كامل الزّيارات

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي

كامل الزّيارات

المؤلف:

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة الصدوق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٢

أيّما مؤمنٍ زَار الحسين عليه‌السلام عارفاً بحقِّه في غير عيدٍ ولا عَرَفةٍ كتب الله له عشرين حَجّةً ، وعشرين عُمرَةً مبرورات متقبّلات ، وعشرين غَزوةً مع نبيٍّ مرسل أو إمام عدل ».

٢ ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن صالِح ، عن عبدالله بن هِلال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قلت : جُعِلتُ فِداك ما أدنى ما لزائر الحسين عليه‌السلام؟ فقال لي : يا عبدالله إنَّ أدنى ما يكون له أنَّ الله يحفظه في نفسه ومالِه حتّى يَردَّه إلى أهله ، فإذا كان يوم القيامة كان الله الحافظ له ».

حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالِح ـ مثل حديثه الأوَّل في الباب ـ.

٣ ـ حدّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ؛ وعن أحمد بن إدريس ، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البُوفكيِّ ، عن صَندل ، عن داودَ بن يزيدَ (١) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : مَن زارَ قبر الحسين عليه‌السلام في كلِّ جمعةٍ غفر الله له البتَّة ، ولم يخرج مِن الدُّنيا وفي نفسه حَسْرةٌ منها ، وكان مَسكنه في الجنّة مع الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام ، ثمَّ قال : يا داود مَن لا يَسُرُّه أنْ يكون في الجنّة جارَ الحسين عليه‌السلام؟ قلت : مَن لا أفلح ».

٤ ـ وعنه (٢) ، عن أحمدَ بن إدريسَ ، عن العَمْرَكي ، عن صَندل (٣) ، عن داود بن فَرْقد « قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : ما لمن زارَ الحسين عليه‌السلام في كلِّ شهر مِن الثّواب؟ قال : له [مِن الثّواب] ثواب مائة ألف شَهيدٍ مثل شُهداءِ بَدْر ».

٥ ـ وبإسناده ، عن صَندل ، عن أبي الصّبّاح الكِنانيِّ (٤) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام

__________________

١ ـ كذا في نسخ الكتاب الموجودة عندنا ، والصّواب : « داود بن أبي يزيد » وهو كنية فَرْقد ، ويزيد أحد إخوانه.

٢ ـ الضّمير راجع إلى أبيه ـ رحمهما الله ـ.

٣ ـ كذا في النّسخ ، وكأنّه تصحيف « صفوان » ، وهو ابن يحيى ، ولابن فرقد كتاب ، روى عنه صفوان بن يحيى ، كما قاله النّجاشي رحمه الله في رجاله.

٤ ـ يعني إبراهيم بن نعيم العبديّ.

٢٠١

« قال : إذا كان ليلة القدر فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيم نادى مُنادٍ تلك اللَّيلة مِن بُطْنان العَرش : إنَّ الله قد غفر لِمَن زارَ قبرَ الحسين عليه‌السلام في هذه اللَّيلة ».

٦ ـ حدَّثني محمّد بن يعقوبَ ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالِح بن عُقْبة ، عن بشير الدّهّان « قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : ربّما فاتني الحجّ فاُعرِّف عند قبر الحسين عليه‌السلام ، قال : أحسنت يا بشير ، أيّما مؤمنٍ أتى قبر الحسين عليه‌السلام عارفاً بحقّه في غير يوم عيد ولا عَرَفة كتب الله له عشرين حجّةً ، وعشرين عمرةً مبرورات مُتقبّلات ، وعشرين غزوةً مع نبيٍّ مرسل أو إمام عدل ، ومَن أتاه في يوم عيد ـ وذكر الحديث بطوله ـ » (١).

الباب الخامس والسًّبعون

( مَن اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه السلام )

١ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن حَمدانَ بنِ سليمانَ النّيسابوريّ ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيِّ ، عن مَنيع بن الحَجّاج ، عن يونسَ ، عن صَفوان الجمّال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : من اغتسل بماءِ الفرات وزارَ قبرَ الحسين عليه‌السلام كان كيوم وَلَدَتْه اُمّه صَفَراً مِن الذّنوب ولو اقْترفها (٢) كبائر ، [وكانوا] يحبّون إذا زارَ الرَّجل قبر الحسين عليه‌السلام اغتسل وإذا ودَّع لم يغتسل ومسح يدَه على وجهه إذا وَدَّع ».

٢ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع ، عن صالِح بن عُقْبَةَ ، عن بشير الدَّهّان قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ « قال : وَيحك! يا بشير إنَّ المؤمن إذا أتى

__________________

١ ـ راجع الكافي ج ٤ ص ٥٨٠ ح ١ ، وتقدّم الخبر أيضاً في ص ١٨٦ تحت رقم ١.

٢ ـ صفراً أي خالياً ، واقترف الذَنبَ : أتاه وفعله.

٢٠٢

قبر الحسين عليه‌السلام عارفاً بحقّه فاغتسل في الفُرات ثمّ خرج كُتِبَ له بكلِّ خُطوة حَجّة وعُمرة مَبرورات متقبّلات ، وغزوة مع نبيٍّ مُرسَل ، أو إمام عدل ».

٣ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن محمّد بن يحيى؛ وأحمد بن إدريسَ ، عن العَمْرَكي بن عليٍّ ، عن يحيى ـ وكان في خدمة الإمام أبي جعفر الثّاني عليه‌السلام ـ عن محمّد بن سِنان ، عن بشير الدَّهّان « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام وهو نازل بالحيرة وعنده جماعة من الشّيعة فأقبل إليّ بوجهه فقال : يا بَشير حَجَجْتَ العام؟ قلت : جُعلت فِداك لا ، ولكن عرَّفتُ بالقبر ـ قبر الحسين عليه‌السلام ـ فقال : يا بشير والله ما فاتَك شيءٌ ممّا كان لأصحاب مكّة بمكة ، قلت : جُعِلتُ فِداك فيه عَرَفات فَسِّر لي؟ فقال : يا بشير إنّ الرَّجل منكم ليغتسل على شاطىء الفُرات ثمَّ يأتي قبر الحسين عليه‌السلام عارفاً بحقِّه فيعطيه الله بكلِّ قدم يرفعها أو يضعها مائة حجّةً مقبولةً ومعها مائة عُمرةً مَبرورة ، ومائة غزوةً مع نبيٍّ مُرسل إلى أعداءِ الله وأعداءِ الرَّسول ـ وذكر الحديث ـ » (١).

٤ ـ وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال : حدّثنا هِشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث له طويل ـ « قال : أتاه رجلٌ فقال له : هل يُزار والدُك؟ فقال : نَعَم ، فقال : ما لمن اغتسل بالفُرات ثمَّ أتاه؟ قال : إذا اغتسل مِن ماءِ الفُرات وهو يريده تساقَطَت عنه خطاياه كيوم وَلَدَته اُمُّه ـ وذكر الحديث بطوله ـ ».

٥ ـ حدَّثني أبو محمّد هارون بن موسى التّلّعكبَريّ ، عن أبي عليٍّ محمّد بن هَمّام بن سُهيل ، عن أحمدَ بنِ مابُنداد (٢) ، عن أحمدَ بنِ المُعافا التَّغلبيِّ ـ من أهل

__________________

١ ـ تقدّم الخبر في ص ١٨٩ تحت رقم ٩.

