تفسير نور الثقلين - ج ٢

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧١

سميعا قريبا انه معكم.

١٦٣ ـ في أصول الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : ودعاء التضرع ان تحرك إصبعك السبابة مما يلي وجهك وهو دعاء الخيفة ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦٤ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : واستعن بالله في جميع أمورك متضرا اليه آناء الليل والنهار ، قال الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) والاعتداء من صفة قراء زماننا هذا وعلامتهم.

١٦٥ ـ في روضة الكافي باسناده الى ميسر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : قول الله عزوجل : (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) قال : فقال : يا ميسر ان الأرض كانت فاسدة فأصلحها الله عزوجل بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها).

١٦٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) قال : إصلاحها برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام ، فأفسدوها حين تركوا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قوله : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) وهو مثل الائمة عليهم‌السلام يخرج علمهم بإذن ربهم والذي خبث مثل لاعدائهم لا يخرج علمهم الا نكدا اى كذبا فاسدا.

١٦٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن محاسن البرقي ، قال عمرو بن العاص للحسين عليه‌السلام : ما بال لحاكم أوفر من لحانا؟ فقال عليه‌السلام : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً).

١٦٨ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : وبشر آدم بنوح عليه‌السلام فقال ان الله تبارك وتعالى باعث نبيا اسمه نوح عليه‌السلام ، وانه يدعو الى الله عز ذكره ويكذبه قومه فيهلكهم الله بالطوفان وكان بين آدم وبين نوح عليهما‌السلام عشرة آباء أنبياء وأوصياء كلهم ، وأوصى آدم عليه‌السلام الى هبة الله ان من أدركه

٤١

منكم فليؤمن به وليتبعه وليصدق به فانه ينجو من الغرق ، ثم آدم عليه‌السلام مرض المرضة التي مات فيها الى قوله : ثم ان هبة الله لما دفن أباه أتاه قابيل فقال : يا هبة الله اني قد رأيت أبي آدم قد خصك من العلم بما لم أخص به أنا وهو العلم الذي دعا به أخوك هابيل فتقبل قربانه ، وانما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبى فيقولون نحن أبناء الذي تقبل قربانه وأنتم أبناء الذي ترك قربانه فانك ان أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئا قتلتك كما قتلت أخاك هابيل ، فلبث هبة الله والعقب منه مستخفين بما عندهم من العلم والايمان والاسم الأكبر وميراث النبوة وآثار علم النبوة حتى بعث الله نوحا صلى الله عليه وظهرت وصية هبة الله حين نظروا في وصية آدم عليه‌السلام ، فوجدوا نوحا نبيا قد بشر به آدم عليه‌السلام فآمنوا به واتبعوه وصدقوه. وكان آدم عليه‌السلام وصى هبة الله ان يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يوم عيدهم ، ويتعاهدون نوحا وزمانه الذي يخرج فيه ، وكذلك جاء في وصية كل نبي حتى بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم ، وهو قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) الى آخر الاية وكان من بين آدم ونوح عليهما‌السلام من الأنبياء مستخفين ولذلك خفي ذكرهم في القرآن ، فلم يسموا كما سمى من استعلن من الأنبياء عليهم‌السلام.

١٦٩ ـ في مجمع البيان روى الشيخ أبو جعفر بن بابويه باسناده في كتاب النبوة مرفوعا الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما ان بعث الله عزوجل نوحا دعا قومه علانية فلما سمع عقب هبة الله من نوح تصديق ما في أيديهم من العلم وعرفوا ان العلم الذي في أيديهم هو العلم الذي جاء به نوح عليه‌السلام صدقوه وسلموا له ، فاما ولد قابيل فإنهم كذبوه وقالوا : ان الجن كانت قبلنا ، فبعث الله إليهم ملكا فلو أراد الله أن يبعث إلينا لبعث إلينا ملكا من الملائكة. قال مؤلف هذا الكتاب : ستسمع في سورة هود لقصة نوح عليه‌السلام مزيد بيان إنشاء الله تعالى.

١٧٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى على بن سالم عن أبيه قال :

٤٢

قال الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام لما حضرت نوحا عليه‌السلام الوفاة دعا الشيعة فقال لهم : اعلموا انه سيكون من بعدي غيبة يظهر فيها الطواغيت ، وان الله عزوجل سيفرج عنكم بالقائم من ولدي اسمه هود له سمت (١) وسكينة ووقار ، يشبهني في خلقي وخلقي.

١٧١ ـ وباسناده الى عبد الحميد بن أبي الديلم عن الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : لما بعث الله عزوجل هودا عليه‌السلام سلم له العقب من ولد سام واما الآخرون فقالوا : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) فاهلكوا بالريح العقيم ، وأوصاهم هود عليه‌السلام وبشرهم بصالح عليه‌السلام.

١٧٢ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : وبشر نوح ساما بهود عليهما‌السلام ، فكان فيما بين نوح وهود من الأنبياء عليهم‌السلام وقال نوح عليه‌السلام : ان الله باعث نبيا يقال له هود ، وانه يدعو قومه الى الله عزوجل فيكذبونه ، وان الله عزوجل مهلكهم بالريح ، فمن أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه فان الله عزوجل ينجيه من عذاب الريح ، وأمر نوح عليه‌السلام ابنه ساما ان يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يومئذ عيدا لهم ، فيتعاهدون فيه ما عندهم من العلم والايمان والاسم الأكبر ومواريث العلم وآثار علم النبوة فوجدوا هودا نبيا وقد بشر به أبوهم نوح عليه‌السلام فآمنوا به واتبعوه وصدقوه ، فنجوا من عذاب الريح وهو قول الله عزوجل (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) وقوله عزوجل : (كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ).

