحمان عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قوله : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ) قال : لتنذر القوم الذين أنت فيهم كما انذر آبائهم فهم غافلون عن الله وعن رسوله وعن وعيده (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ) ممن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين والائمة من بعده فهم لا يؤمنون بامامة أمير المؤمنين والأوصياء من بعده ، فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) في نار جهنم ثم قال : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) عقوبة منه لهم حين أنكروا

٣٧٥

ولاية أمير المؤمنين والائمة من بعده ، هذا في الدنيا وفي الآخرة في نار جهنم مقمحون.

١٧ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سئل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : وسأله كم حج آدم عليه‌السلام من حجة؟ فقال له : سبعين حجة ماشيا على قدمه ، وأول حجة حجها كان معه الصرد (١) يدله على مواضع الماء وخرج معه من الجنة ، وقد نهى عن أكل الصرد ، والخطاف ، وسأله ما باله لا يمشى؟ قال : لأنه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكى عليه ، ولم يزل يبكى مع آدم عليه‌السلام فمن هناك سكن البيوت ومعه تسع آيات من كتاب الله تعالى مما كان آدم يقرئها في الجنة ، وهي معه الى يوم القيامة ، ثلاث آيات من أول الكهف ، وثلاث آيات من سبحان الذي وهي (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) وثلاث آيات من يس : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا).

١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) الى قوله : «مقمحون» قال : قد رفعوا رؤسهم.

١٩ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله تبارك وتعالى : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) الهدى أخذ الله سمعهم وأبصارهم وقلوبهم وأعمالهم عن الهدى ، نزلت في أبى جهل بن هشام ونفر من أهل بيته وذلك ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قام يصلى وقد حلف أبو جهل لعنه الله لئن رآه يصلى ليدمغه (٢) فجاءه ومعه حجر والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قائم يصلى ، فجعل كلما رفع الحجر ليرميه أثبت الله عزوجل يده الى عنقه ولا يدور الحجر بيده ، فلما رجع الى أصحابه سقط الحجر من يده ، ثم قام رجل آخر وهو رهطه أيضا فقال : أنا أقتله ، فلما دنا منه فجعل يسمع قراءة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فارغب فرجع الى أصحابه فقال : حال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه فخفت أن أتقدم.

__________________

(١) الصرد : طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير. والخطاف : طائر إذا راى ظلمه في الماء أقبل اليه ليتخطفه.

(٢) دمغه : شجه حتى بلغت الشجة دماغه.

٣٧٦

٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان إبراهيم عليه‌السلام حجب عن نمرود بحجب ثلاث؟ قال على عليه‌السلام لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حجب عمن أراد قتله بحجب خمس ، ثلاث بثلاثة واثنان فضل ، فان الله عزوجل وهو يصف محمدا قال : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا) فهذا الحجاب الأول (وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) فهذا الحجاب الثاني (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) فهذا الحجاب الثالث ، ثم قال : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) فهذا الحجاب الرابع ، ثم قال : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) فهذه خمس حجب.

٢١ ـ في تفسير على بن إبراهيم ـ كلام طويل في بيان خروج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من بيته الى الغار وغير ذلك وفيه : وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يفرش له ففرش له فقال لعلى بن أبي طالب صلوات الله عليه افدنى بنفسك قال : نعم يا رسول الله قال : يا على نم على فراشي والتحف ببردتي فنام على عليه‌السلام على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والتحف ببردته وقد جاء جبرئيل عليه‌السلام وأخذ بيد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخرجه على قريش وهم نيام وهو يقرء عليهم (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ).

وفيه متصل بآخر ما نقلنا عنه أعنى قوله : فخفت أن أتقدم وقوله عزوجل : (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فلم يؤمن من أولئك الرهط من بنى مخزوم أحد يعين ابن المغيرة.

٢٢ ـ في أصول الكافي متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعنى قوله : «في نار جهنم مقمحون» ثم قال يا محمد وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون بالله وبولاية على ومن بعده ، ثم قال : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) يعنى أمير المؤمنين (وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ).

٢٣ ـ وفيها الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن الحارث بن جعفر عن على بن إسماعيل بن يقطين عن عيسى بن المستفاد أبى موسى

٣٧٧

الضرير قال : حدثني موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أليس كان أمير المؤمنين عليه‌السلام كاتب الوصية ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المملي عليه وجبرئيل والملائكة المقربون شهود قال : فأطرق طويلا ثم قال : يا أبا الحسن قد كان ما قلت ولكن حين نزل برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الأمر نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة ، فقلت لأبي الحسن : بأبى أنت وأمي الا تذكر ما كان [في الوصية] فقال : سنن الله وسنن رسوله ، فقلت : أكان في الوصية توثبهم (١) وخلافهم على أمير المؤمنين عليه‌السلام؟ فقال : نعم والله شيئا شيئا وحرفا حرفا أما سمعت قول الله عزوجل : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : اتقوا المحقرات من الذنوب فان لها طالبا يقول أحدكم أذنب واستغفر ان الله عزوجل يقول : (نَكْتُبُ) (٢) (ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) وقال عزوجل : (إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).

