كامل الزّيارات

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي

كامل الزّيارات

المؤلف:

ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة الصدوق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٢

فقال لي : انصرف مأجوراً؛ فإنَّك لا تصل إليه ، فرجعت فَزِعاً حتّى إذا كاد يطلع الفجر أقبلت نحوه حتّى إذا دَنَوتُ منه خرج إليَّ الرَّجلُ فقال لي : يا هذا إنّك لا تصل إليه ، فقلت له : عافاك الله ولم لا أصلُ إليه؟ وقد أقبلتُ مِن الكوفة اُريد زيارته فلا تَحل بيني وبينه ـ عافاك اللهُ ـ وأنا أخاف أن أصبح فيقتلونني أهل الشّام إنْ ادركوني ههنا ، قال : فقال لي : اصبر قليلاً فإنّ موسى بن عِمرانَ عليه‌السلام سأل اللهَ أن يأذن له في زيارة قبر الحسين فأذن له ، فهبط مِن السَّماء في سَبعين ألف مَلَك فهم بحضرته مِن أوَّل اللَّيل ينتظرون طلوع الفجر ثمَّ يعرجون إلى السَّماء ، قال : قلت له : فمن أنتَ عافاك الله؟ قال : أنا من الملائكة الّذين اُمروا بحرس قبر الحسين عليه‌السلام والاستغفار لزوَّاره ، فانصرفت وقد كادَ أن يطير عقلي لما سمعت منه ، قال : فأقبلت لمّا طلع الفجر نحوه فلم يَحُلْ بيني وبينه أحدٌ فدَنَوت مِن القبر وسَلّمت عليه ودَعوتُ اللهَ على قَتَلَتِه ، وصَلّيت الصُّبح وأقبلتُ مُسرعاً مخافة أهل الشّام » (١).

٣ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله الحِميريّ ، عن أبيه ، عن هارونَ بن مسلم ، عن عبدالرَّحمن بن [عمرو بن] الأشعث ، عن عبدالله بن حمّاد الانصاريّ ، عن ابن سِنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سمعتُه يقول : قبر الحسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما عِشرون ذراعاً في عشرين ذِراعاً مُكسّراً (٢) روضةٌ مِن رياض الجنّة ، ومنه معراج الملائكة (٣) إلى السَّماء ، وليس مِن ملكٍ مقرَّبٍ ولا نبيٍّ مرسل إلاّ وهو يسأل الله أن يَزوره ، ففوج يهبط وفوج يصعد ».

٤ ـ حدّثني أبي ؛ وأخي ؛ وجماعة مشايخي رحمهم‌الله عن محمّد بن يحيى ؛ وأحمدَ بن إدريسَ ، عن حَمدانَ بن سليمان النّيسابوريّ ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيِّ ، عن مَنيع بن حَجّاج ، عن يونسَ ، عن صَفوانَ الجمّال « قال : قال

__________________

١ ـ المراد بهم المأمورون.

٢ ـ يعني مضروباً ، أي عشرين في عشرين.

٣ ـ في بعض النّسخ : « وفيه معراج الملائكة ».

١٢١

لي أبو عبدالله عليه‌السلام : لمّا أتى الحِيرةَ هل لك في قبر الحسين؟ قلت : وتَزورُه جُعِلتُ فِداك؟ قال : وكيف لا أزورُه واللهُ يَزورُه (١) في كلِّ ليلة جُمُعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء ومحمّد أفضل الأنبياء ، ونحن أفضل الأوصياء ، فقال صَفوانُ : جعلت فِداك فنَزوره في كلِّ جمعة حتّى نُدركَ زيارة الرّبِّ؟ قال : نَعَم ، يا صَفوانُ ألزم ذلك تكتب لك زيارةُ قبر الحسين عليه‌السلام ، وذلك تفضيل وذلك تفضيل » (٢).

وحدَّثني القاسم بن محمّد بن عليِّ بن إبراهيم الهَمْدانيِّ ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاري ، عن الحسين بن أبي حمزة قال : خرجت في آخر زَمان بني اُميّة ( كذا ) ـ وذكر مثل الحديث المتقدَّم في الباب (٣).

وحدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن أحمدَ بن إدريس ، عن العَمركي بن عليِّ البوفكيِّ ، عن عِدَّة من أصحابنا ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين ابن ابنة أبي حمزة الثّماليِّ قال : خرجت في آخر زمان بني مَروان ـ وذكر مثل حديث الَّذي مرَّ في أوَّل الباب سواءً.

الباب التّاسع والثّلاثون

( زيارة الملائكة الحسين بن عليٍّ عليهما السلام )

١ ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن

__________________

١ ـ قال العلاّمة المجلسيّ رحمه‌الله : زيارته تعالى كناية عنع إنزال رحماته الخاصّة ـ صلواته عليه وعلى زائريه ـ. وقال العلاّمة الاُميني رحمه‌الله : زيارة الرَّبّ سبحانه في هذا الحديث وما في ص ٣٥ إمّا توجيه عنايته الخاصّة بإسبال فيضه المتواصل عليه ، أو إبداء شيءٍ مِن مظاهر جلاله العظيم الّذي تجلّى للجبل فجعله دَكَاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ، والإمام عليه‌السلام كان يزوره ليدرك هاتيك العناية الخاصّة ، أو يشاهد تلك المظاهر اللَّطيفة الّتي كانت لتشريفهم ، ولذلك كانوا يتحمّلون مشاهدته ، ولأنّ مقامهم أرفع مِن مقام موسى الّذي لم يتحمّله.

٢ ـ أي زيارة الرّبّ ، والمراد بالرّبّ عناياته ـ كما مرّ ـ وفرقٌ بين معنى الرّبّ ومعنى الله.

٣ ـ أي الخبر الثّاني من الباب.

١٢٢

ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سمعته يقول : ليس من ملكٍ في السَّماوات إلاّ وهم يسألون الله عزَّوجلَّ أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين عليه‌السلام ، ففوج يَنزل وفوج يَعرُج ».

٢ ـ وعنه : عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن داودَ الرَّقّي « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ما خلق الله خلقاً أكثر مِن الملائكة ، وأنّه ينزل من السَّماء كلَّ مَساءٍ سبعون ألف ملك يطوفون بالبيت الحرام ليلتهم حتّى إذا طلع الفجر انصرفوا إلى قبر النَّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيسلّمون عليه ، ثمَّ يأتون قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فيسلّمون ، ثم يأتون قبر الحسين عليه‌السلام فيسلّمون عليه ، ثمَّ يعرجون إلى السّماء قبل أن تطلع الشَّمس ، ثمَّ تنزل ملائكة النّهار سبعون ألف ملك ، فيطوفون بالبيت الحرام نهارَهم حتّى إذا غربتِ الشَّمس انصرفوا إلى قبر رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيسلّمون عليه ، ثمَّ يأتون قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فيسلّمون عليه ، ثمّ يأتون قبر الحسين عليه‌السلام فيسلّمون عليه ، ثمَّ يعرجون إلى السّماء قبل أن تغيب الشَّمس » (١).

