تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

قد أمر أن يغلق باب القصر ، فأقبل موسى عليه‌السلام فأومى الى الباب فانفجرت ودخل عليه فلما نظر اليه قارون وعلم انه قد أتى ، قال : يا موسى أسئلك بالرحم الذي بيني وبينك فقال له موسى : يا ابن لاوى لا تزدنى من كلامك ، يا أرض خذيه فدخل القصر بما فيه في الأرض ودخل قارون في الأرض الى ركبتيه ، فبكى وحلفه بالرحم فقال موسى عليه‌السلام : يا ابن لاوى لا تزدنى من كلامك يا أرض خذيه فابتلعيه بقصره وخزائنه ، وهذا ما قال موسى عليه‌السلام لقارون يوم أهلكه الله عزوجل فعيره الله تبارك وتعالى بما قاله لقارون ، فعلم موسى ان الله تبارك وتعالى قد عيره بذلك ، فقال : يا رب ان قارون دعاني بغيرك ولو دعاني بك لأجبته ، فقال الله عزوجل : يا ابن لاوى لا تزدنى من كلامك ، فقال موسى عليه‌السلام : يا رب لو علمت ان ذلك لك رضى لأجبته ، فقال الله عزوجل : وعزتي وجلالي وحق جودى ومجدي وعلو مكاني لو ان قارون كما دعاك دعاني لأجبته ، ولكنه لما دعاك وكلته إليك ، يا ابن عمران لا تجزع من الموت فانى كتبت الموت على كل نفس وقد مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عيناك ، فخرج موسى عليه‌السلام الى جبل طور سيناء مع وصيه وصعد موسى الجبل فنظر الى رجل قد أقبل ومعه مكتل ومسحاة (١) فقال له موسى عليه‌السلام ما تريد؟ قال : رجل من أولياء الله قد توفي ، وانا احفر له قبرا فقال له موسى : أفلا أعينك عليه؟ قال : بلى. قال : فحفر القبر فلما فرغا أراد الرجل ان ينزل الى القبر فقال له موسى عليه‌السلام : ما تريد؟ قال : ادخل القبر فأنظر كيف مضجعه فقال له موسى : انا أكفيك فدخله موسى فاضطجع فيه ، فقبض ملك الموت روحه وانضم عليه الجبل.

١١٥ ـ وفيه وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه ، فقال : يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم ، ثم خرج الى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان ثم خرج في دجلة الغور ، قال : ثم مرت به تحت الأرض حتى

__________________

(١) المكتل : الزنبيل والمسحاة : ما يسحى به إذا كان من حديد وبالفارسية «كلنگ بيل».

١٤١

لحقت بقارون وكان قارون هلك في أيام موسى ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل ، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره ، فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به : أنظرني فانى اسمع كلام آدمي ، فأوحى الله الى الملك الموكل به أنظره فأنظره ثم قال قارون : من أنت؟ قال يونس : انا المذنب الخاطئ يونس بن متى ، قال : فما فعل شديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال : هيهات هلك ، قال : فما فعل الرءوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال : هلك قال : فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال : هيهات ما بقي من آل عمران أحد ، فقال قارون : وا أسفا على آل عمران ، فشكر الله له ذلك فأمر الملك الموكل به ان يرفع عنه العذاب أيام الدنيا فرفع عنه.

١١٦ ـ في تفسير العياشي عن الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان يونس لما آذاه قومه وذكر حديثا طويلا وفيه ، فألقى نفسه فالتقمه الحوت فطاف به البحار السبعة حتى صار الى البحر المسجور ، وبه يعذب قارون ، فسمع قارون دويا فسأل الملك عن ذلك فأخبره انه يونس وان الله حبسه في بطن الحوت. فقال له قارون : أتأذن لي ان أكلمه؟ فاذن له فسأله عن موسى فأخبره انه مات فبكى ، ثم سأله عن هارون فأخبره انه مات فبكى وجزع جزعا شديدا ، وسأله عن أخته كلثم وكانت مسماة له فأخبره انها ماتت ، فبكى وجزع جزعا شديدا فأوحى الله الى الموكل به : ان ارفع عنه العذاب بقية أيام الدنيا لرقته على قرابته.

١١٧ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يذكر فيه خروجه عليه‌السلام للمباهلة وفيه : فلما رجع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأهله وصار الى مسجده هبط جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا محمد ان الله يقرئك السلام ويقول : ان عبدي موسى باهل عدوه قارون بأخيه هارون وبنيه فخسفت بقارون وأهله وماله ومن وازره من قومه وبعزتي اقسم وجلالي يا أحمد لو باهلت بك وبمن تحت الكساء من أهلك أهل الأرض والخلائق جميعا لتقطعت السماء كسفا ، والجبال زبرا ولساخت الأرض فلم تستقر

١٤٢

أبدا الا ان أشاء ذلك.

