تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

تتبعها نوائح ، وقول أم كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلى بالناس فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليه‌السلام ان ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف كان هذا مما لا يحسن تعرضه؟ فقال : ذلك كان ولكنه خير في تلك الليلة لتمضي مقادير الله عزوجل.

١٢٠ ـ في كتاب مقتل الحسين عليه‌السلام لأبي مخنف وان الحسين لما نزل كربلاء وأخبر باسمها بكى بكاء شديدا وقال : أرض كرب وبلاء ، قفوا ولا تبرحوا وحطوا ولا ترحلوا ، فهاهنا والله محط رحالنا وهاهنا والله سفك دمائنا ، وهاهنا والله تسبى حريمنا ، وهاهنا والله محل قبورنا ، وهاهنا والله محشرنا ومنشرنا وبهذا وعدني جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا خلاف لوعده.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من قرأ سورة السجدة في كل ليلة جمعة أعطاه الله كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما كان منه ، وكان من رفقاء محمد وأهل بيته صلى الله عليهم.

٢ ـ وباسناده عن الصادق عليه‌السلام قال : من اشتاق الى الجنة والى صفتها فليقرأ الواقعة ومن أحب ان ينظر الى صفة النار فليقرأ سجدة لقمان.

٣ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن قرأ الم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك فكأنما أحيى ليلة القدر.

٤ ـ وروى ليث بن أبي الزبير عن جابر قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك.

٥ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان العزائم أربع : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ، والنجم ، وتنزيل السجدة ، وحم السجدة.

٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ)

٢٢١

يعنى الأمور التي يدبرها والأمر والنهى الذي أمر به ، وأعمال العباد كل هذا يظهر يوم القيامة فيكون مقدار ذلك اليوم ألف سنة من سنى الدنيا.

٧ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال في كلام طويل : فان في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل الف سنة مما تعدون ، ثم تلا هذه الآية : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ).

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : قد نقلنا طرفا من الاخبار فيه بيان شاف عند قوله عزوجل : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) في سورة الحج (١).

٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) قال : هو آدم.

٩ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع سليمان المروزي يقول فيه المأمون بعد كلام طويل : يا عمران هذا سليمان المروزي متكلم خراسان ، قال عمران : يا أمير المؤمنين انه يزعم انه واحد خراسان في النظر وينكر البداء؟ قال.

فلم تناظره؟ قال عمران : ذلك إليك ، فدخل الرضا عليه‌السلام فقال : في أى شيء أنتم؟قال عمران : يا بن رسول الله هذا سليمان المروزي فقال له سليمان : أترضى بأبى الحسن وبقوله فيه؟ فقال عمران : قد رضيت بقول ابى الحسن في البداء على ان يأتيني فيه بحجة احتج بها على نظرائى من أهل النظر ، قال المأمون : يا أبا الحسن ما تقول فيما تشاجرا فيه؟ قال : وما أنكرت من البداء يا سليمان ، والله عزوجل يقول : (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) ويقول عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ويقول : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ويقول عزوجل : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) ويقول : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) ويقول عزوجل : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) ويقول عزوجل : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم : (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) اى ولده من سلالة وهو الصفوة من الطعام والشراب (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) قال : النطفة المنى ثم سواه اى استحاله من نطفة الى

__________________

(١) راجع صفحة ٥٠٩ من الجزء الثالث.

٢٢٢

علقة ، ومن علقة الى مضغة ، حتى نفخ فيه الروح.

١١ ـ في جوامع الجامع وروى عن على عليه‌السلام وابن عباس «صللنا» بالصاد وكسر اللام من صل اللحم وأصل إذا أنتن.

١٢ ـ في كتاب التوحيد عن على عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات فأما قوله : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) يعنى البعث ، فسماه الله عزوجل لقاه ، واما قوله : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) وقوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) وقوله : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وقوله : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء ، ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء ، اما ملك الموت فان الله يوكله بخاصة من يشاء من خلقه ، ويوكل رسله من يشاء من خاصته بمن يشاء من خلقه ، يدبر الأمور كيف يشاء. وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس ، لان فيهم القوى والضعيف ، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله ، الا ان يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه ، وانما يكفيك ان تعلم ان الله المحيي المميت ، وانه يتوفى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته وغيرهم.

١٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وعن قول الله عزوجل : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) وعن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وعن قول الله عزوجل : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) وعن قوله عزوجل : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) وقد يموت في الدنيا في الساعة الواحدة في جميع الافاق ما لا يحصيه الا الله عزوجل ، فكيف هذا؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة

٢٢٣

له أعوان من الانس يبعثهم في حوائجه ، فتتوفاهم الملائكة ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.

