ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة الصدوق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٢
بَني إسْرائيلَ في الكتاب لَتُفسِدُنَّ في الأَرْضِ مَرَّتَين (١) » ، قال : قتل أمير المؤمنين عليهالسلام وطعن الحسن بن عليّ عليهماالسلام ، « وَلَتعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً » قتل الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام ، « فإذا جاءَ وَعْدُ اُولهُما » ، قال : إذا جاءَ نصر الحسين عليهالسلام « بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا اُولي بأسٍ شَديدٍ فَجاسُوا خِلال الدِّيارِ » قوماً يبعثهم الله قبل القائم عليهالسلام ، لا يدعون وتراً لآل محمّد إلاّ أحرقوه (٢) ، « وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٣) » ».
٢ ـ وحدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سِنان ، عن عليِّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : تلا هذه الآية : « إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنُوا في الحياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ (٤) » ، قال : الحسين بن عليِّ عليهماالسلام منهم ولم ينصر بعد ، ثمَّ قال : والله لقد قتل قتلة الحسين عليهالسلام ولم يطلب بدمه بعد ».
٣ ـ وحدّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوبَ بن يزيدَ ؛ وإبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عُمَير ـ عن بعض رجاله ـ عن أبي عبدالله عليهالسلام في قول الله عزَّوجلَّ : « وإذَا المَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٥) » ، قال : نَزَلَتْ في الحسين بن عليِّ عليهماالسلام » (٦).
٤ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن حكم الحنّاط ، عن ضُرَيس ، عن أبي خالد الكابليِّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : سَمِعتُه يقول في قول الله عزَّوجلَّ : « اُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلُون بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَديرٌ (٧) » ، قال : عليُّ والحسن والحسين عليهمالسلام ».
٥ ـ وحدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن محمّد بن سِنان ـ عن رجل ـ « قال : سألت عن
__________________
١ ـ الإسراء : ٤.
٢ ـ في بعض النّسخ : « إلاّ أخذوه » ، وفي خبر الكافي : « إلاّ قتلوه ».
٣ ـ الإسراء : ٥.
٤ ـ الغافر : ٥١.
٥ ـ التّكوير : ٨ و ٩.
٦ ـ المراد أنّ مصداقها الحقيقيّ هو عليهالسلام.
٧ ـ الحجّ : ٣٩.
أبي عبدالله عليهالسلام في قوله تعالى : « ومَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَليِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِف في القَتْلِ إنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (١) » ، قال : ذلك قائم آل محمّد يخرج فيقتل بدم الحسين عليهالسلام ، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مُسرفاً ، وقوله : « فَلا يُسْرِف في الْقَتلِ » لم يكن ليصنع شيئاً يكون سرفاً ، ثمَّ قال أبو عبدالله عليهالسلام : يقتل والله ذَراري قتلة الحسين عليهالسلام بفعال آبائهم » (٢).
٦ ـ حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن عثمانَ بن عيسى ، عن سَماعة بن مِهران ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « في قوله تبارك وتعالى : « لا عُدْوانَ إلاّ عَلَى الظّالمِينَ » ، قال : أولاد قتلة الحسين عليهالسلام ».
حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن ابراهيمَ بن هاشم ؛ ومحمّد بن الحسين ، عن عثمانَ بن عيسى ، عن سَماعَة بن مِهرانَ مثله.
٧ ـ حدّثني محمّد بن جعفر الكوفيُّ الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سَعدانَ ، عن عبدالله بن القاسم الحضرميّ ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « في قول الله تبارك وتعالى : « وَقَضَيْنا إلى بَني إسْرائيلَ في الكتاب لَتُفْسِدنَّ في الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ (٤) » ، قال : قتل عليّ وطعن الحسن ، « وَلَتعْلُنَّ عُلُوّاً كَبيراً » ، قال : قتل الحسين عليهمالسلام ».
الباب التّاسع عشر
( علم الأنبياء عليهم السلام بقتل الحسين بن علي عليهما السلام )
١ ـ حدَّثني أبي رحمهالله قال : حدّثني سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب؛ ويعقوبَ بن ـ يزيدَ جميعاً ، عن محمّد بن سِنان ـ عمّن ذكره ـ عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : إنَّ
__________________
١ ـ الإسراء : ٣٣.
٢ ـ أي الرّاضين بفعل آبائهم ، وكذا في الخبر الآتي.
٣ ـ البقرة : ١٩٣.
٤ ـ الإسراء : ٤.
إسماعيل الَّذي قال الله تعالى في كتابه : « وَاذْكُرْ في الكِتابِ إسْمعيلَ إنّه كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيّاً (١) » ، لم يكن إسماعيلَ بن إبراهيم عليهماالسلام ، بل كان نبيّاً مِن الأنبياء ؛ بعثه الله إلى قومه فأخذوه فسلخوا فَرْوَة رأسه ووجهه ، فأتاه ملكٌ عن الله تبارك وتعالى فقال : إن الله بعثني إليك فمرْني بما شئت ، فقال : لي اُسوة بما يصنع بالحسين ».
٢ ـ وحدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ؛ وابن أبي الخّطاب؛ وابن يزيدَ جميعاً ، عن محمّد بن سِنان ، عن عمّار بن مروانَ ، عن سَماعَة بن مِهران (٢) ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : إنّه كان لله رسولاً نبيّاً تسلّط عليه قومه فقشروا جِلدة وجهه وفَروَة رأسه ، فأتاه رسولٌ مِن ربِّ العالمين فقال له : ربُّك يُقرؤك السَّلام ويقول : « قد رَأيتُ ما صنع بك » وقد أمرني بطاعتك ، فمرْني بما شئتَ ، فقال : يكون لي بالحسين اُسْوَة ».
٣ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ؛ وأحمدَ بن الحسن بن عليِّ ، عن أبيه ، عن مروانَ بن مسلم ، عن بُرَيد بن معاوية العِجليِّ « قال : قلت لأبي عبدالله عليهالسلام : يا ابن رسول الله أخبرني عن إسماعيل الَّذي ذكره الله في كتابه حيث يقول : « اذْكُرْ في الكتابِ إسمعِيل إنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نبيّاً » ؛ أكان إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام؟ فإن الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم ، فقال عليهالسلام : إن إسماعيل مات قبل إبراهيم (٣) وإنَّ إبراهيم كان حُجَّة لله قائماً ، صاحب شريعة فإلى مَن اُرسل إسماعيل إذن؟ قلت : فمن كان حُجَّة قائماً ، صاحب شريعة فإلى مَن اُرسيل إسماعيل إذن؟ قلت : فمن كان جعلت فداك؟ قال : عليهالسلام : ذاك إسماعيل بن حزقيل النَّبيِّ ؛ بعثه الله إلى قومه فكذّبوه وقتلوه وسلخوا وجهه ، فغضب الله [له] عليهم فوجّه إليه سطاطائيل ؛
__________________
١ ـ مريم : ٥٤.