١٧٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة ، اما هود فانه أرسل الى عاد بنبوة خاصة.

__________________

(١) السمت : حسن النحو في مذهب الدين ، يقال فلان حسن السمت اى حسن القصد والمذهب في دينه ودنياه.

٤٣

١٧٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمه‌الله» عن على بن الحسين عليهما‌السلام حديث طويل وفيه : ولقد علمت صاحبة الجدب (١) والمستحفظون من آل محمد ان أصحاب الجمل وأصحاب صفين وأصحاب النهروان لعنوا على لسان النبي الأمي صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) ، فقال شيخ من أهل الكوفة : يا على بن الحسين ان جدك كان يقول : إخواننا بغوا علينا؟ فقال على بن الحسين : اما تقرء كتاب الله : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) فهم مثلهم نجا الله عزوجل هودا والذين معه وأهلك عادا بالريح العقيم.

١٧٥ ـ في تفسير العياشي وقال سليمان : قال سفيان : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام :

[ما] يجوز أن يزكى الرجل نفسه؟ قال : نعم إذا اضطر اليه ، أما سمعت قول يوسف : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وقول العبد الصالح و (أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ).

١٧٦ ـ في مجمع البيان : (وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) وقال أبو جعفر عليه‌السلام : كانوا كأنهم النخل الطوال ، وكان الرجل منهم ينجو الجبل بيده فيهدم منه قطعة.

١٧٧ ـ وفيه وروى أبو حمزة الثمالي عن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ان الله تبارك وتعالى بيت ريح يقفل عليه ، لو فتحت لأذرت (٢) ما بين السماء والأرض ، ما أرسل على قوم عاد الا قدر الخاتم ، وكان هود وصالح وشعيب وإسماعيل ونبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله يتكلمون بالعربية.

١٧٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن عبد الله بن عبد الرحمان عن الهيثم بن واقد عن أبي يوسف البزاز قال تلا أبو عبد الله عليه‌السلام هذه الاية (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) قال : أتدري ما آلاء الله؟ قلت : لا قال : هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا.

١٧٩ ـ في تفسير العياشي عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، اما سمعت قول العبد الصالح

__________________

(١) كذا في النسخ والمصدر ولعله كناية.

(٢) أذرته الريح اذراء : أطارته وأذهبته.

٤٤

(إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).

١٨٠ ـ عن يحيى بن المساور الهمداني عن أبيه جاء رجل من أهل الشام الى على بن الحسين عليهما‌السلام فقال : أنت على بن الحسين؟ قال : نعم قال أبوك الذي قتل المؤمنين؟ فبكى على بن الحسين عليه‌السلام ثم مسح عينيه فقال : ويلك كيف قطعت على أبي انه قتل المؤمنين؟ قال : قوله : إخواننا قد بغوا علينا فقاتلناهم على بغيهم فقال : ويلك اما تقرء القرآن؟ قال : بلى ، قال فقد قال الله : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً ، وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) فكانوا إخوانهم في دينهم أو في عشيرتهم؟ قال له الرجل لا بل عشيرتهم ، قال : فهؤلاء إخوانهم في عشيرتهم وليسوا إخوانهم في الدين ، قال : فرجت عنى فرج الله عنك.

١٨١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن الفضيل عن ابى حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليه‌السلام حديث طويل وفيه ان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة ، اما صالح فانه أرسل الى ثمود وهي قرية واحدة وهي لا تكمل أربعين بيتا على ساحل البحر صغيرة.

١٨٢ ـ في مجمع البيان (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) يروى انهم لطول أعمارهم يحتاجون الى ان ينحتوا في الجبال بيوتا لان السقوف والابنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم.

١٨٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان صالحا عليه‌السلام غاب عن قومه زمانا وكان يوم غاب عنهم كهلا مبدح البطن (١) حسن الجسم ، وافر اللحية خميص البطن خفيف العارضين مجتمعا ربعة (٢) من الرجال ، فلما رجع الى قومه لم يعرفوه بصورته فرجع إليهم وهم على ثلث طبقات : طبقة جاحدة لا ترجع أبدا ، واخرى شاكة فيه ، واخرى على يقين ، فبدأ عليه‌السلام حين رجع بالطبقة الشاكة فقال لهم : انا صالح

__________________

(١) المبدح بمعنى الموسع وفي المصدر : «مبدح واسع البطن»

(٢) اى لا بالطويل ولا بالقصير بل بينهما.

