تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

فعيسى ، واما راكب الجمل فمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أتنكر هذا من التورية؟ قال : لا ما أنكره ثم قال الرضا عليه‌السلام : هل تعرف حيقوق النبي؟ قال : نعم انى به لعارف قال فانه قال وكتابكم ينطق به : جاء الله بالبينات من جبل فاران ، وامتلأت السموات من تسبيح احمد وأمته يحمل خيله في البحر كما يحمل في البر يأتينا بكتاب جديد بعد خراب بيت المقدس يعنى بالكتاب : القرآن أتعرف هذا وتؤمن به؟ قال رأس الجالوت : قد قال ذلك حيقوق ولا ننكر قوله ، قال الرضا عليه‌السلام وقد قال داود في زبوره وأنت تقرء : اللهم ابعث مقيم السنة بعد الفترة فهل تعرف نبيا اقام السنة بعد الفترة غير محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال رأس الجالوت : هذا قول داود نعرفه ولا ننكره ولكن عنى بذلك عيسى عليه‌السلام وأيامه هي الفترة ، قال الرضا عليه‌السلام : جهلت ان عيسى لم يخالف السنة وقد كان موافقا لسنة تورية حتى رفعه الله اليه ، وفي الإنجيل مكتوب ان ابن البرة ذاهب (١) والفارقليطا جاء من بعده ، وهو الذي يحقق الاخبار ويفسر لكم كل شيء ويشهد لي كما شهدت له ، انا جئتكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل أتؤمن بهذا في الإنجيل؟ قال : نعم لا أنكره.

٢٩٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى عبد الرحمن بن الأسود عن جعفر ابن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صديقان يهوديان قد آمنا بموسى رسول الله وأتيا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وسمعا منه ، وقد كانا قرئا التورية وصحف إبراهيم وموسى عليهما‌السلام وعلما علم الكتب الاولى ، فلما قبض الله تبارك وتعالى رسوله أقبلا يسألان عن صاحب الأمر بعده ، وقالا : انه لم يمت نبي قط الا وله خليفة يقوم بالأمر في أمته من بعده ، قريب القرابة اليه من أهل بيته ، عظيم القدر ، جليل الشأن ، فقال أحدهما لصاحبه : هل تعرف صاحب هذا الأمر من بعد هذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال الاخر : لا أعلمه الا بالصفة التي أجدها في التورية ، وهو الأصلع المصغر

__________________

(١) برة على ما قيل : أصلها بارة اسم مريم عليها‌السلام ، وقال الطريحي (ره) : برة بالباء الموحدة التحتانية والراء المهملة المشددة على ما صح من النسخ : أحد أوصياء الأنبياء المتأخرين عن نوح (ع)

٨١

فانه كان أقرب القوم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما دخلا المدينة وسألا عن الخليفة أرشدا الى أبى بكر ، فلما نظرا اليه قالا : ليس هذا صاحبنا ، ثم قالا له : ما قرابتك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : انى رجل من عشيرته ، وهو زوج ابنتي عائشة ، قالا : هل غير هذا؟ قال : لا : قالا : ليست هذه بقرابة فأخبرنا اين ربك؟ قال : فوق سبع سموات ، قالا : هل غير هذا؟ قال : لا ، قالا : دلنا على من هو أعلم منك فانك لست بالرجل الذي نجد صفته في التورية انه وصى هذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وخليفته. ثم أرشدهما الى عمر ، فلما أتياه قالا : ما قرابتك من هذا النبي؟ قال : انا من عشيرته وهو زوج ابنتي حفصة قالا : هل غير ذلك؟ قال : لا قالا : ليست هذه بقرابة وليست هذه الصفة التي نجدها في التورية ، ثم قالا له : فأين ربك؟ قال : فوق سبع سموات ، قالا : هل غير هذا قال : لا ، قالا : دلنا على من هو اعلم منك فأرشدهما الى على عليه‌السلام ، فلما جاءا فنظرا اليه قال أحدهما لصاحبه : انه الرجل الذي نجد صفته في التورية انه وصى هذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وخليفته وزوج ابنته وأبو السبطين والقايم بالحق من بعده ، ثم قالا لعلى عليه‌السلام : ايها الرجل ما قرابتك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال عليه‌السلام : هو أخى وانا وارثه ووصيه وأول من آمن به وزوج ابنته فاطمة عليها‌السلام ، قالا له : هذه القرابة الفاخرة والمنزلة القريبة وهذه الصفة التي نجدها في التورية ، قال اليهوديان : فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت اهله فوالذي أنزل التورية على موسى عليه‌السلام انك لانت الخليفة حقا نجد صفتك في كتبنا ونقرأه في كنائسنا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩٨ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن ابى حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى عهد الى آدم عليه‌السلام الى ان قال : فلما أنزلت التورية على موسى بشر بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان بين موسى ويوسف عليهما‌السلام أنبياء وكان وصى موسى بن عمران يوشع بن نون عليهما‌السلام وهو فتاه الذي ذكره الله في كتابه ، فلم تزل الأنبياء تبشر بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى بعث الله تبارك وتعالى المسيح عيسى بن مريم ، فبشر بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك قوله

٨٢

تعالى : يجدونه يعنى اليهود والنصارى مكتوبا يعنى صفة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عندهم (فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) ، وهو قول الله عزوجل يخبر عن عيسى : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) وبشر موسى وعيسى عليهما‌السلام بمحمد كما بشر الأنبياء صلوات الله عليهم بعضهم ببعض.