٣ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن الحسين بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان ، عن محمّد بن الفضيل ، عن إسحاقَ بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : ما بين قبر الحسين عليه‌السلام إلى السّماء مُختَلفُ الملائكة ».

٤ ـ حدَّثني القاسم بن محمّد بن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جَدِّه ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاريِّ ، عن عبدالله بن سِنان « قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام

__________________

١ ـ قال العلاّمة الأميني رحمه‌الله : هذا الحديث رواه بحّاثة العامّة محمّد بن مسلم بن أبي الفوارس مِن أئمّة القرن السّادس في أربعينه الموجود عندنا بغير هذا الطريق عن وَهب عن الصّادق عليه‌السلام ، وجعله حديث الثّاني عشر مِن كتابه وزاد في آخره : « والّذي نفسي بيده أنّ حول قبره أربعة آلاف ملك شُعْثاً غُبراً يبكون عليه إلى يوم القيامة » ، وفي رواية أخرى : « قد وكّل الله بالحسين سبعين ألف ملك شُعْثاً غُبراً يصلّون عليه كلَّ يوم ويدعون لمن زارَه ، ورئيسهم ملك يقال له : منصور » ـ إلى آخر الحديث الأوَّل مِن الباب الحادي والأربعين من الكتاب.

١٢٣

يقول : قبر الحسين عليه‌السلام ـ عشرون ذِراعاً في عِشرين ذراعاً مُكسّراً ـ روضة من رِياض الجنّة ، منه معراج إلى السّماء ، فليس من ملك مقرَّب ولا نبيٍّ مرسل إلا وهو يسأل الله تعالى أن يزور الحسين عليه‌السلام ، ففوجٌ يهبط وفوجٌ يصعد ».

٥ ـ وعنه (١) ، عن أبيه ، عن جَدِّه ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن إسحاقَ بن عمّار « قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : جُعلتُ فِداكَ يا ابن رسول الله كنت في الحيرة ليلة عرفة فرأيت نحواً مِن ثلاثة آلاف وأربعة آلاف رَجل ، جميلة وجوههم ، طيّبة ريحهم ، شديد بياض ثِيابهم ، يصلّون اللَّيل أجمع ، فلقد كنت اُريد أن آتي قبر الحسين عليه‌السلام واُقبّله وأدعو بدعوات ، فما كنت أصل إليه من كثرة الخلق ، فلمّا طلع الفجر سجدتُ سِجدةً ، فرفعت رأسي فلم أرَ منهم أحداً ، فقال لي أبو عبدالله عليه‌السلام : أتدري مَن هؤلاء؟ قلت : لا جُعِلتُ فِداك ، فقال : أخبرني أبي ، عن أبيه قال : مَرَّ بالحسين عليه‌السلام أربعة آلاف ملكٍ ـ وهو يقتل ـ فعرجوا إلى السّماء فأوحى الله تعالى إليهم : يا معشر الملائكة مَرَرتُم بابن حبيبي وصَفيّي محمَّدٍ وهو يُقتل ويضطهد مظلوماً فلم تنصروه؟! فانْزِلو إلى الأرض إلى قبر فابْكوه شُعْثاً غُبراً إلى يوم القيامة ، فهم عنده إلى أن تقوم السّاعة » (٢).

٦ ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ عن سعد بن عبدالله ـ عن بعض أصحابه ـ عن أحمد بن قتيبة الهَمداني ، عن إسحاق بن عمّار « قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : إني كنت بالحائر ليلة عرفة وكنت اُصلّي وثَمَّ نحوٌ مِن خمسين ألفاً مِن النّاس ، جميلة وجوههم ، طيّبة روائحهم ، وأقبلوا يصلّون اللّيلة (٣) أجمع ، فلمّا طلع الفجر سَجَدتُ ثمَّ رفعتُ رأسي فلم أرَ منهم أحداً ، فقال لي أبو عبدالله عليه‌السلام : أنّه مَرَّ بالحسين عليه‌السلام خمسون ألف مَلَك ، وهو يقتل فعرجوا إلى السَّماء فأوحى الله تعالى إليهم : مَرَرتم بابن حبيبي وهو يقتل فلم تنصروه؟! فاهبُطوا إلى الأرض فاسْكنوا عند قبره شُعْثاً غُبراً إلى يوم تقوم السّاعة ».

__________________

١ ـ الضّمير راجع إلى القاسم بن محمّد بن عليّ بن إبراهيم.

٢ ـ في بعض النّسخ : « إلى أن تقوم القيامة ».

٣ ـ في نسخة : « يصلّون اللّيل ».

١٢٤

الباب الأربعون

( دعاء رسول الله وعليٍّ وفاطمة والأئمّة عليهم السلام لزُوّار الحسين عليه السلام )

١ ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن عبدالله؛ وعليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن رحمهم‌الله جميعاً ، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن حَسّان البَصريّ (١) ، عن مُعاوية بن وَهْب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قال لي : يا معاويةُ لا تَدَع زيارةَ قبر الحسين عليه‌السلام لخوف ، فإنَّ مَن ترك زيارَته رأى من الحَسْرَة ما يتمنّى أنَّ قبره كان عِنده (٢) ، أما تُحِبُّ أن يرى اللهُ شخصَك وسوادَك فيمن يدعو له رَسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليُّ وفاطمَةُ والأئمّة عليهم‌السلام ».

٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن حَسّان البصريّ ، عن معاويةَ بن وَهْب « قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه‌السلام فقيل لي : اُدخل ، فدخلت فوجدته في مصلاّه في بيته فجلست حتّى قضى صلاته فسمعته يناجي رَبَّه وهو يقول : « اللّهُمَّ يا مَنْ خَصَّنا بالْكَرامَةِ؛ وَوَعَدَنا بالشَّفاعَةِ؛ وَخَصَّنا بالوَصيَّةِ؛ وأعْطانا عِلمَ ما مَضى وعِلْمَ ما بَقيَ؛ وَجَعَلَ أفْئدَةً مِنَ النّاسً تَهْوِي إلَيْنا ، اغْفِرْ لي ولإخْواني وَزُوَّارِ قَبر أبي الحسين ، الَّذين أنْفَقُوا أمْوالَهُمْ وَأشخَصُوا أبْدانَهم رَغْبَةً في بِرِّنا ، وَرَجاءً لِما عِنْدَكَ في صِلَتِنا ، وسُروراً أَدْخَلُوهُ عَلى نَبِيِّكَ ، وَإجابَةً مِنهُمْ لأمْرِنا ، وَغَيظاً

____________

١ ـ قال العلاّمة الأميني رحمه‌الله : كذا في نسخ الكتاب؛ وفيما نقل عنه ، لكن الصّحيح كما في الكافي [وفي التّهذيب أيضاً] : « غسّان البصريّ » بقرينة موسى بن عمر ومعاوية بن وهب ، فما في النّسخ تصحيف كما لا يخفى. وسيأتي أيضاً كراراً.