٢ ـ جاء الخبر في البحار من علل الشّرائع ، وفيه : « سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ـ إلخ ».
٣ ـ فيه ما فيه ، وفوت إبراهيم قبل إسماعيل ، كما في « العلل » و « كمال الدين » وغيرهما.
ملكَ العَذاب ، فقال له : يا إسماعيل أنا سطاطائيل ملك العذاب ؛ وجَّهَني إليك ربُّ العزّة لاُعذّب قومَك بأنواع العذاب إن شئتَ ، فقال له إسماعيل : لا حاجةَ لي في ذلك ، فأوحى الله إليه : فما حاجتك يا إسماعيل؟ فقال : يارَبِّ إنَّك أخذت الميثاق لنفسك بالرُّبوبيّة ، ولمحمّد بالنّبوَّة ، ولأوصيائه بالولاية ، وأخبرتَ خير خلقك بما تفعل اُمّته بالحسين بن عليِّ عليهماالسلام مِن بعد نبيِّها ، وإنّك وعدتَ الحسين عليهالسلام أن تُكِرَّه (١) إلى الدُّنيا حتّى ينتقم بنفسه ممّن فعل ذلك به ، فحاجتي إليك يا رَبّ أن تكرّني إلى الدُّنيا حتى أنتقم ممّن فعل ذلك بي ، كما تكرّ الحسين عليهالسلام ، فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك فهو يكرّ مع الحسين عليهالسلام ».
٤ ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن عليٍّ بن مهزيار ، عن أبيه ، عن جدّه ، عليِّ بن مهزيار ، عن محمّد بن سنان ـ عمّن ذكره ـ عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : إنّ إسماعيلَ الَّذي قال الله تعالى في كتابه : « اذْكُرْ في الكتابِ إسمعيلَ إنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ » اُخذ فسلخت فَرْوَة وَجْهه ورَأسه ، فأتاه ملك فقال : إنَّ اللهَ بعثني إليك فمرني بما شئتَ ، فقال : لي اُسوة بالحسين بن عليٍّ ».
الباب العشرون
( علم الملائكة بقتل الحسين عليه السلام )
١ ـ حدّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز الكوفيُّ قال : حدَّثني خالي محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال : حدَّثني موسى بن سَعدانَ الحنّاط ، عن عبدالله بن القاسم الحضرميِّ ، عن إبراهيم بن شعيب الميثميِّ « قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إنّ الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام لمّا ولد أمر الله عزَّوجلَّ جَبرئيل عليهالسلام أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنّىُ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الله ومِن جَبرئيل ، قال : وكان مَهْبَطُ جَبرئيل على جَزيرة في البحر فيها ملك يقال له : فطرس ، كان من
__________________
١ ـ أي ترجعه.
الحملة فبعث في شيء فأبطأ فيه فكسر جناحه وأُلقي في تلك الجزيرة يعبدالله فيها ستّمائة عام حتّى ولد الحسين عليهالسلام ، فقال الملك لجَبرئيل عليهالسلام : أين تريد؟ قال : إنَّ الله تعالى أنعم على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بنعمة فبعثت أهنّئه من الله ومنّي ، فقال : يا جَبرئيل احملني معك لعلَّ محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعو الله لي ، قال : فحمله فلمّا دخل جَبرئيل على النّبيِّ وهَنأه مِن الله وهَنّأه منه وأخبره بحال فطرس فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ياجَبرئيل أدخله ، فلمّا أدخله أخبر فطرس النَّبيَّ بحاله فدعا له النَّبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال له : تمسّح بهذا المولود وعُدْ إلى مكانك ، قال : فتمسّح فطرس بالحسين عليهالسلام وارتفع وقال : يارسول الله أما إنّ اُمّتك ستقتله وله عليَّ مكافأة أن لا يزوره زائرٌ إلاّ بلّغته عنه ، ولا يسلّم عليه مسلّمٌ إلاّ بلّغته سلامه ، ولا يصلّي عليه مُصّلٍّ إلاّ بلّغته صَلاته ، قال : ثمَّ ارتفع ».
الباب الحادي والعشرون
( لعن الله تبارك وتعالى ولعن الاُنبياء قاتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام )
١ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد اليقطينيِّ ، عن محمّد بن سِنان ، عن أبي سعيد القَمّاط عن ابن أبي يَعفور ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في منزل فاطمة عليهاالسلام والحسين في حِجره إذ بكى وخرَّ ساجداً ، ثمَّ قال : يا فاطمة بنت محمّد! إنَّ العليَّ الأعلى ترائي لي في بيتك (١) هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة وأهْيَأ هَيئة ، وقال لي : يامحمّد أتحبّ الحسين؟ فقال : نعم ؛ قُرَّة عيني ورَيحانتي وثمرة فؤادي ؛ وجلدة ما بين عيني ، فقال لي : يا محمّد ـ ووضع يده على رأس الحسين (٢) عليهالسلام ـ بورك
__________________
١ ـ المراد به رسوله جَبرئيل أو يكون الرّائي غاية الظّهور العلميّ على سبيل الكناية ، كما قاله العلاّمة المجلسيّ رحمهالله ، وسيأتي بيانه مفصّلاً في ص ٦٩.
٢ ـ كناية عن إفاضة الرّحمة.
من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني ؛ ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على مَن قَتَلَه وناصَبَه وناواه ونازَعَه ، أما إنّه سيّدُ الشّهداء مِنَ الاُوَّلينَ والآخِرينَ في الدُّنيا والآخِرَة ـ وذكر الحديث ـ » (١).
