كامل الزّيارات

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي

كامل الزّيارات

المؤلف:

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة الصدوق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٢

٧ ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن عليِّ بن أسباط ، عن إسماعيلَ بن أبي زياد ـ عن بعض رجاله ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام « في قول فرعونَ : « ذَرُوني أقتُلْ مُوسى (١) » ، فقيل له : مَن كان يمنعه؟ قال : كان لَرِشْذَة (٢) ، لأنَّ الأنبياء والحُجَج لا يقتلهم إلاّ أولاد زنا والبغايا ».

وحدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ، عن محمّد بن الحسين بهذا الحديث (٣).

٨ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عُمَير ـ عن بعض أصحابه ـ عن ابن مُسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قاتل الحسين بن عليِّ ولد زنا ».

٩ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عثمانَ بنِ عيسى ، عن عَمرِو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : لا يقتل النَّبيّين وأولاد النَّبيّين إلاّ أولاد زنا ».

١٠ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن عبدالعظيم ابن عبدالله بن عليِّ الحَسَنيِّ ، عن الحسن بن الحسين العَمريّ ، عن الحسين بن شَدّاد الجعفيِّ ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يقتل الأنبياء وأولاد الأنبياء إلاّ ولد زنا ».

١١ ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليِّ بن الفَضّال ، عن مَروان بن مسلم ، عن إسماعيلَ بن كثير « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : كان قاتل الحسين بن عليٍّ ولد زنا ، وكان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا ، ولم تبكِ السّماء والأرض إلاّ لهما ـ وذكر الحديث ـ ».

__________________

١ ـ غافر : ٢٦.

٢ ـ الرَشدة ـ بفتح الرّاء وكسرها ـ : « ضدّ الزّنية ، يقال : ولد لرشدة.

٣ ـ في بعض النّسخ : « بهذه الأحاديث ».

٨١

الباب السّادس والعشرون

( بكاء جميع ما خلق الله على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام )

١ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرزاز القُرَشيُّ قال : حدَّثني خالي محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيلَ بنِ بزيع ، عن ابي إسماعيلَ السّرّاج (١) ، عن يحيى بن مُعمّر العطّار ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : بكتِ الإنس والجنّ والطّير والوحش على الحسين بن علي عليهما‌السلام حتّى ذَرَفَتْ دُمُوعها (٢) ».

وحدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

٢ ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ وعليُّ بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أحمدَ بن أبي داود ، عن سعد [بن] أبي عمر الجَلاّب (٣) ، عن الحارث الأعور « قال : قال عليُّ عليه‌السلام : بأبي واُمي ؛ الحسين المقتول بظهر الكوفة ، واللهِ كأنّي أنظر إلى الوحوش مادّة أعناقها على قبره من أنواع الوحش ، يبكونه ويرثونه ليلاً حتّى الصّباح ، فإذا كان ذلك فإيّاكم والجفاء (٤) ».

٣ ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ، عن عبدالجبّار النّهاونديّ ، عن أبي سعيد ، عن الحسين بن ثُوَيْر بن أبي فاخِتَه؛ ويونس بن ظَبْيان ؛ وأبي سَلَمة ـ

____________

١ ـ هو عبدالله بن عثمان بن عمرو الفزاريّ الثّقة ، روى عن أبي عبدالله عليه‌السلام. ( صه. جش ).

٢ ـ ذَرَفَ الدّمع ذَرْفاً وذَرَفاناً : سال.

٣ ـ في البحار : « عن سعيد بن [أبي] عمرو الجلاّب ». وسيأتي الخبر في الباب ٩٧.

٤ ـ الجفاء : البعد عن الشّيء ، وترك الصّلة والبرّ ، وغلظ الطّبع ، والأوسط هنا أظهر. ( البحار ).

٨٢

السَّرَّاج؛ والمفضّل بن عُمَرَ كلّهم قالوا : « سمعنا أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إنّ أبا عبدالله الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام لمّا مضى بكت عليه السَّماوات السَّبع والأرضون السَّبع وما فيهنَّ وما بينهنّ ومَن ينقلب عليهنَّ ، والجنَّة والنّار ، وما خلق ربّنا وما يرى وما لا يرى ».

وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن بن عليٍّ بن أبي عثمان بإسناده مثله.

٤ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن الحسين بن عبيدالله ، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ، عن عبدالجبّار النّهاونديّ ، عن أبي سعيد ، عن الحسين بن ثُوير؛ ويونس؛ وأبي سَلَمة السَّرّاج؛ والمفضّل بن عُمَرَ « قالوا : سمعنا أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لمّا مضى الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام بكى عليه جميع ما خلق الله إلاّ ثلاثة أشياء البصرة ودمشق وآل عثمان ».

٥ ـ حدّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن الحسن بن راشد ، عن الحسين بن ثُوَير « قال : كنت أنا ويونس بن ظَبيان والمفضّل بن عُمَر وأبو سلمة السَّرّاج جلوساً عند أبي عبدالله عليه‌السلام فكان المتكلّم يونسُ ، وكان أكبرنا سِنّاً وذكر حديثاً طويلاً يقول ، ثمَّ قال أبو عبدالله عليه‌السلام : إنّ أبا عبدالله عليه‌السلام لمّا مضى بكتْ عليه السّماوات السّبع والأرضون السّبع وما فيهنَّ وما بينهنّ ، وما ينقلب في الجنّة والنّار مِن خلق ربِّنا ، وما يرى وما لا يرى بكى على أبي عبدالله ، إلاّ ثلاثة أشياء لم تَبْكِ عليه ، قلت : جُعِلتُ فِداكَ ما هذه الثّلاثة أشياء؟ قال : لم تَبْكِ عليه البصرة ولا دَمشق ولا آل عثمان بن عَفّان ـ وذكر الحديث ».