١٤ ـ في الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن على بن عقبة عن أسباط بن سالم مولى أبان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام جعلت فداك يعلم ملك الموت بقبض (١) من يقبض؟ قال : لا انما هي صكاك تنزل من السماء : اقبض نفس فلان بن فلان.

١٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن عمر بن عثمان عن المفضل بن صالح عن زيد الشحام قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن ملك الموت يقال : الأرض بين يديه كالقصعة يمد يديه منها حيث يشاء؟ فقال : نعم.

١٦ ـ محمد عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن لحظة ملك الموت؟ قال : أما رأيت الناس يكونون جلوسا فتعتريهم السكينة فما يتكلم أحد منهم فتلك لحظة ملك الموت حيث يلحظهم.

١٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن محمد بن سكين قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يقول : استأثر الله بفلان ، فقال : ذا مكروه فقيل : فلان يجود بنفسه؟ فقال : لا بأس أما تراه يفتح فاه عند موته مرتين أو ثلاثا ، فذلك حين يجود بها لما يرى من ثواب الله عزوجل وقد كان بها ضنينا.

١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن هشام عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسرى بى الى السماء رأيت ملكا من الملائكة بيده لوح من نور لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه كهيئة الحزين ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ قال : هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح فقلت : أدنني منه يا جبرئيل لأكلمه فأدنانى منه. فقلت له : يا ملك الموت أكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه؟ قال : نعم ، قلت : تحضرهم بنفسك؟ قال : نعم ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها

__________________

(١) وفي بعض النسخ «نفس من يقبض».

٢٢٤

الله عزوجل لي ومكننى منها الا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف شاء ، وما من دار في الدنيا الا وأدخلها في كل يوم خمس مرات وأقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم : لا تبكوا عليه فان لي إليكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كفي بالموت طامة يا جبرئيل (١). فقال جبرئيل : ما بعد الموت أطم وأعظم من الموت.

١٩ ـ في نهج البلاغة هل يحس به أحد إذا دخل منزلا أم هل تراه إذا توفي أحدا ، بل كيف يتوفى الجنين في بطن امه أيلج عليه من بعض جوارحها ، أم الروح اجابته بإذن ربها ، أم هو ساكن معه في أحشائها ، كيف يصف إلهه من يعجز عن صفة مخلوق مثله.

٢٠ ـ في مجمع البيان وروى عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الأمراض والأوجاع كلها بريد الموت ورسل الموت ، فاذا حان الأجل أتى ملك الموت بنفسه فقال : يا ايها العبد كم خبر بعد خبر. وكم رسول بعد رسول ، وكم بريد بعد بريد؟ انا الخبر الذي ليس بعدي خبر ، وانا الرسول أجب ربك طائعا أو مكرها ، فاذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال : على من تصرخون وعلى من تبكون؟ فو الله ما ظلمت له أجلا ولا أكلت له رزقا ، بل دعاه ربه فليبك الباكي على نفسه ، وان لم فيكم عودات وعودات حتى لا أبقى منكم أحدا.

٢١ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال ابو جعفر عليه‌السلام : ان آية المؤمن إذا حضره الموت ان يبيض وجهه أشد من بياض لونه ، ويرشح جبينه ويسيل من عينه كهيئة الدموع فيكون ذلك آية خروج روحه ، وان الكافر تخرج روحه سيلا من شدقه كزبدا البعير كما يخرج نفس الحمار.

٢٢ ـ وسئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف يتوفى ملك الموت المؤمن؟ فقال : ان ملك الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى ، فيقوم هو وأصحابه لا يدنو منه حتى يبدأ بالتسليم ويبشره بالجنة.

٢٣ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان المؤمن إذا حضره الموت وثقه ملك

__________________

(١) الطامة : الداهية تغلب ما سواها قيل لها ذلك لأنها تطم كل شيء اى تعلوه وتغطيه.

٢٢٥

الموت فلو لا ذلك لم يستقر.

٢٤ ـ في عوالي اللئالى وفي الحديث ان إبراهيم عليه‌السلام لقى ملكا فقال له : من أنت؟ قال : انا ملك الموت ، فقال : أتستطيع ان تريني الصورة التي تقبض فيها روح المؤمن؟ قال : نعم أعرض عنى فأعرض عنه فاذا شاب حسن الصورة حسن الثياب حسن الشمائل طيب الرائحة فقال : يا ملك الموت لو لم يلق المؤمن الأحسن صورتك لكان حسبه ثم قال : هل تستطيع ان تريني الصورة التي تقبض فيها روح الفاجر؟ فقال : لا تطيق فقال : بلى ، قال : أعرض عنى فأعرض عنه ثم التفت اليه فاذا هو رجل اسود قائم الشعر منتن الرائحة أسود الثياب يخرج من فيه ومن مناخره النيران والدخان ، فغشى على إبراهيم ثم أفاق وقد عاد ملك الموت الى حالته الاولى ، فقال : يا ملك الموت لو لم يلق الفاجر الا صورتك هذه لكفته.

