ابي القاسم جعفر بن محمد بن بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة الصدوق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٢
الجَصّاصون (١) يسمعون نَوحَ الجنِّ حين قُتل الحسين عليهالسلام في السَّحر بالجَبّانَة (٢) وهم يقولون :
مَسَحَ الرَّسُولُ جَبينَهُ |
|
فَلَهُ بَريقٌ في الخدُود |
أبَواهُ مِنْ عُلْيا قُرَيْشٍ |
|
جَدُّهُ خَيرُ الجدُودِ |
٤ ـ حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم ، عن سَلَمة بن الخطّاب قال : قال عُمَرُ بن سعد : حدَّثني الوليد بن غَسّان ـ عمّن حدَّثه ـ « قال : كانت الجنّ تنوح على الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام تقول :
لمنِ الاُبْياتُ بِالطَّفِّ عَلى
كُرْه بَنينه |
|
تلك أبياتُ الحسين يَتَجاوَبْنَ
الرَّنيِنَه (٣) |
٥ ـ حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم ، عن سَلَمة قال : حدَّثني أيّوب بن سليمانَ بن أيّوب الفَزاري (٤) ، عن عليِّ بن الحَزَوَّر (٥) « قال : سمعت ليلى وهي تقول : سمعت نوح الجنّ على الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام وهي تقول :
يـا عينُ جُودي بالدُّمُوعِ فإنَّما |
|
يَبْكـي الحَزِينُ بِحُرْقَةٍ
وتَفَجَّع |
يـا عَينُ ألْهاكَ الرِّقابُ بِطيبةٍ |
|
مِنْ ذِكْرِ آل مُحَمَّدٍ وَتَوجّع |
باتَتْ ثَلاثاً بالصَّعيدِ
جُسُومُهُمْ |
|
بَين الوُحوشِ وكُلُّهم في مَصْرَع |
٦ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن نَصر بن مُزاحم ، عن عبدالرَّحمن بن أبي حمّاد ، عن أبي ليلى الواسِطيّ ، عن
__________________
١ ـ الجصّ ـ بفتح الموحّدة وكسرها ـ : ما تُطلى به البيوت ، والجصّاص : عامله.
٢ ـ الجبّانة ـ بالفتح ثمّ التّشديد ـ ؛ والجبّان في الأصل الصّحراء ، وأهل الكوفة يسمّون المقابر جبّانة كما يسمّيها أهل البصرة المقبرة ، وبالكوفة محالّ تسمّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل. ( المعجم ).
٣ ـ الرَّنين : الصّوت مطلقاً وقيل : الصّوت مع بكاء ، وفي أساس البلاغة : سمعت له رنّة ورَنيناً ، أي صيحة حزينة.
٤ ـ نسبة إلى حيٍّ من غَطَفان أبوها فَزارة بن ذُبيان.
٥ ـ الحَزَوَّر ـ بالحاء المهملة والزّاي المفتوحتين ، والواو المشدّدة بعدها راء ـ.
عبدالله بن حَسّان الكِنانيّ قال : بَكتِ الجنُّ على الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام فقالت :
ماذا تَقُولونَ إذْ قالَ النَّبـي
لَكـم |
|
مـاذا فَعلْتـم وَأنْتم آخِـرُ
الاُمم؟ |
بأهْلِ بَيْتي وإخْواني ومَكْرُمَتي |
|
مِنْ بَين أسْرى وَقَتْلى ضُرِّجُوا
بِدَم؟ |
٧ ـ حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم قال : حدَّثني سَلَمةُ قال : حدَّثني عليُّ بن الحسن (١) ، عن مُعَمّر بن خَلاّد ، عن أبي الحسن الرّضا عليهالسلام « قال : بينما الحسين عليهالسلام يسير في جوف اللّيل وهو متوجّه إلى العِراق وإذا برجل يَرتجز ويقول : ؛
وحدّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن مُعمّر بن خلاّد ، عن الرّضا عليهالسلام ، مثل ألفاظ سَلَمَةَ ، قال : وهو يقول :
يـا ناقَتي لا تَذْعَري مِنْ زَجْـري |
|
وشَمِّري قَبْل طُلُـوعِ الْفَجر |
بِـخَيرِ رُكْبانٍ وخَيْر سَفْـرِ |
|
حتّى تَحلّى بِكَريمِ النّجْر |
بماجِد الجدِّ رَحيبِ الصَّدْرِ |
|
أتـى بِـهِ اللهُ (٢) لِخيـر أمر |
ثَمَّتَ أبقاهُ بقاءَ الدَّهْر
سَأمْضي وما بِالمَوتِ عارٌ عَلى
الْفَتى |
|
إذا ما نَـوى حَقّـاً وجَـاهَد
مُسْلِماً |
وآسَى الرِّجالَ الصّالِحينَ بنَفسِه |
|
وفارَقَ مَبْثوراً وخالَفَ مُجْرماً |
فَإنْ عِشْتُ لَمْ أنْدَم وَإنْ مِتُّ
لَمْ اُلَم |
|
كَفى بِكَ ذُلا أنْ تَعيشَ وَترْغَماً (٣) |
٨ ـ حدَّثني أبي رحمهالله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف ، عن محمّد بن يحيى المُعاذيِّ قال : حدَّثني الحسين (٤) بن موسى الأصمّ ، عن عَمرو ، عن جابر (٥) ، عن محمّد بن عليّ عليهماالسلام « قال : لمّا همَّ الحسين عليهالسلام « قال : لمّا همَّ الحسين عليهالسلام بالشُّخوص من المدينة أقْبَلَتْ نساءُ بني عبدالمطّلب فاجتمعن للنِّياحة مشى فيهنِّ
__________________
١ ـ الظّاهر هو ابن فضّال.
٢ ـ كذا في النّسخ ، ولعلّ الصّواب : « أثابه الله ».
٣ ـ في بعض النّسخ : « كفى بك موتاً أن تذلّ وتغرماً ».
٤ ـ في بعض النّسخ ، « الحسن ».
٥ ـ هو جابر بن يزيد الجعفيّ الكوفيّ ، وراويه هو عمرو بن شمر الجعفيّ الكوفيّ.