٦ ـ وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن أبي يعقوبَ ، عن أبان بن عثمان ، عن زُرارَةَ « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : يا زُرارَة إنَّ السّماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدَّم ؛ و

٨٣

إنَّ الأرض بَكَتْ أربعين صباحاً بالسَّواد ؛ وإنَّ الشَّمس بَكَتْ أربعين صباحاً بالكُسوف والحُمرَة ؛ وإنَّ الجبال تَقَطعتْ وانْتَثَرتْ؛ وإنَّ البحار تَفجَّرت ؛ وإنَّ الملائكة بَكَت أربعين صباحاً على الحسين عليه‌السلام ، وما اخْتَضَبتْ منّا امرءةٌ ولا ادَّهَنتْ ولا اكْتَحَلتْ ولا رَجَّلتْ حتّى أتانا راس عبيدالله بن زياد ، ومازلنا في عَبرةٍ (١) بعده ، وكان جدِّي إذا ذكره بكى حتّى تملأ عيناه لحيته ، وحتّى يبكي لبكائه ـ رحمة له ـ مَن رَآه ، وإنَّ الملائكة الَّذين عند قبره ليَبكون ، فيبكي لبكائهم كلُّ مَن في الهَواءِ والسَّماء من الملائكة ، ولقد خرجتْ نفسه عليه‌السلام فزَفَرَتْ جهنَّمُ زَفْرَةً كادتِ الأرض تنشقّ لزَفْرَتها ، ولقد خَرَجتْ نفسُ عبيدالله بن زياد ويزيدَ بن معاويةَ [لعنهم الله] ، فشَهِقَتْ جهنَّم شَهْقَة لولا أنَّ الله حبسها بخزّانها لاُحْرقتْ مَن على ظهر الأرض مِن فَورها ، ولو يؤذن لها ما بقي شيء إلاّ ابْتلَعتْه ، ولكنّها مأمورةٌ مصفودَةٌ ولقد عَتَتْ على الخُزَّان غير مرَّةٍ حتّى أتاها جبرئيل فضربها بجناحِه فَسَكَنتْ ، وإنّها لتبكيه وتَنْدُبه ، وإنّها لتتلظّى على قاتِله ، ولولا مَن على الأرض مِن حُجَج الله لنقضتِ الأرض وأكفأتْ [بـ]ـما عليها ، وما تكثر الزَّلازل إلاّ عند اقتراب السّاعة؛

وما من عَين أحبُّ إلى الله ؛ ولا عَبرةٌ مِن عين بَكتْ ودَمَعَت عليه ، وما مِن باكٍ يبكيه إلاّ وقد وصل فاطمة عليها‌السلام وأسعدها عليه (٢) ووصَلَ رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأدّى حقّنا ، وما من عبد يُحشَرُ إلاّ وعيناه باكيةً إلاّ الباكين على جدِّيَ الحسين عليه‌السلام ، فإنّه يحشر وعينه قَريرة ، والبشارة تلقاه والسّرور [بيّن] على وجهه ، والخلق في الفزع وهم آمنون ، والخلق يعرضون وهم حدّاث الحسين عليه‌السلام تحت العرش وفي ظلِّ العرش ، لا يخافون سوءَ يوم الحساب ، يقال لهم : ادخلوا الجنّة ، فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه ، وأنَّ الحور لترسل إليهم أنّا قد اشتقناكم مع الولدان المخلّدين فما يرفعون رؤوسهم إليهم لما يرون في مجلسهم

__________________

١ ـ العَبْرَة : الدَّمعة قبل أن تفيض ، وقيل : تردّد الكباء في الصّدر ، وقيل : الحزن بلا بكاء ( أقرب الموارد ) ورجَل الشَّعر : سرّحه.

٢ ـ أسعدها أي عاونها.

٨٤

مِنَ السُّرور والكَرامَة ، وإنَّ أعداءَهم مِن بين مَسْحوب (١) بناصيته إلى النّار ، ومِن قائل : « ما لَنا مِن شافِعينَ وَلا صَدِيقٍ حَميم (٢) » ؛

وإنّهم ليرون منزلهم ، وما يقدرون أن يدنوا إليهم ولا يصلون إليهم ، وإنَّ الملائكة لتأتيهم بالرِّسالة مِن أزواجهم ومِن خُزّانهم (٣) على ما اُعطوا مِن الكَرامة فيقولون : نأتيكم إن شاء الله ، فيرجعون إلى أزواجهم بمقالاتهم ، فيزدادون إليهم شوقاً إذا هم خبّروهم بما هم فيه مِنَ الكَرامة وقُربهم مِن الحسين عليه‌السلام ، فيقولون : الحمدلله الَّذي كفانا الفَزَع الأكبرَ ، وأهوال القيامة ، ونجّانا ممّا كنّا نخاف ، ويؤتون بالمراكب والرِّحال على النَّجائب (٤) ، فيستوون عليها ، وهم في الثَّناء على الله والحمد ‏لله والصَّلاة على محمَّدٍ وآله ، حتّى يَنْتَهوا إلى منازلهم ».

٧ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله (٥) ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البَصريِّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن عبدالله بن مُشكانَ ، عن أبي بصير « قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام [و] اُحدِّثه ، فدخل عليه ابنُه فقال له : مَرْحباً ، وضَمَه وقَبَّله ، وقال : حَقَر اللهُ مَن حَقّركم ، وانتقم مِمَّن وَتَركم (٦) ، وخَذَلَ الله مَن خَذلكم ، ولعن الله مَن قتلكم ، وكان اللهُ لكم وليّاً وحافظاً وناصراً ، فقد طال بُكاء النِّساء وبُكاء الأنبياء والصِّدّيقين والشّهداء وملائكة السَّماء ، ثمَّ بكى وقال : يا أبا بصير إذا نظرتُ إلى وُلْدِ الحسين أتاني ما لا أملكه بما اُتي إلى أبيهم وإليهم ، يا أبا بصير إنّ فاطمة عليها‌السلام لتبكيه وتشهق ، فتَزْفِر جهنَّم زَفْرَة لولا أنَّ الخَزَنة يسمعون بُكاءَها وقد

__________________

١ ـ سَحَبَه أي جرّه على وجه الأرض.

٢ ـ مقتبسٌ من الآية ١٠٠ من سورة الشّعراء. وفيه : « فما لنا الآية ».

٣ ـ في بعض النّسخ : « من خدّامهم ». وفي البحار مثل ما في المتن.

