كامل الزّيارات

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي

كامل الزّيارات

المؤلف:

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة الصدوق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٢

٣ ـ حدَّثني جماعة من مشايخنا ، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن إبراهيم بن مَهزيار ، عن أخيه عليَّ ، عن الحسن بن سعيد ، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن ـ أبي عُمَير ؛ وفَضالَة بن أيّوب جميعاً ، عن معاوية بن عمّار « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام لابن أبي يَعفور : ولا تدعنَّ إتيان المشاهد كلّها ومسجد قُبا ، فإنّه المسجد الّذي اُسّس على التَّقوى مِن أوَّلِ يوم ، ومَشْرَبَة اُمّ إبراهيم ، ومسجد الفَضيخ ، وقبور الشّهداء ، ومسجد الأحزاب ـ وهو مسجد الفتح ـ ».

٤ ـ وروي عن بعضهم عليهم‌السلام « قال : إذا كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام فأتِمَّ الصَلاة ، وكذلك أيضاً بمكّة إن أقمت ثلاثة أيّام فأتِمّ الصّلاة ، فإذا كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام صمتَ ثلاثة أيّام صمت يوم الأربعاء ، وصلِّ ليلة الأربعاء عند اُسطوانة التَّوبة ـ وهي اُسطوانة أبي لُبابَةَ الّتي كان رَبَط إليها نفسَه حتّى نزل عُذره من السّماء ـ وتقعد عندها يوم الأربعاء ، ثمَّ تأتي ليلة الخميس الّتي تلاها ممّا يلي مقام النَّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتقعد عندها لَيلَتَك ويومَك وتصوم يوم الخميس ، ثمَّ تأتي الاُسطوانة الّتي تلي مقام النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة الجمعة فتصلِّ عندها لَيلتَك ويومَك وتصوم فيه يوم الجمعة ، فإن استطعت أن لا تتكلّم بشيءٍ في هذه الثّلاثة أيّام فافعل إلاّ ما لابدّ لك منه ، ولا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل ، فإنّ ذلك ممّا يعد فيه الفضل ، ثمّ احمدِ الله في يوم الجمعة وَأثْنِ عليه وصلِّ على النَّبيّ ، وسَلْ حاجتَك ، وليكن فيما تقول :

« اللّهُمّ ما كانَتْ لي إليكَ مِنْ حاجَةٍ سارَعْتُ أنَا في طَلَبِها وَالْتماسِها أو حاجَةٍ لم أسْرَعْ ، سألتُكَها أو لَم أسألْكَها ، فإنّي أتَوَجَّهُ إليك بنَبِيِّك محمَّدٍ نَبيِّ الرَّحمةِ في قَضاءِ حَوائجي صَغيرِها وكَبيرِها » ».

٥ ـ حدّثني جماعة مشايخي ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار (١) ، عن محمّد بن عبدالله بن هِلال ، عن عُقْبَةَ بن خالد « قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام إنّي آتي المساجد الَّتي حَولَ المدينة فبأيّها أبدء؟ قال : ابدء بقُبا فصَلِّ

__________________

١ ـ كذا ، والظّاهر سقط من السَند : « عن محمّد بن الحسين » هنا كما تقدّم تحت رقم ٢.

٢١

فيه وأكثر ، فإنّه أوّل مسجد صلّى فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه العَرْصَة ، ثمّ ائت مَشْرَبَة اُمِّ إبراهيمَ فصلِّ فيها فإنَّه مسكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومُصلاّه ، ثمَّ تأتي مسجد الفضيخ فتصلّي فيه رَكعتين فقد صلّى فيه نبيّك ، فإذا قضيت هذا الجانب فَائْتِ جانب اُحُد فابدَء بالمسجد الَّذي دون الحرَّة فصلّيت فيه ثمَّ مَرَرت بقبر حمزة ـ والحديث ـ طويل » (*).

الباب السابع

( وَداع قبر رسول الله صلى الله عليه وآله )

١ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه ، عن جَدّه عليًّ ، عن الحسن بن سعيد ، عن صَفوانَ بن يحيى ؛ وابن أبي عُمير ؛ وفَضالَة ، عن معاويةَ بن عمّار « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل ثمّ ائتِ قبر النَّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ما تفرغ مِن حوائجك فودِّعْه واصنعْ مثل ما صنعت عند دخولك وقل :

« اللّهمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِن زيارَتي قَبْرَ نَبيِّكَ ، فَإنْ تَوَفَّيتَني قَبلَ ذلكَ فَإنّي أشْهَدُ في مَماتي عَلىُ ما أشهدُ عَلَيهِ في حَياتي (١) أنْ لا إلهَ إلاّ أنْتَ وأنّ محمداً عَبدُكَ ورَسولُكَ » ».

٢ ـ حدّثني جماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن فَضّال ، عن يونسَ بنِ يعقوبَ « قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن وَداع قبر رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : تقول : « صلّى اللهُ عَلَيكَ ، السَّلامُ عَلَيكَ ، لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ تَسليمي عَلَيَكَ » ».

٣ ـ وبإسناده ، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال « قال : رأيت أبا الحسن (٢) عليه‌السلام ـ وهو يريد أن يودِّع للخروج إلى العُمْرة ـ فأتى القبرَ مِن موضع رأس

__________________

١ ـ في الكافي والتّهذيب : « على ما شَهِدْتُ عليه في حياتي ـ إلخ ».

٢ ـ المراد به الرّضا عليه الصّلاة والسّلام. * ـ تقدّم الخبر بطوله في ص ١٩ تحت رقم ٢.

٢٢

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد المغرب فسلّم على النَّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولَزِق بالقبر ، ثمَّ أتى المنبر ثمَّ انصرف حتّى أتى القبر فقام إلى جانبه فصلّى وألزق مَنْكِبَه الأيسر بالقبر قريباً من الاُسطوانه ـ الّتي دون الاُسطوانة المخلّفة عِند رأس النَّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فصلّى ستّ رَكعات ، أو ثمان ركعات في نَعليه ، قال : فكان مقدار رُكوعه وسجوده ثلاث تسبيحات أو أكثر ، فلمّا فرغ من ذلك سَجَدَ سِجدةً أطال فيها السّجود حتّى بلّ عَرقُهُ الحَصىُ ، قال : وذكر بعض أصحابنا أنّه رأه ألصق خدّه بأرض المسجد ».

الباب الثّامن

( فضل الصَّلاة في مسجد الكوفة ومسجد سَهلة وثواب ذلك )

١ ـ حدّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى بن عمرانَ ، عن أحمدَ بن الحسن ، عن محمّد بن الحسين ، عن عليِّ بن الحديد ، عن محمّد بن سِنان (١) ، عن عَمرِو بن خالد ، عن أبي حمزة الثّماليِّ « أنّ عليَّ بن الحسين عليهما‌السلام أتى مسجد الكوفة عمداً من المدينة (٢) فصلّى فيه رَكعتين ، ثمَّ جاء حتّى ركب راحلته وأخذ الطّريق ».

٢ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سَعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بَزيع ، عن منصور بن يونسَ ، عن سليمانَ مولى طِرْبال ؛ وغيره « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : نفقة دِرهم بالكوفة تحسب بماءتـ[ـي] دِرهم فيما سِواه ، وركعتان تحسب بمائة ركعة ».