٢ ـ قال العلاّمة الأمينيّ رحمه الله : كذا في بعض النّسخ ، وفي بعضها : « مابُندار » والصّحيح : « ما بُنداد » بالدّال المهملة أخيراً أو باُختها وهو إسكافيّ ، ويظهر مِن ترجمة محمّد بن همّام الإسكافي وما في كنز الفوائد من النَّقل عنه كتاب أبي جعفر عليه السلام إلى عليِّ بن مَهزيار

٢٠٣

رأس العَين (١) ، عن عليِّ بن جعفر الهُمَانيِّ (٢) « قال : سَمعتُ عليَّ بن محمّد العَسكريَّ عليهما‌السلام يقول : مَن خرج مِن بَيته يريد زيارة الحسين عليه‌السلام فصار إلى الفُرات فاغتسل منه كتبـ[ـه الله] مِن المفلحين ، فإذا سلّم على أبي عبدالله كُتِب من الفائزين ، فإذا فرغ مِن صَلاته أتاه مَلكَ فقال [له] : إنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُقْرِؤك السَّلامَ ويقول لك : أمّا ذنوبُك قد غُفِرَ لك ، استأنف العَمَل ».

٦ ـ حدَّثني حسين بن محمّد بن عامِر ، عن أحمدَ بن عَلويّة الإصفهانيِّ ، عن إبراهيمَ بن محمَّد الثقفيّ ـ رَفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام ـ « أنّه كان يقول عندَ غُسل الزِّيارة إذا فرغ :

« اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لي نُوراً وَطَهُوراً وحِرْزاً ، وكافِياً مِنْ كُلِّ داءٍ وسُقْمٍ ، وَمِنْ كُلِّ آفَةٍ وَعاهَةٍ ، وَطَهِّرْ بِهِ قَلْبي وَجَوارِحي وَلَحْمِي ، وَدَمي وَشَعْري ، وَبَشَري وَمُخِّي ، وَعِظامِي وَعَصَبي ، وَما أقَلَّتِ الأرضُ مِنِّي فَاجْعَلْهُ لي شاهداً يَومَ الْقِيامَةِ ، وَيَومَ حاجَتي وَفَقْري وَفاقَتي » ».

٧ ـ حدَّثني محمّد بن هَمّام بن سُهَيل الإسكافيُّ ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفَزاريّ ، عن الحسن بن عبدالرَّحمن الرَّواسيّ ـ عمّن حدَّثه ـ عن بَشير الدَّهّان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : من أتى الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفُرات لم يرفع قَدَماً ولم يضع قَدَماً إلا كتب الله له حَجّة وعُمرة ».

٨ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله ومحمّد بن الحسن جميعاً ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فَضالَةَ بن أيّوب ، عن يوسف الكُناسيّ (٣) ،

__________________

كونه من أصحابنا ، ورواية مثل أبي عليِّ الإسكافيّ المولود بدعاء العَسكريّ عنه يؤمي إلى كونه ثقة كما لا يخفى.

١ ـ رأس العين مدينة كبيرة من مُدن الجزيرة.

٢ ـ هُمَيْنا وهُمانيا وهُمانِيَة : قرية كبيرة مِن قرى بَغداد ، يقال في النّسبة إليها : هُمّاني وهُمَّني ، فما في بعض النّسخ من همدانيِّ تصحيف واضح. ( الأمينيّ ـ ره ـ ) وأقول : في النّجاشي : عليُّ بن جعفر الهمّانيّ البرمكيّ ، يعرف وينكر ، له مسائل لأبي الحسن العسكري عليه السلام .

٣ ـ الكُنّاسة ـ بالضّمّ ـ : محلَّة بالكوفة.

٢٠٤

عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إذا أتيت قبرَ الحسين عليه‌السلام فائتِ الفُرات واغتَسِل بحيالِ قَبره ».

٩ ـ حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيمَ بن عبدالله الموسويّ ، عن عبيدالله بن نَهيك ، عن محمّد الفَراش (١) ، عن إبراهيمَ بن محمّد الطَّحّان ، عن بشير الدَّهّان ، عن رِفاعة بن موسى النَّخّاس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إنَّ مَن خرج إلى قبر الحسين عليه‌السلام عارفاً بحقِّه وبلغ الفُرات واغتسل فيه (٢) وخرج من الماء كان كمثل الَّذي خرج مِن الذُّنوب ، فإذا مشى إلى الحائر لم يرفع قدماً ولم يضع اُخرى إلاّ كتب الله له عشر حَسَنات ومَحى عنه عشر سيّئات ».

الباب السّادس والسَّبعون

( الرُّخصة في ترك الغُسْل لزيارة الحسين عليه السلام )

١ ـ حدَّثني أبي ؛ وأخي ، عن الحسن بن متويه بن السّندي (٣) ، عن أبيه قال : حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب بالكوفة ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن العيص بن القاسم البَجَليِّ « قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : مَن زارَ الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام عليه غُسْل؟ قال : فقال : لا ».

وحدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن صَفوانَ ، عن العِيص بن القاسم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

حدّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن محمّد بن

__________________

١ ـ كذا في بعض النّسخ ، وفي بعضها : « الفراشيّ » ، وفي البحار والمستدرك نقلاً عن الكتاب : « الفَراش »؟ وفي بعض نسخ التّهذيب : « محمّد بن فرات » وفي بعضها : « محمّد بن فراس » ، وقال ابن حجر في تهذيبه : محمّد بن الفِراس ـ بكسر أوَّله وتخفيف الرّاء ـ : الضّبعيّ الصّيرفيّ البصريّ المتوفّى سنة ٢٤٥.

٢ ـ في بعض النّسخ : « فاغتسل بماء الفرات ».

٣ ـ لم أعثر عليه في كتب الرّجال.

٢٠٥

عبدالجبّار ، عن صَفوانَ ، عن العِيص ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

٢ ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن عبدالله بن المغِيرة ، عن أبي اليَسَع (١) « قال : سأل رَجلٌ أبا عبدالله عليه‌السلام ـ وأنا أسمع ـ عن الغُسل إذ أتى قبرَ الحسين عليه‌السلام ، فقال : لا ».

حدَّثني جماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن أيّوب بن نوح ؛ وغيره ، عن عبدالله بن المغِيرة قال : حدّثنا أبو اليَسَع ـ وذكر الحديث بنفسه ـ.

وحدَّثني محمّد بن أحمدَ بنِ الحسين ، عن الحسن بن عليٍّ بن مَهزيار ، عن أبيه عن أيّوب بن نوح ؛ وغيره ، عن عبدالله بن المغِيرة ، عن أبي اليَسَع قال : سأل رَجلٌ أبا عبدالله عليه‌السلام ـ وذكر مثله ـ.

٣ ـ حدَّثني جماعة مشايخي ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمدَ بن أبي زاهِر ، عن (٢) محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن صَفوان بن يحيى ، عن سَيف بن عَميرة ، عن العِيص بن القاسم البَجَليِّ « قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : من زارَ الحسين عليه غُسلٌ؟ قال : لا » (٣).

٤ ـ حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم بن عُبيدالله بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق عليهما‌السلام ، عن عبيدالله بن نَهيك ، عن محمّد بن زياد ، عن أبي حنيفةَ السّابق (٤) ، عن يونسَ بنِ عَمّار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إذا كنت منه قريباً

__________________

١ ـ الظّاهر كونه عيسى بن السّريّ أبا اليسع الكرخيّ ، ثقة ، روى عن أبي عبدالله عليه السلام .

٢ ـ كذا ، والظّاهر أن لفظ « عن » مصحّف « و ».

