تفسير نور الثقلين - ج ٤

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢

جاريتين في ناحية ومعهما غنيمات لا تدنوان من البئر فقال لهما : ما لكما لا تستقيان؟ فقالتا كما حكى الله عزوجل : (لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) فرحمهما موسى عليه‌السلام ودنا من البئر فقال لمن على البئر : أسقى لي دلوا ولكم دلوا وكان الدلو يمده عشرة رجال ، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر ودلوا لبنتي شعيب عليه‌السلام وسقى أغنامهما (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) كان شديد الجوع ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام كان موسى كليم الله حيث سقى (لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ : رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) : والله ما سأل الله عزوجل الا خبزا يأكله لأنه كان يأكل بقلة الأرض ، ولقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه (١) من هزاله.

٣٨ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل حكاية عن موسى عليه‌السلام (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) قال : سأل الطعام.

٣٩ ـ في تفسير العياشي عن حفص بن البختري عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول موسى لفتاه : (آتِنا غَداءَنا) وقوله : (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) قال : انما عنى الطعام ، فقال أبو عبد الله : عليه‌السلام : ان موسى لذو جوعات.

٤٠ ـ عن ليث بن سليم عن أبى جعفر عليه‌السلام شكى موسى الى ربه الجوع في ثلاثة مواضع : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).

٤١ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : وان شئت ثنيت بموسى كليم الله صلوات الله عليه إذ يقول : (إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) والله ما سأله الا خبزا يأكله لأنه كان يأكل بقلة الأرض ، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله وتشذب لحمه(٢).

__________________

(١) الصفاق ، الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن.

(٢) تشذب اللحم : تغرقه.

١٢١

٤٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله : (أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) آخر ما نقلنا عنه سابقا (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ) من مصر بغير ظهر ولا دابة ولا خادم تحفظه أرض وترفعه اخرى حتى انتهى الى أرض مدين ، فانتهى الى أصل شجرة فنزل فاذا تحتها بئر وإذا عندها امة من الناس يسقون ، وإذا جاريتان ضعيفتان ، وإذا معهما غنيمة لهما (قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا أَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) ونحن جاريتان ضعيفتان ، لا نقدر ان نزاحم الرجال فاذا سقى الناس سقيا ، فرحمهما عليه‌السلام فأخذ دلوهما فقال لهما : قد ما غنمكما فسقى لهما ثم رجعنا بكرة قبل الناس ، ثم تولى موسى الى الشجرة فجلس تحتها وقال : (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) ، فروى انه قال ذلك وهو محتاج الى شق تمرة ، فلما رجعنا الى أبيهما قال : ما أعجلكما في هذه الساعة؟ قالتا : وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا ، فقال لإحداهما : اذهبي فادعيه لي (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا).

٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصل بقوله من هزاله آخر ما نقلنا عنه سابقا ، فلما رجعت ابنتا شعيب الى شعيب قال لهما : أسرعتما الرجوع فأخبرتاه بقصة موسىعليه‌السلام ولم تعرفاه ، فقال شعيب لواحدة منهن : اذهبي اليه فادعيه لنجزيه أجر ما سقى لنا ، فجاءت اليه كما حكى الله تعالى : (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا) فقام موسى معهما ومشت امامه فسفقتها الرياح (١) فبان عجزها فقال لها موسى : تأخرى ودلينى على الطريق بحصاة تلقينها امامى أتبعها ، فانا من قوم لا ينظرون في ادبار النساء ، فلما دخل على شعيب قص عليه قصته فقال له شعيبعليه‌السلام : (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

٤٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله : (أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا) فروى ان موسى عليه‌السلام قال لها : وجهيني الى الطريق وامشى خلفي فانا بنى يعقوب.

__________________

(١) من سفقت الباب وأسفقته اى رددته.

١٢٢

«لا ننظر في اعجاز النساء» ، «فلما (جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصل بقوله : (مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قالت احدى بنات شعيب : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) فقال لها شعيب : اما قوته فقد عرفتنيه انه يستقى الدلو وحده ، فبم عرفت أمانته؟ فقالت : انه لما قال لي : تأخرى عنى ودلينى على الطريق فانا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء عرفت انه ليس من الذين ينظرون أعجاز النساء فهذه أمانته.

٤٦ ـ في جوامع الجامع وروى ان الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر حجرا لا يقله الا سبعة رجال وقيل : عشرة وقيل : أربعون فأقله وحده وسألهم دلوا فأعطوه دلوهم ، وكان لا ينزعها الا عشرة فاستقى بها وحده مرة واحدة ، فروى عنهما وأصدرهما.