٢ ـ أي يتمنّى التّاركُ أن يكون قبره عند قبر الحسين عليهما السلام ، وقال الفيض ( ره ) : قولوه : « إنّ قبره كان عنده » البارز في « قبره » راجعٌ إلى الحسين عليه السلام ؛ وفي : « عنده » إلى مَن تركه ، وإنّما يتمنّى ذلك يكون متمكّناً مِن كَثرة زيارته ، ويحتمل العكس ، يعني يتمنّى أن يكثر زيارته بحيث يموت هناك. ( الوافي ) أو يتمنّى أن يكون قتل لزيارته عليه السلام فصار قبره عنده. ويأتي الخبر في الصّفحة الآتية تحت رقم ٣.

١٢٥

أدْخَلُوهُ عَلى عَدُوِّنا ، أرادُوا بذلِكَ رِضاكَ ، فَكافِئْهُمْ عَنّا بالرِّضْوانِ ، واكْلأهُم (١) باللَّيلِ وَالنَّهارِ ، واخْلُفْ عَلىُ أهالِيهم وأولادِهِمُ الَّذين خُلِّفوا بأحْسَنِ الخَلَفِ وأصحبهم ، وَأكْفِهِمْ شَرَّ كلِّ جَبّارٍ عَنيدٍ؛ وَكُلّ ضَعيفٍ مِنْ خَلْقِكَ وَشَديدٍ ، وَشَرَّ شَياطِينِ الإنْسِ وَالجِنِّ ، وَأعْطِهِم أفْضَلَ ما أمَّلُوا مِنْكَ في غُرْبَتِهم عَنْ أوْطانِهِم ، وَما آثَرُونا (٢) بِهِ عَلى أبْنائهم وأهاليهم وقَراباتِهم ،

اللّهُمَّ إنَّ أعْداءَنا عابُوا عَلَيهم بخُروجهم ، فَلم يَنْهِهم ذلِكَ عَنِ الشُّخوصِ إلينا خِلافاً مِنْهم (٣) عَلى مَنْ خالَفَنا ، فارْحَم تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتي غَيَّرتها الشَّمْسُ ، وَارْحَم تِلكَ الخدُودَ الَّتي تَتَقَلّبُ على حُفْرَةِ أبي عَبدِاللهِ الحسينِ عليه‌السلام ، وَارْحَم تِلكَ الأعْيُنَ الَّتي جَرَتْ دُمُوعُها رَحمةً لَنا ، وارْحَم تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتي جَزَعَتْ واحْتَرقَتْ لَنا ، وارْحَم تِلكَ الصَّرْخَةَ الَّتي كانَتْ لَنا ، اللّهمَّ إني اسْتَودِعُكَ تِلْكَ الأبْدانَ وَتِلكَ الأنفُسَ حتّى تَرْويهمْ عَلى الحَوضِ يَومَ العَطَشِ [الأكبر] » :

فما زال يدعو عليه‌السلام وهو ساجدٌ بهذا الدُّعاء ، فلمّا انصرف قلت : جُعِلتُ فِداك لو أنَّ هذا الَّذي سَمعتُ منك كان لِمن لا يَعرفُ اللهَ عزَّوجَلَّ لَظننتُ أنَّ النّار لا تطعم منه شَيئاً أبداً!! والله لقد تمنَّيتُ أنّي كنتُ زُرْتُه ولم أحُجَّ ، فقال لي : ما أقربك منه؛ فما الَّذي يمنعك مِن زيارته؟ ثمَّ قال : يا معاويةُ لَم تدع ذلك ، قلت : جُعلتُ فِداك لَم أرَ (٤) أنَّ الأمر يبلغ هذا كلّه؟ فقال : يا معاوية [و] مَن يدعو لزُوَّاره في السَّماء أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض ».

وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الاُصمّ ، عن معاوية بن وَهْب قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه‌السلام ، وذكر مثله.

__________________

١ ـ أي احفظهم. وفي اللّغة : « كلاه الله : حفظه وحرسه ، يقال : اذهب في كلاءة الله ».

٢ ـ آثره إيثاراً : اختاره واكرمه ، وفضّله ، وكذا بكذا : أتبعه.

٣ ـ في بعض النّسخ : « خلافاً عليهم ، فارحم تلك الوجوه ».

٤ ـ في بعض النّسخ : « لم أدر ».

١٢٦

٣ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن حَسّان البَصريِّ (١) ، عن معاوية بن وَهْب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قال لي : يا معاويةُ لا تَدَع زيارةَ الحسين عليه‌السلام لخوفٍ فإنَّ مَن تركه رأى مِن الحسرة ما يتمنّى إنَّ قبرَه كان عِنده (٢) ، أما تحبُّ أن يَرَى الله شخصَك وسوادَك فيمن يدعو له رَسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليٌّ وفاطمةُ والأئمّة عليهم‌السلام؟! أما تحبُّ أن تكون ممّن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويغفر لك ذنوب سَبعين سَنة؟! أما تحبّ أن تكون ممّن يخرج مِن الدُّنيا وليس عليه ذنبٌ تتبع به؟! أما تحبُّ أن تكون غداً ممّن يصافِحُه رَسولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

حدَّثني أبي رحمه‌الله وجماعة مشايخي ، عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن عبدالله الأصمّ ، عن معاويةَ بن وَهْب قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه‌السلام ـ وذكر الحديث والدُّعاء لزوَّار الحسين عليه‌السلام ـ.

وحدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن غَسّان البَصريّ ، عن معاويةَ بن وَهْب. وحدَّثني محمّد ابن يعقوبَ؛ عن عليُّ بن الحسين ، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم ـ عن بعض أصحابنا ـ عن ابراهيم بن عُقْبَةَ ، عن معاوية بن وَهْب قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه‌السلام ـ وذكر مثل حديث الدُّعاء الّذي في زوّار الحسين عليه‌السلام ـ.

حدَّثني أبي رحمه‌الله وعليُّ بن الحسين ؛ وجماعَة مشايخنا ، عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً ، عن العَمْركي بن عليٍّ البوفكيِّ ، عن يحيى خادم أبي جعفر الثّاني عليه‌السلام ـ ، عن ابن أبي عُمَير ، عن معاوية بن وَهْب قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه‌السلام ـ وذكر الحديث ـ.

٤ ـ حدَّثني حكيم بن داود ، عن سَلَمَة بن الخطّاب ، عن الحسن بن عليٍّ

__________________

١ ـ كذا ، والصّواب : « غسّان البصريّ » كما تقدم.