٢٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : ولو ترى إذا (الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا) في الدنيا ولم نعمل به فارجعنا الى الدنيا (نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) قال : لو شئنا ان نجعلهم كلهم معصومين لقدرنا.

٢٦ ـ وقوله عزوجل : (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ) اى تركناكم.

٢٧ ـ وقوله عزوجل : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فانه حدثني ابى عن عبد الرحمان بن أبى نجران عن عاصم بن حميد عن ابى عبد اللهعليه‌السلام قال : ما من عمل حسن يعمله العبد الا وله ثواب في القرآن الا صلوة الليل فان الله عزوجل لم يبين ثوابها العظيم خطره عنده ، فقال جل ذكره : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) الى قوله تعالى «يعملون» ثم قال : ان الله عزوجل كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة ، فاذا كان يوم الجمعة بعث الله الى المؤمن ملكا معه حلة (١) فينتهي الى باب الجنة ، فيقول استأذنوا الى على فلان فيقال له: هذا

__________________

(١) وفي بعض النسخ «حلتان».

٢٢٦

رسول ربك على الباب فيقول لأزواجه : اى شيء ترين على أحسن؟ فيقلن : يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك أحسن من هذا قد بعث إليك ربك فيتزر بواحدة ويتعطف بالأخرى ، فلا يمر بشيء الا أضاء له حتى ينتهى الى الموعد ، فاذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى ، فاذا نظروا اليه اى الى رحمته خروا سجدا فيقول : عبادي ارفعوا رؤسكم ليس هنا يوم سجود ولا عبادة ، قد رفعت عنكم المؤنة ، فيقولون : يا رب وأى شيء أفضل مما أعطيتنا؟ أعطيتنا الجنة فيقول : لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا ، فيرجع المؤمن في كل جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه وهو قوله : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) وهو يوم الجمعة انها ليلة غراء ، ويوم أزهر (١) فأكثروا فيها من التسبيح والتهليل والتكبير والثناء على الله عزوجل ، والصلوة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فيمر المؤمن فلا يمر بشيء الا أضاء له حتى ينتهى الى أزواجه ، فيقلن : والذي أبا حنا الجنة يا سيدنا ما رأيناك أحسن منك الساعة ، فيقول : انى قد نظرت الى نور ربي ثم قال : ان أزواجه لا يغرن ولا يحضن ولا يصلفن قال قلت : جعلت فداك انى أردت ان أسألك عن شيء أستحيى منه ، ثم قلت : أفي الجنة غناء؟ قال : ان في الجنة شجرا يأمر الله رياحها فتهب فتضرب تلك الشجر بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها حسنا ، ثم قال : هذا عوض لمن ترك السماع للغناء في الدنيا مخافة الله قال : قلت : جعلت فداك زدني فقال : ان الله تعالى خلق جنة بيده ولم ترها عين ولم يطلع عليها مخلوق يفتحها الرب كل صباح فيقول : ازدادي ريحا ازدادي طيبا وهو قول الله (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).

٢٨ ـ في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال : قال الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام : ان الناس يعبدون الله على ثلثة أوجه : فطبقة تعبده رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع ، وآخرون يعبدونه فرقا فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة ، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام وهو الأمن والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبى عبيدة الحذاء عن أبى جعفر عليه‌السلام

__________________

(١) وفي نسخة البحار «ان ليلها ليلة فراء ويومها يوم أزهر».

٢٢٧

قال : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) لعلك ترى ان القوم لم يكونوا ينامون؟ قال قلت : الله ورسوله وابن رسوله أعلم قال : فقال : لا بد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه ، فاذا خرج النفس استراح البدن ورجع الروح قوة على العمل ، فانما ذكرهم (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) أنزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام وأتباعه من شيعتنا ينامون في أول الليل فاذا ذهب ثلثا الليل أو ما شاء الله فزعوا الى ربهم راغبين مرهبين طامعين فيما عنده ، فذكر الله في كتابه فأخبرك بما أعطاهم انه أسكنهم في جواره وأدخلهم جنته وآمنهم خوفه ، وأذهب رعبهم ، قال : قلت : جعلت فداك ان أنا قمت في آخر الليل اى شيء أقول إذا قمت؟ قال : قل الحمد لله رب العالمين واله المرسلين والحمد لله الذي يحيى الموتى ويبعث من في القبور فانك إذا قلتها ذهب عنك رجز الشيطان ووسواسه إنشاء الله.