١١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم فما (كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ) قال : هي لفظة سريانية (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) حدثني ابى عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسي الا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها ، يا حفص ان الله تبارك وتعالى علم ما العباد عاملون والى ما هم صائرون ، فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم ، فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت ، ثم تلا قوله : تلك الدار الاخرة الآية وجعل يبكى ويقول : ذهبت والله الأماني عند هذه الآية ، قلت : جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا؟ فقال : قد حد الله عزوجل في كتابه فقال : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٩ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام أيضا في قوله : (عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) : العلو الشرف والفساد البناء.

١٢٠ ـ في نهج البلاغة فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت اخرى وفسق آخرون كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه إذ يقول : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى والله لقد سمعوها ووعوها ، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها.

١٢١ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى ابن مسعود انه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كلام طويل : أوصيكم بتقوى الله وأوصى الله بكم (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) الا تعلوا على الله في عباده وبلاده فان الله تعالى قال لي ولكم : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)

١٤٣

١٢٢ ـ في مجمع البيان وروى زاذان عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه كان يمشى في الأسواق وهو وال يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرأ (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) ويقول : نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة ، وأهل القدرة من ساير الناس.

١٢٣ ـ وروى سلام الأعرج عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أيضا قال : الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) الآية.

١٢٤ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله يقول على بن موسى بن طاوس : رأيت في تفسير الطبرسي عند تفسير هذه الآية قال : وروى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : ان الرجل ليعجبه ان يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها «انتهى».أقول : وهذا الحديث منقول في جوامع الجامع فكأنه المراد.

١٢٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن حماد عن حريز عن أبى جعفرعليه‌السلام قال : انه سئل عن جابر فقال : رحم الله جابرا بلغ من فقهه انه كان يعرف تأويل هذه الآية (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) يعنى الرجعة.

١٢٦ ـ قال : وحدثني أبى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الحميد الطائي عن أبى خالد الكابلي عن على بن الحسين صلوات الله عليهما في قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) قال : يرجع إليكم نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم حدثني أبى عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر قال : ذكر عند أبى جعفر عليه‌السلام جابر فقال : رحم الله جابرا لقد بلغ من علمه انه كان يعرف تأويل هذه الآية (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) يعنى الرجعة.

١٢٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن النعمان عن سيف بن عميرة عمن ذكره عن الحارث بن المغيرة النصرى قال : سئل

١٤٤

ابو عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فقال : ما يقولون فيه؟ قلت : يقولون : يهلك كل شيء الا وجه الله ، فقال : سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما انما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه.

١٢٨ ـ احمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن فضيل بن عثمان عن ابن أبى يعفور قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «هو الاول والاخر» وقلت : اما الاول فقد عرفناه واما الاخر فبين لنا تفسيره ، فقال : انه ليس شيء الا يبيد أو يتغير أو يدخله الغير والزوال وينتقل من لون الى لون ومن هيئة الى هيئة ومن صفة الى صفة ، ومن زيادة الى نقصان ، ومن نقصان الى زيادة (إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) فانه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة ، هو الاول قبل كل شيء وهو الاخر على ما لم يزل ولا تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره ، مثل الإنسان الذي يكون ترابا مرة ومرة لحما ودما ومرة رفاتا ورميما ، وكالبسر الذي يكون مرة بلحا ومرة بسرا ومرة رطبا ومرة تمرا (١) فتتبدل عليه الأسماء والصفات والله عزوجل بخلاف ذلك.

١٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن منصور بن يونس عن ابى حمزة عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) قال : فيفنى كل شيء ويبقى الوجه ، الله أعظم من أن يوصف ، لا ولكن معناها : كل شيء هالك الا دينه ونحن الوجه الذي يؤتى الله منه لم نزل في عباده ما دام الله فيهم روية ، فاذا لم يكن لله فيهم روية رفعنا اليه ففعل بنا ما أحب ، قلت : جعلت فداك فما الروية؟ قال : الحاجة.

١٣٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : واما قوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فالمراد كل شيء هالك الا دينه ، لان من المحال أن يهلك منه كل شيء ويبقى الوجه ، هو أجل وأعظم من ذلك

__________________

(١) البسر : التمر قبل ارطابه وذلك إذا لون ولم ينضج ، وقبله البلح ، والرطب : نضيج البسر قبل ان يتمر. والتمر : اليابس من ثمر النخل. وأول التمر طلع ثم خلال ثم بلح ثم بسر ثم رطب ثم تمر.

