تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

تعالى : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فمن عنى بقوله : يس؟ قالت العلماء : يس محمد عليه‌السلام لم يشك فيه أحد ، قال ابو الحسن عليه‌السلام : فان الله عزوجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه الا من عقله وذلك ان الله عزوجل لم يسلم على أحد الا على الأنبياء صلوات الله عليهم فقال تبارك وتعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) وقال : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) وقال : (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) ولم يقل : سلام على آل نوح ولم يقل سلام على آل إبراهيم ، ولم يقل : سلام على آل موسى وهارون ، وقال : سلام على آل ياسين يعنى آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال المأمون: قد علمت ان في معدن النبوة شرح هذا وبيانه فهذه السابعة.

٢١٤ ـ وفي باب ما كتبه الرضا عليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين : والصلوة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله واجبة في كل موطن وعند العطاس والذبائح وغير ذلك.

٢١٥ ـ في أصول الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان ابن يحيى عن حسين بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله عزوجل ولم يصلوا على نبيهم الا كان ذلك المجلس حسرة ووبالا عليهم.

٢١٦ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : هذه شرائع الدين الى أن قال عليه‌السلام : والصلوة عن النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله واجبة في كل المواطن وعند العطاس والرياح وغير ذلك.

٢١٧ ـ وفيه فيما علم أمير المؤمنين عليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه : صلوا على محمد وآل محمد ، فان الله تعالى يقبل دعاءكم عند ذكر محمد ودعاءكم وحفظكم إياه إذا قرأتم (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) فصلوا عليه في الصلوة كنتم أو في غيرها.

٢١٨ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أربعة أوتوا سمع الخلائق : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحور العين ، والجنة والنار ، فما من عبد يصلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو يسلم عليه الا بلغه ذلك

٣٠١

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١٩ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إذا أذنت فافصح بالألف والهاء ، وصل على النبي كلما ذكرته أو ذكره ذاكر في أذان أو في غيره.

٢٢٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال : وصلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي المغرا قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام : يقول : من قال في دبر صلوة الصبح وصلوة المغرب قبل أن يثنى رجليه أو يكلم أحدا : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اللهم صل على محمد وذريته» قضى الله له مأة حاجة سبعين في الدنيا وثلاثين في الاخرة ، قال : قلت : ما معنى صلوة الله وصلوة ملائكته وصلوة المؤمن؟ قال : صلوة الله رحمة من الله ، وصلوة الملائكة تزكية منهم له ، وصلوة المؤمنين دعاء منهم له ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢٢ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله باسناده الى أنس بن مالك قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلت الملائكة على وعلى على سبع سنين ، وذلك انه لم يرفع الى السماء شهادة أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الا منى ومن على.

٢٢٣ ـ في مجمع البيان وفي مسند السيد أبى طالب الهروي مرفوعا الى أبي أيوب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : صلت الملائكة على وعلى على سبع سنين ، وذلك انه لم يصل فيها أحد غيري وغيره.

٢٢٤ ـ في كتاب التوحيد خطب لعلى عليه‌السلام وفيها : وبالشهادتين تدخلون الجنة وبالصلوة تنالون الرحمة ، فأكثروا من الصلوة على نبيكم وآله ، (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).

٢٢٥ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال : حدثنا

٣٠٢

الحسين بن محمد بن عامر قال : حدثنا المعلى بن محمد البصري عن محمد بن جمهور القمى عن أحمد بن حفص البزاز الكوفي عن أبيه عن ابن أبى حمزة عن أبيه قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فقال : الصلوة من الله عزوجل رحمة ومن الملائكة تزكية ، ومن الناس دعاء ، واما قوله عزوجل : «سلموا تسليما» فيما ورد عنه قال : فقلت له : فكيف نصلي على محمد وآله؟ قال : تقولون : صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ، قال : قلت : فما ثواب من صلى على النبي وآله بهذه الصلوات؟ قال : الخروج من الذنوب والله كهيئة يوم ولدته امه.

