تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : انه بشرى وانتقام.

٢٣١ ـ في نهج البلاغة وقال له عليه‌السلام بعض اليهود : ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم؟ فقال له : انما اختلفنا عنه لا فيه ، ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ).

٢٣٢ ـ في مجمع البيان (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) ولم يقل أربعين ، لفايدة زايدة ذكر فيها وجوه الى قوله : ثالثها ان موسى عليه‌السلام قال لقومه : انى أتأخر عنكم ثلثين يوما ليتسهل عليكم ، ثم زاد عليهم عشرا وليس في ذلك خلف ، لأنه إذا تأخر عنهم أربعين ليلة فقد تأخر ثلثين قبلها عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام.

٢٣٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن على الخزاز عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : لهذا الأمر وقت؟ فقال : كذب الوقاتون ، كذب الوقاتون ، كذب الوقاتون ان موسى عليه‌السلام لما خرج وافدا الى ربه واعدهم ثلثين يوما ، فلما زاده الله على الثلاثين عشرا قال قومه : قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا ، فاذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم به فقولوا : صدق الله وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا : صدق الله توجروا مرتين.

٣٣٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى شعيب عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ذو القعدة ثلثون يوما لقول الله عزوجل : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن اسمعيل عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث طويل نحوه.

٢٣٥ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن على عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) قال : بعشر ذي الحجة.

٢٣٦ ـ في أمالي شيخ الطائفة «قدس‌سره» باسناده الى أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى بن أبي طالب عليه‌السلام في غزوة تبوك : اخلفني

٦١

في أهلي ، فقال على عليه‌السلام : يا رسول الله انى أكره أن تقول العرب : خذل ابن عمه ٦ وتخلف عنه ، فقال : أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى؟ قال : بلى ، قال : فاخلفني.

٢٣٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا فيه ذكر موسى وهارون عليهما‌السلام وفيه : فقلت له : أخبرنى عن الأحكام والقضايا والأمر والنهى كان ذلك إليهما؟ قال : كان موسى الذي يناجي ربه ويكتب العلم ويقضى بين بنى إسرائيل ، وهارون يخلفه إذا غاب عن قومه للمناجاة.

٢٣٨ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة يقول عليه‌السلام فيها بعد ان ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : واختصني بوصيته ، واصطفاني بخلافته في أمته فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد حشده (١) المهاجرون والأنصار وانغضت بهم المحافل (٢) ايها الناس ان عليا منى كهارون من موسى الا انه لا نبي بعدي فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول إذ عرفوني انى لست بأخيه لأبيه وامه ، كما كان هارون أخاه لأبيه وامه ، ولا كنت نبيا فاقتضى نبوة ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون صلى الله عليهما حيث يقول : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ).

٢٣٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان : أنشدكم بالله أتعلمون انى قلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك لم خلفتني؟ فقال : ان المدينة لا تصلح الا بى أو بك ، وأنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي؟ قالوا : اللهم نعم.

٢٤٠ ـ في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام

__________________

(١) حشد عليه القوم : اجتمعوا.

(٢) اى تضيقت بهم المحافل.

٦٢

قالا : لما سئل موسى عليه‌السلام ربه تبارك وتعالى (قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) قال : فلما صعد موسى عليه‌السلام الى الجبل فتحت أبواب السماء وأقبلت الملائكة أفواجا في أيديهم العمد ، وفي رأسها النور يمرون به فوجا بعد فوج ، ويقولون : يا ابن عمران أثبت فقد سألت عظيما قال : فلم يزل موسى واقفا حتى تجلى ربنا جل جلاله فجعل الجبل (دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) ، فلما ان رد الله اليه روحه (أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ.)

٢٤١ ـ قال ابن أبي عمير وغيره من أصحابنا : ان النار أحاطت به حتى لا يهرب لهول ما راى.

٢٤٢ ـ عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان موسى بن عمران عليه‌السلام لما سئل ربه النظر اليه ، وعده الله ان يقعد في موضع ، ثم أمر الملائكة ان تمر عليه موكبا موكبا بالبرق والرعد والريح والصواعق ، فكلما مر به موكب من المواكب ارتعدت فرائصه (١) فيرفع رأسه فيسأل : أفيكم ربي؟ فيجاب هو آت وقد سألت عظيما يا ابن عمران.

٢٤٣ ـ عن حفص بن غياث قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قوله : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) قال : ساخ الجبل في البحر (٢) فهو يهوى حتى الساعة.

٢٤٤ ـ وفي رواية اخرى ان النار أحاطت بموسى عليه‌السلام لئلا يهرب لهول ما راى ، وقال : لما خر موسى عليه‌السلام صعقا مات ، فلما ان رد الله روحه أفاق فقال : (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ).

٢٤٥ ـ في كتاب بصاير الدرجات بعض أصحابنا عن احمد بن محمد السياري وقد سمعته انا من أحمد بن محمد قال : حدثني أبو محمد عبيد بن أبي عبد الله القارى

__________________

(١) الفرائص جمع الفريصة : اللحمة بين الجنب والكتف التي لا تزال ترعد من الدابة كما عن الأصمعي ، وقبل : الفريصة لحمة بين الثدي والكتف ، يقال : ارتعدت فريصته اى فزع.

