تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

المنقولة عن الجواد عليه‌السلام : السلام على أئمة الهدى الى قوله : وورثة الأنبياء والمثل الأعلى.

٤٧ ـ عن عبد الله بن العباس قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فينا خطيبا فقال في آخر خطبته : نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى والمثل الأعلى والحجة العظمى والعروة الوثقى ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم فاما قوله عزوجل (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) فانه كان سبب نزولها ان قريشا والعرب كانوا إذا حجوا يلبون ، وكانت تلبيتهم : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وهي تلبية إبراهيم والأنبياء عليهم‌السلام ، فجاءهم إبليس في صورة شيخ فقال لهم : ليست هذه بتلبية أسلافكم ، قالوا : وما كنت تلبيتهم؟ قال : كانوا يقولون : اللهم لبيك لا شريك لك الا شريك هو لك ، فتفرق قريش من هذا القول فقال لهم إبليس : على رسلكم (١) حتى آتى على آخر كلامي ، فقالوا : وما هو؟ فقال : الا شريك هو لك تملكه وما يملك ، الا ترون انه يملك الشريك وما ملكه؟ فرضوا بذلك وكانوا يلبون بهذا قريش خاصة ، فلما بعث الله عزوجل رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنكر ذلك عليهم وقال : هذا شرك فأنزل الله عزوجل : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) اى لترضون أنتم فيما تملكون أن يكون لكم فيه شريك وإذا لم ترضوا أنتم أن يكون لكم فيما تملكوه شريك فكيف ترضون أن تجعلوا الى شريكا فيما أملك.

٤٩ ـ وقوله عزوجل : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) اى طاهرا أخبرنا الحسين ابن محمد عن المعلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن جعفر بن بشير عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) قال : هي الولاية.

__________________

(١) الرسل ـ بالكسر ـ : الرفق والتؤدة يقول اتئدوا ولا تعجلوا.

١٨١

٥٠ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن سنان عن حماد ابن عثمان الناب وخلف بن حماد عن الفضيل بن يسار وربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) قال : يقيم في الصلوة ولا يلتفت يمينا ولا شمالا.

٥١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) قال : هي الولاية.

٥٢ ـ في تهذيب الأحكام على بن الحسن الطاطري عن محمد بن أبي حمزة عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) قال : قلت : أمره أن يقيم وجهه للقبلة ليس فيه شيء من عبادة الأوثان.

٥٣ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : التوحيد.

٥٤ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ما تلك الفطرة؟ قال : هي الإسلام فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد قال : ألست بربكم وفيه المؤمن والكافر.

٥٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن على بن رئاب عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : فطرهم جميعا على التوحيد.

٥٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي ـ جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) قال : الحنيفية من الفطرة التي فطر الناس عليها (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) قال : فطرهم على المعرفة به ، فقال زرارة وسألته عن قول الله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قال : أخرج من ظهر آدم ذريته الى يوم

١٨٢

القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم وأراهم نفسه ولولا ذلك لم يعرف أحد ربه ، وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مولود يولد على الفطرة يعنى على المعرفة بان الله عزوجل خالقه وكذلك قوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ).

٥٧ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : فطرهم على التوحيد.

٥٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن الحسين بن نعيم الصحاف قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لم يكون الرجل عند الله مؤمنا قد ثبت له الايمان عنده ثم ينقله الله بعد من الايمان الى الكفر؟ قال : فقال : ان الله عزوجل هو العدل انما دعا العباد الى الايمان به لا الى الكفر ، ولا يدعو أحدا الى الكفر فمن آمن بالله ثم ثبت له الايمان عند الله لم ينقله الله عزوجل من الايمان الى الكفر ، قلت له : فيكون الرجل كافرا قد ثبت له الكفر عند الله ثم ينقله الله بعد ذلك من الكفر الى الايمان؟ قال : فقال : ان الله عزوجل خلق الناس كلهم على الفطرة التي فطرهم عليها لا يعرفون ايمانا بشريعة ولا كفرا بجحود ، ثم بعث الله عزوجل الرسل يدعو العباد الى الايمان به ، فمنهم من هدى الله ومنهم من لم يهده.

٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا الحسين بن على بن زكريا قال : حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني قال : حدثنا على بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عن أبيه محمد بن على صلوات الله عليهم في قوله عزوجل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : هو لا اله الا الله محمد رسول الله على أمير المؤمنين ولى الله الى هاهنا التوحيد.