٤ ـ النَّجائب جمع النَّجيبة ، مؤنّث النَّجيب ، وهو الكريم الحسيب من الإنسان والحيوان ، يقال : رجلٌ وجمل نجيب. ( أقرب الموارد ).

٥ ـ يعني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ.

٦ ـ أي ظلمكم.

٨٥

استَعدُّوا لذلك مَخافة أنْ يخرج منها عُنُق أو يَشْرَر (١) دُخانها فيحرق أهل الأرض فيَكْبَحونها (٢) ما دامَتْ باكية ، ويزجُرونها ويستوثِقون من أبوابها مَخافةً على أهل الأرض ، فلا تَسْكنْ حتّى يسكن صوتُ فاطمة عليها‌السلام.

وإنّ البِحار تَكاد أنْ تَنْفَتِق (٣) فيدخل بعضها على بعض ، وما منها قَطرةٌ إلاّ بها ملكٌ مُوَكّل ، فإذا سمع الملك صوتَها أطفأ نارها بأجْنِحَته (٤) ، وحبس بعضها على بعض مخافةً على الدُّنيا وما فيها ومَن على الأرض ، فلا تزال الملائكة مُشفِقين يبكون لبكائِها ، ويدعون الله ويتضرَّعون إليه ، ويتضرَّع أهلُ العرش ومَن حَوله؛

وترتفع أصواتٌ مِن الملائكة بالتَّقديس للهِ مَخافةً على أهل الأرض ، ولو أنّ صوتاً مِن أصواتهم يصل إلى الأرض لصَعِق أهلُ الأرض وتقطّعتِ الجبال (٥) وزَلزلتِ الأرض بأهلها.

قلت : جُعِلتُ فداك إنَّ هذا الأمر عظيم! قال : غَيرُه أعظمُ منه ما لم تسمعه ، ثمّ قال لي : يا أبا بصير أما تحبُّ أن تكون فيمن يُسعد فاطمة عليها‌السلام؟ فبكيت حين قالها فما قدرت على النّطق ، وما قدر ( كذا ) على كلامي من البكاء (٦) ، ثمَّ قام إلى المصلّى يدعو ، فخرجت مِن عنده على تلك الحال ، فما انتفعت بطعام وما جاءَني النَّوم ، وأصبحت صائماً وَجِلاً (٧) حتّى أتيته ، فلمّا رَأيته قد سكن سكنتُ ، وحمدتُ الله حيث لم تُنزل بي عُقوبة ».

__________________

١ ـ الشَّرَر ـ محرّكة ـ : ما يتطاير من النّار.

٢ ـ كبحتَ الدّابّه : إذا جذبتها إليك باللِّجام لكي تقف ولا تجري.

٣ ـ أي تنشقّ ، أو تشقّق.

٤ ـ نأرت النّائرة نأراً : هاجت ، والمراد ثوران الماء وغليانها.

٥ ـ في البحار : « تقلّعت الجبال ».

٦ ـ في البحار : « وما قدرت على كلامي من البكاء ».

٧ ـ أي خوفاً.

٨٦

الباب السّابع والعشرون

( بُكاء الملائكة على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام )

١ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن رِبْعيِّ ابن عبدالله ، عن الفَضيل بن يَسار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : ما لكم لا تأتونه ـ يعني قبر الحسين عليه‌السلام ـ فإنَّ أرْبعة آلاف ملكٍ يبكونـ[ـه] عند قبره إلى يوم القيامة ».

٢ ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سَعْدانَ ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عُمر بن أبانَ الكلبيِّ ، عن أبان ابن تَغلب « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : إنَّ أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القِتال مع الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام ، لَمْ يؤذن لهم في القتال فرجعوا في الاستيذان فهبطوا وقد قتل الحسين عليه‌السلام فهم عند قبره شُعْثٌ غُبْرٌ يبكونه إلى يوم القيامة ، رئيسهم ملك يقال له : المنصور ».

٣ ـ وحدّثني أبي رحمه‌الله وجماعةُ مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن عليَّ بن إسماعيل بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن رِبْعيّ ، عن الفضيل بن يَسار « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : ما لكم لا تأتونه ـ يعني قبر الحسين عليه‌السلام ـ فإنَّ أربعة آلاف ملك يبكون عنده إلى يوم القيامة ».

٤ ـ وحدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السَّرَّاج ، عن يحيى بن مُعمّر العطّار ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : أربعة آلاف ملك شُعْثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ».

٥ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله وعليُّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ،

٨٧

عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ، عن عليِّ بن أبي حمزةَ ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : وكّل الله تعالى بالحسين عليه‌السلام سبعين ألف مَلَك يصلّون عليه كلَّ يوم شُعثاً غبراً منذ يوم قتل إلى ما شا الله ـ يعني بذلك قيام القائم عليه‌السلام ـ ».

٦ ـ وعن سعد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن فضّالَ ، عن ثعلبَةَ (١) ، عن مبارك العطّار ، عن محمّد بن قيس « قال لي أبو عبدالله عليه‌السلام : عند قبر الحسين عليه‌السلام أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يَبكونه إلى يوم القيامة ».

٧ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله ومحمّد بن الحسن؛ وعليِّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن إسحاقَ بن إبراهيم ، عن هارون (٢) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : وكّل الله به (٣) أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ».

٨ ـ حدّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن صَفوان بن يحيى ، عن حَريز ، عن الفضيل ، عن أحدهما (٤) عليهما‌السلام « قال إنّ على قبر الحسين عليه‌السلام أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ـ قال محمّد بن مسلم : يَحرُسُونه ـ ».

٩ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن رِبْعي « قال : قلت

__________________

١ ـ يعني ابن ميمون ، كان وجهاً في أصحابنا ، قارياً فقيهاً ، كان حسن العمل ، كثير العبادة والزّهد ، روى عن الصّادق الكاظم عليهما السالم قصه. جش ).

٢ ـ هو هارون بن خارجة الصّيرفي الثّقة ، كما هو مذكور في الكافي.