(٢) اى دخل فيه وغاب.

٦٣

أو غيره ، رفعوه الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الاول ، جعلهم الله خلق العرش لو قسم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم. ثم قال : ان موسى عليه‌السلام لما سئل ربه ما سئل أمر واحدا من الكروبيين فتجلى للجبل فجعله دكا.

٢٤٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمة الله عليه» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال : واجده قد شهر هفوات أنبيائه بتهجينه موسى ، حيث قال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي) الاية : واما هفوات الأنبياء عليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه ، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة ، لأنه علم ان براهين الأنبياء عليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه ، تكبر في صدور أممهم وان منهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عزوجل.

٢٤٧ ـ في مجمع البيان وقيل : ان تجلى بمعنى جلى ، كقولهم : حدث وتحدث وتقديره : جلى ربه امره للجبل ان أبرز في ملكوته للجبل ما تدكدكه به ، ويؤيده ما جاء في الخبر ان الله تعالى أبرز من العرش مقدار الخنصر فتدكدك به الجبل ، وقيل : صار الجبل ستة أجبل وقعت ثلثة بالمدينة وثلثة بمكة فالتي بالمدينة أحد وورقان ورضوى ، والتي بمكة ثور وثبير وحرى ، وروى ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) بأنه لا يراك أحد من خلقك عن ابن عباس والحسن وروى مثله عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال معناه : انا أول من آمن وصدق بأنك لا ترى

٢٤٨ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس للرضا عليه‌السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء عليهم‌السلام : حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضى الله عنه قال : حدثني أبي عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه‌السلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أليس من قولك : ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عزوجل الى أن قال : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي)

٦٤

الاية كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران عليه‌السلام لا يعلم ان الله تعالى ذكره لا تجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟ قال الرضا عليه‌السلام : ان كليم الله موسى بن عمران عليه‌السلام علم ان الله تعالى منزه عن أن يرى بالأبصار ، ولكنه لما كلمه الله عزوجل وقربه نجيا رجع الى قومه فأخبرهم ان الله تعالى كلمه وقربه وناجاه فقالوا : لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعته ، وكان القوم سبع مأة ألف رجل فاختار منهم سبعين ألفا ثم اختار سبعة آلاف ، ثم اختار منهم سبعمائة ، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه فخرج بهم الى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل (١) وصعد موسى عليه‌السلام الى الطور وسأل الله عزوجل أن يكلمه ويسمعهم كلامه ، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وامام ، لان الله تعالى أحدثه في الشجرة ثم جعله منبعثا منها حتى يسمعوه من جميع الوجوه ، فقالوا : لن نؤمن بان هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة ، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عليهم صاعقة وأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا انك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت في مناجاة الله عزوجل إياك؟ فأحياهم وبعثهم معه ، فقالوا : انك لو سألت الله أن يريك ننظر اليه لأجابك وكنت تخبرنا كيف هو ونعرفه حق معرفته؟ فقال موسى عليه‌السلام : يا قوم ان الله تعالى لا يرى بالأبصار ولا كيفية له ، وانما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى تسأله ، فقال موسى عليه‌السلام : يا رب انك قد سمعت مقالة بنى إسرائيل وأنت اعلم بصلاحهم : فأوحى الله تعالى اليه : يا موسى سلني ما سئلوك فلن أؤاخذك بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى عليه‌السلام : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ) وهو يهوى (فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) بآية من آياته (جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ) يقول : رجعت الى معرفتي بك عن جهل قومي (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) منهم بأنك لا ترى فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن.

__________________

(١) اى أسفله.

٦٥

٢٤٨ ـ في كتاب التوحيد خطبة للرضا عليه‌السلام وفيها : متجلى لا باستهلال رؤية. وفيه عن على عليه‌السلام مثله.

٢٤٩ ـ وفيه خطبة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها : فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى وهو بالمنظر الأعلى.

٢٥٠ ـ وفيه حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : وسأل موسى عليه‌السلام وجرى على لسانه من حمد الله عزوجل : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) فكانت مسئلته تلك أمرا عظيما ، وسأل امرا جسيما ، فعوقب فقال الله تبارك وتعالى : (لَنْ تَرانِي) في الدنيا حتى تموت فتراني في الاخرة ، ولكن ان أردت أن تراني في الدنيا فانظر (إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) ، فأبدى الله سبحانه بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميما (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) ثم أحياه الله وبعثه (١) فقال عليه‌السلام (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) يعنى أول من آمن بك (٢) منهم انه لن يراك.

٢٥١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى اسحق بن غالب عن أبي عبد الله عليه‌السلام كلام طويل يقول فيه عليه‌السلام : فتجلى لخلقه من غير ان يكون يرى وهو يرى.