٦٠ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن موسى عن الحسين بن موسى الخشاب عن على بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : فقال : على التوحيد ومحمد رسول الله وعلى أمير المؤمنين عليهما‌السلام.

٦١ ـ في كتاب التوحيد أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن

١٨٣

محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن العلا بن فضيل عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : على التوحيد.

٦٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم ويعقوب بن يزيد عن ابن فضال عن بكير وزرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله الله عزوجل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : فطرهم على التوحيد.

٦٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا محمد ابن الحسن الصفار عن على بن حسان الواسطي عن الحسن بن يونس عن عبد الرحمن مولى أبي ـ جعفر عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : على التوحيد ومحمد رسول الله وعلى أمير المؤمنين.

٦٤ ـ أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن ابن مسكان عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أصلحك الله قول الله عزوجل في كتابه : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : فطرهم على التوحيد عند الميثاق وعلى معرفة انه ربهم ، قلت : وخاطبوه؟ قال : فطأطأ رأسه ثم قال : لولا ذلك لم يعلموا من ربهم ولا رازقهم.

٦٥ ـ حدثنا ابو احمد القاسم بن محمد بن احمد السراج الهمداني قال : حدثنا ابو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم السرنديبى قال : حدثنا ابو الحسن محمد بن عبد الله بن هارون الرشيد بحلب قال : حدثنا محمد بن آدم بن ابى إياس قال ابن ابى اديب عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فان بكاءهم أربعة أشهر شهادة ان لا اله الا الله ، واربعة أشهر الصلوة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واربعة الدعاء لوالديه.

٦٦ ـ حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال : حدثنا محمد ابن ابى عبد الله الكوفي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدثني على بن العباس قال : حدثني جعفر بن محمد الأشعري عن فتح بن يزيد الجرجاني قال :

١٨٤

كتبت الى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أسأله عن شيء من التوحيد فكتب الى بخطه قال جعفر : وان فتحا اخرج الى الكتاب فقرأته بخط ابى الحسن عليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الملهم عباده الحمد وافطرهم على معرفة ربوبيته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٧ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : كانت شريعة نوح صلى الله عليه أن يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد ، وهو الفطرة التي فطر الناس عليها ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ان إبراهيم صلى الله عليه كان مولده بكوثى ربا (١) وكان أبوه من أهلها ، وكانت أم إبراهيم وأم لوط سارة وورقة (وفي نسخة رقية) أختين ، وهما ابنتين للاحج وكان الاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا ، وكان إبراهيم صلى الله عليه في شبيبته (٢) على الفطرة التي فطر الله عزوجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى الى دينه واجتباه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٩ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله الله : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) الآية وذكر حديثا طويلا وفي آخره قلت : أفضلال كانوا قبل النبيين أم على هدى؟ قال : لم يكونوا على هدى كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها لا تبديل لخلق الله ، ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله أما تسمع لقول إبراهيم : (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) اى ناسيا للميثاق.

__________________

(١) اسم موضع وعن الحموي انه قال هما قريبتان وبينهما تلول من رماد يقال انها رماد النار التي أو قدها نمرود لاحراقه.

(٢) اى في حداثته على الفطرة أو التوحيد اى كان موحدا بما آتاه الله من العقل والهمة حتى جعله الله نبيا وآتاه الله الملك.

١٨٥

٧٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن على بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : فطرهم على معرفته انه ربهم ، ولولا ذلك لم يعلموا إذا سئلوا من ربهم ومن رازقهم.