٣ ـ قال شيخ الطّائفة رحمه الله في التّهذيب : « إنّما أراد عليه السلام ليس فيه غسل مفروض أو واجب يستحقّ بتركه العِقاب ، وإن كان فيه غسل مندوبٌ مستحب فيه فضل كثير ، فلا تنافي بين الأخبار ».

٤ ـ هو سعيد بن بيان بالياء المثنّاة بعد الموحّدة ، همدانيّ يلقّب بـ « سابق الحاجّ ». ( الأمينيّ )

٢٠٦

ـ يعني الحسين عليه‌السلام ـ فإن أصبتَ غُسلاً فاغتسل ، وإلاّ فتَوضّأْ ثمَّ ائْته ».

٥ ـ حدَّثني محمّد بن أحمدَ بن يعقوب (١) ، عن عليِّ بن الحسن بن فَضّال ، عن العبّاس بن عامِر ، عن الحسن بن عطيّة أبي ناب « قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الغسل إذا أتَيْتُ قبر الحسين عليه‌السلام ، قال : ليس عليك غسل ».

٦ ـ حدَّثني الحسن بن الزِّبْرِقان الطّبريُّ بإسناد له ـ يرفعه إلى الصّادق عليه‌السلام ـ « قال : قلت : رُبما أتينا قبرَ الحسين عليه‌السلام فيصعب علينا الغسل للزّيارة مِن البَرد أو غيره؟ فقال عليه‌السلام : مَن اغتسل في الفُرات وزارَ الحسين عليه‌السلام كُتِبَ له مِن الفضل ما لا يحصى ، فمتى ما رجع إلى الموضع الَّذي اغتسل فيه [و] تَوَضّأ وزارَ الحسين عليه‌السلام كتب له ذلك الثَّواب ».

الباب السّابع والسّبعون

( إنَّ زائري الحسين عليه السلام العارفين بحقّه تشيّعهم الملائكة وتستقبلهم )

( وتعودهم إذا مرضوا ، ويشهدونهم إذا ماتوا ويستغفرون لهم إلى يوم القيامة (٢) )

١ ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ ، عن إسحاقَ بن إبراهيمَ ، عن هارونَ بن خارجَة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : وكّل الله بقبر الحسين عليه‌السلام أربعةَ آلاف مَلَكٍ شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة ، فمن زارَه عارفاً بحقّه شَيّعوه حتّى يبلغوه مَأمَنَه ، وإن مرض عادوه غُدْوَةً وعَشيَّة ، وإن مات شهدوا جنازَتَه واستغفروا له إلى يوم القيامة ».

__________________

١ ـ كذا في النّسخ وفي البحار أيضاً ، وهو مهمل ، وفي كتب الرّجال : « أحمد بن محمّد بن يعقوب » ، والظّاهر أنّ الصّواب : « عليّ بن محمّد بن يعقوب » وهو الكسائيّ الكوفيّ الّذي هو من مشائخ ابن قولُوَيه ، كما يأتي في الباب ٨١ تحت رقم ٣.

٢ ـ مرّ غير واحد من أخبار الباب بعضها بهذه الأسانيد وبعضها بغيرها.

٢٠٧

٢ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي إسماعيل السَّرّاج (١) ، عن يحيى العطّار ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : أربعة آلاف ملكٍ شُعث غُبْر يبكون الحسين عليه‌السلام إلى يوم القيامة ، فلا يأتيه أحَدٌ إلاّ استقبلوه ، ولا يرجع أحَدٌ مِن عنده إلاّ شيّعوه ، ولا يمرض أحَدٌ إلاّ عادوه ، ولا يموت أحَدٌ إلاّ شهدوه ».

حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع بإسناده مثله.

حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد ، عن محمّد بن الحسين ، عن موسى بن سَعدانَ ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عُمَرَ بنِ أبان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

٣ ـ حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم ، عن عبيدالله بن نَهيك ، عن ابن أبي ـ عُمير ، عن سَلَمةَ صاحب السّابريّ ، عن أبي الصَّبّاح الكِنانيِّ (٢) « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إنَّ إلى جانبكم قبراً ما أتاه مَكروبٌ إلاّ نَفّسَ اللهُ كُربَته وقضى حاجَته ، وإنَّ عنده أربعة آلاف ملك منذ يوم قُبض ، شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة ، فمن زارَه شيَّعوه [إلى مَأمَنِه] ، ومَن مَرض عادُوه ، ومَن ماتَ اتّبعوا جنازَته ».

٤ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن حَمدانَ بن سليمان النّيسابوريّ ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيِّ ، عن مَنيع بن الحجّاج ، عن يونسَ بن عبدالرّحمن ، عن صَفوانَ الجمّال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إنَّ الرّجل إذا خرج مِن منزله يريد زيارةَ الحسين عليه‌السلام شيَّعَتْه سبعمائة ملكٍ مِن فوقِ رأسه ومِن تحتِه ، وعن يمينه وعن شِماله ، ومِن بين يديه ومِن خلفه حتّى يبلغوه مأمَنَه ، فإذا زارَ الحسين عليه‌السلام ناداه مُنادٍ : قد غُفِر لك فاستأنفِ العمل ، ثمَّ يرجعون معه مشيِّعين له إلى منزله ، فإذا صاروا إلى منزله قالوا : « نَستَودِعُكَ الله » ، فلا يزالون يزورونه إلى يوم مماتِه ، ثمَّ يزورون قبرَ ـ

__________________

١ ـ مرّ ترجمته في ص ٨٢ ذيل الخبر ١.

٢ ـ يعني إبراهيم بن نعيم.

٢٠٨

الحسين عليه‌السلام في كلِّ يوم ، وثواب ذلك للرَّجل ».

٥ ـ وعنه ، عن محمّد بن يحيى بإسناده إلى مَنيع ، عن زياد ، عن عبدالله بن مُسكانَ ، عن محمّد الحلبيِّ « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إنَّ اللهَ وكَّل بقبر الحسين عليه‌السلام أربعةَ آلاف ملكٍ شُعْثاً غُبراً إلى أن تقوم السّاعة ، يشيّعون مَن زارَه ، يعودونه إذا مرض ، ويشهدون جنازته إذا مات ».

٦ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن وليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغِيرة ، عن العبّاس بن عامِر ، عن أبان ، عن أبي حَمزة (١) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إنَّ اللهَ وكّل بقبر الحسين عليه‌السلام أربعةَ آلاف ملكٍ شُعْثاً غُبراً ، فلم يزل يبكونه مِن طلوع الفجر إلى زَوال الشَّمس ، فإذا زالتِ الشَّمس هبط أربعةُ آلاف ملكٍ وصعد الأربعةُ آلاف ملكٍ ، فلم يزل يبكونه حتّى يطلع الفجر ، ويشهدون لمن زارَه بالوفاء ويشيّعونه إلى أهله (٢) ، ويَعودونه إذا مرض ، ويُصلّون عليه إذا مات ».

٧ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد البرقيِّ ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدِّه الحسن بن راشد ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام « قال : مَن خرج مِن بَيته يريد زيارةَ قبر أبي عبدالله الحسين عليه‌السلام وكَّل الله به مَلكاً فوضع إصبعه في قَفاه ، فلم يزل يكتب ما يخرج من فيه حتّى يرد الحائر ، فإذا دخل مِن باب الحائر وضع كفّه وسط ظَهره ، ثمّ قال له : أمّا ما مضى فقد غفر الله لك ، فاستأنف العَمَل » (٣).

حدِّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدَّه الحسن بن راشد ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام « قال : من خرج من بيته يريد زيارة الحسين عليه‌السلام ـ مثله.