٢٩٩ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) يقول : علم الامام ووسع علمه الذي هو من علمه كل شيء هم شيعتنا ثم قال : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) يعنى ولاية غير الامام وطاعته ثم قال : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) يعنى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والوصي والقائم يأمرهم بالمعروف إذا قام وينهاهم عن المنكر والمنكر من أنكر فضل الامام عليه‌السلام وجحده ويحل لهم الطيبات أخذ العلم من اهله ويحرم عليهم الخبائث والخبائث قول من خالف ويضع عنهم إصرهم وهي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الامام عليه‌السلام والأغلال التي كانت عليهم والأغلال : ما كانوا يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الامام عليه‌السلام فلما عرفوا فضل الامام وضع عنهم إصرهم والإصر : الذنب وهي الآصار ثم نسبهم فقال : الذين آمنوا به يعنى بالإمام (وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يعنى الذين اجتنبوا الجبت والطاغوت ان يعبدوها والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان والعبادة طاعة الناس لهم.

٣٠٠ ـ علي بن إبراهيم باسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) الى قوله : (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) قال : النور في هذا الموضع أمير المؤمنين والائمة عليهم‌السلام.

٣٠١ ـ محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله بن جعفر عن الحسن بن طريف وعلى بن

٨٣

محمد عن صالح بن أبي حماد عن بكر بن صالح عن عبد الرحمن بن سالم عن أبي بصير عن أبى عبد الله ان أبا جعفر عليه‌السلام قرأ اللوح الذي أهداه الله الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي فيه اسم النبي وأسماء الائمة عليهم‌السلام وفي آخره بعد ان ذكر على بن محمد عليهما‌السلام اخرج منه الداعي الى سبيلي ، والخازن لعلمي الحسن ، وأكمل ذلك بابنه م ح م د رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى ، وبهاء عيسى عليهما‌السلام ، وصبر أيوب ، فيذل أوليائى في زمانه ويتهادى رؤسهم كما يتهادى رؤس الترك والديلم ، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين ، تصبغ الأرض بدمائهم ، ويفشو الويل والرنة (١) في شأنهم ، أولئك أوليائي حقا ، بهم ادفع كل فتنة عمياء حندس (٢) وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والأغلال ، (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

٣٠٢ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن عمر بن عثمان عن على بن عيسى رفعه قال : ان موسى عليه‌السلام ناجاه ربه تبارك وتعالى فقال له في مناجاته : أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم ، ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر ، فمثله في كتابك انه مهيمن على الكتب كلها ، وانه راكع ساجد راغب راهب ، إخوانه المساكين وأنصاره قوم آخرون ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نزلت هذه الاية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ) يعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) لان الله عزوجل قد أنزل عليهم في التورية والإنجيل والزبور صفة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجره ، وهو قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ

__________________

(١) الرنة : الصيحة.

(٢) الحندس بكسر الحاء : المظلم.

٨٤

مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) فهذه صفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في التورية والإنجيل وصفة أصحابه ، فلما بعثه الله عزوجل عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ).

٣٠٤ ـ في تفسير العياشي عن أبي بصير في قول الله : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) قال أبو جعفر عليه‌السلام : النور على عليه‌السلام.

٣٠٥ ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله في قول الله : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) فقال : قوم موسى عليه‌السلام هم أهل الإسلام.

٣٠٦ ـ عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا قام قائم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلا ، خمسة عشر من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون ، وسبعة من أصحاب الكهف ويوشع وصى موسى ، ومؤمن آل فرعون وسلمان الفارسي ، وأبا دجانة الأنصاري ، ومالك الأشتر.

٣٠٧ ـ عن أبي الصهبان البكري قال : سمعت على بن أبي طالب عليه‌السلام ودعا رأس الجالوت واسقف النصارى فقال : انى سائلكما عن امر وانا اعلم به منكما ، يا رأس الجالوت بالذي انزل التورية على موسى ، وأطعمكم المن والسلوى ، وضرب لكم في البحر طريقا يبسا وفجر لكم من الحجر الطور اثنى عشر عينا لكل سبط من بنى إسرائيل عينا الا ما أخبرتنى على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى عليه‌السلام؟ فقال : ولا الا فرقة واحدة ، فقال : كذبت والذي لا اله غيره ، لقد افترقت على احدى وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ، فان الله يقول : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).