٢ ـ حدّثني أبو الحسين محمّد بن عبدالله (٢) بن عليٍّ النّاقد قال : حدّثني أبو هارون العَبَسيِّ ، عن أبي الاشهب جعفر بن حَيّان (٣) ، عن خالد الرّبعيّ قال : حدَّثني مَن سمع كعباً « يقول : أوَّل من لعن قاتل الحسين بن عليِّ عليهماالسلام إبراهيم خليل الرَّحمن ، لعنه وأمر ولده بذلك وأخذ عليهم العهد والميثاق ، ثمَّ لعنه موسى بن عِمرانَ ، وأمر اُمّته بذلك ، ثمَّ لعنه داود وأمر بني إسرائيل بذلك ، ثمَّ لعنه عيسى ، وأكثر أن قال : يابني إسرائيل العنوا قاتِله ، وإن أدركتم أيّامه فلا تجلسوا عنه ، فإنَّ الشَّهيد معه كالشَّهيد مع الأنبياء ، مقبل غير مُدبر ، وكأنّي أنظر إلى بُقعته ، وما مِن نبيِّ إلاّ وقد زارَ كربلاء ووقف عليه وقال : إنّك لبقعة كثيرة الخير ، فيك يدفن القَمَر الأزهر ».
٣ ـ حدَّثني الحسين بن عليٍِّ الزّعفرانيُّ بالرَّيّ قال : حدّثنا محمّد بن عُمَرَ النَّصيبيُّ ، عن هِشام بن سعد قال : أخبرني المشيخة « أنّ الملك الّذي جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخبره بقتل الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام كان ملك البحار وذلك أنَّ ملكاً من ملائكة الفردوس نزل على البحر فنشر أجنحته عليها ، ثمَّ صاح صيحة وقال : يا أهل البِحار البسوا أثواب الحزن فإنَّ فرخ رَسول اللهِ صلىاللهعليهوآله مذبوحٌ ، ثمَّ حمل مِن تربَتِه في أجنحته إلى السّماوات ، فلم يبق ملك فيها إلاّ شمّها وصار عنده لها أثر ، ولعن قتلته وأشياعهم وأتباعهم ».
__________________
١ ـ تأتي تتمة الخبر في الباب الآتي.
٢ ـ تقدّم أنّه « أحمد بن عبدالله » ، وأحدهما تصحيف.
٣ ـ هو جعفر بن حيّان السّعديّ أبو الاُشهَب العطارديّ البصريّ المتوفّى سنة ١٦٥ ، كما قاله ابن الحجر في تهذيب التّهذيب.
الباب الثّاني والعشرون
( قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : )
( « إنّ الحسين عليه السلام تقتله اُمّته من بعده » )
١ ـ حدَّثني أبي رحمهالله ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن صَفوانَ بن يحيى ؛ وجعفر بن عيسى ابن عُبَيد قالا : حدَّثنا أبو عبدالله الحسين بن أبي غُنْدَر ـ عمّن حدَّثه ـ عن أبي ـ عبدالله عليهالسلام « قال : كان الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام ذات يوم في حِجر النَّبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يلاعِبُه ويضاحِكُه ، فقالت عائشة : يارسول الله ما أشدَّ إعجابك بهذا الصَّبيِّ؟ فقال لها : ويلك! وكيف لا اُحبّه ولا أعجب به وهو ثمرة فؤادي وقرَّة عيني ، أما إنّ اُمّتي ستقتله ، فمن زَاره بعد وفاتِه كتب الله له حجّةً مِن حِججي ، قالت : يارسول الله حجّة من حِجَجِك؟! قال : نعم ؛ حجَّتين من حججي ، قالت : يارسول الله حجّتين من حِجَجِك؟! قال : نعم ؛ وأربعة ، قال : فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتّى بلغ تسعين حجّة مِن حِجج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأعمارها ».
٢ ـ حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن عليٍّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الاُصمّ ، عن مِسمَع بن عبدالمَلِك ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : كان الحسين عليهالسلام مع اُمِّه تحمله ، فأخذه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : لَعَنَ اللهُ قاتِليك ولعنَ اللهُ سالِبيك ، وأهلَكَ الله المتوازِرين عليك ، وحكم الله بيني وبين مَن أعانَ عليك ، فقالتْ فاطمة : يا أبةِ أيّ شيء تقول؟ قال : يابنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدَك من الأذى والظّلم والغَدر البَغي ، وهو يؤمئذٍ في عُصبة كأنّهم نجومُ السّماء ، يتهادون إلى القَتل ، وكأنّي أنظر إلى مُعَسْكَرهم وإلى موضع رِحالهم وتربتهم ، فقالتْ : يا أبة وأين هذا الموضع الَّذي تصف؟ قال : موضع
يقال له : كربلاء ، وهي ذات كربٍ وبلاءٍ علينا وعلى الاُمّة ، يخرج عليهم شِرار اُمّتي ، ولو أنّ أحدهم يشفع له مَن في السّماوات والاُرضين ما شفّعوا فيهم وهم المخلّدون في النّار ، قالتْ : يا أبة فيقتل؟ قال : نَعَم يا بنتاه ما قتل قبله أحدٌ كان تبكيه السّماوات والأرضون والملائكة والوَحش والحِيتان في البحار والجبال ، لو يؤذن لها ما بقي على الاُرض مُتنفّس ، وتأتيه قومٌ مِن محبّينا ليس في الأرض أعلم بالله ولا أقوم بحقِّنا منهم ، وليس على ظَهر الأرض أحدٌ يلتفت إليه غيرهم ، اُولئك مصابيح في ظلمات الجَور ، وهم الشُّفعاء ، وهم واردون حوضي غَداً ، أعرفهم إذ أوردوا عليَّ بسيماهم ، وأهل كلِّ دين يطلبون أئمَّتهم وهم يطلبوننا ولا يطلبون غيرَنا ، وهم قِوامُ الأرض بهم ينزل الغَيث ـ وذكر الحديث بطوله ـ » (١).
٣ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن أبي عبدالله زَكريا المؤمن ، عن أيّوب بن عبدالرَّحمن ؛ وزَيد بن الحسن أبي الحسن؛ وعَبّاد جميعاً ، عن سعد الإسكاف (٢) « قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مَن سَرَّه أن يحيى محياي ويموت مَماتي ويدخل جنّة عَدْنٍ فيلزم قضيباً غَرسَهُ ربّي بيده (٣) فليتولَّ عليّاً والأوصياء مِن بعده وليسلّم لفضلهم ، فإنّهم الهُداة المرضيّون ، أعطاهم الله فهمي وعِلمي ، وهم عِترتي مِن لَحمي ودَمي ، إلى الله أشكو عدوَّهم مِن اُمَّتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطِعين فيهم صِلتي ، والله ليقتلنَّ ابني ، لا أنالهم الله شفاعَتي ».