٢٥٢ ـ وباسناده الى عمر بن على عن أبيه عن على بن أبي طالب عليه‌السلام انه سئل مما خلق الله عزوجل الذر الذي يدخل في كوة البيت (٣)؟ فقال : ان موسى عليه‌السلام لما قال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) قال الله عزوجل : ان استقر الجبل لنوري فانك ستقوى على ان تنظر الي ، وان لم يستقر فلا تطيق ابصارى لضعفك ، فلما تجلى الله تبارك وتعالى للجبل تقطع ثلث قطع ، فقطعة ارتفعت في السماء وقطعة غاصت

__________________

(١) وفي المصدر بعد قوله : صعقا : «يعنى ميتا فكان عقوبته الموت ثم أحياه الله وبعثه وتاب عليه فقال سبحانك ... اه».

(٢) وفي المصدر : «أول مؤمن آمن بك ... اه».

(٣) الكوة : الخرق الصغير في الحائط.

٦٦

في تحت الأرض ، وقطعة بقيت ، فهذا الذر من ذلك الغبار ، غبار الجبل.

٢٥٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال : فرفع الله الحجاب ونظر الى الجبل ، فساخ الجبل في البحر وهو يهوى حتى الساعة ، ونزلت الملائكة وفتحت أبواب السماء ، فأوحى الله الى الملائكة : أدركوا موسى لا يهرب ، فنزلت الملائكة وأحاطت بموسى وقالت : أتيت يا ابن عمران فقد سألت الله عظيما ، فلما نظر موسى الى الجبل قد ساخ والملائكة قد نزلت وقع على وجهه فمات من خشية الله وهول ما راى ، فرد الله عليه روحه فرفع رأسه وأفاق و (قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) اى أول من صدق انك لا ترى ، فقال الله تعالى له : (يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) فناداه جبرئيل عليه‌السلام : يا موسى انا أخوك جبرئيل.

٢٥٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن يقطين عمن رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اوحى الله عزوجل الى موسى عليه‌السلام ان يا موسى أتدري لما اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال : يا رب ولم ذاك؟ قال فأوحى الله تبارك وتعالى اليه : يا موسى انى قلبت عبادي ظهر البطن فلم أجد فيهم أحدا أذل لي نفسا منك ، يا موسى انك إذا صليت وضعت خدك على التراب ، أو قال : على الأرض.

٢٥٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى محمد بن سنان عن اسحق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان موسى عليه‌السلام احتبس عنه الوحي أربعين أو ثلثين صباحا قال : فصعد على جبل بالشام يقال له أريحا ، فقال : يا رب ان كنت حبست عنى وحيك وكلامك لذنوب بنى إسرائيل فغفرانك القديم ، قال : فأوحى الله عزوجل اليه : يا موسى بن عمران أتدري لما اصطفيتك لوحيي وكلامي دون خلقي؟ فقال : لا علم لي يا رب. فقال : يا موسى انى اطلعت الى خلقي اطلاعة فلم أجد في خلقي أشد تواضعا لي منك ، فمن ثم خصصتك بوحيي وكلامي من بين خلقي ، قال : وكان موسى عليه‌السلام إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض والأيسر.

٦٧

٢٥٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمة الله عليه» محمد بن أبي عمير الكوفي عن عبد الله بن الوليد السمان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما يقول الناس في اولى العزم وصاحبكم أمير المؤمنين عليه‌السلام؟ قال : قلت : ما يقدمون على اولى العزم أحدا ، قال : فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى قال لموسى عليه‌السلام : و (كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً) ولم يقل كل شيء وقال لعيسى عليه‌السلام (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) ولم يقل كل شيء وقال لصاحبكم أمير المؤمنين عليه‌السلام : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) وقال الله عزوجل : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) وعلم هذا الكتاب عنده.

٢٥٧ ـ في بصاير الدرجات جعفر بن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن عمرو عن عبد الله بن الوليد السمان ، قال : قال لي ابو جعفر عليه‌السلام : يا عبد الله ما تقول الشيعة في على وموسى وعيسى عليهم‌السلام؟ قلت : جعلت فداك وعن اى حالات تسألنى؟ قال : اسألك عن العلم؟ قال : هو والله أعلم منهما ثم قال : يا عبد الله أليس يقولون : ان لعلى عليه‌السلام ما لرسول الله من العلم؟ قلت : نعم قال : فخاصمهم فيه ، ان الله تبارك وتعالى قال لموسى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) فأعلمنا انه لم يبين له الأمر كله ، وقال تبارك وتعالى لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ).

٢٥٨ ـ على بن إسماعيل عن محمد بن عمرو الزيات عن عبد الله بن الوليد قال قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : اى شيء تقول الشيعة في عيسى وموسى وأمير المؤمنين عليهم‌السلام؟ قلت : يقولون : ان عيسى وموسى عليهما‌السلام أفضل من أمير المؤمنين فقال : أتزعمون ان أمير المؤمنين عليه‌السلام قد علم ما علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قلت : نعم ولكن لا يقدمون على أولى العزم من الرسل أحدا ، قال ابو عبد الله عليه‌السلام : فخاصمهم بكتاب الله ، قلت : وفي أى موضع منه أخاصمهم؟ قال : قال الله تبارك وتعالى لموسى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) علمنا انه لم يكتب لموسى

٦٨

عليه‌السلام كل شيء ، وقال الله تبارك وتعالى لعيسى عليه‌السلام : (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) وقال تبارك وتعالى لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ).