٤٥

فكذبوه وشتموه وزجروه ، وقالوا برى الله منك ان صالحا كان في غير صورتك قال. فأتى الجحاد فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشد النفور ، ثم انطلق الى الطبقة الثالثة وهم أهل اليقين فقال لهم : أنا صالح ، فقالوا : أخبرتنا خبرا لا نشك فيه معه انك صالح ، فانا لا نمترى ان الله تبارك وتعالى الخالق ينقل ويحول في أى صورة شاء وقد أخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء ، وانما يصح عندنا إذا أتى الخبر من السماء ، فقال لهم : أنا صالح الذي أتيتكم بالناقة ، فقالوا صدقت وهي التي نتدارس فما علامتها؟ فقال : (لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ، قالوا : آمنا بالله وبما جئتنا به ، فعند ذلك قال تبارك وتعالى : (أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) فقال : أهل اليقين (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وهم الشكاك (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) قلت : هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به؟ : قال الله اعدل من أن يترك الأرض بلا عالم يدل على الله عزوجل ، ولقد مكث القوم بعد خروج صالح عليه‌السلام سبعة أيام على فترة لا يعرفون إماما غير انهم على ما في أيديهم من دين الله عزوجل كلمتهم واحدة ، فلما ظهر صالح عليه‌السلام اجتمعوا عليه وانما مثل القائم عليه‌السلام مثل الصالح.

١٨٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) يقول : مصدق ومكذب ، قال الكافرون منهم : «أتشهدون (أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) قال المؤمنون انما (بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) قال الكافرون منهم (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ).

١٨٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي روى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فان هذا صالحا أخرج الله له ناقة جعلها لقومه عبرة ، قال على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من ذلك ، ان ناقة صالح لم تكلم صالحا ولم تناطقه ولم تشهد له بالنبوة ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بينما نحن معه في بعض غزواته إذا هو ببعير قد دنا ثم رقا فأنطقه الله عزوجل ، ثم قال : يا رسول الله ان فلانا استعملني حتى

٤٦

كبرت ويريد نحرى فانا أستعيذ بك منه ، فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى صاحبه فاستوهبه منه فوهبه له وخلاه ، ولقد كنا معه فاذا نحن بأعرابي معه ناقة يسوقها وقد استسلم للقطع لما زور عليه من الشهود ، فنطقت الناقة فقالت : يا رسول الله ان فلانا منى برىء وان الشهود يشهدون عليه بالزور وان سارقى فلان اليهودي.

١٨٦ ـ في كتاب الخصال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذات يوم ـ وهو آخذ بيد على بن أبي طالب عليه‌السلام ـ وهو يقول : يا معشر الأنصار يا معشر بنى هاشم يا معشر بنى عبد المطلب انا محمد رسول الله الا انى خلقت من طينة مرحومة في أربعة من أهل بيتي : انا وعلى وحمزة وجعفر عليهم‌السلام فقال قائل : يا رسول الله هؤلاء معك ركبان يوم القيامة؟ فقال : ثكلتك أمك انه لن يركب يومئذ الا اربعة : أنا وعلى وفاطمة وصالح نبي الله ، فاما أنا فعلى البراق ، واما فاطمة ابنتي فعلى ناقة العضباء ، واما صالح فعلى ناقتي التي عقرت ، واما على عليه‌السلام فعلى ناقة من نور زمامها من ياقوت ، عليه حلتان خضراوتان.

١٨٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال بني الكفر على أربع دعائم الى ان قال : ومن عتا (١) عن امر الله شك ، ومن شك تعالى الله عليه فأذله سلطانه (٢) وصغره بجلاله كما اغتر بربه الكريم وفرط في امره.

١٨٨ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل جبرئيل عليه‌السلام كيف كان مهلك قوم صالح؟ فقال يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ان صالحا بعث الى قومه وهو ابن ست عشرة سنة فلبث فيهم حتى بلغ عشرين ومأة سنة لا يجيبونه الى خير ، قال : وكان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله عز ذكره ، فلما رأى ذلك منهم قال : يا قوم بعثت إليكم وانا ابن ست عشرة سنة وقد بلغت مأة وعشرين سنة وانا اعرض

__________________

(١) العتو : الاستكبار.

(٢) «تعالى الله عليه» اى استولى عليه ، وأذله بتمكنه وقدرته.

٤٧

عليكم أمرين ان شئتم فاسئلونى حتى أسئل الهى فيجيبكم فيما سئلتمونى الساعة ، وان شئتم سألت آلهتكم فان أجابتنى بالذي اسألها خرجت عنكم فقد سئمتكم وسئمتموني (١) قالوا : قد أنصف يا صالح فاتعدوا ليوم يخرجون فيه ، قال : فخرجوا بأصنامهم الى ظهرهم ثم قربوا طعامهم وشرابهم فأكلوا وشربوا ، فلما أن فرغوا دعوه فقالوا : يا صالح سل فقال لكبيرهم : ما اسم هذا؟ قالوا : فلان ، فقال له صالح عليه‌السلام يا فلان أجب فلم يجبه فقال صالح : ماله لا يجيب؟ قالوا : ادع غيره ، قال : فدعاها كلها فلم يجبه منها شيء ، فاقبلوا على أصنامهم فقالوا لها : مالك لا تجيبين صالحا؟ (٢) فلم تجب فقالوا تنح عنا ودعنا وآلهتنا ساعة ، ثم نحوا بسطهم وفرشهم ونحو أثيابهم وتمرغوا على التراب (٣) وطرحوا التراب على رؤسهم وقالوا لأصنامهم : لئن لم تجبن صالحا لنفتضحن ، قال : ثم دعوه فقالوا : يا صالح ادعها فدعاها فلم تجبه ، فقال لهم : يا قوم قد ذهب صدر النهار ولا أرى آلهتكم تجيبوني ، فاسئلونى حتى أدعو الهى فيجيبكم الساعة ، فانتدب له (٤) منهم سبعون رجلا منهم من كبرائهم والمنظور إليهم منهم ، فقالوا : يا صالح نحن نسألك فان أجابك ربك تبعناك وأجبناك ويبايعك جميع أهل قريتنا ، فقال لهم صالح عليه‌السلام : سلوني ما شئتم ، فقالوا : تقدم بنا هذا الجبل ، وكان الجبل قريبا منهم ، فانطلق معهم صالح عليه‌السلام فلما انتهوا الى الجبل قالوا : يا صالح ادع لنا ربك يخرج لنا من هذا الجبل الساعة ناقة حمراء شقراء وبراء عشراء (٥) بين جنبيها ميل ، فقال لهم صالح : لقد سألتمونى شيئا يعظم على ويهون على ربي جل وعز وقال : فسأل الله تبارك وتعالى ذلك صالح ، فانصدع الجبل

__________________

(١) اى مللتكم ومللتمونى.