١٤٥

وانما يهلك من ليس منه ، الا ترى انه قال : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) ففصل بين خلقه ووجهه.

١٣١ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبى حمزة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قول الله عزوجل : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) قال : يهلك كل شيء ويبقى الوجه ، ان الله أعظم من ان يوصف بالوجه ، ولكن معناه : كل شيء هالك الا دينه والوجه الذي يؤتى منه.

١٣٢ ـ وباسناده الى الحارث بن المغيرة النصرى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) قال : كل شيء هالك الا من أخذ طريق الحق وفي محاسن البرقي مثله الا ان آخره : من أخذ الطريق الذي أنتم عليه.

١٣٣ ـ وفي كتاب التوحيد باسناده الى صفوان الجمال عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) قال : من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد والائمة من بعده صلوات الله عليهم فهو الوجه الذي لا يهلك ثم قرأ : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ).

١٣٤ ـ وباسناده أيضا الى صفوان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : نحن وجه الله الذي لا يهلك.

١٣٥ ـ وباسناده الى صالح بن سعيد عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) نحن.

١٣٦ ـ وباسناده الى خيثمة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) قال : دينه وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام دين الله ووجهه وعينه في عباده ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده على خلقه ، ونحن وجه الله الذي يؤتى منه ، ولن نزال في عباده ما دامت الله فيهم روية. قلت : وما الروية؟ قال : الحاجة فاذا لم يكن لله فيهم حاجة فينا رفعنا اليه وصنع ما أحب.

١٣٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : فلا تكونن يا محمد ظهيرا

١٤٦

للكافرين فقال : المخاطبة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والمعنى للناس ، وقوله عزوجل : (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً) المخاطبة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والمعنى للناس وهو قول الصادق صلوات الله عليه : ان الله عزوجل بعث نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بإياك أعنى واسمعي يا جاره (١).

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا با محمد من أهل الجنة لا أستثنى فيه أبدا ، ولا أخاف ان يكتب الله على في يميني إثما ، وان لهاتين السورتين من الله مكانا.

٢ ـ في مجمع البيان ابى بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن قرأ سورة العنكبوت كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل المؤمنين والمنافقين.

٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن محمد بن الفضيل عن أبى الحسنعليه‌السلام قال : جاء العباس الى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : انطلق بنا نبايع لك الناس فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : أو تراهم فاعلون؟ قال : نعم. قال : فأين قوله عزوجل : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) اى اختبرناهم (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ)

٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة توقيع من صاحب الزمان عليه‌السلام كان خرج الى العمرى وابنه رضى الله عنهما رواه سعد بن عبد الله قال الشيخ أبو جعفر : وجدت مثبتا بخط سعد بن عبد الله رحمه‌الله : وفقكما الله وثبتكما على دينه وأسعدكما

__________________

(١) وهذا مثل يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره ، وقيل ان أول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري ذكر قصته الميداني في مجمع الأمثال (ج ٥٠١ ـ ٥١ ط مصر) وقال الطريحي : هو مثل يراد به التعريض للشيء.

١٤٧

بمرضاته ، انتهى إلينا بما ذكرتما ان المسمى أخبر كما عن المختار ومناظرته من لقى واحتجاجه بأنه لا خلف غير جعفر بن على وتصديقه ، وفهمت جميع ما كتبتما به مما قال أصحابكم عنه ، وانا أعوذ بالله من العمى بعد الجلا ومن الضلالة بعد الهدى ، ومن موبقات الأعمال ومرديات الفتن ، وانه عزوجل يقول : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) كيف يتساقطون في الفتنة ويترددون في الحيرة ويأخذون يمينا وشمالا ، فارقوا دينهم أم ارتابوا أم عاندوا الحق أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والاخبار الصحيحة وعلموا فتناسوا والتوقيع طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ثم قال لي : ما الفتنة؟ قلت : جعلت فداك الفتنة في الدين فقال : يفتنون كما يفتن الذهب ، ثم قال : يخلصون كما يخلص الذهب.

٦ ـ في نهج البلاغة وقام اليه عليه‌السلام رجل فقال : أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عنها؟ فقال : عليه‌السلام : لما أنزل الله سبحانه قوله : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) علمت ان الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أظهرنا ، فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها؟ فقال : يا على ان أمتي سيفتنون من بعدي ، فقلت : يا رسول الله أو ليس لي قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين واحيزت عنى الشهادة فشق ذلك على فقلت لي : أبشر فان الشهادة من ورائك ، فقال لي : ان ذلك لكذلك فكيف صبرك إذا؟ فقلت يا رسول الله ليس هذا مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر ، وقال : يا على سيفتنون بعدي بأموالهم ، ويمنون بدينهم على ربهم ويتمنون رحمته ويأمنون سطوته ، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية ، فيستحلون الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع. قلت : يا رسول الله فبأى المنازل أنزلهم عند ذلك أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة؟ قال : بمنزلة فتنة.