٤ ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليِّ بن شجرة ، عن سَلامٌ الجعفيِّ ، عن عبدالله بن محمّد الصّنعانيِّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : كان رَسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا دخل الحسين عليهالسلام جَذَبه
__________________
١ ـ راجع تفسير فرات بن إبراهيم.
٢ ـ هو سعد بن طريف ، وكان صحيح الحديث.
٣ ـ يأتي تحت رقم ٧ وفيه : « ويدخل جنّتي جنّة عدن غرسها ربّي بيده فليتولّ عليّاً ».
إليه ، ثمّ يقول لأمير المؤمنين عليهالسلام : أمسكه ، ثمَّ يقع عليه فيقبّله ويبكي فيقول : يا أبه لم تبكي؟ فيقول : يا بني اُقبّل موضع السّيوف منك وأبكي ، قال : يا أبه واُقتَل؟ قال : إي والله وأبوك وأخوك وأنت ، قال : يا أبه فمصارعنا (١) شتّى؟ قال : نعم يا بنيَّ ، قال : فمن يزورنا مِن اُمَّتك؟ قال : لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلاّ الصّدِّيقون مِن اُمّتي ».
٥ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ (٢) ، عن أبي سعيد الحسن ابن عليِّ بن زَكريّا العَدْوِيِّ البَصريِّ قال : حدّثنا عمر [و] بن المختار قال : حدَّثنا إسحاقُ بنُ بِشر ، عن القَوّام مولى قريش « قال : سمعت مولاي عُمَرَ بنَ هُبَيرَة قال : رأيتُ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والحسن والحسين في حِجرِه ـ يقبّل هذا مرَّةً وهذا مرَّةً ، ويقول للحسين : إنّ الويل (٣) لمن يقتلك ».
٦ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سِنان ، عن أبي سعيد القَمّاط (٤) ، عن ابن أبي يَعفور ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في منزل فاطمة ؛ والحسين في حِجره إذ بكى وخَرَّ ساجداً ، ثمَّ قال : يا فاطمة يا بنت محمّد إنّ العليَّ الأعلى ترائى (٥) لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة وأهْيَأ هَيْئَة فقال لي : يا محمّد أتحبُّ الحسين؟
__________________
١ ـ في بعض النّسخ : « فمصادرنا » ، والمصدر : المرجع ، والمصادر كناية عن القبور ، لاُنّها منها الرّجوع إلى الآخرة ، والأظهر أنّه تصحيف : « فمصارعنا » كما في المتن. ( من البحار ).
٢ ـ هو أبو جعفر القمّي ، كان ثقة وجهاً ، كاتب صاحب الأمر عليهالسلام وسأله مسائل في أبواب الشّريعة. ( جش ، صه ).
٣ ـ الوَيْل : الحزن والهلاك والمشقّة من العذاب. ( النّهاية ).
٤ ـ اختلف في اسمه ، والظّاهر هو خالد بن سعيد الكوفي الثّقة ، روى عن أبي عبدالله عليهالسلام ، له كتاب ، روى عنه محمّد بن سنان ( جش ، صه ) ومحمّد بن عيسى هو العبيديّ اليقطينيّ.
٥ ـ قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله : « إنّ العليّ الأعلى » أي رسوله جبرئيل ، أو يكون التّرائي كناية عن غاية الظّهور العلميّ ، و « حسن الصّورة » كناية عن ظهور صفات كماله تعالى له ، و « وضع اليد » كناية عن إفاضة الرّحمة ـ انتهى. أقول : يأتي مثله وفيه : « والله يزوره » ، وأيضاً : « إنّ الله تبارك وتعالى يتجلّى لزوّار الحسين عليه السلام » ، ولكلّ واحدٍ منهما بيانٌ ، فمن أراد الاطّلاع فليراجع الباب الثّامن والثّلاثين تحت رقم ٤ ، والباب الثّامن والسّتين تحت رقم ١.
قلت : يارَبِّ قُرَّةُ عَيني ورَيحانتي ، وثَمَرةُ فُؤادي ، وجَلْدَة ما بين عيني ، فقال لي : يا محمّد ـ ووضع يَدَه على رأس الحسين عليهالسلام ـ بُورك مِن مولودٍ عليه بَرَكاتي وصَلاتي ورَحمتي ورِضواني ،
[ونِقْمتي] ولَعْنَتي وسُخُطي وعَذابي وخِزْيي ونَكالي على مَن قَتَلَه وناصَبه وناواه (١) ونازَعَه ، أما إنّه سيِّد الشُّهداء مِن الاُوَّلين والآخرين في الدُّنيا والآخِرة ، وسيِّد شَباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين ، وأبوه أفضل منه وخيرٌ ، فاقرأهُ السَّلام وبَشِّره بأنّه رايةُ الهُداي ، ومَنارُ أوليائي ، وحفيظي وشهيدي على خَلْقي ، وخازِن علمي ، وحُجَّتي على أهل السَّماوات وأهل الأرَضين ، والثَّقَلَين الجنّ والإنس ».
٧ ـ حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن حمّاد الكوفيّ ، عن إبراهيمَ بن موسى الأنصاريّ قال : حدَّثني مُصْعَب (٢) ، عن جابر ، عن محمّد بن عليٍّ عليهماالسلام « قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من سَرَّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنَّتي ـ جَنّة عدنٍ غرسَها ربّي بيده ـ فليتولّ عليّاً ويعرف فضله والأوصياء من بعده ، ويتبرّء مِن عَدوِّي. أعطاهم اللهُ فَهمي وعلمي ، هم عِترتي من لَحمِي ودَمي ، أشكو إلى رَبي عدوَّهم ، من اُمّتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطِعين فيهم صلتي ، والله ليقتلنَّ ابني ، ثمّ لا تنالهم شفاعتي ».
الباب الّثالث والعشرون
( قول أمير المؤمنين عليه السلام في قتل الحسين عليه السلام ، وقول الحسين له في ذلك )
١ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرّزَّاز القرشي قال : حدَّثني خالي محمّد بن ـ
__________________
١ ـ أي عاداه ، وأصله الهمز.
٢ ـ الظاهر هو مصعب بن يزيد الأنصاري ، وقال أبو جعفر بن بابويه : إنه عامل أمير المؤمنين عليه السلام. وشيخه ابن يزيد الجعفي.
الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليِّ بن النّعمان ، عن عبدالرَّحمن بن سَيابة ، عن أبي داودَ السّبيعيِّ (١) ، عن أبي عبدالله الجدليِّ « قال : دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام والحسين إلى جنبه ، فضرب بيده على كتف الحسين ، ثمّ قال : إنّ هذا يقتل ولا ينصره أحدٌ ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين واللهِ إنْ تلك لحياة سَوء! قال : إنَّ ذلك لكائن ».
وحدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ ؛ ومحمّد بن يحيى العطار ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.
٢ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن ـ أبي الخطاب ، عن نصر ابن مُزاحم ، عن عُمَرَ بن سعد (٢) ، عن يزيد بن إسحاقَ ، عن هانىء ، عن علي بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : قال علي عليهالسلام للحسين : يا أبا عبدالله أسوة أنت قِدماً (٣) ، فقال : جُعِلتُ فِداك ما حالي؟ قال : عَلِمتَ ما جهلوا ، وسينتفع عالِمٌ بما عَلِمَ ، يا بنيَّ اسمع وأبصر مِن قبل أن يأتيك ، فوالذي نفسي بيده ليَسفكنَّ بنو أميّة دَمَك ثمَّ لا يزيلونك عن دِينك (٤) ، ولا ينسونك ذكرَ ربّك ، فقال الحسين عليهالسلام : والَّذي نفسي بيده حسبي ، أقررت بما أنزل الله ، وأُصدِّق [ قول ] نبيِّ الله ، ولا أكذّب قول أبي ».
حدثني أبي رحمهالله ؛ عن سعد بن عبدالله ؛ ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.
٣ ـ وحدثني محمد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين ، عن نصر ابن مُزاحم ، عن عُمَرَ بنِ سعد ، عن يزيد بن إسحاقَ ، عن هانِئ بن هانِئ ، عن
__________________
١ ـ كذا ، وفي البحار : « البصريّ ».
٢ ـ هو عمر بن سعد بن أبي الصّيد الأسديّ من مشايخ نصر بن مزاحم ، وما في جلّ النّسخ : « عمرو بن سعيد » الظّاهر تصحيف هنا وما سيأتي.
٣ ـ أي ثبت قديماً أنّك اُسوة الخلق ، يقتدون بك ، أو المصابون يتأسّون بذكر مصيبتك.
٤ ـ في البحار : « لا يريدونك » أي لا يريدون صرفك عن دينك.
عليٍّ عليهالسلام « قال : ليقتل الحسين قتلاً ، وإنّي لأعرف تربة الأرض الّتي يقتل عليها قريباً من النَّهرين ».
حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.
٤ ـ حدَّثني أبي رحمهالله وعليُّ بن الحسين (١) جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن أبي الصَّهْبان (٢) ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجران ، عن عاصم بن حُمَيد ، عن فَضَيل الرّسّان ، عن أبي سعيد عَقيصا (٣) « قال : سمعت الله بن عليٍّ عليهماالسلام وخلا به عبدالله بن الزُّبير وناجاه طَويلاً ، قال : ثمَّ أقبل الحسين عليهالسلام بوَجهه اليهم وقال : إنَّ هذا يقول لي : كنْ حَماماً مِن حَمام الحَرَم ، ولأن اُقتل وبيني وبين الحرم باعٌ أحبُّ إليَّ من أن اُقتل وبيني وبينه شِبرٌ ، ولأن اُقتل بالطّفّ أحبُّ إليّ من أن اُقتل بالحَرَم ».
٥ ـ وعنهما (٤) ، عن سعد ، عن محمّد بن الحسين ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن داودَ بن فَرْقَد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : قال عبدالله بن الزُّبير للحسين عليهالسلام : [و] لو جئتَ إلى مَكّة فكنت بالحرم ، فقال الحسين [بن عليٍّ] عليهماالسلام : لانستحلّها ولا تستحلَّ بنا ، ولأن اُقْتَل على تَلِّ أَعْفَرَ (٥) أحبُّ إليَّ مِن أن اُقْتَل بها ».
__________________
١ ـ كذا في النّسخ ، ويظهر من البحار تصحيفه ، ففيه : « حدّثني أبي ؛ وابن الوليد ـ إلخ ».
٢ ـ اسم أبي الصّهبان عبدالجبّار. وفضيل الرّسّان هو ابن الزَبير الأسديّ ، عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليهالسلام مرّة ، واُخرى من أصحاب الصّادق عليهالسلام.
٣ ـ عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : اسمه دِينار ، يكنّى أبا سعيد ، ولقبه عَقيصى ، وإنّما لُقّب بذلك لشعرٍ قالَه.
٤ ـ يعني أباه وعليّ بن الحسين بن بابويه المتقدّم على ما يظهر من المتن.
٥ ـ قال الجوهريّ : الأعفر : الرَّمل الأحمر ، وقال المسعوديّ في المروج : « تلَ أعْفَرَ » من بلاد ديار ربيعة. وفي معجم الحَمَويّ : تلّ أَعْفَرَ هو اسم قلعة وربض بين سِنْجار والموصل في وسط وادٍ فيه نهر جارٍ ، وأيضاً : بُلَيدة قرب حصن مَسْلَمَة بن عبدالملك ، بين حصن مسلمة والرّقّة من نواحي الجزيرة.
٦ ـ حدَّثني أبي رحمهالله ومحمّد بن الحسن (١) ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن عليِّ بن الحكم ، عن أبيه ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : إنّ الحسين عليهالسلام خرج من مكّة قبل التَّروية بيوم فشيَّعة عبدالله بن الزُّبير فقال : يا أبا عبدالله لقد حضر الحجّ وتدعَه وتأتي العِراق؟ فقال : يا ابن الزُّبير لأنْ اُذْفن بشاطىء الفُرات أحبُّ إليَّ مِن أن أذْقن بِفناء الكعبة ».
٧ ـ حدّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « إنّ الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام قال لأصحابه ـ يوم اُصيبوا ـ : أشهد أنّه قد أذن في قتلكم فاتَّقوا الله واصبروا ».
حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليِّ بن النّعمان ، عن الحسين بن أبي العَلاء مثله.
٨ ـ وحدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليِّ بن رئاب ، عن الحلبيِّ « قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إنَّ الحسين عليهالسلام صلّى بأصحابه الغَداة ، ثمَّ التفت إليهم فقال : إنَّ الله قد أذن في قتلكم ، فعليكم بالصّبر » (٢).
٩ ـ حدّثني الحسن ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن يَعقوبَ بن شُعَيب ، عن حسين بن أبي العلاء « قال : قال : والَّذي رفع إليه العرش لقد حدّثني أبوك بأصحاب الحسين لا ينقصون رَجُلاً ولا يزيدون رَجلاً تعتدي بهم هذه الاُمّة كما اعتدت بنو إسرائيل يوم السبت وقتل يوم السّبت يوم عاشوراء » (٣).