(٢) وفي تفسير العياشي : «ما بالكن لا تجبن صالح»

(٣) تمرغ في التراب : تقلب.

(٤) ندبه للأمر فانتدب له اى دعاه له فأجاب.

(٥) شقراء اى شديد الحمرة ، وبراء اى كثير الوبر ، حشراء اى أتى على حملها عشرة أشهر.

٤٨

صدعا (١) كادت تطير منه عقولهم لما سمعوا ذلك ، ثم اضطرب ذلك الجبل اضطرابا شديدا كالمرأة إذا أخذها المخاض ، ثم لم يفجأهم الا رأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع فما استتمت رقبتها حتى اجترت ثم خرج ساير جسدها ثم استوت قائمة على الأرض فلما رأوا ذلك قالوا : يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك ادع لنا ربك يخرج لنا فصيلتها (٢) فسأل الله عزوجل فرمت به فدب حولها ، فقال لهم : يا قوم أبقى شيء؟ قالوا : لا انطلق بنا الى قومنا نخبرهم بما رأينا ويؤمنون بك ، قال : فرجعوا فلم يبلغ السبعون إليهم حتى ارتد منهم أربعة وستون رجلا وقالوا : سحر وكذب ، قال : فانتهوا الى الجميع فقال الستة : حق وقال الجميع كذب وسحر ، فانصرفوا على ذلك ثم ارتاب من الستة واحد وكان فيمن عقرها ، قال ابن محبوب : فحدثت بهذا الحديث رجلا من أصحابنا يقال له سعد بن يزيد ، فأخبرني انه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام ، قال فرأيناها جنبها قد حك الجبل ، فأثر جنبها فيه وجبل آخر بينه وبين هذا ميل.

١٨٩ ـ على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه قوم صالح ستقف عليه ان شاء الله في هود يقول عليه‌السلام في آخره : فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل عليه‌السلام فصرخ عليهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم ، وفلقت قلوبهم وصدعت أكبادهم ، وقد كانوا في تلك الثلاثة الأيام قد تحنطوا وتكفنوا وعلموا ان العذاب نازل بهم فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم ، فلم يبق لهم ثاغية ولا راغية (٣) ولا شيء الا أهلكه الله

__________________

(١) اى انشق الجبل شقا.

(٢) الفصيل : ولد الناقة.

(٣) الثاغية : الشاة. والراغية : البعير. وقولهم «ماله ثاغية ولا راغية» اى ماله شاة ولا ناقة ، وفي بعض النسخ «فلم يبق لهم ناعقة ولا راغية» والنعيق : صوت الراعي نفسه قال المجلسي (ره) في مرآة العقول : اى لم تبق منهم جماعة يأتى منهم النعيق والرعي ، لكن الاول أظهر وهو الموجود في روايات العامة أيضا في تلك القصة.

٤٩

فأصبحوا في ديارهم وكانت مضاجعهم موتى أجمعين ، ثم أرسل الله عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين.

١٩٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبي بصير عن أحدهما عليهما‌السلام في قوم لوط (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) فقال : ان إبليس أتاهم في صورة حسنة فيه تأنيث ، عليه ثياب حسنة ، فجاء الى شبان منهم فأمرهم أن يقعوا به ولو طلب إليهم أن يقع بهم لأبوا عليه ولكن طلب إليهم ان يقعوا به فلما ان وقعوا به التذوه ثم ذهب عنهم وتركهم فأحال بعضهم على بعض (١) في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أحدهما عليهما‌السلام في قوم لوط : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) وذكر كما في علل الشرائع سواء.

١٩١ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : وسأله عن أول من عمل عمل قوم لوط؟ قال : إبليس ، فانه أمكن من نفسه.

١٩٢ ـ وفي باب ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل وعلة تحريم الذكران للذكران والإناث للإناث لما ركب في الإناث وما طبع عليه الذكران ، ولما في إتيان الذكران الذكران والإناث الإناث من انقطاع النسل وفساد التدبير وخراب الدنيا.

١٩٣ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : فما كان من شيعتنا فلا يكون فيهم ثلثة الى قوله : ولا يكون فيهم من يؤتي في دبره.