٢٥٩ ـ في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام [قال :] في الجفر أن الله تبارك وتعالى لما أنزل الألواح على موسى عليه‌السلام أنزلها عليه وفيها تبيان كل شيء كان أو هو كائن الى أن تقوم الساعة ، فلما انقضت أيام موسى عليه‌السلام أوحى الله اليه : ان استودع الألواح وهي زبرجدة من الجنة جبلا يقال له زينة ، فأتى موسى الجبل فانشق له الجبل ، فجعلت فيه الألواح ملفوفة ، فلما جعلها فيه انطبق الجبل عليها ، فلم تزل في الجبل حتى بعث الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأقبل ركب من اليمن يريدون الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما انتهوا الى الجبل انفرج الجبل وخرجت الألواح ملفوفة كما وضعها موسى عليه‌السلام ، فأخذها القوم ، فلما وقعت في أيديهم القى في قلوبهم ان لا ينظروا إليها وهابوها حتى يأتوا بها رسول الله ، وانزل جبرئيل عليه‌السلام على نبيه فأخبره بأمر القوم وبالذي أصابوه ، فلما قدموا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله [سلموا عليه ،] (١) ابتدأهم فسألهم عما وجدوا فقالوا : وما علمك بما وجدنا؟ قال : أخبرنى به ربي وهو الألواح ، (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) ، فأخرجوها فوضعوها اليه ، فنظر إليها وقولها وكتبها بالعبرانية ، ثم دعا أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : دونك هذه ففيها علم الأولين والآخرين وهي ألواح موسى عليه‌السلام وقد أمرنى ربي ان أدفعها إليك ، فقال : لست أحسن قراءتها ، قال : ان جبرئيل أمرنى ان آمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه ، فانك تصبح وقد علمت قراءتها ، قال : فجعلها تحت رأسه فأصبح وقد علمه الله كل شيء فيها ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بنسخها فنسخها في جلد وهو الجفر ، وفيه علم الأولين والآخرين وهو عندنا ، والألواح عندنا ، وعصا موسى عليه‌السلام عندنا ، ونحن ورثنا النبيين صلى الله عليهم أجمعين قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : تلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى تحت شجرة في واد يعرف بكذا.

__________________

(١) ما بين المعقفتين غير موجود في المصدر.

٦٩

٢٦٠ ـ عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري قال : كان مما قال هارون لأبي الحسن موسى عليه‌السلام حين دخل عليه : ما هذه الدار؟ قال : هذه دار الفاسقين ، قال وقرأ (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) فقال له هارون : فدار من هي؟ قال : هي لشيعتنا قرة ولغيرهم فتنة ، قال : فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال : أخذت منهم عامرة ولا يأخذها الا معمورة.

٢٦١ ـ في تفسير على بن إبراهيم (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) قال إذا رأوا الايمان والصدق والوفاء والعمل الصالح (لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا) الشرك والزنا والمعاصي يأخذوا بها ويعملوا بها.

٢٦٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى جميل بن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أكرموا البقر فانها سيد البهائم ، ما رفعت طرفها الى السماء حياء من الله عزوجل منذ عبد العجل.

٢٦٣ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : و (اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) فقال موسى عليه‌السلام : يا رب ومن أخار الصنم؟ فقال الله : يا موسى انا أخرته فقال موسى : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ).

٢٦٤ ـ عن ابن مسكان عن الوصاف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان فيما ناجى الله موسى عليه‌السلام ان قال : يا رب هذا السامري صنع العجل فالخوار من صنعه؟ قال : فأوحى الله اليه يا موسى ان تلك فتنتي فلا تفحص عنها.

٢٦٥ ـ في مجمع البيان وروى عن علي عليه‌السلام (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) وروى انه كان يأمرهم أيضا بعبادة البقر ، ولذلك اخرج السامري (لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) ، وقال : (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى).

٧٠

٢٦٦ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى لما أخبر موسى ان قومه اتخذوا عجلا له خوار فلم يقع منه موقع العيان ، فلما رآهم اشتد غضبه فألقى الألواح من يده فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : وللرؤية فضل على الخبر.

٢٦٧ ـ في مجمع البيان ـ والقى الألواح روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : رحم الله أخى موسى عليه‌السلام ليس المخبر كالمعاين ، لقد أخبره الله بفتنة قومه وقد علم ان ما أخبره ربه حق ، وانه على ذلك لمتمسك بما في يديه ، فرجع الى قومه ورآهم فغضب وألقى الألواح.

