تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

القول من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وانهم أمنوا على أنفسهم وعيالاتهم.

٢٤ ـ في روضة الكافي باسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفي آخره يقول كان على أفضل الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واولى الناس بالناس حتى قالها ثلاثا.

٢٥ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : فو الله انى لاولى الناس بالناس.

٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن عبد الله بن جعفر بن ابى ـ طالب حديث طويل وفيه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : انا اولى بالمؤمنين من أنفسهم ، من كنت اولى به من نفسه فأنت اولى به من نفسه ، وعلى بين يديه عليهما‌السلام في البيت.

٢٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد عن الحسن بن الجهم عن حنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : اى شيء للموالي؟ فقال : ليس لهم من الميراث الا ما قال الله عزوجل (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً)

٢٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن ابى الحمراء قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : اى شيء للموالي من الميراث؟ فقال : ليس لهم شيء الا الترباء يعنى التراب.

قال عز من قائل : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً).

٢٩ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمد بن أبى نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : كانت شريعة نوح صلى الله عليه ان يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد ، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها ، وأخذ الله ميثاقه على نوح وعلى النبيين صلى الله عليهم أجمعين ان يعبدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئا ، وأمر بالصلوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحلال والحرام ولم يفرض عليه احكام حدود ولا فرائض مواريث ، فهذه شريعته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ

٢٤١

مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) قال : هذه الواو زيادة في قوله : «ومنك» وانما هو منك ومن نوح فأخذ الله عزوجل الميثاق لنفسه على الأنبياء ثم أخذ لنبيه على الأنبياء والائمة صلوات الله عليهم ثم أخذ للأنبياء على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان ذلك كذلك ومحمد عليه‌السلام اعطى ما هو أفضل من هذا ، ان الله عز ذكره انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذا أرسل عليهم ريحا تذرو الحصا ، وجنودا لم يروها فزاد الله تبارك وتعالى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله على هود بثمانية آلاف ملك ، وفضله على هود بأن ريح عاد سخط وريح محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة ، قال الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها).

٣٢ ـ في مجمع البيان وقال أبو سعيد الخدري : قلنا يوم الخندق يا رسول الله هل من شيء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ فقال : قولوا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا؟ قال : فقلناها فضرب وجوه أعداء الله بالريح فهزموا.

٣٣ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) وقوله : (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) وقوله للمنافقين : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) فان قوله : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) يقول : انى ظننت انى ابعث فأحاسب وقوله للمنافقين (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) فهذا الظن ظن شك وليس الظن ظن يقين ، والظن ظنان ، ظن شك وظن يقين ، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين ، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك. فافهم ما فسرت لك.

٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث

٢٤٢

طويل يقول فيه عليه‌السلام : اما انه سيأتى على الناس زمان يكون الحق فيه مستورا والباطل ظاهرا مشهورا ، وذلك إذا كان اولى الناس به أعدائهم له ، (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) وعظم الإلحاد ، وظهر الفساد (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) ونحلهم الأخيار أسماء الأشرار ، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس اليه ، ثم يفتح الله الفرج لأوليائه ويظهر صاحب الأمر على أعدائه.

٣٥ ـ في مجمع البيان : (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ) بل ـ رفيعة السمك حصينة عن الصادق عليه‌السلام.

٣٦ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) فقال : النساء ، انهم قالوا : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) وكان بيوتهم في أطراف البيوت حيث ينفرد الناس فأكذبهم قال : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) وهي رفيعة السمك حصينة.

٣٧ ـ في نهج البلاغة من كتاب له عليه‌السلام الى معاوية جوابا ثم ذكرت ما كان من أمري وامر عثمان ولك ان تجاب عن هذه لرحمك منه ، فأينا كان أعدى له وأهدى الى مقاتله ، امن بذل له نصرته فاستنقذه واستكفه أم من استنصره فتراخى عنه وبث المنون اليه حتى أتى قدره عليه؟ كلا والله لقد علم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس الا قليلا.

٣٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً* إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) الآية فانها نزلت في قصة الأحزاب من قريش والعرب الذين تحزبوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : وذلك ان قريشا تجمعت في سنة خمس من الهجرة وساروا في العرب وجلبوا واستنفروهم لحرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوافوا في عشرة آلاف ومعهم كنانة وسليم وفزارة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين اجلى بنى النضير وهم بطن من اليهود من المدينة وكان رئيسهم حبى ابن أخطب وهم يهود من بنى هارون على نبينا وعليه‌السلام فلما اجلاهم من المدينة صاروا الى