١٩٤ ـ في مجمع البيان قصة لوط عليه‌السلام مع قومه وجملة أمرهم فيما

__________________

(١) «انما ذكرنا هذا الحديث هنا وان كان محله العنكبوت لشرحه : (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) ـ وبيانه ما دعاهم اليه ، وستقف في هود إنشاء الله على ان الداعي لهم الى ذلك هو البخل ، وستقف على هذا الحديث في محله من العنكبوت إنشاء الله تعالى. منه عفى عنه». (عن هامش بعض النسخ)

٥٠

روى عن أبي حمزة الثمالي وأبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام ان لوطا لبث في قومه ثلثين سنة ، وكان نازلا فيهم ولم يكن منهم ، يدعوهم الى الله وينهاهم عن الفواحش ، ويحثهم على الطاعة فلم يجيبوه ولم يطيعوه ، وكانوا لا يتطهرون من الجنابة بخلاء أشحاء على الطعام فأعقبهم البخل الداء الذي لا دواء له في فروجهم ، وذلك انهم كانوا على طريق السيارة الى الشام ومصر ، فكان ينزل بهم الضيفان ، فدعاهم البخل الى ان كانوا إذا نزل بهم الضيف فضحوه وانما فعلوا ذلك لينكل النازلة عليهم من غير شهوة بهم الى ذلك فأوردهم البخل هذا الداء حتى صاروا يطلبونه من الرجال ، ويعطون عليه الجعل ، وكان لوط عليه‌السلام سخيا كريما يقري الضيف إذا نزل به فنهوه عن ذلك وقالوا : لا تقرين ضيفا جاء ينزل بك ، فانك ان فعلت فضحنا ضيفك فكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة ان يفضحه قومه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وستسمع له تتمة في هود عند مهلك قوم لوط إنشاء الله.

١٩٥ ـ في تفسير العياشي عن يزيد بن ثابت قال : سأل رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام ان يؤتى النساء في أدبارهن؟ فقال : سفلت سفل الله بك اما سمعت الله يقول : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ).

١٩٦ ـ عن عبد الرحمان بن الحجاج قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ذكر عنده إتيان النساء في ادبارهم؟ قال : ما اعلم آية في القرآن أحلت ذلك الا واحدة : «أئنكم (لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) الاية.

١٩٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل في آخره : وان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة ، اما شعيب فانه أرسل الى مدين وهي لا تكمل أربعين بيتا.

١٩٨ ـ في تفسير العياشي عن يحيى بن المساور الهمداني عن أبيه جاء رجل من أهل الشام الى على بن الحسين عليه‌السلام فقال : أنت على بن الحسين؟ قال : نعم ، قال : أبوك الذي قتل المؤمنين؟ فبكى على بن الحسين عليهما‌السلام ثم مسح عينيه فقال : ويلك كيف قطعت على أبي انه قتل المؤمنين؟ قال : قوله : إخواننا قد بغوا

٥١

علينا فقاتلناهم على بغيهم ، فقال : ويلك أما تقرء القرآن؟ قال : بلى ، قال : فقد قال الله (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) فكانوا إخوانهم في دينهم أو في عشيرتهم؟ قال له الرجل : لا بل عشيرتهم؟ قال فهؤلاء إخوانهم في عشيرتهم وليسوا إخوانهم في دينهم ، قال : فرجت عنى فرج الله عنك.

١٩٩ ـ في الخرائج والجرائح عن الحسين بن على عليهما‌السلام حديث طويل في الرجعة وفيه : ولتنزلن البركة من السماء والأرض حتى ان الشجرة لتصيف بما يريد الله فيها من الثمرة وليؤكل ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء وذلك قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا).

٢٠٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : أفأمنوا مكر الله قال : المكر من الله العذاب.

٢٠١ ـ في نهج البلاغة وقال عليه‌السلام : لا تأمنن على خير هذه الامة عذاب الله لقول الله سبحانه : (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ).

٢٠٢ ـ وفيه وقال عليه‌السلام : الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يؤيسهم من روح الله ، ولم يؤمنهم من مكر الله.

٢٠٣ ـ في تفسير العياشي عن صفوان الجمال قال صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام ثم قال اللهم لا تؤمني مكرك ثم جهر فقال (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ).

٢٠٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن عبد الرحمن بن محمد الجعفري عن أبي جعفر عليه‌السلام وعن عقبة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله خلق الخلق فخلق ما أحب مما أحب ، وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة ، وخلق ما أبغض مما أبغض ، وكان ما أبغض ان خلقه من طينة النار. ثم بعثهم في الظلال فقلت : وأى شيء الظلال؟ قال : ألم تر الى ظلك في الشمس وليس بشيء ، ثم بعث الله فيهم النبيين تدعوهم الى الإقرار بالله وهو قوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) ثم دعاهم الى الإقرار

٥٢

بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض ، ثم دعاهم الى ولايتنا فأقر بها والله من أحب ، وأنكرها من أبغض وهو قوله : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان التكذيب ثم.

٢٠٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) يعنى في الذر الاول قال : لا يؤمنون في الدنيا بما كذبوا في الذر.

٢٠٦ ـ حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قلت : معاينة كان هذا؟ قال : نعم ، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه ، فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه ، فقال الله : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ).

٢٠٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن الحسين بن الحكم قال : كتبت الى العبد الصالح عليه‌السلام أخبره انى شاك وقد قال إبراهيم عليه‌السلام : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) وانا أحب ان تريني شيئا ، فكتب عليه‌السلام اليه : ان إبراهيم كان مؤمنا وأحب ان يزداد ايمانا وأنت شاك والشاك لا خير فيه ، وكتب انما الشك ما لم يأت اليقين ، فاذا جاء اليقين لم يجز الشك ، وكتب : ان الله عزوجل يقول : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) قال : نزلت في الشاك.

