كامل الزّيارات

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي

كامل الزّيارات

المؤلف:

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة الصدوق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٢

أسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الْجَحيمِ ، لا تُخَفَّفُ عَنْهُمُ من عذابِها وَهُمْ فيهِ مُبْلِسُونَ (١) مَلْعُونُونَ ، ناكِسُوا رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، قَدْ عايَنُوا النَّدامَةَ وَالْخِزْيَ الطَّويلَ لِقَتْلِهِمْ عِتْرَةَ أنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأتْباعَهُمْ مِنْ عِبادِكَ الصّالِحينَ ، اللّـهُمَّ الْعَنْهُمْ في مُسْتَسِرِّ السِّرِّ وَظاهِرِ الْعَلانِيَة (٢) في أرْضِكَ وَسَمائِكَ ، اللّـهُمَّ اجْعَلْ لي لِسانَ صِدْقٍ في أوْلِيائِكَ ، وَحَبِّبْ إلَيَّ مشاهَدهم حَتّى تُلْحِقَني بِهِمْ وَتَجْعَلَني لَهُمْ تَبَعاً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، يا أرْحَمَ الرّاحِمينَ » ،

ثمَّ أجلس عند رأسه عليه‌السلام وقل :

سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ وَالْمُسَلِّمينَ لَكَ بِقُلُوبهم ، وَالنّاطِقينَ بِفَضْلِكَ؛ وَالشّاهِدينَ عَلى أنَّكَ صادِقٌ [أمينٌ] صِدّيقٌ؛ عَلَيْكَ يا مَولايَ ، السَّلام مِنَ اللهِ عليكَ وعلى رُوحِكَ وبدنِكَ ، أشْهَدُ أنّك طُهرٌ طاهِرٌ مُطهّرٌ (٣) ، وأشْهَدُ لَكَ يا وَلِيَّ اللهِ وَوَلِيَّ رَسُولِهِ بِالْبَلاغِ وَالاَْداءِ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ جَنْبُ اللهِ (٤) وأنّكَ بابُ اللهِ ، وَأنَّكَ وَجْهُ اللهِ الَّذي مِنْهُ يُؤْتى ، وأنّك خَليلُ اللهِ وأنّك عَبدُاللهِ ، وأخُو رَسولِه وقد أتَيْتُكَ وافِداً لِعظيم حالِكَ ومَنزِلَتِكَ عِندَ اللهِ وعِندَ رُسولِه ، أتَيْتُكَ زائِراً مُتَقَرِّباً إلَى اللهِ بِزِيارَتِكَ ، طالباً خَلاصَ نَفْسي ، مُتَعوِّذاً بِكَ مِن نارٍ اسْتَحَقّها مِثلي بما جَنَيتُهُ علىُ نَفْسي ، أتَيتُك انْقِطاعاً إلَيكَ وإلى وَلَدِك الخَلَف من بَعْدِكَ عَلى بَرَكة الحَقّ ، فَقَلْبي لَكَ مُسَلّم ، وأمري لك متَّبعٌ ، ونُصْرتي لَكَ مُعَدَّة ، وأنا عَبدُاللهِ ومولاك في طاعَتِكَ ، والوافِدُ إليكَ ، ألتمسُ بذلك كمال المنزلةِ عندَ الله ، وأنت يامَولايّ مِمَّنْ أمَرني اللهُ بطاعَتِه (٥) ، وحَثَّني عَلى بِرِّه ، و

__________________

١ ـ المبلس : الشّديد الحسرة ، وقال الفرّاء : المبلس المنقطع الحجّة. وقال الفيروزآبادي : « المُبْلِسُ : السّاكتُ على ما في نفسه ، وأبْلَسَ : يئس [وانقطع] ، وتحيّر ».

٢ ـ استسرّ : استتر. ( القاموس ) وقال العلاّمة المجلسي رحمه‌الله : قوله : « مستسرّ السَرَ » ، مبالغة في الخفاء ، كما أنّ « ظاهر العلانية » مبالغة في الظّهور ، والغرض لعنهم على جميع الاُحوال وبجميع أنحاء اللّعن.

٣ ـ زاد به في الفقيه : « مِنَ طُهْرِ طاهِرٍ مَطهَّر ».

٤ ـ المراد بالجنب إمّا القرب فالمعنى : أنت أقرب أفراد الخلق إلى الله تعالى ، مِن باب تسمية الحال باسم المحلّ ، وإمّا الطّاعة فالمراد : أنّ طاعتك طاعة الله عزّوجلّ ، والمراد بالباب الّذي لا يؤتى إلاّ منه ، أي : لا يوصل إلى الله وإلى معرفته وعبادته إلاّ بمتابعتك ، وكذا الكلام في الوجه والسّبيل.

٥ ـ في بعض النّسخ : « بصلته ».

٤١

دَلَّني عَلى فَضْلِهِ ، وَهَداني لِحبِّهِ ، وَرَغَّبني في الوِفادَة إليه وإلى طَلَبِ الحَوائج عِنْدَهُ ، أنتم أهلُ بيتٍ يَسْعَدُ مَنْ تَولاّكم ، ولا يَخِيبُ مَنْ أتاكم ، ولا يخسَرُ مَنْ يَهواكم ، ولا يسْعَدُ مَنْ عاداكم ، لا أجِدُ أحَداً أفزع إليه خَيراً لي مِنكم ، أنتم أهلُ بَيتِ الرَّحمةِ ، ودعائِمُ الدِّين ، وأرْكانُ الاُرضِ ، الشَّجرةُ الطَّيِّبةُ ، اللّهمّ لا تُخَيِّب تَوَجُّهي إليكَ برسولِكَ وآل رسولِكَ (١) ، اللّهمَّ أنْتَ مَنَنْتَ عَليَّ بزيارَة مَولايَ ووِلايَته ومعرفتِه ، فَاجْعَلْني مَمّنْ تَنصُرُه ويُنْتَصَرُ به ، ومُنَّ عليَّ بنَصْرِكَ لِدينكَ في الدُّنيا والآخِرة ، اللّهمّ أحْيِني على ما حَيي عليه عليُّ بنُ أبي طالب عليه‌السلام ، وأمِتْني على ما مات عليه عليُّ بن أبي طالب عليه‌السلام » ».

٢ ـ حدّثني محمّد بن يعقوبَ ـ عمّن حدّثه (٢) ـ عن سَهل بن زياد ، عن محمّد بن اُورَمَة. وحدَّثني أبي ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن ـ اورَمة ـ عمّن حدّثه ـ عن الصادق أبي الحسن الثّالث (٣) عليه‌السلام « قال : تقول عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« السَّلام عليكَ يا وليَّ اللهِ أنتَ أوَّلُ مَظلومٍ وأوَّل مَنْ غُصِبَ حَقُّه ، صَبرْتَ واحتسبتَ حتّى أتاكَ اليَقينُ ، وأشهدُ أنّك لَقيتَ الله وأنتَ شَهيدٌ ، عَذَّب اللهُ قاتلَكَ بأنواع العَذاب ، وجَدَّدَ عليه العَذابَ ، جئتُكَ عارِفاً بحقِّكَ ، مُسْتَبصراً بشأنِك ، مُوالياً لأوْلِيائِك ، مُعادياً لأَعْدائِك ومَنْ ظَلَمَكَ ، الْقى عَلىُ ذلك ربّي إن شاءَ اللهُ تعالى ، [يا وليَّ اللهِ] إنَّ لي ذُنوباً كثيرةً ، فَاشْفع لي إلى رَبّك ، فإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقاماً مَعلُوماً ، وإنَّ لك عِندَ اللهِ جاهاً وشَفاعةً ، وقال : « لا يَشْفَعُونَ إلاّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُم مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُون (٤) » ».

حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز القرشيِّ ، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد ـ عن بعض أصحابنا ـ عن أبي الحسن الثّالث مثله.

__________________

١ ـ زاد به في الفقيه : « واستشفاعي بهم ».

٢ ـ كذا ، وفي الكافي مكانه : « عدّة من أصحابنا » وهم : علي بن محمّد الرّازيّ المعروف بـ « علاّن الكليني » ، ومحمّد بن أبي عبدالله الكوفيّ ساكن الرَّيّ ، ومحمّد بن الحسن الصّفّار ، ومحمّد بن عقيل الكوفيّ.

٣ ـ كذا في النّسخ.

٤ ـ الأنبياء : ٢٨.

٤٢

الباب الثّاني عشر

( وداع قبر أمير المؤمنين عليه السلام )

١ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد في كتاب الجامع (١) يروي عن أبي الحسن عليه‌السلام « قال : إذا أردت أن تودِّع قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فقل :

« السَّلام عليكَ ورحمةُ الله وبَركاتُه ، أسْتَودِعُكَ اللهَ وأَسْتَرْعِيكَ ، وأقْرَءُ عَلَيكَ السَّلامَ ، آمنّا باللهِ وبِالرُّسل وبِما جاءَتْ بِه ودَعَت إليه [ودَلَّتْ عَلَيهِ] فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدينَ ، اللّـهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتي إيّاهُ فَإنْ تَوَفَّيْتَني قَبْلَ ذلِكَ فَإنّي أشْهَدُ في مَماتي عَلى ما كنتُ شَهِدْتُ عَلَيْهِ في حَياتي ، أشْهَدُ أنَّكمُ الأئمّة ـ وتسمّيهم واحداً بعد واحد ـ وأشهدُ أنَّ منْ قَتَلَهُمْ وحارَبَهُم مُشركونَ ومنْ رَدَّ عَلَيْهم في أسْفَلِ دَرَكٍ منَ الجَحيم وأشهَدُ أنَّ مَنْ َحارَبَهُمْ لنا أعْداءٌ وَنَحْنُ مِنْهُمْ بُرَءاءُ ، وَأنَّهُمْ حِزْبُ الشَّيْطانِ ، وَعَلى مَنْ قَتَلَهُمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنّاسِ أجْمَعينَ ، وَمَنْ شَرِكَ فيهِمْ وَمَنْ سَرَّهُ قَتْلَهُمُ ، اللّـهُمَّ إنّي أسْالُكَ بَعْدَ الصَّلاةِ وَالتَّسْليمِ أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وآل محمّدٍ ، ولا تَجْعَلْهُ آخرَ الْعَهْدِ مِن زِيارَتِه فَإنْ جَعَلتَهُ فَاحْشُرني مَعَ هؤلاءِ المُسَمِّينَ الاُئِمَّةِ ، اللّهُمَّ وذَلِّلْ قُلُوبَنا بِالطّاعَةِ والمُناصَحَةِ والمَحبّةِ وَحُسْنِ المُؤازَرَةِ » » (٢).

__________________

١ ـ قال العلاّمة الرّازيّ قدس‌سره في الذريعة : « الجامع في الحديث » لاُبي جعفر محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ القمّيّين ، والمتوفّى ٣٤٣ ، روى الشّيخ الطّوسي في التهذيب زيارة علي ّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام عن الكتاب المترجم بـ « الجامع » تأليف أبي جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد ، والظّاهر من السيّد ابن طاووس المتوفّى ٦٦٤ أنّ « الجامع » هذا كان عنده ، قال في الإقبال في نوافل شهر رمضان : « روى عبدالله الحلبيّ في كتاب له وابن الوليد في جامعه » ، بل الظّاهر من « ميرزا كمالا » صهر العلاّمة المجلسيّ أنّه كان موجوداً في عصره حيث أنّه يأمر ولده بالرّجوع إلى هذا الكتاب في المجموعة الّتي مرّت في ج ٣ ص ١٧٠ بعنوان : « بياض الكمالي » ـ انتهى ». أقول : الظّاهر من تسمية الكتاب أنّ كلّ ما فيه مأثور عن الأئمة عليهم‌السلام والله يعلم ، لكن المولى المجلسيّ توقّف في صدور جميع أخباره عن المعصوم عليه‌السلام.

٢ ـ زاد به في الفقيه : « وسبّح تسبيح الزّهراء فاطمة عليها السلام وهو : سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي العزّ الشّامخ المنيف ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان ذي البهجة

٤٣

الباب الثّالث عشر

( فضل الفرات وشربه والغسل فيه )

١ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن ـ عيسى (١) ، عن عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عُمَرَ بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن علي عليه‌السلام « قال : الماء سيّد شراب الدُّنيا والآخرة ، وأربعة أنهار في الدُّنيا من الجنّة : الفُرات ، والنّيل ، وسَيحان ، وجَيحان. الفُرات : الماء ، والنّيل : العَسَل ، وسَيحان : الخمر ، وجَيحان : اللّبن » (٢).

٢ ـ وعنه ، عن أبي جميلة (٣) ، عن سليمان بن هارون أنّه « سمع أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من شرب من ماءِ الفُرات وحَنّك به فهو محبّنا أهل البيت » (٤).

٣ ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي الجارود (٥) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : لو أنْ بيننا وبين الفُرات كذا وكذا مِيلاً لذهبنا إليه واستشفينا به ».

__________________

والجمال ، سبحان من تردّى بالنّور والوقار ، سبحان من يرى أثر النّمل في الصفا ، ووَقْعَ الطّير في الهواء ».

١ ـ رواية الاُشعريّ عن عيسى بن ـ عبدالله الهاشمي في غاية البعد ، والظّاهر إمّا أن تكون الرّواية مرفوعة ، أو لا بدّ من الواسطة ، والظّاهر هو الحسن بن عليّ بن فضّال ، كما أورد في البحار الخبر الّذي يأتي تحت رقم ٦ وفيه : « أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن ، عن عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ عليه‌السلام ».

٢ ـ لعلّ المراد أنّ تلك الأسماء مشتركة بينها وبين أنهار الجنّة وفضلها لكون التّسمية بها من جهة الوحي والإلهام ، ويحتمل أن يدخلها شيء من تلك الأنهار التي في الجنّة كما ورد في الفرات. ( البحار )

٣ ـ هو المفضّل بن صالح الأسديّ ، ورواية ابن فضّال السّاقط من الخبر الماضي.