٢٤٣

خيبر وخرج حيي بن أخطب الى قريش بمكة وقال لهم : ان محمدا قد وتركم وترنا وأجلانا من المدينة من ديارنا وأموالنا وأجلا بنى عمنا بنى قينقاع فسيروا في الأرض واجمعوا حلفاءكم وغيرهم وسيروا إليهم فانه قد بقي من قومي بيثرب سبعمائة مقاتل وهم بنو قريظة ، وبينهم وبين محمد عهد وميثاق وانا أحملهم على نقض العهد بينهم وبين محمد ، ويكونوا معنا عليهم فتأتون أنتم من فوق وهم من أسفل ، وكان موضع بنى قريظة من المدينة على قدر ميلين ، وهو الموضع الذي يسمى بئر بنى المطلب ، فلم يزل يسير معهم حيي بن أخطب في قبائل العرب حتى اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش وكنانة والأقرع بن حابس في قومه ، والعباس بن مرداس في بنى سليم فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل فقال سلمان رضى الله عنه : يا رسول الله ان القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة (١) ولا يمكنهم ان يأتونا من كل وجه ، فانا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم (٢) من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أشار بصواب ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحفرة من ناحية أحد الى راتج (٣) وجعل على كل عشرين خطوة وثلثين خطوة قوما من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر فحملت المساحي والمعاول ، وبدأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه ، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه ينقل التراب من الحفرة حتى عرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعيي وقال : لا عيش الا عيش الاخرة ، اللهم ارحم للأنصار والمهاجرين فلما نظر الناس الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقل التراب ، فلما كان في اليوم الثاني بكروا الى الحفر وقعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد الفتح ، فبينا المهاجرين والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه ، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصار رضى الله عنه الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعلمه بذلك ، قال جابر : فجئت الى المسجد

__________________

(١) المطاولة هنا بمعنى المقاتلة.

(٢) دهمه : غشيه ، والدهم : الداهية.

(٣) اسم موضع.

٢٤٤

ورسول الله مستلقى على قفاه ورداءه تحت رأسه وقد شد على بطنه حجرا ، فقلت : يا رسول الله انه قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه ، فقام مسرعا حتى جاءه ثم دعا بماء في إناء فغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه ثم شرب ومج في ذلك الماء ثم صبه على ذلك الحجر ، ثم أخذ معولا فضرب ضربة فبرقت برقة فنظرنا فيها الى قصور الشام ، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة نظرنا فيها الى قصور المدائن ، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة اخرى فنظرنا فيها الى قصور اليمن ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اما انه سيفتح الله عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق ثم انهال علينا الجبل (١) كما ينهال علينا الرمل ، فقال جابر : فعلمت ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مقو ، اى جائع لما رأيت على بطنه الحجر ، فقلت : يا رسول الله هل لك في الغذاء؟ قال : ما عندك يا جابر؟ فقلت عناق (٢) وصاع من شعير. فقال : تقدم وأصلح ما عندك ، قال جابر : فجئت الى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير وذبحت العنز وسلختها وأمرتها ان تخبز وتطبخ وتشوى.

فلما فرغت من ذلك جئت الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : بأبى أنت وأمي يا رسول الله قد فرغنا فاحضر مع من أحببت. فقام صلى‌الله‌عليه‌وآله الى شفير الخندق ثم قال : يا معاشر المهاجرين والأنصار أجيبوا جابرا قال جابر : فكان في الخندق سبعمائة رجل ، فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار الا قال : أجيبوا جابرا قال جابر : فتقدمت وقلت لأهلي : قد والله أتاك محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما لا قبل به (٣) فقالت : أعلمته أنت بما عندنا؟ قال : نعم قالت : فهو أعلم بما أتى ، قال جابر : فدخل رسول الله فنظر في القدر ثم قال : أغر في وأبقى ، ثم نظر في التنور ثم قال : اخرجى

__________________

(١) يقال هال عليه التراب فانهال اى صبه فانصب.

(٢) لعناق كسحاب : الأنثى من أولاد المعز قبل استكمالها الحول.

(٣) لا قبل به اى لا طاقة به.

٢٤٥

وأبقى ، ثم دعا بصحفة (١) فثرد فيها وغرف ، فقال : يا جابر ادخل عشرة عشرة ، فأدخلت عشرة فأكلوا حتى نهلوا (٢) وما يرى في القصعة الا آثار أصابعهم ثم قال : يا جابر على.

بالذراع فأتيته بالذراع فأكلوا وخرجوا ثم قال : ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير في القصعة الا آثار أصابعهم ، ثم قال : يا جابر على بالذراع فأكلوا وخرجوا ثم قال : ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير في القصعة الا آثار أصابعهم ، ثم قال : يا جابر على بالذراع فأتيته بالذراع فقلت : يا رسول الله كم للشاة من ذراع؟ قال : ذراعان قلت : والذي بعثك بالحق نبيا لقد أتيتك بثلاثة ، فقال : لو سكت يا جابر لأكل الناس كلهم من الذراع ، قال جابر : فأقبلت ادخل عشرة عشرة فيأكلون حتى أكلوا كلهم وبقي والله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما قال : وحفر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الخندق وجعل له ثمانية أبواب وجعل على كل باب رجلا من المهاجرين ورجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه ، وقدمت قريش وكنانة وسليم وهلال فنزلوا الزغابة (٣) ففرغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حفر الخندق قبل قدوم قريش بثلاثة أيام ، وأقبلت قريش ومعهم حيي بن أخطب ، فلما نزلوا العقيق (٤) جاء حيي بن أخطب الى بنى قريظة في جوف الليل وكانوا في حصنهم قد تمسكوا بعهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدق باب الحصن فسمع كعب بن أسد قرع الباب ، فقال لأهله : هذا أخوك قد شأم قومه (٥) وجاء الآن يشأمنا ويهلكنا ويأمرنا بنقض العهد بيننا و

__________________

(١) الصحفة : قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة قال الكسائي : أعظم القصاع : الجفنة ثم القصعة تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحيفة تشبع الرجل.