٢٠٨ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال لأبي بصير : انكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا ، وانكم لم تبدلوا بنا غيرنا ، ولو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم حيث يقول جل ذكره : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ).

٢٠٩ ـ في تفسير العياشي عن أبي داود قال : قال : والله ما صدق أحد ممن أخذ ميثاقه فوفى بعهد الله غير أهل بيت نبيهم وعصابة قليلة من شيعتهم ، وذلك قول الله : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) وقوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ

٥٣

النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ).

٢١٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن الفضل عن أبى حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه : ثم ان الله تبارك وتعالى أرسل الأسباط اثنى عشر بعد يوسف ثم موسى وهارون الى فرعون وملأه الى مصر وحدها.

٢١١ ـ في تفسير العياشي عن عاصم بن المصري رفعه قال : ان فرعون بنى سبع مداين يتحصن فيها من موسى عليه‌السلام ، وجعل فيما بينها آجاما وغياضا (١) وجعل فيها الأسد ليتحصن بها من موسى ، فلما بعث الله موسى الى فرعون فدخل المدينة فلما رآه الأسد تبصبصت (٢) وولت مدبرة ، قال : ثم لم يأت مدينة الا انفتح له بابها حتى انتهى الى قصر فرعون الذي هو فيه قال : فقعد على بابه وعليه مدرعة من صوف (٣) ومعه عصاه فلما خرج الاذن قال له موسى : أستأذن لي على فرعون ، فلم يلتفت اليه [قال : فقال له موسى : (إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) قال : فلم يلتفت اليه] قال : فمكث بذلك ما شاء الله يسأله ان يستأذن له قال : فلما أكثر عليه قال له : اما وجد رب العالمين من يرسله غيرك؟ قال : فغضب موسى عليه‌السلام فضرب الباب بعصاه فلم يبق بينه وبين فرعون باب الا انفتح حتى نظر اليه فرعون وهو في مجلسه ، فقال : أدخلوه قال فدخل اليه وهو في قبة له مرتفعة كثيرة الارتفاع ثمانون ذراعا ، قال : فقال : انى رسول رب العالمين إليك ، قال : فقال : (فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قالَ) : فألقى عصاه وكان له شفتان (٤) (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ) قد وقع احدى الشفتين في الأرض والشفة الاخرى في أعلى القبة ، قال فنظر فرعون في جوفها وهي تلتهب نيرانا قال : وأهوت أليه فأحدث وصاح : يا موسى خذها.

__________________

(١) الاجام جمع الاجمة ـ محركة ـ : الشجر الكثير الملتف ، وغياض جمع الغيضة : مجتمع الشجر في مغيض ماء.

(٢) بصبص الكلب وتبصبص : حرك ذنبه ، والتبصبص : التملق.

(٣) المدرعة : هو الثوب من الصوف يتدرع به.

(٤) وفي المصدر وكذا المنقول عنه في البحار «شعبتان» بدل «شفتان» وكذا فيما يأتى.

٥٤

٢١٢ ـ في عيون الاخبار باسناده الى أبى يعقوب البغدادي قال : قال ابن السكيت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : لماذا بعث الله تعالى موسى بن عمران بيده البيضاء والعصا وآلة السحر ، وبعث عيسى عليه‌السلام بالطب ، وبعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالكلام والخطب فقال له ابو الحسن عليه‌السلام : لما بعث موسى عليه‌السلام كان الأغلب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله بما لم يكن من عند القوم وفي وسعهم مثله ، وبما أبطل به سحرهم ، واثبت به الحجة عليهم. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وقد مضى عند قوله تعالى (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ).

٢١٣ ـ وفي باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل ، وفيه وسأله عن شيء شرب وهو حي وأكل وهو ميت؟ فقال : تلك عصا موسى «وفيه» فقال : أخبرنا عن أول شجرة غرست في الأرض؟ فقال : العوسجة ومنها (١) عصى موسى عليه‌السلام.

٢١٤ ـ في تفسير العياشي يونس بن ظبيان قال : قال : ان موسى وهارون حين دخلا على فرعون لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح ، كانوا ولد نكاح كلهم ولو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما فقالوا ارجه وأخاه وأمروه بالتأنى والنظر ، ثم وضع يده على صدره قال : وكذلك نحن لا يسرع إلينا الا كل خبيث الولادة.

٢١٥ ـ عن موسى بن بكر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اشهد ان المرجئة على دين الذين (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ).

٢١٦ ـ في أصول الكافي باسناده الى محمد بن الفيض عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : كانت عصا موسى لادم عليه‌السلام ، فصارت الى شعيب ، ثم صارت الى موسى عليه‌السلام وانها لعندنا وان عهدي بها آنفا وهي خضر كهيئتها حين انتزعت من شجرتها ، وانها لتنطق إذا استنطقت أعدت لقائمنا يصنع بها ما كان يصنع موسى وانها لتروع وتلقف ما يأفكون (٢)

__________________

(١) العوسجة واحدة العوسج : من شجر الشوك له ثمر مدور ويكون غالبا في السباخ ويقال للعظيم منه الغر قد.

(٢) لتروع اى لتخوف. وتلقف اى تلقم.

٥٥

وتصنع ما تؤمر به ، انها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون يفتح لها شفتان (١) إحديهما في الأرض والاخرى في السقف ، وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها.