الحسين عليهالسلام فقال : أنشدكنّ الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ولرسوله ، فقالت له نِساء بني عبدالمطّلب : فلمن نستبقي النِّياحة والبُكاء فهو عندنا كيوم مات فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليٌّ ، وفاطمةُ ورقيّةُ وزينبُ واُمُّ كلثوم (١)؟!! فننشدك الله جعلنا الله فِداك من الموت ، يا حبيب الأبرار من أهل القبور ، وأقبلتْ بعض عَمَاته تبكي وتقول : اشهد يا حسين لقد سمعتُ الجنَّ ناحَتْ بنَوحِك وهم يقولون :
فإنَّ قَتيلَ الطَّفِّ مِن آلِ هاشِم |
|
أذلَّ رِقاباً مِنْ قُرَيْش فَذَلت |
حَبيبُ رَسولِ اللهِ لـم يَكُ فاحِشاً |
|
أبانَتْ مُصيبَتُكَ الاُنوفَ وَجَلَّت |
وقلن أيضاً :
بَكُّوا (٢) حُسَيناً سَيِّداً |
|
وَلِقَتْلِهِ شابَ الشَّعَر |
وَلِقَتْلِهِ زَلْزَلتم |
|
وَلِقَتْلِهِ انْخَسَفَ القَمَر (٣) |
وَاحْـمَرَّت آفاقُ السَّماءِ |
|
مِنَ الْعَشيَّةِ وَالسَّحَر |
وَتَغَـبّرَتْ شَمْسُ الْبِلاد |
|
بهم واظلَمَتِ الْكُوَر (٤) |
ذاكَ ابنُ فاطمةَ المُصابُ |
|
بِهِ الخَلائقُ والبَشَر |
أورَثْتنا ذُلا بِهِ |
|
جَدّعَ الاُنوفُ مَعَ الغَرَر |
٩ ـ حدَّثني أبي رحمهالله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن يحيى المُعاذيّ ، عن عبّاد بن يعقوبَ ، عن عَمرو بن ثابت ، عن عمرِ[و] بن عِكرِمَة قال : أصبحنا صَبيحة (٥) قتل الحسين عليهالسلام بالمدينة فإذا مولى لنا يقول : سمعنا البارِحَةَ مُنادياً ينادي ويقول :
أيُّها القاتِلونَ ظلماً (٦) حُسَيناً |
|
أبْشِرُوا بالْعَذابِ والتَّنْكيل |
__________________
١ ـ كلّهنّ بنات رسول الله صلوات الله عليه وعليهنّ.
٢ ـ في بعض النّسخ : « أبكي ».
٣ ـ في جلّ النّسخ : « انكسف القمر ».
٤ ـ المراد بالشّمس ضياؤها لا اصلها ، والكور جمع كورة ، وهي البقعة الّتي جمع فيها المساكن والقرى.
٥ ـ في جلّ النّسخ : « ليلة ».
٦ ـ في جلّ النّسخ : « جهلاً ».
كلُّ أهلِ السَّماءِ يَدعُو عَلَيكم |
|
مِن نَبيٍّ ومَلأَكٍ وَقَبيل |
قد لُعِنْتم عَلى لِسانِ ابن داوُ |
|
دَ وذي الرُّوح (١) حامل الإنجيل |
١٠ ـ حدّثني حكيم بن داودَ بن حكيم ، عن سَلَمةَ بنِ الخطّاب قال : حدَّثني عبدالله بن محمّد بن سِنان ، عن عبدالله بن القاسم بن الحارث ، عن داودَ الرَّقيّ قال : حدَّثتْني جدَّتي أنَّ الجنّ لمّا قتل الحسين عليهالسلام بَكَتْ عليه بهذه الأبيات :
يا عَينُ جُودي بالعِبَر وابكي فقد
حَقّ الخبر |
|
أبكي ابنَ فاطمةَ الَّذي
وَرَد الفُراتَ فما صدَر (٢) |
الجِنُّ تَـبْكي شَجْوَها (٣) لمّا اُتي مِنْهُ الخَبَر |
|
قُتِلَ الحـسينُ وَرَهْطُهُ تَعْساً لِذلِكَ (٤) مِنْ خبر |
فلأبْـكينَّكَ حُرقَةً عِنْدَ العِشاء
وبالسَّحر |
|
ولأبينَّك ما جَرى عِرقٌ وما حمل
الشَّجر |
* * * * *
الباب الثّلاثون
( دعاء الحمام ولعْنها على قاتل الحسين عليه السلام )
١ ـ حدَّثني أبي رحمهالله وعليُّ بن الحسين ، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الحسين بن يَزيدَ النَّوفَليِّ ، عن إسماعيلَ بن أبي زياد السَّكونيِّ ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : اتّخذوا الحمام الرَّاعبيّة في بيوتكم (٥) ، فإنّها تلعن قَتلةَ الحسين عليهالسلام ».
٢ ـ حدَّثني أبي ؛ وأخي ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً ، عن أحمدَ بن إدريس بن أحمد ، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي
__________________
١ ـ كذا ، وفي التّواريخ و « مثير الأحزان » لابن نما : « ابن داوود وموسى وحامل الإنجيل ».
٢ ـ أي لم يرجع.
٣ ـ الشّجو : الهمّ والحزن.
٤ ـ التَّعْس : الهلاك.
٥ ـ المراد بالرّاعبيّة الحمامة ، وهي ترعب في صوتها ترعيباً.
حمزةَ ، عن صَندل (١) ، عن داودَ بن فَرْقَد « قال : كنت جالساً في بيت أبي عبدالله عليهالسلام فنظرت إلى الحمام الرَّاعي يُقَرقِر (٢) طَويلاً ، فنظر إليَّ أبو عبدالله عليهالسلام فقال : يا داودُ أتدري ما يقول هذا الطّير؟ قلت : لا جُعلتُ فِداك ، قال : تدعو على على قَتَلة الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام ، فاتّخذوه في منازلكم ».
وحدَّثني أبي رحمهالله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ بإسناده مثله.
الباب الحادي والثّلاثون
( نَوح البوم (٣) ومصيبتها على الحسين عليه السلام )
١ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد ؛ وجماعةُ مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد ، عن صفوانَ بن يحيى ، عن الحسين بن أبي غُنْدَر ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : سَمعتُه يقول في البومة ، قال : هل أحدٌ منكم رآها بالنّهار ، قيل له : لا ، تَكاد تظهر بالنّهار ولا تظهر إلاّ ليلاً ، قال : أما إنّها لم تزل تأوي العمران أبداً ، فلمّا أن قتل الحسين عليهالسلام آلت على نفسها أن لا تأوي العُمْران ابداً ولا تأوي إلاّ الخراب ، فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتّى يجنّها اللّيل فإذا جنّها اللّيل ( كذا ) فلا تزال ترنّم على الحسين عليهالسلام حتّى تصبح ».