٢٢٦ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن الحسن بن على الكوفي عن على بن مهزيار عن موسى بن القاسم قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه‌السلام طفت يوما عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ثلاث مرات : صلى الله على رسول الله. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان ابن يحيى قال : كنت عند الرضا عليه‌السلام فعطس فقلت : صلى الله عليك ثم عطس فقلت : صلى الله عليك وقلت له : جعلت فداك إذا عطس مثلك (١) يقال له كما يقول بعضنا لبعض : يرحمك الله أو كما نقول؟ قال : نعم أليس تقول : صلى الله على محمد وآل محمد؟ قلت : بلى ، قال : ارحم الله محمدا وآل محمد؟ (٢) قال : بلى وقد صلى الله عليه ورحمه ، وانما صلوتنا عليه رحمة لنا وقربة.

٢٢٨ ـ محمد بن الحسين (الحسن خ ل) عن سهل بن زياد عن ابن فضال عن على بن النعمان عن أبى مريم الأنصاري عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : كيف

__________________

(١) اى من المعصومين.

(٢) كذا في النسخ وتوافقها المصدر أيضا وقال بعض المحشين : لعل هنا سقطا أو السائل سكت عن الجواب.

٣٠٣

كانت الصلوة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : لما غسله أمير المؤمنين عليه‌السلام وكفنه سجاه (١) ثم أدخل عليه عشرة ، فداروا حوله ثم وقف أمير المؤمنين عليه‌السلام في وسطهم وقال : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فيقول القوم كما يقول حتى صلى عليه أهل المدينة وأهل العوالي. (٢)

٢٢٩ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن على بن سيف عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : لما قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلت عليه الملائكة والمهاجرون والأنصار فوجا فوجا ، قال : وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في صحته وسلامته : انما أنزلت هذه الآية على بعد قبض الله لي : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).

٢٣٠ ـ في الكافي ابو على الأشعري عن الحسن بن على الكوفي عن على بن مهزيار عن حماد بن عيسى عن محمد بن مسعود قال : رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام انهى الى قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فوضع يده عليه وقال : اسأل الله الذي اجتباك واختارك وهداك وهدى بك أن يصلى عليك ؛ ثم قال : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).

٢٣١ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة قال فيهاعليه‌السلام : أكثروا من الصلوة على نبيكم (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).

٢٣٢ ـ وخطبة له عليه‌السلام يقول فيها : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وتحنن على محمد وآل محمد وسلم على محمد وآل محمد ، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وتحننت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.

٢٣٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن على بن عيسى رفعه قال:

__________________

(١) سجي الميت : مد عليه ثوبا وغطاه به.

(٢) العوالي : قرى بظاهر المدينة.

٣٠٤

ان موسى صلى الله عليه ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته وقد ذكر محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فصل عليه يا ابن عمران فانى أصلي عليه وملائكتى.

٢٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : فاما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كتاب الله فهو قول الله سبحانه : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ولهذه الآية ظاهر وباطن ، فالظاهر قوله : «صلوا عليه» والباطن قوله : «وسلموا تسليما» اى سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم فضله وما عهد به اليه تسليما ، وهذا مما أخبرتك انه لا يعلم تأويله الا من لطف حسه وصفا دهنه وصح تميزه.

٢٣٥ ـ في محاسن البرقي عن محمد بن سنان عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) قال : فقال : اثنوا عليه وسلموا له.

٢٣٦ ـ في الصحيفة السجادية في دعائه عليه‌السلام في طلب الحوائج وصل على محمد وآله صلوة دائمة نامية لا انقطاع لابدها ، ولا منتهى لأمدها ، واجعل ذلك عونا لي وسببا لنجاح طلبتي انك واسع كريم.

٢٣٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) قال : نزلت فيمن غصب أمير المؤمنين صلوات الله عليه حقه ، وأخذ حق فاطمة صلوات الله عليها وأذاها ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أذاها في حيوتى كمن أذاها بعد موتى ومن أذاها بعد موتى كمن أذاها في حيوتى ، ومن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله وهو ، قول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) الآية.

٢٣٨ ـ في مجمع البيان حدثنا السيد أبو الحمد قال : حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال : حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال : حدثنا أحمد بن أبى دارم الحافظ قال : حدثنا على بن أحمد العجلي قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا ارطاة بن حبيب قال : حدثني أبو خالد الواسطي وهو آخذ بشعره ، قال : حدثني زيد

٣٠٥

ابن على بن الحسين وهو آخذ بشعره ، قال حدثني على بن الحسين وهو آخذ بشعره قال : حدثني الحسين بن على وهو آخذ بشعره قال : حدثني على بن أبى طالب وهو آخذ بشعره قال حدثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو آخذ بشعره فقال : من آذى شعرة منك فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فعليه لعنة الله.