٣ ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار ، عن أحمدَ بنِ محمّد ، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال ، عن إبراهيمَ بنِ محمّد ، عن الفضل بن زَكريّا ، عن نَجم بن حُطَيم ، عن ابي جعفر (٣) عليه‌السلام « قال : لو يعلم النّاس ما في

__________________

١ ـ في التّهذيب : « محمّد بن سليمان ».

٢ ـ أي كان ذلك أيضاً مقصوده عليه‌السلام ، وإلاّ فالظّاهر أنّه كان المقصد الأصلي زيارة آبائه الطّاهرين عليهم‌السلام. ( قاله العلاّمة المجلسي رحمه‌الله ).

٣ ـ يعني الباقر عليه‌السلام.

٢٣

مسجد الكوفة لأعدُّوا له الزَّاد والرَّاحِلة من مكان بَعيد ، وقال : صلاة فريضة فيه تعدلُ حَجَّة ، ونافلة فيه تعدلُ عَمرة ».

٤ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريَ ، عن أبيه ـ عمّن حَدَّثه ـ عن عبدالرَّحمن بن أبي هاشم ، عن داودَ بن فَرْقَد ، عن أبي حمزة (١) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : صلاة في مسجد الكوفة؛ الفريضة تَعدِلُ حجّة مقبولة ، والتّطوُّع فيه تعدلُ عمرة مقبولة ».

٥ ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن جَبَلَة ، عن سَلاّم بن أبي عَمْرَة ، عن سعد بن طَريف ، عن الأصبغ بن نُباتَةَ ، عن عليٍّ عليه‌السلام « قال : النّافلة في هذا المسجد تعدل عُمرَة مع النَّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والفريضة فيه تعدلُ حَجّة مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد صلّى فيه ألف نبيٍّ وألف وصيٍّ ».

٦ ـ حدّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصَفّار ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن عَمرو بن عثمان ـ عمّن حَدّثه ـ عن هارون بن خارجة « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : أتصلّي الصّلاة كلّها في مسجد الكوفة؟ قلت : لا ، قال : أما لو كنتُ بحضرته لَرَجَوتُ أن لا تفوتني فيه صَلاةٌ ، قال : وتدري ما فضله؟ قلت : لا ، قال : ما مِن عبدٍ صالح ولا نبيٍّ إلاّ وقد صلّى في مسجد الكوفان حتّى أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا اُسرِي به قال له جبرئيل عليه‌السلام : أتدري أين أنت السّاعة يا محمّد؟ قال : لا ، قال : أنت مقابل مسجد كوفان ، فقال : استأذن ربَّك حتّى أهبط فاُصلّي فيه ، فاستأذن فأذن له فهبط فصلّى فيه رَكعتين ، وإنّ الصّلاة المكتوبة فيه تعدلُ بألف صلاة ، وإنّ النّافلة فيه تعدل بخمسمائة صلاة ، وإنّ مقدّمه لروضةٌ مِن رياض الجنّة ، وإنّ ميمنته رَوضةٌ من رياض الجنّة ، وإنّ ميسرته روضةٌ من رياض الجنّة ، وأنَّ مُؤخّره رَوضةٌ من رياض الجنّة ، وإنّ الجلوس فيه بغير صَلاةٍ ولا ذكر لَعِبادةٌ ، ولو علم النّاس ما فيه لاُتوه ولو حَبْواً ».

__________________

١ ـ يعني الثُّمالي ثابت بن دينار ، كما صرّح به في البحار.

٢٤

٧ ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه ، عن جدِّه عليِّ بن مَهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن ظريف بن ناصح ، عن خالد القَلانسي (١) « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : صَلاةٌ في مسجد الكوفة ألف صلاة ».

٨ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : مكّة حرم الله وحرم رسوله وحرم عليٍّ ، الصَّلاة فيها بمائة ألف صلاةٍ ، والدِّرهم فيها بمائة ألف درهم ، والمدينة حَرَم الله وحرم رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحرم عليٍّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، الصّلاة فيها في مسجدها بعشرة آلاف صَلاةٍ ، والدِّرهم فيها بعشرة آلاف درهم ، والكوفة حرم الله وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنين عليٍّ ـ صلوات الله‏ عليهما ـ ، الصَّلاة في مسجدها بألف صلاة ».

٩ ـ حدّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن أبي محمّد (٢) ، عن عليِّ بن أسباط ـ عن بعض أصحابنا ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : حدُّ مسجد السَّهلة الرَّوحاء ».

حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن محمّد بن الحسين ، عن عليِّ بن أسباط مثله.

١٠ ـ حدَّثني أخي علي بن محمّد بن قُولوَيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن عمران بن موسى ، عن الحسن بن موسى الخَشّاب ، عن عليِّ بن حسّان ، عن عمّه عبدالرَّحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سمعته يقول لاُبي حمزة الثّماليّ : يا أبا حمزة هل شهدتَ عمِّي ليلة خرج؟ قال : نعم ، قال : فهل صلّى في مسجد سُهَيل؟ قال : وأين مسجد سُهَيل ؛ لعلّك تعني مسجد السَّهلة؟! قال : نعم ، قال : أما إنّه لو صلّى فيه ركعتين ثمَّ استجار الله لأجارَه سَنَة ، فقال له أبو حمزة : بأبي أنت واُمّي هذا مسجد السَّهلة؟ قال : نعم ؛ فيه بيت إبراهيمَ الَّذي كان

__________________

١ ـ هو ابن مادّ ـ بتشديد الدّال المهملة ـ القلانسيّ الكوفيّ ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما‌السلام ، مولى ثقة.

٢ ـ يعني الحسن بن عليّ بن فضّال.

٢٥

يخرج منه إلى العمالقة ؛ وفيه بيت إدريس الّذي كان يخيط فيه ، وفيه مناخ الرّاكب ، وفيه صخرة خَضراء ؛ فيها صورة جميع النَّبيّين ، وتحت الصَخرة الطّينة الّتي خلق الله عزَّوجلَّ منها النَّبيّين ، وفيها المعراج ، وهو الفاروق الأعظم موضع منه ، وهو مَمرٌّ النّاس ، وهو من كوفان ، وفيه يُنفخ في الصّور ، وإليه المحشر ، يحشر من جانبه سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب ، أولئك الّذين أفلج الله حججهم (١) ، وضاعف نِعَمَهم ، فإنّهم المستبقون الفائزون القانتون ، يحبّون أن يدرؤوا عن أنفسهم المفَخَر ، ويجلون بعدل الله عن لِقائه ، وأسرعوا في الطّاعة فعملوا وعلموا أنّ الله بما يعملون بصير ، ليس عليهم حساب ولا عذاب ، يُذْهِبُ الظِّغْن يُطَهِّر المؤمنين ، ومن وسطه سارَ جبلُ الأهواز (٢) وقد أتى عليه زَمان وهو معمور » (٣).

١١ ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أبي عبدالله محمّد بن أحمدَ الرَّازيّ الجامورانيّ ، عن الحسين بن سيف بن عميرة ، عن أبيه سَيف ، عن أبي بكر الحَضرَميِّ ، عن أبي عبدالله ؛ أو عن أبي جعفر عليهما‌السلام « قال : قلت له : أيّ بقاع الأرض أفضل بعد حرم الله عزَّوجلَّ وحرم رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال : الكوفة ؛ يا أبا بكر هي الزَّكيّة الطّاهرة ؛ فيها قبور النَّبيّين المرسلين ، وقبور غير المرسلين والأوصياء الصّادقين ، وفيها مسجد سُهيل الّذي لم يبعثِ اللهُ نبيّاً إلاّ وقد صلّى

__________________

١ ـ قال الفيروزآبادي في القاموس : الفَلْج : الظَّفر ، والفَوزُ ، وأفلَجَهُ : أظْفَره. وأفلج برهانَه : قَوَّمَه وأظْهره.