٤٧ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى صفوان بن يحيى عن أبى الحسن عليه‌السلام في قوله الله : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) قال : قال لها شعيب : يا بنية هذا قوى قد عرفتيه برفع الصخرة ، الأمين من أين عرفتيه؟ قالت : يا أبة انى مشيت قدامه فقال: امشى من خلفي فان ضللت فأرشدينى الى الطريق فانا قوم لا ننظر في أدبار النساء.

٤٨ ـ في مجمع البيان قال أمير المؤمنين على عليه‌السلام : لما قالت المرأة هذا قال شعيب: وما علمك بأمانته وقوته؟ قالت : أما قوته فانه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا بكذا ، واما أمانته فانه قال لي : امشى خلفي فانا أكره ان تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك.

٤٩ ـ وروى الحسن بن سعيد عن صفوان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سئل أيتهما التي (قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ)؟ قال : التي تزوج بها ، قيل : فأي الأجلين قضى قال : أوفاهما وأبعدهما عشر سنين ، قيل : فدخل بها قبل أن يمضى الشرط أو بعد انقضائه؟ قال: قبل أن ينقضي ، قيل له : فالرجل يتزوج المرئة ويشترط لأبيها إجارة شهرين أيجوز ذلك؟ قال : ان موسى علم انه سيتم له شرطه ، قيل : كيف؟ قال : علم انه سيبقى

١٢٣

حتى يفي.

٥٠ ـ في الكافي على بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبى عبد الله عن أبيه عن ابن سنان عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن الاجارة ، فقال : صالح لا بأس به إذا نصح قدر طاقته ، قد أجر موسى عليه‌السلام نفسه واشترط ، فقال : ان شئت ثمان وان شئت عشرا فانزل الله عزوجل فيه (أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ)

٥١ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى اسمعيل بن أبى زياد عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام ان عليا عليه‌السلام قال : لا يحل النكاح اليوم في الإسلام بإجارة بان يقول اعمل عندك كذا وكذا على أن تزوجني أختك أو ابنتك ، قال : هو حرام لأنه ثمن رقبتها وهي أحق بمهرها.

٥٢ ـ في حديث آخر انما كان ذلك لموسى بن عمران لأنه علم من طريق الوحي هل يموت قبل الوفاء أم لا ، فوفى بأتم الأجلين.

٥٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة «قال : (أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ) فروى انه قضى أتمهما لان الأنبياء عليهم‌السلام لا تأخذ الا بالفضل والتمام.

٥٤ ـ في تفسير العياشي وقال الحلبي سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن البيت أكان يحج قبل أن يبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : نعم وتصديقه في القرآن قول شعيب حين قال لموسى حيث تزوج : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) ولم يقل ثماني سنين.

٥٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بكى شعيب عليه‌السلام من حب الله عزوجل حتى عمى ، فرد الله عزوجل عليه بصره ، ثم بكى حتى عمى ، فرد الله عزوجل عليه بصره ، ثم بكى حتى عمى فرد الله عليه بصره ، فلما كانت الرابعة أوحى الله اليه : يا شعيب الى متى يكون هذا أبدا منك؟ إن يكن هذا خوفا من النار فقد أجرتك ، وان يكن شوقا الى الجنة فقد أبحتك ، فقال : الهى وسيدي أنت

١٢٤

تعلم انى ما بكيت خوفا من نارك ولا شوقا الى جنتك ولكن عقد حبك على قلبي فلست أصبر أو أراك ، فأوحى الله جل جلاله اليه اما إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران.

قال مصنف هذا الكتاب : والله يعنى بذلك لا زال أبكى أو أراك قد قبلتني حبيبا انتهى

٥٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى عبد الله بن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : ان يوشع بن نون وصى موسى عليهما‌السلام عاش بعد موسى ثلاثين سنة ، وخرجت عليه صفيرا بنت شعيب زوجة موسى عليه‌السلام فقالت : انا أحق منك بالأمر فقاتلها فقتل مقاتلتها وأحسن أسرها.

٥٧ ـ وفيه حديث طويل يقول فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : وقد ذكر موسى عليه‌السلام وخرج الى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام ، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الاولى ، وكانت نيفا وخمسين سنة.

٥٨ ـ وباسناده الى عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول في القائم عليه‌السلام : سنة من موسى بن عمران عليه‌السلام فقلت : وما سنة من موسى بن عمران؟ قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه ، فقلت : وكم غاب موسى عن أهله قال : ثمانية وعشرين سنة.

٥٩ ـ في مجمع البيان وروى الواحدي بالإسناد عن ابن عباس قال : سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أى الأجلين قضى موسى؟ قال : أوفاهما وأبطأهما.