٢٣٩ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أخر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة من الليالي العشاء الاخرة ما شاء الله ، فجاء عمر فدق الباب فقال : يا رسول الله نام النساء نام الصبيان فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ليس لكم ان تؤذوني ولا تأمرونى انما عليكم ان تسمعوا وتطيعوا.

٢٤٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن أحمد بن اسحق عن سعدان بن مسلم عن عبد الله بن سنان قال : كان رجل عند أبى عبد الله عليه‌السلام فقرأ هذه الآية : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) قال : فقال أبو عبد الله عليه‌السلام فما ثواب من ادخل عليه السرور؟ فقلت : جعلت فداك عشر حسنات؟ قال : اى والله وألف ألف حسنة.

٢٤١ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن سنان عن منذر بن يزيد عن المفضل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : اين الصدود لأوليائي (١) فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم فيقال : هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم وعاندوهم وعنفوهم في دينهم ثم يؤمر بهم الى جهنم.

٢٤٢ ـ في كتاب الخصال عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال الناس رجلان مؤمن وجاهل فلا تؤذي المؤمن ولا تجهل على الجاهل فتكون مثله.

٢٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) يعنى عليا وفاطمة صلوات الله عليهما (بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً

__________________

(١) صد عنه اى اعرض وصده عن الأمر : منعه وصرفه عنه اى اين المعرضون عن الأولياء المعادون لهم أو أين المانعون لهم عن حقوقهم أو أين المستهزؤن بهم قاله المولى صالح قده.

٣٠٦

وَإِثْماً مُبِيناً) وهي جارية في الناس كلهم.

٢٤٤ ـ وفيه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من بهت مؤمنا أو مؤمنة أقيم في طينة خبال (١) أو يخرج مما قال.

٢٤٥ ـ واما قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) فانه كان سبب نزولها ان النساء كن يخرجن الى المسجد ويصلين خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا كان بالليل وخرجن الى صلوة المغرب والعشاء الاخرة يقعد الشباب لهن في طريقهن فيؤذونهن ويتعرضوا لهن فانزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ) الى قوله تعالى (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).

٢٤٦ ـ واما قوله عزوجل : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) اى شك (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً) فانها نزلت في قوم منافقين كانوا في المدينة يرجفون برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا خرج في بعض غزواته يقولون : قتل وأسر فيغتم المسلمون لذلك. ويشكون الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل الله عزوجل في ذلك : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) اى شك (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً) اى نأمرك بإخراجهم من المدينة (إِلَّا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : «ملعونين» فوجبت عليهم اللعنة بعد اللعنة بقول الله.

٢٤٧ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبى جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ولا يلعن الله مؤمنا قال الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).

__________________

(١) بهته بهتا : قذفه بالباطل وافترى عليه الكذب. وطينة خبال فسر في الحديث بصديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة.

٣٠٧

٢٤٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) فانها كناية عن الذين غصبوا آل محمد حقهم (يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) يعنى في أمير المؤمنين صلوات الله عليه (وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) وهما رجلان والسادة والكبراء هما أول من بدأ بظلمهم وغصبهم ، وقوله عزوجل : «فأضلونا السبيلا» اى طريق الجنة والسبيل أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

٢٤٩ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام خطب بها يوم الغدير وفيها يقول عليه‌السلام : وتقربوا الى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه ولا تمسكوا بعصم الكوافر ، ولا يخلج بكم الغى فتضلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا وأضلوا ، قال الله عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه : (إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا* رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً).

٢٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن النضر بن سويد عن صفوان عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام ان بنى إسرائيل كانوا يقولون ليس لموسى ما للرجال ، وكان موسى إذا أراد الاغتسال ذهب الى موضع لا يراه فيه أحد ، فكان يوما يغتسل على شط نهر وقد وضع ثيابه على صخرة ، فأمر الله عزوجل الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنوا إسرائيل اليه فعلموا ان ليس كما قالوا ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) الآية.

٢٥١ ـ أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن أحمد بن النضر عن محمد بن مروان رفعه إليهم قال : يا ايها الذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله في على والائمة صلوات الله عليهم كما آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا.