__________________
١ ـ يعني ابن الوليد ، و « أحمد بن محمّد » هو الأشعريّ و « أبو الجارود » هو زياد بن المنذر.
٢ ـ قال في البحار : أي قدّر قتلكم في علمه تعالى ، ويحتمل أن يكون « آذن » أي أخبر بأنّكم مقتولون.
٣ ـ هكذا وجدنا الخبر ، ولعلّه سقط منه شيءُ. ( البحار ).
١٠ ـ حدّثني أبي رحمهالله وجماعة مشايخي (١) ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النَّضر بن سُوَيد ، عن يحيى بن عِمرانَ الحلبيِّ ، عن الحسين بن أبي العَلاء ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : إنّ الحسين عليهالسلام صلّى بأصحابه يوم اُصيبوا ، ثمَّ قال : أشهد أنّه قد أذن في قتلِكم ، يا قومِ فاتّقوا الله وأصبروا ».
١١ ـ حدَّثني أبو الحسين محمّد بن عبدالله بن عليٍّ النّاقد قال : حدَّثني عبدالرَّحمن الأسلَميُّ ، عن عبدالله بن الحسين ، عن عُروةَ بن الزُّبير « قال : سمعت أباذَرٍ ـ وهو يومئذٍ قد أخرجَهُ عثمان إلى الرَّبذَة ـ فقال له النّاس : يا أبا ذرَ أبشر ، فهذا قليل في الله تعالى ، فقال : ما أيسر هذا ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام قتلاً ـ أو قال : ذبح ذبحاً ـ؟! والله لا يكون في الإسلام بعد قتل الحسين أعظم قتلاً منه ، وإن الله سَيسلُّ سيفه على هذه الاُمّة ، لا يغمده أبداً ، ويبعث ناقماً من ذرّيتّه فينتقم من النّاس ، وإنّكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار وسكّان الجبال في الغِياض والآكام وأهل السَّماء مِن قتله ، لبَكيتم والله حتّى تزْهَقَ أنفسُكم ، وما مِن سَماءٍ يمرُّ به رُوح الحسين عليهالسلام إلاّ فزع له سبعونَ ألف مَلَكَ ، يقومون قياماً ترعد مفاصِلُهم إلى يوم القيامة ، وما مِن سَحابة تَمرُّ وتَرعَد وتَبرَق إلاّ لَعَنَتْ قاتِلَه ، وما مِن يومٍ إلاّ وتُعرَض روحُه على رَسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيلتقيان ».
١٢ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن عبدالرّحمن بن أبي نَجرانَ ، عن جعفر بن محمّد بن حَكيم ، عن عبدالسّمين (٢) ـ يرفعه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ـ « قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يخطب النّاس و
__________________
١ ـ كذا في النّسخ ، وفي البحار أيضاً ، والظّاهر سقط هنا الواسطة بين مشايخه والأشعري ، وهو غالباً ـ كما مرّ كراراً ـ سعد بن عبدالله.
٢ ـ كذا ، وفي بعض النسخ : « عبيدالسّمين » ، وقيل : الظّاهر أنّه عبدالحميد بن أبي العلاء الكوفيّ الشّهير بالسّمين ، فما في بعض النّسخ تصحيف. والخبر مذكور في أمالي الصّدوق مسنداً ، وفيه ، « عبيدالسّمين ، عن ابن طريف ، عن أصبغ بن نباتة ـ إلخ ».
هو يقول : سَلوني قبل أن تَفْقِدوني؛ فواللهِ ما تَسألوني عن شيء مضى ولا شيء يكون إلاّ نَبّأتكم به ، قال : فقام إليه سعد بن أبي وقَاص (١) وقال : يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي ولِحْيتي مِن شَعرةٍ ، فقال له : والله لقد سألتَني عن مسألةٍ حدَّثني خليلي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّك ستسألني عنها ، وما في رأسِك ولحيتك مِن شَعرة إلاّ وفي أصلها شيطان جالس ، وأنَّ في بيتك لسَخلاً (٢) يقتل الحسين ابني وعمر يومئذٍ يدرج بين يدي أبيه ».
١٣ ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ ، عن طلحةَ بن زَيد ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن الحسين بن عليٍّ عليهمالسلام « قال : قال : والّذي نفس حسين بيده لا يهنِّىء بني اُميّة ملكُهم حتّى يقتلوني وهم قاتلي ، فلو قد قتلوني لم يصلّوا جميعاً أبداً ولم يأخذوا عطاءً في سبيل الله جميعاً أبداً (٣) ، إنَّ أوَّل قتيل هذه الاُمة أنا وأهل بيتي ، والّذي نفس حسينٍ بيده لا تقوم السّاعة وعلى الأرض هاشميٌ يطرف ».
حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد ابن يحيى الخَزّاز ، عن طلحة ، عن جعفر عليهالسلام مثله.
١٤ ـ حدّثني جماعة مشايخي منهم : عليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن ، عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين ؛ وإبراهيمَ بن هاشم جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال ، عن أبي جَميلَةَ المفضّل بن صالح ، عن شِهاب بن عَبدِ رَبّه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « أنّه قال : لمّا صعد الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام عَقَبَةَ البطن قال لأصحابه : ما أراني إلاّ مَقتولاً ، قالوا : وما ذاك يا أبا عبدالله؟ قال : رؤيا
__________________
١ ـ كذا ، وفيه كلام ، راجع تفصيله المجلّد الرّابع والأربعين من البحار ص ٢٥٧.
٢ ـ السَّخْلة : ولد الشّاة.
٣ ـ قال العلاّمة المجلسي رحمه الله : لعلّ المعنى : لم يوفّق النّاس للصّلاة جماعةً مع إمام الحقّ ولا أخذ الزّكاة وحقوق الله على ما يحبّ الله إلى قيام القائم عليه السلام ، وآخر الخبر إشارة إلى ما يصيب بني هاشم من الفتن في آخر الزمان.
رأيتها في المنام ، قالوا : وما هي؟ قال : رأيت كِلاباً تَنهشني ؛ أشدُّها عليَّ كلبٌ أبقع ».