٢ ـ حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم ، عن سَلَمة بن أبي الخطّاب ، عن الحسين بن عليِّ بن صاعد البَربَريِّ قيّماً لقبر الرّضا عليهالسلام قال : حدَّثني أبي « قال : دخلتُ على الرِّضا عليهالسلام فقال لي : تَرى هذه البوم ما يقول النّاس؟ قال : قلت : جُعِلتُ فِداك جِئنا نَسألك ، فقال : هذه البومة كانت (٤) على عهد جدِّي
__________________
١ ـ في بعض النّسخ : « صفوان ».
٢ ـ قرقرت الحمامة والدّجاجة : ردّدت صوتها.
٣ ـ البوم طائر الظّلام ، وهي بالفارسية : « جغد ».
٤ ـ في البحار : « دخلت على الرّضا عليه السلام فقال لي : ما يقول النّاس؟ قال : قلت : جعلت فداك جئنا نسألك ، قال : فقال لي : ترى هذه البومة كانت ـ إلخ ».
رَسولِ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تأوي المنازل والقصور والدُّور ، وكانت إذا أكل النّاس الطّعام تطير وتقع أمامَهم ، فيرمى إليها بالطّعام وتسقي وترجع إلى مكانها ، فلمّا قتل الحسين عليهالسلام خرجت من العُمران إلى الخراب والجبال والبراري ، وقالت : بئس الاُمّة أنتم! قتلتم ابن بنت نبيّكم ، ولا آمنكم على نفسي ».
٣ ـ حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال ـ عن رجل ـ عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : إنّ البوم لتصوم النّهار فإذا أفطرت تدلّهت (١) على الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام حتّى تصبح ».
٤ ـ حدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى ، عن سعد بن عبدالله ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن الحسن بن عليِّ ، الميثميِّ (٢) « قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : يا يعقوب (٣) رأيت بومةً بالنّهار تنفّس قطّ ، فقال : لا ، قال : وتدري لم ذلك؟ قال : لا ، قال : لأنّها تظلُّ يومها صائمة على ما رزقها الله ، فإذا جَنّها اللّيل أفطرت على ما رُزقت ، ثمَّ لم تزل ترنّم على الحسين بن عليّ عليهماالسلام حتى تصبح ».
الباب الثّاني والثّلاثون
( ثواب مَن بكى على الحسين بن علي عليهما السلام )
١ ـ حدِّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : كان عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول : أيّما مؤمنٍ دمعتْ عَيناه لقتل الحسين
__________________
١ ـ قال في القاموس : « الدَّلْه ، ويحرّك ، والدلُوه : ذَهاب الفُؤاد من هَمٍّ ونحوه. ودَلَّهه العِشْقُ تَدْليهاً فتَدَلَّه » وفي جلّ النّسخ : « اندبت » ، وما في المتن مثل ما في البحار.
٢ ـ في جلّ نسخ الكتاب : « عن الحسن بن علي الميثمي » ، والصّواب ما في المتن.
٣ ـ كأنّه ابن شعيب بن ميثم الأسديّ الثّقة.
ابن عليٍّ عليهماالسلام دمعةً حتّى تسيل على خدِّه بوَّأه الله بها في الجنّة غُرفاً يسكنها أحقاباً ، وأيّما مؤمن دَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه فينا لاُذى مسّنا مِن عَدوِّنا في الدُّنيا بوَّأه الله بها في الجنّة مبوَّأ صِدقٍ ، وأيّما مؤمنٍ مَسَّه أذىً فينا فَدَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه مِن مَضَاضةِ (١) ما اُوذِي فينا صرَّف اللهُ عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة مِن سَخطه والنّار ».
٢ ـ حدّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : سمعته يقول : إنَّ البكاء والجزع مكروهٌ للعبد في كلِّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، فإنّه فيه مأجورٌ ».
٣ ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين الزَّيّات ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عُقْبة ، عن أبي هارون المكفوف « قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام ـ في حديث طويل له ـ : ومَن ذُكِر الحسينُ عليهالسلام عنده فخرج مِن عينه مِن الدُّموع مقدار جناح ذُباب كان ثوابه على الله عزَّوجلَّ ولم يرض له بدون الجنّة ».
٤ ـ حكيم بن داود بن حكيم ، عن سلمة بن الخطاب قال : حدثنا بكار بن أحمد القسام ؛ والحسن بن عبدالواحد ، عن مخول بن إبراهيم ، عن الربيع ابن منذر ، عن أبيه « قال : سمعت علي بن الحسين عليهماالسلام يقول : من قطرت عيناه فينا قطرةً ودمعت عيناه فينا دمعةً بوّأه الله بها في الجنة غُرَفاً يسكنها أحقاباً وأحقاباً ».
٤ ـ حدَّثني أبي رحمهالله وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن حمزة بن عليَّ الأشعريّ ، عن الحسن بن معاوية بن وَهب ـ عمّن حدّثه ـ عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كان عليُّ بن الحسين عليهالسلام يقول : ـ وذكر مثل حديث محمّد بن جعفر الرَّزَّاز سواء (٢).
__________________
١ ـ المَضاضَة ـ بالفتح ـ : وجع المصيبة. ( البحار ).
٢ ـ أي ما تقدّم تحت رقم ١.
٥ ـ حدّثني محمّد بن جعفر القُرشيِّ ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن عليٍّ ، عن ابن أبي عُمَير ، عن عليِّ بن المغيرة ، عن أبي عُمارة المنشِد « قال : ما ذكر الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام عند أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليهماالسلام في يومٍ قطّ فرُئي أبو عبدالله عليهالسلام في ذلك اليوم متبسِّماً قطّ إلى اللَّيل ».