٢٦٨ ـ في بصاير الدرجات على بن خالد عن يعقوب بن يزيد عن عباس الوران عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن ليث المرادي انه حدثه عن سدير بحديث ، فأتيته فقلت : ان المرادي حدثني عنك بحديث ، فقال : وما هو؟ قلت : جعلت فداك حديث اليماني ، قال : نعم كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام : فمر بنا رجل من أهل اليمن ، فسأله أبو جعفر عليه‌السلام عن اليمن؟ فاقبل يحدث فقال له أبو جعفر : تعرف دار كذا وكذا؟ قال : نعم ورأيتها فقال ابو جعفر : هل تعرف صخرة عندها في موضع كذا وكذا؟ قال : نعم ، أورأيتها؟ قال : فقال له الرجل : ما رأيت رجلا اعرف بالبلاد منك فلما قام الرجل قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : يا أبا الفضل تلك الصخرة التي حيث غضب موسى عليه‌السلام فالقى الألواح ، فما ذهب من التورية التقمته الصخرة ، فلما بعث الله رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله أدته اليه وهي عندنا.

٢٦٩ ـ معاوية بن حكيم عن محمد بن شعيب عن غزوان عن رجل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : دخل رجل من أهل بلخ عليه فقال له : يا خورستانى تعرف وادي كذا وكذا؟ قال : نعم قال : من ذلك الصدع يخرج الدجال ، قال : ثم دخل عليه رجل من أهل اليمن ، فقال : يا يماني تعرف شعب كذا وكذا؟ قال : نعم ، قال له : تعرف شجرة في الشعب من صفتها كذا وكذا؟ قال : نعم ، قال له تعرف صخرة تحت الشجرة؟ قال : نعم قال : تلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٧١

٢٧٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى على بن سالم عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرنى عن هارون لم قال لموسى عليه‌السلام : (يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) ولم يقل يا ابن ابى؟ فقال : ان العداوات بين الاخوة أكثرها يكون إذا كانوا بنى علات (١) ومتى كانوا بنى أم قلت العداوة بينهم ، الا ان ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه ، فقال هارون لأخيه موسى عليهما‌السلام يا أخي الذي ولدته أمي ولم تلدني غير امه لا (تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) ، ولم يقل يا ابن أبى ، لان بنى الأب إذا كانت أمهاتهم شتى لم تستبعد العداوة بينهم الا من عصمه الله منهم ، وانما تستبعد العداوة بين بنى أم واحدة قال : قلت له : فلم أخذ برأسه يجره اليه وبلحيته ولم يكن في اتخاذهم العجل وعبادته له ذنب؟ فقال : انما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب الا ترى انه قال لهارون : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قالَ) هارون : لو فعلت ذلك لتفرقوا و (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي).

٢٧١ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : فكان هارون أخا موسى لأبيه وامه؟ قال : نعم ، اما تسمع قول الله تعالى : (يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧٢ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة يقول فيها وقد ذكر موسى وهارون عليهما‌السلام : كان هارون أخاه لأبيه وامه.

٢٧٣ ـ وفيها خطبة له عليه‌السلام وهي الخطبة الطالوتية وفي آخرها : ثم خرج من المسجد فمر بصيرة (٢) فيها نحو من ثلثين شاة ، فقال : والله لو ان رجالا ينصحون لله عزوجل ولرسوله بعدد هذه الشياة لا زلت ابن آكلة الذبان (٣) عن ملكه ، فلما أمسى

__________________

(١) بنو علات بفتح المهملة وتشديد اللام : اى أولاد أمهات شتى من أب واحد.

(٢) الصيرة : حظيرة تتخذ من الحجارة وأغصان الشجر للغنم والبقر.

(٣) الذبان بالكسر والتشديد : جمع ذباب ، قال الفيض (ره) : وكنى بابن آكلتها من سلطان الوقت ، فإنهم كانوا في الجاهلية يأكلون من كل خبيث نالوه.

٧٢

بايعه ثلاثمائة وستون رجلا على الموت ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اغدوا بنا الى أحجار الزيت محلقين ، وحلق أمير المؤمنين عليه‌السلام فما وافى من القوم محلقا الا أبو ذر والمقداد وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر ، وجاء سلمان في آخر القوم ، فرفع يده الى السماء فقال : (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي) كما استضعفت بنو إسرائيل هارون عليه‌السلام.

٢٧٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمة الله عليه» وفي رواية سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي حديث طويل وفيه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لأبي بكر وأصحابه : اما والله لو ان أولئك الأربعين الرجل الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتكم في الله حق جهاده ، اما والله لا ينالها أحد من عقبكم الى يوم القيمة ، ثم نادى قبل ان يبايع : (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي).

٢٧٥ ـ وباسناده الى محمد بن على الباقر عليه‌السلام قال : حج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة ، وبلغ من حج مع رسول الله من أهل المدينة وأهل الأطراف والاعراب سبعين الف إنسان أو يزيدون ، على نحو عدد أصحاب موسى عليه‌السلام السبعين ألفا الذين أخذ عليهم بيعة هارون عليه‌السلام فنكثوا واتبعوا العجل والسامري ، وكذلك أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله البيعة لعلي عليه‌السلام بالخلافة على عدد أصحاب موسى عليه‌السلام فنكثوا البيعة واتبعوا العجل والسامري سنة بسنة ومثلا بمثل ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن مسعود قال : احتجوا في مسجد الكوفة فقالوا : ما لأمير المؤمنين لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه‌السلام فأمر ان ينادى : الصلوة جامعة ، فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا قالوا صدق أمير المؤمنين عليه‌السلام قد قلنا ذلك ، قال : ان لي بسنة الأنبياء أسوة فيما فعلت ، قال الله تعالى في محكم كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) قالوا ومن هم يا أمير المؤمنين عليه‌السلام؟ قال : أولهم إبراهيم عليه‌السلام الى ان قال : ولى بأخى هارون عليه‌السلام أسوة إذ قال لأخيه : (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي)

٧٣

فان قلتم لم يستضعفوه ولم يشرفوا على قتله فقد كفرتم ، وان قلتم استضعفوه وأشرفوا على قتله فلذلك سكت عنهم فالوصى أعذر.