٣٠٨ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقال بعده : وبهذا الاسناد قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : يسأل عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر : أواجب هو على الامة جميعا؟ فقال : لا فقيل له : ولم؟ قال : انما هو على القوى المطاع ، العالم بالمعروف من المنكر لا على الضعيف الذي لا يهتدى سبيلا الى اى من اى ، يقول من الحق الى الباطل ، والدليل على ذلك كتاب الله تعالى قوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ

٨٥

بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فهذا خاص غير عام كما قال الله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) ولم يقل على امة موسى ولا على كل قومه وهم يومئذ أمم مختلفة والامة واحدة فصاعدا ، كما قال الله سبحانه وتعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) يقول : مطيعا لله تعالى والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» باسناده الى الامام محمد بن على الباقر عليهما‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه خطبة الغدير وفيها معاشر الناس انا الصراط المستقيم الذي أمركم باتباعه ، ثم على (عليه‌السلام) من بعدي ، ثم ولدي من صلبه أئمة (يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).

٣١٠ ـ وفيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه : ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة اليه ، ومتعلم على سبيل نجاة ، أولئك هم الأقلون عددا ، وقد بين الله ذلك من أمم الأنبياء ، وجعلهم مثلا لمن تأخر ، مثل قوله فيمن آمن من قوم موسى عليه‌السلام (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).

٣١١ ـ في مجمع البيان (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى) الاية اختلف في هذه الامة من هم؟ على أقوال ، أحدها : انهم قوم من وراء الصين وبينهم وبين صين واد جار من الرمل لم يغيروا ولم يبدلوا عن ابن عباس والسدي والربيع والضحاك وهو المروي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قالوا وليس لأحد منهم مال دون صاحبه ، يمطرون بالليل ويضحون بالنهار ويزرعون ، لا يصل إليهم منا أحد ولا منهم إلينا ، وقيل : ان جبرئيل عليه‌السلام انطلق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة المعراج إليهم ، فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة ، فآمنوا به وصدقوه وأمرهم أن يقيموا مكانهم ويترك السبت ، وأمرهم بالصلوة والزكاة ولم يكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا وروى أصحابنا انهم يخرجون مع قائم آل محمد عليهم‌السلام وروى ان ذا القرنين رآهم وقال : لو أمرت بالمقام لسرني ان أقيم بين أظهركم.

٣١٢ ـ وفيه عند قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ) وروى ابن جريح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : هي أمتي بالحق يأخذون ، وبالحق يعطون ، وقد اعطى القوم بين أيديكم مثلها (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).

٨٦

٣١٣ ـ في كتاب الخصال عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن على عليهم‌السلام قال : سألت على بن موسى بن جعفر عليه‌السلام عما يقول في بنى الأفطس فقال : ان الله أخرج من بنى إسرائيل وهو يعقوب بن اسحق بن إبراهيم عليهم‌السلام اثنى عشر سبطا ونشر من الحسن والحسين إبني أمير المؤمنين عليه‌السلام لفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اثنى عشر سبطا ثم عدد الاثنى عشر من ولد إسرائيل فقال : زيلون بن يعقوب وشمعون بن يعقوب ويهود بن يعقوب وتشاخر بن يعقوب وريكون بن يعقوب ويوسف بن يعقوب وبنيامين بن يعقوب وتفشال بن يعقوب وودان بن يعقوب وسقط عن الحسن النسابة ثلثة منهم ، ثم عدد الاثنى عشر من ولد الحسن والحسين عليهما‌السلام فقال : اما الحسن فانتشر منه ستة ابطن ، بنو الحسن بن زيد بن الحسن بن علي وبنو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ، وبنو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي وبنو الحسن بن الحسن بن علي وبنو داود بن الحسن بن الحسن بن علي وبنو جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي فعقب الحسن عليه‌السلام من هذه الستة الابطن ، ثم عد بنى الحسين عليه‌السلام فقال بنو محمد بن على الباقر بن علي بن الحسين بن علي عليهم‌السلام ، وبنو عبد الله الباهر بن علي ، وبنو زيد بن علي بن الحسين بن علي ، وبنو الحسين بن علي بن الحسين بن علي وبنو عمر بن علي بن الحسين بن علي وبنو علي بن الحسين بن علي ، فهؤلاء الستة الابطن نشر الله منهم ولد الحسين بن على عليهما‌السلام.