٣٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن النعمان عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : الا أخبرك بالإسلام أصله وفرعه وذروة سنامه (١)؟ قلت : بلى جعلت فداك قال : أما أصله فالصلاة وفرعه الزكاة وذروة سنامه الجهاد ، ثم قال : ان شئت أخبرتك بأبواب الخير؟ قلت : نعم جعلت فداك ، قال : الصوم جنة والصدقة تذهب بالخطيئة وقيام الرجل في جوف الليل يذكر الله ، ثم قرأ (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ)

٣١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل عن هارون بن خارجة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : العبادة ثلاثة : قوم عبدوا الله عزوجل خوفا فتلك عبادة العبيد ، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلبا للثواب فتلك عبادة الاجراء ، وقوم عبدوا الله عزوجل حباله فتلك عبادة الأحرار ، وهي أفضل العبادة.

٣٢ ـ في محاسن البرقي عنه عن الحسن بن على بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن على بن عبد العزيز قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الا أخبرك بأصل الإسلام وفرعه وذروته وسنامه؟ قال : قلت : بلى جعلت فداك قال : أصله الصلوة وفرعه الزكاة وذروته

__________________

(١) الذرورة : المكان المرتفع. والسفام : حدبة في ظهر البعير. واللفظ كناية.

٢٢٨

وسنامه الجهاد في سبيل الله ، الا أخبرك بأبواب الخير : الصوم جنة والصدقة تحط الخطيئة ، وقيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه ، ثم قرء (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).

٣٣ ـ في مجمع البيان وروى الواحدي بالإسناد عن معاذ بن جبل قال : بينا نحن مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك وقد أصابنا الحر فتفرق القوم فاذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقربهم منى فدنوت منه فقلت : يا رسول الله انبئنى بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال : لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلوة المكتوبة وتؤدى الزكاة المفروضة ، وتصوم شهر رمضان ، قال : وان شئت انبأتك عن أبواب الخير؟ قال : قلت : أجل يا رسول الله ، قال الصوم جنة من النار ، والصدقة تكفر الخطيئة ، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغى وجه الله ثم قرأ هذه الآية : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ).

٣٤ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده قال : قال الصادق عليه‌السلام في قوله : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) قال : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة.

٣٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب كلام طويل في تزويج فاطمة عليها‌السلام من على عليه‌السلام وفيه : وباتت عندها أسماء بنت عميس أسبوعا بوصية خديجة إليها فدعا لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في دنياها وآخرتها. آثم أتاها في صبيحتها وقال : السلام عليكم أدخل رحمكم الله؟ ففتحت له الأسماء الباب وكانا نائمين تحت كساء ، فقال : على ـ حالكما فادخل رجليه بين أرجلهما فأخبر الله عن أورادهما (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) الآية فسأل عليا كيف وجدت أهلك؟ قال : نعم العون على طاعة الله ، وسأل فاطمة فقال : خير بعل ، فقال : اللهم اجمع شملهما والف بين قلوبهما واجعلهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم ، وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة ، واجعل في ذريتهما البركة واجعلهم أئمة يهدون بأمرك الى طاعتك ، ويأمرون بما يرضيك ، ثم أمر بخروج أسماء قال : جزاك الله خيرا ثم خلا بها بإشارة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٢٩

٣٦ ـ في مجمع البيان وروى في الشواذ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله «قرأت أعين».

٣٧ ـ وروى عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال : ما من حسنة الا ولها ثواب مبين في القرآن الا صلوة الليل ، فان الله عز اسمه لم يبين ثوابها لعظم خطرها ، قال : «فلا تعلم نفس» الآية.

٣٨ ـ في جوامع الجامع في الحديث يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، بله ما اطلعتكم اقرأ وان شئتم «فلا تعلم نفس» الآية.

٣٩ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن الحسن بن على بن فضال عن على بن النعمان عن الحارث بن محمد الأحول عمن حدثه عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى : انه لما اسرى بى رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن وأحلى من العسل ، وأشد استقامة من السهم ، فيه أباريق عدد النجوم على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدر الأبيض. فضرب جبرئيل بجناحيه فاذا هو مسكة ذفره ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده ان في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون والآخرون ، يثمر ثمرا كالرمان. يلقى ثمره الى الرجل فيشقها عن سبعين حلة ، والمؤمنون على كراسي وهم الغر المحجلون حيث شاءوا من الجنة ، فبيناهم كذلك إذا شرقت عليهم امرأة من فوقه تقول : سبحان الله يا عبد الله أما لنا منك دولة فيقول : من أنت؟ فتقول : انا من اللواتي قال الله : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ثم قال : والذي نفس محمد بيده انه ليجيئه كل يوم سبعون ألف ملك ما يسمونه باسمه واسم أبيه.