٢ ـ في بعض النّسخ وفي البحار : « جبل الأهوان ».

٣ ـ قوله عليه السلام : « فيه المعراج » لعلّ المراد أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لما نزل ليلة المعراج وصلّى في مسجد الكوفة أتى هذا الموضع وعرج منه إلى السّماء ، أو المراد أنّ المعراج المعنويّ يحصل فيه للمؤمنين ، وقوله : « وهو الفاروق موضع منه » أي المعراج وقع من موضع منه وهو المسمّى بالفاروق ، أو المراد أنّ في موضع منه يفرق القائم عليه السلام بين الحقّ والباطل ، كما ورد في خبر آخر : أنّ فيها يظهر عدل الله ، وقوله : « وهو ممرّ النّاس » أي إلى المحشر. وكان الخبر أكثره سقيماً مصحّفاً ، فأثبتناه ما وجدناه. ( البحار ).

٢٦

فيه ، ومنها يظهر عدل الله ، وفيها يكون قائمه والقوّام من بعده ، وهي منازل النَّبيّين والأوصياء والصّالحين ».

١٢ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن الحسن بن محبوب ، عن حنان بن سدير « قال : كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام فدخل عليه رَجلٌ فسلّم وجلس ، فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : مِن أيِّ البلاد أنت؟ فقال الرَّجل : أنا مِن أهل الكوفة وأنا لك محبٌّ موالٍ ، قال : فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : أتصلّي في مسجد الكوفة كلَّ صَلاتك؟ قال الرَّجل : لا ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : إنّك لمحرومٌ من الخير ، قال : ثمّ قال أبو جعفر عليه‌السلام : أتغتسل كلَّ يوم من فُراتِكم مَرَّة؟ قال : لا ، قال : ففي كلِّ جمعةٍ؟ فقال : لا ، قال : ففي كلِّ شهر؟ قال : لا ، قال : ففي كلّ سنة؟ قال : لا ، فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : إنّك لمحرومٌ من الخير : قال : ثمّ قال : أتزور قبر الحسين عليه‌السلام في كلِّ جمعة؟ قال : لا ، قال : ففي كلِّ شهر؟ قال : لا ، قال : ففي كلِّ سنة؟ قال : لا ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : إنّك لمحرومٌ من الخير ».

١٣ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار ، عن أبيه ، عن جدّه عليِّ بن مهزيار ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليِّ بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحَـذّاء « قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : لا تدع يا أبا عبيدة الصَّلاة في مسجد الكوفة ولو أتيتَه حَبْواً ، فإنّ الصَّلاة فيه بسبعين صلاة في غيره من المساجد ».

١٤ ـ حدّثني أبو عبدالرّحمن محمّد بن أحمد بن الحسين العَسكريّ ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه ، عن الحسن بن سعيد ، عن محمّد بن سنان « قال : سمعت الرّضا عليه‌السلام يقول : الصَّلاة في مسجد الكوفة فُرادى أفضل من سبعين صلاة في غيره جماعةً ».

١٥ ـ وعنه ، عن الحسن بن عليّ بن مهزيار ، عن أبيه ، عن الحسن بن سعيد ، عن ظريف بن ناصح ، عن خالد القلانسي « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : صلاة في مسجد الكوفة ألف صلاة ».

٢٧

١٦ ـ حدّثني أبي ؛ ومحمّد بن عبدالله جميعاً ، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ ، عن إبراهيم بن مَهزيار ، عن أخيه عليٍّ ، عن الحسن بن سعيد ، عن عليِّ بن الحكم ، عن فضيل الأعور ، عن ليث بن أبي سليم (١) « قال : استقبلته وقد صلّى النّاس العصر ، فقال : إنّي لم اُصلِّ الظّهر بعدُ فلا تحبسني وامض راشِداً ، قال : قلت : لِمَ أخّرتها إلى السّاعة؟ قال : كانت لي حاجة في السّوق فأخّرت الصّلاة حتّى اُصلّي في المسجد للفضل الَّذي بلغني فيه ، قال : فرجعت فقلت : أيّ شيءٍ رُوّيت فيه ، قال : أخبرني فلان عن فلان ، عن عائِشة ، قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : عرج بي إلى السَّماء وإني هبطت إلى الأرض ، فأهبطت إلى مسجد أبي نوح عليه‌السلام وأبي إبراهيم وهو مسجد الكوفة فصلّيت فيه رَكعتين ، قال : ثمَّ قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الصَّلاة المفروضة فيه تَعدل حجّة مبرورة ، والنّافلة تعدل عمرة مبرورة ».

١٧ ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن عليَّ بن مهزيار ، عن أبيه ، عن جدّه عليِّ بن مهزيار ، عن عثمان بن عيسى ، عن محمّد بن عجلان ، عن مالك بن ضَمرة العَنبريّ « قال : قال لي أمير المؤمنين عليه‌السلام : أتخرج إلى المسجد الّذي في ظهر دارك (٢) تصلَّي فيه؟ فقلت له : يا أمير المؤمنين ذاك مسجد تصلّي فيه النِّساء ، فقال لي : يا مالك ذاك مسجد ما أتاه مكروبٌ قط فصلّى فيه فدعا الله إلاّ فرَّج الله عنه وأعطاه حاجته ، فقال مالك : فواللهِ ما أتيته ولا صلّيت فيه ، فلمّا كان ليلة أصابني أمرٌ اغْتنمتُ منه فذكرت قولَ أمير المؤمنين عليه‌السلام وقُمتُ في اللَّيل وانْتعلتُ فتوضّأتُ وخَرَجتُ فإذا على بابي مصباحُ فمرّ قدَّامي ، ومررت حتّى انتهيت إلى المسجد فوقف بين يديّ وكنت اُصلّي فلمّا فرغت انتعلتُ وانصرفتُ فمرَّ قُدَّامي حتّى انتهيت إلى الباب فلمّا أن دخلتُ ذهب فما خرجت ليلة بعد ذلك إلاّ وجدت المصباح على بابي وقضى الله حاجتي ».

__________________

١ ـ عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه‌السلام.

٢ ـ أي مسجد السّهلة ، كما في المزار الكبير لابن المشهديّ.

٢٨

١٨ ـ حدّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى قال : حدّثني أبو يوسُف يعقوبُ بن عبدالله من ولد أبي فاطمة ، عن إسماعيل بن زيد مولى عبدالله بن يحيى الكاهلي (١) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ وهو في مسجد الكوفة ـ فقال : السَّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فردَّ عليه [السّلام] ، فقال : جعلت فداك إنّي أردت المسجد الأقصى فأردت أن اُسلّمَ عليك واُودّعَكَ ، فقال : أيّ شيء أردتَ بذلك؟ فقال : الفضل جُعلت فداك ، قال : فبِع راحِلَتك ، وكُلْ زادك ، وصلِّ في هذا المسجد ، فإنّ الصّلاة (٢) فيه حجّة مبرورة ، والنّافلة عمرة مبرورة ، والبركة منه على اثني عشر ميلاً ، يمينه يمنٌ ، ويسارُه مَكرٌ ، وفي وسطه عينٌ من دُهْن وعينُ من لَبن وعينٌ من ماءٍ شراباً للمؤمنين ، وعينٌ من ماء طهوراً للمؤمنين ، منه سارت سفينة نوح وكان فيه نَسْر ويَغوث ويَعوق (٣) وصلّى فيه سبعون نبيّاً وسبعون وصيّاً أنا أحدهم ـ وقال بيده في صدره (٤) ـ ما دعا فيه مكروبٌ بمسألة في حاجة من الحوائج إلاّ أجابه اللهُ وفَرَّج عنه كُربَتَه » (٥).