٣١٤ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام انه قال : في قول الله عزوجل : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) فقال : ان الله أعز وأمنع من ان يظلم وان ينسب نفسه الى ظلم ، ولكن الله خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه ، وولايتنا ولايته ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه فقال : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) قلت هذا تنزيل؟ قال : نعم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣١٥ ـ بعض أصحابنا عن محمد بن أبي عبد الله عن عبد الوهاب بن بشر عن موسى بن قادم عن سليمان عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سئلته عن قول الله عزوجل : (وَما

٨٧

ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) قال : ان الله أعظم وأعز وأجل وامنع من ان يظلم ، ولكنه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته ، حيث يقول : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) يعنى الائمة منا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣١٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل فيه : واما قوله : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) فهو تبارك اسمه أجل وأعز من ان يظلم ولكنه قرن امنائه على خلقه بنفسه ، وهو عرف الخليقة جلالة قدرهم عنده ، وان ظلمهم ظلمه بقوله : (وَما ظَلَمُونا) ببغضهم أوليائنا ، ومعونة أعدائهم عليهم (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) إذ حرموها الجنة وأوجبوا عليها دخول النار.

٣١٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وجدنا في كتاب على بن أبي طالب صلوات الله عليه ان قوما من أهل ايلة (١) من قوم ثمود وان الحيتان كانت سيقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك ، فشرعت إليهم يوم سبتهم في ناديهم (٢) وقدام أبوابهم في انهارهم وسواقيهم ، فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها ، فلبثوا في ذلك ما شاء الله لا ينهاهم عنها الأحبار ولا يمنعهم العلماء من صيدها ، ثم ان الشيطان اوحى الى طائفة منهم انما نهيتم عن أكلها يوم السبت ولم تنهوا عن صيدها ، فاصطادوها يوم السبت وأكلوها فيما سوى ذلك من الأيام ، فقالت طائفة منهم : الآن نصطادها فعتت وانحازت طائفة اخرى منهم ذات اليمين فقالوا : ننهاكم عن عقوبة الله ان تتعرضوا لخلاف أمره ، واعتزلت طائفة اخرى منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم ، فقالت للطائفة التي وعظتهم : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً) فقالت الطائفة التي وعظتهم (مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) قال : فقال الله عزوجل : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ)

__________________

(١) ايلة : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام : وقيل : آخر الحجاز وأول الشام وحكى عن بعض انه : قال : سميت بايلة بنت مدين بن إبراهيم.

(٢) النادي : مجلس القوم ومتحدثهم نهارا.

٨٨

يعنى لما تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة فقالت الطائفة التي وعظتهم : لا والله لا نجامعكم ولا نبايتكم (١) هذه الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم ، قال : فخرجوا عنهم من المدينة مخافة ان تصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء ، فلما أصبحوا أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية فأتوا باب المدينة فاذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها حس أحد فوضعوا سلما على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فاذا هو بالقوم قردة يتعادون فقال الرجل لأصحابه : يا قوم ارى والله عجبا. قالوا : وما ترى؟ قال : ارى القوم قد صاروا قردة يتعاوون لها أذناب ، فكسروا الباب قال : فعرفت القردة أنسابها من الانس ولم تعرف الانس أنسابها من القردة ، فقال القوم للقردة : الم ننهكم؟ فقال على عليه‌السلام : والله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة انى لأعرف أنسابها من هذه الامة لا ينكرون ولا يغيرون بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا وقد قال الله : (فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وقال الله : (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ).

٣١٨ ـ في تفسير العياشي عن على بن عقبة عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان اليهود أمروا بالإمساك يوم الجمعة فتركوا يوم الجمعة فأمسكوا يوم السبت.

٣١٩ ـ عن هارون بن عبيد رفعه الى أحدهم قال : جاء قوم الى أمير المؤمنين عليه‌السلام بالكوفة وقالوا : يا أمير المؤمنين ان هذه الجراري (٢) تباع في أسواقنا؟ قال : فتبسم أمير المؤمنين عليه‌السلام ضاحكا به ، ثم قال قوموا لأريكم عجبا ولا تقولوا في وصيكم الأخير أفقاموا معه فأتوا شاطئ بحر فتفل فيه تفلة وتكلم بكلمات فاذا بجرية رافعة رأسها فاتحة فاها ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من أنت الويل لك ولقومك؟ فقال : نحن من أهل (الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ) البحر إذ يقول

__________________

(١) من البيتوتة

(٢) الجراري جمع الجري بتشديد الراء والياء كسكيت : بمعنى الجريث : ضرب من السمك يشبه الحيات ، ويقال له بالفارسية «مارماهي».

٨٩

الله في كتابه : (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً) الاية ، فعرض الله علينا ولايتك فقعدنا عنها فمسخنا الله فبعضنا في البر وبعضنا في البحر ، فاما الذين في البحر فنحن الجراري ، واما الذين في البر فالضب واليربوع ، قال : ثم التفت أمير المؤمنين عليه‌السلام إلينا فقال : أسمعتم مقالتها؟ قلنا : اللهم نعم ، قال : والذي بعث محمدا بالنبوة لتحيض كما تحيض نساؤكم.