٤ ـ لعلّ الحكم متعلّق بمجموع الشّرب والتَّحنيك لا بكلٍّ منهما. ( البحار )

٥ ـ المراد به زياد بن المنذر الهَمْداني ، إليه تنسب الجاروديّة منهم.

٤٤

٤ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن ثَعلَبة بن مَيمون ، عن سليمانَ بنِ هارونَ العِجليّ « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ما أظنُّ أحداً يُحَنّك بماءِ الفرات إلاّ أحبّنا أهل البيت ، وسَألني : كم بينك وبين ماءِ الفرات ، فأخبرته ، فقال : لو كنتُ عنده لأحببتُ أن آتيه طَرَفي النّهار ».

٥ ـ وحدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى ، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشِم ، عن أبيه ، عن عليِّ بن الحكم ، عن سليمان بن نَهِيك ، عن أبي عبدالله « في قول اللهِ عزّوجلّ : « وآوَيْناهُما إلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ ومَعِين (١) » ، قال : « الرَّبوة » نجف الكوفة؛ و « المعينُ » الفُرات ».

٦ ـ وحدّثني عليُّ بن الحسين رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمَد بن عيسى ، عن الحسن (٢) ، عن عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عُمَرَ ، عن أبيه ، عن جَدّه ، عن عليٍّ عليه‌السلام « قال : الفُرات سَيّد المِياه في الدُّنيا والآخرة ».

٧ ـ وحدَّثني محمد بن عبدالله ، عن أبيه عبدالله بن جعفر الحميريِّ ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله ، عن أبيه ـ عمّن حدِّثه ـ عن حَنان بن سَدير ، عن أبيه ، عن حكيم بن جُبير « قال : سمعت عليِّ بن الحسين [عليهما‌السلام] يقول : إنّ ملكاً يهبط كلَّ ليلةٍ معه ثلاث مثاقيل مسك مِن مسك الجنَّة فيطرحها في الفرات ، وما مِن نهرٍ في شرق ولا في غرب أعظم بركةً منه ».

٨ ـ وحدَّثني عليُّ بن محمّد بن قولُوَيه ، عن أحمدَ بن ـ إدريس ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن ابن أبي عُمَير ، عن الحسين بن عثمانَ ـ عمّن ذكره ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : تَقْطُر في الفُرات كلَّ يوم قَطَراتُ من الجنّة ».

٩ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار ، عن أبيه ، عن جدِّه عليِّ

__________________

١ ـ المؤمنون : ٥٠.

٢ ـ يعني ابن عليِّ بن فضّال.

٤٥

ابن مَهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن عليِّ بن الحكم ، عن رَبيع بن محمّد المُسليِّ ، عن عبدالله بن سليمان « قال : لمّا قَدِم أبو عبدالله عليه‌السلام الكوفةَ في زَمَن أبي العبّاس فجاءَ على دابَّته في ثِياب سَفَره حتّى وقف على جِسْر الكوفة ، ثمّ قال لغلامه : اسْقني ؛ فأخذ كوزَ مَلاّح فغَرَفَ له به فأسقاه فشَرِب والماءُ يسيل مِنْ شِدْقَيه وعلى لِحيته وثيابه ، ثمَّ استزاده فزاده فحمد الله ، ثمّ قال : نَهرُ ماءٍ ما أعظم بَرَكتُه ، أما إنّه يسقط فيه كلُّ يوم سبع قَطَرات مِن الجنّة ، أما لو علم النّاس ما فيه من البركة لضربوا الأخبِية على حافَتَيه ، أما لولا ما يدخله من الخاطئين ما اغتمس فيه ذو عاهَةٍ إلاّ بَرِء (١) ».

١٠ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه ، عن جدِّه عليِّ ابن مَهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن عليِّ بن الحَكَم ، عن عرفة ، عن رِبعيّ « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : « شاطيء الوادِ الأَيْمَنِ (٢) » الّذي ذكره تعالى في كتابه هو الفرات ، و « الْبُقْعَةِ المبارَكَةِ (٢) » هي كربلاء ، و « الشّجرة (٢) » هي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

١١ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن ـ مَهزيار ، عن أخيه عليّ بن مهزيار ، عن ابن أبي عُمَير ، عن الحسين بن عثمان (٣) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام. ومحمّد بن أبي حمزة ـ عمّن ذكره ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : ما أظنُّ أحداً يُحنَّك بماءِ الفُرات إلاّ كان لنا شِيعةً » ،

وروى ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا « قال : يجري في الفرات ميزابان من الجنّة ».

قال (٤) : قال ابن أبي عمير : ولا أعلمه إلاّ ابن سنان وقد رواه لي.

__________________

١ ـ في البحار : « إلاّ أبرىء ».

٢ ـ القصص : ٣٠ ، أي الجانب الأيمن من الوادي. والخبر مذكور في التّهذيب ج ٦ ص ٤٤ إلاّ قوله : « والشّجرة ـ إلخ ». وقوله : « عرفه ، عن ربعيّ » فيه « محرمة بن ربعيّ ».

٣ ـ هو ابن عثمان بن شريك العامريّ الكوفيّ الثّقة. له كتاب يرويه ابن أبي عمير.

٤ ـ القائل ابن مهزيار ظاهراً. وليس هذه الفقرة إلى قوله : « وقد رواه لي » في البحار.

٤٦

١٢ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن (١) ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن العبّاس ابن معروف ، عن عليِّ بن مهزيار ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن حَنان بن سَدير ، عن حكيم بن جُبَير الأسَديّ « قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهما‌السلام يقول : إنٌَ الله يهبط ملكاً كلِّ ليلة معه ثلاث مثاقيل مِن مِسْكِ الجنّة فيطْرَحُه في فُراتِكم هذا ، وما من نَهر في شرق الأرض ولا في غَرْبها أعظمَ بَرَكةً منه ».

١٣ ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فَضّال ، عن ثَعلَبة بن مَيمون ، عن سليمانَ ابن هارونَ « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : ما أظنُّ أحداً يُحَنَّك بماءِ الفُرات إلاّ أحبّنا أهل البيت ».

١٤ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريَ ، عن أبيه ، عن أحمدَ بن محمّد البرقيّ ، عن عبدالرّحمن بن حمّاد الكوفيّ قال : حدَّثنا عبدالله بن محمّدٍ ـ الحجَال ، عن غالب بن عثمان ، عن عُقْبَة بن خالِد « قال : ذكر أبو عبدالله عليه‌السلام الفرات قال : أما إنّه من شيعةِ عليٍّ عليه‌السلام وما حُنِّك به أحدٌ إلاّ أحبَنا أهل البيت ».

١٥ ـ حدَّثني أبي ، عن الحسن بن مَتِّيل ، عن عِمرانَ بن موسى ، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ الرَّازيّ ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة ، عن سَيف بن عَمِيرَة ، عن صَنْدَل ، عن هارون بن خارجة « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : ما أحدٌ يشرب من ماءِ الفرات ويُحَنّك به إذا وُلِدَ إلاّ أحبَّنا ، لأنَّ الفُرات نهرٌ مؤمن ».