٣ ـ أي بقبر الشهيد المفدّى الحسين عليه الصلاة السلام. والخبر بهذا السّند مذكور في الكافي بزيادة ، وهي : « وكّل الله بقبر الحسين عليه‌السلام أربعة آلاف ـ إلخ ». وسيأتي الخبر مع زيادته مثل ما في الكافي في الباب ٧٧ تحت رقم ١.

٤ ـ يعني الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام.

٨٨

لأبي عبدالله عليه‌السلام ـ بالمدينة ـ : أين قبور الشُّهداء؟ فقال : أليس أفضل الشُّهداء عندكم؟! والَّذي نفسي بيده إنَّ حوله أربعة آلاف مَلَكٍ شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ».

وحدَّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار ، عن العبّاس بن معروف مثله.

١٠ ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز قال : حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي إسماعيل السَّرَّاج ، عن يحيى بن مُعَمّر العطّار ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبر يبكون الحسين إلى يوم القيامة ، فلا يأتيه أحدٌ إلا استقبلوه ، ولا يمرض أحدٌ اإلاّ عادوه ، ولا يموت أحدٌ إلاّ شَهدوه ».

وحدّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

١١ ـ وحدّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ ابن عبدالله بن المغيرة ، عن العبّاس بن عامر ، عن أبان (١) ، عن أبي حمزة الثّماليِّ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إنّ الله وكّل بقبر الحسين عليه‌السلام أربعة آلاف مَلك شُعثٍ غُبر يبكونه من طلوع الفجر إلى زَوال الشَّمس ، فإذا زالتِ الشَّمس هبط أربعةُ آلاف مَلكَ وصَعد أرْبعة آلاف ملك ، فلم يزل يبكونه حتّى يطلع الفجر ـ وذكر الحديث ـ ».

١٢ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله ومحمّد بن عبدالله ، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن إبراهيم بن مَهزيار ، عن أخيه عليٍّ بن مَهزيار ، عن أبي القاسم (٢) ، عن القاسم بن محمّد ، عن إسحاق بن إبراهيمَ ، عن هارون « قال : سأل رجلٌ

__________________

١ ـ يعني ابن عثمان الأحمر البجليّ ، روى عن الصّادق والكاظم عليهما‌السلام.

٢ ـ كأنّه الصّيقل وهو مهمل. ويحتمل أن يكون « عن أبي القاسم » من زيادات النّسّاخ ، لأن عليٍّ بن مهزيار يروي عن القاسم بن محمّد الجوهري بدون واسطة.

٨٩

أبا عبدالله عليه‌السلام ـ وأنا عنده ـ فقال : ما لمن زارَ قبر الحسين عليه‌السلام؟ فقال : إنَّ الحسين عليه‌السلام لمّا اُصيب بَكَتْه حتّى البلاد ، فوكّل اللهُ به أربعةَ آلاف مَلَك شُعْثاً غُبراً ، يبكونه إلى يوم القيامة ـ وذكر الحديث (١) ـ ».

١٣ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، عن صَبَاح الحَذّاء (٢) ، عن محمّد بن مَروانَ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سمعته يقول : زُوروا الحسين عليه‌السلام ولو كلَّ سَنَة ، فإنَّ كلَّ مَن أتاه عارفاً بحقِّه غير جاحِد لم يكن له عِوَضٌ غير الجنّة ، ورُزِق رِزْقاً واسعاً ، وأتاه الله بِفَرَج عاجِل ، إنّ الله وكَّل بقبر الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام أربعة آلاف مَلَكٍ ، كلّهم يبكونه ، ويشيّعون مَن زاره إلى أهله ، فإنْ مرض عادوه ، وإنْ ماتَ شهدوا جنازته بالاستغفار له والتَرحّم عليه ».

حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب بإسناده مثله.

١٤ ـ وحدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن سَيف بن عَمِيرةَ ، عن بكر بن محمّد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : وكّل الله بقبر الحسين عليه‌السلام سبعين ألف ملكٍ شُعْثاً غُبراً بيكونه ، إلى يوم القيامة ، يصلّون عنده ، الصَّلاة الواحدة مِن صلواتهم تعدل ألف صلاة مِن صلاة الآدميّين ، يكون ثواب صَلَواتهم وأجر ذلك لِمَن زار قبره ».

١٥ ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن صَفوانَ بن يحيى ، عن حَنان بن سَدِير ، عن مالك الجهنِّي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إنّ الله وكّل بالحسين عليه‌السلام ملكاً (٣) في أربعة آلاف ملك يبكونه ويستغفرون لزوَّاره ويدعون الله لهم ».

__________________

١ ـ سيأتي الخبر بتمامه في الباب السّابع والسّبعين تحت رقم ٨.

٢ ـ هو صبّاح ـ بفتح الصّاد وتشديد الباء الموحّدة ـ ابن صَبيح ـ كشريف ـ الحَذّاء الفزاريّ ، مولاهم ، ثقة ، روى عن الصّادق عليه‌السلام.

٣ ـ يقال له : المنصور ، كما مرّ.

٩٠

١٦ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريُّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال : حدَّثنا الهَيْثم بن واقِد ، عن عبدالملك بن مُقَرِّن (١) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إذا زرتم أبا عبدالله عليه‌السلام فألزموا الصَّمْت إلاّ مِن خير ، وإنْ ملائكة اللَّيل والنَّهار من الحفظة تحضر الملائكة الّذين بالحائر ، فتصافحهم فلا يجيبونهم مِن شدَّة البُكاء فينتظرونهم حتّى تزول الشَّمس وحتّى ينوّر الفجر ، ثمَّ يكلّمونهم ويسألونهم عن أشياء مِن أمر السّماء ، فأمّا ما بين هذين الوقتين فإنّهم لا ينطقون ، ولا يفترون عن البُكاء والدُّعاء ، ولا يشغلونهم في هذين الوقتين عن أصحابهم ، فإنّما شغلهم بكم إذا نطقتم (٢).