٤٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : من أطعم مؤمنا حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله جل وعز ما له من الأجر في الاخرة ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل الا الله رب العالمين.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : قد سبق في تفسير على بن إبراهيم قريبا حديث في بيان قوله عزوجل : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١)

__________________

(١) راجع الحديث ـ ٢٧ ـ.

٢٣٠

٤١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن الحسن بن على عليهما‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : واما أنت يا وليد بن عقبة فو الله ما ألومك ان تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر ، أم كيف تسبه فقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن ، وسماك فاسقا وهو قول الله عزوجل : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ).

٤٢ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن ابى جعفر حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ونزل بالمدينة (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فبرأه الله ما كان مقيما على الفرية من ان يسمى بالايمان في قوله الله عزوجل : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ).

٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) قال : ان على بن ابى طالب والوليد بن عقبة بن أبى معيط تشاجرا ، فقال الفاسق وليد بن عقبة : انا والله ابسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأمثل منك جثوا في الكتيبة ، فقال على صلوات الله عليه : اسكت انما أنت فاسق فأنزل الله : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) فهو على بن ابى طالبعليه‌السلام.

٤٤ ـ وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) قال : ان جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما ، فاذا بلغوا أسفلها زفرت بهم جهنم فاذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد ، فهذه حالهم وأما قوله عزوجل : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) الآية قال : العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف معنى قوله لعلهم يرجعون يعنى فإنهم يرجعون في الرجعة حتى يعذبوا.

٢٣١

٤٥ ـ في مجمع البيان واما العذاب الأدنى ففي الدنيا ، واختلف فيه الى قوله : وقيل هو عذاب القبر عن مجاهد ، وروى أيضا عن أبى عبد الله عليه‌السلام ، والأكثر في الرواية عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام ان العذاب الأدنى الدابة والدجال.

٤٦ ـ في جوامع الجامع : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) وقيل : الضمير في لقائه لموسى ، والتقدير من لقائك موسى أو من لقاء موسى إياك ليلة الإسراء بك الى السماء ، فقد روى انه عليه‌السلام قال : رأيت ليلة اسرى بى الى السماء موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة (١).

٤٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : يا حفص ان من صبر صبر قليلا ، وان من جزع جزع قليلا ، ثم قال : عليك بالصبر في جميع أمورك فان الله عزوجل بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمره بالصبر والرفق ، الى قوله فصبر صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نالوه العظائم فضاق صدره فأنزل الله عزوجل : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فانزل الله عزوجل : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ* وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) فالزم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه الصبر فتعدوا وذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال : قد صبرت في نفسي وأهلى وعرضي ولا صبر لي على ذكر الهى فانزل الله عزوجل : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) فصبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع أحواله ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) فعند ذلك قال صلى‌الله‌عليه‌وآله الصبر من الايمان كالرأس من الجسد ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا)

__________________

(١) شنوءة : موضع باليمن تنسب إليها قبائل من الأزد يقال لهم أزد شنوءة.

٢٣٢

قال كان في علم الله انهم يصبرون على ما يصيبهم فجعلهم أئمة.

٤٩ ـ حدثنا حميد بن زياد قال : حدثنا محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : الائمة في كتاب الله إمامان : قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم ، وحكم الله قبل حكمهم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا لعلى وفاطمة عليهما‌السلام فقال : اللهم اجمع شملهما وألف بين قلوبهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم ، وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة ، واجعل في ذريتهما البركة ، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك الى طاعتك ويأمرون بما يرضيك.

٥١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) قال : الأرض الخراب ، وهو مثل ضربه الله عزوجل في الرجعة والقائم صلوات الله عليه ، فلما أخبرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بخبر الرجعة قالوا (مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) وهذه معطوفة على قوله (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) فقالوا : (مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فقال الله عزوجل.

(قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) يا محمد و (انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ).

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده الى أبى عبد الله عليه‌السلام قال : من كان كثير القرائة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأزواجه ، ثم قال سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم ، يا ابن سنان سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب ، وكانت أطول من سورة البقرة ولكن نقصوها وحرفوها.

٢ ـ في مجمع البيان ابى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن قرأ سورة الأحزاب

٢٣٣

وعلمها أهله وما ملكت يمينه أعطى الامان من عذاب القبر.

٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) وهذا هو الذي قال الصادق عليه‌السلام : ان الله بعث نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بإياك اعنى واسمعي يا جارة (١) فالمخاطبة للنبي والمعنى للناس.