٢١٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن على بن محمد القاساني عمن ذكره عن عبد الله بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن جده قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليهم : كن لما لا ترجو أرحى منك لما ترجوا الى أن قال عليه‌السلام : وخرجت سحرة فرعون يطلبون العزة بفرعون فرجعوا مؤمنين.

٢١٨ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : ومن ذهب يرى ان له على الاخر فضلا فهو من المستكبرين ، فقلت له : انما يرى ان له عليه فضلا بالعافية ، إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال : هيهات هيهات فلعله أن يكون غفر ما أتى وأنت موقوف تحاسب ، اما تلوت قصة سحرة موسى صلوات الله عليه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : و (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ) : كان فرعون يعبد الأصنام ثم ادعى بعد ذلك الربوبية.

٢٢٠ ـ في مجمع البيان روى عن على عليه‌السلام : (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) روى انه كان يأمرهم أيضا بعبادة البقر ولذلك اخرج السامري (لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) وقال (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى).

٢٢١ ـ في تفسير العياشي عن عمار الساباطي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) ، قال : فما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسول الله فهو للإمام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٢٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وجدنا في كتاب على صلوات الله

__________________

(١) وفي المصدر «شعبتان» بدل «شفتان» كما مر عن تفسير العياشي.

٥٦

عليه : (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) انا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا ، فمن أحيى أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها الى الامام من أهل بيتي ، وله ما أكل منها ، فان تركها أو أبرجها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها فليؤد خراجها الى الامام من أهل بيتي وله ما أكل حتى يظهر القائم عليه‌السلام من أهل بيتي بالسيف ، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومنعها الا ما كان في أيدى شيعتنا يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم.

٢٢٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن على بن أسباط عن صالح بن حمزة عن أبيه عن أبي بكر الحضرمي قال : لما حمل أبو جعفر عليه‌السلام الى الشام الى هشام بن عبد الملك وصار ببابه قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بنى امية : إذا رأيتمونى قد وبخت محمد بن على ثم رأيتمونى قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه ثم أمر أن يؤذن له ، فلما دخل عليه أبو جعفر عليه‌السلام قال بيده : السلام عليكم فعمهم جميعا بالسلام ثم جلس ، فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير اذن ، فاقبل يوبخه ويقول فيما يقول له : يا محمد بن على لا يزال الرجل منكم قد شق عصى المسلمين ودعا الى نفسه وزعم انه الامام سفها وقلة علم ، ووبخه بما أراد أن يوبخه ، فلما سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم ، فلما سكت القوم نهض عليه‌السلام قائما ثم قال : ايها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم ، بنا هدى الله أولكم وبنا يختم آخركم ، فان يكن لكم ملك معجل فان لنا ملكا مؤجلا ، وليس بعد ملكنا ملك ، لأنا أهل العاقبة يقول الله عزوجل : والعاقبة للمتقين فأمر به الى الحبس ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ) : قال الذين آمنوا لموسى : قد أوذينا قبل مجيئك يا موسى بقتل الأولاد ومن بعد ما جئتنا لما حبسهم فرعون لايمانهم بموسى ، قوله : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا

٥٧

لَنا هذِهِ) قال : الحسنة هاهنا الصحة والسلامة والأمن والسعة (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) قال : السيئة هنا الجوع والخوف والمرض.

٢٢٥ ـ في مجمع البيان : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) «القصة» قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة ومحمد بن اسحق بن يسار ورواه على بن إبراهيم باسناده عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام دخل حديث بعضهم في بعض قالوا : لما آمنت السحرة فرجع فرعون مغلوبا وأبي هو وقومه الا الاقامة على الكفر ، قال هامان لفرعون : ان الناس قد آمنوا بموسى فانظر من دخل في دينه فاحبسه ، فحبس كل من آمن به من بنى إسرائيل فتابع الله عليهم بالآيات وأخذهم بالسنين ونقص من الثمرات ، ثم بعث عليهم الطوفان فخرب دورهم ومساكنهم حتى خرجوا الى البرية وضربوا الخيام ، وامتلأت بيوت القبط مائا ولم يدخل بيوت بنى إسرائيل من الماء قطرة وقام الماء على وجه الأرض لا يقدرون على ان يحرثوا فقالوا لموسى : ادع لنا ربك أن يكشف عنا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بنى إسرائيل ، فدعا ربه فكف عنهم الطوفان فلم يؤمنوا ، وقال هامان لفرعون : لئن خليت بنى إسرائيل غلبك موسى وأزال ملكك وأنبت الله لهم في تلك السنة من الكلاء والتمر والزرع والثمر ما أعشبت به بلادهم وأخصبت ، فقالوا : ما كان هذا الماء الا نعمة علينا وخصبا ، فانزل الله عليهم في السنة الثانية عن على بن إبراهيم وفي الشهر الثاني عن غيره من المفسرين الجراد فجردت زروعهم وأشجارهم حتى كانت تجرد شعورهم ولحاهم وتأكل الأبواب والثياب والامتعة ، وكانت لا تدخل بيوت بنى إسرائيل ولا يصيبهم من ذلك شيء فعجوا وضجوا وجزع فرعون من ذلك جزعا شديدا وقال : يا موسى ادع لنا ربك أن يكف عنا الجراد حتى اخلى عن بنى إسرائيل ، فدعا موسى ربه فكف عنه الجراد بعد ما اقام عليه سبعة أيام من السبت الى السبت ، وقيل : ان موسى عليه‌السلام برز الى الفضاء فأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجعت الجراد من حيث جاءت كأن لم يكن قط ، ولم يدع فرعون هامان أن يخلى عن بنى إسرائيل ، فانزل الله عليهم في السنة الثالثة وفي رواية على بن