٦٠ ـ وبالإسناد عن أبى ذر قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا سئلت أى الأجلين قضى موسى؟ فقل : خيرهما وأبرهما ، وان سئلت اى المرأتين تزوج فقل : الصغرى منهما وهي التي جاءت ، وقالت (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ).

٦١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أى الأجلين قضى؟ قال : أتمهما عشر حجج ، قلت له : فدخل بها قبل أن يقضى الأجل أو بعد؟ قال : قبل ، قال : قلت : فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين مثلا

١٢٥

أيجوز ذلك؟ قال : ان موسى عليه‌السلام علم انه يتم له شرطه فكيف لهذا ان يعلم انه يبقى حتى يفي قلت له : جعلت فداك أيهما زوجه شعيب من بناته؟ قال : التي ذهبت اليه فدعته وقالت لأبيها : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) قال لشعيب : لا بد لي أن أرجع الى وطني وأمي وأهل بيتي فما لي عندك؟ فقال شعيب عليه‌السلام : ما وضعت أغنامى في هذه السنة من غنم بلق فهو لك ، فعمل موسى عليه‌السلام عند ما أراد أن يرسل الفحل على الغنم الى عصاه فقشر منه بعضه وترك بعضه. وغرزه في وسط مربض الغنم وألقى عليه كساء أبلق ثم أرسل الفحل على الغنم فلم يضع الغنم في تلك السنة الا بلقا ، فلما حال عليه الحول وحمل موسى امرأته وزوده شعيب من عنده وساق غنمه ، فلما أراد الخروج قال لشعيب. أبغى عصا يكون معى وكانت عصى الأنبياء عليهم‌السلام عنده قد ورثها مجموعة في بيت ، فقال له شعيب : ادخل هذا البيت وخذ عصا من بين العصى ، فدخل فوثب اليه عصا نوح وإبراهيم عليهما‌السلام وصارت في كفه فأخرجها ونظر إليها شعيب فقال : ردها وخذ غيرها ، فردها ليأخذ غيرها فوثبت اليه تلك بعينها فردها حتى فعل ذلك ثلاث مرات ، فلما رأى شعيب عليه‌السلام ذلك قال له : اذهب فقد خصك الله عزوجل بها ، فساق غنمه فخرج يريد مصر فلما صار في مفازة ومعه أهله أصابهم برد شديد وريح وظلمة ، وجهنم الليل فنظر موسى الى نار قد ظهرت كما قال الله تعالى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) فاقبل نحو النار يقتبس فاذا شجرة ونار تلتهب عليها فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت ففزع وعدا ورجعت النار الى الشجرة ، فالتفت إليها وقد رجعت الى الشجرة فرجع الثانية ليقتبس فأهوت اليه فعدا وتركها ، ثم التفت وقد رجعت الى الشجرة ، فرجع إليها الثالثة فأهوت اليه فعدا ولم يعقب اى لم يرجع ، فناداه الله عزوجل ان : (يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).

٦٢ ـ في تهذيب الأحكام أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن الحسن

١٢٦

ابن على بن مهزيار عن أبيه عن جده على بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن على بن الحكم عن مخرمة بن ربعي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره الله في القرآن هو الفرات ، والبقعة المباركة هي كربلاء.

٦٣ ـ في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ) نحو البيت المقدس أخطأ الطريق فرأى نارا (قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً).

٦٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم متصل بقوله : (رَبِّ الْعالَمِينَ) قال موسىعليه‌السلام : فما الدليل على ذلك؟ قال الله عزوجل : ما في يمينك يا موسى ، قال : هي عصاي قال : ألقها يا موسى فألقاها فاذا هي حية تسعى ففزع منها موسى وعدا ، فناداه الله عزوجل : خذها ولا تخف انك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء اى من غير علة ، وذلك ان موسى عليه‌السلام كان شديد السمرة (١) فأخرج يده من جيبه فأضائت له الدنيا ، فقال الله عزوجل : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ).

٦٥ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام باسناده الى جابر الجعفي عن الباقر عليه‌السلام قال : وقال الله عزوجل في قصة موسى عليه‌السلام : (أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) يعنى من غير برص ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٦ ـ في مجمع البيان وروى عن أبى جعفر عليه‌السلام في حديث طويل قال : فلما رجع موسى الى امرأته قالت : من أين جئت؟ قال : من عند رب تلك النار.

٦٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبى جميلة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فان موسى ابن عمران ذهب يقتبس نارا لأهله فانصرف إليهم وهو نبي مرسل.

٦٨ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبى عبد الله عن على بن محمد القاساني عمن

__________________

(١) سمر : كان لونه بين السواد والبياض.