٤ ـ في مجمع البيان نزلت في أبى سفيان بن حرب وعكرمة بن أبى جهل وأبى الأعور السلمي قدموا المدينة ونزلوا على عبد الله بن أبى بعد غزوة أحد بأمان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليكلموه فقاموا وقام معهم عبد الله بن أبى وعبد الله بن سعيد بن أبى سرح وطعمة بن أبيرق فدخلوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا محمد ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومنوة وقل : ان لها شفاعة لمن عبدها ، وندعك وربك ، فشق ذلك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال عمر بن الخطاب : ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم ، فقال : انى أعطيتهم الامان وأمرصلى‌الله‌عليه‌وآله فاخرجوا من المدينة ، ونزلت الآية «و (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) من أهل مكة أبا سفيان وأبا الأعور وعكرمة والمنافقين ابن أبى وابن سعيد وطعمة.

٥ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : في كلام طويل فمن كان قلبه متعلقا في صلوته بشيء دون الله فهو قريب من ذلك الشيء بعيد ، عن حقيقة ما أراد الله منه في صلوته قال الله عزوجل : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ).

٦ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى صالح بن ميثم التمار رحمه‌الله قال : وجدت في كتاب ميثم رضى الله عنه يقول : تمسينا ليلة عند أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال لنا ان عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله في قلبه ، ولن يحبنا من يحب مبغضنا ان ذلك لا يجتمع في قلب واحد ، و (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) ، يحب بهذا قوما ويحب بالآخر عدوهم ، والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لا غش فيه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) قال على بن ابى طالب صلوات الله عليه : لا يجتمع

__________________

(١) قد مر منعاه في صفحة ١٤٧.

٢٣٤

حبنا وحب عدونا في جوف إنسان ، ان الله لم يجعل لرجل قلبين في جوفه فيحب بهذا ويبغض بهذا. فاما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه ، فمن أراد ان يعلم فليمتحن قلبه ، فان شارك في حبنا حب عدونا فليس منا ، ولسنا منه ، والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين.

٨ ـ في مجمع البيان وقال ابو عبد الله عليه‌السلام : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) ، يحب بهذا قوما ، ويحب بهذا أعدائهم.

٩ ـ وفيه قوله : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) نزل في أبى معمر حميد بن معمر بن حبيب الفهدي ، وكان لبيبا حافظا لما يسمع ، وكان يقول : ان في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ، وكانت قريش تسميه ذا القلبين فلما كان يوم بدر وهزم المشركون وفيهم أبو معمر تلقاه أبو سفيان بن حرب وهو آخذ بيده احدى نعليه ، فقال له : يا با معمر ما حال الناس؟ قال : انهزموا قال : فما بالك احدى نعليك في يدك والاخرى في رجلك؟ فقال ابو معمر : ما شعرت الا انهما في رجلي ، فعرفوا يومئذ انه لم يكن له الا قلب واحد لما نسي نعله في يده.

١٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل وما جعل ادعيائكم أبنائكم فانه حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : كان سبب ذلك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما تزوج بخديجة بنت خويلد خرج الى سوق عكاظ في تجارة ، وراى زيدا يباع ورآه غلاما كيسا حصينا ، فاشتراه فلما نبئ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعاه الى الإسلام فأسلم ، وكان يدعى زيد مولى محمد فلما بلغ حارثة بن شراحيل الكلبي خبر ولده زيد قدم مكة ، وكان رجلا جليلا فأتى أبا طالب فقال : يا با طالب ان إبني وقع عليه السبي وبلغني انه صار الى ابن أخيك تسأله اما ان يبيعه واما ان يفاديه واما ان يعتقه ، فكلم ابو طالب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله : هو حر فليذهب حيث شاء ، فقام حارثة فأخذ بيد زيد فقال له : يا بنى الحق بشرفك وحسبك فقال زيد : لست أفارق رسول الله فقال له أبوه : فتدع حسبك ونسبك وتكون عبدا لقريش؟ فقال زيد : لست أفارق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما دمت حيا ، فغضب أبوه فقال : يا معشر قريش اشهدوا انى قد برئت منه وليس هو

٢٣٥

إبني ، فقال رسول الله : اشهدوا ان زيدا إبني أرثه ويرثني ، فكان زيد يدعى ابن محمد ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحبه وسماه زيد الحب ، فلما هاجر رسول الله الى المدينة زوجه زينب بنت جحش وأبطأ عنه يوما ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منزله يسأل عنه فاذا زينب جالسة وسط حجرتها يسحق طيبها بفهر لها (١) فدفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الباب ونظر إليها وكانت جميلة حسنة فقال : سبحان الله خالق النور وتبارك الله أحسن الخالقين ، ثم رجع رسول الله الى منزله ووقعت زينب في قلبه موقعا عجيبا. وجاء زيد الى منزله فأخبرته زينب بما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها زيد : هل لك أن أطلقك حتى يتزوجك رسول الله فلعلك قد وقعت في قلبه؟ فقالت : أخشى أن تطلقني ولا يتزوجني رسول الله ، فجاء زيد الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : بأبى أنت وأمي يا رسول الله أخبرتنى زينب بكذا وكذا فهل لك ان أطلقها حتى تتزوجها؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا اذهب واتق الله وأمسك عليك زوجك ، ثم حكى الله عزوجل فقال : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) الى قوله تعالى : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) فزوجه الله عزوجل من فوق عرشه فقال المنافقون : يحرم علينا نساء أبنائنا ويتزوج امرأة ابنه زيد؟ فأنزل الله عزوجل في هذا : وما جعل ادعيائكم انبائكم الى قوله تعالى : يهدى السبيل.