__________________

١ ـ كذا وفي الكافي أيضاً ، وفي التهذيب ج ٣ باب فضل المساجد تحت رقم ٩ : « عن إسماعيل بن زيد مولى عبدالله بن يحيى الكاهلي ، عن عبدالله بن يحيى الكاهليّ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام » ، ولعلّه سقط من قلم النّاسخ.

٢ ـ في الكافي والتّهذيب : « فإنّ الصّلاة المكتوبة ».

٣ ـ قال العلاّمة المجلسي رحمه‌الله : يدلّ على أنّ هذه الأصنام كانت في زمن نوح عليه‌السلام كما ذكره المفسّرون ، وذكروا أنّه لمّا كان زمن الطّوفان طَمَّها الطّوفان فلم تزل مدفونة حتّى أخرجها الشّيطان لمشركي العرب ، والغرض من ذكر ذلك بيان قدم المسجد إذ لا يصير كونها فيه علّة لشرفه ، ولعلّ التّخصيص بالسّبعين ذكر لإعظامهم أو لمن صلّى فيه ظاهراً بحيث اطّلع عليه النّاس. ( المرآة ).

٤ ـ أي أشار.

٥ ـ جاء في تاريخ ابن أعثم الكوفيّ نظير هذا الخبر ولفظه. فمن أراد الاطّلاع فليراجع الجزء الثّاني من مجلّد الأوّل ص ٢٢١ ، طبع دار الكتب العلميّة ـ بيروت؛ لبنان ـ.

٢٩

الباب التّاسع

( الدَّلالة على قبر أمير المؤمنين عليه السلام )

١ ـ حدّثني أبي ؛ وأخي ؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن رحمهم‌الله جميعاً ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ، عن صفوان الجمّال « قال : كنت وعامِرُ بنُ عبدالله بن جُذاعَةَ الاُزديّ عند أبي عبدالله عليه‌السلام فقال له عامر : إنّ النّاس يزعمون أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام دفن بالرُّحْبَة (١) فقال : لا ، قال : فأين دُفِنَ؟ قال : إنّه لمّا ماتَ حمله الحسن عليه‌السلام فأتى به ظَهرَ الكوفة قريباً من النَّجف يُسْرة عن الغَرِيّ ، يمنةً عن الحيرة ، فدفنه بين ذكوات بيض ، قال (٢) : فلمّا كان بعد ذهبت إلى الموضع فتوهّمت موضعاً منه ، ثُمَّ أتيته فأخبرته فقال : أصبتَ أصبتَ أصبتَ ـ ثلاث مرّات ـ رَحِمَكَ الله ».

٢ ـ حدّثني محمّد بن الحسن (٣) ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن الحسين [بن] الخلاّل ( كذا ) ، عن جدّه « قال : قلت للحسين بن عليٍّ ـ صلوات الله عليهما ـ : أين دفنتم أمير المؤمنين عليه‌السلام؟ قال : خرجنا به ليلاً حتّى مررنا على مسجد الاُشعث ، حتى خرجنا إلى ظهر ناحية الغَريّ ».

٣ ـ حدَّثني جماعة مشايخي ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن

__________________

١ ـ الرّحبة ـ بضمّ أوّله ، وسكون ثانيه ، وباء موحّدة ـ : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحُجّاج إذا أرادوا مكّة ( معجم البلدان ).

٢ ـ القائل هو صفوان بن مِهران الجمّال.

٣ ـ يعني ابن الوليد ، وهو من مشائخ ابن قولويه ـ رحمهما الله ـ.

٣٠

ابن أبي عُمَير ، عن القاسم بن محمّد ، عن عبدالله بن سِنان « قال : أتاني عُمَرْ بن يزيد فقال لي : اركب ، فركبتُ معه فمضينا حتّى نزلنا منزل حفص الكُناسيِّ فاستخرجه فركب معنا فمضينا حتّى أتينا الغَريّ فانتهينا إلى قبر فقال : انزلوا ؛ هذا القبر قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فقلنا له : مِن أين عَرَفت هذا؟ قال : أتيته مع أبي عبدالله عليه‌السلام حيث كان في الحيرة غير مرَّة وخبرني أنّه قبره ».

٤ ـ حدّثني أبي ؛ ومحمّد بن يعقوب ؛ عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن يحيى بن زكريّا ، عن يزيد بن عُمَر بن طلْحَةَ « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام ـ وهو بالحَيرة ـ : أما تريد ما وعَدْتُكَ؟ قال : قلت : بلى ـ يعني الذّهاب إلى قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ ، قال : فركب ورَكب إسماعيل ابنه معه ورَكبت معهما حتّى إذا جاز الثّوِيَّة (١) وكان بين الحَيرة والنَّجف عند ذكوات بيض (٢) نزل ونزل إسماعيل ونزلتُ معهم فصلّىس إسماعيل وصلّيتُ ، فقال لإسماعيل : قُمْ فسلّم على جَدّك الحسين بن علي عليهما‌السلام ، فقلت : جُعلت فداك أليس الحسين عليه‌السلام بكربلاء ، فقال : نَعَم؛ ولكن لمّا حُمل رأسه إلى الشّام سَرَقه مولى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين عليه‌السلام ».

٥ ـ حدّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً ، عن الحسن بن مِتّيل ، [و] عن سَهل بن زياد ، عن إبراهيمَ بنِ عقُبَةَ ، عن الحسن الخزّاز الوشّاء ، عن أبي الفَرَج ، عن أبان بن تَغلِب « قال : كنت مع أبي عبدالله عليه‌السلام فمرَّ بظهر الكوفة فنزل وصلّى ركعتين ثمَّ تقدَّم قليلاً فصلّى رَكعتين ، ثمَّ سار قليلاً فنزل فصلّى رَكعتين ، ثمَّ قال : هذا موضع قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قلت : جعلت فِداك فما الموضعين اللَّذين صلّيت فيهما؟ قال : موضع رأس الحسين عليه‌السلام ، وموضع منبر القائم عليه‌السلام ».

٦ ـ حدِّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن عليِّ بن أسباط ـ رفعه ـ « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : إنّك إذا أتيت الغَريَّ رأيت

__________________

١ ـ موضع بقرب الكوفة.

٢ ـ هي الحصيات الّتي يقال لها : درّ النّجف تشبيهاً لها بالحمرة المتوقّدة.

٣١

قبرين : قبراً كبيراً وقبراً صغيراً ، فأمّا الكبير فقبر أمير المؤمنين ، وأمّا الصّغير فرأس الحسين بن عليِّ عليهما‌السلام ».