٣٢٠ ـ عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام في قول الله «فلما جاء أمرنا (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) قال : افترق القوم ثلث فرق : فرقة نهت واعتزلت ، وفرقة أقامت ولم تقارف الذنوب (١) وفرقة قارفت الذنوب فلم ينجو من العذاب الا من نهى ، قال جعفر : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما صنع بالذين أقاموا ولم يقارفوا الذنوب؟ قال : بلغني انهم صاروا ذرا.

٣٢١ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) قال : كانوا ثلثة أصناف ، صنف ائتمروا وأمروا ، وصنف ائتمروا ولم يأمروا ، وصنف لم يأمروا ولم يأتمروا فهلكوا.

٣٢٢ ـ في روضة الكافي سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن عبد الله بن المغيرة عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) قال : كانوا ثلثة أصناف : صنف ائتمروا وأمروا فنجوا ، وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا ذرا وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا.

٤٢٣ ـ في مجمع البيان ووردت الرواية عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله لم يمسخ شيئا فجعل له نسلا وعقبا.

٣٢٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وقد روى ان المسوخ لم تبق أكثر من ثلثة أيام ، وان هذه مثل لها فنهى الله عزوجل عن أكلها.

٣٢٥ ـ في مجمع البيان : ليبعثن عليهم اى على اليهود الى يوم القيمة (مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) اى من يذيقهم ويوليهم شدة العذاب بالقتل وأخذ الجزية منهم والمعنى

__________________

(١) قارف الذنب : قاربه. خالطه.

٩٠

به امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عند جميع المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٣٢٦ ـ في تفسير العياشي عن اسحق بن عبد العزيز قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : خص الله هذه الامة بآيتين من كتابه ان لا يقولوا ما لا يعلمون ، ثم قرء : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ) الآية وقوله (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) ، الى قوله «الظالمين».

٣٢٧ ـ عن أبي السفاتج قال قال ابو عبد الله عليه‌السلام : آيتين في كتاب الله خص الله الناس ان لا يقولوا ما لا يعلمون قول الله : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ) وقوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ).

٣٢٨ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن يونس عن أبي يعقوب اسحق بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا حتى يعلموا ، ولا يردوا ما لم يعلموا ، وقال عزوجل : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ) وقال : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ).

٣٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) الى آخره قال : نزلت في آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأشياعهم.

٣٣٠ ـ في نهج البلاغة ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه ، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه فالتمسوا ذلك من عند اهله ، فإنهم عيش العلم وموت الجهل ، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم ، وصمتهم عن منطقهم (١) وظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق.

٣٣١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله و (إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) قال الصادق عليه‌السلام : لما انزل الله التورية على بنى إسرائيل لم يقبلوه ،

__________________

(١) ولذلك قيل : صمت العارف أبلغ من نطق غيره.

٩١

فرفع الله عليهم جبل طور سيناء فقال لهم موسى عليه‌السلام : ان لم تقبلوه وقع عليكم الجبل فقبلوه وطأطأوا رؤسهم.

٣٣٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : أخبرنى عن طائر طار مرة ولم يطر قبلها ولا بعدها ذكره الله تعالى في القرآن ما هو؟ فقال : طور سيناء أطاره الله عزوجل على بنى إسرائيل حين أظلهم بجناح منه ، فيه ألوان العذاب حتى قبلوا التورية ، وذلك قول الله عزوجل : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) الاية.

٣٣٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وسأل طاوس اليماني أبا جعفر الباقر عليه‌السلام عن طاير طار مرة ولم يطير قبلها ولا بعدها قال عليه‌السلام : طور سيناء قوله تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ).

٣٣٤ ـ في تفسير العياشي وفي رواية اسحق بن عمار عنه في قول الله تعالى : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) أقوة في الأبدان أم قوة في القلوب؟ قال : فيهما جميعا.

٣٣٥ ـ عن محمد بن ابى حمزة عمن أخبره عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) قال : السجود ووضع اليدين على الركبتين في الصلوة.

٣٣٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابى عمير عن أبى الربيع القزاز عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قلت : لم سمى أمير المؤمنين؟ قال : الله سماه ، وهكذا أنزل في كتابه : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) وان محمدا رسولي وان علينا أمير المؤمنين».

٣٣٧ ـ محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد الرحمان بن كثير عن داود الرقى عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال : لما أراد الله ان يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم : من ربكم؟ فأول من نطق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والائمة عليهم‌السلام فقالوا : أنت ربنا فحملهم العلم والدين ، ثم قال للملائكة : هؤلاء حملة ديني وعلمي وأمنائي في خلقي ، وهم المسئولون ، ثم قال لبني آدم : أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالولاية والطاعة ، فقالوا : ربنا أقررنا فقال الله للملائكة

٩٢

اشهدوا فقال الملائكة : شهدنا ، قال على عليه‌السلام : ان لا تقولوا غدا (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) يا داود ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق.

٣٣٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن بعض أصحابنا عن ابى بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف أجابوا وهم ذر؟ قال : جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه ، يعنى في الميثاق.