١٦ ـ وبإسناده ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : نَهران مؤمنان ، ونهران كافران ، نَهران كافران نهر بَلْخ ودِجْلَة ، والمؤمِنان نِيل مصر والفُرات ، فحَنِّكوا أولادَكم بماءِ الفُرات » (٢).

__________________

١ ـ المراد به ابن الوليد. ومحمّد بن إسماعيل هو ابن بزيع الثّقة.

٢ ـ قال ابن الأثير في شرح هذا الحديث : « جعلهما مؤمنين على التّشبيه ، لأنّهما يفيضان على الأرض فيَسقيان الحرث بلا مَؤونةٍ ، وجعل الآخرَيْن كافِرَين لأنّهما لا يسقيان ولا يُنْتَفَع بهما إلاّ بمؤونة وكُلْفَة ، فهذان في الخير والنَّفْع كالمؤمنَين ، وهذان في قِلَّة النُّفع كالكافِرَين.

٤٧

الباب الرّابع عشر

( حبّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين عليهما السلام والأمر بحبِّهما وثواب حبّهما )

١ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ؛ وعبدالله ابن أبي جعفر الحميريّ ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم؛ وغيره ، عن جميل بن درَّاج ، عن أخيه نوح ، عن الأجلح ، عن سَلَمة بن كُهَيل (١) ، عن عبدالعزيز ، عن عليِّ عليه‌السلام « قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ياعليُّ لقد أذْهَلَني هذان الغُلامان ـ يعني الحسن والحسين ـ أن أحبّ بعدهما أحداً [ابداً] إنَّ ربّي أمرني أن اُحِبّهما واُحبّ مَن يُحبّهما ».

٢ ـ حدّثني محمّد بن أحمدَ بن إبراهيمَ ، عن الحسين بن عليٍّ الزّيديِّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن عبّاس؛ وعبدالسّلام بن حَرْب جميعاً قال : حدَّثنا مَن سمع بَكْرَ بن عبدالله المزنيَّ ، عن عِمرانَ بن الحصَين (٢) « قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي : يا عِمرانُ إنّ لكلِّ شيءٍ موقعاً من القلبِ ، وما وقع موقع هذين الغلامين مِن قلبي شيءٌ قط ، فقلت : كلُّ هذا يارسولَ الله؟ قال : يا عِمران وما خَفي عليك أكثر أنّ الله أمرني بحبّهما ».

٣ ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ـ عمّن حدَّثه ـ عن سفيان الجريريّ ، عن أبيه ، عن ابي رافع ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن أبي ذرّ الغفاريِّ « قال : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحبّ الحسن والحسين عليهما‌السلام ، فأنا اُحبّهما واُحبّ مَن يحبّهما لحبِّ رسول الله إيّاهما ».

__________________

١ ـ عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليٍّ عليه‌السلام. وراويه هو أجلح بن عبدالله ابن حُجيّة ظاهراً ، ويقال : اسمه يحيى والأجلح لقبه. ( من التّهذيب لابن الحجر ).

٢ ـ هو عمران بن حُصَين بن عبيد بن خلف ، أسلم هو وأبو هريرة عامّ خيبر. روى عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٤٨

٤ ـ حدّثني أبي ، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ قال : حدَّثني رجلٌ ـ نسيت اسمه ـ من أصحابنا ، عن عبيدالله بن موسى ، عن مُهَلْهَل العَبديّ ، عن أبي هارون العبديِّ ، عن رَبيعة السّعديّ ، عن أبي ذرّ الغِفاريّ « قال : رأيت رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبّل الحسن والحسين عليهما‌السلام وهو يقول : من أحبَّ الحسن والحسين وذرّيتهما مخلصاً لم تلفح النّار وجْهَه ولو كانت ذنوبه بِعدَدِ رَملٍ عالج إلاّ أن يكون ذَنبه ذنباً يخرجه من الإيمان ».

٥ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز القرشيِّ قال : حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ـ عَمّن ذكره ـ عن عليِّ بن عابس ، عن الحَجّال (١) ، عن عَمْرِو بن مُرَّة ، عن عبدالله بن سَلَمة ، عن عُبَيدة السّلمانيِّ ، عن عبدالله بن معسود « قال : قال : سمعتُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : مَن كان يحبّني فليحبَّ ابنَي هذَين ، فإنَّ الله أمرني بحبّهما ».

٦ ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه محمّد بن عيسى ، عن عبدالله بن المغِيرة ، عن محمّد بن سليمانَ البزَّاز ، عن عَمْرِو بنِ شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن أراد أن يتمسّك بعروة الله الوثقى الّتي قال الله تعالى في كتابه فليوال عليَّ بن أبي طالب والحسن والحسين ، فإنَّ اللهَ يحبّهما مِن فوق عرشه ».

٧ ـ وعنه (٢) ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه؛ وعبدالرَّحمن بن أبي نَجرانَ ـ عن رجل ـ عن عبّاس بن الوليد ، عن ابيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قال رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن أبغض الحسن والحسين جاءَ يوم القيامة وليس على وجهه لحمٌ ، ولم تنله شفاعتي ».

٨ ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي المغرا (٣) ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام

__________________

١ ـ يعني عبدالله بن محمّد الكوفيّ الثّقة.

٢ ـ الضّمير راجع إلى سعد بن عبدالله.

٣ ـ المراد به حميد بن مثنّى الصّيرفيّ الثّقة.

٤٩

« قال : سَمعتُه يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قرَّة عيني النِّساء (١) ، ورَيحانتي الحسن والحسين ».

٩ ـ حدّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ـ عمّن ذكره ـ عن عليِّ بن عبّاس ، عن المِنهال عن عَمرو ، عن الأصبغ ، عن زاذان « قال : سمعت عليَّ بن أبي طالب عليه‌السلام في الرُّحْبَة (٢) يقول : الحسن والحسين رَيحانتا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

١٠ ـ حدَّثني جماعة مشايخي منهم : أبي ؛ ومحمّد بن الحسن ؛ وعليُّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن أبي عبدالله زكريّا المؤمن ، عن ابن مُسكان ، عن زيد مولى ابن هُبيرة (٣) « قال : « قال أبو جعفر عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خذوا بِحُجزَة هذا الأنزع ، فإنّه الصّدِّيق الأكبر؛ والهادي لمن اتَّبعه ، ومَن سبقه مرق (*) من دين الله ، ومَن خذله محقه الله ، ومَن اعتصم به فقد اعتصم بـ [ ـحبل ] الله ، ومَن أخذ بولايته هداه الله ، ومن ترك ولايته أضله الله ، ومنه سبطا أمتي الحسن والحسين ، وهما ابناي؛ ومَن ولد الحسين الأئمّة الهداة والقائم المهديّ ، فأحبّوهم وتوالوهم ، ولا تتّخذوا عدوَّهم وليجَة من دونهم ، فيحلُّ عليكم غضبٌ مِن رَبّكم ، وذلّة في الحياة الدُّنيا ، وقد خاب مَنِ افترى ».