٧ ـ وحدَّثني محمّد بن عبدالله (١) ، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفيِّ ، عن موسى بن عِمرانَ النّخعيِّ ، عن الحسين بن يزيد قال : حدَّثنا صَفْوانُ بنُ مِهرانَ ، عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام « قال : سار ـ وأنا معه ـ من القادسيّة حتّى أشرف على النّجف ، فقال : هو الجبل الَّذي اعتصم به ابن جَدِّي نوح عليه‌السلام ، فقال : « سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُني مِنَ الماءِ (٢) » فأوحى الله تبارَك وتعالى إليه : يا نجف أيعتصم بك منّي؟! فغاب في الاُرض وتقطّع إلى قطر الشّام (٣) ، ثمَّ قال : اعدل بنا؛ فعدلتُ فلم يزل سائراً حتّى اتى الغَريّ فوقف على القبر ، فساق السَّلامَ مِن آدم على نبيٍّ ونبيٍّ عليهم‌السلام ، وأن أسوق معه حتّى وصل السَّلام إلى النَّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمَّ خَرَّ على القبر فسلّم عليه وعَلا نحيبَه (٤) ، ثمّ قام فصلّى أربع رَكعات وصلّيت معه ، وقلت : ياابن رسول الله ما هذا القبر ، فقال : هذا قبر جدِّي عليِّ بن أبي طالب عليه‌السلام ».

٨ ـ حدَّثني محمّد بن أحمد بن عليِّ بن يعقوب (٥) ، عن عليِّ بن الحسن بن عليِّ بن فضّال ، عن أبيه ( كذا ) ، عن الحسن بن الجَهْم بن بُكَير « قال : ذكرت لاُبي الحسن عليه‌السلام يحيى بن موسى وتعرّضه لمن يأتي قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام وأنّه كان ينزل موضعاً كان يقال به : الثّوية يتنزّه إليه ، ألا وقبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فوق ذلك قليلاً ، وهو الموضع الَّذي روى صَفوانُ الجمّال أنَّ ابا عبدالله وصفه له ، قال له فيما ذكر : إذا انتهيت إلى الغَريّ ظهر الكوفة فاجعله خلف ظَهرِك وتوجّه على نحو النَّجف ، وتيامن قليلاً ، فإذا انتهيت إلى الذَّكوات البيض والثّنيّة أمامه فذلك قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنا أتيته كثيراً. ومِن أصحابنا مَن لا يرى ذلك

__________________

١ ـ الظّاهر هو الحميريّ.

٢ ـ هود : ٤٣.

٣ ـ في بعض النسخ : « تقطّع إلى قبل الشّام » ، وفي المتن مثل ما في البحار. وفي اللغة : قُطر الشّام ونحوها : الاُقليم الواقعة فيه.

٤ ـ النَّحيب : رفع الصّوت بالبكاء. ( الصّحاح ).

٥ ـ هو أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمّار ، الّذي هو مذكور من مشايخ المؤلّف. كما يأتي في ص ١٩٩ تحت رقم ١٠.

٣٢

ويقول : هو في المسجد ، وبعضهم يقول : هو في القَصر ، فأردّ عليهم أنّ اللهَ لَم يكن ليجعل قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام في القَصر في مَنازل الظّالمين ، ولم يكن يُدْفَنُ في المسجد وهم يريدون سَتره ، فأيّنا أصوب (١)؟ قال : أنت أصوب منهم ، أخذتَ بقول جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ، قال : ثمَّ قال لي : يا أبا محمّد ما أرى أحداً من أصحابنا يقول بقولِك ، ولا يذهب مَذهَبَك ، فقلت له : جعلت فِداك أما ذلك شيءٌ مِن الله؟ قال : أجل؛ إنّ الله يوفّق مَن يشاء ويؤمن عليه ، فقل ذلك بتوفيق الله وَاحْمَدُه عليه ».

وحدّثني به محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمد بن الحسين جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه عليٍّ ، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال ، عن الحسن بن الجهم بن بُكَير قال : ذكرت لأبي الحسن عليه‌السلام ـ وذكر الحديث بطوله ـ.

٩ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمدَ بن الحسين جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه عليّ بن مَهزيار قال : حدّثني عليُّ بن أحمدَ بن أشْيَم [عن رجل] عن يونسَ بن ظَبْيان « قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام بالحيرة أيّام مَقْدَمِه على أبي جعفر في ليلة صحيانة مُقمرة ، قال : فنظر إلى السّماء فقال : يا يونس أما ترى هذه الكواكب ما أحسنها ، أما إنّها أمانٌ لأهل السَّماء ونحن أمانٌ لأهل الاُرض ، ثمَّ قال : يا يونس فمرّ بإسراج البَغل والحِمار ، فلمّا أُسرجا قال : يا يونس أيّهما أحبُّ إليك ؛ البَغل أو الحِمار؟ قال : فظننت أنَّ البغل أحبُّ إليه لقوَّته ، فقلت : الحِمار ، فقال : اُحبّ أن تؤثرني به ، قلت : قد فعلتُ ، فركب ورَكبت ، ولمّا خرجنا مِنَ الحِيرة قال : تقدَّم يا يونس ، قال : فأقبل يقول : تَيامَن تَياسَر ، فلمّا انتهينا إلى الذّكوات الحمر قال : هو المكان ، قلت : نَعَم فتيامن ثمَّ قصد إلى موضع فيه ماءٌ وعَينٌ فتوضّأ ثمَّ دنا من أكَمَة فصلّى عندها ، ثمَّ مالَ عليها وبكىُ ، ثمَّ مال إلى أكمَةٍ دونها ففعل مثل ذلك ، ثمَّ قال : يا يونس افعل مثلَ ما فعلتُ ، ففَعَلْتُ ذلك فلمّا تفرّغت قال لي : يا يونس تعرف هذا المكان؟ فقلت :

__________________

١ ـ إلى هنا قول الحسن بن الجهم. والمسؤول مشترك بين الكاظم والرّضا عليهما‌السلام.

٣٣

لا ، فقال : الموضع الّذي صلّيت عنده أوّلاً هو قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والأكَمَة الاُخرى رأس الحسين بن عليِّ بن أبي طالب عليهما‌السلام ، إنّ الملعون عبيدالله بن زياد ـ لعنه الله ـ لمّا بعث رأس الحسين عليه‌السلام إلى الشّام رُدّ إلى الكوفة ، فقال : أخرجوه عنها لا يُفتننّ به أهلها ، فصيّره الله عند أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فالرَّأس مع الجسد (١) والجسد مع الرَّاس ».

١٠ ـ حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزَّيّات ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن جَرير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إنّي لمّا كنتُ بالحيرة عند أبي العبّاس كنتُ أتي قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ليلاً وهو بناحية النّجف إلى جانب الغَريّ النّعمان ، فاُصلّي عنده صلاة اللّيل وانصرف قبل الفجر ».

١١ ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحَجّال (٢) ، عن صَفوانَ بن مِهرانَ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سألته عن موضع قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : فوصف لي موضعه حيث دكادك الميل (٣) قال : فأتيته فصلّيت عنده ثمَّ عُدْتُ إلى أبي عبدالله عليه‌السلام مِن قابل فأخبرته بذهابي وصَلاتي عنده ، فقال : أصبت ، فمكثتُ عشرين سنة اُصلّي عنده ».

١٢ ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نصر « قال : سألت الرّضا عليه‌السلام فقلت : أين موضع قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام؟ فقال : الغَريّ ، فقلت له : جعلت فداك إنّ بعض الناس يقولون : دفن في الرُّحْبَة ، قال : لا ، ولكن بعض النّاس يقول : دفن بالمسجد ».