__________________

١ ـ يعني الثّمالي ، وراويه أبان بن عثمان الأحمر.

٢ ـ في بعض النّسخ : « ويشهدون لمن زاره ، ويشيّعونه بالوفاء إلى أهله » ، وفي المتن كما في البحار.

٣ ـ تقدّم الخبر في ص ١٦٧ تحت رقم ٧ ، وفيه : « فإذا خرج من باب الحائر ».

٢٠٩

٨ ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن عبدالله ـ رحمهما الله ـ جميعاً ، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن إبراهيمَ بنِ مَهزيار ، عن أخيه عليّ بن مَهزيار ، عن أبي القاسم (١) ، عن القاسم بن محمّد ، عن إسحاقَ بن إبراهيم ، عن هارونَ بن خارجَة « قال : سأل رَجلٌ أبا عبدالله عليه‌السلام ـ وأنا عنده ـ فقال : ما لِمَن زارَ قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال : إنَّ الحسين عليه‌السلام لمّا اُصيب بَكَتْهُ حتّى البلاد ، فوكّل اللهُ به أربعةَ آلاف ملكٍ شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة ، فمن زارَه عارفاً بحقِّه شيّعوه حتّى يُبلّغوه مَأمَنَه ، وإن مرض عادوه غُدْوَةً وعَشِيَّة ، وإن مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة ».

٩ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سَعدانَ ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عُمَرَ بن أبان الكلبيِّ (٢) ، عن أبان بن تَغْلِب « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : هبط أربعةُ آلافِ مَلَك يريدونَ القِتال مع الحسين ، لم يؤذن لهم في القتال فرجعوا في الاستيذان ، فهبطوا وقد قُتل الحسين عليه‌السلام فهم عِند قبره شُعثٌ غُبْرٌ يَبكونه إلى يوم القيامَة ، رَئيسهم مَلَك يقال له : المنصور ، فلا يَزورُه زائرٌ إلاّ اسْتقبلوه ، ولا يُوَدِّعه مُودِّعٌ إلاّ شيَّعوه ، ولا يمرض مريض إلاّ عادوه ، ولا يموت إلاّ صلّوا عَلى جِنازته (٣) واستغفروا له بعد مَوْته ، وكلُّ هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم عليه‌السلام ».

١٠ ـ حدَّثني أبو العبّاس الرَّزَّاز ، عن ابن أبي الخطّاب قال : حدَّثني محمّد بن الفُضَيل ، عن محمّد بن مُضارب ، عن مالك الجُهَنيِّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : قال : يا مالِكُ إنَّ اللهَ تبارك تعالى لمّا قبض الحسين عليه‌السلام بعث إليه أربعةَ آلاف

__________________

١ ـ تقدّم الكلام فيه ، راجع ص ٨٨ ذيل الخبر ١٢.

٢ ـ النّسبة إلى كَلْب وهو بطن من قُضاعة ومن بني لَيْث ومن بَجِيلة. ( اللّباب ) وقال العلاّمة الأمينيّ رحمه الله : بطنْ مِن خَثعم ، مساكنهم بالحجاز.

٣ ـ قيل : الجنازة بالكسر : الميِّت ، و ـ بالفتح ـ : السَّرير ، وقيل : الجنازة بالكسر : السَّرير مع الميِّت وكلّ يُشيِّعهُ.

٢١٠

مَلَكٍ شُعْثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة ، فمن زارَه عارفاً بحقِّه غفر الله له ما تقدَّمَ مِن ذَنْبِه وما تأخَّر (١) ، وكتب له حَجّة ، ولم يزل محفوظاً حتّى يرجع إلى أهله ؛ قال (٢) : فلمّا مات مالك (٣) ـ وقبض أبو جعفر عليه‌السلام ـ دخلتُ على أبي عبدالله عليه‌السلام فأخبرته بالحديث ، فلمّا انتهيت إلى « حَجّة » قال : وعُمرَة يا محمّد ».

الباب الثّامن والسّبعون

( فيمن ترك زيارة الحسين عليه السلام )

١ ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عاصِم بن حُميد الحنّاط ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : قال : مَن لم يأت قبر الحسين عليه‌السلام مِن شيعتنا كان مُمْتَقِصُ الإيمان ، مُنْتقِص الدِّين ، وإن دخل الجنَّة كان دون المؤمنين في الجنَّة ».

٢ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ، عن أبي المَغرا (٤) ، عن عَنْبَسة بن مُصْعَب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : مَن لم يأت قبر الحسين عليه‌السلام حتّى يموت كان مُنْتَقِصُ الدِّين ، مُنْتَقِصُ الإيمان ، وإن [اُ]دخل الجنّة كان دون المؤمنين في الجنّة ».

٣ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله وعليُّ بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن سَيفِ بن عَمِيرَة ـ عن رَجل ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : مَن لم يأت قبرَ الحسين عليه‌السلام (٥) وهو يزعم أنّه لنا شيعة

__________________

١ ـ تقدّم الكلام فيه ، راجع ص ١٤٩ ذيل الخبر ١.

٢ ـ أي قال محمّد بن مضارب.

٣ ـ يعني مالك بن أعين الجُهَنيّ الكوفيّ ، المتوفّى في حياة الصّادق عليه السلام .

٤ ـ هو حَميد بن المثنّى.

٥ ـ أي مع إمكانه له.

٢١١

حتّى يموت فليس هو لنا بشيعة ، وإن كان مِن أهل الجنَّة فهو مِن ضِيفان أهل الجنّة ».

٤ ـ وبإسناده ، عن سَيف بن عَمِيرة ، عن أبي بكر الحَضرَميِّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : سمعتُه يقول : من أراد أن يعلم أنّه مِن أهل الجنَّة فليعرض حُبَّنا على قلبه ، فإن قَبِلَه فهو مؤمنٌ ، ومَن كان لنا محبّاً فليرغب في زيارة قبر الحسين عليه‌السلام ، فمن كان للحسين عليه‌السلام زُواراً عرفناه بالحبِّ لنا أهل البيت ، وكان مِن أهل الجنَّة ، ومَن لم يكن للحسين زُواراً كان ناقص الإيمان ».

٥ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن أحمدَ بن إدريسَ ، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفكيّ ـ عمّن حدَّثه ـ عن صَندل ، عن هارونَ بن خارجَة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سألته عمّن ترك الزّيارة زيارة قبر الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام مِن غير عِلّة؟ قال : هذا رَجلٌ مِن أهل النّار ».

٦ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ القرشيُّ ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ـ عمّن حدّثه ـ عن عليِّ بن ميمون « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لو أنَّ أحدكم حجَّ ألف حجَّة ثمَّ لم يأت قبر الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام لكان قد ترك حقّاً مِن حقوق الله تعالى ، وسُئلِ عن ذلك فقال : حقُّ الحسين عليه‌السلام مفروضٌ على كلِّ مسلم ».

٧ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال : حدَّثنا هِشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه قال ـ في حديث طويل ـ : « أنّه أتاه رَجلٌ فقال له : هل يُزار والدك؟ فقال : نَعَم ، قال : فما لِمَن زارَه؟ قال الجنَّة إن كان يأتَمُّ به ، قال : فما لِمَن تركه رَغبة عنه؟ قال : الحَسْرَة يوم الحَسْرَة ـ وذكر الحديث بطوله ـ » (١).

* * * * *

__________________

١ ـ مرّ الخبر بطوله في ص ١٣٢ تحت رقم ١.