٧١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن عثمان بن عيسى وحماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما بويع لأبي بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث الى فدك من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منها فجاءت فاطمة الى أبي بكر فقالت : يا با بكر منعتني ميراثي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها الى رسول الله بأمر الله عزوجل؟ فقال لها : هاتي على ذلك شهودا ، فجاءت بأم أيمن فقالت : لا أشهد حتى أحتج يا أبا بكر عليك بما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت : أنشدك يا أبا بكر ألست تعلم ان رسول الله قال : أم أيمن امرأة من أهل الجنة؟ قال : بلى ، قالت : فاشهد بان الله أوحى الى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وآت ذا القربى حقه فجعل فدك لفاطمة بأمر الله وجاء على فشهد بمثل ذلك فكتب لها كتابا ودفعه إليها ، فدخل عمر فقال : ما هذا الكتاب؟ فقال أبو بكر : ان فاطمة ادعت في فدك وشهدت لها أم أيمن وعلى فكتبت لها بفدك ، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزقه وقال : هذا فيء المسلمين ، وقال : أوس ابن الحدثان وعائشة وحفصة يشهدون على رسول الله انه قال : انا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ، وان عليا زوجها يجر الى نفسه وأم أيمن فهي امرأة صالحة لو كان معها غيرها لنظرنا فيه ، فخرجت فاطمة عليها‌السلام من عندها باكية حزينة ، فلما كان بعد هذا جاء على عليه‌السلام الى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار ، فقال : يا با بكر لم منعت فاطمة من ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد ملكته في حيوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال أبو بكر : هذا فيء المسلمين فان أقامت شهودا ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جعل لها والا فلا حق لها فيه ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال : لا قال : فان كان في يد المسلمين شيء يملكونه وادعيت انا فيه من تسأل البينة؟ قال : إياك كنت اسأل البنية على ما تدعيه

١٨٦

على المسلمين ، قال : وإذا كان في يدي شيء فادعى فيه المسلمون فتسألنى البينة على ما في يدي وقد ملكته في حيوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده ولم تسأل المسلمين البينة على ما ادعوا على شهودا كما سألتنى على ما ادعيت عليهم؟ فسكت ابو بكر ثم قال عمر : يا على دعنا من كلامك فانا لا نقوى على حججك فان أتيت شهودا عدولا والا فهو فيء المسلمين لا حق لك ولا لفاطمة فيه ، فقال أمير المؤمنين : يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟ قال : نعم قال : فأخبرنى عن قول الله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فيمن نزلت ، فينا أم في غيرنا؟ قال : بل فيكم ، قال : فلو ان شاهدين شهدا على فاطمة بفاحشة ما كنت صانعا؟ قال : كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على سائر المسلمين ، قال : كنت إذا عند الله من الكافرين قال : ولم؟ قال : لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة ، وقبلت شهادة الناس عليها كما رددت حكم الله وحكم رسوله ان جعل لها فدكا وقبضته في حيوته ، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه (مثل أوس بن الحارث خ) عليها وأخذت منها فدك ، وزعمت انه فيء المسلمين وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : البينة على من ادعى واليمين على من ادعى عليه؟ قال : فدمدم الناس (١) وبكى بعضهم فقالوا : صدق والله على ورجع على صلوات الله عليه الى منزله قال : فدخلت فاطمة عليها‌السلام المسجد وطافت بقبر أبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي تبكي وتقول :

انا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختل قومك فاشهدهم ولا تغب (٢)

قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب (٣)

قد كان جبريل بالآيات يونسنا

فغاب عنا فكل الخير محتجب

وكنت بدرا منيرا يستضاء به

عليك تنزل من ذي العزة الكتب

تهضمتنا رجال واستخف بنا

إذ غبت عنا فنحن اليوم مغتصب (٤)

__________________

(١) دمدم فلان على فلان : كلمه مغضبا.

(٢) الوابل : المطر الشديد.

(٣) الهنبثة : الاختلاط في القول ويقال : الأمر الشديد.

(٤) تهضمه : ظلمه ، أذله وكسره وفي. رواية الإربلي (ره) في كشف الغمة «تهجمتنا».

١٨٧

وكان أهل له قربى ومنزلة

عند الإله على الأذنين مقترب

أبدت رجال لنا نجوى صدورهم

لما مضيت وحالت دونك الترب

فقد رزينا بما لم يرزه أحد

من البرية لا عجم ولا عرب (١)

فقد رزئنا به محضا خليقته

صافي الضرائب والاعراق والنسب (٢)

فأنت خير عباد الله كلهم

واصدق الناس حين الصدق والكذب

فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت

منا العيون بتهمال لها سكب (٣)