١٢٧

ذكره عن عبد الله بن القاسم عن أبى عبد الله عن أبيه عن جده قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليهم : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فان موسى بن عمران صلى الله عليه خرج يقتبس نارا لأهله فكلمه الله ورجع نبيا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال موسى كما حكى الله : (رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) قال الراوي : فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام فكم مكث موسى عليه‌السلام غائبا عن امه حتى رده الله عزوجل عليها؟ قال : ثلاثة أيام ، قال : فقلت : فكان هارون أخا موسى عليهما‌السلام لأبيه وامه؟ قال : نعم أما تسمع الله عزوجل يقول : (يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) فقلت : فأيهما كان أكبر سنا؟ قال : هارون عليه‌السلام قلت : وكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال : كان الوحي ينزل على موسى عليه‌السلام وموسى يوحيه الى هارون فقلت له : أخبرني عن الأحكام والقضاء والأمر والنهى كان ذلك إليهما؟ قال : كان موسى عليه‌السلام الذي يناجي ربه ويكتب العلم ويقضى بين بنى إسرائيل وهارون يخلفه إذا غاب من قومه للمناجاة ، قلت : فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال : مات هارون قبل موسى عليه‌السلام وماتا جميعا في التيه ، قلت : فكان لموسى ولد؟ قال : لا كان الولد لهارون والذرية لها.

٧٠ ـ في كتاب طب الائمة عليهم‌السلام باسناده الى الأصبغ بن نباتة السلمي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال الأصبغ : أخذت هذه العوذة منه عليه‌السلام وقال لي : يا اصبغ هذه عوذة السحر والخوف من السلطان تقولها سبع مرات : بسم الله وبالله (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) وتقول في وجه الساحر إذا فرغت من صلوة الليل قبل ان تبدأ بصلوة النهار وسبع مرات فانه لا يضرك ان شاء الله تعالى.

٧١ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله نقلا عن تفسير الكلبي محمد

١٢٨

عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس ان جبرئيل عليه‌السلام قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا محمد لو رأيتنى وفرعون يدعو بكلمة الإخلاص : (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) وانا أدسه في الماء والطين لشدة غضبى عليه مخافة أن يتوب فيتوب الله عزوجل عليه؟ قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وما كان شدة غضبك عليه يا جبرئيل؟ قال : لقوله: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) وهي كلمته الاخرة منهما ، وانا قالها حين انتهى الى البحر وكلمته (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) فكان بين الاولى والاخرة أربعون سنة.

٧٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم واما قوله عزوجل : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) فبنى هامان له في الهواء صرحا حتى بلغ مكانا في الهواء ، لا يتمكن الإنسان أن يقيم عليه من الرياح القائمة في الهواء ، فقال لفرعون : لا نقدر أن نزيد على هذا فبعث الله عزوجل رياحا فرمت به فاتخذ فرعون وهامان منذ ذلك التابوت وعمدا الى أربعة أنسر ، فأخذا أفراخها وربياها حتى إذا بلغت القوة وكبرت ، عمدوا الى جوانب التابوت الاربعة فغرسا في كل جانب منه خشبة ، وجعلا على رأس كل خشبة لحما وجوعا الأنسر وشد ارجلها بأصل الخشبة ، فنظر الأنسر الى اللحم فأهوت اليه وصفقت بأجنحتها وارتفعت بهما في الهواء وأقبلت تطير يومها ، فقال فرعون لهامان : انظر الى السماء هل بلغناها؟ فنظر هامان فقال : أرى السماء كما كنت أراها من الأرض في البعد ، فقال : انظر الى الأرض فقال : لا أرى الأرض ولكن أرى البحار والماء ، فلم يزل النسر ترتفع حتى غابت الشمس وغابت عنهم البحار والماء فقال فرعون : يا هامان انظر الى السماء فنظر الى السماء فقال : أراها كما كنت أراها من الأرض ، فلما جنهم الليل نظر هامان الى السماء فقال فرعون : هل بلغناها؟ قال : أرى الكواكب كما كنت أراها من الأرض ولست أرى من الأرض الا الظلمة : قال : ثم حالت الرياح القائمة في الهواء فاقلبت التابوت بهما ، فلم يزل يهوى بهما حتى وقع على الأرض وكان فرعون أشد ما كان عتوا في ذلك الوقت.

١٢٩

٧٤ ـ في جوامع الجامع وكل متكبر سوى الله عزوجل فاستكباره بغير الحق وهو جل جلاله المتكبر على الحقيقة الى البالغ في كبرياء الشأن قال عليه‌السلام فيما حكاه عن ربه عزوجل : الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ، فمن نازعنى واحدا منهما ألقيته في النار.

٧٥ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال : ان الائمة في كتاب الله عزوجل إمامان : قال الله تبارك وتعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم ، قال : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزوجل.