٢٥٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن احمد بن النضر عن محمد بن مروان رفعه إليهم في قول الله عزوجل : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) في على والائمة (كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا).

٣٠٨

٢٥٣ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده الى الصادق عليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام لعلقمة : يا علقمة ان رضا الناس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط ، ألم ينسبوا موسىعليه‌السلام الى انه عنين وآذوه حتى برأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها.

٢٥٤ ـ في مجمع البيان واختلفوا في ما أوذي به موسى على أقوال : أحدها أن موسى وهارون صعدا الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائيل : قتلته فأمر الله الملائكة فحملته حتى مروا به على بنى إسرائيل ، وتكلمت الملائكة بموته حتى عرفوا انه قد مات ، وبرأه الله من ذلك عن على عليه‌السلام.

٢٥٥ ـ وثانيها ان موسى عليه‌السلام كان حييا ستيرا (١) يغتسل وحده ، فقالوا : ما يتستر منا الا لعيب بجلده اما برص واما أدرة (٢) فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ، فمر الحجر بثوبه فطلبه موسى فرآه بنوا إسرائيل عريانا كأحسن الرجال خلقا فبرأه الله مما قالوا ، رواه أبو هريرة مرفوعا.

٢٥٦ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام لعباد بن كثير البصري الصوفي : ويحك يا عباد غرك ان عف بطنك وفرجك ان الله عزوجل يقول في كتابه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) اعلم انه لا يقبل الله عزوجل منك شيئا حتى تقول قولا عدلا.

٢٥٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن على بن أسباط عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) في ولاية على والائمة من بعده (فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) هكذا نزلت.

٢٥٨ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار المتفرقة باسناده الى الحسين بن خالد قال : سألت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ

__________________

(١) الحيي : ذو الحياء. والستير. العفيف.

(٢) الأدرة : نفخة في الخصية.

٣٠٩

يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها) الآية فقال : الامانة الولاية من ادعاها بغير حق كفر.

٢٥٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، فجعل أعلاها وأشرفها محمد وعلى والحسن والحسين عليهم‌السلام والائمة صلوات الله عليهم ، فعرضها على السموات والأرض والجبال فغشيها نورهم ، فقال الله تبارك وتعالى للسموات والأرض والجبال : هؤلاء احبائى وأوليائى وحججي على خلقي وأئمة بريتي ، ما خلقت خلقا هو أحب الى منهم ، لهم ولمن تولاهم خلقت جنتي ، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري ، فمن ادعى منزلتهم منى ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وجعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري ، ومن أقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم منى ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتى وكان لهم فيها ما يشاؤن عندي ، وأبحتهم كرامتي ، وأحللتهم جواري ، وشفعتهم في المذنبين من عبادي وإمائي فولايتهم أمانة عند خلقي ، فأيكم يحملها بأثقالها ويدعيها لنفسه؟ فأبت السموات والأرض والجبال ان يحملنها وأشفقن منها من ادعاء منزلتها وتمنى محلها من عظمة ربهم ، فلما أسكن الله عزوجل آدم وزوجته الجنة قال لهما (كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) يعنى شجرة الحنطة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) فنظرا الى منزلة محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمة بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا : ربنا لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جل جلاله ارفعا رؤسكما الى ساق العرش فرفعا رؤسهما فوجدا أسماء محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم‌السلام مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله الجبار جل جلاله ، فقالا : يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك وما أحبهم إليك وما أشرفهم لديك؟ فقال الله جل جلاله : لولاهم ما خلقتكما ، هؤلاء خزنة عليم وأمنائي على سرى ، أباكما ان تنتظرا إليهم بعين الحسد وتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي ، فتدخلان بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين قالا : ربنا ومن الظالمون؟ قال : المدعون لمنزلتهم بغير حق ، قالا : ربنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى

٣١٠

نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك ، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب وقال عزوجل : مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها ، (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) ، و (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) ، يا آدم ويا حوا لا تنظرا الى أنواري وحججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري ، وأحل بكما عن هواني (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ* وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ* فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) «وحملهما على تمنى منزلتهم فنظر إليهم بعين الحسد فخذلا حتى اكلا من شجرة الحنطة ، فعاد مكان ما اكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لهم يأكلاه ، وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما اكلاه ، فلما اكلا من الشجرة طار الحلي ولحلل عن أجسادهما وبقيا عريانين» (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ* قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ* قالَ اهْبِطُوا) من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني ، فهبطا موكولين الى أنفسهما في طلب المعاش ، فلما أراد الله عزوجل ان يتوب عليهما جاءهما جبرئيل عليه‌السلام فقال لهما انكما ان ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاء كما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزوجل الى أرضه ، فسلا ربكما بحق السماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما ، فقال : اللهم انا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمة الا تبت علينا ورحمتنا ، فتاب الله عليهما انه هو التواب الرحيم ، فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الامانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أمتهم فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها ، وحملها الإنسان الذي قد عرف بأصل كل ظلم منه الى يوم القيامة : وذلك قول الله عزوجل : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً).

٢٦٠ ـ حدثنا موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر

٣١١

الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال عن مروان بن مسلم عن أبى بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) قال : الامانة الولاية والإنسان أبو الشرور المنافق.

٢٦١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن إسحاق بن عمار عن رجل عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) قال : هي ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢٦٢ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبى حمزة عن عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب يوصى المسلمين بكلمات يقول : تعاهدوا الصلوة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها ، ثم ان الزكاة جعلت مع الصلوة قربانا لأهل الإسلام على أهل الإسلام ، ومن لم يعطها طيب النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها فانه جاهل بالسنة ، مغبون الأجر ، ضال العمر ، طويل الندم بترك أمر الله تعالى والرغبة عما عليه ، صالحوا عباد الله يقول الله عزوجل : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) من الامانة فقد خسر من ليس من أهلها ، وضل عمله ، عرضت على السماوات المبنية والأرض المهاد والجبال المنصوبة فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها لو امتنعت من طول أو عرض أو قوة أو عزة امتنعن ، ولكن أشفقن من العقوبة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦٣ ـ في نهج البلاغة ثم أداء الامانة فقد خاب من ليس من أهلها انها عرضت على السموات المبنية والأرض المدحوة : والجبال ذات الطول المنصوبة ، فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها ، ولو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ما جهل من أضعف منهن وهو الإنسان انه كان ظلوما جهولا.

٢٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام

٣١٢

حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام لبعض الزنادقة وقد قال : وأجده يقول : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) فما هذه الامانة ومن هذا الإنسان؟ وليس من صفة العزيز الحكيم التلبيس على عباده؟ واما الامانة التي ذكرتها فهي الامانة التي لا تجب ولا تجوز ان تكون الا في الأنبياء وأوصيائهم. لان الله تبارك وتعالى ائتمنهم على خلقه وجعلهم حجا في أرضه ، فبالسامري ومن اجتمع معه وأعانه من الكفار على عبادة العجل عند غيبة موسى عليه‌السلام ما تم انتحال مجلس موسى من الطعام ، والاحتمال لتلك الامانة التي لا ينبغي الا لطاهر من الرجس فاحتمل وزرها ووزر من سلك سبيله من الظالمين وأعوانهم ، ولذلك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من استن سنة حق كان له أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ، ومن استن سنة باطل كان عليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة.

٢٦٥ ـ في عوالي اللئالى وفي الحديث ان عليا عليه‌السلام إذا حضر وقت الصلوة يتململ ويتزلزل ويتلون ، فيقال له : ما لك يا أمير المؤمنين؟ فيقول : جاء وقت الصلوة ، وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض فأبين ان يحملنها وأشفقن منها.

٢٦٦ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن الحسن بن على عن على بن النعمان وأبى المعزا والوليد بن مدرك عن اسحق قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يبعث الى الرجل يقول له : ابتع لي ثوبا فيطلب له في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق فيعطيه من عنده؟ قال : لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه ، ان الله عزوجل يقول : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) وان كان عنده خير مما يجد له في السوق فلا يعطيه من عنده.

٢٦٧ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عثمان ابن سعيد عن مفضل بن صالح عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها) قال : الولاية أبين

٣١٣

أن يحملنها كفرا وحملها الإنسان والإنسان الذي حملها أبو فلان.