١٤٨

٧ ـ في مجمع البيان عند قوله : (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) وفي تفسير الكلبي انه لما نزلت هذه الآية قام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فتوضأ وأسبغ وضوئه ، ثم قام وصلى فأحسن صلوته ثم سأل الله سبحانه ان لا يبعث عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم أو يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام ولم يجرهم من الخصلتين الأخيرتين ، فقال عليه‌السلام : يا جبرئيل ما بقاء أمتي مع قتل بعضهم بعضا؟ فقام وعاد الى الدعاء فنزل : «الم أحسبوا ان يتركوا» الآيتين فقال لا بد من فتنة تبتلى بها الامة بعد نبيها ليتعين الصادق من الكاذب ، لان الوحي انقطع وبقي السيف وافتراق الكلمة الى يوم القيامة.

٨ ـ وفيه قيل : ان معنى يفتنون يبتلون في أنفسهم وأموالهم وهو المروي عن ابى عبد الله عليه‌السلام.

٩ ـ وفيه قرء على عليه‌السلام (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) بضم الياء وكسر اللام فيهما ، وهو المروي عن جعفر بن محمد ومحمد بن عبد الله بن الحسن.

١٠ ـ في تفسير العياشي عن جابر قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) فسره لي قال : فقال ابو جعفر عليه‌السلام : يا جابر ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان عند الله خلاف ما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قلت : فما معنى ذلك؟ قال : نعم عنى بذلك قول الله لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس لك من الأمر شيء يا محمد في على الأمر الى في على عليه‌السلام وغيره الم انزل عليك يا محمد فيما أنزلت من كتابي إليك (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) الى قوله «وليعلمن» قال : فوض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الأمر اليه.

١١ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله وقد جاءت الرواية انه لما تم لأبي بكر ما تم وبايعه من بايع ، جاء رجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يسوى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمسحاة في يده وقال له : ان القوم قد بايعوا أبا بكر ووقعت الخذلة في الأنصار لاختلافهم ، وبدر الطلقاء للعقد للرجل خوفا من ادراككم الأمر؟ فوضع طرف المسحاة على الأرض ويده

١٤٩

عليها ثم قال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) أم حسب الذين اجترحوا السيئات ان يسبقونا ساء ما يحكمون.

١٢ ـ الفضل بن شاذان عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : لا يكون ما تمدون اليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا ، ولا يبقى منكم الا القليل ثم قرء: (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ثم قال : ان من علامات الفرج حديث يكون بين المسجدين ، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب.

١٣ ـ في الكافي وروى ان أمير المؤمنين عليه‌السلام قال في خطبة له : ولو أراد الله جل ثنائه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن البلدان ومغارس الجنان وأن يحشر طير السماء ووحش الأرض معهم لفعل ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحل الابتلاء (١) ولما وجب للقائلين أجر المبتلين (٢) ولا لحق المؤمنين ثواب المحسنين ، ولا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين ، ولذلك لو أنزل الله من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ، ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين ، ولكن الله جل ثنائه جعل رسله اولى قوة في عزائم نياتهم ، وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم من قناعة تملأ القلوب والعيون غناؤه وخصاصة يملأ الأسماع والأبصار أداؤه. ولو كانت الأنبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك يمد نحوه أعناق الرجال ، ويشد اليه عقد الرحال لكان أهون على الخلق في الاختبار وأبعد لهم في الاستكبار ، ولآمنوا عن رغبة قاهرة لهم أو رهبة مائلة بهم ، فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة ، ولكن الله أراد أن يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لأمره والاستسلام اليه ، أمورا خاصة لا يشوبها من غيرها شائبة ، ولكما كانت البلوى والاختبار.

__________________

(١) وفي النهج والمصدر «واضمحلت الأبناء» بدل «الابتلاء».

(٢) «القائلين» من القيلولة يعنى لو لم يكن ابتلاء لكانوا مستريحين فلا ينالون أجور المبتلين قاله المحدث الكاشاني (ره) في الوافي.