١١ ـ حدَّثني الحسين بن عليٍّ الزّعفرانيُّ بالرَّيّ قال : حدَثنا يحيى بن سليمان ، عن عبدالله بن عثمان بن خَثيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يَعلى بن مُرَّة « قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حسينٌ منّي وأنا من حسين ، أحبَّ الله مَن أحبَّ حسيناً ، حسين سِبط مِن الأسباط ».

__________________

١ ـ كذا في جلّ النّسخ ، والصّواب : « حُبِّب إليّ من الدنيا النّساء والطّيب ، وقرّة عيني في الصّلاة » ، راجع بيانه مفصّلاً « الخصال » طبع مكتبتنا ص ١٦٥.

* ـ أي خرج.

٢ ـ الرّحبة ـ بضمّ أوّله ، وسكون ثانية ، وباء موحّدة ـ : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحُجّاج إذا أرادوا مكّة. ( المعجم ).

٣ ـ يعني زيد بن يونس الشّحّام.

٥٠

١٢ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبي سعيد الحسين بن عليِّ بن زَكريّا العَدْويّ البَصريّ قال : حدَّثنا عبدالأعلى بن حمّاد النَّرسيّ قال : حدّثنا وُهَيب (١) ، عن عبدالله بن عثمان ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يَعلى العامِريّ « أنَّه خرج من عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى طعام دُعي إليه فإذا هو بحسين عليه‌السلام يلعب مع الصِّبيان فاستقبل النَّبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمامَ القوم ثمَّ بسط يديه فطَفَر الصّبيّ ههنا مرَّة ، وههنا مَرَّة ، وجعل رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يضاحكه حتّى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنِه والاُخرى تحت قَفائه ، ووضع فاهُ على فيه وقَبّله ، ثمَّ قال : حسين منّي وأنا من حسين ، أحبَّ الله مَن أحبَّ حسيناً ، حسين سِبط من الأسباط ».

١٣ ـ وعنه ، عن أبي سعيد قال : حدّثنا نَضْرُ بنُ عليٍّ قال : حدَّثنا عليُّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام « قال : أخذ رَسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد الحسن والحسين فقال : مَن أحبَّ هذين الغلامين وأباهما واُمِّهما فهو معي في دَرَجتي يوم القيامة ».

الباب الخامس عشر

( زيارة الحسن بن عليٍّ عليهما السلام وقبور الأئمّة عليهم السلام بالبقيع )

١ ـ حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم قال : حدَّثني سلمة بن الخطّاب ، عن عمر بن عليٍّ ، عن عمّه ، عن عُمَرَ بن يزيدَ بيّاع السّابري ـ رفعه ـ « قال : كان محمّد بن عليٍّ ابن الحنفيّة يأتي قبر الحسن بن عليٍّ عليهما‌السلام فيقول :

« السَّلام عليكَ يَا ابْنَ أميرِ المؤمِنينَ ، وابْنَ أوَّلِ المُسْلِمينَ ، وكيف لا تكون كذلك ، وأنْتَ سَليل الهُدى ، وحَليفُ التَّقوى ، وخامِسُ أهْلِ الكِساء (٢) ، غَذَتْك يَدُ الرَّحمة ، و

__________________

١ ـ هو وهيب بن خالد الباهليّ المعروف بـ « صاحب الكرابيس » ، عامّيّ ، وهو راوي عبدالله بن عثمان بن خثيم القارئ ، وشيخ عبدالأعلى بن حمّاد النَّرْسيّ ، العامّيّ.

٢ ـ كذا ، والمشهور أنّ الخامس منهم الحسين عليه‌السلام.

٥١

رُبّيتَ في حِجْرِ الإسْلامِ ، ورُضِعْتَ مِنْ ثَدْي الإيمانِ ، فَطِبْتَ حيّاً ، وَطِبتَ ميّتاً ، غَيْرُ أنَّ النَّفْسَ غَيْرُ راضِيةٍ بِفِراقِكَ ، وَلا شاكّةٍ في حَياتِك (١) يَرْحَمُك اللهُ » ،

ثمَّ التفت إلى الحسين عليه‌السلام فقال : « يا أبا عبدِاللهِ فَعلى أبي محمّدٍ السَّلامُ » (٢).

٢ ـ وعنه ، عن سَلَمة ، عن عبدالله بن أحمدَ ، عن بكر بن صالح ، عن عَمرِو بنِ هشام ـ عن بعض أصحابنا ـ عن أحَدهما عليهما‌السلام « قال : إذا أتيت قبور الأئمَّة بالبقيع فَقِفْ عندهم واجعل القبلةَ خلفَك والقبرَ بين يديك ، ثمَّ تقول :

« السَّلامُ عَلَيْكُمْ أئِمَّةَ الْهُدى ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ والبِرِّ والتَّقْوى ، السَّلامُ عَلَيكم الْحُجَجُ على أهْلِ الدُّنْيا ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ الْقَوّامينَ في الْبَرِيَّةِ بِالْقِسْطِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ الصَّفْوَةِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا آلَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ النَّجْوى ، أشْهَدُ أنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ في ذاتِ اللهِ ، وَكُذِّبْتُمْ ، وَاُسيئَ إلَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ ، وَأشْهَدُ أنَّكُمُ الاَْئِمَّةُ الرّاشِدُونَ المَهديّون ، وَأنَّ طاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةً ، وَأنَّ قَوْلَكُمُ الصِّدْقُ ، وَأنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجابُوا ، وَأمَرْتُمْ فَلَمْ تُطاعُوا ، وَأنَّكُمْ دَعائِمُ الدّينِ وَأرْكانُ الاَْرْضِ ، لَمْ تَزالُوا بِعَيْنِ اللهِ يَنْسَخُكُمْ مِنْ أصْلابِ كُلِّ مُطهَّرٍ ، (٣) وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أرْحامِ الْمُطَهَّراتِ ، لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجاهِلِيَّةُ الْجَهْلاءُ ، وَلَمْ تَشْرَكْ فيكُمْ فِتَنُ الاَْهْواءِ ، طِبْتُمْ وَطابَ مَنْبَتُكُمْ ، مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنا دَيّانُ الدّينِ (٤) فَجَعَلَكُمْ في بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ ، وَجَعَلَ صَلواتَنا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنا وَكَفّارَةً لِذُنُوبِنا ، إذِ اخْتارَكُمُ اللهُ لَنا ، وَطَيَّبَ خَلْقَنا بِما مَنَّ عَلَيْنا مِنْ وِلايَتِكُمْ ، وَكُنّا عِنْدَهُ مُسَمِّينَ بِعِلْمِكُمْ ، مُعْتَرِفينَ بِتَصْديقِنا إيّاكُمْ ، وَهذا مَقامُ مَنْ أسْرَفَ وَأخْطَأ وَاسْتَكانَ وَأقَرَّ بِما جَنى وَرَجى بِمَقامِهِ الْخَلاصَ ، وَأنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ

__________________

١ ـ جاء الخبر في التّهذيب للشّيخ الطّوسيّ رحمه‌الله ج ٦ ص ٤٧ وفيه : « وَلا شاكَّة في الجنان لَكَ » أي لا تشكّ الأنفس في أنّك في الجنان.