(٢) النهل : ما أكل من الطعام. والناهل بمعنى الريان والمراد هنا الشبع.

(٣) الزغابة ـ بالضم ـ : موضوع بقرب المدينة.

(٤) العقيق : اسم عدة مواضع بلاد العرب منها عقيق المدينة وهو على ثلثة أميال أو ميلين منها.

(٥) شأمهم وعليهم اى صادر شوما عليه.

٢٤٦

بين محمد ، وقد وفي لنا محمد وأحسن جوارنا ، فنزل اليه من غرفته فقال له : من أنت؟ قال : حيي بن أخطب ، قد جئتك بعز الدهر ، فقال كعب : بل جئتني بذل الدهر ، فقال : يا كعب هذه قريش في قادتها وسادتها قد نزلت بالعقيق مع حلفائهم من كنانة ، وهذه فزارة مع قادتها وسادتها قد نزلت الزغابة ، وهذه سليم وغيرهم قد نزلوا حصن بنى ذبيان ، ولا يفلت محمد من هذا الجمع أبدا فافتح الباب وانقض العهد الذي بينك وبين محمد ، فقال كعب : لست بفاتح لك الباب ارجع من حيث جئت ، فقال حيي : ما يمنعك من فتح الباب الا جشيشتك (١) التي في التنور تخاف ان أشركك فيها فافتح فانك آمن من ذلك فقال له كعب : لعنك الله قد دخلت على من باب دقيق ثم قال : افتحوا له الباب ، ففتح له فقال : ويلك يا كعب انقض العهد الذي بينك وبين محمد ولا ترد رأيى فان محمدا لا يفلت من هذه الجموع أبدا ، فان فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا.

قال : واجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود مثل غزال بن شمول وياسر بن قيس ورفاعة بن زيد والزبير بن باطا فقال لهم كعب : ما ترون؟ قالوا : أنت سيدنا والمطاع فينا وصاحب عهدنا ، فان نقضت نقضنا وان أقمت أقمنا معك ، وان خرجت خرجنا معك ، فقال الزبير بن باطا ـ وكان شيخا كبيرا مجريا وقد ذهب بصره ـ : قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبيا في آخر الزمان يكون مخرجه بمكة ومهاجرته الى المدينة في هذه البحيرة (٢) يركب الحمار العرى ويلبس الشملة ويجتزى بالكسيرات والتميرات وهو الضحوك القتال ، في عينيه الحمرة وبين كتفيه خاتم النبوة ، يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى ، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر ، فان كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء جمعهم ولو ناوته (٣)

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر والبحار ومن كتب العامة كالسيرة لابن هشام وفي الأصل «حسيسك» بالسين والجشيشة : طعام يصنع من الجشيش وهو البر يطحن غليظا.

(٢) قال الجزري : البحيرة : مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) المناواة : المعاداة.

٢٤٧

هذه الجبال الرواسي لغلبها ، فقال حيي : ليس هذا وذاك ذاك النبي من بنى إسرائيل وهذا من العرب من ولد إسماعيل ، ولا يكون بنو إسرائيل اتباعا لولد إسماعيل أبدا لان الله قد فضلهم على الناس جميعا ، وجعل فيهم النبوة والملك ، وقد عهد إلينا موسى (أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) ، وليس مع محمد آية وانما جمعهم جمعا وسخرهم ويريد ان يغلبهم بذلك فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه فقال لهم : اخرجوا الكتاب الذي بينكم وبين محمد فأخرجوه فأخذه حيي بن أخطب ومزقه وقال : قد وقع الأمر فتجهزوا وتهيأوا للقتال وبلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك فغمه غما شديدا ، وفزع أصحابه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لسعد بن معاذ وأسيد بن حصين وكانا من الأوس وكانت بنو قريظة حلفاء الأوس فانظرا ما صنعوا فان كانوا نقضوا العهد فلا تعلما أحدا إذا رجعتما الى وقولا عضل والقارة (١) فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن حصين الى باب الحصن فأشرف عليهما كعب من الحصن فشتم سعدا وشتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. فقال له سعد : انما أنت ثعلب في جحر لتولين قريش وليحاصرنك رسول الله ثم لينرلنك على الصغر والقماء (٢) وليضربن عنقك ، ثم رجعا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : عضل والقارة (٣) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لعنا نحن أمرناهم بذلك وذلك انه كان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عيون لقريش يتجسسون أخباره (٤) وكانت

__________________

(١) عضل والقارة : قبيلتان من كنانة غدروا بأصحاب الرجيع خبيب وأصحابه ، حيث طلبت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نفرا من المسلمين ليعلموهم فقالوا : يا رسول الله فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة من أصحابه فيهم خبيب بن عدى سنة من المهاجرين وأربعة من الأنصار فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع وهو ماء غدروا بهم وقتلوا منهم ستة أو ثمانية وأسروا خبيب الى آخر ما ذكره المؤرخون وسيأتى من المصنف بيان في ذلك.