٦ ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حماد البصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن مِسْمَع بن عبدالملك كِرْدين البصريّ « قال : قال لي أبو عبدالله عليهالسلام : يا مِسْمَع أنت مِن أهل العِراق ؛ أما تأتي قبر الحسين عليهالسلام؟ قلت : لا؛ أنا رَجلٌ مشهورٌ عند أهل البصرة ، وعندنا مَن يتّبع هوى هذا الخليفة ، وعدوّنا كثير مِن أهل القبائل مِن النُّصّاب وغيرهم ، ولستُ آمنهم أنْ يرفعوا حالي عند ولد سليمان (١) فيُمثِّلون بي (٢) ، قال لي : أفما تذكر ما صنع به؟ قلت : نعم ، قال : فتجزع؟ قلت : إي والله وأستعبر لذلك حتّى يرى أهلي أثر ذلك عليَّ فأمتنع مِن الطّعام حتّى يستبين ذلك في وَجهي ، قال : رحِمَ الله دَمعتَك ، أما إنّك مِن الَّذين يُعدُّون مِن أهل الجزع لنا ، والّذينَ يَفرحون لِفَرحِنا ويحزنون لِحُزننا ويخافون لَخوْفنا ويأمنون إذا أمنّا ، أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملكَ الموت بك ، وما يلقّونك به مِن البشارة أفضل ، ولملك الموت أرقّ عليك وأشدُّ رَحمةً لك من الاُمّ الشّفيقة على ولدها ، قال : ثمَّ استعبر واستعبرتُ معه ، فقال : الحمد للهِ الّذي فضّلنا على خلقِه بالرَّحمة وخصَّنا أهل البيت بالرَّحمة ، يا مِسمَع إنَّ الأرض والسَّماء لتبكي مُنذُ قُتل أمير المؤمنين عليهالسلام رَحمةً لنا ، وما بكى لنا مِن الملائكة أكثر وما رَقأتْ دُموع الملائكة منذ قُتلنا ، وما بكى أحدٌ رَحمةً لنا ولما لقينا إلاّ رحمه الله قبل أن تخرج الدَّمعة من عينه ، فإذا سالَتْ دُموعُه على خَدِّه ، فلو أنَّ قطرةً مِن دُموعِه سَقَطتْ في جهنَّم لأطْفَئتْ حَرَّها حتّى لا
__________________
١ ـ يعني سليمان بن عبدالملك ، والمراد ولده حاكم الكوفة.
٢ ـ مثّل بفلان أي نكّله ، وصنع به صنيعاً يحذّر غيره.
يوجد لها حَرٌّ ، وإنّ الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند مَوته فرحَةً لا تزال تلك الفرْحَة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض ، وإنّ الكوثر ليفرح بمحبِّنا إذا ورد عليه حتّى أنّه ليذيقه مِن ضروب الطَّعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه ، يا مِسْمع مَن شرب منه شَربةً لم يظمأ بعدها أبداً ، ولم يستق بعدها أبداً ، وهو في بَرْدِ الكافور وريح المِسْك وطعم الزَّنجبيل ، أحلى مِن العَسل ، وألين مِن الزَّبد ، وأصْفى مِن الدَّمع ، وأذكى مِن العَنبر يخرج من تَسْنيم (١) ، ويمرُّ بأنهار الجِنان يجري على رَضْراض (٢) الدُّرِّ والياقوت ، فيه من القِدْحان أكثرُ من عدد نجوم السَّماء ، يوجد ريحه مِن مَسيرةِ ألف عام ، قِدْحانه مِن الذَّهب والفِضّة وألوان الجوهر ، يفوح في وجه الشّارب منه كلُّ فائحة حتّى يقول الشّارب منه : يا ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بَدلاً ، ولا عنه تَحويلاً ، أما إنّك يا [ابن] كِرْدين ممّن تروي منه ، وما مِن عَين بَكتْ لنا إلاّ نَعِمَتْ بالنّظر إلى الكوثر وسُقِيتْ منه (٣) ، وأنَّ الشَّارب منه ممّن أحبَّنا ليعطى مِن اللَّذَّة والطَّعم والشَّهوة له أكثر ممّا يعطاه مَن هو دونه في حُبِّنا.
وإنْ على الكوثر أمير المؤمنين عليهالسلام وفي يده عصاً مِن عَوسَج يحطم بها أعداءَنا ، فيقول الرَّجل منهم : إنّي أشهد الشَّهادتين ، فيقول : انطلقْ إلى إمامك فلانٍ فاسأله أنْ يشفع لك ، فيقول : تبرَّأ منّي إمامي الَّذي تذكره ، فيقول : ارجع إلى ورائِك فقلْ للَّذي كنتَ تتولاّه وتقدِّمه على الخلق فاسأله إذ كان خير الخلق عِندَك أن يشفعَ لك ، فإنَّ خيرَ الخلق مَن يَشفَع (٤) ، فيقول : إنّي اُهلك عَطَشاً ، فيقول له : زادكَ اللهُ ظَمأُ وزادَكَ اللهُ عَطَشاً.
قلت : جُعِلتُ فِداك وكيف يقدر على الدُّنوّ مِن الحوض ولم يقدر عليه
__________________
١ ـ هو عين في الجنّه وهو أشرف شراب في الجنّة. ( مجمع البيان ).
٢ ـ الرّضراض : الحصاء ، أو الصِّغار منها.
٣ ـ إسناد السَّقْي إلى العين مجازيٌّ لسببيّتها لذلك. ( البحار ).
٤ ـ في بعض النّسخ : « حقيقٌ أن لا يردّ إذا شفع ».
غيره؟ فقال : ورع عن أشياء قبيحةٍ ، وكفّ عن شتمنا [أهل البيت] إذا ذكرنا ، وترك أشياء اجترء عليها غيره ، وليس ذلك لِحبّنا ولا لِهوى منه لنا ، ولكن ذلك لشدَّة اجتهاده في عبادته وتَدَيُّنه ولما قد شغل نفسه به عن ذكر النّاس ، فأمّا قلبه فمنافق ودينه النَّصب واتّباع أهل النَّصب وولاية الماضينَ وتقدُّمه لهما على كلِّ أحدٍ ».
٧ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن عبدالله بن بُكَير الاُرجانيِّ (١). وحدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عبدالله بن زُرارة ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن عبدالله بن بُكَير « قال : حَجَجْتُ مع أبي عبدالله عليهالسلام ـ في حديث طويل (٢) ـ فقلت : ياابن رسول الله لو نُبِش قبرُ الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام هل كان يُصابُ في قبره شيءٌ؟ فقال : ياابن بُكَير ما أعظم مسائِلُك ، إنَّ الحسين عليهالسلام مع أبيه واُمّه وأخيه في منزل رَسول اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعه يُرزقون ويحبون (٣) وأنّه لعَلى يمين العَرش متعلّق ( كذا ) يقول : يارَبِّ أنْجزْ لي ما وَعَدتَني ، وإنّه لينظر إلى زُوَّاره ، وأنّه أعرف بهم وبأسمائهم وأسماءِ آبائهم وما في رِحالهم من أحَدِهم بولده ، وأنّه لينظر إلى مَن يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له ، ويقول : أيّها الباكي
__________________
١ ـ قال العلاّمة الأمينّي رحمهالله : أرّجان بفتح أوّله وتشديد ثانيه تارة ، وبالتّخفيف اُخرى ـ : مدينة مِن بلاد فارِس ، وفي بعض النّسخ : « ارحمانيّ » ، وأظنّه تصحيف أرْخُمانيّ ـ بالفتح ثم السكون وضم الخاء المعجمة ـ : بلدة من مدن فارس. و « عبدالله بن بكير » أو « عبدالله بن بكر » ـ كما في بعض النسخ ـ ليس هو من ولد أعين ، وله ابن اسمه الحسين ابن عبدالله الأرجانيّ.