سيعلم المتولي الظلم حامتنا

يوم القيامة انى كيف ينقلب

قال : فرجع ابو بكر الى منزله وبعث الى عمر فدعاه ثم قال : أما رأيت مجلس على بنا اليوم؟ والله لئن قعد مقعدا مثله ليفسدن علينا أمرنا فما الرأى؟ قال عمر : الرأى أن نأمر بقتله ، قال : فمن يقتله؟ قال : خالد بن الوليد فبعثا الى خالد فأتاهما فقال : نريد أن نحملك على أمر عظيم ، قال : احملاني على ما شئتما ولو قتل على بن أبي طالب قال : فهو ذاك ، قال خالد : متى اقتله؟ قال أبو بكر : إذا حضر المسجد فقم بجنبه في الصلوة فاذا أنا سلمت فقم اليه فاضرب عنقه ، قال : نعم فسمعت أسماء بنت عميس ذلك وكانت تحت أبي بكر فقالت لجاريتها : اذهبي الى منزل على وفاطمة فاقرئيهما السلام وقولي لعلى صلوات الله عليه : (الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) فجاءت الجارية إليهما فقالت لعلى صلوات الله عليه : ان أسماء بنت عميس تقرأ عليكما السلام وتقول لك : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) فقال على صلوات الله عليه : ان الله يحول بينهم وبين ما يريدون : ثم قام وتهيأ للصلوة وحضر المسجد ووقف خلف أبي بكر وصلى لنفسه وخالد بن الوليد بجنبه ومعه السيف ، فلما جلس أبو بكر في التشهد ندم على ما قال وخاف الفتنة وشدة على صلوات الله عليه وبأسه ، فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس انه قد سهى ،

__________________

(١) الرزء والرزيئة : المصيبة العظيمة.

(٢) الضرائب جمع الضريبة : السجية والطبيعة يقال فلان كريم الضريبة ، ولئيم الضريبة.

(٣) التهمال من هملت عينه : فاضت وسالت. وسكب الماء صبه.

١٨٨

ثم التفت الى خالد فقال : يا خالد لا تفعل ما أمرتك به والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : يا خالد ما الذي أمرك به؟ قال : أمرنى بضرب عنقك ، قال : أو كنت فاعلا؟ قال : اى والله لولا انه قال لي : لا تفعل لقتلتك بعد التسليم قال : فأخذه على فضرب به الأرض واجتمع الناس عليه فقال عمر : يقتله الساعة ورب الكعبة فقال الناس : يا أبا الحسن الله الله بحق صاحب هذا القبر فخلى عنه ، قال : فالتفت الى عمر فأخذ بتلابيبه (١) وقال : يا ابن صهاك لولا عهد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكتاب من الله عزوجل وسبق لعلمت أينا أضعف ناصرا أو أقل عددا.

٧٢ ـ في مجمع البيان (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) وروى أبو سعيد الخدري وغيره انه لما نزلت هذه الآية على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطى فاطمة عليها‌السلام فدكا وسلمه إليها ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

٧٣ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الربا ربائان : ربا يؤكل وربا لا يؤكل ، فاما الذي يؤكل فهديتك الى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها فذلك الربا الذي يؤكل ، وهو قول الله عزوجل : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ) فلا يربو عند الله واما الذي لا يؤكل فهو الذي نهى الله عنه وأوعد عليه النار.

٧٤ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) فقال : هو هديتك الى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها ، فذلك ربا يؤكل.

٧٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : الربا ربائان أحدهما حلال والاخر حرام ، فاما الحلال فهو ان يقرض الرجل أخاه قرضا ان يزيده ويعوضه بأكثر مما يأخذه بلا شرط بينهما ، فان أعطاه أكثر مما اخذه على غير شرط بينهما فهو

__________________

(١) التلابيب جمع التلبيب : ما في موضع المنحر من الثياب ويعرف بالطوف.

١٨٩

مباح له وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه ، وهو قوله : (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) واما الحرام فالرجل يقرض قرضا ويشترط ان يرد أكثر مما اخذه فهذا هو الحرام.

٧٦ ـ في مجمع البيان قيل في الربا المذكور في الآية قولان : أحدهما انه ربا حلال وهو ان يعطى الرجل العطية أو يهدى الهدية ليثاب أكثر منها ، فليس فيه أجر ولا وزر ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٧٧ ـ (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) اى فأهلها هم المضعفون الى قوله وقيل : هم المضعفون للمال في العاجل وللثواب في الأجل لان الله سبحانه جعل الزكاة سببا لزيادة المال ومنه الحديث ما نقص مال من صدقة ، وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام فرض الله تعالى الصلوة تنزيها عن الكبر ، والزكاة تسبيبا للرزق ، والصيام ابتلاء لإخلاص الخلق ، وصلة الأرحام منماة للعدد. في كلام طويل.