٢ ـ في بعض النّسخ : « كان بيده » ، وفي بعضها : « كان نبذه » ، والصّواب ما في المتن ، وتقدّم الخبر في ص ١٢٥ تحت رقم ١ إلى قوله : « والأئمة عليهم السلام » مع بيانه.

١٢٧

الوَشّاء ـ عمّن ذكره ـ عن داودَ بن كثير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : إنَّ فاطمة عليها‌السلام بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحضر لزوَّار قبر ابنها الحسين عليه‌السلام فتستغفر لهم ذنوبهم ».

الباب الحادي والأربعون

( دعاء الملائكة لزُوَّار الحسين عليه السلام )

١ ـ حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز الكوفي ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سَعدانَ ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عُمَرَ بن أبان الكَلبيِّ ، عن أبان بن تَغلِب « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين عليه‌السلام شُعْثٌ غُبْرٌ يبكونه إلى يوم القيامة ، رئيسهم مَلَكٌ يقال له : منصور ، ولا يَزوُرُه زائِر إلاّ استقبلوه ، ولا يودّعه مُوَدّع إلاّ شَيّعوه ، ولا يمرض إلاّ عادوه ، ولا يموت إلاّ صلّوا عليه [و] على جنازته ، واستغفروا له بعد مَوته » (١).

٢ ـ وحدَّثني أبي رحمه‌الله ومحمّد بن الحسن؛ وعليُّ بن الحسين ؛ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ، عن عليِّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : وكّل الله تبارك وتعالى بالحسين عليه‌السلام سبعين ألف ملك يصلّون عليه كلّ يوم شُعثاً غُبراً ، ويدعون لمن زارَه ويقولون : يا ربِّ هؤلاء زُوَّار الحسين عليه‌السلام؛ افعل بهم ، وافعل بهم ـ كذا وكذا ـ ».

٣ ـ حدّثني حكيم بن داود ، عن سَلَمةَ ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن حَسّان البصري (٢) ، عن معاوية بن وَهْب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : لا تدع زيارة الحسين عليه‌السلام ، أما تحبّ أن تكون فيمن تدعو له الملائكة ».

__________________

١ ـ هذا الحديث رواه ابن أبي الفوارس في أربعينه كما أوعز إليه العلاّمة الأميني ( ره ) سابقاً.

٢ ـ تقدّم الكلام فيه ، راجع ص ١٢٥ ذيل الخبر ١.

١٢٨

٤ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ، عن عليِّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : وكّل اللهُ تعالى بقبر الحسين عليه‌السلام سبعين ألف ملك يصلّون عليه كلَّ يوم شُعثاً غُبراً مِن يوم قُتل لى ما شاء الله ـ يعني بذلك قيام القام عليه‌السلام ـ ، ويدعون لمن زارَه ويقولون : يارَبِّ هؤلاء زُوَّار الحسين عليه‌السلام افعل بهم وافعل بهم ».

٥ ـ حدَّثني الحسين بن محمّد بن عامِر ، عن أحمدَ بن إسحاقَ بن سعد ، عن سَعدانَ بن مسلم ، عن عُمَرَ بن أبان ، عن أبان بن تَغلِب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : كأنّي بالقائم [عليه‌السلام] على نجف الكوفة وقد لبس دِرْع رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فينتفض هو بها فتستدير عليه ، فيغشيها بِحِداجة مِن اسْتبرق ، ويركب فَرَساً أدهم بين عينيه شِمراخ فينتفض به انتفاضة (١) لا يبقى أهل بلد إلاّ وهم يرون أنّه معهم في بلادهم ، فينتشر راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عَمودها مِن عمود العرش ، وسائرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شيءٍ أبداً إلاّ أهْلَكه الله ، فإذا هزَّها (٢) لم يبق مؤمن إلّا صارَ قلبه كَزبر الحديد ، ويعطى المؤمن قوَّة أربعين رَجلاً ، ولا يبقى مؤمن ميّتٌ إلاّ دَخلتْ عليه تلك الفَرْحة في قبره ، وذلك حين يتزاوَرُون في قبورهم (٣) ، ويتباشرون بقيام القائم ، فينحطّ عليه ثلاث عشر آلاف مَلَك وثلاثمائة وثلاث عشر مَلَكاً ، قلت : كلُّ هؤلاء الملائكة؟ قال : نَعَم؛ الّذين كانوا مع نوح في السّفينة ، والّذين كانوا مع ابراهيم حين اُلقي في النّار ، والَّذين كانوا مع موسى حين فلَقَ البحر لبني إسرائيل ، والَّذين كانوا مع عيسى حين رَفَعه الله إليه ، وأربعة آلاف مَلَك مع النَّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مُسَوِّمين ، وألف مُردفين (٤) ،

__________________

١ ـ انتفض الثّوب : حرّكه ليزول عن الغبار ، والحداجة ـ بالكسر ـ : ما تركب فيه النِّساء على البعير كالهودج ، والشِّمْراخ : غُرّة الفرس إذا دقّت وسالت وجلّلت الخَيْشوم ولم تبلغ الجَحفَلَة.

٢ ـ أي حرّكها.

٣ ـ تزاور القومُ : زار بعضهم بعضاً.

٤ ـ قوله : « مُسَوِّمينَ » أي معلمين مِن التّسويم الّذي هو إظهار سيماء الشّيء ، و « مُرْدِفين ».

١٢٩

وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكةً بَدْرِيّين ، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القِتال مع الحسين عليه‌السلام ، فلم يؤذن لهم في القِتال فهم عند قبره شُعثٌ غُبرٌ يبكونه إلى يوم القيامة ، ورئيسهم ملكٌ يقال له : منصور ، فلا يزوره زائرٌ إلاّ استقبلوه ، ولا يودّعه مودّع إلاّ شَيّعوه ، ولا يمرض مريض إلاّ عادوه ، ولا يموت ميّت إلاّ صلّوا على جنازته ، واستغفروا له بعدَ مَوته ، وكلُّ هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم عليه‌السلام إلى وقت خروجه صلوات الله عليه ».

الباب الثّاني والأربعون

( فضل صلاة الملائكة لزُوّار الحسين عليه السلام )

١ ـ حدّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي المَغرا ، عن عَنْبَسَة ، عن أبي عبدا‏ عليه‌السلام « قال : سمعته يقول : وكّل الله بقبر الحسين بن عليِّ عليهما‌السلام سبعين ألف ملك يعبدُون الله عنده ، الصّلاة الواحِدَة من صلاة أحدهم تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميّين ، يكون ثواب صلاتهم لزوّار قبر الحسين بن عليٍّ عليهما‌السلام وعلى قاتله لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين أبد الآبدين ».

٢ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن سيف بن عَمِيرَة ، عن بكر بن محمّد الأزديِّ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : وكّل الله تعالى بقبر الحسين عليه‌السلام سبعين ألف ملكٍ شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة ، يصلّون عنده ، الصّلاة الواحدة من صلاة أحدهم تَعدِل ألف صلاة من صلاة الآدميّين ، يكون ثوابُ صلاتهم وأجرُ ذلك لمن زارَ قبرَه عليه‌السلام » (١).