قلت : جُعِلتُ فِداك وما الّذي يسألونهم عنه وأيّهم يسأل صاحبه ؛ الحفظة أو أهل الحائر؟ قال : أهل الحائر يسألون الحفظة ، لأنَّ أهل الحائر مِن الملائكة لا يَبرحون ، والحفظة تنزل وتصعد ، قلت : فما ترَى يسألونهم عنه؟ قال : إنّهم يمرُّون إذا عرجوا بإسماعيل صاحب الهَواء ، فربّما وافقوا النَّبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده فاطمة والحسن والحسين والأئمّة مَن مضى منهم فيسألونهم عن أشياء ، وعمّن حضر منكم الحائر ، ويقولون : بَشّروهم بدعائكم ، فتقول الحفظة : كيف نُبشِّرُهم وهم لا يَسمعون كلامنا؟ فيقولون لهم : باركوا عليهم وادعوا لهم عنّا فهي البشارة منّا ، فإذا انصرفوا فحُفّوهم بأجْنِحَتكم حتّى يحسّوا مكانكم وإنّا نستودِعهم الَّذي لا تضيع ودائعه؛

ولو يعلمون ما في زيارته من الخير ويعلم ذلك النّاس لاقتتلوا على زيارته

__________________

١ ـ قال العلاّمة الأمينيّ رحمه‌الله : كذا في النّسخ ، لكن الظّاهر أنّ المرويّ عنه هو « مقرن » لا ولده ، حيث إنّه هو الّذي يروي عنه الهيثم بن واقد ، وهو الرّاوي عن الإمام عليه‌السلام ، وليس في كتب الرّجال والحديث عن ابنه هذا عين ولا أثر ـ انتهى. أقول : الظّاهر زيادة لفظة « عبدالملك » ، والصّواب : « الهيثم بن واقد ، عن مُقَرِّن ».

٢ ـ في البحار : « فإنّهم شغلهم بكم إذا نطقتم ».

٩١

بالسّيوف ، ولباعوا أموالهم في إتيانه ، وأنَّ فاطمة عليها‌السلام إذا نَظرتْ إليهم ومعها ألفُ نبيٍّ وألفُ صِدِّيقٍ وألف شهيدٍ مِن الكَرُوبيّين ألف ألف يُسعدونها عَلى البُكاء ، وإنّها لتشهق شَهْقَة فلا يبقى في السّماوات ملك إلاّ بكى رحمةً لصوتها ، وما تسكن حتّى يأتيها النَّبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : يابُنَيّة قد أبكيتِ أهل السَّماوات وشَغَلْتِهم عن التَّسبيح والتَّقديس فكُفّي حتّى يقدّسوا ، فإنَّ الله بالغٌ أمره ، وإنّها لتنظر إلى مَن حضر منكم فتسأل الله لهم مِن كلِّ خير ، ولا تزهدوا في إتيانه! فإنَّ الخير في إتيانه أكثر مِن أن يُحصى ».

١٧ ـ وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البَصريّ ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصَمّ قال : حدّثنا أبو عبيدة البَزَّاز (١) ، عن حَريز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قلت له : جُعِلتُ فِداك ما أقلّ بقاؤكم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها مِن بعضٍ مع حاجة هذا الخلق إليكم! فقال : إنَّ لكلِّ واحدٍ منّا صحيفةٌ فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مُدَّته ، فإذا انقضى ما فيها ممّا اُمر به عرف أنَّ أجله قد حضر ، وأتاه النَّبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله ، وإنَّ الحسين عليه‌السلام قرء صحيفته الّتي اُعطيها وفسّر له ما يأتي وما يبقى ، وبقي منها أشياء لم تنقضْ فخرج إلى القتال ، فكانَتْ تلك الاُمور الّتي بَقيتْ أنَّ الملائكة سألتِ الله في نُصْرَته فأذن لهم ، فمكثت تستعدُّ للقتال وتتأهّب لذلك حتّى قُتِل ، فنزلتِ الملائكة قد انقطعت مُدّته ، وقتل عليه‌السلام ، فقالت الملائكة : يا رَبِّ أذنت لنا بالانحدار (٢) في نُصرته ، فانحدرنا وقد قبضته؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم أن ألزموا قبره (٣) حتّى تروه وقد خرج فانصروه ، وابكوا عليه وعلى ما فاتكم مِن نصرته ، وإنّكم خصّصتم بنصرته والبكاء عليه ، فبكتِ الملائكة حُزناً وجَزَعاً على ما فاتهم مِن نصرة الحسين عليه‌السلام ، فإذا خرج عليه‌السلام يكونون أنصاره ».

__________________

١ ـ في الكافي : « أبو عبدالله البزّاز ».

٢ ـ الانحدار : النّزول والهبوط.

٣ ـ في البحار : « أن ألزموا قبّته ».

٩٢

الباب الثّامن والعشرون

( بُكاء السَّماء والأرض على قتل الحسين ويحيى بن زكريّا عليهم السلام )

١ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي : عليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن يَعقوبَ بن يزيدَ ، عن أحمدَ بن الحسن الميثميِّ ، عن عليِّ الأزرق ، عن الحسن بن الحكم النَّخَعيِّ (١) ـ عن رَجل ـ « قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام في الرُّحْبة وهو يتلو هذه الآية (٢) « فَما بَكَت عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرينَ (٣) » ، وخرج عليه الحسين مِن بعض أبواب المسجد ، فقال : أما إنَّ هذا سيُقتل وتبكي عليه السَّماء والأرض ».

٢ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين ، عن داود بن عيسى الأنصاريّ (٤) ، عن محمّد بن عبدالرَّحمن بن أبي ليلى ، عن إبراهيم النَّخعيِّ « قال : خرج أمير المؤمنين عليه‌السلام فجلس في المسجد واجتمع أصحابه حوله وجاءَ الحسين عليه‌السلام حتّى قام بين يديه فوضع يده على رأسه فقال : يا بني إنَّ الله عَيَّرَ (٥) أقواماً بالقُرآن ، فقال : « فما بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّماءُ وَالأرضُ وَما كانُوا مُنظَرينَ » ، وأيْمُ اللهِ ليَقتلنّك بَعدي ، ثمّ تبكيك السَّماءُ والأرض ».

وحدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، بإسناده مثله.

٣ ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ، عن وُهَيب بن

____________

١ ـ هو أبو الحسن الكوفيّ ، روى عن إبراهيم النّخعيّ وغيره ، من رجال العامّة ، مات سنة بضع وأربعين ومائة.