٢٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم في قوله عزوجل : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها) قال : الامانة هي الامامة والأمر والنهى ، والدليل على ان الامانة هي الامامة قول الله عزوجل للائمة صلوات الله عليهم : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) يعنى الامامة ، فالامانة هي الامامة عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها قال : أبين ان يدعوها أو يغصبوها أهلها (وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) اى الاول (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً* لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الحمدين جميعا حمد سبأ وحمد فاطر ، من قرأهما في ليلة لم يزل في ليلته في حفظ الله وكلائته ، فان قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه ، وأعطى من خير الدنيا والاخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغ مناه.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأ سورة سبأ لم يبق نبي ولا رسول الا كان له يوم القيامة رفيقا ومصافحا.

٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) ما يدخل فيها وما يخرج منها قال من النبات وما يعرج فيها قال : من اعمال العباد.

٤ ـ في أصول الكافي عنه عن عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ) فقال : هو واحد واحدى الذات بائن من خلقه ، وبذلك وصف نفسه وهو بكل شيء محيط ، بالإشراف والاحاطة

٣١٤

والقدرة (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ) بالإحاطة والعلم لا بالذات ، لان الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فاذا كان بالذات لزمها الحواية.

٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن هشام عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : أول ما خلق الله عزوجل القلم فقال له : أكتب فكتب ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة.

٦ ـ قوله عزوجل : (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَ) فقال : هو أمير المؤمنين عليه‌السلام صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما انزل عليه ثم ذكر ما اعطى داود عليه‌السلام فقال جل ذكره : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) اى سبحي لله و (الطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) قال : كان داود عليه‌السلام إذا مر في البراري يقرأ الزبور تسبح الجبال والطير معه والوحوش وألان الله عزوجل له الحديد مثل الشمع حتى كان يتخذ منه ما أحب وقال الصادق عليه‌السلام : اطلبوا الحوائج يوم الثلثاء فانه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود عليه‌السلام.

٧ ـ وفيه : قال اعطى داود وسليمان عليهما‌السلام ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الآيات علمهما منطق الطير ، وألان لهما الحديد والصفر من غير نار ، وجعلت الجبال يسبحن مع داود عليه‌السلام.

٨ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب كتاب الإرشاد للزهري قال سعيد ابن المسيب : كان الناس لا يخرجون الى مكة حتى يخرج على بن الحسين ، فخرج وخرجت معه ، فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده فلم يبق شجر ولا مدر الا سبحوا معه ، ففزعت منه فرفع رأسه فقال : يا سعيد أفزعت؟ قلت : نعم يا ابن رسول الله ، فقال: هذا التسبيح الأعظم.

٩ ـ وفي رواية سعيد بن المسيب قال : كان القراء لا يحجون حتى يحج زين العابدينعليه‌السلام وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض ويمنع نفسه. فسبق يوما الى الرحل فألفيته وهو ساجد ، فو الذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل والراحلة

٣١٥

يردون عليه مثل كلامه.

١٠ ـ في أصول الكافي باسناده الى سالم بن أبى حفصة العجلي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : كان في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة لم يكن في أحد غيره : لم يكن له فيء وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة الا عرف انه قد مر فيه لطيب عرفه ، وكان لا يمر بحجر ولا شجر الا سجد له.

١١ ـ في كتاب الخصال عن على بن جعفر قال : جاء رجل الى أخى موسى بن جعفر عليه‌السلام فقال له : جعلت فداك أريد الخروج الى السفر فادع فقال عليه‌السلام : ومتى تخرج؟ الى ان قال عليه‌السلام : الا ادلك على يوم سهل الآن الله فيه الحديد لداود عليه‌السلام؟ قال الرجل : بلى جعلت فداك ، قال : اخرج يوم الثلثاء.

١٢ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلثاء ، فانه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود عليه‌السلام.

١٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى هشام بن سالم عن ـ الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام انه قال في حديث يذكر فيه قصة داود عليه‌السلام انه خرج يقرأ الزبور وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر الا أجابه.

١٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا ، انه كان إذا قام الى الصلوة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الاثافي من شدة البكاء (١) وقد آمنه الله عزوجل من عقابه ، فأراد ان يتخشع لربه ببكائه ، ويكون

__________________

(١) قال الجزري وفي الحديث : انه كان يصلى ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء ـ

٣١٦

إماما لمن اقتدى به ، ولقد قام صلى‌الله‌عليه‌وآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه ، يقوم الليل اجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عزوجل : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) بل لتسعد به ولقد كان يبكى حتى يغشى عليه ، فقيل له : يا رسول الله أليس الله عزوجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : بلى أفلا أكون عبدا شكورا ، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو أفضل من هذا إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له : قر فانه ليس عليك الا نبي أو صديق شهيد (١) فقر الجبل مجيبا لأمره ومنتهيا الى طاعته ، ولقد مررنا معه بجبل وإذا الدموع تجري من بعضه ، فقال له : ما يبكيك يا جبل؟ فقال : يا رسول الله كان المسيح مر بى وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة وأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة قال له : لا تخف تلك حجارة الكبريت. فقر الجبل وسكن وهدأ (٢) وأجاب لقوله قال له اليهودي : فهذا داود عليه‌السلام : قد لين الله عزوجل له الحديد قد يعمل منه الدروع قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا؟ لين الله عزوجل له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين ، قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته. (٣)

__________________

ـ اى حنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء ، وقيل : هو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء «انتهى» والمرجل كنبر : القدر. والأثافي : لا حجار يوضع عليها القدر.

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر والمنقول عنه في البحار «الا نبي وصديق شهيد» بالواو بدل «أو».

(٢) هدأ بمعنى سكن أيضا.

(٣) الغار : الغبار. ذكره ابن منظور وغيره في مادة «غور» وقال المجلسي (ره) : قوله عليه‌السلام وجعلها غارا يدل على انه صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الغار أحدث الغار ودخل فيه ولم يكن ثمة غار ، وأما صخرة بيت المقدس فكان ليلة المعراج واما قوله عليه‌السلام : قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته اى رأينا تحت رايته عليه الصلاة والسلام أمثال ذلك كثيرا والمراد بالراية العلامة اى راى بعض الصحابة ذلك تحت علامته في بيت المقدس ، ويلوح لي ان فيه ـ

٣١٧

١٥ ـ في الكافي أحمد بن أبي عبد الله عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبى قرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان أمير المؤمنين صلى الله عليه قال : أوحى الله عزوجل الى داود عليه‌السلام انك نعم العبد لولا انك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا ، قال : فبكى داود عليه‌السلام أربعين صباحا فأوحى الله عزوجل الى الحديد أن لن لعبدي داود ، فألان الله عزوجل له الحديد ، فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم ، فعمل ثلاثمأة وستين درعا فباعها بثلاثمأة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال.

١٦ ـ في قرب الاسناد للحميري احمد بن محمد بن أبى نصر قال : قال : سألت الرضا عليه‌السلام هل أحد من أصحابكم يعالج السلاح؟ فقلت : رجل من أصحابنا زراد فقال : انما هو سراد ، اما تقرأ كتاب الله عزوجل في قوله لداود عليه‌السلام : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) الحلقة بعد الحلقة.

١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) قال : الدروع (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) قال : المسامير التي في الحلقة وقوله عزوجل : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) قال : كانت الريح تحمل كرسي سليمان فتسير به في الغداة مسيرة شهر ، وبالعشي مسيرة شهر.

١٨ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الأصبغ بن نباتة قال : سألت الحسينعليه‌السلام فقلت : يا سيدي أسألك عن شيء أنا به موقن وانه من سر الله وأنت المسرور اليه ذلك السر فقال : يا اصبغ أتريد أن ترى مخاطبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي دون (١) يوم مسجد قبا؟ قال : هو الذي أردت قال : قم فاذا أنا وهو بالكوفة فنظرت فاذا المسجد من قبل

__________________

ـ تصحيفا وكان في الأصل «وجعلها هارا» فيكون اشارة الى ما سيأتى في أبواب معجزاته ان في غزوة الأحزاب بلغوا الى أرض صلبة لا تعمل فيها المعاول ، فصب صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها ماءا فصارت هائرة متساقطة ، فقوله : قد رأينا ذلك اشارة الى هذا «انتهى كلامه رفع مقامه» أقول : ما ذكره (ره) وما لاح له انما هو على ما فسر الغار بالكهف واما على ما ذكرناه من تفسيره بالغبار وهو التراب كما ذكره اللغويون فلا نحتاج الى تكلف في المراد والانطباق.

(١) قال المجلسي (ره) : المراد بأبى دون أبو بكر عبر به عنه تقية ، والدون : الخسيس.