٢ ـ سيأتي الخبر بتمامه في باب نوادر الزّيارات تحت رقم ٢.
٣ ـ فيه سقط ، والسّاقط قوله : « كما يرزقون ، فلو نُبِشَ في أيّامه لوُجِدَ ، وأمّا اليوم فهو حيُّ عند ربّه يرزق وينظر إلى مُعَسكَره ، وينظر إلى العرش متى يؤمر أن يحمله ـ إلخ ». كما يأتي في النّوادر.
لَو عَلِمتَ ما أعدّ اللهُ لك لَفَرِحْتَ أكثر ممّا حَزِنْتَ ، وإنّه ليستغفر له مِن كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ ».
٨ ـ حدَّثني حكيم بن داود ، عن سَلَمةَ ، عن يعقوبَ بن يزيدَ ، عن ابن أبي عُمير ، عن بكر بن محمّد ، عن فُضيل بن يَسار ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : مَن ذُكِرنا عندَه ففاضَتْ عَيناه ولو مثل جَناح بَعُوضةٍ (١) غُفِرَ له ذنوبُه ولو كانت مِثلَ زَبَد البَحر ».
حدَّثني محمّد بن عبدالله ، عن أبيه ، عن أحمدَ بنِ أبي عبدالله البَرقيِّ ، عن أبيه ، عن بَكرِ بنِ محمّد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله.
٩ ـ حدَّثني حكيم بن داود ، عن سَلَمة بن الخطّاب ، عن الحسن بن عليِّ ، عن العَلاء بن رَزين القَلاّء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : أيّما مؤمنٍ دَمَعَتْ عيناه لِقَتلِ الحسين عليهالسلام دَمْعَةً حتّى تَسيل على خَدِّه بَوَّأه الله بها غُرفاً في الجنّة يَسكنها أحقاباً ».
١٠ ـ وعنه ، عن سَلَمَةَ ، عن عليِّ بن سَيف ، عن بَكر بن محمّد ، عن فَضَيل بن فَضالة (٢) ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : مَن ذُكِرْنا عِنده ففاضَتْ عَيناه حرَّم اللهُ وَجْهَه على النّار ».
الباب الثّالث والثّلاثون
( مَن قال في الحسين عليه السلام شعراً فبكى وأبْكى )
١ ـ حدَّثنا أبو العبّاس القُرشيُّ ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عُقْبَة ، عن أبي هارونَ المكفوف « قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : يا أبا هارون أنشدني في الحسين عليهالسلام؟ قال : فأنشدته فبكى ،
__________________
١ ـ في بعض النّسخ : « مثل جناح ذُباب ».
٢ ـ عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السلام ، وقال : « الفضيل بن فضالة التّغلبيّ ، كوفيّ ». وفي بعض النّسخ : « عن فضيل؛ وفضالة ، عن أبي عبدالله عليه السلام ».
فقال : أنشدني كما تنشدون ـ يعني بالرّقّة ـ قال : فأنشدته :
امْرُرْ عَلى جَدَثِ (١) الحسيـنِ |
|
فَقُـلْ لأعْظُمِهِ الزَّكيَّة |
قال : فبكى ، ثمَّ قال : زِدْني ، قال : فأنشدته القصيدة الاُخْرى ، قال : فبكى ، وسمعتُ البكاء مِن خلفِ السَّتر ، قال : فلمّا فرغتُ قال لي : يا أبا هارون مَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى عَشْراً كُتبتْ لهم الجنّة ، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى خمسةً كُتبت لهم الجنّة ، ومَن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً كُتبتْ لهما الجنّة ، ومَن ذكر الحسين عليهالسلام عنده فخَرج مِن عينه مِن الدُّموع مِقدار جَناح ذُباب كان ثوابه على الله ، ولم يَرضَ له بدون الجنّة ».
٢ ـ حدَّثني أبو العبّاس (٢) ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي المغيرة ، عن أبي عُمارة المُنْشِد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : قال لي : يا أبا عُمارة أنْشِدْني في الحسين عليهالسلام ، قال : فأنشدته فبكى ، ثمَّ أنشدته فبكى ، ثمّ أنشدته فبكى ، قال : فوالله ما زلتُ أُنشِدُه ويبكي حتّى سَمعتُ البكاء مِن الدَّار ، فقال لي : يا أبا عُمارة مَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى خمسينَ فله الجنَّة ، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى أربعين فلَه الجنّة ، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فأبكى ثلاثين فلَهُ الجنة ، ومَن أنشَدَ في الحسينِ شِعراً فأبكى عشرين فلَه الجنّة ، ومن أنشدَ في الحسين شِعراً فأبكى عشرة فلَه الجنّة ، ومَن أنشَدَ في الحسين عليهالسلام شِعراً فأبكى واحِداً فله الجنّة ، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فبكى فلَه الجنّة ، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فتباكى فلَه الجنّة ».
٣ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ، عن ابن أبي عُمَير ، عن عبدالله بن حسّان ، عن ابن أبي شعبة (٣) ، عن عبدالله بن غالب « قال : دخلت على أبي عبدالله عليهالسلام فأنشدته مَرْثِيةَ الحسين عليهالسلام ، فلمّا انتهيتُ إلى هذا الموضع :
لَبلِيَّة تَسقو حُسَيناً |
|
بمَسقاةِ الثَّرى غَير التُّرابِ |
فصاحت باكية من وراء السّتر : واأبتاه!!! ».
__________________
١ ـ الجدث : القبر.
٢ ـ يعني الرّزّاز.
٣ ـ هو عبيدالله بن علي بن أبي شعبة الحلبيّ.