٣٣٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن ابن أذينة عن زرارة ان رجلا سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) الى آخر الاية فقال وأبوه يسمع عليهما‌السلام : حدثني ابى ان الله عزوجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق الله منها آدم ، فصب عليها الماء العذب الفرات ، ثم تركها أربعين صباحا ثم صب عليها الماء المالح الأجاج (١) فتركها أربعين صباحا ، فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا فخرجوا كالذر من يمينه وشماله وأمرهم جميعا ان يقعوا في النار فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا وسلاما ، وابى أصحاب الشمال ان يدخلوها.

٣٤٠ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن بكير بن أعين قال : كان ابو جعفر عليه‌السلام يقول : ان الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر يوم أخذ الميثاق على الذر بالإقرار له بالربوبية ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوة وعرض الله عزوجل على محمد أمته في الطين وهم اظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعرفهم عليا ونحن نعرفهم في لحن القول.

٣٤١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن صالح بن سهل عن أبى عبد الله عليه‌السلام ان بعض قريش قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بأى شيء سبقت الأنبياء

__________________

(١) الأجاج : الشديد الملوحة.

٩٣

وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال : انى كنت أول من آمن بربي وأول من أجاب حين أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) فكنت أنا أول نبي قال : بلى ، فسبقتهم بالإقرار بالله.

٣٤٢ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن على بن إسماعيل عن محمد بن إسماعيل عن سعدان بن مسلم عن صالح بن سهل عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأى شيء سبقت ولد آدم؟ قال : اننى أول من أقر بربي ان الله أخذ ميثاق النبيين (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) فكنت انا أول من أجاب.

٣٤٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : أول من سبق الى بلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك انه كان أقرب الخلق الى الله تبارك وتعالى ، وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل عليه‌السلام لما اسرى به الى السماء : تقدم يا محمد فقد وطئت موطئا لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولولا ان روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر ان يبلغه ، وكان من الله عزوجل كما قال (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) اى بل ادنى.

٣٤٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن داود العجلي عن زرارة عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذبا وماء مالحا أجاجا فامتزج الماء ان ، فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا ، فقال لأصحاب اليمين وهم كالذر يدبون : الى الجنة بسلام ، وقال لأصحاب الشمال : الى النار ولا أبالى ، ثم قال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) ثم أخذ الميثاق على النبيين فقال «ألست بربكم وان هذا محمد رسولي وان هذا على أمير المؤمنين قالوا بلى» فثبتت لهم النبوة وأخذ الميثاق على أولى العزم اننى ربكم ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمرى وخزان علمي عليهم‌السلام ، وان المهدي أنتصر به لديني وأظهر به دولتي وانتقم به من أعدائى وأعبد به طوعا وكرها قالوا : أقررنا يا رب وشهدنا ولم يجحد آدم عليه‌السلام ولم يقر ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي

٩٤

ولم يكن لادم عزم على الإقرار به ، وهو قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : انما هو فترك ثم أمر نارا فأججت (١) فقال لأصحاب الشمال : ادخلوها ، فهابوها وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما ، فقال أصحاب الشمال : [يا رب] أقلنا فقال قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها فهابوها ، فثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية.

٣٤٥ ـ على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته : عن قول الله عزوجل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ما تلك الفطرة؟ قال : هي الإسلام فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، قال : ألست بربكم وفيه المؤمن والكافر.

٣٤٦ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن صالح بن سهل عن أبى عبد الله عليه‌السلام ان رجلا جاء الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو مع أصحابه فسلم عليهم ثم قال : انا والله أحبك وأتولاك! فقال له أمير المؤمنين : كذبت قال : بلى والله انى لأحبك وأتولاك فقال له أمير المؤمنين : كذبت ما أنت كما قلت : ان الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ، ثم عرض علينا المحب لنا فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه.

٣٤٧ ـ وفي رواية اخرى قال أبو عبد الله عليه‌السلام : كان في النار.

٣٤٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى حبيب قال : حدثني الثقة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق العباد وهم اظلة قبل الميلاد فما تعارف من الأرواح ائتلف. وما تناكر منها اختلف.

٣٤٩ ـ وباسناده الى حبيب عمن رواه عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ما تقول في الأرواح انها جنود مجندة فما تعارف منها ايتلف وما تناكر منها اختلف قال : فقلت انا نقول ذلك ، قال : فانه كذلك ان الله عزوجل أخذ من العباد ميثاقهم وهم اظلة قبل الميلاد وهو قوله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ

__________________

(١) الأجيج : ملتهب النار.

٩٥

أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) الى آخر الآية قال : فمن أقربه يومئذ جاءت ألفته هاهنا ومن أنكره يومئذ جاء خلافه هاهنا.