٢٥ ـ ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال والحجال جميعا عن ثعلبة عن زياد قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بأرض قرعاء (٣) فقال لأصحابه : ائتوا بحطب فقالوا : يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب ، قال : فليأت كل إنسان بما قدر عليه ، فجاؤا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هكذا تجمع الذنوب ، ثم قال : إياكم والمحقرات من الذنوب فان لكل شيء طالبا ، الا وأن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في امام مبين.

__________________

(١) التوثب : الاستيلاء على الشيء ظلما.

(٢) كذا في النسخ والمصدر وفي المصحف الشريف «ونكتب ما قدموا ... اه».

(٣) ارض قرعاء : لانبات فيها.

٣٧٨

٢٦ ـ في مجمع البيان قيل : معناه نكتب خطاهم الى المساجد ، وسبب ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري ان بنى سلمة كانوا في ناحية من المدينة فشكوا الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعد منازلهم في المسجد والصلوة معه فنزلت الآية.

٢٧ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى أبي الجارود عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) قام أبو بكر وعمر من مجلسهما وقالا : يا رسول الله هو التوراة؟ قال : لا ، قال : فهو الإنجيل؟ قال : لا ، قال : فهو القرآن؟ قال : لا ، قال فأقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هو هذا ، انه الامام الذي أحصى الله فيه تبارك وتعالى علم كل شيء.

٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) اى في كتاب مبين وهو محكم وذكر ابن عباس عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، أنه قال : انا والله الامام المبين أبين الحق من الباطل ورثته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه : معاشر الناس ما من عليم الا علمنيه ربي وانا علمته عليا وقد أحصاه الله في ، وكل علم علمت فقد أحصيه في امام المتقين وما من علم الا علمته عليا.

٣٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) قال : فانه حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سئلته عن تفسير هذه الآية ، فقال : بعث الله عزوجل رجلين الى أهل مدينة أنطاكية فجاءاهم بما لا يعرفون فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام ، فبعث الله الثالث فدخل المدينة فقال أرشدونى الى باب الملك قال : فلما وقف على الباب قال : أنا رجل كنت أتعبد في فلاة من الأرض وقد أحببت ان أعبد اله الملك ، فابلغوا كلامه الملك ، فقال : أدخلوه الى بيت الآلهة فأدخلوه فمكث سنة مع صاحبيه ، فقال لهما : بهذا ينقل قوم من دين الى دين بالخرق أفلا رفقتما؟ ثم

٣٧٩

قال لهما : لا تقران بمعرفتي ، ثم أدخل على الملك فقال له الملك بلغني انك كنت تعبد الهى فلم أزل وأنت أخى فسلني حاجتك ، فقال : ما لي من حاجة أيها الملك ولكن رأيت رجلين في بيت الآلهة فما حالهما؟ قال الملك : هذان رجلان أتيانى ببطلان ديني ويدعوانى الى اله سماوي فقال : ايها الملك مناظرة جميلة فان يكن الحق لهما اتبعناهما وان يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا وكان لهما ما لنا وعليهما ما علينا ، قال : فبعث الملك إليهما فلما دخلا اليه قال لهما صاحبهما : ما الذي جئتما به؟ قالا : جئنا ندعوه الى عبادة الله الذي خلق السماوات والأرض ، ويخلق في الأرحام ما يشاء ، ويصور كيف يشاء وأنبت الأشجار والثمار وانزل القطر من السماء ، قال : فقال لهما : إلهكما هذا الذي تدعوان اليه والى عبادته ان جئنا بأعمى يقدر أن يرده صحيحا؟ قالا : إذا سألناه أن يفعل فعل ان شاء ، قال : ايها الملك على بأعمى لم يبصر شيئا قط ، قال : فأتى به فقال لهما : ادعوا إلهكما ان يرد بصر هذا ، فقاما وصليا ركعتين فاذا عيناه مفتوحتان وهو ينظر الى السماء فقال ايها الملك على بأعمى آخر فأتى به قال : فسجد سجدة ثم رفع رأسه فاذا الأعمى بصير ، فقال : ايها الملك حجة بحجة ، على بمقعد فأتى به فقال لهما مثل ذلك. فصليا ودعيا الله فاذا المقعد قد أطلقت رجلاه وقام يمشى ، فقال : ايها الملك على بمقعد آخر فأتى به فصنع به كما صنع أول مرة فانطلق المقعد. فقال : ايها الملك قد أتيا بحجتين واتينا بمثلهما ولكن يبقى شيء واحد فان هما فعلاه دخلت معهما في دينهما ، ثم قال : أيها الملك بلغني انه كان للملك ابن واحد ومات فان أحياه الههما دخلت معهما في دينهما ، فقال له الملك : وانا أيضا معك ، ثم قال لهما : قد بقيت هذه الخصلة الواحدة قد مات ابن الملك فادعوا إلهكما أن يحييه قال فخرا ساجدين لله عزوجل وأطالا السجود ثم رفعا رؤسهما وقالا للملك ابعث الى قبر ابنك تجده قد قام من قبره ان شاء الله قال فخرج الناس ينظرون فوجده قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب ، قال فأتى به الى الملك فعرف أنه ابنه فقال له : ما حالك يا بنى؟ قال : كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربي الساعة ساجدين يسألانه ان يحييني فأحيانى ، قال : يا بنى تعرفهما إذا رأيتهما؟ قال : نعم ، قال : فاخرج الناس جملة الى الصحراء فكان يمر عليه رجل رجل فيقول له

٣٨٠