١٥٠

أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل ، ألا ترون ان الله جل ثناؤه اختبر الأولين من لدن آدم الى آخرين من هذا العالم بأحجار ما تضر ولا تنفع ، ولا تبصر ولا تسمع ، فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما. ثم جعله بأوعر (١) بقاع الأرض حجرا وأقل نتائق الدنيا مدرا (٢) وأضيق بطون الاودية معاشا ، وأغلظ محال المسلمين مياها بين جبال خشنة ورمال دمثة (٣) وقرى منقطعة واثر من مواضع قطر السماء داثر (٤) ليس يزكو به خف ولا ظلف ولا حافر (٥) ثم امر آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم وغاية لملقى رحالهم تهوى اليه ثمار الافئدة من مفاوز قفار متصلة وجزائر بحار منقطعة ومهاوي فجاج عميقة حتى يهزوا مناكبهم ذللا لله حوله ويرملوا على أقدامهم شعثا غبرا له ، قد نبذوا القنع والسرابيل وراء ظهورهم وحسروا بالشعور حلقا عن رؤسهم (٦) ابتلاء عظيما واختبارا كبيرا وامتحانا شديدا وتمحيصا بليغا وقنوتا

__________________

(١) وعر المكان : صلب.

(٢) قال الجزري في حديث على (عليه‌السلام) في صفة مكة : والكعبة أقل نتائق الدنيا مدرا ، النتائق جمع نتيقة ، فعيلة بمعنى مفعولة من النتق وهو ان تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمى به هذا هو الأصل وأراد بها هاهنا البلا لرفع بنائها وشهرتها في موضعها. «انتهى» وقال الشارح المعتزلي : أصل هذه اللفظة من قولهم امرأة منتاق اى كثيرة الحبل والولادة ، ويقال : ضيعة منتاق اى كثيرة الريع فجعل عليه‌السلام الضياع ذوات المدر التي تثار للحرث نتائق وقال ان مكة أقلها صلاحا للزرع لان أرضها حجرية.

(٣) رما ـ دمثة : سهلة وكلما كان الرمل أسهل كان أبعد عن ان ينبت ـ.

(٤) الأثر : بقية رسم الشيء ، والدثور : الدروس وهو أن تهب الرياح على المنزل فيغشى رسومه الرمل ويغطيه.

(٥) الخف هاهنا هو الإبل ، والحافر الخيل والحمير ، والظلف الشاة «ولا يزكو بها» اى لا تزيد اى ليس حولها مرعى ترعاه تلك فتسمن.

(٦) قوله عليه‌السلام : «يثنوا أعطافهم نحوه ... اه» الثني : العطف ، وعطفا الرجل : جا بناء اى يقصدوه ويحجوه ، يقال : ثنا عطفه نحوه اى توجه اليه والمثابة : المرجع

١٥١

مبينا (١) جعله الله سببا لرحمته ووصلة ووسيلة الى جنته وعلة لمغفرته وابتلاء للخلق برحمته فلو كان الله تبارك وتعالى وضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وأنهار وسهل وقرار ، جم الأشجار داني الثمار ملتف النبات ، متصل القرى من برة سمراء ، وروضة خضراء وأرياف محدقة ، وعراص مغدقة وزروع ناضرة ، وطرق عامرة ، وحدائق كثيرة لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلا (٢) ثم لو كانت الأساس المحمول عليها أو الأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء ، وياقوتة حمراء ونور وضياء ، لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور ، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ، ولنفي معتلج الريب من الناس ، ولكن الله جل وعز يختبر عبيده بأنواع الشدائد ويتعبدهم بألوان المجاهد ويبتليهم بضروب المكاره إخراجا للتكبر

__________________

والمنتجع : محل الكلاء. والنجمة : طلب الكلاء في الأصل ثم سمى كل من قصد امرا يروم النفع منه منتجعا. قال المحدث الكاشاني (ره) وفي قوله عليه‌السلام : «تهوى اليه ثمار لافئدة» استعارة لطيفة ونظر الى قوله سبحانه حكاية عن خليله عليه‌السلام («فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) ...» والقفر من المفاوز : ما لا ماء فيه ولا كلاء. والنهاوى : المساقط والفجاج جمع الفج وهو الطريق بين الجيلين ، والهز : التحريك ، قال الشارح المعتزلي : اى يحركهم الشوق نحوه الى ان يسافروا اليه فكنى عن السفر بهز المناكب ، وذللا حال اما منهم أو من المناكب وواحد المناكب منكب بكسر الكاف وهو مجمع عظم العضد والرمل : السعي فوق المشي قليلا.

والشعث : انتشار الأمر واغبرار الرأس وتلبد الشعر ، والقنع جمع القناع والحسر ، الكشف قال الفيض (ره) : وبه يتعلق قوله «ورؤسهم».

(١) القنوت : الخضوع.