٢١٢

الباب التّاسع والسَّبعون

( زيارات الحسين بن عليِّ عليهما السلام )

١ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ ، عن محمَّد بن الحسين بن أبي ـ الخطّاب ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجرانَ ، عن يزيدَ بن إسحاقَ شَعَر ، عن الحسن بن عَطيّة (١) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إذا دخلت الحائر فقل :

« اللّهُمَّ إنَّ هذا مَقامٌ كَرَّمْتَني بِهِ وَشَرَّفْتَني بِهِ ، اللّهُمَّ فَأعْطِني فيهِ رَغْبَتي عَلى حَقيقَةِ إيماني (٢) بِكَ وَبِرُسُلِكَ ، سَلامُ اللهِ عَلَيْكَ يَاابْنَ رَسُولِ اللهِ ، وَسَلام مَلائِكَتِهِ (٣) فيما تَرُوحُ وَتَغْتَدي بِهِ ، الرَّائحاتِ الطّاهِراتِ [الطَّيِّباتِِ] لَكَ وَعَلَيكَ ، وَسَلامٌ عَلى مَلائكَةِ اللهِ المقَرَّبينَ ، وَسَلامٌ عَلى المُسْلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهمْ ، النّاطِقينَ لَكَ بِفَضْلِكَ بألْسِنَتهم ، أشْهَدُ أنَّكَ صادِقٌ صِدِّيقٌ ، صَدَقْتَ فيما دَعَوتَ إلَيْهِ ، ، وَصَدَقْتَ فيما أتَيتَ بِهِ ، وأنَّكّ ثَأْرُ اللهِ في الأَرضِ (٤) مِنَ الدَّمِ الَّذِي لا يُدْرَكُ ثَأْرهُ مِنَ الأرْضِ إلاّ بِأولِيائِكَ ، اللّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْ

____________

١ ـ السَّند في غاية الاتقان والصّحّة.

٢ ـ أي : وأعطني فيه رغبتي وطلبتي وحاجتي حال كوني على حقيقة إيماني ، أي : أعطني ما سألت لأنّي آمنت. ويحتمل أن يكون متعلّقاً بالرّغبة ، أي : ما رغبت به إليك من المثوبات بسبب أنّي آمنت بك وبثوابك وبما أُخبر به رسولك وآله ـ صلوات الله عليهم ـ في ثواب زيارته عليه السلام ، ولذلك أتيته زائراً. ( شرح التّهذيب ).

٣ ـ في البحار : « سلامٌ عليك يا ابن رسول الله ، وسلام على ملائكته ، فيما تروح به الرّائحات الطّاهرات لك وعليك ـ إلخ ».

٤ ـ قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله : الثَأر بالهمز : الدّم وطلب الدّم ، أي إنّك أهل ثأر الله ، والّذي يطلب الله بدمه من أعدائه. وقيل : هو تصحيف « ثائر » ، والثّائر : من لا يبقى على شيء حتّى يدرك ثأره. ثمّ اعلم أنّ المضبوط في نسخ الدّعاء بغير همز ، والّذي يظهر من كتب اللّغة أنّه مهموز ، ولعلّه خفّف في الاستعمال.

٢١٣

مَشاهِدَهُمُ وَشَهادَتَهُمْ (١) حَتّى تُلْحِقَني بهمْ وَتَجعَلَني لَهُمْ فَرَطاً وتابِعاً في الدُّنيا وَالآخِرَةِ (٢) ».

ثمَّ تمشي قليلاً وتكبّر سَبع تكبيرات ، ثمَّ تقوم بحيال القبر وتقول :

« سبحان الذي سبَّحَ لَهُ الملْكُ وَالملكُوتُ ، وَقَدَّسَت بأسمائِهِ جَميعُ خَلقِهِ ، وَسُبْحانَ اللهِ الملِكِ الْقُدُّوسِ رَبِّ الملائِكَةِ وَالرُّوح ، اللّهُمَّ اكْتُبْني في وَفْدِكَ إلى خَيْرِ بِقاعِكَ وَخَيرِ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ الْعَنِ الجِبْتَ وَالطّاغوتَ ، وَالْعَنْ أشْياعَهُم وَأتْباعَهُمْ ، اللّهُمَّ أشْهِدني مَشاهِدَ الخَير كُلَّها مَعَ أهْلِ بَيْتِ نَبيِّكَ ، اللّهُمَّ تَوفَّني مُسْلِماً ، وَاجْعَلْ لي قَدَمَ صِدْقٍ (٣) مَعَ الباقِينَ الْوارِثينَ الَّذين يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فيها خالِدُونَ مِنْ عِبادِكَ الصّالِحينَ ».

ثمَّ كبّر خمس تكبيرات ، ثمَّ تمشي قليلاً وتقول :

« اللّهُمَّ إنّي بِكَ مُؤمِنٌ وَبِوَعْدِكَ مُوقِنٌ ، اللّهُمَّ اكْتُبْ لي إيماناً وَثَبِّتْه في قَلْبي ، اللّهُمَّ اجْعَلْ ما أقول بِلِساني حَقيقَتَهُ في قَلْبي وَشَريعَتَهُ في عَمَلي ، اللّهُمَّ اجْعَلْني مِمَّنْ لَهُ مَعَ الحُسَينِ عليه‌السلام قَدَمُ ثَباتٍ ، وَأثْبِتْني فيمنِ اسْتُشْهِدَ مَعَهُ ».

ثمَّ كبّر ثلاث تكبيرات وترفع يديك حتّى تضعها على القبر جميعاً ، ثمَّ تقول :

« أشْهَدُ أنَّكَ طُهْرٌ طاهِرٌ مِنْ طُهْرٍ طاهِرٍ ، طَهُرْتَ وَطَهُرَتْ بِكَ البِلادُ ، وَطَهُرَتْ أرْضٌ أنْتَ بها ، وَطَهُرَ حَرَمُكَ ، أشْهَدُ أنَّكَ أمَرْتَ بِالْقِسْطِ وَالْعَدْلِ ، وَدَعَوتَ إلَيْهما ، وَأنَّكَ ثَأْرُ اللهِ في أرْضِهِ حتّى يَسْتَثِيرُ لَك مِنْ جَميع خَلْقِه (٤) ».

ثمّ ضَعْ خَدَّيك جميعاً على القبر ، ثمَّ تجلس وتذكر الله بما شِئتَ وتَوَجّه

__________________

١ ـ أي حضورهم ، أو أصير شهيداً كما صاروا ، والأوّل أظهر. ( البحار )

٢ ـ قال العلاّمة المجلسي رحمه الله : قوله : « وتجعلني لهم فَرَطاً » هو بالتّحريك : من يتقدّم القوم ليرتاد لهم الماء ويهيّىء لهم الدّلاء والأرشية ، أي تجعلني خادماً لهم ساعياً في اُمورهم.

٣ ـ في بعض النّسخ : « واجعل لي قدماً مع الباقين ».

٤ ـ قوله : « من جميع خلقه » أي ممّن له مدخل في ذلك ، بالتأسيس والخذلان والرّضا به في كلّ دهر وأوان. ( البحار )

٢١٤

إلى الله فيما شِئتَ أنْ تتوجّه ، ثمّ تعود وتضع يديك عند رجليه ، ثمَّ تقول :

« صَلَواتُ الله عَلىُ رُوحِكَ وَعَلىُ بَدَنِكَ ، صَدَقْتَ وأنْتَ الصّادِقُ المصَدّقُ ، وَقَتَلَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ بالأَيْدي وَالألْسُنِ ».