٧٨ ـ في من لا يحضره الفقيه خطبة للزهراء صلوات الله عليها وفيها : ففرض الله تعالى الايمان تطهيرا من الشرك ، والصلوة تنزيها عن الكبر ، والزكاة زيادة ، في الرزق.

٧٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) اى ما بررتم به إخوانكم واقرضتموهم لا طمعا في زيادة وقال الصادق عليه‌السلام : على باب الجنة مكتوب : القرض بثماني عشرة والصدقة بعشرة.

٨٠ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحريص محروم ومع حرمانه مذموم في اى شيء كان ، وكيف لا يكون محروما وقد فر من وثاق الله تعالى ، وخالف قول الله عزوجل حيث يقول : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ).

٨١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) قال : في البر فساد الحيوان إذا لم تمطر ، وكذلك هلاك دواب البحر بذلك ، وقال الصادق عليه‌السلام : حيوة دواب البحر بالمطر ، فاذا كف المطر (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ، وذلك إذا كثرت الذنوب والمعاصي.

١٩٠

ـ أخبرنا احمد بن إدريس قال : حدثنا احمد بن محمد بن على بن النعمان عن ابن مسكان عن ميسر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) قال : ذلك والله يوم قالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير.

٨٣ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن على بن النعمان عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) قال : ذاك والله حين قالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير.

٨٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد والحسين ابن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن زيد بن الوليد الخثعمي عن أبي الربيع الشامي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ) فقال : عنى بذلك اى انظروا في القرآن ، فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم وما أخبركم عنه.

٨٥ ـ في مجمع البيان (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) اى يوطنون لأنفسهم منازلهم الى قوله : وروى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان العمل الصالح ليسبق صاحبه الى الجنة فيمهد له كما يمهد لأحدكم خادمه فراشه.

٨٦ ـ وجاءت الرواية عن أم الدرداء انها قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ما من امرء مسلم يرد عن عرض أخيه الا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ، ثم قرء (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).

٨٧ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى ابن أبي عمير عن ابى زياد النهدي عن عبد الله بن وهب عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : حسب المؤمن نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله عزوجل.

٨٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم ويجعله كسفا قال : بعضه على بعض.

٨٩ ـ في مجمع البيان (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام من خلله.

٩٠ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في وصف الامامة و

١٩١

الامام وذكر فضل الامام ورتبته حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ثم أكرمه الله عزوجل بأن جعلها في ذريته وأهل الصفوة والطهارة ، فقال : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الله جل جلاله : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فكانت له خاصة فقلدها صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام بأمر الله عزوجل على رسم ما فرض الله تعالى ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله تعالى العلم والايمان بقوله : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) فهي في ولد على عليه‌السلام خاصة الى يوم القيامة ، إذ لا نبي بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

في أصول الكافي عن الرضا عليه‌السلام مثله سواء.

٩١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) فان هذه الآية مقدمة ومؤخرة وانما هو : «وقال الذين أوتوا العلم والايمان في كتاب الله لقد لبثتم الى يوم البعث».

٩٢ ـ قوله جل ذكره : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) ولا يستخلفنك الذين لا يوقنون الى لا يغضبنك ، قال : وكان على بن أبي طالب عليه‌السلام يصلى وابن الكوا خلفه وأمير المؤمنين صلوات الله عليه يقرأ فقال ابن الكوا : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) فسكت أمير المؤمنين صلوات الله عليه حتى سكت ابن الكوا ، ثم عاد في قراءته حتى فعل ابن الكوا ثلاث مرات فلما كان في الثالثة قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ).