١١ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وعلة تحليل مال الوليد لوالده بغير اذنه وليس ذلك للولد لان الولد موهوب للوالد في قول الله تعالى : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) مع انه الموجود بمؤنته صغيرا أو كبيرا والمنسوب اليه والمدعو له لقوله عزوجل : ادعوهم لابائهم هو اقسط عند الله وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنت ومالك لأبيك وليس الوالدة كذلك لا تأخذ من ماله الا باذنه أو بإذن الأب ، لأنه مأخوذ بنفقة الولد ولا تؤخذ المرئة بنفقة ولدها.

__________________

(١) الفهر ـ بالكسر ـ : الحجر قدر ما يدق به الجوز ويستعمل عند الأطباء للحجر الرقيق الذي تسحق به الادوية على الصلاية.

٢٣٦

١٢ ـ في كتاب الخصال عن عبد الرحمن بن كثير عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه الكبائر يقول فيه عليه‌السلام واما عقوق الوالدين في كتابه : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) فعقوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذريته وعقوا أمهم خديجة في ذريتها.

١٣ ـ في مجمع البيان وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أراد غزوة تبوك وأمر الناس بالخروج قال قوم : نستأذن آبائنا وأمهاتنا ، فنزلت هذه الآية.

١٤ ـ وروى عن أبى وابن مسعود وابن عباس انهم كانوا يقرؤن : «النبي اولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم» وكذلك هو في مصحف ابى وروى ذلك عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام.

١٥ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله روى عنه صلوات الله عليه : انا وعلى أبوا هذه الامة.

١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) قال : نزلت «وهو أب لهم» ومعنى أزواجه أمهاتهم فجعل عزوجل المؤمنين أولاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل رسول الله أباهم لمن لم يقدر ان يصون نفسه ولم يكن له مال ، وليس له على نفسه ولاية ، فجعل الله تبارك وتعالى نلبيه الولاية على المؤمنين من أنفسهم ، وقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم : ايها الناس الست اولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى ، ثم أوجب لأمير المؤمنين صلوات الله عليه ما أوجبه لنفسه عليهم من الولاية ، فقال : الا من كنت مولاه فعلى مولاه فلما جعل الله عزوجل النبي أبا للمؤمنين الزمه مؤنتهم وتربية أيتامهم ، فعند ذلك صعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فقال : من ترك مالا فلورثته ، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلى والى ، فألزم الله عزوجل نبيه للمؤمنين ما يلزم الوالد ، والزم المؤمنين من الطاعة له ما يلزم الولد للوالد ، فكذلك ألزم أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما الزم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بعد ذلك وبعده الائمة صلوات الله عليهم واحدا واحدا ، والدليل على ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين صلوات الله عليه هما والدان قوله : (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ

٢٣٧

بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) فالوالدان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام وقال الصادق عليه‌السلام : فكان إسلام عامة اليهود بهذا السبب لأنهم آمنوا على أنفسهم وعيالاتهم.

١٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سعيد بن عبد الله القمى عن الحجة القائم عليه‌السلام حديث طويل وفيه قلت : فأخبرنى يا مولاي عن معنى الطلاق الذي فرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حكمه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ان الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فخصهن بشرف الأمهات فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا الحسن ان هذا الشرف باق لهن ما من الله على الطاعة فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك ، فأطلق لها في الأزواج. وأسقطها من تشرف الأمهات ومن شرف امومة المؤمنين.

١٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن الحسن بن فضال عن أبيه قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام فقلت له : لم كنى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بابى القاسم؟ فقال : لأنه كان له ابن يقال له قاسم فكنى به ، قال : فقلت : يا ابن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة؟ فقال : نعم أما علمت ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا وعلى أبوا هذه الامة؟ قلت : بلى ، قال : أما علمت ان عليا عليه‌السلام قاسم الجنة والنار؟ قلت : بلى : قال : فقيل له ابو القاسم لا أبو القسيم الجنة والنار ، فقلت : وما معنى ذلك؟ فقال : ان شفقة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمته كشفقة الاباء على ـ الأولاد وأفضل أمته على عليه‌السلام ومن بعده شفقة على عليهم كشفقته صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنه وصيه وخليفته والامام بعده ، فلذلك قال عليه‌السلام : انا وعلى أبوا هذه الامة ، وصعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فقال : من ترك دينا أو ضياعا فعلى والى ومن ترك مالا فلورثته ، فصار بذلك أولى من آبائهم وأمهاتهم وصار أولى بهم منهم بأنفسهم ، وكذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٩ ـ وباسناده الى عبد الرحمان القصير عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فيمن نزلت هذه الآية؟ قال : نزلت في الامرة ان هذه الآية جرت في الحسين بن على عليهما‌السلام وفي ولد الحسين من بعده ، فنحن اولى بالأمر وبرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين والمهاجرين ، قلت : لولد جعفر فيها