* * * * *

__________________

أي متبعين المؤمنين ، أو بعضهم بعضاً ، من أردفتُه أنا إذا جئت بعده ، أو متبعين بعضهم بعضاً المؤمنين. ( البيضاوي ).

١ ـ تقدّم الخبر في ص ٩٠ تحت رقم ١٤.

١٣٠

الباب الثّالث والأربعون

( إنّ زيارة الحسين عليه السلام فرض وعهد لازم له )

( ولجميع الأئمّة عليهم السلام على كلّ مؤمن ومؤمنة )

١ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله ومحمّد بن الحسن ، عن الحسن بن مَتِّيل. وقال محمّد بن الحسن : وحدَّثني محمّد بن الحسن الصّفّار جميعاً ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيّ قال : حدَّثنا الحسن بن عليِّ بن فضّال قال : حدَّثني أبو أيّوب إبراهيم بن عثمان الخَزَّاز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : مُروا شيعتَنا بزيارة قبر الحسين عليه‌السلام ، فإن إتيانه مفترض على كلِّ مؤمن يُقرُّ للحسين عليه‌السلام بالإمامة مِن الله عزَّوجلَّ » (١).

٢ ـ حدَّثني أبي ؛ وأخي ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ ومحمّدُ بنُ الحسن رحمهم‌الله جميعاً ، عن أحمدَ بن إدريسَ ، عن عبيدالله بن موسى ، عن الوَشّاء « قال : سمعت الرِّضا عليه‌السلام يقول : إنَّ لِكلِّ إمام عَهدا في عنق أوليائه وشيعته ، وإنَّ مِن تمام الوَفاء بالعهد وحُسن الأداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رَغبةً في زيارتهم وتَصديقاً لما رَغّبوا فيه كان أئمّتُهم شُفعاءَهم يوم القيامة ».

حدَّثني محمّد بن يعقوبَ الكلينيُّ ، عن أحمدَ بن إدريس بإسناده مثله سواء (٢).

٣ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز قال : حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أبي داود المسترقّ ، عن اُمّ سعيد الاُحْمَسِيّة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قالت : قال لي : يا اُمّ سعيد تزورين قبر الحسين؟ قالت : قلت : نَعَم ، فقال لي :

__________________

١ ـ الخبر بهذا السّند مذكور في التّهذيب ( ج ٦ ص ٤٨ تحت رقم ١ ) بزيادة وهي : « فإنّ إتيانه يزيد في الرّزق ، ويمدّ في العمر ، ويدفع مدافع السّوء وإتيانه مفترضٌ ـ إلخ ». وسيأتي الخبر بتمامه في الباب ٦١ تحت رقم ١.

٢ ـ راجع الكافي المجلّد الرّابع ص ٥٦٧ تحت رقم ٢.

١٣١

زوريه؛ فإنَّ زيارة قبر الحسين واجبة على الرّجال والنّساء ».

٤ ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن ـ رحمهما الله ـ جميعاً ، عن الحسن بن مَتِّيل ، عن الحسن بن عليِّ الكوفيّ ، عن عليّ بن حسّان الهاشميّ ، عن عبدالرَّحمن بن كثير مولى أبي جعفر (١) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : لو أنَّ أحدكم حجّ دَهْره ، ثمّ لم يَزُرِ الحسين بن عليِّ عليهما‌السلام لكان تاركاً حقّاً مِن حقوق الله وحقوق رَسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لاُنَّ حقَّ الحسين فَرِيضةٌ مِن اللهِ ، واجبةٌ على كلِّ مسلم ».

الباب الرِّابع والأربعون

( ثواب مَن زار الحسين عليه السلام بنفسه أو جهّز إليه غيره )

١ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البَصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن محمّد البَصريّ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : سمعت أبي يقول لرجل من مواليه ـ وسأله عن الزّيارة ـ فقال له : مَن تزور ومَن تريد به؟ قال : الله تبارك وتعالى ، فقال : مَن صَلّى خَلفَه صلاةً واحدة (٢) يريد بها الله (٣) لقي الله يوم يلقاه وعليه مِن النّور ما يغشى له كلَّ شيءٍ يَراه ، والله يكرم زُوَّاره ويمنع النّار أن تنال منهم شيئاً ، وإنَّ الزَّائر له لا يتناهى له دون الحوض وأمير المؤمنين عليه‌السلام قائمٌ على الحوض يصافحه ويروّيه من الماء ، وما يسبقه أحدٌ إلى وروده الحوض حتّى يروى ، ثمَّ ينصرف إلى منزله من الجنّة ومعه ملك من قبل أمير المؤمنين عليه‌السلام قائم على الحوض يصافحه ويروّيه من الماء ، وما يسبقه أحدٌ إلى وروده الحوض حتّى يروي ، ثمَّ ينصرف إلى منزله من الجنّة ومعه ملك من قبل أمير المؤمنين يأمر الصّراط أن يذلَّ له ، ويأمر النّار أن لا تصيبه من لَفْحها (٤) شيء حتّى يجوزها ، ومعه رسوله الّذي بعثه أمير المؤمنين عليه‌السلام ».

__________________

١ ـ يعني المنصور العبّاسيّ.

٢ ـ في بعض النّسخ : « صلاة واجبة » وفي البحار كما في المتن.

٣ ـ أي التّقرّب إلى الله تعالى.

٤ ـ أي حرّها واحتراقها.

١٣٢

٢ ـ وبإسناده عن الأصمّ (١) قال : حدَّثنا هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ « قال : أتاه رَجل فقال له : ياابن رسول الله هل يُزار والدُك؟ قال : فقال : نَعَم ويصلّى عنده ، وقال : يصلّى خلفَه ولا يتقدَّم عليه ، قال : فما لمن أتاه؟ قال : الجنّة إن كان يأتمُّ به ، قال : فما لمن تركه رَغبةً عنه؟ قال : الحَسرة يوم الحسرة ، قال : فما لمن أقام عنده؟ قال : كلُّ يوم بألف شهر ، قال : فما للمُنفق في خروجه إليه والمنُفق عندَه؟ قال : درهم بألف درهم؛

قال : فما لِمَن مات في سَفره إليه؟ قال : تُشيّعه الملائكة ، وتأتيه بالحنوط والكسوة مِن الجنّة ، وتصلّي عليه إذ كفّن وتكفّنه فوق أكفانه ، وتفرش له الرّيحان تحته ، وتدفع الأرض حتّى تصوّر من بين يديه (٢) مسيرة ثلاثة أميال ، ومِن خَلفِه مثل ذلك ، وعند رَأسه مثل ذلك ، وعند رِجليه مثل ذلك ، ويفتح له باب من الجنّة إلى قبره ، ويدخل عليه رَوحها ورَيحانها حتّى تقوم السّاعة؛