__________________

١ ـ أي بعد ما دفن الرّاس هنا ألحقه الله بالجسد ، وإنما يزار ويصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ههنا لكونه محلاً للرّأس المقدّس. ( البحار ).

٢ ـ يعني عبدالله بن محمّد الكوفيّ ، ثقة ثبت ، وهو من أصحاب الرّضا عليه‌السلام.

٣ ـ الدَّكْدَك ـ ويكسر ـ من الرّمل : ما تَكَبَّس واسْتَوى ، أو ما الْتَبد منه بالأرض ، أو هي أرض فيه غِلَظٌ ، والجمع دكادك ودكاديك. ( القاموس ) وقال في البحار : ولا يبعد أن يكون الميل تصحيف الرّمل وهذا يؤيّد كون « الذّكوات » في نسخة مصحّف « الدّكاوات ».

٣٤

الباب العاشر

( ثواب زيارة أمير المؤمنين عليه السلام )

١ ـ حدّثني أبي ؛ ومحمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن حَمدانَ بن سليمان النّيسابوريّ ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيّ ، عن مَنيع بن الحجّاج ، عن يونس ، عن أبي وهب البصريّ « قال : دخلت المدينة فأتيت أبا عبدالله عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك أتيتك ولم أزر قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : بئس ما صنعت ، لولا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك ، ألا تزور مَن يزوره الله تعالى مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون (١)؟ قلت : جعلت فداك ما علمت ذلك ، قال : فاعلم أنَّ أمير المؤمنين عليه‌السلام أفضل عند الله من الأئمّة كلِّهم وله ثوابُ أعمالهم وعلى قدر أعمالهم فضّلوا ».

٢ ـ حدَّثني محمّد بن يعقوبَ ، عن أبي علي ِّ الاُشعريّ ـ عمّن ذكره ـ عن محمّد بن سِنان. وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال : حدّثني ابن سنان (٢) قال : حدَّثني المفضّل بن عُمَرَ « قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام فقلت : إني أشتاق إلى الغري ، قال : فما شوقك إليه؟ قلت له : إنّي اُحبُّ أمير المؤمنين عليه‌السلام واُحبُّ أن أزورَه ، قال : فهل تعرف فضل زيارته؟ قلت : لا يا ابن رسول الله؛ فعَرِّفني ذلك ، قال : إذا أردت زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام فاعلم أنّك زائر عظامِ آدم ، وبدنِ نوح ، وجسمِ عليِّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قلت : إنَّ آدم هبط بسَرَنديب في مطلع الشَّمس وزعموا أنّ عظامه في بيت الله الحرام فكيف صارت عِظامه بالكوفة؟ قال : إنَّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى نوح عليه‌السلام وهو في السّفينة أن يطوف بالبيت اُسبوعاً ،

__________________

١ ـ في بعض النّسخ : « يزوره الأنبياء مع المؤمنين ». ولقوله عليه‌السلام : « يزوره الله تعالى » بيان ، راجع الباب ٣٨ ص ١٢٢ ذيل الخبر الرّابع.

٢ ـ يعني محمّد بن سنان.

٣٥

فطاف كما أوحى الله إليه ، ثمَّ نزل في الماء إلى أن ركبتيه فاستخرج تابوتاً فيه عظام آدم ، فحمل التّابوت في جوف السَّفينة حتّى طاف بالبيت ما شاء الله تعالى أن يطوف ، ثمَّ ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها ، ففيها قال الله للأرض : « ابْلَعي ماءَكِ » (١) ، فبلعتْ ماءها من مسجد الكوفة كما بدء الماء من مسجدها وتفرَّق الجمع الّذي كان مع نوح في السّفينة ، فأخذ نوحٌ التّابوت فدفنه بالغَريّ وهو قِطعة من الجبل الَّذي كلّم اللهُ عليه موسى تكليماً ، وقدَّس عليه عيسى تقديساً ، واتّخذ عليه إبراهيم خليلاً ، واتَّخذ عليه محمّداً حبيباً ، وجعله للنَّبيِّين مسكناً ، والله ما سكن فيه أحدٌ بعد آبائه الطاهرين آدم ونوح اكرم من أمير المؤمنين عليهم‌السلام فإذا أردت جانب النجف فزُر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب عليهم‌السلام فإنّك زائراً لآباء الأوَّلين ، ومحمّداً خاتم النّبيّين ، وعليّاً سيّد الوصيّين ، فإنّ زائره تفتح له أبواب السَّماء عند دعوته فلا تكن عن الخير نُوّاماً ».

٣ ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين ، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن عثمانَ بن عيسى ، عن المعلّى [بن] أبي شِهاب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قال الحسين لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أبت ما جزاء مَن زارَك؟ قال : مَن زارني حيّاً أو ميّتاً أو زارَ أباك كان حقّاً عليَّ أن أزوره يوم القيامة فاُخلّصه مِن ذنوبه ».

الباب الحادي عشر

( زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام )

( وكيف يزار ، والدّعاء عند ذلك )

١ ـ حدَّثني أبو عليٍّ أحمدُ بن عليِّ بن مَهديّ قال : حدَّثني أبي : عليُّ بن صَدَقة الرَّقّيُّ قال : حدَّثني عليُّ بن موسى قال : حدَّثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر عليهم‌السلام « قال : زارَ زينُ العابدين عليُّ بن الحسين عليهما‌السلام قبرَ أمير المؤمنين عليِّ

__________________

١ ـ هود : ٤٤.

٣٦

ابن أبي طالب عليه‌السلام ووقف على القبر فبكى ، ثمَّ قال :

« السَّلامُ عَلَيْكَ يا أميرَ المؤمنينَ ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُهُ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمينَ اللهِ في أرْضِهِ وَحُجَّتَهُ عَلى عِبادِهِ [ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أميرَ الْمُؤْمِنينَ ] ، أشْهَدُ أنَّكَ جاهَدْتَ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حَتّى دَعاكَ اللهُ في جِوارِهِ وَقَبَضَكَ بِاخْتِيارِهِ ، وَالْزَمَ أعْدآئَكَ الْحُجَّةَ في قَتْلِهِم إيّاك مَعَ مالَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبالِغَةِ عَلى جَميعِ خَلْقِهِ ، اللّـهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسى مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ ؛ راضِيَةً بِقَضآئِكَ ، مُولَعَةً بِذِكْرِكَ وَدُعآئِكَ ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ أوْلِيآئِكَ ، مَحْبُوبَةً فى أرْضِكَ وَسَمآئِكَ ، صابِرَةً عَلى نُزُولِ بَلأئِكَ شاكِرَةً لِفَواضِلِ نَعْمآئِكَ ، ذاكِرَةً لِسَوابِغِ آلائِكَ ، مُشْتاقَةً إلى فَرْحَةِ لِقآئِكَ ، مُتَزَوِّدَةً التَّقْوى لِيَوْمِ جَزآئِكَ ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أوْلِيآئِكَ (١) ، مُفارِقَةً لإَخْلاقِ أعْدائِكَ ، مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيا بِحَمْدِكَ وَثَنآئِكَ ».