٢ ـ كذا في النّسخ ، وفي التّهذيب : « ثمّ يلتفت إلى الحسين عليه‌السلام فيقول : « السَّلامُ عَلَيكَ ياأبا عَبْدِالله وَعَلى أبي مُحَمَّدٍ السَّلامُ ».

٣ ـ النّسخ في الأصل : النّقل ، ونسختِ الرّيح آثار الدّار أي غيّرتها.

٤ ـ الدَّيّان : القهّار والقاضي والحاكم والسّايس والحاسب والمجازي الّذي لا يضيع عملاً ، بل يجزي بالخير والشّرّ. ( القاموس )

٥٢

مُسْتَنْقِذُ الْهَلْكى مِنَ الرَّدى ، فَكُونُوا لي شُفَعاءَ ، فَقَدْ وَفَدْتُ إلَيْكُمْ إذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أهْلُ الدُّنْيا ، وَاتَّخَذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها ، يا مَنْ هُوَ قائِمٌ لا يَسْهُو ، وَدائِمٌ لا يَلْهُو ، وَمُحيطٌ بِكُلِّ شَىْءٍ لَكَ الْمَنُّ بِما وَفَّقْتَني وَعَرَّفْتَني أئمَّتي ، وبِما أقَمْتَني عَلَيه ، إذْ صَدَّ عَنْهُ عِبادُكَ ، وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ ، وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ ، وَمالُوا إلى سِواهُ ، فكانتِ المِنَّةُ مِنكَ عَلَيَّ مَعَ أقْوامٍ خَصَصْتَهُمْ بِما خَصَصْتَني بِهِ ، فَلَكَ الْحَمْدُ إذْ كُنْتُ عِنْدَكَ في مقام مَذْكُوراً مَكْتُوباً ، فَلا تَحْرِمْني ما رَجَوْتُ ، وَلا تُخَيِّبْني فيـما دَعَوْتُ ، بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطّاهِرينَ » ،

وداع لنفسك بما أحببتَ ».

٣ ـ حدّثني عليُّ بن الحسين؛ وغيرُه ، عن عليِّ بن إبراهيمَ بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجرانَ ، عن يزيد بن إسحاقَ شَعَر ، عن الحسن بن عَطيَّة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : تقول عند قبر الحسين ما أحببتَ ».

الباب السّادس عشر

( ما نزل به جَبرئيل عليه السلام في الحسين بن عليّ عليهما السلام أنّه سيقتل )

١ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز القرشيِّ الكوفيِّ قال : حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سِنان ، عن سعيد بن يسار ؛ أو غيره « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لمّا أن هبط جبرئيل عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتل الحسين عليه‌السلام أخذ بيد عليٍّ فخلا به مَليّاً مِن النَّهار فغلبتّهما العَبْرة ، فلم يتفرَّقا حتّى هبط عليهما جبرئيل عليه‌السلام ـ أو قال : رسول ربّ العالمين ـ فقال لهما : رَبّكما يقرؤكما السّلامَ ويقول : عزمت عليكما لما صبرتما ( كذا ) ، قال : فصبرا ».

حدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سِنان ، سعيد بن يسار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول مثله.

حدّثني أبي رحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوبَ بن يزيدَ ، عن

٥٣

محمّد بن سِنان ، عن سعيد بن يَسار مثله.

٢ ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليِّ الوشّاء ، عن أحمدَ بن عائذ ، عن أبي سَلَمة سالم بن مُكرَم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : لمّا حَمَلتْ فاطمة بالحسين جاءَ جبرئيل عليه‌السلام إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إنَّ فاطمة سَتَلِدُ وَلداً تقتله اُمّتك مِن بعدك ، فلمّا حَمَلَتْ فاطمة بالحسين كَرِهَتْ حملَه ، وحين وضَعَتْه كَرِهَتْ وضعَه ، ثمَّ قال أبو عبدالله عليه‌السلام : هل رأيتم في الدّنيا اُمّاً تلد غلاماً فتكرهه (١)؟! ولكنّها كَرِهَتْهُ لأنّها عَلِمتْ أنّه سَيُقتل ، قال : وفيه نزلتْ هذه الآية : « وَوَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً حَمَلَتْهُ اُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصلُهُ ثَلثون شَهراً (٢) » ».

٣ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن حمّاد ، عن أخيه أحمد بن حمّاد ، عن محمّد بن عبدالله ، عن أبيه « قال سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : أتى جبرئيل عليه‌السلام إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : السّلام عليك يا محمّد ، ألا اُبشّرك بغلام تقتله اُمّتك مِن بَعدِك؟ فقال : لا حاجة لي فيه ، قال : فانتهض إلى السّماء ، ثمَّ عاد إليه الثّانية ، فقال له مثل ذلك ، فقال : لا حاجة لي فيه ، فانعرج إلى السّماء ثمَّ انقضّ إليه الثّالثة فقال له مثل ذلك ، فقال : لا حاجة لي فيه ، فقال : إنَّ ربَّك إنّ جاعِل الوصيّة في عَقبه ، فقال : نعم ، ثمَّ قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخل على فاطمة فقال لها : إنّ جبرئيل أتاني فبشّرني بغلام تقتله اُمتي مِن بعدي! فقالت : لا حاجة لي فيه ، فقال لها إنّ ربّي جاعل الوصيّة في عقبه ، فقالت : نعم إذن ، قال : فأنزل الله تعالى عند ذلك هذه الآية : « حمَلَتْهُ اُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً » لموضع إعلام جبرئيل إياها بقتله ، « فَحَمَلَتهُ كُرهاً » بأنّه مقتول ، و « وَضَعَتْهُ كُرْهاً » لأنّه مقتول ».

٤ ـ وحَدّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز قال : حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن عَمرو بن سعيد الزَّيّات قال : حدَّثني رجلٌ من أصحابنا ،

__________________

١ ـ في الكافي : « لم تر في الدّنيا اُمٌّ تلد غلاماً تكرهه ولكنّها ـ إلخ ».

٢ ـ الأحقاف : ١٥.