قلتُ : فما لِمَن صلّى عنده؟ قال : مَن صلّى عنده رَكعتين لم يسألِ الله تعالى شيئاً إلاّ أعطاه إيّاه ، قلت : فما لِمَن اغتسل مِن ماءِ الفُرات ، ثمّ أتاه؟ قال : إذا اغتسل مِن ماءِ الفرات وهو يريده تساقَطَتْ عنه خطاياه كيوم ولَدَتْه اُمّه ، قال : قلت : فما لِمَن يجهز إليه ولم يخرج لعلّه تُصيبه؟ قال : يعطيه الله بكلِّ دِرْهم أنفقه مثل اُحُد مِن الحَسَنات ، ويخلف عليه أضعاف ما أنفقـ[ـه] ، ويصرف عنه من البلاء ممّا قد نزل ليصيبها ، ويدفع عنه ، ويحفظ في ماله؛

قال : قلت : فما لِمَن قُتل عنده ، جار عليه سلطانٌ فقتَله؟ قال : أوَّل قطرة مِن دَمِه يُغفَر له بها كلُّ خطيئة ، وتَغسلُ طِينتَه الّتي خُلق منها الملائكةُ حتّى تخلص كما خلصتِ الأنبياء المخلصين ، ويذهب عنها ما كان خالطها مِن أجناس طين أهل الكفر ، ويغسل قلبه ويشرح صدره ويملأ إيماناً فيلقى الله وهو مخلَصٌ مِن كلِّ ما تخالطه الأبدان والقلوب ، ويكتب له شفاعة في أهل بيته

__________________

١ ـ يعنى عبدالله بن عبدالرّحمن المسمعيّ.

٢ ـ على بناء التّفعّل بحذف إحدى التّاءين أي تسقط وتنهدم.

١٣٣

وألف مِن إخوانه ، وتولّى الصّلاة عليه الملائكة مع جَبرئيل وملك الموت ، ويؤتى بكفنه وحنوطه مِن الجَنّة ، ويوسّع قبره عليه ويوضع له مصابيح في قبره ويفتح له بابٌ من الجَنَّة ، وتأتيه الملائكة بالطُّرَف مِن الجَنّة ، ويرفع بعد ثمانية عشر يوماً إلى حَظيرة القُدْس ، فلا يزال فيها مع أولياء الله حتّى تصيبه النّفخة الّتي لا تبقى شيئاً؛

فإذا كانت النّفخة الثّانية وخرج من قبره كان أوَّل مَن يصافحه رَسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين والأوصياء عليهم‌السلام ويُبشّرونه ويقولون له : ألزمنا ، ويقيمونه على الحوض فيشرب منه ويسقي مَن أحبّ.

قلت : فما لمن حُبس في إتيانه؟ قال : له بكلِّ يوم يحبس ويغتمّ فَرْحَةٌ إلى يوم القيامة ، فإن ضُرِب بعدَ الحَبْس في إتيانه كان له بكلِّ ضربةٍ حَوراء وبكلِّ وَجَع يدخل على بَدَنه ألفُ ألف حَسَنةٍ ، ويُمحا بها عنه ألفُ ألف سيئةٍ ، ويرفع له بها ألفُ ألف دَرَجةٍ ، ويكون مِن محدّثي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى يفرغ مِن الحساب ، فيصافحه حملة العرشِ ويقال له : سَلْ ما أحببتَ؛

ويؤتى ضاربه للحساب فلا يسأل عن شيء ولا يحتسب بشيء ويؤخذ بضَبْعَيه حتّى ينتهي به إلى ملك يَحبوه ويتحفه (١) بشربةٍ مِن الحميم ، وشربةٍ مِن الغِسلين ، ويوضع على مقال في النّار ، فيقال له : ذُقْ ما قَدَّمَتْ يداك فيما أتيتَ إلى هذا الَّذي ضربته ، وهو وَفدُ الله ووَفدُ رسوله ويأتي بالمضروب إلى باب جهنّم فيقال له : انظر إلى ضاربك وإلى ما قد لقي فهل شَفيت صَدرك ، وقَدِ اقتُصَّ لك منه؟ فيقول : الحمد ‏لله الَّذي انتصر لي ولِولد رَسوله منه ».

٣ ـ وبهذا الإسناد عن الاُصَمّ ، عن عبدالله بن بُكَير ـ في حديث طويل ـ « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : يا ابن بُكير إنَّ الله اختار مِن بقاع الأرض سِتّةً : البيت الحرام ، والحَرَم ، ومقابر الأنبياء ، ومقابر الأوصياء ، ومقاتل الشُّهداء (٢) ،

__________________

١ ـ « يحبوه » من الحبوة بمعنى العطيّة ، وذلك على سبيل التّهكّم ، وفي بعض النّسخ : « فيحيّزه ».

٢ ـ في بعض النّسخ : « ومقابر الشّهداء ».

١٣٤

والمساجد الَّتي يذكر فيها اسم الله ، ياابن بُكير هل تَدري ما لِمَن زارَ قبرَ أبي عبدالله الحسين عليه‌السلام إن جهله الجاهلون ، ما مِن صباح إلاّ وعلى قبره هاتفٌ من الملائكة يُنادي : يا طالب الخير (١) أقبل إلى خالِصة الله تَرحل بالكرامة وتأمن النَّدامة ، يسمعُ أهل المَشرِق وأهلُ المغرب إلاّ الثّقَلَين ، ولا يبقى في الأرض مَلكٌ مِن الحفظة إلاّ عطف عليه عند رُقاد (٢) العبد حتّى يسبّح اللهَ عنده ، ويسألُ اللهَ الرّضا عنه ، ولا يبقى ملكٌ في الهوا يسمع الصّوت إلاّ أجاب بالتّقديس لله تعالى ، فتشتد أصوات الملائكة ، فيجيبهم أهل السّماء الدُّنيا ، فتشتدُّ أصوات الملائكة وأهل السَّماء الدُّنيا حتّى تبلغ أهل السّماء السّابعة فيَسْمَعُ أصواتَهم النَّبيّون (٣) فيترحَّمون ويُصَلّون على الحسين عليه‌السلام ويدعون لمن زارَه » (٤).

الباب الخامس والأربعون

( ثواب مَن زار الحسين عليه السلام وعليه خوفٌ )

١ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن حمّاد ذي النّاب ، عن رُوميّ (٥) ، عن زُرارةَ « قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما تقولُ فيمن زارَ أباك على خوف؟ قال : يؤمنه الله يوم الفَزَع الأكبر ، وتلقّاه الملائكة بالبِشارة ، ويقال له : لا تَخَفْ ولا تَحزَنْ هذا يومك الَّذي فيه فَوزُك ».

٢ ـ وبإسناده ، عن الأصمّ ، عن ابن بُكَير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قلت له : إنّي أنزل الأرَّجان (٦) وقلبي ينازِعُني إلى قبرِ أبيك ، فإذا خرجت فقلبي

__________________

١ ـ في بعض النّسخ : « يا باغي الخير ».