(٢) قوله عليه‌السلام «جم الأشجار» اى كثيرها وداني الثمار : قريبها والتفاف النبات اشتباكها وفي النهج «ملتف البنى» ى مشتبك العبارة والبرة : الواحدة من البر وهو الحنطة.

والأرياف جمع الريف : ارض فبها زرع وخصب وما قارب الماء من ارض العرب ، والمحدقة : المحيطة وعراص جمع عرصة ، الساحة والمغدقة : كثيرة الماء.

١٥٢

من قلوبهم وإسكانا للتذلل في أنفسهم وليجعل ذلك أبوابا [فتحا] الى فضله وأسبابا ذللا لعفوه وفتنة (١) كما قال. (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ).

١٤ ـ في جوامع الجامع وفي الحديث قد كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار على رأسه فيفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه.

١٥ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وقوله : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ) لات يعنى بقوله من كان يؤمن بأنه مبعوث فان وعد الله لآت من الثواب والعقاب ، فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية ، واللقاء هو البعث فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه فانه يعنى بذلك البعث.

١٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) قال: من أحب لقاء الله جاءه الأجل ومن جاهد نفسه عن اللذات والشهوات والمعاصي (فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) قال : هما اللذان ولداه.

١٧ ـ ١٨ واما قوله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ) قال : إذا آذاه إنسان أو أصابه ضراء وفاقة أو خوف من الظالمين دخل معهم في دينهم فرأى أن ما يفعلوه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع ، (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ) يعنى القائم صلوات الله عليه (لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) وقوله عزوجل : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) قال : كان الكفار يقولون للمؤمنين : كونوا معنا

__________________

(١) قوله عليه‌السلام «مصارعة الشك في الصدور ...» المصارعة : المحاولة والاعتلاج : الاقتتال ، قال الفيض (ره) : وفي قوله عليه‌السلام مصارعة الشك استعارة لطيفة وكذا في قوله معتلج الريب ومعناهما متقاربان. والمجاهد جمع مجهدة وهي المشقة ، وأبوابا فتحا اى مفتوحة. وأسبابا ذللا اى سهلة.

١٥٣

فان الذي تخافون أنتم ليس بشيء فان كان حقا نتحمل نحن ذنوبكم فيعذبهم الله عزوجل مرتين مرة بذنوبهم ومرة بذنوب غيرهم.

١٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في مكالمة بينه وبين اليهود وفيه قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد أقام نوح في قومه ودعاهم ألف سنة الا خمسين عاما ، ثم وصفهم الله تعالى فقللهم فقال : (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) ولقد تبعني في سنى القليلة وعمرى اليسير ما لم يتبع نوحا في طول عمره وكبر سنه.

٢٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن الفضل عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : فمكث نوح ألف سنة الا خمسين عاما لم يشاركه في نبوته أحد في روضة الكافي باسناده الى ابى حمزة عن ابى جعفر عليه‌السلام مثله.

٢١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن ابى نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : لبث فيهم نوح ألف سنة الا خمسين عاما يدعوهم سرا وعلانية ، فلما أبوا وعتوا قال : «رب (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : وسأله عن اسم نوح ما كان فقال : اسمه سكن ، وانما سمى نوحا لأنه ناح على قومه ألف سنة الا خمسين عاما.

٢٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أحمد بن الحسن الميثمي عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان اسم نوح عليه‌السلام عبد الغفار وانما سمى نوحا لأنه كان ينوح على نفسه.

٢٤ ـ وباسناده الى سعد بن جناح عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : اسم نوح عبد الملك ، وانما سمى نوحا لأنه بكى خمسمائة عام.

١٥٤

٢٥ ـ باسناده الى محمد بن أورمة عمن ذكره عن سعيد بن جناح عن رجل عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان اسم نوح عبد الأعلى وانما سمى نوحا لأنه بكى خمسمائة عام.

٢٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بنبريد عن أبى عمرو الزبيري عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : والوجه الخامس من الكفر كفر البرائة ، وقال : (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) يعنى يتبرأ بعضكم من بعض ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧ ـ في روضة الكافي يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن مالك الجهني قال : قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : يا مالك انه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا الا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه الا أنتم ، ومن كان على مثل حالكم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٨ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول عليه‌السلام فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) وقوله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) وقوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) وقوله (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) وقوله : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ). وقوله : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) فان ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين الف سنة ، يجمع الله عزوجل الخلائق يومئذ في مواطن يتفرقون ، ويكلم بعضهم بعضا ويستغفر بعضهم لبعض ، أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا الرؤساء والاتباع ويلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء ، وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا المستكبرين والمستضعفين يكفر بعضهم ببعض ، ويلعن بعضهم بعضا ، والكفر في هذه

١٥٥

الآية البرائة يقول فيبرأ بعضهم من بعض ، ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) وقول إبراهيم خليل الرحمن : «كفرنا بكم» اى تبرأنا.