١٥ ـ وحدَّثني أبي رحمهالله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى ؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن عَمرو بن سعيد الزّيّات ، عن عبدالله بن بُكير ، عن زُرارة ، عن ابي جعفر عليهالسلام « قال : كتب الحسين بن عليٍّ مِن مكّة إلى محمّد بن عليٍّ : « بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم ؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ (١) ومَن قَبِلَه مِن بني هاشم ؛ أمّا بعد فإنَّ مَنْ لَحِقَ بي اسْتُشْهِد ، ومَنْ لَم يَلْحَقْ بي لم يُدرِكِ الفَتْحَ ؛ والسَّلام » ».
قال محمّد بن عَمرو : حدَّثني كِرام عبدالكريم بن عَمرو ، عن مَيْسَر بن عبدالعزيز ، عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : كتب الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام إلى محمّد بن عليٍّ من كربلاء : « بِسْم الله الرَّحمنِ الرَّحيم؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ ومَن قِبَلَه مِنْ بني هاشم ، أمّا بعد ، فكأنَّ الدُّنْيا لَمْ تَكُنْ ، وكأنَّ الآخِرَةَ لمْ تَزَلْ ، والسَّلام » ».
الباب الرّابع والعشرون
( ما استدلَّ به على قتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام في البلاد )
١ ـ حدَّثني أبي رحمهالله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ـ عن رَجل ـ عن يحيى بن بشير « قال : سمعت أبا بصير يقول : قال أبو عبدالله عليهالسلام : بعث هِشام بن عبدالمَلِك إلى أبي فأشخصه إلى الشّام ، فلمّا دخل عليه قال له : يا أبا جعفر أشخصناك لنَسْألك عن مسألةٍ لم يصلح أنْ يسألك عنها غَيري ، ولا أعلم في الأرض خَلْقاً ينبغي أنْ يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلاّ واحداً ، فقال أبي : ليسألني أمير المؤمنين عمّا أحبَّ ، فإن عَلِمتُ أُجبتُ ذلك؛ وإن لم أعْلَمْ قلتُ : لا أدري ؛ وكان الصّدق
__________________
١ ـ يعني أخاه ابن الحنفيّة رضياللهعنه.
أولى بي ، فقال هِشام : أخبرني عن اللَّيلة الّتي قُتِل فيها عليُّ بن أبي طالب بما استدلَّ به الغائب عن المصر الَّذي قُتل فيه على قتله ، وما العَّلامة فيه للنّاس فإن علمتَ ذلك وأجبتَ فأخبرني هَلْ كان تلك العَلامة لغير عليٍّ في قَتلِه ، فقال له أبي : يا أمير المؤمنين إنّه لمّا كان تلك اللّيلة الّتي قُتِلَ فيها أمير المؤمنين لم يرفع عن وجه الأرض حَجَرٌ إلاّ وُجِدَ تحته دَمٌ عَبيط حتّى طلع الفَجر ، وكذلك كانت الليلة الَّتي قتل فيها هارون أخو موسى ، وكذلك كانتِ اللَّيلة التي قتل فيها يوشع بن نون ، وكذلك كانتِ الليلة التي رفع فيها عيسى بن مَريم إلى السّماء ، وكذلك كانتِ اللَّيلة الَّتي قتل فيها شَمعون بن حمون الصّفا ، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب ، وكذلك كانتِ اللَّيلة الَّتي قتل فيه الحسين بن عليٍّ.
قال : فتربَّد (١) وجهُ هِشام حتّى انتُقع لَونُه (٢) وهَمَّ أن يبطش بأبي ، فقال له أبي : يا أمير المؤمنين الواجب على العِباد الطّاعة لإمامهم والصِّدق له بالنَّصيحة ؛ وإنَّ الَّذي دعاني إلى أن اُجيب أمير المؤمنين فيما سألني عنه مَعرفتي إيّاه بما يجبُ له عليَّ مِن الطّاعة؛ فليحسن أمير المؤمنين عليَّ الظَّنَّ ، فقال له هِشام : انصرف إلى أهلك إذا شِئت ، قال : فخرج فقال له هِشام عن خروجه : أعطِني عهدَ الله وميثاقَه أن لا توقع هذا الحديث إلى أحَدٍ حتّى أموت ، فأعطاه أبي مِن ذلك ما أرضاه ـ وذكر الحديث بطوله ـ » (٣).
__________________
١ ـ تربَّدَ وجه فلانٍ أي تغيّر مِن الغضب.
٢ ـ على بناء المجهول ، أي تغيَّر مِن حزنٍ أو سرورٍ.
٣ ـ ما جاء في هذا الباب كان ممّا تواتر عند المحدِّثين والمؤخِّرين مِن العامّة والخاصَّة واعترف به المخالفون ، راجع تفاسيرهم ذيل قوله تعالى : « فما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ ـ الآية » [الدّخان : ٢٩] وأيضاً تفسير الدّرّ المنثور ج ٦ ص ٣٠ ، وتاريخ دمشق لابن عساكر ج ٧ ص ١٤٨ ، والخصائص الكبرى ج ٢ ص ١٢٦ ، وتهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ج ٢ ص ٢٥٤ ، وتاريخ الخلفاء للسّيوطيّ ، ومجمع الزَّوائد للهيثميّ ، وغيرهم من العامّة ، وجلّ المحدّثين من الخاصّة. نقل ابن عساكر بإسناده عن ابن سيرين أنّه قال : « لم تبك السَّماءُ على أحدٍ
٢ ـ حدَّثني أبو الحسين أحمد بن عبدالله بن عليٍّ النّاقِد (١) قال : حدَّثني عبدالرَّحمن البلخيُّ. وقال لي أبو الحسين : وأخبرني عمّي عن أبيه ، عن أبي نَضْرة
__________________
بعد يحيى بن زَكريّا إلاّ على الحسن بن عليّ » عليهالسلام ، وقال : « لم نكن نرى هذه الحمرة في السَّماء حتّى قُتل الحسين بن عليٍّ » عليهماالسلام ، وعن خلف بن خليفة ، عن أبيه قال : « لمّا قتل الحسين اسودَّتِ السّماءُ وظهرتِ الكواكب نهاراً ، حتّى رأيتُ الجَوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر ». وعن خَلاّد ـ وكان ينزل بني جُحدر ـ قال : « حدَّثتني اُمّي ، قالتْ : كنّا زماناً بعد مقتل الحسين ، وإنَّ الشَّمس تطلع محمرَّة على الحيطان والجدر بالغداة والعشيّ ، قالت : وكانوا لا يرفعون حَجَراً إلاّ يوجد تحته دم » ، وعن نصرة الأزديّة قالت : « لمّا أنْ قتل الحسين مطرتِ السَّماء دماً ، فأصبحت وكلّ شيءٍ لنا ملآن دَماً » وعن جعفر بن سالم قال : حدَّثَتْني خالتي اُمّ سالم قالت : « لمّا قتل الحسين مطرنا مطراً كالدَّم على البيوت والجدر ، قال : وبلغني أنّه كان بخراسان والشّام والكوفة » ، وقال بوّاب عبيدالله بن زياد : « لمّا جيء برأس الحسين فوضع بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تَسايَل دَماً » ، وعن اُمّ حيّان قالت : « يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاثاً ، ولم يَمَسَّ أحدٌ مِن زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه على وجهه إلاّ احترق ، لم يقلب حجر ببيت المقدس إلاّ أصبح تحته دم عبيط ». ( العبيط من الدَّم : الخالص الطّريّ ).