٤ ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عُقْبَة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : مَن أنشَدَ في الحسين عليهالسلام بيت شعرٍ فبكى وأبكى عشرةً فله ولهم الجنّة ، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة ، فلم يزل حتّى قال : مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى ـ وأظنّه قال : أو تباكى ـ فله الجنّة ».
٥ ـ حدَّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيلَ ، عن صالح بن عُقْبَة ، عن أبي هارونَ المكفوف « قال : دخلت على أبي عبدالله عليهالسلام فقال لي : أنشِدْني ، فأنشدتُه ، فقال : لا؛ كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره ، قال : فأنشدته :
أُمْرُرُ عَلى جَدَثِ الحُسَينِ |
|
فَقُل لأعْظُمِهِ الزَّكيَّةِ |
قال : فلمّا بكى أمسكت أنا ، فقال : مُرَّ ، فمررت ، قال : ثمَّ قال : زِدني زِدني ، قال : فأنشدته :
يا مَريمُ قُومي فانْدُبي مَولاكِ |
|
وَعَلى الحُسَين فأسْعِدي بِبُكاكِ |
قال : فبكى وتهايج النّساء!! قال : فلمّا أن سَكتن قال لي : يا أبا هارون مَن أنشد في الحسين عليهالسلام فأبكى عشرة فله الجنّة ، ثمَّ جعل ينقّص واحِداً واحِداً حتّى بلغ الواحد ، فقال : من أنشد في الحسين فأبكى واحِداً فله الجنّة ، ثمّ قال : مَن ذَكرَه فبكى فله الجنّة ».
٦ ـ وروي عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : لكلِّ شيءٍ ثواب إلاّ الدَّمعة فينا » (١).
٧ ـ حدّثني محمّد بن أحمد بن الحسين العسكريّ ، عن الحسن بن عليِّ بن مهزيار ، عن أبيه ، عن محمّد بن سِنان ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عُقْبة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : مَن أنشد في الحسين بيتَ شعرٍ فبكى وأبكى
__________________
١ ـ أي ثواب معيّن إلاّ الدّمعة فينا ، فلها ثواب لا يعلم حدّه ، وذلك كناية عن كثرة الثَواب. وفي البحار : « لكلّ سرّ ـ إلخ » وله بيان راجع ج ٤٤ ص ٢٨٧.
عشرةً فله ولهم الجنّة ، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة ، فلم يزل حتّى قال : مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى ـ وأظنّه قال : أو تباكى ـ فله الجنّة ».
الباب الرّابع والثّلاثون
( ثواب مَن شَرِب الماءَ وذَكر الحسين عليه السلام ولعنَ قاتلَه )
١ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ ، عن محمّد بن الحسين ، عن الخشّاب ، عن عليِّ بن حَسّان ، عن عبدالرَّحمن بن كثير ، عن داودَ الرَّقّيّ « قال : كنت عند أبي عبدالله عليهالسلام إذ استسقى الماءَ ، فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغْرَورَقتْ عَيناه بدُمُوعِه ، ثمَّ قال لي : يا داودُ لعن الله قاتل الحسين ، فما مِن عبدٍ شرب الماءَ فذكر الحسين عليهالسلام ولعنَ قاتله إلاّ كتب الله له مائة ألف حَسَنةٍ ، وحطّ عنه مائة ألف سيّئةٍ ، ورفع له مائة ألف درجةٍ ، وكأنّما أعتق مائة ألف نَسَمةٍ ، وحَشَره الله تعالى يوم القيامة ثلجَ الفُؤاد (١) ».
حدَّثني محمّد بن يعقوبَ ، عن عليِّ بن محمّد ، عن سَهل بن زياد ، عن جعفر بن إبراهيم الحَضرَميّ ، عن سعد بن سعد مثله (٢).
الباب الخامس والثّلاثون
( بكاء « عليّ بن الحسين » على « الحسين بن علي » عليهم السلام )
١ ـ حدّثني أبي رحمهالله عن جماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أبي داود المُسترق ـ عن بعض أصحابنا ـ عن
__________________
١ ـ أي مطمئنّة.
٢ ـ فيه كلام ، راجع البحار ج ٤٤ ص ٣٠٣ و ٣٠٤. والخبر مذكور في الكافي ج ٦ ص ٣٩١ وسنده غير ما ذكر في الكتاب ، وكذا في البحار.
أبي عبدالله عليهالسلام « قال : بكى عليُّ بن الحسين على أبيه حسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما عشرين سَنَة ـ أو أربعين سَنَة (١) ـ ، وما وضع بين يديه طعاماً إلاّ بكى على الحسين حتّى قال له مولى له : جُعلتُ فِداك يا ابن رَسول الله إنّي أخاف عليك أن تكون مِن الهالِكين ، قال : « إنَّما أشْكُو بَثِّي وَحُزْني إلى اللهِ وأعْلمُ مِنَ اللهِ ما لا يَعْلَمُون (٢) » ، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خَنَقَتني العَبرة (٣) لذلك ».
٢ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزَّيّات ، عن عليِّ بن أسباط ، عن إسماعيلَ بن منصور ـ عن بعض أصحابنا ـ « قال : أشرف مولى لعليِّ بن الحسين عليهماالسلام وهو في سقيفة له ساجدٌ يبكي ، فقال له : يا مولاي يا عليَّ بن الحسين أما آنَ لِحُزنك أن ينقضي؟ فرفع رأسَه إليه وقال : ويلك ـ أو ثَكَلَتكَ اُمُّك ـ [والله] لقد شكى يعقوبُ إلى رَبّه في أقلّ ممّا رأيت حتّى قال : « يا أسَفى عَلى يُوسُفَ (٤) » ، إنّه فَقَدَ ابْناً واحِداً ، وأنا رَأيت أبي وجماعة أهل بيتي يُذبَّحون حَولي ، قال : وكان عليُّ بن الحسين عليهماالسلام يميل إلى ولد عقيل ، فقيل له : ما بالك تميل إلى بني عَمّك هؤلاء دون آل جعفر؟ فقال : إنّي أذكر يومهم مع أبي عبدالله الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام فأرقّ لهم » (٥).
__________________
١ ـ الشّكّ من الرّاوي. وعاش السّجّاد بعد أبيه عليهماالسلام ٣٤ سنة.
٢ ـ يوسف : ٨٦. وهو قول يعقوب عليهالسلام حين قال ولده : « تَالله تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أوْ تَكُونَ مِنَ الهلكينَ * قال إنّما أشكو ـ الآية ». وقال في المجمع : قيل : البث ما أبداه والحزن ما أخفاه.