٢٩ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله عن جميل بن دراج عن مالك بن أعين قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا مالك أما ترضون ان يأتى كل قوم يلعن بعضهم بعضا الا أنتم ومن قال بمقالتكم.

٣٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن الفضل عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام حديث طويل يقول في أواخره عليه‌السلام : وان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة ، اما إبراهيم نبوته بكوثا وهي قرية من قرى السواد فيها بدا أول أمره ، ثم هاجر منها وليست بهجرة فقال : وذلك قول الله عزوجل : (إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وكانت هجرة إبراهيم بغير قتال ، واما إسحاق فكانت نبوته بعد إبراهيم ، واما يعقوب فكانت نبوته بأرض كنعان ثم هبط الى مصر فتوفي فيها.

٣١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبى يحيى الواسطي عن هشام ودرست بن أبى منصور عنه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام الأنبياء والمرسلون على أربع طبقات : فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها ، ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة ، ولم يبعث الى أحد وعليه امام ، مثل ما كان إبراهيم على لوط عليهما‌السلام ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٢ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن أبى زياد الكرخي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كانت أم إبراهيم وأم لوط صلى الله عليهما سارة وورقة وفي نسخة رقية أختين ، وهما ابنتان للاحج وكان الاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥٦

٣٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : اعلموا يا عباد الله ان المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب ، اما لخير فان الله يثيبه بعمله في دنياه ، قال سبحانه لإبراهيم : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) فمن عمل لله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والاخرة وكفاه المهم فيهما.

٣٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابى بصير عن أحدهما عليهما‌السلام في قول لوط. (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) فقال : ان إبليس أتاهم في صورة حسنة فيه تأنيث ، عليه ثياب حسنة فجاء الى شبان منهم فأمرهم أن يقعوا به ولو طلب إليهم ان يقع بهم لأبوا عليه ، ولكن طلب إليهم ان يقعوا به فلما وقعوا به التذوه ، ثم ذهب عنهم وتركهم فأحال بعضهم على بعض.

في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن أبان ابن عثمان عن ابى بصير عن أحدهما عليهما‌السلام مثله.

٣٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله جل ذكره : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) قال : هم قوم لوط كان يضرط بعضهم على بعض.

٣٦ ـ في عوالي اللئالى وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه راى رجلا يخذف بحصاة في المسجد(١) فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما زالت تلعنه حتى وقعت ، ثم قال : الخذف في النادي من أخلاق قوم لوط ، ثم تلا قوله تعالى : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) قال : هو الخذف.

٣٧ ـ في مجمع البيان (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) قيل فيه وجوه : أحدها هو انهم كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة ولا حياء عن ابن عباس وروى ذلك عن الرضاعليه‌السلام.

٣٨ ـ في جوامع الجامع وفي الحديث من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة.

٣٩ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن داود بن فرقد

__________________

(١) خذف بالحصاة أو النواة ونخوهما : رمى بها من بين سبابتيه.

١٥٧

عن ابى زيد الحماد عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل ، فمروا بإبراهيم عليه‌السلام وهم معتمون فسلموا عليه فلم يعرفهم ، وراى هيئة حسنة فقال : لا يخدم هؤلاء الا أنا بنفسي وكان صاحب ضيافة ، فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه ثم قربه إليهم فلما وضعه بين أيديهم (رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) فلما راى ذلك جبرئيل عليه‌السلام حسر العمامة (١) عن وجهه فعرفه إبراهيم فقال : أنت هو؟ قال : نعم ، ومرت سارة امرأته (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) فقالت ما قال الله عزوجل فأجابوها بما في الكتاب فقال لهم إبراهيم : لماذا جئتم؟ قالوا في إهلاك قوم لوط ، فقال لهم : ان كان فيها مأة من المؤمنين أتهلكونهم؟ فقال جبرئيل عليه‌السلام : لا ، قال : فان كان فيها خمسون؟ قال : لا قال : فان كان فيها ثلاثون؟ قال : لا ، قال : فان كان فيها عشرون؟ قال : لا قال : فان كان فيها عشرة؟ قال : لا قال : فان كان فيها خمسة؟ قال : لا ، قال : فان كان فيها واحد؟ قال : لا ، (قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) قال الحسن بن على عليه‌السلام : لا اعلم هذا القول الا وهو يستبقيهم وهو قول الله عزوجل : (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ).