٧٦ ـ في مجمع البيان وجاءت الرواية بالإسناد عن أبى سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما أهلك الله قوما ولا قرنا ولا امة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير أهل القرية التي مسخوا قردة ، الم تر ان الله تعالى قال : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى) الآية.

٧٧ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار المتفرقة حديث طويل وفيه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لما بعث الله عزوجل موسى بن عمران عليه‌السلام واصطفاه نجيا وفلق له البحر ، ونجى بنى إسرائيل وأعطاه التوراة والألواح ، راى مكانه من ربه عزوجل فقال : يا رب لقد أكرمتنى بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي ، فقال الله جل جلاله : يا موسى أما علمت ان محمدا أفضل عندي من جميع مليكتى وجميع خلقي؟ قال موسى : يا رب فان كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلى؟ قال الله جل جلاله : يا موسى أما علمت ان فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟ فقال موسى : يا رب فان كان آل محمد كذلك فهل في أمم الأنبياء عندك أفضل من أمتي؟ ظللت عليهم الغمام وأنزلت

١٣٠

عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر؟ فقال الله جل جلاله : يا موسى أما علمت ان فضل امة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي؟ قال موسى : يا رب ليتني كنت أراهم فأوحى الله عزوجل اليه : يا موسى لن تراهم وليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان جنات عدن والفردوس بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون ، وفي خيراتها يتبحبحون (١) أفتحب ان أسمعك كلامهم؟ قال : نعم الهى قال الله جل جلاله : قم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل ، ففعل ذلك موسى عليه‌السلام فنادى ربنا عزوجل : يا امة محمد فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك ، قال : فجعل الله عزوجل تلك الاجابة شعار الحاج ثم نادى ربنا عزوجل : يا امة محمد ان قضائي عليكم ان رحمتي سبقت غضبى وعفوي قبل عقابي فقد استجبت لكم من قبل ان تدعوني ، وأعطيتكم من قبل ان تسألونى ، من لقيني بشهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صادق في أقواله محق في أفعاله وان على بن ابى طالب أخاه ووصيه من بعده ووليه ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد ، وان أولياءه المصطفين المطهرين الطاهرين المبانين (٢) بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أولياءه أدخلته جنتي وان كانت ذنوبه مثل زبد البحر ، قال : فلما بعث الله عزوجل محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا محمد وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة قال عزوجل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : قل الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الفضيلة ، وقال لامته : قولوا الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل.

٧٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : سحر ان تظاهرا قال : موسى

__________________

(١) تبحبح الرجل وتبحبح : إذا تمكن في المقام والحلول وقيل ، «تبحبحون» من بحبوحة الجنان اى يتوسطون في أوساط الجنان لا في أطرافه لان الوسط خير من الطرف.

(٢) المبانين اى المظهرين وفي بعض النسخ «المنبئين».

١٣١

وهارون.

٧٩ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبى الحسن عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) قال : يعنى من اتخذ دينه رأيه بغير امام من أئمة الهدى.

٨٠ ـ على بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبى جميلة عن خالد بن عمار عن سدير قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يا سدير أفأريك الصادين عن دين الله ثم نظر الى أبى حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم خلق في المسجد فقال : هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين ، ان هؤلاء الا خابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآلهوالحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨١ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن المعلى بن خنيس عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) يعنى من اتخذ دينه رأيا بغير امام من أئمة الهدى.

٨٢ ـ عباد بن سليمان عن سعد بن سعد عن محمد بن الفضيل عن أبى الحسنعليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) يعنى من اتخذ دينه هواه بغير هدى من أئمة الهدى

٨٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن جندب قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قول اللهعزوجل: (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) قال : امام الى امام.

٨٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن

١٣٢

معاوية بن حكيم عن أحمد بن محمد عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) قال : امام بعد امام.

٨٥ ـ وقال على بن إبراهيم رحمه‌الله في قوله عزوجل : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) قال : الائمة صلوات الله عليهم. وقال الصادق عليه‌السلام : نحن صبراء وشيعتنا أصبر منا ، وذلك انا صبرنا على ما نعلم ، وصبروا على ما لا يعلمون ، وقوله عزوجل : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) اى يدفعون سيئة من أساء إليهم بحسناتهم.

٨٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن هشام بن سالم وغيره عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) على التقية (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) قال : الحسنة التقية والسيئة الاذاعة.

٨٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) قال : اللغو والكذب واللهو الغناء ، وهم الائمة صلوات الله عليهم يعرضون عن ذلك كله.