ثمّ وَضع خدّه على القبر وَقال :

اللّـهُمَّ إنَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتينَ إلَيْكَ والِهَةٌ ، وَسُبُلَ الرّاغِبينَ إلَيْكَ شارِعَةٌ ، وَأعْلامَ الْقاصِدينَ إلَيْكَ واضِحَةٌ ، وَأفْئِدَةَ الْعارِفينَ مِنْكَ فازِعَةٌ ، وَأصْواتَ الدّاعينَ إلَيْكَ صاعِدَةٌ ، وَأبْوابَ الاَِْجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ ، وَدَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجابَةٌ ، وَتَوْبَةَ مَنْ أنابَ إلَيْكَ مَقْبُولَةٌ ، وَعَبْرَةَ مَنْ بَكى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ ، والإعانة لِمَنِ اسْتَعانَ بِك مَوجُودةٌ ، والإغاثَةَ لِمَنِ اسْتَغاثَ بكَ مبذُولةٌ ، وَعِداتِكَ لِعِبادِكَ مُنْجَزَةٌ ، وَزَلَلَ مَنِ اسْتَقالَكَ مُقالَةٌ ، وَأعْمالَ الْعامِلينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ ، وَأرْزاقَكَ إلَى الْخَلائِقِ مِنْ لَدُنْكَ نازِلَةٌ ، وَعَوآئِدَ الْمَزيدِ لَهُمْ مُتواتِرَةٌ ، وَذُنُوبَ الْمُسْتَغْفِرينَ مَغْفُورَةٌ ، وَحَوآئِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ ، وَجَوآئِزَ السّائِلينَ عِنْدَكَ مُوَفَّورَةٌ ، وَعَوآئِدَ الْمَزيدِ إليهم واصِلةٌ ، وَمَوآئِدَ الْمُسْتَطْعِمينَ مُعَدَّةٌ ، وَمَناهِلَ الظِّمآءِ لَدَيكَ مُتْرَعَةٌ ، اللّـهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعآئي ، وَاقْبَلْ ثَنآئي ، وأعْطِني رَجائي ، وَاجْمَعْ بَيْني وَبَيْنَ أوْلِيآئي بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليهم‌السلام ، إنَّكَ وَلِيُّ نَعْمآئى ، وَمُنْتَهى رَجائي ، وَغايَةُ مُنايَ في مُنْقَلَبي وَمَثْوايَ ، أنْتَ إلهي وَسَيِّدي وَمَوْلايَ اغْفِرْ لإََوْلِيآئِنا ، وَكُفَّ عَنّا أعْدآئَنا وَاشْغَلْهُمْ عَنْ أذانا ، و

__________________

١ ـ في بعض النّسخ : « بسنن أنبيائك ».

٣٧

أظْهِرْ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَاجْعَلْهَا الْعُلْيا ، وَأدْحِضْ كَلِمَةَ الْباطِلَ وَاجْعَلْهَا السُّفْلى ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَىءٍْ قَديرٌ » ».

٢ ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن الوليد رحمه‌الله فيما ذكر من كتابه الَّذي سَمّاه « كتاب الجامع » ، روي عن أبي الحسن عليه‌السلام « أنّه كان يقول عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ ، أشهَدُ أنَّك أوَّلُ مَظْلُومٍ؛ وَأوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقُّهُ ، صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتّى أَتاكَ الْيَقينُ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ لَقِيتَ اللهَ ، وَأنْتَ شَهيدٌ ، عَذَّبَ اللهُ قاتِلَكَ بِأنْواعِ الْعَذابِ وَجَدَّدَ عَلَيْهِ الْعَذابَ ، جِئْتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ ؛ مُسْتَبْصِراً بِشَأنِكَ؛ مُعادِياً لإَعْدائِكَ وَمَنْ ظَلَمَكَ ، الْقى عَلى ذلِكَ رَبّي إنْ شاءَ اللهُ تعالى ، إنَّ لي ذُنُوباً كَثيرَةً فَاشْفَعْ لي عندَ رَبِّكَ يا مَولايَ ، فَإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقاماً مَعْلُوماً ، وَإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ جاهاً عَظيماً وَشَفاعَةً ، وَقَدْ قالَ اللهُ تَعالى : « وَلا يَشْفَعوُنَ إلاّ لِمَنِ ارْتَضى (١) ».

ويقول عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام أيضاً :

« الْحَمْدُ للهِ الَّذي أكْرَمَني بِمَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ رَسُولِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وَمَنْ فَرَضَ الله عَلَيَّ طاعَتَهُ ، رَحْمَةً مِنْهُ لي وتَطَوُّعاً مِنْهُ عَلَيَّ ، وَمَنَّ عَلَيَّ بِالاِْيْمانِ ، الْحَمْدُ للهِ الَّذي سَيّرني في بِلادِه وحَملَني عَلى دَوابِّهِ ، وطَوى لي البَعيدَ ، ودَفَع عَنّي المَكروه حتّى أدخَلَني حَرَمَ أخي رَسُولِهِ فَأرانيهِ في عافِيَةٍ ، الْحَمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَني مِنْ زُوّارِ قَبْرِ وَصِيِّ رَسُولِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الحَمْدُ للهِ الّذي جَعَل هَدانا لِهذا وما كُنّا لِنَهْتَدي لَوْلا أنْ هَدانَا اللهُ ، أشْهَدُ أنْ لا إلـهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، [وَأشْهَدُ] أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، جاءَ بالحقِّ مِنْ عِنْدِه ، وأشهَدُ أنَّ عليّاً عبدُالله وأخو رَسولِه ، اللهمَّ عَبدُكَ وَزائِرُكَ يَتَقرَّبُ إليك بِزيارةِ قبرِ أخي نَبيِّك ، وعَلى كُلِّ مأتيٍّ حقٌّ لِمَن أتاهُ وزارَهُ ، وأَنْتَ خَيرُ مأتيٍّ ، وأكرم مَزورٍ ، وأسألُك يا اللهُ يا رَحمنُ يا رَحيمُ يا جوادُ يا واحِدُ يا أحَدُ يا فَردُ يا صَمَدُ يا مَن لم يَلِدْ ولم يُولَد ولَمْ يكنْ لَهُ كُفُواً أحدٌ ، أنْ تُصلّي على محمٌدٍ وآل محمَّدٍ وأهل بَيْتِه ، وأنْ تجعَلَ تُحفَتَكَ إيّايَ مِنْ زِيارتي في مَوقِفي هذا فَكاك رَقَبَتي من النّار ، واجْعَلْني مِمّنْ

__________________

١ ـ الأنبياء : ٢٨.

٣٨

يُسارع في الخيراتِ ويَدْعُوك رَهَباً ورَغَباً ، واجْعَلْني لَكَ مِن الخاشِعينَ ، اللّـهُمَّ إنَّكَ بَشَّرْتَني عَلى لِسانِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ فَقُلْتَ : « وَبَشِّرِ الَّذينَ آمَنُوا أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ (١) » اللّـهُمَّ فَإنّي بِكَ مُؤْمِنٌ وبِجَميعِ أنْبِيائِكَ مُوقِنٌ ، فَلا تُوقِفني بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ مَوْقِفاً تَفْضَحُني به عَلى رُؤُوسِ الاَْشْهادِ ، بَلْ أوْقِفني مَعَهُمْ ، وَتَوَفَّني عَلَى التَّصْديقِ بِهِمْ ، فَإنَّهم عَبِيدُكَ وأنت خَصَصْتَهُمْ بِكَرامَتِكَ وَأمَرْتَني بِإتِّباعِهِم » ،