٤٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سأل جبرئيل كيف كان مهلك قوم لوط؟ فقال : ان قوم لوط كانوا أهل قرية لا ينتظفون من البول والغائط ولا يتطهرون من الجنابة ، بخلاء أشحاء على الطعام ، وان لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة ، وانما كان نازلا عليهم ولم يكن منهم ولا عشيرة له فيهم ثلاثين سنة ولا قوم ، وانه دعاهم الى الله عزوجل والى الايمان واتباعه ، ونهاهم عن الفواحش وحثهم على طاعة الله فلم يجيبوه ولم يطيعوه ، وان الله عزوجل لما أراد عذابهم بعث إليهم رسلا منذرين عذرا نذرا ، فلما عتوا عن أمر ، بعث إليهم ملائكة ليخرجوا من كان في قريتهم من المؤمنين ، فما وجدوا فيها غير بيت من المسلمين فاخرجوهم

__________________

(١) اى كشفها.

١٥٨

منها ، وقالوا للوط : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) من هذه القرية الليلة (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) فلما انتصف الليل سار لوط ببناته وتولت امرأته مدبرة فانقطعت الى قومها تسعى بلوط ، وتخبرهم ان لوطا قد سار ببناته وانى نوديت من تلقاء العرش لما طلع الفجر يا جبرئيل حق القول من الله تحتم عذاب قوم لوط ، فاهبط الى قرية قوم لوط وما حوت فاقلبها من تحت سبع أرضين ، ثم أعرج بها الى السماء فأوقفها حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها ، ودع منها آية بينة من منزل لوط عبرة للسيارة ، فهبطت على أهل القرية الظالمين فضرب بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقها ، وضربت بجناحي الأيسر على ما حوى عليه غربها ، فاقتلعتها يا محمد من تحت سبع أرضين الا منزل لوط آية للسيارة ، ثم عرجت بها في حوافي جناحي حتى أوقفتها حيث يسمع أهل السماء زقاء ديوكها (١) ونباح كلابها فلما طلعت الشمس نوديت من تلقاء العرش : يا جبرئيل! اقلب القرية على القوم ، فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها أعلاها وأمطر الله عليهم حجارة من سجيل (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ) من أمتك ببعيد.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه : قد نقلنا أخبارا في بيان سبب هلاك قوم لوط وكيف كان مهلكهم وأحوال قراهم المهلكة وما يتعلق بذلك في سورة هود.

٤١ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام بعد ان ذكر الشيطان : ولا يغرنك تزيينه الطاعات عليك فانه يفتح لك تسعة وتسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام المأة ، فقابله بالخلاف والصد عن سبيله والمصادة باستوائه.

٤٢ ـ في كتاب الخصال عن جعيد (٢) همدان قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان في التابوت الأسفل من النار اثنى عشر : ستة من الأولين وستة من الآخرين ، فاما الستة من الأولين فابن آدم قاتل أخيه ، وفرعون الفراعنة ، والسامري ، والدجال

__________________

(١) الزقاء بمعنى الصياح.

(٢) وفي بعض النسخ «حميد» بدل «جعيد» لكن الصحيح هو المخار ويوافقه المصدر أيضا.

١٥٩

كتابه في الأولين ويخرج في الآخرين ، وهامان وقارون.

٤٣ ـ وفيه قال أبو ذر : ألستم تشهدون ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : شر الأولين والآخرين اثنا عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين ، ثم سمى الستة من الأولين ابن آدم الذي قتل أخاه وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال اسمه في الأولين ويخرج في الاخرى. والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

٤٤ ـ عن ابى عبد الله عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : المسوخ من بنى آدم ثلاثة عشر الى أن قال : واما العنكبوت فكانت امرأة سيئة الخلق عاصية لزوجها مولية عنه فمسخها الله عنكبوتا.

٤٥ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على بن أبى طالب عليهم‌السلام قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن المسوخ فقال : هي ثلاثة عشر الى أن قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : واما العنكبوت فكانت امرأة تخون زوجها.

٤٦ ـ عن سعيد بن علاقة قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : ترك نسج العنكبوت في البيت يورث الفقر.

٤٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن جعفر عن أخيه موسى ابن جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : واما العنكبوت فكانت امرأة سخرت (١) زوجها.

وباسناده الى على بن جعفر عن معتب مولى جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

٤٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) يعنى آل محمد صلوات الله عليهم.

٤٩ ـ في مجمع البيان (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) وروى الواحدي بالإسناد عن جابر قال : تلا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية وقال : العالم الذي عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه.

__________________

(١) وفي بعض النسخ «سحرت» بالحاء المهملة.

١٦٠