ثمَّ تقبل إلى عَليٍّ ابنه فتقول ما أحببت ، ثمّ تَقوم قائماً فتستقبل قُبورَ الشُّهداء فتقول :

« السَّلامُ عَليْكم أيُّها الشُّهداءُ ، أنْتُم لَنا فَرَط (١) وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ ، أبْشِرُوا بمَوعِدِ اللهِ الَّذي لا خُلْفَ لَهُ ، الله مُدْرِكٌ لكُمْ وِتْرَكُمْ (٢) وَمُدْرِكٌ بِكُمْ في الأرْضِ عَدُوَّهُ ، أنْتُمْ سادَةُ الشُّهداءِ في الدُّنيا وَالآخِرَةِ ».

ثمَّ تجعل القبر بين يديك ، ثمّ تصلّي ما بدا لك ثمَّ تقول :

« جِئْتُ وافِداً إلَيْكَ ، وَأتَوَسَّلُ إلىُ اللهِ بِكَ في جَميع حَوائِجي مِنْ أمْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتي ، بِكَ يَتَوَسَّلُ المتوسِّلُونَ إلىَ اللهِ في حَوائِجِهِمْ ، وَبِك يُدْرِكُ عِنْدَ اللهِ أهْلُ التُّراثِ طَلِبَتهُم ».

ثمّ تكبّر إحدى عشر تكبيرةً متتابعةً ولا تعجل فيها ، ثمَّ تمشي قليلاً فتقوم مستقبل القِبلَة فتقول :

« الحمْدُ لله الواحِدِ المتوَحِّد في الاُمُورِ كُلِّها ، خَلَق الخَلْقَ فَلَم يَغِبْ شَيءٌ مِنْ اُمُورِهِمْ عَنْ عِلْمِهِ ، فَعَلِمَهُ بِقُدرَتِهِ ، ضَمِنَتِ الأرْضُ وَمَنْ عَلَيها دَمَكَ وَثَأْرَكَ ، يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيكَ. أشْهَدُ أنَّ لَكَ مِنَ اللهِ ما وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَالفَتْح ، وَأنَّ لَكَ مِنَ اللهِ الوَعْدَ الصّادِقَ في هَلاكِ أعْدائِكَ ، وَتَمامَ مَوْعِدِ اللهِ إيّاكَ ، أشْهَدُ أنَّ مَنْ تَبِعَكَ الصّادِقُونَ ، الَّذينَ قالَ الله تَبارَكَ وَتَعالى فيهم : « اُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِندَ رَبِّهِم لَهُمْ أجْرُهُم وَنُورُهُم (٣) » ».

__________________

١ ـ أي أنتم متقدّم لنا.

٢ ـ الوتر ـ بالكسر ويفتح ـ ، والتِّرَة ـ بكسر التّاء وفتح الرّاء ـ : الثّأر.

٣ ـ الحديد : ١٩. وقوله تعالى : « لهم أجرهم ونورهم » اي لهم ثواب طاعاتهم ونور إيمانهم الّذين يهتدون به إلى طريق الجنّة ، وهذا قول عبدالله بن مسعود. ( المجمع )

٢١٥

ثمَّ كبّر سَبع تكبيرات ثمَّ تمشي قليلاً ، ثمَّ تستقبل القبر وتقول :

« الحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلم يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في المُلِك ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْديراً ، أشْهَدُ أنَّكَ دَعَوتَ إلى اللهِ وَإلى رَسُولِهِ ، وَوَفَيْتَ للهِ بِعَهْدِهِ ، وَقُمْتَ للهِ بِكَلِماتِهِ ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ اللهِ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ ، لَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكَ [وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً ظَلَمَتْكَ] ، وَلَعَن اللهُ اُمَّةً خَذَلَتْكَ ، وَلَعَن اللهُ اُمَّةً خَدَعَتْكَ (١) ، اللّهُمَّ إنّي اُشهِدُكَ بِالوِلايَةِ لِمَنْ والَيتَ ، وَوالَتْهُ رُسُلُكَ ، وأشْهَدُ بِالْبراءَةِ مِمَّن بَرِئتَ مِنْهُ رُسُلُكَ ، اللّهُمَّ الْعَنِ الَّذين كَذَّبُوا رُسُلُكَ ، وَهَدَمُوا كَعْبَتَكَ ، وَحَرَّفُوا كِتابَكَ ، وَسَفَكُوا دِماءَ أهْلِ بَيْتِ نَبيِّكَ ، وَأفْسَدُوا في بِلادِكَ واسْتَذَلُّوا عِبادَكَ ، اللّهُمَّ ضاعِفْ عَلَيهِم الْعَذابَ فيما جَرى مِنْ سُبُلِكَ وَبَرِّكَ وَبحرِكَ ، اللّهُمَّ الْعَنْهُمْ في مُسْتَسِرِّ السَّرائِرِ وَظاهِرِ الْعَلانِيَة في أرْضِكَ وَسَمائِكَ (٢) » ».

وكلّما دخلتَ الحائر فسَلِّمْ وَضَعْ يدك على القبر (٣).

زيارَةٌ اُخْرى

بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيم

٢ ـ حدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن رحمهم‌الله جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن الحسن بن راشد ، عن الحسين بن ثُوَير بن أبي فاخِتَة « قال : كنت أنا ويونس بن ظَبْيان والمفضّل بن عُمَرَ وأبو سَلَمةَ السَّرَّاج جُلوساً عِند أبي عبدالله عليه‌السلام وكان المتكلِّم يونس ـ وكان اكبرنا سِنّاً ـ فقال له : جُعلتُ فِداك إنّي أحضر مجلس هؤلاء القوم ـ يعني ولد العبّاس (٤) ـ فما أقول؟ فقال : إذا حضرتهم فذكرتنا فقل : « اللّهُمَّ أرنَا الرَّخاءَ وَالسُّرورَ ، فإنَّكَ تَأتي عَلى ما تُريدُ » ، فقلت : جعلت فداك إنّي

__________________

١ ـ في بعض النّسخ : « خَذَّلَتْ عنك ».

٢ ـ في البحار : « اللّهمّ العنهم في مستسرّ السّرائر في سمائك وأرضك ». وتقدّم بيانه.

٣ ـ في بعض النّسخ : « وضع خدّك على القبر ».

٤ ـ في جلّ النّسخ : « س اب ع ».

٢١٦

كثيراً مَا أذكر الحسين عليه‌السلام ، فأيّ شَيءٍ أقول؟ فقال : قل : « السّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ » ـ تعيد ذلك ثلاثاً ـ فإنَّ السَّلام يَصل إليه مِن قَريب ومِن بَعيد ، ثمَّ قال : إنّ أبا عبدالله عليه‌السلام لمّا قضى بَكتْ عليه السَّماوات السَّبع والأرضون السَّبع وما فيهنَّ وما بينهنَّ ومَن يتقلّب في الجنَّة والنّار مِن خَلْق رَبِّنا ، وما يُرى وما لا يُرى بَكى على أبي عبدالله الحسين عليه‌السلام إلاّ ثلاثة أشياء لم تَبكِ عليه ، قلت : جعلت فِداك وما هذه الثّلاثة الأشياء؟ قال : لم تَبكِ عليه البَصْرةُ ولا دِمَشْقُ ولا آل عثمانَ (١) فقلت له : جعلت فداك إنّي اُريد أن أزورَه فكيف أقول وكيف أصنع؟ قال : إذا أتيت أبا عبدالله عليه‌السلام فاغتسل على شاطىء الفُرات ثمَّ البس ثيابَك الطّاهِرة ، ثمّ امْشِ حافياً ، فإنَّك في حَرَم مِن حُرُم اللهِ وحَرم رَسوله (٢) وعليك بالتَّكبير والتَّهليل والتَّمجيد والتَّعظيم لِلّهِ كثيراً ، والصَّلاة على محمَّدٍ وأهل بيته ، حتّى تصير إلى باب الحائر ثمَّ تقول :

« السَّلام عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا مَلائِكَةَ اللهِ وَزُوَّارَ قَبْرِ ابْنِ نَبيِّ اللهِ » ؛

ثمَّ اخْطُ عَشر خُطىً (٣) ثمَّ قِفْ فكبِّر ثلاثين تَكبيرةً ، ثمَّ امْشِ إليه حتّى تأتيه

__________________

١ ـ قيل : المراد بِالسّماوات السّبع والأرضين السّبع سُكّان السّموات والأرضين ، والمراد بالبصرة ودِمَشْق أيضاً أهلهما.