٣ ـ خنقه خنقاً عصر حلقه حتى يموت.
٤ ـ يوسف : ٨٤.
٥ ـ الّذين قتلوا مع الحسين عليهالسلام مِن أولاد عقيل ستّة بل سبعة ، وهم : ١ ـ عبدالرّحمن بن عقيل واُمّه اُمّ ولد ، ٢ ـ جعفر بن عقيل ، واُمّه اُمّ الثّغر بنت عامر ، ٣ ـ عبدالله بن عقيل ، واُمّه اُمّ ولد. ٤ ـ محمّد بن مسلم بن عقيل ، واُمّه اُمّ ولد ، ٥ ـ عبدالله بن مسلم ، واُمّه رقية بنت أمير المؤمنين عليهالسلام ،
٦ ـ محمّد بن أبي سعيد الأحول ابن عقيل ، اُمّه اُمّ ولد ، وهؤلاء مع مسلم بن عقيل صاروا سبعة ، وأمّا من أولاد جعفر بن أبي طالب المقتول بكربلاء ثلاثة ، وهم : عون بن عبدالله بن جعفر ، واُمّه زينب عليها السلام ، محمّد وعبيدالله ابنا عبدالله بن جعفر ، واُمّهما خوصاء. ثمّ إنّ عقيل عاش معدماً ، وعبدالله بن جعفر بخلافه ، كما في الإصابة لابن حجر وغيرها.
الباب السّادس والثّلاثون
( في أنّ الحسين عليه السلام قتيل العَبرة لا يذكره مؤمن إلاّ بكى )
١ ـ حدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن رحمهمالله جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن سعيد بن جَناح (١) ، عن أبي يحيى الحَذّاء ـ عن بعض أصحابنا ـ عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : نظر أمير المؤمنين عليهالسلام إلى الحسين فقال : يا عَبْرَةَ كلِّ مؤمن ، فقال : أنا يا أبتاه؟ قال : نَعَم يا بُنيَّ ».
٢ ـ حدَّثني جماعة مشايخي ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان ، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة ، عن أبي عُمارة المُنشِد « قال : ما ذُكِرَ الحسين عليهالسلام عند أبي عبدالله عليهالسلام في يوم قطّ فَرُئيّ أبو عبدالله مُتَبَسِّماً في ذلك اليوم إلى اللّيل وكان يقول : الحسين عليهالسلام عَبرة كلِّ مؤمن ».
٣ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى الحشاب ، عن إسماعيل بن مِهرانَ ، عن عليِّ بن أبي حمزةَ ، عن أبي بصير « قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : قال الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام : أنا قتيل العَبرة (٢) ، لا يذكرني مؤمنٌ إلاّ اسْتَعبَرَ ».
٤ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى ،
____________
١ ـ بفتح الجيم؛ الأزديّ ، مولاهم كوفيّ ، نشأ ببغداد ومات بها ، وكان ثقة.
٢ ـ العَبْرَة : الدُّمعة قبل أن تفيض ، وقيل : تردّد البُكاء في الصَّدر ، وقيل : الحزن بلا بُكاء. ( أقرب الموارد ) وقوله عليه السلام : « أنا قتيل العَبْرَة » أي قتيل منسوب إلى العَبْرَة والبُكاء ، وسببُ لها ، أو اُقتل مع العبرة والحزن وشدّة الحال ، والأوّل أظهر. ( البحار )
عن محمّد بن سِنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : قال الحسين عليهالسلام : أنا قَتيل العَبْرَة ».
٥ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى ، عن محمّد بن سِنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : قال الحسين عليهالسلام : أنا قتيل العَبْرَة ».
٦ ـ حدّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد البرقيِّ ، عن أبان الأحمر ، عن محمّد بن الحسين الخزَّاز ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : كنّا عنده فذكرنا الحسين عليهالسلام [وعلى قاتله لعنة الله] فبكى أبو عبدالله عليهالسلام وبكينا ، قال : ثمَّ رفع رأسَه فقال : قال الحسين عليهالسلام : أنا قتيل العَبرَة ، لا يذكرني مؤمن إلاّ بكى ـ وذكر الحديث ـ ».
٧ ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين [عن عليِّ بن الحسين] السّعد آبادي قال : حدَّثني أحمدُ بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن ابن مُسْكانَ ، عن هارونَ بن خارجَة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : قال الحسين عليهالسلام : أنا قتيل العَبرَة ، قُتِلتُ مكروباً ، وحقيقٌ على [الله] أن لا يأتيني مَكروبٌ قطّ إلاّ رَدّه الله وقلبه إلى أهله مَسروراً ».
حدَّثني حكيم بن داودَ ، عن سَلَمة بن الخطّاب ، عن محمّد بن عَمرو ، عن هارون بن خارجَة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله.
الباب السّابع والثّلاثون
( ما روي أنّ الحسين عليه السلام سيّد الشّهداء )
١ ـ حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن حَنان « قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : زوروا الحسين عليهالسلام ولا تجفوه ، فإنّه سَيِّدُ شَباب أهل الجنّة من الخلق وسَيِّدُ الشَّهداء ».
٢ ـ حدَّثني أبي رحمهالله عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن رِبْعيِّ بن عبدالله (١) « قال : قلت لأبي عبدالله عليهالسلام بالمدينة : أين قبور الشُّهداء؟ فقال : أليس أفضل الشُّهداء عِندَكم ، والَّذي نفسي بيدِه أنَّ حَولَه أربعة آلاف مَلَك شُعْثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة ».
٣ ـ حدّثني أبو العبّاس الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أبي داودَ المُسْتَرِق ، عن اُمّ سعيد الأحْمَسِيّة (٢) « قال : كنت عند أبي عبدالله عليهالسلام وقد بعثت مَن يَكتري لي حِماراً إلى قبور الشُّهداء ، فقال : ما يمنعكِ من زيارة سيّد الشُّهداء؟ قالت : قلت : ومَن هو؟ قال : الحسين عليهالسلام ، قالَتْ : قلت : وما لِمَن زارَه؟ قال : حَجّةٌ وعُمْرَةٌ مَبرورَة ، ومِن الخير كذا وكذا وكذا ـ ثلاث مرَّات ـ بيده ».