٢٥٠ ـ ابى «رحمه‌الله» قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قال : ثبتت المعرفة ونسوا الوقت وسيذكرونه يوما ، ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ولا من رازقه.

٣٥١ ـ في كتاب التوحيد قال : ابى رحمه‌الله حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم ومحمد بن الحسين بن أبى الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا عن ابن ابى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قال : اخرج من ظهر آدم ذريته الى يوم القيمة ، فخرجوا كالذر فعرفهم ورآهم صنعه ولو لا ذلك لم يعرف أحد ربه.

٣٥٢ ـ ابى «رحمه‌الله» قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن ابن مسكان عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أصلحك الله قول الله عزوجل في كتابه : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال فطرهم على التوحيد عند الميثاق ، وعلى معرفته انه ربهم ، قلت : وخاطبوه؟ قال : فطأطأ رأسه ثم قال : لولا ذلك لم يعلموا من ربهم ولا من رازقهم.

٣٥٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابن مسكان عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قلت : معاينة كان هذا؟ قال : نعم فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه ، فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ).

٩٦

٣٥٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : أخبرني عن الله عزوجل هل يراه المؤمن يوم القيمة؟ قال : نعم وقد رأوه قبل يوم القيمة ، فقلت : متى؟ قال : حين قال لهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ثم سكت ساعة ثم قال : وان المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيمة ألست تراه في وقتك هذا؟ قال ابو بصير : فقلت له : جعلت فداك فأحدث بهذا عنك؟ فقال : لا ، فانك إذا حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقول ، ثم قدر ان ذلك تشبيه كفر وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين ، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون.

٣٥٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن موسى عن العباس بن معروف عن ابن ابى نجران عن عبد الله بن سنان عن ابن ابى يعفور عن ابى حمزة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال له رجل : كيف سميت الجمعة جمعة؟ قال : ان الله عزوجل جمع فيها خلقه لولاية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيه في الميثاق ، فسماه يوم الجمعة لجمعه فيه خلقه.

٣٥٦ ـ في أمالي شيخ الطائفة باسناده الى جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام عن أبيه عن جده عليهم‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلى عليه‌السلام : أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحا فقال لهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا : بَلى) قال : ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله رسولي؟ قالوا : بلى قال : وعلى أمير المؤمنين وابى الخلق جميعا الا استكبارا وعتوا عن ولايتك الا نفر قليل وهم أقل القليل وهم أصحاب اليمين.

٣٥٧ ـ في غوالي اللئالى وقال عليه‌السلام : أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان (١) يعنى عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم وتلا : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى).

٣٥٨ ـ في تهذيب الأحكام في الدعاء بعد صلوة الغدير المسند الى الصادق عليه‌السلام : ومننت علينا بشهادة الإخلاص لك بموالاة أوليائك الهداة المهديين من بعد النذير

__________________

(١) قال الجوهرى في الصحاح نعمان ـ بالفتح ـ وادفى طريق الطائف يخرج الى عرفات.

٩٧

المنذر ، والسراج المنير ، وأكملت الدين بموالاتهم والبرائة من عدوهم وأتممت علينا النعمة التي جددت لنا عهدك ، وذكرتنا ميثاقك ، المأخوذ منا في مبدء خلقك إيانا ، وجعلتنا من أهل الاجابة ، وذكرتنا العهد والميثاق ولم تنسنا ذكرك ، فانك قلت : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) شهدنا بمنك ولطفك بأنك أنت الله لا اله الا أنت ربنا ، ومحمد عبدك ورسولك نبينا وعلى أمير المؤمنين والحجة العظمى وآيتك الكبرى و (النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ).

٣٥٩ ـ في الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن ابى عميرة عن عبد الرحمان الحذاء عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : كان على بن الحسين عليهما‌السلام لا يرى بالعزل بأسا أتقرأ هذه الاية (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) فكل شيء أخذ الله منه الميثاق فهو خارج وان كان على صخرة صماء.

٣٦٠ ـ في تفسير العياشي عن جابر قال : قال لي ابو جعفر عليه‌السلام : يا جابر لو يعلم الجهال متى سمى أمير المؤمنين على عليه‌السلام لم ينكروا حقه ، قال : قلت : جعلت فدك متى سمى؟ فقال لي : قوله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) «الى» (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) وان محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله وان عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : ثم قال لي : يا جابر هكذا والله جاء بها محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٦١ ـ عن ابن مسكان عن بعض أصحابه عن ابى جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان أمتي عرضت على في الميثاق ، فكان أول من آمن بى على عليه‌السلام ، وهو أول من صدقنى حين بعثت ، وهو الصديق الأكبر ، والفاروق يفرق بين الحق والباطل.

٣٦٢ ـ عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قالوا بألسنتهم؟ قال : نعم ، وقالوا بقلوبهم ، فقلت : واى شيء كانوا يومئذ؟ قال : صنع منهم ما اكتفي به.