٢ ـ أي الحرم الّذي أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم باحترامه. أو يلزم حرمته ‏لله ، لأنّه دفن فيه خليفة الله ، وللرَّسول لأنّه دفن فيه سِبْطه وقُرَّةُ عينه ووصيُّه ـ صلوات الله عليهم ـ. ( العلاّمة المجلسي رحمه الله ).

٣ ـ قال العلاّمة الشّعرانيّ رحمه الله في هامش الوافي : « المستفاد من هذا الحديث أنّ الحائر كان أعظم مِن الحرم الحالي ـ أعني : تحت القبَّة والرّواق الواقع على أطرافه ـ وذلك لأنّ الفاصلة بين الباب وما يقف فيه الزّائر حول القبر الشّريف كان أكثر من عَشر خطوات ، والضَّلع الجنوبي مِن جدار الحار ، وإلاّ لوجب التّصريح بأنّك تدور أو تطوف أو تحوّل حتّى تأتيه من قبل وجهه ، ولكن اكتفى بقوله : امش حتّى تأتيه ـ انتهى.

وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله : يدلّ على توسعةٍ في الحائر ، وأنّه أزيد مِن أصل القبَّة مع الرّواق كما توهّم ، بل الظّاهر أنّ كلّ ما انخفض من الصّحن المقدّس ـ أعني : جميع ما في

٢١٧

مِن قِبَل وَجهِه ، واستقبل بوَجهك وَجهه ، وتجعل القِبلَة بين كِتْفيك ، ثمَّ تقول :

« السَّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللهِ وابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قَتيلَ اللهِ وَابْنَ قَتيلِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثأرَ اللهِ وَابْنَ ثَأرِهِ ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وِتْرَ الله المَوتُورَ (١) في السَّماوات وَالأرْضِ ، أشْهَدُ أنَّ دَمَكَ سَكَن في الخُلُدِ ، وَاقْشَعَرَّتْ لَهُ أظلَّةُ العَرْشِ (٢) وَبَكى لَهُ جَميعُ الخلائِقِ ، وَبَكَتْ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالأرَضُونُ السَّبْعُ وَما فيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ ، وَمَنْ في الجَنَّةِ وَالنّار مِنْ خَلْقِ رَبِّنا ، ما يُرىُ وَما لا يُرى ، أشْهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ اللهِ وَابْنُ حُجَّتِهِ ، أشْهَدُ أنَّكَ قَتيلُ اللهِ وَابْنُ قَتيلِهِ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ ثَأرُ اللهِ وَابْنُ ثَأرِهِ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ وِتْرُ اللهِ المَوتُورِ في السَّماواتِ وَالأَرضِ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ ، وَوَفَيْتَ وافَيْتَ ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ رَبِّكَ ، وَمَضَيْتَ لِلَّذي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهيداً وَمُسْتَشْهِداً وَشاهِداً وَمَشْهُوداً ، وَأنَا عَبْدُاللهِ وَمَولاكَ وَفي طاعَتِكَ ، وَالْوفِدُ إلَيْكَ ، ألْتَمِسُ كَمالَ المَنزلَةِ عِنْدَاللهِ ، وَثَباتَ الْقَدَمِ في الْهِجْرَةِ إلَيْكَ ، وَالسَّبيل الَّذي لا يُخْتَلَجُ دُونَكَ مِنَ الدُّخُولِ في كَفَالَتِكَ الَّتي اُمِرْتَ بها (٤) ، مَنْ أرادَ اللهَ بَدَءَ بِكُمْ ، [مَنْ أرادَ الله بَدَءَ بِكُمْ ،

__________________

القدّام إلى ما يحاذي وسط المسجد الّذي خلف الضَّريخ المقدّس ـ داخل في الحائر. فإنّا سمعنا من المعمّرين أنَّ الصّحن لم يغيّر مِن قدّامه وجانبيه ، وإنّما وسّعوه من خلفه ليقع الضّريح في الوسط ، لكن ما ألحقوه مرتفع وما كان سابقاً منخفض ، ولذا سمّي حائراً لأنّه يحارّ فيه الماء ، وإن ذكر فيه وجوهٌ اُخر. ( ملاذ الأخيار )

١ ـ قوله : « يا وِتْر الله الموتور » أي الفرد المتفرّد في الكمال من نوع البشر في عصره الشّريف ، أو المراد ثأر الله كما مرّ ، أي الّذي الله تعالى طالب دمه. ( ملاذ الأخيار ) وقوله : « يا ثأر الله » بالثّاء المثلّثة والهمزة ، بمعنى طلب الدّم ، حُذف المضاف واُقيم المضاف إليه مقامه ، يعني : يا أهل طلب الدّم ، أي تطلبون بدمكم. ( الوافي ) وأوردنا له معنى آخر في ص ١٩٤.

٢ ـ أي ما فوق العرش ، أو الرّوحانيّين المطيفين به والحاملين له. ( المولى المجلسيّ ـ ره ـ ) وقال الفيروزآباديّ : الظِّلّ من كلّ شيءٍ : شَخْصُه ، أو كِنْه.

٤ ـ الاختلاج : الاضطراب ، واختلجه أي : جذبه واقتطعه. فيمكن أن يقرء : « يختلج » على بناء الفاعل وعلى بناء المفعول ، والثّاني أظهر. وعلى التّقديرين « السّبيل » : إمّا معطوف على الهجرة ، أو على ثبات القدّم ، والأخير أظهر. وعلى التّقادير حاصل الكلام : إنّي ألتمس منك السّبيل المستقيم غير المضطرب ، أو السّبيل الّذي من سلكه لا يجتذب ولا ينتزع ولا يمنع من الوصول إليكم في الدّنيا والآخرة. وكلمة « مِن » في قوله : « من الدّخول » إمّا تعليليّة ، أي : لأجل