(٢) القماء : الذل والصفار.

(٣) اى غدروا كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع.

(٤) قوله «لعنا» قال المجلسي (ره) اى لعن العضل والقارة والمراد كل من غدر ثم قال : صلى‌الله‌عليه‌وآله على سبيل التورية. نحن امرناهم بذلك اى نحن أمرنا بنى قريظة أن يظهر والغدر للمصلحة ـ

٢٤٨

عضل والقارة قبيلتان من العرب دخلا في الإسلام ثم غدرا فكان إذا عدل أحد ضرب بهما المثل فيقال : عضل والقارة.

ورجع حيي بن أخطب الى أبي سفيان وقريش فأخبرهم بنقض بنى قريظة العهد بينهم وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ففرحت قريش بذلك ، فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود الأشجعي الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام فقال : يا رسول الله قد آمنت بالله وصدقتك وكتمت إيماني عن الكفرة ، فان أمرتنى أن آتيك بنفسي وأنصرك بنفسي فعلت ، وان أمرتنى ان أخذل بين اليهود وبين قريش فانه أوقع عندي ، قال : فتأذن لي ان أقول فيك ما أريد؟ قال : قل ما بدا لك ، فجاء الى أبي سفيان فقال له : أتعرف مودتى لكم ونصحى ومحبتي أن ينصركم الله على عدوكم ، وقد بلغني ان محمدا قد وافق اليهود ان يدخلوا بين عسكركم ويميلوا عليكم ووعدهم إذا فعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه بنى النضير وقينقاع ، فلا أرى ان تدعوهم أن يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثوا به الى مكة فتأمنوا مكرهم وغدرهم ، فقال ابو سفيان : وفقك الله وأحسن جزاك منك من أهدى النصائح ، ولم يعلم أبو سفيان بإسلام نعيم ولا أحد من اليهود ، ثم جاء من فوره ذلك الى بنى قريظة فقال له : يا كعب تعلم مودتى لكم وقد بلغني ان أبا سفيان قال : نخرج بهؤلاء اليهود فنضعهم في نحر محمد فان ظفروا كان الذكر لنادونهم ، وان كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب فما ارى لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم ، انهم ان لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يردوا عليكم عهدكم وعقدكم بين محمد وبينكم ، لأنه ان ولت قريش ولم تظفروا بمحمد غزاكم محمد فيقتلكم ، فقالوا : أحسنت وأبلغت في النصيحة لا نخرج من حصننا حتى نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا.

__________________

وهم موافقون لنا في الباطن وانما قال ذلك لئلا يكون هنا لك عين من عيون قريش فيعلموا بالغدر فيصير سببا لجرأتهم.

٢٤٩

وأقبلت قريش فلما نظروا الى الخندق قالوا : هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك ، فقيل لهم : هذا من تدبير الفارسي الذي معه ، فوافى عمرو بن عبد ود وهبيرة بن وهب وضرار بن الخطاب الى الخندق ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد صف أصحابه بين يديه فصاحوا بخيلهم حتى ظفروا الخندق (١) الى جانب رسول الله فصاروا أصحاب رسول الله كلهم خلف رسول الله وقدموا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أيديهم ، وقال رجل من المهاجرين وهو فلان لرجل بجنبه من إخوانه : اما ترى هذا الشيطان عمروا لا والله ما يفلت من يديه أحد ، فهلموا ندفع اليه محمدا ليقتله ونلحق نحن بقومنا ، فأنزل الله عزوجل : على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك الوقت : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) الى قوله تعالى : (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) وركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض وأقبل يجول جولة ويرتجز ويقول :

ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن الشجاع مواقف القرن المناجز (٢)

انى كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزاهز

ان الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرايز (٣)

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لهذا الكلب؟ فلم يجبه أحد فوثب اليه أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : أنا له يا رسول الله ، فقال : يا على هذا عمرو بن عبد ود فارس يليل (٤)

__________________

(١) الطفرة ـ : الوثبة في ارتفاع.

(٢) بح بححا : اخذه بحة وخشونة وغلظ في صوته والمناجزة في الحرب : المبارزة والمقاتلة.

(٣) الهزاهز : البلايا والحروب والشدائد التي تهز اى تحرك الناس والغريزة الطبيعة.