وعن محمّد بن عمر بن عليّ : « أرسل عبدالملك إلى ابن رأس الجالوت فقال : هل كان في قتل الحسين عَلامَة؟ قال ابن راس الجالوت : ما كشف يومئذٍ حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط ».
وقال الحافظ نور الدّين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ في كتابه المعروف بـ « مجمع الزّوائد » ( ج ٩ ص ١٩٦ ، دار الكتاب : بيروت ـ لبنان ) روى الطّبراني بسند ـ رجاله ثقات ـ عن الزُّهريّ « قال : قال لي عبدالملك : أيّ واحد أنت إن أعلمتني أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين؟ فقال : قلت : لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلاّ وجد تحتها دم عبيط ، فقال لي عبدالملك ، إنّي وإيّاك في هذا الحديث لقرينان ».
وعن الزّهريّ « قال : ما رفع بالشّام حجرٌ يوم قتل الحسين بن عليّ إلاّ عن دم » ، وقال : رواه الطّبراني ورجاله رجال الصّحيح.
وعن اُمّ حكيم « قالت : قتل الحسين وأنا يومئذ جويرية ، فمكثتِ السّماء أيّاماً مثل العلقة » ، قال : رواه الطّبرانيّ ورجاله إلى اُمّ حكيم رجال الصّحيح. أقول : « اُمّ حكيم » صَحابيّة.
١ ـ تقدّم في ص ٧٤ وفيه : « محمّد بن عبدالله بن عليّ النّاقد ، عن عبدالرّحمن الأسلميّ ».
ـ عن رَجل من أهل بيت المقدس ـ « أنّه قال : والله لقد عرفنا أهل بيت المَقْدِس ونواحيها عَشيّةَ قتل الحسين بن عليٍّ [عليهماالسلام] ، قلت : وكيف ذاك؟ قال : ما رَفعنا حَجَراً ولا مَدَراً ولا صخراً إلاّ ورأينا تحتها دَماً عَبيطاً يغلي ، واحمرَّت الحيطان كالعلق ، ومطر ثلاثة أيّام دَماً عَبيطاً ، وسمعنا منادياً ينادي في جوف اللّيل يقول :
أَتَرْجُو اُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْناً |
|
شَفاعَةَ جَدِّهِ يَومَ الحسابِ |
مَعاذَ اللهِ! لا نِلْتُمْ يَقيناً |
|
شَفاعةَ أحْمَدَ وَأبي تُرابِ |
قَتَلْتُمْ خَيْرَمَنْ رَكبَ
الْمَطايا |
|
وَخَيْرَ الشَّيـْبِ طَرّا
وَالشَّبابِ |
وانكسفت الشَّمس ثلاثة أيّام (١) ثمَّ تجلّت عنها وانشبكت النُّجوم (٢) ، فلمّا كان مِنَ الغَد اُرجفنا بقتله ، فلم يأت علينا كثير شيءٍ حتّى نعي إلينا الحسين عليهالسلام ».
٣ ـ حدَّثنا أبو الحسن أحمدَ بن عبدالله بن عليٍّ النّاقد بإسناده قال : قال عُمَر ابن سعد : حدَّثني أبو معشر ، عن الزُّهريّ « قال : لمّا قتل الحسين عليهالسلام لم يبق في بيتِ المَقْدِس حصاةٌ إلاّ وجد تحتها دمٌ عَبيط ».
الباب الخامس والعشرون
( ما جاء في قاتل الحسين وقاتل يحيى بن زكريّا عليهم السلام )
١ ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ ؛ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخّطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد ، عن كُلَيْب بن مُعاويةَ ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : كان قاتل
__________________
١ ـ في البحار : « انكسفت الشّمس ثلاثاً ». والمراد : أنّا رأيناها منكسفاً في أعيننا.
٢ ـ كذا في النّسخ ، وفي البحار أيضاً ، والصّواب : « اشتبكت النّجوم » ، وفي اللّسان : اشتبكت النّجوم : أي ظهرت جميعها واختلط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها.
يحيى بن زَكريّا ولد زنا ، وكان قاتل الحسين عليهالسلام ولد زنا ، ولم تبكِ السَّماء إلاّ عليهما ».
حدّثني محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمد بن الحسين جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن فَضالَةَ بن أيّوب ، عن كُلَيْب بن معاوية الأسديِّ ، عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله.
٢ ـ وحدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عثمان بن عيسى ، عن عَمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنَّ في النار لمنزلة لم يكن يستحقّها أحدٌ من النّاس إلاّ قاتل الحسين بن عليٍّ ، ويحيى بن زكريّا عليهمالسلام ».
٣ ـ حدَّثني أبي رحمهالله وعليُّ بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن محمّد بن سِنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : سمعته يقول : تقتل واللهِ ذَراري قَتَلَةِ الحسين بفعال آبائها » (١).
٤ ـ حدَّثني أبي رحمهالله ومحمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن ابن بُكَير ، عن زُرارةَ ، عن عبدالخالق ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : كان قاتل الحسين عليهالسلام ولد زنا ، وقاتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا ».
٥ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخّطاب ، عن عليّ بن النّعمان ، عن مُثنّى ، عن سَدِير « قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : إنَّ الله [جلَّ وعَزَّ] جعل قتل أولاد النَّبيّين من الاُمم الماضية (٢) على يدي أولاد زنا ».
٦ ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن صَفوان بن يحيى ، عن داود بن فَرقَد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : كان الّذي قتل الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام ولد زنا ، والَّذي قتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا ».
__________________
١ ـ لأنّهم يرضون بفعال آبائهم.
٢ ـ في البحار : « في الأمم الماضية ».