٥٤

عن أبي عبدالله عليه‌السلام « أنَّ جبرئيل نزل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا محمّد إنَّ الله يقرء عليك السَّلام ويبشّرك بمولود يولد مِن فاطمة عليها‌السلام تقتله اُمّتك مِن بعدك ، فقال : يا جبرئيل وعلى ربّي السَّلام ، لا حاجة لي في مولود [يولد مِن فاطمة] تقتله اُمّتي مِن بعدي ، قال : فعرج جبرئيل إلى السّماء ، ثمَّ هبط فقال له مثل ذلك ، فقال : يا جبرئيل وعلى ربّي السَّلام ؛ لا حاجة لي في مولود تقتله اُمّتي مِن بعدي ، فعرج جبرئيل إلى السَّماء ثمّ هبط فقال له : يا محمّد إنَّ ربَّك يقرئك السَّلام ويبشّرك الله جاعل في ذرّيَّته الإمامة والولاية والوصيَّة ، فقال : « قد رضيت (١) ، ثمّ أرسل إلى فاطمة أنَّ الله‏ بُبشّرني بمولود يولد منك تقتله اُمّتي من بعدي ، فأرسَلَتْ إليه أن لا حاجة لي في مولود يولد منّي تقتله اُمّتك مِن بعدك ، فأرسل إليها أنَّ الله جاعلٌ في ذُرِّيَّته الإمامة والوصيَّة ، فأرسَلتْ إليه أني قد رضيت ، « فحمَلَتْهُ اُمُُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحملُهُ وَفِصلُهُ ثَلثُون شَهْراً حتّى إذا بَلَغَ أشُدَّهُ وَبَلَغَ أربَعينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أوزِعْني أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتي أنْعَمتَ عَليَّ وَعَلى والِدَيَّ وأنْ أعْمَلَ صالِحاً تَرْضـهُ وأصْلِحْ لي في ذُرِّيَّتي » ، فلو أنّه قال : أصلح لي ذرّيّتي لكانت ذرّيَّته كلّهم أئمّة ، ولم يرضع الحسين مِن فاطمة ولا مِن اُنثى لكنَّه كان يؤتى به النَّبيّ فيضع إبهامَه في فيه فيمصّ منها ما يكفيه اليومين والثّلاثة فنبت لحم الحسين عليه‌السلام (٢) مِن لحم رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودمه من دمه ولم يولد مولود لستّة أشهر إلاّ عيسى بن مريم والحسين بن علي عليهما‌السلام ».

وحدّثني أبي رحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله ، عن علي بن إسماعيل بن عيسى ، عن محمّد بن عمرو بن سعيد الزَّيات بإسناده مثله.

٥ ـ حدّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن

__________________

١ ـ المراد بذلك ما قاله إبراهيم : « ومن ذرّيتي » بعد قوله : « انّي جاعلك للنّاس إماماً ».

٢ ـ الخبر خبر واحد مجهول ، وكان فيه وهم ، والظّاهر أنّ الأصل : « لكنه يؤتي به النَّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فيضع يده في فمه فإذا مسّ إصبعه يظهر له أنّه جائع فأمر بإرضاعه ، وبهذا الوجه نبت لحم الحسين ـ يعني بمراقبة النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ـ » ، وراوي الخبر غير معلوم ، ولعلّ الزَّيّات لترديده في صحَّة اللّفظ لم يسمّ الرّاوي.

٥٥

أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فَضّال ، عن عبدالله بن بُكَير ـ عن بعض أصحابنا ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : دَخَلَتْ فاطمة عليها‌السلام على رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وعيناه تَدْمَع ـ فسألتْه : ما لكَ؟! فقال : إنّ جَبرئيل أخبرني أنّ اُمتي تقتل حسيناً ، فجزعتْ وشقّ عليها ، فأخبرها بمن يملك مِن ولدها فطابت نفسها وسكنتْ ».

٦ ـ وحدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى (١) ، عن صفوانَ بن يحيى ، عن الحسين بن أبي غُنْدَر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : زارنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد أهدَتْ لنا اُمُّ أيمن لبناً وزَبداً وتَمراً ، فقدَّمنا منه ، فأكل (٢) ثمَّ قام إلى زاوية البيت فصلّى رَكعات ، فلمّا كان في آخر سجوده بكى بكاءً شديداً ، فلم يسأله أحد منّا ، إجلالاً وإعظاماً له ، فقام الحسين وقعد في حجره ، فقال : يا أبة لقد دخلتَ بيتنا فما سَررنا بشيء كسُرورنا بدخولك ، ثمَّ بكيتَ بكاء غمّنا فما أبكاك؟! فقال : يا بُنَّي أتاني جبرئيل آنفاً فأخبرني أنّكم قَتلى ؛ وأنّ مصارعكم شتّى ، فقال : يا أبة فما لمن زار قبورنا على تشتّتها؟ فقال : يا بُنَّي أولئك طوائف مِن اُمّتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة ، وحقيق عَليَّ أن آتيهم يوم القيامة حتّى اُخلِّصَهم مِن أهوال السّاعة ومِن ذنوبهم ، ويسكنهم الله الجنّة ».

٧ ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد قال : حدَّثني محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه ، عن محمّد بن عليٍّ القرشيّ ، عن عبيد بن يحيى الثَّوريِّ ، عن محمّد بن الحسين بن عليِّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام « قال : زارنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم فقدّمنا إليه طعاماً وأهدت إلينا اُمُّ أيمن صَحْفَة من تمر وقَعْباً من لَبَن وزَبَد ، فقدّمنا إليه فأكل منه ، فلمّا فرغ قمتُ و

__________________

١ ـ هو محمّد بن عيسى بن عبيد أبو جعفر اليقطيني.

٢ ـ كذا ، والصّواب : « فقدّمنا إليه فأكل منه » ، كما يأتي في الخبر الآتي.

٥٦

سكبتُ على يدَي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ماءً ، فلمّا غسل يديه مسح وجهه ولحيته ببلّة يديه ، ثمّ قام إلى مسجد في جانب البيت وصلّى وخرَّ ساجداً فبكى وأطال البكاء ، ثمَّ رفع راسه ، فما اجترء منّا أهل البيت أحدٌ يسأله عن شيءٍ ، فقام الحسين يدرج حتّى صعد على فَخذي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ برأسه إلى صدره ، وضع ذقنه على رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ قال : يا أبة ما يُبكيكَ؟ فقال : يابني إنّي نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سروراً لم أسرّ بكم قبله مثله ، فهبط إليَّ جبرئيل فأخبرني أنّكم قتلى ؛ وأنَّ مصارعكم شتّى ، فحمدت اللهَ على ذلك وسألت لكم الخيرة ، فقال له : يا أبة فمن يزور قبورنا ويتعاهدها على تشتّتها؟ قال : طوائف مِن اُمّتي يريدون بذلك بِرّي وصِلتي أتعاهدهم في الموقف ، وآخذ بأعضادِهم فاُنجّيهم من أهواله وشدائده ».

الباب السّابع عشر

( قول جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : )

« إنّ الحسين تقتله اُمّتك من بعدك ، وأراه التّربة الّتي يقتل عليها »

١ ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ قال : حدَّثني سعد بن عبدالله بن أبي خلف ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سُوَيد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن هارونَ بن خارجةَ ، عن ابي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إنّ جَبرئيل أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ والحسين يلعب بين يديه ـ فأخبره أنّ اُمّته ستقتله ، قال : فجزع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : ألا اُريك التّربة الّتي يقتل فيها؟ قال : فخسف ما بين مجلس رسول الله إلى المكان الَّذي قتل [فيه الحسين عليه‌السلام] حتّى التقت القطعتان ، فأخذ منها ودحيت في أسرع من طَـرفَـة عين ، فخرج وهو يقول : طوبى لك مِن تربةٍ ، وطوبى لمن يقتل حولك ، قال : وكذلك صنع صاحب سليمان تكلّم باسم الله الأعظم فخسف ما بين سَرير سليمان وبين العرش من سُهولة الأرض وحزونتها حتى التقت القطعتان فاجترّ

٥٧

العرش ، قال سليمان : يخيّل إليَّ أنه خرج من تحت سَريري ، قال : ودُحيت في أسرع مِن طرفة العين » (١).