٢١٨

مَنْ أرادَ اللهَ بَدَءَ بِكُم] ، بِكُمْ يُبَيّنُ اللهُ الكَذِبَ ، وَبِكُمْ يُباعِدُ الزَّمانَ الْكَلِبَ (١) ، وَبِكُمْ فَتَحَ اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ ، وَبِكُمْ يَمْحُو مَا يَشاءُ وَبِكُمْ يُثْبِتُ ، وَبِكُمْ يَفُكُّ الذُلَّ مِنْ رِقَابِنا ، وَبِكُمْ يُدْرِكُ اللهُ تِرَةَ كُلِّ مُؤمِنٍ يُطْلَبُ (٢) ، وَبِكُمْ تُنْبِتُ الأَرْضُ أشْجارَها ، وَبِكُمْ تُخْرِجُ الأشْجارُ أثْمارَها ، وَبِكُمْ تُنْزِلُ السَّماءُ قَطْرَها وَرِزْقَها ، وَبِكُمْ يَكْشِفُ اللهُ الْكَرْبَ ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ اللهُ الغَيثَ ، وَبِكُمْ تُسِيخُ الأرَضُ (٣) الَّتي تَحْمِلُ أبْدانَكُمْ ، وَتَسْتَقِرُّ جِبالُها عَلى مَراسِيها ، إرادَةُ الرَّبِّ في مَقادِير اُمُورِهِ تَهْبِطُ إلَيْكُمْ ، وَتَصْدُرُ مِنْ بُيُوتِكُمْ ، وَالصّادِرُ عَمّا فُصِلَ مِنْ أحْكامِ الْعِبادِ (٤) ، لُعِنَتْ اُمَّةٌ قَتَلَتكُم ، وأُمَّةٌ خَالَفَتكُم ، وَأُمَّةٌ جَحَدَت وِلايَتَكُم ، وأُمَةٌ ظاهَرَت عَلَيكُم ، وأُمَةٌ شَهِدَتْ وَلَمْ تُسْتَشْهدْ (٥) ، الحَمْدُ لِلّهِ

__________________

أن أدخل في كفالتك. أو صلة للاختلاج على المعنى الثّاني. و « اُمرت » على بناء المجهول. والكفالة هي الحفظ والرّعاية والشّفاعة اللاّتي أمرهم الله تعالى بها لشيعتهم. ( ملاذ الأخيار )

١ ـ اُريد بزمان الكلب : الشّدائد الصَّعْبَة.

٢ ـ أي دم قتيله وكلّ تبعة له على غيره وزاد في الفقيه : « ومؤمنة ». ( الوافي ) وفي بعض النّسخ : « ترة كلّ مؤمن بطلت » أي دم كلّ مؤمن بطلت ولم يؤخذ له القصاص. وفي الكافي : « ترة كلّ مؤمن يطلب ها ».

٣ ـ « وبكم تسيخ » أي تستقرّ وتثبت الأرض بكم ، لكونها حاملة لأبدانكم الشّريفة أحياء وأمواتاً. وفي بعض النّسخ وفي الفقيه : « وَبِكُمْ تُسَبّحُ الأرْضُ » بالباء الموحدة والحاء المهملة ، فيمكن أن يقرء على بناء المفعول : أي تنزّه وتقدّس وتذكر بالخير بيوتكم وضرائحكم ومواضع آثاركم. ( مرآة العقول )

٤ ـ « والصّادر عمّا فصّل » هو مبتدء وخبره مقدّر بقرينة ما سبق ، أي يصدر من بيوتكم. وفي بعض نسخ التّهذيب : « عمّا نقل من أحكام العباد » ، وفي الكافي كما في المتن ، وفي بعض النّسخ : « والصّادق » بالقاف ، ولا يختلف التّقدير. ويمكن أن يقرء « فصّل » على بناء المعلوم والمجهول من باب التّفعيل والمجرّد ، والحاصل أنّ أحكام العباد وما بيّن منها ، أو ما يفصل بينهم في قضاياهم ، أو ما يميّز بين الحقّ والباطل ، أو ما خرج من الوحي منها يؤخذ منكم ، فإنّ الصّادر عن الماء مثلاً هو الّذي يرد الماء ، فيأخذ منه حاجته ويرجع ، فإذا كان علم ما فصّل من أحكام العباد في بيوتهم فالصّادر عنه ، لابدّ أن يصدر مِن بيوتهم ، ولا يبعد أن يكون الواو في قوله : « والصّادر » زيد من النّسّاخ فيكون فاعل يصدر ولا يحتاج إلى تقدير. ( المجلسي ـ ره ـ ).

٥ ـ على بناء المفعول ، ومن يقرء على المعلوم لا يخفى بعده. ( من البحار ) في الفقيه : « تنصركم ».

٢١٩

الَّذي جَعَلَ النّارَ مأواهُمْ (١) ، وَبِئْسَ وِرْدُ الوارِدينَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ المَوْرُودُ (٢) ، الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمين » ، وتقول ثلاثاً : « صَلّى اللهُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ وَأنا إلى اللهِ مِمَّن خَالَفَكَ بَريءٌ ـ ثلاثاً ـ « ، ثمَّ تقوم (٣) فتأتي ابنه عَليّاً (٤) عليه‌السلام وهو عند رجْليه وتقول : « السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أمِيرِ المُؤمِنينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ الحَسَنِ وَالحُسَين (٥) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ خَديجةَ الْكُبْرى وَفَاطِمَةَ الزَّهْراءِ ، صَلّى الله عَلَيْكَ ـ ثلاثاً ـ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ـ ثلاثاً ـ أنَا إلى اللهِ مِنهُمْ بَرِيءٌ ـ ثلاثاً ـ ».

ثمّ تقوم فتؤمي بيدك إلى الشُّهداء وتقول : « السَّلامُ عَلَيْكُمْ ـ ثلاثاً ـ ، فُزْتُمْ وَاللهِ ، ـ ثلاثاً ـ ، فَلَيْتَ أنّي مَعَكُمْ (٦) فَأَفُوزَ فَوزاً عَظِيماً » ، ثمَّ تدور (٧) فتجعل قبر أبي عبدالله عليه‌السلام بين يديك وأمامك ، فتصلّي ستَّ رَكعات ، وقد تمّت زيارتك فإن شئت أقم وإن شئت فانصرف ».

__________________

١ ـ في التّهذيب : « مثواهم ».

٢ ـ أي : بئس الورد محلّ ورودهم ، والمورود تأكيد ، أو المورود عليه. ( ملذ )

٣ ـ قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: ظاهره استحباب أن يكون عند الزّيارة جالساً ، وبعض الزّيارات ظاهرها استحباب القيام ، ففي كلّ زيارة يؤتى بما اشتملت عليه.

٤ ـ يظهر من رجال الشّيخ ( ره ) أنّه عليّ بن الحسين الأصغر ، واُمّه ليلي بنت أبي مرّة الثَّقفيّ ، وذكر المفيد ( ره ) في إرشاده : هو الأكبر ، وذكر أنّ الأصغر عليٌ زين العابدين ، والّذي قتل مع الحسين عليه السلام صغيراً بإصابة السّهم هو عبدالله ، والمشهور أنّ الشّهيد هو الأكبر ، وهو مذكور في كتب أهل العلم بالأنساب على ما نقله ابن إدريس من العامّة والخاصة ، والله أعلم. ( كذا في هامش الوافي )

٥ ـ قوله : « يا ابن الحسن » كأنّ هذا على سبيل المجاز ، فإنّ العرب يسمّي العمّ أباً ، كما في قوله تعالى : « وَإذْ قَالَ إبراهيمُ لأَبيهِ آزَرَ » اي قال لعمّه ، فإنّ اسمه : تارخ.

٦ ـ في الفقيه : « يا ليتني كنت معكم ».

٧ ـ ظاهره أنّ زيارة عليّ بن الحسين والشّهداء أيضاً مِن قبل وجوههم ، خِلافاً لما قيل : إنّ زيارة غير المعصوم إنّما تكون مستقبل القِبلة ، بل الظّاهر أنّه إذا قرء عندهم « القدر » وأمثالها يكون مستقبل القِبلة ، وإذا خاطبهم بالسّلام يكون مستقبلهم. ويحتمل التّخيير مطلقاً ، والله يعلم. ( ملاذ الأخيار )

٢٢٠