٢ ـ في البحار : « سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يقول في الرّحبة وهو يتلو هذه الآية ـ إلخ ».

٣ ـ الدّخان : ٢٩.

٤ ـ في بعض النّسخ : « يزداد بن عيسى الأنصاري ».

٥ ـ عيّر فلاناً : نسبه إلى العار ، وقبّح عليه فعله.

٩٣

حفص النَّحّاس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إنّ الحسين عليه‌السلام بكى لقتله السَّماء والأرض واحمرّتا ، ولم تبكيا على أحدٍ قطّ إلاّ على يحيى بن زكريّا ، [ والحسين بن عليٍّ عليهم‌السلام ] ».

وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، بإسناده مثله.

٤ ـ وحدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه؛ وغيره ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن الحسن بن عليّ بن فَضّال ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبدالله بن هِلال « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إنَّ السَّماء بكتْ على الحسين بن عليِّ ويحيى بن زَكريّا ، ولم تبك على أحدٍ غيرهما ، قلت : وما بكاؤها؟ قال : مكثتْ أربعين يوماً تطلع كالشَّمس بحُمْرَة وتغرب بحُمْرة ، قلت : فذاك بكاؤها؟ قال : نعم ».

٥ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن عبدالله بن أحمد ، عن عُمرَ بن سَهل ، عن عليِّ بن مُسْهِر القُرَشيِّ « قال : حدَّثتني جدَّتي أنّها أدركتِ الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام حين قُتل فمكثنا سنة وتسعة أشهر ، والسّماء مثلُ العَلّقةِ مثلُ الدَّم ، ما ترى الشَّمس » (١).

٦ ـ حدَّثني علي بن الحسين بن موسى ، عن عليِّ بن إبراهيمَ بنِ هاشم ، عن أبيه ، عن ابن فَضّال ، عن أبي جَميلَة ، عن محمّد بن عليِّ الحلبيِّ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « في قوله تعالى : « فما بَكَتْ عَلَيهِمُ السَّماءُ وَالأرضُ وَما كانَوا مُنْظَرينَ » ، قال : لم تَبكِ السَّماء على أحدٍ منذ قتل يحيى بن زكريّا حتّى قُتل الحسين عليه‌السلام فبَكَت عليه ».

٧ ـ وحدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز القرشيُّ قال : حدَّثني محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن داودَ بنِ فَرْقَد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام

__________________

١ ـ تقدّم الكلام فيه ، راجع ص ٧٧ و ٧٨.

٩٤

« قال : احمرَّتِ السَّماء حين قُتل الحسين عليه‌السلام سَنَةً ، ويحيى بن زَكريّا ، وحُمرتُها بُكاؤها ».

٨ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال ، عن ابن بُكير ، عن زُرارةَ ، عن عبدالخالق ابن عبدِرَبّه « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « لم نَجعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَميّاً (١) » ، الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام لم يكن له مِن قبلُ سَميّاً ، ويحيى بن زَكريّا عليهما‌السلام لم يكن له من قَبلُ سَميّاً ، ولم تبك السَّماء إلاّ عليهما أربعين صباحاً ، قال : قلت : ما بُكاؤها؟ قال : كانت تطلع حَمراء وتغرب حَمراء ».

٩ ـ وحدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى ، عن عليِّ بن إبراهيم ؛ وسعد بن عبدالله جميعاً ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن أبي جميلَة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : مابكتِ السَّماء على أحدٍ بعد يحيى بن زَكريّا إلاّ على الحسين بن عليِّ عليهم‌السلام ، فإنّها بَكتْ عليه أربعين يوماً ».

١٠ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيّ ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بَشير ، عن كُلَيْب بن مُعاويةَ الأسديّ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام » قال : لم تبكِ السَّماء إلاّ على الحسين بن عليٍّ ويحيى بن زَكريّا عليهم‌السلام ».

١١ ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن نَصر بن مُزاحم ، عن عُمَرَ بن سعد ، عن محمّد بن سَلَمة ـ عمّن حدَّثه ـ « قال : لمّا قتل الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام أمطرتِ السَّماء تراباً أحمر ».

١٢ ـ حدًّثني حكيم بن داودَ بن حكيم ، عن سَلَمة بن الخطّاب ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن الحسين بن عيسى (٢) ، عن أسلم بن القاسم قال : أخبرنا عُمَرُ بنُ وَهْب (*) ، عن أبيه ، عن عليِّ بن الحسين عليهما‌السلام « قال : إنَّ السّماء لم تبكِ منذ

__________________

١ ـ أي لم يسمّ أحدٌ قبله باسمه ، وهو قوله تعالى : « يا زَكَريّا إنّا نُبشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يحيى لم نجعَلْ لَهُ مِنْ قَبلُ سَميّاً » [مريم : ٧].

* ـ في بعض النّسخ : « عمرو بن ثبيت ».

٢ ـ الظّاهر هو الحسين بن عثمان وصحّف ، وله كتاب يرويه ابن أبي عمير.

٩٥

وضعتْ إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسين بن عليِّ عليهم‌السلام ، قلت : أيّ شيء كان بكاؤها؟ قال : كانت إذا استقبلت بثوب وقع على الثَّوب شبه أثر البراغيث من الدَّم ».

١٣ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله وعليُّ بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن موسى بن الفضل (*) ، عن حنان « قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر أبي عبدالله الحسين عليه‌السلام ؛ فإنّه بلغنا عن بعضهم أنّها تَعدِلُ حَجّة وعُمرة؟ قال : لا تعجب بالقول هذا كلّه (١) ، ولكن زُرْه ولا تجفه فإنَّه سيِّد الشُّهداء؛ وسيِّد شَباب أهل الجنّة ، وشبيهه يحيى بن زَكريّا وعليهما بكتِ السّماء والأرض ».

حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصَفّار ، عن عبدالصَّمد بن محمّد ، عن حَنان بن سَدير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله سواء.

حدَّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن حَنان بن سَدير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

١٤ ـ وبهذا الإسناد عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ـ عن غير واحدٍ ـ عن جعفر بن بَشير ، عن حمّاد ، عن عامِر بن مِعقَل ، عن الحسن بن زياد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : كان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا ، وقاتل الحسين عليه‌السلام ولد زنا ، ولم تبكِ السّماء عَلى أحدٍ إلاّ عليهما ، قال : قلت : وكيف تبكي؟ قال : تطلع الشَّمس في حمرة ، وتغيب في حمرة ».

حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيّ ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير بإسناده مثله.

١٥ ـ وحدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين ـ رحمهما الله ـ جميعاً ، عن سعد بن

__________________

١ ـ في بعض النّسخ ، وفي البحار : « لا تعجب ، ما أصاب مَن يقول هذا كلّه ». وقال المجلسي ( ره ) ـ : قوله : « ما أصاب » محمولٌ على التّقيّة.

* ـ فيه كلام ، راجع ص ٣٠٥.

٩٦

عبدالله ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبدالله بن هِلال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سمعته يقول : إنَّ السَّماء بَكَتْ على الحسين بن عليٍّ ويحيى بن زَكريّا ، ولم تبكِ على أحدٍ غيرهما ، قلت : وما بُكاؤها؟ قال : مَكثوا أربعين يوماً تطلع الشّمس بحُمْرَة وتَغرُب بحُمرَة ، قلت : فذاك بُكاؤها؟ قال : نَعَم ».

١٦ ـ وعنهما ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن البرقيِّ محمّد بن خالد ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ ، عن الحسن بن الحكم النَّخَعيِّ ، عن كثير بن شِهاب الحارثيّ « قال : بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه‌السلام في الرُّحْبَة إذ طلع الحسين عليه فضَحِك عليُّ عليه‌السلام ضَحْكاً حتى بَدَتْ نَواجِذُه ، ثمَّ قال : إنّ الله ذكر قوماً وقال : « فَما بَكَتْ عَلَيْهمُ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرينَ » ، والّذي فَلَق الحبَّةَ وبرَأ النَّسَمَةَ ليُقتلنَّ هذا ولتبكينّ عليه السَّماء والأرض ».

١٧ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن البرقيِّ ، عن عبدالعظيم الحسنيِّ ، عن الحسن (١) ، عن أبي سَلَمَة « قال : قال جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : ما بكتِ السَّماء والأرض إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسين عليهم‌السلام ».

١٨ ـ حدَّثني أبي ؛ وأخي ـ رحمهما الله ـ عن أحمدَ بن إدريس ؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً ، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفكيِّ قال : حدَّثنا يحيى ـ وكان في خدمة أبي جعفر الثّاني عليه‌السلام ـ عن عليِّ (٢) ، عن صَفوانَ الجمّال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سألته في طريق المدينة ـ ونحن نُريد المكّة ـ فقلت : يا ابن رسول الله ما لي أراك كئيباً حَزيناً مُنْكسراً؟! فقال : لو تسمع ما أسمع لشَغَلَك عن مسألتي ، قلت : فما الَّذي تَسمَعُ؟! قال : ابتهال الملائِكة إلى اللهِ (٣) عزَّوجلَّ على قَتَلةِ أمير المؤمنين وقتلة الحسين عليهما‌السلام ، ونوح الجنّ وبُكاء الملائكة الَّذين حوله وشدَّة

__________________

١ ـ الظّاهر هو ابن الوشّاء ، أو المراد ما تقدّم « ابن الحكم النّخعيّ » ، والأوّل أظهر ، وأبو سلمة هو سالم بن مُكرم.

٢ ـ كأنّه ابن الحكم الكوفيّ الثّقة.

٣ ـ ابتهل إلى الله : تضرّع ودعا.

٩٧

جَزعِهم ، فمن يتهنّأ مع هذا بطعام أو بشراب أو نوم؟!! ـ وذكر الحديث ـ ».

١٩ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد البرقيِّ ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ العَلويّ ، عن الحسن بن الحكم النّخعيِّ ، عن كثير ابن شِهاب الحارثيِّ « قال : بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه‌السلام بالرُّحْبة إذ طلع الحسين عليه‌السلام قال : فضحك عليٌّ عليه‌السلام حتّى بَدَتْ نَواجذه ، ثمَّ قال : إنّ الله ذكر قوماً فقال : « فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ » ، والَّذي فَلَق الحَبّة وبَرَأ النَّسَمَة لَيقتلنَّ هذا ولتبكينَّ عليه السّماء والأرض » (١).

٢٠ ـ وعنه ، عن نَصر بن مُزاحم ، عن عُمَرَ بن سعد (٢) قال : حدَّثني أبو مُعْشر ، عن الزُّهْريّ « قال : لمّا قتل الحسين عليه‌السلام أمطرتِ السّماء دماً ». وقال عمر بن سعد : وحدَّثني أبو مَعْشَر ، عن الزَّهريّ « قال : لمّا قتل الحسين عليه‌السلام لم يبق في بيت المَقْدِس حَصاةٌ إلاّ وجد تحتها دمٌ عَبيط ».

٢١ ـ حدّثني أبي رحمه‌الله عن (٣) محمّد بن الحسن بن مَهزيار (٤) ، عن أبيه ، عن عليِّ بن مَهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن فَضالَة بن أيّوبَ ، عن داودَ ابن فَرْقَد « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : كان الَّذي قَتَلَ الحسينَ بنَ عليٍّ عليهما‌السلام ولد زنا ، والَّذي قَتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا ، وقال : احمرَّتِ السَّماء حين قُتل الحسين بن عليٍّ سنة ، ثمّ قال : بَكتِ السَّماء والأرض على الحسين بن عليٍّ وعلى يحيى بن زَكريّا ، وحُمرتها بُكاؤها ».

* * * * *

__________________

١ ـ تقدّم الخبر آنفاً بتفاوت يسير تحت رقم ١٦.

٢ ـ تقدّم ذكره في ص ٧١ ، وأبو مَعشَر هو يوسف بن يزيد البرّاء العطّار ، المعنون في تهذيب التّهذيب.

٣ ـ كذا في النّسخ والبحار ، والظّاهر تصحيف الواو بـ « عن ».