٢٧٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سلمان الفارسي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه لعلى عليه‌السلام يا أخي أنت سيفي بعدي وستلقى من قريش شدة ومن تظاهرهم عليك وظلمهم لك ، فان وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك ، وان لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بها الى التهلكة ، فانك منى بمنزلة هارون من موسى عليه‌السلام ، ولك بهارون أسوة ، إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه فاصبر لظلم قريش وتظاهرهم عليك ، فانك بمنزلة هارون ومن تبعه وهم بمنزلة العجل ومن تبعه.

٢٧٨ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن سفيان بن عيينة عن السدي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما أخلص عبد الايمان بالله أربعين يوما أو قال : ما أجمل عبد ذكر الله أربعين يوما الا زهده الله في الدنيا وبصره داءها ودواها ، وأثبت الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ، ثم تلا : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) فلا يرى صاحب بدعة الا ذليلا ، ومفتريا على الله عزوجل وعلى رسوله وأهل بيته صلى الله عليهم الا ذليلا.

٢٧٩ ـ في تفسير العياشي عن داود بن فرقد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : عرضت لي الى الله حاجة فهجرت (١) فيها الى المسجد ، وكذلك أفعل إذا عرضت بى الحاجة فبينا انا أصلى في الروضة إذا رجل على رأسى ، قال : قلت : ممن الرجل؟ فقال : من أهل الكوفة ، قال قلت : ممن الرجل؟ قال : من أسلم ، قال : قلت : ممن الرجل؟ قال : من الزيدية ، (٢) قال : قلت يا أخا أسلم من تعرف منهم؟ قال :

__________________

(١) هجرت بتشديد الجيم اي خرجت وقت الهاجرة وهي شدة الحر.

(٢) وفي بعض النسخ «من الزهرية» ولعله مصحف.

٧٤

اعرف صبورهم (١) ورشيدهم وأفضلهم هارون بن سعد ، قلت يا أخا أسلم ذلك من العجلية كما سمعت الله يقول : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).

٢٨٠ ـ في بصاير الدرجات محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن صباح المزني عن الحرث بن الحضيرة عن حبة العرني قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : ان يوشع بن نون كان وصى موسى بن عمران ، وكانت ألواح موسى عليه‌السلام من زمرد أخضر ، فلما غضب موسى عليه‌السلام ألقى الألواح من يده فمنها ما تكسر ومنها ما بقي ومنها ما ارتفع ، فلما ذهب عن موسى الغضب قال يوشع بن نون : عندك تبيان ما في الألواح؟ قال : نعم نزل كذا توارثها رهط بعد رهط حتى وقعت في أيدى اربعة رهط من اليمن ، وبعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بتهامة وبلغهم الخبر ، فقالوا : ما يقول هذا النبي؟ قيل : ينهى عن الخمر والزنا ويأمر بمحاسن الأخلاق وكرم الجوار ، فقالوا : هذا اولى بما في أيدينا منا ، فاتفقوا ان يأتوه في شهر كذا وكذا. فأوحى الله الى جبرئيل عليه‌السلام ان ائت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره الخبر ، فأتاه فقال : ان فلانا وفلانا وفلانا وفلانا ورثوا ما كان في الألواح ألواح موسى عليه‌السلام ، وهم يأتونك في شهر كذا وكذا في ليلة كذا وكذا ، فسهر لهم تلك الليلة فجاء الركب ، فدقوا عليه الباب وهم يقولون : يا محمد! قال : نعم يا فلان بن فلان بن فلان بن فلان ويا فلان بن فلان بن فلان بن فلان اين الكتاب الذي توارثتموه من يوشع بن نون وصى موسى بن عمران؟ قالوا : نشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وانك رسول الله والله ما علم به أحد قط منذ وقع عندنا أحد قبلك قال : فأخذه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإذا هو كتاب بالعبرانية دقيق فدفعه الى ووضعته عند رأسي فأصبحت بالغداة وهو كتاب بالعبرانية (٢) جليل فيه علم ما خلق الله منذ قامت السموات

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا : «قال : اعرف خيرهم وسيدهم ورشيدهم ... اه».

(٢) وفي نسخة «بالعربية» عوض «بالعبرانية».

٧٥

والأرض الى ان تقوم الساعة فعلمت ذلك.