٨٨ ـ وقوله عزوجل : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) قال : نزلت في أبى طالب كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يا عم قال : لا اله الا الله أنفعك بها يوم القيامة فيقول : يا ابن أخى انا أعلم بنفسي ، فلما مات شهد العباس بن عبد المطلب عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه تكلم بها عند الموت فقال رسول الله : اما انا فلم أسمعها منه وأرجوا أن أنفعه يوم القيامة ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قمت المقام المحمود لشفعت في أمي وأبى وعمى وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية.

٨٩ ـ في مجمع البيان قيل نزل قوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) في أبى طالب فان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحب إسلامه ، فنزلت هذه الآية وكان يكره إسلام وحشي قاتل حمزة فنزل فيه : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) الآية فلم يسلم أبو طالب وأسلم وحشي ، ورووا ذلك عن ابن عباس وغيره وفي هذا نظر كما يرى فان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يجوز أن يخالف الله سبحانه في إرادته ، كما لا يجوز أن يخالف أو امره ونواهيه ، وإذا كان الله تعالى على ما زعم القوم لم يرد ايمان أبى طالب وأراد كفره ، وأراد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ايمانه فقد حصل غاية الخلاف بين إرادتي الرسول والمرسل ، وكان

١٣٣

سبحانه يقول على مقتضى اعتقادهم : انك يا محمد تريد ايمانه ولا أريد ايمانه ، ولا أخلق فيه الايمان مع تكلفه بنصرتك وبذل مجهوده في أعانتك ، والذب عنك ومحبته لك ونعمته عليك ، وتكره أنت ايمان وحشي لقتله حمزة عمك وانا أريد ايمانه وأخلق في قلبه الايمان وفي هذا ما فيه وقد ذكرنا في سورة الانعام ان أهل البيت عليهم‌السلام قد أجمعوا على أن أبا طالب مات مسلما. وتظاهرت الروايات بذلك عنهم ، وأوردنا هناك طرفا من أشعاره الدالة على تصديقه للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتوحيده ، فان استيفاء جميعه لا يتسع له الطوامير ، وما روى من ذلك في كتب المغازي وغيرها أكثر من أن يحصى ، يكاشف فيها من كاشف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويناضل عنه ويصحح نبوته ، وقال بعض الثقات : ان قصائده في هذا المعنى التي تنفث في عقد السحر وتغبر في وجه الشعر الدهر تبلغ قدر مجلد وأكثر من هذا ، ولا شك في انه لم يختر تمام مجاهرة الأعداء استصلاحا لهم ، وحسن تدبيره في دفع كيادهم لئلا يلجئوا الرسول الى ما ألجئوه اليه بعد موته.

٩٠ ـ في جوامع الجامع وقالوا : ان الآية نزلت في أبى طالب وقد ورد عن أئمة الهدى عليهم‌السلام ان أبا طالب مات مسلما وأجمعت الامامية على ذلك وأشعاره مشحونة بالإسلام وتصديق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

٩١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن على بن عقبة عن أبيه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اجعلوا أمركم هذا الله ، ولا تجعلوه للناس فاما ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد الى السماء ، ولا تخاصموا بدينكم الناس فان المخاصمة ممرضة للقلب ، ان الله عزوجل قال نلبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وقال : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ذروا الناس فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و

__________________

(١) وقد تفرد العلامة الأميني دام ظله في كتابه «الغدير» بابا في إسلام ابى طالب والذب عما قيل في عدم إسلامه سلام الله عليه وذكر طرفا من اشعاره وكلماته المنبئة عن ايمانه بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وبما جاء به من الله الحكيم فراجع ج ٧ : ٣٣١ ـ ٤٠٩ وج ٨ : ٣ ـ ٢٩. ط طهران.

١٣٤

على عليه‌السلام ولا سواء ، وانى سمعت أبى عليه‌السلام يقول : إذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الأمر كان أسرع اليه من الطير الى وكره ، وفي كتاب التوحيد مثله سواء.

٩٢ ـ في أمالي الشيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى جبير بن نوف ان أمير المؤمنين عليه‌السلام كتب الى معاوية وأصحابه يدعوهم الى الحق وذكر الكتاب بطوله قال : فكتب اليه معاوية : اما بعد انه :

ليس بيني وبين عمر وعتاب

غير طعن الكلى وضرب الرقاب

فلما وقف أمير المؤمنين عليه‌السلام على جوابه بذلك قال : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) الى صراط مستقيم».

٩٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) قال : نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى الإسلام والهجرة (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) فقال الله عزوجل : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).

٩٤ ـ في كشف المحجة لابن طاوس عليه الرحمة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : فاما الآيات اللواتي في قريش فهي قوله الى قوله : والثالثة قول قريش لنبي الله حين دعاهم الى الإسلام والهجرة فقالوا : (إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) فقال الله : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).