٣١٨

ان يرتد الى بصرى فتبسم في وجهي ثم قال : يا اصبغ ان سليمان بن داود اعطى الريح غدوها شهر ورواحها شهر ، وانا قد أعطيت أكثر مما أعطى سليمان ، فقلت : صدقت والله يا ابن رسول الله فقال : نحن الذين عندنا علم الكتاب وبيان ما فيه ، وليس عند أحد من خلقه ما عندنا ، لأنا أهل سر الله ثم تبسم في وجهي ثم قال : نحن آل الله وورثة رسول الله فقلت : الحمد لله على ذلك ثم قال لي : ادخل فدخلت فاذا أنا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله محتب (١) في المحراب بردائه ، فنظرت فاذا أنا بأمير المؤمنين عليه‌السلام قابض على تلابيب الأعسر (٢) فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعض على الأنامل وهو يقول : بئس الخلف خلفتني أنت وأصحابك عليكم لعنة الله ولعنتي. الخبر. انتهى.

١٩ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر بن محمد عليهم ـ السلام حديث طويل وقد سبق عند قوله تعالى : «قالت نملة» الآية وفيه ثم قالت النملة : هل تدري لم سخرت لك الريح من بين سائر المملكة؟ قال سليمان عليه‌السلام ما لي بهذا علم ، قالت النملة : يعنى عزوجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يديك كزوال الريح ، فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها.

٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير ـ المؤمنينعليه‌السلام فان هذا سليمان قد سخرت له الرياح فسارت في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر فقال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا ، انه اسرى به من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السموات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى الى ساق العرش ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله نقلا عن تفسير أبى

__________________

(١) احتبى بالثوب : اشتمل به.

(٢) التلابيب جمع التلبيب : ما في موضع اللبب من الثياب ويعرف بالطوق. والأعسر : الشديد أو الشوم والمراد به الاول أو الثاني كما ذكره المجلسي (ره)

٣١٩

اسحق إبراهيم بن أحمد القزويني باسناده الى أنس بن مالك قال : أهدي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بساط من قرية يقال لها بهندف فقعد عليه على وأبو بكر وعمر وعثمان والزبير وعبد الرحمان بن عوف وسعد فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى : يا على قل : يا ريح احمل لنا. فقال على : يا ريح احمل بنا ، فحمل بهم حتى أتوا أصحاب الكهف فسلم ابو بكر وعمر فلم يردوا عليهم‌السلام ، ثم قام على فسلم فردوا عليه‌السلام ، فقال أبو بكر : يا على ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا؟ فقال لهم على ، فقالوا : انا لا نرد بعد الموت الا على نبي أو وصى نبي ، ثم قال على : يا ريح احملينا فحملتنا ، ثم قال : يا ريح ضعينا فوضعتنا ، فوكز برجله الأرض فتوضأ على وتوضأنا ثم قال : يا ريح احملينا فحملتنا فوافينا المدينة والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في صلوة الغداة وهو يقرأ : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) فلما قضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلوة قال : يا على أخبرونى عن مسيركم أم تحبون ان أخبركم؟ قالوا : بل تخبرنا يا رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله قال انس بن مالك : فقص القصة كأنه معنا.

٢٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) قال الصفر (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ).

٢٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو جعفر عليه‌السلام خدم أبو خالد الكابلي على بن الحسين عليهما‌السلام دهرا من عمره ، ثم أراد أن ينصرف الى أهله فأتى على بن الحسين وشكى اليه شدة شوقه الى والديه ، فقال : يا أبا خالد يقدم غدا رجل من أهل الشام له قدر ومال كثير وقد أصاب بنتا له عارض من أهل الأرض ويريدون ان يطلبوا معالجا يعالجها فاذا أنت سمعت قدومه فائته وقل له : أنا أعالجها لك على ان اشترط لك انى أعالجها على ديتها عشرة آلاف فلا تطمأن إليهم وسيعطونك ما تطلب منهم فلما أصبحوا قدم الرجل ومن معه وكان من عظماء أهل الشام في المال والقدرة فقال : اما من معالج يعالج بنت هذا الرجل؟ فقال له أبو خالد : انا أعالجها على عشرة آلاف درهم ، فأقبل الى على بن الحسين عليه‌السلام فأخبره الخبر ، فقال : انى أعلم انهم سيغدرون

٣٢٠