٢٨١ ـ في مجمع البيان : واختار موسى قومه الاية وهذا الميثاق هو الميعاد الاول عن أبي على الجبائي وأبي مسلم وجماعة من المفسرين وهو الصحيح ، ورواه على بن إبراهيم في تفسيره.

٢٨٢ ـ في كتاب التوحيد في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع أصحاب المقالات والأديان قال عليه‌السلام : فمتى اتخذتم عيسى عليه‌السلام ربا جاز لكم ان تتخذوا اليسع وحزقيل ، لأنهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى عليه‌السلام ، الى ان قال : ثم موسى بن عمران عليه‌السلام وأصحابه السبعون الذين اختارهم وصاروا معه الى الجبل فقالوا له : انك قد رأيت الله فأرناه سبحانه كما رأيته فقال لهم : انى لم أره فقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) فاخذتهم الصاعقة واحترقوا عن آخرهم وبقي موسى وحيدا فقال : يا رب اخترت سبعين رجلا من بنى إسرائيل فجئت بهم وارجع وحدي فكيف يصدقني قومي بما أخبرتهم به؟ فلو (شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا)؟.

٢٨٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سعد بن عبد الله القمى عن الحجة القائم عليه‌السلام حديث طويل وفيه : قلت : فأخبرني يا ابن مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الامام لأنفسهم؟ قال : مصلح أم مفسد؟ قلت : مصلح قال : فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد ان لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد قلت : بلى قال : فهي العلة ، وأوردها لك ببرهان ينقاد لك عقلك ، ثم قال عليه‌السلام : أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عزوجل ، وانزل عليهم الكتب وأيدهم بالوحي والعصمة وهم أعلام الأمم أهدى الى الاختيار منهم ، مثل موسى وعيسى عليهما‌السلام ، هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذ هما بالاختيار ان تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انه مؤمن؟ قلت : لا قال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عزوجل سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم وإخلاصهم ، فوقع خيرته على المنافقين قال الله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) الى قوله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ

٧٦

حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله عزوجل للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح ، وهو يظن انه الأصلح دون الأفسد علمنا ان الاختيار لا يجوز الا لمن يعلم ما تخفى الصدور وما تكن الضمائر ، ويتصرف عليه السرائر وان لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.

قال مؤلف هذا الكتاب «عفى عنه» : قد كتبنا قريبا عند قوله تعالى : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) عن الرضا عليه‌السلام حديثا طويلا وفيه بيان هذه الاية فليراجع.

٢٨٤ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) فقال موسى عليه‌السلام : يا رب ومن أخار الصنم؟ فقال الله : يا موسى أنا أخرته فقال موسى : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) (١)

٢٨٥ ـ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما ناجى موسى ربه أوحى الله اليه : ان يا موسى قد فتنت قومك قال : وبما ذا يا رب؟ قال : بالسامري ، صاغ لهم من حليهم عجلا ، قال : يا رب ان حليهم لا يحتمل أن يصاغ منه عزال أو تمثال أو عجل فكيف فتنتهم؟ قال : صاغ لهم عجلا فخار ، قال : يا رب ومن أخاره؟ قال : انا ، قال عندها موسى عليه‌السلام : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ).

٢٨٦ ـ في مجمع البيان : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) وفي الحديث ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قام في الصلوة فقال أعرابى وهو في الصلوة : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ، فلما سلم صلى‌الله‌عليه‌وآله قال للأعرابي : لقد تحجرت (٢) واسعا يريد رحمة الله عزوجل أورده البخاري في الصحيح.

٢٨٧ ـ في روضة الواعظين للمفيد «رحمه‌الله» قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) وقد مر الحديث بعينه تحت رقم ٢٦٩ ـ ولعله كرره هنا لما بينه وبين الحديث الآتي من التناسب في المعنى أو غير ذلك.

(٢) تحجر ما وسعه الله اي ضيقه على نفسه.

٧٧

أوحى الله الى داود عليه‌السلام : يا داود كما لا يضيق الشمس على من جلس فيها ، كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل فيها.

٢٨٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول عليه‌السلام فيه : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) يقول : علم الامام ووسع علمه الذي هو من علمه كل شيء هم شيعتنا ، ثم قال : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) يعنى ولاية غير الامام وطاعته.

٢٨٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى جعفر بن محمد الصوفي قال : سألت أبا جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام فقلت : يا ابن رسول الله لم سمى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الامي؟ فقال : ما يقول الناس؟ قلت : يزعمون انه انما سمي الامي لأنه لم يحسن أن يكتب ، فقال عليه‌السلام : كذبوا عليهم لعنة الله ، انى ذلك والله يقول في محكم كتابه : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن والله لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرء ويكتب باثنين وسبعين أو قال بثلث وسبعين لسانا ، وانما سمى الأمي لأنه كان من أهل مكة ومكة من أمهات القرى ، وذلك قول الله عزوجل : (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها).

٢٩٠ ـ وباسناده الى على بن حسان وعلى بن أسباط وغيره رفعوه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : الناس يزعمون ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكتب ولا يقرأ؟ فقال : كذبوا لعنهم الله ، انى ذلك وقد قال الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) أفيكون يعلمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرء ويكتب؟ قال : قلت : فلم سمى النبي الأمي؟ قال : نسب الى مكة ، وذلك قول الله عزوجل : (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) فأم القرى مكة فقيل : أمي لذلك.