٤ ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين ، عن اُمّ سعيد الاُحْمَسيّة « قالت : جئت إلى أبي عبدالله عليهالسلام فدخلت عليه ، فجاءَت الجارية فقالت : قد جئتكِ بالدَّابّة ، فقال لي : يا اُمَّ سعيد أيُّ شيءٍ هذه الدَّابّة؛ أين تبغين تَذْهبين؟ قالت : قلت : أزور قبورَ الشّهداء ، قال : أخِّري ذلك اليوم ، ما أعجبكم يا أهل العِراق؛ تأتون الشُّهداء مِن سَفر بَعيد وتتركون سيِّد الشّهداء لا تأتونَه؟! قالت : قلت له : مَن سَيّد الشُّهداء؟ فقال : الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام ، قالت : قلت : إنّي امرءَة ، فقال : لا بأس لمن كان مثلك ان يَذهب إليه ويَزوره ، قالت : أيُّ شيءٍ لنا في زيارته؟ قال : تعدل حجّة وعُمرة واعتكاف شَهرين في المسجد
__________________
١ ـ هو العبديّ البصري أبو نعيم ، ثقة ، روى عن الصّادق والكاظم عليهماالسلام.
٢ ـ بفتح الألف وسكون الحاء المهملة وفتح الميم وفي آخرها السّين المهملة ، هذه النّسبة إلى أحمس ، وهي طائفة من بجيلة نزلوا الكوفة. ( الأنساب ، اللّباب ، الإكمال ) وقال العلاّمة الاُميني رحمه الله : بطن من انمار بن إراش ، غلب عليهم اسم أبيهم حمس فقيل لهم : أحمس ، فما في كثير من المعاجم بالخاء المعجمة تصحيف واضح.
الحرام وصيامها ، وخيرها كذا وكذا ، قالت : بَسَط يَدَه وضَمّها ضَمّاً ـ ثلاث مرَّات ـ ».
٥ ـ حدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن رحمهمالله عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة ، عن العبّاس بن عامِر ، عن أحمدَ بن رِزق الغَمْشانيّ (١) ، عن اُم سعيد الأحْمَسيّة « قالت : دخلت المدينة فاكتريتُ حِماراً على أن أطوف على قبور الشُّهداء (٢) ، فقلت : لابدَّ أبدَء بابن رَسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأدخل عليه ، فأبطأتُ على المكاري قليلاً ، فهتف بي ، فقال لي أبو عبدالله عليهالسلام : ما هذا يا اُمَّ سعيد؟ قلت له : جعلت فِداك تَكارَيتُ حِماراً لأزور عَلى قُبور الشُّهداء ، قال : أفلا اُخبرُك بسَيِّدِ الشُّهداء؟! قلت : بلى ، قال : الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام ، قلت : وإنّه لسيِّد الشّهداء؟! قال : نَعَم ، قلت : فما لمن زاره؟ قال : حَجّة وعُمْرَة ، ومن الخير ـ هكذا وهكذا ـ ».
٦ ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ جميعاً ، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البَرقيِّ ، عن أبيه ، عن عبدالله بن القاسم الحارثي ، عن عبدالله بن سِنان ، عن اُمّ سعيد الأحمسيّة « قالت : دخلت المدينة فأكتريت البَغل لاُزور عليه قبورَ الشُّهداءِ ، قالت : قلت : ما أحدٌ أحقُّ أن أبدء به مِن جعفر بن محمّد ، قالت : فدخلت عليه فأبطأتُ فصاح بي المكاري : حبستِينا عافاكِ الله! ، فقال لي أبو عبدالله : كأنّ إنساناً يستعجلك يا اُمّ سعيد؟ قلت : نَعَم جُعِلتُ فداك ، إنّي اكتريت بَغلاً لأزور عليه قبور الشّهداء فقلت : ما آتي أحداً أحقّ مِن جعفر بن محمّد ، قالت : يا اُمّ سعيد فما يمنعك مِن أن تأتي قبر سيِّد الشّهداء؟! قالت : فطمعت (٣) أن يَدُلَّني على قبر عليِّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقلت : بأبي أنت واُمّي ومَن سيّد الشّهداء؟ قال : الحسين ابن ـ
__________________
١ ـ قال النّجاشيّ ـ مثل ما في المتن ـ : « الغمشانيّ » ، وفي الخلاصة : الغُشانيّ ـ بالغين المعجمة المضمومة والشّين المعجمة والنّون بعد الألف ـ بجليّ ثقة.
٢ ـ مرادها شهداء اُحد.
٣ ـ ذلك لخفاء قبره عليه السلام حينذاك.
فاطمة عليهماالسلام ، يا اُمَّ سعيد مَن أتاه ببصيرة ورَغبةٍ فيه كان له حَجّة وعُمرَة مَبرورة (١) وكان له مِن الفضل هكذا وهكذا ».
٧ ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل ـ عمّن حدَّثه ـ عن عليِّ بن أبي حمزة ، عن الحسين بن أبي العَلاء؛ وأبي المَغرا؛ وعاصم بن حُمَيد الحنّاط جماعتهم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : ما مِن شَهيدٍ إلاّ ويحبّ أن يكون (٢) مع الحسين عليهالسلام حتّى يدخلون الجنّة معه ».
الباب الثّامن والثّلاثون
( زيارة الأنبياء الحسين بنَ عليِّ عليهما السلام )
١ ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله (٣) ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمّار « قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : ليس نبيّ في السَّماوات [والأرض] إلاّ يسألون الله تعالى أن يأذن لهم في زيارة الحسين عليهالسلام ، ففوج ينزل وفوج يصعد (٤) ».
٢ ـ وعنه ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين ابن بنت أبي حمزة الثُّمالي « قال : خرجت في آخر زَمان بني مَروان إلى زيارة قبر الحسين عليهالسلام مُستخفياً من أهل الشّام (٥) ، حتّى انتهيت إلى كربلاء فاختفيت في ناحية القَرية حتّى إذا ذهب مِن اللَّيل نصفه أقبلتُ نحو القبر ، فلمّا دَنَوتُ منه أقبل نحوي رَجُلٌ
__________________
١ ـ في بعض النّسخ : « حجّة مبرورة وعمرة متقبّلة ».
٢ ـ في بعض النّسخ : « إلاّ وهو يحبّ لو أنّ الحسين بن علي حيّ حتّى يكون ـ إلخ ».
٣ ـ هو ابن أخي أبي جعفر الأشعريّ.
٤ ـ في نسخة : « يعرج ».
٥ ـ لئلاّ يعرفوني بولاية أهل البيت عليهم السلام ويزجروني بذلك؛ ظاهراً ، لا لزيارة القبر ، لأنّ المنع مِن زيارة قبره كان في زمن بني العبّاس.