٥٨

إبراهيم وفي الشهر الثالث عن غيره ، من المفسرين القمل وهو الجراد الصغار لا أجنحة له وهو شر ما يكون وأخبثه ، فأتى على زروعهم كلها وأفناها من أصلها فذهبت زروعهم ولحس الأرض كلها ، وقيل أمر موسى عليه‌السلام أن يمشى على كثيب اعفر بقرية من قرى مصر يدعى عين الشمس ، فأتاه فضربه بعصاه فانثال عليهم (١) قملا فكان يدخل بين ثوب أحدهم فبعضه وكان يأكل أحدهم الطعام فيمتلى قملا ، قال سعيد بن جبير : القمل السوس الذي يخرج من الحبوب فكان الرجل يخرج عشرة اقفزة الى الرحا فيرد منها ثلثة اقفزة فلم يصابوا ببلاء كان أشد عليهم من القمل وأخذت أشعارهم وأبشارهم (٢) وأشفار عيونهم وحواجبهم ، ولزمت جلودهم كأنه الجدري عليهم ومنعتهم النوم والقرار فصرخوا وصاحوا فقال فرعون لموسى : ادع لنا ربك لئن كشفت عنا القمل لأكفن عن بنى إسرائيل ، فدعا موسى عليه‌السلام حتى ذهب القمل بعد ما اقام عندهم سبعة أيام من السبت الى السبت ، فنكثوا فأنزل الله عليهم في السنة الرابعة وقيل في الشهر الرابع الضفادع فكانت يكون في طعامهم وشرابهم وامتلأت منها بيوتهم وآنيتهم فلا يكشف أحد ثوبا ولا إناء ولا طعاما ولا شرابا الا وجد فيه الضفادع ، وكانت تثب في قدورهم فتفسد عليهم وكان الرجل يجلس الى ذقنه في الضفادع ويهم ان يتكلم فيثب الضفدع في فيه ويفتح فاه لأكله فيسبق الضفدع أكلته الى فيه فلقوا منها أذى شديدا فلما رأوا ذلك بكوا وشكوا الى موسى عليه‌السلام وقالوا : هذه المرة نتوب ولا نعود ، فادع الله أن يذهب عنا الضفادع فانا نؤمن بك ونرسل معك بنى إسرائيل ، فأخذ عهودهم ومواثيقهم ثم دعا ربه فكشف عنهم الضفادع بعد ما أقام عليهم سبعا من السبت الى السبت ثم نقضوا العهد وعادوا لكفرهم ، فلما كانت السنة الخامسة أرسل عليهم الدم فسال ماء النيل عليهم دما ، فكان القبطي يراه دما والاسرائيلى يراه ماءا ، فاذا شربه الاسرائيلى كان ماءا وإذا شربه القبطي كان دما ، وكان القبطي يقول للاسرائيلى : خذ الماء في فيك وصبه في في فكان إذا صبه في فم القبطي تحول دما ، وان فرعون اعتراه العطش حتى انه ليضطر الى مضغ الأشجار الرطبة فاذا مضغها يصير ماؤها في فيه دما ، فمكثوا في ذلك سبعة

__________________

(١) اى انصب وعليهم.

(٢) جمع البشرة ظاهر وجلد الإنسان.

٥٩

أيام لا يأكلون الا الدم ولا يشربون الا الدم ، قال زيد بن أسلم : الدم الذي سلط عليهم كان كالرعاف فأتوا موسى عليه‌السلام فقالوا. ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنؤمن لك ونرسل معك بنى إسرائيل ، فلما دفع الله عنهم الدم لم يؤمنوا ولم يخلوا عن بنى إسرائيل.

٢٢٦ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن قيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : ما الطوفان؟ قال : هو طوفان الماء والطاعون.

٢٢٧ ـ عن محمد بن على عن أبي عبد الله انبأنى عن سليمان عن الرضا عليه‌السلام في قوله : (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ) قال : الرجز هو الثلج ثم قال : خراسان بلاد رجز.

٢٢٨ ـ في مجمع البيان روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه أصابهم ثلج أحمر ولم يروه قبل ذلك ، فماتوا فيه وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله.

٢٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم فأرسل الله عزوجل عليهم الرجز وهو الثلج ، ولم يروه قبل ذلك فماتوا بما عهد عندك فيه وجزعوا جزعا شديدا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله ، فقالوا : (يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ) فدعى ربه فكشف عنهم الثلج فخلوا عن بنى إسرائيل ، فلما خلوا عنهم اجتمعوا الى موسى عليه‌السلام وخرج موسى من مصر واجتمع اليه من كان هرب من فرعون وبلغ فرعون ذلك ، وقال له هامان : قد نهيتك ان تخلى عن بنى إسرائيل فقد استجمعوا اليه. فجزع فرعون وبعث (فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) وخرج في طلب موسى عليه‌السلام.

٢٣٠ ـ في أصول الكافي عن على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا حفص ان من صبر صبر قليلا وان من جزع جزع قليلا الى قوله عليه‌السلام : ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثنائه : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) فعند ذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الصبر من الايمان كالرأس من الجسد ، فشكر الله عزوجل ذلك له ، فأنزل الله عزوجل : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ

٦٠