٤ ـ هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار.

٩٨

الباب التّاسع والعشرون

( نوح الجنِّ على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام )

١ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن نصر بن مُزاحِم ، عن عُمَرَ بنِ سعد ، عن عَمرو بن ثابت ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن اُمّ سلمة زوجة النَّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالتْ : ما سمعت نوح الجنّ منذ قبض الله نبيَّه إلاّ اللَّيلة ، ولا أراني إلاّ وقد أصبت بابني الحسين ، قالتْ : وجاءت الجنّيَّة منهم وهي تقول :

أيا عَينايّ فَانْهَمِلا بِجهْدٍ

فَمنْ يَبْكي عَلى الشُّهداء بَعْدي

عَلى رَهْطٍ تُقُودُهُمُ المنايا

إلى مُتَجبِّرٍ مِنْ نَسْلِ عَبْد (١)

٢ ـ حدّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن إبراهيم بن عُقْبَة ، عن أحمدَ بن عَمرو بن مسلم ، عن المَيثميّ (٢) « قال : خمسة من أهل الكوفة أرادوا نصر الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام فمرُّوا (٣) بقرية يقال لها : شاهيّ (٤) إذ أقبل عليهم رَجلان : شيخٌ وشابٌّ فسلّما عليهم ، قال : فقال الشّيخ : أنا رَجلٌ من الجنّ وهذا ابن أخي أردنا نَصرَ هذا الرَّجل المظلوم ، قال : فقال لهم الشّيخ الجنّي : قد رَأيت رأياً ، فقال الفتية الإنسيّون : وما هذا الرَّأي الَّذي رأيت؟ قال : رأيت أن أطير فآتيكم بخبر القوم فتذهبون على بصيرة ، فقالوا له : نِعْمَ ما

__________________

١ ـ في أمالي الصّدوق : « في ملك عبد ». وقوله : « فانهملا » فيه : « فانهملي ».

٢ ـ كان من أولاد ميثم التّمّار ، وهو أحمد بن الحسن بن إسماعيل ، مِن أصحاب الكاظم عليه‌السلام ، وهو ثقة.

٣ ـ في البحار : « فعرّسوا ».

٤ ـ قال العلاّمة الأميني رحمه‌الله : « شاهي » موضع بقرب القادسيّة ، وأظنّها تنسب إلى شاه بن شاه بن لان بن نريمان الّذي هبط إلى تلك الدّيار بأمر كسرى بن هرمز لمحاربة الأتراك النّازلة بها.

٩٩

رأيتَ ، قال : فغابَ يومه وليلته ، فلمّا كان من الغد إذا هم بصَوتٍ يسمعونه ولا يَرَونَ الشّخص وهو يقول :

وَاللهِ ما جِئتُكُمْ حَتّى بَصُرْتُ بِهِ

بِالطَّفِّ مُنْعَفَر الخَدَّينِ مَنحُورا

وَحَولَهُ فِتْيَةٌ تَدْمي نُحورُهُم

مِثْلَ المصابيح يَملُونَ (١) الدُّجى نُورا

وَقَدْ حَثَثْتُ قَلوصي (٢) كَيْ اُصادِفَهم

مِن قَبْلِ ما أنْ يُلاقُوا الخُرُدُ الحُورا (٣)

كان الحُسَينُ سِراجاً يُسْتَضاءُ بِهِ

اللهُ يَعْلم أنّي لم أقُلِ زُورا

مجاوِراً لِرَسُولِ اللهِ في غُرَفٍ

وَلِلْبَتول (٤) وَلِلطَّيّارِ مَسْرُورا

فأجابه بعض الفِتْية من الإنسِيّين يقول :

اذْهَبْ فلا زالَ قَبرٌ أنْتَ ساكِنُهُ

إلى القِيامَةِ يَسْقَى الْغَيث ممطُورا

وَقَدْ سَلَكْتُ سَبيلاً أنْتَ سالِكُهُ

وَقَدْ شَرِبْتُ بكَأسٍ كانَ مَغْزورا (٥)

وفِتْيَةٌ فَرَّغُوا لله أنْفُسَهُم

وفارَقُوا المالَ والأحْبابَ والدُّورا

٣ ـ حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم ، عن سَلَمة بن الخطّاب قال : حدّثني عُمَرُ بن سعد؛ وعَمروُ بنُ ثابت ، عن أبي زياد القَندي (٦) « قال : كان

__________________

١ ـ في مجالس المفيد : « يعلون ».

٢ ـ القلوص : بالفتح ـ : النّاقة الطّويلة القوائم ، خاصّ بالإناث.

٣ ـ قال الفيروزآبادي : « الخَرِيدُ ، وبِهَاءٍ ، والخَرودُ : البِكْر لم تُمْسَس ، أو الخَفِرَةُ الطَّويلةُ السُّكوتِ ، الخافِضَةُ الصَّوتِ المُتَسَتَّرَةُ ، والجمع : خَرائِد وخُرُد و [خُرَّد] » وقال الشّارح في التّاج : الأخيرة ( يعني خُرَّد ) نادرة ، لاُنّ فعيلة لا تجمع على فُعَّل. وفي البحار ـ نقلاً عن أمالي الشّيخ ومجالس المفيد « الحرد » ـ بالحاء المهملة ـ ، وله بيان راجع ج ٤٥ ص ٢٤٠.

٤ ـ في مجالس المفيد : « وللوصيّ ».

٥ ـ في القاموس : « الغَزير : الكثير من كلّ شي ء ، ومن الآبار والينابيع : الكثيرة الماء ». وفي بعض النّسخ : « مغروراً » بالرّاء المهملة. وما في المتن مثل ما في البحار.

٦ ـ كذا في النّسخ ، وفي مجمع الزّوائد الهيثميّ : « عن أبي جناب الكلبيّ » مكان « عن أبي زياد القنديّ » ، وفيه : « قال : حدّثني الجصّاصون قالوا : كنّا إذا خرجنا إلى الجبّان باللَّيل عند مقتل الحسين سمعنا الجنّ ينوحون عليه ويقولون : مسح الرّسول ـ إلخ ».

١٠٠