(٤) يليل : واد قرب من بدر وقيل له فارس يليل لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذ هو ـ

٢٥٠

فقال : أنا على بن أبي طالب ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ادن منى فدنا منه فعممه بيده ودفع اليه سيفه ذا الفقار وقال له : اذهب وقاتل بهذا وقال : اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته ، فمر أمير المؤمنين صلوات الله عليه يهرول في مشيه وهو يقول :

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة والصدق منجى كل فائز

انى لأرجو ان أقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى صيتها بعد الهزاهز (١)

فقال له عمرو : من أنت؟ قال : انا على بن أبي طالب ابن عم رسول الله وختنه فقال : والله ان أباك كان لي صديقا ونديما وانى أكره أن أقتلك. ما امن ابن عمك حين بعثك الى ان اختطفك برمحي هذا فاتركك شائلا (٢) بين السماء والأرض لا حي ولا ميت ، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه : قد علم ابن عمى انك ان قتلتني دخلت الجنة وأنت في النار ، وان قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنة. فقال عمروا : كلتاهما لك يا على ، تلك إذا قسمة ضيزى فقال على صلوات الله عليه : دع هذا يا عمرو انى سمعت منك وأنت متعلق بأستار الكعبة تقول : لا يعرضن على أحد في الحرب ثلاث خصال الا أجبته الى واحدة منها ، وانا أعرض إليك ثلاث خصال فأجبنى الى واحدة قال : هات يا على ، قال : أحدها تشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، قال : نح عنى هذا فاسأل الثانية ، فقال : ان ترجع وترد هذا الجيش عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فان يك صادقا فأنتم أعلى به عينا وان يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره (٣) قال : إذا

__________________

ـ بيليل عرضت لهم بنو بكر في عدد فقال لأصحابه : امضوا فمضوا فقام في وجوه بنى بكر حتى منعهم من أن يصلوا اليه فعرف بذلك.

(١) طعنة نجلاء اى واسعة.

(٢) شائلا اى مرتفعا.

(٣) قوله عليه‌السلام أعلى به عينا اى أبصر به وأعلم بحاله. وذؤبان العرب ، صعاليكها ولصوصها.

٢٥١

تتحدث نساء قريش وتنشد الشعراء في أشعارها انى جبنت ورجعت على عقبى من الحرب وخذلت قوما رأسونى عليهم؟ فقال له أمير المؤمنين : فالثالثة ان تنزل الى قتالي فانك فارس وانا راجل حتى أنا بذك (١) فوثب عن فرسه وعرقبه (٢) وقال : هذه خصلة ما ظننت ان أحدا من العرب يسومني عليها (٣) ثم بدأ فضرب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالسيف على رأسه فاتقاه أمير المؤمنين بالدرقة (٤) فقطعها وثبت السيف على رأسه فقال له على صلوات الله عليه : يا عمر وما كفاك انى بارزتك وأنت فارس العرب حتى استعنت على بظهير؟ فالتفت عمرو الى خلفه فضربه أمير المؤمنين صلوات الله عليه مسرعا الى ساقيه فقطعهما جميعا وارتفعت بينهما عجاجة (٥) فقال المنافقون : قتل على بن أبي طالب ، ثم انكشفت العجاجة ونظروا فاذا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على صدره قد أخذ بلحيته يريد أن يذبحه ثم أخذ رأسه وأقبل الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو ، وسيفه يقطر منه الدم وهو يقول والرأس بيده :

انا ابن عبد المطلب (٦)

الموت خير للفتى من الهرب

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا على ما كرته؟ قال : نعم يا رسول الله الحرب خديعة وبعث رسول الله الزبير الى هبيرة بن وهب فضربه على رأسه ضربة فلق هامته وأمير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب ، فلما برز اليه ضرار انتزع له عمر سهما فقال له ضرار : ويلك يا ابن صهاك أترميني في مبارزة والله لئن رميتني لا تركت عدويا بمكة الا قتلته ، فانهزم عند ذلك عمر ، ومر نحو ضرار وضربه ضرار على رأسه

__________________

(١) المنابذة : المكاشفة والمقاتلة.

(٢) عرقبه اى قطع عرقوبه والعرقوب : عصب غليظ فوق العقب.

(٣) سام فلانا الأمر : كلفه إياه.

(٤) الرقة ـ محركة ـ : الترس من جلود ليس فيها خشب ولا عقب.

(٥) العجاج ـ كسحاب ـ : الغبار.

(٦) في المصدر «انا على وابن عبد المطلب».

٢٥٢

بالقناة ثم قال : احفظها يا عمر فانى آليت الا أقتل قرشيا ما قدرت عليه فكان عمر يحفظ له ذلك بعد ما ولى وولاه.

فبقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحاربهم في الخندق خمسة عشر يوما ، فقال أبو سفيان لحيي بن اخطب : ويلك يا يهودي أين قومك؟ فصار حيي بن أخطب إليهم فقال : ويلكم اخرجوا فقد نابذكم الحرب فلا أنتم مع محمد ولا أنتم مع قريش؟ فقال كعب : لسنا خارجين حتى تعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا انهم ان لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يرد محمد علينا خلاف عهدنا وعقدنا فانا لا نأمن ان تمر قريش ونبقى نحن في عقر دارنا ويغزونا محمد فيقتل رجالنا ويسبى نسائنا وذرارينا ، وان لم نخرج لعله يرد علينا عهدنا ، فقال له حيي بن أخطب : تطمع في غير مطمع ، قد نابذت العرب محمدا الحرب فلا أنتم مع محمد ولا أنتم مع قريش ، فقال كعب : هذا من شؤمك انما أنت طائر تطير مع قريش غدا وتتركنا في عقر دارنا ويغزونا محمد ، فقال له : لك عهد الله على وعهد موسى انه لم يظفر قريش بمحمد انى أرجع معك الى حصنك يصيبني ما يصيبك فقال كعب : هو الذي قد قلته لك ان أعطتنا قريش رهنا يكونون عندنا والا لم نخرج ، فرجع حيي بن اخطب الى قريش فأخبرهم فلما قال : يسألون الرهن قال أبو سفيان : هذا والله أول الغدر قد صدق نعيم بن مسعود لا حاجة في اخوان القردة والخنازير ، فلما طال على أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الأمر واشتد عليهم الحصار وكانوا في وقت برد شديد وأصابتهم مجاعة وخافوا من اليهود خوفا شديدا ، وتلكم المنافقون بما حكى الله عزوجل عنهم ولم يبق أحد من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا نافق الا القليل ، وقد كان رسول الله أخبر أصحابه ان العرب تتحزب على ويجيئونا من فوق وتغدر اليهود ونخافهم من أسفل وانه يصيبهم جهد شديد ولكن يكون العاقبة لي عليهم ، فلما جاءت قريش وغدرت اليهود قال المنافقون : (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة فقالوا : يا رسول الله تأذن لنا ان نرجع الى دورنا فانها في أطراف المدينة وهي عورة ، ونخاف اليهود ان يغيروا عليها؟ وقال قوم : هلموا فنهرب ونصبر في البادية ونستجير بالاعراب ، فان الذي

٢٥٣

يعدنا محمد كان باطلا كله ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه ان يحرسوا المدينة بالليل وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه على العسكر كله بالليل يحرسهم ، فان تحرك أحد من قريش نابذهم ، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يجوز الخندق ويصير الى قرب قريش حيث يراهم فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلى فاذا أصبح رجع الى مركزه ، ومسجد أمير المؤمنين صلوات الله عليه هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلى فيه وهو من مسجد الفتح الى العقيق أكثر من غلوة نشاب ، فلما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أصحابه الجزع لطول الحصار صعد الى مسجد الفتح وهو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم.

فدعا الله عزوجل وناجاه فيما وعده وكان مما دعاه أن قال : يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا كاشف الكرب العظيم أنت مولاي ووليي وولى آبائي الأولين ، اكشف عنا غمنا وهمنا وكربنا ، واكشف عنا شر هؤلاء القوم بقوتك وحولك وقدرتك ، فنزل عليه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد ان الله عزوجل قد سمع مقالتك وو أجاب دعوتك وأمر الدبور وهي الريح مع الملائكة ان تهزم قريشا والأحزاب وبعث الله عزوجل على قريش الدبور فانهزموا وقلعت أخبيتهم ، ونزل جبرئيل فأخبره بذلك فنادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حذيفة بن اليمان رضى الله عنه وكان قريبا منه فلم يجبه ، ثم ناداه ثانيا فلم يجبه ، ثم ناداه الثالثة فقال : لبيك يا رسول الله ، قال : أدعوك فلا تجيبني؟! قال : يا رسول الله بأبى أنت وأمي من الخفوف والبرد والجوع فقال : ادخل في القوم وائتنا بأخبارهم ولا تحدثن حدثا حتى ترجع الى فان الله قد أخبرنى انه قد أرسل الرياح على قريش وهزمهم ، قال حذيفة : فمضيت وانا انتفض من البرد ، فو الله ما كان الا بقدر ما جزت الخندق حتى كأنى في حمام فقصدت خباء عظيما فاذا نار تخبو وتوقد ، وإذا خيمة فيها ابو سفيان قد دلا خصيتيه على النار وهو ينتفض من شدة البرد ويقول : يا معشر قريش ان كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمد فلا طاقة لنا بأهل السماء وان كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم ، ثم قال : لينظر كل رجل منكم الى جليسه لا يكون لمحمد عين فيما بيننا قال حذيفة : فبادرت أنا فقلت للذي عن يميني : من أنت؟ فقال : أنا عمرو بن العاص ، ثم قلت للذي عن يساري : من أنت؟ قال: انا معاوية ، و