٩٥ ـ في روضة الواعظين للمفيد رحمه‌الله قال على بن الحسين عليهما‌السلام : كان أبو طالب يضرب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أن قال : فقال أبو طالب : يا ابن أخ الى الناس كافة أرسلت أم الى قومك خاصة؟ قال : لا بل الى الناس أرسلت كافة الأبيض والأسود والعربي والعجمي ، والذي نفسي بيده لأدعون الى هذا الأمر الأبيض والأسود ، ومن على رؤس الجبال ومن في لجج البحار ، ولا دعون السنة فارس والروم فتحيرت قريش واستكبرت وقالت: أما تسمع الى ابن أخيك وما يقول ، والله لو سمعت

١٣٥

بهذا فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا فانزل الله تبارك وتعالى : (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) الى آخر الآية.

٩٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم ـ وقوله عزوجل : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) فان العامة قد رووا ان ذلك في القيامة ، واما الخاصة فانه حدثني أبى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم عن ابى عبد اللهعليه‌السلام قال : ان العبد إذا دخل قبره جاءه منكر وفزع منه يسأل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقال له : ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم؟ فان كان مؤمنا قال : اشهد انه رسول الله جاء بالحق فيقال له : ارقد رقدة لا حلم فيها ويتنحى عنه الشيطان ، ويفسح له في قبره سبعة أذرع ، ويرى مكانه في الجنة قال : وإذا كان كافرا قال : ما أدرى ، فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله الا الإنسان ، ويسلط عليه الشيطان ، وله عينان من نحاس أو نار تلمعان كالبرق الخاطف فيقول له : انا أخوك ويسلط عليه الحيات والعقارب ، ويظلم عليه قبره ثم يضغطه ضغطة يختلف أضلاعه عليه ، ثم قال بأصابعه فشرجها (١).

٩٧ ـ قوله عزوجل : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) قال : يختار اللهعزوجل الامام وليس لهم ان يختاروا.

٩٨ ـ في أصول الكافي ابو القاسم بن العلا رحمه‌الله رفعه عن عبد العزيز بن مسلم عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل في فضل الامام وصفاته يقول فيه عليه‌السلام : هل يعرفون قدر الامامة ومحلها من الامة فيجوز فيها اختيارهم الى قوله عليه‌السلام : لقد رامو صعبا وقالوا

__________________

(١) قال المجلسي (ره) في البحار : «ثم قال بأصابعه» القول هنا بمعنى الفعل اى أدخل أصابعه بعضها في بعض لتوضيح اختلاف الأضلاع ، اى تدخل أضلاعه من جانب في أضلاعه من جانب آخر وقوله «شرجها» في أكثر النسخ بالجيم ، قال الفيروزآبادي : الشرج : الفرقة والمزج والجمع ونضد اللبن والنشريج : الخياطة المتباعدة ، وتشرج اللحم بالشحم : تداخل «انتهى» وفي بعض النسخ بالحاء المهملة اى أوضح وبين اختلاف الأضلاع.

١٣٦

إفكا وضلوا ضلالا بعيدا ، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام عن بصيرة ، (زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) ، رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله الى اختيارهم ، والقرآن يناديهم : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) وقال عزوجل : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).

٩٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سعد بن عبد الله القمى عن الحجة القائم عليه‌السلام حديث طويل وفيه : قلت : فأخبرنى يا ابن مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الامام لأنفسهم؟ قال : مصلح أم فسد؟ قلت : مصلح ، قال : فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت : بلى. قال : فهي العلة ، وأوردها لك ببرهان ينقاد لك عقلك. ثم قال عليه‌السلام : أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عزوجل وانزل عليهم الكتب وأيدهم بالوحي والعصمة إذ هم أعلام الأمم أهدى الى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهم‌السلام هل يجوز مع وفور عقلهما إذ هما بالاختيار ان تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انه مؤمن؟ قلت : لا قال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكما علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عزوجل سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم وإخلاصهم ، فوقع خيرته على المنافقين قال الله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) الى قوله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله عزوجل للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظن انه الأصلح دون الأفسد ، علمنا ان الاختيار لا يجوز أن يفعل الا ممن يعلم ما تخفي الصدور ، وتكن الضمائر ، وتنصرف اليه السرائر ، وان لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.

١٠٠ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام في كلام طويل : وتعلم ان نواصي الخلق بيده فليس لهم نفس ولا لحظة الا بقدرته ومشيته. وهم عاجزون عن إتيان

١٣٧

أقل شيء في مملكته الا باذنه وإرادته ، قال الله عزوجل : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) من أمرهم (سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).

١٠١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله: (وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) يقول : من هذه الامة امامها (فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).