٩٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن الجارود عن موسى بن بكر بن داب عمن حدثه عن أبي جعفر عليه‌السلام ان زيد بن على بن الحسين دخل على أبي جعفر محمد بن على ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها

١٩٢

الى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج ، فقال له أبو جعفر : هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم اليه؟ فقال : بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولما يجدون في كتاب الله عزوجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء ، فقال له أبو جعفر : ان الطاعة مفروضة من الله عزوجل وسنة أمضاها في الأولين ، وكذلك يجريها في الآخرين ، والطاعة لو أحد منا والمودة للجميع ، وأمر الله يجرى لأوليائه بحكم موصول وقضاء مفصول ، وحتم مقضي ، وقدر مقدور ، وأجل مسمى لوقت معلوم (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) (إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً) فلا تعجل فان الله لا يعجل لعجلة العباد ، ولا تسبقن الله فتعجلك البلية فتصرفك. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من قرأ سورة لقمان في ليلة وكل الله به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح ، فاذا قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يمسى.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة ، واعطى من الحسنات عشرا بعدد من عمل بالمعروف وعمل بالمنكر.

٣ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن المغيرة عن يحيى ابن عبادة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قلت : قوله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) قال : منه الغنا.

٤ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد

١٩٣

عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن كسب المغنيات؟ فقال : التي يدخل عليها الرجال حرام ، والتي تدعى الى الأعراس ليس به بأس ، وهو قول الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ).

٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن على بن اسمعيل عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : الغنا مما أوعد الله عزوجل عليه النار وتلا هذه الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ).

٦ ـ ابن أبي عمير عن مهران بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : الغنا مما قال الله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ).

٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الوشا قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الغنا فقال : هو قول الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ).

٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مهران بن محمد عن الحسن بن هارون قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : الغنا مجلس لا ينظر الله الى أهله وهو مما قال الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ).

٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) فهو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة من بنى عبد الدار بن قصي وكان النضر ذا رواية لاحاديث الناس وأشعارهم يقول الله عزوجل : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ) وقرا (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).

١٠ ـ في مجمع البيان وروى أبو أمامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن وأثمانهن حرام ، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) الآية.

١١ ـ وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : هو الطعن في الحق والاستهزاء به

١٩٤

وما كان أبو جهل وأصحابه يحيون به إذ قال : يا معاشر قريش الا أطعمكم من الزقوم الذي يخوفكم به صاحبكم؟ ثم أرسل الى زبد وتمر فقال : هذا هو الزقوم الذي يخوفكم به. قال : ومنه الغنا.

١٢ ـ وروى الواحدي بالإسناد عن نافع عن ابن عمر انه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في هذه الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) قال : باللعب والباطل كثيرا لنفقة سمح فيه ، ولا تطيب نفسه بدرهم يتصدق به.

١٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال قلت له : أخبرنى عن قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) فقال : هي محبوكة الى الأرض وشبك بين أصابعه ، فقلت : كيف تكون محبوكة الى الأرض والله يقول : رفع السماء بغير عمد ترونها فقال : سبحان الله أليس يقول بغير عمد ترونها؟ فقلت : بلى فقال : فثم عمد ولكن لا ترونها.

١٤ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : فمن شواهد خلقه خلق السموات موطدات بلا عمد ، قائمات بلا سند.

١٥ ـ وفيه كلام له عليه‌السلام يذكر فيه خلق السموات : جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا بغير عمد ترونها ولا دسار (١) ينتظمها.

١٦ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادق عليه‌السلام : فنظرت العين الى خلق مختلف متصل بعضه ببعض ودلها القلب على ان لذلك خالقا ، وذلك انه فكر حيث دلته العين على ما عاينت من عظم السماء وارتفاعها في الهواء بغير عمد ولا دعامة تمسكها ، وانها لا تتأخر فتنكشط (٢) ولا يتقدم فتزول ، ولا تهبط مرة فتدنوا ولا ترتفع فلا ترى.

١٧ ـ في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : يا هشام ان الله قال : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) قال:الفهم والعقل.

__________________

(١) الدسارة المسمار.

(٢) كشطت السماء : قلعت وانكشط مطاوع كشط.

١٩٥

١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن على بن محمد عن بكر بن صالح عن جعفر بن يحيى عن على بن النضر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت : جعلت فداك ما تقول في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) قال : اوتى معرفة امام زمانه.