٢٥٤

انما بادرت الى ذلك لئلا يسألني أحد من أنت ، ثم ركب ابو سفيان راحلته وهي معقولة ولولا ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا تحدث حدثا حتى ترجع الى لقدرت ان أقتله ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد : يا با سليمان لا بد من ان أقيم أنا وأنت على ضعفاء الناس ، ثم قال : ارتحلوا انا مرتحلون ففروا منهزمين ، فلما أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأصحابه : لا تبرحوا فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة وبقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في نفر يسير وكان أبو عرقد الكناني رمى سعد بن معاذ بسهم في الخندق فقطع أكحله فنزفه الدم (١) فقبض سعد على أكحله بيده ثم قال : اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فابقنى لها فلا أحد أحب الى محاربتهم من قوم حاربوا الله ورسوله ، وان كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين قريش فاجعلها لي شهادة ولا تمتنى حتى تقر عيني من بنى قريظة ، فأمسكت الدم وتورمت يده وضرب له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد خيمة وكان يتعاهده بنفسه. فأنزل الله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) يعنى بنى قريظة حين غدروا وخافوهم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) الى قوله : (إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) وهم الذين قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تأذن لنا نرجع الى منازلنا فانها في أطراف المدينة ، ونخاف اليهود عليها. فانزل الله عزوجل فيهم : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) الى قوله تعالى (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) ونزلت هذه الآية في الثاني لما قال لعبد الرحمن بن عوف : هلم ندفع محمدا الى قريش ونلحق نحن بقومنا.

٣٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه:ولان الصبر على ولاة الأمر مفروض لقول الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته بقوله : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).

__________________

(١) نزفه الدم اى سال كثيرا حتى أضعفه.

٢٥٥

٣٩ ـ وفيه أيضا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام كلام طويل وفيه واما قولكم انى جعلت الحكم الى غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس فهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد جعل الحكم الى سعد يوم بنى قريظة وكان احكم الناس. وقد قال الله : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) فتأسيت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٠ ـ في مجمع البيان قال ثعلبة بن حاطب وكان رجلا من الأنصار للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ادع الله أن يرزقني مالا ، فقال : يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه أما لك في رسول الله أسوة حسنة ، والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معى ذهبا وفضة لسارت.

٤١ ـ في أصول الكافي احمد بن مهران رحمه‌الله رفعه وأحمد بن إدريس ومحمد بن عبد الجبار الشيباني قال : حدثني القاسم بن محمد الرازي قال : حدثني على ابن محمد الهرمز اى عن أبي عبد الله الحسين بن على عليهما‌السلام قال : لما قبضت فاطمة عليها‌السلام دفنها أمير المؤمنينعليه‌السلام سرا وعفي على موضع قبرها (١) ثم قال : فحول وجهه الى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : السلام عليك يا رسول الله عنى والسلام عليك عن ابنتك والبائنة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق (٢) بك قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وعفي عن سيدة نساء العالمين تجلدي (٣) الا ان في التأسى لي بسنتك في فرقتك موضع تعزو والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن النعمان عن سعيد الأعرج قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : نام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الصبح والله عزوجل أنامه حتى طلعت الشمس عليه ، وكان ذلك رحمة من ربك للناس ، الا ترى لو ان رجلا نام حتى تطلع الشمس لعيره الناس وقالوا : لا تتورع لصلوتك فصارت أسوة وسنة ، فان قال رجل لرجل : نمت عن الصلوة ، قال : قد نام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصارت أسوة

__________________

(١) العفو : المحو : وعفى على الأرض : غطاها بالنبات.

(٢) في الوافي : والمختار الله اضافة الى الفاعل ومفعول سرعة اللحاق.

(٣) عفى عن الشيء : أمسك عنه. والتجلد : تكلف الجلد ـ بالتحريك ـ وهو القوة والشدة.

٢٥٦

ورحمة ، رحم الله سبحانه بها هذه الامة.

٤٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن النعمان عن سعيد الأعرج قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول الله أحدث في الصلوة شيء؟ قال : وما ذاك؟ قالوا : انما صليت ركعتين قال : أكذلك يا ذا اليدين وكان يدعى ذا الشمالين ، فقال : نعم فبنى على صلوته فأتم الصلوة أربعا وقال : ان الله هو أنساه رحمة للامة ، ألا ترى لو ان رجلا صنع هذا لعير وقيل : ما تقبل صلوتك ، فمن دخل عليه اليوم ذاك قال : قد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصارت أسوة وسجد سجدتين لمكان الكلام.

٤٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا صلى العشاء الاخرة أمر بوضوئه وسواكه يوضع عند رأسه مخمرا (١) فيرقد ما شاء الله ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع ركعات ، ثم يرقد ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع ركعات ثم يرقد ، حتى إذا كان في وجه الصبح قام فأوتر ثم صلى الركعتين ثم قال : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)

٤٥ ـ في كتاب الخصال عن عتبة بن عمر الليثي عن أبي ذر رحمه‌الله قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في المسجد جالس الى أن قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليك بتلاوة كتاب الله ، وذكر الله كثيرا ، فانه ذكر لك في السماء ، ونور لك في الأرض.