٢ ـ رَقَدَ الرّجل رَقْداً ورُقاداً : نام.

٣ ـ في بعض النّسخ : « فيُسمع الله أصواتهم النَّبيِّين ».

٤ ـ في بعض النّسخ « لمن أتاه ».

٥ ـ هو ابن زرارة بن أعين الشّيبانيّ ، وراويه حمّاد بن عثمان ، وهما ثقتان.

٦ ـ تقدّم الكلام فيه ، راجع ص ١١٠ ذيل الخبر ٧.

١٣٥

وَجِلٌ مشفقٌ حتّى أرجع خَوفاً من السّلطان والسُّعاة وأصحاب المَسالِح (١) ، فقال : ياابن بُكير أما تحبّ أن يَراك الله فينا خائفاً؟ أما تعلم أنّه مَن خاف لخوفنا أظلَّه الله في ظلِّ عرشه ، وكان محدِّثه الحسين عليه‌السلام تحت العرش ، وآمنه الله مِن أفزاع يوم القيامة ، يفزع النّاس ولا يفزع ، فإن فزع وَقّرَته الملائكة وسَكنتْ قلبه بالبِشارة ».

٣ ـ حدّثني حكيم بن داودَ بن حَكيم السَّرَّاج ، عن سَلَمة بن الخطّاب ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن حَسّان البصريّ (٢) ، عن معاوية بن وَهْب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قال : يا مُعاوية لا تَدَع زيارة قبر الحسين عليه‌السلام لخوفٍ ، فإنَّ مَن تركه رأى مِن الحسرة ما يتمنّى أنّ قبره كان عنده ، أما تحبّ أن يرى الله شخصك وسَوادك فيمن يدعو له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليٌّ وفاطمة والأئمّة عليهم‌السلام؟ أما تحبُّ أن تكون ممّن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويفغر له ذنوب سَبعين سَنَة؟ أما تحبّ أن تكون ممن يخرج مِن الدُّنيا وليس عليه ذنب يتبع به؟ أما تحبّ أن تكون غداً ممّن يصافِحُه رَسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ ».

٤ ـ حدّثني عليُّ بن الحسين رحمه‌الله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع ، عن الخيبريِّ ، عن يونسَ بن ظَبيان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « قال : قلت له : جعلت فداك زيارة قبر الحسين عليه‌السلام في حال التّقيّة؟ قال : إذا أتيت الفرات فاغتسل ثمَّ ألبس أثوابَك الطّاهرة (٣) ثمّ تمرَّ بإزاء القبر وقل : « صَلّى اللهُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، صَلّى اللهُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله ، صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ » ، فقد تمّت زيارتك ».

٥ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن

__________________

١ ـ السّعاة جمع ساعي وهو عامل الصَّدقات والوالي. والمسالح جمع مَسْلحة ـ بفتح الميم ـ وهي الحدود والثّغور الّتي يرتّب فيها أصحاب السّلاح.

٢ ـ كذا في النّسخ ، ومرّ هذا الحديث بسند آخر في الباب الأربعين ، ولنا فيه كلام.

٣ ـ في بعض النّسخ : « ثوبيك الطّاهرين ».

١٣٦

محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البَصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال : حدَّثنا مُدْلِج ، عن محمّد بن مسلم ـ في حديث طويل ـ « قال : قال لي أبو جعفر محمّد بن عليٍّ عليهما‌السلام : هل تأتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قلت : نعم على خوفٍ ووَجلٍ ، فقال : ما كان مِن هذا أشدّ ، فالثّواب فيه على قدر الخوف ، ومَن خاف في إتيانه أمن الله روعته يوم القيامة يوم يقوم النّاس لربِّ العالمين ، وانصرف بالمغفرة ، وسَلّمتْ عليه الملائكة وزاره النَّبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعا له ، وانقلب بنعمةٍ من الله وفَضْلٍ لم يمسَسْه سوءٌ واتّبع رَضوان الله ـ ثمَّ ذكر الحديث ـ ».

الباب السّادس والأربعون

( ثواب ما للرَّجل في نفقته إلى زيارة الحسين عليه السلام )

١ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريِّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال : حدَّثنا مُعاذ ، عن أبان « قال : سمعته يقول : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : مَن أتى قبر أبي عبدالله عليه‌السلام فقد وَصَلَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووَصَلَنا وحرمتْ غيبتُه ، وحرم لحمه على النّار ، وأعطاه بكلِّ درهم أنفقه عشرة آلاف مدينة له في كتاب محفوظ (١) ، وكان الله له مِن وراء حوائجه ، وحفظ في كلِّ ما خَلّف ، ولم يسألِ الله شيئاً إلاّ أعطاه وأجابه فيه ، إمّا أن يعجّله وإمّا أن يؤخّره له ».

وحدَّثني بذلك محمّد بن همّام بن سُهيل رحمه‌الله عن جعفر بن ـ محمّد بن مالك ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن معاذ ، عن أبان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

__________________

١ ـ كذا في النّسخ ، وما أدري ما المراد به ، ولعلّ المعنى كتب الله له إنفاق أهالي عشرة آلاف مدينة مضبوطة في الكتاب ، والله يعلم.

١٣٧

٢ ـ وحدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصري ّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصَمّ ، عن الحسين (١) ، عن الحلبيّ ، عن عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ « قال : قلت : جُعلتُ فِداك ما تقول فيمن ترك زيارته وهو يقدر على ذلك؟ قال : أقول : إنّه قد عَقّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعقّنا واستخفّ بأمر هُوَ لَه (٢) ، ومَن زاره كان الله له من وراء حوائجه ، وكفى ما أهمّه من أمر دنياه ، وأنّه ليجلب الرّزق على العبد ، ويخلف عليه ما أنفق ويغفر له ذنوب خمسين سنة ، ويرجع إلى أهله وما عليه وِزْرٌ ولا خطيئةٌ إلاّ وقد مُحيتْ مِن صحيفته ، فإن هلك في سفره نزلِت الملائكة فغسّلتْه ، وفُتِحتْ له أبواب الجنّة (٣) ، ويدخل عليه رَوْحها حتّى ينشر ، وإن سلم فتح له الباب الَّذي ينزل منه الرِّزق ويجعل له بكلِّ درهم أنفقه عَشَرَةَ آلاف دِرهم ، وذُخِرَ ذلك له فإذا حُشِرَ قيل له : لك بكلِّ درهم عشرة آلاف دِرهم ، وإنَّ الله نظر لك وذَخَرَها لك عنده ».