١٩ ـ في مجمع البيان واختلف فيه فقيل : انه كان حكيما ولم يكن نبيا عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأكثر المفسرين وقيل انه كان نبيا عن عكرمة والسدي والشعبي الى قوله:وروى عن نافع عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : حقا أقول لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين أحب الله فأحبه ، ومن عليه بالحكمة كان نائما نصف النهار إذ جاءه نداء يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟ فأجاب الصوت : إن خيرنى ربي قبلت العافية ولم أقبل البلاء وان هو عزم على فسمعا وطاعة فانى أعلم انه ان فعل بى ذلك أعاننى وعصمنى فقالت الملائكة بصوت لإبراهيم : لم يا لقمان؟ قال لان الحكم أشد المنازل وآكدها يغشاه الظلم من كل مكان ، ان وفي فبالحرى أن ينجو وان اخطأ اخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا وفي الاخرة شريفا خير من أن يكون في الدنيا شريفا وفي الاخرة ذليلا ، ومن تخير الدنيا على الاخرة تفته الدنيا ولا يصيب الاخرة ، فعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فاعطى الحكمة فانتبه يتكلم بها ثم كان يوازر داود بحكمته فقال له داود : طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى.

٢٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حماد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عزوجل ، فقال : أما والله ما اوتى لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال ، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله ، متورعا في الله ساكتا مستكينا عميق النظر طويل الفكر حديد النظر ، مستغن بالعبر لم ينم نهارا قط ، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال ، لشدة تستره وعموق نظره وتحفظه في امره ولم يضحك من شيء قط مخافة الإثم ، ولم يغضب قط ولم يمازح إنسانا قط ، ولم يفرح

١٩٦

بشيء أتاه من أمر الدنيا ولا حزن منها على شيء قط ، وقد نكح من النساء وولد له من الأولاد الكثير وقدم أكثرهم افراطا فما بكى على موت أحد منهم ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان الا أصلح بينهما ، ولم يمض عنهما حتى تحابا (١) ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه الا سأل عن تفسيره وعمن أخذه ، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء ، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين فيرثي للقضاة مما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لغرتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك ، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه ، ويجاهد به هواه ويحترز به من الشيطان ، وكان يداوي قلبه بالفكر ويداوي نفسه بالعبر ، وكان لا يظعن الا فيما يعنيه فبذلك أوتى الحكمة ومنح العصمة ، وان الله تبارك وتعالى امر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة (٢) فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم ، فقالوا : يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان : ان أمرني الله بذلك فالسمع والطاعة لأنه ان فعل ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمنى ، وان هو خيرنى قبلت العافية ، فقالت الملائكة : يا لقمان لم؟ قال : لان الحكم بين الناس بأشد المنازل وأكثر فتنا وبلاء أيخذل ولا يعان (٣) ويغشاه الظلم من كل مكان وصاحبه فيه بين أمرين ان أصاب فيه الحق فبالحرى أن يسلم ، وان أخطأ أخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا ضعيفا كان أهون عليه في المعاد من أن يكون حكما سريا شريفا (٤) ومن اختار الدنيا على الاخرة يخسرهما كلتاهما ، تزول هذه ولا يدرك تلك ، قال : فتعجب الملائكة من حكمته واستحسن الرحمن منطقه ، فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا المنقول عنه في البحار «تحاجزا» وفسره المجلسي (ره) اى تصالحا وتمانعا.

(٢) هدأت العيون اى سكنت ، والقائلة : منتصف النهار.

(٣) كذا في نسخة الأصل وفي نسخة «بأشد ما يخذل» وفي المصدر والمنقول عنه في البحار «وأكثر فتنا وبلاء ما يخذل ... اه» وذكر المجلسي (ره) له احتمالات ثلثه فراجع ان شئت.

(٤) السري : السيد الشريف.

١٩٧

فغشاه بها من قرنه الى قدمه وهو نائم ، وغطاه بالحكمة غطاء ، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه ، وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويبثها فيها (١) قال : فلما اوتى الحكم بالخلافة ولم يقبلها أمر الله عزوجل الملائكة فنادت داود عليه‌السلام بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان ، فأعطاه الله عزوجل الخلافة في الأرض وابتلى بها غير مرة كل ذلك يهوى في الخطاء ، يقيله الله تعالى ويغفر له ، وكان لقمان يكثر زيارة داود عليه‌السلام ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه ، وكان داود عليه‌السلام يقول له : طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة وصرفت عنك البلية ، وأعطى داود عليه‌السلام الخلافة وابتلى بالحكم والفتنة.

ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) قال : فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطر وانشق (٢) وكان فيما وعظه به يا حماد أن قال : يا بنى انك منذ سقطت الى الدنيا استدبرتها واستقبلت الاخرة فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد. يا بنى جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ، ولا تجادلهم فيمنعوك ، وخذ من الدنيا بلاغا ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس ، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك ، وصم صوما يقطع شهوتك ولا تصم صياما يمنعك من الصلوة. فان الصلوة أحب الى الله من الصيام ، يا بنى ان الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الايمان ، واجعل شراعها التوكل ، واجعل زادك فيها تقوى الله ، فان نجوت فبرحمة الله وان هلكت فبذنوبك ، يا بنى ان تأدبت صغيرا انتفعت به كثيرا ، ومن عنى بالأدب اهتم به ومن اهتم به تكلف علمه ، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه ، ومن اشتد طلبه أدرك منفعته ، فاتخذه عادة فانك تخلف في سلفك ، وينتفع به من خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ويخشى صولتك راهب ، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره ، فان غلبت على الدنيا فلا تغلبين على الاخرة ، وإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الاخرة ، واجعل في

__________________

(١) وفي البحار «ويبنيها فيها» وفسرّه المجلسي (ره) بقوله اى في جماعة الناس أو في الدنيا.

(٢) كناية عن غاية تأثير الحكمة فيه.

١٩٨

أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا في طلب العلم فانك لن تجد له تضييعا أشد من تركه ، ولا تمارين فيه لجوجا ولا تجادلن فقيها ، ولا تعادين سلطانا ، ولا تماشين ظلوما ولا تصادقنه ، ولا تصاحبن فاسقا ناطقا ، ولا تصاحبن متهما ، واخزن علمك كما تخزن ورقك.

يا بنى خف الله عزوجل خوفا لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت ان يعذبك ، وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين وجبت ان يغفر الله لك ، فقال له ابنه : يا أبة وكيف أطيق هذا وانما لي قلب واحد؟ فقال له لقمان : يا بنى لو استخرج قلب المؤمن يوجد فيه نوران ، نور للخوف ونور للرجاء ، لو وزنا لما رجح أحدهما على الاخر بمثقال ذرة ، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله عزوجل ، ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله ، فان هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله ايمانا صادقا يعمل الله خالصا ناصحا ، فقد آمن بالله صادقا. ومن أطاع الله خافه ، ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه فقد اتبع أمره ، ومن اتبع امره استوجب جنته ومرضاته. ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه ، نعوذ بالله من سخط الله ، يا بنى لا تركن الى الدنيا ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها الا ترى انه لم يجعل نعيما ثواب المطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.

٢١ ـ في من لا يحضره الفقيه في الحقوق المروية عن سيد العابدين عليه‌السلام حق الله الأكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئا فاذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والاخرة.

٢٢ ـ في أصول الكافي يونس عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان من الكبائر عقوق الوالدين واليأس من روح الله والأمن من مكر الله وقد روى أكبر الكبائر الشرك بالله.

٢٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن هارون بن الجهم عن المفضل بن صالح عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الظلم ثلاثة ظلم يغفره

١٩٩

الله ، وظلم لا يغفره وظلم لا يدعه الله ، فاما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك واما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله ، فاما الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد.

قال عز من قائل : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) الى قوله : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ).

٢٤ ـ في من لا يحضره الفقيه في الحقوق المروية عن زين العابدين عليه‌السلام وأما حق أمك ان تعلم انها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطى أحد أحدا ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال ان تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلم وتهجر النوم لأجلك ووقتك الحر والبرد ليكون لها فانك لا تطيق شكرها الا بعون الله وتوفيقه ، واما حق أبيك فان تعلم انه أصلك فانك لولاه لم تكن ، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم ان أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ، ولا قوة الله بالله.

٢٥ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر بن خلاد قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : ادعو لوالدي ان كانا لا يعرفان الحق؟ قال : ادع لهما وتصدق عنهما ، وان كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ان الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق.

٢٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : جاء رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله من أبر؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أباك.

٢٧ ـ وباسناده الى محمد بن مروان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين يصلى عنهما ، ويتصدق عنهما ويحج عنهما ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك ، فيزيده الله عزوجل ببره وصلته خيرا كثيرا.

٢٨ ـ ابن محبوب عن خالد بن نافع البجلي عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أوصنى ، فقال : لا تشرك

٢٠٠