٢٣٨

نصيب؟ فقال : لا ، فعددت عليه بطون بنى عبد المطلب كل ذلك يقول : لا ، ونسيت ولد الحسن فدخلت عليه بعد ذلك فقلت : هل لولد الحسن عليه‌السلام فيها نصيب؟ فقال : لا ، يا با عبد الرحمن ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا.

٢٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن ابن مسكان عن عبد الرحيم بن روح القصير عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فيمن نزلت؟ قال : نزلت في الامرة ان هذه الآية جرت في ولد الحسين من بعده فنحن اولى بالأمر وبرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين والمهاجرين والأنصار ، قلت : فولد جعفر عليه‌السلام لهم فيها نصيب؟ قال : لا ، قلت : فولد العباس لهم فيها نصيب؟ قال : لا ، فعددت عليه بطون بنى عبد المطلب كل ذلك يقول : لا ، قال : ونسيت ولد الحسن عليه‌السلام فدخلت بعد ذلك عليه فقلت له : هل لولد الحسن فيها نصيب؟ فقال : لا ، يا عبد الرحيم ، ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا.

٢١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن ابى عياش عن سليم بن قيس ومحمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن ابى عمير عن عمر بن أذينة. وعلى بن محمد عن احمد بن هلال عن ابن ابى عمير عن عمر بن أذينة عن ابن ابى عياش عن سليم بن قيس قال : سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول كنا عند معاوية انا والحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أم سلمة واسامة بن زيد ، فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : انا اولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم أخي على بن ابى طالب اولى بالمؤمنين من أنفسهم فاذا استشهد عليه‌السلام فالحسن بن على اولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم إبني الحسين من بعده اولى بالمؤمنين من أنفسهم فاذا استشهد فابنه على بن الحسين اولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا على ، ثم ابنه محمد بن على أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين ثم تكمله اثنى عشر إماما تسعة من ولد الحسين ، قال عبد الله بن جعفر : واستشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أم سلمة واسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية : قال سليم : وقد سمعت ذلك من

٢٣٩

سلمان وابى ذر والمقداد وذكروا لي انهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٢ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمان قال : حدثنا حماد عن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول العامة ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من مات وليس له امام مات ميتة جاهلية؟ قال : الحق والله ، قلت فان إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال : لا تسعه ان الامام إذا هلك رفعت حجة وصيه على من هو معه في البلد ، وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم ، ان الله عزوجل يقول : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) قلت. فنفر قوم فهلك بعضهم قبل ان يصل فيعلم قال : ان الله عزوجل يقول : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) قلت : فبلغ البلد بعضهم فوجدك مغلقا عليك بابك ومرخى عليك سترك لا تدعوهم الى نفسك ولا يكون من يدلهم عليك فبما يعرفون ذلك قال : بكتاب الله المنزل ، قلت : فيقول الله جل وعز كيف؟ قال : أراك قد تكلمت في هذا قبل اليوم قلت : أجل ، قال : فذكر ما انزل الله في على عليه‌السلام وما قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حسن وحسين عليهما‌السلام وما خص الله به عليا وما قال فيه رسول الله من وصيته اليه ونصبه إياه ، وما يصيبهم وإقرار الحسن والحسين بذلك ووصيته الى الحسن وتسليم الحسين له يقول الله : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد البرقي وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن سفيان بن عيينة عن ابى عبد الله عليه‌السلام ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : انا اولى بكل مؤمن من نفسه وعلى أولى به من بعدي ، فقيل له : ما معنى ذلك فقال : قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من ترك دينا أو ضياعا فعلى ومن ترك مالا فلورثته فالرجل ليست له على نفسه ولاية إذا لم يكن له مال ، وليس له على عياله امر ولا نهى إذا لم يجر عليهم النفقة ، والنبي وأمير المؤمنين ومن بعدهما سلام الله عليهم الزمهم هذا ، فمن هناك صاروا اولى بهم من أنفسهم ، وما كان سبب إسلام عامة اليهود الا من بعد هذا

٢٤٠