٤٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم وصف الله عزوجل المؤمنين اى المصدقين بما أخبرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما يصيبهم في الخندق من الجهد فقال جل ذكره : (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً) يعنى ذلك الجهد والخوف وتسليما.

٤٧ ـ في الكافي حميد عن ابن سماعة عن عبد الله بن جبلة عن محمد بن مسعود الطائي عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) خمر الشيء : ستره.

٢٥٧

من استقبل جنازة أو رءاها فقال : الله أكبر (هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) وصدق الله اللهم زدنا ايمانا وتسليما ، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت لم يبق في السماء ملك الا بكى رحمة لصوته.

٤٨ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال لأبي بصير : يا با محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) انكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا. وانكم لم تبدلوا بنا غيرنا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على من أحبك ثم مات فقد قضى نحبه ، ومن أحبك ولم يمت فهو ينتظر ، وما طلعت شمس ولا غربت الا طلعت عليه برزق وايمان وفي نسخة نور.

٥٠ ـ في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ولقد كنت عاهدت الله تعالى ورسوله انا وعمى حمزة وأخى جعفر وابن عمى عبيدة على امر وفينا به لله تعالى ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فتقدمني أصحابى وتخلفت بعدهم لما أراد الله تعالى فأنزل الله فينا (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) حمزة وجعفر وعبيدة وانا والله المنتظر يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا.

٥١ ـ عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : هذه شرائع الدين الى ان قالعليه‌السلام : والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهم عليه‌السلام وأحبته مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر وجابر بن عبد الله الأنصاري وحذيفة بن اليمان وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الصامت وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري ومن نحى نحوهم وفعل مثل فعلهم ، والولاية

٢٥٨

لاتباعهم والمقتدمين بهم وبهداهم واجبة.

٥٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما كتبه الرضا عليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدين والولاية لأمير المؤمنين عليه‌السلام والذين مضوا على منهاج نبيهم ، ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري ، وذكر نحو ما نقلنا عن الخصال بتغيير يسير.

٥٣ ـ في مجمع البيان وروى أبو القاسم الحسكاني عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن على عليه‌السلام قال : فينا نزلت : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) فانا والله المنتظر ما بدلت تبديلا.

٥٤ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب الاول من تفسير أبي جعفر بن محمد بن على بن الحسين صلوات الله عليهما رواية أبي الجارود عنه وقال بعد هذا : فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير الباقر عليه‌السلام من وجهة ثانية من ثانى سطر بلفظه واما قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) يقول : كونوا مع على بن أبي طالب وآل محمد ، قال الله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) وهو حمزة بن عبد المطلب (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) وهو على بن أبي طالب يقول الله (وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) وقال الله : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وهم هاهنا آل محمد.

٥٥ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله في مقتل الحسين عليه‌السلام : ان الحسين مشى الى مسلم بن عوسجة لما صرع فاذا به رمق فقال : رحمك الله يا مسلم (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).

٥٦ ـ في كتاب مقتل الحسين لأبي مخنف ان الحسين عليه‌السلام لما أخبر بقتل رسوله عبد الله بن يقطر تغرغرت عينه بالدموع (١) وفاضت على خديه ثم قال :

__________________

(١) اى ترددت فيها الدموع.

٢٥٩

(فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).

٥٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب ان أصحاب الحسين عليه‌السلام بكربلا كانوا كل من أراد الخروج ودع الحسين عليه‌السلام وقال : السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه : وعليك السلام ونحن خلفك ويقرأ (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ).

٥٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن نصير أبي الحكم الخثعمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : المؤمن مؤمنان فمؤمن صدق بعهد الله جل وعز ووفي بشرطه ، وذلك قول الله عزوجل : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) وذلك الذي لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة ، وذلك ممن يشفع ولا يشفع له ، ومؤمن كخامة الزرع (١) يعوج أحيانا ويقوم أحيانا ، فذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة وذلك ممن يشفع له ولا يشفع.

٥٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن عبد الله عن خالد القمى عن خضر بن عمرو عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : المؤمن مؤمنان : مؤمن وفي لله عزوجل بشروطه التي اشترطها عليه ، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، فذلك ممن يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة ، ومؤمن زلت به قدم ، وذلك كخامة الزرع كيف ما كفته الريح انكفأ ، وذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة ويشفع له وهو على خير.

٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن الحسن بن على عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لمعاوية : لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا سفيان في سبعة مواطن الى قوله : والرابع يوم حنين جاء أبو سفيان بجمع من قريش وهوازن وجاء عيينة بغطفان واليهود فردهم الله عزوجل (بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً) ، هذا قول الله عزوجل الذي أنزله في سورتين في كلتيهما يسمى أبا سفيان وأصحابه كفارا ، وأنت يا معاوية يومئذ

__________________

(١) الخامة من الزرع : أول ما ينبت على ساق ، وقيل : الطاقة الغضة وقيل : الشجرة الغضة.

٢٦٠