٢٩١ ـ وباسناده الى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان مما من الله عزوجل على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه كان يقرء ولا يكتب فلما

٧٨

توجه ابو سفيان الى أحد كتب العباس الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فجائه الكتاب وهو في بعض حيطان المدينة فقرأه ولم يخبر أصحابه. وأمرهم أن يدخلوا المدينة فلما دخلوا المدينة أخبرهم.

٢٩٢ ـ وحدثنا محمد بن الحسن الصفار «رضى الله عنه» قال حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرء الكتاب ولا يكتب.

٢٩٣ ـ أبي «رضى الله عنه» قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن الحسن بن زياد الصيقل قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان مما من الله عزوجل به على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله انه كان أميا لا يكتب ويقرء الكتاب.

٢٩٤ ـ في أمالي الصدوق «رحمة الله عليه» باسناده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول : قال يهودي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انى قرأت نعتك في التورية محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة وليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا مترنن بالفحش ولا قول الخنا (١) وانا اشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله وهذا مالي فاحكم فيه بما انزل الله.

٢٩٥ ـ في الخرائج والجرائح عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه : فقال الرضا عليه‌السلام أنت يا جاثليق امن في ذمة الله وذمة رسوله لأنه لا يبدئك منا شيء تكره مما تخافه وتحذره ، فقال : اما إذا امنتنى فان هذا النبي الذي اسمه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهذا الوصي الذي اسمه على عليه‌السلام وهذه البنت التي اسمها فاطمة عليها‌السلام وهذا السبطان اللذان اسمهما الحسن والحسين عليهما‌السلام في التورية والإنجيل والزبور.

٢٩٦ ـ في كتاب التوحيد وعيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام

__________________

(١) الفظ : السيئ الخلق الخشن الكلام. وصخب الرجل : صات شديدا فهو صخاب ورنن الرجل بتشديد النون : صاح. والخنى : الفحش في الكلام.

٧٩

مع أصحاب الملل والمقالات قال الرضا عليه‌السلام لرأس الجالوت : تسألنى أو أسئلك؟ قال : بل أسئلك ، ولست أقبل منك حجة الا من التورية أو من الإنجيل أو من زبور داود أو بما في صحف إبراهيم وموسى عليه‌السلام قال الرضا عليه‌السلام : لا تقبل منى حجة الا ما نطق به التورية على لسان موسى بن عمران عليه‌السلام ، والإنجيل على لسان عيسى بن مريم عليه‌السلام ، والزبور على لسان داود ، عليه‌السلام فقال رأس الجالوت : من اين ثبت نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قال الرضا عليه‌السلام : شهد بنبوته موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليهما‌السلام وداود عليه‌السلام خليفة الله في الأرض ، فقال له ثبت قول موسى بن عمران عليه‌السلام ، قال الرضا عليه‌السلام : هل تعلم يا يهودي ان موسى عليه‌السلام اوصى بنى إسرائيل فقال لهم : انه سيأتيكم نبي هو من إخوانكم فيه (١) فصدقوا ومنه فاسمعوا فهل تعلم ان لبني إسرائيل اخوة غير ولد إسماعيل ان كنت تعرف قرابة إسرائيل من إسماعيل أو السبب الذي بينهما من قبل إبراهيم عليه‌السلام؟ فقال رأس الجالوت : هذا قول موسى لا ندفعه ، فقال له الرضا عليه‌السلام : هل جائكم من اخوة بنى إسرائيل نبي غير محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : لا ، قال الرضا عليه‌السلام : أفليس قد صح هذا عندكم؟ قال نعم ولكني أحب ان تصححه لي من التورية ، فقال له الرضا عليه‌السلام : هل تنكر ان التورية يقول : جائكم النور من جبل طور سيناء ، وأضاء لنا من جبل ساعير واستعلن علينا من جبل فاران؟ قال رأس الجالوت : اعرف هذه الكلمات وما اعلم تفسيرها ، قال الرضا عليه‌السلام : انا أخبرك به ، اما قوله : جاء النور من جبل طور سيناء فذلك وحي الله تبارك وتعالى الذي أنزله على موسى على جبل طور سيناء ، واما قوله : وأضاء لنا من جبل ساعير ، فهو الجبل الذي اوحى الله تعالى الى عيسى بن مريم وهو عليه واما قوله : واستعلن علينا من جبل فاران ، فذلك جبل من جبال مكة بينه وبينها يوم ، وقال شعيا النبي عليه‌السلام فيما تقول أنت وأصحابك في التورية : رأيت راكبين أضاء لهما الأرض أحدهما على حمار والاخر على جمل ، فمن راكب الحمار ومن راكب الجمل؟ قال رأس الجالوت : لا اعرفهما ، فأخبرني بهما قال : اما راكب الحمار

__________________

(١) كذا في النسخ واستظهر في هامش العيون ان الأصل «فيه» بالباء الموحدة.

٨٠