٣ ـ وبإسناده عن الأصمّ ، عن هِشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام « إنَّ رَجلاً أتاه فقال له : يا ابن رسول الله هل يُزار والدُك (٤)؟ قال : فقال : نَعَم ويصلّى عنده ، ويصلّى خلفه ولا يُتقدَّم عليه ، قال : فما لمن أتاه؟ قال : الجنّة إن كان يأتمُّ به ، قال : فما لمن تَرَكه رَغبة عنه؟ قال : الحَسْرَةُ يوم الحَسْرَة ، قال : فما لمن أقام عنده؟ قال : كلّ يوم بألف شهر ، قال : فما لِلمُنفق في خروجه إليه والمنفق عنده؟ قال : الدِّرهم بألف دِرهم ـ وذكر الحديث بطوله (٥) ـ ».

٤ ـ وبإسناده عن الأصَمّ ، عن ابن سِنان « قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : جُعلتُ فِداك إنَّ أباك كان يقول في الحجّ : يحسب له بكلِّ درهم أنفقه ألفُ دِرهم ،

__________________

١ ـ كذا في النّسخ ، والظاهر كونه تصحيف « حمّاد ».

٢ ـ أي هو نافع له ، أو اللاّم بمعنى على ، أي لازم عليه. ( البحار )

٣ ـ في نسخة : « وفتح له باب إلى الجنّة يدخل عليه رَوْحها » ـ بفتح الرّاء وسكون الواو ـ أي نسيمها.

٤ ـ المراد به الحسين عليه‌السلام.

٥ ـ مرّ الخبر في ص ١٣٢ تحت رقم ٢.

١٣٨

فما لمن يُنفق في المسير إلى أبيك الحسين عليه‌السلام؟ فقال : يا ابن سِنان يُحْسَب له بالدّرهم ألفٌ وألف ـ حتّى عَدَّ عَشرَة ـ ، ويرفع له من الدَّرجات مثلها ، ورضا الله تعالى خيرٌ له ، ودعاءُ محمّد ودعاءُ أمير المؤمنين والأئمّة عليهم‌السلام خَيرٌ له ».

٥ ـ حدَّثني أبي رحمه‌الله عن أحمدَ بن إدريسَ ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار ، عن العَمْرَكي بن عليٍّ قال : حدّثنا يحيى ـ وكان في خدمة أبي جعفر الثّاني عليه‌السلام ـ عن عليٍّ ، عن صَفوانَ الجمّال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ « قال : قلت : فما لن صَلّى عنده ـ يعني الحسين عليه‌السلام ـ؟ قال : مَن صلّى عنده رَكعتين لم يسألِ الله تعالى شيئاً إلاّ أعطاه إيّاه ، فقلت : فما لمن اغتسل مِن ماء الفُرات ثمَّ أتاه؟ قال : إذا اغتسل مِن ماءِ الفرات وهو يريده تساقَطَتْ عنه خَطاياه كيوم وَلَدَتْهُ اُمُّه ، قلت : فما لمن جَهّز إليه ولم يخرج لِعلّة؟ قال : يعطيهِ اللهُ بكلِّ دِرهم أنفقه مِن الحسنات مثل جَبل اُحُد ويخلف عليه أضعاف ما أنفق ، ويصرف عنه من البلاء ممّا نَزَل فيدفع ويحفظ في ماله ـ وذكر الحديث بطوله (١) ـ ».

الباب السّابع والأربعون

( ما يكره اتّخاذه لزيارة الحسين بن عليٍّ عليهما السلام )

١ ـ حدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ وجماعة مشايخي رحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ـ عن بعض أصحابنا ـ « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : بلغني أنَّ قوماً أرادوا الحسين عليه‌السلام (٢) حملوا معهم السُّفَر فيها الحَلاوى والأخبصة وأشباهها ، لو زاروا قبورَ أحبّائهم ما حملوا معهم هذا ».

٢ ـ وحدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد ؛ وغيرهِ ، عن سعد بن عبدالله ، عن

__________________

١ ـ تقدّم الحديث بطوله بسندٍ آخر في ص ١٣٣ تحت رقم ٢.

٢ ـ أي زيارته عليه‌السلام.

١٣٩

موسى بن عُمَرَ ، عن صالِح بن السِّنديّ الجمّال ، عن رَجل من أهل الرَّقَّة (١) فقال له : أبو المضا » قال : قال لي أبو عبدالله عليه‌السلام : تأتون قبرَ أبي عبدالله عليه‌السلام؟ قلت : نَعَم ، قال : أفتتّخذون لذلك سُفَراً (٢)؟ قلت : نَعَم ، فقال : أما لو أتيتم قبورَ آبائكم واُمّهاتكم لم تفعلوا ذلك ، قال : قلت : أيُّ شيء نأكل؟ قال : الخبز واللّبن ،

قال : وقال كِرام (٣) لأبي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك إنّ قوماً يزورون قبرَ لحسين عليه‌السلام فيطيبون السُّفَر ، قال : فقال لي أبو عبدالله عليه‌السلام : أما إنّهم لو زاروا قبورَ آبائهم ما فعلوا ذلك ».

٣ ـ حدَّثني حكيم بن داود ، عن سَلَمة بن الخطّاب ، عن أحمدَ بنِ محمّد (٤) ، عن عليِّ بن الحكم ـ عن بعض أصحابنا ـ « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : بلغني أنَّ قوماً إذا زاروا الحسين بن عليٍّ حَملوا معهم السُّفَر فيها الحَلاوى والأخبصة (٥) وأشباهها ، لو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا ذلك ».

٤ ـ حدَّثني محمّد بن أحمدَ بن الحسين (٦) قال : حدَّثني الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه ، عن الحسن بن سعيد ، عن زُرْعَةَ بن محمّد الحَضرَمي ّ ، عن المفضّل بن عُمَر « قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : تَزورونَ خيرٌ من أن لا تزورون ، ولا تَزورونَ خيرٌ من أن تزورون (٧) ، قال : قلت : قَطعتَ ظهري ، قال : تالله إنَّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيباً حَزيناً وتأتونه أنتم بالسُّفَر ، كلاّ حتّى تأتونه شُعثاً غُبراً ».

__________________

١ ـ الرَّقَّة ـ بفتح أوّله وثانيه وتشديده ـ : مدينة مشهورة على الفرات. ( المعجم )

٢ ـ جمع السُّفْرة وهي طعام المسافر.

٣ ـ كِرام ـ بكسر الكاف وتخفيف الرّاء المهملة ـ لقب عبدالكريم بن عمرو الخثعمي. وما في بعض نسخ الكتاب : « ضرّام » و « خزّام » و « خرام » و « حزام » كلّهم تصحيف ، والصواب ما أثبتناه.

٤ ـ المراد به أبو جعفر الأشعريّ.

٥ ـ الخبيص : الحلواء المخبوصة معروف.

٦ ـ هو الزّعفرانيّ العَسكريّ ، يكنّى أبا عبدالرّحمن ، روى عنه التّلعكبريّ ، سمع منه سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ، وله منه إجازة.

٧ ـ كذا في جميع النّسخ.

١٤٠