٣٦٣ ـ عن جابر قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : متى سمى أمير المؤمنين عليه‌السلام

٩٨

أمير المؤمنين؟ قال : قال : والله أنزلت هذه الاية على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) وان محمدا رسول الله وان عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام» فسماه الله والله أمير المؤمنين.

٣٦٤ ـ عن الأصبغ بن نباتة عن على عليه‌السلام قال : أتاه ابن الكوا فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنى عن الله تبارك وتعالى هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى؟ فقال على عليه‌السلام : قد كلم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم وردوا عليه الجواب ، فثقل ذلك على ابن الكوا ولم يعرفه ، فقال له : كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال له : أو ما تقرء كتاب الله إذ يقول لنبيه : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) فقد أسمعهم كلامه وردوا عليه الجواب كما تسمع في قول الله يا ابن الكوا ، (قالُوا بَلى) فقال لهم : (إِنِّي أَنَا اللهُ) لا اله الا أنا ، وانا الرحمان فأقروا له بالطاعة والربوبية وميز الرسل والأنبياء والأوصياء ، وأمر الخلق بطاعتهم فأقروا بذلك في الميثاق ، فقال الملائكة عند إقرارهم : شهدنا عليكم يا بنى آدم ان تقولوا يوم القيمة (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ).

٣٦٥ ـ عن رفاعة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) قال : نعم الله الحجة على جميع خلقه يوم الميثاق هكذا وقبض يده.

٣٦٦ ـ في الكافي محمد بن يحيى وغيره عن احمد عن موسى بن عمر عن ابن سنان عن ابى سعيد القماط عن بكير بن أعين قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : لأي علة وضع الله الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يوضع في غيره؟ ولأي علة يقبل؟ ولأي علة اخرج من الجنة ولأي علة وضع ميثاق العباد فيه والعهد فيه ولم يوضع في غيره؟ وكيف السبب في ذلك؟ تخبرني جعلني الله فداك فان تفكري فيه لعجب ، قال : فقال سألت وأعضلت في المسئلة (١) واستقصيت فافهم الجواب وفرغ قلبك واصغ سمعك أخبرك إنشاء الله ، ان الله تبارك وتعالى وضع الحجر الأسود وهي جوهرة أخرجت من الجنة

__________________

(١) اى جئت بمسئلة معضلة مشكلة.

٩٩

الى آدم عليه‌السلام ، فوضعت في ذلك الركن لعلة الميثاق ، وذلك انه لما أخذ (مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان وفي ذلك المكان ترائى لهم (١) وفي ذلك المكان (٢) يهبط الطير على القائم عليه‌السلام ، فأول من يبايعه ذلك الطائر ، وهو والله جبرئيل عليه‌السلام والى ذلك المقام يسند القائم ظهره وهو الحجة والدليل على القائم ، وهو الشاهد لمن وافي (٣) في ذلك المكان ، والشاهد على من ادى اليه الميثاق والعهد الذي أخذ الله عزوجل على العباد ، فاما القبلة والاستلام (٤) فلعله العهد تجديدا لذلك العهد والميثاق ، وتجديدا للبيعة ليؤدوا اليه العهد الذي أخذ الله عليهم في الميثاق فيأتوه في كل سنة ويؤدوا اليه ذلك العهد والامانة الذين أخذ عليهم الا ترى انك تقول (٥) : أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ، وو الله ما يؤدى ذلك أحد غير شيعتنا ولا حفظ ذلك العهد والميثاق أحد غير شيعتنا ، وانهم ليأتوه فيعرفهم ويصدقهم ويأتيه غيرهم فينكرهم ويكذبهم ، وذلك انه لم يحفظ ذلك غير كم فلكم والله يشهد وعليهم والله يشهد بالخفر (٦) والجحود والكفر ، وهو الحجة البالغة من الله عليهم يوم القيمة يجيء وله لسان ناطق ، وعينان في صورته الاولى تعرفه الخلق ولا تنكره ، يشهد لمن وافاه وجدد الميثاق والعهد عنده يحفظ العهد والميثاق وأداء الامانة ، ويشهد على كل من أنكر وجحد ونسي الميثاق بالكفر والإنكار ، فأما علة ما أخرجه الله من الجنة فهل تدري ما كان الحجر؟ قلت : لا ، قال : كان ملكا من عظماء الملائكة عند الله فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك الملك فاتخذه الله أمينا على جميع خلقه ، فألقمه الميثاق وأودعه عنده ، واستبعد الخلق ان يجددوا عنده في كل سنة

__________________

(١) اى ظهر لهم حتى رأوه.

(٢) وفي المصدر : «ومن ذلك المكان».

(٣) : «لمن وافاه».

(٤) وفي بعض النسخ «والالتماس» مكان «والاستلام».

(٥) اى في الدعاء عند استلام الحجر.

(٦) انخفر : نقص العهد والغدر.

١٠٠