ثمَّ تدنو من القبر وتقول : « السَّلامُ مِنَ اللهِ والسَّلامُ على محمّدِ بنِ عبدِالله أمين اللهِ عَلى وَحْيِه وعَزائِم أمْرِه ، ومَعْدِنِ الْوَحي والتَّنزيل ، والخاتَم لِما سَبَقَ والفاتِحِ لِمَا اسْتَقْبَل (٢) ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ ، والشاهِدِ عَلى خَلْقِه ، والسِّراج المُنِيرِ ، والسَّلامُ عليه ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه ، اللّهمَّ صَلِّ على محمّد وأهل بَيتِه المظلومينَ أفضلَ وأكملَ وأرْفعَ وأشْرَفَ ما صلَّيت على أحدٍ مِنْ أنبيائِكَ ورُسُلِكَ وأصْفِيائكَ ، اللّهمّ صَلِّ عَلى عَليٍّ أميرِ المؤمنينَ عَبدِكَ وَخَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ وأخي رَسُولِكَ وَوَصيِّ رَسُولِكَ ، الَّذي انْتَجَبْتَه مِن خَلْقِكَ بعْدَ نَبِيِّكَ ، والدَّليلِ عَلى مَنْ بعَثتُهُ بِرسالاتِكَ ، وَديّان الدِّين بَعَدْلِكَ ، وَفَصل قَضائِك بَين خَلْقِكَ ، والسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحمةُ اللهِ وبَرَكاته ، اللّهم صَلِّ عَلى الاُئمَّةِ مِنْ وُلدِهِ الْقَوَّامين بأمْرِكَ مِن بَعْدِه ، المُطهّرين الّذين ارْتَضَيْتَهم أنْصاراً لِدينِكَ وَحَفَظةً لِسِرِّكَ ؛ وشُهداءَ عَلى خَلْقِك ، وأعْلاماً لِعِبادك ـ وتصلّي عليهم ما استَطعْتَ ـ السَّلامُ على الأئمّةِ المُسْتَودِعِين ، السَّلامُ على خالِصَةِ اللهِ مِنْ خَلقِه ، السَّلامُ على الأئمّة المتوسِّمِينَ ، السَّلامُ عَلى المؤمنِين ، الّذين قامُوا بِأمْركَ ، ووازَروُا أولياءَ اللهِ ، وخافُوا بخَوْفِهِم ، السَّلام عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُقَرَّبينَ ».

ثمَّ تقول : « السَّلامُ عَلَيكَ يا أميرَ المؤمنين ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ ، السَّلام عليكَ يا حَبيبَ الله ، السَّلام عليكَ يا صَفْوَةَ اللهِ ، السَّلامُ عليك يا وَليَّ اللهِ ، السَّلام عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللهِ ، السَّلامُ عليك يا عَمودَ الدِّينِ وَوارِثَ عِلْمِ الاُوَّلينَ والآخِرينَ ، وصاحِبَ المِيْسَمِ (٣)

__________________

١ ـ يونس : ٢.

٢ ـ أي لمن بعده من الحجج عليهم‌السلام ممّا استقبله من المعارف والعلوم والحكم. ( البحار ).

٣ ـ الميسم ـ بكسر الميم ـ : اسم الآلة الّتي يكوى بها ويُعْلم ، وأصله الواو وجمعه مياسم ومواسم ، الاُولى على اللّفظ والثّانية على الأصل.

٣٩

وَالصِّراطِ الْمُسْتَقيم ، أَشْهَدُ أنّك قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ ، وآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وأمَرتَ بالمَعروفِ ، ونهَيتَ عَنِ المُنكرِ ، واتَّبَعْتَ الرَّسولَ ، وتَلَوْتَ الكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ ، وجاهَدْتَ في الله حَقَّ جِهادِه ، ونَصَحْتَ للهِ ولِرسُوله ، وجُدْتَ بنَفْسِكَ صابِراَ مُحْتَسِباً مجاهِداً عن دينِ اللهِ ، مُوَقِّياً (١) لِرَسولِ اللهِ ، طالِباً ما عِندَ اللهِ ، راغِباً فيما وَعَدَ اللهُ ، ومَضيتَ للَّذي كنتَ عَلَيه شَهيداً وشاهِداً ومَشهُوداً ، فجَزاكَ اللهُ عَن رَسولِه وعن الإسلامِ وأهْلِه أفْضَلَ الجَزاءِ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ، ولَعَنَ اللهُ مَن خالفَكَ ، ولَعَنَ الله منِ افْتَرى عَلَيكَ وظَلَمَكَ ، ولَعَنَ اللهُ مَن غَصَبَك حَقَّك ، ومن بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ به ، أَنَا إلى اللهِ مِنْهم بَراءٌ ، لَعَنَ الله اُمّةً خالَفتْكَ ؛ واُمّةً جَحَدَتْ وِلايَتَكَ ؛ واُمّةً تَظاهَرَتْ عَلَيكَ؛ واُمّةً قَتَلتْكَ ؛ واُمّةً حادَت عَنك وَخَذَلَتْك ، والْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ النّار مَثْواهُمْ ، وَبِئْسَ الوِرْدُ المَوْروُد (٢) ، وبِئسَ وِرْدُ الوارِدِين ، وبِئسَ دَرَكُ المُدْرِك ، اللهمَّ العَن قَتَلَة أنبيائك وأوصياءِ أنبيائِكَ بجميع لَعَناتِكَ ، وأصِلهم حرّ ناركَ ، اللّهمَّ الْعَنِ الجَوابيتَ والطَّواغِيتَ والفَراعِنَةَ (٣) ؛ واللاّتَ والعُزٌَى والجِبتَ ، وكلَّ نِدٍّ يُدعى مِن دُونِ اللهِ ، وكلَّ مُفْتَرٍ عَلى اللهِ ، اللّهمَّ الْعَنْهُمْ وأشْياعَهُم وأتْباعَهُم وأوْلِيائهم وأعْوانَهم ومُحبّ ومُحبّيهم لَعْناً كَثيراً » ،

وتقول : « اللّهُمٌَ الْعَن قَتلَة أميرِ المؤمنينَ عليه‌السلام ـ ثلاثاً ـ اللّهمّ عَذِّبْهم عَذاباً أليماً لا تُعذِّبُهُ أحداً من العالَمين ، وضاعِفْ عَليْهِم عَذابَكَ كما شاقُّوا وُلاةَ أمْرِكَ ، وأعدّ لَهم عَذاباً لم تَحلّه بأحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، اللّهمَّ وأدْخِل عَلىُ قَتَلَة أنْصارِ رَسُولِكَ ، وقَتَلَة أنصار أمير المؤمنين ، وعَلى قَتلةِ أنْصار الحَسَن وعلى قَتلَة أنصارِ الحُسين ، وقَتَلَةَ مَن قُتل في ولاية آل مُحَمَّدٍ أجمعين عَذاباً مُضاعَفاً في

__________________

١ ـ على بناء التّفعيل ، والتّوقية الحفظ والكلاءة. وفي بعض النّسخ : « موقناً » بالنّون ، في بعضها : « موفياً » بالفاء والياء ، يقال : وفي بالعهد وأوفى به. ( البحار ).

٢ ـ أي : بئس الورد محلّ ورودهم ، والمورود تأكيد ، أو المورود عليه. ( كما قاله العلاّمة المجلسيّ رحمه‌الله ).

٣ ـ الجوابيت جمع الجبت ـ وهو بالكسر ـ : الصَّنم والكاهن والسّاحر والسِّحر ، والّذي لا خير فيه. « والطّواغيت » جمع طاغوت وهو الشّيطان ، والمراد هنا جميع خلفاء الجور من الفراعنة وأتباعهم.

٤٠