١٠٢ ـ في مجمع البيان : (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى) ان كان من بنى إسرائيل ثم من سبط موسى وهو ابن خالته عن عطا عن ابن عباس وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٠٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم ، (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) والعصبة ما بين العشرة الى تسعة عشر (١) قال : كان يحمل مفاتيح خزائنه العصبة أولوا القوة.

١٠٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى أبى بصير عن أبى عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وما يكون أولوا قوة الا عشرة آلاف.

قال عز من قائل : (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ).

١٠٥ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام قال : أوحى الله تبارك وتعالى الى موسى عليه‌السلام لا تفرح بكثرة المال ، ولا تدع ذكرى على كل حال ، فان كثرة المال تنسى الذنوب ، وترك ذكرى ينسى القلوب.

١٠٦ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : والفرح مكروه عند الله عزوجل.

١٠٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام انه جاء اليه رجل فقال له : بأبى أنت وأمي عظني موعظة ، فقال عليه‌السلام : ان كانت العقوبة من الله عزوجل حقا فالفرح لماذا؟ والحديث طويل أخذنا منه

__________________

(١) وفي بعض النسخ «خمسة عشر» بدل «تسعة عشر».

١٣٨

موضع الحاجة.

قال عز من قائل : (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ).

١٠٨ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبى الحسن على بن يحيى عن أيوب بن أعين عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يؤتى يوم القيامة برجل فيقال : احتج ، فيقول : يا رب خلقتني وهديتني وأوسعت على فلم أزل أوسع على خلقك وأيسر عليهم لكي تنشر على هذا اليوم رحمتك وتيسره فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى : صدق عبدي أدخلوه الجنة.

١٠٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى موسى بن اسمعيل بن موسى بن جعفر قال : حدثني أبى عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على بن ابى طالب عليهم‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) قال : لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك ان تطلب بها الاخرة.

١١٠ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : فساد الظاهر من فساد الباطن ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ، ومن خان الله في السر هتك الله ستره في العلانية وأعظم الفساد أن يرضى العبد بالغفلة عن الله تعالى ، وهذا الفساد يتولد من طول الأمل والحرص والكبر ، كما أخبر الله تعالى في قصة قارون في قوله : (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) وكانت هذه الخصال من صنع قارون واعتقاده ، وأصلها من حب الدنيا وجمعها ومتابعة النفس وهواها ، واقامة شهواتها وحب المحمدة وموافقة الشيطان واتباع خطواته وكل ذلك مجتمع تحت الغفلة عن الله ونسيان مننه.

١١١ ـ في تفسير على بن إبراهيم فقال قارون كما حكى الله عزوجل : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) يعنى ماله وكان يعمل الكيميا فقال الله عزوجل : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) اى لا يسئل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ) : في الثياب المصبغات يجرها بالأرض (قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ

١٣٩

لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فقال لهم الخاص من أصحاب موسى عليه‌السلام : (وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ).

١١٢ ـ في كتاب الخصال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قام رجل الى أمير المؤمنين في الجامع بالكوفة فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله واى أربعاء هو؟ فقال عليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه ، ويوم الأربعاء القى إبراهيم عليه‌السلام في النار ، ويوم الأربعاء خسف الله بقارون والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٣ ـ في من لا يحضره الفقيه في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونهى أن يختال الرجل في مشيته وقال : من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم ، وكان قرين قارون ، لأنه أول من اختال فخسف الله به وبداره الأرض.

١١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وكان سبب هلاك قارون انه لما خرج موسى عليه‌السلام ببني إسرائيل من مصر وأنزلهم البادية وكانوا يقومون من أول الليل ويأخذون في قراءة التوراة والدعاء والبكاء ، وكان قارون منهم وكان يقرأ التوراة ولم يكن فيهم أحسن صوتا منه ، وكان يسمى المنون لحسن قراءته ، وكان يعمل الكيميا ، فلما طال الأمر على بنى إسرائيل في التيه والتوبة وكان قارون قد امتنع من الدخول معهم في التوبة وكان موسى عليه‌السلام يحبه ، فدخل اليه موسى فقال له : يا قارون قومك في التوبة وأنت قاعد هاهنا؟ ادخل معهم والا ينزل بك العذاب فاستهان به واستهزأ بقوله ، فخرج من عنده مغتما فجلس في فناء قصره وعليه جبة شعر ونعلان من جلد حمار شراكهما من خيط شعر بيده العصا ، فامر قارون أن يصب عليه رمادا قد خلطه بالماء ، فصب عليه فغضب موسى عليه‌السلام غضبا شديدا وكان في كتفه شعرات إذا غضب خرجت من ثيابه وقطر منها الدم ، فقال موسى : يا رب ان لم تغضب لي فلست لك بنبي فأوحى الله عزوجل اليه : قد أمرت الأرض ان تطيعك فمرها بما شئت وقد كان قارون

١٤٠