٢ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عبدالحميد العطّار ، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح ، عن أبي اُسامة زيدٍ الشّحّام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : نعى جَبرئيل الحسين إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت اُمّ سَلَمة ، فدخل عليه الحسين ـ وجَبرئيل عنده ـ ، فقال : إنّ هذا تقتله اُمّتك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أرني من التّربة الّتي يسفك فيها دمه ، فتناول جَبرئيل قبضة من تلك التّربة فإذا هي تربة حَمراء ».

٣ ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ عن سعد ، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى؛ ومحمّد بن ألحسين بن أبي الخطّاب؛ وإبراهيم بن هاشم ، عن عثمان بن عيسى ، عن سَماعة بن مِهران ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله وزاد فيه : « فلم تزل عند اُمّ سَلَمة حتّى ماتت ـ رحمها الله ـ ».

٤ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الوليد الخزّاز ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبدالملك بن أعْيَن « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في بيت اُمّ سَلَمة وعنده جَبرئيل ، فدخل عليه الحسين عليه‌السلام فقال له جَبرئيل : إنَّ اُمّتك تقتل ابنك هذا ، ألا اُريك مِن تربة الأرض الّتي يُقتَل فيها؟ فقال رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم ، فأهوى جَبرئيل عليه‌السلام بيده وقبضة منها فأراها النّبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

٥ ـ حدّثني محمّد بن جعفر القرشي الرَّزّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سِنان ، عن هارون بن خارِجَة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سمعته يقول : بينا الحسين بن عليّ عليهما‌السلام عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أتاه جَبرئيل عليه‌السلام فقال : يامحمّد أتحبّه؟ قال : نعم ، فقال : أما أنّ اُمّتك سَتَقتله ، قال :

__________________

١ ـ للخبر بيّانٌ ، فمن أراد الاطّلاع فليراجع البحار ج ١٤ ص ١٥٥ من الطعبة الحديثة ذيل الخبر ١١ ، ويأتي مثله تحت رقم ٥.

٥٨

فحَزَن رسول الله حُزناً شديداً ، فقال له جَبرئيل : يارسول الله أتريد أن اُريك التربة الّتي يقتل فيها؟ فقال : نعم ، فخسف ما بين مجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى كربلاء حتّى التقت القطعتان هكذا ـ ثمَّ جمع بين السّبّابتين ـ ثمَّ تناول بجناحه من التّربة وناولها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ رجعت أسرع من طَرْفَة عين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طوبى لك من تربة ، وطوبى لمن يقتل فيك ».

٦ ـ حدّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليٍّ الوّشّاء ، عن أحمدَ بن عائذ ، عن ابي خديجة سالم بن مُكرَم الجمّال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال لما ولدتْ فاطمة الحسين عليهما‌السلام جاء جَبرئيل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : إنّ اُمّتك تقتل الحسين عليه‌السلام مِن بعدك ، ثمَّ قال : ألا اُريك مِن تربته ، فضرب بجناحه فأخرج مِن تربة كربلاء وأراها إيّاه ، ثمَّ قال : هذه التّربة الّتي يقتل عليها ».

٧ ـ حدَّثني أبي ، عن الحسين بن عليٍّ الزَّعفرانيِّ قال : حدَّثني محمّد بن عَمرو الأسلميّ قال : حدَّثني عَمرو بن عبدالله بن عَنْبَسة ، عن محمّد بن عبدالله بن عمر ، [و] عن أبيه ، عن ابن عبّاس « قال : الملك الّذي جاء إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبره بقتل الحسين عليه‌السلام كان جَبرئيل الرّوح الأمين منشور الأجنحة باكياً صارخاً قد حمل مِن تربة الحسين عليه‌السلام وهي تفوح كالمِسْك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وتفلح اُمّة تقتل فرخي؟ ـ أو قال : فرخ ابنتي؟ ـ فقال جَبرئيل : يضربها الله بالاختلاف ، فتختلف قلوبهم ».

٨ ـ حدّثني النّاقد أبو الحسين أحمد بن عبدالله بن عليٍّ قال : حدَّثني جعفر بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبدالرَّحمن الغَنَوي ، عن سليمان (١) قال : وهل بقى في السّماوات ملكٌ لم ينزل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعزّيه بولده الحسين؟ ويخبره بثواب الله إيّاه ، ويحمل إليه تربته مَصروعاً عليها مذبوحاً مقتولاً جريحاً طريحاً مخذولاً؟

__________________

١ ـ كذا في جلّ النّسخ ، وفي بعضها : « سلمان » ، ونقل في البحار على اختلافها ، والظّاهر أنّه هو سليمان بن عبدالله أبو العلاء الغنويّ الكوفيّ.

٥٩

فقال رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهُمّ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَه ، وَاقْتُل مَن قَتَلَه ، واذْبَح مَن ذَبحه ، ولا تمتّعه بما طَلبَ.

قال عبدالرَّحمن : فوالله لقد عوجِلَ الملعونُ يَزيدُ ، ولم يتمتّع بعد قتله بما طلب ، ولقد اُخذ ، بات سَكراناً وأصبح ميّتاً متغيّراً ، كأنّه مطلي بقار ، اُخذ على أسف ، وما بقي أحد ممّن تابعه على قتله أو كان في محاربته إلاّ أصابه جنون أو جذام أو برصٌ ، وصار ذلك وراثة في نسلهم ـ لعنهم الله ـ.

٩ ـ حدّثني أبي رحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبدالكريم بن عَمرو ، عن المعلّى بن خنيس « قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصبح صباحاً فرأتْه فاطمة باكياً حزيناً ، فقالَتْ : مالكَ يارسول الله؟ فأبى أن يخبرها ، فقالت : لا آكل ولا أشرب حتى تخبرني ، فقال : إنّ جَبرئيل أتاني بالتّربة الّتي يقتل عليها غلامٌ لم يحمل به بَعدُ ، ولم تكن تحمل بالحسين عليه‌السلام وهذه تربته ».

حدَّثني عبيدالله بن الفضل بن محمّد بن هِلال قال : حدَّثني محمّد بن عَميرَة الأسلميُّ قال : حدَّثني عَمرو بن عبدالله بن عَنْبَسَة ، عن محمّد بن عبدالله بن عمر؛ وعن أبيه ، عن ابن عبّاس ـ وذكر الحديث مثل حديث أبي عبدالله الزَّعفرانيِّ سواء.

وحدَّثني عبيدالله بن الفضل قال : حدّثني جعفر بن سليمانَ ، عن أبيه ، عن عبدالرَّحمن الغَنَوي ، عن سليمانَ ـ وذكر مثل حديث أبي الحسين النّاقد سواء.

الباب الثّامن عشر

( ما نزل من القرآن بقتل الحسين عليه السلام وانتقام الله عزَّوجلَّ ولو بعد حين )

١ ـ حدّثني محمّد بن جعفر القرشي الرّزّاز قال : حدّثني محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سَعدان الحنّاط ، عن عبدالله بن القاسم الحضرميِّ ، عن صالح بن سَهل ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام « في قول الله عزَّوجَلَّ : « وَقَضَيْنا إلى

٦٠